رأسمالية الدولة في روسيا

‫رأضًانٍت‬
‫انذونت‬
‫فً روضٍا‬
‫تىًَ كهٍف‬
‫ترجًت‬
‫ػًر انشافؼً‬
‫يركس انذراضاث االشتراكٍت‬

‫‪9998‬‬
‫اسم الكتاب‪ :‬رأسمالية الدولة في روسيا‬ ‫‪‬‬
‫بقمم‪ :‬توني كميف‬ ‫‪‬‬
‫ترجمة‪ :‬عمر الشافعي‬ ‫‪‬‬
‫مراجعة‪ :‬خميل كمفت‬ ‫‪‬‬
‫تصميم الغالف‪ :‬ىبة حممي‬ ‫‪‬‬
‫الناشر‪ :‬مركز الدراسات االشتراكية‬ ‫‪‬‬
‫رقم اإليـداع بدار الكتب‪6998 /60206 :‬‬ ‫‪‬‬
‫‪2‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫‪www.e-socialists.net‬‬
‫فهرش‬
‫‪4‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪6‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬العالقات االجتماعية ـ االقتصادية في روسيا الستالينية‬
‫‪59‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الدولة والحزب في روسيا الستالينية‬
‫‪76‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬اقتصاد دولة العمال‬
‫‪85‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬اإلرث المادي لمجتمع ما قبل ثورة أكتوبر‬
‫‪92‬‬ ‫الفصل الخامس‪ :‬أوجو الشبو واالختالف بين رأسمالية الدولة والدولة العمالية‬
‫‪98‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬تأمالت إضافية في الستالينية ـ المجتمع واالقتصاد والسياسة‬
‫‪660‬‬ ‫الفصل السابع‪ :‬االقتصاد الروسي وقانون القيمة الماركسي ونظرية األزمة الرأسمالية‬
‫‪632‬‬ ‫الفصل الثامن‪ :‬التوسع اإلمبريالي لروسيا‬
‫‪644‬‬ ‫الفصل التاسع‪ :‬الصراع الطبقي في روسيا‬
‫‪650‬‬ ‫حاشية ‪ :6988‬من ستالين إلى جورباتشوف (بقمم كريس ىارمان)‬
‫‪667‬‬ ‫الممحق األول‪ :‬اختبار لتعريف تروتسكي لروسيا بأنيا دولة عمالية منحطة‬
‫‪679‬‬ ‫الممحق الثاني‪ :‬نقد نظرية الجماعية البيروقراطية‬
‫‪690‬‬ ‫اليوامش‬

‫يقذيت‬
‫صدرت الطبعة األولى مف كتاب رأسمالية الدولة في روسيا عاـ ‪ ،8998‬في ذلؾ الوقت صعدت الستالينية إلى قمتيا بعد‬
‫انتصار روسيا عمى ألمانيا النازية‪ ،‬وبعد احتبلؿ روسيا لدوؿ أوروبا الشرقية‪ ،‬وكاف جيش ماو ينتشر بسرعة في الصيف واقترب مف‬
‫إحراز النصر النيائي‪.‬‬
‫كاف اإليماف بأف روسيا دولة اشتراكية مفروضا عمى األحزاب الشيوعية الستالينية‪ ،‬ولـ يكف ممكنا التفكير أو التشكيؾ في‬
‫قيادة ستاليف لروسيا وبنائو لبلشتراكية‪ ،‬وكاف مف البدييي ليذه األحزاب أف دوؿ أوروبا الشرقية اشتراكية أيضا‪ ،‬بينما وقفت األممية‬
‫الرابعة عند تحميؿ مؤسسيا تروتسكي بأف روسيا دولة عمالية منحطة ولكنيا اعتبرت أف دوؿ أوروبا الشرقية رأسمالية‪ ،‬وجاء كتاب‬
‫رأسمالية الدولة في روسيا ليثبت أنو ليس ىناؾ خبلؼ حقيقي بيف روسيا ودوؿ أوروبا الشرقية فكبلىما رأسمالية دولة‪.‬‬
‫وفي عاـ ‪ 8989‬انيارت األنظمة الستالينية في أوروبا الشرقية وبعد ذلؾ في روسيا‪ ،‬وكاف تأثير ىذا االنييار ىائبلً عمى‬
‫كؿ األحزاب الستالينية فتحطمت أو تحولت إلى اليميف وأيدت سياسات السوؽ والخصخصة وأصبحت ال تختمؼ عف أحزاب‬
‫االشتراكية الديمقراطية‪ ،‬وكمثاؿ عمى ذلؾ تفتت الحزب الشيوعي البريطاني بعد إعبلف سكرتيره العاـ أف روسيا لـ تكف اشتراكية‬
‫وأنيا رأسمالية دولة‪ ،‬وأف حزب العماؿ االشتراكي الذي أسسو مؤلؼ ىذا الكتاب كاف عمى حؽ‪ ،‬وكاف ذلؾ اإلعبلف بمثابة صدمة‬
‫ىائمة كأف يعمف البابا أف اهلل غير موجود‪.‬‬
‫وخبلؿ أحداث ‪ 8989‬في أوروبا الشرقية‪ ،‬لـ يدافع العماؿ عف "دوليـ" بؿ عمى العكس كانوا مف ضمف الثائريف عمى‬
‫األنظمة الستالينية‪ ،‬ولـ تجد ىذه األنظمة مف يدافع عنيا سوى أجيزة الشرطة السرية والمخابرات‪ ،‬وبعد ذلؾ أيد العماؿ الروس‬
‫بوريس يمتسيف عمى الرغـ مف أنو كاف المتحدث باسـ السوؽ‪ ،‬وىذا يثبت ما جاء في ىذا الكتاب حوؿ طبيعة الدولة والطبقة‬
‫الحاكمة في روسيا واالستغبلؿ الذي كاف يعاني منو العماؿ الروس في ظؿ ما ُسمي باالشتراكية‪.‬‬
‫إذا حدث تغير مف نظاـ اجتماعي آلخر يصحبو بالضرورة تغيير في أجيزة الدولة‪ ،‬ولكف آلة الدولة لـ تمس في أي مكاف‬
‫بعد ‪ ،8989‬فالجيش السوفيتي وجياز المخابرات الروسية وبيروقراطية الدولة استمرت كما ىي تؤدي دورىا تماما مثمما كاف الوضع‬
‫قبؿ التغيير في روسيا وأوروبا الشرقية‪ ،‬واذا قيؿ أف ما حدث يعتبر ثورة مضادة مكنت الرأسمالية مف استعادة مواقعيا‪ ،‬فكيؼ يمكف‬
‫تفسير عدـ تغيير الطبقة الحاكمة بأخرى‪ ،‬فقد شاىدنا نفس األشخاص الذيف كانوا يقودوف الدولة واألحزاب الحاكمة السابقة تحت‬
‫أسـ "االشتراكية" ىـ أنفسيـ الذيف يحكموف في ظؿ السوؽ‪.‬‬
‫إف نظرية رأسمالية الدولة تربط بيف حمقات التراث الثوري وتتوقع ظيور حركات جماىيرية ثورية‪ ،‬فقد انطمقت مف أرضية‬
‫ماركسية ثورية تؤكد عمى أف االشتراكية ىي التحرر الذاتي لمطبقة العاممة‪ ،‬وتؤكد أيضا عمى مبدأ األممية واستحالة تحقيؽ‬
‫االشتراكية في بمد واحد‪ ،‬لذلؾ فقد مكنت ىذه النظرية حزب العماؿ االشتراكي أف يحيا وينمو في ظؿ انييار األحزاب الستالينية‬
‫الكبرى باإلضافة ألحزاب األممية الرابعة‪.‬‬
‫إف نظرية رأسمالية الدولة تع طي دفعة لمنضاؿ مف أجؿ تغيير العالـ اعتمادا عمى التحرر الذاتي لمطبقة العاممة‪ ،‬وىى‬
‫أساس لمنضاؿ بعيداً عف أكاذيب الستالينية التي خدعت الطبقة العاممة وعرضتيا ألبشع صور االستبداد واالستغبلؿ باسـ‬
‫االشتراكية‪ ،‬إف فضح ىذه األكاذيب واجب عمى االشتراكييف الثورييف لكي يتمكنوا مف توضيح أف سقوط األنظمة الستالينية يفتح‬
‫الطريؽ أماـ االشتراكية الحقيقية التي يتحرر خبلليا العماؿ والمضطيديف مف كؿ أشكاؿ االستغبلؿ واالضطياد‪.‬‬

‫إف الفرصة أصبحت مييأة اآلف أكثر مف أي وقت مضى لمدعاية لؤلفكار االشتراكية الثورية‪ ،‬بعد انييار األنظمة‬
‫الس تالينية ودخوؿ األحزاب اإلصبلحية في أزمة بسبب عدـ قدرتيا عمى تقديـ أي إصبلحات في ظؿ استمرار األزمة االقتصادية‬
‫العالمية التي يتحمؿ أعباءىا العماؿ في كؿ دوؿ العالـ نتيجة محاوالت الرأسمالييف الحفاظ عمى تدفؽ األرباح عمى حساب تشريد‬
‫وافقار الطبقة العاممة‪.‬‬
‫ىذه األ وضاع تخمؽ ظروفا مواتية لبناء وطرح البديؿ االشتراكي الثوري‪ ،‬فقد أصبح بناء أحزاب ومنظمات ثورية اليوـ‬
‫ممكنا وأسيؿ بكثير مما كاف عميو الوضع في الماضي‪ ،‬حيث يستطيع الثورييف اآلف جذب قطاعات متزايدة مف الطبقة العاممة‬
‫وجماىير الفقراء إلى مشروع اشتراكي ثوري لتغيير المجتمع باإلطاحة بالرأسمالية وبناء المجتمع االشتراكي‪.‬‬

‫انفصم األول‪:‬‬
‫انؼالقاث االجتًاػٍت‪-‬االقتصادٌت فً روضٍا‬

‫انطتانٍٍُت‬
‫دعونا نبدأ دراسة طبيعة النظاـ الستاليني بإيضاح بعض الخصائص البارزة لمعبلقات االقتصادية واالجتماعية القائمة في‬
‫روسيا‪ .‬سيكوف العرض الوقائعي أساسا لمتحميؿ والتعميـ فيما بعد‪.‬‬
‫السيطرة عمى اإلنتاج‪)6( :‬‬
‫عقب الثورة الروسية مباشرة‪ ،‬تقرر أف تكوف إدارة كؿ وحدة صناعية في أيدي النقابات العمالية‪ .‬ىكذا‪ ،‬أعمف برنامج‬
‫الحزب الشيوعي الروسي‪ ،‬الذي تـ إق ارره في المؤتمر الثامف لمحزب (‪ 32 -88‬مارس‪:)8989‬‬
‫الجياز المنظـ لئلنتاج االجتماعي يجب أف يعتمد أساسا عمى نقابات العماؿ‪ ..‬يجب أف تتحوؿ (النقابات) إلى وحدات‬
‫إنتاجية ضخمة‪ ،‬ينخرط فييا غالبية العماؿ‪ ،‬ومع مرور الوقت كؿ العماؿ‪ ،‬كؿ في فرع اإلنتاج الخاص بو‪ .‬وبقدر ما تشارؾ‬
‫النقابات العمالية فعميا (كما ىو محدد في قوانيف الجميورية السوفيتية وكما ىو متحقؽ عمميا) في جميع الييئات المحمية والمركزية‬
‫التي تدير الصناعة‪ ،‬عمييـ أف يتقدموا نحو المركزة الفعمية في أيدييـ لمعمؿ اإلداري في مجمؿ الحياة االقتصادية لمببلد‪ ،‬جاعميف‬
‫ىذا ىدفيـ االقتصادي الموحد‪ .‬وتمؾ الحماية ‪ -‬بالتالي ‪ -‬لموحدة الوثقى بيف سمطة الدولة المركزية‪ ،‬واالقتصاد القومي‪ ،‬والجماىير‬
‫الغفيرة لمعماؿ‪ ،‬يجب عمى النقابات أف تحفز العماؿ بكؿ الوسائؿ الممكنة‪ ،‬لممشاركة المباشرة في عمؿ اإلدارة االقتصادية‪ .‬إف‬
‫مشاركة النقابات العمالية في تسيير الحياة االقتصادية‪ ،‬واشراكيـ لجماىير الشعب الغفيرة في ىذا العمؿ‪ ،‬ىو في الوقت ذاتو أكبر‬
‫عوف لنا في الحممة ضد بقرطة الجياز االقتصادي لمسمطة السوفيتية‪ .‬إف ىذا سيسيؿ تحقيؽ رقابة شعبية فعالة عمى حصيمة‬
‫اإلنتاج‪.‬‬
‫شاركت خبليا الحزب في إدارة الصناعة مع المجاف العمالية لموحدات الصناعية‪ .‬وباإلضافة إلييا وتحت إشرافيا‪ ،‬عمؿ‬
‫المدير التقني‪ :‬شكمت ىذه الكيانات الثبلثة ما يسمى بالترويكا (اإلدارة الثبلثية)‪.‬‬
‫مع تزايد قوة البيروقراطية داخؿ الحزب والنقابات العمالية‪ ،‬أصبحت الترويكا‪ ،‬أكثر وأكثر مجرد اسـ‪ ،‬حيث ارتفعت بشكؿ‬
‫متزايد فوؽ جميور العماؿ‪ .‬مع ذلؾ‪ ،‬ظمت الترويكا تستجيب لضغط العماؿ واحتفظت ببعض عناصر السيطرة العمالية حتى حموؿ‬
‫الخطة الخمسية‪ .‬يقوؿ بايكوؼ‪ ،‬وىو ليس مؤيدا لمسيطرة العمالية وانما يمدح أعماؿ ستاليف‪:‬‬
‫فعميا‪ ،‬كاف المدير في ىذه الفترة (قبؿ الخطة الخمسية) معتمدا إلى حد كبير عمى التنظيـ النقابي لقطاع األعماؿ‪ ،‬والزافكوـ‪،‬‬
‫( المجنة النقابية في المصنع) وعمى خمية الحزب‪ ،‬وحدة الحزب الشيوعي في المؤسسة اإلنتاجية‪ .‬كاف ممثمو ىذه المنظمات يعتبروف‬
‫أف مف واجبيـ رقابة أنشطة المدير‪ ،‬وعادة ما كانوا يتدخموف في ق ارراتو (‪.)3‬‬
‫مع التوجو الكبير نحو التصنيع‪ ،‬لـ يعد مف الممكف التسامح مع الترويكا‪ ،‬ألف وجودىا ذاتو كاف مف شأنو أف يمنع‬
‫اإلخضاع الكامؿ لمعماؿ لحاجات تراكـ رأس الماؿ‪ .‬مف ثـ‪ ،‬ففي فبراير‪ ،8938‬اصدر المجمس االقتصادي األعمى وثيقة بعنواف‬
‫تعميمات أساسية متعمقة بحقوؽ وواجبات موظفي المؤسسات الصناعية في مجاالت اإلدارة والتقنية والصيانة‪ ،‬ىدؼ إلى وضع نياية‬

‫لمترويكا واقرار السيطرة الكاممة غير المقيدة لممدير (‪ )2‬في سبتمبر‪ ،8939‬قررت المجنة المركزية لمحزب أف المجاف العمالية ال‬
‫يحؽ ليا التدخؿ مباشرة في تسيير المصنع أو السعي بأي طريقة الستبداؿ إدارة المصنع‪ ،‬عمييـ بكؿ الوسائؿ المساعدة في تأميف‬
‫إدارة الرجؿ الواحد‪ ،‬وزيادة اإلنتاج‪ ،‬وتنمية المصنع‪ ،‬وبالتالي تحسيف الظروؼ المادية لمطبقة العاممة (‪ )9‬أعطي المدير المسئولية‬
‫الكاممة والوحيدة عف المصنع‪ ،‬أصبحت أوامره االقتصادية اآلف ممزمة ببل قيد أو شرط عمى مرؤوسيو اإلدارييف وعمى جميع العماؿ‬
‫(‪ )5‬ؿ‪ .‬ـ‪ .‬كاجانوفيتش‪ ،‬المشيور بخبرتو في مواجية المتاعب في المجاؿ االقتصادي‪ :‬مبلحظ العماؿ ىو القائد اآلمر في‬
‫الورشة‪ ،‬ومدير المصنع ىو القائد اآلمر في المصنع‪ ،‬وكؿ منيما لو كؿ الحقوؽ والواجبات والمسئوليات التي تصحب ىذه‬
‫األوضاع (‪.)6‬‬
‫أما أخوه كاجانوفيتش‪ ،‬وىو مسئوؿ كبير في قوميسارية (و ازرة) الصناعة الثقيمة‪ ،‬فقد صرح بأف‪ :‬مف الضروري قبؿ أي‬
‫شيء تقوية إدارة الرجؿ الواحد‪ .‬مف الضروري البدء مف االفتراض األساسي أف المدير ىو الرئيس األعمى في المصنع‪ .‬كؿ موظفي‬
‫المصنع يجب أف يخضعوا تماما لو‪)7( .‬‬
‫بؿ أف كتابا مدرسيا عف القانوف االقتصادي السوفيتي‪ ،‬نشر عاـ‪ ،8925‬ذىب بعيدا إلى حد القوؿ‪" :‬إدارة الرجؿ الواحد‬
‫(ىي) أىـ مبادئ تنظيـ االقتصاد االشتراكي"‪)8( .‬‬
‫دفنت الترويكا رسميا عاـ ‪ 8927‬عندما قاؿ زدانوؼ ‪ -‬الرجؿ الثاني في القيادة وقتيا بعد ستاليف ‪ -‬في جمسة لمجنة‬
‫المركزية‪" :‬الترويكا شيء مرفوض تماما‪ ..‬الترويكا نوع مف المجمس اإلداري‪ ،‬أما إدارتنا االقتصادية فيي مبنية عمى أسس مختمفة‬
‫كميا‪)9( " .‬‬
‫تـ تعريؼ نظاـ اإلدارة الجديدة بوضوح شديد في كتيب رسمي‪ " :‬كؿ مصنع لو قائد ‪ -‬مدير المصنع ‪ -‬ممنوح سمطة‬
‫اتخاذ القرار الكاممة‪ ،‬وبالتالي مسئوؿ بالكامؿ عف كؿ شيء"‪ )81( .‬باإلضافة إلى ذلؾ‪ ،‬تتضمف سيطرة الرجؿ الواحد فصبل صارما‬
‫بيف اإلدارة مف ناحية والحزب والمنظمات النقابية مف ناحية أخرى‪ .‬يجب تطبيؽ ىذا الفصؿ الصارـ عمى كؿ مستويات اإلدارة‬
‫الصناعية‪ .‬العمميات الجارية في تنفيذ الخطة ىي ميمة اإلدارة‪ .‬رئيس الورشة‪ ،‬ومدير المصنع‪ ،‬ورئيس الجبلفؾ (مجمس صناعي‬
‫أو فرع صناعي) ليـ سمطات كاممة‪ ،‬كؿ في مجالو‪ ،‬وال يحؽ لمحزب والمنظمات النقابية التدخؿ في أوامرىـ‪)88( .‬‬
‫في ضوء ىذه المقتطفات‪ ،‬كـ ىي وقحة كممات عميد كانتر بوري‪" :‬ديمقراطية الوحدة اإلنتاجية ىي دعامة الحرية‬
‫السوفيتية"‪)83( .‬‬
‫أثناء السنوات األولى القميمة بعد الثورة‪ ،‬سواء في القانوف أو في الواقع‪ ،‬كاف لمنقابات العمالية فقط حؽ تحديد األجور‪.‬‬
‫وأثناء فترة السياسة االقتصادية الجديدة‪ ،‬تـ تحديدىا عف طريؽ التفاوض بيف النقابات واإلدارة اآلف‪ ،‬مع بداية الخطة الخمسية‪،‬‬
‫أصبحت األجور تحدد أكثر فأكثر بواسطة ىيئات اإلدارة االقتصادية‪ ،‬مثؿ القوميساريات والدالفكات‪ ،‬ومدير المصنع الفرد‪ .‬سنتناوؿ‬
‫ىذا الموضوع بالتفصيؿ في قسـ تالي مف ىذا الفصؿ‪ ،‬ولكف قميؿ مف االقتباسات النموذجية ستعطى ىنا لتوضيح آراء الزعماء‬
‫السوفيت حوؿ حؽ المدير في تحديد األجور‪ .‬في يونيو‪ ،8922‬أعمف وينبرج أحد أىـ قادة النقابات‪:‬‬
‫التحديد السميـ لؤلجور وتنظيـ العمؿ يقتضياف تكميؼ الرؤساء الصناعييف والمديريف التقنييف بالمسئولية المباشرة في ىذا‬
‫األمر‪ .‬ويحتـ ذلؾ أيضا ضرورة قياـ سمطة واحدة وضماف اعتبارات االقتصاد في إدارة المشروعات‪ ...‬انيـ (العماؿ) ال يجب أف‬

‫يدافعوا عف أنفسيـ ضد حكومتيـ إف ذلؾ خاطئ تماما‪ .‬فذلؾ استبداؿ لمجيات اإلدارية‪ .‬انو تشويو انتيازي يساري‪ ،‬قضاء عمى‬
‫السمطة الفردية وتدخؿ في العمؿ اإلداري‪ .‬مف الضروري أف يتـ إلغاؤه‪)82( .‬‬
‫في السنة التالية‪ ،‬أثناء مؤتمر لمديري الصناعة الثقيمة‪ ،‬تحدث أوردزونيكيدز‪ ،‬قوميسار الصناعة الثقيمة آنذاؾ‪ ،‬قائبل‪:‬‬
‫كمديريف‪ ،‬ورؤساء إدارات‪ ،‬ومبلحظيف عماؿ‪ ،‬عميكـ أنتـ أنفسكـ العناية باألجور في صمب تفاصيميا‪ ،‬وعدـ ترؾ ىذه‬
‫المسألة اليامة آلي شخص آخر ‪ -‬األجور ىي أقوى سبلح في أيديكـ‪)89( .‬‬
‫بعد ذلؾ ببعض الوقت‪ ،‬أعمف أندرييؼ‪ ،‬عضو في المكتب السياسي أف‪ :‬ميزاف األجور يجب أف يترؾ بالكامؿ في أيدي‬
‫رؤساء الصناعة‪ .‬عمييـ ىـ وضع المعيار‪)85( .‬‬
‫إف الوضع الشاذ الذي تمخض أبعد "لجنة معدالت القطعة وفض النزاعات ‪ -‬عمى الرغـ مف احتفاظيا باسميا ‪ -‬عف‬
‫التدخؿ في تحديد معدالت األجور ومعيار اإلنتاج ! (‪)86‬‬
‫العماؿ غير مسموح ليـ بالتنظيـ دفاعا عف مصالحيـ‬
‫في ظؿ لينيف وتروتسكي‪ ،‬كاف لمعماؿ الحؽ في الدفاع عف أنفسيـ حتى ضد دولتيـ‪ .‬فعمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬قاؿ لينيف‪:‬‬
‫"دولتنا الحالية ىي دولة عمالية بيا بعض التشوىات البيروقراطية‪ ...‬دولتنا ىي دولة تجعؿ مف الضروري بالنسبة لمبروليتاريا‬
‫المنظمة تم اما أف تحمي نفسيا ضدىا‪ ،‬ومف الضروري بالنسبة لنا أف نستخدـ ىذه المنظمات العمالية في حماية العماؿ مف دولتيـ‪،‬‬
‫وذلؾ حتى يحمي العماؿ دولتنا‪)87( ...".‬‬
‫لقد كاف مف المسممات أف اإلضرابات ال ينبغي قمعيا بواسطة الدولة‪ .‬ففي المؤتمر الحادي عشر لمحزب‪ ،‬اقترح واحد فقط‬
‫مف قادة الحزب‪ ،‬ؼ‪.‬ب‪ .‬ميميوتيف‪ ،‬عدـ السماح باإلضرابات في مشروعات الدولة‪ )88( .‬إال أف اآلخريف جميعيـ أروا أنو مف‬
‫واجب أعضاء الحزب أف يشاركوا في اإلضرابات حتى لو كانوا مختمفيف في الرأي مع الغالبية المناصرة لئلضراب‪ .‬وبالفعؿ‪ ،‬فقد‬
‫شيدت السنوات القميمة التالية لمثورة عددا واسعا مف اإلضرابات‪ .‬ففي‪ ،8933‬أضرب ‪ 893111‬عامبل في مشروعات ممموكة‬
‫لمدولة‪ ،‬في ‪ 8932‬كاف العدد‪ ،865111‬في‪ ،92111 ،8939‬في‪ ،29111 ،8935‬في‪ ،23911 ،8936‬في‪،31811 ،8937‬‬
‫وفي النصؼ األوؿ مف‪ .818911 ،8938‬في ‪ 8933‬كاف عدد العماؿ المشتركيف في نزاعات عمالية ثبلثة مبلييف ونصؼ‪،‬‬
‫وفي‪)89(.8593811 ،8932‬‬
‫اليوـ‪ ،‬نقابات العماؿ ‪ -‬إذا جاز تسميتيا بيذا االسـ‪ ،‬ال تفعؿ شيئا دفاعا عف مصالح العماؿ‪ .‬لعؿ مثاال واضحا عمى‬
‫تغاضييـ ىو واقع أف سبعة عشر عاما (‪ )8999-8923‬فصمت بيف المؤتمريف التاسع والعاشر لنقابات العماؿ‪ ،‬وىي سنوات‬
‫شيدت تغيرات بعيدة المدى في ظروؼ العماؿ ‪ -‬مثؿ إلغاء يوـ السبع ساعات‪ ،‬وادخاؿ الستاخانوفية والكثير مف القوانيف الوحشية‪.‬‬
‫وعندما اجتمع المؤتمر أخي ار لـ يمثؿ العماؿ عمى اإلطبلؽ‪ ،‬كما يتضح مف تكوينو االجتماعي‪ :‬كاف ‪5‬ر‪ %98‬مف المندوبيف‬
‫موظفيف نقابييف دائميف‪9 ،‬ر‪ %9‬تقنييف (فنييف)‪5 ،‬ر‪ 32‬فقط عماؿ‪( )31( .‬في المؤتمر السابؽ في‪ ،8923‬كاف ‪9‬ر‪ %89‬مف‬
‫المندوبيف عماال‪).‬‬

‫باإلضافة إلى ذلؾ‪ ،‬لـ يكف "لمنقابات" أي كممة عمى اإلطبلؽ في تحديد األجور‪ .‬في‪ ،8929‬توقؼ نظاـ االتفاقيات‬
‫الجماعية‪ )38( .‬في ‪ 8991‬أعطى شفير نيؾ‪ ،‬رئيس المجمس المركزي لمنقابات العمالية‪ ،‬التفسير التالي إللغاء االتفاقات‬
‫الجماعية‪:‬‬
‫عندما تصبح الخطة العنصر الحاسـ في التنمية االقتصادية‪ ،‬ال يمكف أف يبت في مسائؿ األجور بمعزؿ عنيا‪ ،‬بالتالي‪ ،‬فإف‬
‫مف الطريؼ مبلحظة أف الكتب المنشورة‬ ‫االتفاقات الجماعية كشكؿ لتحديد األجور قد استنفدت غرضيا(‪( )33‬مبلحظة‪:‬‬
‫لبلستيبلؾ األجنبي "مثؿ كتاب لوزوفسكي‪ ،‬دليؿ النقابات العمالية السوفيتية‪ ،‬موسكو‪ ،8927 ،‬ص ‪ " 57 - 55‬ال تزاؿ تتحدث‬
‫عف االتفاقات الجماعية كما لو كانت سارية حتى ذلؾ التاريخ)‪.‬‬
‫في فبراير‪ ،8927‬تـ المجوء مرة أخرى لما يسمى باالتفاقات الجماعية إال أف الزعماء الستالينييف بينوا بوضوح أف ىذه‬
‫االتفاقات الجديدة ال تمت بأية صمة لما ىو متعارؼ عميو كاتفاقات جماعية في أماكف أخرى إذ أنيا ال تشمؿ األجور‪ .‬وكما كتب‬
‫شفير نيؾ في المجمة الشيرية النقابية‪ ،‬فإف‪ " :‬أي تغيير في األجور‪ ...‬يمكف أف يتـ فقط بقرار حكومي"‪ )32( .‬وفقا لذلؾ‪ ،‬كتب‬
‫معمؽ حكومي حوؿ قانوف العمؿ‪ " :‬مف المسمـ بو أف االتفاقات الجماعية اليوـ يجب أف يكوف ليا مضموف مختمؼ عف تمؾ‬
‫االتفاقات التي كانت تعقد عندما كانت معدالت األجور وبعض شروط العمؿ األخرى ال تحدد بقرار حكومي‪ )39( .‬بؿ إف الكتب‬
‫المدرسية حوؿ قانوف العمؿ المنشورة بيف ‪ 8928‬و ‪ 8999‬ال تتطرؽ لمموضوع أساسا‪ .‬ومع ذلؾ‪ ،‬فإف كتابا دراسيا نشر بعد ذلؾ‬
‫بقميؿ (‪ )8996‬يذكر أف‪:‬‬
‫لقد أثبتت الحياة نفسيا أف إعادة نظاـ المساومة الجماعية ليست ذات جدوى‪ .‬فاالتفاؽ الجماعي كشكؿ خاص لمتنظيـ‬
‫القانوني لعبلقات العمؿ الخاصة بالعماؿ األجراء والموظفيف الذيف يتقاضوف رواتب شيرية قد تجاوز عمره االفتراضي‪ .‬كما أف‬
‫الموائح التفصيمية المتعمقة بكافة جوانب ىذه العبلقات الصادرة وفؽ أحكاـ معيارية لمدولة ال تترؾ مكانا ألي اتفاؽ تعاقدي فيما‬
‫يتعمؽ بيذا أو ذاؾ مف ظروؼ شروط العمؿ‪)35( .‬‬
‫عمى ىذا النحو‪ ،‬فإف كتابا مدرسيا حوؿ تشريع العمؿ‪ ،‬نشر في‪ ،8997‬قد أعاد لمحياة قانوف العمؿ دوف أف يتضمف‬
‫المادة‪ ،58‬التي تقوؿ‪ :‬مقدار ما يتقاضاه موظؼ مقابؿ عممو يجب أف يحدد عف طريؽ االتفاقات الجماعية وعقود العمؿ الفردية‪.‬‬
‫(‪ )36‬وبدال مف ذلؾ نق أر (في الكتاب المدرسي)‪:‬‬
‫"مقدار األجور والمرتبات حاليا يحدد بق اررات الحكومة (أو وفؽ توجيياتيا)‪...‬وفي تحديد مقدار األجور والمرتبات يمعب‬
‫اتفاؽ األطراؼ دو ار ثانويا‪ .‬وينبغي أال تكوف (اتفاقات األطراؼ) مناقضة لمقانوف ‪ ،‬وىي مسموح بيا فقط في حدود يرسميا القانوف‬
‫بصرامة‪ ،‬كأف تحدد قائمة األجور ‪ -‬مثبل ‪ -‬المعدالت عمى أنيا "مف" ‪" -‬إلى"‪ ،‬كما يسمح بيا في تحديد ما يتقاضاه شخص مقابؿ‬
‫عمؿ إضافي إلى جانب عممو األصمي‪ ،‬وىكذا‪)37( .‬‬
‫أيضا‪ ،‬كتب أ‪ .‬ستيبانوؼ‪ ،‬مدير قسـ األجور في المجمس المركزي لمنقابات العمالية‪" :‬جداوؿ األجور واألجور تحددىا‬
‫الحكومة" (‪.)38‬‬
‫مف الواضح أف االتفاقات الجماعية التي تستبعد أي مساومة حوؿ األجور ‪ -‬وىي‪ ،‬في النياية‪ ،‬بالضرورة المصمحة‬
‫األساسية لمعامؿ في أي اتفاؽ مف ىذا النوع ‪ -‬يتـ التوصؿ إلييا عف طريؽ إجراء يسمح لمحكومة بأف يكوف ليا الصوت الحاسـ‬
‫فيما يتعمؽ بجميع نقاطيا األساسية‪ ،‬ليست إال إجراءا شكميا وزيفا بيروقراطيا‪.‬‬

‫تجزئة الطبقة العاممة‬
‫عمى الرغـ مف أف المؤسسات الصناعية الكبرى لمرأسمالية الحديثة تعمؿ ببل شؾ كعامؿ موضوعي قوي في توحيد العماؿ‬
‫كطبقة‪ ،‬فإف أرباب العمؿ لدييـ عددا مف الوسائؿ الفعالة إلعاقة ىذه الوحدة‪ .‬إحدى أىـ ىذه الوسائؿ ىي تشجيع التنافس بيف‬
‫العماؿ عف طريؽ أنظمة العمؿ بالقطعة‪ .‬فنفس تيديد الجوع الذي قد يدفع العماؿ نحو االتحاد ضد مخدمييـ‪ ،‬يمكف أيضا أف‬
‫يستخدـ إلشعاؿ حرب مف أجؿ البقاء بيف عامؿ وآخر‪.‬‬
‫عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬فقد استخدمت أنظمة العمؿ بالقطعة عمى نطاؽ واسع في ألمانيا النازية لنفس الغرض‪ .‬كتب فرانز‬
‫نوماف‪:‬‬
‫األجر الطبقي لمنقابات العمالية االشتراكية قد استبدؿ (بأجر األداء) المحدد في القسـ ‪ 39‬مف ميثاؽ العمؿ (النازي)‪ .‬لقد‬
‫كاف المبدأ الحديدي لمقيادة االشتراكية الوطنية‪ ،‬كما قاؿ ىتمر في مؤتمر الشرؼ لمحزب‪ ،‬ىو عدـ السماح بأي زيادة في معدالت‬
‫األجر في الساعة‪ ،‬وانما زيادة الدخؿ فقط في مقابؿ تحسف في األداء‪ .‬إف ما يحكـ سياسة األجور ىو تفضيؿ واضح لمعمؿ‬
‫بالقطعة والمكافآت حتى بالنسبة لعمؿ الصبية‪ .‬وسياسة كيذه تحطـ المعنويات تماما‪ ،‬إذ أنيا تخاطب أكثر الغرائز أنانية وتزيد‬
‫بشدة الحوادث الصناعية "(‪.)39‬‬
‫يشرح نوماف بعد ذلؾ لماذا ذىب النازيوف إلى مثؿ ىذا الحد في تطبيؽ نظاـ العمؿ بالقطعة‪:‬‬
‫"إف شيوع أجر األداء يضع مشكمة الفوارؽ في مقدمة السياسة االجتماعية‪ .‬مف الضروري فيـ ىذه المشكمة ليس عمى أنيا‬
‫مسألة اقتصادية بؿ عمى أنيا مشكمة سياسية شديدة األىمية وىي مشكمة السيطرة عمى الجماىير‪ ...‬اختبلؼ األجور ىو الجوىر‬
‫ذاتو لسياسة األجور االشتراكية الوطنية‪ ...‬تيدؼ سياسة األجور بوعي إلى التحكـ في الجماىير"‪)21( .‬‬
‫يستخدـ الستالينيوف أساليب العمؿ بالقطعة لنفس الغرض‪ .‬بعد إدخاؿ الخطة الخمسية‪ ،‬ارتفعت نسبة العماؿ الصناعييف‬
‫الذيف يدفع ليـ عمى أساس معدالت القطعة بسرعة شديدة‪ :‬في‪ ،8921‬كانت النسبة ‪ %39‬مف إجمالي عدد العماؿ‪ ،‬في‪،8928‬‬
‫ارتفعت إلى ‪ %65‬مف المجموع‪ ،‬وفي‪ ،8923‬ارتفعت إلى ‪ .)28( %68‬بحموؿ عاـ‪ ،8929‬كاف حوالي ثبلثة أرباع العماؿ‬
‫الصناعييف يشاركوف في ما يسمى بالتنافس االشتراكي‪ .)23( .‬في عاـ‪ ،8999‬شاركت النسب التالية مف العماؿ والموظفيف في‬
‫الصناعات المختمفة في ىذه المنافسة‪ :‬صناعة البتروؿ ‪ ،%83‬الطيراف ‪ ،%88‬التسميح ‪ ،%85‬بناء ماكينات قطع وتشكيؿ‬
‫المعادف ‪ ،%88‬الذخيرة ‪ ،%88‬صناعة السيارات ‪ ،%86‬بناء الماكينات الكيربائية ‪ ،%82‬المطاط ‪ ،%82‬صناعة القطف ‪،%98‬‬
‫صناعة األحذية ‪ )22( .%87‬في ‪ 8999‬شارؾ أكثر مف ‪ %91‬مف العماؿ في "التنافس االشتراكي " (‪.)29‬‬
‫بؿ ولجعؿ المنافسة أكثر حدة‪ ،‬وبدال مف نظاـ العمؿ بالقطعة العادي الذي يتناسب فيو األجر بشكؿ مباشر مع الناتج‪،‬‬
‫كما ىو قائـ في ببلد أخرى‪ ،‬تـ إدخاؿ العمؿ بالقطعة التصاعدي في روسيا‪ .‬ويشرح المثاالف التالياف كيؼ يعمؿ ىذا النظاـ‪.‬‬

‫يورد كتيب حوؿ صناعة النفط السمـ التالي لؤلجور‪)25( :‬‬
‫النسبة المئوية لمزيادة عف معدؿ القطعة األساسي (في األجر)‬ ‫النسبة المئوية لمزيادة عف المعدؿ المطموب (في اإلنتاج)‬
‫‪5‬‬ ‫‪81-8‬‬
‫‪81‬‬ ‫‪31-88‬‬
‫‪31‬‬ ‫‪21-38‬‬
‫‪91‬‬ ‫‪51-28‬‬
‫‪71‬‬ ‫‪71-51‬‬
‫‪811‬‬ ‫‪ 78‬وأكثر‬
‫ىكذا‪ ،‬فإف العامؿ الذي ينتج ‪ %51‬فوؽ المعدؿ المطموب‪ ،‬يدفع لو ‪ %881‬فوؽ المعدؿ‪ ،‬إذا كاف إنتاجو ‪ %71‬فوؽ‬
‫المعدؿ المطموب‪ ،‬يدفع لو ‪ %889‬فوؽ المعدؿ‪ ،‬واذا كاف اإلنتاج ‪ %811‬فوؽ المعدؿ المطموب‪ ،‬يدفع لو ‪ %211‬فوؽ المعدؿ‪،‬‬
‫وىكذا‪.‬‬
‫بؿ إف نسبة االرتفاع أشد في بعض الصناعات األخرى‪ .‬ففي مؤسسات و ازرة بناء ماكينات قطع وتشكيؿ المعادف‪ ،‬مثبل‪،‬‬
‫توجد معدالت القطعة التصاعدية التالية‪)26( :‬‬
‫النسبة المئوية لمزيادة عف معدؿ القطعة األساسي (في األجر)‬ ‫النسبة المئوية لمزيادة عف المعدؿ المطموب (في اإلنتاج)‬
‫‪21‬‬ ‫‪81- 8‬‬
‫‪51‬‬ ‫‪35 - 81‬‬
‫‪75‬‬ ‫‪91 - 35‬‬
‫‪811‬‬ ‫‪ 91‬وأكثر‬
‫ىكذا فإف العامؿ الذي ينتج ‪ %51‬فوؽ المعدؿ المطموب‪ ،‬يدفع لو ‪ %311‬فوؽ المعدؿ !‬
‫في ظؿ الظروؼ الروسية‪ ،‬يعد نظاـ معدؿ القطعة رجعيا بشكؿ مزدوج‪ .‬فماداـ حجـ السمع االستيبلكية المتوفرة محدد‬
‫سمفا بالخطة‪ ،‬وبما أف العماؿ الذيف يتخطوف المعدؿ المطموب يستطيعوف شراء حصة أكبر بكثير مما يسفر عنو إنتاجيـ‪ ،‬فإف‬
‫العماؿ الذيف ال يحققوف المعدؿ المطموب يحصموف عمى أقؿ مف الحصة التي يكفميا إنتاجيـ بالفعؿ‪ .‬ويسمح نظاـ معدؿ القطعة‬
‫لمدولة بخفض مستوى معيشة العماؿ عف طريؽ زيادة معدالت اإلنتاج المطموبة األساسية باستمرار‪ .‬في الواقع‪ ،‬أعقب تطبيؽ‬
‫الستاخانوفية في نياية ‪ 8925‬تغيرات في معدالت اإلنتاج المطموبة في كؿ صناعة‪ .‬فالمعدالت المطموبة الجديدة لـ تحدد عف‬
‫طريؽ إنتاجية العامؿ المتوسط بؿ عف طريؽ أخذ المتوسط بيف الستاخانوفييف مف ناحية‪ ،‬ومتوسط بقية العماؿ مف ناحية‬
‫أخرى‪)27(.‬‬

‫في بداية‪ ،8926‬ارتفعت معدالت اإلنتاج المطموبة في أغمب الصناعات اليامة كاآلتي‪ :‬الفحـ بمقدر ‪5 - 33‬ر‪،%37‬‬
‫الحديد والصمب ‪ ،%31 - 82‬بناء الماكينات ‪ ،%91 - 21‬المعادف غير الحديدية ‪ ،%25 - 21‬صناعة النفط ‪،%39‬‬
‫الكيماويات ‪ ،)28( %29‬النسيج ‪ ،%51 - 25‬والبناء ‪)29(.%81 - 59‬‬
‫كانت ىناؾ ارتفاعات أخرى ىامة خبلؿ عامي ‪ 8927‬و ‪ 8928‬كنتيجة ليذه االرتفاعات‪ ،‬لـ يتمكف ‪ %61‬مف العماؿ‬
‫في صناعة المعادف مف تحقيؽ المعدؿ المطموب‪ )91( .‬في وقت الحؽ‪ ،‬في ‪ 86‬أبريؿ‪ ،8998‬ذكر شفير نيؾ أف ‪%23 - 33‬‬
‫مف العماؿ في جميع الصناعات لـ يحققوا المعدالت المطموبة‪)98( .‬‬
‫إحدى النتائج الخرقاء لمتوجو نحو تجزئة الطبقة العاممة‪ ،‬وىي في الوقت نفسو نتيجة حتمية لسوء اإلدارة البيروقراطية‪ ،‬في‬
‫العدد الضخـ مف المعدالت المطموبة‪ .‬ىكذا‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬كاف لدى قوميسارية بناء الماكينات والمركبات وحدىا في ‪8929‬‬
‫ما مجموعو ‪ 3.136.111‬معػدؿ عمؿ مطموب ! (‪)93‬‬
‫في البداية كانت ىناؾ ىيئة مسئولة عف مراقبة ىذه المعدالت المطموبة بحيث يتـ التأكد مف مبلءمتيا لمحفاظ عمى صحة‬
‫العماؿ في مستوى معقوؿ‪ .‬وقد كاف إلغاؤىا في‪ )92( 8926.‬مؤش ار واضحا عمى إصرار الحكومة عمى فرض الصرامة الكاممة‬
‫لممنافس ة (الحرة) بيف العماؿ‪ .‬وكاف الستاخانوفييف بالطبع‪ ،‬أداة قوية في ىذه العممية‪ .‬كتب ماينارد‪ " :‬العامؿ البريطاني‪ ،‬مف وجية‬
‫نظره الخاصة كشخص يسعى لقير محاوالت زيادة السرعة‪ ،‬في األغمب كاف سيعتبرىـ (الستاخانوفييف) خائنيف لمعماؿ‪.)99( .‬‬
‫ومما يثبت أف العماؿ الروس لدييـ الرأي نفسو‪ ،‬حدوث العديد مف حاالت (التخريب) أو حتى قتؿ الستاخانوفييف‪)95(.‬‬
‫أحيانا يتصرؼ الكتاب الستالينيوف ببلمباالة إلى الحد الذي يجعميـ يماثموف بيف الستاخانوفية وبيف أكثر وسائؿ االستغبلؿ‬
‫الرأسمالي دقة ‪ -‬التيمورية‪ ..‬ىكذا‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬ففي كتيب أقرتو و ازرة التعميـ العالي ‪ -‬وىو مقرر لمؤسسات التعميـ العالي‬
‫الخاصة بصناعة البتروؿ ‪ -‬توجد ىذه المبلحظة‪ :‬إف آراء وأساليب تيمور في مجاؿ االستغبلؿ المتزايد ألدوات العمؿ تعتبر تقدمية‬
‫تماما‪( )96( .‬وعمى المرء مقارنة ىذا بوصؼ لينيف لمتيمورية بأنيا "استعباد اإلنساف عف طريؽ الماكينة")(‪)97‬‬
‫حرمان العامل من أية حرية قانونية‪:‬‬
‫إلى حيف حموؿ الخطة الخمسية األولى كاف العماؿ أح ار ار في تغيير أماكف عمميـ كما يريدوف‪ .‬لقد كاف حقيـ في العمؿ‬
‫حيث يرغبوف مكفوال‪ ،‬بالفعؿ‪ ،‬في قانوف العمؿ الصادر في ‪ 8933‬حيث نص "أف انتقاؿ األجير مف مشروع آلخر‪ ،‬أو تحويمو مف‬
‫منطقة إلى أخرى ‪ -‬حتى عندما ينتقؿ المشروع أو المؤسسة ‪ -‬يجوز حدوثو فقط يرضي العامؿ أو الموظؼ المعني‪ )98( .‬كاف‬
‫في استطاعة العامؿ أيضا اليجرة‪ ،‬ببل قيد‪ ،‬إلى أي منطقة يريد داخؿ القطر‪ .‬بؿ انو حتى في ‪ ، 8921‬ذكر في الموسوعة‬
‫السوفيتية الصغيرة أف ع رؼ جوازات السفر الداخمية الذي ابتدعتو األتوقراطية كأداة لمقمع البوليسي لجماىير الكادحيف‪ ،‬قد ألغتو ثورة‬
‫أكتوبر‪)99( .‬‬
‫ومع ذلؾ‪ ،‬فبحموؿ عاـ‪ ،8928‬لـ يعد يسمح ألي عامؿ بمغادرة لينينجراد إال بإذف خاص‪ .‬وفي ‪ 37‬ديسمبر ‪ 8923‬طبؽ‬
‫ىذا النظاـ عمى كؿ أجزاء روسيا‪ ،‬كما أدخؿ نظاـ جوازات سفر داخمية ‪ -‬أكثر قمعا بكثير مف نظاـ القيصر ‪ -‬لمنع أي شخص‬
‫مف تغيير محؿ سكنو ببل إذف‪ ،)51( .‬وفي ‪ 85‬ديسمبر ‪ 8921‬منعت المؤسسات الصناعية مف تشغيؿ األشخاص الذيف تركوا‬
‫محؿ عمميـ السابؽ ببل إذف‪ )58( .‬وألغيت المادة ‪ 27‬مف قانوف العمؿ الصادر في ‪ 8933‬المشار إليو أعبله في أوؿ يوليو‬
‫‪)53( .8923‬‬

‫أدخمت دفاتر العمؿ لمعماؿ الصناعييف وعماؿ المواصبلت في ‪ 88‬فبراير‪ ،8928‬ثـ لجميع العماؿ في ‪ 31‬ديسمبر‬
‫‪ ) 52( .8928‬وكاف يجب أف تقدـ ىذه الدفاتر إلى مدير المؤسسة عند استبلـ العمؿ ألوؿ مرة‪ .‬ويوجو المديروف بإيضاح أسباب‬
‫فصؿ العامؿ في الدفتر‪ .‬وال يستطيع العامؿ الحصوؿ عمى عمؿ جديد ما لـ يقدـ دفتر العمؿ الخاص بو‪ .‬الطريقة الوحشية التي‬
‫يعمؿ بيا ىذا النظاـ فعميا قد أشار إلييا بوضوح فيكتور سيرج عندما كتب‪:‬‬
‫يتـ التأشير عمى جواز السفر في مكاف العمؿ وعند كؿ تغيير لممخدـ‪ ،‬يحدد ىذا التغيير في جواز السفر‪ .‬لقد عرفت عماال‬
‫فصموا لعدـ مجيئيـ في يوـ الراحة لممساىمة في يوـ عمؿ "اختياري" (بالطبع مجاني)‪ ،‬وقد كتب في جوازات سفرىـ‪" :‬مفصوؿ‬
‫لتخريب خطة اإلنتاج‪)59( .‬‬
‫وفي ظؿ قانوف صادر في ‪ 85‬نوفمبر‪ ،8923‬أصبح أي عامؿ يتغيب عف العمؿ ليوـ واحد ببل عذر مقبوؿ معرضا‬
‫لمفصؿ و ما ىو أخطر بكثير في ظؿ الظروؼ الروسية ‪ -‬يصبح معرضا أيضا لمطرد مف مسكنو‪ ،‬إذا كاف متصبل بمحؿ عممو‪.‬‬
‫(‪ ،)55‬كما ىو الحاؿ عادة بالنسبة لمعماؿ الصناعييف وعماؿ المناجـ‪ ،‬وىكذا‪.‬‬
‫وفي ‪ 9‬ديسمبر‪ ،8923‬أصدر مجمس قوميساريات الشعب والمجنة المركزية لمحزب مرسوما آخر متعمؽ بالتغيب عف‬
‫العمؿ‪ .‬ىذه المرة تـ وضع إمدادات الطعاـ والضرورات األخرى تحت سيطرة مديري المصانع‪)56( .‬‬
‫في ‪ 38‬ديسمبر ‪ 8928‬صدر مرسوـ (‪ )57‬كاف موجيا ضد مف يتأخروف عف العمؿ‪ ،‬أو يغادرونو قبؿ الموعد المحدد‪،‬‬
‫أو يطيموف فترة الغذاء‪ ،‬أو يتقاعسوف عف العمؿ ويتعرض المخالفوف لمنقؿ إلى عمؿ مف مستوى أقؿ‪ ،‬كما يتعرضوف لمفصؿ إذا‬
‫ارتكبوا ثبلثة مخالفات خبلؿ شير أو أربعة خبلؿ شيريف‪ .‬كاف التفسير الرسمي لممرسوـ ىو أف العقوبات األخؼ مف الفصؿ يجب‬
‫تطبيقيا فقط عندما يكوف العامؿ متأخ ار بأقؿ مف عشريف دقيقة‪ ،‬أو متقاعسا ألقؿ مف عشريف دقيقة‪ .‬أما إذا تأخر أكثر مف ذلؾ في‬
‫أي مرة‪ ،‬فمف الواجب فصمو فورا‪ .‬إلى جانب فقداف مكاف سكنو‪ ،‬إذا كاف متصبل بمحؿ عممو‪ ،‬فإف العامؿ المفصوؿ يعاني بطرؽ‬
‫أخرى‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬ليس فقط معاشات العجز والشيخوخة واإلعالة‪ ،‬وانما أيضا معدالت إعانة المرض تعتمد عمى مدة العمؿ‬
‫في مشروع واحد‪ .‬ولضماف تنفيذ ىذا المرسوـ الجديد‪ ،‬فقد تـ النص عمى أف مديري المشروعات والمصانع الذيف ال ينفذوف ىذه‬
‫العقوبات سيتعرضوف لمفصؿ والمقاضاة الجنائية‪ .‬ومع ذلؾ‪ ،‬وبعد أقؿ مف عاميف‪ ،‬أصبح مف الواضح أف التيديد بالفصؿ ‪ -‬ونتيجة‬
‫لنقص األيدي العاممة ‪ -‬ال يحقؽ النتائج المرجوة‪ ،‬وتمت مراجعة العقوبات‪ )58( .‬واعتبا ار مف ‪ 36‬يونيو‪ ،8991‬وبدال مف الفصؿ‪،‬‬
‫أصبح العامؿ المتغيب ولو ليوـ واحد ببل سبب مقنع لمسمطات معرضا لمعمؿ الجبرى ببل حبس لمدة قد تصؿ إلى ستة أشير في‬
‫مكاف عممو المعتاد‪ ،‬وبخفض األجرة بما يصؿ إلى ‪ .%35‬في ظؿ ىذا القانوف المعدؿ‪ ،‬ال يستطيع أي عامؿ أف يترؾ عممو إال إذا‬
‫كاف غير صالح بدنيا لمعمؿ‪ ،‬أو مقبوال في مؤسسة تعميمية‪ ،‬أو ممنوحا إذنا خاصا مف سمطة عميا‪.‬‬
‫بعد صدور ىذا المرسوـ‪ ،‬عوقبت المحاوالت غير المبررة مف العماؿ لمحصوؿ عمى شيادات طبية تعفييـ مف العمؿ‬
‫بقسوة شديدة‪ .‬وىكذا‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬نشرت "ازفستيا" في ‪ 37‬أغسطس ‪" :8991‬قضية ت‪ .‬ؼ‪ .‬تيمونيف‪ ،‬المولود في‪،8985‬‬
‫في ‪ 32‬أغسطس ذىب ( المتيـ) إلى عيادة حيث طمب شيادة طبية تعفيو مف العمؿ‪ .‬ومع تكدره إزاء إشارة الترمومتر إلى أف‬
‫ح اررتو عادية ‪ ،‬أنفعؿ واستخدـ عبارات ال يمكف نشرىا‪ .‬حكـ عميو في ‪ 32‬أغسطس بالسجف ثبلث سنوات كما منع مف العيش في‬
‫تسع مدف سوفيتية‪ ،‬يتـ تحديدىا بعد قضاء العقوبة‪" .‬‬
‫وبعد بضعة أشير مف صدور ىذا القانوف‪ ،‬كتبت بعض السيدات لمصحافة مقترحات بإخضاع خدـ المنازؿ ليذا القانوف‪.‬‬
‫(‪ )59‬وما يفسر بجبلء ما يحدث في االتح اد السوفيتي أف "ازفستيا"‪ ،‬الصحيفة المعنية‪ ،‬رغـ اختبلفيا مع االقتراح‪ ،‬لـ تبد أي دىشة‬

‫إزاء تقديـ مثؿ ىذا االقتراح في فترة "التحوؿ المزعوـ مف االشتراكية إلى الشيوعية " ! مف القانوف المناىض لمتغيب عف العمؿ‬
‫ينبغي قطع مجرد خطوة واحدة إلى مثؿ ىذا اإلعبلف الصادر عف جريدة إدارة الدعاية والتحريض التابعة لمجنة الحزب في موسكو‪:‬‬
‫مف ال يستغؿ كؿ الػ ‪ 981‬دقيقة في العمؿ المنتج ال يراعي انضباط العمؿ‪ )61( .‬يستطيع المرء أف يتأكد أنو ال يوجد عامؿ واحد‬
‫في العالـ خارج روسيا يراعي ىذا السموؾ (االشتراكي) الضروري !‪.‬‬
‫في ‪ 89‬أكتوبر ‪ 8991‬صدر مرسوـ سمح إلدارة الصناعة بالقياـ "بالنقؿ الجبري لمميندسيف والتقنييف ومبلحظي العماؿ‬
‫والموظفيف والعماؿ الميرة مف مشروع أو معيد إلى آخر‪)68(" .‬‬
‫تـ إدخاؿ قيد وحشي آخر عمى حرية الطبقة العاممة بموجب مرسوـ صادر في ‪ 36‬ديسمبر ‪ .8998‬فرض ىذا المرسوـ‬
‫عقوبات بيف خمس وثماف سنوات سجف لمعماؿ الذيف يتركوف الصناعات العسكرية دوف إذف‪( .‬يحاكـ المخالفوف بواسطة محاكـ‬
‫عسكرية)‪ )63( .‬بؿ إف قانونا آخر‪ ،‬صدر في ‪ 85‬أبريؿ‪ ،8992‬وضع عماؿ السكؾ الحديدية تحت االنضباط العسكري بالكامؿ‪.‬‬
‫لقد كاف مف الممكف اعتقاليـ قانونيا بأمر رؤسائيـ لمدة تصؿ إلى عشريف يوما دوف محاكمة أو حؽ المجوء إلى المحاكـ‪)62( .‬‬
‫طبقت أحكاـ مماثمة بالنسبة لعماؿ البحار والمجاري المائية األرضية‪ ،)69( .‬وموظفي البريد والتمغراؼ والراديو‪ ،‬وموظفي المحطات‬
‫الكيربائية وآخريف‪ .‬إف مخالفات مثؿ ترؾ العمؿ ببل إذف أصبحت منذ ذلؾ الوقت تعاقب بقسوة شديدة‪ )65( .‬ومف الواضح أف ىذه‬
‫األحكاـ العسكرية استمرت قائمة بعد الحرب‪.‬‬
‫بعد فترة وجيزة مف انتصار البيروقراطية الستالينية‪ ،‬في أواخر العشرينات‪ ،‬تـ حظر اإلضرابات وأصبح المضربوف عرضة‬
‫لعقوبة اإلعداـ‪ .‬ومنذ إلغاء اإلعداـ‪ ،‬أصبحت العقوبة األشغاؿ الشاقة لمدة عشريف سنة‪ .‬مف الصحيح بالطبع‪ ،‬أف اإلضرابات لـ‬
‫يشر إلييا باالسـ حتى أف المادة التالية‪ ،‬الصادرة في ‪ 6‬يونيو‪ ،8937‬ىي البند الوحيد في مجموعة القوانيف التي يمكف تفسيرىا‬
‫بواسطة المحاكـ عمى أنيا تخص اإلضرابات‪" :‬التخريب المضاد لمثورة‪ ،‬أي رفض القياـ‪ ،‬عمدا‪ ،‬بواجب معيف‪ ،‬أو القياـ بو بإىماؿ‬
‫متعمد‪ ،‬بقصد إضعاؼ سمطة الحكومة أو اآللة الحكومية‪ ،‬يستوجب الحرماف مف الحرية لفترة ال تقؿ عف سنة ومصادرة الممكية‬
‫بالكامؿ أو جزئيا‪ ،‬غير أنو عند تفاقـ الظروؼ إلى درجة خطيرة‪ ،‬ينبغي زيادة العقوبة إلى اإلجراء األقصى لمدفاع االجتماعي ‪-‬‬
‫الموت رميا بالرصاص‪ ،‬مع مصادرة الممكية‪)66( .‬‬
‫لقد تـ تمخيص أىمية التشريع العمالي الستاليني بشكؿ جيد في ىذه الكممات‪" :‬بالمقارنة بتشريع فترة السياسة االقتصادية‬
‫الجديدة‪ ،‬عندما تـ التسامح مع العمـ التجاري الخاص‪ ،‬تغير الوضع القانوني لمعمؿ إلى األسوأ‪ .‬جميع القنوات التي يستطيع العماؿ‬
‫مف خبلليا الدفاع عف مطالبيـ في العالـ الرأسمالي ‪ -‬التشريع‪ ،‬المحاكـ‪ ،‬الوكاالت اإلدارية‪ ،‬ونقابات العماؿ ‪ -‬في االتحاد‬
‫السوفيتي وكالة المستخدـ األساسي لمعماؿ الصناعييف ‪ -‬الحكومة‪ .‬خاصية أخرى لقانوف العمؿ السوفيتي الحالي ىي النصوص‬
‫العقابية العديدة‪ ،‬قانوف العمؿ ىو إلى حد كبير قانوف جنائي‪)67( .‬‬
‫عمل المرأة‬
‫إف ظروؼ العماؿ ككؿ ىي بالتأكيد قاسية‪ ،‬أما ظروؼ العامبلت اإلناث فإف أبسط ما يقاؿ عنيا أنيا شنيعة‪ .‬فقانوف‬
‫العمؿ لعاـ ‪ 8933‬قد حرـ استخداـ النساء (والصغار) في اإلنتاج الثقيؿ وغير الصحي بشكؿ خاص‪ ،‬وفي العمؿ تحت األرض‪.‬‬
‫(‪ ) 68‬كذلؾ فإف أم ار صاد ار عف قوميسارية العمؿ والمجمس االقتصادي األعمى في ‪ 89‬نوفمبر ‪ 8932‬حرـ تشغيؿ النساء في‬
‫عمؿ يتمثؿ بالكامؿ في حمؿ أو تحريؾ أثقاؿ تزيد عف عشرة أرطاؿ روسية (‪8‬ر‪ 9‬كيموجراـ)‪ .‬حمؿ أثقاؿ تصؿ إلى ‪ 91‬رطؿ‬
‫روسي (‪9‬ر‪ 86‬كيموجراـ) كاف مسموحا بو فقط إذا كاف متصبل مباشرة بعمؿ المرأة العادي‪ ،‬ولـ يشغؿ أكثر مف ثمث يوـ عمميا‪.‬‬

‫(‪ ) 69‬اليوـ‪ ،‬ال يوجد أي مف ىذه اإلجراءات الوقائية‪ .‬فعمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬تعمؿ النساء في المناجـ‪ ،‬وكثي ار ما يقمف بأثقؿ األعماؿ‬
‫فييا‪ ،‬وتصؼ السمطات السوفيتية ىذا بأنو إنجاز عظيـ‪ .‬ينطبؽ ىذا أيضا عمى حمؿ األحماؿ الثقيمة في صناعة البناء‪ ،‬والعمؿ‬
‫كعماؿ شحف وسكؾ حديدية وما إلى ذلؾ‪.‬‬
‫في‪ ، 8923‬طمب المجمس العممي لقوميسارية العمؿ مف أربعة معاىد مكمفة بالبحث في األمراض المينية في مختمؼ‬
‫مناطؽ استخراج الفحـ أف تقوـ بدراسة أثر العمؿ تحت سطح األرض عمى النساء‪.‬‬
‫أجرى المعيد القائـ في منطقة الفحـ في القوقاز دراسة طبية عمى ‪ 593‬عاممة فحـ‪ ،‬منيف ‪ 898‬يعممف فوؽ سطح‬
‫األرض و ‪ 999‬تحت سطح األرض‪ ،‬وتوصؿ إلى أف العمؿ تحت سطح األرض ليس أكثر ضر ار لمنساء الحوامؿ مف العمؿ فوؽ‬
‫سطح األرض‪ .‬وباإلضافة إلى ذلؾ‪ ،‬أجمعت المعاىد المكمفة بإجراء ىذا البحث عمى أف زيادة كبيرة في عمؿ النساء في مناجـ‬
‫الفحـ ‪ -‬مع تضمف ىذا العمؿ عمميات عديدة تحت سطح األرض ‪ -‬ممكنة دوف أي ضرر لجسـ المرأة‪ )71( .‬تقوـ النساء في‬
‫المناجـ بكؿ أنواع العمؿ‪ ،‬بما في ذلؾ الشحف والتقطيع‪ ،‬بشيادة الصحافة الروسية‪ .‬كتبت إحدى الصحؼ الحزبية‪ :‬ألوؿ مرة في‬
‫حوض دونيتز‪ ،‬تـ تنظيـ فريؽ مف عامبلت الشحف‪ .‬اآلف توجد ‪ 81‬سيدات في فرقة بابيتشيفا تقوـ كؿ منيف بشحف مف أربعة عشر‬
‫إلى خمسة عشر طنا مف الفحـ يوميا‪ .‬ىذا الفريؽ لديو بالفعؿ عاممة آلة القطع الخاصة بو‪ ،‬بولينا تانتسبورا‪)78( .‬‬
‫يقوؿ كاتب رسمي آخر في عاـ ‪ :8927‬النقطة األكثر تشويقا ىي أف النساء السوفيتيات قد كسبف وال زلف يكسبف في‬
‫تمؾ الفروع الصناعية المغمقة أماـ النساء في المجتمع الرأسمالي‪ ،‬والتي تعتبر في الببلد الرأسمالية أعماؿ خاصة بالرجؿ تستثنى‬
‫منيا النساء "بالطبيعة"‪ .‬تمعب الن ساء بالتالي دو ار ال يذكر في صناعة التعديف الرأسمالية‪ .‬نسبة النساء في إجمالي عدد العامميف في‬
‫صناعات التعديف ىي‪ ،‬بالنسبة لفرنسا (‪7 )8928‬ر‪ ، %3‬بالنسبة إليطاليا (‪8 )8928‬ر‪ ،%8‬في ألمانيا (‪ .)8923‬ر‪ ،%8‬في‬
‫الواليات المتحدة (‪6 )8921‬ر‪ ،%1‬وفي بريطانيا ‪6‬ر‪ .%1‬في االتحاد السوفيتي تمثؿ النساء ‪9‬ر‪ %37‬مف إجمالي عدد العامميف‬
‫في صناعة التعديف‪ .‬تعطي مينة البناء صورة مماثمة في الدوؿ المذكورة أعبله‪ ،‬النسبة المئوية بالنسبة ليذه المينة تتراوح بيف‬
‫‪5‬ر‪( %1‬إيطاليا) و ‪9‬ر‪( %3‬ألمانيا) في االتحاد السوفيتي تمثؿ النساء ‪7‬ر‪ %89‬في صناعات المعادف تتراوح النسب بيف‪.‬ر‪%2‬‬
‫(الواليات المتحدة) و ‪9‬ر‪( %5‬بريطانيا)‪ .‬في صناعات المعادف في االتحاد السوفيتي ‪6‬ر‪ %39‬مف جميع العماؿ نساء‪)73( .‬‬
‫أغفؿ الكاتب الستاليني ذكر أف ىناؾ بمديف آخريف غير االتحاد السوفيتي تعمؿ فييما كثير مف النساء في المناجـ ‪ -‬اليند والياباف‪.‬‬
‫(‪ )72‬واالثناف مشيوراف بفظاعة ظروؼ العماؿ‪.‬‬
‫القصة التالية لشاىد عياف لمظروؼ القاسية التي تعمؿ النساء في ظميا في بناء السكؾ الحديدية‪ ،‬تسردىا شارلوت‬
‫ىالداف‪ ،‬التي كانت ميالة جدا في ذلؾ الوقت لنظاـ ستاليف‪:‬‬
‫في أرشانجؿ كاف مف الضروري مد خط سكة حديد خفيؼ لمسافة حوالي خمسة أمياؿ بطوؿ رصيؼ الميناء‪ ...‬لقد شاىدت‬
‫ىذا العمؿ‪ ،‬الذي قامت بو بالكامؿ نساء‪ .‬اكتمؿ الخط‪ ،‬مع نقاط التحويؿ‪ ،‬في ‪ 98‬ساعة‪ .‬لقد ظممف يعممف نيا ار وليبل‪ ،‬تحت ضوء‬
‫النيار والضوء الكيربائي‪ .‬كاف الثمج يسقط والجو متجمد تقريبا طوؿ الوقت‪ ،‬إال أف ذلؾ لـ يغير شيئا بالنسبة لعمميف‪ .‬كاف جميع‬
‫مراقبي الشحنات أيضا مف النساء‪ .‬لقد عممف بالتناوب‪39 ،‬ساعة عمؿ و ‪ 39‬ساعة راحة‪ .‬أثناء فترة عمميف كف يأخذف راحة‬
‫عرضية قصيرة لساعة أو ساعتيف‪ ،‬حيث يمجأف إلى كوخ خشبي عمى الرصيؼ‪ ،‬ويأكمف شربة الكرنب والخبز األسود‪ ،‬ويشربف‬
‫الشاي المقمد‪ ،‬وينعسف نعاسا قمقا بمبلبسيف‪ ،‬ثـ يعدف لمعمؿ‪)79( .‬‬
‫كتب ىندوس‪ ،‬وىو متعاطؼ آخر مف المتعاطفيف مع ستاليف‪:‬‬

‫إحدى النواحي الممحوظة في الحياة الروسية ىي وجود النساء كعامبلت يومية‪ .‬أنيف يعممف بالمعوؿ والمجراؼ‪ ،‬ويحممف‬
‫أحماال ثقيمة مف الخشب‪ ،‬ويجررف عربات اليد ذات العجمة الواحدة‪ .‬عممت النساء تحت األرض جنبا إلى جنب مع الرجاؿ‪ .‬مف‬
‫الشائع في أي مدينة رؤية النساء يبنيف بالطوب‪ ،‬ويضعف العوارض الخشبية‪ ،‬وينجزف المياـ الثقيمة األخرى في البناء‪ .‬وىف يبرزف‬
‫في مثؿ ىذه األعماؿ في نوبات الميؿ كما في نوبات النيار‪)75( .‬‬
‫جنبا إلى جنب مع تقارير كيذه‪ ،‬كـ يبدو ساخ ار تصريح ستاخانوؼ (بالنسبة لمشعب السوفيتي‪ ،‬أصبح العمؿ متعة)‪)76(.‬‬
‫العمل القيري‪:‬‬
‫في روسيا يوجد العمؿ القسري بأشكاؿ مختمفة وبدرجات متفاوتة‪ .‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬تبرـ العقود بيف رؤساء الكولخوزات‬
‫والشركات الصناعية أو المناجـ أو مشروعات النقؿ‪ ،‬بحيث يتكفؿ الكولخوز بتوفير عدد معيف مف العماؿ‪ .‬مثؿ ىذه األنواع مف‬
‫العمؿ القسري‪ ،‬مع ذلؾ لف يتـ تناوليا في ىذا القسـ‪ .‬سنتناوؿ فقط العمؿ القيري في شكمو األقصى‪ ،‬في معسكرات العبيد‪ ،‬حيث ال‬
‫تشترى قوة العمؿ أو تباع كسمعة‪ ،‬ألف العامؿ نفسو ليس لديو أي حرية قانونية‪ .‬حتى الخطة الخمسية األولى‪ ،‬كاف عمؿ السجناء‬
‫محصور في نطاؽ ضيؽ جدا‪ ،‬بحيث لـ يكف لو أي أىمية في االقتصاد الروسي‪ .‬في عاـ‪ ،8938‬كاف ىناؾ (‪111‬ر‪ )21‬سجيف‬
‫في المعسكرات الروسية‪ ،‬وكانت السمطات تعارض إجبارىـ عمى العمؿ‪ .‬في‪ ،8937‬كتب المسئوؿ المكمؼ بإدارة السجوف‪:‬‬
‫‘استغبلؿ ع مؿ السجناء‪ ،‬نظاـ اعتصار "العرؽ الذىبي" منيـ‪ ،‬تنظيـ اإلنتاج في أماكف الحبس‪ ،‬بينما ىو مربح مف وجية نظر‬
‫تجارية إال أنو يفتقد بشكؿ جوىري أي مدلوؿ تيذيبي ‪ -‬ىذه مسائؿ مرفوضة بالكامؿ في أماكف الحبس السوفيتية’(‪ ،)77‬في ذلؾ‬
‫الوقت‪ ،‬كانت قيمة اإلنتاج اإلجمالي لجميع السجناء تساوي نسبة ضئيمة فقط مف نفقات العناية بيـ‪.‬‬
‫إال أنو مع افتتاح الخطة الخمسية‪ ،‬تغير الموقؼ جذريا‪ .‬يذكر كيسيميوؼ ‪ -‬جروموؼ‪ ،‬وىو مسئوؿ سابؽ بالبوليس‬
‫السري في معسكرات العمؿ الشمالية‪ ،‬يذكر أنو في ‪ 8938‬كاف (‪111‬ر‪ )21‬رجؿ فقط معتقميف في المعسكرات‪ .1.‬العدد اإلجمالي‬
‫لمسجناء في كؿ شبكة المعسكرات في ‪ 8921‬يذكر انو بمغ ‪ )78( .663357‬وبناء عمى األدلة المتوفرة‪ ،‬يستنتج داليف أنو بحموؿ‬
‫عاـ ‪ 8928‬كاف ىناؾ حوالي (‪3‬مميوف) شخص في معسكرات العمؿ‪ ،‬وفي الفترة بيف ‪ 8925 - 22‬حوالي (‪5‬مميوف)‪ ،‬وفي‬
‫‪ 8993‬مف (‪ )85-8‬مميوف‪ )79( .‬يقدر انطوف سيميجا الذي كاف في وقت مف األوقات زعيما لمحزب الشيوعي اليوغوسبلفي والذي‬
‫قضى سنوات عديدة في معسكرات االعتقاؿ الروسية‪ ،‬يقدر عدد السجناء في أوج تطييرات الثبلثينات بأنو وصؿ إلى حوالي عشرة‬
‫مبلييف‪)81( .‬‬
‫إف مدى وحشية العمؿ االستعبادي في االتحاد السوفيتي يمكف قياسيا ليس فقط مف التقارير المنشورة في الصحافة‬
‫الروسية عف العقوبات الصارمة ألكثر الجرائـ بساطة مثؿ سرقة الخبز (انظر صفحة ‪ ،)،‬ولكف أيضا بطريؽ غير مباشر مف‬
‫إحصائيات الناخبيف كؿ مف بمغ الثامنة عشر أو تجاوزىا لو حؽ التصويت‪ ،‬باستثناء نزالء معسكرات العمؿ القسري‪ .‬وفقا لمتعداد‬
‫السكاني لعاـ‪ ،8929‬كاف ‪9‬ر‪ %58‬مف السكاف يبمغوف ثمانية عشر عاما أو أكثر في ذلؾ الوقت‪ ،‬بحموؿ عاـ‪ ،8996‬يكاد يكوف‬
‫مف المؤكد أف ىذه النسبة قد ارتفعت‪ .‬فمف ناحية ‪ ،‬كانت نسبة األطفاؿ في المناطؽ الجديدة المضافة لبلتحاد السوفيتي‪ ،‬مثؿ‬
‫ليتوانيا والتفيا‪ ،‬أقؿ منيا في أراضي روسيا سنة ‪ ،8929‬ومف ناحية أخرى‪ ،‬لـ تسبب الحرب فقط زيادة أكبر في معدؿ وفيات‬
‫األطفاؿ عف معدؿ وفيات الكبار‪ ،‬ولكنيا أيضا سببت انخفاضا شديدا في معدؿ المواليد‪ .‬ولكف حتى بافتراض أف نسبة مف يبمغوف‬
‫ثمانية عشر عاما أو أكثر كانت في ‪ 8996‬تقريبا كما ىي في‪ ،8929‬فإنو مف بيف سكاف يبمغ عددىـ ‪ 892‬مميوف نسمة يصبح‬
‫عدد مف كانوا في ىذه المجموعة العمرية ‪7‬ر‪ 883‬مميوف شخص‪ .‬ومع ذلؾ‪ ،‬فإف ‪7‬ر‪ 818‬مميوف فقط كاف ليـ حؽ التصويت في‬
‫االنتخابات‪ .‬وفقا ليذه الطريقة في الحساب‪ ،‬عمى األقؿ البد أنو كاف ىناؾ ‪ 88‬مميوف شخص في معسكرات العمؿ االستعبادي‪.‬‬

‫ىناؾ مؤشرات أخرى إلى الطابع المكتظ لمعسكرات العمؿ القسري ‪ -‬عمى سبيؿ المثاؿ ‪ -‬تـ حؿ جميورية الفولجا أثناء‬
‫الحرب العالمية الثانية بزعـ عدـ والئيا لمنظاـ‪ ،‬وأبعد سكانيا‪ ،‬في أغمب الظف إلى معسكرات العمؿ‪ .‬وفي مناطؽ االتحاد السوفيتي‬
‫التي سبؽ أف احتميا األلماف تـ حؿ عدد مف الجميوريات‪ .‬حاالت الحؿ ىذه لـ تذكر حتى في الصحؼ وعندما نشرت "برافدا"‪ ،‬في‬
‫‪ 87‬أكتوبر‪ ،8995‬قائمة بالدوائر االنتخابية لبلنتخابات العامة المقبمة‪ ،‬تـ اكتشاؼ أف عددا مف الجميوريات قد اختفت‪ ،‬منذ متى‬
‫ال يستطيع أحد أف يعمـ‪ .‬وكانت الجميوريات التي اختفت ىي جميورية القرـ التتارية ذات الحكـ الذاتي‪ ،‬وجميورية كالموؾ‪،‬‬
‫وجميورية شيشينو ‪ -‬اينجوشي‪ ،‬باإلضافة إلى منطقة كاراتشيؼ ذات الحكـ الذاتي‪ )88( .‬أصبحت جميورية كاربادينيا ‪ -‬بالكار‬
‫ذات الحكـ الذاتي جميورية كاربادينيا بعد طرد البالكار‪ )83( .‬كاف عدد سكاف ىذه المناطؽ أكثر مف مميوني نسمة‪ .‬وال تتوفر‬
‫معمومات رسمية عف أماكف وجودىـ مرة أخرى‪ ،‬في أغمب الظف ‪ ،‬تـ إرساليـ إلى معسكرات العمؿ‪.‬‬
‫إال أف أوضح إشارة إلى الدرجة التي وجد بيا العمؿ االستعبادي في روسيا مف مصدر رسمي سوفيتي توجد في خطة‬
‫الدولة لتنمية االقتصاد القومي التحاد الجميوريات السوفيتية االشتراكية لعاـ ‪ )82( .8998‬وفقا ليذا المصدر‪ ،‬فإف قيمة الناتج‬
‫اإلجمالي لكؿ المشروعات المدارة بواسطة و ازرة الداخمية كاف مخططا أف تكوف‪ ،‬في‪8969 ،8998‬مميوف روبؿ بأسعار عاـ ‪8936‬‬
‫‪ )89( .8937 -‬أي تقدـ عف عاـ ‪ 8935‬عندما كاف الناتج اإلجمالي لكؿ العمؿ السجيف ‪8‬ر‪ 2‬مميوف روبؿ‪ - )85( .‬تضاعؼ‬
‫اإلنتاج ‪ 511‬مرة ! إذا كاف إنتاج العامؿ السجيف الواحد في ‪ 8998‬مساويا لما كاف عميو في‪ ،8935‬فإف ىذا يعني وجود ‪85‬‬
‫مميوف مف العماؿ المستعبديف‪ .‬في األغمب‪ ،‬كانت إنتاجية العمؿ في المعسكرات أعمى بكثير في عاـ ‪ 8998‬منيا في عاـ‪،8935‬‬
‫وفي األغمب‪ ،‬أف تقدير ناتج مشروعات و ازرة الداخمية وبأسعار عاـ ‪ 8937 - 8936‬الثابتة‪ ،‬فيو بعض المغاالة‪ .‬ولكف حتى بعد‬
‫عمؿ التصحيحات البلزمة‪ ،‬فمف الواضح أف معسكرات العمؿ االستعبادي احتوت عمى مبلييف الناس‪.‬‬
‫إف استحالة الحساب الدقيؽ لعدد العماؿ المستعبديف في المعسكرات تعود إلى عدـ وجود أية إحصائيات رسمية عمى‬
‫اإلطبلؽ‪ ،‬حتى بداية الثبلثينات نشر حجـ كبير مف اإلحصائيات حوؿ المحاكمات والسجوف والسجناء‪ ،‬ولكف منذ ذلؾ الوقت‪،‬‬
‫توقؼ نشر مثؿ ىذه األرقاـ تماما‪ .‬انو لدليؿ واضح عمى ذلؾ أف كتابا بعنواف إحصائيات المحاكـ‪ ،‬كتبو أ‪ .‬أ‪ .‬جيرتسنزوف‬
‫(موسكو‪ ،)8998‬يعطي أرقاما فعمية عف الواليات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وكندا واليند وبمجيكا والدنمرؾ وفنمندا وايطاليا واليوناف‬
‫وىولندا والنمسا والسويد وسويس ار والنرويج‪ ،‬أما عف االتحاد السوفيتي فيو يعطي فقط السنوات‪ ،3 ،8‬الخ‪ ..‬دوف ذكر ما ىي ىذه‬
‫السنوات والمناطؽ‪ ،‬انو يذكر فقط أف ىذه المناطؽ بيا ‪7‬ر‪ 9‬مميوف مف السكاف‪ .‬ولما كاف ىذا الرقـ يمثؿ نسبة مئوية صغيرة جدا‬
‫مف مجموع سكاف االتحاد السوفيتي‪ ،‬فإننا ال نستطيع أف نستنتج منو أرقاما مطمقة أو حتى اتجاىات عامة‪.‬‬
‫انو مف الميـ جدا مبلحظة أف النتائج المنشورة لمتعداد السكاني لعاـ ‪ 8929‬ال تحتوي عمى توزيع السكاف عمى المناطؽ‪.‬‬
‫ىذه المعمومة ‪ -‬التي دائما ما تشمميا جداوؿ التعداد العادية ‪ -‬كانت ستسمح بتقدير عدد األشخاص في معسكرات العمؿ‬
‫االستعبادي بدقة كبيرة‪ ،‬ألف بعض المناطؽ معموـ جيدا أنيا تكاد ال تحوي سكانا أح اررا‪.‬‬
‫وقدـ مرسوـ العفو الصادر في ‪ 37‬مارس ‪ 8952‬دليبل واضحا عمى وجود األطفاؿ واألميات والحوامؿ وكبار السف مف‬
‫الرجاؿ والسيدات في معسكرات العمؿ الروسية‪ .‬فيذا المرسوـ أفرج عف نساء أميات ألطفاؿ أقؿ مف عشر سنوات‪ ،‬والرجاؿ فوؽ‬
‫‪ 55‬عاما‪ ،‬ونساء فوؽ ‪ 51‬عاما‪ ،‬وأيضا السجناء الذيف يعانوف مف أمراض خطيرة مستعصية (‪ )86‬مف السجوف ومعسكرات العمؿ‪.‬‬
‫إف العمؿ العبودي عموما يعتبر غير منتج‪ .‬والحكومة السوفيتية تمجأ إليو عمى ىذا النطاؽ الضخـ ببساطة ألنيا نسبيا‬
‫أفقر كثي ار في رأس الماؿ منيا في األيدي العاممة بالمقارنة بببلد أوروبا الغربية المتقدمة والواليات المتحدة‪ .‬في نفس الوقت ‪ -‬فيما‬
‫يبدو ظاىريا أنو تناقض ‪ -‬يسيـ العمؿ العبودي في التغمب عمى االختناقات الناتجة عف ندرة العمؿ في بعض المناطؽ‬

‫والصناعات‪ .‬في جميع فترات التاريخ‪ ،‬كمما كاف العمؿ ناد ار فإف الدولة كانت تفرض قيودا قانونية عمى حرية العماؿ‪ ،‬كما حدث في‬
‫أوروبا الغربية في القرف الرابع عشر وأوائؿ القرف الخامس عشر‪ ،‬ومرة أخرى في القرف السابع عشر‪ .‬المستعبدوف في معسكرات‬
‫ستاليف ىـ شكؿ فج "لجيش العاطميف" في الرأسمالية التقميدية‪ ،‬أي أنيـ يستخدموف إلبقاء باقي العماؿ "في أماكنيـ"‪ .‬باإلضافة إلى‬
‫ذلؾ‪ ،‬ينبغي تذكر أنو في االتحاد السوفيتي ىناؾ كثير مف المياـ شديدة التنفير التي يجب إنجازىا (في أقصى الشماؿ‪ ،‬عمى سبيؿ‬
‫المثاؿ)‪ ،‬التي ال يمكف أف يقبؿ العماؿ األحرار أو حتى نصؼ األحرار القياـ بيا إال في مقابؿ منح حوافز قوية جدا‪ .‬وعمى الرغـ‬
‫مف إنتاجيتو الشديدة اال نخفاض‪ ،‬فإف العمؿ العبودي‪ ،‬في مثؿ ىذه الحاالت‪ ،‬ىو أرخص وسيمة‪ ،‬إف لـ يكف الوسيمة الوحيدة‪.‬‬
‫ويعطي النص التالي المقتبس مف "ازفستيا" مثاال عمى ذلؾ ففي وصفيا لمعمؿ في خط سكة حديد جديد مبني في سيبيريا بالعمؿ‬
‫القسري‪ ،‬تشير الجريدة إلى أف‪" :‬حتى الوقت الحاضر‪ ،‬كاف االعتقاد أف موسـ البناء ال يتجاوز مائة يوـ في العاـ‪ .‬فالشتاء شديد‬
‫البرودة ‪ 51‬درجة تحت الصفر‪ ،‬ولكف البناة أثبتوا‪ ،‬أنو حتى تحت ىذه الظروؼ‪ ،‬يمكف العمؿ عمى مدار العاـ بأكممو دوف توقؼ"‪.‬‬
‫(‪)87‬‬
‫ال يستطيع المرء أف يجد خاتمة ليذا القسـ أفضؿ مف اقتباس كممات فيشنسكي‪ :‬الحماس لمعمؿ‪ ،‬والوعي االشتراكي‪،‬‬
‫والشعور السامي بالواجب تجاه الدولة والوطف والشعب السوفيتي‪ ،‬ىي التي تحدد مسائؿ انضباط العمؿ بيننا ‪ -‬وليس العقوبات أو‬
‫تيديدات العقاب الجنائي كما في الببلد الرأسمالية‪)88( .‬‬
‫خضوع االستيالك لمتراكم ‪ -‬خضوع العمال لوسائل اإلنتاج‬
‫في ظؿ الرأسمالية‪ ،‬يخضع استيبلؾ الجماىير لمتراكـ‪ .‬أحيانا يزيد االستيبلؾ مع زيادة التراكـ‪ ،‬وأحيانا أخرى يقؿ في‬
‫حيف يزيد التراكـ‪ ،‬ولكف دائما‪ ،‬في كؿ الظروؼ‪ ،‬تظؿ العبلقة األساسية كما ىي‪.‬‬
‫إذا تتبعنا تاريخ روسيا منذ أكتوبر‪ ،‬فإننا نجد أف ىذا الخضوع لـ يكف موجودا عند إدخاؿ الخطة الخمسية األولى‪ ،‬ولكف‬
‫منذ ذلؾ الوقت فصاعدا‪ ،‬قد عبر عف نفسو بوحشية غير مسبوقة‪ ،‬سيتضح ىذا مف الجدوؿ التالي‪)89( :‬‬
‫تقسيـ الناتج اإلجمالي لمصناعة إلى وسائؿ إنتاج ووسائؿ استيبلؾ (بالنسبة المئوية)‬
‫‪( 8993‬مستيدؼ)‬ ‫‪8991‬‬ ‫‪8927‬‬ ‫‪8923‬‬ ‫‪8938 -8937‬‬ ‫‪8982‬‬

‫‪63.3‬‬ ‫‪68.1‬‬ ‫‪57.8‬‬ ‫‪52.2‬‬ ‫‪23.8‬‬ ‫‪99.2‬‬ ‫وسائؿ إنتاج‬
‫‪27.8‬‬ ‫‪29.1‬‬ ‫‪93.3‬‬ ‫‪96.7‬‬ ‫‪67.3‬‬ ‫‪55.7‬‬ ‫وسائؿ استيبلؾ‬
‫حتى لو لـ تقؿ ىذه األرقاـ الرواية كميا‪ ،‬حيث أنو مف المؤكد أف ىذا الحساب الرسمي لـ يعط الوزف الكافي لوقائع أف‬
‫ضرائب االستبداؿ تفرض أساسا عمى وسائؿ االستيبلؾ‪ ،‬وأف الدعـ مخصص بالكامؿ تقريبا لوسائؿ اإلنتاج (أنظر أدناه) مع ما‬
‫ينتج عف ذلؾ مف تشويو لنظاـ األسعار‪.‬‬
‫األرقاـ المتوفرة بشأف التغير الفعمي في حجـ إنتاج السمع االستيبلكية ضئيمة جدا‪ ،‬وفي تفسيرىا نواجو بالفعؿ صعوبات‬
‫شديدة‪.‬‬

‫ليس مف الصواب حساب منتجات‪ ،‬مثؿ الخبز‪ ،‬التي ال تعكس الزيادة في ناتجيا زيادة إجمالية في اإلنتاج‪ ،‬وانما مجرد‬
‫التحوؿ مف التصنيع المنزلي‪ ،‬غير المشموؿ في اإلحصائيات‪ ،‬إلى الصناعة‪ ،‬التي تغطييا اإلحصائيات‪)91( .‬‬
‫‪8951‬‬ ‫‪8999‬‬ ‫‪8995‬‬ ‫‪8927‬‬ ‫‪8923‬‬ ‫‪-8938‬‬ ‫‪8982‬‬

‫‪8939‬‬
‫‪2.8‬‬ ‫‪2.7‬‬ ‫‪8.7‬‬ ‫‪2.9‬‬ ‫‪3.7‬‬ ‫‪3.79‬‬ ‫‪3.9‬‬ ‫سمع قطنية (ألؼ مميوف متر)‬
‫‪867.1‬‬ ‫‪852.9‬‬ ‫‪56.9‬‬ ‫‪818.2‬‬ ‫‪98.2‬‬ ‫‪96.6‬‬ ‫‪95.1‬‬ ‫سمع وفية(مميوف متر)‬
‫‪513.1‬‬ ‫‪886.1‬‬ ‫‪61.1‬‬ ‫‪869.3‬‬ ‫‪38.1‬‬ ‫‪32.3‬‬ ‫أحذيةجمدية مميوف زوج)‬
‫‪3533.1‬‬ ‫‪3938.1‬‬ ‫‪838.1‬‬ ‫‪8291.1‬‬ ‫‪839.1‬‬ ‫سكرخاـ(ألؼ طف)‬
‫‪828.5‬‬ ‫‪978.5‬‬ ‫‪286.1‬‬ ‫‪897.1‬‬ ‫ورؽ لؼ (ألؼ طف)‬
‫‪291.2‬‬ ‫‪82.1‬‬ ‫‪918.1‬‬ ‫‪859.1‬‬ ‫جوارب(مميوف زوج)‬
‫‪378.1‬‬ ‫‪821.1‬‬ ‫‪863.1‬‬ ‫كتاف(مميوف متر)‬
‫‪668.1‬‬ ‫‪995.1‬‬ ‫‪257.3‬‬ ‫صابوف(ألؼ طف)‬
‫ىذا الجدوؿ ال يظير سوى زيادة متواضعة جدا في إنتاج السمع االستيبلكية ‪ -‬باستثناء األحذية الجمدية والورؽ والسكر‪.‬‬
‫فيما يتعمؽ بتفسير ىذه األرقاـ‪ ،‬ينبغي اإلشارة إلى أنو في حيف أف أرقاـ ‪ 8982‬معدلة بالنسبة لؤلراضي الروسية‬
‫المتقمصة بعد الثورة‪ ،‬فإف أرقاـ عامي ‪ 8995‬و ‪ 8999‬غير معدلة بحيث تتبلئـ مع أراضي ما بعد الحرب التي اتسعت اتساعا‬
‫كبيرا‪( .‬شمؿ ما ضمتو روسيا منذ ‪ 8929‬فصاعدا‪ ،‬كما سنذكر فيما بعد‪ ،‬ليتوانيا والتفيا واستونيا والجزء الشرقي مف بولندا‪ ..‬الخ‪).‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلؾ‪ ،‬قدمت المصانع الصغيرة جدا إسياما ىاما في إنتاج السمع االستيبلكية‪ ،‬حتى ‪ 8938‬عمى األقؿ‪ .‬في‪،8939‬‬
‫شغمت الشركات الصناعية كبيرة الحجـ معرفة عمى أنيا تمؾ التي تشغؿ أكثر مف ثبلثيف شخصا‪ ،‬أو لدييا قوة محركة تشغؿ خمسة‬
‫عشر شخصا ‪3 -‬ر‪ 2‬مميوف شخص‪ ،‬في حيف شغمت الصناعة صغيرة الحجـ ‪5‬ر‪ 9‬مميوف شخص‪.‬‬
‫ومع ذلؾ‪ ،‬فإف السمع المنتجة بيذه الطريقة أثناء فترة الخطة لـ تندرج في اإلحصائيات الستالينية‪ .‬ربما يشرح ىذا الزيادة‬
‫اليائمة (عمى الورؽ) في إنتاج األحذية الجمدية‪ ،‬وىي زيادة ال يمكف معادلتيا مع ما ىو معروؼ عف عرض المتاح لمجمد‪ .‬عدد‬
‫الحيوانات المذبوحة سنويا بعد التوجو الكبير نحو نظاـ المزارع الجماعية ال يمكف أف يكوف قد وصؿ لمعدد المذبوح قبؿ ذلؾ‪ ،‬إذ أنو‬
‫في ‪ 8928‬فقط‪ ،‬وليس قبؿ ذلؾ‪ ،‬اقترب العدد اإلجمالي لمماشية مرة أخرى مف مستوى عاـ ‪( .8939‬في عاـ‪ ،8939‬بمغ عدد‬
‫األبقار ‪8‬ر‪ 68‬مميوف‪ ،‬وفي‪3 ،8928‬ر‪ 62‬مميوف‪ ،‬بمغ عدد الخراؼ والماعز‪3 ،‬ر‪ 897‬مميوف و ‪8‬ر‪ 813‬مميوف عمى التوالي)‪.‬‬
‫(‪ )98‬باإلضافة إلى ذلؾ‪ ،‬بمغ فائض الوارد مف الجمود عمى الصادر منو ‪2‬ر‪ 95‬ألؼ طف في ‪ ،8938- 37‬في مقابؿ ‪6‬ر‪85‬‬
‫ألؼ طف فقط في ‪ )93( .8929‬مف البدييي أف زيادة إنتاج األحذية الجمدية في نفس الوقت الذي يقؿ فيو عرض الجمد كاف يحتاج‬
‫إلى ما ال يقؿ عف معجزة بالنسبة لمجوارب‪ ،‬ىناؾ واقعة عمى درجة قصوى مف األىمية ميممة‪ :‬كانت غالبية الجوارب تنتج بواسطة‬
‫حرفييف‪ .‬أما بالنسبة لمورؽ‪ ،‬فقد زاد الناتج زيادة ىائمة ببل شؾ‪ ،‬نظ ار الحتياجات الدعاية الحكومية‪ ،‬واحتياجات اإلدارة واالحتياجات‬
‫الثقافية المرتبطة بالتصنيع‪.‬‬
‫يصبح خضوع االستيبلؾ لمتراكـ واضحا بدرجة كافية إذا وضعنا جنبا إلى جنب سمسمة الناتج المستيدؼ مف السمع‬
‫االستيبلكية في الخطط الخمسية المختمفة‪ ،‬وسمسمة الناتج المستيدؼ مف السمع اإلنتاجية‪ .‬سيتضح أف الحكومة السوفيتية في حيف‬

‫تعد بزيادة في إنتاج وسائؿ االستيبلؾ مع كؿ خطة خمسية‪ ،‬فإنيا تحدد اليدؼ الفعمي لمخطة عند حجـ مف اإلنتاج ال يتجاوز‬
‫المستيدؼ في الخطط السابقة‪ ،‬يظير ىذا بوضوح في الجدوؿ التالي‪)92( :‬‬
‫أىداؼ اإلنتاج عند نياية الخطط الخمسية‬
‫الخامسة‬ ‫الرابعة‬ ‫الثالثة‬ ‫الثانية‬ ‫الخطة األولى‬ ‫بعض وسائل االستيالك‬

‫‪6.8‬‬ ‫‪9.7‬‬ ‫‪9.9‬‬ ‫‪5.8‬‬ ‫‪9.7‬‬ ‫سمع قطنية(ألؼ مميوف متر)‬
‫‪357.1‬‬ ‫‪859.1‬‬ ‫‪877.1‬‬ ‫‪337.1‬‬ ‫‪371.1‬‬ ‫سمع صوفية(مميوف متر)‬
‫‪285.1‬‬ ‫‪611.1‬‬ ‫‪511.1‬‬ ‫كتاف (مميوف متر)‬
‫‪581.1‬‬ ‫‪735.1‬‬ ‫جوارب(مميوف زوج)‬
‫‪288.1‬‬ ‫‪391.1‬‬ ‫‪358.1‬‬ ‫‪881.1‬‬ ‫‪81.1‬‬ ‫أحذية(مميوف زوج)‬
‫‪871.1‬‬ ‫‪935.1‬‬ ‫‪8111.1‬‬ ‫صابوف (ألؼ طف)‬
‫‪9.2‬‬ ‫‪3.9‬‬ ‫‪2.5‬‬ ‫‪3.5‬‬ ‫‪3.6‬‬ ‫سكر(مميوف طف)‬
‫‪8791.1‬‬ ‫‪829.1‬‬ ‫‪8111.1‬‬ ‫‪911.1‬‬ ‫ورؽ (ألؼ طف)‬
‫‪8273.1‬‬ ‫‪881.1‬‬ ‫‪851.1‬‬ ‫‪751.1‬‬ ‫‪8811.1‬‬ ‫زيت خضار(ألؼ طف)‬
‫بعض وسائل اإلنتاج‬
‫‪5‬ر‪863‬‬ ‫‪1‬ر‪83‬‬ ‫‪1‬ر‪75‬‬ ‫‪1‬ر‪22‬‬ ‫‪1‬ر‪33‬‬ ‫تيار كيربائي (مميار كيموات ‪ /‬ساعة)‬
‫‪1‬ر‪273‬‬ ‫‪1‬ر‪351‬‬ ‫‪1‬ر‪392‬‬ ‫‪5‬ر‪853‬‬ ‫‪1‬ر‪75‬‬ ‫فحـ مميوف طف‬
‫‪8‬ر‪29‬‬ ‫‪5‬ر‪89‬‬ ‫‪1‬ر‪33‬‬ ‫‪9‬ر‪87‬‬ ‫‪1‬ر‪81‬‬ ‫حديد خاـ (مميوف طف)‬
‫‪3‬ر‪99‬‬ ‫‪9‬ر‪35‬‬ ‫‪1‬ر‪38‬‬ ‫‪1‬ر‪87‬‬ ‫‪9‬ر‪81‬‬ ‫حديد صمب(مميوف طف)‬
‫‪9‬ر‪69‬‬ ‫‪9‬ر‪2‬‬ ‫‪1‬ر‪59‬‬ ‫‪8‬ر‪96‬‬ ‫‪7‬ر‪38‬‬ ‫نفط (مميوف طف)‬
‫ومع ذلؾ‪ ،‬فإف الحكومة الروسية عندما تفاخر بأنيا في عاـ ‪ 8951‬ستصؿ إلى مستوى ‪7‬ر‪ 9‬مميار متر مف السمع‬
‫القطنية‪ ،‬فإف كونيا قطعت عمى نفسيا نفس الوعد قبؿ عشريف عاما ‪ -‬عندما كاف عدد السكاف في االتحاد السوفيتي أقؿ مما ىو‬
‫عميو اآلف بحوالي خمسيف مميوف شخص ‪ -‬ال تشعر بالحرج‪ ،‬إذ أف الشرطة والدعاية يتعاوناف معا في جعؿ الذاكرة ناقصة مثميا‬
‫مثؿ السمع‪.‬‬
‫واذا انتقمنا لئلنتاج الفعمي‪ ،‬فإننا ال نجد فقط أف األىداؼ بالنسبة لمسمع االستيبلكية أكثر تواضعا بكثير منيا بالنسبة‬
‫لمسمع الرأسمالية‪ ،‬ولكننا نجد أيضا ( وفقا لؤلرقاـ الرسمية أيضا) أف معدؿ تحقيؽ ىذه األىداؼ أقؿ بكثير في األولى عنو في‬
‫األخيرة‪.‬‬
‫النسبة المئوية لتحقيؽ الزيادة المستيدفة في الخطط الخمسية األولى والثانية والرابعة (‪)99‬‬
‫الرابعة‬ ‫الثانية‬ ‫األولى‬ ‫وسائل اإلنتاج‬

‫‪883.9‬‬ ‫‪78.5‬‬ ‫‪37.2‬‬ ‫الفحـ‬

‫‪859.5‬‬ ‫‪22.6‬‬ ‫‪817.8‬‬ ‫النفط الخاـ‬
‫‪839.6‬‬ ‫‪92.5‬‬ ‫‪99.8‬‬ ‫الكيرباء‬
‫‪97.8‬‬ ‫‪82.8‬‬ ‫‪92.2‬‬ ‫الحديد الخاـ‬
‫‪836.8‬‬ ‫‪816.9‬‬ ‫‪39.9‬‬ ‫الصمب‬
‫‪862.8‬‬ ‫‪811.1‬‬ ‫‪89.2‬‬ ‫الصمب األسطواني‬
‫‪95.7‬‬ ‫‪99.8‬‬ ‫‪26.2‬‬ ‫األسمنت‬
‫الرابعة‬ ‫الثانية‬ ‫األولى‬ ‫وسـائل االستيالك‬

‫‪8.8‬‬ ‫‪36.0‬‬ ‫‪3.0‬‬ ‫سمع قطنية‬
‫‪666.3‬‬ ‫‪60.6‬‬ ‫‪3 ,3‬‬ ‫سمع صوفية‬
‫‪83.3‬‬ ‫‪26.6‬‬ ‫أحذية‬
‫‪72.3‬‬ ‫‪52.6‬‬ ‫‪32.2‬‬ ‫ورق وكرتون‬
‫‪--‬‬ ‫‪25.4‬‬ ‫‪6.6‬‬ ‫كبريت‬
‫‪96.7‬‬ ‫‪26.7‬‬ ‫‪36.9‬‬ ‫صابون‬
‫تراكـ رأس الماؿ مف ناحية والفقر مف الناحية األخرى‪:‬‬
‫حتى عاـ‪ ، 8938‬ورغـ تزايد البقرطة‪ ،‬إال أف التراكـ البطيء لمثروة في االقتصاد المييمف عميو مف قبؿ الدولة لـ يصحبو‬
‫نمو في الفقر‪ ،‬كما يوضح الجدوؿ التالي‪:‬‬
‫رأسماؿ الصناعة كبيرة الحجـ‬
‫األجور الحقيقية(‪)96‬‬ ‫السنة‬ ‫مؤشر ‪811=8938‬‬ ‫أسعار‪ )95( 37/36‬مميوف روبؿ‬ ‫السنة‬
‫‪811.1‬‬ ‫‪8982‬‬ ‫‪811.8‬‬ ‫‪7921‬‬ ‫‪8938‬‬
‫‪97.2‬‬ ‫‪8932/33‬‬ ‫‪811.8‬‬ ‫‪7925‬‬ ‫‪8933‬‬
‫‪69.8‬‬ ‫‪8939/32‬‬ ‫‪811.5‬‬ ‫‪7969‬‬ ‫‪8932‬‬
‫‪85.7‬‬ ‫‪8935/39‬‬ ‫‪818.8‬‬ ‫‪8186‬‬ ‫‪8939‬‬
‫‪96.7‬‬ ‫‪8936/35‬‬ ‫‪813.8‬‬ ‫‪8815‬‬ ‫‪8935‬‬
‫‪818.9‬‬ ‫‪8937/36‬‬ ‫‪885.9‬‬ ‫‪9858‬‬ ‫‪8937‬‬
‫‪888.8‬‬ ‫‪8938/37‬‬ ‫‪839.8‬‬ ‫‪9898‬‬ ‫‪8938‬‬
‫‪885.6‬‬ ‫‪8939/38‬‬

‫ىكذا‪ ،‬فإنو حتى وفؽ حسابات األستاذ بروكوبوفتش‪ ،‬وزير سابؽ في حكومة كيرنسكي ال يمكف أف يتيمو أحد بالميؿ‬
‫لمببلشفة‪ ،‬فإف األجور الحقيقية لمعماؿ الروس في ‪ 8939 - 8938‬كانت أعمى بػ ‪6‬ر‪ %85‬مما كانت عميو قبؿ الحرب‪ .‬في‬
‫الوقت نفسو خفضت ساعات العمؿ بنسبة ‪2‬ر‪ .%33‬واذا أخذنا أيضا الخدمات االجتماعية في الحسباف‪ ،‬فإف الزيادة في األجور‬
‫الحقيقية تكوف أعمى مف ذلؾ‪ .‬نقطة أخرى يمقي ىذا الجدوؿ الضوء عمييا في أنو في السنوات القميمة األخيرة قبؿ بداية الخطة‬
‫الخمسية‪ ،‬حيث قوت البيروقراطية نفسيا‪ ،‬فقد كانت األجور الحقيقية تتوقؼ عف النمو‪ ،‬وتمكأ معدؿ الزيادة قميبل عف معدؿ التراكـ‪.‬‬
‫اختمؼ الوضع جذريا مع افتتاح الخطة‪ ،‬فمنذ ذلؾ التاريخ فصاعدا‪ ،‬قفز التراكـ إلى األماـ بشكؿ ىائؿ‪ ،‬في حيف أف‬
‫مستوى معيشة الجماىير لـ يتخمؼ فحسب عف معدؿ التراكـ‪ ،‬بؿ انو انخفض بشكؿ مطمؽ بالمقارنة بعاـ ‪ .8938‬الجدوؿ التالي‬
‫يوضح معدؿ التراكـ‪)97( :‬‬
‫استثمار رأس الماؿ(ألؼ مميوف روبؿ جاري)‬
‫في الصناعة‬ ‫اإلجمالي‬

‫‪9‬ر‪9‬‬ ‫‪5‬ر‪36‬‬ ‫‪8938/37 - 8939/32‬‬
‫‪8‬ر‪39‬‬ ‫‪5‬ر‪53‬‬ ‫‪8923- 8939/38‬‬
‫‪6‬ر‪58‬‬ ‫‪7‬ر‪889‬‬ ‫‪8927-8922‬‬
‫‪9‬ر‪888‬‬ ‫‪.‬ر‪893‬‬ ‫‪( 8993 -8928‬الخطة)‬
‫‪2‬ر‪351‬‬ ‫‪( 8951 -8996‬الخطة)‬
‫حتى لو أخذنا في االعتبار انخفاض سعر الروبؿ خبلؿ ىذه السنوات فإف نظرة سريعة عمى ىذا الجدوؿ توضح أف تراكما‬
‫ىائبل لرأس الماؿ قد حدث‪ .‬بأسعار عاـ‪ ،8922‬كاف رأس الماؿ الثابت لمصناعة الروسية ‪2‬ر‪ 81‬مميار روبؿ في ‪ 8938‬وارتفع‬
‫إلى ‪6‬ر‪ 33‬مميار روبؿ في ‪ 8923‬و ‪9‬ر‪ 59‬مميار روبؿ في ‪)98( .8927‬‬
‫منذ عاـ‪ ،8938‬توقفت السمطات الروسية عف نشر مؤشر األجور ومؤشر نفقات المعيشة‪ ،‬ومنذ عاـ‪ ،8928‬أسعار‬
‫الجممة أو التجزئة‪ .‬مف الصعب جدا‪ ،‬إذف‪ ،‬حساب التغيرات في مستوى األجور الحقيقية‪ .‬جميع األدلة المتاحة تشير مع ذلؾ‪ ،‬إلى‬
‫أف المستوى‪ ،‬إجماال‪ ،‬لـ يرتفع منذ إدخاؿ الخطط‪ ،‬ىكذا‪ ،‬مثبل‪ ،‬فإف القوة الشرائية لؤلجور المتوسطة محسوبة بالنسبة لمطعاـ تغيرت‬
‫عمى النحو التالي‪)99( :‬‬
‫المؤشػر‬ ‫عدد "سبلت الطعاـ" لؤلجر الشيري‬ ‫السنة‬

‫‪811‬‬ ‫‪7‬ر‪2‬‬ ‫‪8982‬‬
‫‪9‬ر‪858‬‬ ‫‪6‬ر‪5‬‬ ‫‪8938‬‬
‫‪7‬ر‪839‬‬ ‫‪8‬ر‪9‬‬ ‫‪8923‬‬
‫‪9‬ر‪58‬‬ ‫‪9‬ر‪8‬‬ ‫‪8925‬‬
‫‪9‬ر‪69‬‬ ‫‪9‬ر‪3‬‬ ‫‪8927‬‬
‫‪8‬ر‪59‬‬ ‫‪1‬ر‪3‬‬ ‫‪8991‬‬

‫ىذا الحساب لمتغيرات في القوى الشرائية لؤلجور معبر عنيا في الطعاـ‪ ،‬تؤكدىا إحصائيات متوسط االستيبلؾ الفعمي‬
‫لمفرد مف السكاف لبعض المواد الغذائية‪.‬‬
‫متوسط االستيبلؾ السنوي مف الحميب والمحوـ لمفرد مف السكاف (بالكيموجراـ) (‪)811‬‬
‫المحوـ‬ ‫الحميب‬
‫المديني‬ ‫الريفي‬ ‫اإلجمالي‬ ‫المديني‬ ‫الريفي‬ ‫اإلجمالي‬ ‫السنة‬
‫‪39.8‬‬ ‫‪33.6‬‬ ‫‪37.5‬‬ ‫‪388‬‬ ‫‪828‬‬ ‫‪889‬‬ ‫‪8938-37‬‬
‫‪38.8‬‬ ‫‪81.2‬‬ ‫‪82.5‬‬ ‫‪85‬‬ ‫‪888‬‬ ‫‪815‬‬ ‫‪8923‬‬
‫‪35.5‬‬ ‫‪8.5‬‬ ‫‪89.5‬‬ ‫‪899‬‬ ‫‪836‬‬ ‫‪823‬‬ ‫‪8927‬‬
‫المقارنة بيف استيبلؾ المحوـ‪ ،‬مثبل‪ ،‬في االتحاد السوفيتي عاـ ‪ 8928‬باستيبلكيا في ألمانيا وفرنسا أثناء العقود األخيرة‬
‫مف القرف التاسع عشر تظير التدىور المريع الذي حدث في استيبلؾ الطعاـ في االتحاد السوفيتي‪ .‬في عاـ ‪ 8898‬تراوح استيبلؾ‬
‫المحوـ في برليف بيف ‪ 821‬و ‪ 851‬رطبل (‪68‬و ‪ 68‬كيموجراما) لمفرد‪ ،‬وفي بريسمو بمغ المتوسط ‪ 86‬رطبل (‪29‬كيموجراما لمفرد في‬
‫‪ .8889 - 8881‬أظيرت فرنسا الحالة اآلتية في ‪ :8853‬في باريس كاف االستيبلؾ ‪28‬ر‪ 79‬كيموجراما‪ ،‬وفي المدف األخرى‬
‫‪ 58.87‬كيموجراما‪ ،‬وفي القرى ‪89‬ر‪ 38‬كيموجراما ‪ ،‬وفي فرنسا ككؿ‪5.‬ر‪ 22‬كيموجراما‪)818( .‬‬
‫بالنسبة الستيبلؾ بعض السمع االستيبلكية الصناعية‪ ،‬تـ جمع المعمومات اآلتية مف مصادر سوفيتية‪.‬‬
‫مقيما حساباتو عمى أساس األرقاـ الرسمية إلنتاج السمع القطنية واألحذية‪ ،‬وما ذكره فوزنيسينسؾ عف النسبة التي يأخذىا‬
‫الجيش والكساء الميني وما إلى ذلؾ‪ )813(،‬يصؿ جاسني إلى النتيجة التالية فيما يتعمؽ باالستيبلؾ المدني ليذه السمع‪:‬‬
‫كمية السمع القطنية المتاحة لبلستيبلؾ الخاص انخفضت مف ‪3‬ر‪ 85‬مت ار لمفرد في عاـ ‪ ،8938/37‬إلى أقؿ مف ‪81‬‬
‫أمتار في‪ )812( ،8991‬ورغـ أف عدد األحذية المتاحة لمفرد زاد مف ‪91‬ر‪ 1‬زوجا في ‪ 8938 - 37‬إلى ‪82‬ر‪ 1‬زوجا في‪،8991‬‬
‫إال أف نفس الفترة شيدت تدىو ار شديدا في نوعية األحذية نظ ار لنقص الجمد‪ )819( ،‬متوسط استيبلؾ الفرد مف السمع الصوفية‪،‬‬
‫بعد استبعاد النسبة التي تذىب لمجيش والكساء الميني وما إلى ذلؾ‪ ،‬كانت ‪66‬ر‪ 1‬مت ار في‪ ،8939‬و ‪65‬ر‪ 1‬مت ار في‪ ،8927‬ومف‬
‫السكر (الخاـ)‪5 ،‬ر‪ 8‬كيموجراما في ‪ 8939‬و ‪7‬ر‪ 89‬كيموجراما في ‪.)815( 8927‬‬
‫يستطيع المرء أف يرى كـ ىي منخفضة ىذه األرقاـ‪ ،‬بإلقاء نظرة سريعة عمى أرقاـ ناتج السمع االستيبلكية في ببلد‬
‫أخرى‪ :‬في بريطانيا‪ ،‬في نفس السنة‪ ،8927 ،‬بمغ اإلنتاج ‪ 61‬مت ار مربعا مف السمع القطنية‪ ،‬و ‪9‬ر‪ 7‬مت ار مف السمع الصوفية‪،‬‬
‫و‪3‬ر‪ 3‬زوجا مف األحذية الجمدية‪ ،‬لمفرد‪ .‬في مواجية وقائع صمبة كيذه‪ ،‬يستطيع المرء أف يفترض أف كويبيشيؼ‪ ،‬الرئيس السابؽ‬
‫لييئة التخطيػط ‪ ،‬كاف رائؽ المزاج عندما أعمف أماـ المؤتمر السابع عشر لمحزب (يناير‪:)8923‬‬

‫نعتقد أنو مف الضروري جدا ضماف حدوث زيادة في الناتج مف الطعاـ والصناعات الخفيفة والزراعة‪ ،‬في الخطة الخمسية‬
‫الثانية‪ ،‬يسمح بأف يتضاعؼ مستوى االستيبلؾ بما ال يقؿ عف مرتيف أو ثبلث مرات‪ .‬الحساب التقريبي لمستوى االستيبلؾ في‬
‫‪ 8927‬يسمح لنا بتأكيد أف االتحاد السوفيتي في ىذه السنة سيكوف‪ ،‬فيما يتعمؽ بمستوى االستيبلؾ‪ ،‬البمد األكثر تقدما في العالـ‪.‬‬
‫(‪)816‬‬
‫إال أف أقصى تعبير عف خضوع مستوى معيشة العماؿ الحتياجات تراكـ رأس الماؿ نراه في ظروؼ اإلسكاف الخاصة‬
‫بالشعب الروسي‪ .‬لـ تتحقؽ أبدا خطط الحكومة والتعاونيات لبناء المساكف منذ إدخاؿ الخطط الخمسية‪ ،‬كما يوضح الجدوؿ التالي‪:‬‬
‫(‪)817‬‬
‫النسبة المئوية‬ ‫المتحقؽ‬ ‫المستيدؼ‬ ‫اإلسكاف‬

‫لمتحقيؽ‬ ‫(مميوف متر مربع)‬
‫‪%93.6‬‬ ‫‪6‬ر‪33‬‬ ‫‪52‬‬ ‫الخطة الخمسية األولى‬
‫‪%92.9‬‬ ‫‪8‬ر‪36‬‬ ‫‪9‬ر‪68‬‬ ‫الخطة الخمسية الثانية‬
‫قطعت الحرب الخطة الخمسية الثالثة‪ ،‬ومف ثـ فمف الصعب تقدير مقدار تحقؽ ىدؼ اإلسكاف‪.‬‬
‫في نفس الوقت‪ ،‬نما سكاف المدف بسرعة شديدة‪ .‬مف المؤكد‪ ،‬إذف‪ ،‬أف ىذا الفشؿ في إنجاز أىداؼ بناء المساكف يعنى أف‬
‫متوسط المساحة السكنية لمفرد بالنسبة لسكاف المدف قد انخفض حتى عف المستوى الضئيؿ لعاـ ‪)818( :8938‬‬

‫مساحة المعيشة في المدف*‬
‫نصيب الفرد (متر مربع)‬ ‫اإلجمالية (مميوف متر مربع)‬ ‫سكاف المدف (مميوف)‬ ‫السنة‬
‫‪3‬ر‪6‬‬ ‫‪9‬ر‪888‬‬ ‫‪9‬ر‪88‬‬ ‫‪8932‬‬
‫‪8‬ر‪6‬‬ ‫‪3‬ر‪861‬‬ ‫‪2‬ر‪36‬‬ ‫‪8938-37‬‬
‫‪66‬ر‪9‬‬ ‫‪8‬ر‪885‬‬ ‫‪7‬ر‪29‬‬ ‫‪8923‬‬
‫‪5‬ر‪9‬‬ ‫‪9‬ر‪883‬‬ ‫‪3‬ر‪51‬‬ ‫‪8927‬‬
‫‪1‬ر‪9‬‬ ‫‪1‬ر‪335‬‬ ‫‪9‬ر‪55‬‬ ‫‪8929‬‬
‫* ىذه المساحة ال تتضمف المطبخ والحماـ والمدخؿ‪ ،‬الخ‪.‬‬
‫المساحة المعيشية المتوفرة عمى مدى الفترة التي يغطييا الجدوؿ كانت أقؿ بكثير مف الحد األدنى النموذجي لموقاية‬
‫الصحية الذي يبمغ‪ ،‬وفقا لتصريح رسمي في عاـ‪35 ،8997‬ر‪ 8‬مت ار مربعا‪)819( .‬‬
‫كانت المساحة السكنية لمفرد في ‪ 8999‬في بعض الببلد األخرى كاآلتي‪:‬‬
‫الدنمرؾ ‪ 38‬مت ار مربعا‪ ،‬ايرلندا‪ ،87‬السويد‪ ،32‬بمجيكا‪ ،85‬فرنسا‪ ،32‬اليوناف (تقديرية) ‪ ،86‬ايطاليا‪)881( .83‬‬
‫يمكف تكويف فكرة عما تعنيو مساحة معيشية تعادؿ أربعة أمتار مربعة عف طريؽ مبلحظة أف الحد األدنى المسموح بو‬
‫في العمارات الجديدة في بريطانيا يتراوح بيف ‪ 551‬و ‪ 951‬قدما مربعا (‪ ،)888‬أو حوالي ‪ 58‬إلى ‪ 88‬مت ار مربعا‪.‬‬
‫واالنخفاض في متوسط مساحة األرضية لمفرد أكثر وضوحا في موسكو ولينينجراد والمراكز الصناعية المقامة حديثا عنو‬
‫في غيرىا‪ .‬إف مقاال في "األنباء السوفيتية" يمتدح ظروؼ اإلسكاف السوفيتية‪ ،‬يقوؿ عف موسكو‪" :‬يمكف أخذ فكرة عف تقدـ االتحاد‬
‫السوفيتي في اإلسكاف مف مثاؿ موسكو‪ ،‬التي ىي نموذج يحتذي بو لجميع عواصـ العالـ األخرى في تنمية المدف الحديثة‪ ،‬فمنذ‬
‫حموؿ السمطة السوفيتية‪ ،‬تـ بناء ‪ 65‬مميوف قدـ مربع مف المساكف في موسكو‪ ،‬أو نصؼ حجـ ما تـ بناءه في المدينة طواؿ فترة‬
‫وجودىا قبؿ الثورة‪ .‬في كؿ عاـ تشيد موسكو حركة إنشائية متصاعدة" (‪ )883‬إال أف ما يفسد البيجة ‪ -‬وىو شيء تتجاىمو برقة‬
‫الرواية الرسمية ‪ -‬ىو أف سكاف موسكو قد زادوا بمقدار يفوؽ بمدى أبعد كثي ار الزيادة في المنشآت السكنية في عاـ ‪ .8983‬كاف‬
‫ىناؾ ‪6‬ر‪ 8‬مميوف ساكف‪ ،‬و ‪9‬ر‪ 88‬مميوف متر مربع مف المساحة السكنية‪ ،‬بمتوسط ‪9‬ر‪ 7‬مت ار مربعا لمفرد‪ ،‬في‪827 ،8929‬ر‪9‬‬
‫مميوف ساكف‪ ،‬و ‪9‬ر‪ 87‬مميوف متر مربع مف المساحة السكنية‪ ،‬بمتوسط ‪3‬ر‪ 9‬مت ار مربعا فقط لمفرد‪ ،‬وفي عاـ‪ ،8951‬ارتفع عدد‬
‫السكاف إلى ‪8‬ر‪ 5‬مميوف والمساحة السكنية إلى ‪6‬ر‪ 88‬مميوف متر مربع فقط‪ ،‬بمتوسط ‪65‬ر‪ 2‬مت ار مربعا لمفرد ال أكثر‪.‬‬
‫المنازؿ التي تـ بناؤىا في ظؿ الخطط كانت شديدة البدائية‪ .‬فمثبل‪ ،‬مف كؿ المنازؿ المدينية المبنية في عاـ‪ ،8925‬كاف‬
‫‪ %23‬ببل إمداد مف المياه‪ ،‬و ‪ %28‬ببل صرؼ صحي‪ ،‬و ‪7‬ر‪ %93‬ببل إمداد مف الغاز‪ ،‬و ‪7‬ر‪ %59‬ببل تدفئة مركزية‪)882( .‬‬
‫في عاـ‪ ، 8929‬في المنازؿ الجديدة التي تشرؼ عمييا سوفييتات المدف في االتحاد السوفيتي (والتي شممت معظـ أفضؿ المباني‬
‫أنابيب المياه‪5 ،‬ر‪ ،%61‬الصرؼ الصحي‪،‬‬ ‫السكنية)‪ ،‬كانت النسب المئوية لممساحة السكنية ذات المرافؽ اآلتية كاآلتي‪:‬‬

‫‪7‬ر‪ ،%92‬التدفئة المركزية‪5 ،‬ر‪ ،%87‬الضوء الكيربائي ‪8‬ر‪ ،%92‬الحمامات ‪7‬ر‪ )889( .%88‬تفتقد مدف بأكمميا المرافؽ‬
‫العامة األكثر أولية‪ .‬انو لمما يصدـ بالتأكيد‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬أف نكتشؼ أف الخطة الخمسية الرابعة شرعت في إدخاؿ الصرؼ‬
‫الصحي إلى ثبلث عشرة مدينة منيا أرشانجمسؾ (بعدد ‪ 388198‬مف السكاف في عاـ‪ ،)8929‬وتومسؾ (بعدد ‪ 898385‬مف‬
‫السكاف في نفس السنة)‪ ،‬واركوتسؾ (بيا ‪ 392281‬ساكف)‪ ،‬وخيرسوف (‪ )885( .)97886‬مف بيف ‪ 3259‬مدينة ومستوطنة‬
‫عمالية‪961 ،‬فقط كاف بيا أنابيب مياه‪ ،‬و ‪ 891‬كاف بيا صرؼ صحي‪ ،‬و ‪ 6‬كاف بيا إمداد غاز‪)886( .‬‬
‫ىذه ىي الوقائع التي "يستند" إلييا اإلعبلف الرسمي اآلتي "إف معدؿ وحجـ بناء المساكف في االتحاد السوفيتي ليس لو‬
‫مثيؿ في باقي العالـ"‪ ،‬كما يستند إلييا إعبلف مماثؿ صدر قبؿ ذلؾ بحوالي خمسة عشر عاما بأف "الظروؼ السكنية لعماؿ االتحاد‬
‫السوفيتي أفضؿ بما ال يقبؿ المقارنة منيا في أي دولة رأسمالية"‪)887( .‬‬
‫إف زعـ "األنباء السوفيتية" أف بناء المساكف في روسيا تخطى بناء المساكف في أي بمد آخر‪ ،‬يبعث عمى السخرية‪ ،‬كما‬
‫تبيف األرقاـ التالية‪ :‬في الستة عشر عاما بيف ‪ 8932‬و ‪ 8929‬كانت ىناؾ زيادة ب ‪6‬ر‪ 816‬مميوف متر مربع فقط في تسييبلت‬
‫اإلسكاف في مدف روسيا‪ ،‬في حيف أنو في إنجمت ار وويمز‪ ،‬في األربعة أعواـ ‪ 8938 - 8935‬وحدىا‪ ،‬تـ بناء مساحة سكنية ال تقؿ‬
‫عف ‪ 71‬مميػوف متر مربع‪)888( .‬‬
‫ىؿ مف الضروري تقديـ براىيف إضافية عمى أف تراكـ الثروة مف ناحية يعنى تراكـ الفقر مف ناحية أخرى؟‬
‫صناعة خاضعة لمحرب‬
‫مف الصعب جدا الوصوؿ إلى صورة واضحة عف حجـ الصناعات الحربية‪ .‬فأرقاـ الميزانية حوؿ الدفاع تعني القميؿ جدا‬
‫كما يظير مف المقارنة التالية بيف المقادير المخصصة لمدفاع والرفاىية االجتماعية ‪ -‬الثقافية (التعميـ‪ ،‬الصحة‪ ،‬اإلعداد البدني‪،‬‬
‫المعاشات‪ 1.‬الخ‪)889( ).‬‬
‫الرفاىية (االجتماعية والثقافية)‬ ‫الدفاع‬ ‫السنة‬

‫‪8‬ر‪82‬‬ ‫‪3‬ر‪8‬‬ ‫‪8925‬‬
‫‪1‬ر‪31‬‬ ‫‪9‬ر‪89‬‬ ‫‪8926‬‬
‫‪7‬ر‪35‬‬ ‫‪5‬ر‪87‬‬ ‫‪8927‬‬
‫‪2‬ر‪25‬‬ ‫‪3‬ر‪32‬‬ ‫‪8928‬‬
‫‪9‬ر‪27‬‬ ‫‪3‬ر‪29‬‬ ‫‪8929‬‬
‫‪9‬ر‪91‬‬ ‫‪8‬ر‪56‬‬ ‫‪8991‬‬
‫‪1‬ر‪81‬‬ ‫‪6‬ر‪72‬‬ ‫‪8996‬‬
‫‪1‬ر‪816‬‬ ‫‪2‬ر‪66‬‬ ‫‪8997‬‬
‫‪6‬ر‪815‬‬ ‫‪2‬ر‪66‬‬ ‫‪8998‬‬
‫‪1‬ر‪886‬‬ ‫‪3‬ر‪79‬‬ ‫‪8999‬‬
‫‪9‬ر‪886‬‬ ‫‪9‬ر‪83‬‬ ‫‪8951‬‬
‫‪9‬ر‪888‬‬ ‫‪9‬ر‪92‬‬ ‫‪8958‬‬

‫الحظ أنو في عاـ‪ ،8991‬قبيؿ الغزو النازي‪ ،‬كانت ميزانية الدفاع تزيد بمقدار يسير جدا فقط عف تمؾ المخصصة‬
‫لمرفاىية االجتماعية والثقافية‪ ،‬وأنيا في عاـ‪ ،8999‬عندما كانت الحرب الباردة‪ ،‬قد بدأت تحتدـ‪ ،‬كانت أقؿ‪ .‬إف ىذا غريب حقا‪.‬‬
‫بعض العوامؿ المساىمة في ىذه الظاىرة اإلحصائية المحضة ىي‪:‬‬
‫بعض نفقات و ازرة الداخمية تخدـ أغراضا عسكرية‪.‬‬
‫نفقات بناء مصانع الذخيرة‪ ،‬والمباني العسكرية‪ ،‬والثكنات وما إلى ذلؾ محسوبة ضمف ميزانيات و ازرات غير و ازرة الدفاع‪.‬‬
‫نفقات المدارس العسكرية محسوبة ضمف ميزانية و ازرة التعميـ‪.‬‬
‫إال أف كؿ ىذه العوامؿ‪ ،‬وعوامؿ أخرى مماثمة‪ ،‬ال تقطع سوى شوط قصير نحو تفسير ميزانية الدفاع الضئيمة‪ .‬التفسير‬
‫األساسي يتمثؿ في الرخص الشديد ‪ -‬المصطنع ‪ -‬لؤلسمحة‪ .‬فنتيجة لمضرائب االستبدالية الثقيمة عمى وسائؿ االستيبلؾ والدعـ‬
‫اليائؿ لمصناعات الثقيمة خصوصا التسميح‪ ،‬لذا فإف عبلقات األسعار بيف منتجات الصناعات الثقيمة ومنتجات باقي االقتصاد‬
‫مشوىة بشدة‪ .‬فالفحـ والصمب الذي يدخؿ في إنتاج اآلالت التي تنتج األسمحة‪ ،‬والفحـ والصمب الذي يدخؿ في اإلنتاج المباشر‬
‫لؤلسمحة ذاتيا‪ ،‬ونقؿ كؿ ىذه العناصر وما إلى ذلؾ‪ ،‬كؿ ىذا مدعوـ بشدة ىكذا فإف أسعار األسمحة تخفض بشكؿ تراكمي عف‬
‫طريؽ نظاـ الدعـ‪ .‬مادامت الضرائب االستبدالية تكوف حوالي ثمثي أسعار السمع االستيبلكية‪ ،‬وما داـ الدعـ‪ ،‬بطريؽ مباشر وغير‬
‫مباشر في األغمب يخفض سعر األسمحة إلى حوالي ثمث نفقات إنتاجيا الفعمية‪ ،‬فعمى المرء لكي يحصؿ عمى صورة سميمة‪ ،‬أف‬
‫يضرب سعر األسمحة في تسعة‪ ،‬ويقارف ىذا الرقـ برقـ السعر اإلجمالي لمسمع االستيبلكية (بما فييا الخدمات االجتماعية‬
‫والثقافية) ‪ .‬إذا لـ يفعؿ ذلؾ‪ ،‬فإف الصورة تظؿ بعيدة عف الواقع تماما‪ .‬فعمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬نصت خطة ‪ 8998‬عمى أف السعر‬
‫اإلجمالي لمنتجات جميع الصناعات الدفاعية يكوف ‪ 91211‬مميوف روبؿ‪ ،‬في حيف يكوف ىذا السعر ‪ 96111‬مميوف روبؿ بالنسبة‬
‫لصناعات النسيج‪ ،‬أي أعمى مف الصناعات العسكرية‪)831( .‬‬
‫رغـ كؿ ىذه الصعوبات‪ ،‬فإف لدينا بفضؿ األستاذ ـ‪ .‬جاردنر كبلرؾ بجامعة كورنؿ‪ ،‬صورة معقولة الدقة عف وزف إنتاج‬
‫األسمحة في االقتصاد الروسي‪.‬‬
‫معتمدا كميا عمى مصادر رسمية‪ ،‬قاـ األستاذ كبلرؾ بحصر مقدار الحديد والصمب المستخدـ في إنتاج الذخيرة مف الناتج‬
‫اإلجمالي ليذا المعدف في روسيا وكذلؾ المقدار المستخدـ منو في بناء مصانع الذخيرة‪ .‬يمخص الجدوؿ التالي نتائج بحثو‪)838(.‬‬

‫استيبلؾ صناعات الذخيرة في االتحاد السوفيتي لمحديد والصمب‬
‫‪( 8928 -8923‬بآالؼ األطناف المترية والنسب المئوية)‬
‫‪8928‬‬ ‫‪8927‬‬ ‫‪8926‬‬ ‫‪8925‬‬ ‫‪8929‬‬ ‫‪8922‬‬ ‫‪8923‬‬ ‫البند‬

‫أ)*‬
‫‪3‬ر‪9986‬‬ ‫‪8‬ر‪9189‬‬ ‫‪2‬ر‪3872‬‬ ‫‪9‬ر‪3667‬‬ ‫‪6‬ر‪3319‬‬ ‫‪8‬ر‪8278‬‬ ‫‪6‬ر‪8696‬‬ ‫‪-8‬إجمالي استيبلؾ‬
‫الذخيرة‬
‫‪5‬ر‪57‬‬ ‫‪8‬ر‪97‬‬ ‫‪9‬ر‪25‬‬ ‫‪.‬ر‪28‬‬ ‫‪3‬ر‪28‬‬ ‫‪6‬ر‪23‬‬ ‫‪9‬ر‪91‬‬ ‫‪-3‬الذخيرة كنسبة مئوية‬
‫مف صناعة اآلالت‬
‫‪3‬ر‪39‬‬ ‫‪3‬ر‪32‬‬ ‫‪9‬ر‪87‬‬ ‫‪2‬ر‪89‬‬ ‫‪5‬ر‪87‬‬ ‫‪5‬ر‪87‬‬ ‫‪8‬ر‪38‬‬ ‫‪-2‬الذخيرة كنسبة مئوية‬
‫مف مجموع البناء في‬
‫االتحاد السوفيتي‬
‫ب) **‬
‫‪8‬ر‪881‬‬ ‫‪1‬ر‪792‬‬ ‫‪5‬ر‪795‬‬ ‫‪8‬ر‪391‬‬ ‫‪9‬ر‪869‬‬ ‫‪6‬ر‪825‬‬ ‫‪2‬ر‪353‬‬ ‫‪-8‬استيبلؾ الذخيرة مف‬
‫أجؿ البناء‬
‫مف بناء مصانع اآلالت‬
‫مف مجموع البناء‬
‫* القسـ أ خاص بالذخيرة (المترجـ)‬
‫** القسـ ب خاص ببناء مصانع الذخيرة (المترجـ)‬
‫ىكذا‪ ،‬ففي تاريخ مبكر مثؿ عاـ‪ ،8923‬استيمكت الذخيرة ‪8‬ر‪ %38‬مف مجموع الحديد والصمب ‪ -‬وىي نسبة عالية جدا‪،‬‬
‫كما يتضح بمقارنتيا بنسبة ‪3‬ر‪ %39‬لعاـ‪ ،8928‬عندما كانت استعدادات الحرب عمى أشدىا‪ .‬استيمكت مصانع الذخيرة حوالي‬
‫نصؼ مجموع الحديد والصمب المستخدـ في بناء مصانع اآلالت وفي عاـ ‪ 8928‬كاف بناء مصانع اآلالت األخرى جميعا قد‬
‫توقؼ تقريبا‪ ،‬حيث وصمت حصة مصانع الذخيرة إلى ‪ %99.2‬مف إجمالي الحديد والصمب المستيمؾ في بناء تمؾ المصانع‪.‬‬
‫أخذت القوات المسمحة أيضا جزءا كبي ار مف ناتج السمع االستيبلكية‪ .‬ىكذا‪ ،‬فإف ف‪.‬ا‪ .‬فوزنيسينسكي ‪ -‬بوصفو رئيس ىيئة‬
‫التخطيط ‪ -‬ذكر أف ‪ %96‬فقط مف السمع القطنية المنتجة و ‪ %79‬فقط مف األحذية قد بيعت في السوؽ العاـ‪ ،‬في عاـ‪،8991‬‬
‫حيث ذىب الباقي بالكامؿ تقريبا عمى ما يبدو لمجيش (باستثناء قسما صغي ار يخصص إلنتاج مبلبس العمؿ لممصانع‪ ،‬والنقؿ‪ ،‬الخ)‬
‫(‪ .)833‬طواؿ فترة الخطط‪ ،‬تحتؿ صناعة السبلح مكانا حاسما في نظاـ روسيا االقتصادي‪.‬‬

‫إنتاجية العمل والعامل‬
‫إف االرتفاع في إنتاجية العمؿ في الدولة العمالية يجب أف يصحبو تحسف في ظروؼ العماؿ‪ .‬وكما قاؿ تروتسكي في‬
‫عاـ‪ ، 8938‬األجور الحقيقية" ينبغي أف تصبح المعيار األساسي لقياس نجاح التطور االشتراكي " إف "معيار الصعود االشتراكي‬
‫ىو التحسف الثابت في مستويات العماؿ"‪ .‬تعالوا نرى ماذا كانت العبلقة بيف ارتفاع إنتاجية العمؿ ومستوى معيشة العماؿ في‬
‫روسيا‪ .‬الجدوؿ التالي يشير إلى ىذه العبلقة(‪:)832‬‬
‫مؤشر عدد سبلت الطعاـ لمتوسط األجر الشيري (‪)839‬‬ ‫مؤشر إنتاجية العمؿ‬ ‫السنة‬
‫‪811‬‬ ‫‪811‬‬ ‫‪8982‬‬
‫‪9‬ر‪858‬‬ ‫‪1‬ر‪816‬‬ ‫‪8938‬‬
‫‪9‬ر‪69‬‬ ‫‪228.9‬‬ ‫‪8926‬‬
‫ىكذا‪ ،‬فحتى عاـ ‪ 8938‬لـ تك ف األجور أعمى مما كانت عميو قبؿ الحرب فقط‪ ،‬ولكنيا أيضا ارتفعت أكثر كثي ار مف‬
‫إنتاجية العمؿ‪ ،‬في الفترة بيف عاـ ‪ 8938‬و‪ ،8926‬في حيف أف إنتاجية العمؿ تضاعفت أكثر مف ثبلث مرات‪ ،‬فإف األجور‬
‫الحقيقية انخفضت في الواقع بأكثر مف ‪.%51‬‬
‫يمكف التوصؿ إلى نفس النتيجة بطريق ة أخرى بمقارنة مستوى اإلنتاجية في روسيا بمستواىا في الببلد األخرى مف ناحية‪،‬‬
‫ومستوى معيشة العماؿ الروس بمستوى معيشة العماؿ في الببلد األخرى مف الناحية األخرى‪ .‬في عاـ ‪ 8982‬كاف متوسط إنتاجية‬
‫العمؿ في الصناعة الػروسية حوالي ‪ %35‬مما ىي عميو في الواليات المتحدة األمريكية‪ %25 ،‬مما ىي عميو في ألمانيا‪ ،‬و ‪%91‬‬
‫مما ىي عميو في بريطانيا‪ .‬وجدت لجنة تابعة لييئة التخطيط (الجوسببلف) ‪ -‬أنشئت عاـ ‪ 8927‬لبحث إنتاجية العمؿ في‬
‫الصناعة الروسية ‪ -‬وجدت أنيا كانت ‪5‬ر‪ %91‬مف اإلنتاجية في الصناعة األمريكية‪ ،‬و ‪ %97‬مف اإلنتاجية في ألمانيا (‪.)835‬‬
‫ىناؾ مبرر الفتراض أف ىػذا الحساب مبالغ فيو‪ ،‬وأف إنتاجية العمؿ في الصناعة الروسية في عاـ ‪ 8927‬كانت حوالي ‪ %21‬منيا‬
‫في الواليات المتحدة‪ ،‬و‪ % 71‬منيا في ألمانيا‪ ،‬وحوالي نفس النسبة مف اإلنتاجية في بريطانيا‪ .‬إف شرحا مفصبل لكيفية وصولنا ليذا‬
‫االستنتاج كاف سيك وف طويبل جدا‪ .‬ولكف حيث أف نتائج لجنة ىيئة التخطيط ال تبطؿ حجتنا‪ ،‬بؿ عمى العكس فيي تقوييا فقط‪ ،‬فإف‬
‫الرقـ الدقيؽ ذو أىمية ثانوية‪ 1.‬استئنافا لما كنا نقولو‪ ،‬ففي حيف ينتج العامؿ الروسي حوالي ‪ %71‬مما ينتجو العامؿ البريطاني‪،‬‬
‫فإف مستوى معيشتو أقؿ كثي ار جدا‪.‬‬
‫في الجدوؿ التالي نفترض أف العامؿ الروسي يكسب ‪ 511‬روبؿ في الشير‪ ،‬وىو متوسط األجر لكؿ موظفي الدولة (بما‬
‫فييـ البيروقراطية) المستيدؼ عند نياية الخطة الخمسية الرابعة في عاـ ‪ .8951‬مف ناحية أخرى‪ ،‬أخذنا كأساس لحساب األسعار‬
‫أسعار المنطقة‪ ،8‬التي يوجد بيا أرخص األسعار في روسيا‪ )836( 1‬بالنسبة لبريطانيا‪ ،‬أخذنا متوسط إيرادات العماؿ األسبوعية‬
‫عمى أنو ‪ 52‬جنييا إسترلينيا‪ )837( .‬أساس حساب األسعار ىو األرقاـ الرسمية المنشورة مف مجمس التجارة‪:‬‬

‫عدد الوحدات التي يستطيع متوسط األجور األسبوعية شراؤىا‬
‫بريطانيا‬ ‫روسيا‬ ‫الوحدة‬

‫‪7‬ر‪981‬‬ ‫‪7‬ر‪98‬‬ ‫رطؿ‬ ‫الخبز القمحي (درجة أولى)‬
‫‪-‬‬ ‫‪2‬ر‪62‬‬ ‫رطؿ‬ ‫الخبز القمحي (درجة ثانية)‬
‫‪-‬‬ ‫‪1‬ر‪98‬‬ ‫رطؿ‬ ‫الخبز الشيممي‬
‫‪837-79‬‬ ‫‪1‬ر‪9‬‬ ‫رطؿ‬ ‫لحـ البقر‬
‫‪3‬ر‪77‬‬ ‫‪8‬ر‪9‬‬ ‫رطؿ‬ ‫الزبد‬
‫‪3‬ر‪397‬‬ ‫‪88-57‬‬ ‫باينت *‬ ‫المبف‬
‫‪1‬ر‪983‬‬ ‫‪5‬ر‪88‬‬ ‫رطؿ‬ ‫السكر‬
‫‪2‬ر‪716‬‬ ‫‪885-83‬‬ ‫عدد‬ ‫البيض‬
‫‪9‬ر‪26‬‬ ‫‪6‬ر‪8‬‬ ‫رطؿ‬ ‫الشاي‬
‫‪3‬ر‪98‬‬ ‫‪9‬ر‪2‬‬ ‫رطؿ‬ ‫القيوة‬
‫‪3‬ر‪88‬‬ ‫‪9‬ر‪89‬‬ ‫باينت‬ ‫البيرة‬
‫‪1‬ر‪688‬‬ ‫‪1‬ر‪969‬‬ ‫عدد‬ ‫السجائر‬
‫‪5 -3‬ر‪9‬‬ ‫‪9‬ر‪1‬‬ ‫زوج‬ ‫أحذية الرجاؿ‬
‫‪.-8‬ر‪9‬‬ ‫‪9‬ر‪1‬‬ ‫زوج‬ ‫أحذية السيدات‬
‫‪8‬ر‪2 - 8‬ر‪3‬‬ ‫‪6‬ر‪1‬‬ ‫عدد‬ ‫جاكتات السيدات (نصؼ صوفية)‬
‫‪.-35‬ر‪37‬‬ ‫‪3‬ر‪86‬‬ ‫زوج‬ ‫جوارب‪ ،‬قطف السيدات‬
‫‪.-32‬ر‪35‬‬ ‫‪9‬ر‪8‬‬ ‫ياردة‬ ‫نسيج صيني‬
‫‪6‬ر‪5 - 1‬ر‪8‬‬ ‫‪2‬ر‪1‬‬ ‫عدد‬ ‫بدؿ رجالي‪ ،‬بصؼ واحدة مف األزرار (نصؼ صوفية)‬
‫‪3‬ر‪2 - 1‬ر‪1‬‬ ‫‪8‬ر‪1‬‬ ‫عدد‬ ‫بدؿ رجالي (صوؼ)‬
‫‪5‬ر‪9‬‬ ‫‪6‬ر‪3‬‬ ‫زوج‬ ‫أحذية مطاطية وقائية‬
‫‪5‬ر‪.- 2‬ر‪6‬‬ ‫‪3‬ر‪1‬‬ ‫عدد‬ ‫فساتيف قطنية‬
‫‪8‬ر‪8 - 1‬ر‪3‬‬ ‫‪6‬ر‪1‬‬ ‫عدد‬ ‫فساتيف صوفية‬
‫ر‪839‬‬ ‫‪1‬ر‪577‬‬ ‫عمب‬ ‫كبريت‬
‫‪859-812‬‬ ‫‪8‬ر‪38‬‬ ‫عدد‬ ‫أمشاط‪ ،‬زينة حريمي‬
‫‪6‬ر‪1‬‬ ‫‪83‬ر‪1‬‬ ‫عدد‬ ‫الحاكي‬
‫‪%87‬‬ ‫‪31‬ر‪1‬‬ ‫عدد‬ ‫أجيزة استقباؿ راديو(‪5‬صمامات)‬
‫‪2‬ر‪5 - 1‬ر‪1‬‬ ‫‪83‬ر‪1‬‬ ‫عدد‬ ‫ساعات يد‬
‫* مكياؿ لمسوائؿ يساوي ثمف جالوف إنجميزي أو ‪568‬ر‪ 1‬مف المتر (المترجـ)‬

‫إذا كانت إنتاجية العمؿ لمعامؿ في الصناعة الروسية حوالي أربعة أخماس إنتاجية العمؿ لمعامؿ في بريطانيا‪ ،‬في حيف‬
‫أف مستوى معيشتو يبمغ ربع أو ثمث مستوى العامؿ البريطاني‪ ،‬إال نستطيع أف نستنتج أنو لو كاف العامؿ البريطاني مستغبل فأخوه‬
‫الروسي مستغؿ أكثر؟ (مبلحظة‪ :‬كوف العامؿ الروسي اليوـ بالمقارنة بالعامؿ البريطاني اليوـ أسوأ حاال مف العامؿ الروسي في‬
‫ظؿ القيصر بالمقارنة بالعامؿ البريطاني في ىذا الوقت‪ ،‬يتضح مف مقارنة الجدوؿ السابؽ بالمبلحظة التالية لموريس دوب في‬
‫"روسيا القيصرية"‪ :‬متوسط األجر في المناجـ والمصانع في عاـ ‪ 8982‬عادة ما يقدر عمى أنو كاف بيف ‪ 35 - 31‬روبؿ في‬
‫الشير‪ ،‬أو ما يعادؿ ‪ 51 - 91‬شمف بالنقود اإلنجميزية وفقا لقوتيا الشرائية في ذلؾ الوقت (أي حوالي ‪ 82 - 81‬شمنا في‬
‫األسبوع) يمثؿ ىذا رقما أقؿ بعض الشيء مف نصؼ المستوى البريطاني وقتيا (موريس دوب‪ ،‬التنمية االقتصادية السوفيتية منذ‬
‫عاـ‪ ،8987‬لندف‪8998 ،‬ص‪.)59‬‬
‫نزع ممكية الفالحين‬
‫نزعت ثورة أكتوبر ممكية كبار المبلؾ والكنيسة والممكية‪ .‬لـ تنزع ممكية برجوازية الريؼ ‪ -‬الكوالؾ ‪ -‬وأثناء فترة السياسة‬
‫االقتصادية الجديدة‪ ،‬لـ يزدىر الكوالؾ القدماء فقط‪ ،‬بؿ برز كثيروف جدد مف صفوؼ متوسطي الفبلحيف‪ 1‬استغؿ الكوالؾ‬
‫باالشتراؾ مع التجار األفراد فقراء الريؼ‪ .‬استمرت الرأسمالية الفردية تحكـ الزراعة حتى عاـ‪ ،8938‬غير إف نظاـ المزارع الجماعية‬
‫بدؿ الوضع مف األساس‪ .‬لف نناقش أثر التجميع عمى التمايز الطبقي بيف المشتغميف بالزراعة‪ ،‬وانما سنتناوؿ السؤاؿ التالي فقط‪:‬‬
‫كيؼ أثر التجميع عمى الدخؿ اإلجمالي لمقطاع الزراعي لبلقتصاد؟ العامؿ األكثر أىمية الذي ينبغي تناولو عند اإلجابة عمى ىذا‬
‫السؤاؿ ىو تأثير التجميع عمى اقتصاد الدولة مف الزراعة‪ ،‬أي تأثيره عمى التسميـ اإلجباري‪ :‬ضرائب‪ ،‬سداد مبالغ مقابؿ العمؿ‬
‫الذي تقوـ بو محطات الج اررات اآللية والطواحيف الحكومية‪ .‬التسميمات اإلجبارية ىي ضرائب نوعية بالفعؿ إف لـ يكف باالسـ‪ ،‬ألف‬
‫األسعار المدفوعة لمكموخوز منخفضة لمغاية‪ .‬في عاـ‪ ،8925‬كاف السعر المحدد لمتسميـ اإلجباري لمشوفاف‪ ،‬الذي كانت الحكومة‬
‫تعيد بيعو بالتجزئة بسعر ‪ 55‬إلى ‪ 811‬كوبؾ لمكيموجراـ‪ 6 -9 ،‬كوبؾ لمكيموجراـ‪ .‬األرقاـ بالنسبة لمجاودار كانت ‪811 - 61‬‬
‫كوبؾ و ‪6‬ر‪ 9‬إلى ‪9‬ر‪ 6‬روبؿ عمى التوالي‪ .‬سعر التجزئة لمنشا (نوعية رديئة كاف ‪ 71 - 61‬ضعؼ السعر الذي كاف القمح‬
‫يشترى بو‪ )838( .‬السعر المدفوع في المنتجات الزراعية األخرى كاف شحيحا بالمثؿ ومنذ ذلؾ الوقت‪ ،‬أصبحت الفروؽ أكبر‪.‬‬
‫مازالت الحكومة تدفع لممنتجيف حوالي ‪ 81‬كوبؾ لمكيموجراـ مف القمح المسمـ‪ ،‬في حيف أنيا ‪ -‬منذ خريؼ عاـ ‪ - 8996‬تتقاضى‬
‫مف المستيمؾ ‪ 82‬روبؿ لمكيمو جراـ مف دقيؽ القمح (قد يصؿ المستخرج نسبة ‪ ،)%85‬أكثر مف مائة ضعؼ كمية الحبوب‪.‬‬
‫(‪)839‬‬
‫ثانيا‪ ،‬تحصؿ الدولة عمى نسبة مف اإلنتاج في صورة مدفوعات نوعية مقابؿ الخدمات التي تقدميا محطات الج اررات‬
‫اآللية‪ .‬وحيث أف محطات الج اررات اآللية تحتكر إمدادات المعدات الزراعية‪ ،‬فيي تتقاضى معدالت عالية مقابؿ استخداـ ىذه‬
‫المعدات‪.‬‬

‫يظير الجدوؿ التالي كيفية التصرؼ في الحبوب التي أنتجتيا الكولخوزات في عاـ ‪( 8928‬بالنسب المئوية)‪)821( :‬‬
‫‪1‬ر‪85‬‬ ‫تسميمات إجبارية‬

‫‪1‬ر‪86‬‬ ‫مدفوعات لمحطات الج اررات اآللية‬
‫‪1‬ر‪3‬‬ ‫سداد لقروض‬
‫‪8‬ر‪5‬‬ ‫مبيعات لمحكومة ولمسوؽ‬
‫‪6‬ر‪88‬‬ ‫مخصصات الحتياطي البذور‬
‫‪6‬ر‪82‬‬ ‫مخصصات الحتياطي العمؼ‬
‫‪8‬ر‪1‬‬ ‫احتياطي لمساعدة العاجزيف ورياض األطفاؿ‬
‫‪9‬ر‪36‬‬ ‫توزيع عمى األعضاء *‬
‫‪5‬ر‪3‬‬ ‫مخصصات مختمفة‬
‫* يتضمف ىذا ما يدفع لمجياز اإلداري وفقا لمقاؿ كتبو أ‪ .‬تيريافا‪" ،‬التقوية التنظيمية االقتصادية لمكولخوزات الموحدة"‪،‬‬
‫فويروسي ايكونوميكي‪ ،8951 ،‬عدد‪ ،83‬فإف المدفوعات لمجياز اإلداري ‪ -‬آخذا في االعتبار حجـ الكولخوز ‪ -‬كونت النسب‬
‫التالية مف مدفوعات جميع التروديونات‪ :‬الكولخوزات التي بيا ماال يزيد عف ‪ 31111‬تروديوف ‪ 25 - 31 ،%8‬ألؼ ‪25 ،%7‬‬
‫‪ 55 -‬ألؼ ‪ 75 - 55 ،%6‬ألؼ ‪ 811 - 75 ،%5‬ألؼ ‪ ،%9‬أكثر مف ‪ 811‬ألؼ ‪.%2‬‬
‫ليس ىذا فقط‪ ،‬بؿ إف الدولة أيضا ‪ -‬مرة أخرى ىذه ىي أرقاـ عاـ ‪ - 8928‬استولت عمى الحصص الضخمة التالية‪:‬‬
‫(‪)828‬‬
‫المجموع‬ ‫مدفوعات نوعية لمحطات الج اررات‬ ‫تسميمات إجبارية‬

‫‪7‬ر‪59‬‬ ‫‪1‬ر‪86‬‬ ‫‪7‬ر‪28‬‬ ‫بذور عباد الشمس‬
‫‪8‬ر‪99‬‬ ‫‪8‬ر‪87‬‬ ‫‪1‬ر‪83‬‬ ‫بنجر السكر‬
‫‪5‬ر‪98‬‬ ‫‪5‬ر‪87‬‬ ‫‪1‬ر‪88‬‬ ‫القطف‪ ،‬المروي‬
‫‪8‬ر‪95‬‬ ‫‪1‬ر‪5‬‬ ‫‪8‬ر‪91‬‬ ‫القطف‪ ،‬غير المروي‬
‫‪1‬ر‪21‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬ر‪21‬‬ ‫لحـ (‪)8927‬‬
‫‪1‬ر‪99‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪.‬ر‪99‬‬ ‫لبف ومنتجات ألباف(‪)8927‬‬
‫‪7‬ر‪59‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪7‬ر‪59‬‬ ‫صوؼ (‪)8927‬‬
‫يمكف مقارنة ىذه األرقاـ بالنصيب المتواضع لمكولخوزييف أنفسيـ مف إنتاج ما يسمى بمزارعيـ "الممموكة جماعيا"‬
‫(‪)823( :)8927‬‬

‫‪9‬ر‪25‬‬ ‫حبوب‬
‫‪1‬ر‪37‬‬ ‫بذور عباد الشمس‬
‫‪7‬ر‪2‬‬ ‫بذر الكتاف‬
‫‪6‬ر‪3‬‬ ‫كتاف‬
‫‪7‬ر‪85‬‬ ‫بذور القنب‬
‫‪9‬ر‪2‬‬ ‫القنب‬
‫‪9‬ر‪95‬‬ ‫بطاطس‬
‫‪6‬ر‪7‬‬ ‫لبف‬
‫‪6‬ر‪36‬‬ ‫زبد‬
‫‪8‬ر‪98‬‬ ‫لحـ ودىف‬
‫‪7‬ر‪7‬‬ ‫صوؼ‬
‫‪8‬ر‪25‬‬ ‫عسؿ‬
‫‪6‬ر‪36‬‬ ‫بيض‬
‫في نفس الوقت أجبر الكولخوزيوف عمى العمؿ أشؽ وأشؽ في المزارع الجماعية‪ ،‬كما يظير مف األرقاـ التالية‪)822( :‬‬
‫العدد المتوسط لمترودودنات * لمعائمة‬
‫دليؿ‬ ‫العدد‬ ‫السنة‬

‫‪1‬ر‪811‬‬ ‫‪357‬‬ ‫‪8923‬‬
‫‪5‬ر‪833‬‬ ‫‪285‬‬ ‫‪8922‬‬
‫‪9‬ر‪822‬‬ ‫‪259‬‬ ‫‪8929‬‬
‫‪8‬ر‪897‬‬ ‫‪278‬‬ ‫‪8925‬‬
‫‪8‬ر‪853‬‬ ‫‪292‬‬ ‫‪8926‬‬
‫‪7‬ر‪871‬‬ ‫‪928‬‬ ‫‪8927‬‬
‫‪1‬ر‪871‬‬ ‫‪927‬‬ ‫‪8928‬‬
‫* ترودودف ‪ -‬حرفيا‪ ،‬يوـ عمؿ‪ ،‬ولكف تستخدـ فعميا كوحدة مجردة لمعمؿ الكولوخوزي‪ .‬يوـ العمؿ غير الماىر يساوي‬
‫نصؼ ترودودف‪ ،‬يوـ العمؿ ألكثر ميارة عمى اإلطبلؽ يساوي ‪5‬ر‪ 3‬ترودودف‪.‬‬
‫أما فيما يتعمؽ بطوؿ يوـ العمؿ في الكولوخوز‪ ،‬فيو ليس أقصر مما كاف عميو في ظؿ القيصر‪ .‬في ذلؾ الوقت كاف يوـ‬
‫العمؿ يبمغ ‪ 89‬ساعة لمعماؿ الزراعييف‪ ،‬في حيف أنو كاف ‪ 88‬ساعة فقط بالنسبة لمخيوؿ و ‪ 81‬ساعات لمثيراف (‪.)829‬‬

‫يحدد مرسوـ حكومي صادر في أوؿ أغسطس ‪ 8991‬أف يوـ العمؿ في الكولخوزات والسوفخوزات ومحطات الج اررات‬
‫األىمية أثناء الحصاد ينبغي أف يبدأ في الخامسة أو السادسة صباحا وينتيي عند غروب الشمس‪ .‬ومرة أخرى‪ ،‬ذكر كتيب يصؼ‬
‫عمؿ رئيس كولخوز نموذجي بأف يوـ العمؿ في الربيع وفي وقت الحصاد كاف ‪ 85‬ساعة‪ ،‬ال تشمؿ أوقات الوجبات‪ )825( .‬يورد‬
‫كتيب روسي حديث الجداوؿ الزمنية التالية كنماذج‪:‬‬
‫بالنسبة لمغرس الربيعي وفترات الحصاد‪ ،‬يبدأ العمؿ في الرابعة صباحا‪ ،‬راحة لئلفطار مف الثامنة إلى التاسعة صباحا‪ ،‬راحة‬
‫لمعشاء مف الواحدة إلى الثالثة بعد الظير‪ ،‬عمؿ حتى العاشرة مساءا (‪)826‬‬
‫"بالنسبة لمحصاد‪ ،‬العمؿ مف ‪21‬ر‪ 5‬صباحا إلى‪1.‬ر‪ 9‬مساءا"‪( ،‬فترات الراحة غير معطاة)‪)827( .‬‬
‫رجاؿ اإلسطبؿ المعنيوف ب رعاية الخيؿ يبدو أف عمييـ أف يعمموا مف الخامسة صباحا إلى التاسعة مساءا‪ ،‬أو ربما حتى‬
‫منتصؼ الميؿ في الشتاء ومف الثالثة صباحا إلى العاشرة مساءا في الصيؼ‪)828( .‬‬
‫عامبلت معامؿ األلباف‪ :‬يبدأف العمؿ في الرابعة والنصؼ صباحا حتى الثامنة مساءا طواؿ العاـ‪ ،‬مع فترتي راحة لمدة‬
‫ساعة ونصؼ يوميا‪ ،) 829( .‬بؿ ويذكر فترات عمؿ أوسع ليف في مكاف آخر‪( .‬بالمناسبة فإف المعدؿ المطموب يقتضي أف تعمؿ‬
‫عامبلت معامؿ األلباف ‪ 265‬يوما في العاـ)‪)891( .‬‬
‫ساعات العمؿ في مزارع الخنازير مف الخامسة صباحا إلى الثامنة مساءا‪ ،‬مع فترتي راحة لمدة ساعتيف لكؿ منيما‪)898( .‬‬
‫مف الطريؼ مبلحظة أف لينيف في كتابو المسألة الزراعية في روسيا في نياية القرف التاسع عشر (‪ )8918‬كتب‪:‬‬
‫"والفبلحوف الذيف ال يمتمكوف خيوال أو يمتمكوف حصانا واحدا ‪ -‬أي الفبلحيف شديدي الفقر ‪ -‬يدفعوف عمى شكؿ ضرائب سبع‬
‫وعشر إجمالي نفقاتيـ عمى التوالي‪ .‬مف المشكوؾ فيو أف مدفوعات األقناف كانت عمى ىذا االرتفاع"‪ )893( .‬الكادحوف الزراعيوف‬
‫"في الوطف االشتراكي" يدفعوف أكثر مف ذلؾ كثي ار !‪.‬‬
‫نظاـ التجميع لـ يحوؿ فقط الذيف جاءوا إلى الصناعة إلى بروليتارييف‪ ،‬بؿ الذيف بقوا في الزراعة أيضا‪ .‬الغالبية العظمى‬
‫مف الزراعييف ىـ في الواقع ‪ -‬إف لـ يكف مف الناحية النظرية ‪ -‬أناس ال يمتمكوف وسائؿ إنتاج‪ ،‬بالفعؿ‪ ،‬إف لدينا مبررات أقؿ‬
‫إلطبلؽ اسـ مبلؾ لوسائؿ اإلنتاج عمى الزراعييف الروس اليوـ‪ ،‬مف مبررات إطبلقو عمى أقناف القرف التاسع عشر‪.‬‬
‫لقد أسفر نظاـ التجميع عف تحرير المنتجات الزراعية لتمبية احتياجات التنمية الصناعية‪" ،‬وتحرير" الفبلحيف مف وسائؿ‬
‫اإلنتاج‪ ،‬وتحويؿ قطاع منيـ إلى قوة عمؿ احتياطية لمصناعة وتحويؿ الباقيف إلى أشباه عماؿ وأشباه فبلحيف وأشباه أقناف في‬
‫الكولخوزات‪.‬‬
‫نتائج عامة مماثمة‪ ،‬واف تكف مختمفة في بعض الخصوصيات اليامة‪ ،‬حققتيا البرجوازية اإلنجميزية في القرنيف السادس‬
‫عشر والسابع عشر عف طريؽ طرد الفبلحيف مف األرض‪ .‬سمى ماركس ىذه العممية "التراكـ البدائي"‪( .‬العملية المرتبطة بنظام التجميع‬
‫مختلفة في نقطة جوىرية عن تلك التي حدثت في بريطانيا‪ .‬ففي بريطانيا خلق طرد الفالحين فائضا من المنتجات الزراعية التي بيعت في المدن‪ ،‬في روسيا تستولي‬
‫الحكومة على الغالبية العظمى من فائض المنتجات الزراعية كضرائب دون إعطاء أي شيء في المقابل‪ .‬المترجم")‬

‫كتب ماركس "تاريخ ىذا مكتوب في سجبلت تاريخ البشرية بالدماء والنار‪ )892( ،‬لقد سالت دماء أكثر غ ازرة بكثير أثناء‬
‫التراكـ البدائي في روسيا منيا في بريطانيا‪ .‬حقؽ ستاليف في بضع مئات مف األياـ ما أخذت بريطانيا بضع مئات مف السنيف‬
‫لتحقيقو‪ .‬النطاؽ الذي أنجزه عميو‪ ،‬والنجاح الذي القاه في إنجازه تبدو تافية أماميا تماما أعماؿ دوقة ثاذرالند‪ ،‬انيما يقدماف شيادة‬
‫دامغة عمى تفوؽ اقتصاد صناعي حديث ممركز في يد الدولة تحت قيادة بيروقراطية ال تعرؼ الرحمة‪.‬‬
‫لقد تحقؽ بالكامؿ تنبؤ إنجمز حوؿ مستقبؿ التراكـ البدائي في روسيا‪ ،‬واف يكف في ظروؼ مختمفة عما تخيؿ‪ .‬في خطاب‬
‫إلى دانييمسوف‪ ،‬بتاريخ ‪ 39‬فبراير ‪ 8892‬كتب إنجمز‪:‬‬
‫إف ظروؼ روسيا‪ ،‬كون يا آخر بمد تسيطر عميو الصناعة الرأسمالية الضخمة‪ ،‬وفي نفس الوقت البمد صاحب أكبر عدد مف‬
‫الفبلحيف البد أف تجعؿ االنقبلب الناتج عف ىذا التغيير االقتصادي أكثر حدة منو في أي مكاف آخر‪ .‬إف عممية استبداؿ حوالي‬
‫‪ 511‬ألؼ مف مبلؾ األراضي وحوالي ثمانية مبلييف فبلح بطبقة جديدة مف مبلؾ األراضي البرجوازييف ال يمكف إنجازىا إال في‬
‫ظؿ معاناة واضطرابات مخيفة‪ .‬لكف التاريخ ىو أكثر اآللية قسوة‪ ،‬اآللية التي تقود سيارتيا المنتصرة فوؽ أكواـ مف الجثث‪ ،‬ليس‬
‫فقط في الحرب‪ ،‬وانما أيضا في التنمية االقتصادية السممية " (‪)899‬‬
‫ضريبة المبيعات‬
‫منذ ‪ 8921‬كاف اإلسياـ الرئيسي في استثمار رأس الماؿ وفي الدفاع يأتي مف ضريبة المبيعات‪ .‬كما يكتب موريس‬
‫دوب‪ " :‬نستطيع حقا أف نعثر عمى عبلقات وثيقة تماما‪ ،‬كما قد يتوقع المرء‪ ،‬بيف الخط البياني الصاعد لئلنفاؽ عمى االستثمار‬
‫والدفاع طواؿ العقد‪ ،‬والدخؿ المتصاعد مف ضريبة المبيعات‪ .‬في ‪ 8923‬كاف الدخؿ مف ىذه الضريبة‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬أكثر قميبل مف‬
‫‪ 87‬مميارا‪ .‬الرقـ اإلجمالي لئلنفاؽ مف الميزانية عمى الدفاع وتمويؿ االقتصاد كاف ‪ 35‬مميارا‪ .‬في‪ ،8929‬كاف الرقماف عمى الترتيب‬
‫‪ 27‬و‪ ،27‬في‪ ،8928‬كانا ‪ 81‬و‪ ،75‬في‪ ،8929‬كانا ‪ 93‬و‪ ،811‬في‪ ،8991‬كانا ‪ 816‬و‪ ،882‬يقدر أنيما كانا ‪ 839‬و ‪899‬‬
‫(الفجوة المتسعة في ىذه السنة مغطاة تقريبا بزيادة الضرائب عمى األرباح)‪)895( .‬‬
‫ضريبة المبيعات أىـ مصادر دخؿ الدولة الروسية‪ .‬أنيا تمثؿ النسب التالية مف إجمالي دخؿ الحكومة (باستثناء‬
‫القروض)‪)896( :‬‬
‫‪2‬ر‪%69‬‬ ‫‪8929‬‬ ‫‪3‬ر‪%58‬‬ ‫‪8922‬‬ ‫‪5‬ر‪%58‬‬ ‫‪8923‬‬ ‫‪3‬ر‪%96‬‬ ‫‪8928‬‬

‫‪8‬ر‪%62‬‬ ‫‪8928‬‬ ‫‪9‬ر‪%69‬‬ ‫‪8927‬‬ ‫‪7‬ر‪%69‬‬ ‫‪8926‬‬ ‫‪5‬ر‪%69‬‬ ‫‪8925‬‬
‫‪2‬ر‪%25‬‬ ‫‪8999‬‬ ‫‪8‬ر‪%99‬‬ ‫‪8993‬‬ ‫‪7‬ر‪%58‬‬ ‫‪8991‬‬ ‫‪8‬ر‪%63‬‬ ‫‪8929‬‬
‫‪6‬ر‪%61‬‬ ‫‪8998‬‬ ‫‪8‬ر‪%63‬‬ ‫‪8997‬‬ ‫‪7‬ر‪%58‬‬ ‫‪8996‬‬ ‫‪8‬ر‪%91‬‬ ‫‪8995‬‬
‫‪8‬ر‪%57‬‬ ‫‪8958‬‬ ‫‪9‬ر‪%55‬‬ ‫‪8951‬‬ ‫‪8‬ر‪%58‬‬ ‫‪8999‬‬
‫وضريبة المبيعات شبيية بضريبة المشتريات البريطانية‪ ،‬حيث تفرض عمى السمع وقت التصنيع وعمى المشتريات‬
‫الحكومية اإلجبارية مف المنتجات الزراعية مف الفبلحيف‪ .‬أنيا متضمنة في سعر السمعة‪ ،‬وبالتالي مدفوعة بالكامؿ بواسطة‬
‫المستيمؾ‪ .‬تفرض الضريبة تقريبا فقط عمى المنتجات الزراعية وعمى صناعات السمع االستيبلكية‪ ،‬كما يظير مف الجدوؿ التالي‬
‫عف نسبة الصناعات المختمفة في الناتج اإلجمالي وفي دخؿ الحكومة مف ضريبة المبيعات عاـ ‪)897( :8929‬‬

‫النسبة المئوية مف دخؿ ضريبة المبيعات‬ ‫النسبة المئوية مف الناتج اإلجمالي‬ ‫قوميسارية‬
‫‪1‬ر‪8‬‬ ‫‪8‬ر‪2‬‬ ‫صناعة البتروؿ‬
‫‪2‬ر‪7‬‬ ‫‪5‬ر‪9‬‬ ‫صناعة المحوـ واأللباف‬
‫‪7‬ر‪39‬‬ ‫‪7‬ر‪88‬‬ ‫صناعة الغذاء‬
‫‪1‬ر‪82‬‬ ‫‪3‬ر‪81‬‬ ‫صناعة النسيج‬
‫‪6‬ر‪3‬‬ ‫‪9‬ر‪7‬‬ ‫الصناعة الخفيفة‬
‫‪9‬ر‪29‬‬ ‫‪5‬ر‪3‬‬ ‫المطموبات الزراعية‬
‫‪1‬ر‪5‬‬ ‫‪8‬ر‪61‬‬ ‫قوميساريات أخرى (خصوصا لمصناعة الثقيمة)‬
‫ىكذا نجد أنو في عاـ ‪ 8929‬كاف حوالي ‪ %91‬مف دخؿ ضريبة المبيعات مف ضرائب مفروضة عمى الطعاـ والسمع‬
‫االستيبلكية‪.‬‬
‫لما كانت ضريبة المبيعات ال تضاؼ إلى سعر البيع‪ ،‬وانما تدخؿ فيو مقدما‪ ،‬فإف ضريبة مبيعات ‪ ،‬مثبل ‪ %51‬ترفع‬
‫سعر السمعة فعميا بنسبة ‪ ،%811‬ضريبة مبيعات ‪ %75‬ترفع السعر ‪ ،%211‬وضريبة ‪ %91‬تسفر عف تضاعؼ السعر الفعمي‬
‫عشر مرات‪ .‬البد مف وضع ذلؾ في االعتبار عند دراسة األرقاـ المتعمقة بمعدؿ ضريبة المبيعات‪:)898( .‬‬
‫تاريخ اإلقرار لمضريبة‬ ‫النسبة المئوية‬ ‫السمعة‬

‫حبوب‪ ،‬أكرانيا (روبؿ ‪ -‬قنطار)‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪72.1‬‬ ‫قمح ناعـ‬
‫‪-‬‬ ‫‪79.1‬‬ ‫قمح خشف‬
‫‪-‬‬ ‫‪61.1‬‬ ‫شيمـ‬
‫أوؿ ابريؿ‪8991‬‬ ‫‪96.1‬‬ ‫شعير‬
‫‪-‬‬ ‫‪35.1‬‬ ‫شوفاف‬
‫‪-‬‬ ‫‪389.5‬‬ ‫قمح البقر ‪ -‬الحنطة السوداء (عمؼ)‬
‫‪39‬يناير‪8991‬‬ ‫‪63.1 - 98.1‬‬ ‫بطاطس (النسبة المئوية مف سعر التجزئة)‬
‫لحوـ (النسبة المئوية مف سعر التجزئة)‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪78 - 67‬‬ ‫لحـ البقر‬
‫‪-‬‬ ‫‪67-63‬‬ ‫عجؿ‪ ،‬خنزير‪ ،‬ضأف‬
‫‪-‬‬ ‫‪92-31‬‬ ‫الطيور الداجنة‬
‫‪39‬يناير‪8991‬‬ ‫‪69-51‬‬ ‫سجؽ‪ ،‬سجؽ ألماني‪ ،‬لحـ مدخف‬
‫أسماؾ (النسبة المئوية مف سعر التجزئة)‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪52-29‬‬ ‫األسماؾ ماعدا الرنجة‬
‫‪-‬‬ ‫‪51-25‬‬ ‫الرنجة القوقازي‬
‫‪81‬أبريؿ‪8991‬‬ ‫‪91‬‬ ‫كافيار‬

‫‪-‬‬ ‫‪51-5‬‬ ‫سمؾ معمب (وفقا لمنوع)‬
‫ممح (النسبة المئوية مف سعر الجممة)‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪81-71‬‬ ‫سائب‬
‫أوؿ مايو‪8991‬‬ ‫‪93-25‬‬ ‫معبأ‪ ،‬أكياس صغيرة‬
‫شراب (النسبة المئوية مف سعر التجزئة)‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪89‬‬ ‫فودكا‬
‫أوؿ يناير‪8991‬‬ ‫‪78-55‬‬ ‫مشروبات روحية أخرى‬
‫‪81‬ابريؿ‪8991‬‬ ‫‪31‬‬ ‫مشروبات غير كحولية‬
‫تبغ (النسبة المئوية مف سعر التجزئة)‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪88-75‬‬ ‫سجائر‬
‫أوؿ يونيو‪8927‬‬ ‫‪71‬‬ ‫ماخوركا‬
‫سمع قطنية (النسبة المئوية لسعر التجزئة)‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪55‬‬ ‫قماش‬
‫أوؿ يناير‪8928‬‬ ‫‪65-63‬‬ ‫سمع أخرى‬
‫يظير الطابع التنازلي ليذه الضريبة مف واقع أنيا في حيف تؤثر تأثي ار خفيفا عمى السيارات (‪ %3‬ال غير)‪ ،‬وأجيزة الراديو‬
‫(‪ )%35‬والكافيار (‪ ،)%91‬فإنيا تؤثر بثقؿ عمى القمح (‪ ،)%79 -72‬والممح (‪ ،)%81 -71‬والسكر (‪ ،)%72‬وصابوف الغسيؿ‬
‫(‪ ،)%78 -68‬والسجائر (‪ .)%88 -75‬في ضوء ىذه الوقائع‪ ،‬فإنو مف المدىش بعض الشيء أف تق أر التصريح التالي لموريس‬
‫دوب‪ ،‬الذي يتحدث فيو عف ضريبة المبيعات‪" :‬كانت وسيمة لضماف أف الجانب األعظـ مف االرتفاع في األسعار سيتركز في‬
‫السمع الكمالية أو غير الضرورية وبأقؿ قدر ممكف في الضروريات‪ .‬وقد تـ ذلؾ بجعؿ معدؿ الضريبة عمى المبيعات مختمفا لمسمع‬
‫المختمفة‪ ،‬بحيث تتراوح االختبلفات بيف‪ %3 ،8‬صعودا إلى حوالي ‪ "%811‬الضريبة ليا تأثير ضريبة نفقات عامة تصاعدية ‪-‬‬
‫ضريبة تصاعدية عمى الدخؿ عند إنفاقو "‪ )899( ،‬ومرة أخرى‪ " :‬فإف أعمى معدالت الضريبة تنزع إلى أف تكوف عمى السمع‬
‫الكمالية‪ ،‬حيث أف األخيرة ن ادرة العرض بشكؿ خاص لذا فإف التأثير العاـ لممعدالت التفاضمية يبدو كأنو يجعؿ ىيكؿ األسعار ضد‬
‫السمع غير الضرورية (ومف ثـ يجعؿ االختبلفات الحقيقية في الدخؿ أقؿ مما يقود المرء لبلعتقاد عند النظر في االختبلفات النقدية‬
‫ألوؿ وىمة" (‪)851‬‬
‫لقياس العبء الحقيقي الذي تفرضو ضريبة المبيعات عمى المستيمكيف‪ ،‬سيكوف مف المفيد أف نفحص في نفس الوقت‪،‬‬
‫المقدار اإلجمالي لضريبة المبيعات وصافي مبيعات التجزئة الذي يقابمو‪)858( :‬‬
‫النسبة المئوية لمضريبة‬ ‫صافي مبيعات التجزئة‬ ‫ضريبة المبيعات‬ ‫إجمالي مبيعات التجزئة‬ ‫السنة‬
‫‪6‬ر‪72‬‬ ‫‪85833‬‬ ‫‪88692‬‬ ‫‪37965‬‬ ‫‪8928‬‬
‫‪6‬ر‪92‬‬ ‫‪31892‬‬ ‫‪89589‬‬ ‫‪91257‬‬ ‫‪8923‬‬
‫‪2‬ر‪888‬‬ ‫‪33816‬‬ ‫‪36982‬‬ ‫‪99789‬‬ ‫‪8922‬‬
‫‪9‬ر‪855‬‬ ‫‪39311‬‬ ‫‪27685‬‬ ‫‪68885‬‬ ‫‪8929‬‬
‫‪2‬ر‪875‬‬ ‫‪39686‬‬ ‫‪53136‬‬ ‫‪88783‬‬ ‫‪8925‬‬

‫‪9‬ر‪861‬‬ ‫‪91931‬‬ ‫‪65898‬‬ ‫‪816768‬‬ ‫‪8926‬‬
‫‪7‬ر‪858‬‬ ‫‪51123‬‬ ‫‪75988‬‬ ‫‪835992‬‬ ‫‪8927‬‬
‫‪3‬ر‪828‬‬ ‫‪58862‬‬ ‫‪81988‬‬ ‫‪828579‬‬ ‫‪8928‬‬
‫‪3‬ر‪895‬‬ ‫‪66656‬‬ ‫‪96811‬‬ ‫‪862956‬‬ ‫‪8929‬‬
‫‪3‬ر‪859‬‬ ‫‪68658‬‬ ‫‪815899‬‬ ‫‪879511‬‬ ‫‪8991‬‬
‫‪9‬ر‪383‬‬ ‫‪87911‬‬ ‫‪887811‬‬ ‫‪375111‬‬ ‫‪8951‬‬
‫(الخطة)‬
‫األرقام بماليين الروبالت‬
‫إف ضريبة المبيعات‪ ،‬بوصفيا ضريبة غير مباشرة‪ ،‬تنازلية‪ ،‬تناقض صراحة البرنامج األصمي لمحزب البمشفي‪ .‬بؿ إف حتى‬
‫برنامج الحد األدنى الخاص بالببلشفة‪ ،‬أي برنامج يمكف تنفيذه في ظؿ الرأسمالية‪ ،‬طالب "بإلغاء جميع الضرائب غير المباشرة‪،‬‬
‫وفرض ضريبة تصاعدية عمى الدخوؿ والميراث"(‪.)853‬‬
‫أعمف المؤتمر الحزبي الحادي عشر (‪ " :)8933‬ينبغي أف تيدؼ السياسة الضريبية إلى تنظيـ عممية مراكمة الموارد‬
‫عف طريؽ الضرائب المباشرة عمى األمبلؾ والدخوؿ‪ ،‬الخ‪ .‬السياسة الضريبية ىي األداة الرئيسية لمسياسة الثورية لمبروليتاريا في‬
‫الفترة االنتقالية "(‪ )852‬إلزالة التناقض بيف القوؿ والعمؿ‪ ،‬توقفت السمطات تماما عف إطبلؽ اسـ ضرائب عمى ضرائب المبيعات‪.‬‬
‫أشارجانسي إلى أف الكتاب السنوي لعاـ ‪ 8925‬ذكر ضريبة المبيعات بيف الضرائب‪ )859( ،‬إال أف الطبعة التالية مف نفس الكتاب‬
‫السنوي حذفت ضرائب المبيعات مف بند "الدخؿ مف الضرائب"‪ )855( ،‬يسمح ىذا التغيير في المصطمحات لوزير مالية االتحاد‬
‫السوفيتي أف يعمف أماـ السوفيت األعمى‪ :‬مف المعروؼ أف الجزء األعظـ مف إيرادات الميزانية السوفيتية يتكوف مف مدفوعات‬
‫بواسطة االقتصاد القومي‪ .‬إف نصيب جميع الضرائب المحصمة مف السكاف يكاد ال يذكر‪ .‬في عاـ ‪ 8929‬كاف مجموع الضرائب‬
‫المدفوعة مف السكاف ‪5‬ر‪ 6‬مميار روبؿ‪ ،‬أي نسبة ‪3‬ر‪%9‬فقط مف كؿ دخوؿ الميزانية‪)856( .‬‬
‫خضوع اإلنسان لألمالك‬
‫تقوؿ المادة ‪ 6‬مف الدستور السوفييتي‪" :‬األرض وما تحتويو مف مياه وغابات وطواحيف ومصانع ومناجـ وسكؾ حديدية‬
‫ونقؿ مائي وجوي ووسائؿ اتصاؿ ومشاريع المزارع الكبرى التي تنظميا الدولة (مزارع الدولة‪ ،‬ومحطات الج اررات اآللية‪111‬الخ‪).‬‬
‫وأيضا التسييبلت السكنية األساسية في المدف والمناطؽ الصناعية ىي ممؾ لمدولة‪ ،‬أي أنيا ثروة الشعب كمو"‪.‬‬
‫مف الغريب أنو رغـ أف الشعب‪ ،‬مف خبلؿ الدولة‪ ،‬يمتمؾ ثروة الببلد‪ ،‬إال إف الدولة الروسية عمييا أف تتخذ إجراءات فوؽ‬
‫العادة لكي تحمي ىذه الثروة منو!‬
‫في ظؿ قانوف صادر في ‪ 7‬أغسطس‪" ،8923‬حوؿ حماية ممكية مشاريع الدولة والمزارع الجماعية والتعاونيات ومؤسسات‬
‫الممكية االشتراكية‪ ،‬فإف سرقة أمبلؾ الدولة والكولخوزات والتعاونيات والسرقة عمى خطوط السكؾ الحديدية والمجاري المائية يعاقب‬
‫عمييا باإلعداـ رميا بالرصاص مع مصادرة كؿ الممتمكات‪ .‬واذا وجدت ظروؼ مخففة‪ ،‬فإف العقوبة المستحقة تكوف السجف لما ال‬
‫يقؿ عف عشر سنوات ومصادرة كؿ الممتمكات‪ )857( .‬سمى ستاليف ىذا القانوف "أساس الشرعية الثورية" (‪)858‬‬

‫في واقع األمر ناد ار ما طبؽ ىذا القانوف في مجاالت السرقات الصغرى‪ .‬لذا‪ ،‬فعندما أصدر مجمس السوفيت األعمى‬
‫لبلتحاد السوفيتي مرسوما في ‪ 9‬يونيو‪ ،8997‬حوؿ " حماية الممكية الخاصة لممواطنيف "‪ ،‬جاء في المادة األولى منو‪)859( :‬‬
‫"السرقة ‪ -‬أي االستيبلء عمى األمبلؾ الخاصة لممواطنيف في الخفاء أو العمف ‪ -‬يعاقب عمييا بالحبس في معسكر عمؿ إصبلحي‬
‫لمدة مف خمس إلى ست سنوات‪ .‬السرقة المرتكبة بواسطة عصابة مف المصوص أو لممرة الثانية يعاقب عمييا بالحبس في معسكر‬
‫إصبلحي تتراوح بيف ست إلى عشر سنوات‪ ،)861( ،‬وكاف تخفيؼ القسوة في التعامؿ مع الجرائـ ضد الممكية ظاىريا أكثر منو‬
‫حقيقيا‪.‬‬
‫في نفس اليوـ‪ ،‬اصدر المجمس أيضا مرسوما حوؿ "اختبلس ممكية الدولة والممكية العامة"‪ ،‬تضمف المواد التالية‪:‬‬
‫عقوبة السرقة أو االستيبلء عمى أو اختبلس أو سائر أنواع التبلعب بممكية الدولة ىي االعتقاؿ في معسكر عمؿ إصبلحي‬
‫لمدة تتراوح بيف سبع وعشر سنوات‪ ،‬مع أو بدوف مصادرة األمبلؾ‪.‬‬
‫عقوبة اختبلس ممكية الدولة لممرة الثانية ‪ -‬باإلضافة إلى االختبلس بواسطة مجموعة منظمة أو عمى نطاؽ واسع ‪ -‬ىي‬
‫االعتقاؿ في معسكر عمؿ إصبلحي لمدة تتراوح بيف عشر سنوات وخمسة وعشريف سنة‪ ،‬مع مصادرة األمبلؾ‪.‬‬
‫عقوبة السرقة أو االستيبلء عمى أو اختبلس أو سائر أنواع التبلعب بالمزارع الجماعية والتعاونيات أو األمبلؾ العامة‬
‫األخرى ىي االعتقاؿ في معسكر عمؿ إصبلحي لمدة تتراوح بيف خمس وثماف سنوات‪ ،‬مع أو بدوف مصادرة األمبلؾ‪.‬‬
‫عقوبة اختبلس المزارع الجماعية أو التعاونيات أو األمبلؾ العامة األخرى لممرة الثانية ‪ -‬باإلضافة إلى االختبلس بواسطة‬
‫مجموعة منظمة أو عصابة أو عمى نطاؽ واسع ‪ -‬ىي االعتقاؿ في معسكر عمؿ إصبلحي مف ثماف سنوات إلى عشريف سنة‪،‬‬
‫مع مصادرة األمبلؾ‪)868( .‬‬
‫بعد شير مف ذلؾ‪ ،‬أعطى مكتب المدعي العاـ عشرة أمثمة عمى كيفية تنفيذ ىذه القوانيف‪:‬‬
‫في مدينة ساراتوؼ‪ ،‬قاـ ؼ‪ .‬ؼ‪ .‬يوديف ‪ -‬الذي قد أديف بالسرقة قبؿ ذلؾ ‪ -‬بسرقة سمؾ مف مصنع تدخيف‪ .‬في ‪ 39‬يونيو‬
‫‪ 8997.11‬حكـ عمى يوديف بالسجف خمسة عشر عاما في معسكرات العمؿ التأديبية‪.‬‬
‫في ‪ 88‬يونيو‪ ،8997‬قاـ كيربائي يدعى د‪ .‬أ‪ .‬كيسيموؼ‪ ،‬مف خطوط كيرباء سكة حديد موسكو ‪ -‬ريازاف‪ ،‬بسرقة سمع مف‬
‫الفراء مف عربة سكة حديد‪ .‬في ‪ 39‬يونيو ‪ / 8997‬حكمت محكمة الحزب الخاصة بسكة حديد موسكو ‪ -‬ريازاف عمى كيسيموؼ‬
‫بالسجف عشرة أعواـ في معسكرات العمؿ التأديبية‪.‬‬
‫في بمدة بافموؼ ‪ -‬يوساد بمنطقة موسكو‪ ،‬قاـ ؿ‪ .‬ف‪ .‬ماركيموؼ بسرقة مبلبس مف مصنع نسيج بافموؼ ‪ -‬يوساد‪ .‬حكـ‬
‫عمى ماركيموؼ بالسجف ثمانية أعواـ في معسكرات العمؿ التأديبية‪.‬‬
‫في مقاطعة رودنيكوؼ بمنطقة ايفانوؼ‪ ،‬قاـ كؿ مف ي‪ .‬ؼ‪ .‬سميرنوؼ وؼ‪ .‬ؼ‪ .‬سميرنوؼ‪ .‬بسرقة ‪ 275‬رطبل مف‬
‫الشوفاف مف أحد الكولخوزات‪ .‬في ‪ 36‬يونيو‪ ،8997‬حكـ عمييما بالسجف ثمانية أعواـ في معسكرات العمؿ التأديبية‪.‬‬

‫في مقاطعة كيروؼ بموسكو‪ ،‬قبض عمى سميرنوؼ ‪ -‬سائؽ ‪ -‬لسرقة ‪ 33‬رطبل مف الخبز مف مخبز‪ .‬حكمت محكمة‬
‫الشعب عمى سميرنوؼ بالسجف سبع سنوات في معسكرات العمؿ التأديبية‪.‬‬
‫في ساراتوؼ‪ ،‬سرؽ جوردييؼ منتجات عديدة مف مستودع لخزف البضائع‪ .‬في ‪ 38‬يونيو ‪ 8997‬حكـ عمى جوردييؼ‬
‫بالسجف سبع سنوات في معسكرات العمؿ التأديبية‪.‬‬
‫في كويبيشيؼ‪ ،‬سرؽ بولوبوياروؼ محفظة مف مسافر بالقطار‪ .‬في ‪ 9‬يوليو حكـ عميو بالسجف خمس سنوات في معسكرات‬
‫العمؿ التأديبية‪.‬‬
‫‪ ..8997‬حكـ عمى‬ ‫في ‪ 7‬يونيو‪ ،8997‬بكازاف‪ .‬قاـ بوكيف بانتزاع أمواؿ مف يد المواطنة بوستنسكي‪ ..‬في ‪ 31‬يونيو‬
‫بوكيف بالسجف ثماف سنوات في معسكرات العمؿ التأديبية‪.‬‬
‫في ‪ 6‬يونيو‪ ،8997‬في قرية سوبوفكا بمقاطعة كوتوزوفسؾ بمنطقة كويبيشيؼ‪ ،‬قاـ كؿ مف شوباركيف وموروزوؼ بسرقة‬
‫‪ 88‬رطبل مف البطاطس تمتمكيا المواطنة بريسنباكوؼ مف سرداب‪ .‬في ‪ 87‬يونيو ‪ ..8997‬حكـ عمييما بالسجف خمسة أعواـ في‬
‫معسكرات األعماؿ التأديبية‪.‬‬
‫في ‪ 5‬يونيو‪ ،8997‬في موسكو‪ ،‬استغؿ جرينوولد‪ ،‬الذي كاف قد أديف قبؿ ذلؾ بالسرقة‪ ،‬غياب جاره‪ ،‬ودخؿ غرفة المواطنة‬
‫كوفاليؼ‪ ،‬وسرؽ بعض لوازـ البيت‪ .‬حكـ عمى جرينوولد بالسجف عشر سنوات في معسكرات العمؿ التأديبية‪)863( .‬‬
‫مف الميـ مبلحظة أف قسوة ىذا الفرع مف القانوف السوفيتي ىي عمى العكس تماما مف التساىؿ النسبي الذي يتـ بو‬
‫التعامؿ مع القتؿ واالختطا ؼ وسائر األشكاؿ العنيفة لمجريمة‪ ،‬يتضح مف ذلؾ أف مرتبة الفرد أقؿ كثي ار مف مرتبة األمبلؾ في‬
‫روسيا الستالينية‪ ،‬ىكذا‪ ،‬فإف القانوف الجنائي لجميورية روسيا االشتراكية الفيدرالية السوفيتية يوضح أف‪:‬‬
‫المادة ‪ 826‬القتؿ العمد‪ ،‬إذا ارتكب‪:‬‬
‫أ) لبواعث مادية أو بدافع الغيرة (إال إذا كاف مشموال بالمادة‪ )828‬أو آلي دافع آخر‪.‬‬
‫ب) بواسطة شخص تمت محاكمتو مف قبؿ بسبب القتؿ العمد أو إنزاؿ ضرر بدني خطير‪ ،‬ومر بإجراء الدفاع االجتماعي‬
‫المفروض مف قبؿ المحكمة‪.‬‬
‫ج) بطريقة تيدد حياة أشخاص كثيريف أو تسبب معاناة شديدة لمضحية‪.‬‬
‫د) بيدؼ تسييؿ أو إخفاء جريمة خطيرة أخرى‪.‬‬
‫ىػ) بواسطة شخص كانت عميو مسئولية خاصة عف حياة الضحية‪.‬‬
‫و) االستفادة مف ظروؼ عجز الضحية يؤدي إلى ‪ -‬الحرماف مف الحرية لمدة قد تصؿ إلى عشر سنوات‪.‬‬

‫المادة ‪ 827‬القتؿ العمد ‪ ،‬إذا لـ يرتكب في أحد الظروؼ الموضحة في المادة‪ ،826‬يؤدى إلى ‪ -‬الحرماف مف الحرية لمدة‬
‫قد تصؿ إلى ثماف سنوات‪.‬‬
‫المادة ‪ 828‬القتؿ العمد المرتكب تحت الدافع المفاجئ ليياج عاطفي قوي ناتج عف العنؼ أو السباب القاذع مف جانب‬
‫المقتوؿ‪ ،‬يؤدي إلى ‪ -‬الحرماف مف الحرية لفترة قد تصؿ إلى خمس سنوات‪ ،‬أو العمؿ الجبري لمدة قد تصؿ إلى عاـ واحد‪)862( .‬‬
‫وىذه ىي بعض العقوبات األخرى عمى جرائـ عنيفة ضد األشخاص‪:‬‬
‫المادة ‪ ، 897‬حرماف أي شخص مف الحرية بشكؿ غير قانوني باستخداـ القوة‪ ،‬يؤدى إلى ‪ -‬الحرماف مف الحرية أو العمؿ‬
‫الجبرى لمدة قد تصؿ إلى عاـ‪ .‬حرماف أي شخص مف الحرية بأي طريؽ تشكؿ خط ار عمى حياتو أو صحتو أو تسبب لو ألما‬
‫بدنيا‪ ،‬يؤدي إلى ‪ -‬الحرماف مف الحرية لمدة قد تصؿ إلى عاميف‪.‬‬
‫المادة ‪ ،898‬وضع شخص معروؼ أنو عاقؿ في مصحة أمراض عقمية لبواعث مادية أو بواعث شخصية أخرى‪ ،‬يؤدي‬
‫إلى ‪ -‬الحرماف مف الحرية لمدة قد تصؿ إلى ثبلث سنوات‪.‬‬
‫المادة ‪ ،899‬خطؼ أو إخفاء أو مبادلة طفؿ شخص آخر لبواعث مادية‪ ،‬أو بدافع االنتقاـ‪ ،‬أو بأي غرض شخصي آخر‪،‬‬
‫يؤدي إلى ‪ -‬الحرماف مف الحرية لمدة قد تصؿ إلى ثبلث سنوات‪)869( .‬‬
‫إف ديانة عبادة األمبلؾ ىذه تخضع ليا حتى أضعؼ أعضاء المجتمع ‪ -‬األطفاؿ‪ .‬فكما رأينا‪ ،‬إف العقوبة القصوى‬
‫الختطاؼ طفؿ ىي السجف لثبلث سنوات فقط‪ ،‬في حيف يناؿ الطفؿ الذي يسرؽ عقوبة أكبر كثيرا‪ .‬وعمى الرغـ مف أف القانوف‬
‫الستاليني ‪ -‬في تعاممو مع انحراؼ األحداث ‪ -‬يعتبر األطفاؿ في الثانية عشر مف العمر ناضجيف ومسئوليف بالكامؿ عف أفعاليـ‬
‫المخمة‪ ،‬فإنو يعتبرىـ أطفاال فيما يتعمؽ بالشؤوف المدنية‪ .‬وعمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬فإف قانوف الزواج واألسرة والوصاية لجميورية روسيا‬
‫" يجب تعييف أوصياء عمى الصغار الذيف لـ يبمغوا سف أربعة عشر‬ ‫االشتراكية الفيدرالية السوفيتية‪ ،‬ينص عمى ما يمي‪:‬‬
‫عاما"(‪)865‬‬
‫مرة أخرى‪" :‬يجب تعييف أمناء عمى األحداث بيف سف الرابعة عشرة وثمانية عشر عاما" (‪)866‬‬
‫ومع ذلؾ‪ ،‬ففي ‪ 7‬إبريؿ ‪ ،8925‬صدر قانوف ألغى محاكـ األحداث "بيدؼ أسرع تصفية ممكنة لمجريمة بيف األحداث "‬
‫ذكر القانوف أف "المجنة التنفيذية المركزية ومجمس قوميساريات الشعب يقرراف‪ )8( :‬األحداث مف سف اثني عشر عاما المقبوض‬
‫عمييـ بسبب السرقة أو الع نؼ أو إنزاؿ إصابة بدنية أو التشويو أو القتؿ أو الشروع في القتؿ‪ ،‬يجب أف يمثموا أماـ محاكـ القانوف‬
‫الجنائي ويعاقبوا وفقا لكافة إجراءات القانوف الجنائي " (‪( )867‬يبدو أف عقوبة اإلعداـ كانت ال تزاؿ محرمة لمف ىـ دوف الثامنة‬
‫عشر‪ ،‬ألف المادة ‪ 33‬مف القانوف‪ ،‬التي شممت ىذه النقطة ‪ ،‬لـ تمغ)‪.‬‬
‫وسرعاف ما وضع ىذا القانوف موضع التطبيؽ‪ ،‬كما تشيد بذلؾ "ازفستيا" التي ذكرت في ‪ 39‬مايو ‪ 8925‬أنو في فترة‬
‫تزيد قميبل عف أسبوعيف كانت محكمة خاصة قد وزعت سنوات كثيرة مف السجف بالفعؿ عمى ستيف "لص صغير" (‪ )868‬بؿ إف يد‬
‫القانوف كانت أثقؿ في بعض الحاالت‪ ،‬ففرضت عقوبة اإلعداـ عمى الشباب‪ .‬ىكذا‪ ،‬فبعد أسبوعيف مف إصدار القانوف الرىيب ضد‬
‫انحراؼ األحداث‪ ،‬حكمت محكمة في موسكو عمى شاب مداف بالسرقة في قطار باإلعداـ‪)869( .‬‬

‫إف التبرير الرسمي الستخداـ إجراءات بيذه القسوة‪ ،‬وىو تضاعؼ عدد حاالت انحرافات األحداث في موسكو بيف ‪8928‬‬
‫و‪ )871( ،8929‬ليس تبري ار مقبوال عمى اإلطبلؽ‪ ،‬وىو يفضح يقينا أسطورة "انتصار االشتراكية وحياة الشعب المزدىرة والسعيدة "‪.‬‬
‫في عاـ‪ ،8991‬وسع قانوف ‪ 8925‬ليشمؿ األطفاؿ مف سف اثني عشر عاما فما فوؽ الذيف يرتكبوف أعماال تيدد حركة‬
‫السكؾ الحديدية‪ ،‬مثؿ تفكيؾ القضباف أو وضع أشياء عمييا‪ .‬وىكذا‪ .‬يذكر مرسوـ ‪ 28‬مايو ‪ )878( 8998‬بوضوح أف قانوف‬
‫‪ 8925‬ال ينطبؽ فقط عمى المخالفات المتعمدة‪ ،‬وانما أيضا عمى المخالفات الناتجة عف اإلىماؿ‪ .‬في ‪ 85‬يونيو‪ ،8992‬أمرت‬
‫الحكومة بإنشاء مستعمرات إصبلحية خاصة تابعة لو ازرة الداخمية لبلعتقاؿ دوف إجراءات قضائية لؤلطفاؿ بيف الحادية عشرة‬
‫والسادسة عشرة مف العمر‪ ،‬وذلؾ فيما يتعمؽ باألطفاؿ المشرديف أو الذيف ارتكبوا سرقات أو جرائـ أخرى صغيرة مف ىذا القبيؿ‪.‬‬
‫(‪ ) 873‬توجد أدلة عمى وجود األطفاؿ أيضا ضمف نزالء معسكرات العمؿ العبودي كبار السف‪ .‬يكتب داليف أف " معسكر زاكامنسؾ‬
‫في سيبيريا الشرقية يضـ عددا كبي ار مف األطفاؿ مف منطقة موسكو بيف المعتقميف فيو‪ ،‬وىـ أوالد وبنات محكوـ عمييـ في جرائـ‬
‫جنائية‪ .‬انيـ يعمموف في المناجـ والمصانع القريبة‪)872(.‬‬
‫يمثؿ كؿ ما قيؿ صورة إيضاحية جديدة لمقولة ماركس‪ " :‬إف القانوف وكذلؾ الجريمة‪ ،‬أي صراع الفرد المنعزؿ ضد‬
‫العبلقات السائدة‪ ،‬لو أصؿ ليس تحكيميا محضا‪ .‬عمى العكس مف ذلؾ‪ ،‬فإف جذور الجريمة إنما تكمف في نفس تمؾ الظروؼ التي‬
‫تكمف فييا جذور القوة الحاكمة في وقت معيف " (‪ )879‬في روسيا ستاليف‪ ،‬تكمف جذور مفيوـ طبيعة الجريمة‪ ،‬والعقوبات‬
‫المفروضة عمى مرتكبييا في خضوع اإلنسانية لؤلمبلؾ‪ ،‬خضوع العمؿ لرأس الماؿ‪ ،‬أي أنيا تكمف في التناقض األساسي الذي‬
‫يحرؾ نظاـ رأسمالية الدولة البيروقراطية‪.‬‬
‫التغيرات في عالقات التوزيع‬
‫في "أطروحات إبريؿ" ذكر لينيف أف سياسة الحزب ىي "ال تزيد أجور الموظفيف المنتخبيف والخاضعيف لبلستبداؿ في أي‬
‫وقت‪ ،‬عف تمؾ المدفوعة لمعامؿ الجيد‪ )875( .‬وفي كتابو الدولة والثورة (أغسطس ‪ -‬سبتمبر‪ )8987‬طرح قضية نظاـ دفع األجور‬
‫والمرتبات بعد الثورة االشتراكية مباشرة‪ ،‬في مجتمع "مازاؿ مطبوعا في جميع النواحي‪ ،‬اقتصاديا وأخبلقيا وثقافيا‪ ،‬بسمات المجتمع‬
‫الذي نشأ مف داخمو"‪ .)876( .‬في ىذه الظروؼ يتحقؽ اآلتي‪ :‬المساواة لكؿ أعضاء المجتمع فيما يتعمؽ بممكية وسائؿ اإلنتاج‪،‬‬
‫أي المساواة في العمؿ والمساواة في األجور"‪)877( .‬‬
‫"يتحوؿ كؿ المواطنيف إلى مواطنيف يتقاضوف مرتبات مف الدولة التي تتكوف مف العماؿ المسمحيف‪ .‬يصبح كؿ المواطنيف‬
‫موظفيف وعماال في "مشروع" دولة قومي واحد‪ .‬كؿ ما ىو مطموب ىو أف يعمموا بالتساوي ‪ -‬يؤدوا نصيبيـ الصحيح مف العمؿ ‪-‬‬
‫ويدفع ليـ بالتساوي " (‪" )878‬سيكوف المجتمع كمو قد أصبح مكتبا واحدا ومصنعا واحدا‪ ،‬حيث المساواة في العمؿ والمساواة في‬
‫األجر"‪ )879( .‬ىكذا‪ ،‬فقد طرح لينيف اآلتي " كيدؼ مباشر" لمببلشفة‪ " :‬ينبغي أف يحصؿ الفنيوف والمديروف وماسكو الدفاتر‬
‫وكذلؾ كؿ الموظفيف عمى مرتبات ال تزيد عف "أجر العامؿ"‪ )881( .‬بعد شيور قميمة مف الثورة (في مارس ‪ )8988‬أعمف لينيف‬
‫مرة أخرى تأييده "لمتحقيؽ التدريجي لممساواة في كؿ األجور والمرتبات لكؿ الميف والفئات‪ )888( " .‬لقد قبؿ ضرورة بعض‬
‫االستثناءات في المساواة في حالة المتخصصيف‪ ،‬حيث كاف يعمـ تماما أف ىذا اليدؼ ال يمكف أف يتحقؽ في ظؿ ندرتيـ وعدائيـ‬
‫لمدولة العمالية‪ ،‬إال أنو أصر أف الفوارؽ في الدخوؿ يجب أف تكوف عمى الفور أقؿ كثي ار مما كانت عميو في ظؿ القيصرية‪ ،‬وأف‬
‫النزعة في المستقبؿ يجب أف تكوف نحو زيادة المساواة‪ ،‬وقبؿ كؿ شيء لـ يتراجع عف وصؼ أية عدـ مساواة مفروضة بسبب‬
‫التخمؼ عمى الحكومة السوفيتية بأنيا تراجع عف االشتراكية وتنازؿ لمرأسمالية‪ .‬ىكذا فقد كتب‪ " :‬في ىذه المرحمة االنتقالية يجب‬
‫أف نمنحيـ (المتخصصيف) أفضؿ ظروؼ معيشة ممكنة‪ 11.‬عندما ناقشنا مسألة معدالت األجور مع قوميسار العمؿ‪ ،‬الرفيؽ‬

‫شميدت‪ ،‬ذكر وقائع مثؿ ىذه‪ .‬لقد قاؿ أننا في مسألة تحقيؽ المساواة في األجور قد حققنا أكثر مما تحقؽ في أي مكاف وأكثر مما‬
‫تستطيع أي دولة برجوازية عممو في عشرات السنيف‪ .‬خذ معدالت األجور قبؿ الحرب‪ :‬كاف العامؿ اليدوي يحصؿ عمى روبؿ في‬
‫اليوـ ‪ 35 -‬روبؿ في الشير ‪ -‬في حيف كاف المتخصص يتقاضى ‪ 511‬روبؿ في الشير‪ 1.‬كاف الخبير يحصؿ عمى عشريف‬
‫ضعؼ مما يحصؿ عميو العامؿ‪ .‬معدالت األجور الحالية تتراوح بيف ‪ 611‬روبؿ و ‪ 2111‬روبؿ ‪ -‬بفارؽ خمسة أضعاؼ فقط‪.‬‬
‫لقد حققنا الكثير في مجاؿ المساواة‪ )883( .‬لقد كانت المرتبات العالية المدفوعة لممتخصصيف " وفقا لمعبلقات البرجوازية"‪ ،‬خطوة‬
‫لموراء‪ ،‬تنازال لمرأسمالية مفروض بحكـ الواقع الموضوعي عمى الحكومة السوفيتية "‪)882( .‬‬
‫في عاـ ‪ ،8989‬حدد الحزب الشيوعي الروسي سياسة األجور الخاصة بو بما يمي‪ " :‬في حيف أنيا تسعى لممساواة في‬
‫العائد عف كؿ أنواع العمؿ واكماؿ بناء الشيوعية‪ ،‬فإف الحكومة السوفيتية ال تستطيع أف تعد مف مياميا التحقيؽ الفوري ليذه‬
‫المساواة في المحظة الحالية‪ ،‬حيث يتـ اتخاذ الخطوات األولى فقط نحو االنتقاؿ مف الرأسمالية إلى الشيوعية " (‪ )889‬كما قرر‬
‫المؤتمر الحزبي العاشر في ‪ 8938‬أنو في حيف أف "أسبابا عديدة تجعؿ مف الضروري اإلبقاء مؤقتا عمى الفوارؽ في األجور‬
‫المالية وفقا لممؤىبلت‪ ،‬ومع ذلؾ فإف سياسة معدؿ األجور يجب إف تقوـ عمى أساس أكبر مساواة ممكنة بيف معدالت األجور "‪.‬‬
‫(‪)885‬‬
‫في نفس المؤتمر‪ ،‬أعمف أنو مف الضروري "الوصوؿ إلى إجراءات مناسبة تماما لمقضاء عمى عدـ المساواة‪ :‬في ظروؼ‬
‫المعيشة واألجور‪ ،‬الخ‪ 1.‬بيف المتخصصيف والعماؿ المسئوليف مف ناحية‪ ،‬والجماىير الكادحة مف ناحية أخرى‪ ،‬حيث أف عدـ‬
‫المساواة ىذه تقوض الديمقراطية وتمثؿ مصدر إفساد لمحزب وتقمؿ سمطة الشيوعييف‪ )886( " .‬ومع ذلؾ‪ ،‬ففي ظؿ نظاـ شيوعية‬
‫الحرب كانت ىناؾ عمميا مساواة كاممة في األجور والمرتبات‪ .‬وفقا لمبيانات التي يوفرىا اإلحصائي السوفيتي ستروميميف‪ ،‬فإف أجور‬
‫أعمى العماؿ أج ار كانت في عاـ ‪ 8987‬تعادؿ ‪ %323‬مف أجور أقميـ أجرا‪ ،‬ثـ أصبحت في الجزء األوؿ مف ‪ 8938‬تعادؿ‬
‫‪ %813‬فقط منيا‪ ،‬أي مساوية ليا عمميا‪( )887( .‬مف ناحية أخرى فإف ظروؼ الندرة التي كانت قائمة في ظؿ شيوعية الحرب‬
‫كثي ار ما أعطت لممسئوليف فرصة سوء استغبلؿ سيطرتيـ عمى مصادر اإلمداد والتوزيع)‪.‬‬
‫انتيت المساواة الفعمية في األجور مع تطبيؽ السياسة االقتصادية الجديدة‪ .‬تـ إدخاؿ سمـ موحد لؤلجور في ‪- 8938‬‬
‫‪ ، 8933‬تضمف سبع عشرة درجة تمتد مف الصبية إلى كبار المتخصصيف‪ ،‬وأعطي العامؿ صاحب أعمى ميارة ثبلثة أضعاؼ‬
‫ونصؼ ما يحصؿ عميو العامؿ غير الماىر صاحب أقؿ أجر‪ .‬كما أصبح بإمكاف المتخصصيف أف يحصموا كحد أقصى عمى‬
‫ثمانية أضعاؼ ما يحصؿ عميو العامؿ غير الماىر‪( .‬لـ ينطبؽ ىذا عمى أعضاء الحزب الذيف كاف ليـ سمـ خاص لؤلجور‬
‫القصوى‪ ،‬أقؿ كثي ار مف مثيمو الخاص بالمتخصصيف غير أعضاء الحزب)‪.‬‬
‫كانت الفوارؽ في الدخؿ أقؿ كثي ار مما كانت عميو قبؿ الثورة‪ .‬توضح ذلؾ أجور ومرتبات موظفي السكؾ الحديدية قبؿ‬
‫وبعد الثورة‪ .‬في ‪ 8913‬كاف دخؿ عماؿ اإلشارات ‪ 31 - 81‬روبؿ في الشير‪ ،‬وعماؿ الماكينات ‪ 61 - 21‬روبؿ‪ ،‬في حيف كاف‬
‫دخؿ رؤساء خدمة السكؾ الحديدية ‪ 511‬إلى ‪ 751‬روبؿ‪ ،‬والمدير العاـ ‪ 8511 - 8111‬روبؿ‪ )888( .‬في مارس‪ ،8939‬كانت‬
‫الفوارؽ تتراوح بيف ‪37‬ر‪82‬روبؿ ذىب في الشير لعماؿ الخطوط‪ ،‬و ‪81‬ر‪ 36‬روبؿ لموظفي اإلدارة‪)889( .‬‬
‫في الصناعة‪ ،‬كاف متوسط األجور لمعماؿ في مارس ‪69 8936‬ر‪ 58‬روبؿ شرفونتسي‪ ،‬بينما كاف مدير المصنع يحصؿ‬
‫عمى ‪91‬ر‪ 887‬روبؿ شرفونتسي إذا كاف عضوا في الحزب‪ ،‬و ‪51‬ر‪ 219‬روبؿ شرفونتسي إذا لـ يكف عضوا في الحزب‪)891( .‬‬

‫ولكف‪ ،‬كانت ىناؾ بعض العوامؿ التي خففت ىذه الفوارؽ إلى حيف إدخاؿ الخطة الخمسية األولى‪ .‬أوال‪ :‬لـ يكف يسمح‬
‫لعضو الحزب الشيوعي أف يكسب أكثر مف العامؿ الماىر‪ .‬كاف ىذا الشرط ىاما جدا‪ ،‬حيث أف أغمب مديري المشروعات‪،‬‬
‫والييئات الصناعية‪ ،‬الخ‪ ،‬كانوا أعضاء في الحزب‪ .‬في عاـ‪ ،8938‬كاف ‪9‬ر‪ %78‬مف الموظفيف في مجالس إدارات االتحادات‬
‫االحتكارية (التروستات) أعضاء في الحزب‪ ،‬كما كاف ‪9‬ر‪ %89‬مف مجالس المشروعات المتحدة‪ ،‬و ‪2‬ر‪ %89‬مف مجالس‬
‫المشروعات المنفردة أعضاء في الحزب كذلؾ‪.‬‬
‫العامؿ اآلخر الذي جعؿ الفوارؽ أقؿ كثي ار في الواقع مما قد يبدو مف سمـ األجور الموحد‪ ،‬ىو أف العدد اإلجمالي‬
‫لممتخصصيف (الذيف كاف قطاع منيـ أعضاء في الحزب‪ ،‬وبالتالي لـ يكسبوا أكثر مف العماؿ الميرة) كاف صغي ار جدا‪ .‬في‬
‫عاـ‪ ،8938‬كانوا يشكموف ‪37‬ر‪ %3‬مف بيف جميع المشتغميف بالصناعة‪.‬‬
‫يعطي الكتاب اإلحصائي لبلتحاد السوفيتي لعاـ ‪( 8936‬بالروسية) صورة عامة عف الفوارؽ في الدخؿ في روسيا‪ ،‬فوفقا‬
‫ليذا المصدر‪ ،‬فإف متوسط الدخؿ السنوي لمعماؿ اليدوييف مقد ار بروبؿ ما قبؿ الحرب كاف ‪ 965‬في عاـ ‪ .8937 - 8936‬في‬
‫الوقت نفسو‪ ،‬كاف الحد األقصى المسموح بو لممتخصصيف‪ 8888.‬باستثناء البرجوازية‪ ،‬رجاؿ السياسة االقتصادية الجديدة والكوالؾ‪،‬‬
‫كاف ىناؾ ‪ 889111‬شخص فقط يكسبوف ىذا الحد األقصى‪ .‬لقد مثموا ‪ 2‬ر‪ %1‬مف كؿ أصحاب الدخوؿ‪ ،‬ومثؿ دخميـ ‪ %8‬فقط‬
‫مف الدخؿ القومي‪)898( .‬‬
‫مع بدء الخطط الخمسية تحت شعار "االشتراكية المنتصرة"‪ ،‬تـ القضاء عمى جميع تقاليد المساواة البمشفية‪ .‬قاد ستاليف‬
‫اليجوـ معمنا‪" :‬إف أصؿ المساواة يكمف في الرؤية الفبلحية‪ ،‬في نفسية التقسيـ المتساوي لجميع السمع‪ ،‬نفسية "الشيوعية" الفبلحية‬
‫البدائية‪ .‬ال يوجد أي شيء مشترؾ بيف المساواة وبيف االشت اركية الماركسية"‪ )893( .‬الويؿ لمف يجرؤ اآلف عمى معارضة الفوارؽ‬
‫في الدخؿ في روسيا‪ ،‬بصرؼ النظر عف ضخامتيا‪ .‬لقد ذىب مولوتوؼ إلى حد إعبلف ما يمي في المؤتمر السابع لمسوفييتات في‬
‫االتحاد السوفيتي "السياسة البمشفية تقتضي صراعا حازما ضد المؤمنيف بالمساواة بوصفيـ شركاء لمعدو الطبقي‪ ،‬وعناصر معادية‬
‫لبلشتراكية‪)892( " .‬‬
‫تـ تعديؿ القاعدة المحددة لدخؿ أعضاء الحزب في عاـ ‪ 8939‬ثـ ألغيت تماما في وقت الحؽ (مبلحظة‪ :‬أبطمت ىذه‬
‫القاعدة بسرية شديدة حتى أنو مف غير المعروؼ متى حدث ذلؾ بالضبط‪ ،‬إال أف ذلؾ أصبح واضحا مف أخبار في الصحافة‬
‫الروسية تفيد أنيا لـ تكف قائمة في عاـ‪ .)8929‬كما ألغى القانوف الذي يقضي بأف يحصؿ األشخاص العامموف في وظيفتيف ‪-‬‬
‫كما ىو حاؿ كثير مف المتخصصيف ‪ -‬عمى مرة ونصؼ فقط أكثر مف المرتب األقصى الساري‪ .‬وألغي أيضا "القانوف العاـ‬
‫لؤلجور" الصادر في ‪ 87‬يونيو ‪ )899( .8931‬والذي كاف يقضي بأف أي شخص يزيد عف المعدؿ المطموب في العمؿ بالقطعة‪،‬‬
‫ال يجوز أف يحصؿ عمى أكثر مف ‪ % 811‬أعمى مف المعدؿ العادي‪ .‬ومف جية أخرى‪ ،‬أبطؿ القانوف الذي يمنع دفع أقؿ مف ثمثي‬
‫المعدؿ ألي عامؿ يعمؿ بالقطعة‪)895( .‬‬
‫لـ تتبؽ أي قيود عمى عدـ المساواة في الدخوؿ‪ ،‬والتي زادت وبمعدؿ مرعب‪.‬‬
‫بعد عاـ‪ ، 8929‬توقؼ االحصائيوف الروس عف نشر أرقاـ تتعمؽ بتوزيع العماؿ والموظفيف وفقا لمدخؿ‪ ،‬ونشروا فقط‬
‫متوسط دخؿ كؿ العماؿ والموظفيف‪ ،‬وىو رقـ يتوصموف إليو بعد أخذ متوسط دخوؿ خادمات المنازؿ‪ ،‬والعماؿ غير الميرة‪ ،‬والعماؿ‬
‫الميرة‪ ،‬والمتخصصيف‪ ،‬وكبار الميندسيف‪ ،‬والمديريف‪ ،‬وىكذا‪( .‬من الطريف مالحظة أن كتابا سوفيتيا عن اإلحصائيات االقتصادية ينتقد اإلحصائيات‬

‫األمريكية العتيادىا إدخال مرتبات مديري الشركات في كشف األجور والمرتبات‪ ،‬وبذلك يرفعون متوسط األجور والمرتبات "دليل معجمي لإلحصائيات االجتماعية‬
‫‪ -‬االقتصادية "بالروسية")‪ ،‬موسكو‪8998 ،‬ص‪ )81‬ال تنو عن خلق وتأتي مثلو !)‬
‫عمى الرغـ مف ىذا التعتيـ عمى المعمومات‪ ،‬فمف الممكف البرىنة عمى بعض الوقائع‪ ،‬والبرىنة بصفة خاصة عمى انو كاف‬
‫ىناؾ زيادة حادة في مستوى المرتبات التي يحصؿ عمييا البيروقراطيوف‪ ،‬وانخفاضا حادا في مستويات أجور الطبقة العاممة‪.‬‬
‫عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬في عاـ‪ ،8927‬عندما كاف ميندسو المصانع يتقاضوف ‪ 8511‬روبؿ في الشير‪ ،‬والمديروف ‪3111‬‬
‫روبؿ ‪ -‬إال إذا أعطت الحكومة تصريحا خاصا بتقاضي المزيد ‪ -‬والعماؿ الميرة ‪ 211 - 311‬روبؿ‪ ،‬أدخمت الحكومة السوفيتية‬
‫حدا أدنى لؤلجور يساوي ‪ 881‬روبؿ في الشير لمعماؿ المشتغميف بنظاـ القطعة و‪ 885‬روبؿ لمعماؿ المشتغميف بنظاـ الوقت‪ .‬كثي ار‬
‫مف العماؿ كانوا يتقاضوف ىذا الحد األدنى فقط إذا عممنا أف القانوف الذي حدد ىذه الحدود الدنيا أدى إلى منحة لمميزانية تعادؿ‬
‫‪ 611‬مميوف روبؿ لعاـ ‪ )896( .8928‬بالمقارنة بأجور كيذه‪ ،‬لـ يكف مرتب ‪ 3111‬روبؿ في الشير بصغير‪ .‬ليس ىذا فقط‪ ،‬بؿ‬
‫باإلضافة إلى المرتب الثابت كاف المديروف وميندسو المصانع يحصموف عمى مكافآت يعتمد حجميا عمى مدى تجاوز شركاتيـ‬
‫لحصص اإلنتاج المقررة في الخطة االقتصادية‪ .‬فمثبل‪ ،‬في عاـ‪ ،8998‬ذكر أف معدالت المكافآت المدفوعة إلدارات شركات النقؿ‬
‫اآللي لتحقيؽ أو تجاوز الخطة كانت‪)897( :‬‬
‫المكافآت والنسبة المئوية مف المرتب األساسي‬
‫لكؿ ‪ %8‬زيادة عف الخطة‬ ‫لتحقيؽ الخطة‬

‫حتى ‪%9‬‬ ‫حتى ‪%21‬‬ ‫اإلدارة العميا (المدير‪ ،‬كبير الميندسيف)‬
‫حتى ‪%2‬‬ ‫حتى ‪%35‬‬ ‫اإلدارة المتوسطة (رؤساء األقساـ)‬
‫حتى ‪%2‬‬ ‫حتى ‪%31‬‬ ‫اإلدارة الصغرى (رؤساء الورش‪1‬الخ)‬
‫ىكذا فإف مدير الشركة الذي يتجاوز الخطة بمقدار ‪ %81‬يكافأ بمكافأة تصؿ إلى ‪ %71‬مف مرتبو األساسي‪ ،‬تجاوز‬
‫الخطة بمقدار ‪ %31‬يكافأ بمكافأة تصؿ إلى ‪ ،%881‬تجاوز الخطة بمقدار ‪ %21‬يؤدي إلى مكافأة تعادؿ ‪ ،%851‬تجاوز الخطة‬
‫بمقدار ‪ %51‬يؤدي إلى مكافأة تساوي ‪.%321‬‬
‫فضبل عف ذلؾ‪ ،‬فإف " صندوؽ المدير"‪ ،‬وىو مؤسسة تـ إنشاؤىا في ‪ 89‬أبريؿ‪ )898( ،8926‬يعد مصد ار أخ ار لمدخؿ‪.‬‬
‫وفقا لمقانوف‪ ،‬توضع ‪ %9‬مف أرباح الخطة و ‪ %51‬مف كؿ األرباح أكثر مف ذلؾ في صندوؽ المديريف‪ .‬أعطى‬
‫اقتصادي روسي أرقاما لعاـ ‪ 8927‬تظير المبالغ المتضمنة‪)899( :‬‬
‫صندوؽ المديريف‬ ‫صندوؽ المديريف‬ ‫التكمفة الفعمية كنسبة‬ ‫تحقيؽ الخطة‬

‫عف كؿ عامؿ‬ ‫بالمميوف روبؿ‬ ‫مف التكمفة بالخطة‬ ‫(نسبة مئوية)‬
‫‪93‬ر‪299‬‬ ‫‪7‬ر‪38‬‬ ‫‪8‬ر‪812‬‬ ‫‪8‬ر‪819‬‬ ‫صناعة البتروؿ‬
‫‪69‬ر‪753‬‬ ‫‪9‬ر‪58‬‬ ‫‪8‬ر‪819‬‬ ‫‪6‬ر‪888‬‬ ‫صناعة المحوـ‬
‫‪11‬ر‪8875‬‬ ‫‪1‬ر‪86‬‬ ‫‪1‬ر‪812‬‬ ‫‪8‬ر‪818‬‬ ‫صناعة الكحوؿ‬

‫لما كاف متوسط األجور لكؿ العماؿ والموظفيف في عاـ ‪ 359 8927‬روبؿ في الشير فقط‪ )311( ،‬فإف ىذه األرقاـ‬
‫تظير أنو بتجاوز الخطة بنسبة صغيرة فقط‪ ،‬فإف متوسط اإليرادات السنوي لصندوؽ المدير كؿ عامؿ كاف يعادؿ أكثر مف متوسط‬
‫ا ألجر الشيري في صناعة البتروؿ‪ ،‬وثبلثة أضعافو في صناعة المحوـ‪ ،‬وأربعة أضعافو ونصؼ في صناعة الكحوؿ‪ .‬وفقا‬
‫القتصادي سوفيتي آخر‪ :‬وفي القوميساريات الصناعية الخمس كاف إيراد صندوؽ المدير لمعامؿ الواحد ‪2‬ر‪ %6‬مف متوسط األجر‬
‫السنوي‪ .‬إال أف ىذه النسبة أعمى كثي ار في فروع عديدة حيث تصؿ إلى ‪5‬ر‪ 38‬في النجارة‪ ،‬وحوالي ‪ %35‬في صناعة األحذية مف‬
‫الفرو والجمد‪ ،‬و ‪ %55‬في صناعات الكحوؿ والمكرونة والطعاـ‪ )318( .‬مف البدييي‪ ،‬إذف‪ ،‬أف مبالغا ضخمة تتركز في أيدي‬
‫مديري الصناعات التي تشغؿ آالؼ العماؿ‪.‬‬
‫الغرض المعمف لصندوؽ المدير ىو بناء مساكف لمعماؿ والموظفيف ونوادي وكانتينات ودور حضانة ورياض أطفاؿ‪،‬‬
‫واعطاء مكافآت لئلنجازات البارزة في العمؿ الخ‪.‬‬
‫ليس لدينا بيانات إحصائية عف كيفية توزيع إيرادات صندوؽ المدير‪ .‬اإلشارة الوحيدة التي لدينا وردت في جريدة " از اند‬
‫ستريالزاتسيا" في ‪ 39‬أبريؿ‪ ،8927‬والتي نشرت أرقاما تتعمؽ بتوزيع إيرادات "صندوؽ المدير" في شركة بورشف في خاركوؼ‪.‬‬
‫مف بيف الػ ‪ 61‬ألؼ روبؿ التي كونت صندوؽ المدير حصؿ المدير عمى ‪ 33‬ألؼ لنفسو‪ ،‬وسكرتير لجنة الحزب عمى‬
‫‪ 81‬آالؼ ورئيس مكتب اإلنتاج عمى ‪ 8‬آالؼ‪ ،‬ورئيس المحاسبيف ‪ 6‬آالؼ ورئيس المجنة النقابية ‪ 9‬آالؼ‪ ،‬ورئيس الورشة ‪5‬‬
‫آالؼ‪)313(.‬‬
‫تميزت أقساـ أخرى مف الطبقات المميزة أيضا بدخوؿ عالية بشكؿ استثنائي‪ .‬وبينت رسالة إلى "برافدا" مف الكاتب ألكسي‬
‫تولستوي‪ ،‬والكاتب المسرحي‪ ،‬ؼ‪ .‬فشنفسكي‪ ،‬بيدؼ إزالة سوء الفيـ حوؿ الدخوؿ العالية بشكؿ استثنائي لمكتاب مف اإلتاوات‬
‫اليائمة‪ )312( ،‬األرقاـ التالية لدخوؿ المؤلفيف‪:‬‬
‫عدد األفراد‬ ‫الدخوؿ الشيرية في‪8926‬‬

‫‪89‬‬ ‫أكثر مف ‪ 81‬آالؼ روبؿ‬
‫‪88‬‬ ‫‪6‬آالؼ ‪ 81 -‬آالؼ روبؿ‬
‫‪29‬‬ ‫‪ 5111 -3111‬روبؿ‬
‫‪889‬‬ ‫‪ 3111 -8111‬روبؿ‬
‫‪827‬‬ ‫‪ 8111 -511‬روبؿ‬
‫حوالي‪9111‬‬ ‫حتى ‪ 511‬روبؿ‬
‫عندما نتذكر أف متوسط الدخوؿ لكؿ العماؿ والموظفيف السوفيت في نفس ىذه السنة ‪ ، 8926‬كاف ‪ 3776‬روبؿ‪ ،‬أو ‪328‬‬
‫روبؿ في الشير‪ )319( ،‬فإف األمر ال يحتاج إلى تعميؽ‪.‬‬

‫اليوـ‪ ،‬يحصؿ موظفو الحكومة ‪ -‬الذيف ال ينبغي وفقا لمينيف‪ ،‬أف يتقاضوا أكثر مف العامؿ الماىر المتوسط ‪ -‬عمى دخوؿ‬
‫تختمؼ بدرجة كبيرة‪ .‬بقرار مف السوفيت األعمى في ‪ 87‬يناير‪ ،8928‬يحصؿ رؤساء ونواب رؤساء مجمس االتحاد ومجمس‬
‫القوميات عمى مرتبات تعادؿ (‪ 211‬ألؼ روبؿ في السنة‪ ،‬كما يحصؿ كؿ نائب في السوفيت األعمى عمى ‪ 83‬ألؼ روبؿ في‬
‫السنة‪ ،‬باإلضافة إلى ‪ 851‬روبؿ لكؿ يوـ مف أياـ الجمسات‪)315( .‬‬
‫يحصؿ رئيس السوفيت األعمى في جميورية روسيا االشتراكية الفيدرالية السوفيتية ونوابو عمى ‪ 851‬ألؼ روبؿ في السنة‪.‬‬
‫(‪ ) 316‬يمكف افتراض أف رؤساء ونواب رؤساء الجميوريات الفيدرالية األخرى يحصموف عمى نفس المرتبات‪ .‬كاف جندي الجيش‬
‫السوفيتي يحصؿ عمى ‪ 81‬روبؿ في الشير أثناء الحرب‪ ،‬والمبلزـ ‪ 8111‬روبؿ والعقيد ‪ 3911‬روبؿ‪ .‬في الجيش األمريكي‪ ،‬الذي‬
‫ال يمكف ميما اتسع بنا الخياؿ أف نسميو جيشا اشتراكيا‪ ،‬كاف معدؿ المدفوعات الشيرية لمجندي ‪ 51‬دوالر‪ ،‬والمبلزـ ‪ 851‬دوالر‪،‬‬
‫والعقيد ‪ 222‬دوالر‪)317( .‬‬
‫لمبيروقراطييف أيضا مصدر ممكف آخر لمدخؿ وىو حوافز الدولة المتعددة‪ 1‬المرسوـ األصمي الذي أعمف إنشاء جوائز‬
‫ستاليف بمناسبة عيد الميبلد الستيف لمزعيـ حدد قيمتيا بحد أقصى ‪ 811‬ألؼ روبؿ لمجائزة‪ )318( .‬وقد تـ رفع الحد األقصى منذ‬
‫ذلؾ الوقت إلى ‪ 211‬ألؼ روبؿ‪ ،‬ويتـ في كؿ عاـ منح حوالي ألؼ جائزة ستاليف‪ ،‬تتراوح كؿ منيا بيف ‪ 51‬ألؼ و ‪ 211‬ألؼ‬
‫روبؿ‪ ،‬معفاة مف الضرائب‪.‬‬
‫مؤشر واضح آخر عمى الفوارؽ اليائمة في الدخؿ في روسيا ىو معدالت ضريبة الدخؿ‪ .‬تضمنت معدالت ضريبة الدخؿ‬
‫الصادرة في ‪ 9‬إبريؿ ‪ 8991‬مجموعة مف الدخوؿ تراوحت بيف ما يقؿ عف ‪ 8811‬روبؿ في السنة وما يزيد عف ‪ 211‬ألؼ روبؿ‪.‬‬
‫(‪)319‬‬
‫المسئوؿ الحكومي الكبير‪ ،‬أو المدير‪ ،‬أو الكاتب الناجح لو بيت في موسكو وبيت صيفي في القرـ‪ ،‬وسيارة أو اثنتيف‪،‬‬
‫وعدد مف الخدـ‪ ،‬وما إلى ذلؾ‪ ،‬كأمر مفروغ منو‪.‬‬
‫وحتى أثناء الحرب‪ ،‬عندما بذلت كافة الجيود ‪ -‬في مواجية الطوارئ ‪ -‬النتزاع الحد األقصى مف اإلنتاج مف العماؿ‪،‬‬
‫كانت توجد فوا رؽ شديدة في ظروؼ الطبقات المختمفة‪ .‬ذكرت خادمة ليا طفبلف‪ ،‬أحدىما في العاشرة واآلخر في الثالثة‪ ،‬أللكسندر‬
‫ويرث في عاـ ‪" :8993‬يعيش األطفاؿ أساسا عمى الخبز والشاي‪ ،‬يحصؿ الصغير عمى مواد لبنية بديمة ‪ -‬ماذا تستطيع أف‬
‫تفعؿ؟ مادة مكونة مف فوؿ الصويا‪ ،‬ببل طعـ وذات قيمة غذائية منخفضة‪ .‬لقد حصمت عمى سمكة صغيرة فقط بواسطة كوبونات‬
‫المحـ الخاصة بي ىذا الشير‪ .‬أحيانا ما أحصؿ عمى قدر ضئيؿ مف الشوربة المتبقية في المطعـ ‪ -‬وىذا كؿ ما ىناؾ"‪)381( .‬‬
‫في نفس الوقت‪ ،‬كاف ألكسندر ويرث يستطيع أف يكتب في مفكرتو‪" :‬كاف الغذاء في "الوطني" اليوـ فاخ ار جدا‪ ،‬فعمى‬
‫الرغـ مف نقص الطعاـ في موسكو‪ ،‬إال أنو يبدو دائما أف ىناؾ ما يكفي مف أفضؿ أنواع الطعاـ عندما يوجد ما يدعو ألي نوع مف‬
‫الوليمة الكبيرة حيف يكوف أشخاص رسميوف مدعويف‪ .‬بالنسبة لمزكوسكي كاف ىناؾ أفضؿ أنواع الكافيار الطازج‪ ،‬والكثير مف الزبد‬
‫والسمموف المدخف‪ ،‬ثـ سمؾ الحفش (يؤخذ منو الكافيار "المترجم") وبعد الحفش كستميتو بالماريشاؿ‪ ،‬ثـ ثمج وقيوة مع الكونياؾ والميكور‪،‬‬
‫وكاف ىناؾ تحت المنضدة وبطوليا الصؼ المعتاد مف الزجاجات"‪)388( .‬‬
‫أعطى نظاـ الحصص التموينية أثناء الحرب صورة حية النقساـ المجتمع الروسي إلى أقمية مرفية وعواـ‪ .‬لقد تـ إدخاؿ‬
‫نظاـ حصص تموينية تفاضمي‪ ،‬وىو شيء ما كاف ألحد أف يجرؤ عمى اقتراحو في دوؿ الغرب الرأسمالية الديمقراطية‪ .‬ومف‬

‫الصحيح أف ىذا كاف مريعا حتى بالنسبة لمشعب السوفيتي‪ ،‬حتى أف "برافدا" و "ازفستيا" لـ تذك ار الموضوع عمى اإلطبلؽ‪ ،‬وتـ‬
‫إسداؿ ستار السرية عمى نظاـ الحصص التموينية ككؿ (‪.)383‬‬
‫في واقع األمر فإف كماليات األغنياء أرخص كثي ار نسبيا مف ضروريات الفقراء‪ .‬يمكف إدراؾ ذلؾ بوضوح إذا كررنا بعض‬
‫أرقاـ معدؿ ضريبة المبيعات‪)382( :‬‬
‫الضريبة‬ ‫السمعة‬
‫‪%79 -72‬‬ ‫القمح‬
‫‪%81 -71‬‬ ‫الممح بالجممة‬
‫‪%78 -67‬‬ ‫المحـ(البقري)‬
‫‪%91‬‬ ‫الكافيار‬
‫‪%35‬‬ ‫أجيزة الراديو‬
‫‪%3‬‬ ‫السيارات‬
‫نتيجة لذلؾ‪" :‬في منتصؼ عاـ‪ ،8998‬كانت السيارة نوع موسكوفيتش (ثمنيا تسعة آالؼ روبؿ) تعادؿ ‪ 281‬رطبل مف‬
‫الزبد (ثمف الزبد ‪ 66 - 63‬روببل لمرطؿ)‪ ،‬في حيف أف سيارة أفضؿ قميبل في الواليات المتحدة كانت تساوي ‪ 8751‬رطبل مف‬
‫الزبد"‪)389( .‬‬
‫تؤدي فوارؽ الدخؿ إلى اختبلفات واسعة في الممكية الموروثة‪ .‬في األياـ األولى لمثورة‪ ،‬وبمقتضى مرسوـ ‪37‬‬
‫أبريؿ‪ ،8988‬تمت مصادرة كؿ المواريث التي تزيد عف عشرة آالؼ روبؿ‪ )385( .‬كاف ىذا متفقا مع روح البياف الشيوعي الذي‬
‫وضع إلغاء كؿ حقوؽ الوراثة كأحد متطمبات االنتقاؿ مف الرأسمالية إلى االشتراكية‪ 1‬بعد ذلؾ بسنوات قميمة‪ ،‬تغير القانوف جذريا‪،‬‬
‫وبحموؿ عاـ ‪ 8939‬كاف ىناؾ جدوؿ لضريبة الميراث يتراوح بيف ألؼ روبؿ وأقؿ وبيف ‪ 511‬ألؼ روبؿ وأكثر‪ )386( .‬في الوقت‬
‫الحاضر ال تتجاوز ضريبة الميراث ‪ ،%81‬وىو مقدار منخفض جدا‪ ،‬حتى بالمقارنة بضرائب الميراث في بريطانيا والواليات‬
‫المتحدة الرأسماليتيف‪.‬‬
‫أثناء الحرب األخيرة حكى فيض مف التقارير الصادرة عف الصحافة الروسية عف أشخاص أعطوا لمحكومة قروضا تساوي‬
‫مميوف روبؿ أو أكثر‪ .‬شرح "أصدقاء االتحاد السوفيتي" ذلؾ بالطريقة التالية‪" :‬في االتحاد السوفيتي اكتسب المميونير روببلتو بكده‬
‫وبالخدمات التي يقدميػا لمدولة ولمشعب السوفيتي"‪)387( .‬‬
‫إذا اختبرنا ىذا التصريح‪ ،‬سنجد أنو حتى عاـ‪ ،8991‬وحيث أف متوسط دخؿ العماؿ والموظفيف كاف أربعة آالؼ روبؿ‬
‫فقط‪ ،‬فإف جمع مميوف كاف يستغرؽ العامؿ العادي ‪ 351‬سنة ‪ -‬بافتراض عدـ إنفاقو عمى نفسو عمى اإلطبلؽ‪ .‬يحصؿ المميونير‬
‫السوفيتي‪ ،‬عمى شكؿ فوائد فقط عمى ‪ 51‬ألؼ روبؿ لكؿ مميوف‪ ،‬وىو ما يفوؽ بأضعاؼ مضاعفة دخؿ أي عامؿ‪.‬‬
‫إف أوضح تعبير عف انقساـ المجتمع الروسي إلى أقمية مرفية وعواـ ىو نظاـ المعاشات الحكومي‪ .‬إذا توفي جندي‬
‫بالجيش‪ ،‬تحصؿ أسرتو عمى معاش شيري يتراوح بيف ‪5‬ر‪ 53‬روببل و ‪ 391‬روببل إذا كاف عامبل أو موظفا قبؿ استدعاءه‪ .‬أما إذا‬

‫لـ يكف عامبل أو موظفا‪ ،‬تحصؿ أسرتو عمى أربعيف أو سبعيف أو تسعيف روببل وفقا لما إذا كاف يعوؿ شخصا أو اثنيف أو ثبلثة أو‬
‫أكثر غير قادريف عمى العمؿ‪ .‬يحصؿ الناس في المناطؽ الريفية عمى ‪ %81‬فقط مف ىذه المعدالت‪ .‬في مقابؿ ىذا‪ ،‬تحصؿ أسرة‬
‫العقيد المتوفى عمى ‪ 8931‬روببل في الشير‪ )388( .‬يحصؿ عياؿ العامؿ الذي يقتؿ في حادث في العمؿ عمى ‪ 311‬روببل‬
‫شيريا كحد أقصى (إال في حاالت نادرة حيث يحصموف عمى ‪ 211‬روببل)‪ )389( .‬في مقابؿ ىذا يحصؿ بعض األشخاص‬
‫المرفييف عمى مبالغ كبيرة عند وفاة رب األسرة‪ .‬عندما توفي ـ‪1‬ؼ‪ 1‬فبلديميرسكي‪ ،‬النائب في السوفيت األعمى‪ ،‬منحت أرممتو مبمغ‬
‫خمسيف ألؼ روبؿ ومعاشا شيريا يعادؿ ألفيف روببل مدى الحياة‪ ،‬في حيف حصمت شقيقتو عمى معاش شيري يعادؿ ‪ 751‬روببل‬
‫مدى الحياة‪ )331( .‬عندما توفي المواء ؼ‪1‬أ‪ 1‬يوسكيفتش‪ ،‬منحت أرممتو مبمغ خمسيف ألؼ روبؿ ومعاشا شيريا يعادؿ ألفيف روبؿ‬
‫مدى الحياة (‪ )338‬تمتمئ الصحافة بأمثمة مماثمة أخرى‪.‬‬
‫يعد سمـ التعميـ جزءا ال يتج أز مف عبلقات التوزيع العدائية‪ .‬أعمنت المادة ‪ 838‬مف دستور ستاليف لعاـ ‪" :8926‬مواطنو‬
‫االتحاد السوفيتي ليـ حؽ التعميـ‪ .‬يتـ ضماف ىذا الحؽ بواسطة التعميـ العاـ اإلجباري األولى‪ ،‬ويكوف التعميـ ‪ -‬بما في ذلؾ التعميـ‬
‫العالي ‪ -‬مجانيا‪ ،‬الخ‪ 1.‬الخ‪ ..‬ولكف حتى عندما يكوف كؿ التعميـ مجانيا‪ ،‬فإف ذلؾ ال يوفر مساواة حقيقية في فرص الدراسة بيف‬
‫األطفاؿ الفقراء واألغنياء‪ ،‬ألف الفقراء عمييـ أف يبدأوا في الكسب بأسرع ما يمكف‪ ،‬وألف كثي ار مف األسر تعجز عف التكفؿ بأطفاليا‬
‫أثناء دراستيـ‪ .‬ليس مف المدىش إذف أف نسبة األطفاؿ المنتفعيف مف التعميـ في االتحاد السوفيتي تقؿ مع تقدـ التعميـ‪ .‬في السنة‬
‫الدراسية ‪ ،8991- 8929‬مثبل‪ ،‬كاف العدد اإلجمالي لمطمبة المنخرطيف في جميع المعاىد التعميمية كاآلتي‪)333( :‬‬
‫العدد (باآلالؼ)‬
‫‪31978‬‬ ‫المدارس االبتدائية (الفصوؿ مف األوؿ لمرابع)‬
‫‪9785‬‬ ‫المدارس الثانوية الصغيرة (الفصوؿ ‪7- 5‬‬
‫‪8871‬‬ ‫المدارس الثانوية الكاممة (الفصوؿ ‪)81- 8‬‬
‫‪995‬‬ ‫المدارس الثانوية الفنية والمصنعية‬
‫‪631‬‬ ‫الجامعات والمدارس الفنية العالية‬
‫إذا عرفنا عدد األطفاؿ في األعمار المختمفة في الببلد‪ ،‬يصبح مف الممكف حساب نسب األطفاؿ في األعمار المختمفة‬
‫المنخرطيف في التعميـ‪ .‬إال أنو حتى بدوف ىذه المعمومات‪ ،‬وعمى أساس األرقاـ الموجودة في الجدوؿ أعبله‪ ،‬فإف االختبلؼ في‬
‫فرص التعميـ لؤلطفاؿ مف أعمار مختمفة واضح‪ .‬بافتراض أف كؿ األطفاؿ بيف السابعة والحادية عشرة مف العمر يذىبوف إلى‬
‫المدارس‪ ،‬فإف أقؿ مف نصؼ ىذا العدد كاف لدييـ الحظ الكافي لمبقاء ألكثر مف أربع سنوات‪ .‬واحد مف كؿ عشرة فقط ناؿ تعميما‬
‫ألكثر مف سبع سنوات‪ ،‬وأقؿ مف واحد مف كؿ عشريف أنيى برنامج السنوات العشر (في مقابؿ تعميـ العشر سنوات اإلجباري في‬
‫بريطانيا الرأسمالية)‪.‬‬
‫حتى قبؿ تطبيؽ رسوـ لمجامعات والكميات الفنية والمدارس العالية األخرى‪ ،‬اضطر كثير مف التبلميذ الذيف نجحوا في‬
‫الوصوؿ إلى الجامعات والمدارس الفنية العالية إلى عدـ إكماؿ دراستيـ بسبب الصعوبات المالية‪ .‬في الفترة بيف عامي ‪ 8938‬و‬
‫‪ 8928‬كاف العدد اإلجمالي لؤلشخاص المقبوليف في كميات اليندسة لمتدريب لمصناعة والنقؿ‪ ،619311‬في حيف تخرج ‪393211‬‬
‫فقط‪ .‬العدد المقبوؿ في الكميات الفنية كاف ‪ 8163111‬وعدد المتخرجيف ‪ 263711‬فقط‪)332( .‬‬

‫في عاـ‪ ،8928‬كاف ‪2‬ر‪ %93‬مف كؿ الطبلب في المدارس العالية مف أبناء االنتمجنسيا‪ )339( .‬مف ذلؾ الوقت‪ ،‬لـ‬
‫تنشر إحصائيات عف التكويف االجتماعي لمطبلب‪ ،‬ولكف ال شؾ أف نسبة الطمبة مف البيوت "الكريمة" قد ارتفعت‪ ،‬بسبب فرض‬
‫الرسوـ منذ عاـ ‪ 8991‬فصاعدا‪.‬‬
‫تقوؿ المادة ‪ 896‬مف دستور ستاليف "ال يمكف تعديؿ الدستور باالتحاد السوفيتي إال بقرار مف السوفيت األعمى لبلتحاد‬
‫السوفيتي يتخذ بواسطة أغمبية الثمثيف عمى األقؿ في كؿ مف مجمسيو" لـ يمنع ىذا الحكومة مف فرض رسوـ عمى التعميـ الثانوي‬
‫العالي والجامعي دوف حتى دعوة السوفيت األعمى لبلجتماع لتعديؿ المادة ‪ 838‬مف الدستور المذكور أعبله‪ ،‬والتي نصت عمى أف‬
‫يكوف التعميـ مجانيا‪ .‬لقد فرض مرسوـ صدر عف مجمس قوميساريات الشعب‪ ،‬المنشور في ‪ 3‬أكتوبر‪ )335( ،8991‬رسما يبمغ‬
‫‪ 311 - 851‬روبؿ سنويا لمفصوؿ العالية في المدارس الثانوية (الفصوؿ الثامف والتاسع والعاشر)‪ ،‬و‪ 511 - 211‬روبؿ سنويا‬
‫لمكميات‪ .‬يمكف تقدير حجـ ىذه المبالغ بمقارنتيا بمتوسط األجور والمرتبات في ىذه الفترة‪225 ،‬روبؿ في الشير‪ ،‬مع وقوؼ أجر‬
‫كثير مف العماؿ عند حد ‪ 851‬روبؿ فقط في الشير‪ .‬مف الواضح أف فرض الرسوـ ىو حاجز فعاؿ أماـ التعميـ العالي‪ ،‬خاصة في‬
‫العائبلت التي تضـ ثبلثة أو أربعة أطفاؿ‪.‬‬
‫لجعؿ األمور أسوأ‪ ،‬كاف لدى الحكومة السوفيتية الجرأة الكافية إلعبلف أف فرض ىذه الرسوـ مؤش ار عمى الرخاء المتنامي‬
‫لمشعب‪ .‬جاء في مقدمة المرسوـ "آخذا في االعتبار المستوى األعمى مف الرفاىية المادية لمكادحيف‪ ،‬والنفقات العظيمة لمدولة‬
‫السوفيتية في بناء وكفالة وتوفير المعدات لمعدد المتزايد بثبات مف المدارس الثانوية والعالية‪ ،‬يقر مجمس قوميساريات الشعب‬
‫ضرورة فرض جزء مف نفقات التعميـ في المدارس الثانوية والعالية لبلتحاد السوفيتي عمى الكادحيف أنفسيـ‪ ،‬وبالتالي يقرر‪ " :‬نفس‬
‫نوع المنطؽ يؤدي إلى االستنتاج إلى أف المجتمع المزدىر حقا ىو مجتمع ينبغي أف يدفع فيو الناس نفقات حتى التعميـ األولي!"‬
‫مف المؤكد أنو كاف واضحا لمطبلب أف الحاجة لدفع رسوـ لـ تكف دليبل عمى ظروؼ مزدىرة بيف العاـ الدراسي ‪- 8991‬‬
‫‪ ،8998‬الذي تـ إدخاؿ الرسوـ أثناءه‪ ،‬والعاـ الدراسي ‪ ،8992- 93‬ترؾ حوالي ‪ %31‬المدارس العالية في جميورية روسيا‬
‫الفيدرالية بسبب "الغربمة المتصمة بإدخاؿ الرسوـ عمى التعميـ والتغيرات في وسائؿ توزيع الرواتب" (‪)336‬‬
‫أمر مرسوـ آخر صادر في نفس اليوـ‪ 3 ،‬أكتوبر ‪ ،8993‬حوؿ "احتياطي العمؿ لبلتحاد السوفيتي " بالتجنيد السنوي لما‬
‫بيف ‪ 811‬ألؼ ومميوف ولد بيف الرابعة عشرة والسابعة عشرة مف العمر (عمر الفصوؿ مف الثامف إلى العاشر) في التعميـ الميني‬
‫اإلجباري‪ .‬تـ النص عمى عدد األطفاؿ المطموبيف مف كؿ منطقة‪ ،‬وتقرر أف يكوف تنفيذ األمر مسئولية سوفييت المنطقة أو البمدة‪.‬‬
‫(‪ ) 337‬تـ تكويف لجاف تضـ رئيس سوفييت البمدة أو المنطقة‪ ،‬وممثؿ نقابي‪ ،‬والسكرتير المحمي لمكومسوموؿ‪ ،‬تقوـ بإعطاء‬
‫تعميمات لكؿ مدرسة بتوفير عدد معيف مف األطفاؿ يختارىـ المدرس‪ .‬ولما كاف تبلميذ الصفوؼ مف الثامف إلى العاشر معفييف فإف‬
‫ىذا النظاـ يقع بالكامؿ تقريبا عمى تبلميذ األسر الفقيرة‪( .‬تتضح قسوة النظاـ المفروض عمى الشباب المجند بالمدارس المينية مف‬
‫واقع أف ترؾ المدرسة ببل إذف وانتياكات النظاـ األخرى تعاقب بما يصؿ إلى االعتقاؿ لمدة عاـ في إصبلحية(‪ .)338‬ولتوسيع‬
‫الشبكة‪ ،‬قرر مجمس السوفيت األعمى في ‪ 89‬يونيو‪ ،8997‬رفع الحد العمري الحتياطي العمؿ‪ ،‬وفي عدد مف الصناعات تـ رفعو‬
‫إلى تسعة عشر عاما مف العمر‪)339( .‬‬
‫عند النظر لممرسوميف الصادريف في ‪ 3‬أكتوبر‪ ،8991‬ال يستطيع المرء إال أف يتذكر البياف الصادر في عاـ ‪ 8887‬عف‬
‫دليانوؼ‪ ،‬وزير تعميـ ال قيصر الكساندر الثالث "إف الوزير‪ ،‬رغبة منو في تحسيف مستوى التبلميذ في المدارس الثانوية‪ ،‬قرر أف أبناء‬
‫العربجية والخدـ الطباخيف والغساالت وأصحاب الدكاكيف الصغيرة وأمثاؿ ىؤالء الناس ال ينبغي تشجيعيـ عمى االرتفاع فوؽ البيئة‬
‫التي ينتموف إلييا"‪ .‬وختاما‪ ،‬يتضح مما سبؽ ذكره أف الفرؽ بيف فوارؽ الدخؿ قبؿ الخطة الخمسية وبعد إدخاليا يتجاوز بالضرورة‬

‫نطاؽ الكـ وحده ويصبح فارقا كيفيا أيضا‪ .‬إذا كاف المتخصص أو مدير المصنع يحصؿ عمى ما بيف أربعة وثمانية إضعاؼ ما‬
‫يحصؿ عميو العامؿ غير الماىر‪ ،‬فإف ىذا ال يعني بالضرورة وجود عبلقة استغبلؿ بيف االثنيف‪ .‬العامؿ الماىر أو المتخصص أو‬
‫المدير ينتج قيما أكثر مف العامؿ غير الماىر في ساعة العمؿ الواحدة‪.‬‬
‫بؿ حتى لو كاف المتخصص يحصؿ عمى أكثر مف الفارؽ في القيـ التي ينتجونيا‪ ،‬فإف ىذا ال يثبت أنو يستغؿ العامؿ‬
‫غير الماىر‪ .‬يمكف التدليؿ عمى ذلؾ ببساط ة‪ ،‬دعونا نفترض أنو في دولة عمالية‪ ،‬ينتج عامؿ غير ماىر ضرورياتو في ست‬
‫ساعات يوميا‪ .‬وأنو يعمؿ ثماف ساعات‪ ،‬حيث تخصص الساعتاف اإلضافيتاف إلنتاج الخدمات االجتماعية‪ ،‬وزيادة كمية وسائؿ‬
‫اإلنتاج في أيدي المجتمع‪ 1.‬الخ‪ .‬حيث أف ساعتي العمؿ ىاتيف ليستا عمبل لشخص آخر وانما لو لنفسو‪ ،‬فإنو مف الخطأ وصؼ‬
‫ىذا العمؿ بأنو عمؿ فائض‪ .‬ولكف تجنبا إلدخاؿ مصطمح آخر‪ ،‬ولكي نميز ساعتي العمؿ عف الساعات الست األولى‪ ،‬دعونا‬
‫نسميو "عمؿ فائض" في حيف نسمي الساعات الست "عمؿ ضروري"‪ .‬مف أجؿ التبسيط‪ ،‬دعنا نقوؿ أف ساعة العمؿ غير الماىر‬
‫تنتج القيمة المتجسدة في شمف واحد‪ .‬ينتج العامؿ غير الماىر إذف ‪ 8‬شمنات ويحصؿ عمى ‪ .6‬دعونا نفترض أف المتخصص ينتج‬
‫‪ 5‬وحدات قيمة‪ ،‬أو ‪ 5‬شمنات في ساعة عممو‪ .‬إذا حصؿ المتخصص عمى خمسة أمثاؿ ما يحصؿ عميو العامؿ الماىر‪ ،‬أي ‪21‬‬
‫شمنا‪ ،‬فمف الواضح عدـ وجود عبلقة استغبلؿ بينيما‪ .‬وحتى لو حصؿ عمى ستة أمثاؿ ما يحصؿ عميو العامؿ غير الماىر‪ ،‬في‬
‫حيف أنو ال ينتج سوى خمسة أضعاؼ ما ينتجو األخير‪ ،‬فإف ىذا ال يعني وجود عبلقة استغبلؿ ألف المتخصص في ىذه الحالة‬
‫يحصؿ عمى ‪ 26‬شمنا يوميا في حيف أنو ينتج ‪ 91‬شمنا‪ .‬ولكف إذا حصؿ المتخصص عمى ‪ 811‬شمف أو‪ ،311‬فإف الوضع يكوف‬
‫مختمفا بشكؿ جوىري‪ .‬في مثؿ ىذه الحالة‪ ،‬سيكوف جزءا كبي ار مف دخمو بالضرورة آتيا مف عمؿ اآلخريف‪ .‬تبيف اإلحصائيات التي‬
‫في متناوؿ أيدينا بشكؿ قاطع أنو عمى الرغـ مف أف البيروقراطية تمتعت بوضع متميز في الفترة السابقة عمى الخطة الخمسية‪،‬‬
‫فميس ىناؾ أساس لم قوؿ بأنيا في أغمب الحاالت كانت تحصؿ عمى فائض قيمة مف عمؿ اآلخريف‪ .‬ويمكف القوؿ بنفس القطع أنو‬
‫منذ إدخاؿ الخطط الخمسية‪ ،‬تكوف دخؿ البيروقراطية إلى حد كبير مف فائض القيمة‪.‬‬
‫سوء اإلدارة البيروقراطية‬
‫في ظؿ الرأسمالية القائمة عمى الممكية الخاصة لوسائؿ اإلنتاج‪ ،‬يستخدـ الرأسمالي آلية السوؽ بمثابة بوصمة مالية‪ ،‬مع‬
‫تحديدىا األعمى ألسعار عناصر اإلنتاج باإلضافة لسعر السمعة المنتجة‪ .‬عميو أف يدير نظاـ محاسبة دقيؽ‪ ،‬عقوبتو عمى سوء‬
‫الحساب ىي الخسارة المالية‪ ،‬أما عقوبة الخطأ الكبير ‪ ،‬فيي اإلفبلس‪ .‬في ظؿ اقتصاد تييمف عميو الدولة‪ ،‬حيث تحدد أغمب‬
‫األسعار إداريا‪ ،‬وحيث ال يتصؿ دخؿ مدير المؤسسة بعبلقة مباشرة بالحالة االقتصادية الحقيقية لمؤسستو‪ ،‬فإف نظاـ المحاسبة‬
‫الدقيؽ يصبح أكثر ضرورة‪ ،‬حيث يستطيع مدير المؤسسة إخفاء عيوب المشروع لفترة طويمة إذا كاف ذلؾ ضروريا‪ ،‬فيو ليس‬
‫خاضعا لقانوف السوؽ وحده‪ .‬بدوف نظاـ محاسبة دقيؽ‪ ،‬يمكف استيعاب أي تشوه في مشروع ما كعنصر في حسابات مشاريع‬
‫أخرى‪ ،‬وىكذا بطريقة تراكمية‪ .‬يستطيع الكرمميف معاقبة المدير الذي يفشؿ‪ ،‬ولكف الفشؿ ال يظير إال بعد أف يكوف الضرر قد حدث‬
‫بالفعؿ‪ .‬ومرة أخرى‪ ،‬فإف الطابع اإلداري والشديد القسوة لمعقوبات المنتظرة (إنزاؿ الرتبة‪ ،‬السجف‪ 1.‬الخ) ال يعطي سوى إلحاحا‬
‫وتشجيعا إضافيا لممدير الذي يخفي الحقائؽ‪ ،‬كما يعطي حاف از أكبر لمثؿ ىؤالء المديريف لمتآمر مع مسئوليف آخريف في اإلدارة‪.‬‬
‫فضبل عف ذلؾ‪ ،‬فإف نفس الطابع الذي ال يعرؼ الرحمة لمعقوبات يوليو درجة عالية مف الحذر ‪ -‬وال نقوؿ الخوؼ ‪ -‬لدى أي مدير‬
‫يواجو بالحاجة لممخاطرة أو اتخاذ قرار‪ .‬ومف ىنا يوجد ميؿ واضح عمى اتساع الجانب اإلداري مف الصناعة الروسية إللقاء‬
‫المسئولية عمى اآلخريف والزيادة المفرطة في عدد المسئوليف غير المنتجيف‪ .‬ومع ذلؾ‪ ،‬مرة أخرى‪ ،‬فإف ىؤالء المديريف شديدي‬
‫الوعي بالطابع اإلداري المتصمب لمعقوبات التي تيددىـ‪ ،‬وبالتالي بمدى اعتماد مصيرىـ عمى ق اررات تعسفية تنتج تمقائيا عف‬
‫سياسة عامة سارية يمكف ‪ -‬كما حدث كثي ار ‪ -‬أف تستبدؿ بيف يوـ وليمة بأخرى ذات طابع مختمؼ كميا‪.‬‬

‫أخيرا‪ ،‬مف المفروغ منو أف التعقيد والتنوع الغالبيف عمى أي اقتصاد صناعي حديث يتطمب درجة قصوى مف المبادرة‬
‫المستقمة المحمية وأوسع ما يمكف مف حرية إدارية‪ .‬إال أف ىذا وضع في تناقض مباشر مع الحكـ الممعف في البيروقراطية في‬
‫روسيا‪.‬‬
‫االندفاع التصنيعي الستاليني مخطط‪ ،‬إذا عنينا بالتخطيط التوجيو المركزي‪ .‬في ظؿ الرأسمالية الفردية يسير االقتصاد‬
‫بشكؿ أعمى‪ ،‬بحيث أنو يمثؿ في أي لحظة ما مجموع العديد مف الق اررات الفردية والمستقمة (ما يعتبر خارج نطاق اىتمام ىذا المقال‪ ،‬ىو‬
‫بحث الموضوع الهام المتعلق بالخطة الموجهة مركزيا في نطاق الرأسمالية الفردية الحالية خصوصا عندما تمليها ضرورة أوقات الحرب) في روسيا‪ ،‬مع ذلؾ‪،‬‬
‫تقرر الحكومة كؿ شيء تقريبا‪ .‬أما إذا عنينا بمصطمح "االقتصاد المخطط" اقتصاد يتـ فيو تكييؼ وتنسيؽ جميع العناصر المكونة‬
‫في إيقاع واحد‪ ،‬تقؿ فيو االحتكاكات إلى الحد األدنى‪ ،‬كما ‪ -‬قبؿ كؿ شيء ‪ -‬يسود فيو بعد النظر في اتخاذ الق اررات االقتصادية‬
‫‪ -‬فاالقتصاد الروسي إذف ليس مخططا عمى اإلطبلؽ‪ .‬انتيجت الخطة الخمسية األولى بناء عمى افتراض أف الزراعة ستظؿ‬
‫أساسا في أيدي الفبلحيف الفردية (كاف مقد ار أف تنتج الكولخوزات ‪5‬ر‪ %88‬فقط مف إجمالي إنتاج القمح في الببلد أثناء السنة‬
‫األخيرة مف الخطة) (‪ )321‬وعندما انتيت كاف ‪ %71‬مف الزراعة في الكولخوزات والسوفخوزات‪ .‬لقد توقعت الخطة االرتفاع التالي‬
‫في الماشية‪ :‬الخيؿ ‪8‬ر‪ 6‬مميوف‪ ،‬البقر ‪5‬ر‪ 89‬مميوف الخنازير ‪3‬ر‪ 83‬مميوف‪ ،‬الخراؼ والماعز ‪8‬ر‪ 38‬مميوف‪ ،‬واإلجمالي ‪6‬ر‪68‬‬
‫مميوف‪ )328( ،‬في الواقع‪ ،‬انخفض عدد الخيؿ بمقدار ‪9‬ر‪ 82‬مميوف‪ ،‬والبقر ‪3‬ر‪ 21‬مميوف‪ ،‬والخنازير ‪9‬ر‪ 89‬مميوف‪ ،‬والخراؼ‬
‫والماعز ‪6‬ر‪ 99‬مميوف‪ ،‬وانخفض المجموع بمقدار ‪8‬ر‪ 852‬مميوف‪ )323( .‬كما افترضت الخطة أيضا أف العبلقات بيف جميع‬
‫فروع االقتصاد ستقوـ عمى التبادؿ في السوؽ ‪ -‬ومع ذلؾ انتيت الفترة فعميا بنظاـ الحصص بالكامؿ‪ .‬وكاف افتراضا أخ ار ىو أف‬
‫عدد العماؿ الموظفيف في اقتصاد الدولة سيزداد بمقدار ‪ - )322( %22‬ولكنو في واقع األمر زاد بمقدار ‪6‬ر‪ .)329( %96‬كاف‬
‫مفترضا أف ترتفع مستويات المعيشة‪ ،‬إال أنيا انخفضت‪ .‬يمكف افتراض أف أىداؼ اإلنتاج الخاصة بالسمع المختمفة مرتبطة ببعضيا‬
‫الب عض ‪ ،‬ومع ذلؾ فقد تراوح معدؿ تحقيؽ األىداؼ المختمفة عمى نطاؽ واسع جدا‪ .‬افترضت الخطة أف سكاف الريؼ سيزيدوف‬
‫بمقدار ‪ ،%9‬وسكاف المدف بمقدار ‪9‬ر‪ ، %39‬ومجموع السكاف بمقدار ‪ ،%88.8‬إال أف األرقاـ الفعمية عمى التوالي كانت ‪8‬ر‪، 8‬‬
‫‪3‬ر‪8 ،91‬ر‪ .8‬وينطبؽ نفس الشيء عمى الخطط البلحقة‪ .‬التضخـ (ارتفاع ال يقؿ عف ‪ %8511‬في مستوى األسعار أثناء عقدي‬
‫مرحمة الخطط)‪ ،‬والمجاعة الفظيعة في عاـ ‪ ،8922- 8923‬واإلجراءات اإلدارية القاسية ضد الفبلحيف والعماؿ ‪ -‬ىذه ىي بعض‬
‫أعراض افتقاد البيروقراطية لبعد النظر في إدارة االقتصاد‪ ،‬وعدـ التجانس بيف عناصر االقتصاد المختمفة التي تعتمد عمى بعضيا‬
‫البعض‪.‬‬
‫يوجد غياب واضح لمتنسيؽ بيف المصانع المختمفة‪ .‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ :‬وفقا لكبير ميندسي مصنع ج اررات ستالينجراد‪،‬‬
‫ديميانوفيتش‪ ،‬كاف ىناؾ ‪ 752‬ج ار ار تساوي قيمتيا ‪ 88‬مميوف روبؿ مكدسة في مخازف المصنع‪ .‬في أكتوبر‪ ،8991‬بسبب عدـ‬
‫توفر أجزاء كاف ينبغي شراؤىا مف شركات صغيرة بقيمة ‪ 811‬ألؼ روبؿ ‪ -‬أدى ذلؾ إلعاقة خطيرة لئلنتاج‪)325( .‬‬
‫تظير التفككات الكبرى في االقتصاد أيضا مف ظاىرة تتميز بيا روسيا بغرابة بيذا الشكؿ المتطرؼ‪ .‬المشروعات المختمفة‬
‫التي تنتج نفس المنتج تظير اختبلفات ضخمة في نفقات اإلنتاج‪ .‬ىكذا فإف الناتج السنوي مف الحديد الخاـ والصمب لمعامؿ في‬
‫شركات مختمفة في عاـ ‪ 8929‬كاف‪)326( :‬‬
‫الصمب‬ ‫الحديد الخاـ‬ ‫الشركة‬

‫(بالطف)‬ ‫(بالطف)‬
‫‪8868‬‬ ‫‪3891‬‬ ‫اتحاد ماجنيتوجورسؾ‬
‫‪8289‬‬ ‫‪3239‬‬ ‫اتحاد كوزنيتسؾ‬
‫‪-‬‬ ‫‪8722‬‬ ‫شركة كريفوي روج‬
‫‪8179‬‬ ‫‪8679‬‬ ‫"زابورو زتاؿ"‬
‫‪669‬‬ ‫‪8693‬‬ ‫ازفستاؿ‬
‫‪532‬‬ ‫‪3813‬‬ ‫شركة كيرؼ‬
‫‪539‬‬ ‫‪785‬‬ ‫شركة دزيزينسكي‬
‫‪399‬‬ ‫‪799‬‬ ‫شركة بتروفسكي‬
‫‪392‬‬ ‫‪735‬‬ ‫شركة كيراماتورسؾ‬
‫‪911‬‬ ‫‪717‬‬ ‫شركة أوردزونيكيدز‬
‫‪912‬‬ ‫‪626‬‬ ‫شركة فرونز‬
‫في الكتاب الذي أخذ منو الجدوؿ أعبله‪ ،‬ذكر بوضوح تاـ أف السبب الرئيسي وراء ىذه االختبلفات الكبيرة في إنتاجية العمؿ‬
‫ال ترجع لمتبايف في الظروؼ الطبيعية لئلنتاج وانما إلى المعدات التقنية لممشروعات (‪ )327‬في حاالت كثيرة‪ ،‬وحتى حيث ال توجد‬
‫اختبلفات كبيرة في المعدات التقنية لمشركات المعينة‪ ،‬تختمؼ نفقات اإلنتاج كثي ار مف شركة ألخرى‪ .‬ىكذا‪ ،‬فقد كتبت "ازفستيا"‪:‬‬
‫"كثي ار ما تختمؼ نفقات اإلنتاج كثي ار بيف مشروعيف في ظؿ نفس الو ازرة وبنفس المعدات‪ ،‬حيث تبمغ النفقات اإلدارية في أحدىما‬
‫ضعؼ أو ثبلثة أمثاؿ مقدارىا في اآلخر‪ 11.‬يمكف إبعاد مئات اآلالؼ مف العماؿ الزائديف عف الحاجة وتخفيض نفقات اإلنتاج‬
‫بشكؿ ممحوظ إذا ما ساد النظاـ فيما يتعمؽ بييئة العامميف"‪)328( .‬‬
‫سبب آخر الختبلفات النفقات ىو التبايف الكبير في نسب السمع المعيبة‪ .‬في تقريره لمسوفيت األعمى حوؿ ميزانية الدولة‬
‫لعاـ‪ ، 8997‬قاؿ وزير المالية‪ ،‬زفيريؼ‪ ،‬عف مصنعيف إلنتاج المصابيح الكيربائية إف نفقات اإلنتاج في أحدىما كانت خمسة‬
‫أضعاؼ مقدارىا في اآلخر‪ ،‬السبب الذي قدمو لذلؾ كاف أف ‪2‬ر‪ %97‬مف الناتج في أحدىما كاف معيبا في حيف كانت ىذه النسبة‬
‫في الثاني ‪2‬ر‪ %7‬فقط‪ )329( .‬مف البدييي أف مثؿ ىذه االختبلفات في نفقات اإلنتاج ما كاف ليا أف توجد في ظؿ ظروؼ‬
‫الرأسمالية القائمة عمى الممكية الفردي ة‪ .‬المشروع المتخمؼ كاف سيخرج مبك ار مف اإلنتاج‪ .‬ومف البدييي أف الحفاظ عمى ىذه‬
‫الشركات دوف تحقيؽ تساوي أو تقارب في نفقات إنتاجيا يتضمف مف وجية نظر اقتصادية عامة‪ ،‬فاقدا ضخما‪.‬‬
‫ىذا الغياب في التنسيؽ بيف الصناعات المختمفة وعدـ التجانس في نموىا يظير مف خبلؿ االرتفاع واالنخفاض الحاد في‬
‫األسعار وغياب العبلقات المنسجمة بينيا‪ .‬وضح الدكتور جانسي ىذا بوضوح شديد وىاىو أحد األمثمة التي يعطييا‪:‬‬
‫"تطور أسعار الخشب والخشب المنشور أثناء فترة الخطط كاف متناقصا بشكؿ غريب‪ .‬فعقب انخفاض طفيؼ في عاـ‬
‫‪ ،8938- 8937‬ارتفعت أسعار الخشب المنشور أكثر مف‪ ،%811‬بدءا مف أوؿ إبريؿ ‪ .8926‬وقد ظمت ثابتة بعد ذلؾ لمدة‬
‫حوالي ‪ 82‬عاما عمى الرغـ مف التضخـ والنقص الحاد في الخشب وتقطيع شجر الغابات بما يفوؽ كثي ار ما كاف معقوال مف الناحية‬
‫االقتصادية‪ .‬ارتفعت أسعار الخشب المنشور إلى ثبلثة أضعاؼ ما كانت عميو تقريبا وذلؾ ابتداءا مف أوؿ يناير‪ ،8999‬لكي‬
‫تصبح سبعة أضعاؼ ما كانت عميو في عاـ ‪..8937 - 8936‬‬

‫انخفضت أسعار الخشب المستدير الذي تستخدـ كميات كبيرة منو مباشرة في البناء في االتحاد السوفيتي بمقدار‬
‫‪7‬ر‪ %89‬مف عاـ ‪ 8937 - 8936‬إلى عاـ ‪ 8938 - 8937‬ثـ ارتفعت بشكؿ معتدؿ في عاـ ‪ .8926‬ارتفعت أسعار الخشب‬
‫ارتفاعا طفيفا مرة أخرى في عاـ‪ ،8999‬ولكنيا ظمت مع ذلؾ أعمى بمقدار معتدؿ فقط مف أسعار عاـ ‪ 8937 - 8936‬وبعد‬
‫ذلؾ‪ ،‬ولكي يتـ تعويض ىذه المتأخرات‪ ،‬تضاعفت أسعار الخشب أربع مرات ونصؼ بضربة واحدة في عاـ ‪ .8999‬وعمى وجو‬
‫التقريب‪ ،‬كانت أسعار الخشب نصؼ أسعار الخشب المنشور في عاـ ‪ ،8937- 36‬في عاـ‪ ،8926‬أصبحت أكثر قميبل مف‬
‫‪ %31‬مف األخيرة‪ ،‬ثـ ارتفعت النسبة إلى ‪ %21‬في عاـ ‪ 8999‬وتجاوزت ‪ %91‬في عاـ‪.8999‬‬
‫أظيرت عارضات ربط السكؾ الحديدية‪ ،‬وىي منتج خشبي بسيط‪ ،‬مع ذلؾ منحى آخر‪ :‬تضاعفت في عاـ ‪ 8926‬ثـ‬
‫زادت أكثر مف الضعؼ مرة أخرى في عاـ ‪ .8992‬وزادت مرة أخرى بأكثر مف الضعؼ في عاـ ‪ 8999‬حتى أصبح السعر ابتداءا‬
‫مف أوؿ يناير ‪ 8999‬حوالي عشرة أضعاؼ مستوى عاـ ‪)391( .8937‬‬
‫في كتاب آخر‪ ،‬يعطي جانسي مثاال آخ ار لغياب الصبلت بيف أسعار السمع المتنافسة أو بيف أسعار المواد الخاـ‬
‫والمنتجات‪:‬‬
‫في عاـ ‪ 8922‬ارتفع سعر الكيروسيف لؤلغراض التقنية إلى حوالي عشرة أضعاؼ ما كاف عميو‪ ،‬لكي يبمغ ‪ 95‬ضعؼ‬
‫سعر فحـ دونباس الجيد‪ .‬في عاـ‪ ،8999‬أصبح سعر نفس الكيروسيف أقؿ مف ستة أضعاؼ سعر الفحـ‪ .‬ال يوجد تبرير ‪ -‬ال‬
‫يمكف حتى إيجاد تفسير ‪ -‬لمثؿ ىذا االختبلؼ‪ .‬المعدالت المختمفة بيف أسعار الكيروسيف والفحـ ىي حالة متطرفة‪ ،‬إال أف ىنالؾ‬
‫عددا النيائيا تقريبا مف التحوالت الواسعة غير المبررة لعبلقات األسعار والمعدالت‪ .‬في ‪ 8999‬كانت كمفة أنواع ىامة مف الصمب‬
‫األسطواني حوالي خمسة إلى ستة أضعاؼ نفس الكمية مف الفحـ‪ ،‬في النصؼ الثاني مف ‪ 8951‬كانت العبلقة حوالي ثبلثة إلى‬
‫واحد فقط " (‪)398‬‬
‫مرة أخرى‪ :‬كاف خطأ فاضحا أف ترفع أسعار الماكينات بمقدار ‪ %25 - 21‬في سنة واحدة (‪ )8999‬ثـ إلغاء الزيادة كميا‬
‫وأكثر في السنة التالية (‪ ،)8951‬أو زيادة معدالت أجر الشحف في السكؾ الحديدية عمى المسافات القصيرة أقؿ كثي ار منيا عمى‬
‫التالية‪.‬‬ ‫المراجعة‬ ‫في‬ ‫تماما‬ ‫األمر‬ ‫عكس‬ ‫ثـ‬ ‫عاـ‪.)8929‬‬ ‫في‬ ‫المعدالت‬ ‫(مراجعة‬ ‫الطويمة‬ ‫المسافات‬
‫(‪)393‬‬
‫لقد أعطى ستاليف نفسو ابرز مثاؿ عمى األساليب الفجة المستخدمة في ضبط األسعار وغياب الروابط بينيا حيث يقوؿ‪:‬‬
‫"إف مسئولي اإلدارة والتخطيط لدينا‪ ،‬مع بعض االستثناءات القميمة‪ ،‬ضعيفو اإللماـ بآليات قانوف القيمة وال يدرسونيا وال‬
‫يستطيعوف أخذىا في االعتبار عند عمؿ حساباتيـ‪ .‬ىذا في الواقع يفسر االرتباؾ الذي ما يزاؿ يحكـ سياسة تحديد األسعار‪ .‬إليكـ‬
‫مثاال واحد مف أمثمة كثيرة‪:‬‬
‫منذ زمف مضى‪ ،‬تقرر تعديؿ أسعار القطف والقمح لمصمحة زراعة القطف‪ ،‬وتحقيؽ أسعار أكثر دقة لمقمح المباع لزارعي‬
‫القطف‪ ،‬وزيادة سعر القطف المسمـ لمدولة‪ .‬قدـ مديرونا ومخططونا اقتراحا بيذا الشأف ما كاف لو إال أف يذىؿ أعضاء المجنة‬
‫المركزية‪ ،‬حيث أنو اقترح تحديد سعر طف القمح عمى نفس المستوى عمميا لطف القطف‪ ،‬وباإلضافة إلى ذلؾ اعتبر االقتراح أف‬
‫سعر طف القمح مساو لسعر طف الخبز‪ .‬ولمرد عمى مبلحظات أعضاء المجنة المركزية بأف سعر طف الخبز يجب أف يكوف أعمى‬
‫مف سعر طف القمح بسبب المصاريؼ اإلضافية لمطحف والخبز‪ ،‬وأف القطف أغمى كثي ار مف القمح‪ ،‬وىو ما يظير أيضا مف‬

‫األسعار في السوؽ العالمي‪ ،‬لـ يجد أصحاب االقتراح أي شيء متماسؾ يقولونو‪ .‬اضطرت المجنة المركزية بالتالي إلى أف تأخذ‬
‫األمر في أيدييا وتخفض أسعار القمح وترفع أسعار القطف"‪)392( .‬‬
‫أي تشويش ىذا! وفي أعمى المستويات في الببلد‪ .‬ظاىرة غريبة أخرى تكشؼ انعداـ التكامؿ بيف المصانع المختمفة‪ ،‬ىي‬
‫ظيور مجموعة مف الوسطاء يرتزقوف مف خبلؿ إيجاد وحدات إنتاج لدييا فائض وأخرى تعاني عج از ثـ ترتيب اتفاقات مقايضة فيما‬
‫بينيا‪ ،‬مخالفيف بذلؾ األسعار المحددة بواسطة السمطات‪ .‬أفػادت "ببلنوفو فوزييستفو" عف حالة مصنع ماكينات ثقيمة وعد بإعطاء‬
‫شركة بناء‪ ،‬في مقابؿ ‪5‬ر‪ 3‬مميوف طوبة‪ ،‬ليس فقط السعر الرسمي لمطوب وانما أيضا الزيادات التالية ‪ 811‬طف مف الفحـ‪،‬‬
‫‪351‬طف مف الخشب‪88 ،‬طف مف الكيروسيف‪ ،‬وكميات متنوعة مف عدد مف السمع األخرى‪ )399( .‬كؿ ىذا غير قانوني‪ ،‬ولكنو‬
‫مع ذلؾ شائع جدا‪ :‬الحكومة البيروقراطية التي تمنع ىذا‪ ،‬ىي ‪ -‬في النياية ‪ -‬سبب وجوده‪.‬‬
‫مثاؿ آخر مف نفس النوع ىو سوؽ الكولخوز‪ ،‬الذي ازدىر بشكؿ خاص أثناء الحرب بوضعو لمطعاـ في التمويف‪ ،‬والذي‬
‫كاف في كؿ شيء ماعدا االسـ "سوقا سوداء"‪.‬‬
‫كذلؾ‪ ،‬ظيور التولكاخ ‪ -‬موفر اإلمدادات ‪ -‬الذي يأخذ‪ ،‬بطريقة غير قانونية تماما‪ ،‬عمولة ضخمة القتنائو موادا‬
‫وماكينات‪ ،‬الخ‪ ،‬أيضا األىمية الكبرى لمببلت ‪ -‬النفوذ الشخصي ‪ -‬في الحصوؿ عمى المواد والماكينات‪ ،‬الخ التي ال يخوؿ لمدير‬
‫المصنع الحؽ في الحصوؿ عمييا‪ .‬تعطي النشرات الروسية اعترافات كثيرة بأنيا كانت ظاىرة بارزة ىناؾ‪ .‬يظير المدى الواسع مف‬
‫النزاعات بيف المشروعات واالتحادات والمجالس الصناعية والو ازرات‪ 1.‬الخ مف العدد الكبير لمدعاوى القضائية فيما بينيا‪ .‬في عاـ‬
‫‪ 8928‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬تـ رفع أكثر مف ‪ 221,111‬قضية في الجوساربيتراز (مجمس تحكيـ الدولة‪ ،‬وىو نظاـ خاص مف‬
‫المحاكـ لفض النزاعات بيف الوحدات االقتصادية) (‪ .)395‬ال يتضمف ىذا الرقـ النزاعات بيف الوحدات االقتصادية ‪ -‬المجالس‬
‫الصناعية والشركات داخؿ و ازرة واحدة ‪ -‬التي تبت فييا مجالس تحكيـ اإلدارات‪ ،‬يكتب برماف‪" :‬أنواع النزاعات التي تنظر فييا‬
‫الجوسابيتراز متنوعة بشكؿ مدىش‪ .‬يدور كث ير منيا حوؿ جودة السمع التي يتـ توريدىا وفقا لمعقد‪ .‬كما يتضمف عدد كبير منيا‬
‫مسألة األسعار‪ ،‬حيث أنو عمى الرغـ مف أف األسعار محددة‪ ،‬إال أف ىناؾ طرقا عديدة لتجنب أو التيرب مف األسعار المقررة‪.‬‬
‫(‪)396‬‬
‫أحد أىـ عناصر سوء اإلدارة البيروقراطية ىو التغيير السريع والمتعسؼ في الق اررات بواسطة الحكومة المركزية ذاتيا‪.‬‬
‫سنعطي القميؿ مف األمثمة‪.‬‬
‫لعدد مف السنوات‪ ،‬كاف مف المسمـ بو االعتقاد بأنو كمما كبر المشروع كمما كاف ذلؾ أفضؿ بصرؼ النظر عف مستويات‬
‫الكفاءة التقنية المثالية‪ .‬ىكذا‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬أعمف ستاليف‪" :‬جميع حجج (العمـ) ضد إمكانية وضرورة خمؽ مصانع قمح‬
‫ضخمة تتراوح بيف ‪ 51‬ألؼ و ‪ 811‬ألؼ ىكتار لكؿ‪ ،‬قد تبلشت إلى غبار"‪)397( .‬‬
‫في عاـ ‪ 8921‬أنشئ كولخوز يتكوف مف ‪ 51‬قرية و ‪ 89‬ألؼ ىكتار‪ ،‬كما شمؿ كولوخوز آخر ‪ 39‬قرية و ‪22552‬‬
‫ىكتارا‪ )398( .‬ومع ذلؾ‪ ،‬فبعد خسائر رىيبة‪ ،‬رجعت الحكومة عمى أعقابيا‪ ،‬في عاـ ‪ 8928‬كاف الكولخوز المتوسط يضـ مساحة‬
‫‪ 989‬ىكتا ار مف األراضي الصالحة لمزراعة‪ .‬لتسع سنوات (‪ )8927-38‬ىيمنت الحماسة لممشروعات العمبلقة حتى حدث التراجع‬
‫الذي أعمف في أعقابو أف "جنوف العممقة" ىو نتيجة األنشطة الخبيثة "لمتروتسكييف والفاشييف"‬

‫في أ وقات أخرى " وضعت أىداؼ اإلنتاج في مستوى عاؿ بشكؿ يدعو لمسخرية‪ ،‬مما أسفر عف معدالت مغامرة‪ ،‬بتكمفة‬
‫جسيمة مف حيث الخراب‪ ،‬واستيبلؾ وبمي الماكينات‪ ،‬وتبديد المواد والعمؿ‪ .‬ىكذا‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬ذكر ج‪ .‬ؾ‪ .‬أوردزونيكيدز‪،‬‬
‫قوميسار الصناعة الثقيمة في المؤتمر السابع عشر لمحزب (‪21‬يناير‪ )8923‬إف الميمة في عاـ ‪ 8923‬كانت‪ " :‬عمى مدى عاـ‬
‫واحد يجب أف تزيد قدرة مصانع المعادف إلى أكثر مف الضعؼ‪ ،‬رافعيف إياىا إلى ‪5‬ر‪ 89 - 82‬مميوف طف (مف الحديد الخاـ)‪1.‬‬
‫ماذا يعني تحقيؽ برنامج إنتاج صناعة الحديد والمعادف في عاـ ‪8923‬؟‪ 11.‬انو يعني إنتاج زيادة مقدارىا ‪ 9‬مميوف طف في عاـ‬
‫واحد‪ 11.‬كـ استغرقت الببلد الرأسمالية مف وقت إلنجاز نفس الشيء؟ إنجمت ار استغرقت ‪ 25‬عاما إلنجاز ذلؾ‪ 11.‬واستغرقت‬
‫ألمانيا عشر سنوات‪ 11.‬الواليات المتحدة ثماف سنوات‪ .‬ويجب عمى االتحاد السوفيتي تحقيؽ ذلؾ في عاـ واحد‪ )399( 1.‬في‬
‫الواقع استغرؽ ذلؾ مف ست لسبع سنوات وليس سنة واحدة‪1‬‬
‫بؿ أف صحيفة ىيئة التخطيط اتخذت موقفا أكثر سخافة في وصفيا أىداؼ الخطة الخمسية الثانية‪ .‬فقد أعمنت أف‬
‫االتحاد السوفيتي سينتج ما يمي في عاـ ‪ 551 -951 :8927‬مميوف طف مف الفحـ‪851 ،‬مميوف طف مف خاـ البتروؿ‪61 ،‬مميوف‬
‫طف مف الحديد الخاـ‪ 851 ،‬مميوف كيمووات ساعة مف الطاقة الكيربائية‪ .‬لقد تعيف تخفيض ىذه بأكثر مف النصؼ في مؤتمر‬
‫الحزب السابع عشر (يناير‪ )8923‬وبأكثر مف ذلؾ أيضا في مؤتمر الحزب السابع عشر (يناير‪ )8929‬الذي مرر المسودة‬
‫النيائية‪.‬‬
‫إف مقارنة بسيطة لؤلىداؼ تظير إلى أي مدى يتسـ تخطيط الحكومة بالتعسؼ والمغامرة‪)351( .‬‬

‫خطة اإلنتاج لعام ‪6937‬‬
‫اإلنجاز الفعمي‬ ‫الكونجرس اؿ ‪87‬‬ ‫مؤتمر الحزب اؿ‪87‬‬ ‫خطة ىيئة التخطيط‬
‫(‪)8927‬‬ ‫لمحزب (‪)8923‬‬ ‫(‪)8923‬‬ ‫(‪)8928‬‬
‫‪1‬ر‪838‬‬ ‫‪6‬ر‪853‬‬ ‫‪351‬‬ ‫‪551-951‬‬ ‫الفحـ (بالمميوف طف)‬
‫‪5‬ر‪21‬‬ ‫‪8‬ر‪96‬‬ ‫‪91-81‬‬ ‫‪851‬‬ ‫البتروؿ الخاـ(بالمميوف طف)‬
‫‪5‬ر‪89‬‬ ‫‪9‬ر‪87‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪61‬‬ ‫الحديد الخاـ(بالمميوف طف)‬
‫‪9‬ر‪35‬‬ ‫‪1‬ر‪28‬‬ ‫‪811‬‬ ‫‪851‬‬ ‫الكيرباء (بالمميوف ؾ و س)‬
‫حادثة أخرى غريبة ولكنيا نموذجية‪ .‬في عاـ‪ ،8928‬كانت لدى عضو ىاـ بالمجمس األعمى لبلقتصاد القومي الجرأة‬
‫الكافية لكي يقوؿ انو ال يعتقد بإمكانية إنتاج ‪ 61‬مميوف بالة مف القطف‪ ،‬وانما ‪ 21‬مميوف فقط‪ )358( .‬لقد تمت محاكمتو‪ ،‬وأعمف‬
‫المدعي‪" :‬إف الرقميف فقط يكفياف إلظيار الضرر العممي لما قاـ بو سوكولوفسكي" اعترؼ سوكولوفسكي‪ ،‬وقاؿ أنو مف الممكف‬
‫بالفعؿ تحقيؽ ‪ 61‬مميوف بالو‪( .‬لـ ينقذه "االعتراؼ"‪ ،‬وكاف عميو أف يدفع ثمف تشككو السابؽ السجف لعشر سنوات)‪ .‬بعد ذلؾ بأربع‬
‫سنوات‪ ،‬في عاـ‪ ،8925‬في مؤتمر لزارعي القطف‪ ،‬قاـ قوميسار الصناعة الخفيفة‪ ،‬لوبيموؼ‪ ،‬وقوميسار الزراعة‪ ،‬شيرنوؼ‪ ،‬بإعبلـ‬
‫ستاليف بأف النجاحات العظيمة في برنامج القطف ستجعؿ مف الممكف في ىذا العاـ إنتاج ‪ 23‬مميوف بالو مف القطف ! اعتبر ستاليف‬
‫ذلؾ بعيد المناؿ وسأؿ بتشكؾ‪" :‬ألست مندفعا خمؼ مشاعرؾ بفعؿ الحماس" (‪)353‬‬
‫تمخيصا‪ ،‬يمكف القوؿ بأنو في روسيا‪ ،‬وبدال مف إتباع خطة حقيقية يتـ المجوء إلى الوسائؿ الصارمة لؤلمر الحكومي‬
‫لمؿء الفجوات في االقتصاد الناتجة عف ق اررات وأنشطة ىذه الحكومة نفسيا‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فبدال مف الحديث عف اقتصاد سوفيتي‬
‫مخطط‪ ،‬سيكوف أكثر دقة أف نتحدث عف اقتصاد مدار بيروقراطيا‪ .‬والواقع أف الدكتاتورية السياسية الشمولية البيروقراطية تساعد‬
‫عمى التغمب عمى نتائج سوء التخطيط‪ ،‬الذي تكمف أصولو في نفس الوقت في ىذا النظاـ البيروقراطي ذاتو‪.‬‬
‫ع مى المرء مع ذلؾ أف يتجنب خطأ افتراض أف سوء اإلدارة الذي يصيب االقتصاد القومي لروسيا بالتآكؿ‪ ،‬يحوؿ دوف‬
‫إنجازات ىامة‪ ،‬بؿ وىائمة‪ .‬توجد بيف سوء اإلدارة البيروقراطية واالندفاع العظيـ ألعمى لصناعة روسيا وحدة جدلية محكمة‪ .‬فبل‬
‫يمكف تفسير رأسمالية الدولة البيروقراطية إال مف خبلؿ تخمؼ قوى اإلنتاج في البمد‪ ،‬واالندفاع العظيـ نحو تنميتيا السريعة‬
‫(باإلضافة إلى سمسمة كاممة مف العوامؿ المرتبطة بذلؾ) و‪ -‬قبؿ كؿ شيء ‪ -‬إخضاع االستيبلؾ لتراكـ رأس الماؿ‪.‬‬
‫روسيا ‪ -‬عمالق صناعي‬
‫إف عظمة وتضحيات الشعب قد طورت روسيا‪ ،‬عمى الرغـ مف سوء اإلدارة البيروقراطية والموارد المبددة إلى قوة صناعية‬
‫عظيمة‪ ،‬فبعد أف كانت فيما يتعمؽ بالناتج الصناعي في المرتبة مف الرابعة في أوروبا والخامسة في العالـ أصبحت األولى في‬
‫أوروبا والثانية في العالـ‪ .‬لقد صحت مف تخمفيا الناعس لكي تصبح بمدا حديثة قوية‪ ،‬متقدمة صناعيا‪ .‬استحقت البيروقراطية بذلؾ‬
‫نفس اإلشادة التي منحيا ماركس وانجمز لمبرجوازية‪" :‬لقد كانت أوؿ مف أظير ما يمكف أف يحققو الفعؿ اإلنساني‪ ..‬لقد أنجزت‬
‫عجائب تفوؽ كثي ار األىرامات المصرية والقنوات الرومانية والكاتدرائيات القوطية‪ ..‬البرجوازية‪ ...‬تجر كؿ األمـ إلى الحضارة‪ ..‬لقد‬
‫خمقت مدنا ضخمة‪ ...‬وبذلؾ أنقذت جزءا كبي ار مف السكاف مف ببلىة الحياة الريفية‪ .‬لقد خمقت البرجوازية‪ ،‬أثناء حكميا الذي لـ‬
‫يتجاوز مائة سنة‪ ،‬قوى إنتاجية أكثر جسامة وأكثر ضخامة مما فعمت كؿ األجياؿ السابقة مجتمعة"‪)352( .‬‬

‫الثمف المدفوع لتحقيؽ ىذه اإلنجا ازت كاف‪ ،‬بالطبع‪ ،‬الشقاء اإلنساني عمى نطاؽ يستحيؿ تقديره‪.‬‬
‫ولكف مف وجية نظر اشتراكية‪ ،‬فإف المعيار الحاسـ ليس ىو نمو اإلنتاج في حد ذاتو‪ ،‬وانما العبلقات االجتماعية التي‬
‫تصاحب ىذا النمو اليائؿ لقوى اإلنتاج‪ .‬ىؿ يصحب ىذا النمو تحسيف في الوضع االقتصادي لمعماؿ‪ ،‬زيادة في قوتيـ السياسية‪،‬‬
‫تعزيز لمديمقراطية‪ ،‬تقميص الفوارؽ االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وتخفيؼ لقمع الدولة؟ ىؿ التنمية الصناعية مخططة‪ ،‬واذا كاف األمر‬
‫كذلؾ‪ ،‬مف يخططيا‪ ،‬ولمصمحة مف؟ ىذه ىي المعايير االشتراكية األساسية لمتقييـ االقتصادي‪.‬‬
‫لقد تصور ماركس أف نمو قوى اإلنتاج في ظؿ الرأسمالية سيدفع اإلنسانية نحو أزمة ال يوجد ليا سوى مخرجيف‪:‬‬
‫أحدىما‪ ،‬ىو إعادة تنظيـ المجتمع عمى أسس اشتراكية‪ ،‬والثاني‪ ،‬ارتداد إلى البربرية‪ .‬إف تيديد البربرية يأخذ شكؿ ربط القوى‬
‫اإلنتاجية اإلنسانية والصناعة والعمـ ‪ -‬أماـ أعيننا ‪ -‬بعربة الحرب والدمار‪ .‬إف مكاف ماجنيتوجورسؾ (ماجنيتوجورسك ىي مدينة بجمهورية‬
‫روسيا االتحادية تعد أكبر مركز حديد وصلب في االتحاد السوفيتي (المترجم)‪ ).‬ومافة البموط (مافة البلوط ىي مدينة أمريكية أنشأت بها الحكومة األمريكية‬
‫المعمل القومي لخامة البلوط في عام ‪ 1943‬كجزء من مشروع مانهاتن إلنتاج قنبلة ذرية أثناء الحرب العالمية الثانية‪( .‬المترجم)) في تاريخ اإلنساف سيحدد‬
‫ليس بإنجازاتيما المادية اليائمة‪ ،‬وانما بالعبلقات االجتماعية والسياسية التي ترتكز عمييا ىذه اإلنجازات‪.‬‬

‫انفصم انخاًَ‪:‬‬
‫انذونت وانحسب فً روضٍا انطتانٍٍُت‬

‫في الفصؿ السابؽ وصفنا الجوانب الرئيسية لمعبلقات االجتماعية واالقتصادية في روسيا‪ .‬في ىذا الفصؿ سنتناوؿ‬
‫النواحي السياسية ‪ -‬الدولة والحزب‪.‬‬
‫ماركس وانجمز حول طبيعة الدولة العمالية‬
‫استخدـ ماركس وانجمز ذلؾ التعبير الذي يوحي نوعا ما بالشؤـ‪ ،‬والذي يساء فيمو عمى نطاؽ واسع‪" ،‬دكتاتورية‬
‫البروليتاريا" لئلشارة إلى مضموف وليس شكؿ الدولة التي ستحؿ محؿ الدولة الرأسمالية‪ ،‬أي أنيما استخدماه لتحديد الطبقة الحاكمة‪.‬‬
‫بالنسبة ليما‪ ،‬في ىذا السياؽ‪ ،‬عنت الدكتاتورية ببساطة الحكـ الطبقي‪ ،‬وبالتالي فاف دولة ‪ -‬المدينة األثينية واإلمبراطورية الرومانية‬
‫وحك ـ نابميوف والحكومة البرلمانية البريطانية وألمانيا بسمارؾ وكوميونة باريس كانت كميا دكتاتوريات‪ ،‬حيث أف طبقة أو عددا مف‬
‫الطبقات كانت تحت حكـ طبقة أخرى في كؿ ىذه األنظمة‪ .‬إف التصور الذي تقدمو كتابات ماركس وانجمز لشكؿ دكتاتورية‬
‫البروليتاريا ىو ديمقراطية كاممة تماما‪ .‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬يذكر البياف الشيوعي أف‪" :‬الخطوة األولى في ثورة الطبقة العاممة ىي‬
‫رفع البروليتاريا إلى وضع الطبقة الحاكمة و كسب معركة الديمقراطية"‪ )8(.‬بعد ذلؾ بأكثر مف أربعيف سنة‪ ،‬كتب إنجمز‪" :‬إذا كاف‬
‫ىنالؾ ثمة شئ مؤكد‪ ،‬فيو أف حزبنا والطبقة العاممة ال يستطيعاف أف يصبل إلى الحكـ إال في ظؿ شكؿ الجميورية الديمقراطية‪ .‬بؿ‬
‫إف ىذا ىو الشكؿ الوحيد لديكتاتورية البروليتاريا‪ ،‬كما أظيرت بالفعؿ الثورة الفرنسية الكبرى" (‪)3‬‬
‫إف أفكار ماركس وانجمز المتعمقة بالشكؿ الديمقراطي لدكتاتورية البروليتاريا‪ ،‬قد تحققت في كوميونة باريس عاـ‪.8878‬‬
‫لقد كتب إنجمز‪ :‬انظروا لكميونة باريس‪ .‬تمؾ كانت دكتاتورية البروليتاريا"‪ )2( .‬كما أشار ماركس إلى أف‪ " :‬أوؿ مرسوـ لمكوميونة‬
‫كاف إلغاء الجيش النظامي‪ ،‬واستبدالو بالجماىير المسمحة"‪ .‬وبعد ذلؾ‪ " :‬تكونت الكوميونة مف أعضاء المجالس البمدية المنتخبوف‬
‫وفؽ قاعدة االقتراع العاـ في أحياء المدينة المختمفة‪ ،‬والذيف يتولوف المسئولية ويستبدلوف خبلؿ فترات قصيرة‪ .‬وقد كاف معظـ‬
‫أعضاء الكوميونة بطبيعة الحاؿ مف العماؿ العادييف‪ ،‬أو ممثميف معترؼ بيـ لمطبقة العاممة‪ .‬وبدال مف استمرار الشرطة كوكيؿ‬
‫لمحكومة المركزية‪ ،‬جردت عمى الفور مف ىذه الصفة السياسية‪ ،‬لتصبح مسئولة أماـ الكوميونة‪ ،‬كما يمكف لمكوميونة استبداليا في‬
‫أي وقت‪ .‬وكاف ىذا ينطبؽ عمى جميع المسئوليف في جميع فروع اإلدارة األخرى بدءا مف أعضاء الكوميونة إلى أسفؿ و كاف مف‬
‫المتعيف أداء الخدمة العامة مقابؿ نفس األجر الذي يتقاضاه العماؿ العاديوف‪ .‬لقد اختفت المصالح الخاصة ومعيا امتيازات كبار‬
‫وجياء الدولة مع اختفاء كبار الوجياء أنفسيـ‪ ...‬وتقرر تجريد العامميف القضائييف مف استقبلليـ الزائؼ‪ .‬فمثؿ باقي موظفي الخدمة‬
‫العامة‪ ،‬أصبح مف الضروري أف يتـ اختيار القضاة وأف يكونوا قابميف لممساءلة واإلقالة"‪)9(.‬‬
‫لنقتبس مف إنجمز مرة أخرى‪ :‬منعا ليذا التحوؿ لمدولة وألجيزة الدولة مف خدـ لممجتمع إلى سادة لممجتمع ‪ -‬وىي عممية‬
‫كانت حتمية في جميع الدوؿ السابقة ‪ -‬استخدمت الكوميونة وسيمتيف أكيدتي المفعوؿ‪ ،‬أوال‪ ،‬قامت بمؿء جميع المناصب ‪-‬‬
‫اإلدارية والقضائية والتعميمية ‪ -‬عف طريؽ االنتخاب عمى أساس االقتراع العاـ لكؿ المعنييف‪ ،‬مع حؽ الناخبيف في استدعاء‬
‫مندوبيـ واستبدالو في أي وقت‪ .‬ثانيا‪ ،‬المسئوليف جميعيـ‪ ،‬سواء كانوا كبا ار أو صغارا‪ ،‬لـ يحصموا إال عمى األجور التي يتقاضاىا‬
‫العماؿ اآلخروف‪ .‬كاف أعمى مرتب تدفعو الكوميونة ألي شخص ىو ‪ 6‬آالؼ فرنؾ‪ .‬بيذه الطريقة تـ وضع حاجز فعاؿ أماـ التزلؼ‬
‫والحيمة لتصيد المناصب العميا والسعي لمكسب الشخصي مف وراءىا‪ ،‬وذلؾ إضافة إلى التكميفات اإلجبارية لممندوبيف في الييئات‬
‫التمثيمية والتي طبقت بكثرة"‪)5( .‬‬

‫أعمف ماركس أف كوميونة باريس ‪ -‬مف خبلؿ االقتراع العاـ‪ ،‬والحؽ في استدعاء كؿ موظؼ‪ ،‬وتحديد أجور العماؿ لكؿ‬
‫المسئوليف‪ ،‬والحد األقصى مف الحكـ الذاتي المحمي‪ ،‬وغياب قوات مسمحة مرفوعة فوؽ الشعب وتقوـ باضطياده ‪ -‬شكمت‬
‫الديمقراطية الكاممة‪.‬‬
‫كاف نقيض الدولة العمالية ىو البيروقراطية والجيش الوحشييف لمدوؿ الرأسمالية‪ ،‬والذيف كانا‪ ،‬بكممات إنجمز "ييدداف‬
‫بافتراس المجتمع كمو"‪)6( .‬‬
‫ىذا ىو باختصار‪ ،‬مفيوـ ماركس وانجمز لمدولة العمالية‪ ،‬ديمقراطية مطمقة وثابتة‪.‬‬
‫دعونا اآلف نطبؽ ىذا المفيوـ عمى واقع الدولة الروسية الستالينية‪:‬‬
‫الجيش الروسي‬
‫إف العنصر األساسي في الدولة ىو القوات المسمحة‪ .‬وحسب تعريؼ لينيف‪ ،‬فاف الدولة "تتكوف مف ىيئات خاصة مف‬
‫الرجاؿ المسمحيف‪ .‬وضعت السجوف‪ ،‬وغيرىا تحت تصرفيـ"‪ )7( .‬وبالتالي‪ ،‬فاف نقطة االنطبلؽ ألي تحميؿ لجياز الدولة الروسي‬
‫الحالي‪ ،‬خاصة مف وجية نظر ماركسية‪ ،‬ينبغي أف تكوف بنية القوات المسمحة‪ .‬وكما كتب تروتسكي بفطنة كبيرة‪" :‬الجيش ىو‬
‫نسخة مف المجتمع ويعاني مف كؿ أمراضو‪ ،‬عادة بدرجة ح اررة أعمى"‪)8( .‬‬
‫لقد كاف تكويف ميميشيا شعبية مطمبا تقميديا لؤلحزاب االشتراكية (أنظر عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬المادة ‪ 12‬مف برنامج عاـ‬
‫‪ 1903‬لحزب العماؿ االشتراكي الديمق ارطي الروسي) (‪ ،)9‬وفقا لذلؾ‪ .‬مف بيف أوؿ اإلجراءات التي اتخذىا قادة الببلشفة‪ ،‬عند‬
‫تولييـ السمطة‪ ،‬ىو إصدار مرسوـ تضمف الفقرات التالية‪:‬‬
‫‪" -3‬إف السمطة الكاممة داخؿ أي وحدة مف وحدات الجيش وأي مجموعة مف الوحدات يجب أف تكوف في أيدي لجاف‬
‫الجنود والسوفييتات‪ .‬يتـ إدخاؿ مبدأ االنتخاب بالنسبة لقادة الجيش‪.‬‬
‫‪ -9‬يتـ بموجب ىذا انتخاب جميع القادة حتى قائد الفرقة عف طريؽ االقتراع العاـ (لموحدات المختمفة)‪ ...‬القادة األعمى مف‬
‫قادة الفرؽ‪ ،‬بما في ذلؾ القائد العاـ‪ ،‬يتـ انتخابيـ بواسطة مؤتمر‪ ...‬لمجاف وحدات الجيش (التي يجري انتخاب القائد ليا)‪)81( .‬‬
‫في اليوـ التالي أضاؼ مرسوـ آخر‪:‬‬
‫تنفيذا إلرادة الشعب الثوري المعني باالقتبلع الفوري والحاسـ لكؿ ظمـ أو تفاوت في الفرص‪ ،‬يقرر مجمس قوميساري‬
‫الشعب‪:‬‬
‫إلغاء جميع الرتب واأللقاب مف رتبة أمباشي إلى رتبة لواء‪...‬‬
‫إلغاء جميع االمتيازات والعبلمات البارزة المرتبطة في السابؽ بالرتب واأللقاب المختمفة‪.‬‬
‫إلغاء التحية العسكرية‪.‬‬

‫إلغاء جميع الزينات وغيرىا مف عبلمات التمييز‪.‬‬
‫إلغاء جميع تنظيمات الضباط‪.‬‬
‫إلغاء قانوف المراسميف في الجيش‪)88( .‬‬
‫إال أف رغبة الببلشفة في تحقيؽ ديمقراطية حقيقية في الجيش‪ ،‬بتحويمو إلى ميميشيا شعبية‪ ،‬اصطدمت بصخور الواقع‬
‫الموضوعي‪.‬‬
‫في األياـ األولى التي أعقبت ثورة أكتوبر‪ ،‬كانت القوات المسمحة الثورية تتألؼ مف مجموعات صغيرة مف المتطوعيف‪.‬‬
‫كاف المرض متفشيا وسط الجماىير المتعبة مف الحرب ولـ تكف مستعدة لمتطوع في القوات المسمحة الثورية الجديدة‪ .‬ولكي يواجيوا‬
‫خطر الجيوش البيضاء التي كانت مدعومة مف القوى األجنبية القوية‪ ،‬اضطر الببلشفة الستبداؿ مبدأ التطوع بالتجنيد اإللزامي‬
‫وباإلضافة لذلؾ‪ ،‬وبسب افتقادىـ لمقادة ذوي الخبرة‪ ،‬اضطروا لتجنيد عشرات اآلالؼ مف ضباط الجيش القيصري السابؽ‪ .‬وقد‬
‫أوضح ذلؾ ض رورة التخمي عف مبدأ االنتخاب في اختيار قادة الجيش‪ .‬كاف مف الصعب عمى المرء أف يتوقع مف الفبلحيف والعماؿ‬
‫في الزي العسكري أف ينتخبوا لقيادتيـ أولئؾ الضباط الذيف كانوا يكرىونيـ بشده كممثميف لمنظاـ القديـ‪( .‬كما أف متطمبات المعركة‬
‫حتمت أيضا التخمي عف فكرة الجيش القائـ عمى أساس إقميمي ‪ -‬تسميح الشعب ‪ -‬واعادتو إلى الثكنات)‪.‬‬
‫لـ ينكر الزعماء الببلشفة لمحظة واحدة أف ىذه اإلجراءات مثمت انحرافا عف البرنامج االشتراكي‪( .‬أنظر‪ ،‬عمى سبيؿ‬
‫المثاؿ‪ ،‬قرار مؤتمر الحزب الثامف‪ ،‬مارس‪ )83( )8989‬كذلؾ‪ ،‬عارضوا بشدة أي محاولة لجعميا دائمة‪ .‬ىكذا مثبل‪ ،‬عندما ذكر‬
‫لواء سابؽ بجيش القيصر‪ ،‬حارب مع الببلشفة أثناء الحرب األىمية‪ ،‬أف جيش بمد اشتراكي ال ينبغي قيامو عمى الميميشيا وانما عمى‬
‫نظاـ الثكنات القديـ والراسخ‪ ،‬رد قوميسار الشعب لمحرب‪ ،‬تروتسكي‪ ،‬بصرامة قائبل‪( :‬لـ يأت الحزب الشيوعي لمسمطة لكي يستبدؿ‬
‫الثكنات ثبلثية األلواف بثكنات حمراء الموف"‪ )82( .‬وكثي ار ما عبر الببلشفة عف نيتيـ في إدخاؿ نظاـ الميميشيا في أقرب وقت‬
‫ممكف‪ .‬ىكذا‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬أعمف تروتسكي في المؤتمر السابع لمسوفييتات المنعقد في ديسمبر‪" :8989‬مف الضروري البدء‬
‫في االنتقاؿ إلى تنفيذ نظاـ الميميشيا لتسميح الجميورية السوفيتية"‪)89(.‬‬
‫قرر المؤتمر التاسع لمحزب أف يجعؿ مف ىذه األمنية واقعا ممموسا عف طريؽ بناء وحدات مف ميميشيا عمالية جنبا إلى‬
‫جنب مع الجيش النظامي‪ ،‬وكاف المأموؿ أف تتطور ىذه الوحدات تدريجيا حتى تحؿ محؿ الجيش النظامي بشكؿ تاـ‪)85( 1‬‬
‫إال أف ىذا القرار لـ ينفذ أبدا‪ ،‬حيث أف أية خطة إلدخاؿ ميميشيا شعبية قد حالت دونيا حقائؽ موضوعية ‪ -‬القوى‬
‫اإلنتاجية المتخمفة لروسيا‪ ،‬المستوى الثقافي المتدني لمشعب‪ ،‬كوف البروليتاريا أقمية ضئيمة مف السكاف‪ .‬لقد شرح ذلؾ بوضوح‬
‫سميمجا‪ ،‬وىو بمشفي بارز في الجيش‪ ،‬حيث قاؿ في عاـ‪:8938‬‬
‫"إف نظاـ الميميشيا‪ ،‬الذي تتمثؿ أىـ خصائصو في مبدأ المناطؽ‪ ،‬يواجو عقبة سياسية كئود في طريؽ إدخالو في روسيا‪،‬‬
‫فبسبب القمة العددية لمبروليتاريا في روسيا‪ ،‬فإننا ال نستطيع أف نضمف قياـ البروليتاريا بتوجيو وحدات الميميشيا في المناطؽ‪ ..‬بؿ‬
‫وتوجد مصاعب أكبر في طريؽ إدخاؿ نظاـ الميميشيا تنبع مف وجية نظر استراتيجية‪ .‬فمع ضعؼ نظاـ السكؾ الحديدية لدينا‪ ،‬لف‬
‫يكوف بإمكاننا‪ ،‬في حالة الحرب‪ ،‬أف نركز القوات في المناطؽ الميددة‪ ..‬وفضبل عف ذلؾ أظيرت تجربة الحرب األىمية بما ال يدع‬

‫مجاال لمشؾ أف تشكيبلت المناطؽ غير مناسبة عمى اإلطبلؽ‪ ،‬حيث ييرب الجنود وال يرغبوف في مغادرة قراىـ أثناء اليجوـ أو‬
‫التراجع‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فاف العودة ليذا الشكؿ التنظيمي ستكوف خطأ فجا غير مبرر عمى اإلطبلؽ"‪)86( .‬‬
‫إف تخمؼ القوى اإلنتاجية والطابع الفبلحي لمبمد ‪ -‬وىما أمراف متصبلف ‪ -‬كانا العامميف الحاسميف في جعؿ الجيش‬
‫األحمر جيشا نظاميا وليس ميميشيا (رغـ أف عناصر كثيرة مف الديمقراطية والمساواة غير المرتبطة عادة بالقوات المسمحة النظامية‪،‬‬
‫قد تـ إدخاليا في بنية الجيش األحمر)‪ .‬المستوى االقتصادي لبمد ما ىو في النياية العامؿ التاريخي الحاسـ‪ .‬وكما قاؿ ماركس‪:‬‬
‫"يبدو أف نظريتنا القائمة بأف تنظيـ العمؿ محكوـ بوسائؿ اإلنتاج‪ ،‬تجد أفضؿ دعـ ليا في " أسمحة الدمار وقتؿ اإلنساف"‪)87( .‬‬
‫وقد كشؼ التخمؼ المادي والثقافي لروسيا عف نفسو أيضا في العبلقات بيف الجنود والضباط‪.‬‬
‫منذ البداية‪ ،‬وجد الببلشفة أنو ال مفر مف تعييف ضباط قيصرييف سابقيف‪ ،‬وذلؾ رغـ تحريضيـ السابؽ مف أجؿ استبداؿ‬
‫جميع الضباط المعينيف بأولئؾ المنتخبيف بواسطة الجنود‪ .‬لقد كاف مف المستحيؿ خوض الحرب ضد الجيوش البيضاء بدوف قادة‬
‫مجربيف‪ ،‬ولو ترؾ االختيار لمجنود لما انتخبوا ضباطا خدموا القيصر‪.‬‬
‫منذ البداية كاف ثمة صراع بيف القوميساريف السياسييف مف ناحية‪ ،‬وجماعات الحزب داخؿ الجيش مف ناحية أخرى‪ .‬وقد‬
‫تقاطع ىذا الصراع مع صراع آخر بيف النزعات المركزية والبلمركزية‪ .‬وكانت نتيجة ىذيف الصراعيف ىي خروج القوميساريف‬
‫السياسييف منتصريف عمى جماعات الحزب‪ ،‬وتغمب المركز عمى نزعات حرب العصابات‪ .‬وقد عكس تقاطع ىذيف الصراعيف نزعة‬
‫بيروقراطية متزايدة داخؿ الجيش‪.‬‬
‫ولـ يمض وقت طويؿ حتى بدأ الضباط القيصريوف السابقوف في التأثير عمى القادة الجدد ذوي األصوؿ البروليتارية‪ .‬ذكر‬
‫البمشفي بيتروفسكي‪" :‬داخؿ أسوار المدرسة العسكرية‪ ،‬واجينا موقؼ النظاـ القديـ لمفبلح‪ ،‬حوؿ دور الضباط فيما يتعمؽ بجماىير‬
‫الجنود األفراد‪ .‬كما الحظنا أيضا نزعة نحو تقاليد الطبقة العميا التي مارسيا طمبة المدارس العسكرية القيصرية‪ ..‬االحترافية ىو‬
‫األداة التي استخدمت لتشكيؿ أخبلقيات الضباط كؿ األزمنة في كؿ الببلد‪ .‬انيـ (قادة الجيش األحمر) أصبحوا أعضاءا في‬
‫مجموعة الضباط الجدد‪ ،‬وصار أي تحريض ‪ -‬كما صارت أية خطب جميمة حوؿ االتصاؿ بالجماىير ‪ -‬ببل طائؿ‪ ،‬فظروؼ‬
‫البقاء أقوى مف األماني الطيبة"‪)88( .‬‬
‫بدأ القادة والقوميساريوف السياسيوف وغيرىـ مف ذوي السمطة داخؿ الجيش األحمر في استخداـ مواقعيـ لكسب مزايا‬
‫ألنفسيـ‪ .‬وقد تعرضوا لنقد قاس مف تروتسكي بسبب ذلؾ‪ ،‬مثمما حدث (في ‪ 28‬أكتوبر‪ )8931‬عندما كتب "لممجالس العسكرية‬
‫الثورية لمجبيات والجيوش" مدينا استخداـ السيارات الحكومية بواسطة مف ىـ في السمطة مف أجؿ الحفبلت البييجة أماـ أعيف جنود‬
‫الجيش األحمر المتعب يف " لقد تحدث بغضب عف القادة (الذيف) يرتدوف مبلبس ممعنة األناقة في حيف يسير المقاتموف نصؼ عراة‪،‬‬
‫وىاجـ مجالس الشراب التي يطمؽ القادة والقوميساريوف السياسيوف العناف ألنفسيـ فييا‪ .‬وقد استنتج‪ " :‬إف مثؿ ىذه الوقائع ال‬
‫يمكف إال أف تثير السخط والتبرـ بيف جنود الجيش األحمر‪ " .‬وفي نفس الرسالة يشرح ىدفو‪" :‬دوف وضع اليدؼ المستحيؿ الخاص‬
‫باإللغاء الفوري لجميع االمتيازات داخؿ الجيش‪ ،‬ينبغي السعي لتقميؿ تمؾ االمتيازات إلى الحد األدنى الضروري فعبل"‪ )89( .‬إف‬
‫إدراكو الثوري الواقعي يعكس بوضوح الصعاب اليائمة لموضع‪.‬‬
‫عمى الرغـ مف ىذه االنتياكات‪ ،‬إال إف وجود الحزب البمشفي بخبلياه عمى امتداد الجيش‪ ،‬مع الحماسة الثورية وروح‬
‫التفاني لدى الجنود العادييف ووجود تروتسكي عمى رأس الجيش األحمر‪ ،‬كانت عوامؿ ضمنت اإلبقاء عمى الطابع البروليتاري‬

‫لمجيش األحمر أثناء الحرب األىمية‪ .‬مع االنتصار الجزئي لمبيروقراطية في عاـ‪ ،8932‬أصبحت الغطرسة وروح التسمط تجاه‬
‫الجنود القاعدة وليس االستثناء بيف الضباط‪ .‬وتدريجيا‪ ،‬استولى القادة أنفسيـ عمى المواقع اليامة في خبليا الحزب داخؿ الجيش‪،‬‬
‫حتى الحظت اإلدارة السياسية لمجيش في ‪ 8936‬أف ثمثي المواقع في جياز الحزب كانت في أيدي القادة‪ )31(.‬وبمعنى آخر‪،‬‬
‫أصبح الضباط ىـ القادة السياسييف الذيف يفترض أف يدافعوا عف الجنود ضد الضباط !‬
‫ومع ذلؾ‪ ،‬لـ يكف الضباط قد أصبحوا فئة مستقمة تماما بعد‪ .‬فأوال‪ ،‬كانت ظروؼ معيشة القادة قاسية وغير مختمفة كثي ار‬
‫عف تمؾ الخاصة بالجنود‪ .‬ووفقا لوايت‪ " :‬في عاـ ‪ 8935‬كاف ‪ %21‬مف القادة يسكنوف في مستوى يرى فرونز (قوميسار الشعب‬
‫لمحرب) أنو مقبوؿ‪ .‬وكاف لدى ‪ %71‬تسييبلت سكنية أقؿ مف ىذا المستوى‪ .‬تحدث فرونز عف مناطؽ عديدة كانت تتوفر فييا‬
‫حجرة واحدة فقط لعدد مف القادة مع عائبلتيـ‪ ،‬أي أف كؿ عائمة كاف لدييا جزء مف حجرة فقط تحت تصرفيػا‪ .‬أما األجر المدفوع‬
‫لمقادة االحتياطييف‪ ،‬عندما يتـ استدعائيـ إلعادة التدريب خارج صفوؼ الجيش‪ ،‬فمـ يكف يغري حتى حماؿ صيني فالموظفوف منيـ‬
‫أو الذيف يشتغموف في الفبلحة كانوا يتقاضوف خمس كوبيكات في الساعة بينما يتقاضى أولئؾ العاطميف عف العمؿ مف بينيـ تسع‬
‫كوبيكات (الكوبك جزء من مئة من الروبل "المترجم") في الساعة أثناء الوقػت الذي يقضونو في الدراسة‪)38( .‬‬
‫ويعطي ولينبرج‪ ،‬الذي كاف قائدا في الجيش األحمر‪ ،‬ىذه الوقائع‪:‬‬
‫"في عاـ ‪ 8939‬كاف قائد السبلح يتعاطى ‪ 851‬روببل في الشير‪ ،‬وىو ما يساوي تقريبا ما يتقاضاه عامؿ المعادف الجيد‬
‫األجر‪ .‬كاف قائد السبلح يتقاضى إذف ما يقؿ بمقدار ‪ 35‬روببل في الشير عف "الحد األقصى الحربي"‪ ،‬أي أعمى مرتب شيري كاف‬
‫يحؽ لعضو الحزب أف يقبمو تمؾ األياـ‪ .‬لـ يكف ثمة ميس مخصص لمضباط في ذلؾ الوقت‪ .‬كانت وجبات الضباط واألفراد تعد‬
‫في المطابخ ذ اتيا‪ .‬وناد ار ما ارتدى الضباط الشيوعيوف عبلمات الرتب الخاصة بيـ في غير ساعات العمؿ‪ ،‬بؿ وكثي ار ما كانوا‬
‫يستغنوف عنيا حتى أثناء العمؿ‪ .‬في ذلؾ الوقت كاف الجيش األحمر يقر بعبلقة الرئيس والمرءوس فقط أثناء القياـ بميمة عسكرية‪،‬‬
‫وعمى كؿ حاؿ كاف كؿ جندي يعرؼ الضابط الذي يرأسو سواء كاف يرتدي عبلمة الرتبة أو لـ يكف‪ .‬وألغي نظاـ مراسمي‬
‫الضباط‪)33(.‬‬
‫إضافة إلى ذلؾ‪ ،‬كاف بإمكاف الجنود ‪ -‬وقد استخدموا ىذا الحؽ بالفعؿ ‪ -‬أف يشكوا ضباطيـ لمكتب المدعي العسكري‪.‬‬
‫وكاف ىناؾ في المتوسط ‪ 8893‬شكوى في الشير خبلؿ عاـ‪ ،8935‬و‪ 8932‬شكوى شيريا في عاـ‪ ،8936‬و‪ 3183‬شكوى‬
‫شيريا في عاـ‪ .8937‬حتى في الفترة بيف عامي ‪ 8922 - 8928‬كانت ىناؾ "عبلقات طبيعية بيف الضباط واألفراد" (‪.)32‬‬
‫يضع وايت نقطة التحوؿ نحو تعزيز فئة الضباط قبؿ ذلؾ بقميؿ ‪ -‬قوانيف الجيش لعاـ‪ ،8938‬التي يصفيا بأنيا "الخط‬
‫الفاصؿ الحقيقي"‪ ،‬ويصؼ ما تبلىا بأنو "تطور لتيار كاف قد ترسخ بالفعؿ" (‪ .)39‬مف خبلؿ ىذه القوانيف أصبح لضباط الجيش‬
‫ضمانا مينيا مدى الحياة‪ ،‬ويصفيا وايت ‪ -‬وبما يكفي مف المبررات "بأنيا وثيقة حقوؽ القادة" وبأنيا "شئ مشابو جدا لجدوؿ بترايف‬
‫لمرتب" (‪)35‬‬
‫في عاـ ‪ 8939‬بدأ " تحوؿ بيوت الجيش األحمر تدريجيا إلى أندية ضباط‪ )36( .‬وعمى الرغـ مف استمرار ضآلة ما‬
‫يدفع لمجنود‪ ،‬فاف رواتب الضباط بدأت تتزايد كما يبيف الجدوؿ التالي‪)37( :‬‬

‫الزيادة في المدفوعات الشيرية لمضباط‬
‫النسبة المئوية لمزيادة‬ ‫‪(8929‬بالروبؿ)‬ ‫‪(8929‬بالروبؿ)‬

‫‪391‬‬ ‫‪635‬‬ ‫‪361‬‬ ‫قائد الفصيمة‬
‫‪362‬‬ ‫‪751‬‬ ‫‪385‬‬ ‫قائد الوحدة‬
‫‪359‬‬ ‫‪851‬‬ ‫‪225‬‬ ‫قائد الكتيبة‬
‫‪211‬‬ ‫‪8311‬‬ ‫‪911‬‬ ‫قائد الفوج‬
‫‪227‬‬ ‫‪8611‬‬ ‫‪975‬‬ ‫قائد الفرقة‬
‫‪269‬‬ ‫‪3111‬‬ ‫‪551‬‬ ‫قائد السبلح‬
‫لقد قدر أنو في عاـ ‪ 8927‬كاف متوسط الدخؿ السنوي لؤلفراد وضباط الصؼ ‪ 851‬روببل‪ ،‬أما متوسط الدخؿ السنوي‬
‫لمضباط فكاف ‪ 8111‬روبؿ‪ )38( .‬أثناء الحرب العالمية الثانية‪ ،‬كاف األفراد في الجيش السوفيتي يحصموف عمى مكافأة تبمغ ‪81‬‬
‫روببلت في الشير في حيف كاف المبلزـ األوؿ يحصؿ عمى ‪ 8111‬روبؿ والعقيد عمى ‪ 3911‬روبؿ شيريا‪ .‬وفي تناقض حاد مع‬
‫ىذا التفاوت الكبير ‪ -‬ونحف ىنا ال نقتبس تعبي ار عف رضانا وانما ألغراض المقارنة فقط ‪ -‬كاف الفرد في جيش الواليات المتحدة‬
‫يحصؿ عمى خمسيف دوالر شيريا‪ ،‬والمبلزـ ‪ 851‬والعقيد ‪ 222‬دوالر شيريا‪)39( .‬‬
‫وعمى الرغـ مف أف قيمة الروبؿ قد انخفضت بحدة أثناء العقديف أو الثبلثة عقود األخيرة إال أف تأثير ىذا عمى الضباط‬
‫كاف أقؿ منو عمى المدنييف‪ ،‬وذلؾ بسبب استفادتيـ مف (الفوينتورج)‪ ،‬وىي منظمة تعاونية قاصرة عمى الضباط تدير محبلت‬
‫ومطاعـ ومغاسؿ ومؤسسات خياطة وصناعة أحذية‪ .‬كما تبنى ليـ بيوت خاصة بيا كؿ التسييبلت‪ ،‬كما يحؽ ليـ ولعائبلتيـ‬
‫السفر مجانا بالسكؾ الحديدية واألوتوبيسات والسفف‪ ...‬الخ (ال يحصؿ الجنود العاديوف عمى أي مف ىذه االمتيازات‪ ،‬االمتياز‬
‫الوحيد الذي يحصموف عميو ىو البريد المجاني بالنسبة لرسائميـ ورسائؿ عائبلتيـ إلييـ)‪)21( .‬‬
‫أدخؿ مرسوـ صادر في ‪ 33‬سبتمبر ‪ 8925‬الرتب التالية في الجيش والقوات الجوية‪ :‬مبلزـ ثاف‪ ،‬مبلزـ أوؿ‪ ،‬نقيب‪،‬‬
‫مقدـ‪ ،‬عقيد‪ ،‬عميد‪ ،‬قائد فرقة‪ ،‬قائد سبلح‪ ،‬قائد جيش مف الدرجة الثانية‪ ،‬قائد جيش مف الدرجة األولى وأخي ار ماريشاؿ االتحاد‬
‫السوفيتي‪ ) 28(.‬كما أدخمت رتب مماثمة في البحرية‪ .‬وأعطيت رتب إضافية لمخدمات التقنية العسكرية‪ )32( .‬في ‪ 7‬مايو‪،8991‬‬
‫أدخمت رتب إضافية في الجيش والقوات الجوي ة؛ لواء‪ ،‬فريؽ‪ ،‬فريؽ أوؿ‪ ،‬مشير لمجيش‪ ،‬كما أدخمت الرتب التالية في البحرية‪:‬‬
‫عميد بحري‪ ،‬لواء بحري‪ ،‬فريؽ بحري‪ ،‬مشير‪ )22( .‬وأخي ار في ‪ 36‬يونيو ‪ 8995‬تـ إدخاؿ رتبة القائد العاـ لمقوات المسمحة‬
‫لبلتحاد السوفيتي‪ )29( .‬في ‪ 2‬سبتمبر ‪ 8991‬تمت إعادة عبلمات الرتب عمى النمط القيصري القديـ مثؿ الشريط المقصب عمى‬
‫كتؼ السترة العسكرية والنجوـ المصنوعة مف الذىب والببلتيف والماس (والتي يرتدييا الماريشاالت)‪ )25( .‬لقد كاف ىذا بعيدا جدا‬
‫عف أياـ الحرب األىمية عندما أطمؽ عمى البيض لقب "ذوي الشارات المقصبة"‪ .‬ذكر أحد أجزاء الموسوعة السوفيتية الصغيرة‬
‫المنشورة في عاـ ‪ 8921‬أف الشرائط المقصبة قد تـ إلغاؤىا بواسطة ثورة نوفمبر ‪ 8987‬باعتبارىا رموز لمقمع الطبقي في الجيش"‪.‬‬
‫(‪ )26‬وعمى النقيض تماما مف ذلؾ‪ ،‬كتبت جريدة الجيش األحمر في عاـ‪ ،8992‬بعد إدخاؿ الشرائط المقصبة‪ " :‬إف إدخاؿ‬
‫الشرائط المقصبة التقمي دية لمجنود والضباط‪ ..‬يؤكد ويرمز الستم اررية مجد العسكرية الروسية عمى مدى التاريخ وحتى أيامنا ىذه"‪.‬‬
‫(‪)27‬‬

‫و تـ حظر العبلقات األخوية بيف الضباط والجنود‪ )28( .‬حتى الجنود االحتياطييف مقسموف إلى نفس الرتب المطبقة في‬
‫الجيش كما أف لدييـ الحؽ في ارتداء الزي العسكري في أي وقت‪.‬‬
‫كتب جوف جيبونز‪ ،‬مندوب الػ "ديمي ووركر" في موسكو‪" :‬في أيامنا ىذه‪ ،‬ينبغي عمى الجنود وضباط الصؼ المسافريف‬
‫في أتوبيس أو سكة حديدية تحت األرض أو قطار أف يتنازلوا عف مقاعدىـ ألصحاب الرتب األعمى إذا كانوا واقفيف"‪)29( .‬‬
‫لكي يحافظوا عمى مظير التنشئ ة األرفع‪ ،‬ال يسمح لمضباط بحمؿ أشياء كبيرة في الشارع‪ ،‬أو ارتداء أحذية صوفية عندما‬
‫يزوروف مسرحا‪ .‬وال يسمح لكبار الضباط بالسفر بواسطة السكة الحديدية تحت األرض أو التراـ‪ )91( .‬ىناؾ غرؼ طعاـ (ميس‬
‫الضباط) وأندية خاصة بالضباط‪ .‬وال يحؽ لمضابط حتى عندما يكوف في إجازة‪ ،‬أف يجمس عمى نفس المنضدة مع رتب أخرى‬
‫عمنا‪ .‬ولكؿ ضابط مراسمو الدائـ‪ .‬وقد أنشئت مدارس خاصة بأبناء الضباط‪ ،‬منذ مرحمة الحضانة‪ .‬وقد أصبح ضابط سابؽ بالحرس‬
‫الخاص القيصري المواء الكسي اجناتييؼ‪ ،‬مدي ار لبلنضباط في جيش ستاليف‪ .‬وجدير بالذكر أف دروس الرقص إجبارية في المدرسة‬
‫العسكرية‪.‬‬
‫مف المشكوؾ فيو أف يكوف لدى ضباط أي جيش آخر في التاريخ سمطات تأديبية أكبر مف تمؾ التي يتمتع بيا الضباط‬
‫الروس‪ .‬جاء في القوانيف التي أدخمت في ‪ 83‬أكتوبر ‪" :8991‬في حالة العصياف‪ ،‬يحؽ لمقائد أف يمجأ لكافة اإلجراءات القسرية بما‬
‫في ذلؾ استخداـ القوة والسبلح الناري‪ .‬ال يتحمؿ القائد أي مسئولية عما يترتب مف نتائج في حالة اضط ارره الستخداـ القوة والسبلح‬
‫الناري لكي يجبر عاصي عمى تنفيذ أوامره ومراعاة النظاـ‪ ..‬القائد الذي ال يمجأ في مثؿ ىذه الحاالت لكافة اإلجراءات الضرورية‬
‫لتنفيذ أمر يحاؿ لممحاكمة أماـ مجمس عسكري"‪ )98( .‬يعمؽ ؼ‪ 1‬اولريتش‪ ،‬الذي رأس محاكمات موسكو‪ ،‬عمى ىذه القوانيف قائبل‪:‬‬
‫"القوانيف التأديبية توسع بشدة مف حؽ القادة فيما يتعمؽ باستخداـ القوة والسبلح الناري‪ ...‬لـ تعد ىناؾ عبلقات رفاقية بيف الجنود‬
‫والضباط‪ ...‬إف روح الود المفرط في العبلقات بيف قائد ومرءوس ال يمكف أف يكوف ليا مكاف في الجيش األحمر‪ .‬أي نوع مف‬
‫النقاش محظور تماما بيف المرءوسيف"‪)93( .‬‬
‫يمقى مقاؿ في "برافدا" في نفس الفترة الضوء عمى جانب آخر مف ىذه القوانيف‪ " :‬يمكف تقديـ التظممات بشكؿ شخصي‬
‫وفردي فقط‪ .‬تقديـ التظممات الجماعية عف اآلخريف محظور‪ .‬يحظر بعد اليوـ التصريحات الجماعية والمناقشات المشتركة ‪ -‬سواء‬
‫أكانت تتعمؽ بنظاـ‪ ،‬أو بطعاـ أو أي موضوع آخر ‪ -‬إف ىذا كمو يندرج تحت "العصياف"‪ ،‬ويمكف بسببو إطبلؽ النار في الحاؿ‬
‫عمى الجندي دوف مجمس عسكري أو استماع أو تحقيؽ‪ ،‬إذا قرر ضابط مف رتبة أعمى ذلؾ بشكؿ فردي"‪)92( .‬‬
‫ىكذا‪ ،‬فقد تطور الضباط إلى ىيئة عسكرية ىرمية محددة بوضوح ال يقؿ عنو في أي مجتمع في التاريخ‪.‬‬
‫السوفييتات‬
‫مف ناحية رسمية‪ ،‬تعتبر المؤسسات التي تكمف فييا السيادة في االتحاد السوفيتي ىي السوفييتات التي يرأسيا "السوفيت‬
‫األعمى" (الذي حؿ محؿ مؤتمر السوفييتات‪ ،‬منذ‪ .)8927‬ىناؾ العديد مف المؤشرات عمى أنو لسنوات طويمة لـ تكف ليذه الييئات‬
‫سوى سمطة اسمية فقط‪ ،‬أما السمطة الحقيقية فيي توجد في مكاف آخر‪.‬‬
‫في األياـ األولى‪ ،‬كانت األمور مختمفة‪ .‬ففي عاـ ‪ ،8988‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬اجتمع المؤتمر خمس مرات‪ .‬وبيف عاـ‬
‫‪ 8989‬و‪ ، 8933‬كاف يجتمع مرة سنويا‪ ،‬ولكف منذ ذلؾ الوقت أخذت الفترات الفاصمة بيف االجتماعات تتسع بشدة‪ .‬في عاـ‬

‫‪ 8932‬انضمت وحدات أخرى إلى الجميورية الروسية السوفيتية الفيدرالية االشتراكية فتكوف عمى اثر ذلؾ اتحاد الجميوريات‬
‫السوفيتية االشتراكية‪ .‬انعقد "مؤتمر السوفييتات األوؿ التحاد الجميوريات السوفيتية االشتراكية في ديسمبر‪ ،8933‬والثاني في يناير‬
‫‪ -‬فبراير‪ ،8939‬والثالث في مايو‪ ،8935‬وبعد ذلؾ مرة واحدة فقط كؿ سنتيف حتى عاـ‪ .8928‬انعقد المؤتمر السابع في يناير ‪-‬‬
‫فبراير‪ ،8925‬أي بعد االجتماع السابؽ لو بأربع سنوات‪ ،‬لـ يحدث أي تحسف منذ ذلؾ الوقت (واف كانت ظروؼ الحرب ببل شؾ‬
‫تمثؿ عذ ار‪ ،‬واف كاف ضعيفا‪ ،‬لتأجيؿ الجمسات)‪ .‬لقد انعقد ىذا "البرلماف" السوفيتي لمدة ‪ 819‬يوما فقط في السنوات ‪8987‬‬
‫الى‪ ،8926‬أي أقؿ مف ستة أياـ في السنة‪ )99( .‬بؿ أف الرقـ بالنسبة لمسنوات البلحقة أقؿ مف ذلؾ‪ ،‬ومما لو داللتو أف المؤتمر لـ‬
‫ينعقد عمى اإلطبلؽ أثناء الفترة مف ‪ 8928‬الى‪ ،8925‬فترة أكبر وأسرع تحوؿ لروسيا‪ .‬تـ إقرار العديد مف الخطوات الكبرى‪ ،‬مثؿ‬
‫الخطة الخمسية والتجميع الزراعي والتصنيع دوف استشارة "السمطة العميا" في الببلد‪.‬‬
‫أثناء الفترة مف ‪ 8987‬إلى ‪ 8926‬كانت سمطة تشريع القوانيف تكمف مف الناحية الصورية في أيدي مؤتمر السوفييتات‬
‫ولجنتو المركزية التنفيذية المنتخبة لتمثيمو‪ .‬إال أنو‪ ،‬منذ انتصار ستاليف‪ ،‬لـ تزد اجتماعات المجنة المركزية التنفيذية في المتوسط‬
‫عف عشرة أياـ سنويا‪.‬‬
‫لقد قطعت روسيا شوطا بعيدا منذ ذلؾ الوقت الذي كاف في استطاعة رئيس المجنة المركزية التنفيذية أف يقوؿ فيو‪:‬‬
‫"المجنة المركزية التنفيذية‪ ،‬بوصفيا الجية العميا في الجميورية السوفيتية‪ ...‬تضع السياسات‪ ..‬لكي ينفذىا قوميسارو الشعب"‪)95(.‬‬
‫أما فيما يتعمؽ بمجمس السوفيت األعمى‪ ،‬فميس مف المعروؼ متى يجتمع‪ ،‬أو ماذا يناقش في جمساتو‪ ،‬حيث ال تظير أي‬
‫تقارير عف أعمالو‪.‬‬
‫منذ نياية العشرينات‪ ،‬صدرت جميع الق اررات التي اتخذىا مؤتمر السوفييتات‪ ،‬والسوفيت األعمى بعد ذلؾ‪ ،‬عف طريؽ‬
‫اإلجماع‪ .‬ولـ يحدث مطمقا أف صوت نائب واحد ضد اقتراح مطروح‪ ،‬بؿ ولـ يحدث أف نائبا واحدا امتنع عف التصويت أو تقدـ‬
‫باقتراح بالتعديؿ‪ ،‬او حتى ألقى خطابا معارضا‪.‬‬
‫إف الطبيعة المراسمية البحتة لمسوفييت األعمى تظير بوضوح مف خبلؿ طابع مداوالتو‪ ،‬ىكذا‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬عندما‬
‫حدث ىذا التحوؿ الكبير في السياسة الخارجية مف التحالؼ مع فرنسا وانجمت ار إلى التعاوف مع ىتمر‪ ،‬قرر السوفيت األعمى أنو ال‬
‫توجد حاجة لمناقشة المسألة "بسبب وضوح واتساؽ السياسة الخارجية لمحكومة السوفيتية"‪)96( .‬‬
‫أحيانا ما تعرض الميزانية السنوية عمى السوفييت األعمى بعد عدة شيور مف الشروع في تنفيذىا‪ .‬ىكذا‪ ،‬عمى سبيؿ‬
‫المثاؿ‪ ،‬فاف الميزانية السنوية لعاـ ‪ ،8953‬الموضوعة موضع التنفيذ منذ أوؿ يناير مف تمؾ السنة‪ ،‬لـ يعمنيا وزير المالية زفيريؼ‬
‫إال في ‪ 6‬مارس ‪ )97(.8953‬كما نوقشت ميزانية عاـ ‪ 8959‬في ‪ 88‬إبريؿ‪ )98(.‬وبالمثؿ‪ ،‬يجد المرء أنو في حيف وضعت‬
‫الخطة الخمسية األولى موضع التنفيذ في أوؿ أكتوبر ‪ ،8938‬فمـ يتـ إقرارىا إال في ابريؿ‪ .8939‬ودخمت الخطة الخمسية الثانية‬
‫حيز التنفيذ في أوؿ يناير‪ ، 8922‬اال أف الموافقة الرسمية عمييا جاءت بعد ذلؾ باثنيف وعشريف شيرا‪ ،‬في ‪ 87‬نوفمبر‪.8929‬‬
‫التواريخ المماثمة بالنسبة لمخطة الخمسية الثالثة كانت أوؿ يناير ‪ 8929‬ومارس‪ ،8929‬بالنسبة لمخطة الرابعة‪ ،‬أوؿ يناير ‪8996‬‬
‫ومارس‪ ،8996‬وبالنسبة لمخامسة‪ ،‬أوؿ يناير ‪ 8958‬وأكتوبر‪.8953‬‬
‫في ضوء ىذه الوقائع‪ ،‬ال يمكف وصؼ التصريح التالي لعميد كانتربوري‪ ،‬الدكتور ىيوليت جونسوف‪ ،‬إال بأنو ىراء وقح‪:‬‬
‫"السمطة التنفيذية تخضع لمسوفييت األعمى‪ ..‬جميع أعماؿ السمطة التنفيذية يجب أف يصدؽ عمييا السوفييت األعمى‪" :‬الجية العميا‬

‫لمدولة"‪ ،‬كما تقوؿ المادة‪" ،21‬ىي السوفيت األعمى"‪ .‬اف أىمية تنفيذ ىذا القانوف ستظير عمى الفور ألولئؾ الذيف يراقبوف في قمؽ‬
‫النزعة العكسية تماما ىنا‪ ،‬كما يحدث مثبل عندما تقوـ الو ازرة البريطانية بالتصرؼ دوف التشاور مع البرلماف أو بدوف السعي‬
‫لمحصوؿ عمى تصديؽ فوري وسريع مف البرلماف عمى عمميا‪ .‬وأما ما لو داللة أعمؽ مف ذلؾ‪ ،‬فيو اإلصرار عمى رقابة السوفيت‬
‫األعمى عمى الميزانية‪ .‬أولئؾ الذيف يسيطروف عمى الخزانة يسيطروف عمى السمطة"‪ )39(.‬عنواف الفصؿ الذي جاءت فيو ىذه الفقرة‬
‫ىو‪" :‬الدستور األكثر ديمقراطية في العالـ" !‬
‫االنتخابات‬
‫لـ ير العالـ مطمقا مف قبؿ انتخابات تتسـ بالحرية الكاممة‬ ‫أعمف ستاليف قبيؿ االنتخابات العامة لعاـ ‪:8927‬‬
‫والديمقراطية الحقيقية مثؿ انتخاباتنا ! لـ يسجؿ التاريخ أي مثاؿ آخر مف نفس النوع"‪ )51(.‬ويقوؿ أمريكي مؤيد لنظاـ ستاليف‬
‫"باالقتراع السري‪ ،‬ببل خوؼ أو تممؽ‪ ،‬يستطيع (المواطف السوفيتي) أف يصوت لمشخص أو السياسة التي يريدىا‬ ‫بحماس‪:‬‬
‫فعبل"‪ ) 58(.‬ومع ذلؾ‪ ،‬ففي ىذه االنتخابات "كاممة الحرية وشديدة الديمقراطية" ال يوجد أكثر مف مرشح واحد يستطيع الناخبوف‬
‫اختياره في كؿ دائرة‪ .‬كما أنو لـ يحدث مطمقا في أي مف مئات الدوائر االنتخابية أف انخفضت نسبة الناخبيف عف ‪ .%98‬وكاف‬
‫عدد األصوات دائما عمى وجو التقريب ‪9‬ر‪ ،%99‬كما حدث بالفعؿ أف حصؿ مرشح عمى أكثر مف ‪ ! %811‬كاف ستاليف ىو‬
‫المرشح الذي حصؿ عمى ‪ 3833‬صوتا في انتخابات السوفييتات المحمية التي جرت في ‪ 38‬ديسمبر‪ ،8997‬عمى الرغـ مف أف‬
‫الدائرة التي "انتخبتو" كاف فييا ‪ 8687‬ناخبا فقط ! وال يفوؽ السخافة التامة ليذه الحادثة سوى التفسير الوقح الذي قدمتو "برافدا" في‬
‫اليوـ التالي‪ ،‬حيث ذكرت‪" :‬اف أوراؽ االقتراع اإلضافية قد وضعيا في الصناديؽ مواطنو الدوائر المجاورة الحريصوف عمى انتياز‬
‫الفرصة لمتعبير عف شعورىـ بالعرفاف إزاء زعمائيـ"‪)53(.‬‬
‫يتـ عادة‪ ،‬بالطبع‪ ،‬ترتيب األمور بعناية زائدة‪ ،‬وبالتالي ال توجد سوى أدلة قميمة عمى التزوير‪ .‬ومع ذلؾ فيناؾ حاالت‬
‫أخرى مسجمة‪ .‬إحدى ىذه الحاالت كانت االستفتاء الذي جرى في ليتوانيا في ‪ 83‬يوليو ‪ 8991‬لمبت في الضـ المقترح لميتوانيا إلى‬
‫االتحاد السوفيتي‪ .‬لـ يتـ تبميغ وكالة تاس في موسكو أف السمطات المحمية قررت مد مدة االستفتاء إلى يوميف‪ ،‬ومف ثـ أعمنت‬
‫موسكو النتائج بعد اليوـ األوؿ لبلستفتاء‪ ،‬رغـ أف العد الفعمي لؤلصوات لـ يحدث إال في اليوـ التالي‪ ،‬و"بالمصادفة"‪ ،‬جاءت‬
‫النتائج مطابقة تماما لمتوقعات‪" :‬لقد كانت زلة غير موفقة مكنت جريدة لندنية مف نشر النتائج الرسمية نقبل عف وكالة أنباء روسية‬
‫قبؿ أربع وعشريف ساعة مف إغبلؽ الصناديؽ رسميا"‪)52(.‬‬
‫لقد نصت قواعد االنتخابات عمى أف أي تدخؿ في الحقوؽ االنتخابية لممواطنيف يعتبر جريمة يعاقب عمييا القانوف‪ .‬ومع‬
‫ذلؾ‪ ،‬فقد اختفى ‪ 27‬مرشحا ‪ -‬منيـ عضواف في المكتب السياسي‪ ،‬ىما كوسيبور وشوبار ‪ -‬في الفترة بيف تحديد المرشحيف‬
‫واالنتخابات الفعمية لمسوفييت األعمى في ديسمبر‪ ،8927‬وتـ استبداليـ بآخريف‪ .‬لـ يقدـ أي تفسير لمناخبيف‪ ،‬ويبدو أف أحدا لـ ير‬
‫مف السميـ أف يبحث في األمر‪.‬‬
‫وقبؿ خمسة عشر يوما مف نفس االنتخابات‪ ،‬أرسؿ مراسؿ الػ "نيويورؾ تايمز" في موسكو لصحيفتو توقعا بتشكيؿ وأفراد‬
‫السوفييت األعمى القادـ‪ .‬ذكر أنو سيتكوف مف ‪ 396‬مسئوال حزبيا كبيرا‪ ،‬و ‪ 265‬مسئوال مدنيا وعسكريا‪ ،‬و‪ 78‬ممثبل لممثقفيف‪،‬‬
‫و‪ 828‬عامبل‪ ،‬و‪ 332‬عضوا بالكولخوزات‪ ،‬وأعطى أسماءىـ‪ )59(.‬وباستثناء الػ ‪ 27‬الذيف اعتقموا في الدقيقة األخيرة‪ ،‬تطابؽ‬
‫توقعو مع النتائج تماما في كؿ التفاصيؿ‪ .‬كيؼ يمكف تصور حدوث ذلؾ في أية انتخابات خالية مف التبلعب؟‬

‫الحزب‬
‫بما أف الحزب ال شيوعي لبلتحاد السوفيتي ىو حزب دولة‪ ،‬فاف تحميؿ ىيكمو وتكوينو وعممو ىو بالضرورة أيضا تحميؿ‬
‫لجياز الدولة‪ .‬وقبؿ أف نحمؿ عمؿ الحزب منذ الوقت الذي أمسؾ فيو ستاليف بزماـ األمور‪ .‬مف الميـ أف نبيف كيؼ أنو عمى‬
‫النقيض مف طابعو الجامد (المقصود بالطابع "الجامد" أن يكون الحزب كالكتلة الصخرية الواحدة‪ ،‬ال تتعدد فيو اآلراء "المترجم") والشمولي الحالي‪،‬‬
‫كاف الحزب يعمؿ بأسموب ديمقراطي في الفترة السابقة عمى صعود البيروقراطية‪.‬‬
‫لـ يكف الحزب البمشفي أبدا حزبا جامدا أو شموليا‪ ،‬بؿ كاف عمى النقيض مف ذلؾ‪ ،‬لقد كانت الديمقراطية الداخمية دائما‬
‫ذات أىمية قصوى في حياة الحزب‪ ،‬ولكف لسبب أو آلخر‪ ،‬تـ التغاضي عف ىذا األمر في أغمب األدبيات التي تناولت الموضوع‪.‬‬
‫سيكوف اذف مف المفيد أف نستطرد قميبل ونخصص بعض الصفحات إليراد عدد مف األمثمة التي تبيف وجود الديمقراطية‬
‫الحزبية الداخمية في سنوات ما قبؿ الستالينية‪.‬‬
‫لنبدأ بالقميؿ مف األمثمة مف الفترة التي سبقت ثورة أكتوبر‪ .‬في ‪ 8917‬بعد اليزيمة النيائية لمثورة‪ ،‬عانى الحزب مف أزمة‬
‫حوؿ مسألة الموقؼ الذي يتخذه مف انتخابات الدوما القيصري وفي المؤتمر الثالث لحزب العماؿ االشتراكي الديمقراطي الروسي‬
‫(المنعقد في يوليو‪ ،) 8917‬الذي كاف الببلشفة عبلوة عف المناشفة ممثميف فيو‪ ،‬نشأت حالة غريبة‪ :‬صوت جميع المندوبيف‬
‫الببلشفة باستثناء لينيف فقط‪ ،‬لصالح مقاطعة االنتخابات وصوت لينيف مع المناشفة‪ )55( .‬وبعد ذلؾ بثبلث سنوات‪ ،‬صدر عف‬
‫جمسة لمجنة المركزية لمببلشفة قرار يدعو لموحدة مع المناشفة‪ ،‬مرة أخرى كاف الصوت الوحيد المنشؽ ىو صوت لينيف‪)56( .‬‬
‫عندما اندلعت حرب ‪ ،8988- 8989‬لـ يتبف أي مف فروع الحزب الموقؼ االنيزامي الثوري الذي دعا اليو لينيف‪)57( ،‬‬
‫وأثناء محاكمة بعض زعماء الببلشفة في عاـ ‪ ،8985‬تب أر كامينيؼ ونائباف ببلشفة في الدوما مف موقؼ لينيف االنيزامي الثوري‪.‬‬
‫(‪)58‬‬
‫وبعد ثورة فبراير‪ ،‬يجد المرء أف الغالبية العظمى مف زعماء الحزب لـ يكونوا مؤيديف لحكومة سوفيتية ثورية‪ ،‬وانما أيدوا‬
‫الحكومة االنتقالية االئتبلفية‪ .‬كاف لمببلشفة أربعوف عضوا في سوفييت بتروجراد في ‪ 3‬مارس ‪ ،8987‬ومع ذلؾ فعندما تـ‬
‫التصويت عمى قرار نقؿ السمطة لمحكومة االئتبلفية البرجوازية‪ ،‬صوت تسعة عشر فقط ضد القرار‪ )59( .‬وفي اجتماع لمجنة‬
‫الحزب في بتروجراد (‪ 5‬مارس‪ ،)8987‬حصؿ قرار يدعو لحكومة سوفيتية ثورية عمى صوت واحد فقط‪ )61( .‬كاف لػ "برافدا"‪ ،‬التي‬
‫كاف يحررىا ستاليف في ذلؾ الوقت‪ ،‬موقؼ ال يمكف وصفو بالثورية بأي حاؿ مف األحواؿ‪ .‬لقد أعمنت بحسـ تأييدىا لمحكومة‬
‫االنتقالية "بمقدار ما تصارع ضد الرجعية أو الثورة المضادة" (‪)68‬‬
‫مرة أخرى‪ ،‬عندما وصؿ لينيف إلى روسيا في ‪ 2‬أبريؿ‪ ،8987‬ونشر "أطروحات أبريؿ" الشييرة ‪ -‬ضوء مرشد لمحزب إلى‬
‫ثورة أكتوبر ‪ -‬ك اف لفترة مف الوقت في أقمية صغيرة داخؿ حزبو‪ .‬كاف تعميؽ "برافدا" عمى "أطروحات إبريؿ" ىو أنيا "رأي لينيف‬
‫الشخصي" وىو رأي "مرفوض" تماما‪ )63( .‬في اجتماع لمجنة الحزب في بتروجراد‪ ،‬انعقد في ‪ 8‬أبريؿ‪ ،8987‬حصمت‬
‫"األطروحات" عمى صوتيف فقط‪ ،‬في حيف صوت ثبلثة عشر ضدىا وامتنع واحد عف التصويت‪ )62( .‬ومع ذلؾ‪ ،‬ففي مؤتمر‬
‫الحزب المنعقد في ‪ 33 - 89‬ابريؿ حصمت "األطروحات " عمى أغمبية‪ :‬صوت ‪ 78‬ليا‪ ،‬و ‪ 29‬ضدىا‪ ،‬وامتنع ‪ 8‬عف التصويت‪.‬‬
‫(‪ )63‬ولقد ىزـ المؤتمر ذاتو لينيف حوؿ مسألة ىامة أخرى‪ ،‬وىي مسألة ما إذا كاف ينبغي لمحزب أف يشترؾ في مؤتمر ستوكيولـ‬
‫لؤلحزاب االشتراكية المقترح‪ .‬فعمى العكس مف آراء لينيف‪ ،‬أصدر الحزب قرار مؤيدا لممشاركة الكاممة‪)65( .‬‬

‫ومرة أخرى‪ ،‬في ‪ 89‬سبتمبر‪ ،‬عقد كيرينسكي "مؤتم ار ديمقراطيا"‪ ،‬وتحدث لينيف بقوة مؤيدا مقاطعتو‪ .‬قررت المجنة المركزية‬
‫بأغمبية ‪ 9‬أصوات مقابؿ ‪ 8‬مقاطعة المؤتمر‪ ،‬ولكف حيث أف األصوات كانت متساوية تقريبا‪ ،‬فقد ترؾ القرار األخير لمؤتمر الحزب‬
‫الذي تقرر أف يتشكؿ مف الجناح البمشفي داخؿ "المؤتمر الديمقراطي"‪ .‬وقد قرر ىذا االجتماع بأغمبية ‪ 77‬ضد ‪ 51‬صوتا عدـ‬
‫مقاطعة المؤتمر"‪)66( .‬‬
‫عندما كانت أىـ المسائؿ عمى اإلطبلؽ‪ ،‬مسألة انتفاضة أكتوبر‪ ،‬مدرجة عمى جدوؿ األعماؿ‪ ،‬كانت القيادة مرة أخرى‬
‫منقسمة بشدة‪ :‬عارض جناح قوى‪ ،‬قاده زينوفييؼ وكامينيؼ وريكوؼ بياتاكوؼ وميميوتيف ونوجيف‪ ،‬االنتفاضة‪ .‬ومع ذلؾ‪ ،‬فعندما‬
‫أنتخب المكتب السياسي بواسطة المجنة المركزية‪ ،‬لـ يستبعد أي مف زينوفييؼ أو كامينيؼ‪.‬‬
‫وبعد االستيبلء عمى السمطة‪ ،‬استمرت االختبلفات داخؿ قيادة الحزب بنفس الحدة التي كانت عمييا في السابؽ‪ .‬فبعد أياـ‬
‫قميمة مف الثورة‪ ،‬طالب عدد مف قيادات الحزب بتكويف ائتبلؼ مع األحزاب االشتراكية األخرى‪ .‬وقد تضمف الذيف أصروا عمى ذلؾ‬
‫ريكوؼ‪ ،‬قوميسار الشعب لمداخمي ة‪ ،‬ومميوتيف‪ ،‬قوميسار الشعب لمزراعة‪ ،‬ونوجيف‪ ،‬قوميسار الشعب لمصناعة والتجارة‪،‬‬
‫ولوناشارسكي‪ ،‬قوميسار الشعب لمتعميـ‪ ،‬وشميابنيكوؼ‪ ،‬قوميسار الشعب لمعمؿ‪ ،‬وكامينيؼ‪ ،‬رئيس الجميورية‪ ،‬وزينوفييؼ‪ .‬لقد ذىبوا‬
‫إلى حد االستقالة مف الحكومة‪ ،‬مجبريف لينيف ومؤيديو بذلؾ عمى عقد مفاوضات مع األحزاب األخرى‪( )67( .‬انيارت المفاوضات‬
‫ألف المناشفة أصروا عمى استبعاد لينيف وتروتسكي مف الحكومة االئتبلفية)‪)68( .‬‬
‫ومرة أخرى‪ ،‬حوؿ مسألة إجراء أو تأجيؿ انتخابات الجمعية التأسيسية (في ديسمبر‪ ،)8987‬وجد لينيف نفسو في أقمية‬
‫داخؿ المجنة المركزية‪ ،‬وتـ إجراء االنتخابات عمى نقيض ما نصح بو‪ )69( .‬وبعد ذلؾ بقميؿ‪ ،‬ىزـ مرة أخرى حوؿ مسألة‬
‫مفاوضات السبلـ مع ألمانيا في بريست ‪ -‬ليتوفسؾ‪ .‬لقد كاف يريد سبلما فوريا‪ .‬إال أنو في اجتماع المجنة المركزية والعماؿ‬
‫النشطيف‪ ،‬المنعقد في ‪ 38‬يناير‪ ،8988‬لـ يحصؿ اقتراحو إال عمى ‪ 85‬صوتا مقابؿ ‪ 23‬صوتا القتراح بوخاريف‪" ،‬الحرب الثورية"‪،‬‬
‫و ‪ 86‬صوتا القتراح تروتسكي‪" ،‬ال سبلـ وال حرب"‪ )71( .‬في جمسة المجنة المركزية في اليوـ التالي‪ ،‬ىزـ لينيف مرة أخرى‪ .‬ولكنو‬
‫نجح أخيرا‪ ،‬تحت ضغط األحداث‪ ،‬في إقناع غالبية أعضاء المجنة المركزية بوجية نظره‪ ،‬وفي جمسة المجنة المركزية في ‪39‬‬
‫فبراير‪ ،‬حصؿ اقتراح السبلـ الذي تقدـ بو لينيف عمى ‪ 7‬أصوات‪ ،‬في حيف صوت ‪ 9‬ضده‪ .‬وامتنع ‪ 9‬عف التصويت‪)78(.‬‬
‫إف المناخ الجامد الذي نسب لمحزب البمشفي قبؿ الثورة وبعدىا مباشرة‪ ،‬يتبلشى عند مواجيتو الحقائؽ‪ .‬إال أف ىذا المناخ‬
‫قد أصبح حقيقة فيما بعد‪.‬‬
‫لفترة طويمة‪ ،‬كانت أىـ ىيئة في الحزب ىي المؤتمر‪ .‬أعمف لينيف‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪" :‬المؤتمر‪ ..‬ىو التجمع صاحب‬
‫المسئولية األىـ في الحزب والجميورية"‪ )73( .‬ولكف مع ازدياد قوة البيروقراطية‪ ،‬فقد المؤتمر أىميتو بشكؿ متزايد‪ .‬نصت قواعد‬
‫الحزب الصادرة في أعواـ ‪ 8989‬و ‪ 8933‬و‪( 8935‬القواعد‪33 ،38 ،31‬عمى التوالي) عمى انعقاد المؤتمر سنويا (‪ ،)72‬وقد تـ‬
‫االلتزاـ بذلؾ حتى المؤتمر الرابع عشر (‪ .) 8935‬أما بعد ذلؾ فقد أخذت المؤتمرات تتباعد عف بعضيا بشكؿ متزايد‪ .‬انعقد‬
‫المؤتمر التالي بعد ذلؾ بسنتيف‪ ،‬وبيف ىذا األخير والمؤتمر السادس عشر (في‪ )8921‬مرت سنتاف ونصؼ‪ ،‬وبيف السادس عشر‬
‫والسابع عشر (في‪ ،) 8929‬ثبلث سنوات ونصؼ‪ .‬أصدر ىذا المؤتمر األخير قواعد جديدة تقضي بعقد المؤتمر "مرة واحدة عمى‬
‫األقؿ كؿ ثبلث سنوات" (القاعدة‪)79( .)37‬‬
‫إال انو حتى ىذا لـ يتـ االلتزاـ بو‪ .‬مرت خمس سنوات بيف المؤتمر السابع عشر والثامف عشر (‪ ،)8929‬وبعد ذلؾ‬
‫كانت ىناؾ فترة طويمة تزيد عمى ثبلث عشرة سنة بيف المؤتمر الثامف عشر والمؤتمر التاسع عشر (‪.)8953‬‬

‫وفقا لقواعد الحزب‪ ،‬ينبغي أف تعقد المجنة المركزية مؤتمرات حزبية بيف المؤتمرات‪ ،‬ووفقا لمقواعد التي أقرىا المؤتمر‬
‫الثامف عشر والتي ال تزاؿ سارية رسميا‪ ،‬ينبغي أف تعقد ىذه المؤتمرات "مرة واحدة عمى األقؿ سنويا "‪ .‬منذ‪ ،8989‬عقدت مؤتمرات‬
‫في‪(8938 ،8931 ،8989‬مرتاف)‪ ،8929 ،8923 ،8939 ،8936 ،8935 ،8939 ،8932 ،‬وأخي ار في‪.8998‬‬
‫ينتخب المؤتمر المجنة المركزية وىي الييئة العميا لمحزب‪ .‬مف الناحية الصورية‪ ،‬المجنة المركزية مسئولة أماـ مؤتمر‬
‫الحزب‪ ،‬ولكف عندما ال ينعقد األخير ألكثر مف ثبلث عشرة سنة‪ ،‬فاف ىذا النص يتحوؿ إلى نص ببل حياة‪.‬‬
‫مف الناحية الصورية‪ ،‬تنتخب المجنة المركزية المكتب السياسي‪ ،‬وبالتالي ينبغي أف يكوف األخير مسئوال أماـ األولى‪ ،‬إال‬
‫أنو مف الناحية الفعميػة‪ ،‬تخضع المجنة المركزية تماما لممكتب السياسي‪.‬‬
‫إذا كانت المجنة المركزية تمارس فعبل السمطة العميا داخؿ الحزب‪ ،‬فانو كاف سيكوف مف المستحيؿ أف يطرد ويعدـ غالبية‬
‫‪ -‬في الواقع أكثر مف ثبلثة أرباع ‪ -‬أعضائيا بوصفيـ "أعداء لمشعب"‪ ،‬كما حدث بيف المؤتمريف السابع عشر والثامف عشر‪ .‬إف‬
‫‪ 86‬فقط مف بيف الػ ‪ 78‬عضوا في المجنة المركزية المنتخبة في عاـ ‪ 8929‬ظيرت أسماؤىـ مرة أخرى في قائمة أعضاء المجنة‬
‫المركزية المنتخبيف بعد ذلؾ بخمس سنوات‪ ،‬ومف بيف ‪ 68‬عضوا مرشحا ظير عمى القائمة مرة أخرى ‪ 8‬فقط‪.‬‬
‫المكتب الس ياسي‪ ،‬الذي يضـ ثبلثة عشر أو أربعة عشر عضوا‪ ،‬يختار السكرتارية‪ ،‬التي يرأسيا السكرتير العاـ‪ .‬لمدة‬
‫ثبلثيف عاما شغؿ ستاليف ىذا المنصب‪ .‬ومنذ وفاة ستاليف صار النظاـ اإلداري أكثر تعقيدا‪ .‬رغـ أف كؿ المظاىر كانت تشير إلى‬
‫أف جورجي مالينكوؼ ىو خميفة ستاليف‪ ،‬فقد أعطي منصب السكرتير العاـ لشخص آخر ‪ -‬نيكيتا خروتشوؼ‪ .‬مف الواضح اآلف‬
‫أف خروتشوؼ لو اليد العميا‪.‬‬
‫تتضح سيطرة البيروقراطية مف خبلؿ مبلحظة أف السكرتير العاـ الذي كاف في األصؿ‪ ،‬مجرد منفذ إلرادة المجنة‬
‫المركزية‪ )75( ،‬أصبح في ظؿ حكـ ستاليف‪ ،‬مطمؽ الصبلحية‪ ،‬يحمؿ سمطة أكبر مف تمؾ التي كاف أي قيصر يجرؤ عمى أف‬
‫يحمـ بيا‪1‬‬
‫لينيف‪ ،‬مثبل‪ ،‬لـ يكف أبدا عضوا في سكرتارية الحزب في أيامو‪ ،‬لـ تتضمف السكرتارية أبدا قادة الحزب األكثر صيتا‪ .‬عمى‬
‫سبيؿ المثاؿ‪ ،‬قبؿ انضماـ ستاليف مباشرة (‪ ،)8933‬كانت السكرتارية تتكوف مف مولوتوؼ وياروسبلفسكي وميخاثيموؼ الذيف ال‬
‫يمكف وضع أي منيـ ضمف الصؼ األوؿ مف القادة الببلشفة‪ .‬ولـ يصبح منصب السكرتير العاـ شديد األىمية إال مع تعزز موقؼ‬
‫البيروقراطية وبناء تسمسؿ ىرمي حزبي تتـ السيطرة عميو مف أعمى‪.‬‬
‫مف المستحيؿ تتبع التغيرات في التكويف االجتماعي لمحزب منذ عاـ ‪ 8921‬بدقة‪ 1‬فمنذ ىذه السنة‪ ،‬توقؼ نشر مثؿ ىذه‬
‫المعمومات‪( .‬اإللغاء ذاتو ذو داللة كبيرة) ‪ .‬ومع ذلؾ‪ ،‬مف الممكف الحصوؿ عمى بعض المؤشرات عف التكويف االجتماعي لمحزب‬
‫مف خبلؿ المستوى التعميمي لؤلعضاء‪.‬‬
‫في روسيا‪ ،‬يكمؿ واحد فقط مف كؿ عشريف طفبل الدراسة الثانوية‪ ،‬ودع عنؾ الجامعة‪ ،‬ومع ذلؾ‪ ،‬فمف بيف أعضاء‬
‫الحزب الػ ‪ 8,588,853‬في عاـ ‪ ،8929‬كاف ‪ 837,111‬قد حصموا عمى تعميـ جامعي‪ ،‬بالمقارنة بػ ‪ 9111‬فقط في عاـ ‪،8929‬‬
‫و ‪ 8296‬في ‪ ،8937‬وكاف ‪ 225,111‬قد حصموا عمى تعميـ ثانوي‪ ،‬بالمقارنة بػ ‪ 881,111‬في عاـ ‪ ،8929‬و ‪ 89,888‬في‬
‫عاـ ‪ )76(.8937‬في مؤتمر الحزب لعاـ ‪ ،8939‬كاف ‪5‬ر‪ %6‬مف المندوبيف ذوي حؽ التصويت قد حصموا عمى تعميـ جامعي‪،‬‬

‫كانت النسبة ‪3‬ر‪ ،%7‬في ‪ :8929‬حوالي ‪ ،%81‬في ‪5 :8929‬ر‪ ،%28‬وفي مؤتمر عاـ ‪:8998‬‬ ‫في مؤتمر عاـ ‪:8921‬‬
‫‪8‬ر‪ .%98‬وكانت النسبة المئوية لممندوبيف الذيف كانوا قد حصموا عمى تعميـ ثانوي كالتالي‪ :‬في عاـ ‪9 8939‬ر‪ ،%87‬في‬
‫‪7 8921‬ر‪ ،%85‬في عاـ ‪ 8929‬حوالي ‪ ،%28‬في ‪5 8929‬ر‪ %33‬وفي عاـ ‪8 8998‬ر‪( %39‬بما في ذلؾ أولئؾ الحاصموف‬
‫عمى تعميـ جامعي غير مكتمؿ) (‪ ) 77‬ىكذا (بإضافة االثنيف معا)‪ ،‬فاف نسبة المندوبيف الذيف يمكف تصنيفيـ لمػ "انتمجنسيا‬
‫سوفيتية" كانت في عاـ ‪9 8939‬ر‪ ،%39‬في عاـ ‪9 8921‬ر‪ ،%33‬في عاـ‪ ،%59 ،8929‬وفي عاـ ‪9 8998‬ر‪ .%71‬في‬
‫مؤتمر عاـ‪ ،8929‬عندما كاف ‪ %98‬مف المندوبيف المنتخبيف قد حصموا عمى تعميـ ثانوي وعالي‪ ،‬كاف ‪2‬ر‪ %9‬فقط عماال‬
‫صناعييف وزراعييف‪ .‬البد أف النسبة كانت أقؿ كثي ار في عامي ‪ 8929‬و‪.8998‬‬
‫فيما يتعمؽ بالكومسوموؿ‪ ،‬ذكر سكرتيره‪ ،‬ميخائيموؼ‪" :‬في الوقت الحالي‪ ،‬أكثر مف نصؼ سكرتيري المجاف المحمية‬
‫واإلقميمية والمركزية لمجميوريات االتحادية لدييـ تعميـ عالي أو تعميـ عالي غير مكتمؿ‪ .‬باقي السكرتيريف لدييـ تعميـ ثانوي‪ .‬ومف‬
‫بيف سكرتيري لجاف المناطؽ لمكومسوموؿ‪ %67 ،‬لدييـ تعميـ ثانوي أو عالي"‪( .‬برافدا‪21 ،‬مارس‪)8999‬‬
‫إضافة إلى ذلؾ‪ ،‬كاف عدد كبير مف العماؿ اليدوييف في مؤتمرات الحزب مف االستاخانوفييف‪ .‬أثناء الحرب‪ ،‬عندما ارتفع‬
‫عدد أعضاء الحزب مف مميونيف ونصؼ إلى ستة مبلييف‪ ،‬كاف ‪ %97‬مف جميع المرشحيف المقبوليف قد حصموا عمى تعميـ ثانوي‬
‫أو جامعي‪ )78( .‬في أوؿ يناير‪ ،8997‬مف بيف ستة مبلييف عضو ومرشح‪ ،‬كاف ‪ 911,111‬قد حصموا عمى تعميـ جامعي‪ ،‬و‬
‫‪ 8,211,111‬قد حصموا عمى تعميـ ثانوي‪ ،‬و ‪ 8,511,111‬قد حصموا عمى تعميـ ثانوي غير مكتمؿ‪)79( .‬‬
‫تظير المعمومات المحمية عف الوضع االجتماعي لممنضميف الجدد لمحزب االتجاه نفسو‪ .‬فمثبل‪ ،‬خبلؿ ‪ 8998‬والشيريف‬
‫األوليف مف عاـ ‪ ، 8993‬في إقميـ شيميا بنسؾ‪ ،‬مف بيف أولئؾ المقبوليف لمعضوية تحت االختبار‪ ،‬كاف ىناؾ ‪ 611‬عامؿ‪ ،‬و ‪389‬‬
‫عضوا في كولخوز‪ ،‬و ‪ 3125‬موظفا يقوـ بعمؿ كتابي‪ .‬ومف بيف أولئؾ الذيف أكمموا حتى فترة اختبارىـ أثناء ىذه الفترة وأصبحوا‬
‫أعضاءا كامميف‪ ،‬كاف ىناؾ ‪ 919‬عامبل‪ ،‬و ‪ 299‬عضوا في كولخوز‪ ،‬و ‪ 2585‬موظفا كتابيا‪ .‬ىكذا‪ ،‬فاف ‪ %71‬مف المرشحيف‬
‫الجدد واألعضاء الجدد كانوا مف الفئة األخيرة‪)81( .‬‬
‫في عاـ ‪ 8932‬كاف ‪ %39‬فقط مف مديري المصانع في الحزب‪ .‬في عاـ ‪ ،8935‬مع االنتصار الجزئي لجناح ستاليف‪،‬‬
‫أصبح ‪7‬ر‪ %72‬مف أعضاء إدارة االتحادات االحتكارية‪ ،‬و ‪5‬ر‪ %88‬مف أعضاء مجالس اتحادات رؤوس األمواؿ‪ ،‬و ‪ %95‬مف‬
‫مديري المشروعات الكبرى‪ ،‬أعضاءا في الحزب‪ ،‬وبحموؿ عاـ‪ ،8937‬أصبحت نسب الفئات الثبلث نفسيا عمى التوالي‪:‬‬
‫‪8‬ر‪9 ،%75‬ر‪9 ،%83‬ر‪ )88(.%96‬في عاـ ‪ ،8926‬كاف ما بيف ‪5‬ر‪ %97‬و ‪8‬ر‪ %99‬مف ىذه النوعية مف المسئوليف ينتموف‬
‫لمحزب‪ ،‬وكاف الرقـ بالنسبة لرؤساء االتحادات االحتكارية ‪)83( .%811‬‬
‫أما بالنسبة لقادة الجيش األحمر‪ ،‬ففي حيف أنو في عاـ ‪ 8931‬كاف ‪5‬ر‪ 81‬منيـ فقط ينتموف لمحزب‪ ،‬فاف النسبة قد‬
‫وصمت إلى ‪6‬ر‪ %21‬في عاـ ‪ 8939‬و‪8‬ر‪ %58‬في عاـ ‪ ،)82( 8939‬واذا أضفنا أولئؾ الذيف ينتموف إلى الكومسموؿ تقفز‬
‫النسبة إلى ‪ %78.8‬بحموؿ عاـ ‪ ،)89( 8928‬واليوـ ليس ىناؾ شؾ في أنيـ جميعا ينتموف لمحزب‪.‬‬
‫إذا أخذنا في االعتبار أنو في يناير‪ ،8927‬بمغ عدد المديريف‪ )85( ،8,758,111‬وأف تسعة أعشار ىؤالء عمى األقؿ‬
‫كانوا ينتموف لمحزب‪ ،‬فمف البدييي أف عددا قميبل مف الناس مف خارج ىذه الطبقة كاف في إمكانيـ أف يكونوا أعضاء‪ ،‬حيث أف‬
‫العدد اإلجمالي ألعضاء الحزب والمرشحيف لعضويتو كاف حوالي مميونيف ونصؼ مميوف فقط‪ .‬ليس ىناؾ رقـ دقيؽ متوفر‬
‫لعاـ‪ ،8927‬إال أف أرقاـ ‪ 8929‬و ‪ 8929‬كانت ‪ 3,817,111‬و ‪ 3,977,111‬عمى التوالي‪.‬‬

‫يتأكد ىذا التخميف مف خبلؿ أمثمة مثؿ مصنع برسنيا لبناء اآلالت في موسكو مف بيف الػ ‪ 8211‬موظؼ في ىذا‬
‫المصنع كاف عدد أعضاء الحزب ‪ ،889‬بينيـ أكثر مف مائة موظؼ يحصؿ عمى مرتب وحوالي ‪ 83‬عامبل يدويا فقط‪)86( .‬‬
‫ستكوف ىذه النسب‪ ،‬بالطبع‪ ،‬متشابية في أغمب المصانع األخرى‪.‬‬
‫وبنفس نمط التغيير في التكويف االجتماعي ألعضاء الحزب‪ ،‬جاء القضاء عمى األعضاء القدامى لمحزب‪ .‬مف بيف الػ‬
‫‪ 8,588,853‬عضوا بالحزب في أوؿ مارس ‪ ،8929‬كاف ‪2‬ر‪ %8‬فقط ينتموف لمحزب منذ ثورة‪ ،8987‬و‪2‬ر‪ %8‬منذ ‪ ،8931‬أي‬
‫منذ نياية الحرب األىمية‪ )87( .‬في نياية المؤتمر الثامف عشر‪ ،‬تـ في الواقع التأكيد عمى أف ‪ %71‬مف أعضاء الحزب كانوا قد‬
‫انضموا منذ عاـ ‪ 8939‬فقط‪ .‬قبيؿ ثورة فبراير كانت عضوية الحزب‪ ،32,611‬في أغسطس‪ ،311,111 8987‬في مارس ‪8938‬‬
‫‪ )88(.721,111‬مف البدييي‪ ،‬إذف‪ ،‬أف حوالي واحد عمى أربعة عشر مف أعضاء عاـ ‪ 8987‬وحوالي سدس أعضاء عاـ ‪8931‬‬
‫فقط كانوا ال يزالوف أعضاء في الحزب بحموؿ عاـ ‪.8929‬‬
‫إف ىذا االختفاء الضخـ لؤلعضاء القدامى ال يمكف تفسيره باألسباب الطبيعية‪ ،‬حيث أف الغالبية العظمى مف أعضاء‬
‫الحزب في عاـ ‪ 8987‬و‪ 8931‬كانوا صغيري السف جدا‪ .‬بؿ حتى عاـ‪ ،8937‬كاف ‪8‬ر‪ %52‬مف أعضاء الحزب أقؿ مف ‪39‬‬
‫عاما‪ ،‬وكاف ‪ %23‬بيف ‪ 29 - 21‬عاما‪ ،‬و ‪9‬ر‪ %88‬بيف ‪ 91‬و ‪ 99‬عاما‪8 ،‬ر‪ %3‬فقط أكبر مف ‪ 51‬عاما‪)89( .‬‬
‫بعض الحقائؽ اإلضافية القميمة ستكفي لبياف إلى أي مدى ذىب ستاليف في التصفية الجسدية لمزعماء القدامى لمحزب‬
‫البمشفي‪.‬‬
‫لقد تـ تشكيؿ أوؿ مكتب سياسي في ‪ 81‬أكتوبر ‪( 8987‬ولـ يكف يحمؿ ىذا االسـ بعد)‪ ،‬مف لينيف وتروتسكي وزينوفييؼ‬
‫وكامينيؼ وسوكولنيكوؼ وبوبنوؼ وستاليف (‪ )91‬في عاـ ‪ 8988‬أضيؼ بوخاريف‪ .‬وفي عاـ ‪ 8931‬أضيؼ بربوب ارزفسكي‬
‫وسيريبرياكوؼ‪ ،‬إال انيما استبدال بعد سنة بزينوفييؼ وتومسكي‪ .‬وفي عاـ ‪ ،8932‬أخذ ريكوؼ مكاف بوخاريف‪)98( .‬‬
‫طيمة فترة الحرب األىمية‪ ،‬تكوف المكتب مف لينيف وتروتسكي وكامينيؼ وبوخاريف وستاليف‪ .‬مف بيف كؿ ىؤالء القادة‬
‫البارزيف اثناف فقط ماتا ميتة طبيعية‪ ،‬ىما لينيف وستاليف‪ ،‬أما زينوفييؼ وكامينيؼ وبوخاريف وريكوؼ وسيريبرياكوؼ فقد تـ إعداميـ‬
‫بعد محاكمة صورية‪ ،‬ثـ تروتسكي الذي اغتيؿ في المكسيؾ بواسطة عميؿ لمبوليس السري الستاليني‪ ،‬وانتحر تومسكي قبيؿ القبض‬
‫عميو‪ ،‬ووصؼ بعد موتو بأنو "عدو الشعب" و"فاشي" وحكـ عمى سوكولنيكوؼ بالسجف المؤبد‪ ،‬كما اختفى بربوب ارزنسكي وجوبنوؼ‬
‫أثناء "التطيير العظيـ"‪.‬‬
‫في الوثيقة المعروفة بػ "وصيتو"‪ ،‬يخص لينيف ستة أشخاص بالذكر الخاص‪ .‬مف بيف ىؤالء الستة‪ ،‬قتؿ أربعة رميا‬
‫بالرصاص بأمر ستاليف بعد أف تمت "محاكمتيـ"‪ ،‬ىؤالء ىـ بياتاكوؼ وبوخاريف (وصؼ لينيف ىذيف االثنيف أنيما‪ :‬في رائي‪ ،‬القوة‬
‫األكثر ق درة بيف األكثر شبابا)‪ ،‬وزينوفييؼ وكامينيؼ‪ .‬أما تروتسكي فقتؿ‪ .‬الوحيد مف بيف الستة الذي انتقده لينيف نقدا الذعا ىو مف‬
‫أعدـ الخمسة اآلخريف ! (جوزيؼ ستاليف)‪.‬‬
‫ومف بيف األعضاء الخمسة عشر ألوؿ حكومة بمشفية يتـ تنظيميا (مجمس قوميساري الشعب ألكتوبر‪ ،)8987‬لـ ينج‬
‫لينيف‪ ،‬نوجيف‪ ،‬سكفورتسوؼ ‪ -‬ستيبانوؼ‬ ‫مف "التطيير" سوى واحد فقط‪ ،‬ىو ستاليف‪ .‬مات أربعة أعضاء ميتة طبيعية‪:‬‬
‫ولوناشارسكي‪ .‬أما العشرة اآلخروف ‪ -‬تروتسكي‪ ،‬ريكوؼ‪ ،‬شميابنيكوؼ‪ ،‬كريمنكو‪ ،‬ديبنكو‪ ،‬انطونوؼ ‪ -‬اوفسنكو‪ ،‬لوموؼ ‪-‬‬
‫أوبوكوؼ‪ ،‬ميميوتيف‪ ،‬جميبوؼ ‪ -‬أجفيموؼ‪ ،‬تيودوروفيتش ‪ -‬فأما أنيـ اعدموا بأمر ستاليف أو ماتوا في سجونو !‬

‫لقد تكرر "تطيير " كبار مسئولي القوميساريات المختمفة‪ .‬ىكذا‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬تـ عزؿ قوميسار بعد آخر ثـ إعدامو‬
‫أو إيداعو السجف‪ .‬أوؿ مف ناؿ ىذا المنصب كاف شميابنيكوؼ‪ ،‬ثـ سميرنوؼ‪ ،‬وبعد ذلؾ ميخائيؿ أو جبلنوؼ وأخي ار ؼ‪ .‬ؼ‪.‬‬
‫شميدت‪.‬‬
‫مف بيف أولئؾ الذيف تـ تطييرىـ بوصفيـ "كبلب فاشية" كاف تروتسكي مف البروز في الحزب حتى أف الحزب سمى أثناء‬
‫وبعد الحرب األىمية "حزب لينيف وتروتسكي"‪ ،‬كما عرفت الحكومة األولى باالسـ ذاتو‪ ،‬وحؿ ريكوؼ محؿ لينيف‪ ،‬بعد وفاتو‪ ،‬كرئيس‬
‫مجمس قوميساري ا لشعب (أو رئيس الوزراء)‪ ،‬وكاف زينوفييؼ رئيسا لمجمس المجنة التنفيذية (أو رئيس) لؤلممية الشيوعية‪ ،‬وكاف‬
‫تومسكي رئيس لمؤتمر نقابات العماؿ‪ .‬تضمف المطرودوف اآلخروف رؤساء الجيش‪ .‬أعدـ نائب قوميسار لمدفاع‪ ،‬ـ‪ .‬ف‪.‬‬
‫توخاشيفسكي‪ ،‬وانتحر آخر‪ ،‬جاف جامارنيؾ‪ ،‬عندما واجو القبض عميو (وفقا إلعبلف رسمي)‪ ،‬كما "اختفى" آخر‪ ،‬مارشاؿ اجوروؼ‪،‬‬
‫بعد ذلؾ بقميؿ‪ ،‬وكذلؾ فعؿ قوميسار البحرية‪ ،‬سميرنوؼ‪ .‬مف بيف الخمسة عشر مف قادة الجيش المعينيف في عاـ‪ ،8925‬استمر‬
‫واحد فقط في التمتع بمنصبو الكبير بعد التطييرات‪ .‬وقد مات واحد ميتة طبيعية‪ .‬اال أف اآلخريف جميعا قد وصموا بالػ "خيانة"‬
‫وطيروا‪ )93( .‬تعرض جميع سفراء االتحاد السوفيتي تقريبا أيضا لمػ "تطيير" كما حدث لرئيسيف لمبوليس السياسي‪ :‬ياجودا‪ ،‬الذي‬
‫كاف قد أعد بنفسو محاكمة زينوفييؼ ‪ -‬كامينييؼ‪ ،‬وييزوؼ‪ ،‬الذي أعد المحاكمات البلحقة األخرى‪ ،‬والتي كاف ياجودا متيما في‬
‫إحداىا‪.‬‬
‫لو أف كؿ أولئؾ الذيف صفاىـ ستاليف كانوا بالفعؿ "فاشييف" و "خونة"‪ ،‬فانو يصبح مف غير المفيوـ بالمرة كيؼ أنيـ ‪-‬‬
‫وقد كانوا يشكموف ماال يقؿ عف تسعة أعشار قيادة الحزب والدولة عمى امتداد ثورة أكتوبر والحرب األىمية ‪ -‬قادوا ثورة اشتراكية‪.‬‬
‫ىكذا‪ ،‬فقد أثبت حجـ " التطييرات"‪ ،‬ذاتو طابعيا الزائؼ‪.‬‬
‫ولكي يضيؼ لمسة مف السخرية المرة إلى تراجيديا "التطييرات" وضع ستاليف مسئولية حجميا الضخـ عمى عاتؽ أوؿ‬
‫ضحاياىا‪ ،‬التروتسكييف‪ ،‬الذيف زعـ أنيـ أرادوا بذلؾ بذر بذور السخط والم اررة بطريقة مصطنعة‪ ،‬ىكذا‪ ،‬فاف "المنافقيف التروتسكييف‬
‫يستطيعوف أف يصيدوا ببراعة‪ ..‬الرفاؽ الذيف يشعروف بالم اررة‪ ،‬يجروىـ إلى مستنقع الخراب التروتسكي"‪ )92(.‬وفي خطاب أماـ‬
‫المؤتمر الثامف عشر لمحزب‪ ،‬كرر زدانوؼ ىذا االدعاء األحمؽ بزعمو أف التروتسكييف‪ ،‬مف خبلؿ توسيعيـ لمػ "تطيير"‪ ،‬استيدفوا‬
‫"تدمير الجياز الحزبي"‪ .‬بنفس المنطؽ كانت محاكـ التفتيش تستطيع أف تتيـ ضحاياىا بمسؤوليتيـ عف فعؿ االيماف (فعل اإليمان ىو‬
‫االحتفال الذي يرافق إصدار الحكم بالموت "المترجم") وتبيف الحادثة اآلتية‪ ،‬والتي ذكرىا زدانوؼ في نفس الخطاب‪ ،‬المدى الضخـ لمػ‬
‫"تطيير" بسخرية وحشية‪ .‬لقد قاؿ‪" :‬لجأ بعض أعضاء الحزب لطمب مساعدة المؤسسات الطبية في محاولة إلنقاذ أنفسيـ مف‬
‫"التطيير"‪ .‬ىذه ىي شيادة طبية صادرة ألحد ىؤالء المواطنيف‪" :‬بسبب حالتو الصحية والعقمية‪ ،‬فاف الرفيؽ (فبلف الفبلني) ليس‬
‫صالحا لبلستخداـ كأداة بواسطة أي عدو طبقي‪ .‬الطبيب النفسي لممنطقة‪ ،‬منطقة أكتوبر‪ ،‬مدينة كييؼ (إمضاء)" (‪)99‬‬
‫زوال الدولة والقانون‬
‫ذىب ماركس إلى أنو مع قياـ المجتمع االشتراكي والغاء الطبقات االجتماعية سينتفي وجود الدولة‪ .‬ذلؾ أف غياب‬
‫الصراعات بيف الطبقات أو المجموعات االجتماعية األخرى سيجعؿ مف غير الضروري وجود أي جياز قمع دائـ في شكؿ جيش‬
‫وبوليس وسجوف‪ .‬القانوف أيضا سيختفي مف الوجود‪ ،‬حيث أف "القانوف يساوي ال شيء بدوف جياز قادر عمى ضماف االلتزاـ‬
‫بالقانوف"‪ ) 95( .‬في ظؿ االشتراكية‪ ،‬ستكوف جميع الصراعات بيف أفراد‪ .‬ولف يقتضي القضاء عمى ىذه االعتداءات الفردية التي‬
‫ستستمر في التعبير عف نفسيا بعد القضاء عمى البؤس‪ -‬وىو السبب الرئيسي لمػ "جريمة" في المجتمع الحالي ‪ -‬لف يقتضي ذلؾ‬

‫وجود منظمات قمعية متخصصة‪" .‬اإلرادة العامة" ‪ -‬إذا استخدمنا تعبير روسو ‪ -‬ستسود وتتعامؿ مع ىذه المشاكؿ‪ .‬وكما قاؿ‬
‫ستاليف مرة‪ ،‬منذ زمف طويؿ‪ ،‬في عاـ ‪" :8937‬المجتمع االشتراكي ىو مجتمع ببل طبقات‪ ،‬مجتمع ببل دولة"‪)96( .‬‬
‫وجدت ىذه الكممات تعبي ار عنيا في دستور الجميورية الروسية السوفيتية الفيدرالية االشتراكية‪ ،‬الصادر في ‪81‬‬
‫يوليو‪ .8988‬لقد ذكر الدستور‪ " :‬اف اليدؼ الرئيسي لدستور الجميورية الروسية االشتراكية الفيدرالية السوفيتية‪ ،‬وىو دستور‬
‫مصمـ لخدمة الفترة االنتقالية الحالية‪ ،‬ىو تأسيس دكتاتورية البروليتاريا المدنية والريفية باالشتراؾ مع فقراء الريؼ‪ ،‬في شكؿ سمطة‬
‫سوفيتية قوية تشمؿ كؿ روسيا‪ ،‬وضماف القمع الكامؿ لمبرجوازية‪ ،‬والغاء استغبلؿ اإلنساف لئلنساف‪ ،‬وتحقيؽ االشتراكية‪ ،‬التي لف‬
‫توجد في ظميا ال االنقسامات الطبقية وال سمطة الدولة‪)97( .‬‬
‫ولكف‪ ،‬بعد انتصار ستاليف‪ ،‬تغير الخط تماما‪ .‬توقؼ الستالينيوف عف الحديث عف "زواؿ الدولة"‪ ،‬وذىبوا بالفعؿ لمنقيض‬
‫تماما‪ ،‬زاعميف أف "االشتراكية في بمد واحد" بؿ وحتى "الشيوعية في بمد واحد" منسجمة تماما مع تقوية الدولة‪ .‬ىكذا كتب يوديف في‬
‫عاـ ‪" :8998‬الدولة السوفيتية ىي القوة الرئيسية‪ ،‬األداة الرئيسية لبناء االشتراكية واقامة المجتمع الشيوعي‪ .‬وليذا السبب فاف‬
‫ميمة تقوية الدولة السوفيتية بكؿ الوسائؿ ىي الميمة الرئيسية لمنشاط الحالي والمستقبمي في بناء مجتمع شيوعي"‪ )98( .‬ومرة‬
‫أخرى‪" :‬لقد كاف تعزيز الدولة السوفيتية بكؿ الوسائؿ ىو الشرط الضروري لبناء االشتراكية‪ ،‬واآلف الشيوعية‪ ،‬ىذا أيضا أحد أىـ‬
‫قوانيف تطور المجتمع السوفيتي‪)99( .‬‬
‫وقاؿ منظر سوفييتي آخر‪" :‬تفترض الشيوعية وجود جياز يبمغ حد الكماؿ يدير االقتصاد والثقافة‪ .‬ينمو الجياز تدريجيا‬
‫ويأخذ شكمو في ظروؼ االنتقاؿ مف االشتراكية إلى الشيوعية‪ ..‬وليذا السبب فاف نمو الشيوعية سيسير وفقا لدرجة الكماؿ التي‬
‫يصؿ الييا جياز الدولة واالقتصاد لدينا" (‪)811‬‬
‫إف تقوية الدولة الروسية‪ ،‬وطابعيا الشمولي المتزايد‪ ،‬ال يمكف أف يكوف اال نتيجة لعداءات طبقية عميقة‪ ،‬وليس نتيجة‬
‫النتصار االشتراكية‪.‬‬

‫انفصم انخانج‪:‬‬
‫اقتصاد دونت انؼًال‬

‫قبؿ تناوؿ الخصائص األساسية القتصاد دولة العماؿ‪ ،‬مف الضروري أف نذكر عامبل ىاما جدا‪ .‬لقد توقع ماركس وانجمز‬
‫أف تبدأ الثورة في الببلد المتقدمة‪ .‬وبالتالي فقد افترضا أف المجتمع الجديد سيكوف منذ نشأتو أكثر تطو ار مف الناحية المادية‬
‫والثقافية مف الببلد الرأسمالية األكثر تقدما‪ .‬ولكف كؿ تنبؤ مشروط ببعض العوامؿ‪ .‬فالتاريخ لـ يتطور كما توقع ماركس وانجمز‬
‫بالضبط‪ .‬فقد اندلعت الثورة ألوؿ مرة واستولى العماؿ عمى السمطة في روسيا‪ ،‬إحدى أكثر الببلد الرأسمالية تخمفا‪ ،‬في حيف فشمت‬
‫الثورات التي تمت ذلؾ في الببلد األكثر تقدما‪.‬‬
‫تحول عالقات اإلنتاج الرأسمالية إلى عالقات إنتاج اشتراكية‬
‫ىناؾ نوعاف مف القوى اإلنتاجية‪ :‬وسائؿ اإلنتاج وقوة العمؿ‪ .‬إف تطور ىذه القوى اإلنتاجية في ظؿ الرأسمالية ‪ -‬والذي‬
‫يتمثؿ في تمركز رأس الماؿ مف ناحية واضفاء الطابع االجتماعي عمى عممية العمؿ مف ناحية أخرى ‪ -‬يخمؽ الشروط المادية‬
‫الضرورية لبلشتراكية‪.‬‬
‫ومف بيف جميع عبلقات اإلنتاج التي تييمف في ظؿ الرأسمالية ‪ -‬العبلقات بيف الرأسمالييف والرأسمالييف ‪ -‬بيف الرأسمالييف‬
‫والعماؿ ‪ -‬بيف العماؿ أنفسيـ ‪ -‬بيف التقنييف والعماؿ ‪ -‬بيف التقنييف والرأسمالييف‪ ،‬الخ‪ - ..‬فأف قسما واحدا فقط سيمتد إلى‬
‫المجتمع االشتراكي‪ ،‬أال وىو العبلقات المكتسبة بيف العماؿ في "عممية اإلنتاج "‪ ،‬العماؿ المتحدوف مف خبلؿ اإلنتاج االجتماعي‬
‫يصبحوف األساس لعبل قات إنتاج جديدة‪ .‬كما أف بعض العناصر في عبلقات اإلنتاج القائمة في ظؿ الرأسمالية يتـ القضاء عمييا‬
‫تماما بواسطة االشتراكية مف خبلؿ إلغاء الرأسمالييف‪ ،‬في حيف أف عناصر أخرى مثؿ " الطبقة المتوسطة الجديدة" (التقنيوف‬
‫والمحاسبوف‪ ..‬الخ) سيتـ إيجاد مكاف ليا في سياؽ جديد‪.‬‬
‫وىذه " الطبقة المتوسطة الجديدة" تمثؿ جزءا مف القوى اإلنتاجية وىي بالتالي عنصر إنتاج ضروري‪ .‬ومع ذلؾ فاف‬
‫وضعيا في التسمسؿ اليرمي لممجتمع الرأسمالي ىو وضع انتقالي‪ ،‬مثمو في ذلؾ مثؿ الرأسمالية ذاتيا‪ .‬و ستقضي االشتراكية‬
‫تماما عمى ىذا الوضع اليرمي فوؽ البروليتاريا في عممية اإلنتاج‪ .‬ستخمؽ عبلقة جديدة بيف العناصر المختمفة الضرورية لنمط‬
‫اإلنتاج االشتراكي‪ ،‬بيف العمؿ الذىني واليدوي‪ .‬تبدأ العبلقة الجديدة (التي سنتناوليا بمزيد مف التفصيؿ فيما بعد) في التشكؿ مع‬
‫فترة االنتقاؿ‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمطبقة العاممة‪ ،‬ا لتي تكوف جزءا مف القوى اإلنتاجية وجزءا مف عبلقات اإلنتاج الرأسمالية في نفس الوقت‪،‬‬
‫فأنيا تصبح األساس لعبلقات اإلنتاج الجديدة ونقطة االنطبلؽ لتطور القوى اإلنتاجية عمى أساس ىذه العبلقات‪ .‬وكما ذكر‬
‫ماركس "مف بيف جميع أدوات اإلنتاج‪ ،‬فأف القوة اإلنتاجية األعظـ ىي الطبقة الثورية نفسيا‪ .‬إف تنظيـ العناصر الثورية كطبقة‬
‫يفترض وجود القوى اإلنتاجية التي يمكف أف تنشأ في حضف المجتمع القديـ"(‪)8‬‬
‫تقسيم العمل والتقسيم إلى طبقات‬
‫يكتب إنجمز " في كؿ مجتمع تطور فيو اإلنتاج تمقائيا ‪ -‬ومجتمعنا الحالي مف ىذا النوع ‪ -‬ليس المنتجوف ىـ الذيف‬
‫يسيطروف عمى وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬وانما وسائؿ اإلنتاج ىي التي تسيطر عمى المنتجيف‪ .‬ففي مجتمع كيذا تتحوؿ كؿ وسيمة جديدة‬

‫لئلنتاج بالضرورة إلى وسيمة جديدة إلخضاع المنتجيف لوسائؿ اإلنتاج‪ .‬وىذا ينطبؽ بشكؿ خاص عمى دعامة اإلنتاج التي كانت‪،‬‬
‫قبؿ إدخاؿ الصناعة الكبيرة‪ ،‬األقوى ‪ -‬أال وىي تقسيـ العمؿ"(‪)3‬‬
‫إف تقسيـ العمؿ كما يعبر عنو انفصاؿ العمؿ اليدوي عف العمؿ الذىني ذو طبيعة انتقالية تاريخيا‪ ،‬ذلؾ أف جذوره تكمف‬
‫في انفصاؿ العماؿ عف وسائؿ اإلنتاج وفي العداء بيف ىذيف العنصريف الناتج عف ىذا االنفصاؿ‪ .‬ويعبر ماركس عف ذلؾ قائبل‪:‬‬
‫إف الذكاء في اإلنتاج يتوسع في اتجاه واحد ألنو يختفي في اتجاىات أخرى عديدة‪ .‬وما يفقده العماؿ يتركز في رأس الماؿ‬
‫الذي يوظفيـ‪ .‬ونتيجة لتقسيـ العماؿ في الصناعة يوضع العامؿ وجيا لوجو مع القوى الذىنية لعممية اإلنتاج المادية‪ ،‬بوصفيا‬
‫ممكية الغ ير‪ ،‬وبوصفيا قوة تسيطر عميو‪ .‬وىذا االنفصاؿ يتمخض عنو تعاوف مف نوع بسيط‪ ،‬حيث يمثؿ الرأسمالي بالنسبة لمعامؿ‬
‫الفرد وحدة حاكمة‪ ،‬وارادة العمؿ المترابط‪ .‬وىو ينمو في الصناعة التي تحوؿ العامؿ إلى عامؿ يؤدى عمبل روتينيا معزوال‪ .‬يكتمؿ‬
‫ذلؾ في الصناعة الحديثة التي تجعؿ مف العمـ قوى منتجة مستقمة عف العمؿ وتسخره لخدمة رأس الماؿ"‪)2(.‬‬
‫إف االنتصار الكامؿ لبلشتراكية يعني اإللغاء الكامؿ لمفصؿ بيف العمؿ الذىني واليدوي‪ .‬مف الواضح أنو سيكوف مف‬
‫المستحيؿ إلغاء ىذا االنفصاؿ عقب الثورة االشتراكية مباشرة‪ ،‬إال أف سيطرة العماؿ عمى اإلنتاج ستصبح جس ار مباش ار بيف العمؿ‬
‫الذىني واليدوي ونقطة االنطبلؽ الندماجيـ المستقبمي‪ ،‬اإللغاء الكامؿ لمطبقات‪.‬‬
‫ىنا نصؿ إلى مسألة أساسية مف ناحية تحوؿ عبلقات اإلنتاج‪ ،‬أال وىى الجسر بيف العمؿ الذىني واليدوي‪.‬‬
‫العمال والتقنيون‬
‫يشكؿ التقنيوف عنص ار ضروريا في عممية اإلنتاج‪ ،‬وجزءا ىاما مف القوى اإلنتاجية لممجتمع‪ ،‬سواء كاف رأسماليا أو‬
‫شيوعيا‪ .‬في نفس الوقت‪ ،‬كما ذكرنا مف قبؿ‪ ،‬فانيـ في ظؿ الرأسمالية يشكموف شريحة في التسمسؿ اليرمي لئلنتاج‪ ،‬انيـ يظيروف‬
‫كجزء ال يتج أز مف ىذا التسمسؿ اليرمي‪ .‬إف وضعيـ االحتكاري فيما يتعمؽ بػ"وسائؿ اإلنتاج الذىنية"‪( ،‬كما يقوؿ بوخاريف)‪ ،‬ىو‬
‫نتيجة النفصاؿ العماؿ عف وسائؿ اإلنتاج مف ناحية‪ ،‬واضفاء الطابع االجتماعي عمى العمؿ مف ناحية أخرى‪ .‬ستقضي االشتراكية‬
‫عمى ىذا التسمسؿ اليرمي‪ .‬ولكف في فترة االنتقاؿ‪ ،‬فانو سيستمر في الوجود بمعنى معيف‪ ،‬ولكنو سيختفي بمعنى آخر‪ .‬فطالما أف‬
‫العمؿ الذىني يستمر كامتياز لمقمة‪ ،‬ستستمر العبلقات اليرمية في الوجود في المصانع والسكؾ الحديدية‪ ،‬الخ‪ ،‬حتى بعد الثورة‬
‫البروليتارية‪ .‬ولكف حيث أف مكاف الرأسمالي في التسمسؿ اليرمي ستشغمو الدولة العمالية‪ ،‬أي العماؿ كجماعة بحيث يخضع‬
‫التقنيوف لمعماؿ‪ ،‬فاف النفوذ الذىني بيذا المعنى سيتـ القضاء عميو‪ .‬إف سيطرة العماؿ عمى التقنييف تعني خضوع العناصر‬
‫الرأسمالية لتمؾ االشتراكية‪ .‬وكمما ازدادت كفاءة السيطرة العمالية‪ ،‬كمما ارتفع المستوى المادي والثقافي لمجماىير‪ ،‬وسيؤدي ىذا‬
‫بدوره إلى زيادة تآكؿ الوضع االحتكاري لمعماؿ الذىنييف‪ ،‬حتى يتـ القضاء عمى ىذا الوضع تماما وتحقيؽ وحدة تامة بيف العمؿ‬
‫الذىني واليدوي‪.‬‬
‫بسبب الدور المزدوج لمتقنييف في عبلقاتيـ بالعماؿ في عممية اإلنتاج‪ ،‬أشار مؤسسو الماركسية إلى أف إخضاع التقنييف‬
‫لمصالح المجتمع ككؿ سيكوف أحد أكبر الصعاب التي يواجييا المجتمع الجديد‪ .‬ومف ىنا كتب إنجمز "إذا‪ ..‬أوصمتنا حرب إلى‬
‫السمطة قبؿ األواف‪ ،‬سيكوف التقنيوف أعداءنا الرئيسييف‪ ،‬سوؼ يخدعوننا ويخونوننا ما استطاعوا‪ ،‬وسينبغي عمينا استخداـ اإلرىاب‬
‫ضدىـ إال إننا سنكوف عرضة لمغش عمى كؿ حاؿ"‪)9(.‬‬

‫نظام العمل‬
‫إف كؿ شكؿ لئلنتاج االجتماعي يحتاج لتنسيؽ جيود األشخاص المختمفيف المشاركيف فيو‪ ،‬بعبارة أخرى‪ ،‬كؿ شكؿ لئلنتاج‬
‫االجتماعي يحتاج إلى نظاـ‪ .‬في ظؿ الرأسمالية‪ ،‬فأف ىذا النظاـ يواجو العامؿ كقوة قيرية خارجية‪ ،‬بوصفو السمطة التي يممكيا‬
‫رأس الماؿ فوؽ ىذا العامؿ‪ .‬أما في المجتمع االشتراكي‪ ،‬فسيكوف االنضباط نتيجة لموعي‪ ،‬سيصبح عادة شعب حر‪ .‬في فترة‬
‫االنتقاؿ‪ ،‬سيكوف النظاـ نتيجة لموحدة بيف عنصريف ‪ -‬الوعي والقير‪ .‬ستصبح مؤسسات الدولة بمثابة تنظيـ الجماىير كعامؿ‬
‫واعي‪ .‬الممكية الجماعية لوسائؿ اإلنتاجية بواسطة العماؿ‪ ،‬أي ممكية الدولة العمالية لوسائؿ اإلنتاج‪ ،‬ستصبح أساس العنصر‬
‫الواعي في نظاـ العمؿ‪ .‬وفي نفس الوقت‪ ،‬فاف الطبقة العاممة كجسـ واحد‪ ،‬مف خبلؿ مؤسساتيا ‪ -‬السوفييتات‪ ،‬النقابات‪ ،‬الخ ‪-‬‬
‫ستظير كقوة قاىرة فيما يتعمؽ بتنظيـ العماؿ كأفراد في عممية اإلنتاج‪ .‬االستيبلؾ ذو الطابع الفردي‪" ،‬الحؽ البرجوازي" فيما‬
‫يتعمؽ بالتوزيع‪ ،‬سيستخدـ كسبلح لبلنضباط القيري‪.‬‬
‫إف التقنييف والمشرفيف‪ ،‬وغيرىـ‪ ،‬لدييـ مكانة خاصة في نظاـ العمؿ‪ .‬ففي ظؿ النظاـ الرأسمالي‪ ،‬يمثؿ المشرؼ طوؽ جياز‬
‫نقؿ الحركة الذي يمارس مف خبللو القير الرأسمالي عمى العامؿ‪ .‬أما في المجتمع الشيوعي‪ ،‬لف يقوـ المشرؼ بأي دور قمعي‪.‬‬
‫ستكوف عبلقاتو بالعماؿ مماثمة لتمؾ القائمة بيف قائد األوركست ار وأفراد ىذه األوركسترا‪ ،‬إذ أف نظاـ العمؿ سيعتمد عمى الوعي‬
‫والعادة‪ .‬في فترة االنتقاؿ‪ ،‬حيث أف العماؿ أنفسيـ‪ ،‬سيكونوف العامؿ المنظـ والمنظـ في نفس الوقت‪ ،‬فاعبل وموضوعا معا‪ ،‬فاف‬
‫التقنييف في الواقع سيكونوف طوؽ جياز نقؿ الحركة ىذه المرة لمدولة العمالية‪ ،‬واف كانوا سيظموف مف الناحية الصورية منظميف‬
‫لمعماؿ‪.‬‬
‫العامل ووسائل اإلنتاج‬
‫ورد في البياف الشيوعي ما يمي‪:‬‬
‫في المجتمع البػرجوازي‪ ،‬العمؿ الحي ليس سوى وسيمة لزيادة العمؿ المتراكـ‪ .‬في المجتمع الشيوعي‪ ،‬العمؿ المتراكـ ليس‬
‫سوى وسيمة لتنمية واثراء حياة العماؿ واالرتقاء بيا‪ .‬في المجتمع البرجوازي‪ ،‬إذف‪ ،‬يييمف الماضي عمى الحاضر‪ ،‬في المجتمع‬
‫الشيوعي الحاضر يييمف عمى الماضي‪ .‬وفي المجتمع البرجوازي رأس الماؿ مستقؿ ولو ذاتية مميزة‪ ،‬في حيف أف الفرد الفاعؿ ال‬
‫استقبلؿ لو وال ذاتية مميزة"(‪)5‬‬
‫في المجتمع الشيوعي سيكوف التراكـ مشروطا بالحاجات االستيبلكية لمشػعب‪ .‬وفي المجتمع الرأسمالي يحدد التراكـ حجـ‬
‫العمالة ومعدؿ األجور ‪ -‬أي معدؿ استيبلؾ الشعب العامؿ‪ .‬حتى فيما يتعمؽ بالرأسمالي ذاتو‪ ،‬فاف العنصر الذي يجعمو رأسماليا‬
‫ىو التراكـ وليس االستيبلؾ‪ ،‬وكما قاؿ ماركس “التراكـ مف أجؿ التراكـ‪ ،‬اإلنتاج مف أجؿ اإلنتاج‪ :‬بواسطة ىذه القاعدة عبر‬
‫االقتصاد الكبلسيكي عف الرسالة التاريخية لمبرجوازية‪ ،‬ولـ يخدع ىذا االقتصاد نفسو لمحظة واحدة بشأف آالـ مخاض الثروة"(‪)6‬‬
‫نظ ار ألف نتاج عمؿ العامؿ يسيطر عميو‪ ،‬فاف عممية التراكـ الرأسمالي تحدد االستيبلؾ وتحد منو وتضعفو‪ .‬وألف العامؿ‬
‫سوؼ يسيطر عمى إنتاجو‪ ،‬فاف االستيبلؾ في المجتمع الشيوعي سوؼ يحدد تراكـ وسائؿ اإلنتاج‪.‬‬
‫في أي مجتمع‪ ،‬بغض النظر عف الشكؿ الذي تأخذه عبلقات اإلنتاج فاف عقمنة اإلنتاج تقضى عموما بأتباع أسموب اكثر‬
‫التواء لئلنتاج‪ ،‬أي زيادة في نسبة العمؿ االجتماعي اإلجمالي المخصصة إلنتاج وسائؿ اإلنتاج‪ .‬ويعني ىذا زيادة في معدؿ‬
‫"التراكـ" بالنسبة لمعدؿ االستيبلؾ‪ .‬في ظؿ الشيوعية‪ ،‬فاف ىذه الزيادة في معدؿ "التراكـ" مقابؿ معدؿ االستيبلؾ ستعنى في‬

‫الوقت نفسو زيادة مطمقة كبيرة في استيبلؾ العماؿ‪ .‬أما في ظؿ الرأسمالية‪ ،‬وبسبب طريقة التوزيع العدائية فاف معدؿ فائض‬
‫القيمة يتزايد‪ ،‬وبالتالي يتزايد أيضا معدؿ التراكـ‪ ،‬في حيف يخضع معدؿ استيبلؾ الجماىير ليذيف المعدليف‪.‬‬
‫إف التراكـ مف اجؿ التراكـ في ظؿ الرأسمالية ىو نتيجة لعامميف اثنيف ىما‪ :‬أوال‪ ،‬انفصاؿ العماؿ عف وسائؿ اإلنتاج‪،‬‬
‫وثانيا‪ ،‬وجود المنافسة بيف الرأسمالييف‪ ،‬سواء كاف ىؤالء الرأسماليوف محتكريف أفراد أو دوؿ‪ .‬تقضي االشتراكية عمى ىذيف‬
‫الجانبيف معا مف عبلقات اإلنتاج‪ .‬يوجد شرطاف لئلخضاع الكامؿ لمتراكـ لبلستيبلؾ ‪ -‬سيطرة العماؿ عمى اإلنتاج والغاء الحدود‬
‫الوطنية‪ .‬في ظؿ مثؿ ىذه الظروؼ سيراكـ المجتمع لكي يستيمؾ‪.‬‬
‫إف ىذا اإلخضاع لمتراكـ لبلستيبلؾ‪ ،‬برفعو لممستوى المادي والثقافي لمجماىير‪ ،‬سوؼ يضعؼ في الوقت نفسو مف‬
‫احتكار التقنييف لػ "وسائؿ اإلنتاج الذىنية" وبالتالي يقوي سيطرة العماؿ عمى اإلنتاج‪.‬‬
‫عالقات التوزيع في فترة االنتقال‬
‫أعطى ماركس التحميؿ األكثر دقة واختصا ار ليذه المسألة في نقده لبرنامج جوتو‪:‬‬
‫ما ينبغي عمينا التعامؿ معو ىنا ىو مجتمع شيوعي‪ ،‬ليس كما تطور وفقا لؤلساس الخاص بو‪ ،‬وانما كما ينبثؽ مف‬
‫المجتمع الرأسمالي‪ ،‬وىو بالتالي مجتمع ال يزاؿ مدموغا في كؿ جوانبو‪ ،‬اقتصاديا وأخبلقيا وثقافيا‪ ،‬بعبلمات ميبلد المجتمع القديـ‬
‫الذي خرج مف رحمو‪ .‬ووفقا لذلؾ‪ ،‬فاف المنتج الفرد يحصؿ مف المجتمع في مقابؿ إنتاجو ‪ -‬بعد إجراء الخصومات (وىي‬
‫خصومات لصالح المجتمع ككؿ) ‪ -‬يحصؿ عمى ما أعطاه لممجتمع بالضبط‪ .‬إف ما أعطاه لممجتمع ىو مقدار العمؿ الخاص‬
‫بو‪ .‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬يتكوف يوـ العمؿ االجتماعي مف مجموع ساعات العمؿ الفردية‪ ،‬وقت العمؿ الفردي الخاص بالمنتج الفرد‬
‫ىو ذلؾ الجزء مف يوـ العمؿ االجتماعي الذي يساىـ بو‪ ،‬أي نصيبو منو‪ .‬انو يحصؿ عمى شيادة مف المجتمع بأنو قدـ مقدا ار‬
‫معينا مف العمؿ (بعد خصـ عممو لصالح الصندوؽ الجماعي) ويحصؿ بيذه الشيادة مف المخزوف االجتماعي لوسائؿ االستيبلؾ‬
‫ما يتكمؼ نفس مقدار العمؿ‪ .‬نفس مقدار العمؿ الذي أعطاه بصورة معينة لممجتمع‪ ،‬يحصؿ عميو بصورة أخرى‪.‬‬
‫ىنا‪ ،‬مف الواضح‪ ،‬يسود نفس المبدأ الذي حكـ تبادؿ السمع‪ ،‬مف حيث كونو تبادال لقيـ متساوية‪ .‬إال أف المضموف والشكؿ‬
‫قد تغي ار ألنو في ظؿ الظروؼ المتغيرة ال يمكف ألي فرد أف يعطي سوى عممو‪ ،‬وألنو مف جية أخرى‪ ،‬ال يستطيع األفراد امتبلؾ‬
‫أي شيء سوى وسائؿ االستيبلؾ الفردية‪ .‬ولكف فيما يتعمؽ بتوزيع وسائؿ االستيبلؾ ىذه بيف المنتجيف األفراد‪ ،‬فاف نفس المبدأ‬
‫السائد في تبادؿ السمع المتكافئة يسود‪ ،‬إال وىو أف مقدا ار معينا مف العمؿ في صورة معينة تتـ مبادلتو بنفس مقدار العمؿ في‬
‫صورة أخرى‪.‬‬
‫ومف ىنا‪ ،‬فاف الحؽ المتساوي ىنا ال يزاؿ مف حيث المبدأ ىو الحؽ البرجوازي‪ ،‬إال أف المبدأ والممارسة لـ يعد بينيما‬
‫تنافر‪ ،‬في حيف أف تبادؿ األشياء المتكافئة في التبادؿ السمعي يحدث فقط في المتوسط وليس في الحالة الفردية‪.‬‬
‫عمى الرغـ مف ىذا التقدـ‪ ،‬فا ف ىذا الحؽ المتساوي ال يزاؿ موصوما بقيد برجوازي‪ .‬إف حؽ المنتجيف متناسب مع العمؿ‬
‫الذي يقدمونو‪ ،‬تتمثؿ المساواة في أف القياس يتـ بمقياس متساوي‪ ،‬وىو العمؿ‪.‬‬

‫إال أف رجبل قد يتفوؽ عمى آخر بدنيا أو عقميا‪ ،‬وبالتالي يقدـ عمبل أكثر في نفس الوقت‪ ،‬أو يستطيع أف يعمؿ لوقت‬
‫أطوؿ‪ ،‬والعمؿ‪ ،‬لكي يصمح كمقياس‪ ،‬ينبغي تحديده وفقا لوقتو أو كثافتو‪ ،‬واال فانو ال يظؿ أساسا لمقياس‪ .‬إف ىذا الحؽ المتساوي‬
‫ىو حؽ غير متساوي لمعمؿ غير المتساوي‪ .‬انو ال يعترؼ بفروؽ طبقية‪ ،‬ألف كؿ شخص عامؿ فقط مثؿ الباقيف جميعا‪ ،‬إال انو‬
‫يعترؼ ضمنا بالمواى ب الفردية غير المتساوية‪ ،‬وبالتالي بالقدرة اإلنتاجية‪ ،‬بوصفيا مميزات طبيعية‪ .‬انو في مضمونو بالتالي حؽ‬
‫في عدـ المساواة مثؿ كؿ حؽ‪ .‬إف الحؽ بطبيعتو ال يمكف إال أف يتمثؿ في تطبيؽ مقياس متساوي‪ ،‬ولكف األفراد غير المتساويف‬
‫(ولف يكونوا أفرادا مختمفيف إف لـ يكونوا غير متساويف) ال يمكف قياسيـ بمقياس متساوي إال إذا تـ النظر إلييـ مف وجية نظر‬
‫متساوية‪ ،‬مف جانب محدد واحد فقط‪ ،‬فيـ في الحالة الحالية مثبل ينظر إلييـ فقط كعماؿ‪ ،‬ويتـ تجاىؿ كؿ شيء آخر عنيـ‪.‬‬
‫وفضبل عف ذلؾ‪ ،‬فاف مف العماؿ مف ىو متزوج ومنيـ مف ليس متزوجا‪ ،‬ومنيـ مف لديو أبناء ومف ليس لديو أبناء‪ ،‬وىكذا‪.‬‬
‫وبالتالي فبنفس القدرة عمى العمؿ‪ ،‬ومف ثـ نفس النصيب في صندوؽ االستيبلؾ االجتماعي سيحصؿ أحد العماؿ فعميا عمى ما‬
‫يزيد عما يحصؿ عميو آخر‪ ،‬سيكوف عامؿ أغنى مف عامؿ آخر‪ ،‬وىكذا‪ .‬ولتجنب كؿ ىذه العيوب فاف الحؽ بدال مف أف يكوف‬
‫متساويا‪ ،‬ينبغي أف يكوف غير متساوي‪.‬‬
‫إال أف ىذه العيوب ال يمكف تجنبيا في المرحمة األولى لممجتمع الشيوعي‪ ،‬عندما يكوف األخير قد انبثؽ لتوه مف المجتمع‬
‫الرأسمالي بعد آالـ مخاض طويمة‪ .‬الحؽ ال يمكف أف يكوف أعمى مف البناء االقتصادي لممجتمع والتطور الثقافي الذي يحدده ىذا‬
‫البناء‪.‬‬
‫في مرحمة أعمى لممجتمع الشيوعي‪ ،‬بعد زواؿ الخضوع االستعبادي لؤلفراد لتقسيـ العمؿ ومعو التناقض بيف العمؿ الذىني‬
‫والبدني‪ ،‬وبعد أف أصبح العمؿ ليس مجرد وسيمة لمحياة وانما أولى ضروريات الحياة‪ ،‬وبعد أف تكوف القوى اإلنتاجية قد زادت‬
‫ىي أيضا مع التطور الشامؿ لئلنساف الفرد‪ ،‬ومع تدفؽ ينابيع الثروة التعاونية بوفرة اكبر ‪ -‬حينئذ فقط يمكف تجاوز األفؽ الضيؽ‬
‫لمحؽ البرجوازي ويستطيع المجتمع أف ينقش عمى راياتو‪ :‬مف كؿ وفؽ قدراتو ولكؿ حسب حاجاتو "(‪)7‬‬
‫عمى الرغـ مف أف العماؿ يختمفوف فيما بينيـ في الميارة‪ ،‬ومف حيث حاجاتيـ وحاجات عائبلتيـ‪ ،‬الخ‪ ،‬فمكي يتـ إعطاء‬
‫كؿ عامؿ نفس مقدار العمؿ الذي يقدمو لممجتمع في صورة معينة‪ ،‬ينبغي أف تكوف ىناؾ مساواة مطمقة بيف العماؿ في شيء‬
‫واحد‪ :‬وىو ممكية وسائؿ اإلنتاج‪ .‬إف نمو اإلنتاج‪ ،‬وزيادة مقدار وسائؿ اإلنتاج الممموكة لممجتمع (أي التي يممكيا جميع العماؿ‬
‫بشكؿ متساوي) سيقمؿ بشكؿ متصاعد مف أىمية الحقوؽ المتساوية في توزيع المنتجات‪ .‬إف ىذا بدوره سيزيد المساواة بيف أفراد‬
‫الشعب تصاعديا‪ ،‬وىكذا فاف الحؽ البرجوازي في فترة االنتقاؿ يحمؿ شروط نفيو‪.‬‬
‫إف الحؽ البرجوازي في فترة االنتقاؿ‪ ،‬في حيف انو يقضي بحصوؿ كؿ عامؿ عمى وسائؿ االستيبلؾ مف المجتمع وفقا‬
‫لمعمؿ الذي يقدمو لو‪ ،‬إال انو قائـ عمى أساس المساواة االجتماعية فيما يتعمؽ بوسائؿ اإلنتاج‪ ،‬وبالتالي فاف ىذا الحؽ سيتبلشى‬
‫مف تمقاء نفسو‪.‬‬
‫الفالحون والعمال‬
‫كانت ثورة أكتوبر اندماج ثورتيف‪ :‬ثورة الطبقة العاممة االشتراكية نتاج الرأسمالية الناضجة‪ ،‬وثورة الفبلحيف‪ ،‬نتاج الصراع‬
‫بيف الرأسمالية الصاعدة والمؤسسات اإلقطاعية القديمة‪ .‬مثمما ىو الحاؿ في كؿ األوقات‪ ،‬كاف الفبلحوف مستعديف بالقدر الكافي‬
‫لنزع الممكية الخاصة لكبار مبلؾ األراضي‪ ،‬إال أنيـ كانوا يريدوف الممكيات الخاصة الصغيرة الخاصة بيـ‪ .‬في حيف أنيـ كانوا‬
‫مستعديف لمثورة ضد اإلقطاع‪ ،‬فاف ىذا لـ يكف يعني أنيـ يحبذوف االشتراكية‪ .‬يظير التاريخ الفرنسي نفس الموقؼ مف جانب‬

‫الفبلحيف الفرنسييف‪ .‬بعد عاـ ‪ ،8789‬أيدوا دائما الحكومات الرجعية ضد "التيديد األحمر" مف جانب الطبقة العاممة الباريسية‪ .‬لقد‬
‫كانوا ىـ الذيف شكموا التأييد القوي لبونابرت‪ ،‬وبعد ذلؾ البف أخيو نابميوف الثالث‪ ،‬ولكافينياؾ ولتيير‪ .‬في أوروبا الغربية (باستثناء‬
‫أسبانيا وايطاليا)‪ ،‬حيث تـ القضاء عمى الضياع الكبيرة‪ ،‬ناد ار ما ترسؿ القرى عضوا اشتراكيا أو شيوعيا لمبرلماف‪ .‬ومف ىنا فميس‬
‫مف المفاجئ إف التحالؼ المنتصر بيف العماؿ والفبلحيف في ثورة أكتوبر قد تمتو مباشرة عبلقات شديدة التوتر‪ .‬فمع التغمب عمى‬
‫الجيوش البيضاء‪ ،‬ومع خطر عودة كبار مبلؾ األراضي‪ ،‬لـ يبؽ سوى القميؿ جدا مف والء الفبلحيف لمعماؿ‪ .‬لقد كاف مف الممكف‬
‫لمفبلح أف يؤيد حكومة وزعت األرض‪ ،‬إال أف األمر اختمؼ تماما عندما بدأت نفس الحكومة تستولي عمى إنتاجو إلطعاـ سكاف‬
‫المدف الجوعى‪ .‬إف ىذا الموقؼ المزدوج لمفبلحيف إزاء الحكومة السوفيتية قد عبر عنو عدد مف المندوبيف الريفييف لممؤتمر الثاني‬
‫عشر لمحزب الشيوعي‪ ،‬في إبريؿ‪ 8932 .‬لقد أظيرت تقاريرىـ أف الفبلحيف نظروا لمببلشفة والشيوعييف عمى أنيـ أناس مختمفوف‬
‫تماما‪ ،‬فالببلشفة أعطوىـ األرض‪ ،‬أما الشيوعيوف فقد فرضوا عمييـ قير الدولة‪( .‬وكاف مما ساعد عمى سوء الفيـ ىذا إف اسـ‬
‫"الحزب الشيوعي" لـ يعتمد استخدامو إال في المؤتمر السابع لمحزب في عاـ ‪.)8988‬‬
‫يقؼ العماؿ االشتراكيوف إلى جانب العمؿ الجماعي‪ ،‬وممكية الدولة‪ ،‬والتخطيط االشتراكي‪ ،‬أما الفبلحوف‪ ،‬فيقفوف إلى‬
‫جانب اإلنتاج الفردي الصغير‪ ،‬والممكية الخاصة‪ ،‬وحرية التجارة‪ .‬ومف المستحيؿ تجنب الصراع الدائـ بيف نظامي اإلنتاج ىذيف‪.‬‬
‫"اإلنتاج صغير الحجـ يؤدي إلى الرأسمالية والبرجوازية‪ ،‬وىو يفعؿ ذلؾ دوما‪ ،‬يوميا‪ ،‬كؿ ساعة‪ ،‬عمى مستوى العنصر البسيط‪،‬‬
‫وعمى مستوى العناصر األولية"(‪ ) 8‬إف تخمؼ اإلنتاج الزراعي وطابعو الفردي يمثبلف عائقا جديا أماـ نمو اإلنتاج الصناعي‬
‫المخطط‪ .‬نستطيع إعادة صياغة ما ذكره ابراىاـ لنكولف قائميف‪" :‬ال يمكف أف يعتمد نصؼ بيتؾ عمى العمؿ الجماعي‪ ،‬المخطط‪،‬‬
‫ويعتمد نصفو اآلخر عمى العمؿ الفوضوي والفردي"‪.‬‬
‫لقد زادت حدة الطابع المحافظ لمفبلحيف الروس بعد ثورة أكتوبر‪ ،‬ليس فقط ألف الثورة الزراعية قد انتزعت الرياح الثورية‬
‫مف الفبلحيف بقضائيا عمى الممكية اإلقطاعية لؤلرض‪ ،‬وانما أيضا ألف ىذه الثورة قممت كثي ار الفروؽ الطبقية داخؿ الفبلحيف‬
‫أنفسيـ‪ .‬إف الثورة الزراعية ‪ -‬التي كانت ديمقراطية بشكؿ أكثر اتساقا وذىبت أبعد كثي ار في روسيا منيا في فرنسا في عاـ ‪8789‬‬
‫‪ -‬أقوؿ أف الثورة الزراعية خفضت بشدة عدد العماؿ وأنصاؼ العماؿ الزراعييف‪ ،‬الحمفاء الطبيعييف لمطبقة العاممة المدينية‪ .‬في‬
‫الثورة الفرنسية‪ ،‬بيعت أغمب الضياع الكبيرة وبالتالي وقعت في أيدي مف يممكوف الماؿ ‪ -‬أغنياء المدف والريؼ‪ ،‬أما في روسيا‪،‬‬
‫فقد استولى الفبلحوف ليس فقط عمى الضياع الكبيرة وانما عمى كثير مف مزارع الفبلحيف األغنياء كذلؾ‪ ،‬وتـ توزيع األرض‬
‫جماعيا‪.‬‬
‫مف الصعوبة بمكاف تطبيؽ أساليب اإلنتاج االجتماعية عمى الزراعة‪ .‬فالزراعة‪ ،‬عمى العكس مف الصناعة‪ ،‬حتى في أكثر‬
‫الببلد تقدما‪ ،‬تقوـ أساسا عمى وحدات اإلنتاج صغيرة الحجـ‪ .‬تشغؿ كثير مف الوحدات الصناعية مئات اآلالؼ مف العماؿ ولكف‬
‫حتى في الواليات المتحدة‪ ،‬تسود المزرعة الصغيرة‪ .‬ىكذا‪ ،‬فاف نسبة ‪ %77‬مف العمؿ الزراعي في الواليات المتحدة في عاـ‬
‫‪ 8999‬كاف عمبل عائميا‪)9(.‬‬
‫إف حقيقة أف بقاء المزرعة الصغيرة قد يعود في حاالت كثير إلى أف المزارع الصغير ‪ -‬الذي يمثؿ العامؿ والرأسمالي‬
‫ومالؾ األرض مجتمعيف ‪-‬مستعد لمعمؿ بجدية كبيرة‪ -‬بجدية أكثر مف العامؿ الصناعي‪ -‬متخميا عف اإليجار والربح‪ ،‬وحاصبل‬
‫رغـ ذلؾ عمى دخؿ يقؿ عف دخؿ العامؿ المديني‪ ،‬ال تتصؿ بما نحاوؿ إثباتو ىنا‪.‬‬
‫العامؿ الحاسـ ىو أف ا لتفوؽ التقني لئلنتاج كبير الحجـ عمى اإلنتاج صغير الحجـ أقؿ في الزراعة منو في الصناعة بما‬
‫ال يقارف‪ .‬بؿ إف ىذا ينطبؽ عمى الزراعة المختمطة المكثفة اكثر منو عمى إنتاج الحبوب‪( .‬وبالمناسبة‪ ،‬ينبغي أف ال ننسى أنو‬

‫كمما زاد السكاف في المدف وارتفع مستوى المعيشة‪ ،‬كمما انخفضت أىمية إنتاج الحبوب بالمقارنة بالزراعة المكثفة ‪ -‬إنتاج المبف‬
‫والخض اروات والمحوـ وىكذا‪ ).‬في ببلد كثيرة‪ ،‬جاءت المزارع الكبيرة لموجود ليس كنتيجة لمتغمب عمى صغار المزارعيف مف خبلؿ‬
‫المنافسة الحرة وانما كنتيجة لعوامؿ غير اقتصادية ‪ -‬مثؿ تطويؽ األراضي أو كبقايا لمضياع اإلقطاعية وما إلى ذلؾ‪.‬‬
‫كاف رأي إنجمز حوؿ الموقؼ الذي ينبغي اتخاذه إزاء الفبلحيف بعد الثورة االشتراكية كما يمي‪:‬‬
‫مف الواضح بالنسبة لنا انو عندما تصبح سمطة الدولة في أيدينا لف يخطر ببالنا أف ننتزع ممكية الفبلحيف الصغار بالعنؼ‬
‫(بتعويض أو بغير تعويض سياف)‪ 11.‬إف ميمتنا تجاه الفبلحيف الصغار تقوـ قبؿ كؿ شيء عمى توجيو إنتاجيـ صغير الحجـ‬
‫وممكياتيـ الخاصة في االتجاه التعاوني‪ ،‬ال بواسطة العنؼ ‪ ،‬بؿ عف طريؽ المثؿ وتقديـ مساعدة المجتمع ليذا الغرض‪ .‬ومف‬
‫المؤكد أنو سيكوف لدينا مف ذاؾ ما يكفي مف الوسائؿ لكي نبيف لمفبلح الصغير المنافع المرتبطة بمثؿ ىذا التحوؿ‪.‬‬
‫إننا نقؼ بحزـ إلى جانب الفبلح الصغير‪ :‬سنبذؿ جيدنا في نطاؽ الممكف لكي نجعؿ أرضو أكثر احتماال ولكي نسيؿ‬
‫عميو االنتقاؿ إلى التعاونية إذا ما أقدـ عمى ىذه الخطوة‪ .‬واذا كاف ال يستطيع أف يتخذ مثؿ ىذا القرار بعد‪ ،‬فسوؼ نعطيو وقتا‬
‫كافيا لمتفكير في األمر‪ ،‬وىو في أرضو الصغيرة"‪)81(.‬‬
‫لقد كاف مف المعتقد أف األمر يحتاج ألجياؿ لكي يقرر فبلحوا أوروبا الغربية والوسطى طوعا أف ينضموا لممزارع التعاونية‪.‬‬
‫ومف البدييي انو في بمد تعمؿ الغالبية العظمى مف السكاف فيو في الزراعة وحيث الصناعة أقؿ قدرة عمى تمبية حاجات الفبلحيف‬
‫وبالتالي جذبيـ لئلنتاج الجماعي كما في روسيا في عاـ ‪ - 8987‬فاف العوائؽ أماـ االنخراط الطوعي لمفبلحيف في تعاونيات‬
‫المنتجيف تكوف أكبر‪ .‬إف التعاوف الطوعي يتطمب زراعة عالية الميكنة وأسعار جيدة لممنتجات الزراعية‪ ،‬مدفوعة بواسطة الدولة‪،‬‬
‫وامداد وفير بالسمع الصناعية الرخيصة لمفبلحيف‪ ،‬وضرائب منخفضة جدا عمييـ‪ ،‬باختصار‪ ،‬وفرة عامة‪.‬‬
‫بعد الثورة مباشرة‪ ،‬أصبح مف الواضح لعدد مف المنظريف الببلشفة ‪-‬وخاصة لبلقتصادي افيجيني بريوب ارزينسكي‪ -‬أف‬
‫الفائض المنتج في الصناعة لف يكوف كافيا بذاتو لتراكـ رأس الماؿ‪ ،‬خاصة أنو منذ لحظة انتصارىا‪ ..‬ال تستطيع الطبقة العاممة‬
‫أف تتعامؿ مع عمميا وصحتيا وظروؼ عمميا بنفس طريقة الرأسمالي‪ .‬إف ىذا عائؽ حاسـ أماـ سرعة إيقاع التراكـ االشتراكي‪،‬‬
‫وىو عائؽ لـ تعرفو الصناعة الرأسمالية في الفترة األولى لتطورىا‪ )88(.‬في مواجية "التراكـ االشتراكي" (الذي يعرؼ بأنو إضافة‬
‫إلى وسائؿ اإلنتاج القائمة كنتيجة لمناتج الفائض المتحقؽ في االقتصاد االشتراكي ذاتو) اقترح بريوب ارزينسكي التراكـ االشتراكي‬
‫البدائي (أول من استخدم ىذا المقترح ف‪ .‬م‪ .‬سميرنوف) (‪ )83‬الذي عرفو بأنو "مراكمة الموارد المادية التي يتـ الحصوؿ عمييا أساسا مف‬
‫مصادر تقع خارج النظاـ االقتصادي الخاص بالدولة في يد الدولة "‪" .‬في بمد زراعي متخمؼ‪ ،‬سيمعب ىذا التراكـ بالضرورة دو ار‬
‫ضخما‪ .‬التراكـ البدائي سيسود أثناء فترة التصنيع‪ ...‬عمينا إذا أف نصؼ ىذه المرحمة بأجمعيا بأنيا فترة التراكـ االشتراكي البدائي‬
‫أو التحضيري"(‪ )82‬ىذا " المصدر الواقع خارج النظاـ االقتصادي الخاص بالدولة" كاف الزراعة‪ .‬فمثمما أنو خبلؿ الفترة‬
‫الماركنتيمية في أوروبا الغربية‪ ،‬جمع الرأسماليوف ‪ -‬التجار الثروة باالستغبلؿ االستعماري فاف الصناعة االشتراكية ستعتمد عمى‬
‫(المستعمرات) الداخمية ( وىذا تعبير عارضو بريوب ارزينسكي بشدة)‪ ،‬وىي الزراعة الفردية الصغيرة‪ .‬لـ يدعو بريوب ارزينسكي إلى‬
‫إتباع التجار الماركنتايمييف في استخداـ العنؼ ضد الفبلحيف أو إلى رفع أي طبقة ‪ -‬في ىذه الحالة الطبقة العاممة ‪ -‬إلى موضع‬
‫طبقة مستغمة‪ .‬لقد اقترح إجراءات كانت أخؼ كثي ار مف تمؾ التي استخدمتيا البرجوازية الماركنتالية‪ ،‬اقترح القمع الجزئي لقانوف‬
‫القيمة عف طريؽ تغيير أسعار التبادؿ بيف الصناعة والزراعة لصالح األولى وضد األخيرة‪ ،‬وحيث يتـ تبادؿ وحدة العمؿ في‬
‫صناعة الدولة ب أكثر مف وحدة عمؿ في الزراعة‪ .‬لقد افترض أف أسعار التبادؿ تمؾ ستؤدي إلى ارتفاع سريع في المستوى العاـ‬
‫لئلنتاج في المجتمع‪ ،‬بما يؤدي ليس فقط إلى زيادة دخؿ المجتمع ككؿ‪ ،‬وانما أيضا زيادة دخؿ الفبلحيف بصورة مطمقة‪.‬‬

‫في الواقع إف تنفيذ "التراكـ البدائي االشتراكي" كاف سيؤدي منطقيا لحالة مختمفة جدا عف تمؾ التي تصورىا بريوب ارزينسكي‪.‬‬
‫فأية محاولة العتصار الفبلحيف كاف مف المتوقع أف تواجو بتخفيض متعمد في اإلنتاج‪ ،‬بحيث انو إذا كانت أسعار التجارة بيف‬
‫الزراعة والصناعة لصالح األخيرة‪ ،‬فاف حجـ التجارة كاف سييبط‪ .‬كانت ستكوف ىناؾ وسيمة واحدة فقط لمتعامؿ مع مثؿ ىذه‬
‫العقبة‪ ،‬وىي استخداـ العنؼ ضد الفبلحيف‪ ،‬وانتزاع أراضييـ وتجميعيـ في مزارع كبيرة بحيث يصبح بإمكاف الدولة أف تسيطر‬
‫عمى عمميـ وانتاجيـ‪ .‬واذا استخدمت الدولة ىذه الوسائؿ‪ ،‬فأنيا ستواجو أيضا بمعارضة جادة مف العماؿ الذيف ال يزاؿ الكثير‬
‫منيـ‪ ،‬في بمد متخمؼ مثؿ الذي نحف بصدده‪ ،‬روابط عائمية قوية بالقرى‪ ،‬حيث أنيـ حديثو االنخراط في الصناعة‪ .‬وفضبل عف‬
‫ذلؾ‪ ،‬فإذا كانت الدولة بفرضيا تراكما اشتراكيا بدائيا‪ ،‬قد لجأت إلى القمع‪ ،‬فما الذي كاف سيمنعيا مف نفس الشيء فيما يتعمؽ‬
‫بػ"التراكـ االشتراكي" ذاتو‪ ،‬فيما يتعمؽ باستخراج فائض القيمة مف العماؿ في صناعة الدولة ذاتيا؟‬
‫أحد حموؿ الصراع بيف صناعة الدولة والزراعة الفردية في بمد متخمؼ ىو جعؿ معدؿ نمو الصناعة يعتمد عمى معدؿ‬
‫زيادة الفوائض الزراعية‪ .‬و نتيجة لمثورة الزراعية‪ ،‬حدث انخفاض كبير في فوائض الزراعة التي تذىب لمسوؽ‪ ،‬ألف كبار مبلؾ‬
‫األراضي والكوالؾ كانوا المساىميف األساسييف في ىذه الفوائض‪ .‬إف توزيع األرض‪ ،‬بزيادتو لنصيب الفبلح المتوسط‪ ،‬الذي كاف‬
‫يعمؿ أساسا لسد الرمؽ‪ ،‬أدى إلى تخفيض مصادر الناتج الزراعي الذي يمكف تسويقو‪.‬‬
‫كاف مف الممكف بالت أكيد الحصوؿ بالقطع عمى فوائض أكبر بزيادة نسبة األرض الممموكة لمفبلحيف األغنياء‪ ،‬الذيف يطمؽ‬
‫عمييـ اسـ الكوالؾ في روسيا‪ .‬ولكف جعؿ نمو صناعة الدولة يعتمد عمى نمو زراعة الكوالؾ كاف سيجعؿ مف الضروري خفض‬
‫معدؿ سير النمو الصناعي إلى سرعة السمحفاة وبالتالي إضعاؼ الطبقة العاممة الصناعية بالمقارنة بالكوالؾ‪ .‬إف ذلؾ كاف سيؤدي‬
‫حتما إلى انتصار الرأسمالية الفردية عمى امتداد االقتصاد‪.‬‬
‫كبديؿ آخر‪ ،‬كاف يمكف حؿ الصراع بيف الصناعة والزراعة بواسطة التصنيع السريع القائـ عمى أساس "التراكـ البدائي" مف‬
‫خبلؿ نزع ممكية الفبلحي ف ودفعيـ قس ار إلى المزارع المميكنة الكبيرة‪ ،‬وبالتالي إتاحة قوة عمؿ لمصناعة وتوفير فوائض زراعية‬
‫العماؿ‬ ‫لتحقيؽ "التراكـ البدائي" يجب أيضا‪ ،‬في نياية المطاؼ‪ ،‬أف تؤدي إلخضاع‬ ‫لمسكاف المدينييف‪ .‬مثؿ ىذه الطريقة‬
‫الصناعييف لحاجات تراكـ رأس الماؿ‪ .‬انو طريؽ انغمار اإلنتاج الزراعي الفردي في اقتصاد رأسمالية دولة‪.‬‬
‫في كبل الحاليف‪ ،‬سيكوف مف المضحؾ توقع ازدىار الديمقراطية االشتراكية‪ .‬فعمى العكس‪ ،‬في الحالة األولى‪ ،‬يتعيف‬
‫بالضرورة أف تتعرض الدولة لضغط متزايد مف الكوالؾ وبالتالي تصبح منفصمة عف العماؿ أكثر فأكثر‪ .‬وفي الحالة الثانية البد‬
‫أف تصبح الدولة مطمقة القدرة‪ ،‬ويستتبع ذلؾ أف يصبح مسئولو الدولة اتوقراطييف في عبلقتيـ بالعماؿ والفبلحيف جميعا‪.‬‬
‫ىاتاف الطريقتاف لمتعامؿ مع المشكمة قد جربتا بالفعؿ‪ ،‬األولى أثناء فترة (السياسة االقتصادية الجديدة ‪ -‬النيب) ‪- 8938‬‬
‫‪ 8938‬والثانية مع الخطط الخمسية‪.‬‬
‫ختاما‬
‫إف اقتصاد الدولة العمالية واالقتصاد الرأسمالي بينيما خصائص مشتركة كثيرة‪ .‬الدولة العمالية ‪ -‬وىي مرحمة انتقالية بيف‬
‫الرأسمالية والشيوعية ‪-‬تتضمف حتما بعض سمات المجتمع الذي تنشأ عمى أنقاضو وبعض نويات مجتمع المستقبؿ‪ .‬وىذه‬
‫العناصر‪ ،‬رغـ تنافرىا‪ ،‬إال أنيا مرتبطة ببعضيا البعض في فترة االنتقاؿ‪ ،‬حيث تخضع األولى لؤلخيرة‪ ،‬يخضع الماضي‬
‫لممستقبؿ‪ .‬يجمع بيف الدولة العمالية والرأسمالية تقسيـ العمؿ وبصفة رئيسية الفصؿ بيف العمؿ الذىني واليدوي‪ .‬أما السمة التي‬

‫تميز إحداىما عف األخرى فيي وجود أو عدـ وجود السيطرة العمالية عمى اإلنتاج‪ .‬تشكؿ السيطرة العمالية الجسر "واف يكف جس ار‬
‫ضيقا" الذي يؤدي إلى إلغاء االنفصاؿ بيف العمؿ اليدوي والذىني والذي سوؼ يتحقؽ بالكامؿ مع إقامة المجتمع الشيوعي‪ .‬كما‬
‫يجمع بيف الدولة العمالية والرأسمالية‪ ،‬حقيقة أف التقنييف يشكموف سمطة فوؽ العماؿ (واف لـ تكف سمطة في الجوىر في الدولة‬
‫العمالية)‪ .‬أما السمة المميزة فتتمثؿ في أنو في الدولة العمالية ال يخضع التقنيوف لرأس الماؿ‪ ،‬وانما إلرادة الدولة العمالية‪،‬‬
‫لجماعة المنتجيف‪ .‬ىذه ىي نقطة االنطبلؽ نحو إلغاء أي ىرمية اجتماعية في اإلنتاج‪ .‬إف عناصر القير في نظاـ العمؿ ستوجد‬
‫في الدولة العمالية مثمما توجد في الرأسمالية‪ .‬ولكف في الدولة العمالية‪ ،‬عمى عكس ما ىو سائد في ظؿ الرأسمالية لف تكوف ىذه‬
‫التضامف‬ ‫إخضاعيا أكثر فأكثر لعناصر الوعي إلى أف يحيف ذلؾ الوقت الذي يكوف فيو‬ ‫ىي العناصر الوحيدة‪ ،‬وسيتـ‬
‫االجتماعي والعبلقات المتجانسة بيف الناس والتعميـ قد جعموا القير في عممية اإلنتاج أم ار ال حاجة لو عمى اإلطبلؽ‪ .‬في الدولة‬
‫العمالية كما في االقتصاد السمعي الرأسمالي يتـ تبادؿ أشياء متساوية‪ ،‬يتـ تبادؿ منتج يحتوي عمى كمية معينة مف العمؿ‬
‫الضروري اجتما عيا بمنتج آخر يحتوي عمى نفس الكمية‪ .‬ولكف في الدولة العمالية يتـ تحقيؽ ىذه النتيجة أوال مف خبلؿ التوجيو‬
‫الواعي لبلقتصاد وليس مف خبلؿ عمؿ القوى العمياء‪ ،‬وثانيا ‪-‬وىذا ميـ جدا‪ -‬يعتمد تبادؿ األشياء المتساوية عمى وجود مساواة‬
‫في الحقوؽ بيف كؿ المنتجيف المباشري ف فيما يتعمؽ بممكية وسائؿ اإلنتاج‪ .‬الحؽ البرجوازي في ظؿ البرجوازية يعني االستغبلؿ‪،‬‬
‫أما الحؽ البرجوازي في التوزيع في الدولة العمالية فيو يعترؼ ضمنا بالمواىب الفردية غير المتساوية‪ ،‬وبالتالي بالقدرة اإلنتاجية‬
‫بوصفيا مميزات طبيعية‪ ،‬ولكنو في نفس الوقت يقر المساواة بيف المنتجيف فيما يتعمؽ بوسائؿ اإلنتاج‪ .‬الشرطاف األساسياف لمحؽ‬
‫البرجوازي في التوزيع في الدولة العمالية ىما غياب أي استغبلؿ والتطور نحو اإللغاء الكامؿ ألية فوارؽ اقتصادية‪ ،‬بما في ذلؾ‬
‫تمؾ الناتجة عف المواىب الفردية الطبيعية‪.‬‬

‫انفصم انرابغ‪:‬‬
‫اإلرث انًادي نًجتًغ يا قبم حىرة أكتىبر‬

‫في مقدمة نقد االقتصاد السياسي يصيغ ماركس بإيجاز االستنتاجات األساسية لممادية التاريخية‪ .‬حيث يكتب‪:‬‬
‫إف أي نظاـ اجتماعي ال يمكف أف يختفي قبؿ أف يطور كافة القوى اإلنتاجية التي يسمح بتطويرىا‪ ،‬كما أنو لف تظير‬
‫عبلقات إنتاج جديدة أعمى قبؿ نضج ظروؼ وجودىا المادية في رحـ المجتمع القديـ‪.‬‬
‫وقد استدؿ المناشفة بيذه الجممة ليثبتوا أف الرأسمالية في روسيا لـ تكف ناضجة بعد لمثورة االشتراكية‪ ،‬وأف مستقببل طويبل‬
‫كاف ينتظرىا حتى تصؿ إلى مثؿ ىذه المرحمة‪ .‬ولكف ىذا االستنتاج البسيط‪ ،‬يغفؿ سمسمة كاممة مف العوامؿ التي تحدد أو تحد مف‬
‫أو توسع إمكانيات تطور القوى المنتجة‪.‬‬
‫إف ما حدد التطور في روسيا القيصرية كاف ‪ -‬مف ناحية ‪ -‬عبلقات القوى بيف الطبقات داخؿ روسيا نفسيا‪ ،‬ومف ناحية‬
‫أخرى تبعية روسيا لمرأسمالية العالمية‪ .‬فيذاف العامبلف يرتبطاف ببعضيما البعض جدليا‪ .‬فبدوف اإلقرار بوحدة العالـ‪ ،‬ال يمكف‬
‫تفسير التطور البلمتكافيء والمركب لمببلد المختمفة‪ :‬لماذا كاف عمى الصراع الطبقي أف يتخذ الشكؿ األكثر عمقا واألكثر حدة في‬
‫بمد متخمؼ كروسيا‪ .‬وكيؼ أف البروليتاريا الروسية في ظؿ القيصرية كانت مركزة في مؤسسات عمبلقة بقدر أكبر مف حتى‬
‫بروليتارية الواليات المتحدة األمريكية‪ .‬إف ىذه الظواىر تدؿ عمى المستوى العالي لئلنتاج االجتماعي الذي وصؿ إليو االقتصاد‬
‫العالمي‪ ،‬ونضج العالـ إلحبلؿ عبلقات اإلنتاج االشتراكية محؿ تمؾ الرأسمالية‪ .‬إف الحرب العالمية األولى التي عجمت بسقوط‬
‫القيصرية لـ تكف دليبل عمى المستوى المتقدـ لمقوى اإلنتاجية في كؿ مف الببلد المتحاربة‪ ،‬ولكنيا أظيرت أف الظروؼ المادية كانت‬
‫ناضجة لمثورة االشتراكية عمى النطاؽ العالمي‪ .‬كذلؾ فاف سمسمة اليزائـ العسكرية التي كبدت الجيش الروسي خسائر فادحة‪ ،‬قد‬
‫أوضحت بجبلء التخمؼ الصناعي والعسكري لروسيا داخؿ العالـ المتقدـ‪ .‬وكوف أف الماركسية ثمرة التوليؼ بيف االشتراكية الفرنسية‬
‫والنظرية االقتصادية اإلنجميزية والفمسفة األلمانية ‪ -‬قد تـ استجبلبيا إلى روسيا عندما كانت الحركة العمالية ال تزاؿ في ميدىا‬
‫لدليؿ عمى الوحدة الروحية لمعالـ‪ .‬ومف ناحية أخرى‪ ،‬فكوف أف األفكار االنتيازية والتحريفية لـ تكف قد تأصمت وترسخت في الحركة‬
‫العمالية الروسية كما حدث في ببلد الغرب تكشؼ عف تخمؼ روسيا في عالـ ناضج لبلشتراكية‪ :‬مستوى المعيشة المنخفض‬
‫لمعماؿ والذي ساعد في بقائو كذلؾ تيار ىجرة الفبلحيف لممدف‪ ،‬عدـ امتبلؾ البرجوازية الروسية الستثمارات في الخارج وبالتالي‬
‫القدرة عمى استخداـ جزء مف األرباح العالية الناتجة عف ىذه االستثمارات في رشوة شريحة مف العماؿ وتحقيؽ تحسف مؤقت في‬
‫ظروؼ الجماىير ككؿ لفترة مف الوقت‪ ،‬كما حدث في الغرب‪ ،‬تركيز العماؿ في مؤسسات عمبلقة وجموس البمد متقمقبل عمى برميؿ‬
‫بارود الثورة الزراعية‪.‬‬
‫كوف أف القوى اإلنتاجية تتطور داخؿ إطار العبلقات االجتماعية الوطنية والعالمية‪ ،‬وليس في فراغ‪ ،‬كما يتصور‬
‫المناشفة‪ ،‬قد أبطؿ تماما حمميـ بإمكانيات التطور اليائمة المفتوحة أماـ الرأسمالية الروسية‪ .‬فعمى العكس مف اعتقادىـ‪ ،‬كاف‬
‫اس تمرار وجود الرأسمالية الروسية داخؿ العبلقات الوطنية والعالمية القائمة آنذاؾ كاف سيحافظ عمى إيقاع اإلقطاع‪ .‬لقد كاف سيوقع‬
‫البمد في حروب كاف مف الجائز جدا أف تحوؿ روسيا المتخمفة إلى مستعمرة أو شبو مستعمرة لمقوى الغربية‪ .‬كاف ىذا سيعني أف‬
‫تطور األقميات الوطنية التي كونت نصؼ سكاف روسيا‪ ،‬كاف سيبقى معرقبل‪.‬‬

‫االقت باس السابؽ مف نقد االقتصاد السياسي ينطبؽ عمى النظاـ العالمي‪ ،‬وليس عمى بمد منعزؿ‪ .‬ومجرد قياـ أوؿ ثورة‬
‫بروليتارية في بمد متخمؼ يؤكد ىذا‪ ،‬انو أفضؿ شاىد عمى نضج العالـ لمثورة االشتراكية‪.‬‬
‫مف بيف األسباب الرئيسي ة لؤلزمة المستعصية في العالـ الحديث ىو أنو‪ ،‬مع التقسيـ العالمي لمعمؿ‪ ،‬أصبحت الحدود‬
‫الوطنية إطا ار ضيقا جدا لتطور القوى اإلنتاجية‪ .‬بالنسبة لبمد مثؿ روسيا‪ ،‬فاف وجود الحدود الوطنية ال يضع فقط عقبات جدية في‬
‫طريؽ الحصوؿ عمى المساعدات المادية مف الببلد الصناعية األكثر تقدما‪ ،‬وانما يفرض أيضا العبء الثقيؿ لسباؽ التسمح مع‬
‫الدوؿ الوطنية األخرى‪ .‬حتى وفاة لينيف‪ ،‬لـ يشر أحد في الحزب البمشفي إلى أف روسيا تستطيع أف تبني االشتراكية بجيودىا‬
‫الذاتية‪ .‬لقد أكد لينيف نفسو م ار ار وتك ار ار عمى العكس‪" .‬الثورة الروسية" كتب يقوؿ في ‪ 9‬يونيو ‪" - 8988‬ال ترجع لممزايا الخاصة‬
‫لمبروليتاريا الروسية‪ ،‬وانما لمسار األحداث التاريخية‪ ،‬وقد وضعت ىذه البروليتاريا مؤقتا في موضع القيادة بإرادة التاريخ‪ ،‬وأصبحت‬
‫لبعض الوقت طميعة الثورة العالمية" (‪)8‬‬
‫"لقد راىنا دائما عمى ثورة عالمية وكاف ىذا موقفا سميما تماما‪ ،‬لقد أكدنا دائما‪ ...‬أنو مف المستحيؿ إنجاز عمؿ مثؿ الثورة‬
‫االشتراكية في بمد واحد" (‪ 6‬نوفمبر‪ ،8911‬لينين‪ ،‬األعمال (بالروسية) الطبعة الثالثة‪ ،‬الجزء‪ ،12‬ص ‪" 979 - 974‬التشديد من عندي‪ ،‬ىذه الكلمات‬
‫محذوفة من الطبعة الرابعة لألعمال الكاملة للينين (بالروسية)‪ .‬أنظر الجزء ‪ 48‬ص ‪.)471‬‬
‫حتى بعد وفاة لينيف فاف ستاليف الذي طرح فيما بعد فكرة "االشتراكية في بمد واحد" كاف قد قاؿ‪" :‬ولكف إسقاط سمطة البرجوازية واقامة سمطة‬
‫البروليتارية في بمد واحد ال يضمف بعد االنتصار الكامؿ لبلشتراكية‪ .‬فالميمة الرئيسية‪ ،‬وىى تنظيـ اإلنتاج االشتراكي‪ ،‬تبقى في انتظار اإلنجاز‪ .‬ىؿ ننجح‬
‫ونضمف االنتصار الحاسـ لبلشتراكية في بمد واحد بدوف الجيود المجتمعة البروليتاري عدة ببلد متقدمة؟ بالقطع ال‪ .‬إف جيود بمد واحد تكفي إلسقاط‬
‫البرجوازية‪ .‬ىذا ىو ما يثبتو تاريخ ثورتنا‪ .‬ولكف مف أجؿ االنتصار الحاسـ لبلشتراكية‪ ،‬تنظيـ اإلنتاج االشتراكي‪ ،‬فاف جيود بمد واحد وحدىا ال تكفي‪ ،‬خاصة‬
‫إذا كاف بمدا ريفيا باألساس مثؿ روسيا‪ ،‬إف األمر يحتاج لجيود بروليتاري عدة ببلد متقدمة"‪( .‬ستالين‪ ،‬نظرية وممارسة اللينينية‪ ،‬الحزب الشيوعي البريطاني‪،‬‬
‫‪ ،8912‬ص ‪ .96 - 92‬في الطبعة الروسية الثانية لهذا الكتاب‪ ،‬التي ظهرت في ديسمبر ‪ 8919‬حذفت ىذه الفقرة‪ ،‬وكتب محلها‪" :‬أما وقد عززت سلطتها‬
‫وقادت الفالحين فان بروليتاريا البلد المنتصر تستطيع وينبغي عليها بناء مجتمع اشتراكي‪ ...‬ىذه ىي بصفة عامة السمات المكونة للنظرية اللينينية للثورة البروليتارية"‬
‫(ستالين‪ ،‬األعمال "بالروسية" الجزء السادس‪ ،‬ص ‪ - 817‬ص ‪ )818‬أيضا ستالين " مشاكل اللينينية"‪ ،‬ص ‪ .17‬ص ‪.))18‬‬
‫مما يجدر ذكره أف تروتسكي عبر عف ذات الفكرة األممية في عدة مناسبات‪.‬‬
‫يمكف فيـ الثورة الروسية بواسطة قانوف التطور البلمتكافيء الذي يمثؿ أحد وجيي وحدة التطور العالمي‪ .‬ولكف ىذا‬
‫القانوف يسمح باحتماليف لمتطور‪ :‬أوال‪ ،‬أف الثورة الروسية‪ ،‬كونيا دليبل عمى نضج العالـ لبلشتراكية‪ ،‬تمثؿ المقدمة لسمسمة مف‬
‫الثورات الجديدة التي تقوـ فو ار أو بعد فترة معينة‪ ،‬ثانيا ‪ -‬وىذه إعادة صياغة لبلحتماؿ األوؿ ‪ -‬بسبب البلتكافؤ‪ ،‬قد تطوؿ ىذه‬
‫"الفترة المعينة" إلى سنوات تاركة الثورة الروسية معزولة في عالـ رأسمالي معادي‪ .‬قبؿ أكتوبر ‪ 8987‬كاف مف المستحيؿ تحديد أي‬
‫طريؽ ستسمكو اإلنسانية بمجرد االعتماد عمى اعتبارات عامة تتعمؽ بالطابع الشمولي لمتاريخ العالمي‪ ،‬فالتناقضات التي يحتوي‬
‫عمييا ىذا الشموؿ ‪ -‬أي قانوف التطور البلمتكافىء ‪ -‬يجب أيضا أخذىا في االعتبار‪ .‬الممارسة اإلنسانية وحدىا تستطيع أف تقرر‬
‫الطريؽ الذي يسير فيو التاريخ‪ .‬اآلف‪ ،‬نستطيع أف نقوؿ بأثر رجعي أية ممارسة إنسانية بعينيا ‪ -‬مثبل التأييد الذي أعطتو األحزاب‬
‫االشتراكية الديمقراطية لمرأسمالية في أوروبا الغربية والوسطى ‪ -‬تسببت في فشؿ الثورات التي اندلعت في أعقاب ثورة أكتوبر‪.‬‬
‫لكي يمكف لمقوى اإلنتاجية أف تتطور‪ ،‬كاف البد مف اختفاء النظاـ االجتماعي القائـ في ظؿ القيصرية‪ .‬ولكف أي نظاـ‬
‫اجتماعي كاف ينبغي أف يحؿ محمو؟ بالنظر إلى أف تدمير النظاـ االجتماعي لروسيا القيصرية كاف تعبي ار عف نضج العالـ‬

‫لبلشتراكية‪ ،‬فميس ىناؾ شؾ في أنو‪ ،‬لو كانت الثورة قد انتشرت‪ ،‬فاف النظاـ االجتماعي الذي كاف سيحؿ محمو كاف سيكوف‬
‫المرحمة األولى لممجتمع الشيوعي‪ .‬ولكف حيث أف ثورة أكتوبر لـ تنتشر‪ ،‬فأي نظاـ اجتماعي كاف يمكف أف يظير في روسيا !‬
‫إف ال خطوة األولى التي ينبغي اتخاذىا لئلجابة عمى ىذا السؤاؿ ىي تحميؿ اإلرث المادي الذي تركو النظاـ االجتماعي‬
‫الموجود قبؿ أكتوبر‪:‬‬
‫الناس ال يبنوف ألنفسيـ عالما جديدا بػ "المتاع الدنيوي كما تقوؿ الخرافة الفجة" وانما باإلنجازات التاريخية لمعالـ القديـ اآليؿ‬
‫لمزواؿ‪ .‬في مسار التطور‪ ،‬عمييـ أف يبدأوا باالعتماد عمى أنفسيـ تماما في إنتاج الظروؼ المادية لمجتمع جديد‪ ،‬وال يمكف ألي‬
‫جيد مف جانب العقؿ أو اإلرادة اإلنسانية أف يخمصيـ مف ىذا المصير‪)3(.‬‬
‫اإلرث المادي لمفترة القيصرية‬
‫في عاـ‪ ،8982‬كاف ‪ %81‬مف سكاف روسيا يعتمدوف عمى الزراعة كمصدر لعيشيـ و ‪ %81‬فقط عمى الصناعة‬
‫والتعديف والنقؿ‪ .‬ىذه األرقاـ وحدىا تكفي لكي تبيف تخمؼ روسيا‪ .‬مف بيف جميع بمداف أوروبا‪ ،‬ال يوجد مثؿ ىذا التوزيع الميني‬
‫لمسكاف إال في يوغوسبلفيا وتركيا ورومانيا وبمغاريا‪.‬‬
‫في ببلد أوروبا الغربية والوسطى و الواليات المت حدة األمريكية‪ ،‬في منتصؼ القرف التاسع عشر‪ ،‬كانت النسبة المئوية مف‬
‫السكاف الذيف يعمموف في الصناعة والتعديف والنقؿ أعمى كثيرا‪ ،‬كما كانت النسبة المئوية التي تعمؿ في الزراعة‪ ،‬أقؿ كثي ار مقارنة‬
‫بروسيا في عاـ ‪ .8982‬ىكذا ففي بريطانيا في عاـ‪ ،8898‬كانت نسبة السكاف الذيف يعمموف في الزراعة وصيد األسماؾ والصيد‬
‫‪7‬ر‪ ،%33‬ونسبة العامميف في الصناعة والبناء والتعديف والنقؿ ‪2‬ر‪ .%97‬أما فرنسا التي كانت متأخرة جدا عف بريطانيا‪ ،‬فكاف بيا‬
‫‪ %62‬يعمموف في الزراعة في عاـ ‪ ،8827‬وفي عاـ ‪ 8866‬كاف بيا ‪ %92‬يعمموف في الزراعة و ‪ %28‬في الصناعة‪ .‬أما‬
‫ألمانيا‪ ،‬ففي عاـ ‪ 8811‬كاف حوالي ثمثي سكانيا يعمموف بالزراعة‪ ،‬في عاـ ‪ 8853‬أصبح بيا ‪9‬ر‪ %99‬يعمموف بالزراعة و‬
‫‪9‬ر‪ %91‬يعمموف بالصناعة والحرؼ اليدوية‪ .‬أما الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وىي أصبل ببل استيطاف زراعي باألساس‪ ،‬فكاف‬
‫‪2‬ر‪ %73‬مف سكانيا يعمموف بالزراعة والصيد‪ ،‬وصيد األسماؾ في مقابؿ ‪2‬ر‪ %83‬في الصناعة والبناء والتعديف في عاـ‪،8881‬‬
‫وفي عاـ‪ ،8851‬أصبحت النسبتاف ‪8‬ر‪ %69‬و ‪8‬ر‪ %87‬عمى التوالي‪.‬‬
‫يتضح مف إحصائيات الدخؿ القومي مدى فقر اإلرث المادي الذي وجده الببلشفة عندما استولوا عمى السمطة‪ ،‬ليس فقط‬
‫بالمقارنة مع الببلد الرأسمالية المتقدمة المعاصرة ليـ‪ ،‬وانما حتى بالمقارنة بتمؾ الببلد نفسيا في مستيؿ تطورىا الرأسمالي‪.‬‬
‫الحساب أكثر تكامبل ودقة ‪ -‬في الحدود التي تكوف الدقة فييا ممكنة في مثؿ ذلؾ الحساب الضخـ والمعقد ‪ -‬لمدخؿ‬
‫القومي في بمداف مختمفة في فترات مختمفة أجراه كوليف كبلرؾ في كتابو شروط التقدـ االقتصادي‪( .‬لندف‪)8991 ،‬‬
‫يقدر كبلرؾ أف الدخؿ الحقيقي لمفرد العامؿ في روسيا في عاـ ‪ 8982‬يعادؿ ‪ 216‬وحدة عالمية (و‪.‬ع) (يعرؼ كبلرؾ‬
‫الوحدة العالمية بأنيا مقدار السمع والخدمات التي يمكف لمدوالر الواحد شراؤىا في الواليات المتحدة فوؽ متوسط الفترة مف عاـ‬
‫‪ 8935‬إلى ‪.)"8929‬‬
‫في مقابؿ ىذا‪ ،‬كاف متوسط الدخؿ الحقيقي لمفرد العامؿ في بعض البمداف المتقدمة كما يمي‪)2( :‬‬

‫الواليات المتحدة‬ ‫ألمانيا‬ ‫فرنسا‬ ‫بريطانيا‬
‫و‪.‬ع‬ ‫السنة‬ ‫و‪.‬ع‬ ‫السنة‬ ‫و‪.‬ع‬ ‫السنة‬ ‫و‪.‬ع‬ ‫السنة‬
‫‪787‬‬ ‫‪8851‬‬ ‫‪931‬‬ ‫‪8851‬‬ ‫‪283‬‬ ‫‪*8859-8851‬‬ ‫‪273‬‬ ‫‪8688‬‬
‫‪8123‬‬ ‫‪8881‬‬ ‫‪623‬‬ ‫‪8877‬‬ ‫‪969‬‬ ‫‪*8869-8861‬‬ ‫‪628‬‬ ‫‪*8869-8861‬‬
‫‪8288‬‬ ‫‪8911‬‬ ‫‪888‬‬ ‫‪8982‬‬ ‫‪786‬‬ ‫‪8988‬‬ ‫‪999‬‬ ‫‪*8981-8919‬‬
‫‪8563‬‬ ‫‪8987‬‬ ‫‪8178‬‬ ‫‪8982‬‬
‫‪8626‬‬ ‫‪8939‬‬
‫* المتوسط السنوي‬
‫ىكذا فاف متوسط دخؿ الفرد العامؿ في روسيا في عاـ ‪ 8982‬كاف ‪9‬ر‪ %81‬فقط مف الرقـ المقابؿ في بريطانيا في عاـ‬
‫‪ - 8688‬أي قبؿ الثورة الصناعية بحوالي مائة عاـ‪.‬‬
‫حكـ الطبقة العاممة عندما ال تتوفر الشروط المادية إللغاء عبلقات اإلنتاج الرأسمالية‬
‫يتناوؿ ماركس وانجمز في أكثر مف مناسبة مسألة ما يمكف أف يحدث إذا استولت الطبقة العاممة عمى السمطة قبؿ وجود‬
‫الشروط التاريخية إلحبلؿ عبلقات اإلنتاج االشتراكية محؿ عبلقات اإلنتاج الرأسمالية‪ .‬وقد توصبل إلى أنو في مثؿ ىذه الحالة‬
‫ستفقد الطبقة العاممة السمطة لصالح البرجوازية‪ .‬ستمكث الطبقة العاممة في السمطة لفترة مؤقتة فقط وستميد طريقا لمرأسمالية‬
‫المتنامية‪ .‬ىكذا‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬فقد كتب ماركس في عاـ‪:8897‬‬
‫إذا كاف صحيحا أف البرجوازية مف الناحية السياسية‪ ،‬أي مف خبلؿ سمطة الدولة " تحافظ عمى عدـ عدالة عبلقات الممكية‬
‫(تعبير ىاينزف)‪ ،‬فانو ليس أقؿ صحة أنيا ال تخمؽ ىذه العبلقات‪ .‬إف عدـ عدالة عبلقات الممكية مشروط بالتقسيـ الحديث لمعمؿ‪،‬‬
‫والشكؿ الحديث لمتبادؿ والتنافس وتجميع رأس الماؿ‪ ،‬الخ‪ ،،،‬وىو ال يعود في أصمو بأي شكؿ مف األشكاؿ لمسيطرة السياسية‬
‫لمطبقة البرجوازية‪ ..،‬إف السيطرة السياسية لمبرجوازية تنشأ مف عبلقات اإلنتاج القائمة‪ .‬لذا إذا تمكنت البروليتاريا مف إسقاط الييمنة‬
‫السياسية لمبرجوازية‪ ،‬فأف ىذا االنتصار سيكوف مؤقتا فقط و نقطة في عممية الثورة البرجوازية ذاتيا‪ ،‬وسيخدـ قضيتيا غرضو كما‬
‫فعؿ في عاـ‪ ، 8799‬وذلؾ طالما أف حركة التاريخ لـ تخمؽ الظروؼ المادية التي تجعؿ مف الضروري إلغاء نمط اإلنتاج البرجوازي‬
‫ومعو بالتأكيد إسقاط السيطرة السياسية لمبرجوازية‪ .‬كاف عمى " عصر اإلرىاب " في فرنسا إذف أف ينجز ميمة تنظيؼ سطح فرنسا‬
‫مف الحطاـ اإلقطاعي بواسطة ضربات المطرقة الرىيبة‪ .‬لـ تكف البرجوازية الجبانة المترددة لتستطيع أف تكمؿ ىذه الميمة في عقود‬
‫مف الزمف‪ ..‬لـ تفضي األعماؿ الدموية لمشعب إذف إال إلى تمييد الطريؽ لمبرجوازية‪)9(.‬‬
‫كتب إنجمز في االتجاه ذاتو‪:‬‬
‫إف أسوأ شيء يمكف أف يحدث لزعيـ حزب متطرؼ‪ ،‬ىو أف يضطر لرئاسة الحكومة في زمف ال تكوف فيو الحركة ناضجة‬
‫بعد لسيطرة الطبقة التي يمثميا والتخاذ التدابير التي تممييا ىذه السيطرة‪ ...‬انو بالضرورة يجد نفسو في ورطة‪ .‬ما يستطيع أف يفعمو‬
‫ىو عمى نقيض كؿ أعمالو السابقة‪ ،‬وكؿ مبادئو‪ ،‬والمصالح الحالية لحزبو‪ ،‬وما ينبغي أف يفعمو ال يمكف تحقيقو‪ .‬بكممة واحدة‪ ،‬انو‬

‫يضطر لتمثيؿ ليس حزبو وال طبقتو‪ ،‬وانما الطبقة التي تكوف الظروؼ ناضجة لسيطرتيا‪ .‬ولصالح الحركة ذاتيا‪ ،‬يضطر لمدفاع‬
‫عف مصالح طبقة غريبة‪ ،‬وتغذية طبقت و بالجمؿ والوعود‪ ،‬مؤكدا أف مصالح ىذه الطبقة الغريبة ىي مصالحيـ‪ .‬إف مف يضع نفسو‬
‫في ىذا الوضع المحرج يضيع ضياعا ال رجعة فيو‪)5( .‬‬
‫إف ما يقولو ماركس وانجمز‪ ،‬حوؿ الثورة التي تأتي بالبروليتاريا إلى السمطة قبؿ وجود المقدمات التاريخية لبلنتقاؿ مف‬
‫الرأسمالية إلى ا الشتراكية‪ ،‬ال ينطبؽ عمى ثورة أكتوبر بشكؿ مباشر‪ .‬واألمر ليس كذلؾ فقط ألف المقدمات التاريخية المادية كانت‬
‫قائمة عمى النطاؽ العالمي‪ ،‬وانما أيضا بسبب الظروؼ المحددة القائمة في روسيا‪ .‬فالبرجوازية الروسية لـ يتـ إسقاطيا سياسيا‬
‫فقط‪ ،‬وانما أيضا نزعت ممكيتيا االقتص ادية بعد أشير قميمة مف أكتوبر‪ .‬والبرجوازية الريفية التي استمرت لـ تنجح في إسقاط‬
‫البروليتاريا‪ ،‬وكاف وزنيا االجتماعي خاصة مف تاريخ إعبلف الخطة الخمسية‪ ،‬شبو معدوـ‪ .‬إف عزلة أكتوبر لـ يجعؿ منيا "نقطة‬
‫في عممية التطور البرجوازية الروسية ألف البرجوازية الروسية قد تـ تصفيتيا‪ .‬فإذا كاف األمر كذلؾ فأية عبلقات إنتاج يمكف أف‬
‫تمي أكتوبر؟‬
‫أىي عالقات إنتاج اشتراكية؟‬
‫إف إقامة عبلقات إنتاج اشتراكية يتطمب وجود مستوى مف القوى اإلنتاجية أعمى كثي ار مما كاف عميو ارث القيصرية‪ .‬إف‬
‫تفسير إنجمز لسبب االنقساـ الطبقي في المجتمع‪ ،‬ولبلنقساـ إلى مستغميف ومستغميف‪ ،‬يصمح تماما لظروؼ روسيا حتى بعد أكتوبر‪:‬‬
‫إف انقساـ المجتمع إلى طبقتيف‪ ،‬مستغمة ومستغمة‪ ،‬حاكمة ومضطيدة‪ ،‬قد كاف النتيجة الحتمية لضعؼ تطور اإلنتاج في‬
‫الماضي‪ .‬فحيث ال يقدـ العمؿ االجتماعي اإلجمالي إال كمية مف المنتجات ال تكاد تفيض عما ىو ضروري لبقاء المجتمع ككؿ‪،‬‬
‫وحيث يستوعب العمؿ‪ ،‬بالتالي‪ ،‬جؿ وقت األغمبية العظمى ألفراد المجتمع‪ ،‬أو تقريبا كؿ وقتيـ‪ ،‬كاف ىذا المجتمع منقسما‬
‫بالضرورة إلى طبقات‪ .‬والى جانب ىذه األغمبية العظمى المستوعبة بالكامؿ في العمؿ‪ ،‬تتكوف طبقة معفاة مف العمؿ المنتج‬
‫المباشر ومكمفة بإدارة الشئوف العامة لممجتمع‪ :‬توجيو العمؿ‪ ،‬والشؤوف السياسية‪ ،‬والقضاء‪ ،‬والعموـ‪ ،‬والفنوف‪ ،‬الخ‪ ..‬لذا فاف قانوف‬
‫تقسيـ العمؿ ىو الذي يكمف في جذور انقساـ المجتمع إلى طبقات‪ .‬ولكف ىذا ال ينفي إطبلقا أف تقسيـ المجتمع إلى طبقات لـ يتـ‬
‫باستعماؿ العنؼ والسمب والحيمة والغش‪ ،‬أو أف الطبقة الحاكمة فور تولييا السمطة لـ تتوانى قط في توطيد سيطرتيا عمى حساب‬
‫الطبقة العاممة‪ ،‬و تحويؿ األشراؼ االجتماعي إلى استغبلؿ لمجماىير‪)6( .‬‬
‫وظيفة الرأسمالية‬
‫زيادة القوى اإلنتاجية لمعمؿ االجتماعي واضفاء‪ ،‬الطابع‬ ‫يمخص لينيف الرسالة التاريخية لمبرجوازية في نقطتيف‪:‬‬
‫االجتماعي عمى العمؿ‪ .‬فعمى النطاؽ العالمي‪ ،‬تـ إنجاز ىذه الميمة بالفعؿ‪ .‬و في روسيا‪ ،‬قضت الثورة عمى معوقات تطور القوى‬
‫اإلنتاجية‪ ،‬ووضعت نياية لبقايا اإلقطاع‪ ،‬وأقامت احتكا ار لمتجارة الخارجية يحمي تطور القوى اإلنتاجية لمببلد مف الضغط المدمر‬
‫لمرأسمالية العالمية‪ ،‬كما أعطت كذلؾ دفعة رىيبة لتطور القوى اإلنتاجية في شكؿ ممكية الدولة لوسائؿ اإلنتاج‪ .‬في ظؿ ظروؼ‬
‫كيذه‪ ،‬أزيمت جميع المعوقات مف أماـ الرسالة التاريخية لمرأسمالية ‪ -‬إضفاء الطابع االجتماعي عمى العمؿ وتركيز وسائؿ اإلنتاج‪،‬‬
‫والتي تعد شروط ا ضرورية إلقامة االشتراكية لـ تكف البرجوازية قادرة عمى توفيرىا‪ .‬وقفت روسيا ما بعد أكتوبر عمى أعتاب تحقيؽ‬
‫الرسالة التاريخية لمبرجوازية‪.‬‬
‫حتى في بمد متقدـ‪ ،‬ستكوف ىناؾ بعض المياـ البرجوازية التي سيتعيف عمى ثورة بروليتارية ظافرة أف تنجزىا‪ .‬عمى سبيؿ‬
‫المثاؿ‪ ،‬في بعض أجزاء الواليات المتحدة (الزراعية أساسا) يعوؽ النظاـ الرأسمالي تطور القوى اإلنتاجية‪ ،‬بحيث أف اإلنتاج‬

‫االجتماعي وتركيز وسائؿ اإلنتاج لـ يتحققا بعد‪ .‬ولكف ألف القوى اإلنتاجية لمواليات المتحدة ككؿ متطورة جدا‪ ،‬فاف ىذه المياـ‬
‫البرجوازية ستكوف إضافات ثانوية با لنسبة لمعمؿ األساسي وىو بناء مجتمع اشتراكي‪ .‬ىكذا‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬فاف إقامة اإلنتاج‬
‫االجتماعي وتركيز وسائؿ اإلنتاج حيث ال يوجداف بعد‪ ،‬لف يتحقؽ مف خبلؿ خمؽ بروليتاريا مف ناحية ورأس ماؿ مف ناحية أخرى‬
‫؛ فالعماؿ مف البداية لف يكونوا منفصميف عف وسائؿ اإلنتاج‪ .‬عمى العكس مف ذلؾ‪ ،‬كاف تحقيؽ المياـ البرجوازية المشكمة الرئيسية‬
‫في روسيا ما بعد أكتوبر مع المستوى المنخفض لدخميا القومي‪ .‬في الواليات المتحدة يمكف أف تقترف إضافة وسائؿ إنتاج جديدة‬
‫ضرورية إلضفاء الطابع االجتماعي عمى العمؿ بزيادة في مستوى معيشة الجماىير‪ ،‬وتقوية عنصر االقتناع في نظاـ اإلنتاج‪،‬‬
‫وتعزيز السيطرة العمالية‪ ،‬والتخفيض التصاعدي في فروؽ الدخؿ بيف العماؿ اليدوييف والذىنييف‪ ،‬الخ‪ ..‬ولكف ىؿ يمكف تحقيؽ ىذا‬
‫في بمد متخمؼ في ظؿ ظروؼ حصار؟ ىؿ يمكف أف يسود نظاـ العمؿ القائـ أساسا عمى االقتناع عندما يكوف مستوى اإلنتاج‬
‫منخفضا جدا؟ ىؿ يمكف إنجاز معدالت عالية لمتراكـ‪ ،‬يحتميا تخمؼ البمد وضغط الرأسمالية العالمية‪ ،‬بدوف انقساـ المجتمع إلى‬
‫مديريف لشؤوف المجتمع العامة ومداريف‪ ،‬قادة لمعمؿ ومقوديف؟ ىؿ يمكف إنياء االنفصاؿ قبؿ أف يتمكف مف يديروف اإلنتاج مف‬
‫إدارة التوزيع أيضا لمصمحتيـ الخاصة؟ ىؿ يمكف لثورة عمالية في بمد متخمؼ‪ ،‬منعزلة بفعؿ الرأسمالية العالمية المنتصرة‪ ،‬أف تكوف‬
‫أي شيء آخر غير "نقطة في عممية " تطور الرأسمالية‪ ،‬حتى لو كانت الطبقة الرأسمالية قد قضي عمييا؟‬
‫لماذا تعني الخطة الخمسية تحول البيروقراطية إلى طبقة حاكمة‬
‫في الفص ميف األوؿ والثاني رأينا أف بدء الخطة الخمسية شكؿ نقطة التحوؿ في تطور عبلقات التوزيع‪ ،‬والعبلقات بيف‬
‫التراكـ واالستيبلؾ‪ ،‬وبيف إنتاجية العمؿ ومستوى معيشة العماؿ‪ ،‬والسيطرة عمى اإلنتاج‪ ،‬والحقوؽ القانونية لمعماؿ‪ ،‬وجياز العمؿ‬
‫القسري‪ ،‬وعبلقة المزارعيف بوسائؿ اإلنتاج‪ ،‬واالرتفاع اليائؿ في ضريبة المبيعات‪ ،‬وأخيرا‪ ،‬في ىيكؿ وتنظيـ جياز الدولة‪.‬‬
‫جاءت حقيقة التصنيع ونظاـ المزارع الجماعية عمى النقيض تماما آلماؿ الجماىير فييما‪ ،‬بؿ والنقيض تماما ألوىاـ‬
‫البيروقراطية ذاتيا‪ .‬لقد اعتقدوا أف الخطة الخمسية ستأخذ روسيا شوطا بعيدا نحو االشتراكية‪ ،‬ومع ذلؾ‪ ،‬فاف ىذه ليست المرة‬
‫األولى في التاريخ التي تكوف فييا نتائج األعماؿ اإلنسانية عمى النقيض ألماني وآماؿ القائميف بيذه األعماؿ أنفسيـ‪.‬‬
‫كيف يمكن أن نجيب عمى السؤال‪ :‬لماذا كانت الخطة الخمسية األولى نقطة التحول ىذه؟‬
‫اآلف‪ ،‬وألوؿ مرة‪ ،‬تحاوؿ البيروقراطية خمؽ بروليتاريا وتحقيؽ تراكـ سريع لرأس الماؿ‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬كاف ىذا ىو الوقت‬
‫الذي سعت فيو البيروقراطية إلنجاز الرسالة التاريخية لمبرجوازية بأسرع ما يمكف‪ .‬إف تراكما سريعا لرأس الماؿ عمى أساس تدنى‬
‫مستوى اإلنتاج‪ ،‬وانخفاض متوسط دخؿ الفرد البد أف يحدث ضغطا شاقا عمى استيبلؾ الجماىير‪ ،‬و عمى مستوى معيشتيـ‪ .‬في‬
‫ظؿ ظروؼ كيذه‪ ،‬فاف البيروقراطية ‪ -‬وقد تحولت إلى تجسيد لرأس الماؿ‪ ،‬يمثؿ تراكـ رأس الماؿ بالنسبة ليا الغاية القصوى ‪-‬‬
‫يتعيف عمييا التخمص مف جميع بقايا السيطرة العمالية‪ ،‬ويتعيف عمييا إحبلؿ القير في عممية العمؿ محؿ االقتناع‪ ،‬وتجزئة الطبقة‬
‫العاممة‪ ،‬وحشر الحياة االجتماعية و السياسية بأسرىا في قالب شمولي‪ .‬ومف البدييي أف البيروقراطية‪ ،‬التي أصبحت ضرورية في‬
‫عممية تراكـ رأس الماؿ‪ ،‬والتي أصبحت مضطيدة العماؿ‪ ،‬لف تتوانى في استخداـ تفوقيا االجتماعي في عبلقات اإلنتاج لكسب‬
‫امتيازات لنفسيا في عبلقات التوزيع‪ .‬ىكذا فاف التصنيع والثورة التقنية في الزراعة (المزارع الجماعية) في بمد متخمؼ في ظؿ‬
‫ظروؼ حصار يحوالف البيروقراطية مف شريحة تخضع لمضغط والسيطرة المباشريف وغير المباشريف لمبروليتاريا‪ ،‬إلى طبقة حاكمة‪،‬‬
‫إلى مدير لمشؤوف العامة لممجتمع‪ :‬إدارة العمؿ‪ ،‬وشئوف الدولة‪ ،‬والقضاء‪ ،‬والعمـ‪ ،‬والفف وما إلى ذلؾ "‪.‬‬
‫إف التطور التاريخي الجدلي‪ ،‬المميء بالتناقضات والمفاجآت‪ ،‬جعؿ مف الخطوة األولى التي اتخذتيا البيروقراطية بيدؼ‬
‫اإلسراع ببناء "االشتراكية في بمد واحد" األساس لبناء رأسمالية الدولة‪.‬‬

‫انفصم انخايص‪:‬‬
‫أوجه انشبه واالختالف بٍٍ رأضًانٍت‬

‫انذونت وانذونت انؼًانٍت‬
‫لـ يشؾ أي مف المنظريف الماركسييف في أنو إذا وصؿ تركيز رأس الماؿ إلى درجة تجعؿ رأسماليا واحدا‪ ،‬أو مجموعة مف‬
‫الرأسمالييف‪ ،‬أو الدولة يركز كؿ رأس الماؿ الوطني في يديو بينما تستمر المنافسة في السوؽ العالمي‪ ،‬فاف اقتصادا كيذا سيظؿ‬
‫اقتصادا رأسماليا‪ .‬وفي نفس الوقت أكد جميع المنظريف الماركسييف أنو قبؿ أف يصؿ تركيز رأس الماؿ إلى مثؿ ىذا المستوى‬
‫بكثير‪ ،‬فإما أف العداء بيف البروليتاريا والبرجوازية سيكوف قد أدى إلى ثورة اشتراكية ظافرة‪ ،‬أو أف العداءات بيف الدوؿ الرأسمالية‬
‫ستدفعيا إلى حرب إمبريالية مدمرة بحيث ينحدر المجتمع كميا‪ .‬وفي حيف أف رأسمالية الدولة ممكنة نظريا‪ ،‬إال انو مف المؤكد أف‬
‫الرأسمالية الفردية لف تصؿ أبدا عمميا مف خبلؿ التطور التدريجي إلى تركيز رأس الماؿ االجتماعي بأكممو في يد واحدة‪ .‬لقد شرح‬
‫تروتسكي بوضوح لماذا ال يمكف حدوث ذلؾ قائبل‪:‬‬
‫مف الناحية النظرية بالتأكيد‪ ،‬يمكف تصور حالة تكوف فييا البرجوازية ككؿ شركة مساىمة تقوـ‪ ،‬مف خبلؿ دولتيا‪ ،‬بإدارة‬
‫االقتصاد القومي بأسره‪ .‬و لف تكوف ىناؾ أية صعوبة في تفيـ القوانيف االقتصادية لمثؿ ىذا النظاـ‪ .‬إف الرأسمالي الفرد‪ ،‬كما ىو‬
‫معروؼ جيدا‪ ،‬يحصؿ في شكؿ ربح‪ ،‬ال عمى ىذا الجزء مف فائض القيمة الذي يخمقو مباشرة عماؿ مشروعو ىو‪ ،‬وانما عمى‬
‫نصيب مف فائض القيمة اإلجمالي المخموؽ عمى مستوى القطر يتناسب مع حجـ رأسمالو‪ .‬في ظؿ "رأسمالية دولة" موحدة‪ ،‬فاف‬
‫قانوف معدؿ الربح المتساوي ىذا سيتحقؽ‪ ،‬ليس بوسائؿ ممتوية ‪ -‬أي المنافسة بيف رؤوس األمواؿ المختمفة ‪ -‬وانما فوريا ومباشرة‬
‫عف طريؽ دفاتر الدولة‪ .‬إال أف نظاما كيذا لـ يتواجد مف قبؿ‪ ،‬وبسبب التناقضات العميقة بيف المبلؾ أنفسيـ‪ ،‬فانو لف يتواجد أبدا‬
‫‪ -‬خاصة أنو عندما تكوف الدولة المستودع الشامؿ لمممكية الرأسمالية‪ ،‬فأنيا ستكوف مصدر إغراء شديد بالثورة االجتماعية‪)8( .‬‬
‫إف العامميف األخيريف ‪" -‬التناقضات بيف المبلؾ أنفسيـ" ومسألة إذا كانت الدولة ىي "المستودع الشامؿ لمممكية الرأسمالية‪،‬‬
‫فأنيا ستكوف مصدر إغراء شديد بالثورة االجتماعية ‪ -‬يفسراف لماذا أف تطور الرأسمالية الفردية التقميدية بالتدريج حتى تصؿ إلى‬
‫رأسمالية دولة بنسبة ‪ %811‬ألمر بعيد االحتمػاؿ‪ .‬ولكف ىؿ يستبعد ىذاف العامبلف إمكانية عودة الرأسمالية في شكؿ رأسمالية‬
‫الدولة وليس الرأسمالية التقميدية بعد إسقاط طبقة عاممة حاكمة مف عمى السمطة؟ إف البروليتاريا الثورية قد ركزت بالفعؿ وسائؿ‬
‫اإلنتاج في أيدي ىيئة واحدة‪ ،‬بذلؾ استبعدت العامؿ األوؿ‪ .‬أما فيما يتعمؽ بالعامؿ الثاني‪ ،‬فاف أي قمع أو استغبلؿ لمعماؿ بواسطة‬
‫الدولة يجعؿ الدولة "مصدر إغراء بالثورة االجتماعية" بالتالي فاف تجريد الطبقة العاممة مف سمطتيا السياسية ال يختمؼ عف نزع‬
‫ممكيتيا االقتصادية‪.‬‬
‫إف الحجة الوحيدة التي يمكف تقديميا ضد إمكانية وجود رأسمالية الدولة ىي أنو إذا أصبحت الدولة مستودع كؿ رأس‬
‫الماؿ‪ ،‬فاف االقتصاد يتوقؼ عف أف يكوف رأسماليا‪ ،‬أي بعبارة أخرى‪ ،‬انو رأسمالية الدولة مستحيمة نظريا‪.‬‬
‫لقد قدـ ىذه الحجة بالفعؿ بيرنياـ ودوايت ماكدونالد وغيرىـ‪ .‬فقد كتب بيرنياـ‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪:‬‬
‫يبدو أف مصطمح (رأسمالية الدولة) قد جاء نتيجة لسوء فيـ‪ ...‬فعندما تمتمؾ الدولة جزءا فقط‪ ،‬وجزءا صغيرا‪ ،‬مف االقتصاد‪،‬‬
‫مع بقاء باقي االقتصاد في صورة مشروعات فردية رأسمالية‪ ،‬نستطيع أف نتحدث بحؽ عف "رأسمالية الدولة" فيما يتعمؽ بيذا الجزء‬

‫الصغير الممموؾ لمدولة‪ ،‬وذلؾ ألف االقتصاد يظؿ في مجممو رأسماليا‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬بؿ وحتى الجزء الممموؾ لمدولة قد يكوف موجيا‬
‫في األساس لخدمة مصالح الجزء الرأسمالي‪ .‬ولكف "الرأسمالية" في "رأسمالية الدولة" ليست ناتجة عف الجزء الذي تسيطر عميو‬
‫الدولة‪ ،‬وانما عف الجزء الخاص‪ .‬عندما يختفي األخير‪ ،‬أو يصبح غير ذي شأف‪ ،‬فأف الرأسمالية تكوف قد اختفت‪ .‬ليس ىناؾ‬
‫تناقض في القوؿ بأف عشرة أضعاؼ ‪ %81‬رأسمالية دولة بعيدا عف أف تساوي ‪ %811‬رأسمالية‪ ،‬بؿ تساوي ‪ %1‬رأسمالية‪ .‬إف‬
‫الذ ي يتضاعؼ ىو الدولة وليس الرأسمالية‪ .‬وعمى الرغـ مف أف الحسابات ستكوف أكثر تعقيدا بكثير‪ ،‬فانو أقرب إلى الدقة أف نقوؿ‬
‫انو كما أف ‪ %81‬اقتصاد رأسمالية دولة تساوي ‪ %91‬فقط اقتصاد رأسمالي‪ ،‬فاف ‪( %811‬أو حتى ‪ %81‬أو ‪ )%71‬اقتصاد دولة‬
‫تكوف قد ألغت الرأسمالية جممة وتفصيبل‪)3( .‬‬
‫بالطبع إذا كانت رأسمالية الدولة تناقضا لفظيا‪ ،‬فاف اسـ ذلؾ المجتمع الذي تسود فيو المنافسة في السوؽ العالمي‪ ،‬واإلنتاج‬
‫السمعي‪ ،‬والعمؿ المأجور‪ ،‬الخ‪ ،‬سيتـ اختياره عشوائيا‪ .‬يمكف لممرء أف يسميو المجتمع اإلداري‪ ،‬أو الجماعية البيروقراطية‪ ،‬الذي‬
‫يحدد قوانينو بشكؿ عشوائي‪ .‬يخبرنا برونو آر بأف الجماعية البيروقراطية تؤدي تمقائيا إلى الشيوعية‪ .‬ويخبرنا بيرنياـ بأنو في‬
‫المجتمع اإلداري سينمو اإلنتاج بشكؿ متواصؿ (ص ‪ ،)886-885‬ولف تحدث أزمة زيادة اإلنتاج كما في النظاـ الرأسمالي (ص‬
‫‪ ،)889‬ولف توجد البطالة أبدا‪ ،‬كما أف المجتمع اإلداري سيطور الببلد المتخمفة (ص ‪ ،)855- 859‬وانو سيصبح ديمقراطيا يوما‬
‫بعد يوـ (ص ‪ ،)897- 895‬وأنو بسبب كؿ ىذا سيحصؿ عمى التأييد الحماسي لمجماىير (ص ‪ .)861‬ومقابؿ ذلؾ‪ ،‬يخبرنا‬
‫شاختماف بأف الجماعية البيروقراطية ىي البربرية‪.‬‬
‫إذا عاد آدـ سميث لمحياة اليوـ‪ ،‬لكاف قد وجد صعوبة كبيرة في اكتشاؼ أوجو الشبو بيف اقتصاد ألمانيا النازية مثبل‪،‬‬
‫بمؤسساتو االحتكارية الضخمة‪ ،‬وتحكـ الدولة في توزيع المواد الخاـ‪ ،‬وتحكـ الدولة في سوؽ العمؿ‪ ،‬وشراء الدولة ألكثر مف نصؼ‬
‫الناتج القومي‪ ،‬الخ‪ ،.‬مف ناحية‪ ،‬وصناعة القرف التاسع عشر القائمة عمى تشغيؿ عدد قميؿ مف موظفي الدفاتر‪ ،‬والمنافسة الحرة‬
‫بيف المشروعات‪ ،‬والمشاركة الفعالة مف جانب الرأسمالييف في تنظيـ اإلنتاج‪ ،‬وعدـ وجود أزمة زيادة اإلنتاج الرأسمالية‪ ،‬الخ‪ ،.‬مف‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬فاف النظر بإمعاف في التطور التدريجي لمرأسمالية مف مرحمة ألخرى يجعؿ مف األسيؿ رؤية ما ىو مشترؾ بيف‬
‫االقتصادييف‪ ،‬و أف القوانيف التي تحكـ االثنيف ىي قوانيف رأسمالية‪ .‬فالفارؽ بيف االقتصاد الروسي واالقتصاد النازي أقؿ كثي ار مف‬
‫الفارؽ بيف االقتصاد النازي واقتصاد أياـ آدـ سميث‪ .‬انو فقط غياب التدرج في التطور مف خبلؿ مرحمة الرأسمالية االحتكارية‪،‬‬
‫الذي يجعؿ مف الصعب استيعاب نواحي الشبو واالختبلؼ بيف االقتصاد الروسي والرأسمالية االحتكارية التقميدية‪ ،‬ووجو االختبلؼ‬
‫بيف رأسمالية الدولة والرأسمالية التقميدية مف ناحية‪ ،‬وبيف الدولة العمالية مف ناحية أخرى‪.‬‬
‫إذا عمما أف رأسمالية الدولة ىي الحد ا لنظري األقصى الذي يمكف أف تصؿ إليو الرأسمالية‪ ،‬فيي بالضرورة أبعد أشكاؿ‬
‫الرأسمالية عف الرأسمالية التقميدية‪ .‬إنيا نفي الرأسمالية عمى أساس الرأسمالية ذاتيا‪ .‬وبالمثؿ‪ ،‬فإذا عممنا أف الدولة العمالية ىي أدنى‬
‫مراحؿ المجتمع االشتراكي الحديث‪ ،‬فيي بالضرورة ذات سمات مشتركة مع رأسمالية الدولة‪ .‬إف ما يفرؽ بينيما نوعيا ىو الفارؽ‬
‫الجوىري‪ ،‬األساسي‪ ،‬بيف النظاـ الرأسمالي والنظاـ االشتراكي‪ .‬إف مقارنة رأسمالية الدولة بالرأسمالية التقميدية مف ناحية‪ ،‬وبالدولة‬
‫العمالية مف ناحية أخرى‪ ،‬سوؼ تظير أف رأسمالية الدولة ىي مرحمة انتقالية إلى االشتراكية‪ ،‬إذا نظرنا إلى أحد جوانب الثورة‬
‫االشتراكية‪ ،‬في حيف أف الدولة العمالية ىي مرحمة انتقالية إلى االشتراكية‪ ،‬إذا نظرنا إلى الجانب اآلخر لمثورة االشتراكية‪.‬‬
‫رأسمالية الدولة ‪ -‬نفي جزئي لمرأسمالية‬
‫إف إدارة الدولة لمنشاط االقتصادي ىي‪ ،‬في حد ذاتيا‪ ،‬نفي جزئي لقانوف القيمة (من أجل فهم أوفى لهذا‪ ،‬أنظر الفصل السابع) حتى‬
‫لو لـ تصبح الدولة بعد مستودعا لوسائؿ اإلنتاج‪.‬‬

‫يفترض قانوف القيمة إدارة الوظائؼ االقتصادية بطريقة فوضوية‪ .‬انو يحدد عبلقات التبادؿ بيف فروع االقتصاد المختمفة‪،‬‬
‫ويفسر كيؼ أف العبلقات بيف الناس ال تظير كعبلقات واضحة مباشرة‪ ،‬وانما تظير بطريقة غير مباشرة‪ ،‬مغمفة باألسرار‪ .‬واآلف‪،‬‬
‫فاف قانوف القيمة ال تكوف لو الييمنة المطمقة إال في ظؿ ظروؼ المنافسة الحرة‪ ،‬أي حيث تتوفر حرية الحركة لرأس الماؿ والسمع‬
‫وقوة العمؿ‪ .‬لذا‪ ،‬حتى األشكاؿ األكثر بدائية مف التنظيـ االحتكاري تنفي قانوف القيمة إلى حد معيف‪ .‬ىكذا‪ ،‬فعندما تدير الدولة‬
‫عممية توزيع رأس الماؿ وقوة العمؿ‪ ،‬وسعر السمع‪ ،‬الخ‪ ،‬فاف ىذا بكؿ تأكيد نفي جزئي لمرأسمالية‪ .‬بؿ إف األمر يكوف اكثر وضوحا‪،‬‬
‫عندما تصبح الدولة مشتريا ىاما لممنتجات‪ .‬حوؿ ىذه المسألة قاؿ لينيف‪:‬‬
‫عندما يعمؿ الرأسماليوف لمدفاع‪ ،‬أي لخزانة الحكومة‪ ،‬فمف البدييي إننا ال نكوف أماـ الرأسمالية "النقية" وانما شكؿ خاص‬
‫مف االقتصاد القومي‪ .‬الرأسمالية النقية تعني اإلنتاج السمعي‪ .‬واإلنتاج السمعي يعني العمؿ لسوؽ مجيوؿ وحر‪ .‬ولكف الرأسمالي‬
‫الذي "يعمؿ" لمدفاع ال "يعمؿ" لمسوؽ عمى اإلطبلؽ‪ .‬انو ينفذ طمبية الحكومة‪ ،‬وفي أغمب األحواؿ مقابؿ أمواؿ قدمتيا لو الخػزانة‪.‬‬
‫( ‪)2‬‬
‫مع االحتكار المتزايد لبلقتصاد‪ ،‬يصبح النفي الجزئي لقانوف القيمة أكثر اتساعا‪ .‬يصؿ رأس الماؿ المصرفي إلى شكؿ‬
‫اجتماعي قبؿ رأس الماؿ الصناعي بكثير‪ .‬وكما الحظ ماركس‪" :‬إف النظاـ المصرفي‪ .‬يبيف بالفعؿ شكؿ مسؾ الدفاتر العامة‬
‫وتوزيع وسائؿ اإلنتاج عمى نطاؽ اجتماعي ولػكف الشكؿ فقط" (‪)9‬‬
‫بؿ إف األمر يكوف أكثر وضوحا عندما تصبح الدولة الشكؿ الرئيسي الستثمار رأس الماؿ التمويمي‪ .‬وىو يصؿ إلى مداه‬
‫عندما تأخذ الدولة الرأسمالية النظاـ المصرفي في أيدييا‪.‬‬
‫تنتفي الممكية الرأسمالية جزئيا أيضا عف طريؽ شكؿ االحتكار‪ .‬ففي حيف أنو في ظؿ رأسمالية المنافسة الحرة كاف‬
‫الرأسمالي ىو المالؾ المطمؽ لممكيتو الخاصة‪ ،‬إال أنو في ظؿ الرأسمالية االحتكارية‪ ،‬وخاصة في أقصى أشكاليا‪ ،‬أي رأسمالية‬
‫الدولة‪ ،‬ال يكوف لم رأسمالي الفرد ممكية مطمقة لوسائؿ اإلنتاج‪ .‬في الشركات المساىمة‪ ،‬يصبح رأس الماؿ "مرتبطا مباشرة بشكؿ رأس‬
‫الماؿ االجتماعي‪ ..‬انو بمثابة إلغاء رأس الماؿ كممكية خاصة داخؿ حدود اإلنتاج الرأسمالي ذاتو"‪ )5( .‬ويصبح ىذا صحيحا أكثر‬
‫عندما تنظـ الدولة تدفؽ رأس الماؿ‪ .‬في حالة كيذه تحرـ الممكية الخاصة مف حرية التعاقد‪ .‬يختفي رأس الماؿ الخاص‪ ،‬في حيف‬
‫تستمر السيطرة الفردية‪ .‬يصؿ ىذا إلى مداه عندما تأخذ الدولة وسائؿ اإلنتاج في أيدييا‪ .‬إف حامؿ األسيـ كفرد ال تعود إليو أية‬
‫سيطرة عمى الجزء الذي يممكو مف رأس الماؿ االجتماعي‪.‬‬
‫وفضبل عف ذلؾ‪ ،‬فاف رأسمالية الدولة ىي نفي جزئي لقوة العمؿ كسمعة‪ .‬فمكي تبرز قوة العمؿ كسمعة "نقية" في السوؽ‪،‬‬
‫البد مف توفر شرطيف‪ :‬أوال‪ ،‬يجب أف يكوف العامؿ "حرا" مف وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬وثانيا‪ ،‬يجب أف يكوف ح ار مف أي عوائؽ قانونية أماـ‬
‫بيع قوة عممو‪ .‬في ظؿ تنظيـ الدولة لسوؽ العمؿ‪ ،‬كما في الفاشية مثبل‪ ،‬ال يكوف العامؿ ح ار في بيع قوة عممو‪ .‬فإذا أصبحت الدولة‬
‫المالؾ الفعمي لوسائؿ اإلنتاج‪ ،‬فاف حرية اختيار صاحب العمؿ تمغي تماما‪ ،‬في حيف يتقيد كثي ار اختيار مكاف العمؿ‪ .‬واذا صاحب‬
‫رأسمالية الدولة تجميد لؤلجور‪ ،‬وتعبئة إجبارية‪ ،‬الخ‪ ،‬فاف ىذه الحرية تنتفي أكثر‪.‬‬
‫عمى أف النفي الجزئي لقانوف القيمة ال يحرر االقتصاد مف ىذا القانوف‪ ،‬بؿ عمى العكس‪ ،‬فاف االقتصاد ككؿ يصبح أكثر‬
‫خضوعا لو‪ .‬فالفارؽ يتمثؿ فقط في الشكؿ الذي يعبر بو قانوف القيمة عف ذاتو‪ .‬فعندما يزيد أحد االحتكارات معدؿ ربحو في‬
‫مواجية صناعات أ خرى‪ ،‬فانو ببساطة يزيد نصيبو مف إجمالي فائض القيمة اإلجمالي‪ ،‬أو يزيد معدؿ استغبلؿ عمالو بإجبارىـ عمى‬
‫إنتاج فائض قيمة أكثر‪ .‬وعندما تحصؿ إحدى الصناعات عمى دعـ مف الدولة‪ ،‬وبالتالي تبيع سمعيا بسعر أقؿ مف نفقات إنتاجيا‪،‬‬

‫فاف جزءا مف نفقات اإلنتاج اإلجمالية يكوف ببساطة قد انتقؿ مف فرع إلى آخر‪ .‬وعندما تنظـ الدولة األسعار‪ ،‬فاف نقطة االنطبلؽ‬
‫تكوف دائما نفقات اإلنتاج‪ .‬وفي ظؿ كؿ ىذه الظروؼ أيا كاف شكميا المعيف‪ ،‬يستمر العداء بيف العمؿ المأجور ورأس الماؿ‪،‬‬
‫ويستمر إنتاج فائض القيمة وتحويمو إلى رأس ماؿ‪ .‬إف وقت العمؿ اإلجمالي لممجتمع ووقت العمؿ اإلجمالي الموجو إلنتاج‬
‫الحاجات الضرورية لحياة العماؿ ككؿ‪ ،‬يحدداف معدؿ االستغبلؿ‪ ،‬و معدؿ فائض القيمة‪ .‬كما يحدد وقت العمؿ اإلجمالي‬
‫المخصص إلنتاج وسائؿ إنتاج جديدة معدؿ التراكـ‪ .‬في حيف أف سعر كؿ سمعة ال يعبر عف قيمتيا بالضبط (وىذا لـ يحدث‪ ،‬إال‬
‫عرضيا‪ ،‬حتى في ظؿ الرأسمالية الفردية)‪ ،‬فاف تقسيـ الناتج اإلجمالي لممجتمع عمى الطبقات المختمفة‪ ،‬وكذلؾ تقسيمو إلى تراكـ‬
‫واستيبلؾ‪ ،‬يعتمد عمى قانوف القيمة‪ .‬وحيث أف الدولة تمتمؾ كافة وسائؿ اإلنتاج ويكوف العماؿ مستغميف بينما يظؿ االقتصاد‬
‫العالمي مفككا ومجزئا‪ ،‬فاف ىذه التبعية تتخذ شكميا األكثر نقاءا واألكثر مباشرة واألكثر إطبلقا‪.‬‬
‫رأسمالية الدولة ‪ -‬مرحمة انتقال إلى االشتراكية‬
‫إف كؿ ما يركز وسائؿ اإلنتاج يركز الطبقة العاممة‪ .‬ورأسمالية الدولة تصؿ بيذا التركيز إلى أعمى مرحمة ممكنة في ظؿ‬
‫النظاـ الرأسمالي‪ ،‬كما أف أرسمالية الدولة تصؿ بالطبقة العاممة إلى أعمى درجة تركيز ممكنة‪.‬‬
‫إف النفي الجزئي لمرأسمالية عمى أساس عبلقات اإلنتاج الرأسمالية‪ ،‬يعني أف القوى اإلنتاجية التي تنمو في كنؼ النظاـ‬
‫الرأسمالي تتجاوزه إلى درجة تضطر الطبقة الرأسمالية الستخداـ وسائؿ "اشتراكية" وتسخيرىا لمصمحتيا‪" .‬عمى الرغـ منيـ" يجر‬
‫الرأسماليوف إلى نظاـ اجتماعي جديد‪ ،‬نظاـ اجتماعي انتقالي بيف المنافسة الحرة الكاممة واضفاء الطابع االجتماعي بالكامؿ عمى‬
‫اإلنتاج"‪)6( .‬‬
‫إف القوى اإلنتاجية أقوى مما تستوعبو الرأسمالية‪ ،‬لذا فأف عناصر "اشتراكية"‪ ،‬تتسرب إلى االقتصاد (أطمؽ إنجمز وصؼ "‬
‫المجتمع االشتراكي الغازي" عمى ىذا)‪ .‬ولكنيا خاضعة لمصمحة استمرار الرأسمالية‪ .‬وبالمثؿ‪ ،‬ففي الدولة العمالية‪ ،‬ألف القوى‬
‫اإلنتاجية ليست متطورة بالقدر الكافي لبناء االشتراكية‪ ،‬تضطر الطبقة العاممة الستخداـ إجراءات رأسمالية (مثؿ القانوف الرأسمالي‬
‫مطبقا عمى التوزيع) لصالح بناء االشتراكية‪.‬‬
‫رأسمالية الدولة والدولة العمالية ىما مرحمتاف في فترة االنتقاؿ مف الرأسمالية إلى االشتراكية‪ .‬رأسمالية الدولة ىي نقيض‬
‫االشتراكية ‪ -‬انيما متضاداف تماثميا‪ ،‬ومتحداف جدليا مع بعضيما البعض‪ .‬ففي حيف أنو في ظؿ رأسمالية الدولة ينتفي العمؿ‬
‫المأجور جزئيا مف حيث أف العامؿ ال يكوف ح ار في اختيار صاحب العمؿ‪ ،‬إال انو ظؿ دكتاتورية البروليتاريا ينتفي العمؿ المأجور‬
‫جزئيا مف حيث أف العماؿ كجماعة يكونوف ""أح اررا" مف وسائؿ اإلنتاج‪ .‬وفي نفس الوقت‪ ،‬في الدولة العمالية ال يكوف العمؿ‬
‫المأج ور سمعة‪ .‬فػ "بيع" قوة العمؿ يكوف مختمفا عف بيع قوة العمؿ في ظؿ الرأسمالية‪ ،‬حيث أنو في ظؿ الدولة العمالية ال يبيع‬
‫العماؿ كأفراد قوة عمميـ وانما يضعونيا تحت خدمتيـ في دورىـ كجماعة‪ .‬تتوقؼ قوة العمؿ حقا عف أف تكوف سمعة‪ ،‬حيث أف‬
‫التبادؿ ىنا يتـ بيف العماؿ كأفراد ‪ ،‬ونفس العماؿ كجماعة‪ ،‬وليس بيف كيانيف مستقميف تماما عف بعضيما البعض فيما عدا عممية‬
‫التبادؿ‪ .‬في حيف أف رأسمالية الدولة تؤدي إلى اندماج النقابات مع الدولة حتى تنتيي كنقابات في آخر المطاؼ‪ ،‬فاف الدولة‬
‫العمالية ترفع تأثير نقابات العماؿ إلى أقصى حد‪ .‬وفي حيف أف رأسمالية الدولة تعني تاريخيا إضفاء الطابع الشمولي عمى الدولة‪،‬‬
‫فاف الدولة العمالية تأتي بأعمى درجة مف الديمقراطية عرفيا المجتمع مف قبؿ‪ .‬تعني رأسمالية الدولة اإلخضاع التاـ لمطبقة العاممة‬
‫بواسطة طبقة رأسمالية تسيطر عمى وسائؿ اإلنتاج‪ .‬أما الدولة العمالية فتعني قمع الرأسمالييف بواسطة طبقة عاممة تسيطر عمى‬
‫وسائؿ اإلنتاج‪.‬‬

‫بيذه الكممات صاغ لينيف بوضوح العبلقة بيف رأسمالية الدولة واالشتراكية‪:‬‬
‫اإلجراء المسمى "اشتراكية الحرب" بواسطة أمثاؿ بميخانوؼ مف األلماف (شيدماف ولينش وغيرىـ) ىو في الحقيقة رأسمالية‬
‫دولة احتكارية خا صة بظروؼ الحرب‪ .‬ولكي نتحدث ببساطة ووضوح أكثر‪ ،‬ىو العمؿ العقابي العسكري لمعماؿ‪ ،‬والدفاع عسكريا‬
‫عف أرباح الرأسمالييف‬
‫ولكف حاوؿ أف تستبدؿ دولة الرأسمالي األرستقراطي ودولة الرأسمالي مالؾ األرض بدولة ديمقراطية ثورية‪ ،‬أي دولة تحطـ‬
‫كؿ االمتيازات ثوريا دوف أف تخشى إقامة أكمؿ ديمقراطية ممكنة وبطريقة ثورية ‪ -‬وسترى أنو في دولة ديمقراطية ثورية حقيقية‪،‬‬
‫فاف رأسمالية الدولة االحتكارية تعني حتما وبالضرورة التقدـ نحو االشتراكية‪.‬‬
‫‪...‬فاالشتراكية ليست سوى الخطوة التالية لؤلماـ بعد احتكار رأسمالية الدولة‪ .‬وبكممات أخرى‪ ،‬االشتراكية ليست سوى‬
‫احتكار رأسمالية الدولة وقد تـ لصالح الشعب كمو‪ ،‬وبيذا فاف ىذا االحتكار ال يظؿ احتكا ار رأسماليا (‪)7‬‬
‫بوخاريف‪ ،‬الذي تناوؿ بتوسع مسألة رأسمالية الدولة‪ ،‬صاغ العبلقة بيف رأسمالية الدولة ودكتاتورية البروليتاريا بوضوح شديد‪:‬‬
‫في نظاـ رأسمالية الدولة‪ ،‬الذات الفاعمة االقتصادية ىي الدولة الرأسمالية‪ ،‬الرأسمالي الجماعي‪ .‬أما في ظؿ ديكتاتورية‬
‫البروليتارية‪ ،‬فالذات الفاعمة االقتصادية ىي الدولة البروليتارية‪ ،‬الطبقة العاممة المنظمة جماعيا‪ " ،‬البروليتاريا المنظمة في شكؿ‬
‫سمطة الدولة"‪ .‬في ظؿ رأسمالية الدولة‪ ،‬عممية اإلنتاج ىي عممية إنتاج فائض القيمة الذي يصب في أيدي طبقة رأسمالية‪ ،‬تحاوؿ‬
‫تحويؿ ىذه القيمة إلى فائض إنتاج‪ .‬في ظؿ ديكتاتورية البروليتاريا‪ ،‬عممية اإلنتاج ىي وسيمة لتمبية الحاجات االجتماعية وفؽ خطة‬
‫محددة‪ .‬نظاـ رأسمالية الدولة ىو أكمؿ أشكاؿ استغبلؿ الجماىير بواسطة أقمية مف الحكاـ‪ .‬أما ديكتاتورية البروليتاريا فتجعؿ أي‬
‫نوع مف االستغبلؿ مستبعدا بالمرة‪ ،‬حيث تحوؿ الممكية الرأسمالية الجماعية ومعيا شكميا الرأسمالي الفردي إلى "ممكية" جماعية ‪-‬‬
‫بروليتارية ! عمى الرغـ مف تشابييما الصوري‪ ،‬فانيما متناقضاف تماما في المضموف‪ .‬يحدد ىذا العداء أيضا العداء بيف كافة‬
‫أجزاء النظاميف رىف الحوار‪ ،‬عمى الرغـ مف التشابو الصوري‪ .‬ىكذا‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬فاف واجب العمؿ العاـ في ظؿ رأسمالية‬
‫الدولة يعني استعباد الجماىير العاممة‪ ،‬وفي مقابؿ ىذا‪ ،‬فانو في ظؿ دكتاتورية البروليتاريا ال يعدو أف يكوف التنظيـ الذاتي لمعمؿ‬
‫بواسطة الجماىير ؛ في رأسمالية الدولة تعبئة الصناعة تعنى زيادة قوة البرجوازية وتقوية النظاـ الرأسمالي‪ ،‬في حيف أنيا في ظؿ‬
‫دكتاتورية البروليتاريا تعني تقوية االشتراكية‪ .‬في ظؿ ىيكؿ رأسمالية الدولة‪ ،‬تمثؿ كافة أشكاؿ اإلكراه مف جانب الدولة ضغطا‬
‫يضم ف ويوسع ويعمؽ عممية االستغبلؿ‪ ،‬في حيف أف اإلكراه مف جانب الدولة في ظؿ دكتاتورية البروليتاريا يمثؿ وسيمة لبناء‬
‫المجتمع الشيوعي‪ .‬باختصار‪ ،‬فاف التناقض الوظيفي بيف الظاىرتيف المتشابيتيف صوريا يتـ تحديده ىنا بالكامؿ بالتناقض الوظيفي‬
‫بيف النظاميف وخصائصيما الطبقية المتناقضة‪)8(.‬‬
‫وقبؿ لينيف وبوخاريف بكثير‪ ،‬طرح إنجمز ما يعتبر جوىريا نفس األفكار في كتابو ضد دوىرنج‪:‬‬
‫كمما زادت القوى اإلنتاجية التي تستولي عمييا (الدولة)‪ ،‬كمما أصبحت الييئة الجماعية الحقيقية لكؿ الرأسمالييف‪ ،‬وكمما زاد‬
‫المواطنوف الذيف تستغميـ‪ .‬يظؿ العماؿ أجراء‪ ،‬بروليتارييف‪ .‬ال يتـ إلغاء العبلقة الرأسمالية‪ ،‬إنيا باألحرى تدفع إلى حد أقصى‪.‬‬
‫ولكنيا عند ىذا الحد تتحوؿ إلى عكسيا‪ .‬ممكية الدولة لمقوى اإلنتاجية ليست ىي حؿ المشكمة‪ ،‬ولكنيا تحمؿ في طياتيا الوسائؿ‬
‫الشكمية‪ ،‬التي تعتبر الطريؽ إلى الحؿ‪)9(.‬‬

‫انفصم انطادش‪:‬‬
‫تأيالث إضافٍت فً انطتانٍٍُت ـ انًجتًغ‬

‫واالقتصاد وانطٍاضت‬
‫البيروقراطية الستالينية طبقة‬
‫سيتضح لنا مف دراسة التعريفات التي يقدميا مختمؼ المنظريف الماركسييف لمطبقة االجتماعية‪ ،‬أف البيروقراطية الستالينية‬
‫ينطبؽ عمييا تعريؼ الطبقة حسبما يراه جميع ىؤالء المنظروف‪ .‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬يكتب لينيف‪:‬‬
‫نطمؽ وصؼ الطبقات عمى الجماعات العريضة مف الناس التي تتميز بالموقع الذي تحتمو في نظاـ إنتاج اجتماعي قائـ‬
‫تاريخيا ومحدد‪ ،‬و بعبلقاتيا بوسائؿ اإلنتاج (التي تكوف في أغمب األحواؿ (ليس دائما) محددة ومصاغة في قوانيف)‪ ،‬ودورىا في‬
‫الن ظاـ االجتماعي لمعمؿ‪ ،‬وبالتالي وسائميا في الحصوؿ عمى النصيب الذي يحوزونو مف الثروة الوطنية‪ ،‬فضبل عف حجـ ىذا‬
‫النصيب‪ .‬الطبقات ىي جماعات مف الناس تستطيع واحدة منيا أف تستولي عمى عمؿ األخرى بسبب اختبلؼ مواقعيـ في نظاـ‬
‫معيف لبلقتصاد االجتماعي (‪)8‬‬
‫يعطي بوخاريف تعريفا مماثبل جدا‪:‬‬
‫الطبقة االجتماعية‪ ...‬ىي مجموع األشخاص الذيف يمعبوف نفس الدور في اإلنتاج‪ ،‬وتكوف لدييـ نفس العبلقة نحو‬
‫األشخاص اآلخريف في عممية اإلنتاج‪ ،‬وىي عبلقات تتعمؽ أيضا باألشياء (أدوات العمؿ)‪)3( .‬‬
‫إذا كانت ىناؾ أية شكوؾ أخرى حوؿ ما إذا كانت البيروقراطية الستالينية طبقة أـ ال‪ ،‬فإننا ال نحتاج سوى إلى فحص‬
‫تحميؿ إنجمز لطبقة التجار التي لـ تمعب دو ار مباش ار في عممية اإلنتاج‪ .‬انو يكتب‪:‬‬
‫لقد خمقت الحضارة تقسيما ثالثا لمعمؿ‪ :‬خمقت طبقة ال تمعب دو ار في اإلنتاج‪ ،‬وانما تعنى فقط بتبادؿ المنتجات‪ -‬وىى‬
‫طبقة التجار‪ .‬إف كافة المحاوالت السابقة لتكويف طبقات قد انحصرت في اإلنتاج‪ .‬وقد قسمت المنتجيف إلى مديريف ومداريف‪ ،‬أو‬
‫إلى منتجيف عمى نطاؽ واسع بدرجة أو بأخرى‪ .‬ولكف ىنا تظير ألوؿ مرة طبقة تسيطر عمى اإلنتاج بصفة عامة وتخضع‬
‫المنتجيف لحكميا‪ ،‬دوف أف تمعب أدنى دور في اإلنتاج‪ .‬وىي طبقة تجعؿ مف نفسيا الوسيط الذي ال غنى عنو بيف منتجيف‪،‬‬
‫وتستغميما معا بحجة تجنيبيما مشقة ومخاطر التبادؿ‪ ،‬ومد أسواؽ منتجاتيما إلى مناطؽ بعيدة‪ ،‬وبذلؾ تصبح أكثر الطبقات نفعا‬
‫في المجتمع‪ :‬طبقة مف الطفيمييف والنموس (جمع نمس "المترجم") االجتماعية األصيمة‪ ،‬تستأثر بقشدة اإلنتاج داخؿ وخارج الببلد‬
‫كمكافأة في مقابؿ خدمات تافية‪ ،‬طبقة تجمع سريعا ثروة ىائمة وتكتسب بالتالي نفوذا اجتماعيا‪ ،‬وىي ليذا السبب تحصد عمى‬
‫الدواـ تشريفات جديدة وسيطرة أكبر عمى اإلنتاج أثناء فترة الحضارة‪ ،‬حتى تزيح النقاب أخي ار عف منتج خاص بيا ‪ -‬األزمات‬
‫الدورية في الصناعة‪)2( .‬‬
‫في ضوء ىذا التعريؼ‪ ،‬يتضح لماذا استطاع ماركس أف يصؼ رجاؿ الديف‪ ،‬والمحاميف‪ ،‬الخ‪ ،..‬بأنيـ "الطبقات‬
‫األيديولوجية"‪ ،‬التي لدييا احتكار طبقي لما يسميو بوخاريف بذكاء " وسائؿ اإلنتاج الذىنية"‪.‬‬

‫مف الخطأ تسمية البيروقراطية الستالينية بالطائفة لؤلسباب التالية‪ :‬في حيف أف الطبقة ىي مجموعة مف الناس لدييـ مكانا‬
‫محددا في عممية اإلنتاج‪ ،‬فاف الطائفة ىي مجموعة قضائية ‪ -‬سياسية‪ ،‬أعضاء الطائفة يمكف أف يكونوا أعضاءا في طبقات‬
‫مختمفة‪ ،‬أو في الطبقة الواحدة يمكف أف يتواجد أعضاء في طوائؼ مختمفة‪ ،‬الطائفة ىي نتاج الجمود النسبي لبلقتصاد ‪ -‬تقسيـ‬
‫عمؿ جامد وجمود القوى اإلنتاجية ‪ -‬في حيف أف البيروقراطية الستالينية قد تحولت إلى طبقة حاكمة في أوج ديناميكية االقتصاد‪.‬‬
‫البيروقراطية الستالينية ‪ -‬أقصى وأنقى تجسيد لرأس المال‪.‬‬
‫كتب ماركس‪:‬‬
‫ليس لمرأسمالي أية قيمة تاريخية‪ ،‬وال أي حؽ في ذلؾ الوجود التاريخي‪ ،‬إال كتجسيد لرأس الماؿ‪ ...‬ولكف طالما أنو رأس‬
‫ماؿ متجسد‪ ،‬فاف ما يدفعو لمعمؿ ليس القيمة االستعمالية‪ ،‬وال االستمتاع‪ ،‬وانما القيمة التبادلية وزيادتيا‪ .‬إف الرأسمالي‪ ،‬وىو الخادـ‬
‫المتعصب لمتراكـ‪ ،‬يجبر الجنس البشرى ببل رحمة عمى اإلنتاج مف أجؿ اإلنتاج‪ ...،‬وحيث أف أعمالو ليست إال مجرد وظيفة لرأس‬
‫الماؿ ‪ -‬وىو رأس ماؿ لديو‪ ،‬في شخصو‪ ،‬وعي وارادة ‪ -‬فاف استيبلكو الشخصي يصبح سرقة‪ ،‬تتـ عمى حساب التراكـ‪...‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬ادخروا‪ ،‬ادخروا‪ ،‬ادخروا‪ ،‬أي أعيدوا تحويؿ أكبر قدر ممكف مف فائض القيمة أو فائض المنتج إلى رأس ماؿ ! التراكـ مف‬
‫أجؿ التراكـ‪ ،‬واإلنتاج مف أجؿ اإلنتاج"‪)9(.‬‬
‫تصبح الوظيفتاف ‪ -‬استخراج فائض القيمة وتحويمو إلى رأس ماؿ ‪ -‬وىما أساسيتاف لمرأسمالية ‪ -‬منفصمتيف مع انفصاؿ‬
‫السيطرة واإلدارة‪ .‬ففي حيف أف وظيفة اإلدارة ىي استخراج فائض القيمة مف العماؿ‪ ،‬فاف السيطرة تشرؼ عمى تحويمو إلى رأس‬
‫ماؿ‪ .‬بالنسبة لبلقتصاد الرأسمالي‪ ،‬ىاتاف الوظيفتاف فقط ضروريتاف‪ ،‬يبدو حاممو السندات أكثر فأكثر كمستيمكيف لجزء ما مف‬
‫فائض القيمة‪ .‬إف استيبلؾ جزء مف فائض المنتج بواسطة المستغميف ليس قاص ار عمى الرأسمالية‪ ،‬وانما وجد في ظؿ كافة األنظمة‬
‫الطبقية‪ .‬أما ما يميز الرأسمالية فيو التراكـ مف أجؿ التراكـ‪ ،‬بيدؼ االستمرار في المنافسة‪.‬‬
‫في الشركات الرأسمالية‪ ،‬معظـ التراكـ يكوف مؤسسيا‪ ،‬تموؿ الشركة نفسيا داخميا‪ ،‬في حيف يستخدـ الجانب األعظـ مف‬
‫العوائد الموزعة عمى حاممي األسيـ لبلستيبلؾ‪ .‬في ظؿ رأسمالية دولة تطورت بالتدريج مف الرأسمالية االحتكارية‪ ،‬يظير حاممو‬
‫السندات أساسا كمستيمكيف في حيف تظير الدولة كأنيا الجية المسئولة عف التراكـ‪.‬‬
‫كمما ازداد ذلؾ الجزء مف فائض القيمة المخصص لمتراكـ مقارنة بالجزء المستيمؾ كمما كشفت الرأسمالية عف نفسيا‬
‫بصورة أكثر نقاءا ‪ .‬وكمما ازداد الوزف النسبي لعامؿ السيطرة مقابؿ عامؿ حمؿ السندات‪ .‬أي بعبارة أخرى‪ ،‬كمما ازداد خضوع‬
‫العوائد لمتراكـ الداخمي بواسطة الشركة أو الدولة المالكة‪ ،‬كمما كشفت الرأسمالية عف نفسيا بصورة أكثر نقاءا‪.‬‬
‫(الكؿ يعرؼ أف أولئؾ الذيف يسيطروف عمى رأس الماؿ‪ ،‬أي الذيف يمثموف أقصى تجسيد لرأس الماؿ‪ ،‬ال يحرموف أنفسيـ‬
‫مف متع ىذا العالـ‪ ،‬ولكف أىمية إنفاقيـ تقؿ كثي ار مف الناحية الكمية وتختمؼ مف الناحية النوعية عف أىمية التراكـ‪ ،‬وال يمثؿ‬
‫إنفاقيـ أىمية تاريخية رئيسية)‪.‬‬
‫إننا نستطيع بالتالي أف نقوؿ أف البيروقراطية الروسية‪ ،‬مف خبلؿ "امتبلكيا" لمدولة وسيطرتيا عمى عممية التراكـ‪ ،‬تمثؿ‬
‫التجسيد األكثر نقاء لرأس الماؿ‪ .‬إال أف روسيا مختمفة عف النموذج ‪ -‬أي مفيوـ رأسمالية الدولة المتطورة بالتدريج مف الرأسمالية‬
‫االحتكارية‪ .‬إف ىذا االختبلؼ عف مفيوـ رأسمالية الدولة التي تتطور تدريجيا‪ ،‬وعضويا‪ ،‬مف الرأسمالية االحتكارية ال يجعؿ مسألة‬

‫مفيوـ رأسمالية الدولة غير ذات أىمية‪ .‬بؿ عمى العكس مف ذلؾ‪ ،‬فما لو أىمية عظمى أف نجد أف االقتصاد الروسي يقترب مف‬
‫ىذا المفيوـ أكث ار كثي ار مما تستطيعو أية رأسمالية دولة تطورت تدريجيا عمى أساس رأسمالي‪ .‬فكوف أف البيروقراطية تنفذ مياـ‬
‫الطبقة الرأسمالية‪ ،‬وبذلؾ تحوؿ نفسيا إلى طبقة‪ ،‬يجعميا التجسيد األكثر نقاءا ليذه الطبقة‪ .‬وعمى الرغـ مف اختبلفيا عف الطبقة‬
‫الرأسمالية‪ ،‬فإنيا في الوقت نفسو األقرب لجوىرىا التاريخي‪ .‬البيروقراطية الروسية كنفي جزئي لمطبقة الرأسمالية التقميدية ىي في‬
‫الوقت نفسو التجسيد األكثر صدقا لمرسالة التاريخية ليذه الطبقة‪.‬‬
‫إف القوؿ بأف طبقة بيروقراطية تحكـ في روسيا والوقوؼ عند ىذا الحد ىو تحايؿ عمى القضية األساسية ‪ -‬عبلقات‬
‫اإلنتاج الرأسمالية القائمة في روسيا‪ .‬والقوؿ بأف روسيا رأسمالية دولة سميـ تماما‪ ،‬ولكنو غير كافي‪ ،‬فمف الضروري أيضا اإلشارة‬
‫إلى االختبلفات في العبلقات القانونية بيف الطبقة الحاكمة في روسيا والطبقة الحاكمة في رأسمالية الدولة التي تتطور تدريجيا مف‬
‫الرأسمالية االحتكارية‪ .‬االسـ األكثر دقة إذف لممجتمع الروسي ىو "رأسمالية الدولة البيروقراطية"‪.‬‬
‫شكل ممكية البيروقراطية يختمف عن شكل ممكية البرجوازية‬
‫في روسيا‪ ،‬تظير الدولة كصاحب عمؿ‪ ،‬ويظير البيروقراطيوف كمديريف فقط‪ .‬ىناؾ فصؿ كامؿ بيف وظيفة الممكية‬
‫ووظيفة اإلدارة‪ .‬إال أف األمر كذلؾ مف الناحية الصورية فقط‪ .‬فمف الناحية الجوىرية‪ ،‬تتركز الممكية في أيدي البيروقراطييف‬
‫كجماعة‪ ،‬إنيا متمثمة في دولة البيروقراطية‪ .‬ولكف كوف أف المدير الفرد يبدو وكأنو ال يمتمؾ وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬وكوف أف حصولو عمى‬
‫الجزء الخاص بو مف الدخؿ القومي في شكؿ راتب قد يخدع المرء ويجعمو يعتقد أنو يحصؿ فقط عمى مكافآت مقابؿ قوة عممو‬
‫بنفس الطريقة التي يحصؿ بيا العامؿ عمى مكافأة مقابؿ قوة عممو‪ .‬وفضبل عف ذلؾ‪ ،‬فحيث أف عمؿ اإلدارة ضروري لكؿ عممية‬
‫إنتاج اجتماعي‪ ،‬وبالتالي ليس لو صمة بعبلقات االستغبلؿ‪ ،‬فاف الفارؽ بيف وظيفة العامؿ ووظيفة المدير يصبح ضبابيا ألف‬
‫الوظيفتيف متضمنتاف في عممية اإلنتاج االجتماعي‪ .‬ىكذا فاف العبلقات الطبقية العدائية تبدو كأنيا متناغمة‪ .‬ويبدو عمؿ المستغميف‬
‫وعمؿ تنظيـ االستغبلؿ كبلىما متجسد كعمؿ‪ .‬كما تبدو الدولة وكأنيا تقؼ فوؽ الشعب‪ ،‬كأنيا ممكية مجسدة‪ ،‬في حيف يبدو‬
‫البيروقراطيوف‪ ،‬الذيف يشرفوف عمى عممية اإلنتاج ويعتبروف بالتالي تاريخيا تجسيدا ل أرس الماؿ مف الناحية الجوىرية‪ ،‬يبدوف كعماؿ‪،‬‬
‫وبالتالي منتجيف لمقيمة بعمميـ ذاتو‪.‬‬
‫ولكف‪ ،‬مف الواضح أف دخؿ البيروقراطية لو عبلقة مباشرة بعمؿ العماؿ ال بعمؿ البيروقراطية ذاتيا‪ .‬كما أف حجـ ىذا‬
‫الدخؿ في حد ذاتو يكفي لكشؼ الفارؽ الكيفي بيف دخؿ البيروقراطية وأجور العماؿ‪ .‬لو لـ يكف ثمة فارؽ كيفي بينيما‪ ،‬فيتعيف‬
‫عمينا إذف أف نقوؿ أف المورد ماكجواف‪ ،‬الذي يحصؿ عمى أعمى مرتب يتقاضاه مدير في بريطانيا‪ ،‬ال يفعؿ سوى بيع قوة عممو‪.‬‬
‫والى جانب ذلؾ‪ ،‬فاف الدولة‪ ،‬التي ىي صاحب العمؿ وتبدو كأنيا تقؼ فوؽ الشعب‪ ،‬ىي في الحقيقة تنظـ البيروقراطية كجماعة‪.‬‬
‫ما الذي يحدد تقسيم فائض القيمة بين الدولة والبيروقراطيين كأفراد؟‬
‫في حيف أف التقسيـ الكمي لمقيمة اإلجمالية المنتجة بيف األجور وفائض القيمة يعتمد عمى عنصريف مختمفيف كيفيا ‪ -‬قوة‬
‫العمؿ ورأس الماؿ ‪ -‬فاف تقسيـ فائض القيمة بيف البيروقراطية كجماعة (الدولة) والبيروقراطييف األفراد ال يمكف أف يقوـ عمى أي‬
‫فارؽ كيفي بينيما‪ .‬ال يستطيع المرء إذف أف يتحدث عف قوانيف دقيقة عامة لتقسيـ فائض القيمة بيف الدولة والبيروقراطية أو توزيع‬
‫نصيب البيروقراطية بيف مختمؼ البيروقراطييف‪ .‬وبالمثؿ ال يستطيع المرء أف يتحدث عف قوانيف عامة دقيقة تنظـ توزيع الربح بيف‬
‫ربح المشروع والفائدة‪ ،‬أو بيف مبلؾ مختمؼ أنواع األسيـ في الببلد الرأسمالية‪( .‬أنظر كارؿ ماركس‪ ،‬رأس الماؿ‪ ،‬الجزء الثالث‪،‬‬
‫ص ‪.)938‬‬

‫سيكوف مف الخطأ‪ ،‬مع ذلؾ‪ ،‬أف نفترض أف ىذا التقسيـ يحدث بشكؿ اعتباطي تماما‪ .‬فالنزعات يمكف أف تعمـ‪ .‬وىي تعتمد‬
‫عمى ضغط الرأسمالية العالمية الذي يتطمب اإلسراع بالتراكـ‪ ،‬والمستوى المادي الذي وصؿ إليو اإلنتاج بالفعؿ‪ ،‬وميؿ معدؿ الربح‬
‫لبلنخفاض الذي تقمؿ نسبيا مصادر التراكـ‪ ،‬الخ‪ ..‬إذا أخذنا ىذه الظروؼ في الحسباف‪ ،‬نستطيع أف ندرؾ لماذا تتـ مراكمة جزء‬
‫أكبر ع مى الدواـ مف فائض القيمة‪ .‬وفي الوقت نفسو‪ ،‬فاف البيروقراطية التي تدير عممية التراكـ ال تيمؿ إشباع رغباتيا الشخصية‪،‬‬
‫وتزداد كمية فائض القيمة التي تستيمكيا بشكؿ مطمؽ‪ .‬إف ىاتيف العمميتيف ممكنتاف فقط إذا كاف ىناؾ تزايد مستمر في معدؿ‬
‫استغبلؿ الجماىير‪ ،‬واذا وجدت م صادر جديدة لرأس الماؿ بشكؿ مستمر (يفسر ىذا عممية التراكـ البدائي التي تـ بيا نيب‬
‫الفبلحيف الروس‪ ،‬والنيب الذي تـ لببلد أوروبا الشرقية‪).‬‬
‫عالقات اإلنتاج والقانون‬
‫إف الغالبية العظمى مف وسائؿ اإلنتاج في روسيا تتركز في أيدي الدولة‪ .‬السندات وغيرىا مف المطالبات القانونية تغطي‬
‫جزءا ضئيبل مف وسائؿ اإلنتاج بحيث ال يكوف ليا سوى أىمية طفيفة‪.‬‬
‫لماذا يكوف األمر كذلؾ؟ أليست ىناؾ نزعة إلدخاؿ مثؿ ىذا الشكؿ مف المطالبات الفردية عمى نطاؽ واسع؟ لماذا يوجد‬
‫فارؽ بيف قانوف الممكية السائد في روسيا و نظيره في بقية العالـ الرأسمالي؟ لكي نجيب عمى ىذه األسئمة‪ ،‬عمينا أوال أف نحمؿ‬
‫العبلقة بيف عبلقات اإلنتاج وقانوف الممكية‪.‬‬
‫إف القانوف يعتمد عمى االقتصاد‪ .‬و عبلقات الممكية ىي التعبير القانوني عف عبلقات اإلنتاج‪ .‬إال أنو ال يوجد توازي دقيؽ‬
‫وتاـ بيف عبلقات اإلنتاج وتطور القانوف‪ ،‬بنفس الطريقة التي ال يوجد بيا توازي دقيؽ وتاـ بيف األساس االقتصادي وسائر عناصر‬
‫البناء الفوقي‪ .‬وذلؾ ألف القانوف ال يعبر عف عبلقات اإلنتاج مباشرة‪ ،‬وانما بشكؿ غير مباشر‪ .‬فإذا عكس القانوف عبلقات اإلنتاج‬
‫مباشرة بحيث يصحب كؿ تغيير تدريجي في عبلقات اإلنتاج تغيي ار فوريا وموازيا في القانوف‪ ،‬فانو يتوقؼ عف أف يكوف قانونا‪.‬‬
‫فوظيفة القانوف‪ ،‬إف صح ىذا التعبير‪ ،‬ىي خمؽ التجانس بيف المصالح المتعارضة لمطبقات‪ ،‬مؿء الفجوات التي تظير في النظاـ‬
‫االجتماعي ‪ -‬االقتصادي‪ .‬ولكي يحقؽ ىذا‪ ،‬ينبغي لو أف يرتفع فوؽ االقتصاد في الوقت الذي يقوـ فيو عمى أساس ىذا االقتصاد‪.‬‬
‫مف ناحية مضمونو‪ ،‬فاف القانوف ىو االنعكاس غير المباشر لؤلساس المادي الذي يقوـ عميو‪ ،‬ولكف مف ناحية شكمو‪ ،‬فيو‬
‫ليس إال استيعابا واستكماال لمقانوف الموروث مف الماضي‪ .‬ويوجد دوما اختبلؼ زمني بيف حدوث التغييرات في عبلقات اإلنتاج‪،‬‬
‫وحدوث التغييرات في القانوف‪ .‬وكمما كاف التغير في عبلقات اإلنتاج أعمؽ وأسرع‪ ،‬كمما صعب عمى القانوف أف يبلحؽ التغير مع‬
‫احتفاظو شكميا باالستم اررية مع تطوره السابؽ‪ .‬وىناؾ أمثمة تاريخية عديدة لصعود طبقة جديدة تمتنع عف إعبلف وصوليا لمسمطة‬
‫وتحاوؿ بالتالي أف تكيؼ وجودىا وحقوقيا مع اإلطار الذي يقدمو الماضي‪ ،‬عمى الرغـ مف التناقض التاـ بينيا وبيف ىذا اإلطار‪.‬‬
‫ىكذا‪ ،‬فاف البرجوازية الصاعدة سعت لفترة طويمة جدا إلثبات أف الربح والفائدة ليسا سوى نوعاف مف اإليجار ‪ -‬في ذلؾ الوقت كاف‬
‫اإليجار الذي يحصؿ عميو مالؾ األرض مبر ار في أعيف الطبقات الحاكمة‪ .‬حاولت الطبقة الرأسمالية اإلنجميزية أف تقيـ حقوقيا‬
‫السياسية عمى أساس الماجناكارتا‪ ،‬ميثاؽ حقوؽ الطبقة اإلقطاعية‪ ،‬الذي يتناقض جوىريا مع الحؽ البرجوازي مف ناحية المضموف‬
‫والشكؿ معا‪ .‬إف محاولة طبقة حاكمة إخفاء امتيازاتيا تحت عباءة القانوف الموروث مف الماضي تكوف في أقوى صورىا في حالة‬
‫حدوث ثورة مضادة ال تجرؤ عمى اإلعبلف عف وجودىا‪.‬‬
‫إف االشتراكية الثورية ال تخفي أىدافيا‪ ،‬وبالتالي فاف القانوف الذي تمميو عند وصوليا لمسمطة يكوف ثوريا في المضموف‬
‫والشكؿ معا‪ .‬لو كانت جيوش التدخؿ قد انتصرت بعد ثورة أكتوبر‪ ،‬فاف حكميـ الدموي كاف سيصحبو إعادة أغمب القوانيف القديمة‬

‫التي ألغتيا ثورة أكتوبر‪ .‬ولكف‪ ،‬حيث أف البيروقراطية في روسيا حولت نفسيا تدريجيا إلى طبقة حاكمة‪ ،‬فاف التغيرات في عبلقات‬
‫اإلنتاج لـ يتـ التعبير عنيا مباشرة في شكؿ تغيير كامؿ لمقانوف‪ .‬ألسباب عديدة‪ ،‬أىميا حاجة السياسة الخارجية الستالينية لدعاية‬
‫ثورية زائفة بيف عماؿ العالـ‪ ،‬لـ تعمف البيروقراطية الروسية صراحة أف ثورة مضادة قد حدثت‪.‬‬
‫إال أف ىذا وحده ال يكفي لتفسير عدـ إعادة البيروقراطية لمممكية الفردية في صورة سندات أو أسيـ تغطي االقتصاد كمو‬
‫بطريقة تسمح لكؿ عضو في البيروق ارطية أف يورث وضعا اقتصاديا آمنا البنو‪ .‬ينبغي أخذ عوامؿ أخرى في الحسباف‪ .‬إف رغبات‬
‫أي طبقة أو طائفة أو شريحة اجتماعية تصيغيا ظروؼ حياتيا المادية‪ .‬و ليس لدى كؿ طبقة موقعيا الخاص في عممية اإلنتاج‬
‫فحسب‪ ،‬بؿ إف كؿ طبقة مالكة ليا قمعة مختمفة في الثروة االجتماعية‪ .‬لو كانت الرغبة البسيطة المجردة في الحصوؿ عمى الحد‬
‫األقصى مف المكاسب المادية والثقافية‪ ،‬ىي القوة الدافعة لئلنسانية‪ ،‬إذف فميس فقط الطبقة العاممة وانما أيضا البرجوازية الصغيرة‬
‫والمتوسطة‪ ،‬بؿ والبرجوازية الكبيرة كذلؾ‪ ،‬كانت سترغب في االشتراكية‪ ،‬خاصة في عصرنا ىذا حيث يعيش ىذا الجيؿ تحت شبح‬
‫الحرب الذرية‪ .‬ولكف واقع األمر ليس كذلؾ‪ .‬عندما يصنع الناس التاريخ فانيـ يصنعونو وفقا لمواقع الخارجي الموضوعي الذي‬
‫يجدوف أنفسيـ فيو‪ ،‬والذي يصوغ رغباتيـ‪ .‬ىكذا‪ ،‬فاف صاحب األرض اإلقطاعي يكافح لزيادة مساحة ضياعو ىو وابنو‪ ،‬كما يسعى‬
‫الت اجر لتوفير األمف ألبنائو بتوريثيـ مبمغا كبي ار مف الماؿ‪ ،‬أما الطبيب والمحامي وغيرىـ مف أعضاء الميف الحرة‪ ،‬فانيـ يحاولوف‬
‫نقؿ امتيازاتيـ ألبنائيـ بإعطائيـ "وسائؿ اإلنتاج الذىنية ‪ -‬التعميـ‪ .‬وحيث أنو ال توجد أية أسوار صينية بيف الطبقات والشرائح‬
‫المختمفة‪ ،‬فاف كؿ منيا ستحاوؿ بالطبع أف تورث ما يزيد عمى امتيازاتيا الخاصة‪ :‬فأصحاب الميف الحرة سيرثوف وسائؿ إنتاج‬
‫مادية وذىنية معا‪ ،‬والتجار سيتوفر ليـ تعميـ عالي‪ ،‬وىكذا‪.‬‬
‫إف بيروقراطية الدولة‪ ،‬كما قاؿ ماركس في نقد فمسفة القانوف لييجؿ‪ ،‬تمتمؾ الدولة كممكية خاصة‪ .‬ففي الدولة التي‬
‫تكوف مستودع وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬يكوف لدى بيروقراطية الدولة ‪ -‬الطبقة الحاكمة ‪ -‬أشكاؿ لنقؿ امتيازاتيا تختمؼ عف تمؾ الخاصة‬
‫بمبلؾ األرض اإلقطاعييف أو البرجوازية أو أصحاب الميف الحرة‪ .‬فإذا كاف قرار الييئة المنتخبة ىو األسموب السائد الختيار‬
‫مديري المؤسسات ورؤساء اإلدارات‪ ..‬الخ فاف كؿ بيروقراطي سيكوف أكثر اىتماما بأف ينقؿ البنو "عبلقاتو" مف أف ينقؿ لو‪ ،‬مثبل‪،‬‬
‫مميوف روبؿ (واف كاف ليذا أيضا أىميتو)‪ .‬ومف البدييي أنو سيحاوؿ في الوقت نفسو أف يحد عدد المنافسيف عمى مناصب داخؿ‬
‫البيروقراطية بوضع قيود عمى إمكانيات حصوؿ الجماىير عمى تعميـ عالي‪ ،‬الخ‪..‬‬
‫الجمع بين متناقضات التطور‬
‫تقدـ لنا روسيا مثاال لمجمع بيف شكؿ لمممكية تولد مف ثورة بروليتارية وعبلقات إنتاج ناتجة مف مزيج مف قوى اإلنتاج‬
‫المتخمفة وضغط الرأسمالية العالمية‪ .‬و مضموف التوليفة يظير استم اررية تاريخية مع فترة ما قبؿ الثورة‪ ،‬أما الشكؿ‪ ،‬فيظير‬
‫استم اررية تاريخية مع الفترة الثورية‪ .‬وعند التراجع عف الثورة ال يعود الشكؿ مباشرة إلى نقطة انطبلقو‪ .‬وعمى الرغـ مف خضوعو‬
‫لممضموف‪ ،‬إال إف الشكؿ لو أيضا أىمية كبيرة‪.‬‬
‫كثي ار ما يقفز التاريخ إلى األماـ أو إلى الخمؼ‪ .‬وعندما يقفز إلى الخمؼ‪ ،‬فانو ال يعود مباشرة إلى نفس الموضع‪ ،‬وانما‬
‫ييبط بشكؿ حمزوني بحيث يجمع بيف عناصر النظاميف الذيف انتقؿ المجتمع مف أحدىما إلى اآلخر‪ .‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬في‬
‫رأسمالية الدولة التي تكوف استم ار ار عضويا‪ ،‬تدريجيا لتطور الرأسمالية‪ ،‬سيبقى شكؿ مف أشكاؿ الممكية الخاصة أال وىو ممكية‬
‫األسيـ والسندات‪ ،‬ولكننا ال يجب أف نستنتج مف ىذا أف الشيء نفسو ينطبؽ عمى رأسمالية الدولة التي نمت تدريجيا عمى أشبلء‬
‫دولة عمالية‪ .‬إف االستم اررية التاريخية في حالة رأسمالية الدولة التي تتطور مف الرأسمالية االحتكارية‪ ،‬تظير مف خبلؿ وجود‬

‫الممكية الفرد ية (السندات)‪ .‬أما االستم اررية التاريخية في حالة رأسمالية الدولة التي تتطور مف ثورة عمالية انحطت وماتت‪ ،‬فيي‬
‫تظير مف خبلؿ عدـ وجود الممكية الفردية‪.‬‬
‫إف ىذا التطور الحمزوني يتمخض عنو الجمع بيف طرفيف لمتطور الرأسمالي في روسيا‪ ،‬التوليؼ بيف المرحمة العميا‬
‫ال تي يمكف لمرأسمالية أف تصؿ إلييا‪ ،‬والتي لف يصؿ إلييا أي بمد آخر في األغمب‪ ،‬وبيف مرحمة دنيا لمتطور تتطمب إعداد الشروط‬
‫المادية الضرورية لبلشتراكية‪ .‬إف ىزيمة ثورة أكتوبر قد أصبحت بمثابة نقطة انطبلؽ لمرأسمالية الروسية التي ىي في الوقت نفسو‬
‫متخمفة جدا عف الرأسمالية العالمية‪.‬‬
‫يكشؼ ىذا التوليؼ عف نفسو في تركيز عالي جدا لرأس الماؿ‪ ،‬وتركيب عضوي عالي جدا لرأس الماؿ؛ ومف ناحية‬
‫أخرى‪ ،‬إذا أخذنا المستوى التقني في الحسباف‪ ،‬فيو يكشؼ عف نفسو في إنتاجية متدنية لمعمؿ‪ ،‬ومستوى ثقافي متدني‪ .‬وىي تفسر‬
‫سرعة تطور القوى اإلنتاجية في روسيا‪ ،‬وىي سرعة تتجاوز كثي ار ما شيدتو الرأسمالية الفتية‪ ،‬كما أنيا تمثؿ النقيض المطمؽ لما‬
‫تشيده الرأسمالية في فترات التآكؿ والركود‪.‬‬
‫مارست الرأسمالية الفتية وحشية ال إنسانية ضد الكادحيف‪ ،‬كما يتضح مف الصراع ضد "المتشرديف"‪ ،‬وقوانيف الفقراء‪،‬‬
‫واجبار النساء واألطفاؿ عمى العمؿ خمسة عشر وثمانية عشر ساعة في اليوـ‪ ،‬الخ‪ ،‬ترتكب الرأسمالية المعمرة مرة أخرى الكثير مف‬
‫الجرائـ الوحشية المميزة لطفولتيا‪ ،‬مع فارؽ أنيا قادرة‪ ،‬كما أظيرت الفاشية‪ ،‬عمى تنفيذىا بدرجة أكبر‪ .‬تتسـ الفترتاف باستخداـ‬
‫اإلكراه باإلضافة إلى اآللية األوتوماتيكية لمقوانيف االقتصادية‪ .‬إف التوليؼ بيف رأسمالية الدولة والمياـ الفتية لمرأسمالية يعطي‬
‫البيروقراطية الروسية شيية غير محدودة لفائض القيمة‪ ،‬وقدرة غير محدودة عمى الوحشية البلإنسانية‪ ،‬كما أنو يسمح ليا في الوقت‬
‫نفسو بإظيار أعمى كفاءة ممكنة في تنفيذ قمعيا‪.‬‬
‫عندما قاؿ إنجمز "اإلنساف انحدر مف الحيوانات‪ ،‬وكاف عميو بالتالي أف يستخدـ وسائؿ بربرية وشبو بييمية لكي يخمص‬
‫نفسو مف البربرية" فمف المؤكد أنو لـ يصؼ الثورة االشتراكية‪ ،‬حيث يصبح التاريخ "واعيا بذاتو"‪ .‬ولكنو وصؼ جيدا تاريخ ما قبؿ‬
‫اإلنسانية‪ .‬سيذكر التاريخ لبط رس األكبر انو كاف أحد المحاربيف ضد البربرية باستخداـ وسائؿ بربرية‪ .‬كتب ىرزف " أنو حقؽ‬
‫الحضارة والكرباج في يده‪ ،‬وبالكرباج في يده اضطيد العقؿ" وسيذكر التاريخ لستاليف أنو مضطيد الطبقة العاممة‪ ،‬والقوة التي كاف‬
‫بإمكانيا التقدـ بالقوى اإلنتاجية والثقافية اإلنسانية بدوف الكرباج‪ ،‬ألف العالـ كاف ناضجا بما فيو الكفاية لذلؾ‪ ،‬إال أنيا (قوة ستاليف)‬
‫تقدمت بيا والكرباج في يدىا "‪ ،‬ميددة في الوقت ذاتو اإلنسانية كميا بخطر االنحطاط مف خبلؿ الحروب اإلمبريالية‪.‬‬
‫لقد اكتسحت الثورة البروليتارية مف طريقيا كؿ معوقات تطور القوى اإلنتاجية‪ ،‬وألغت الكثير مف أنواع البربرية القديمة‪.‬‬
‫إال أنيا بسبب انعزاليا وحدوثيا في بمد متخمؼ‪ ،‬انيزمت تاركة المجاؿ مفتوحا أماـ محاربة البربرية بوسائؿ البربرية‪.‬‬
‫االقتصاد والسياسة‬
‫الدولة ىي "ىيئات خاصة مف الرجاؿ المسمحيف والسجوف‪ ،‬الخ " ‪ -‬إنيا سبلح في أيدي طبقة الضطياد طبقة أو طبقات‬
‫أخرى‪ .‬في روسيا‪ ،‬الدولة سبلح في أيدي البيروقراطية الضطياد جماىير الكادحيف‪ .‬إال أف ىذا وحده ال يصؼ كؿ وظائؼ الدولة‬
‫الستالينية‪ .‬فيذه الدولة تمبي أيضا الحاجات المباشرة لمتقسيـ االجتماعي لمعمؿ‪ ،‬وتنظيـ اإلنتاج االجتماعي‪ .‬لقد أنجزت ميمة‬
‫مما ثمة‪ ،‬مع ما يمزـ مف التبديؿ والتعديؿ‪ ،‬بواسطة دوؿ مثؿ الصيف ومصر وبابؿ القديمة‪ .‬ىناؾ‪ ،‬وألف أعماؿ الري الكبرى التي لـ‬
‫يكف مف الممكف تنفيذىا إال عمى نطاؽ واسع كانت ضرورية تماما‪ ،‬فقد تطورت الدولة ليس فقط كنتيجة لظيور االنقسامات‬

‫الطبقية‪ ،‬وبالتالي بطريقة غير مباشرة كنتيجة لتقسيـ العمؿ االجتماعي‪ ،‬وانما أيضا بطريقة مباشرة كجزء مف عممية اإلنتاج‪ .‬إف‬
‫االعتماد والتأثير المتبادؿ لبلنقسامات الطبقية وظيور وتقوية الدولة‪ ،‬ليى عبلقة معقدة بدرجة تجعؿ الفصؿ بيف االقتصاد والسياسة‬
‫أم ار مستحيبل‪ .‬وبالمثؿ‪ ،‬في روسيا‪ ،‬لـ تظير الدولة الستالينية فقط كنتيجة لميوة المتسعة بيف الجماىير والبيروقراطية‪ ،‬وبالتالي‬
‫الحاجة المتنامية لػ "ىيئات خاصة مف الرجاؿ المسمحيف" وانما أيضا كاستجابة مباشرة لحاجات القوى اإلنتاجية ذاتيا‪ ،‬كعنصر‬
‫ضروري في نمط اإلنتاج‪.‬‬
‫قاؿ أحد المموؾ الكمدانييف‪:‬‬
‫لقد أخضعت أسرار األنيار لمصمحة اإلنساف‪ ...‬وقد وجيت مياه األنيار إلى حيث القفر‪ ،‬ومؤلت بيا الخنادؽ الجافة‪...‬‬
‫ورويت السيوؿ الصحراوية‪ ،‬لقد جمبت ليـ الخضرة والوفرة وأسكنتيـ مساكف البيجة" يبلحظ بميخانوؼ الذي يقتبس ىذا الكبلـ‪:‬‬
‫"عمى الرغـ مما فيو مف تفاخر‪ ،‬فاف ىذا وصؼ دقيؽ لدور الدولة الشرقية في تنظيـ عممية اإلنتاج االجتماعية‪)5( .‬‬
‫كاف بوسع ستاليف أيضا أف يزعـ أنو بنى الصناعات‪ ،‬ودفع القوى اإلنتاجية في روسيا إلى األماـ‪ ،‬الخ‪ ..‬ولكف‪ ،‬بالطبع‪،‬‬
‫عمى الرغـ مف أف استبداد الممؾ الكمداني كاف ضروريا تاريخيا وتقدميا في وقتو‪ ،‬إال أف استبداد ستاليف كاف غير ضروري و رجعي‬
‫مف الناحية التاريخية‪.‬‬
‫وكما في المجتمعات القديمة‪ ،‬فاف الوظيفة المزدوجة لمدولة‪ ،‬كحارس لمطبقة الحاكمة ومنظـ لئلنتاج االجتماعي‪ ،‬تؤدي في‬
‫روسيا اليوـ إلى اندماج كامؿ لبلقتصاد والسياسة‪.‬‬
‫يعد ىذا االندماج مف سمات الرأسمالية في مرحمتيا العميا‪ ،‬ومف سمات الدولة العمالية أيضا‪ .‬ولكف في حيف أف ىذا‬
‫االندماج يعني في ظؿ الدولة العمالية أف العماؿ مسيطروف سياسيا‪ ،‬يتقدموف دوما نحو وضع يتـ فيو "استبداؿ حكـ األشخاص‬
‫بإدارة األشياء واألشراؼ عمى عممية اإلنتاج " (‪ )6‬فانو يعني في ظؿ الرأسمالية في مرحمتيا العميا أف اإلكراه السياسي يضاؼ إلى‬
‫الإرادية االقتصاد و يعطي بالفعؿ الدور الرئيسي‪" .‬السمة المميزة لمنظاـ الرأسمالي ىي أف جميع عناصر مجتمع المستقبؿ تظير‬
‫فيو بشكؿ ال تقترب بو مف االشتراكية وانما تبتعد بو عنيا"‪.‬‬
‫ىكذا عمى سبيؿ المثاؿ‪:‬‬
‫"فيما يتعمؽ بالجيش‪ ،‬فاف التطور يؤدى إلى ظيور الخدمة العسكرية اإللزامية العامة‪ ...‬وىو اقتراب مف الميميشيا الشعبية‪.‬‬
‫ولكنيا تتحقؽ في الشكؿ الحديث لمعسكرية‪ ،‬الذي يأتي بسيطرة الدولة العسكرية فوؽ الشعب ويدفع الطابع الطبقي لمدولة إلى الحد‬
‫األقصى"‪)7( .‬‬
‫اف ىذا االندماج يثبت أف عصرنا ناضج جدا لبلشتراكية حتى أف الرأسمالية تضطر الستيعاب عناصر مف االشتراكية‪.‬‬
‫وكما قاؿ إنجمز‪ ،‬ىذا ىو غزو المجتمع االشتراكي لمرأسمالية‪ .‬ومع ذلؾ‪ ،‬فاف ىذا االستيعاب ال يخفؼ عبء االستغبلؿ‬
‫أحر ار اقتصاديا ألنيـ أحرار سياسيا‪.‬‬
‫واالضطياد‪ ،‬بؿ عمى العكس‪ ،‬انو يزيد مف ثقؿ ىذا العبء‪( .‬في الدولة العمالية يكوف العماؿ ا‬
‫الدولة العمالية ىي أيضا اندماج لبلقتصاد والسياسة‪ ،‬ولكف بنتائج متضادة تماثميا‪).‬‬
‫حيثما يوجد اندماج لبلقتصاد والسياسة‪ ،‬يكوف مف الخطأ نظريا التمييز بيف الثورة السياسية واالقتصادية‪ .‬أو بيف الثورة‬
‫المضادة السياسية واالقتصادية‪ .‬تستطيع البرجوازية أف توجد كبرجوازية‪ ،‬لدييا ممكية فردية‪ ،‬في ظؿ أشكاؿ مختمفة لمحكـ‪ :‬في ظؿ‬

‫ممكية إقطاعية‪ ،‬ممكية دستورية‪ ،‬جميورية برجوازية‪ ،‬نظاـ بونابارتي مثؿ نظاـ نابميوف األوؿ والثالث‪ ،‬دكتاتورية فاشية‪ ،‬ولبعض‬
‫الوقت حتى في ظؿ دولة عمالية (وجد الكوالؾ ورجاؿ السياسة االقتصادية حتى عاـ ‪ .)8938‬في جميع ىذه الحاالت‪ ،‬توجد‬
‫عبلقة ممكية مباشرة بيف البرجوازية ووسائؿ اإلنتاج‪ .‬وفييا جميعا تكوف الدولة مستقمة عف السيطرة المباشرة لمبرجوازية‪ ،‬ومع ذلؾ‬
‫فاف البرجوازية ال تتوقؼ في أي منيا عف أف تكوف طبقة حاكمة‪ .‬عندما تكوف الدولة مستودع وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬يوجد اندماج مطمؽ‬
‫بيف االقتصاد والسياسة‪ ،‬نزع السمطة سياسيا يعني أيضا نزع الممكية اقتصاديا‪ .‬لو كاف الممؾ الكمداني الذي اقتبسنا منو الفقرة أعبله‬
‫قد نزعت سمطتو السياسية‪ ،‬فانو كاف بالضرورة ستنزع ممكيتو االقتصادية‪ .‬ينطبؽ ىذا عمى البيروقراطية الستالينية كما ينطبؽ أيضا‪،‬‬
‫مع مايمزـ مف التبديؿ والتعديؿ‪ ،‬عمى الدولة العمالية‪ .‬فحيث أف العماؿ كأفراد ليسوا مبلكا لوسائؿ اإلنتاج حتى في الدولة العمالية‪،‬‬
‫وحيث أف ممكيتيـ كجماعة يعبر عنيا مف خبلؿ ممكيتيـ لمدولة التي ىي مستودع وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬فإننا نرى أنو إذا نزعت سمطتيـ‬
‫السياسية فقد نزعت ممكيتيـ االقتصادية‪.‬‬
‫ىل يمكن حدوث انتقال تدريجي من دولة عمالية إلى دولة رأسمالية؟‬
‫ال يمكف لمبروليتاريا أف تستولي عمى جياز الدولة البرجوازي بؿ ال بد ليا مف تحطيمو‪ .‬إال يستتبع ىذا أف االنتقاؿ‬
‫التدريجي مف الدولة العمالية لمينيف وتروتسكي (‪ )8932-8987‬إلى الدولة الرأسمالية لستاليف‪ ،‬يناقض أساس النظرية الماركسية‬
‫لمدولة؟ ىذا ىو أحد أركاف الدفاع عف النظرية القائمة بأف روسيا اليوـ ال تزاؿ دولة عمالية‪ .‬أولئؾ الذيف يتمسكوف بيذه النظرية‬
‫يستشيدوف بمقولة لتروتسكي في عاـ ‪( 8922‬ولكنيـ يمتنعوف عف االستشياد بمقولتو المعاكسة في وقت الحؽ) لقد كتب في‬
‫االتحاد السوفيتي واألممية الرابعة‪:‬‬
‫األطروحة الماركسية المتعمقة بالطابع المأساوي النتقاؿ السمطة مف طبقة إلى طبقة أخرى تنطبؽ ليس فقط عمى الفترات‬
‫الثورية‪ ،‬عندما ينطمؽ التاريخ إلى األماـ بجنوف‪ ،‬وانما أيضا في فترة الثورة المضادة عندما يتدحرج المجتمع إلى الوراء‪ .‬إف مف‬
‫يزعـ أف حكومة السوفيتيات قد تغيرت تدريجيا مف حكومة بروليتارية إلى حكومة برجوازية ال يفعؿ سوى‪ ،‬إذا جاز التعبير‪ ،‬عرض‬
‫فيمـ اإلصبلح باالتجاه المعاكس‪.‬‬
‫السؤال المطروح ىو مدى صحة الجممة األخيرة‪.‬‬
‫إف عودة الرأسمالية يمكف أف تحدث بطرؽ كثيرة‪ .‬يمكف أف تسبؽ العودة السياسية العودة االقتصادية‪ :‬كاف ىذا سيحدث‬
‫لو كاف الحرس األبيض وجيوش التدخؿ فد نجحوا في إسقاط الببلشفة‪ .‬أو قد تسبؽ العودة االقتصادية‪ ،‬حتى لو لـ تكف كاممة‪،‬‬
‫العودة السياسية‪ :‬كاف ىذا سيحدث لو كاف الكوالؾ ورجاؿ السياسة االقتصادية الجديدة الذيف عززوا امتيازاتيـ االقتصادية حتى‬
‫عاـ ‪ 8938‬قد نجحوا في إسقاط النظاـ‪ .‬في الحالتيف المذكورتيف‪ ،‬لـ يكف االنتقاؿ مف دولة عمالية إلى دولة رأسمالية سيكوف‬
‫تدريجيا‪ .‬وبالفعؿ‪ ،‬فاف القوؿ بأف ىذا االنتقاؿ كاف يمكف أف يكوف تدريجيا‪ ،‬يحؽ وصفو بأنو "ليس سوى‪ ،‬اذا جاز التعبير‪ ،‬عرض‬
‫لفيمـ اإلصبلح باالتجاه المعاكس"‪ .‬ولكف حيث تتحوؿ بيروقراطية الدولة العمالية إلى طبقة حاكمة‪ ،‬فإف العودة االقتصادية‬
‫والسياسية تتشابكاف بحيث ال يمكف الفصؿ بينيما‪ .‬تصبح الدولة تدريجيا أكثر انفصاال عف العماؿ‪ ،‬وتصبح العبلقات بينيا وبيف‬
‫العماؿ أكثر فأكثر مثؿ العبلقات بيف صاحب العمؿ والرأسمالي وعمالو‪ .‬في مثؿ ىذه الحالة‪ ،‬فاف الزمرة البيروقراطية التي تبدو أوؿ‬
‫األمر كتشوه‪ ،‬تحوؿ نفسيا تدريجيا إلى طبقة تنفذ مياـ البرجوازية في عبلقات اإلنتاج الرأسمالية‪ .‬اف االنفصاؿ التطوري التدريجي‬
‫لمبيروقراطية عف سيطرة الجماىير‪ ،‬والذي استمر حتى عاـ‪ ،8938‬وصؿ إلى مرحمة التغير الكيفي الثوري مع الخطة الخمسية‬
‫األولى‪.‬‬

‫ولكف السؤاؿ‪ ،‬مع ذلؾ‪ ،‬يظؿ قائما‪ :‬أال يناقض ىذا النظرية الماركسية لمدولة؟ مف منطمؽ المنطؽ الصوري‪ ،‬ال يمكف‬
‫تفنيد القوؿ بأنو إذا كانت البروليتاريا ال تستطيع تحويؿ الدولة البرجوازية تدريجيا إلى دولة عمالية وانما عمييا أف تحطـ جياز‬
‫الدولة‪ ،‬فاف البيروقراطية عندما تصبح الطبقة الحاكمة ال تستطيع أيضا تحويؿ الدولة العمالية تدريجيا إلى دولة برجوازية وانما‬
‫عمييا أف تحطـ جياز الدولة‪ .‬ولكف مف وجية النظر الجدلية‪ ،‬عمينا أف نطرح المشكمة بشكؿ مختمؼ‪ ،‬ما ىي األسباب التي تمنع‬
‫البروليتاريا مف تحويؿ جياز الدولة البرجوازي تدريجيا‪ ،‬وىؿ تستمر ىذه األسباب كعائؽ ال يمكف إزالتو أماـ التغيير التدريجي في‬
‫الطابع الطبقي لمدولة العمالية؟‬
‫إنجمتر فقط تستطيع تجنب تحطيـ جياز الدولة باعتباره الخطوة األولى في الثورة البروليتارية‪ .‬لـ‬
‫ا‬ ‫قاؿ ماركس وانجمز إف‬
‫ينطبؽ ىذا عمى القارة األوروبية‪ .‬لقد قاال أنو في إنجمت ار "يمكف القياـ بالثورة االجتماعية بالوسائؿ السممية والقانونية فقط"‪ ،‬ويعمؽ‬
‫لينيف عمى ىذا قائبل‪" :‬كاف ىذا طبيعيا في عاـ‪ ،8878‬عندما كانت إنجمت ار ال تزاؿ نموذجا لمبمد الرأسمالي الخالص‪ ،‬ولكف بدوف‬
‫نزعة عسكرية (المقصود بدون النزعة العسكرية المتمثلة في االيمان المتطرف بأن القوة العسكرية ىي عماد الدولة "المترجم") و ‪ -‬إلى حد كبير ‪ -‬بدوف‬
‫بيروقراطية"‪)8( .‬‬
‫انيما إذف البيروقراطية والجيش النظامي المذاف يشكبلف العائؽ أماـ الوصوؿ السممي لمعماؿ لمسمطة‪ .‬ولكف الدولة العمالية‬
‫ليس بيا بيروقراطية أو جيش نظامي‪ .‬ومف ثـ فاف انتقاال سمميا يمكف تحقيقو مف دولة عمالية ال توجد بيا ىذه المؤسسات‪ ،‬إلى‬
‫نظاـ رأسمالية دولة تتواجد فيو‪.‬‬
‫دعونا اآلف نرى إذا كاف ما يستبعد ثورة اجتماعية تدريجية يستبعد كذلؾ ثورة مضادة تدريجية‪.‬‬
‫إذا سعى الجنود في جيش مبني ىرميا لمسيطرة الحاسمة عمى الجيش‪ ،‬فانيـ سيواجيوف عمى الفور معارضة طائفة‬
‫الضباط‪ ،‬ال توجد طريؽ لمتخمص مف طائفة كيذه إال بالعنؼ الثوري‪ .‬وعمى العكس‪ ،‬فإذا اصبح ضباط ميميشيا شعبية مستقميف‬
‫أكثر فأكثر عف إرادة الجنود‪ ،‬فمف الممكف‪ ،‬مع رؤيتيـ أنيـ ال يواجيوف أية بيروقراطية مؤسسية‪ ،‬أف يتحولوا تدريجيا إلى طائفة‬
‫ضباط مستقمة عف الجنود‪ .‬إف االنتقاؿ مف جيش نظامي إلى ميميشيا ال يمكف إال أف يكوف مصحوبا باندالع ىائؿ لمعنؼ الثوري‪،‬‬
‫أم ا االنتقاؿ مف مميشيا إلى جيش نظامي‪ ،‬فبمقدار ما يكوف نتيجة لنزعات داخؿ الميميشيا ذاتيا‪ ،‬يمكف وينبغي أف يكوف تدريجيا‪.‬‬
‫إف معارضة الجنود لمبيروقراطية الصاعدة قد تدفع األخيرة الستخداـ العنؼ ضد الجنود‪ ..‬ولكف ىذا ليس ضروريا‪ .‬وما ينطبؽ عمى‬
‫الجيش ينطبؽ بالمثؿ عمى ا لدولة‪ .‬الدولة التي ال توجد بيا بيروقراطية‪ ،‬أو توجد بيا بيروقراطية ضعيفة غير مستقمة عف الضغط‬
‫الجماىيري قد تتحوؿ تدريجيا إلى دولة تكوف البيروقراطية فييا متحررة مف سيطرة العماؿ‪.‬‬
‫كانت محاكمات موسكو ىي الحرب األىمية التي شنتيا البيروقراطية ضد الجماىير‪ ،‬وىي حرب كاف أحد طرفييا فقط‬
‫مسمحا ومنظما‪ .‬وقد شيدت إتماـ التحرر الكامؿ لمبيروقراطية مف السيطرة الشعبية‪ .‬اف تروتسكي‪ ،‬الذي اعتقد أف محاكمات موسكو‬
‫و "الدستور" كانت خطوات نحو إعادة الرأسمالية الفردية بالوسائؿ القانونية‪ ،‬تخمى في ذلؾ الوقت عف فكرة أف التغير التدريجي مف‬
‫دولة بروليتارية إلى دولة برجوازية ىو "عرض لفيمـ اإلصبلح باالتجاه المعاكس" لقد كتب‪:‬‬
‫في الحقيقة‪ ،‬فاف الدستور الجديد‪ ...‬يفتح أماـ البيروقراطية طرقا "قانونية" لمثورة المضادة االقتصادية‪ ،‬أي إعادة الرأسمالية‬
‫بواسطة "ضربة باردة" (‪)9‬‬

‫الستالينية ‪ -‬بربرية؟‬
‫البربري لمشعوب‬ ‫كممة "ب ربرية" تدؿ عمى أشياء مختمفة‪ .‬إننا نتحدث عف االستغبلؿ البربري لمعماؿ‪ ،‬االضطياد‬
‫المستعمرة‪ ،‬القتؿ البربري لمييود بواسطة النازييف‪ ..‬الخ‪" .‬بربري" ىنا ال تدؿ عمى مرحمة في تاريخ اإلنسانية‪ ،‬أو مضموف معيف‬
‫لمعبلقات االجتماعية‪ ،‬وانما جانب معيف مف أفعا ؿ طبقة‪ ،‬قد تكوف حتى طبقة صاعدة‪ ،‬تقدمية‪ ،‬إننا مثبل نتحدث عف الطرد البربري‬
‫لمفبلحيف في بريطانيا وقت الرأسمالية الصاعدة‪ ،‬أو النيب البربري لسكاف أمريكا الجنوبية‪ ..‬الخ‪ ،‬إال أف "البربرية"‪ ،‬مع ذلؾ‪ ،‬قد تدؿ‬
‫عمى شئ مختمؼ تماما واف كاف لو بعض االرتباط بالمعني السابؽ‪ .‬أنيا قد تدؿ عمى الدمار الشامؿ لمحضارة عف طريؽ تدىور‬
‫المجتمع إلى عصر قبؿ تاريخي‪ .‬ىذا المعنى يجعؿ البربرية مرحمة كاممة في تاريخ اإلنسانية‪ .‬إف حدثا معينا قد يكوف بالفعؿ بربريا‬
‫بالمعنييف‪ .‬فأعماؿ الطبقات الحاكمة في حرب عالمية ثالثة‪ ،‬مثبل‪ ،‬ستكوف بربرية بالمعنى األوؿ‪ ،‬ولكونيا السبب في االنحدار‬
‫الكامؿ لممجتمع ستكوف بربرية بالمعنى الثاني أيضا‪ .‬مف ناحية جوىرية‪ ،‬مع ذلؾ‪ ،‬المعنياف منفصبلف ويجب أف يظبل منفصميف‪.‬‬
‫إذا استخدمنا البربرية بالمعنى األوؿ فيما يتعمؽ بعصرنا‪ ،‬فيي تعني الثمف الذي تدفعو اإلنسانية بسبب تأخر الثورة االشتراكية‪ .‬أما‬
‫اذا استخدمت بالمعنى الثاني‪ ،‬فيي تعنى فقداف كؿ أمؿ في مجتمع تآكؿ وانحط‪ .‬وفقا ليذا‪ ،‬يكوف مف الخطأ تعريؼ النازية بأنيا‬
‫بربرية بالمعنى الثاني‪ ،‬بوصفيا " إقطاع متجدد"‪ ،‬أو "دولة النمؿ األبيض"‪ ،‬أو فترة قبؿ تاريخية‪ ،‬الخ‪ ،..‬حيث أف النظاـ النازي كاف‬
‫قائ ما عمى عمؿ بروليتارييف يعتبروف تاريخيا حفارو قبره ومنقذو اإلنسانية‪ .‬وسنجد حتى تبري ار أقؿ لوصؼ النظاـ الستاليني بأنو‬
‫بربري بالمعنى بالثاني‪ ،‬حيث أف ىذا النظاـ‪ ،‬في مواجية تخمؼ روسيا وخوفو مف اليبلؾ مف خبلؿ المنافسة العالمية‪ ،‬يزيد أعداد‬
‫الطبقة بسرعة كبيرة‪.‬‬
‫إف ىذا السؤاؿ ليس مسألة جداؿ في توافو األمور‪ ،‬وانما ىو ذو أىمية كبرى‪ .‬فاستخداـ كممة بربرية بمعناىا الثاني سيكوف‬
‫مثؿ خطأ استخداـ كممة عبد لوصؼ العماؿ الروس‪ ،‬إذا استخدمت كممة عبد كشيء مختمؼ عف بروليتاري‪ .‬فالعبودية‪ ،‬مثؿ‬
‫البربرية بمعناىا األوؿ‪ ،‬إذا استخدمت لئلشارة إلى أحد جوانب ظروؼ العامؿ الروسي في ظؿ ستاليف والعامؿ األلماني في ظؿ‬
‫ىتمر ‪ -‬أي فقدانو لمحرية‪ ،‬ونفيو الجزئي لنفسو كعامؿ ‪ -‬ستكوف مصطمحا سميما‪ .‬أما إذا استخدمت كتعريؼ أساسي لمنظاـ‬
‫فسيكوف ىذا خطأ‪ .‬عمينا إذف أف نعارض بقوة استخداـ كممة بربرية بمعناىا الثاني لمداللة عمى النظاـ الستاليني‪ .‬عمينا بالفعؿ أف‬
‫نعارض استخداميا عموما لمداللة عمى المرحمة التي وصؿ إلييا المجتمع اليوـ‪ ،‬ويمكف أف نقر فقط باستخداميا بمعناىا األوؿ‪ ،‬أي‬
‫استخداميا لوصؼ بعض جوانب الرأسمالية اليابطة ككؿ‪ ،‬سواء كانت أمريكية أو روسية أو بريطانية أو يػابانية‪ .‬ىؿ روسيا‬
‫الستالينية مثاؿ لمبريرية الرأسمالية؟ نعـ‪ .‬ىؿ ىي مثاؿ لتمؾ البربرية التي ىي نفي كامؿ لمرأسمالية؟ ال‪.‬‬
‫ىل النظام الستاليني تقدمي؟‬
‫النظاـ االجتماعي الذي يكوف ضروريا لتطوير القوى اإلنتاجية واعداد الشروط المادية لنظاـ أعمى لممجتمع‪ ،‬ىو نظاـ‬
‫تقد مي‪ .‬يجب أف نؤكد عمى الشروط المادية‪ .‬ألننا إذا أدخمنا كؿ الشروط (الوعي الطبقي‪ ،‬ووجود أحزاب ثورية جماىيرية‪ ،‬الخ‪،)..‬‬
‫فاف أي نظاـ اجتماعي سيكوف تقدميا‪ ،‬حيث أف مجرد وجوده يثبت عدـ وجود كؿ شروط إسقاطو‪.‬‬
‫مف غير الصواب أف نستنتج مف ىذا التعريؼ أنو عندما يصبح نظاـ اجتماعي ما رجعيا‪ ،‬و يصبح عائقا أماـ تطور‬
‫القوى اإلنتاجية‪ ،‬فاف ىذه القوى تتوقؼ عف التقدـ‪ ،‬أو أف معدؿ التقدـ ينخفض بشكؿ مطمؽ‪ .‬فمما ال شؾ فيو أف اإلقطاع في‬
‫أوروبا أصبح رجعيا في القروف مف الثالث عشر إلى الثامف عشر‪ ،‬ولكف ىذا لـ يمنع القوى اإلنتاجية مف التطور بنفس المعدؿ كما‬
‫في السابؽ‪ ،‬بؿ والتطور بمعدؿ أسرع‪ .‬وبالمثؿ‪ ،‬ففي حيف أف لينيف قاؿ أف فترة اإلمبريالية (والتي بدأت مع العقود األخيرة مف القرف‬
‫التاسع عشر) تعبر عف ىبوط وتعفف الرأسمالية‪ ،‬فقد قاؿ في نفس الوقت‪:‬‬

‫سيكوف مف الخطأ االعتقاد بأف ىذه النزعة لمتعفف تعيؽ إمكانية النمو السريع لمرأسمالية‪ .‬فاألمر ليس عمى ىذا النحو‪ .‬ففي‬
‫عصر اإلمبريالية‪ ،‬تقوـ بعض فروع الصناعة وبعض شرائح البرجوازية وبعض الببلد‪ ،‬بدرجة أو بأخرى‪ ،‬بخيانة واحدة أو أكثر مف‬
‫ىذه النزعات‪ .‬إجماال‪ ،‬تنمو الرأسمالية أسرع كثي ار مف ذي قبؿ‪ .‬ولكف ىذا النمو ال يصبح فقط غير متكافئ يوما بعد يوـ بصفة‬
‫عامة‪ ،‬بؿ إف عدـ تكافؤه يكشؼ عف نفسو أيضا‪ ،‬بصفة خاصة في تعفف الببلد األغنى في رأس الماؿ (مثؿ إنجمترا)‪)81( .‬‬
‫تحدث لينيف عف تعفف الرأسمالية‪ ،‬وفي الوقت نفسو قاؿ اف الثورة الديمقراطية في روسيا‪ ،‬باكتساحيا لبقايا اإلقطاع‪،‬‬
‫ستوفر إمكانات ىائمة لمتطور لمرأسمالية الروسية‪ ،‬التي ستنطمؽ لؤلماـ بسرعة إيقاع أمريكية‪ .‬وقد تبنى ىذا الرأي في الوقت الذي‬
‫كاف يعتقد فيو أف "الدكتاتورية الديمقراطية لمبروليتاريا والفبلحيف" ستحقؽ مياـ الثورة البرجوازية في روسيا‪.‬‬
‫إذا نظرنا في أرقاـ اإلنتاج الصناعي العالمي منذ عاـ‪ ،8898‬فيمكننا أف نرى أنو في فترة اإلمبريالية كانت القوى‬
‫اإلنتاجية لمعالـ بعيدة عف الركود المطمؽ‪)88( .‬‬
‫اإلنتاج الصناعي العالمي (في ‪ 8982‬يساوي‪)811‬‬
‫‪22‬‬ ‫‪8898‬‬
‫‪58‬‬ ‫‪8911‬‬
‫‪72‬‬ ‫‪8916‬‬
‫‪811‬‬ ‫‪8982‬‬
‫‪813‬‬ ‫‪8931‬‬
‫‪898‬‬ ‫‪8939‬‬
‫فيما يتعمؽ بالقدرة اإلنتاجية‪ ،‬ال نحتاج إال أف نأخذ في االعتبار السيطرة عمى الطاقة الذرية لنرى الخطوات الجبارة التي‬
‫تمت‪.‬‬
‫لو كانت الببلد المتخمفة منعزلة عف بقية العالـ‪ ،‬لكاف بإمكاننا أف نقوؿ بصورة قاطعة‪ ،‬إف الرأسمالية ستكوف تقدمية فييا‪.‬‬
‫فمثبل‪ ،‬لو تدىورت أو اختفت دوؿ الغرب‪ ،‬فاف الرأسمالية اليندية كاف سيكوف ليا تاريخ ال يقؿ طوال وعظمة عف الرأسمالية‬
‫البريطانية في القرف التاسع عشر‪ .‬ويصح ىذا بالنسبة لرأسمالية الدولة الروسية‪ .‬إال أف الماركسييف الثورييف يتخذوف العالـ كنقطة‬
‫انطبلقيـ‪ ،‬ويستنتجوف بالتالي أف الرأسمالية رجعية حيثما وجدت‪ .‬ذلؾ أف المشكمة التي يتعيف عمى اإلنسانية حميا اليوـ‪ ،‬تحت‬
‫ضغط اإلبادة‪ ،‬ليست كيفية تطوير القوى اإلنتاجية‪ ،‬وانما إلى أية غاية ووفؽ أية عبلقات اجتماعية ستستغؿ ىذه القوى اإلنتاجية‪.‬‬
‫إف ىذا االستنتاج الخاص بالطابع الرجعي لرأسمالية الدولة الروسية‪ ،‬عمى الرغـ مف التطور السريع لقواىا اإلنتاجية‪ ،‬ال‬
‫يمكف تفنيده إال إذا استطاع المرء أف يثبت أف الرأسمالية العالمية لـ تييئ بعد الشروط المادية الضرورية لبناء االشتراكية‪ ،‬أو أف‬
‫النظاـ الستاليني بصدد تييئة ظروؼ أخرى ضرورية لبناء االشتراكية أكثر مف تمؾ التي ىيأىا العالـ ككؿ‪ .‬االدعاء األوؿ يدفع‬
‫المرء إلى استنتاج أننا لـ نصؿ بعد إلى فترة الثورة االشتراكية‪ .‬أما عف االدعاء الثاني‪ ،‬فأكثر ما يمكف لممرء أف يقولو ىو أف روسيا‬
‫الستالينية ستورث االشتراكية تركي از لرأس الماؿ والطبقة العاممة أعمى منو في أي بمد آخر‪ .‬ولكف ىذا فارؽ كمي فقط‪ :‬إذا قارنا‬

‫االقتصاديف األمريكي واإلنجميزي‪ ،‬فأننا نجد أف تركيز رأس الماؿ واضفاء الطابع االجتماعي عمى العمؿ أعمى كثي ار في االقتصاد‬
‫األوؿ منو في األخير‪ ،‬ولكف ىذا ال يجعؿ رأسمالية اليوـ في الواليات المتحدة األمريكية تقدمية تاريخيا‪.‬‬
‫قد يزعـ المرء أف التخطيط في روسيا ىو عنصر يحوؿ االقتصاد الروسي إلى اقتصاد تقدمي بالمقارنة برأسمالية الببلد‬
‫األخرى‪ .‬اف ىذا غير سميـ إطبلقا‪ ،‬فطالما أف الطبقة العاممة ال تسيطر عمى اإلنتاج‪ ،‬فالعماؿ ليسوا ذاتا لمتخطيط وانما موضوعا‬
‫لو‪ .‬ينطبؽ ىذا عمى التخطيط داخؿ مؤسسة فورد العمبلقة تماما‪ ،‬كما ينطبؽ عمى اقتصاد روسيا كمو‪ .‬وطالما أف العماؿ ىـ‬
‫الموضوع‪ ،‬فاف التخطيط ييميـ فقط كعنصر مف الشروط المادية الضرورية لبلشتراكية‪ :‬كجانب مف جوانب تركيز رأس الماؿ‬
‫والعماؿ‪.‬‬
‫في مصنع يشغؿ ‪ 811,111‬عامؿ يكوف التخطيط أكثر تعقيد وتطو ار منو في مصنع يشغؿ ‪ 811‬عامؿ‪ ،‬وىو يكوف‬
‫أكثر تعقيدا وتطو ار بما يفوؽ ذلؾ في رأسمالية الدولة التي تشغؿ ‪ 81‬مميوف عامؿ‪ .‬إف ىذا ال يجعؿ عبلقات اإلنتاج في المؤسسة‬
‫الكبيرة تقدمية مقارنة بتمؾ القائمة في المؤسسة األصغر‪ .‬فالخطة في كؿ منيما تحددىا القوة الخارجية العمياء لممنافسة بيف‬
‫المنتجيف المستقميف عف ب عضيـ البعض‪ .‬إف مجرد وجود النظاـ الستاليني يعمف عف طابعو الرجعي‪ ،‬حيث أف النظاـ الستاليني لـ‬
‫يكف ليوجد لوال ىزيمة ثورة أكتوبر‪ ،‬ولوال نضوج العالـ لبلشتراكية لما اندلعت ثورة أكتوبر‪.‬‬

‫انفصم انطابغ‪:‬‬
‫االقتصاد انروضً وقاَىٌ انقًٍت انًاركطً‬
‫وَظرٌت األزيت انرأضًانٍت‬
‫(انحتًٍت االقتصادٌت فً انُظاو‬

‫انطتانًٍُ)‬
‫مقدمة‬
‫وفقا لماركس وانجمز‪ ،‬فاف القانوف األساسي لمرأسمالية‪ ،‬كنظاـ يتميز عف كافة األنظمة االقتصادية األخرى‪ ،‬والقانوف الذي‬
‫تشتؽ منو جميع قوانيف الرأسمالية األخرى‪ ،‬ىو قانوف القيمة‪" .‬إف شكؿ القيمة لممنتجات يحمؿ بالفعؿ في طوره الجنيني نمط اإلنتاج‬
‫الرأسمالي بأسره‪ ،‬العداء بيف الرأسمالييف والعماؿ األجراء‪ ،‬جيش االحتياطي الصناعي‪ ،‬األزمات"‪ )8(.‬قانوف القيمة‪ ،‬إذف‪ ،‬ىو القانوف‬
‫األساسي لبلقتصاد السياسي الماركسي‪.‬‬
‫في مقدمة كتابيما الدراسي في االقتصاد السياسي‪ ،‬تساءؿ اقتصادياف سوفيتياف بارزاف‪ ،‬ىما البيدوس وأوستروفيتيانوؼ‪،‬‬
‫قائميف‪ :‬ىؿ االقتصاد السياسي يدرس كافة العبلقات اإلنتاجية بيف الناس !" وكانت أجابتيما‪:‬‬
‫ال‪ ،‬خذ مثبل االقتصاد الطبيعي لمفبلح األبوي البدائي الذي يمبي حاجاتو مف الداخؿ وال يدخؿ في أية عبلقات تبادؿ مع‬
‫الفبلحيف اآلخريف‪ .‬لدينا ىنا نوع خاص مف عبلقات اإلنتاج‪ .‬دعنا نقوؿ أنيا تتمثؿ في تنظيـ جماعي لمعمؿ‪ ...‬مع بعض الخضوع‬
‫مف جانب الجميع لرأس العائمة‪ ...‬عمى الرغـ مف الفارؽ اليائؿ بيف االقتصاد الطبيعي الفبلحي واالقتصاد الشيوعي‪ ،‬إال أنو يوجد‬
‫بينيما سمة مشتركة‪ ،‬إذ يتـ تنظيـ وتوجي و االثنيف بواسطة اإلدارة اإلنسانية الواعية‪ ...‬ىناؾ‪ ،‬ببل شؾ‪ ،‬بعض القوانيف التي تحكـ‬
‫العبلقات غير المنظمة لممجتمع الرأسمالي‪ .‬إال أف ىذه القوانيف عفوية‪ ،‬ومستقمة عف اإلرادة الواعية والموجية لممشاركيف في ىذه‬
‫العممية اإلنتاجية‪ ...‬و ىذه القوانيف األولية العفوية ىي التي تشكؿ موضوع االقتصاد السياسي‪)3(.‬‬
‫وبعد ذلؾ تساءال‪ “ :‬كيؼ والى أي مدى تؤثر القوانيف الرأسمالية لبلقتصاد السياسي عمى االقتصاد السوفيتي؟ ما ىي‬
‫العبلقة بيف النشاط العفوي و المخطط في اقتصاد االتحاد السوفيتي؟ ما ىو الوزف المحدد ليذه العناصر‪ ،‬ما ىو اتجاه تطورىا؟‬
‫(‪ ) 2‬وقد توصبل إلى أف االقتصاد السياسي ينطبؽ فقط عمى العمميات العفوية وليس عمى اقتصاد مخطط كاالشتراكية‪ ،‬وأنو ينطبؽ‬
‫عمى روسيا فقط باعتبار أف االقتصاد الروسي ليس اشتراكيا بعد‪ ،‬و إنما في مرحمة االنتقاؿ نحو االشتراكية‪ .‬وقد وافؽ جميع‬
‫االقتصادييف السوفييت اآلخريف عمى ىذا الرأي في ذلؾ الوقت‪.‬‬
‫في ذلؾ الوقت‪ ،‬أجمع االقتصاديوف السوفييت عمى عدـ وجود مكاف لقانوف القيمة في المجتمع االشتراكي‪ .‬وقد فسروا أية‬
‫آثار لوجوده في االتحاد السوفيتي عمى أنيا انعكاس لوضعو االنتقالي‪ ،‬أي نتيجة ألنو لـ يصؿ بعد بالكامؿ لبلشتراكية‪ ،‬ىكذا فقد‬
‫كتب البيدوس وأوستروفينيانوؼ‪:‬‬
‫إذا طرح عمينا السؤاؿ‪ :‬ىؿ االقتصاد السوفيتي رأسمالي أـ اشتراكي‪ ،‬فاف عمينا بالطبع أف نعمؽ بأف اإلجابة بأنو "رأسمالي"‬
‫أو "اشتراكي" مستحيمة‪ ،‬حيث أف السمة المميزة لبلقتصاد السوفيتي تتمثؿ‪ ...‬بالضبط في كونو انتقالي الطابع‪ ،‬يسير مف الرأسمالية‬

‫إلى االشتراكية‪ ..‬وبنفس الطريقة بالضبط سيكوف عمينا أف نجيب الشخص الذي يسألنا‪ :‬ىؿ يعمؿ قانوف القيمة بالكامؿ ىنا‪ ،‬أـ أنو‬
‫قد توقؼ عف العمؿ تماما وتـ استبدالو باإلدارة الواعية؟ إف تأكيد أف "ىذا أو ذاؾ" صحيح ىو أمر مستحيؿ‪ ،‬حيث أف األمريف معا‬
‫ليسا صحيحيف‪ ،‬أما الصحيح فيو أمر ثالث‪ :‬إننا نعيش عممية انتقاؿ مف الوضع األوؿ إلى اآلخر‪ .‬لـ يختؼ قانوف القيمة بعد‬
‫وانما ىو مستمر في العمؿ في ظروفنا‪ ،‬ولكنو ال يعمؿ بنفس الشكؿ الذي كاف يعمؿ بو في النظاـ الرأسمالي‪ ،‬ذلؾ أنو يمر خبلؿ‬
‫عممية الزواؿ‪)9( .‬‬
‫استخدـ بريوب ارزينسكي نفس الحجة التي تقوؿ‪" :‬إف قانوف القيمة وعنصر التخطيط الذي تتمثؿ سمتو األساسية في التراكـ‬
‫االشتراكي‪ ،‬يتصارعاف فيما بينيما‪ ،‬خبلؿ فترة االنتقاؿ مف الرأسمالية إلى االشتراكية‪ ،‬ومع انتصار االشتراكية‪ ،‬سيختفي قانوف‬
‫القيمة"‪)5(.‬‬
‫وكتب اقتصادي آخر‪ ،‬ىو ليونتيؼ‪" :‬إف قانوف القيمة ىو قانوف الحركة الخاص باإلنتاج السمعي الرأسمالي " إف بذور‬
‫كافة "تناقضات الرأسمالية تكمف في القيمة"‪)6( .‬‬
‫كاف بإمكاف االقتصادييف السوفيت أف يتوسعوا في االعتماد عمى أعماؿ ماركس وانجمز تأييدا ألفكارىـ‪ .‬فالفقرة التي‬
‫اقتبسناىا أعبله مف ضد دوىرنج تؤكد وجية نظرىـ‪ .‬وفي موضع آخر مف نفس الكتاب‪ ،‬يسخر إنجمز مف تصور دوىرنج أف قانوف‬
‫القيمة الماركسي ينطبؽ عمى االشتراكية‪ :‬في ظؿ االشتراكية‪ ،‬يكتب إنجمز سيكوف باستطاعة الناس إدارة كؿ شيء ببساطة شديدة‪،‬‬
‫دوف تدخؿ قانوف القيمة المعروؼ"‪)7( .‬‬
‫وواصؿ إنجمز بأنو سيكوف مف العبث التاـ "أف يتـ تنظيـ مجتمع سيسطر فيو المنتجوف في النياية عمى منتجاتيـ عف‬
‫طريؽ التطبيؽ المنطقي لمقولة اقتصادية (القيمة) تعد التعبير األكثر شموال عف خضوع المنتجيف لمنتجاتيـ"‪ )8( .‬واذا اقتبسنا مف‬
‫ماركس قولو‪" :‬القيمة ىي التعبير عف الطبيعة المميزة تحديدا لعممية اإلنتاج الرأسمالي"‪ )9( .‬وفي مناسبة أخرى‪ ،‬أثناء نقده لكتاب‬
‫لفاجنر‪ ،‬يسخر ماركس مف "فرضية أف نظرية القيمة‪ ،‬التي تـ تطويرىا لتفسير المجتمع "البرجوازي" تنطبؽ عمى "دولة ماركس‬
‫االشتراكية" (‪ )81‬كانت مثؿ ىذه األفكار شبو بدييية بالنسبة لجميع االقتصادييف السوفيت أثناء فترة العقد ونصؼ التالية لمثورة‪.‬‬
‫وبعد عقد مف الصمت التاـ تقريبا حوؿ ىذه المسألة‪ ،‬دوت صاعقة في عاـ ‪ ،8992‬فقد نشرت المجمة النظرية لمحزب‪،‬‬
‫بود زيامينيـ ماركسيزما‪ ،‬مقاال طويبل غير موقع بعنواف "بعض التساؤالت حوؿ تدريس االقتصاد السياسي"‪ ،‬أحدث قطيعة تامة مع‬
‫الماضي‪ )88( .‬لقد أخبر القارئ بأف "‪ ...‬تدريس االقتصاد السياسي في كمياتنا قد استؤنؼ بعد غياب لبضع سنوات‪ .‬قبؿ ىذا‬
‫االنقطاع‪ ،‬عانى تدريس االقتصاد السياسي‪ ،‬باإلضافة إلى الكتب الدراسية القائمة والمنيج الدراسي‪ ،‬مف عيوب خطيرة "‪" ،‬فيما‬
‫يتعمؽ بالقوانيف االقتصادية لبلشتراكية‪ ،‬كثي ار ما تسممت أخطاء جوىرية عديدة إلى منيج االقتصاد السياسي وكتبو الدراسية " وزعـ‬
‫المقاؿ بأف الخطأ األساسي لما كاف يدرس في السابؽ كاف "إنكار عمؿ قانوف القيمة في المجتمع االشتراكي"‪ .‬وعمى الفور سار‬
‫جميع االقتصادييف السوفييت عمى النيج الجديد‪.‬‬
‫يمكف تفسير ىذا التحوؿ التاـ مف خبلؿ استعداد جديد لدى السمطات لئلعبلف الصريح في ذلؾ الوقت عف الكثير مما كاف‬
‫في الماضي مقبوال عمميا ولكف غير معترؼ بو عمنا مثؿ الشوفينية الروسية‪ ،‬وتمجيد التقاليد القيصرية‪ ،‬وأشياء أخرى كثيرة ذات‬
‫طابع مماثؿ‪.‬‬

‫ولكف يبدو أف االقتصادييف السوفيت قد أصبحوا متورطيف في تناقضات جديدة مع كتابات ماركس وانجمز بحيث أصبح مف‬
‫المتعيف أف تتـ معالجة المشكمة م ار ار وتك اررا‪ .‬وحتى في تاريخ متأخر كفبراير ‪ ،8953‬وجد ستاليف نفسو أنو مف الضروري أف‬
‫يكتب‪:‬‬
‫أحيانا ما يسأؿ حوؿ ما إذا كاف قانوف القيمة يوجد ويعمؿ في بمدنا‪ ،‬في ظؿ النظاـ االشتراكي‪ ،‬نعـ انو يوجد ويعمؿ‪)83(.‬‬
‫عمى النقيض مف كؿ التعاليـ الماركسية حوؿ الموضوع‪ ،‬يذكر ستاليف‪" :‬ىؿ قانوف القيمة ىو القانوف االقتصادي األساسي‬
‫لمرأسمالية؟ ال‪ )82(" .‬يذكر ماركس أنو حيثما تكوف قوة العمؿ سمعة‪ ،‬فاف النتيجة الطبيعية الحتمية لبيعيا ىي ظيور فائض‬
‫القيمة‪ ،‬ظيور االستغبلؿ‪ ،‬يجد ستاليف مف المناسب أف يعمف أنو في حيف يسود قانوف القيمة في االقتصاد الروسي‪ ،‬فانو ال يوجد‬
‫بيع لقوة العمؿ وبالتالي ال يوجد فائض قيمة‪ .‬انو يكتب " "الحديث عف كوف قوة العمؿ سمعة"‪ ،‬وعف "استئجار" العماؿ يبدو غير‬
‫معقوؿ "اآلف" في ظؿ نظامنا‪ :‬فكأف الطبقة العاممة التي تمتمؾ وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬تستأجر نفسيا وتبيع قوة عمميا لنفسيا"‪)89(.‬‬
‫(واالفتراض الضمني‪ ،‬والذي ال سند لو‪ ،‬لحجة ستاليف ىو بالطبع‪ ،‬أف الدولة التي تمتمؾ وسائؿ اإلنتاج وتشتري قوة العمؿ ىي‬
‫بالفعؿ "ممموكة" لمعماؿ ويسيطروف عمييا‪ .‬وال تسيطر عمييا بيروقراطية مطمقة السمطة)‪ .‬إضافة إلى ذلؾ‪ ،‬فيو يكتب‪" :‬أعتقد أف‬
‫عمينا‪ ...‬أف ننبذ بعض المفاىيـ األخرى المأخوذة مف كتاب رأس الماؿ لماركس ‪ -‬حيث كاف ماركس معنيا بتحميؿ الرأسمالية ‪-‬‬
‫والمفروضة بشكؿ مصطنع عمى عبلقتنا االشتراكي ة‪ ،‬إنني أشير إلى مفاىيـ مثؿ العمؿ "الضروري" و "الفائض"‪ ،‬والناتج "الضروري"‬
‫و "الفائض"‪ ،‬والوقت "الضروري" و "الفائض"‪)85( .‬‬
‫انو‪ ،‬بالطبع‪ ،‬مف األىمية القصوى أف نكتشؼ العبلقة الصحيحة بيف قانوف القيمة الماركسي واالقتصاد الروسي‪ ،‬آخذيف‬
‫في االعتبار أف ماركس رأي ارتباطا بيف ىذا القانوف وجميع تناقضات الرأسمالية‪.‬‬
‫قانون القيمة الماركسي‬
‫يمكف شرح نظرية القيمة لماركس باختصار كما يمي‪:‬‬
‫في ظؿ الرأسمالية‪ ،‬وفي ظؿ الرأسمالية فقط‪ ،‬تتخذ كؿ‪ ،‬أو حتى أغمب المنتجات شكؿ السمع‪ )86( ،‬لكي تتحوؿ المنتجات‬
‫إلى سمع البد مف وجود تقسيـ عمؿ داخ ؿ المجتمع‪ .‬إال أف ىذا وحده ال يكفي‪ .‬فقد كاف ىناؾ تقسيـ عمؿ داخؿ القبائؿ البدائية‪ ،‬إال‬
‫أف سمعا لـ تنتج‪ .‬كما أف سمعا لـ تنتج أيضا في نظاـ المجتمع القائـ عمى البلتيفنديات الرومانية القديمة بعمميا العبودي واكتفائيا‬
‫الذاتي‪ .‬وداخؿ كؿ مصنع رأسمالي‪ ،‬أيضا‪ ،‬يوجد تقس يـ عمؿ‪ ،‬دوف أف تصبح ثمار عمؿ كؿ عامؿ سمعة‪ ،‬فقط بيف القبائؿ البدائية‪،‬‬
‫أو بيف البلتيفنديات أو بيف مصنع رأسمالي وآخر‪ ،‬يتـ تبادؿ المنتجات‪ ،‬وبالتالي تتخذ شكؿ السمع‪ .‬يكتب ماركس‪ " :‬إف المنتجات‬
‫التي يمكف أف تصبح سمعا قابمة لمتبادؿ‪ ،‬الواحدة لقاء األخرى‪ ،‬ىي فقط تمؾ الناتجة عف أنوع مختمفة مف العمؿ‪ ،‬يتـ كؿ منيا‬
‫مستقبل عف اآلخر ولحساب أفراد " (‪ )87‬أو "مجموعات مف األفراد" (‪)88‬‬
‫تعرؼ القيمة بأنيا السمة المشتركة لكؿ السمع والتي يتـ التبادؿ عمى أساسيا‪ .‬ليس لممنتجات قيمة تبادلية إال بوصفيا‬
‫سمعا‪ ،‬حيث القيمة التبادلية ىي تعبي ر عف العبلقات االجتماعية بيف منتجي السمع‪ ،‬أي تعبير عف الطابع االجتماعي لعمؿ كؿ‬
‫منتج‪ .‬إنيا‪ ،‬في الواقع‪ ،‬التعبير الوحيد عف الطابع االجتماعي لمعمؿ في مجتمع مف المنتجيف المستقميف‪ .‬يكتب ماركس‪" :‬ولما كاف‬
‫المنتجوف ال يتصموف ببعضيـ البعض اجتماعيا إال بواسطة تبادؿ منتجاتيـ‪ ،‬فاف الطابع االجتماعي المحدد لعمؿ كؿ منتج ال‬

‫يظير إال في عممية التبادؿ‪ .‬وبكممات أخرى‪ ،‬فاف عمؿ الفرد يؤكد نفسو كجزء مف عمؿ المجتمع‪ ،‬فقط عف طريؽ العبلقات التي‬
‫تنشأ بفعؿ التبادؿ بيف المنتجات بصورة مباشرة‪ ،‬و بصورة غير مباشرة‪ ،‬بيف المنتجيف"‪)89( .‬‬
‫عندم ا يكتب ماركس أف السمعة ىي قيمة‪ ،‬فانو يؤكد أنيا عمؿ مجرد متجسد ماديا‪ ،‬ويؤكد أنيا نتيجة قسـ ما مف إجمالي‬
‫العمؿ المنتج لممجتمع‪ .‬يعبر مقدار القيمة عف عبلقة إنتاج اجتماعي‪ ،‬انو يعبر عف الصمة القائمة بالضرورة بيف صنؼ معيف‬
‫ونسبة العمؿ االجتماعي المطموبة إلنتاجو"‪)31(.‬‬
‫لماذا تكوف القيمة التبادلية التعبير الوحيد عف ىذه الصمة‪ ،‬ولماذا ال يمكف التعبير عف ىذه العبلقة مباشرة‪ ،‬بدال مف‬
‫التعبير عنيا مف خبلؿ األشياء؟ اإلجابة ىي أف الصمة االجتماعية الوحيدة التي يمكف قياميا بيف منتجيف مستقميف ىي مف خبلؿ‬
‫األشياء‪ ،‬مف خبلؿ تبادؿ السمع‪.‬‬
‫في مجتمع مف المنتجيف المستقميف‪ ،‬يحدد قانوف القيمة ما يمي‪:‬‬
‫عبلقة التبادؿ بيف السمع المختمفة‪.‬‬
‫الكمية اإلجمالية لمسمع مف نوع معيف التي سيتـ إنتاجيا بالمقارنة بالسمع مف نوع آخر‪ ،‬وبالتالي‪،‬‬
‫تقسيـ وقت العمؿ اإلجمالي لممجتمع بيف المشروعات المختمفة‪.‬‬
‫ومف ىنا فانو يحدد عبلقة التبادؿ بيف قوة العمؿ كسمعة وغيرىا مف السمع‪ ،‬وبالتالي تقسيـ يوـ العمؿ إلى وقت ينفؽ عمى‬
‫"العمؿ الضروري" (الذي يعيد العامؿ خبللو إنتاج قيمة قوة عممو) ووقت ينفؽ عمى "العمؿ الفائض" (الذي ينتج العامؿ خبللو‬
‫فائض قيمة لمرأسمالي)‪ .‬كما يتحكـ قان وف القيمة أيضا في نسبة العمؿ االجتماعي المخصص إلنتاج السمع اإلنتاجية واالستيبلكية‪،‬‬
‫أي في العبلقة بيف التراكـ واالستيبلؾ (وىذه نتيجة الزمة لمفقرة أ أعبله)‪.‬‬
‫أجرى ماركس مقارنة بيف تقسيـ العمؿ في المجتمع الرأسمالي ككؿ (والذي يتـ التعبير عنو مف خبلؿ ظيور القيـ)وبيف‬
‫تقسيـ العمؿ في داخؿ مصنع واحد (الذي ال يعبر عنو بيذا الشكؿ)‪.‬‬
‫تقسيـ العمؿ في المجتمع يحدث مف خبلؿ شراء وبيع منتجات مختمؼ فروع الصناعة‪ ،‬في حيف أف الصمة بيف األعماؿ‬
‫الجزئية في المصنع ىو نتيجة بيع قوة العمؿ الخاصة بعديد مف العماؿ لرأسمالي واحد‪ ،‬يستخدميا بمثابة قوة عمؿ جماعية‪ .‬إف‬
‫تقسيـ العمؿ في المصنع يقتضي تركيز وسائؿ اإلنتاج في أيدي رأسمالي واحد‪ ،‬أما تقسيـ العمؿ في المجتمع فيقتضي تفرقيا بيف‬
‫العديد مف منتجي السمع المستقميف‪ .‬في حيف أف قانوف التناسبية الصارـ داخؿ المصنع يخضع أعداد معينة مف العماؿ لوظائؼ‬
‫محددة‪ ،‬إالّ أف المصادفة واليوى‪ ،‬في المجتمع خارج المصنع‪ ،‬يمعباف لعبتيما غير المقيدة في توزيع المنتجيف ووسائؿ إنتاجيـ عمى‬
‫مختمؼ فروع الصناعة‪ .‬صحيح أف مختمؼ دوائر اإلنتاج تنزع إلى التوازف باستمرار‪ :‬فمف جية‪ ،‬في حيف أنو ينبغي عمى كؿ منتج‬
‫لسمعة أف ينتج قيمة استعمالية‪ ،‬أي أف يمبي حاجة اجتماعية معينة‪ ،‬وفي حيف أف مقدار ىذه الحاجات يختمؼ كميا‪ ،‬فثمة‪ ،‬مع‬
‫ذلؾ‪ ،‬رابطة داخمية تنظـ نسبيا جميعا في نظاـ متناسؽ‪ ،‬ينمو عفويا‪ ،‬ومف جية أخرى‪ ،‬فاف قانوف القيمة يحدد في آخر المطاؼ‬
‫كـ يستطيع المجتمع أف ينفؽ مف وقت العمؿ المتيسر لو عمى إنتاج كؿ نوع مف أنواع السمع‪ .‬ولكف ىذا النزوع المستمر‪ ،‬لمختمؼ‬
‫دوائر اإلنتاج‪ ،‬إلى التوازف‪ ،‬يتـ فقط كرد فعؿ لبلضطراب المستمر ليذا التوازف‪ .‬إف النظاـ االفتراضي الذي يتـ عمى أساسو تقسيـ‬

‫العمؿ‪ ،‬داخؿ المصنع‪ ،‬يصبح في تقسيـ العمؿ داخؿ المجتمع استدالليا و ضرورة تفرضيا الطبيعة‪ ،‬تحكـ اليوى غير المنظـ‬
‫لممنتجيف‪ ،‬وال تظير إال في التقمبات في أسعار السوؽ‪ .‬يقتضي تقسيـ العمؿ داخؿ المصنع سمطة الرأسمالي المطمقة عمى ناس‬
‫جرى تحويميـ إلى مجرد أعضاء في جياز يممكو الرأسمالي‪ ..‬أما تقسيـ العمؿ داخؿ المجتمع‪ ،‬فيو ينشئ االتصاؿ بيف منتجي‬
‫السمع المستقميف‪ ،‬الذيف ال يعترفوف بسمطة غير سمطة المنافسة‪ ،‬وال بقوة غير القوة القسرية التي تفرضيا عمييـ مصالحيـ المتبادلة‬
‫"‪)38( .‬‬
‫ىكذا فعمى الرغـ مف اختفاء التخطيط المركزي داخؿ مجتمع منتجي السمع‪ ،‬فاف قانوف القيمة يخمؽ النظاـ مف البلنظاـ‪ ،‬مف‬
‫خبلؿ التغير الد ائـ في الطمب والعرض الناتج عف المنافسة‪ .‬ينشأ توازف معيف في إنتاج السمع المختمفة‪ ،‬في تقسيـ إجمالي وقت‬
‫العمؿ الخاص بالمجتمع بيف مختمؼ فروع االقتصاد‪ ،‬إلى آخره‪ .‬ومف ناحية أخرى‪ ،‬داخؿ المصنع الواحد‪ ،‬ليست الفوضى غير‬
‫الشخصية وانما اإلدارة الواعية لمرأسمالي ىي التي تحدد تقسيـ العمؿ وكمية مختمؼ السمع التي يتـ إنتاجيا‪.‬‬
‫مف البدييي أنو في جميع أشكاؿ المجتمع‪ ،‬مف المشاعية البدائية في الماضي القديـ إلى مجتمع المستقبؿ االشتراكي‪،‬‬
‫يجب أف يكوف ىناؾ تقسيـ معيف لوقت العمؿ الخاص بالمجتمع‪ ،‬بيف مختمؼ فروع االقتصاد لكي يتـ إنتاج كميات مناسبة مف‬
‫السمع التي يحتاج ليا‪ .‬إال أف طريقة إجراء ىذا التقسيـ قد اختمفت مع اختبلؼ شكؿ المجتمع‪" .‬إف كؿ طفؿ يعرؼ"‪ ،..‬كتب‬
‫ماركس‪:‬‬
‫إف البمد الذي يتوقؼ عف العمؿ‪ ،‬لف أقوؿ لسنة ولكف ألسابيع قميمة‪ ،‬سيموت‪ .‬كما يعرؼ كؿ طفؿ أيضا أف مجموع‬
‫المنتجات المقابمة لمحاج ات المختمفة تقتضي كميات مختمفة ومحددة كميا مف إجمالي عمؿ المجتمع‪ .‬ومف البدييي أف ىذه الضرورة‬
‫المتمثمة في توزيع العمؿ االجتماعي بنسب محددة ال يمكف االستغناء عنيا بواسطة الشكؿ الخاص لئلنتاج االجتماعي‪ ،‬وانما يمكف‬
‫فقط أف تغير الشكؿ الذي تتخذه‪ .‬ال يمكف االستغناء عف القوانيف الطبيعية‪ .‬ما يمكف أف يتغير‪ ،‬بتغير الظروؼ التاريخية‪ ،‬ىو‬
‫الشكؿ الذي تعمؿ بو ىذه القوانيف‪ ..‬وفي حالة المجتمع الذي يظير فيو االتصاؿ بيف العمؿ االجتماعي مف خبلؿ التبادؿ الفردي‬
‫لمنتجات العمؿ الفردية‪ ،‬فاف الشكؿ الذي يتخذه ىذا التقسيـ النسبي لمعمؿ ىو بالتحديد القيمة التبادلية ليذه المنتجات‪)33( .‬‬
‫ولكي تكوف القيمة التبادلية ىي التعبير عف تقسيـ وقت العمؿ اإلجمالي لممجتمع بيف إنتاج السمع المختمفة‪ ،‬فاف الشرط‬
‫الضروري لذلؾ ىو أف تكوف أنشطة الناس في عممية اإلنتاج "تمقائية تماما"‪ ،‬ينبغي أف تكوف ىناؾ منافسة حرة بيف المنتجيف‬
‫المستقميف وبيف مبلؾ السمع المختمفة‪ ،‬بما في ذلؾ بائعي قوة العمؿ‪ .‬وينبغي أال تتحدد العبلقات بيف أعضاء المجتمع أثناء عممية‬
‫اإلنتاج بواسطة الفعؿ الواعي‪.‬‬
‫إمكانية تطبيق قانون القيمة عمى االحتكار الرأسمالي‬
‫في رأس الماؿ‪ ،‬اتخذ ماركس مف نظاـ المنافسة الحرة المطمقة نموذجا لمرأسمالية‪ .‬االقتصادي الماركسي الوحيد الذي‬
‫ناقش بالتفصيؿ قانوف القيمة فيما يتعمؽ بالرأسمالية االحتكارية ىو رودولؼ ىمفيردينج في كتابو‪ ،‬رأس الماؿ المالي (فيينا‪.)8981 ،‬‬
‫انو يذكر أنو مف المستحيؿ أف نستنتج مف نظرية القيمة لماركس أي قانوف عاـ يتـ مف خبللو تفسير األثر الكمي لبلحتكار عمى‬
‫عبلقات التبادؿ بيف السمع المختمفة‪ ،‬انو يكتب‪:‬‬
‫الطمب ىو العنصر غير المحدد وغير القابؿ لمقياس في ظؿ حكـ االحتكارات‪ .‬فبل يمكف التيقف مف كيفية رد فعؿ الطمب‬
‫عمى ارتفاع األسعار‪ .‬إف أسعار االحتكار يمكف تحديدىا عمميا‪ ،‬ولكف ال يمكف تحديد مستواىا نظريا‪ ...‬إف عمـ االقتصاد‬

‫الكبلسيكي (ىمفيردينج يضع ماركس ضمنو) يفيـ األسعار عمى أنيا الشكؿ الذي يظير بو اإلنتاج االجتماعي الفوضوي‪ ،‬كما‬
‫يعتبر مستوى األسعار معتمدا عمى اإلنتاجية االجتماعية لمعمؿ‪ .‬قانوف السعر الموضوعي ال يتحقؽ إال مف خبلؿ المنافسة‪ .‬وعندما‬
‫تمغي الييئات االحتكارية المنافسة‪ ،‬فإنيا تزيؿ معيا الوسيمة الوحيدة التي يمكف مف خبلليا وضع قانوف أسعار موضوعي‪ ..‬ويتوقؼ‬
‫السعر عف أف يكوف مقدا ار محددا موضوعيا‪ ،‬ويصبح مشكمة حسابية ألولئؾ الذيف يحددونو بإرادة ووعي‪ ،‬وبدال مف أيكوف نتيجة‬
‫ي صبح افتراضا‪ ،‬وبدال مف أف يكوف موضوعيا يصبح ذاتيا‪ ،‬وبدال مف كونو حتميا ومستقبل عف إرادة ووعي الفاعميف سيصبح‬
‫عشوائيا وعرضيا‪ .‬يبدو أف تحقيؽ نظرية التركيز الماركسية ‪ -‬االندماج االحتكاري ‪-‬سيؤدي إلى إبطاؿ نظرية القيمة الماركسية‪.‬‬
‫(‪)32‬‬
‫يستحيؿ بالمثؿ تحديد الكميات التي ستنتج مف السمع المختمفة والكيفية التي سيوزع بيا إجمالي وقت العمؿ الخاص‬
‫بالمجتمع بيف مختمؼ أفرع االقتصاد‪ .‬ولكف مف الممكف تقدير اتجاىات العوامؿ المذكورة أعبله في ظؿ ظروؼ االحتكار بالمقارنة‬
‫بما يحتمؿ أف تكوف عميو في ظؿ ظروؼ المنافسة الحرة‪ .‬في ظؿ ظروؼ التوازف‪ ،‬فاف القيمة التبادلية لمسمع المنتجة بواسطة‬
‫االحتكارات ستزيد بالمقارنة بغيرىا‪ ،‬وبالتالي فاف عدد أقؿ منيا سيتـ إنتاجو بالمقارنة بالسمع غير االحتكارية‪ ،‬ومف ثـ فاف نسبة‬
‫إجمالي وقت عمؿ المجتمع المنفؽ في الصناعة المحتكرة ستقؿ‪ .‬ويمكف التأكيد عمى أنو في ظؿ ظروؼ االحتكار‪ ،‬فاف عبلقات‬
‫التبادؿ بيف السمع‪ ،‬والكميات المنتجة وتقسيـ إجمالي وقت عمؿ المجتمع ىي تعديبلت عمى نفس العوامؿ التي كانت ستظير في‬
‫ظؿ المنافسة الحرة‪ .‬فقانوف القيمة ينتفي جزئيا‪ ،‬ولكنو يستمر في الوجود مف حيث الجوىر‪ ،‬واف يكف بشكؿ معدؿ‪ .‬ذلؾ أف‬
‫المنافسة‪ ،‬واف لـ تكف مطمقة‪ ،‬موجودة‪ ،‬وبالتالي فاف أطروحة ماركس ال تزاؿ صحيحة‪ ،‬أي أف "سموؾ الناس في عممية اإلنتاج‬
‫االجتماعي تمقائي تماما‪ .‬ومف ثـ فاف العبلقات فيما بينيـ في عممية اإلنتاج تتخذ طابعا ماديا مستقبل عف سيطرتيـ وعف أفعاليـ‬
‫الفردية الواعية"‪)39(.‬‬
‫نظ ار لممنافس ة بيف االحتكارات المختمفة‪ ،‬سواء في نفس الفرع مف االقتصاد أو في فروع مختمفة‪ ،‬فاف عبلقات التبادؿ بيف‬
‫السمع ترتبط‪ ،‬و إف لـ تكف متطابقة تماما‪ ،‬بوقت العمؿ المستغرؽ في إنتاجيا أو معدالت تكاليؼ اإلنتاج المترتبة عمى ذلؾ‪ .‬وعمى‬
‫الرغـ مف أف تقسيـ العمؿ داخؿ المجتمع ككؿ ليس مستقبل تماما عف األفعاؿ الواعية لؤلفراد أو المجموعات (مثؿ االحتكارات)‪،‬‬
‫فاف ىذا التقسيـ يمكف أف يختمؼ فقط في حدود ضيقة نسبيا عما يحتمؿ أف يكوف عميو في ظؿ المنافسة الحرة تماما‪ .‬وعمى الرغـ‬
‫مف "التخطيط" بواسطة االحتكارات فاف التقسيـ يظؿ عشوائيا ومختمفا تماما عف تقسيـ العمؿ داخؿ المصنع‪" ،‬ليس فقط في الدرجة‪،‬‬
‫ولكف في النوع أيضا"‪ .‬الرأسمالية االحتكارية تعنى نفيا جزئيا لقانوف القيمة الماركسي ولكف عمى أساس قانوف القيمة ذاتو‪ ،‬أنو نفي‬
‫وتأكيد في نفس الوقت‪ .‬إال أف النفي الجزئي لقانوف القيمة يقؼ عند أعتاب نفيو الكامؿ‪.‬‬
‫رأسمالية الدولة االحتكارية وقانون القيمة‬
‫كيؼ يعمؿ قانوف القيمة عندما تتدخؿ الدولة في النظاـ االقتصادي بالتحكـ في سعر السمع‪ ،‬وشراء جزء ىاـ مف منتجات‬
‫االقتصاد القومي‪ ،‬وتخصيص المواد الخاـ‪ ،‬والتحكـ في استثمار رأس الماؿ؟‬
‫بالنسبة لمينيف‪ :‬عندما يعمؿ الرأسماليوف لمدفاع‪ ،‬أي لخزانة الدولة‪ ،‬فمف البدييي أننا ال نكوف أماـ رأسمالية "خالصة"‪ ،‬وانما‬
‫شكؿ خاص لبلقتصاد القومي‪ .‬الرأسمالية الخالصة تعني اإلنتاج السمعي‪ .‬واإلنتاج السمعي يعنى العمؿ لسوؽ مجيوؿ وحر‪ .‬ولكف‬
‫الرأسمالي الذي "يعمؿ" لمدفاع ال "يعمؿ" لمسوؽ عمى اإلطبلؽ‪ .‬انو ينفذ طمبية لمحكومة‪ ،‬وفي أغمب األحواؿ مقابؿ أمواؿ تقدميا لو‬
‫الخزانة مقدما" (‪)35‬‬

‫ىؿ يعني ىذا أف إمداد المؤسسات الرأسمالية لمدولة بالمنتجات يقع خارج نطاؽ قانوف القيمة؟ في ألمانيا النازية ‪ -‬حيث‬
‫اشترت الدولة أكثر مف نصؼ‪ ،‬إجمالي الناتج القومي‪ ،‬وركزت في أيدييا تخصيص المواد الخاـ‪ ،‬وتحكمت في تدفؽ رأس الماؿ إلى‬
‫فروع االقتصاد المختمفة‪ ،‬وحددت أسعار السمع‪ ،‬وأخضعت سوؽ العمؿ لنظاـ عسكري ‪ -‬فاف إدارة عبلقات التبادؿ بيف السمع‬
‫المختمفة‪ ،‬والكميات النسبية لمسمع المنتجة المختمفة‪ ،‬وتقسيـ إجمالي وقت عمؿ المجتمع بيف مختمؼ الصناعات‪ ،‬لـ تترؾ لمنشاط‬
‫األعمى التمقائي لمسوؽ‪ .‬صحيح أف الدولة النازية لـ تتخذ كؿ الق اررات المتعمقة باإلنتاج‪ ،‬إال أنيا اتخذت الق اررات األكثر حسما‪ .‬في‬
‫االقتصاد النازي حددت الدولة كمية السمع االستيبلكية المنتجة‪ ،‬ولـ تكف ىناؾ حرية في بيع قوة العمؿ‪ ،‬كما تحدد تقسيـ إجمالي‬
‫وقت عمؿ المجتمع بيف فروع الصناعة المختمفة ال بواسطة آلية السوؽ‪ ،‬وانما عف طريؽ تخصيص الدولة لمطمبيات والمواد الخاـ‬
‫وتحكميا في استثمار رأس الماؿ‪ .‬ولـ يبؽ سوى مجاؿ ضيؽ جدا لؤلنشطة المستقمة لمختمؼ المستثمريف داخؿ ألمانيا‪.‬‬
‫وكما كتب ىمفيردينج‪" :‬في ألمانيا‪ ...‬فاف الدولة في سعييا لمحفاظ عمى سمطتيا وتقويتيا‪ ،‬تحدد طبيعة اإلنتاج والتراكـ‪.‬‬
‫واألسعار تفقد دورىا التنظيمي وتصبح مجرد وسيمة لمتوزيع‪ .‬كما أف االقتصاد‪ ،‬ومعو أصحاب النشاط االقتصادي‪ ،‬يتـ إخضاعيـ‬
‫بدرجة أو بأخرى لمدولة‪ ،‬بحيث يصبحػوا تابعيف ليا"‪R. Hilfending, "State Capitalism or Totalitarian Economy( .‬‬
‫"‪ Left, September, 1947 ،‬وقد كتب المقاؿ في عاـ ‪.")8991‬‬
‫إف مصطمح "رأسمالية الدولة" يمكف أف يدؿ عمى اقتصاد الحرب الرأسمالي‪ ،‬وعمى المرحمة التي تصبح فييا الدولة‬
‫الرأسمالية مستودع كؿ وسائؿ اإلنتاج‪ .‬فبوخاريف‪ ،‬مثبل‪ ،‬استخدمو لمداللة عمى االثنيف‪ .‬وعمى الرغـ‪ ،‬كما سيظير‪ ،‬مف أنو ال يوجد‬
‫فارؽ كيفي أساسي بيف االثنيف فيما يتعمؽ بأثرىما عمى (أ) عبلقة التبادؿ بيف السمع‪ ،‬و (ب) الكميات النسبية المنتجة‪ ،‬و(ج) تقسيـ‬
‫إجمالي وقت عمؿ المجتمع‪ ،‬فإننا نعتقد أنو مف األفضؿ أف نفرؽ بيف االثنيف لتجنب االرتباؾ‪ .‬سنستخدـ مصطمح "رأسمالية الدولة"‬
‫فقط لمداللة عمى المرحمة التي تصبح فييا الدولة الرأسمالية مستودع وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬في حيف سنسمي اقتصاد الحرب الرأسمالي‬
‫"رأسمالية الدولة االحتكارية"‪.‬‬
‫إف رأسمالية الدولة االحتكارية ىي‪ ،‬في التحميؿ األخير‪ ،‬تحت رحمة القوى االقتصادية العمياء‪ ،‬وليست محكومة باإلرادة‬
‫والق اررات الواعية ألي رجؿ أو رجاؿ‪ .‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬فاف طمبيات الحكومة يتـ تخصيصيا وفقا لمقدرات النسبية (معبر عنيا‬
‫بالسعة اإلنتاجية) لمشركات المختمفة التي تتقدـ ليا بعطاءات‪ ،‬ىكذا‪ ،‬عمى كؿ شركة أف تحاوؿ تحقيؽ معدؿ معيف لتراكـ رأس‬
‫الماؿ‪ .‬انيـ يدفعوف لزيادة األرباح عمى حساب األجور‪ .‬انيـ يخمقوف طمبا متزايدا عمى وساؿ اإلنتاج مقارنة بالطمب عمى وسائؿ‬
‫االستيبلؾ إلي آخره‪ .‬في ألمانيا‪ ،‬خبلؿ الحكـ النازي‪ ،‬لـ يتحدد تقسيـ إجمالي الناتج القومي بيف الطبقات االجتماعية المختمفة‪،‬‬
‫وتوزيع إجمالي وقت العمؿ بيف إنتاج السمع االستيبلكية الرأسمالية‪ ،‬بواسطة قرار عشوائي لمحكومة‪ ،‬وانما بضغط المنافسة‪ .‬وقد نتج‬
‫نفس الشيء مف الضغط التنافسي ‪ -‬االقتصادي والعسكري معا ‪ -‬لمقوى التي حاربت ألمانيا ضدىا‪.‬‬
‫قانون القيمة الماركسي واالقتصاد الروسي‪ ,‬من زاوية انعزالو عن الرأسمالية العالمية‬
‫مف الوىمة األولى‪ ،‬تبدو العبلقة بيف مختمؼ المؤسسات اإلنتاجية في روسيا مماثمة لمعبلقة بيف مختمؼ المؤسسات‬
‫التجارية في الببلد الرأسمالية التقميدية‪ .‬ولكف ىذا صحيح مف الناحية الشكمية فقط‪ .‬في مجتمع مف المنتجيف األفراد‪ ،‬الفارؽ األساسي‬
‫بيف تقسيـ العمؿ داخؿ المصنع وتقسيـ العمؿ داخؿ المجتمع ككؿ‪ ،‬ىو أنو في الحالة األولى تتركز ممكية وسائؿ اإلنتاج في أيدي‬
‫رجؿ واحد أو مجموعة واحدة مف الرجاؿ‪ ،‬في حيف أنو في المجتمع الرأسمالي ككؿ ال يوجد مركز لمق اررات‪ ،‬وانما فقط "المتوسط‬
‫األعمى" الذي يحدد عدد العماؿ الذيف ينبغي أف يعمموا في مختمؼ المؤسسات اإلنتاجية‪ ،‬ونوع السمع التي ينبغي إنتاجيا‪ ،‬وىكذا‪.‬‬
‫ال يوجد اختبلؼ كيذا في روسيا‪ ،‬فكؿ مف المؤسسات المفردة واالقتصاد ككؿ يخضع لئلدارة المخططة لئلنتاج‪ .‬االختبلؼ بيف‬

‫تقسيـ العمؿ داخؿ مصنع ج اررات مثبل‪ ،‬وتقسيـ العمؿ بينو وبيف مصنع الصمب الذي يوفر لو اإلمدادات‪ ،‬ىو اختبلؼ في الدرجة‬
‫فقط‪ .‬إف تقسيـ العمؿ داخؿ المجتمع الروسي مف حيث الجوىر مماثؿ لتقسيـ العمؿ داخؿ المصنع الواحد‪.‬‬
‫مف ناحية شكمية توزع المنتجات بيف مختمؼ أفرع االقتصاد مف خبلؿ وسيط التبادؿ‪ .‬ولكف بما أف ممكية جميع‬
‫المؤسسات اإلنتاجية تتركز في ىيئة واحدة‪ ،‬الدولة‪ ،‬فميس ىناؾ تبادؿ حقيقي لمسمع‪" .‬إف المنتجات التي يمكف أف تصبح سمعا‬
‫لمتبادؿ‪ ،‬الوحدة لقاء األخرى‪ ،‬ىي فقط تمؾ الناتجة عف أنواع مختمفة مف العمؿ‪ ،‬يتـ كؿ منيا مستقبل عف غيره ولحساب أفراد‪،‬‬
‫(‪ )36‬أو "مجموعات مف األفراد"‪ ) 37( ،‬في مجتمع مف المنتجيف األفراد‪ ،‬المتصميف ببعضيـ البعض فقط مف خبلؿ التبادؿ‪ ،‬فاف‬
‫الوسيط الذي يحكـ تقسيـ العمؿ في المجتمع ككؿ ىو التعبير النقدي عف القيمة التبادلية ‪ -‬السعر‪ .‬في روسيا توجد صمة مباشرة‬
‫بيف المؤسسات اإلنتاجية مف خبلؿ الدولة التي تسيطر عمى اإلنتاج فييا كميا تقريبا وبالتالي فاف السعر يتوقؼ عف أف تكوف لو‬
‫تمؾ األىمية الخاصة المتمثمة في كونو التعبير عف الطابع االجتماعي لمعمؿ‪ ،‬أو المنظـ لئلنتاج‪.‬‬
‫إذا زاد الطمب عمى األحذية عف عرضيا في بمد رأسمالي تقميدي‪ ،‬فاف سعر األحذية سيرتفع تمقائيا مقارنة بسعر السمع‬
‫األخرى‪ ،‬ستزيد األرباح في صناعة األحذية‪ ،‬وسيتدفؽ رأس الماؿ والعمؿ نحوىا‪ ،‬وسينفؽ جزء أكبر مف إجمالي وقت عمؿ المجتمع‬
‫في إنتاج األحذية‪ .‬يميؿ قانوف القيمة لمموازنة بيف العرض والطمب‪ ،‬وىي حالة يكوف السعر فييا مساويا لمقيمة‪ ،‬أو بصورة أصح‬
‫مساويا لسعر اإلنتاج‪ ( .‬العالقة بين قيمة وسعر اإلنتاج ىي عالقة معقدة جدا‪ ،‬وال يمكن أن نتناولها ىنا‪( .‬أنظر رأس المال‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬القسم الثاني) إذا‬
‫زاد الطمب عمى األحذية عف عرضيا في روسيا‪ ،‬فعمى الرغـ مف أف سعر األحذية سيرتفع إما رسميا أو في السوؽ السوداء‪ ،‬إال أف‬
‫إنتاج األحذية لف يزداد‪ ،‬وبالتالي لف يزداد وقت العمؿ المخصص إلنتاجيا‪.‬‬
‫لنأخذ مثاال أخرا؛ في الببلد الرأسمالية التقميدية‪ ،‬تتحدد النسبة بيف إنتاج السمع اإلنتاجية واالستيبلكية بواسطة قانوف القيمة‪.‬‬
‫إذا كاف عرض األحذية أقؿ مف الطمب عمييا وعرض الماكينات أكثر مف الطمب عمييا‪ ،‬فاف سعر األحذية سيرتفع وسعر الماكينات‬
‫سينخفض‪ ،‬ويتحوؿ رأس الماؿ والعمؿ مف أحد أفرع االقتصاد لآلخر إلى أف تتـ استعادة التوازف الصحيح‪ .‬ولكف في روسيا تمتمؾ‬
‫الدولة كبل القسميف الصناعييف‪ ،‬وبالتالي فاف ارتفاع معدؿ الربح في إنتاج السمع االستيبلكية لف يجذب رأس الماؿ والعمؿ إلى ىذا‬
‫القطاع وخارج القطاع اآلخر‪ ،‬والعكس بالعكس‪ ،‬وذلؾ ألف النسب القائمة بيف القطاعيف ليست ناتجة عف اآللية الحرة لمسوؽ‬
‫الداخمي الروسي‪.‬‬
‫إف العبلقة بيف إنتاج القسميف (إنتاج السمع اإلنتاجية والسمع االستيبلكية) تعتمد بشكؿ مباشر عمى العبلقة بيف التراكـ‬
‫واالستيبلؾ‪ .‬وفي حيف أف المنافسة بيف مبلؾ المصانع المختمفيف في الببلد الرأسمالية التقميدية تدفعيـ إلى تجميع رأس الماؿ‬
‫وزيادة التركيب العضوي لرأس الماؿ‪ ،‬فاف ىذا العامؿ ال وجود لو في روسيا حيث أف كؿ المصانع ممموكة لسمطة واحدة‪ .‬ىنا‬
‫التراكـ والتحسيف التقني ال يتخذاف كتدابير دفاعية في الحرب التنافسية مع المؤسسات اإلنتاجية األخرى‪.‬‬
‫لقد رأينا أف السعر ليس ىو الوسيط الذي يتـ مف خبللو تنظيـ اإلنتاج الروسي وتقسيـ العمؿ في المجتمع الروسي ككؿ‪.‬‬
‫فالحكومة ىي التي تنظـ ذلؾ‪ .‬أما السعر فيو فقط أحد األسمحة التي تستخدميا الدولة في ىذا الشأف‪ .‬انو ليس المحرؾ‪ ،‬وانما حزاـ‬
‫الحركة‪.‬‬
‫ىذا ال يعني أف نظاـ األسعار في روسيا عشوائي‪ ،‬يعتمد تماما عمى نزوات البيروقراطية‪ .‬أساس السعر ىنا أيضا ىو‬
‫تكمفة اإلنتاج‪( .‬االستخداـ واسع النطاؽ لمدعـ مف ناحية‪ ،‬وضريبة المبيعات مف ناحية أخرى‪ ،‬ال يناقضاف ذلؾ‪ )..‬وعمى الرغـ مف‬
‫ذلؾ يوجد فارؽ جوىري بيف ىذا النظاـ السعري وبيف ذلؾ القائـ في الرأسمالية التقميدية‪ .‬فاألخير يعبر عف النشاط المستقؿ‬

‫لبلقتصاد (الذي يكوف في أكثر حاالتو حرية في ظؿ المنافسة الحرة‪ ،‬وأقؿ حرية في ظؿ االحتكار)‪ ،‬أما النظاـ السعري في روسيا‬
‫فيو مؤشر عمى أف االقتصاد ال يسير بالدفع الذاتي عمى اإلطبلؽ‪ .‬إف الفارؽ بيف ىذيف النوعيف مف األسعار سيصبح أوضح عمى‬
‫األرجح إذا أجرينا مقارنة بمجتمع أقؿ تعقيدا‪ ،‬مجتمع الفراعنة في مصر القديمة مثبل‪.‬‬
‫كاف عمى الفرعوف أف يحسب كيؼ يقسـ إجمالي وقت العمؿ ‪ -‬وىذا ىو نفقة اإلنتاج الحقيقية في أي مجتمع ‪ -‬لعبيده‬
‫بيف حاجات المجتمع‪ .‬وكاف يتبع طريقة مباشرة في ىذا الحساب‪ .‬تـ وضع عدد معيف مف العبيد في إنتاج الطعاـ‪ ،‬وعدد معيف في‬
‫إنتاج السمع الكمالية‪ ،‬وآخريف في بناء نظاـ الري‪ ،‬وآخريف في بناء األىرامات‪ ،‬وىكذا‪ .‬وحيث أف عممية اإلنتاج كانت بسيطة نسبيا‪،‬‬
‫فمـ تكف ىناؾ ضرورة ألية فحوصات فيما عدا التأكد مف توزيع عدد العبيد وفقا لمخطة‪ .‬في روسيا‪ ،‬أيضا‪ ،‬تضع الدولة مباشرة‬
‫خطة كاممة تقريبا ( "تقريبا" ألن ىناك بعض الحاالت الجانبية التي تكون فيها سيطرة الدولة غير كاملة‪ .‬ووقت عمل عضو الكولخوز في قطعة األرض الخاصة‬
‫بو‪ ،‬يعتبر مثال على ذلك‪ .‬ونفس الشيء بالنسبة لعمل الحرفي‪ .‬ولكن حتى لو لم تكن ىذه األنشطة مخططة بوعي بواسطة الدولة‪ ،‬فإنها ليست متحررة تماما من‬
‫السيطرة‪ .‬فمن خالل رافعات األسعار والضرائب وبصفة خاصة تخطيط الدولة لمجال اإلنتاج الرئيسي‪ ،‬تدفع ىذه األنشطة الهامشية أيضا إلى داخل قنوات تريدىا‬
‫الدولة‪ ).‬لتقسيـ إجمالي وقت العمؿ‪ ،‬ولكف حيث أف عممية اإلنتاج أكثر تعقيدا بكثير مما كانت عميو قبؿ بضعة آالؼ مف السنيف‪،‬‬
‫فاف مجرد التأكد مف عدد العماؿ المنخرطيف في مختمؼ الفروع‪ ،‬ال يكفي لكي يسير االقتصاد وفقا لمخطة‪ ،‬بعض النسب يجب‬
‫تحديدىا فيما بيف استخداـ الماكينات والعماؿ‪ ،‬واستخداـ ماكينات مف ىذا النوع أو ذاؾ‪ ،‬الكمية المنتجة‪ ،‬والمادة الخاـ والوقود‬
‫المستخدميف‪ ،‬إلى آخره‪ .‬ومف أجؿ ىذا العمؿ‪ ،‬ينبغي وجود مقياس مشترؾ لكؿ النفقات وكؿ المنتجات‪ .‬يعمؿ السعر بوصفو ىذا‬
‫المقياس المشترؾ‪ .‬إف ا لفارؽ بيف تقسيـ العمؿ بدوف نظاـ سعري في ظؿ الفراعنة‪ ،‬وتقسيـ العمؿ بنظاـ سعري في ظؿ ستاليف‪ ،‬ىو‬
‫فارؽ في الدرجة‪ ،‬وليس في الجوىر‪ .‬وبالمثؿ‪ ،‬فسواء أدار فورد جميع مشروعاتو كوحدة إدارية واحدة‪ ،‬أو قسميا إلى وحدات أصغر‬
‫لكي يجعؿ الحساب واإلدارة أسيؿ‪ ،‬فاف الفارؽ سيكوف في الدرجة فقط‪ ،‬مادامت نفس اإلدارة توجو اإلنتاج‪.‬‬
‫ىنػاؾ شيء واحد في روسيا يظير عمى السطح‪ ،‬ليفي بمتطمبات السمعة‪ :‬قوة العمؿ‪ .‬فإذا كانت قوة العمؿ سمعة‪ ،‬إذف‬
‫فالسمع االستيبلكية التي يحصؿ عمييا العماؿ في مقابؿ قوة عمميـ ىي أيضا سمع‪ ،‬حيث أنيا تنتج لمتبادؿ‪ .‬بذلؾ يكوف لدينا‪ ،‬إف لـ‬
‫يكف دورة عالية التطور لمسمع‪ ،‬نظاـ مقايضة ضخـ يشمؿ إجمالي استيبلؾ العماؿ‪ .‬ولكف ماركس يرى أف "دورة السمع تختمؼ عف‬
‫التبادؿ المباشر لممنتجات (المقايضة)‪ ،‬ليس فقط في الشكؿ‪ ،‬وانما في المضموف"‪ )38( .‬و يواصؿ ماركس الفكرة مشي ار إلى أنو مع‬
‫دوراف الس مع‪" ،‬يخترؽ التبادؿ جميع الحدود المحمية والشخصية المبلزمة لممقايضة المباشرة‪ ،‬ويحقؽ دوراف منتجات العمؿ‬
‫االجتماعي"‪.. .‬إنو يخمؽ شبكة متكاممة مف العبلقات االجتماعية العفوية في نموىا والخارجة بالكامؿ عف نطاؽ سيطرة‬
‫الفاعميف"‪)39(.‬‬
‫لكي نرى ما إذا كانت قوة العمؿ في روسيا سمعة بالفعؿ‪ ،‬كما ىي في ظؿ الرأسمالية التقميدية‪ ،‬فمف الضروري أف نتناوؿ‬
‫تمؾ الشروط المحددة التي تعد ضرورية لجعؿ قوة العمؿ سمعة‪ .‬يذكر ماركس شرطيف ليذا‪ :‬أوال‪ ،‬أف العامؿ يجب أف يبيع قوة‬
‫عممو‪ ،‬حيث أنو ال يممؾ أخرى لمكسب لكونو ‘ح ار’ مف وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬ثانيا أف العامؿ يستطيع أف يبيع قوة عممو حيث أنو المالؾ‬
‫الوحيد ليا‪ ،‬أي أنو حر في بيع قوة عممو‪ .‬إف حرية العامؿ مف ناحية‪ ،‬وعبوديتو مف ناحية أخرى‪ ،‬يظيراف مف خبلؿ بيعو الدوري‬
‫لنفسو‪ ،‬وتغييره لسادتو‪ ،‬والتذبذبات في سعر قوة العمؿ في السوؽ"‪ )21( .‬يقوؿ ماركس إذف أنو لكي تصبح قوة العمؿ سمعة‪ ،‬فمف‬
‫الضروري‪:‬‬
‫"أف يبيع مالؾ قوة العمؿ قوة عممو لفترة محددة فقط‪ ،‬ذلؾ ألنو لو باعيا جممة واحدة‪ ،‬مرة واحدة‪ ،‬فانو يبيع ذاتو‪ ،‬محوال نفسو‬
‫مف حر إلى عبد‪ ،‬ومف مالؾ السمعة إلى سمعة‪ .‬عميو عمى الدواـ أف ينظر إلى قوة عممو كممكيتو ىو‪ ،‬كسمعتو ىو‪ ،‬وىو ال يستطيع‬

‫أف يفعؿ ذلؾ إال بوضعو قوة عممو تحت تصرؼ المشتري مؤقتا‪ ،‬لفترة زمنية محددة‪ .‬وبيذه الطريقة يستطيع تجنب التخمي عف‬
‫حقوؽ ممكيتو ليا‪)28( .‬‬
‫إذا كػاف ىناؾ مخدـ واحد فقط‪ ،‬فاف "تغيير السادة" يكوف مستحيبل " يصبح بيعو الدوري لنفسو" مجرد مسألة صورية‪.‬‬
‫ويصبح ا لعقد أيضا مسألة صورية عندما يكوف ىناؾ عدة بائعيف ومشتري واحد فقط‪( .‬ويتضح مف نظاـ الغرامات والعقوبات‪ ،‬و‬
‫"العمؿ التأديبي"‪ ،‬وما إلى ذلؾ‪ ،‬أف حتى ىذا الجانب الصوري مف العقد ال تتـ مراعاتو في روسيا)‪.‬‬
‫الشؾ أف "التذبذبات في سعر قوة العمؿ في السوؽ" تحدث في روسيا‪ ،‬ربما أكثر منيا في الببلد األخرى‪ .‬ولكف ىنا‬
‫أيضا‪ ،‬يتناقض الجوىر مع الشكؿ‪ .‬تحتاج ىذه النقطة لبعض االستفاضة‪ .‬في االقتصاد الرأسمالي التقميدي‪ ،‬حيث توجد منافسة بيف‬
‫بائعي قوة العمؿ‪ ،‬وبيف مشتري قوة العمؿ‪ ،‬وبيف البائعيف والمشتريف‪ ،‬يتحدد سعر قوة العماؿ بواسطة الفوضى الناتجة عف ىذه‬
‫المنافسة‪ .‬فمو كاف معدؿ التراكـ عاليا‪ ،‬يكوف ىناؾ تشغيؿ واسع مما يؤدي‪ ،‬في ظؿ الظروؼ العادية إلى زيادة األجور االسمية‪.‬‬
‫يؤدي ىذا إلى زيادة الطمب عمى السمع االستيبلكية‪ ،‬وبالتالي يزداد إنتاج ىذه السمع مما يرفع األجور الحقيقيػة‪( .‬في ظؿ الظروؼ‬
‫العاد ية لممنافسة الحرة‪ ،‬تعد ىذه صورة حقيقية لما يحدث‪ ،‬إال أف االحتكارات تشوىيا بعض الشيء‪ ).‬ىذه الزيادة في األجور‬
‫الحقيقية تؤثر تأثي ار عكسيا عمى معدؿ الربح‪ ،‬الذي يخفض بدوره معدؿ التراكـ‪ ،‬وىكذا‪ .‬عمى العكس مف ىذا‪ ،‬يتحدد المقدار‬
‫اإلجمالي لؤلجور والمرتبات الحقيقية في روسيا مسبقا عف طريؽ كمية السمع االستيبلكية المستيدفة في الخطة‪ .‬قد يحدث ‪ -‬وىذا‬
‫ىو ما يحدث غالبا ‪ -‬أنو‪ ،‬بسبب العيوب في إعداد وانجاز الخطة‪ ،‬تكوف كمية األمواؿ الموزعة كأجور ومرتبات أكبر مف السعر‬
‫اإلجمالي لمسمع االستيبلكية المنتجة‪ .‬إذا لـ تتولى الدولة الفارؽ بيف االثنيف‪ ،‬فاف ىذا سيسبب ارتفاعا في األسعار (سواء في‬
‫السوؽ الرسمي أو السوؽ السوداء) ولكف ليس ارتفاعا في األجور الحقيقية‪ .‬الطريقة الوحيدة التي يمكف أف يسفر بيا ىذا الوضع‬
‫عف زيادة األجور الحقيقية ىي أف يدفع ارتفاع األسعار الدولة لزيادة إنتاج ذلؾ الفرع الذي ترتفع فيو األسعار‪ .‬إال أف الدولة‬
‫الروسية ال تفعؿ ىذا‪( .‬ىنالؾ نقطة ال يمكف لؤلجور الحقيقية أف تنخفض عنيا ألية فترة مف الزمف‪ .‬وىذه النقطة ىي الحد األدنى‬
‫الطبيعي‪ ،‬الذي ينطبؽ عمى روسيا كما ينطبؽ عمى أي مجتمع آخر‪ ،‬سواء كاف قائما عمى العمؿ العبودي‪ ،‬أو عمؿ األقناف‪ ،‬أو‬
‫العمؿ المأجور‪ .‬وفيما يتعمؽ بالمشكمة التي نناقشيا ىنا‪ ،‬فاف كوف األجور الحقيقية غير موزعة بالتساوي بيف العماؿ الروس‪ ،‬يعد‬
‫أم ار ثانويا بالمقارنة بكوف إجمالي األجور الحقيقية محدد مباشرة بواسطة الدولة)‪.‬‬
‫ىكذا‪ ،‬فإذا فحص المرء العبلقات داخؿ االقتصاد الروسي‪ ،‬مجردا إياىا مف عبلقاتيا باالقتصاد العالمي‪ ،‬فبل بد لو مف‬
‫استنتاج أف مصدر قانوف القيمة‪ ،‬بوصفو محرؾ ومنظـ لئلنتاج‪ ،‬ليس موجودا في ىذا االقتصاد‪ .‬مف حيث الجوىر‪ ،‬فأف القوانيف‬
‫القائمة بيف الوحدات اإلنتاجية‪ ،‬وبيف العماؿ والدولة المخدمة‪ ،‬لف تكوف مختمفة سواء كانت روسيا مصنع واحد كبير يدار مباشرة‬
‫مف مركز واحد‪ ،‬أو كاف جميع العماؿ يحصموف عمى السمع التي يستيمكونيا مباشرة‪ ،‬ولو في صورة عينية‪.‬‬
‫قانون القيمة الماركسي واالقتصاد الروسي‪ ,‬من زاوية عالقاتو بالرأسمالية العالمية‬
‫إف وضع الدولة الستالينية فيما يتعمؽ بإجمالي وقت عمؿ المجتمع الروسي مماثؿ لوضع مالؾ المصنع فيما يتصؿ بعمؿ‬
‫مستخدميو‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬تقسيـ العمؿ يتـ وفؽ خطة‪ .‬ولكف ما الذي يحدد التقسيـ الفعمي إلجمالي وقت عمؿ المجتمع الروسي؟ لو‬
‫لـ يكف عمى روسيا أف تتنافس مع الببلد األخرى‪ ،‬فاف التقسيـ كاف سيكوف عشوائيا تماما‪ .‬ولكف في واقع األمر تعتمد الق اررات‬
‫الستالينية عمى عوامؿ خارج سيطرتيا‪ ،‬وىي بالتحديد االقتصاد العالمي‪ ،‬والتنافس العالمي‪ .‬مف ىذه الزاوية‪ ،‬فاف الرأسمالية الروسية‬
‫في وضع مماثؿ لمالؾ مشروع رأسمالي واحد في حالة تنافس مع مشاريع أخرى‪.‬‬

‫إف معدؿ االستغبلؿ‪ ،‬أي النسبة بيف فائض القيمة واألجور (ؼ ÷ ـ) (ؼ =فائض القيمة‪ .‬ـ = رأس الماؿ المتغير‬
‫"المترجـ")‪ ،‬ال يعتمد عمى اإلرادة المطمقة لمحكومة الستالينية‪ ،‬وانما تمميو الرأسمالية العالمية‪ .‬ينطبؽ نفس الشيء عمى التحسينات‬
‫في التقنية‪ ،‬أو ‪ -‬إذا استخدمنا جممة مماثمة بالمصطمحات الماركسية ‪ -‬العبلقة بيف رأس الماؿ الثابت والمتغير‪ ،‬أي العبلقة بيػف‬
‫الماكينات واألبنية والمواد مف ناحية‪ ،‬واألجور مف ناحية أخرى (ث ÷ ـ) (ث = رأس الماؿ الثابت‪" .‬المترجـ")‪ .‬ينطبؽ نفس الشيء‬
‫إذف عمى تقسيـ إجمالي وقت عمؿ المجتمع الروسي بيف إنتاج وسائؿ اإلنتاج ووسائؿ االستيبلؾ‪ .‬ىكذا‪ ،‬فعندما ننظر إلى روسيا‬
‫في نطاؽ االقتصاد العالمي‪ ،‬فسوؼ نرى بوضوح السمات األساسية لمرأسمالية‪ :‬الفوضى في التقسيـ االجتماعي لمعمؿ والتعسؼ‬
‫في تقسيـ العمؿ داخؿ الورشة‪ ،‬شرطاف يكمؿ أحدىما اآلخر"‪...‬‬
‫إذا حاولت روسيا إغراؽ السوؽ العالمي بمنتجاتيا‪ ،‬أو إذا أغرقت الببلد األخرى السوؽ الروسي بمنتجاتيا‪ ،‬فاف‬
‫البيروقراطية الروسية ستضطر لخفض نفقات اإلنتاج بتخفيض األجور بالنسبة إلنتاجية العمؿ أو بشكؿ مطمؽ بزيادة (ؼ ÷ ـ)‪،‬‬
‫أو مف خبلؿ التحسيف التقني (بزيادة ث ÷ ـ)‪ ،‬أو زيادة إنتاج السمع اإلنتاجية بالنسبة لمسمع االستيبلكية‪ .‬وستكشؼ نفس النزعات‬
‫عف نفسيا إذا اتخذت المنافسة العالمية شكؿ الضغط العسكري بدال مف المنافسة التجارية العادية‪.‬‬
‫حتى اآلف‪ ،‬كاف اقتصاد روسيا متخمفا بدرجة ال تسمح ليا بإغراؽ األسواؽ األجنبية بسمعيا‪ .‬أما أسواقيا ىي‪ ،‬فيي محمية‬
‫مف احتماؿ إغراقيا بالسمع األجنبية بف ضؿ احتكار الدولة لمتجارة الخارجية‪ ،‬وىو احتكار ال يمكف كسره إال بالقوة العسكرية‪ .‬ومف‬
‫ىنا فاف الصراع التجاري كاف حتى اآلف أقؿ أىمية (ىكذا‪ ،‬فأثناء فترة الخطط الخمسية‪ ،‬عندما تضاعف اإلنتاج الصناعي عدة مرات‪ ،‬فان كال من‬
‫الواردات والصادرات قد انخفضت بصورة ملموسة)‪ .‬مف الصراع العسكري وألف المنافسة العالمية تتخذ باألساس شكبل عسكريا‪ ،‬فاف قانوف‬
‫القيمة يعبر عف نفسو مف خبلؿ نقيضو أي السعي وراء القيـ االستعمالية‪.‬‬
‫واردات وصادرات االتحاد السوفيتي باألسعار الجارية(‪)23‬‬
‫اإلجمالي‬ ‫الواردات‬ ‫الصادرات‬

‫(بمبلييف الروببلت)‬
‫‪9‬ر‪83688‬‬ ‫‪5‬ر‪6133‬‬ ‫‪9‬ر‪6596‬‬ ‫‪8982‬‬
‫‪9‬ر‪3689‬‬ ‫‪8‬ر‪8828‬‬ ‫‪8‬ر‪8976‬‬ ‫‪8939‬‬
‫‪5‬ر‪7692‬‬ ‫‪6‬ر‪9879‬‬ ‫‪9‬ر‪2588‬‬ ‫‪8938‬‬
‫‪8‬ر‪9876‬‬ ‫‪5‬ر‪9627‬‬ ‫‪2‬ر‪9529‬‬ ‫‪8921‬‬
‫‪9‬ر‪2169‬‬ ‫‪2‬ر‪8298‬‬ ‫‪6‬ر‪8738‬‬ ‫‪8927‬‬
‫ىذه النقطة تحتاج لبعض االستفاضة‪ .‬فبقدر ما أف القيمة ىي التعبير الوحيد عف الطابع االجتماعي لمعمؿ في مجتمع‬
‫مف المنتجيف المستقم يف‪ ،‬فاف الرأسمالي يحاوؿ أف يقوي نفسو ضد منافسيو بزيادة إجمالي القيـ التي يمتمكيا‪ .‬وحيث أف القيمة يعبر‬
‫عنيا بالماؿ‪ ،‬فبل فارؽ لديو بيف استثمار مميوف جنيو مثبل في إنتاج األحذية والحصوؿ عمى ربح قدره ‪ 811,111‬جنيو‪ ،‬أو في‬
‫إنتاج السبلح والحصوؿ عمى ربح قدره ‪ 811,111‬جنيو‪ .‬فطالما أف ما ينتجو لو قيمة استعمالية ما‪ ،‬فانو ليس معنيا بنوع ىذه‬
‫القيمة االستعمالية‪ .‬ففي معادلة دوراف رأس الماؿ‪ ،‬نقود ‪ -‬سمعة ‪ -‬نقود‬

‫(ف‪ - 8‬س ‪ -‬ف‪ ،)3‬تظير س فقط كجسر بيف ف‪ 8‬و ف‪( 3‬حيث تكوف ف‪ ،3‬إذا سار كؿ شيء عمى ما يراـ بالنسبة‬
‫لمرأسمالي‪ ،‬اكبر مف ف‪.)8‬‬
‫إذا كانت روسيا تتاجر بشكؿ موسع مع الببلد خارج إمبراطوريتيا‪ ،‬فإنيا كانت ستحاوؿ إنتاج سمع يكوف ليا سعر مرتفع‬
‫في السوؽ العالمي‪ ،‬وشراء السمع األرخص مف الخارج‪ ،‬ىكذا فإنيا كانت ستسعى‪ ،‬مثؿ الرأسمالي الخاص‪ ،‬لزيادة مجموع القيـ تحت‬
‫تصرفيا بإنتاج ىذه القيمة االستعما لية أو تمؾ‪ ،‬بغض النظر عف طبيعة القيمة االستعمالية‪( .‬ىذا العامؿ لو تأثير كبير عمى تجارة‬
‫روسيا مع توابعيا)‪)22( .‬‬
‫ولكف بما أف المنافسة مع الببلد األخرى ىي منافسة عسكرية في المقاـ األوؿ‪ ،‬فاف الدولة كمستيمؾ تكوف معنية ببعض‬
‫القيـ االستعمالية المحددة‪ ،‬مثؿ الدبابات والطائرات وما إلى ذلؾ‪ .‬القيمة ىي التعبير عف المنافسة بيف المنتجيف المستقميف‪ ،‬وتنافس‬
‫روسيا مع بقية العالـ يتـ التعبير عنو مف خبلؿ رفع القيـ االستعمالية إلى مرتبة الغاية‪ ،‬تخدـ الغاية النيائية المتمثمة في االنتصار‬
‫في المنافسة‪ .‬فعمى الرغـ مف كونيا غاية‪ ،‬تظؿ القيـ االستعمالية وسيمة‪.‬‬
‫تحدث عممية مشابية في البمداف الرأسمالية التقميدية أيضا‪ ،‬واف يكف بطريقة أقؿ وضوحا‪ .‬فميس ىناؾ فارؽ بالنسبة‬
‫لصانع السبلح الفرد بيف استثمار رأس مالو في إنتاج المدافع أو الزبد‪ ،‬ماداـ يحقؽ ربحا‪ .‬إال أف الدولة التي ينتمي إلييا معنية بشدة‬
‫بالقيمة االستعمالية لمنتجاتو‪ .‬فعبلقاتو مع الدولة ىي عبلقات البائع والمشتري‪ ،‬حيث يكوف األوؿ معنيا فقط بالقيمة‪ ،‬واألخير‬
‫بالقيمة االستعمالية‪ .‬ولكف عبلقات التبادؿ ىذه ىي في الواقع صورية فقط‪ .‬فالدولة ال تقدـ سمعة أخرى في مقابؿ السبلح إنيا تدفع‬
‫ثمنو مف الضرائب والقروض المفروضة عمى االقتصاد كمو‪( .‬بعبارة أخرى يوزع عبء التسمح عمى االقتصاد ككؿ بدرجة أو بأخرى‪،‬‬
‫ويصبح ىذا واضحا كؿ الوضوح عندما تقوـ الدولة بإنتاج األسمحة بنفسيا‪ ،‬بدال مف جمع الضرائب والحصوؿ عمى القروض‬
‫لشرائيا مف الشركات الخاصة)‪.‬‬
‫إف شعار " المدافع قبؿ الزبد" يعني أف المنافسة بيف القوى الرأسمالية قد وصمت المرحمة التي يحدث فييا خمبل في تقسيـ‬
‫العمؿ العالمي‪ ،‬ويتـ استبداؿ المنافسة مف خبلؿ الشراء والبيع بالمنافسة العسكرية المباشرة‪ .‬لقد أصبحت القيـ االستعمالية ىدؼ‬
‫اإلنتاج الرأسمالي‪.‬‬
‫يقدـ الفارؽ بيف التقدـ التقني في الحرب وفي السبلـ دليبل إضافيا عمى ىذا‪ .‬في اقتصاد الحرب ال يوجد فعميا حدود‬
‫لمسوؽ‪ ،‬كما ال توجد حاجة لخفض نفقات اإلنتاج لصالح المنافسة التجارية‪ .‬فالحاجة الساحقة تكوف زيادة كمية السمع المتوفرة‪ .‬ومف‬
‫ىنا أدخمت أثناء الحرب العالمية الثانية تحسينات تقنية كانت االحتكارات والكارتبلت تعارضيا وقت السمـ‪ .‬كوف أف االقتصاد‬
‫الروسي موجو نحو إنتاج قيـ استعمالية معينة ال يجعمو اقتصادا اشتراكيا‪ ،‬عمى الرغـ مف أف األخير كاف أيضا سيكوف موجيا نحو‬
‫إنتاج قيـ استعمالية (مختمفة جدا)‪ .‬بؿ عمى العكس‪ ،‬انيما نقيضاف كامبلف‪ .‬فمعدؿ االستغبلؿ المتزايد‪ ،‬اإلخضاع المتزايد لمعماؿ‬
‫لوسائؿ اإلنتاج في روسيا مصحوبيف بإنتاج ىائؿ لممدافع وليس لمزبد‪ ،‬يسفر عف تكثيؼ وليس تقميؿ اضطياد الشعب‪.‬‬
‫ىكذا‪ ،‬فعندما ينظر إلى الييكؿ االقتصادي الروسي في إطار الوضع التاريخي القائـ اليوـ ‪ -‬السوؽ العالمي الفوضوي ‪-‬‬
‫فاف قانوف القيمة يظير بوصفو المنظـ المتحكـ في ىذا الييكؿ‪.‬‬

‫ىل يمكن قيام نظام رأسمالية دولة عالمي؟‬
‫إذا سيطرت ىيئة واحدة عمى اإلنتاج العالمي كمو‪ ،‬أي إذا كاف بوسع البيروقراطية الستالينية أف توحد العالـ تحت حكميا‪،‬‬
‫واذا أجبرت الجماىير عمى القبوؿ بنظاـ كيذا‪ ،‬فاف االقتصاد الناتج عف ذلؾ سيكوف نظاما لبلستغبلؿ غير خاضع لقانوف القيمة‬
‫وكؿ ما يستتبعو‪ .‬في دراستو لممشكمة ‪ -‬في شكؿ افتراض بالطبع في ذلؾ الوقت (عاـ ‪ - )8985‬توصؿ بوخاريف إلى نفس ىذا‬
‫االستنتاج‪ .‬ففي كتابو االقتصاد العالمي واإلمبريالية‪ .‬يشرح بوخاريف أنو إذا نظمت الدولة الوطنية االقتصاد الوطني‪ ،‬فاف اإلنتاج‬
‫السمعي سيبقى "في السوؽ العالمي في المقاـ األوؿ"‪ ،‬وسيكوف االقتصاد‪ ،‬بالتالي‪ ،‬اقتصاد رأسمالية دولة‪ .‬ولكف إذا حدث "تنظيـ‬
‫االقتصاد العالمي كمو كاتحاد احتكاري دوالتي عمبلؽ واحد‪( ،‬وىو ما لـ يكف بوخاريف يعتقد بإمكانية حدوثو)‪" ،‬فإننا سنكوف أماـ‬
‫شكؿ اقتصادي جديد ومتفرد تماما‪ .‬ولف يكوف ىذا الشكؿ رأسماليا‪ ،‬ألف إنتاج السمع سيكوف قد اختفى‪ ،‬ولكنو لف يكوف اشتراكيا‬
‫أيضا‪ ،‬حيث أف سيطرة طبقة عمى أخرى ستكوف مستمرة (وربما تكوف قد أصبحت أقوى)‪ .‬ىيكبل اقتصاديا كيذا سيشبو في أغمب‬
‫األحواؿ اقتصاد العبد ‪ -‬السيد‪ ،‬مع غياب سوؽ العبيد "‪)29( .‬‬
‫(بسبب الصراعات الوطنية واالجتماعية‪ ،‬فانو مف المشكوؾ فيو جدا أف تتواجد مثؿ ىذه اإلمبراطورية العالمية)‪.‬‬
‫نظرية األزمة الرأسمالية لماركس‬
‫مف المستحيؿ في إطار ىذا الكتاب أف نتناوؿ بشكؿ واؼ تحميؿ ماركس ألزمة اإلنتاج الزائد في النظاـ الرأسمالي‪ .‬البد‬
‫لنا أف نقتصر عمى تمخيص موجز‪.‬‬
‫بخبلؼ جميع أشكاؿ اإلنتاج "قبؿ الرأسمالية" تضطر الرأسمالية لتجميع المزيد والمزيد مف رأس الماؿ‪ .‬ولكف ىذه العممية‬
‫يعوقيا عامبلف متكامبلف‪ ،‬واف كانا متناقضيف‪ ،‬يبرزاف مف داخؿ النظاـ نفسو‪ ،‬أحدىما ىو انخفاض معدؿ الربح‪ ،‬الذي يعني تقمص‬
‫مصادر التراكـ اإلضافي‪ ،‬واآلخر ىو زيادة اإلنتاج بما يفوؽ القدرة االستيعابية لمسوؽ‪ .‬لوال التناقض األوؿ لكاف حؿ األزمة‬
‫المسمى بحؿ "نظرية تدني االستيبلؾ" ‪ -‬زيادة أجور العماؿ" ‪ -‬حبل بسيطا وممتازا‪ .‬ولوال التناقض الثاني لكانت الفاشية قد‬
‫استطاعت مف خبلؿ التخفيض المستمر لؤلجور‪ ،‬أف نتجنب األزمة لفترة طويمة عمى األقؿ‪.‬‬
‫في تناولو لمشؽ الثاني لمعضمة الرأسمالية‪ ،‬القوة الشرائية المنخفضة لمجماىير‪ ،‬كتب ماركس‪:‬‬
‫إف مجموع السمع كمو‪ ،‬الناتج اإلجمالي ‪ -‬والذي يحتوي عمى قسـ يعيد إنتاج رأس الماؿ الثابت والمتغير باإلضافة إلى قسـ‬
‫يمثؿ فائض القيمة ‪ -‬ينبغي أف يباع‪ .‬إذا لـ يحدث ىذا‪ ،‬أو تحقؽ جزئيا فقط‪ ،‬أو بأسعار أقؿ مف أسعار اإلنتاج‪ ،‬فاف ىذا يعني أف‬
‫العامؿ قد تـ استغبللو‪ ،‬إال أف استغبللو لـ يحقؽ نفس المقدار لمرأسمالي‪ ،‬قد ال يدر ىذا االستغبلؿ أي فائض قيمة عمى اإلطبلؽ‬
‫لمرأسمالي‪ ،‬أو قد يحقؽ جزءا فقط مف فائض القيمة المنتج‪ ،‬بؿ وقد يعني خسارة جزئية أو كاممة لرأسمالو‪ .‬ال يوجد تطابؽ بيف‬
‫ظروؼ االستغبلؿ المباشر وظروؼ تحقيؽ فائض القيمة‪ .‬انيما منفصبلف منطقيا فضبل عف االنفصاؿ الزماني والمكاني‪ .‬فاألولى‬
‫ال تتحدد إال بواسطة القوة اإلنتاجية لممجتمع‪ .‬أما األخيرة‪ ،‬فتتحدد بواسطة العبلقات التناسبية لمختمؼ فروع اإلنتاج والقوة‬
‫االستيبلكية لممجتمع‪ .‬وىذه القوة المذكورة أخي ار ال تتحدد بواسطة القوة اإلنتاجية المطمقة وال القوة االستيبلكية المطمقة‪ ،‬وانما‬
‫بواسطة القوة االستيبلكية القائمة عمى عبلقات التوزيع العدائية والتي تقمؿ استيبلؾ الغالبية العظمى مف السكاف إلى حد أدنى‬
‫متغير داخؿ حدود ضيقة بقدر أو بآخر‪ .‬وفضبل عف ذلؾ‪ ،‬تتقيد القوة االستيبلكية عف طريؽ الميؿ لتجميع رأس الماؿ‪ ،‬والنيـ‬
‫لتوسيع رأس الماؿ وانتاج فائض قيمة عمى نطاؽ واسع‪)25( .‬‬

‫كما يضيؼ‪:‬‬
‫القوة اإلنتاجية اليائمة التي تنمو في ظؿ نمط اإلنتاج الرأسمالي بالمقارنة بالسكاف‪ ،‬والزيادة‪ ،‬واف لـ تكف بنفس النسبة‪ ،‬في‬
‫القيـ الرأسمالية (ليس مضمونيا المادي)‪ ،‬والتي نمت أسرع كثي ار مف السكاف‪ ،‬تناقض األساس الذي يتضاءؿ بشكؿ متزايد بالمقارنة‬
‫بالثروة المتن امية‪ .‬والذي تعمؿ ىذه القوة اإلنتاجية الضخمة ألجمو‪ ،‬كما تناقض الظروؼ التي يرفع رأس الماؿ مف قيمتو في ظميا‪.‬‬
‫ىذا ىو سبب األزمة‪)26( .‬‬
‫وفي موضع آخر عبر عف نفس الفكرة بيذه الكممات‪:‬‬
‫السبب األخير لكؿ األزمات الحقيقية يظؿ دائما فقر الجماىير واستيبلكيا المقيد بالمقارنة بميؿ اإلنتاج الرأسمالي لتنمية‬
‫القوى اإلنتاجية بحيث ال يحدىا سوى القوة االستيبلكية المطمقة لممجتمع كمو(‪)27‬‬
‫في التحميؿ األخير‪ ،‬سبب األزمة الرأسمالية ىو أف جزءا متزايدا باستمرار مف دخؿ المجتمع يتركز في أيدي الطبقة‬
‫الرأسمالية‪ ،‬وأف جزءا متزايدا مف ىذا الدخؿ يوجو ليس نحو شراء وسائؿ االستيبلؾ‪ ،‬وانما وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬أي انو يوجو نحو تراكـ‬
‫رأس الماؿ‪ .‬ولكف‪ ،‬حيث أف جميع وسائؿ اإلنتاج ىي وسائؿ استيبلؾ ‪-‬أي بعد فترة زمنية معينة تتجسد قيمة وسائؿ اإلنتاج في‬
‫وسائؿ االستيبلؾ‪ -‬فاف الزيادة النسبية في ذلؾ الجزء مف الدخؿ القومي الموجو لمتراكـ بالمقارنة بالجزء الموجو لبلستيبلؾ‪ ،‬البد أف‬
‫تؤدي إلى اإلنتاج الزائد‪ .‬وىذه عممية تراكمية‪ ،‬فالزيادة في التراكـ تصحبيا العقمنة‪ ،‬التي تسفر عف معدؿ متزايد لبلستغبلؿ‪ .‬وكمما‬
‫ازداد معدؿ االستغبلؿ‪ ،‬كمما كبر المصدر الذي يستمد منو التراكـ‪ ،‬بالمقارنة بأجور العماؿ ودخؿ الرأسمالي‪ .‬التراكـ يولد التراكـ‪.‬‬
‫إذا كاف "فقر الجماىير واستيبلكيا المحدود" ىو السبب الوحيد لؤلزمة الرأسمالية‪ ،‬فاف األزمة ستكوف دائمة‪ ،‬الف أجور‬
‫العماؿ‪ ،‬بصفة عامة‪ ،‬دائما ما تتخمؼ عف زيادة إنتاجية العمؿ‪ .‬وفي ىذه الحالة‪ ،‬لـ نكف سنعرؼ المعادلة المأساوية اآلنية‬
‫لمعناصر المختمفة‪ ،‬وانما كساد دائـ‪.‬‬
‫ولكف ىناؾ الشؽ اآلخر لممعضمة‪ ،‬انخفاض معدؿ الربح‪ .‬إف عممية تراكـ رأس الماؿ يصحبيا ارتفاع في التركيب‬
‫العضوي لرأس الماؿ‪ ،‬أي إحبلؿ لمعمؿ الميت (المتجسد في الماكينات‪ ،‬الخ‪ )...‬محؿ العمؿ الحي‪ .‬ولما كاف األخير ينتج فائض‬
‫القيمة في حيف أف األوؿ ال يفعؿ‪ ،‬فاف ىناؾ ميبل ثابتا النخفاض معدؿ الربح‪ .‬وىذا االنخفاض بدوره يجعؿ المنافسة بيف‬
‫الرأسمالييف أكثر حدة‪ ،‬حيث يتعيف عمى كؿ واحد أف يحاوؿ زيادة أرباحو اإلجمالية عمى حساب منافسيو‪ .‬المنافسة تؤدي إلى‬
‫الترشيد‪ ،‬وبالتالي إلى زيادة أكبر دائما في التركيب العضوي لرأس الماؿ‪ .‬وال يوجد ميرب مف ىذه الحمقة المفرغة‪.‬‬
‫وىذا الميؿ ليس في ذاتو سبب دورة الصحوة‪ ،‬االنتعاش‪ ،‬األزمة‪ ،‬الركود‪ .‬يشرح ماركس أف االنخفاض في معدؿ الربح ىو‬
‫عممية بطيئة جدا‪ )28(،‬تخضع لمعديد مف القوى المعوقة ليا‪ .‬ومع ذلؾ فإنيا تمثؿ خمفية الدورة االقتصادية‪ .‬األسباب المباشرة‬
‫لمدورة ىي التغيرات في معدؿ األجور الناتجة عف التغيرات في الطمب عمى قوة العمؿ التي تصاحب عممية التراكـ‪ .‬حوؿ انخفاض‬
‫معدؿ الربح‪ ،‬كتب ماركس‪" :‬انو يعزز اإلنتاج الزائد‪ ،‬والمضاربة‪ ،‬واألزمات‪ ،‬وفائض رأس الماؿ باإلضافة إلى فائض السكاف"‪.‬‬
‫(‪" ) 29‬تصبح العقبة أماـ نمط اإلنتاج الرأسمالي واضحة‪ ...‬مف حيث أف تطور القوة اإلنتاجية لمعمؿ يخمؽ‪ ،‬في صورة معدؿ الربح‬
‫المائؿ لبلنخفاض‪ ،‬قانونا يتحوؿ إلى عدو لنمط اإلنتاج ىذا عند نقطة معينة‪ ،‬وىو عدو تتطمب ىزيمتو أزمات دورية"‪)91( .‬‬

‫وحوؿ االرتفاع في مستوى األجور في أعقاب توظيؼ متزايد أثناء فترة انتعاش‪ ،‬أعمف أنو إذا قيؿ "إف الطبقة العاممة‬
‫تحصؿ عمى نصيب منخفض جدا مف إنتاجيا‪ ،‬وانو مف الممكف معالجة الخمؿ بإعطائيا نصيبا أكبر منو‪ ،‬أو زيادة أجور العماؿ‪،‬‬
‫فعمينا أف نرد بأف األزمات دائما ما تسبقيا فترة ترتفع فييا األجور عموما وتحصؿ فييا الطبقة العاممة فعميا عمى نصيب أكبر مف‬
‫الناتج السنوي المقرر لبلستيبلؾ"‪)98(.‬‬
‫وحوؿ الصمة بيف دورة التجارة‪ ،‬ومعدؿ الربح‪ ،‬ومستوى األجور‪ ،‬ومقدار التوظيؼ‪ ،‬عندما يكوف ىذا العامؿ األخير ذا‬
‫أىمية حاسمة حيث يشير نياية االنتعاش وبداية األزمة‪ ،‬كتب ماركس‪:‬‬
‫يعتمد شكؿ حركة الصناعة الحديثة‪ ،‬إذف‪ ،‬عمى التحوؿ الثابت لجزء مف السكاف العامميف إلى أيدي عاطمة أو نصؼ‬
‫عاممة‪ ...‬وكما أف األجساـ السماوية‪ ،‬متى دفعت إلى حركة محددة معينة‪ ،‬تظؿ تكرر ىذه الحركة دائما‪ ،‬فاألمر كذلؾ مع اإلنتاج‬
‫االجتماعي عندما يدفع إلى ىذه الحركة مف التوسع واالنكماش المتناوبيف‪ .‬النتائج‪ ،‬بدورىا‪ ،‬تصبح أسبابا‪ ،‬والحوادث المتفاوتة‬
‫لمعممية كميا‪ ،‬والتي تعيد دائما إنتاج شروطيا‪ ،‬تتخذ شكؿ الدورية"‪)93( .‬‬
‫وفقا لتحميمو‪ ،‬فإف معدؿ الربح يحدد معدؿ التراكـ‪ ،‬ومعدؿ التراكـ يحدد مقدار التوظيؼ‪ ،‬ومقدار التوظيؼ يحدد مستوى‬
‫األجور‪ ،‬ومستوى األجور يحدد معدؿ الربح‪ ،‬وىكذا في حمقة مفرغة‪ .‬فمعدؿ ربح مرتفع يعني تراكما سريعا‪ ،‬وبالتالي زيادة في‬
‫التشغيؿ وارتفاع في األجور‪ .‬وتستمر ىذه العممية إلى الحد الذي يؤثر عنده ارتفاع معدؿ األجور سمبا عمى معدؿ الربح‪ ،‬بحيث‬
‫ينخفض التراكـ بشكؿ مأساوي أو يتوقؼ تماما‪.‬‬
‫إف دورة معدؿ الربح ودورة التراكـ ودورة التوظيؼ ىي دورة حياة رأس الماؿ الثابت (أي الماكينات والمباني‪ ..‬الخ‪:).‬‬
‫بمقدار ما أف حجـ قيمة وأمد رأس الماؿ الثابت ينمواف مع تطور نمط اإلنتاج الرأسمالي‪ ،‬فاف حياة الصناعة ورأس الماؿ‬
‫الصناعي تنمو أيضا مع كؿ استثمار معيف إلى حياة مف سنوات عديدة‪ ،‬قؿ عشر سنوات في المتوسط‪ .‬واذا كاف نمو رأس الماؿ‬
‫الثابت يطيؿ ىذه الحياة مف ناحية‪ ،‬فأنيا مف ناحية أخرى تقصر بسبب الثورة المستمرة ألدوات اإلنتاج‪ ،‬التي تزيد كذلؾ ببل انقطاع‬
‫مع نمو اإلنتاج الرأسمالي‪ .‬يعني ىذا تغي ار في أدوات اإلنتاج وضرورة استبداليا المستمر عمى أساس االستعماؿ والتداوؿ‪ ،‬وذلؾ قبؿ‬
‫وقت طويؿ مف ببلئيا مف الناحية المادية‪ .‬يستطيع المرء أف يفترض أف دورة الحياة ىذه‪ ،‬في الفروع األساسية لمصناعة الكبيرة‪،‬‬
‫تبمغ حاليا عشر سنوات في المتوسط‪ .‬ومع ذلؾ‪ ،‬فاف المسألة ىنا ليست أي عدد محدد‪ .‬فمف الواضح عمى األقؿ أف ىذه الدورة‬
‫التي تستغرؽ عددا مف السنوات‪ ،‬ويضطر رأس الماؿ مف خبلليا لتجاوز الجزء الثابت منو‪ ،‬توفر أساسا ماديا لؤلزمات التجارية‬
‫الدورية حيث تمر األعماؿ بفترات متتالية مف النشاط والنشاط المتوسط‪ ،‬والسرعة الزائدة‪ ،‬واألزمة‪ .‬صحيح أف الفترات التي يستثمر‬
‫فييا رأس الماؿ تختمؼ في الزماف والمكاف‪ .‬ولكف األزمة ىي دائما نقطة البداية لمقدار كبير مف االستثمارات الجديدة‪ .‬وبالتالي‬
‫فأنيا أيضا تشكؿ‪ ،‬مف وجية نظر المجتمع‪ ،‬أساسا ماديا جديدا بقدر أو بآخر لدورة دوراف رأس الماؿ القادمة‪)92( .‬‬
‫تفسر ىذه النظرية كيؼ أنو‪ ،‬عمى الرغـ مف نمط التوزيع العدائي وميؿ معدؿ الربح لبلنخفاض‪ ،‬فبل توجد مع ذلؾ أزمة‬
‫إنتاج زائد دائمة‪ ،‬وانما حركة دورية لبلقتصاد‪ .‬فأثناء الفترة التي يتعرض خبلليا رأس الماؿ الثابت لمتجديد واإلضافة‪ ،‬ال يؤدي‬
‫إدخا ؿ وسائؿ إنتاج جديدة مباشرة إلى عرض إضافي لمسمع النيائية‪ .‬ولكف بعد فترة‪ ،‬ربما بضع سنوات‪ ،‬تبدأ قيمة وسائؿ اإلنتاج‬
‫الجديدة في التجسد في منتجات جديدة‪ ،‬في شكؿ وسائؿ إنتاج ووسائؿ استيبلؾ معا‪ .‬يحدث ىذا بدوف استثمار أي رأسماؿ‪ ،‬أو‬
‫باستثمار مقدار ضئيؿ نسبيا مف رأس الماؿ‪ ،‬في ذلؾ الوقت‪ ،‬وبكممات أخرى‪ ،‬فمبضع سنوات تكوف االستثمارات في بناء صناعات‬
‫جديدة أو توسيع الصناعات القائمة كبيرة جدا بالمقارنة بالزيادة في إنتاج السمع االستيبلكية‪ .‬ىذه ىي سنوات االنتعاش‪ ،‬ويتموىا فترة‬

‫يتوسع فييا بشكؿ ممحوظ إنتاج السمع النيائية‪ ،‬في نفس الوقت تقريبا الذي يحدث فيو انخفاض في معدؿ التراكـ‪ .‬ىذا ىو أوج‬
‫االنتعاش وتباشير األزمة القادمة‪ .‬ثـ تأتي األزمة‪ :‬ينخفض اإلنتاج بشكؿ مأساوي في حيف يتوقؼ االستثمار أو حتى يتحوؿ‬
‫استثمار بالسالب‪.‬‬
‫ىناؾ عامؿ آخر يجب بحثو في ىذا الصدد؛ عدـ التناسب بيف الصناعات المختمفة‪ .‬قد يكوف ىذا النتيجة المباشرة لمطابع‬
‫الفوضوي لئلنتاج الرأسمالي‪ .‬قد يبالغ الرأسماليوف في إحدى الصناعات في تقدير الطمب عمى منتجات ىذه الصناعة وبالتالي‬
‫يبالغوف في توسيع قدرتيا اإلنتاجية‪ .‬وحيث أف ىناؾ العديد مف الرأسمالييف‪ ،‬فاف الرأسمالي ال يعي أف العرض قد زاد عمى الطمب‬
‫إال بعد إنتاج السمع‪ ،‬ومف خبلؿ السوؽ‪ ،‬يؤدي ىذا إلى ىبوط في األسعار‪ ،‬وانخفاض األرباح‪ ،‬وتقييد وانخفاض الطمب عمى قوة‬
‫العمؿ‪ ،‬والمواد الخاـ والماكينات المنتجة بواسطة المصانع األخرى‪ ،‬وىكذا‪ .‬وىذا االنكماش ال يعوضو بالضرورة توسع اإلنتاج في‬
‫صناعات أخ رى بؿ عمى العكس‪ ،‬قد يؤدي انكماش اإلنتاج في صناعة واحدة إلى نتائج مماثمة في صناعات أخرى تعتمد عمييا‬
‫بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ .‬إذا كانت الصناعة التي تعاني مف اإلنتاج الزائد صناعة ىامة‪ ،‬فاف أزمة عامة قد تنتج عف ذلؾ‪.‬‬
‫"لكي تصبح األزمة (وبالتالي أيضا اإلنتاج الزائد) عامة‪ ،‬فيكفي أف تمحؽ بالمواد األساسية لمتجارة" (‪)99‬‬
‫في ىذه الحالة‪ ،‬يكوف عدـ التناسب بيف الصناعات المختمفة سبب االنخفاض في معدؿ الربح وانخفاض استيبلؾ‬
‫الجماىير‪ ،‬وتؤدي ىذه العوامؿ الثبلثة مجتمعة لؤلزمة‪.‬‬
‫ولكف عدـ التناسب بيف الصناعات المختمفة قد يكوف نتيجة االنخفاض في معدؿ الربح أو قمة استيبلؾ الجماىير كما‬
‫أنو‪ ،‬بدوره‪ ،‬سببيما‪ .‬فإذا حدث أنو عمى أساس معدؿ ربح معيف كاف ىناؾ معدؿ تراكـ معيف‪ ،‬فاف معدؿ الربح يحدد الطمب عمى‬
‫وسائؿ اإلنتاج ويؤدي إلى عبلقة معينة بيف الطمب عمى السمع اإلنتاجية واالستيبلكية‪ .‬االنخفاض في معدؿ الربح‪ ،‬بتسببو في‬
‫ىبوط معدؿ التراكـ‪ ،‬يغير فوريا نمط الطمب‪ ،‬وبالتالي يخؿ بتوازف الطمب عمى نوعي اإلنتاج‪ .‬توجد عبلقة مماثمة بيف انخفاض‬
‫استيبلؾ الجماىير والتناسب أو عدـ التناسب بيف مختمؼ الصناعات‪" .‬القوة االستيبلكية لممجتمع"‪ ،‬و "تناسب مختمؼ فروع‬
‫اإلنتاج" ‪ -‬ليسا عمى اإلطبلؽ أمريف فردييف مستقميف غير متصميف‪ .‬عمى العكس‪ ،‬إف حالة معينة لبلستيبلؾ ليي أحد عناصر‬
‫التناسب"‪)95( .‬‬
‫إف أحد أعراض عدـ التناسب بيف الصناعات المختمفة ىو التغير في العبلقة بيف إنتاج المواد الخاـ والطمب عمييا‪ .‬بصفة‬
‫عامة في بداية الصحوة يزي د عرض المواد الخاـ عف الطمب عمييا‪ ،‬وتكوف األسعار بالتالي منخفضة‪ .‬ومع تزايد النشاط‬
‫االقتصادي‪ ،‬ترتفع ىذه األسعار وبالتالي تزداد تكمفة اإلنتاج‪ ،‬مما يؤثر سمبا عمى معدؿ الربح‪ )96( .‬أثناء االنتعاش‪ ،‬عادة ما‬
‫ترتفع أسعار المواد الخاـ أكثر مف أسعار السمع النيائية‪ ،‬وأثناء األزمة تيبط بشكؿ أكثر حده‪ :‬السبب في ىذا ىو أف عرض المواد‬
‫الخاـ أقؿ مرونة بكثير مف عرض السمع النيائية‪.‬‬
‫و مؤشر آخر لعدـ التناسب نفسو‪ ،‬والذي يعتبر نتيجة وليس سببا في الدورة االقتصادية ولكف‪ ،‬مع ذلؾ‪ ،‬لو تأثير‬
‫انعكاسي ىاـ‪ ،‬ىو معدؿ الفائدة‪ .‬فرجاؿ األعماؿ الرأسماليوف ال يحصموف عمى كؿ فائض القيمة المنتج مف مشروعاتيـ‪ ،‬وانما فقط‬
‫ما يتبقى بعد خصـ اإليجار والضرائب والفائدة‪ .‬في بداية صحوة تجارية‪ ،‬توجد عادة زيادة في االئتماف عف الطمب عميو‪ .‬وبالتالي‬
‫يكوف معدؿ الفائدة منخفضا‪ ،‬وىذا بدوره يؤدي لتنشيط االنتعاش‪ .‬وأثناء الرخاء يظؿ معدؿ الفائدة منخفضا حتى وقت قصير قبؿ‬
‫نياية االنتعاش عندما يرتفع بحدة‪ ،‬إلى أف يصؿ إلى حده األقصى مع بداية األزمة‪ .‬وبعد ذلؾ ييبط معدؿ الفائدة بشكؿ حاد‪.‬‬
‫(‪ ) 97‬ىكذا‪ ،‬ففي حيف أف منحنى معدؿ الربح العاـ ومنحنى الدورة االقتصادية ككؿ يتطابقاف عمى وجو التقريب‪ ،‬فاف منحنى معدؿ‬

‫الفائدة يظير تعرجات أكبر كثي ار تتقاطع مع منحنى الدورة االقتصادية‪ .‬فالتغيرات في معدؿ الفائدة تدفع الصحوة لؤلماـ بسرعة أكثر‬
‫جموحا عمى الدواـ مف ناحية‪ ،‬ومف ناحية أخرى تغرؽ النظاـ االقتصادي في أزمات أكثر عمقا عمى الدواـ‪.‬‬
‫االئتماف وفر لمرأس مالية إمكانية النمو بسرعة إيقاع غير مسبوقة‪ ،‬ولكنو أيضا يزيد عدـ استقرار النظاـ‪ .‬انو يعمي‬
‫الصناعييف عف الحالة الحقيقية لمسوؽ‪ ،‬بحيث يظموف يوسعوف اإلنتاج إلى أبعد مف المدى الذي كانوا سيتوقفوف عنده لو كانت كؿ‬
‫المدفوعات تتـ نقدا‪ .‬إف ىذا يؤجؿ بداية األزمة‪ ،‬ولكف فقط لكي يجعميا أكثر خطورة‪.‬‬
‫ىناؾ عامؿ إضافي يساىـ في بداية األزمة وىو وجود سمسمة مف الوسطاء بيف رأس الماؿ الصناعي والمستيمكيف‪.‬‬
‫فبسبب نشاطيـ‪ ،‬يمكف لئلنتاج‪ ،‬داخؿ حدود معينة‪ ،‬أف يزيد دوف حدوث زيادة موازية في بيع المنتجات لممستيمكيف‪ .‬تبقى المنتجات‬
‫غير المباعة مخزونة في أيدي التجار‪ ،‬مما يجعؿ األزمة‪ ،‬عندما تأتي‪ ،‬أشد قسوة‪ .‬ىذه ىي‪ ،‬باختصار‪ ،‬نظرية األزمة الرأسمالية‬
‫لماركس‪.‬‬
‫رأسمالية الدولة واألزمة ‪ -‬طرح المشكمة‪:‬‬
‫مف الواضح أف بعض أسباب أزمات اإلنتاج الزائد في الرأسمالية التقميدية ما كانت لتوجد في نظاـ رأسمالية الدولة‪ .‬فعمى‬
‫سبيؿ المثاؿ‪ ،‬الوسطاء ليس فقط ما كانوا ليوجدوا في ظؿ رأسمالية الدولة ولكف حتى في المشروع الفردي يمكف التخمص منيـ مف‬
‫خبلؿ بيع صاحب المصنع لمنتجو مباشرة لممستيمؾ عف طريؽ الشبكة التجارية الخاصة بو‪ .‬كذلؾ‪ ،‬فأف االئتماف سيتوقؼ عف أف‬
‫يكوف عامبل إذا كانت كؿ المدفوعات تتـ نقدا‪ .‬أيضا في ظؿ رأسمالية الدولة‪ ،‬لـ يكف معدؿ الفائدة ليسيـ في التذبذبات في سرعة‬
‫إيقاع اإلنتاج‪ .‬فحيث أف الدولة تممؾ كؿ رأس الماؿ‪ ،‬فاف استخداـ االئتماف لف يكوف مختمفا عف استخداـ كؿ رأسمالي لرأسمالو‪.‬‬
‫كما أف عدـ التناسب بيف فروع االقتصاد المختمفة لـ يكف ليعمؿ كالسبب األوؿ لبلزمة‪ .‬ورغـ أنو يمكف حدوث سوء حساب في‬
‫االستثمار‪ ،‬ويمكف لعرض منتج معيف أف يتجاوز الطمب‪ ،‬فكوف أف الدولة تخطط اإلنتاج والطمب يجعؿ أي احتماؿ لحدوث عدـ‬
‫تناسب خطير أم ار مستحيبل‪ .‬إضافة إلى ذلؾ‪ ،‬بما أف الدولة تممؾ كؿ الصناعات‪ ،‬فمف تحدث العممية التراكمية بسبب انتشار‬
‫انخفاض األسعار وتدني معدؿ الربح مف صناعة ألخرى‪ ،‬وانما سينتشر أثر اإلنتاج الزائد الجزئي مباشرة عبر االقتصاد كمو‪.‬‬
‫وعندما تبدأ دورة اإلنتاج التالية سيتـ تخفيض إنتاج بعض السمع واستعادة التوازف‪.‬‬
‫إال أف الصحيح ىو أف ىذه العوامؿ ستتوقؼ عف أف تكوف ذات تأثير فقط إذا كاف اقتصاد رأسمالية الدولة مكتفي ذاتيا‪.‬‬
‫أما إذا كاف ينتج لمسوؽ العالمي‪ ،‬ويحصؿ عمى ائتماف مف الببلد األخرى‪ ،‬الخ‪ .‬فاف ىذه العوامؿ سيكوف ليا إذف تأثير معيف‪.‬‬
‫ولكف ماذا عف المأزؽ األساسي الذي يواجو الرأسمالية التقميدية؟ كيؼ يمكف تحقيؽ معدؿ ربح عالي مع تحقيؽ فائض‬
‫قيمة؟ كيؼ يمكف إنجاز ميمة تراكـ رأس الماؿ بسرعة دوف إضعاؼ السوؽ الذي يحتاج إليو؟ في مرحمة معينة مف الدورة ‪-‬‬
‫االنتعاش ‪ -‬تحؿ الرأسمالية التقميدية المشكمة مؤقتا‪ :‬فمعدؿ الربح المرتفع يؤدي إلى تراكـ سريع‪ ،‬أي زيادة كبيرة في إنتاج وسائؿ‬
‫اإلنتاج بالمقارنة بإنتاج وسائؿ االستيبلؾ‪ .‬ومف ثـ فاف جزءا كبي ار مف فائض القيمة يمكف تحقيقو في صناعات وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬أي‬
‫داخؿ نظاـ اإلنتاج نفسو‪( .‬إف ىذا وحده يكفي لتفسير لماذا ال يسبب انخفاض استيبلؾ الجماىير أزمة دائمة ‪ -‬وال يعوؽ التوسع‬
‫في اإلنت اج في ظؿ الرأسمالية‪ ).‬لو استطاعت الرأسمالية تحويؿ االنتعاش مف مرحمة مؤقتة إلى حالة دائمة‪ ،‬لما وجد اإلنتاج الزائد‪.‬‬
‫ىؿ تستطيع رأسمالية الدولة أف تفعؿ ىذا؟ ىؿ تستطيع أف تضمف معدؿ ربح عالي ومعدؿ تراكـ عالي‪ ،‬ومستوى إنتاج عالي‪ ،‬في‬
‫نفس الوقت الذي تحتفظ فيو بطريقة التوزيع العدائية‪" ،‬فقر الجماىير واستيبلكيا المحدود"؟‬

‫بوخارين حول األزمة في رأسمالية الدولة‬
‫كاف بوخاريف ىو االقتصادي الماركسي الوحيد الذي تناوؿ المشكمة النظرية ألزمة اإلنتاج الزائد في اقتصاد رأسمالية‬
‫الدولة‪ .‬في مناقشتو لنظرية التراكـ لرو از لكسمبورج‪ ،‬يطرح بوخاريف‪ ،‬ضمف مشكبلت أخرى‪ ،‬كيفية حدوث إعادة اإلنتاج عمى نطاؽ‬
‫واسع في ظؿ رأسمالية الدولة ( يعرف بوخارين رأسمالية الدولة بهذه الكلمات‪ :‬الطبقة الرأسمالية متحدة في اتحاد احتكاري واحد‪ ،‬اقتصاد منظم ولكنو في‬
‫الوقت نفسو‪ ،‬من وجهة نظر الطبقات‪ ،‬عدائي) (‪ )98‬ويناقش ما إذا كاف سيكوف ىناؾ أزمة إنتاج زائد فيكتب كما يمي‪:‬‬
‫ىؿ التراكـ ممكف ىنا؟ طبعا‪ .‬إف رأس الماؿ الثابت ينمو‪ ،‬ما داـ استيبلؾ الرأسمالييف ينمو‪ .‬يتـ دائما إقامة فروع إنتاج‬
‫جديدة‪ ،‬تقابؿ الحاجات الجديدة‪ ،‬كما ينمو استيبلؾ العماؿ‪ ،‬رغـ أف قيودا محددة تفرض عميو‪ .‬ورغـ انخفاض استيبلؾ الجماىير‪،‬‬
‫فاف األزمات ال تنشأ‪ ،‬حيث أف طمب فروع اإلنتاج المختمفة لمنتجات كؿ منيا باإلضافة إلى طمب المستيمكيف‪ ،‬رأسمالييف وعماؿ‪،‬‬
‫يحدد مسبقا‪( .‬بدال مف الفوضى في اإلنتاج‪ ،‬يوجد ما يعد‪ ،‬مف وجية نظر رأس الماؿ‪ ،‬خطة عقبلنية‪ ).‬إذا وقع خطأ في السمع‬
‫اإلنتا جية‪ ،‬يضاؼ الفائض إلى المستودع ويحدث تصحيح مقابؿ في فترة اإلنتاج التالية‪ .‬إذا وقع خطأ في سمع استيبلؾ العماؿ‪،‬‬
‫يمكف توزيع الفائض بيف العماؿ أو تدميره‪ .‬وأيضا في حالة وقوع خطأ في إنتاج السمع الترفييية‪ ،‬فاف المخرج واضح‪ .‬ومف ثـ ال‬
‫يمكف أف توجد أزمة إنتاج زائد عام ة مف أي نوع‪ .‬إف استيبلؾ الرأسمالييف ىو القوة المحركة لئلنتاج ولخطة اإلنتاج‪ .‬وبالتالي‬
‫فالموجود في ىذه الحالة ليس نموا سريعا بشكؿ خاص لئلنتاج (ىناؾ عدد ضئيؿ مف الرأسمالييف‪).‬‬
‫كممات بوخاريف "في ىذه الحالة ليس نموا سريعا بشكؿ خاص لئلنتاج" قد تكوف خادعة‪ .‬فاإلنتاج لف يكوف فقط "ليس‬
‫سريعا بشكؿ خاص" وانما سيبطئ بالمقارنة بالقدرة اإلنتاجية اليائمة لبلقتصاد الرأسمالي الحر‪ :‬سيكوف ىناؾ ركود فعمي‪.‬‬
‫مف الميـ أف نبلحظ أف ماركس ربط بيف الركود أو "حالة البيات" وانخفاض عدد الرأسمالييف إلى مجرد حفنة في العالـ‬
‫كمو‪ .‬وقد كتب أف معدؿ الربح‪ ،‬أي اإلضافة النسبية لرأس الماؿ‪ ،‬ىو قبؿ كؿ شيء ميـ لكؿ السبلالت الجديدة لرأس الماؿ الباحثة‬
‫عف مكاف مستقؿ‪ .‬وبمجرد سقوط تكويف رأس الماؿ في أيدي عدد قميؿ مف رؤوس األمواؿ الضخمة ذات المركز الوطيد‪ ،‬والتي‬
‫تعوضيا ضخامة األرباح عف الخسارة التي تحدث مف خبلؿ انخفاض معدؿ الربح‪ ،‬فاف نار حيوية اإلنتاج اليومية ستنطفئ‬
‫وستتدىور إلى حالة البيات‪)51(.‬‬
‫"حل" توجان ‪ -‬بارانوفسكي‬
‫أال يمكف وجود نمط إنتاج رأسمالي بمستوى إنتاج عالي ومتنامي باستمرار إلى جانب نمط التوزيع العدائي الحالي؟‬
‫سيكوف مف الممكف بناء نموذج عمى األسس التالية‪ .‬كؿ ارتفاع في إنتاجية العمؿ سيكوف مصحوبا بارتفاع مماثؿ في‬
‫إنتاج وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬في حيف أف إنتاج وسائؿ االستيبلؾ لف يتخطى معدؿ نمو السكاف واستيبلؾ الطبقة الرأسمالية‪ .‬ومع تغير‬
‫التقنية سيتـ تحويؿ العماؿ ورأس الماؿ مف إنتاج وسائؿ االستيبلؾ إلى إنتاج وسائؿ اإلنتاج‪ :‬سيكوف عدد أكبر مف الناس ومقدار‬
‫أكبر مف رأس الماؿ منشغبل في إنتاج الماكينات مف أجؿ إنتاج الماكينات‪ ،‬مف أجؿ إنتاج الماكينات‪ ،‬وىكذا‪ ،‬في حيف أف إنتاج‬
‫وسائؿ االستيبلؾ لف يزيد تناسبيا مع القدرة اإلنتاجية لممجتمع‪ .‬سيصبح اإلنتاج غير مباشر أكثر فأكثر‪ ،‬وبذلؾ سيكوف السوؽ‬
‫الذي تنتج لو الرأسمالية في داخميا‪ .‬ومع الحفاظ عمى العبلقة السميمة بيف قطاعي الصناعة‪ ،‬فانو لف توجد أزمة إنتاج زائد ميما‬
‫كاف مستوى انخفاض القوى الشرائية لمجماىير‪.‬‬
‫كانت ىذه حجة ميخائيؿ توجاف ‪ -‬بارانوفسكي‪ ،‬وىو اقتصادي روسي غير ماركسي‪ .‬لقد كتب‪:‬‬

‫تثبت األفكار المقتبسة أعبله مبدءا يمكف أف يواجو باعتراضات إذا لـ يفيـ العممية جيدا‪ ،‬أال وىو أف اإلنتاج الرأسمالي‬
‫يخمؽ سوقا لنفسو‪ .‬طالما أنو مف الممكف توسيع اإلنتاج االجتماعي ‪ -‬إذا كانت القوى اإلنتاجية كافية لذلؾ ‪ -‬فاف التقسيـ المتناسب‬
‫لئلنتاج االجتماع ي ينبغي أف يسفر كذلؾ عف توسع موازي في الطمب‪ ،‬حيث أنو في ظؿ مثؿ ىذه الظروؼ‪ ،‬تمثؿ كؿ سمعة منتجة‬
‫حديثا قوة شرائية مخموقة حديثا‪ ،‬لمحصوؿ عمى سمع أخرى‪ .‬ومف خبلؿ مقارنة إعادة اإلنتاج البسيطة لرأس الماؿ االجتماعي بإعادة‬
‫إنتاجو عمى نطاؽ أوسع‪ ،‬فاف أىـ استنتاج يمكف استنباطو ىو أف الطمب عمى السمع في االقتصاد الرأسمالي ىو بمعنى ما مستقؿ‬
‫عف الحجـ اإلجمالي لبلستيبلؾ االجتماعي‪ :‬مف الممكف أف ينخفض الحجـ اإلجمالي لبلستيبلؾ االجتماعي وينمو إجمالي‬
‫الطمب االجتماعي عمى السمع في نفس الوقت‪ ،‬ميما بدا ذلؾ عبثيا بالنسبة لػ " الفيـ العاـ"‪)58( .‬‬
‫يمكف فقط لمعدؿ غير متناسب لتوسع قطاعي الصناعة أف يسبب أزمة‪ 11." .‬إذا كاف توسع اإلنتاج غير محدود عمميا‪،‬‬
‫إذف فعمينا أف نفترض أف توسع األسواؽ غير محدود بالمثؿ‪ ،‬ذلؾ أنو لو كاف اإلنتاج االجتماعي موزعا بشكؿ متناسػب‪ ،‬فانو ال‬
‫يوجد حد لتوسع السوؽ إال القوى اإلنتاجية المتاحة لممجتمع"‪)53(.‬‬
‫يتـ التعبير عف التقدـ التقني مف خبلؿ ازدياد أىمية وسيمة العمؿ‪ ،‬الماكينة‪ ،‬أكثر فأكثر بالمقارنة بالعمؿ الحي‪ ..‬العامؿ‬
‫نفسو‪ .‬تمعب وسائؿ اإلنتاج دو ار متزايدا باستمرار في عممية اإلنتاج وفي سوؽ السمع‪ .‬وبالمقارنة بالماكينة‪ ،‬يتراجع العامؿ إلى‬
‫الخمؼ أكثر فأكثر‪ ،‬ويتراجع أيضا بالتالي الطمب الناتج عف استيبلؾ العماؿ بالمقارنة بالطمب الناتج عف االستيبلؾ اإلنتاجي‬
‫لوسائؿ اإلنتاج‪ .‬وتتخذ جميع آليات االقتصاد الرأسمالي طابع اآللية القائمة مف أجؿ ذاتيا‪ ،‬والتي يبدو االستيبلؾ اإلنساني فييا‬
‫كمحظة بسيطة في عممية إعادة إنتاج ودوراف رؤوس األمواؿ‪)52( .‬‬
‫في كتاب آخر أنزؿ توجاف ‪ -‬بارانوفسكي فكرتو إلى مستوى العبث‪:‬‬
‫إذا اختفى جميع العماؿ وبقى واحد فقط‪ ،‬وتـ استبداليـ بالماكينات‪ ،‬فاف ىذا العامؿ الوحيد سيحرؾ كتمة الماكينات الضخمة‬
‫كميا‪ ،‬وسينتج بمساعدتيا ماكينات جديدة ‪ -‬باإلضافة إلى السمع االستيبلكية لمرأسمالييف‪ .‬ستختفي الطبقة العاممة‪ ،‬وىو أمر لف‬
‫يصيب عممية التوسع الذاتي لرأس الماؿ بأدنى اضطراب‪ .‬ولف يحصؿ الرأسماليوف عمى مقدار أقؿ مف السمع االستيبلكية‪ ،‬فالناتج‬
‫اإلجمالي لكؿ سنة سيتحقؽ‪ ،‬ويستعمؿ بواسطة إنتاج واس تيبلؾ الرأسمالييف في السنة التالية‪ .‬وحتى إذا رغب الرأسماليوف في الحد‬
‫مف استيبلكيـ‪ ،‬فاف ىذا لف يشكؿ أية صعوبة‪ ،‬في ىذه الحالة يتوقؼ جزئيا إنتاج السمع االستيبلكية لمرأسمالييف‪ ،‬ويتكوف جزء أكبر‬
‫مف الناتج االجتماعي مف وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬التي تخدـ غرض التوسع اإلضافي لئلنتاج‪ ،‬فعمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬يتـ إنتاج حديد وفحـ‬
‫يستخدماف دائما في توسع إنتاج الحديد والفحـ‪ .‬يستخدـ اإلنتاج المتزايد مف الحديد والفحـ في كؿ سنة تالية الكتمة المتزايدة مف‬
‫المنتجات التي وفرتيا السنة السابقة حتى يتـ استنفاذ عرض المعادف الضرورية"‪)59( .‬‬
‫مف الواض ح‪ ،‬كما يبلحظ توجاف بارانوفسكي نفسو‪ ،‬أف النقطة األساسية في تحميمو ليست ىي "االفتراض العشوائي تماما‬
‫وغير الواقعي القائؿ بأف استبداؿ العمؿ اليدوي بالماكينات يؤدي إلى انخفاض مطمؽ في عدد العماؿ‪ ...‬وانما ىي أطروحة إف‬
‫االنخفاض في االستيبلؾ االجتماعي غير قادر عمى أف يسفر عف إنتاج زائد‪ ،‬بشرط وجود توزيع متناسب لئلنتاج االجتماعي"‪.‬‬
‫(‪)55‬‬
‫يستحيؿ تطبيؽ حؿ توجاف بارانوفسكي‪ ،‬في ظؿ الرأسمالية الفردية‪ ،‬بسبب اعتماد كؿ مف قطاعي االقتصاد عمى اآلخر‪،‬‬
‫وبسبب التبادؿ غير المنظـ فيما بينيما‪.‬‬

‫في ظؿ الرأسمالية يتـ إنتاج كؿ مف القيـ االستعمالية والقيـ‪ .‬وغرض األوؿ ىو تمبية الحاجات اإلنسانية‪ ،‬بغض النظر‬
‫عف شكؿ االقتصاد‪ ،‬ولكف غرض األخير (إنتاج القيـ) ىو التراكـ ‪ -‬وذلؾ‪ ،‬كما عبر ماركس‪ ،‬مف أجؿ "غزو عالـ الثروة‬
‫االجتماعية‪ ،‬وزيادة عدد األشخاص الذيف يستغميـ الرأسمالي"‪)56( .‬‬
‫عمى الرغـ مف أف ال أرسمالي قد يعتبر أف القيمة االستعمالية فقط ىي حاممة القيمة‪ ،‬وعمى الرغـ مف أنو قد يعتبر‬
‫االستيبلؾ وسيمة فقط وليس ىدفا‪ ،‬إالّ أف الوسيمة مع ذلؾ جوىرية‪ ،‬ألنو بدونيا ال يمكف أف يتحقؽ اليدؼ‪" .‬االستيبلؾ يولد اإلنتاج‬
‫بخمؽ الضرورة لئلنتاج الجديد‪ ...‬ال حاجات‪ ،‬ال إنتاج‪ ،‬ولكف االستيبلؾ يعيد إنتاج الحاجة"‪)57( .‬‬
‫إف اعتماد التراكـ عمى االستيبلؾ يعني أف قطاع االقتصاد المنتج لمسمع الرأسمالية يعتمد عمى القطاع المنتج لوسائؿ‬
‫االستيبلؾ‪ .‬في ظؿ الرأسمالية الفردية‪ ،‬يتـ تحقيؽ ىذه العبلقة دوف تخطيط واعي‪ .‬فإذا تجاوز عرض السمع الرأسمالية الطمب عمييا‬
‫بمقدار أكبر مف تجاوز عرض السمع االستيبلكية لمطمب عمييا‪ ،‬فاف سعر األولى سينخفض بالنسبة لسعر األخيرة‪ .‬وبالتالي‬
‫ينخفض معدؿ الربح في الصناعات المنتجة لوسائؿ اإلنتاج ويرتفع في الصناعات المنتجة لوسائؿ االستيبلؾ‪ .‬يؤدي ىذا إلى ىبوط‬
‫التراكـ في األول ى وزيادة معدؿ التراكـ في القطاع اآلخر مف االقتصاد‪ .‬سيتحوؿ رأس الماؿ إذف مف القطاع األوؿ إلى الثاني حتى‬
‫يتـ استعادة التوازف بيف االثنيف‪.‬‬
‫تقتضي ىذه العممية حرية في حركة أسعار السمع‪ ،‬وحرية في حركة رأس الماؿ مف قطاع آلخر‪ ،‬وارتفاع معدالت األجور‬
‫الناتجة عف العمالة المتزايدة في القطاع األوؿ التي تسبب أصبل زيادة في الطمب عمى منتجات صناعات السمع االستيبلكية‪.‬‬
‫تجعؿ ىذه العوامؿ تطبيؽ حؿ توجاف بارانوفسكي مستحيبل في ظؿ الرأسمالية الفردية‪ .‬ومع ذلؾ‪ ،‬فانو يحتوى‪ ،‬مف وجية‬
‫نظر رأسمالية‪ ،‬عمى عنصر صائب‪ .‬انو في الحقيقة امتداد لمرحمة الصحوة واالنتعاش في الدورة االقتصادية‪ ،‬وىي مرحمة يزداد‬
‫خبلليا التراكـ أكثر مف االستيبلؾ‪ ،‬ويزداد إنتاج وسائؿ اإلنتاج أسرع مف إنتاج وسائؿ االستيبلؾ‪ ،‬ولعدد مف السنوات يمكف لمتراكـ‬
‫أف يتجاوز كثي ار االستيبلؾ دوف اإلخبلؿ بتوازف االقتصاد‪ .‬إف ىذه الحقيقة باإلضافة إلى كوف الصمة بيف دورات معدؿ الربح‬
‫والتراكـ والتوظيؼ ىي معدؿ استيبلؾ رأس الماؿ الثابت (الماكينة والمباني الخ‪ ،).‬يشيراف إلى أنو لو أمكف منع زيادة إنتاج السمع‬
‫االستيبلكية‪ ،‬في الوقت الذي يزيد فيو بانتظاـ إنتاج السمع الرأسمالية‪ ،‬فاف االنتعاش قد يستمر لفترة أطوؿ مف المعتاد في الدورة‬
‫العشرية‪ .‬إف ىذا جائز في ظؿ رأسمالية الدولة‪ ،‬ألف الدولة تممؾ كؿ رأسماؿ المجتمع‪ ،‬وتستطيع أف تتحكـ في حركتو بيف قطاع‬
‫وآخر‪.‬‬
‫تقضي رأسمالية الدولة عمى عامؿ آخر يسبب في ظؿ الرأسمالية الفردية التحوؿ مف االنتعاش إلى األزمة‪ ،‬وىي بذلؾ‬
‫تج عؿ حؿ توجاف بارانوفسكي ممكنا لبعض الوقت‪ .‬في ظؿ الرأسمالية الفردية‪ ،‬يؤدي معدؿ الربح المرتفع إلى تراكـ سريع‪ ،‬ومستوى‬
‫تشغيؿ مرتفع وأجور مرتفعة‪ .‬تصؿ ىذه العممية إلى نقطة تكوف األجور عندىا عالية جدا‪ ،‬حتى أنيا تؤدي إلى تآكؿ معدؿ الربح‬
‫الذي ييبط بحدة‪ ،‬ساحبا معو إلى أسفؿ التراكـ والتشغيؿ واألجور‪ .‬وحيث أف العماؿ أحرار في المساومة حوؿ بيع قوة عمميـ‪ ،‬فاف‬
‫فائض السكاف النسبي ىو المحور الذي يعمؿ عمى أساسو قانوف العرض والطمب‪ .‬انو يحد مجاؿ عمؿ ىذا القانوف داخؿ الحدود‬
‫المناسبة تماما لنشاط االستغبلؿ ولسيطرة رأس الماؿ‪)58( .‬‬
‫في ظؿ نظاـ رأسمالية دولة شمولي‪ ،‬حتى لو لـ يوجد مف الناحية العممية فائض في السكاف‪ ،‬وحتى لو توفر التوظيؼ‬
‫الكامؿ‪ ،‬فاف األجور يمكف أف تظؿ لفترة طويمة "في الحدود المريحة تماما لنشاط االستغبلؿ وىيمنة رأس الماؿ "‪.‬‬

‫إف حؿ توجاف بارانوفسكي إذف ممكف في ظؿ رأسمالية الدولة‪ ،‬إذا كانت متخمفة بالمقارنة بالرأسمالية العالمية‪ ،‬واذا كانت‬
‫وسائؿ اإلنتاج نادرة‪ ،‬واذا كانت بالتالي الحاجة األساسية لبلقتصاد ىي إنتاج الماكينات مف اجؿ إنتاج المزيد مف الماكينات‪ ،‬وىكذا‪.‬‬
‫ولكف عندما ينجح إنتاج الماكينات في رفع االقتصاد إلى مستوى بقية العالـ‪ ،‬فيؿ سيواجو نظاـ رأسمالية الدولة ىذا بأزمة اإلنتاج‬
‫الزائد؟ ال يوجد سوى رد واحد عمى ىذا السؤاؿ‪ ،‬وىو الذي قدمو بوخاريف‪ ،‬وىو أف االقتصاد سيكوف راكدا مف الناحية العممية‪ .‬ألوؿ‬
‫وىمة يبدو وصؼ بوخاريف لمعبلقة بيف رأسمالية الدولة وأزمة اإلنتاج الزائد عمى النقيض تماما مف حؿ توجاف بارانوفسكي‪ .‬يتحدث‬
‫توجاف بارانوفسكي عف نظاـ رأسمالي فيو ارتفاع سريع جدا في اإلنتاج والتراكـ‪ ،‬أما بوخاريف فيتحدث عف نظاـ يكوف فيو اإلنتاج‬
‫والتراكـ عمى نطاؽ ضيؽ جدا‪ .‬يصؼ األوؿ التراكـ بأنو يتزايد بمعزؿ عف االستيبلؾ‪ ،‬ويصفو األخير بأنو يبلزـ االستيبلؾ ويعتمد‬
‫عميو‪ .‬ومع ذلؾ‪ ،‬فالنظريتاف بينيما نقطة مشتركة‪ :‬تشير االثنتاف إلى التناقض الجوىري في الرأسمالية بيف التراكـ واالستيبلؾ‪.‬‬
‫يقترح األوؿ أف ىذا التناقض يمكف حمو بتحرير التراكـ واإلنتاج بالكامؿ مف االستيبلؾ‪ ،‬واقترح األخير إمكاف حمو بإبطاء التراكـ‬
‫واإلنتاج إلى سرعة االستيبلؾ‪ .‬يقوؿ األوؿ أف زيادة اإلنتاج يمكف أف تحدث باستفادة التراكـ فقط مف ىذه الزيادة‪ ،‬ويذىب األخير‬
‫إلى أف التراكـ السريع مستحيؿ وأف اإلنتاج يجب بالتالي أف يبطئ‪ .‬يعكس األوؿ االنتعاش في الدورة الرأسمالية‪ ،‬في حيف يعكس‬
‫األخير األزمة‪ .‬ويترؾ الحبلف العامؿ خاضعا لرأس الماؿ‪.‬‬
‫إف حؿ توجاف بارانوفسكي جائز في ظؿ نظاـ رأسمالية دولة في بمد متخمؼ‪ .‬أما وصؼ بوخاريف فينطبؽ عمى رأسمالية‬
‫الدولة التي تصؿ إلى نقطة التشبع في وسائؿ اإلنتاج‪ .‬األخيرة ىي رأسمالية تعتبر في الواقع في أزمة دائمة رغـ أنيا تبدو خالية‬
‫مف األزمات‪ ،‬ذلؾ‪ ،‬ألنو إذا كاف اإلنتاج ال يتجاوز الطمب‪ ،‬فاف اإلنتاج يتقيد بالطمب‪ .‬واالثناف ىما نتاج التناقض بيف القوى‬
‫اإلنتاجية وعبلقات اإلنتاج والتوزيع الرأسمالية‪ .‬ولكف إلى جانب ىذه الحموؿ ىناؾ وسيمة أخرى تستطيع رأسمالية الدولة بفضميا أف‬
‫تقضي عمى األزمة‪ ،‬وىي اقتصاد الحرب‪.‬‬
‫إنتاج واستيالك وسائل الدمار‬
‫وفقا لماركس‪ ،‬فاف السمة المميزة الستيبلؾ الرأسمالييف ىي أنو ال يشكؿ جزءا مف عممية إعادة اإلنتاج‪ .‬يؤدي استيبلؾ‬
‫وسائؿ اإلنتاج (تآكؿ الماكينات الخ‪ ).‬إلى خمؽ وسائؿ إنتاج جديدة أو وسائؿ استيبلؾ جديدة‪ ،‬كما يسفر استيبلؾ العماؿ عف‬
‫إعادة إنتاج قوة العمؿ‪ ،‬إال أف المنتجات التي يستيمكيا الرأسماليوف ال تسيـ أبدا في دورة اإلنتاج الجديدة‪ ،‬ولكف مع ذلؾ‪ ،‬ىناؾ‬
‫شكؿ لبلستيبلؾ يتسـ بأنو‪ ،‬رغـ امتبلكو ليذه السمة نفسيا‪ ،‬يعتبر وسيمة لمحصوؿ عمى رأسماؿ جديد وامكانيات جديدة لمتراكـ‪،‬‬
‫"وسيمة لغزو عالـ الثروة االجتماعية وزيادة عدد األشخاص المستغميف"‪ .‬وىذا الشكؿ االستيبلكي ىو إنتاج الحرب‪.‬‬
‫مثؿ أزمة اإلنتاج الزائد‪ ،‬فاف اقتصاد الحرب‪ ،‬في حيف أنو جزء ال يتج أز مف الرأسمالية‪ ،‬إالّ أنو يتخمص مف العقبات التي‬
‫تواجو نمط اإلنتاج الرأسمالي‪ ،‬والموجودة داخؿ النظاـ ذاتو‪ .‬وفضبل عف ذلؾ‪ ،‬تؤدي الحرب الرأسمالية ليس فقط لوقؼ التراكـ‬
‫وتدمير رأس الماؿ عمى نطاؽ واسع بما يكفي لكي يبدأ التراكـ مف جديد‪ ،‬ولكف أيضا بقدر مف الدمار يخمؽ نزعة نحو النفي الكامؿ‬
‫لمرأسمالية والعودة لمبربرية‪.‬‬
‫عمى الرغـ مف التشابيات الظاىرية‪ ،‬إال أف اقتصاد الحرب واالقتصاد االشتراكي يعتبراف قطباف متضاداف‪ .‬ففي اقتصاد‬
‫الحرب‪ ،‬كما في االقتصاد االشتراكي‪ ،‬تسيطر الدولة عمى االقتصاد‪ ،‬وتخطط اإلنتاج والتوزيع‪ .‬في اقتصاد الحػرب‪ ،‬كػما فػي‬
‫االقتصاد االشتراكي‪ ،‬يتـ تحقيؽ أقصى مستوى لئلنتاج‪ .‬ولكف إذا كانت عبلقات التوزيع عدائية‪ ،‬واذا كاف التراكـ اليائؿ في‬
‫الماضي يعيؽ التراكـ الجديد‪ ،‬فاف الحد األقصى مف اإلنتاج يكوف ممكنا فقط إذا لـ يتـ تبادؿ جزء كبير مف المنتجات‪ ،‬أي إذا تـ‬
‫إنتاجو ليس كقيـ ولكف كقيـ استعمالية‪ .‬في االقتصاد االشتراكي‪ ،‬اليدؼ مف اإلنتاج ىو خمؽ قيـ استعمالية‪ ،‬واليدؼ األساسي‬

‫القتصاد الحرب أيضا ىو إنتاج قيـ استعمالية‪ .‬ولكف في مجتمع اشتراكي‪ ،‬القيـ االستعمالية ىي تمؾ التي يحتاجيا الشعب‪ ،‬في‬
‫حيف أنيا في اقتصاد الحرب مدافع ومعدات عسكرية وذخيرة ‪ -‬قيـ استعمالية معادية لمصالح الشعب‪ .‬واقتصاد الحرب يكوف‬
‫بالضرورة مصحوبا ال بأزمة إنتاج زائد‪ ،‬وانما بأزمة نقص إنتاج‪ ،‬ألف الطمب عمى السمع يتجاوز القدرة اإلنتاجية لبلقتصاد‪ .‬ودائما‬
‫ما يصحب التضخـ سواء كاف عمى نطاؽ واسع أو ضيؽ‪ ،‬أزمة نقص اإلنتاج‪.‬‬
‫إف الدور الذي تمعبو االستعدادات الحربية والحرب في رأسمالية الدولة الروسية ىو أنيا لـ تضطر بعد لمواجية حؿ‬
‫بوخاريف‪ .‬وبما أف االقتصاد موجو ليس إلنتاج وسائؿ الدمار وانما وسائؿ اإلنتاج مف اجؿ إنتاج وسائؿ اإلنتاج وىكذا‪ ،‬فإنيا تتبع‬
‫حؿ توجاف بارانوفسكي‪ .‬وفي كؿ األحواؿ‪ ،‬يقؿ إنتاج وسائؿ االستيبلؾ كثي ار عف إنتاج كؿ مف مواد الحرب والسمع الرأسمالية‪.‬‬
‫وبالنظ ر إلى الوضع العالمي الراىف‪ ،‬يبدو أف حؿ اقتصاد الحرب ىو الحيمة الوحيدة لمبيروقراطية الروسية إلى أف يحيف‬
‫الوقت الذي ستقضي فيو االشتراكية أو البربرية عمى الحاجة إلى إيجاد حؿ‪ ،‬حؿ لمتناقضات المبلزمة لمرأسمالية ‪ -‬سواء كانت‬
‫رأسمالية تقميدية أو رأسمالية دولة‪.‬‬

‫انفصم انخايٍ‪:‬‬
‫انتىضغ اإليبرٌانً نروضٍا‬

‫لقد وجدت اإلمبراطوريات قبؿ المرحمة االحتكارية لمرأسمالية‪ ،‬بؿ وقبؿ الرأسمالية ذاتيا‪ ،‬إال أف إمبريالية كؿ فترة تختمؼ‬
‫مف حيث دوافعيا ونتائجيا‪ ،‬وبالتالي فاف استخداـ كممة واحدة‪ ،‬اإلمبريالية‪ ،‬لوصؼ الظواىر المختمفة قد يؤدي إلى التشويش أكثر‬
‫منو إلى الوضوح‪ .‬استخدـ لينيف ىذا المصطمح لممرحمة العميا لمرأسمالية‪ ،‬لمرأسمالية في حالة االنحطاط عندما تكوف الثورة‬
‫البروليتارية عمى جدوؿ أعماؿ اليوـ‪ .‬ولكف حتى إمبراطوريات ىذه الفترة الواحدة ليا طبيعة مختمفة جدا‪ .‬يقوؿ زينوفييؼ في مقالتو‬
‫‘ما ىي اإلمبريالية؟’‪:‬‬
‫عندما نعرؼ اإلمبريالية الحديثة ‪ -‬عمينا أف ال ننسي أف ىناؾ أصنافا مختمفة مف اإلمبريالية‪ .‬تختمؼ اإلمبريالية البريطانية‬
‫عف اإلمبريالية األلمانية‪ ،‬الخ‪ .‬ىناؾ إمبريالية أوروبية‪ ،‬وامبريالية آسيوية‪ ،‬وامبريالية أمريكية‪ ،‬ىناؾ إمبريالية بيضاء وامبريالية‬
‫صفراء‪ .‬اإلمبريالية اليابانية ال تشبو الصنؼ الفرنسي‪ ،‬اإلمبريالية الروسية ىي مف صنؼ متميز تماما‪ ،‬ألنيا إمبريالية متخمفة(لـ‬
‫يعد مف الممكف أف نقوؿ آسيوية)‪ ،‬تنمو عمى أساس تخمؼ مدىش (‪)8‬‬
‫إذا كانت السمة النموذجية لئلمبريالية‪ ،‬كما يشرح لينيف‪ ،‬ىي البحث عف مجاالت لتصدير رأس الماؿ‪ ،‬في حيف أف السمة‬
‫النموذجية لمرأسمالية الفتية كانت البحث عف أسواؽ‪ ،‬فانو يبدو مف الخطأ أف نسمي روسيا القيصرية إمبريالية‪ .‬ولكف جميع‬
‫الماركسييف‪ ،‬بما فييـ لينيف وتروتسكي‪ ،‬أسموىا إمبريالية‪ .‬وقد كانوا عمى صواب‪ .‬ذلؾ أنو في سياؽ االقتصاد العالمي والعبلقات‬
‫القائمة بيف روسيا القيصرية والببلد المتقدمة جدا‪ ،‬وىذا ىو معيار تعريفيا‪ ،‬فاف روسيا القيصرية كانت إمبريالية بالمعنى المينيني‪.‬‬
‫يتضمف تعريؼ لينيف لئلمبريالية السمات الخمسة التالية‪:‬‬
‫يتطور تركيز اإلنتاج ورأس الماؿ إلى تمؾ المرحمة التي يخمؽ عندىا احتكارات تمعب دو ار حاسما في الحياة االقتصادية‪.‬‬
‫اندماج رأس الماؿ المصرفي مع رأس الماؿ الصناعي‪ ،‬وخمؽ أوليجاركية مالية عمى أساس رأس الماؿ المالي‪.‬‬
‫تصدير رأس الماؿ ‪ -‬الذي أصبح شديد األىمية‪ ،‬كما أصبح متمي از عف تصدير السمعة‪.‬‬
‫تكويف احتكارات رأسمالية عالمية تقتسـ العالـ فيما بينيا‪.‬‬
‫اكتماؿ التقسيـ اإلقميمي لمعالـ كمو بيف القوى الرأسمالية الكبرى‪)3( .‬‬
‫رأسمالية الدولة تحمؿ بالتأكيد السمة األولى‪ ،‬حيث أنيا تتكوف مف احتكار عاـ مفرد تنفذه الدولة‪ .‬أما فيما يتعمؽ بالسمة‬
‫الثانية‪ ،‬فاف اندماج رأس الماؿ المصرفي والصناعي يصؿ لممرحمة العميا عندما تكوف الدولة ىي رأس الماؿ الصناعي والمصرفي‬
‫معا‪ .‬وأما فيما يتعمؽ بالسمة الرابعة‪ ،‬فاف المنافسة المتزايدة بيف القوى الرأسمالية ‪ -‬وىو ما يظير بصفة خاصة في ألمانيا والياباف‬
‫‪-‬تدفع الدولة الختراؽ االحتكارات الرأسمالية العالمية‪ .‬مف الواضح أف الغزو االقتصادي بواسطة احتكار رأسمالي عالمي ىو أمر‬

‫يكاد يكوف مستبعدا تماما في حالة اقتصاد رأسمالية الدولة‪( .‬مف الممكف بالطبع تفيـ وجود بعض االمتيازات األجنبية) تحتاج‬
‫السمتاف الثالثة والخامسة ‪ -‬عبلقة رأسمالية الدولة الروسية بتصدير رأس الماؿ‪ ،‬وبالتقسيـ اإلقميمي لمعالـ ‪ -‬لمزيد مف اإلفاضة‪.‬‬
‫نموذج اإلمبريالية اليابانية‬
‫مف بيف جميع ببلد العالـ ماعدا روسيا الستالينية‪ ،‬فإف تمؾ التي بمغت أعمى مركزة لرأس الماؿ كانت الياباف‪ .‬لقد قدر أف‬
‫الزيباتسو (المنظمات االحتكارية العائمية) "األربعة الكبار " سيطرت عمى ‪ %61‬مف رأس الماؿ المستثمر في جميع شركات‬
‫المساىمة اليابانية‪ ،‬وأف ميتسوى وحدىا حازت ‪ %35‬مف اإلجمالي‪ .‬في عاـ ‪ ،8928‬استحوذت أكبر ستة (زيباتسو) معا عمى‬
‫‪ %57‬مف كؿ األمواؿ المودعة في البنوؾ وشركات االئتماف وشركات التأميف‪( .‬كاف الرقـ المقابؿ في عاـ ‪ 8939‬ىو ‪).%95‬‬
‫(يعتبر ىذا إشارة إلى أنو ليس مف المستبعد نظريا أف يتـ تركيز كؿ رأس الماؿ الوطني في أيدي احتكاري واحد‪ ،‬واف لـ‬
‫يكف ىناؾ أساس الفتراض أف ىذا سيحدث عمميا‪).‬‬
‫ومع ذلؾ‪ ،‬فعمى الرغـ مف أف تمركز راس الماؿ في الياباف أعمى كثي ار منيا في أي بمد رأسمالي آخر‪ ،‬باستثناء روسيا‬
‫الستالينية‪ ،‬فاف القوى اإلنتاجية لمياباف تتمكأ كثي ار وراء تمؾ الخاصة بببلد الغرب‪ .‬إف ىذا الجمع بيف رأسماؿ عالي التمركز والتخمؼ‬
‫الكبير لمبمد ككؿ‪ ،‬يفسر الطابع الخاص لئلمبريالية اليابانية‪ ،‬أي تميزىا عف اإلمبرياليات األخرى‪ ،‬كما يفسر تشابييا الكبير مف‬
‫نواحي كثيرة مع اإلمبريالية الستالينية‪ .‬يساعد إذف تناوؿ الخطوط العريضة لمسمات الخاصة لئلمبريالية اليابانية عمى توضيح بعض‬
‫أبعاد اإلمبريالية الستالينية‪.‬‬
‫لقد توسع اإلنتاج الصناعي لمياباف بسرعة كبيرة خبلؿ القرف الحالي‪ .‬في السنوات مف ‪ 8982‬إلى ‪ ،8938‬كانت سرعة‬
‫ىذا التقدـ ثبلثة أمثاؿ تمؾ الخاصة ببريطانيا في السنوات ما بيف ‪ ،8982- 8861‬أي أنيـ في كؿ سنة كانوا ينتجوف في المتوسط‬
‫‪ %6‬أكثر مف السنة السابقة‪ .‬وبيف عاـ ‪ 8937‬و ‪ 8926‬زاد اإلنتاج الصناعي لمياباف بما يقرب مف ‪ %811‬وكاف بإمكاف‬
‫شومبيتر أف يجد مبر ار يجعمو يكتب ما يمي‪:‬‬
‫لـ يعد ممكنا أف نذكر‪ ،‬كما فعؿ كاتب مدقؽ وحسف اإلطبلع في عاـ ‪ ،8921‬أف الياباف ال يمكف أف تصبح أمة صناعية‬
‫ذات أىمية كبرى‪ ،‬بسبب افتقاد الوقود والحديد‪ ،‬وىما ضرورياف في السمـ كما ىما في الحرب‪ .‬لقد أصبحت الياباف أمة صناعية‬
‫كبرى‪ ،‬كاف نمو الصناعات الثقيمة يمثؿ التطور المدىش لمسنوات األخيرة‪ .‬قبؿ الكساد‪ ،‬كانت الصناعات المييمنة ىي النسيج‬
‫واعداد الطعاـ وصناعة الفخار والورؽ‪ .‬كونت المعادف والمواد الكيميائية والماكينات والمنتجات الصناعية أقؿ مف نصؼ القيمة‬
‫اإلجمالية لئلنتاج الصناعي في عاـ ‪ %55 ،8925‬منو في عاـ ‪ ،8927‬وما يقرب مف ‪ %68‬عاـ ‪ .8928‬ويعنى ىذا أف الياباف‬
‫كانت تقوـ بإنتاج سفنيا والكثير مف طائراتيا‪ ،‬إال أنيا كانت تستورد السيارات وقطع الغيار‪ ،‬لـ تعد تعتمد عمى العالـ الخارجي فيما‬
‫يتعمؽ بجزء كبير مف احتياجاتيا مف الصمب‪ ،‬والسماد‪ ،‬والسبلح‪ ،‬والذخيرة‪ ،‬والماكينات‪ ،‬إال أنو ظؿ عمييا أف تستورد جزءا كبي ار مف‬
‫المواد الخاـ المستخدمة في تصنيعيا‪ .‬ومنذ عاـ ‪ ،8927‬بذلت الياباف جيدا عظيما لتنمية المواد الخاـ في‘كتمة اليف’ فضبل عف‬
‫مواد األقاليـ المتاخمة في منطقة المحيط اليادي‪)2(.‬‬
‫وفي الفترة مف عاـ ‪ 8931‬إلى ‪ 8926‬زاد إنتاج الحديد الخاـ أربعة أضعاؼ‪ ،‬وانتاج الصمب ثمانية أضعاؼ‪ ،‬وقدرة‬
‫محطات الكيرباء مقدرة بالكيمو وات خمسة أضعاؼ ونصؼ‪ .‬حدثت الزيادة األساسية في اإلنتاج الصناعي في وسائؿ اإلنتاج‪:‬‬
‫ارتفعت قيمة إنتاج الصناعات الكيمائية والمعدنية وصناعة الماكينات مف حوالي ‪ 3111‬مميوف يف في عاـ ‪ 8936‬إلى أكثر مف‬

‫‪ 9111‬مميوف في ‪ ، 8927‬أي بزيادة تقدر بحوالي أربعة أضعاؼ ونصؼ‪ ،‬أما إنتاج جميع الصناعات األخرى فقد زاد مف حوالي‬
‫‪ 5851‬مميوف يف إلى ‪ 7931‬مميوف يف‪ ،‬أي بزيادة مقدارىا ‪ .%99‬وفي السنوات نفسيا‪ ،‬ارتفعت األسعار بمقدار ‪ ،%91‬بحيث‬
‫نستطيع أف نستنتج أف إنتاج وسائؿ اإلنتاج تضاعؼ حوالي ثبلث مرات‪ ،‬في حيف ظؿ إنتاج وسائؿ االستيبلؾ دوف تغيير‪.‬‬
‫أثناء ىذا االرتفاع السريع في اإلنتاج الصناعي في الياباف‪ ،‬ونتيجة لتخمفيا العاـ مف ناحية وتركيز رأس الماؿ العالي مف‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬لـ يظير فائض مف رأس الماؿ‪ ،‬وظؿ معدؿ الربح مرتفعا‪ .‬وكاف المستوى شديد االنخفاض لؤلجور عامبل ىاما آخر‬
‫سمح بمعدؿ الربح العالي ىذا‪.‬‬
‫كاف متوسط اإليرادات في عامي ‪ 8926‬و ‪ 8927‬مف ‪ %31 - 86‬مف رأس الماؿ المدفوع‪ ،‬وبمغت الفوائد ‪ %9 - 8‬في‬
‫المتوسط‪)9(.‬‬
‫في ضوء ىذا يكوف مف الخطأ القوؿ بأف اإلمبريالية اليابانية سعت وراء مجاالت الستثمار رأس الماؿ ألنيا واجيت‬
‫فائض في سيولة راس الماؿ ومعدؿ ربح منخفض في الياباف نفسيا‪ .‬ومع ذلؾ‪ ،‬فكوف أف معدؿ الربح كاف مرتفعا وأنيا لـ تعاني مف‬
‫وفرة في رأس الماؿ‪ ،‬وانما مف افتقاده‪ ،‬فما ىذا سوى التعبير عف تخمفيا‪ .‬لقد سبب ىذا تطو ار جدليا شيقا جدا‪ :‬لقد دفعيا تخمفيا‬
‫ذاتو لتصدير رأس الماؿ عمى نطاؽ واسع جدا‪ ،‬واالستيبلء عمى إمبراطورية ىائمة‪ .‬وبكممات ستيرنبيرج‪:‬‬
‫عندما كونت بريطانيا العظمى وفرنسا إمبراطوريتييما‪ ،‬فانيما كانتا بمديف صناعييف رائديف‪ .‬لـ يكف المقصود عمى اإلطبلؽ‬
‫مف إمبراطوريتييما تقوية مركزييما الصناعييف‪ .‬كانت الياباف في حالة مختمفة جدا‪ .‬كاف ىدفيا ىو تحقيؽ معدؿ لمتطور يكوف مف‬
‫شأنو تخفيض الفجوة الصناعية بينيا وبيف الببلد الرأسمالية األخرى‪ ،‬واف تصبح بنفس قوة ىذه الببلد وأقوى منيا إف أمكف‪)5(.‬‬
‫بعد الحرب العالمية األولى‪ ،‬لـ تزد االستثمارات األجنبية لجميع الببلد األكثر تقدما‪ ،‬والتي كانت تعاني مف " فائض ىائؿ‬
‫في رأس الماؿ‪ ،‬باستثناء الواليات المتحدة‪ ،‬إنما عمى العكس انخفضت‪ .‬وحتى إذا لـ نستثني الواليات المتحدة‪ ،‬فاف االستثمارات‬
‫األجنبية ليذه الببلد لـ ترتفع عف مستوى عاـ ‪ ،8989‬كما يظير مف الجدوؿ التالي‪)6( :‬‬
‫رأس الماؿ المستثمر في الخارج (باأللؼ مميوف فرنؾ عمى أساس معدالت ما قبؿ ‪)8989‬‬
‫المجموع‬ ‫الواليات المتحدة‬ ‫بواسطة ألمانيا‬ ‫بواسطة فرنسا‬ ‫بواسطة بريطانيا العظمى‬ ‫السنة‬
‫‪6‬ر‪2‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪6‬ر‪2‬‬ ‫‪8863‬‬
‫‪35‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪)8869( 81‬‬ ‫‪85‬‬ ‫‪8873‬‬
‫‪27‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪)8881( 85‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪8883‬‬
‫‪63‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪)8891( 31‬‬ ‫‪93‬‬ ‫‪8892‬‬
‫‪889-819‬‬ ‫‪6‬ر‪)8911( 3‬‬ ‫‪5‬ر‪83‬‬ ‫‪27-37‬‬ ‫‪63‬‬ ‫‪8913‬‬
‫‪339-889‬‬ ‫‪9‬ر‪)8983( 9‬‬ ‫‪99‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪811-75‬‬ ‫‪8989‬‬
‫‪331-388‬‬ ‫‪88‬‬ ‫‪9‬ر‪8 - 9‬ر‪6‬‬ ‫‪91-28‬‬ ‫‪99‬‬ ‫‪8921‬‬
‫‪*891-821‬‬ ‫‪9‬ر‪98‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪8925‬‬

‫* لقد قدرنا استثمارات فرنسا وألمانيا لعاـ ‪ 8925‬بأنيا مف ‪ 91 - 21‬مميار فرنؾ‪ ،‬واف لـ يكف ىذا دقيقا‪ ،‬فانو تقدير مبالغ‬
‫فيو‪.‬‬
‫ىكذا‪ ،‬ففي حيف أف حجـ رأس الماؿ المستثمر في الخارج بواسطة الببلد الرأسمالية قد اتسع بشكؿ يكاد يكوف غير متقطع‬
‫بيف ‪ 8861‬و ‪ ،8989‬فمنذ عاـ ‪ ،8989‬عندما بمغت اإلمبريالية النضج لـ ترتفع كمية رأس الماؿ المستثمر في الخارج أبدا فوؽ‬
‫مستوى عاـ ‪ ،8989‬بؿ وانخفضت دونو‪.‬‬
‫وفي مقابؿ ىذا‪ ،‬باشرت الياباف تصدي ار ىائبل لراس الماؿ‪ ،‬خاصة لمنشوريا‪ ،‬مستعمرتيا اليامة الوحيدة حتى الحرب‬
‫الصينية ‪ -‬اليابانية‬
‫االستثمارات اليابانية في منشوريا (بالمميوف يف)(‪)7‬‬
‫‪2‬ر‪298‬‬ ‫‪8927‬‬ ‫‪3‬ر‪97‬‬ ‫‪8923‬‬

‫‪5‬ر‪929‬‬ ‫‪8928‬‬ ‫‪3‬ر‪858‬‬ ‫‪8922‬‬
‫‪7‬ر‪8812‬‬ ‫‪8929‬‬ ‫‪7‬ر‪378‬‬ ‫‪8929‬‬
‫ر‪3291‬‬ ‫‪.8992-8991‬‬ ‫‪6‬ر‪278‬‬ ‫‪8925‬‬
‫‪1‬ر‪362‬‬ ‫‪8926‬‬
‫إف الخطة الخمسية لمنشوريا (‪ )8998-8927‬تضمنت استثما ار يبمغ ‪ 3811‬مميوف يف‪ ،‬وىو ما ارتفع فيما بعد إلى‬
‫‪ 6111‬مميوف يف‪ .‬كاف ىذا رقـ مستحيؿ التحقيؽ بسبب افتقاد رأس الماؿ وندرة العمؿ الماىر في الياباف‪ .‬لقد بمغت االستثمارات‬
‫حوالي نصؼ المستيدؼ فقط خبلؿ فترة تنفيذ الخطة‪ .‬وعمى الرغـ مف ذلؾ فاف ىذا االستثمار سبب زيادة كبيرة جدا في اإلنتاج‪،‬‬
‫مما يظير في الجدوؿ التالي‪)8( :‬‬
‫إنتاج بعض المنتجات في منشوريا‬
‫الكيرباء بالمميوف كيمووات ساعة‬ ‫الحديد الخاـ باأللؼ طف‬ ‫الحديد بالمميوف طف‬ ‫الفحـ بالمميوف طف‬ ‫السنة‬
‫‪592‬‬ ‫‪3‬ر‪268‬‬ ‫‪7‬ر‪1‬‬ ‫‪8‬ر‪7‬‬ ‫‪8923‬‬

‫‪8258‬‬ ‫‪9‬ر‪622‬‬ ‫‪2‬ر‪8‬‬ ‫‪6‬ر‪82‬‬ ‫‪8926‬‬
‫‪2351‬‬ ‫‪3‬ر‪8168‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬ر‪38‬‬ ‫‪8991‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪9‬ر‪8879‬‬ ‫‪2‬ر‪)8992( 5‬‬ ‫‪1‬ر‪21‬‬ ‫‪8999‬‬
‫كانت صناعة الصمب تنتج أكثر مف مميوف طف سنويا‪ ،‬بعد سنوات قميمة مف قياميا في عاـ ‪ ،8925‬كما أقيمت مصانع‬
‫ماكينات أمدت الجزء األكبر مف معدات الصناعة المنشورية‪ .‬وفي عاـ ‪ ،8929‬أقيمت صناعة سيارات كاف مخططا ليا أف توظؼ‬
‫‪ 811‬ألؼ عامؿ‪ .‬كما تـ بناء مصنع طائرات كبير‪ .‬وبدأ كذلؾ بناء السفف‪ ،‬كما تضاعفت شبكة السكؾ الحديدية لمنشوريا حوالي‬
‫ثبلث مرات بيف ‪ 8992 - 8923‬وبذلؾ تجاوزت شبكة الصيف بأسرىا‪ .‬لقد الحظ ستيرنبيرج أف‪:‬‬

‫الظروؼ التاريخية المعينة التي تطورت فييا اإلمبريالية اليابانية دفعتيا لتشجيع ودفع تطور التصنيع في إمبراطوريتيا‪ ،‬في‬
‫حيف أف ظروفا تاريخية أخرى دفعت اإلمبريالييف األوروبييف لمنع أو تأخير التطور الصناعي في إمبراطورياتيـ‪ .‬خبلؿ السنوات‬
‫العشر التي انقضت بيف غزو الياباف لمنشوريا ودخوليا الحرب العالمية الثانية(‪ - )8998-8928‬عجمت الياباف التصنيع في‬
‫منشوريا لدرجة أف الصناعة التي أقيمت ىناؾ في عقد واحد كانت تساوي‪ ،‬أف لـ تكف تفوؽ‪ ،‬تمؾ المقامة في اليند خبلؿ قرف مف‬
‫الحكـ اإلمبريالي‪ ،‬وذلؾ رغـ أف سكاف منشوريا ال يزيدوف عف حوالي ‪ %81‬فقط مف سكاف اليند البريطانية‪)9(.‬‬
‫لـ يترؾ تصنيع منشوريا لمنشاط األعمى لمختمؼ الشركات اليابانية‪ ،‬وانما تـ القياـ بو وفقا لخطة بواسطة شركات مختمطة‬
‫لبلحتكارات والدولة‪ .‬لقد وجد أف مثؿ ىذا التنظيـ ضروري مف أجؿ التصنيع السريع‪.‬‬
‫دافع توسع البيروقراطية الستالينية‬
‫إف امتيا زات البيروقراطية الروسية‪ ،‬مثؿ امتيازات البرجوازية‪ ،‬مشروطة بالتقدـ المستمر لمتراكـ‪ .‬ولكف‪ ،‬وعمى النقيض مف‬
‫برجوازية الغرب‪ ،‬فاف رأسمالية الدولة في روسيا في‘المرحمة التي يتحدث عنيا توجاف‪-‬بارانوفسكي’ ال تعاني مف فائض في رأس‬
‫الماؿ‪ ،‬أي مف القيود عمى فرص التراكـ التي يسببيا نمط التوزيع العدائي في الببلد الرأسمالية التقميدية‪ ،‬وال مف زيادة في األجور‬
‫يمكف أف تيدد معدؿ الربح‪ .‬فيما يتعمؽ بيذه األمور‪ ،‬فاف رأسمالية الدولة الروسية أقرب إلى اإلمبريالية اليابانية قبؿ ىزيمتيا في‬
‫الحرب العالمية الثانية منيا إلى الببلد اإلمبريالية الغربية‪ .‬وبالنظر إلى أف الدولة في روسيا تمتمؾ كؿ وسائؿ اإلنتاج تقريبا‪ ،‬فاف‬
‫التطور الصناعي لمناطقيا المستعمرة‪ ،‬أي مناطؽ األمـ التي تضطيدىا البيروقراطية الروسية‪ ،‬ىو مباشرة جزء مف التطور‬
‫الصناعي العاـ لروسيا نفسيا‪ .‬لقد رأت الدولة اليابانية في منشوريا "امتدادا لموطف"‪ .‬والدولة الستالينية تنظر إلى أوكرانيا والقوقاز‬
‫ورومانيا وبمغاريا‪ ،‬الخ‪ ،‬بنفس الطريقة‪ ،‬وبسبب وضعيا االقتصادي االحتكاري‪ ،‬فاف تطويرىا ليذه المناطؽ أكثر فاعمية اآلف وفي‬
‫المستقبؿ مف تطوير اإلمبريالية اليابانية لمنشوريا‪ .‬وكما أف اإلمبريالية اليابانية نظرت إلى تطوير منشوريا كخطوة ضرورية لعبور‬
‫المسافة بينيا وبيف القوى الغربية المتقدمة‪ ،‬فاف البيروقراطية الستالينية مدفوعة إلى سياسة إمبريالية لنفس السبب‪.‬‬
‫إف نفس التخمؼ النسبي‪ ،‬يدفع روسيا نحو إقامة صناعات في ببلد األمـ المضطيدة‪ ،‬كما يدفعيا‪ ،‬وىذا ىو الوجو اآلخر‬
‫لنفس العممة‪ ،‬لنيب رأس الماؿ متى استطاعت أف تضع يدىا عميو‪ .‬قامت اإلمبريالية اليابانية بالنيب عمى قطاع واسع في الصيف‪.‬‬
‫وفيما يتعمؽ بألمانيا‪" :‬في األراضي المغتصبة‪ ،‬استولت الشركات األلمانية عمى أصوؿ المؤسسات القائمة بحؽ الغزو‪ ،‬وليس مف‬
‫خبلؿ النشاط االقتصادي المعتاد"‪)81( .‬‬
‫نيبت روسيا الستالينية ببلد أوروبا الشرقية ومنشوريا‪ .‬وقد فعمت ىذا بنقؿ المصانع إلى روسيا‪ ،‬مثميا في ذلؾ مثؿ ألمانيا‬
‫النازية‪ ،‬وبعقد اتفاقات مقايضة مع توابعيا كانت ميمكة بالنسبة ليـ‪ .‬ىكذا فاف الرأسمالية االحتكارية الممركزة لمياباف وألمانيا‬
‫ورأسم الية الدولة الروسية يظيراف خاصية أخرى تتسـ بيا فترة التراكـ األولى لرأس الماؿ ‪ -‬عدـ إمكاف التمييز بيف التجارة والنيب‪.‬‬
‫إذا كاف الفريد مارشاؿ قد استطاع أف يقوؿ عف ذلؾ الوقت أف "الفضة والسكر ناد ار ما جاءا إلى أوروبا بدوف بقعة مف الدـ" فاف‬
‫نيب الممتمكات اليوـ أكثر دموية بكثير‪ ،‬وما ينيب ليس ىو الفضة أو السكر وانما وسائؿ اإلنتاج‪.‬‬
‫وىناؾ دافع إضافي لمتوسع اإلمبريالي الروسي‪ ،‬وىو افتقاد بعض المواد الخاـ‪ .‬فعمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬يمعب بتروؿ الشرؽ‬
‫األوسط وشماؿ إيراف دو ار كبي ار في خطط البيروقراطية الستالينية‪ ،‬ويعود ىذا باألساس إلى التنفيذ المتأخر لعممية استخراج البتروؿ‬
‫في روسيا‪ .‬ىكذا‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬فقد استيدفت الخطة الخمسية الثانية زيادة اإلنتاج مف ‪2‬ر‪ 32‬مميوف طف في ‪ 8923‬إلى‬

‫‪5‬ر‪ 97‬مميوف طف في ‪ .8927‬في الواقع لـ يرتفع اإلنتاج إال إلى ‪5‬ر‪ 21‬مميوف طف‪ .‬وفي عاـ ‪ 8991‬لـ يتجاوز اؿ ‪ 25‬مميوف‬
‫طف‪ ،‬رغـ أف الخطة استيدفت مستوى يزيد عمى الخمسيف مميوف طف‪.‬‬
‫ومع ىذه األخطاء في التقدير استيدفت الخطة الخمسية الرابعة ىدفا أكثر تواضعا لعاـ ‪9 - 8951‬ر‪ 25‬مميوف طف‪.‬‬
‫عند دراسة الخطة العامة لزيادة اإلنتاج‪ ،‬يكوف مف الواضح أف البتروؿ سوؼ يكوف أحد أىـ العوائؽ في روسيا‪ .‬وحاولت‬
‫البيروقراطية الستالينية التغمب عمى ىذا العائؽ باالستيبلء عمى رومانيا وشماؿ إيراف (لـ تنجح في الحالة األخيرة‪).‬‬
‫ويقؼ عامؿ آخر وراء توسع روسيا‪ ،‬وىو الحاجة لقوة عمؿ جديدة‪ .‬في الببلد األكثر تقدما نجد أف تصدير رأس الماؿ ىو‬
‫رد فعؿ الرتفاع األج ور الذي يصيب معدؿ الربح بالتآكؿ‪ ،‬وىذا ما يوجيو نحو مناطؽ تكوف فييا قوة العمؿ رخيصة‪ ،‬وبالتالي يزداد‬
‫حجـ العمؿ المستغؿ بواسطة نفس كمية رأس الماؿ‪ .‬لقد تحققت نفس النتيجة بطريقة مختمفة عندما جمبت ألمانيا النازية مبلييف‬
‫العماؿ مف الببلد التي استولت عمييا‪ ،‬خاصة مف الشرؽ إلى ألمانيا‪ .‬إال أف أوروبا ال يوجد بيا قوة عمؿ أرخص مف تمؾ الخاصة‬
‫بالعامؿ الروسي وخاصة‪ ،‬العامؿ المستعبد‪ ،‬حيث أف احتبلؿ مناطؽ جديدة إلى روسيا ال يمكف أف يكوف مدفوعا بالحاجة إليجاد‬
‫قوة عمؿ أرخص‪ .‬ولكف ىذا ال يعني أنو ليس مدفوعا بضرورة إيجاد كمية إضافية مف قوة العمؿ‪ .‬فعمى الرغـ مف أف كمية رأس‬
‫الماؿ بالنسبة لمسكاف ضئيمة جدا في روسيا‪ ،‬إال أنيا تعاني مع ذلؾ مف نقص في قوة العمؿ‪ .‬ويعود ىذا الستخداميا التبديدي لقوة‬
‫العمؿ‪ ،‬والذي يسببو نقص رأس الماؿ‪ ،‬بحيث أنو جنبا إلى جنب مع نقص رأس الماؿ يظير نقص قوة العمؿ‪ :‬ومف ثـ يأتي العمؿ‬
‫العبودي واإلنتاجية المنخفضة لمعمؿ في الزراعة‪ .‬إف كؿ عامؿ يعوؽ إنتاجية العمؿ ‪ -‬بما في ذلؾ البيروقراطية ذاتيا ‪ -‬سيزيد مف‬
‫تبديد قوة العمؿ‪ .‬ىكذا‪ ،‬فعمى الرغـ مف العدد اليائؿ لمسكاف في روسيا‪ ،‬تجد الحكومة مف الضروري أف تتخذ إجراءات خاصة لزيادة‬
‫ىذ ا العدد‪ ،‬إجراءات مثؿ منع اإلجياض‪ ،‬وفرض غرامات عمى العزاب‪ ،‬ومنح جوائز لمعائبلت التي لدييا الكثير مف األطفاؿ‪ .‬تخمؽ‬
‫إذف حمقة مفرغة‪ :‬نقص رأس الماؿ يسبب تبديدا لقوة العمؿ تجعؿ مف الصعب حدوث تراكـ لكميات كافية مف رأس الماؿ‪ ،‬وىكذا‪.‬‬
‫إف إضافة مائة مميوف شخص مف ببل د أوروبا الشرقية إلى روسيا ىو إذف دافع ىاـ لتوسع اإلمبريالية الروسية‪ ،‬يوازي تصدير رأس‬
‫الماؿ مف الببلد الرأسمالية المتقدمة‪.‬‬
‫وبالطبع تمثؿ االعتبارات االستراتيجية دافعا آخر لتوسع روسػيا الستالينية‪.‬‬
‫سجل التوسع اإلمبريالي ‪ -‬ابتالع روسيا ألوروبا الشرقية‬
‫استغمت الببلد اإلمبريالية التقميدية مستعمراتيا بطرؽ ثبلثة‪ :‬بشراء منتجات مستعمراتيا بأسعار منخفضة‪ ،‬ببيع منتجات‬
‫البمد األـ لممستعمرات بأسعار مرتفعة‪ ،‬وبإقامة مشروعات ممموكة لرأسمالية البمد األـ يعمؿ بيا أبناء البمد المستعمرة‪ .‬وتستخدـ‬
‫رأسمالية الدولة الروسية نفس الطرؽ الثبلث في استغبلؿ مستعمراتيا‪.‬‬
‫ىناؾ إحصائيات عديدة تثبت أف روسيا تدفع أسعا ار منخفضة مقابؿ المنتجات التي تشترييا مف توابعيا‪ .‬ولنعطي بعض‬
‫األمثمة‪ :‬نص االتفاؽ الروسي ‪ -‬البولندي‪ ،‬بتاريخ ‪ 86‬أغسطس ‪ ،8995‬عمى أنو بدءا مف عاـ ‪ 8996‬فصاعدا‪ ،‬يتعيف عمى‬
‫بولندا أف تقدـ لروسيا بسعر خاص(‪ 3‬دوالر لمطف) الكميات اآلتية مف الفحـ‪ 8 -8996 :‬مميوف طف‪ ،‬مف ‪ 8997‬إلى ‪- 8951‬‬
‫‪ 82‬مميوف طف في كؿ سنة‪ ،‬وبعد ذلؾ ‪ 83‬مميوف طف سنويا‪ ،‬طالما استمر احتبلؿ ألمانيا‪ .‬وال يدفع ثمف ىذا الفحـ عف طريؽ‬
‫منتجات روسية‪ ،‬وانما بالتعويضات التي تأخذىا روسيا مف ألمانيا ‪ -‬حسب ما ىو معموـ‪ ،‬لـ تحصؿ بولندا عمى أي شيء مف ىذا‪.‬‬
‫وعمى أي حاؿ‪ ،‬فاف ‪ 82 - 83‬مميوف طف مف الفحـ بسعر دوالريف لمطف‪ ،‬عندما يكوف سعر الفحـ في السوؽ العالمي ‪85 - 83‬‬
‫دوال ار لمطف‪ ،‬يعني ربحا صافيا لروسيا مقداره ‪ 89 - 81‬دوالر في الطف‪ ،‬أو ما مجموعو ‪ 831‬إلى ‪ 881‬مميوف دوالر سنويا (وىو‬

‫مبمغ يمكف مقارنتو باألرباح السنوية القصوى لمرأسمالييف البريطانييف مف استثماراتيـ في اليند)‪ .‬تكتب الجريدة اليومية اليوغسبلفية‬
‫"بوربا" في ‪ 28‬مارس ‪ 8999‬أف طف المولبيد نوـ‪ ،‬وىو مكوف أساسي لمصمب‪ ،‬والذي يكمؼ يوغسبلفيا ‪ 511‬ألؼ دينار إلنتاجو‪،‬‬
‫قد بيع لبلتحاد السوفيتي أثناء فترة شير العسؿ بيف ستاليف وتيتو بمبمغ ‪ 95‬ألؼ دينار‪ .‬وكاف عمى شركات باتا سابقا‬
‫بتشيكوسموفاكيا أف تمد روسيا بأحذية(قدمت روسيا الجمد البلزـ ليا) مقابؿ ‪ 871‬كرونة تشيكية‪ ،‬رغـ أف سعر التكمفة الفعمي لمزوج‬
‫كاف ‪ 211‬كرونة‪ .‬كاف التبغ البمغاري يمثؿ حالة صارخة بشكؿ خاص لبلستغبلؿ الرأسمالي‪ :‬ففي حيف أف روسيا كانت تشتريو‬
‫بنصؼ دوالر فأنيا كانت تبيعو مرة أخرى في أوروبا الغربية مقابؿ ‪5‬ر‪ 8‬إلى ‪ 3‬دوالر‪)88( .‬‬
‫ما ينطبؽ عمى عبلقات روسيا التجارية مع توابعيا األوروبية‪ ،‬ينطبؽ بالمثؿ عمى عبلقاتيا التجارية مع الصيف‪ .‬فشعر‬
‫الخنزير والزيت الصيني‪ ،‬المذاف يكوناف نسبة كبيرة مف الصادرات الصينية‪ ،‬يعرضاف حاليا في أسواؽ أوروبا الغربية بأسعار أقؿ‬
‫منيا في شانغياي وتيتنسػف‪ ،‬موانئ الصادرات األساسية ليذه الصادرات‪ .‬إف روسيا ىي الوكيؿ الوحيد الذي يبيع المنتجات الصينية‬
‫في األسواؽ الغربية‪ ،‬وكوف أنيا تستطيع بيعيا بأسعار أقؿ مف تمؾ السائدة في الصيف نفسيا ‪ -‬وال شؾ أف روسيا تحقؽ ربحا مف‬
‫الصفقة ‪ -‬فاف ىذا يشير بوضوح إلى أنيا تدفع أسعار منخفضة بشكؿ استثنائي مقابؿ تمؾ المنتجات‪ .‬وىذا يفسر جزئيا الجيود‬
‫التي تبذليا بكيف إلقامة عبلقات تجارية مباشرة مع الغرب‪ ،‬بما يمغي دور الوسيط الروسي‪.‬‬
‫يكفي ىذا فيما يتعمؽ بالشراء بأسعار منخفضة‪ .‬أما فيما يخص تقاضي مبالغ أكثر مما ينبغي مف التوابع مقابؿ المنتجات‬
‫الروسية‪ ،‬فسنورد األمثمة الصارخة اآلتية‪ :‬تتقاضى روسيا مف الصيف مقابؿ منتجاتيا أسعا ار أعمى بكثير مف تمؾ التي يتقاضاىا‬
‫البائعوف الرأسماليوف الغربيوف في ىونج كونج المجاورة‪ .‬ىكذا‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬فاف شاحنة سوفيتية مف طراز زيس تزف أربعة‬
‫أطناف قد بيعت في تينتسف بواسطة روسيا مقابؿ سعر يعادؿ ‪ 51‬ألؼ دوالر ىونج كونجي‪ ،‬في حيف أف شاحنة غربية مماثمة تزف‬
‫ستة أطناف تباع في ىونج كونج مقابؿ ‪ 85‬ألؼ دوالر ىونج كونجي‪ .‬كما أف السكريف التشيكي‪ ،‬المستورد عف طريؽ روسيا يباع‬
‫في تنتش بسعر يعادؿ ‪91‬ر‪ 816‬دوالر ىونج كونجي لمرطؿ‪ ،‬في حيف أف السػكريف األلماني مف نفس النوعية يباع في ىونج كونج‬
‫بػ ‪5‬ر‪ 6‬دوالر ىونج كونجػي‪)83( .‬‬
‫يظي ر وضع المشروعات الممموكة لروسيا في أوروبا الشرقية بشكؿ صارخ إلى أقصى حد الوسيمة الثالثة لبلستغبلؿ‬
‫الرأسمالي التي تنتيجيا روسيا‪ :‬استغبلؿ "أبناء البمد" المشتغميف في مشروعات ممموكة لمرأسماؿ األجنبي‪ .‬في منطقة االحتبلؿ‬
‫الروسي أللمانيا‪ ،‬اتخذت الدولة الروسية حوا لي ثمث إجمالي الصناعة كممتمكات ليا بجرة قمـ‪ ،‬تتمثؿ الممكية فيما يسمى "شركات‬
‫المساىمة السوفيتية"(الساجات)‪" SAGs( .‬المترجم")‪ .‬إف أىمية الساجات عظيمة جدا‪ .‬فيي تمتمؾ كؿ المشروعات الكبيرة تقريبا‪ .‬في‬
‫عاـ ‪ 8951‬كانت كؿ ساج تشغؿ ‪ 3911‬عامؿ في المتوسط‪ ،‬في مقابؿ ‪ 896 - 829‬في الميبات (‪" LEBs‬المترجم") ‪-‬‬
‫المشروعات الممموكة لما يسمى جميورية ألمانيا الديمقراطية‪ .‬وحوالي ‪ 81‬في الصناعات الخاصة‪ .‬وستكوف أىمية الساجات أكثر‬
‫وضوحا إذا أخذنا في االعتبار أنيا تسيطر عمى الصناعات الثقيمة بالكامؿ‪ .‬في الساجات‪ ،‬ينتج العماؿ األلماف فائض قيمة تأخذه‬
‫البيروقراطية الروسية‪ .‬في رومانيا والمجر وبمغاريا توجػد شركػات مشتركة‪ ،‬تمتمؾ روسيا ‪ %51‬منيا وتسيطر عمييا بالكامؿ‪ .‬عمى‬
‫سبيؿ المثاؿ‪ ،‬تسيطر إحدى تمؾ الشركات عمى أغنى حقوؿ بتروؿ رومانيا‪ ،‬وتسيطر شركات أخرى عمى الصمب واليندسة ومناجـ‬
‫الفحـ‪ ،‬والشحف البحري‪ ،‬واالتصاالت اليوائية‪ ،‬وألواح الخشب‪ ،‬واإلنتاج الكيميائي‪ ،‬وانتاج الج اررات‪ ،‬وصناعة مواد البناء‪ ،‬واستغبلؿ‬
‫رواسب الغاز الطبيعي والبنوؾ‪ ،‬وشركات التأميف‪ ،‬الخ ‪ -‬مما يكوف في المجموع أكثر كثي ار مف نصؼ الصناعات والنقؿ والبنوؾ‬
‫والتأميف في رومانيا‪ .‬توجد شركات مشتركة في المجر وبمغاريا أيضا‪ ،‬إال أنيا تقؿ كثي ار في أىميتيا‪ .‬أخذ نصؼ أرباح الشركات‬
‫المشتركة‪ ،‬في حيف أف كؿ العماؿ مف "أبناء البمد" ‪ -‬أليست ىذه حالة واضحة لبلستغبلؿ االستعماري؟‬

‫إضفاء صفات الكمال عمى اإلمبراطورية القيصرية‬
‫ليس بوسع البيروقراطية الستالينية إال أف تعطي استحسانيا لروادىا في البناء اإلمبراطوري‪ -‬اإلمبريالية القيصرية‪ .‬عمى‬
‫مدى أجياؿ‪ ،‬اعتبر االشتراكيوف والديمقراطيوف الروس‪ ،‬روسيا القيصرية ‘سجنا لمشعوب’ كما اعتبروا االضطياد اإلمبريالي‬
‫القيصري لمبولندييف والفنمندييف والميتوانييف واالستونييف‪ ،‬واالكرانييف‪ ،‬والجورجييف‪ ،‬واألرمف‪ ،‬واالوزبؾ‪ ،‬والكازاخ‪ ،‬وغيرىـ‪ ،‬قوة ممعنة‬
‫في الرجعية‪ .‬ولكف روسيا الستالينية تعتقد غير ذلؾ‪.‬‬
‫ىكذا فقد ذكرت مجمة روسية‪" :‬لقد كانت السياسة التوسعية لروسيا‪ ،‬الطريؽ الوحيد لمتطور االجتماعي االقتصادي‬
‫والثقافي وكذلؾ إنقاذ الوجود الوطني لشعوب القوقاز وما وراء القوقاز‪ ...‬كاف لضـ روسيا ليـ وسيمتيـ الوحيدة إلنقاذ أنفسيـ‪،‬‬
‫والحفاظ عمى ثقافاتيـ القديمة‪ ،‬والتطور اقتصاديا وثقافيا"(‪)82‬‬
‫كتبت جريدة أخرى انو ابتداء مف القرف السادس عشر‪ ،‬خاضت الممكيات اإلقطاعية لتركيا وايراف صراعا طويبل وعنيدا‬
‫لبلستيبلء عمى عدة أقا ليـ في القوقاز‪ .‬وحيث أنيـ كانوا عاجزيف بسبب طابعيـ المشتت عف مقاومة االعتداء األجنبي‪ ،‬فاف كثي ار‬
‫مف شعوب القوقاز "نشدوا اإلنقاذ والشفاعة مف الدولة الروسية‪ ،‬ولجأوا إلييا طمبا لممساعدة والرعاية" (‪ )89‬وأنو في منتصؼ القرف‬
‫السادس عشر ناشد األمراء الشراكسة(الكربا دييف) ايفاف الرابع أف يعطييـ الجنسية الروسية ويحمييـ مف غزوات ونيب تركيا وخادـ‬
‫تركيا‪ ،‬خاف القرـ‪ .‬كما أنشأت شعوب ما وراء القوقاز روابط مع روسيا نحو نياية القرف الخامس عشر‪ ،‬تقوت ىذه الروابط بالتناسب‬
‫مع زيادة الخطر العسكري الذي مثمتو تركيا وايراف‪ .‬ومف خبلؿ أعماليـ ضد تركيا وايراف "كثي ار ما أنقذت القوات الروسية شعوب‬
‫القوقاز مف الخطر العسكري"‪ .‬ما أجممو مف تعبير!‪ :‬القوات القيصرية التي احتمت القوقاز أنقذتو مف الخطر العسكري!‬
‫ذكرت مجمة أدبية روسية‪:‬‬
‫كاف ضـ روسيا لكازاخستاف‪ ،‬الذي وقع في القرف الثامف عشر‪ ،‬ذا داللة عميقة لمتقدمية‪ .‬كاف ىذا العمؿ التاريخي مشروطا‬
‫بأسباب اقتصادية وسياسية‪ ،‬بالمجرى الكامؿ لمتطور التاريخي لشعب الكازاخ‪ ،‬الذي عذبتو الغزوات التي ال تنقطع مف جانب دوؿ‬
‫الشرؽ المسممة اإلقطاعية‪ .‬لقد خمؽ ىذا العمؿ التاريخي الظروؼ المناسبة لمتأثير العظيـ لبلقتصاد والثقافة الروسية في‬
‫كازاخستاف‪ .‬لقد أتـ شعب الكازاخ اختياره التاريخي بحكمة وسبلمة‪ .‬في ذلؾ الوقت‪ ،‬إلى جانب روسيا‪ ،‬كاف يمكف لمكازاخ أف‬
‫يسقطوا في عبودية خانات آسيا الوسطى الذيف تدعميـ بريطانيا‪ .‬ففي ظؿ استعداده النتياج أية أساليب‪ ،‬زحؼ رأس الماؿ‬
‫البريطاني عمى أرض وموارد كازاخستاف‪ ،‬سعيا وراء المكاسب الكبيرة‪)85(.‬‬
‫كما أضافت‪" :‬إف شعب كازاخستاف العامؿ‪ ،‬مف خبلؿ خبرتو اليومية‪ ،‬قد أدرؾ مزايا العيش في كنؼ دولة عظيمة مثؿ‬
‫روسيا"‪)86( .‬‬
‫لقد اختار شعب الكازاخ أف تحتمو روسيا القيصرية ! لقد فضموا أف يكونوا "جزء مف دولة عظيمة" ! أبرزت "برافدا" ىذه‬
‫النقطة‪ " :‬كاف شعب الكازاخ العامؿ شديد الرغبة في ضـ كازاخستاف إلى روسيا"‪)87(.‬‬
‫تتبع الدعاية الروسية منذ وفاة ستاليف نفس الخط‪ .‬فقد أعطى ىذا التفسير الحتبلؿ التفيا بواسطة روسيا القيصرية‪:‬‬
‫مضت عدة قروف منذ أف استقر أسبلؼ البلتفييف عمى سواحؿ بحر البمطيؽ‪ ...‬خبلؿ ىذه القروف كميا‪ ،‬كاف الروس جيرانا‬
‫جيديف لبلتفييف‪ .‬إف غزو واستعباد البمطيؽ بواسطة الفرساف األلماف ىو تاريخ مظمـ مميء بالقتؿ والنيب والعنؼ بواسطة الغزاة‬

‫الغربييف المتعطشيف لمدماء‪ ..‬انو القبائؿ البلتفية واالستونية المحبة لمحرية لـ تكف بالقوة الكافية لمدفاع عف حريتيا واستقبلليا‪ .‬ولكف‬
‫قربيـ مف الروس وصداقتيـ ليـ مكنا أسبلؼ البلتفييف مف الدفاع عف أراضييـ ضد االستعباد بنشداف المساعدة مف األمراء‬
‫الروس‪)88(.‬‬
‫الصراع من أجل الحرية الوطنية ‪ -‬التيتوية‬
‫إف األمـ المضطيدة بواسطة اإلمبريالية الروسية العظمى‪ ،‬أو الميددة مباشرة منيا‪ ،‬يتمثؿ رد فعميا في صراع ذي كثافة‬
‫متزايدة باستمرار مف أجؿ االستقبلؿ الوطني‪ ،‬وىو صراع يحمؿ اسـ "التيتوية" الذي تمت صياغتو مؤخرا‪ .‬األوكرانيوف ىـ أكبر‬
‫الشعوب غير الروسية في االتحاد السوفيتي مف الناحية العددية‪ ..‬لقد قمعت أمانييـ الوطنية باستمرار مف خبلؿ سمسمة مف‬
‫التطييرات‪ .‬في عاـ ‪ ،8921‬تـ حؿ أكاديمية العموـ األوكرانية وألقي القبض عمى أعضاء منيا بسبب "انحرافات وطنية"‪ .‬في عاـ‬
‫‪ ، 8922‬انتحر سكرجنيؾ‪ ،‬أبرز زعماء الحزب الشيوعي األوكراني وعضو لجنتو المركزية ومكتبو السياسي‪ ،‬لكي يتجنب االعتقاؿ‪.‬‬
‫وفي نفس الوقت‪ ،‬تـ إعداـ كؿ مف كستوبينسكي‪ ،‬نائب رئيس مجمس قوميساري شعب أوكرانيا(حكومة أوكرانيا)‪ ،‬وكوفنار‪ ،‬قوميسار‬
‫الزراعة‪ ،‬وعدد مف كبار المسئوليف رميا بالرصاص كوطنييف‪ .‬ولمنع مزيد مف االنحرافات‪ ،‬تـ إرساؿ بوستيشيؼ إلى أوكرانيا مف‬
‫موسكو في عاـ ‪ 8922‬إلعادة تنظيـ الحزب ‪ -‬وادارة الدولة‪ .‬وقد تـ إعطائو سمطات دكتاتورية في المؤتمر الثاني عشر لمحزب‬
‫الشيوعي األوكراني في عاـ ‪ ،8922‬قاؿ‪:‬‬
‫في أوكرانيا‪ ،‬أبرز زعماء حزبنا والرفيؽ ستاليف نفسو مكروىوف بصفة خاصة‪ .‬لقد ذىب العدو الطبقي إلى مدرسة جيدة في‬
‫ىذا البمد وتعمـ كيؼ يناضؿ ضد الحكـ السوفيتي‪ .‬في أوكرانيا استقرت بقايا الكثير مف األحزاب والمنظمات المضادة لمثورة‪ .‬لقد‬
‫أصبح خاركوؼ تدريجيا مركز الجاذبية لكافة أنواع المنظمات الوطنية والمنظمات األخرى المضادة لمثورة‪ .‬لقد جذبوا جميعا إلى ىذا‬
‫المركز ونشروا شبكتيـ عمى امتداد أوكرانيا‪ ،‬مستخدميف نظامنا الحزبي لصالح أحزابيـ‪ .‬إنكـ تذكروف أييا الرفاؽ‪ ،‬عندما تج أر‬
‫عشروف مف سكرتيري لجاف المناطؽ الحزبية عمى إعبلف استحالة تنفيذ خطة الحصاد‪)89(.‬‬
‫طرد بوستيشيؼ أكثر مف ربع أعضاء الحزب الشيوعي األوكراني‪ .‬وقد عانى ىو نفسو مف مصير مماثؿ بعد ثبلث‬
‫سنوات مف ذلؾ‪ ،‬حيث طرد والقي القبض عميو‪ .‬وقد حؿ محمو كوسيور‪ ،‬مف موسكو‪ ،‬والذي قبض عميو أيضا بدوره‪ .‬في عاـ‬
‫‪ ، 8927‬انتحر ليوبتشنكو‪ ،‬رئيس مجمس قوميساري الشعب في أوكرانيا‪ ،‬لكي يتجنب االعتقاؿ‪ .‬وقد تمت تصفية القوميساريف‬
‫بيتروفسكي وآيش‪ .‬كما القي القبض عمى خميفة ليوبتشنكو بعد شيريف مف تعيينو بسبب نزعات "وطنية"‪ ،‬وتمت تصفية خميفتو بعد‬
‫ذلؾ بشيور قميمة‪ .‬في إبريؿ عاـ ‪ ،8927‬كاف ىناؾ ثبلثة عشر عضوا في المكتب السياسي األوكراني‪ ،‬بحموؿ يونيو ‪ ،8928‬لـ‬
‫يبؽ أي مف ىؤالء‪.‬‬
‫الجميوريات األخرى ليا تاريخ مماثؿ‪ .‬إف جولوديد‪ ،‬الذي كاف رئيسا لمجمس قوميساري الشعب في جميورية روسيا‬
‫البيضاء لمدة عشر سنوات‪ ،‬قد القي القبض عميو باعتباره تروتسكيا في عاـ ‪ .8927‬وبعد ذلؾ ببضعة شيور انتحر خميفتو‪،‬‬
‫شرفياكوؼ‪ ،‬تجنبا لبلعتقاؿ‪ .‬وكاف األخير قد أمضى سبعة عشر عاما رئيسا لمجنة التنفيذية المركزية لروسيا البيضاء (أي رئيسا‬
‫لمجميورية)‪ .‬في طاجاكستاف‪ ،‬ثـ تطيير رئيس المجنة التنفيذية بتيمة الوطنية في عاـ ‪ .8929‬وقد شغؿ خميفتو المنصب لثبلث‬
‫سنوات ثـ لقي نفس المصير‪.‬‬
‫فيما يمي قائمة قصيرة ببعض أبرز األشخاص في الجميوريات الوطنية الذيف تمت تصفيتيـ كػ(وطنييف) في تطييرات‬
‫الثبلثينيات الكبيرة‪:‬‬

‫الجميورية‬ ‫رؤساء الوزراء‬ ‫الجميورية‬ ‫الرؤساء‬
‫أوكرانيا‬ ‫ليوبتشكنو‬ ‫أوكرانيا‬ ‫بيتروفسكي‬
‫أوكرانيا‬ ‫بوندارنكو‬ ‫روسيا البيضاء‬ ‫شرفياكوؼ‬
‫أوكرانيا‬ ‫شوبار‬ ‫فولجا األلمانية‬ ‫كونج‬
‫روسيا البيضاء‬ ‫جولوديد‬ ‫فولجا األلمانية‬ ‫لوفت‬
‫فولجا األلمانية‬ ‫ويمش‬ ‫كارلياف‬ ‫جيميج‬
‫طاجاكستاف‬ ‫رخيمبايبؼ‬ ‫كارلياف‬ ‫أركوبوؼ‬
‫طاجاكستاف‬ ‫رفينوؼ‬ ‫طاجاكستاف‬ ‫خورزيباييؼ‬
‫جورجيا‬ ‫مجالوبيشفيمي‬ ‫طاجاكستاف‬ ‫شوتمور‬
‫أوزبكستاف‬ ‫خودجاييؼ‬ ‫طاجاكستاف‬ ‫ماكسوـ‬
‫كيرجيستاف‬ ‫عبدورجانوؼ‬ ‫داجستاف‬ ‫دولجات‬
‫ما وراء القوقاز‬ ‫أوفاكاببلشفيمي‬ ‫داجستاف‬ ‫مسامورسكي‬
‫أدجار‬ ‫لوردكيبانيدز‬
‫لـ يكف ىؤالء سوى قمة مف الضحايا‪ .‬في المجموع‪ ،‬شيد تطيير ‪ 8928 - 8927‬الكبير تصفية كؿ أو أغمب أعضاء‬
‫ثبلثيف حكومة وطنية‪ .‬كاف االتياـ األساسي ضدىـ ىو رغبتيـ في االنفصاؿ عف االتحاد السوفيتي‪.‬‬
‫ولعؿ أقوى دليؿ عمى أف سياسية روسيا الوطنية ال تخمؽ عبلقات متجانسة وأخوية بيف الشعوب المختمفة‪ ،‬ىو حؿ عدد‬
‫مف الجميوريات الوطنية‪.‬‬
‫قبؿ سنة مف الحرب‪ ،‬عندما كاف ىناؾ توتر بيف روسيا والياباف عمى حدود منشوريا‪ ،‬تـ نقؿ جميع السكاف الكورييف عمى‬
‫الجانب الروسي مف الحدود إلى كازاخستاف أو اوزبكستاف‪.‬‬
‫في ‪ 38‬أغسطس ‪ 8998‬تـ نقؿ جميع سكاف جميورية فولجا األلمانية إلى شرؽ االوراؿ‪ .‬كانت الجميورية األلمانية إحدى‬
‫اقدـ الجميوريات الوطنية في روسيا‪ .‬فمنذ تاريخ ‪ 88‬أكتوبر ‪ 8988‬تكونت كوميونة عماؿ فولجا األلمانية‪ ،‬وفي ‪ 89‬ديسمبر‬
‫‪ 8932‬أعيد تكوينيا كجميورية فولجا األلمانية االشتراكية السوفيتية المستقمة‪ .‬وقد كانت واحدة مف أوؿ الجميوريات التي طبقت‬
‫نظاـ المزارع الجماعية بشكؿ شبو كامؿ‪ .‬قالت مجمة "المراسمة الصحفية الدولية"(مجمة الكومينترف) في ‪ 88‬إبريؿ ‪" :8926‬إف‬
‫الجميورية السوفيتية األلمانية في الفولجا ىي الدليؿ الحي عمى التقدـ الثقافي والوطني الذي يمي انتصار االشتراكية وتفنيد حي‬
‫لؤلكاذيب واالفتراءات التي يروجيا األعداء الفاشيوف لمبروليتاريا"‪.‬‬
‫قبؿ سنتيف فقط مف طردىـ‪ ،‬ظيرت مقالة في "أنباء موسكو" تقوؿ‪" :‬جميورية فولجا األلمانية‪ ،‬ىي مثاؿ حي لمسياسة‬
‫القومية السوفيتية في التطبيؽ"‪ .‬وبعد ذلؾ‪ ،‬وبعد أف كاف ألماف فولجا قد امتدحوا لسنوات طويمة لتأييدىـ اإلجماعي لمنظاـ‪ ،‬جاء‬
‫مرسوـ حؿ جميوريتيـ‪ ،‬تحت التفسير التالي‪:‬‬

‫وفقا لمعمومات موثوؽ بيا حصمت عمييا السمطات العسكرية‪ ،‬يوجد اآلالؼ وعشرات اآلالؼ مف المحرفيف والجواسيس بيف‬
‫سكاف فولجا األلماف‪ ،‬ممف ىـ مستعدوف لتنفيذ انفجارات في ىذه المناطؽ بإشارة مف ألمانيا‪ .‬ولـ يحدث أف ألمانا (مف سكاف‬
‫مناطؽ فولجا) أخبروا السمطات السوفيتية عف وجود مثؿ تمؾ األعداد الضخمة مف المحرفيف والجواسيس‪ .‬إذف‪ ،‬فاف سكاف مناطؽ‬
‫فولجا األلماف يتستروف عمى أعداء الشعب السوفيتي والسمطة السوفيتية‪.‬‬
‫في مناطؽ االتحاد السوفيتي التي سبؽ احتبلليا بواسطة األلماف‪ ،‬تـ حؿ عدد مف الجميوريات‪ .‬ووصؿ األمر إلى أف‬
‫إجراءات الحؿ ىذه لـ يرد ليا ذكر في الصحافة‪ ،‬بحيث أنو عندما أعطت "برافدا"‪ ،‬في ‪ 87‬أكتوبر ‪ 8995‬قائمة الدوائر االنتخابية‬
‫الخاصة باالنتخابات العامة التالية‪ ،‬اكتشؼ الناس أف عددا مف الجميوريات قد اختفت‪ ،‬منذ متى ال يستطيع المرء أف يعرؼ‪:‬‬
‫ألغيت جميوريات القرـ التتارية ذات الحكـ الذاتي وكالموؾ وشيشينو ‪ -‬اينجوش‪ ،‬ومنطقة كارتشيؼ ذات الحكـ الذاتي‪ ،‬وتـ إجبلء‬
‫السكاف غير الروس‪ .‬وأصبحت جميورية كاباردينيا بالكار ذات الحكـ الذاتي جميورية كاباردينيا بعد طرد البالكار‪.‬‬
‫في أوكرانيا‪ ،‬أعمف خروتشوؼ‪ ،‬رئيس الحكومة في أغسطس ‪ ،8996‬أف نصؼ األشخاص القيادييف في الحزب األوكراني‬
‫قد طردوا أثناء الشيور الثمانية عشر السابقة‪ .‬انو مف المبالغة‪ ،‬حتى بالنسبة لمبيروقراطية الروسية العظيمة‪ ،‬طرد ثبلثيف مميوف‬
‫أوكراني وحؿ "جميوريتيـ"‪.‬‬
‫بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬امتد الصراع الوطني ضد اإلمبريالية الروسية إلى المستعمرات الروسية التي كونت حديثا في‬
‫أوروبا الشرقية‪ .‬كاف المثؿ األكثر برو از ىو التمرد الناجح ليوغسبلفيا ضد الكرمميف‪ .‬وكاف لمديمقراطيات الشعبية األخرى في أوروبا‬
‫أيضا حركات "تيتوية"‪ ،‬أي حركات مقاومة وطنية ضد الحكـ الروسي‪ ،‬إال أف ىذه الحركات لـ تنجح أساسا بسبب ضغط القوات‬
‫الروسية‪ .‬ولعؿ ما يثبت المدى الواسع لحركات المقاومة الوطنية ىذه ىو أف اغمب زعماء األحزاب الشيوعية لمديمقراطيات الشعبية‬
‫قد اتيموا بالتيتوية مف الكرمميف‪ .‬مف بيف الستة أشخاص الذيف شغموا منصب أميف عاـ الحزب عقب إنشاء "الديمقراطيات الشعبية"‬
‫تيتو‪ ،‬أميف عاـ الحزب الشيوعي اليوغسبلفي‪ ،‬كوستوؼ‪ ،‬أميف عاـ الحزب‬ ‫مباشرة‪ ،‬اتيـ األربعة اآلتي ذكرىـ بالتيتوية‪:‬‬
‫البمغاري(اعدـ)‪ ،‬جومولكا‪ ،‬أميف عاـ الحزب البولندي(قبض عميو)‪ ،‬اسبلنسكي‪ ،‬أميف عاـ الحزب التشيكي(اعدـ)‪ .‬ومف بيف وزراء‬
‫كارديمج اليوغسبلفي‪ ،‬وانابوكر الروماني(قبض عميو)‪ ،‬وكميمنتز‬ ‫الخارجية الستة‪ ،‬اتيـ األربعة اآلتي ذكرىـ بنفس الجريمة‪:‬‬
‫التشيكي(أعدـ)‪ ،‬وراجؾ‪ ،‬المجري(اعدـ)‪ .‬ويمكف لمقائمة أف تطوؿ‪)31( .‬‬
‫مف المؤكد أف الصراع مف أجؿ االستقبلؿ الوطني ضد اإلمبريالية الروسية سيستمر طالما استمرت اإلمبريالية الروسية‬
‫وىو أحد العوامؿ األكثر أىمية التي قد تحسـ مصير النظاـ الستاليني‪.‬‬

‫انفصم انتاضغ‪:‬‬
‫انصراع انطبقً فً روضٍا‬

‫من الخطأ الحديث عن مرحمة ستالينية‬
‫إف صعود البيروقراطية إلى مرتبة الطبقة الحاكمة‪ ،‬يوضح أف الرسالة التاريخية لمبيروقراطية الستالينية‪ ،‬وىي إنجاز مرحمة‬
‫الرأسمالية في روسيا‪ ،‬قد تـ استنفادىا عمى الصعيد العالمي‪ ،‬ولكف لـ يتـ استنفادىا بعد عمى الصعيد الوطني‪ .‬في نفس الوقت‪ ،‬فاف‬
‫البيروقراطية باعتمادىا عمى التخطيط ‪ -‬وىو أحد عناصر "المجتمع االشتراكي الغازي" الذي تطبقو إلنجاز رسالتيا الرأسمالية لتراكـ‬
‫رأس الماؿ ‪ -‬تجتاز المضمار التاريخي التقميدي‪ ،‬الذي استغرؽ برجوازية الغرب حوالي مئتي سنة لكي تقطعو‪ ،‬في بضعة عقود‬
‫قميمة معتمدة عمى عناصر مف مجتمع المستقبؿ لكي تعزز عبلقات الماضي‪ ،‬فاف البيروقراطية تقوض سريعا ىذه العبلقات نفسيا‪،‬‬
‫وبذلؾ تعد إضافة جديدة عظيمة لمثورة البروليتارية عمى أساس تاريخي أقوى كثي ار مف عاـ ‪.8987‬‬
‫إف البيروقراطية وىى في سنواتيا األولى كطبقة حاكمة‪ ،‬قد تبنت بالفعؿ الخصائص الشمولية لمرأسمالية المنحطة‪،‬‬
‫الشائخة ؛ إنيا تثبت فعبل طبيعتيا كشذوذ تاريخي ال مستقبؿ لو‪ .‬تضطر البيروقراطية لشف حممة دعائية واسعة ضد البيروقراطييف‪،‬‬
‫لتظير كأنيا المدافع عف العماؿ ضد البيروقراطية‪ :‬لدى البيروقراطية شعور بالذنب‪ ،‬أنيا مغتصب لمسمطة يفتقد الشرعية التاريخية‪.‬‬
‫إف ممكية الدولة الرأسمالية تزيد مف سخط الجماىير‪ .‬فمنذ بداية تشكؿ البيروقراطية كطبقة‪ ،‬إذف‪ ،‬تسمط سيؼ ديموقميس‬
‫فوؽ رأسيا‪ .‬ففي حيف أف رأسمالي القروف مف السادس عشر إلى التاسع عشر كاف بإمكانو أف يتصور مستقببل عظيما يكوف ىو‬
‫فيو ممثبل لكؿ اإلنسانية‪ ،‬إال أف البيروقراطية الستالينية التي تنجز اليوـ الوظيفة التاريخية ليذا الرأسمالي‪ ،‬ال تستطيع إال أف تشعر‬
‫بأف جذورىا تستند عمى سمسمة مؤقتة وعابرة مف الظروؼ الوطنية والعالمية‪ ،‬ومف ىنا تأتي شموليتيا‪.‬‬
‫يكشؼ اإلرىاب البيروقراطي‪ ،‬الذي يطاؿ البيروقراطييف أنفسيـ‪ ،‬عف الوضع الشاذ ليذا اليجيف‪ .‬في الرأسمالية التقميدية‪،‬‬
‫تضمف المنافسة بيف الرأسمالي يف أف كؿ منيـ سيكوف عمى أعمى كفاءة ممكنة‪ .‬أما في ظؿ االقتصاد االشتراكي‪ ،‬فأف أساس الكفاءة‬
‫ىو الوعي االجتماعي الحريص عمى مصالح المجتمع‪ ،‬والعبلقات المتجانسة بيف الناس‪ .‬ولكف البيروقراطية الستالينية ىي النتيجة‬
‫والسبب في نفس الوقت لغياب التجانس بيف الناس‪ ،‬والعداءات الطبقية والشخصية‪ ،‬لؤلنانية البلنيائية القائمة في روسيا‪ .‬إف الحافز‬
‫في االقتصاد االشتراكي القائـ عمى التخطيط ‪ -‬سيطرة المنتجيف لصالح المنتجيف أنفسيـ ‪ -‬ال يوجد إذف في روسيا‪ ،‬وال يمكف أف‬
‫يضمف كفاءة اإلنتاج‪ ،‬ومف ناحية أخرى فاف االرتباط المباشر بيف كفاءة المشروع الواحد ودخؿ مديريو‪ ،‬وىو ارتباط موجود في ظؿ‬
‫الرأسمالية الفردية‪ ،‬ال يوجد أيضا‪ .‬لذا فأف الوسيمة اليامة الوحيدة لضماف الكفاءة المتبقية لمدولة البيروقراطية ىي اإلرىاب الموجو‬
‫ضد البيروقراطييف األفراد‪ .‬إف إرىاب البيروقراطية ضد البيروقراطييف لو وظيفة أخرى إلى جانب ذلؾ‪ ،‬وكما كتب سيميجا‪:‬‬
‫ذكرتني ىذه الطريقة األصيمة لتيدئة غضب الشعب (التطييرات اإلرىابية) بتقرير ماركوبولو عف اإلمبراطور المنغولي الذي‬
‫كاف يحكـ بكيف في ذلؾ الوقت‪ .‬كاف مف المعتاد مرة كؿ عشرة أو خمس عشرة سنة أف يسمـ لمجماىير الوزير الذي يمقتونو اشد‬
‫المقت ‪ ،‬مما كاف يتيح لئلمبراطور اضطياد شعبو بيدوء خبلؿ السنوات العشر أو الخمس عشرة التالية‪ .‬ما رأيتو في روسيا‪ ،‬كاف‬
‫يدفع بيذا اإلمبراطور المنغولي بشكؿ متكرر إلى ذىني‪)8( .‬‬

‫وحيث أف الفجوة القائمة بيف البيروقراطية الستالينية والجماىير أعمؽ كثي ار مف أي فجوة وجدت في التاريخ بيف الحكاـ‬
‫والمحكوميف‪ ،‬فانو لمف األىمية القصوى لمبيروقراطية أف تجد أكباش فداء‪.‬‬
‫وعمى الرغـ مف أف البيروقراطية قد ولدت بكؿ سمات الطبقة المنحطة‪ ،‬فانو سيكوف مف التبسيط الشديد أف نقوؿ إف كؿ‬
‫تقدـ لمقوى اإلنتاجية‪ ،‬كؿ إضافة لمطبقة العاممة ستقوض مباشرة وفو ار وضع البيروقراطية‪ .‬ال‪ ،‬الواقع أكثر تعقيدا مف ذلؾ بكثير‪.‬‬
‫التأثير المباشر األولي لمتصنيع والتجميع عمى عبلقات القوى بيف البروليتاريا والبيروقراطية‪:‬‬
‫لقد زاد عدد العماؿ في روسيا سريعا جدا أثناء الخطة الخمسية األولى‪ .‬في عاـ ‪ 8938‬كاف عدد األشخاص المشتغميف‬
‫في الصناعات التحويمية واستخراج المعادف ثبلثة مبلييف‪ ،‬وقد وصؿ في عاـ ‪ 8923‬إلى ثمانية مبلييف‪ ،‬بزيادة مقدارىا ‪.%861‬‬
‫ىكذا فاف الغالبية العظمى مف الطبقة العاممة كانت عناصر خاـ جاءت حديثا مف القرى‪ ،‬لـ يتـ تعميميا وتنظيميا بعد مف خبلؿ‬
‫عممية اإلنتاج االجتماعي‪.‬‬
‫في نف س الوقت‪ ،‬فاف التنمية الصناعية السريعة‪ ،‬والنقص الحاد الناتج عنيا في التقنييف‪ ،‬والعماؿ الميرة‪ ،‬والموظفيف‪ ،‬الخ‪،‬‬
‫فتح أبواب البيروقراطية أماـ الكثير مف العماؿ القدامى‪ ،‬وبالطبع كمما ازداد العامؿ خبرة و ذكاء‪ ،‬كمما ازدادت فرصتو في الصعود‬
‫في التسمسؿ اليرمي‪.‬‬
‫ىذاف ا لعامبلف‪ ،‬إضعاؼ تركيبة الطبقة العاممة بإضافة عناصر خامة إلييا وخروج العناصر الصمبة المقاتمة منيا كانا‬
‫عقبة خطيرة‪ ،‬أماـ بروز حركة عمالية مستقمة قبؿ بضعة عقود في الظروؼ التاريخية المختمفة لمواليات المتحدة األمريكية‪ .‬في‬
‫روسيا‪ ،‬كانت الصعوبات أماـ الحركة العمالي ة أثناء الخطط الخمسية أكبر كثي ار مف تمؾ التي واجيتيا الحركة العمالية األمريكية‪.‬‬
‫إلى جانب الضغط الرىيب لمبوليس السري‪ ،‬وانياؾ الجماىير بعد سنوات كثيرة مف الجيد فوؽ اإلنساني‪ ،‬والحيرة األيديولوجية التي‬
‫تظير كنتيجة وسبب في نفس الوقت لضعؼ الحركة العمالية الروسية في ذلؾ الوقت‪ ،‬ىناؾ عامؿ إضافي‪ :‬خمؽ البيروقراطية‬
‫لشريحة مف الصفوة بيف المضطيديف‪ .‬ىذا ىو أحد األسمحة األكثر كفاءة التي يمكف لممضطيد أف يستخدميا في اضطياده‬
‫لمجماىير‪.‬‬
‫عندما قاؿ نابميوف أف حتى المدافع الثقيمة ال تستطيع أف تقؼ في وجو البطوف الفارغة‪ ،‬لـ يكف صائبا تماما‪ .‬البطوف‬
‫الجائعة في ظؿ ظروؼ معينة تؤدي ال إلى التمرد وانما إلى الخضوع‪ .‬كاف ىذا ىو الحاؿ في السنوات األولى لمتصنيع الذي نفذتو‬
‫البيروقراطية الستالينية‪ .‬وكما قاؿ فيكتور سيرج‪:‬‬
‫ستؤدي سياستيا (البيروقراطية) إلى بؤس عظيـ‪ ،‬ولكف في ظؿ ىذا البؤس تصبح اتفو المكاسب المادية ثمينة‪ ،‬سيكوف كافيا‬
‫إعطاء العامؿ طبقا مف الشوربة يوفر الحد األدنى مف التغذية ومأوى يوفر الحد األدنى لمسكف في الشتاء‪ ،‬لكي يمحؽ نفسو‬
‫بالمترفيف وسط الحرماف العاـ‪ ...‬بتمؾ الطريقة ستتكوف شريحة مف البيروقراطييف التابعيف في المشروعات‪ ،‬وفي خبليا الحزب‪ ،‬وفي‬
‫القرى حيث ينتظر أف يؤدى نظاـ التجميع إلى تمييز جديد بيف القادة والمقوديف‪ .‬وحوؿ القادة سيدور العمبلء المتشوقوف لمخدمة‪.‬‬
‫سيعزز البؤس مركز أولئؾ الذيف جمبوه‪)3(.‬‬

‫ضغط اآللة البوليسية الشمولية‬
‫ال يمكف لممرء أف يبالغ في تقدير الصعوبات التي تضعيا اآللة البوليسية أماـ التنظيـ المستقؿ لمعماؿ في روسيا‪ .‬إف‬
‫الطبقة العاممة مفتتة‪ ،‬وأية محاولة لبناء تنظيمات مستقمة مف أي نوع أو لمتعبير عف رغبات الجماىير تقمع بوحشية‪ .‬يجبر العماؿ‬
‫عمى االنضماـ لمنظمات تقودىا وتسيطر عمييا الدولة وتغص بجواسيسيا‪ .‬إف الجمع بيف الدعاية واإلرىاب المصمـ لضماف‬
‫احتكار البيروقراطية لمدعاية ال يضع حدودا لؤلكاذيب التي تنشرىا‪ ،‬الغتصاب روح الجماىير بدفعيـ إلى المظاىرات الجماىيرية‬
‫واالجتماعات العامة‪ ،‬واجبارىـ عمى الحط مف أنفسيـ والتغني بالمديح لمضطيدييـ‪ .‬كؿ ىذه األسمحة البيروقراطية تجعؿ العممية‬
‫الجزئ ية لتنظيـ وتعميـ العماؿ عسيرة جدا‪ .‬لدينا جميعا مؤشرات عمى أنو حتى البروليتاريا األلمانية الخبيرة والمثقفة كانت ستحتاج‬
‫لسنوات عديدة‪ ،‬وربما عقود‪ ،‬لتحطيـ اآللة النازية بقدرتيا الذاتية‪ ،‬حتى في ساعات أكبر اليزائـ العسكرية التي منيت بيا ألمانيا‬
‫النازية لـ تحدث ثورة جماىيرية لمعماؿ في الجبية الداخمية‪.‬‬
‫(فيما يتعمؽ بيذا‪ ،‬ال يجب عمى المرء أف ييمؿ التأثير الياـ لمدعاية الشوفينية اليمياىرنبيرج في مساعدة النازييف عمى‬
‫عبلج الشروخ في حائط "الوحدة الوطنية األلمانية"‪).‬‬
‫إف البروليتارية الروسية الخاـ التي جاءت غالبيتيا العظمى مف الريؼ مف سنوات قميمة مضت‪ ،‬والتي لـ يعرؼ سوى‬
‫‪ % 81‬منيا عمى األكثر الظروؼ في ظؿ القيصرية‪ ،‬عندما كانت النقابات العمالية قانونية‪ ،‬وكاف لؤلحزاب العمالية المختمفة‬
‫صحافة قانونية‪ ،‬ستجد صعوبة قصوى في تعمـ ألؼ باء التنظيـ واأليديولوجية االشتراكية في ظؿ حكـ ستاليف‪.‬‬
‫االنتصارات العسكرية لروسيا‬
‫أحد العوامؿ التي قوت حكـ البيروقراطية ىو انتصاراتيا العسكرية‪ .‬وقد ساىمت عدة عوامؿ في ىذه االنتصارات‪ .‬أوال‪،‬‬
‫يسمح قمع الجماىير المطمؽ لستاليف بتخصيص نسبة مف الدخؿ القومي ألىداؼ الحرب‪ ،‬أكبر مما ىو ممكف في بمداف الغرب‪.‬‬
‫كاف بوسعو‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬أف يحقؽ "معجزة" بنقؿ مبلييف العماؿ إلى الشرؽ واسكانيـ في حفر داخؿ األرض‪ .‬ثانيا‪ ،‬يضمف‬
‫القير البوليسي ىدوء الجبية الداخمية‪" ،‬ميزة" أخرى لروسيا عمى الببلد الرأسمالية الديمقراطية‪ .‬سبب نفس ىذيف العامميف التفوؽ‬
‫المطمؽ أللمانيا عمى فرنسا وبريطانيا‪ ،‬والذي لـ تتـ موازنتو آخر األمر إال بتعاوف اآللة الصناعية األمريكية (التي تنتج أربعة‬
‫أضعاؼ ما تنتجو ألمانيا) والروسية‪ .‬في حيف أف االنتصارات العسكرية الروسية كانت إلى حد كبير نتيجة "لميدوء" عمى الجبية‬
‫الداخمية واحباط ويأس الجماىير الكادحة‪ ،‬فيي قد أصبحت كانت بدورىا عامبل ىاما في استقرار النظاـ الستاليني‪ .‬وعمى سبيؿ‬
‫المناظرة‪ ،‬ال يستطيع المرء أف يقمؿ مف أىمية انتصارات ألمانيا النازية في اإللساز والنمسا والسويد وتشيكوسموفاكيا وبولندا وفرنسا‬
‫كعامؿ في التأثير عمى نفسية الجماىير األلمانية‪.‬‬
‫البيروقراطية تخمق حفار قبرىا‬
‫النتيجة األولية لمتصنيع ونظاـ التجميع في روسيا كانت تقوية وضع البيروقراطية‪ .‬بعد سنوات قميمة‪ ،‬بدأت عممية عكسية‪،‬‬
‫اآلف‪ ،‬كؿ خطوة لؤلماـ لمقوى اإلنتاجية تقوض وضع البيروقراطية‪.‬‬
‫خبلؿ الخطة الخمسية األولى‪ ،‬ارتفع عدد العماؿ المشتغميف بالصناعة والتعديف مف ثبلثة مميوف إلى ثمانية مميوف‪ ،‬ارتفاع‬
‫مقداره ‪ .%861‬خبلؿ الخطة الخمسية الثانية ارتفع العدد مف ثمانية مميوف إلى ‪8‬ر‪ 81‬مميوف فقط‪ ،‬ارتفاع مقداره ‪ .%35‬استيدفت‬

‫الخطة الخمسية الثالثة الزيادة إلى ‪9‬ر‪ 88‬مميوف في عاـ ‪ ،8993‬ارتفاع مقداره ‪7‬ر‪ .%86‬ىكذا فعمى الرغـ مف تصفية الكثير مف‬
‫العماؿ في "التطييرات " فاف عدد العماؿ القدامى أصحاب السنوات العديدة مف المشاركة في عممية اإلنتاج يزداد بانتظاـ‪.‬‬
‫في نفس الوقت تضيؽ األبواب إلى البيروقراطية مع وضع المزيد والمزيد مف العراقيؿ في طريؽ التعميـ العالي‪ ،‬وينخفض‬
‫معدؿ انضماـ أفضؿ العناصر بيف العماؿ إلى البيروقراطية‪.‬‬
‫إف تبمور البروليتاريا الناتج عف نضوب تيار العناصر الخاـ الواردة إلييا ونضوب تيار العناصر الخبيرة الخارجة منيا ىو‬
‫عممية فائقة األىمية‪.‬‬
‫إف الميمة التاريخية لمبيروقراطية ىي رفع إنتاجية العمؿ‪ .‬وبقياميا بذلؾ تدخؿ البيروقراطية في تناقضات عميقة‪ .‬لكي يتـ‬
‫رفع إنتاجية العمؿ فوؽ نقطة معينة‪ ،‬ينبغي أف يرتفع مستوى معيشة الجماىير‪ ،‬حيث أف العماؿ ناقصي التغذية وذوي اإلسكاف‬
‫الرديء وغير المتعمميف يكونوف عاجزيف عف اإلنتاج الحديث‪ .‬تتعامؿ البيروقراطية مع مشكمة مستوى معيشة الجماىير بنفس‬
‫الطريقة التي يتعامؿ بيا الفبلح مع مشكمة تغذية جياده‪" :‬كـ ينبغي أف أعطي لكي أحصؿ عمى المزيد مف العمؿ المنجز؟" ولكف‬
‫العماؿ إلى جانب أف ليـ أيدي‪ ،‬ليـ عقوؿ‪ .‬إف رفع مستوى معيشة وثقافة الجماىير‪ ،‬يعني زيادة ثقتيـ بأنفسيـ‪ ،‬وزيادة شييتيـ‪،‬‬
‫ونفاذ صبرىـ حياؿ افتقاد الحقوؽ الديمقراطية واألمف الشخصي‪ ،‬ونفاذ صبرىـ مف البيروقراطية التي تبقى عمى ىذه األعباء‪ .‬مف‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬فاف تدنى مستوى معيشة الجماىير يعنى اإلبقاء عمى اإلنتاجية المنخفضة الحالية لمعمؿ‪ ،‬وىو أمر ميمؾ لمبيروقراطية‬
‫في الوضع العالمي الحالي‪ ،‬ويميؿ لدفع الجماىير أف عاجبل أو آجبل إلى تمردات اليأس‪.‬‬
‫إف البيروقراطية‪ ،‬تزيد أعداد الطبقة العاممة عمى أساس أعمى تركيز عرفو التاريخ‪ .‬ورغـ محاوالتيا المستميتة لسد الفجوة‬
‫بيف العمؿ المأجور المركز ورأس الماؿ المركز‪ ،‬ومحاوالتيا المستميتة إلخفاء ىذه الفجوة وراء شعار "الممكية االشتراكية"‪ ،‬فاف‬
‫البيروقراطية تأتي إلى الوجود بقوة ستصطدـ بيا بعنؼ إف عاجبل أو آجبل‪.‬‬
‫إف كوف ستاليف قد اضطر‪ ،‬بعد سنوات قميمة مف التصنيع والزراعة الجماعية‪ ،‬عندما كانت الطبقة العاممة ال تزاؿ شابة‬
‫وخاـ نسبيا ‪ -‬إلى أف يكوف شموليا بالكامؿ ويصنع مكائد ال سابؽ ليا في التاريخ‪ ،‬يشير إلى سرعة اإليقاع الكبيرة التي تطور بيا‬
‫الصراع الطبقي في روسيا‪.‬‬
‫الكفاءة المتناقصة لمدعاية الستالينية‬
‫إف الفعالية المتناقصة لمدعاية السوفيتية وضعفيا عندما تكذبيا وقائع الحياة الصمبة‪ ،‬تشير إلييا ظاىرتاف ال يمكف‬
‫تفسيرىما بغير ذلؾ‪ .‬األولى ىي المدى الواسع الذي انضـ بو أسرى الحرب السوفيت طوعا لمجيش النازي‪ ،‬والثانية ىي األعداد‬
‫الضخمة مف الروس الذيف لـ يعودوا بعد الحرب‪.‬‬
‫أثناء الحرب‪ ،‬خدـ نصؼ مميوف مواطف سوفيتي أو أكثر في الجيش النازي تحت القيادة األلمانية‪ )2( .‬ومف بيف حوالي‬
‫خمسيف جنراؿ سوفيتي أسرىـ األلماف‪ ،‬تعاوف حوالي عشرة مع ىتمر ضد ستاليف‪ )9( .‬لـ تظير أية مجموعة وطنية أخرى مف‬
‫أسرى الحرب استعدادا مشابيا لبلنضماـ لمنازييف‪ .‬وبعد الحرب‪ ،‬لـ يعد الكثير مف المواطنيف السوفيت إلى بمدىـ‪ ،‬وكوف أف "غير‬
‫العائديف" ىؤالء ليسوا‪ ،‬بصفة عامة‪ ،‬نفس األشخاص الذيف انضموا لمقوات النازية‪ ،‬يتضح مف أف األخيريف قد أعيدوا قس ار إلى‬
‫وطنيـ بواسطة الجيش السوفيتي وبواسطة الواليات المتحدة وبريطانيا وفرنسا أيضا‪ .‬إف عدد غير العائديف كبير‪ ،‬واف لـ يكف مف‬

‫الممكف قياسو بدقة‪ .‬وفقا لتصريح سوفيتي رسمي‪ ،‬فاف عدد المواطنيف السوفيت الذيف لـ يعودوا لبلتحاد السوفيتي بعد الحرب كاف‬
‫‪ 911‬ألؼ (في مقابؿ ‪5‬ر‪ 5‬مميوف عادوا)‪ )5( .‬ولـ يظير مواطنو بمد آخر مثؿ ىذا الرفض في العودة لموطف‪ ،‬ومثؿ ىذا التفضيؿ‬
‫لمخاطر ومصاعب معسكرات المنفى‪ .‬يعكس ىذا الواقع السوفيتي‪ ،‬كما يشير إلى القدرة المحدودة لمدعاية الستالينية‪.‬‬
‫األىداف االجتماعية لممعارضة المعادية لمستالينية‬
‫عمى الرغـ مف افتقارىا لمتنظيـ وعدـ القدرة عمى التعبير عف نفسيا‪ ،‬فاف قوى المعارضة المعادية لمستالينية في االتحاد‬
‫السوفيتي تسعى بوعي أو بشبو وعي أو حتى ببل وعي ليدؼ يمكف‪ ،‬إلى حد كبير‪ ،‬استنتاجو مف البناء االقتصادي واالجتماعي‬
‫والسيا سي لرأسمالية الدولة البيروقراطية‪ ،‬البناء الذي تيدؼ ىذه القوى إلسقاطو‪ .‬ال يمكف التراجع خطوات مف اقتصاد ممموؾ لمدولة‬
‫ومخطط إلى اقتصاد فوضوي يقوـ عمى الممكية الفردية‪ .‬وال يعود ىذا فقط أو حتى أساسا إلى عدـ وجود أفراد يستطيعوف ادعاء‬
‫الحؽ القانوني أو التاريخي في ممكية القسـ األعظـ لمثروة‪ .‬إف استبداؿ صناعة الدولة كبيرة الحجـ بالصناعة الفردية سيكوف تراجعا‬
‫تقنيا اقتصاديا‪ .‬وىكذا فبالنسبة لجماىير الشعب‪ ،‬يمكف أف يكوف إلسقاط الشمولية الستالينية معنى حقيقي فقط إذا حولت‬
‫الديمقراطية السياسية الثروة العامة إلى ممكية حقيقية لممجتمع‪ ،‬مكونة بذلؾ ديمقراطية اشتراكية‪ .‬إف ىذا االستنباط لمبرنامج المحتمؿ‬
‫لممعارضة المعادية لمستالينية مف المعمومات الموضوعية لرأسمالية الدولة البيروقراطية تؤيده بوضوح البرامج الفعمية لحركتيف‬
‫منظمتيف معاديتيف لمستالينية‪ ،‬ظيرتا أثناء الحرب العالمية الثانية ‪ -‬حركة فبلسوؼ وجيش النيضة األوكراني‪.‬‬
‫قاؿ الجنراؿ ماليشكيف‪ ،‬الجنراؿ السوفيتي السابؽ وأحد أىـ مساعدي الجنراؿ فبلسوؼ‪:‬‬
‫موقفنا‪ ...‬ىو أف كؿ ىذه الصناعات التي شيدت أثناء فترة البمشفية عمى حساب دماء وعرؽ الشعب كمو‪ ،‬يجب أف تصبح‬
‫ممكية الدولة‪ ..‬الممكية القومية‪ ...‬وا ذا ظير مع ذلؾ أف ىذا مجديا‪ ،‬وفي مصمحة الشعب‪ ،‬فاف الدولة لف تعارض مشاركة المبادرة‬
‫الفردية‪ ...‬ستكوف المبادرة الفردية ممكنة ليس فقط في الممتمكات الفبلحية والصناعية‪ ...‬إننا نؤمف بأف المبادرة الفردية يجب أف‬
‫تشارؾ أيضا في جوانب أخرى مف النشاط االقتصادي مثؿ التجارة والصناعات اليدوية والعمؿ الحرفي‪ ...‬لجميع المشاركيف‬
‫السابقيف في الحركة البيضاء‪ ،‬نستطيع أف نقوؿ بحسـ ما يمي‪ :‬ليس منا مف يؤمف بعودة النببلء وكبار المبلؾ‪ ،‬بعودة االمتيازات‬
‫القائمة عمى أساس األصؿ أو المقاـ أو الثروة‪ ،‬بعودة األشكاؿ الحكومية التي تجاوزت عمرىا االفتراضي‪ ،‬إلى روسيا‪)6( .‬‬
‫ال ييمنا ىنا إف كاف قادة فبلسوؼ مخمصيف أـ ال‪ .‬إف مجرد كونيـ قد اتخذوا موقفا لصالح ممكية الدولة في الصناعة‬
‫الكبيرة‪ ،‬وىذا في ألمانيا النازية ‪ -‬لدليؿ عمى أف موقفا كيذا فقط كاف يمكف أف يجذب أسرى الحرب السوفيت الذيف حاولوا تجنيدىـ‪.‬‬
‫اتخذ جيش النيضة االوكراني موقفا مماثبل‪ .‬شنت ىذه المجموعة حرب عصابات ضد الجيشيف األلماني والروسي معا‪ ،‬وتمكنت‬
‫مف الحفاظ عمى مقاومة تحت األرض في أوكرانيا السوفيتية‪ .‬في عاـ ‪ ،8992‬في نشراتيا في فوليينيا‪ ،‬كاف أىـ شعار ليا "فقط في‬
‫دولة اوكرانيا المستقمة يمكف تحقيؽ الشعارات العظيمة لثورة أكتوبر" (‪ )7‬اقترح جيش النيضة األوكراني‪ ،‬ما يمي كبرنامج لو إلقامة‬
‫نظاـ اجتماعي جديد في الدولة األوكرانية‪:‬‬
‫مع ممكية الدولة ‪ -‬المؤممة‪ ،‬والتعاونية ‪ -‬االجتماعية في الصناعة والمالية والتجارة‪.‬‬
‫مع ممكية الدولة ‪ -‬المؤممة‪ ،‬في األرض‪ ،‬وممارسة الزراعة جماعيا أو فرديا‪ ،‬وفقا لرغبات السكاف‪.‬‬
‫العودة لمرأسمالية في أية حاؿ تعتبر تراجعا‪)8( .‬‬

‫ذكرت نشرة أخرى لجيش النيضة األوكراني‪:‬‬
‫تتطمب التصفية الكاممة لمصراع الطبقي تدمير مصدر الطبقات ذاتيا‪ ،‬أي في الببلد الرأسمالية ‪ -‬نظاـ الممكية الفردية‬
‫لوسائؿ اإلنتاج ‪ -‬وفي حالة االتحاد السوفيتي االحتكار السياسي لمحزب الستاليني والنظاـ الدكتاتوري الشمولي‪)9( .‬‬
‫ومرة أخرى‪:‬‬
‫النظاـ السوفيتي‪ ...‬ليس نظاما اشتراكيا‪ ،‬حيث ال تزاؿ توجد فيو الطبقات المستغمة والمستغمة‪ .‬عماؿ االتحاد السوفيتي ال‬
‫يريدوف الرأسمالية وال االشتراكية الستالينية الزائفة‪ .‬انيـ يطمحوف لمجتمع ال طبقي فقط‪ ،‬إلى ديمقراطية شعبية حقا‪ ،‬إلى حياة حرة‬
‫في دوؿ حرة ومستقمة‪ .‬اليوـ المجتمع السوفيتي‪ ،‬أكثر مف أي مجتمع آخر عمى أعتاب الثورة االجتماعية‪ .‬في االتحاد السوفيتي‪،‬‬
‫تقوى الثورة االجتماعية بالثورات الوطنية لمقوميات المضطيدة"‪)81( .‬‬
‫ختـاما‪:‬‬
‫في ببلد الديمقراطية الرأسمالية‪ ،‬بؿ والى حد كبير في روسيا القيصرية والببلد المستعمرة‪ ،‬يتخذ الصراع الطبقي لمبروليتاريا‬
‫مبدئيا شكؿ الصراعات االقتصادية الجزئية و "السممية" والمنظمة و "المخططة"‪ .‬في روسيا الستالينية‪ ،‬وبسبب القير البوليسي‬
‫الوح شي فاف مثؿ ىذه الصراعات مستبعدة‪ .‬ىنا كما في جيوش الببلد الرأسمالية حيث يكوف الجنود بصفة مستمرة تحت سياط‬
‫القانوف العسكري‪ ،‬ال تجد العممية الجزئية لتبمور المعارضة الجماىيرية لمحكاـ تعبي ار خارجيا مباش ار وواضحا‪ .‬وال تستطيع الجماىير‬
‫أف تنضـ لممعركة إال عندما تكوف الظروؼ قد أصبحت غير محتممة‪ ،‬ويكوف قد أصبح واضحا لمجماىير أف نص ار حاسما يمكف‬
‫تحقيقو‪ .‬فبالنسبة لمجماىير الروسية أف تقاتؿ اليوـ أمر اصعب مما كاف عميو األمر بالنسبة لمجنود في روسيا القيصرية‪ .‬فقد تمرد‬
‫جنود العيد القيصري فقط بعد أف أروا أف جماىير الشعب كانت في حالة تمرد‪ .‬أعطت متاريس العماؿ لمجنود الثقة في قوة الشعب‬
‫وأليمتيـ بالثورة ضد ضباطيـ‪ .‬في روسيا ال توجد أي جماعة بيف الشعب ليست تحت رقابة اشد مما كاف عميو الجيش القيصري‬
‫في أي وقت‪ .‬ولف تشتعؿ الجماىير بالتمرد إال عندما يتراكـ الغضب والسخط الكامف في قموبيـ حتى يصبح جاى از لبلنفجار‪.‬‬
‫(يمكف لثورة بروليتارية في الغرب بداىة أف تسرع ىذه العممية بمقدار يصعب تقديره)‪ .‬إف الصراع الطبقي في روسيا الستالينية‬
‫ينبغي حتما أف يعبر عف نفسو في انفجارات تمقائية ىائمة لممبلييف‪ .‬وحتى ذلؾ الوقت سيبدو عمى السطح أف البركاف خامد‪ .‬حتى‬
‫ذلؾ الوقت سيجعؿ التسمط فائؽ القدرة لمبوليس السري‪ ،‬مف المستحيؿ عمى حزب ثوري أف يخترؽ الجماىير أو ينظـ أي عمؿ‬
‫منظـ كائنا ما كاف‪ .‬الثورة التمقائية‪ ،‬بتحطيميا لمكعب الحديدي لمبيروقراطية الستالينية‪ ،‬ستفتح المجاؿ لمنشاط الحر لجميع األحزاب‬
‫واالتجاىات والجماعات داخؿ الطبقة العاممة‪ .‬إنيا ستكوف الفصؿ األوؿ في الثورة البروليتارية المنتصرة‪ .‬الفصؿ األخير ال يمكف‬
‫أف يكتبو غير الجماىير المعبأة ذاتيا‪ ،‬والواعية باألىداؼ االشتراكية‪ ،‬وبوسائؿ تحقيقيا‪ ،‬والتي يقودىا حزب ماركسي ثوري‪.‬‬

‫يٍ ضتانٍٍ إنى جىرباتشىف‬ ‫حاشٍت ‪:9988‬‬
‫كرٌص هارياٌ‬ ‫بقهى‪:‬‬
‫ظيرت الطبعة األولى مف ىذا الكتاب (‪ )8‬عندما كانت الستالينية في قمتيا ‪ -‬بعد االحتبلؿ الروسي ألوروبا الشرقية وقبؿ‬
‫الشقاؽ بيف تيتو وستاليف‪.‬‬
‫في مارس ‪ 8952‬مات ستاليف‪ ،‬وخبلؿ شيور ظيرت تصدعات ىائمة في الصرح الذي بناه‪ .‬سرعاف ما بدأ نوابو السابقوف‬
‫في الشجار الحاد‪ .‬في بادئ األمر بدا أف مالينكوؼ قد ورث سمطة ستاليف‪ ،‬مدعػوما بقػوة مػف بيريا‪ ،‬قائد البوليس الشيير بسوء‬
‫سمعتو‪ .‬ثـ اعدـ بيريا فجأة وحؿ خروتشوؼ محؿ مالينكوؼ في الوضع المسيطر داخؿ القيادة‪.‬‬
‫كانت المشاحنات مصحوبة بالتغييرات الفجائية والحادة في السياسة‪ ،‬فآلة اإلرىاب التي كانت شديدة األىمية في أياـ ستاليف‬
‫انتكست فجأة‪ .‬وأدينت أحدث المؤامرات المكتشفة (ما يسمى بمؤامرة األطباء) باعتبارىا مكيدة‪ ،‬وتـ القبض عمى أولئؾ الذيف قيؿ‬
‫أنيـ كانوا قد حرضوا عمى حمبلت االعتقاؿ‪ .‬وفي السنوات الثبلث التالية‪ ،‬افرج عف ‪ %91‬مف أولئؾ الذيف كانوا في معسكرات‬
‫العمؿ‪.‬‬
‫اعترفت القيادة الروسية الجديدة عبلنية أف أخطاء ىائمة قد ارتكبت عمى مدى السنوات الثبلث األولى‪ ،‬ألقت الموـ فيما‬
‫يتعمؽ بيذه األخطاء عمى بيريا و "عصابة مف الجواسيس المعاديف لبلشتراكية" الذيف "اخترقوا" جياز الدولة‪ .‬ولكف بعد ذلؾ في عاـ‬
‫‪ ، 8956‬أداف خروتشوؼ ستاليف نفسو (واف كاف في السر) في المؤتمر العشريف لمحزب الشيوعي لبلتحاد السوفيتي‪ ،‬وفي عاـ‬
‫‪ 8963‬جعؿ جزءا مف سياسة اإلدانة عمنيا‪ ،‬بنقؿ جثماف ستاليف مف ضريح لينيف في موسكو‪.‬‬
‫لقد صحبت الخبلفات في قمة إمبراطورية ستاليف باندالع موجة سخط مفاجئة مف اسفؿ‪ .‬فالعماؿ في معسكرات العمؿ‬
‫العبودي في روسيا لـ ينتظروا حتى يقوـ النظاـ بإعادة النظر في قضاياىـ‪ :‬في يوليو ‪ 8952‬أضرب نزالء أكبر وأسوأ المعسكرات‬
‫عمى الرغـ مف إعداـ أكثر مف ‪ 831‬مف قادة اإلضراب رميا بالرصاص‪ .‬وفي برليف الشرقية رد عماؿ البناء عمى الزيادة في‬
‫معدالت العمؿ بإضراب تحوؿ إلى شبو انتفاضة لكؿ العماؿ في ألمانيا الشرقية‪.‬‬
‫في يونيو ‪ 8956‬تكرر ىذا العمؿ بواسطة عماؿ بوزناف في بولندا‪ ،‬وفي أكتوبر ‪ 8956‬بواسطة عماؿ كؿ المجر‪ .‬وقمعت‬
‫ىذه التمردات بأكثر األشكاؿ دموية‪ .‬إال أف ىذا لـ يحدث إال بعد أف اىتزت األوىاـ التي كانت لدى الكثير مف االشتراكييف حوؿ‬
‫روسيا ‪ -‬كما إنيا تحدت أيضا أي رأي يقوؿ بأف الدوؿ الشرقية ىي كتؿ صخرية ميتة ال يمكف تخيؿ التمرد فييا‪.‬‬
‫عمى الرغـ مف ذلؾ‪ ،‬فاف االعتقاد بأف روسيا مختمفة عف ومتفوقة جوىريا عمى الغرب‪ ،‬ظؿ أم ار مسمما بو مف جانب‬
‫أغمب اليسار عالميا‪ .‬فحتى عاـ ‪ 8961‬جادؿ سياسي حزب العمؿ البريطاني ريتشارد كروسماف (كاف قبؿ ذلؾ محرر كتاب‬
‫الحرب الباردة‪" ،‬اإللو الذي فشؿ") بأف تفوؽ "التخطيط" الروسي عمى الرأسمالية الغربية سيكوف مف شأنو آخر األمر أف يجبر الدوؿ‬
‫الغربية عمى انتياج توجو اشتراكي‪ )3( .‬وعمى يسار ذلؾ‪ ،‬جادؿ أبرز مثقفي األممية الرابعة ايرنست مانديؿ في عاـ ‪ 8956‬بأف‪:‬‬
‫"يحتفظ االتحاد السوفيتي بإيقاع ثابت بدرجة أو بأخرى لمنمو االقتصادي‪ ،‬خطة بعد خطة‪ ،‬وعقد بعد عقد‪ ،‬دوف أف يؤثر تقدـ‬
‫الماضي عمى احتماالت المستقبؿ‪ ...‬إف جميع قوانيف التطور لبلقتصاد الرأسمالي التي تسبب إبطاءاً في سرعة النمو االقتصادي قد‬
‫تـ التغمب عمييا"‪)2( ....‬‬

‫دفع مثؿ ىذا التفكير مانديؿ لمتعبير عف تفضيمو لمحاولة إصبلح النظاـ فوقيا بواسطة جمولكا مثبل في بولندا عمى‬
‫تحقيؽ ذلؾ بواسطة تمرد العماؿ في المجر‪ )9( .‬بؿ انو دفع كاتب سيرة تروتسكي ‪ -‬اسحؽ دويتشر إلى ابعد مف ذلؾ ‪ -‬إلى تأييد‬
‫سحؽ الثورة المجرية‪.‬‬
‫كانت مثؿ ىذه اآلماؿ في التوجيات اإلصبلحية لحكاـ الدوؿ الشرقية منتشرة في سنوات ما بعد عاـ ‪ .8956‬ورغـ أنيا‬
‫انيارت مع عزؿ خروتشوؼ عف السمطة فػي عاـ ‪ ،8969‬إال أنيا قد انتعشت لفترة قصيرة أثناء فترة دوبتشيؾ في تشيكوسموفاكيا‬
‫في النصؼ األوؿ مف عاـ ‪ . 8968‬وىي تنتعش اآلف مرة أخرى مع برنامج الجبلسنوست (المكاشفة) والبيروسترويكا (إعادة البناء)‬
‫الذي يطرحو جورباتشوؼ‪.‬‬
‫فترة خروتشوف‬
‫وسع توني كميؼ عممو عف الستالينية بدراسات عف دوؿ أوروبا الشرقية (‪ )5‬والصيف (‪ )6‬كتبت في عامي ‪ 8951‬و‬
‫‪ . 8957‬وفي أواخر الخمسينات وأوائؿ الستينات شرع في تعميؽ تحميمو لروسيا لكي يفسر إصبلحات فترة خروتشوؼ ويبيف أوجو‬
‫قصورىا المتأصمة فييا‪.‬‬
‫في عاـ ‪ 8997‬كاف قد أشار بالفعؿ إلى التناقض المركزي في روسيا الذي ضمف تزايد األزمة والتمرد العمالي آخر‬
‫األمر‪ .‬كاف دور البيروقراطية ىو تصنيع روسيا برفع إنتاجية العمؿ‪ .‬كاف بإمكانيا حتى نقطة معينة أف تفعؿ ذلؾ بواسطة القير‬
‫والحد األدنى مف مستويات المعيشة‪ .‬واصؿ كميؼ قولو‪ :‬ولكف بعد نقطة معينة "لكي يتـ رفع إنتاجية العمؿ ينبغي أف يرتفع مستوى‬
‫معيشة الجماىير‪ ،‬حيث أف العماؿ الذيف يعانوف مف سوء التغذية ورداءة اإلسكاف وفقر المستوى التعميمي‪ ،‬ال يستطيعوف إنجاز‬
‫الكثير في مجاؿ اإلنتاج الحديث"‪ .‬وقد رأى أف الفشؿ في رفع مستويات المعيشة‪ ،‬قد يؤدى بالفعؿ إلى ىبوط معدؿ نمو اإلنتاجية‬
‫والى اىتزاز تطور اإلنتاج‪ )7( .‬إال أف ضآلة المعمومات التي يعتمد عمييا حوؿ االقتصاد الروسي والطابع الجديد ليذه النظرية‬
‫حوؿ روسيا يعنى أف مقوالت كميؼ ىنا كانت بالضرورة غير متطورة ‪ -‬مثميا مثؿ مقولتو حوؿ الشكؿ الذي تأخذه األزمة‬
‫االقتصادية في رأسمالية الدولة (الجزء األخير مف الفصؿ السابع ليذه الطبعة)‪ .‬وبحموؿ أواخر الخمسينات توافرت معمومات أكثر‪،‬‬
‫إال أف التنقيب عنيا مف بيف كتؿ اإلحصاءات الرسمية وتقارير الصحؼ وخطب القيادة قد ظؿ عمبل ىائبل‪.‬‬
‫وقد فعؿ كميؼ ىذا أوال في سمسمة مف المقاالت‪ )8( ،‬وكتيب قصير (‪ )9‬وبعد ذلؾ في تحديث مف ‪ 891‬صفحة لطبعة‬
‫عاـ ‪ 8969‬مف العمؿ الحالي والتي نشرت تحت عنواف " روسيا‪ :‬تحميؿ ماركسي "‪.‬‬
‫إف المواد اإلضافية كانت متعمقة تحديدا بفترة خروتشوؼ‪ ،‬ولـ تتضمنيا الطبعات التالية ألنيا أصبحت قديمة وقت صدور‬
‫ىذه الطبعات‪ .‬ومع ذلؾ فاف كثي ار مف النقاط التي أوردىا كميؼ في ىذه اإلضافات‪ ،‬جديرة بتعميؽ موجز‪.‬‬
‫كا نت مقولة كميؼ المركزية أف خروتشوؼ قد ورث عف ستاليف اقتصادا موبوءا أكثر فأكثر بعناصر األزمة‪ .‬وقد دفع في‬
‫اتجاه اإلصبلحات ألنو بدونيا‪ ،‬كاف خطر الثورة باديا‪.‬‬
‫كاف منيج ستاليف في التعامؿ مع كؿ فشؿ أو صعوبة جديدة‪ ،‬ىو زيادة الضغط واإلرىاب‪ ،‬ولكف ىذا المنيج الجامد قد‬
‫أصبح ليس فقط ال إنسانيا يوما بعد يوـ وانما أيضا غير فعاؿ‪ .‬فكؿ طرقعة جديدة لمسوط قد زادت المقاومة العنيدة‪ ،‬واف كانت‬
‫صامتة‪ ،‬لمشعب‪ .‬اصبح القير الستاليني الجامد عائقا أماـ كؿ تقدـ زراعي وصناعي حديث‪.‬‬

‫لـ تقتصر األزمة في روسيا عمى األساس االقتصادي‪ ،‬وانما اجتاحت البنى الفوقية‪ ،‬الثقافية واأليديولوجية والسياسية‬
‫أيضا‪ .‬و لـ تؤثر فقط عمى الوضع الداخمي في روسيا‪ ،‬وانما أيضا عمى العبلقات بيف روسيا ودوؿ شرؽ أوروبا التي تدور في‬
‫فمكيا وعمى الحركة الشيوعية العالمية‪.‬‬
‫أجرى كميؼ بعد ذلؾ دراسة تفصيمية لكؿ مف جوانب األزمة‪.‬‬
‫األزمة في الزراعة‬
‫إف اإلرث الذي تركو ستاليف في الريؼ ىو زراعة موحمة في مستنقع مف الركود داـ ألكثر مف ربع قرف‪ .‬كاف إنتاج‬
‫الحبوب في الفترة مف عاـ ‪ 8999‬إلى عاـ ‪ 8952‬أعمى بنسبة ‪8‬ر‪ %83‬فقط منو في الفترة مف ‪ 8981‬إلى ‪ ،8989‬في حيف أف‬
‫عدد السكاف زاد في نفس الوقت حوالي ‪ .% 21‬لـ تصؿ إنتاجية العمؿ في الزراعة السوفيتية إلى خمس مثيمتيا في الواليات‬
‫المتحدة‪...‬‬
‫أصبح ىذا الركود تيديدا لمنظاـ لعدة أسباب‪ .‬أوال‪ ،‬بعد التغمب عمى البطالة المقنعة في الريؼ إلى حد كبير‪ ،‬اصبح مف‬
‫المستحيؿ نقؿ العمؿ إلى الصناعة بنفس المعدؿ السابؽ دوف رفع إنتاجية العمؿ في الزراعة‪ .‬ثانيا‪ ،‬اصبح مف المستحيؿ بعد نقطة‬
‫معينة سحب موارد رأسمالية مف الزراعة لمساعدة النمو في الصناعة‪.‬‬
‫تحوؿ أسموب "التراكـ البدائي" لستاليف مف عامؿ مساعد إلى عائؽ‪ ،‬وىو عائؽ أبطأ حركة االقتصاد كمو‪)81( .‬‬
‫حاوؿ خروتشوؼ أف يتعامؿ مع ىذه األزمة بطريقتيف ‪" -‬الجزرة والعصا"‪ .‬شممت الجزرة إصبلحات رفعت األسعار‬
‫المدفوعة لممنتجيف الزراعييف وزادت استثمارات الدولة في الزراعة‪ ،‬مما أعطى المزارع الجماعية حرية أكبر لتخطيط إنتاجيا‪،‬‬
‫وتخفيؼ السيطرة عمى اإلنتاج مف خبلؿ األراضي التي خصصت لمفبلحيف‪ .‬إال أف تمؾ اإلصبلحات كانت محفوفة بالمصاعب‪:‬‬
‫"كاف ىناؾ حوالي ‪ 35‬سنة مف االحباطات التي مارستيا الستالينية‪ ...‬مف المرجح جدا أف االرتفاع البسيط في الموارد الرأسمالية‬
‫المخصصة لمزراعة‪ ،‬في السمع االستيبلكية لممزارعيف‪ ،‬في األسعار التي تدفعيا الدولة لئلنتاج الزراعي‪ ،‬يمكف لفترة مف الوقت ‪-‬‬
‫وربما لفترة فد تطوؿ ‪ -‬أف يكوف لو تأثير تثبيطي وليس تحفيزي لمفبلحيف‪ .‬فمع ارتفاع األسعار قد تيبط الرغبة في العمؿ‪ .‬إف‬
‫الحوافز اليائمة المقدمة عمى مدى فترة طويمة جدا ىي فقط القادرة عمى التغمب عمى الماضي ودفع المزارعيف لزيادة نشاطيـ‪ .‬ولكف‬
‫لؤلسؼ يفتقد خروتشوؼ كبل مف الفوائض الرأسمالية الكافية والوقت أيضا‪ ،‬كما أف الحصوؿ عمييا قد أصبح مستحيبل بفعؿ الوضع‬
‫العالمي الذي يتطمب إنفاقا ىائبل عمى األسمحة‪ ،‬واإلدارة البيروقراطية لبلقتصاد التي تمثؿ أزمة الزراعة لدييا إحدى أىـ الجوانب‪.‬‬
‫(‪)88‬‬
‫كاف ىذا ىو ما دفع القادة الروس لمجوء المتكرر لعصا السيطرة المركزية األكبر‪ ،‬حتى لو تناقض ىذا مع محاوالتيـ‬
‫لتقديـ حوافز أكبر‪ .‬ىكذا فاف التحرؾ نحو إعطاء الفبلحيف حرية أكبر في األرض الخاصة بيـ قد تبعو تضييؽ اشد عمى ىذه‬
‫األراضي ؛ والتوجو نحو االستقبلؿ الذاتي لممزارع الجماعية‪ ،‬تبعتو حممة لبناء مزارع الدولة عالية المركزية‪ .‬ومع فشؿ كؿ مف‬
‫العصا والجزرة في تحقيؽ النتائج المنشودة‪ ،‬اندفعت ا لقيادة نحو حمبلت كبرى كاف مف المفترض أف تسمح لمزراعة الروسية‬
‫بالمحاؽ بأمريكا بيف يوـ وليمة‪ ،‬مثؿ حمبلت األراضي البكر والذرة في منتصؼ الخمسينات‪.‬‬

‫إال أنو لـ يكف ىناؾ مخرج مف األزمة‪ .‬كاف مف المفترض أف يرتفع إنتاج الحبوب بمقدار ‪ %91‬خبلؿ الفترة مف عاـ‬
‫‪ 8956‬إلى ‪ 8961‬وبدال مف ذلؾ زاد بمقدار ‪7‬ر‪ %3‬فقط‪ ،‬ثـ أصابو الركود إلى درجة أنو في عاـ ‪ 8962‬كاف عمى الروس إف‬
‫يشتروا مبلييف األطناف مف الحبوب مف الخارج‪ .‬وكاف إنتاج المحوـ في عاـ ‪ 8961‬أكثر قميبل مف ثمث اليدؼ األصمي‪.‬‬
‫كتب كميؼ عف خروتشوؼ أنو قصد أف يكوف " حؿ األزمة الزراعية ىو المبدأ األساسي في برنامجو‪ ،‬والفشؿ في تحقيؽ‬
‫ذلؾ قد يؤدي إلى سقوطو"‪ )83( .‬وبعد ذلؾ بشيور قميمة تـ عزؿ خروتشوؼ عف السمطة بواسطة بقية أعضاء المكتب السياسي‪،‬‬
‫الذيف شكوا مف الخطط الطائشة التي لـ تحقؽ آية نجاحات‪.‬‬
‫األزمة في الصناعة‬
‫كانت الصناعة عمى عكس الزراعة‪ ،‬قد شيدت توسعا ىائبل خبلؿ فترة ستاليف‪ ،‬واستمرت في النمو في ظؿ خروتشوؼ‪.‬‬
‫إال أف معدؿ النمو انخفض‪ .‬كما أف اإلنتاجية التي كانت قد نمت أسرع منيا في الغرب في الثبلثينات توقفت اآلف عند مستوى اقؿ‬
‫كثي ار منيا عند المنافس األكبر لمبيروقراطية الروسية‪ ،‬الواليات المتحدة‪ .‬وكما الحظ كميؼ‪:‬‬
‫في نياية عاـ ‪ 8957‬كاف عدد العماؿ الصناعييف في االتحاد السوفيتي أكبر بمقدار ‪ %83‬مف الواليات المتحدة‪ ..‬ومع‬
‫ذلؾ‪ ،‬وحتى وفقا لمتقديرات السوفيتية‪ ،‬فاف اإلنتاج السنوي لمصناعة في االتحاد السوفيتي في عاـ ‪ 8956‬كاف يساوي نصؼ اإلنتاج‬
‫لمواليات المتحدة‪)82( .‬‬
‫بسبب األزمة في الزراعة لـ يعد مف الممكف تعويض المستوى األدنى لئلنتاجية في الصناعة‪ ،‬مف خبلؿ نمو ىائؿ في‬
‫عدد العماؿ الصناعييف‪ .‬ىكذا فقد اضطرت البيروقراطية الروسية إلعطاء عناية متزايدة النتشار التبديد و رداءة اإلنتاج في‬
‫االقتصاد الروسي‪.‬‬
‫حدد كميؼ العديد مف مصادر التبديد‪ :‬استقبللية الوحدات اإلنتاجية دفعت وحدات إنتاجية إلى إنتاج سمع كاف مف‬
‫الممكف أف تنتج بتكمفة أقؿ في أماكف أخرى‪ )89( .‬تخزيف اإلمدادات بواسطة المديريف والعماؿ‪ ،)85( .‬ميؿ المديريف لمقاومة‬
‫اإلبداع التقني (‪ ،)86‬االىتماـ بالكـ عمى حساب الكيؼ (‪ ،)87‬إىماؿ الصيانة (‪ ،)88‬انتشار العمؿ الورقي والفوضى (‪،)89‬‬
‫الفشؿ في إقامة آلية السعر المتسمة بالكفاءة والعقبلنية التي كاف المديروف يحتاجوف إلييا لقياس الكفاءة لمختمؼ المصانع‪،)31( .‬‬
‫وقد استنتج‪:‬‬
‫إذا فيمنا مصطمح االقتصاد المخطط عمى أنو اقتصادا يتـ فيو تكييؼ وتنسيؽ جميع العناصر المكونة في إيقاع واحد‪،‬‬
‫تقؿ فيو االضطرابات إلى الحد األدنى‪ ،‬كما ‪ -‬قبؿ كؿ شيء ‪ -‬يسود فيو بعد النظر في اتخاذ الق اررات االقتصادية‪ ،‬فاالقتصاد‬
‫الروسي ليس مخططا عمى اإلطبلؽ‪ ،‬وبدال مف الخطة الحقيقية‪ ،‬يتـ المجوء إلى الوسائؿ الصارمة لؤلوامر الحكومية لسد الثغرات‬
‫في االقتصاد الناتجة عف ق اررات وأنشطة ىذه الحكومة نفسيا‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فبدال مف الحديث اقتصاد سوفيتي مخطط سيكوف مف‬
‫األدؽ أف نتحدث عف اقتصاد تتـ إدارتو بيروقراطيا‪)38( ...‬‬
‫كانت ىناؾ روايات عف عدـ كفاءة الصناعة الروسية قبؿ توني كميؼ‪ ،‬كما ظيرت العديد مف الروايات األخرى بعدىا‪.‬‬
‫وقد وفرت "األدلة" العممية لكؿ أولئؾ ‪ -‬عمى اليسار كما عمى اليميف ‪ -‬الذيف يزعموف أف النظاـ الروسي أدنى درجة مف ناحية‬

‫الكيؼ مف النظاـ الغربي‪ .‬ما ميز رواية كميؼ‪ ،‬لـ يكف التركيز عمى التبديد وعدـ الكفاءة‪ ،‬وانما الطريقة التي نظر بيا إلى تمؾ‬
‫األمور بوصفيا ناتجة عف طابع رأسمالية الدولة لمنظاـ‪.‬‬
‫إف السبب المباشر ألنواع التبديد العديدة ىو أف المخططوف وضعوا أىدافا لئلنتاج أكبر مما كاف مف الممكف تحقيقو‬
‫بسيولة‪ .‬ولكي يحموا أنفسيـ مف ىذه الضغوط‪ ،‬قاـ المديروف بتخزيف المواد وامدادات العمؿ‪ .‬ولكي يحموا أنفسيـ مف ضغوط‬
‫المديروف المفاجئة‪ ،‬كاف العماؿ يعمموف بيمة تقؿ كثي ار مف الحد األقصى‪ .‬وقد دفع إدراؾ ىذه الظاىرة عمى امتداد االقتصاد‪،‬‬
‫المخططيف بدورىـ لتعمد فرض أىداؼ كبيرة‪ .‬وكما وضعيا كميؼ‪:‬‬
‫ما ىي األسباب األساسية لمفوضى والتبديد في االقتصاد الروسي؟ إف األىداؼ العالية لئلنتاج مع قمة الموارد ‪ -‬مثؿ ذراعي‬
‫كسارة البندؽ ‪ -‬يضغطاف عمى المديريف لكي يغشوا‪ ،‬ويخفوا إمكانيات اإلنتاج‪ ،‬ويضخموا احتياجاتيـ مف األدوات واإلمدادات‬
‫ويمعبوا بحرص‪ ،‬وبصفة عامة يتصرفوف بطريقة محافظة‪.‬‬
‫يؤدي ىذا إلى تبديد وبالتالي ندرة اإلمدادات والى زيادة الضغط مف فوؽ عمى المدير‪ ،‬الذي يضطر لمغش مرة أخرى‪..‬‬
‫وىكذا في حمقة مفرغة‪.‬‬
‫األىداؼ العالية والموارد الشحيحة‪ ،‬تؤدي إلى المزيد مف التصرؼ المستقؿ لموحدات اإلنتاجية‪ ،‬مرة أخرى حمقة مفرغة‪ .‬كبر‬
‫األىداؼ وشح الموارد تجعؿ الوعي باألولويات ضروريا مف جانب المديريف‪ .‬إال أف نظاـ األولويات ىذا‪ ،‬وأسموب "الحمبلت"‪ ،‬الذيف‬
‫يعوزىما المعيار الكمي الواضح يؤدياف إلى التبديد‪ ،‬وبالتالي إلى الحاجة المتزايدة إلى جداوؿ األولويات‪ .‬مرة أخرى حمقة مفرغة‪.‬‬
‫جميع ىذه المتطمبات تقتضي تعدد أنظمة الرقابة‪ ،‬وىي في ذاتيا تبديدية‪ ،‬كما أنيا تؤدي إلى مزيد مف التبدد بسبب افتقادىا‬
‫لمنظاـ والتجانس‪ .‬بالتالي ىناؾ حاجة لرقابة أكبر ؛ ألىرامات مف الورؽ وسيؿ مف البيروقراطييف‪ ،‬مرة أخرى حمقة مفرغة‪.‬‬
‫إف ما قيؿ عف الحمقة المفرغة الناتجة عف التناقض بيف األىداؼ المخططة شديدة الطموح وقمة الموارد ينطبؽ‪ ،‬مع ما يمزـ‬
‫مف التبديؿ والتعديؿ عمى تأثير آلية السعر الضعيفة‪ .‬ىكذا‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬فاف آلية السعر الضعيفة تؤدي إلى استقبللية‬
‫الوحدات اإلنتاجي ة وحمبلت األولويات وسيؿ مف أنظمة الرقابة‪ .‬وتؤدي ىذه األمور إلى أخطاء متزايدة آللية السعر‪ .‬مرة أخرى حمقة‬
‫مفرغة‪)33( .‬‬
‫تـ استخداـ وصؼ "الحمقة المفرغة" لكميؼ في مناسبات ال تحصى منذ عاـ ‪ 8969‬بواسطة اقتصادييف مف أوروبا‬
‫الشرقية(‪ .)32‬وقد أقاـ بعض ىؤالء الصمة بيف األىداؼ المبالغ فييا (التي يشار إلييا أحيانا بأنيا استثمار زائد)‪ ،‬والنقص في‬
‫اإلنتاج(الذي يشار إليو أحيانا بأنو حاجز التضخـ) وتخزيف اإلمدادات‪ ،‬واستقبللية الوحدات اإلنتاجية في االقتصاد‪ .‬بؿ لقد ذىب‬
‫عدد مف ىؤالء االقتصادييف ألبعد مف كميؼ فيما يتعمؽ بإحدى النواحي ببياف كيفية انسجاـ ىذه العوامؿ المختمفة فيما بينيا في‬
‫دورة االستثمار واإلنتاج قريبة بعض الشيء مف نمط االنتعاش ‪ -‬الركود الكبلسيكي لمتطور الرأسمالي الغربػي‪ )39( .‬إال أف نقطة‬
‫بالغة األىمية لكميؼ فاتتيـ‪ .‬إف الحمقة المفرغة‪ ،‬والتي تبدو غير عقبلنية‪ ،‬مف عدـ الكفاءة والتبديد‪ ،‬ليا‪ ،‬مف وجية نظر‬
‫البيروقراطية الحاكمة‪ ،‬نقطة انطبلؽ عقبلنية‪" .‬االستثمار الزائد" ىو نفسو نتيجة إلقحاـ االقتصاد الموجو بيروقراطيا في نظاـ عالمي‬
‫تنافسي‪:‬‬
‫العقبتاف العظيمتاف عمى طريؽ تخفيض أىداؼ اإلنتاج ىما التنافس العالمي عمى القوة‪ ،‬واإلنفاؽ العسكري اليائؿ‪)35( .‬‬

‫ال يمكف النظر إلى النظاـ الروسي‪ ،‬كما يفعؿ الكثيروف ممف يركزوف عمى طبيعتو التبديدية اليوـ‪ ،‬عمى انو ببساطة فشؿ‬
‫عظيـ‪:‬‬
‫عمى المرء مع ذلؾ أف يتجنب خطأ افتراض أف سوء اإلدارة الذي يصيب االقتصاد القومي لروسيا بالتآكؿ‪ ،‬يحوؿ دوف‬
‫إنجازات ىامة‪ ،‬بؿ وىائمة‪ .‬في الواقع‪ ،‬توجد بيف سوء اإلدارة البيروقراطية‪ ،‬واالندفاع العظيـ ال عمى لمصناعة في روسيا وحدة‬
‫جدلية محكمة‪ .‬فبل يمكف تفسير رأسمالية الدولة البيروقراطية إال مف خبلؿ تخمؼ قوى اإلنتاج في البمد‪ ،‬واالندفاع العظيـ نحو‬
‫تنميتيا السريعة (باإلضافة إلى سمسمة كاممة مف العوامؿ المرتبطة بذلؾ) وقبؿ كؿ شيء‪ ،‬إخضاع االستيبلؾ لتراكـ رأس الماؿ‪.‬‬
‫إف جيود وتضحيات الجماىير قد رفعت روسيا‪ ،‬عمى الرغـ مف سوء اإلدارة البيروقراطية والتبديد‪ ،‬إلى قوة صناعية عظيمة‪.‬‬
‫إال أف رأسمالية الدولة تصبح عقبة متزايدة أماـ تطور أىـ قوى إنتاجية ‪ -‬العماؿ أنفسيـ ‪ -‬والتي ال يمكف إال لمجتمع‬
‫اشتراكي متجانس أف يحررىا‪)36(.‬‬
‫ال يمكف تقدير ما إذا كانت اإلنتاجية المنخفضة قد جاءت نتيجة لسوء اإلدارة والحماقات في القمة أـ نتيجة لمقاومة‬
‫العماؿ مف أسفؿ‪ .‬مف الطبيعي يصعب فصؿ األمريف عف بعضيما‪ .‬الرأسمالية بصفة عامة ‪ -‬ورأسمالية الدولة البيروقراطية بصفة‬
‫خاصة تعنى بخفض النفقات ورفع الكفاءة وليس تمبية الحاجات اإلنسانية‪ .‬إف عقبلنيتيا ليست عقبلنية باألساس‪ ،‬حيث أنيا تغرب‬
‫العامؿ‪ ،‬محولة إياه إلى "شيء"‪ ،‬إلى موضوع متحكـ فيو‪ ،‬بدال مف ذات تشكؿ حياتيا وفقا لرغباتيا‪ .‬ليذا السبب يعمد العماؿ إلى‬
‫تخريب اإلنتاج‪)37( .‬‬
‫وكما في الزراعة‪ ،‬سعى ورثة ستاليف لمتعامؿ مع ىذه المشكمة في الصناعة بواسطة الجزرة‪ ،‬ووجدوا أنيـ ال ينجحوف‬
‫ىكذا‪ ،‬وعادوا جزئيا عمى األقؿ لمعصا‪.‬‬
‫إف إغبلؽ معسكرات العمؿ العمبلقة بعد وفاة ستاليف‪ ،‬قد تبله إبطاؿ لمقوانيف التي جعمت العماؿ عرضة لمعقوبات‬
‫القانونية عند غيابيـ أو تأخرىـ عف العمؿ‪ .‬يقارف كميؼ ىذه التغييرات بما حدث خبلؿ تطور الرأسمالية الغربية‪ :‬في المراحؿ‬
‫األولى لمثورة الصناعية استخدمت كافة أنواع اإلكراه "قوانيف التشرد‪ ،‬نظاـ مبلجئ الفقراء" إلجبار الناس عمى قبوؿ نظاـ االنضباط‬
‫في المصنع‪ ،‬ولكف متى صار لمنظاـ الرأسمالي الجديد جذور فاف أنواع اإلكراه ىذه بدأت تعطؿ إنتاجية العمؿ‪ ،‬واستبدلت بأشكاؿ‬
‫إكراه ذات طابع اقتصادي صرؼ‪)38( .‬‬
‫ولكف كانت ىناؾ قيود صارمة عمى حجـ الجزرة التي كاف باإلمكاف استخداميا لتحفيز العماؿ لرفع اإلنتاجية‪ .‬في عاـ‬
‫‪ 8959 / 8952‬وعد أوؿ رئيس وزراء بعد ستاليف‪ ،‬مالينكوؼ‪ ،‬بإنتاج أكبر لمسمع االستيبلكية عمى حساب وسائؿ اإلنتاج‪ .‬إال أف‬
‫فترة شير العسؿ لمصناعة الخفيفة لـ تدـ طويبل‪ ،‬ففي إطار التنافس االقتصادي‪ ،‬والعسكري العالمي‪ ،‬ال يمكف تجنب إخضاع‬
‫االستيبلؾ لمتراكـ‪ .‬وما أف حؿ خريؼ عاـ ‪ 8959‬حتى شنت ىجمة‪ ،‬قادىا خروتشوؼ وبولجانيف (وزير الدفاع وقتيا) وشيبيموؼ‪،‬‬
‫ضد "تدليؿ المستيمكيف"‪ ،‬ودعت لمعودة إلى المزيد مف التركيز عمى الصناعة الثقيمة‪ .‬في يناير ‪ 8955‬أعمف خروتشوؼ أف‪:‬‬
‫الميمة األكثر أىمية‪ ،‬والتي يكرس الحزب كافة جيوده إلنجازىا كانت وتظؿ‪ ،‬تقوية الدولة السوفيتية‪ ،‬وبالتالي اإلسراع‬
‫بتطوير الصناعة الثقيمة‪.‬‬

‫بعد ذلؾ بأسبوعيف أجبر مالينكوؼ عمى االستقالة مف منصبو كرئيس لموزراء‪ .‬أما نصيب الصناعات الخفيفة والصناعات‬
‫الغذائية في االستثمار الصناعي لمدولة‪ ،‬والذي تراوح بيف ‪ 86‬و ‪ %87‬في الخطط الخمسية لمثبلثينات‪ ،‬و ‪2‬ر‪ %83‬في النصؼ‬
‫الثاني مف األربعينات‪ ،‬فقد انخفض ألقؿ مف ذلؾ في الخمسينات وأوائؿ الستينات إلى حوالي ‪)39( .%9‬‬
‫بدوف أي حؿ لؤلزمة الزراعية وبدوف أية زيادة في االستثمار في صناعات السمع االستيبلكية‪ ،‬كاف ىناؾ حد لبلرتفاع‬
‫الممكف في مستويات معيشة العماؿ خبلؿ سنوات خروتشوؼ‪ .‬وبحموؿ ‪:8962‬‬
‫بشكؿ مطمؽ‪ ،‬تحسف إنتاج السمع االستيبلكية‪ .‬ومع ذلؾ‪ ،‬فإجماال لـ تصؿ النتائج في حاالت كثيرة حتى إلى أىداؼ الخطة‬
‫الخمسية األولى فيما يتعمؽ بنصيب الفرد مف اإلنتاج‪ ...‬عمى الرغـ مف كؿ التغييرات‪ ،‬إال أف مستويات المعيشة في روسيا ما زالت‬
‫أقؿ كثي ار منيا في أوروبا الغربية وأعمى قميبل فقط منيا في روسيا في عاـ ‪( 8938‬قبؿ عيد الخطط)‪)21( .‬‬
‫ىكذا فعمى الرغـ مف أف األوضاع كانت أفضؿ كثي ار بالنسبة لمعماؿ في نياية فترة خروتشوؼ‪ ،‬مما كانت عميو في ظؿ‬
‫ستاليف (يذكر أف مستوى معيشتيـ كاف قد انخفض في منتصؼ الثبلثينات إلى حوالي ثبلثة أخماس ما كاف عميو في عاـ ‪)8938‬‬
‫‪،‬فاف التحسينات لـ تكف بأي حاؿ كافية لكي تحدث زيادات ىائمة في إنتاجية العمؿ‪ .‬ىكذا ختـ كميؼ فصمو عف العامؿ الروسي‪:‬‬
‫إحدى اليموـ الرئيسية لمقادة الروس اليوـ ىي كيفية تنمية إنتاجية العامؿ‪ .‬لـ يسبؽ أف كاف موقؼ عماليـ بيذه األىمية‬
‫بالنسبة لممجتمع‪.‬‬
‫فمف خبلؿ جيدىـ في تحويؿ العامؿ إلى ترس في آلة بيروقراطية‪ ،‬يقتموف فيو ما ىـ في أشد الحاجة إليو‪ ،‬اإلنتاجية والقدرة‬
‫اإلبداعية‪ .‬االستغبلؿ المرشد والصارـ يخمؽ عقبة رىيبة أماـ ارتفاع إنتاجية العمؿ‪.‬‬
‫كمما زادت ميارة ووحدة الطبقة العاممة‪ ،‬كمما قامت ليس فقط بمقاومة االغتراب واالستغبلؿ‪ ،‬وانما أيضا بإظيار احتقار‬
‫متزايد لمستغمييا ومضطيدييا‪ .‬لقد فقد العماؿ احتراميـ لمبيروقراطية بوصفيـ مديريف تقنييف‪ .‬ال تستطيع أي طبقة حاكمة أف تحافظ‬
‫عمى نفسيا لفترة طويمة في مواجية االحتقػار الشػعبي‪)28(.‬‬
‫التغييرات في البناء "الفوقي"‬
‫لـ يقتصر تشخيص كميؼ لفترة خروتشوؼ عمى االقتصاد فقط‪ .‬فقد تجاوز ذلؾ إلى إبراز انعكاس تغير الحاجات‬
‫االقتصادية في " البناء الفوقي" االجتماعي والسياسي‪.‬‬
‫إف ابرز الخصائص التي ميزت فترة ما بعد ستاليف كاف تخفيؼ اإلرىاب‪ .‬فقد أغمقت أغمب معسكرات العمؿ وأصبحت‬
‫التطييرات الجماعية شيئا مف الماضي‪ .‬كما أف عناصر ىامة مف حكـ القانوف‪ ،‬قد أعيدت إلى الحياة إذ فقد البوليس سمطة اعتقاؿ‬
‫الناس واعداميـ دوف أحكاـ قضائية‪.‬‬
‫بالنسبة لكميؼ‪ ،‬كاف السبب الرئيسي وراء ىذه التغييرات ىو أنيا كانت الوجو اآلخر لمتحوؿ مف "التراكـ البدائي"‪ ،‬القائـ‬
‫عمى أساس مقدار كبير مف العمؿ القسري‪ ،‬إلى "رأسمالية الدولة الناضجة" القائمة عمى العمؿ الحر‪ .‬إال أف ىذه التغييرات تماشت‬
‫أيضا مع الرغبات الفردية ألعضاء البيروقراطية‪:‬‬

‫إف الطبقة الحاكمة في روسيا‪ ،‬مف أجؿ مصمحتيا الذاتية‪ ،‬تريد أف تسترخي‪ .‬يريد أعضاؤىا أف يعيشوا لكي يستمتعوا‬
‫بامتيازاتيـ‪ .‬إحدى المفارقات التي عانى منيا نظاـ ستاليف ىي أنو حتى البيروقراطييف المتميزيف اجتماعيا لـ يكونوا عمى وفاؽ‬
‫معو‪ .‬فكثي ار ما وقعت أيدي الػ ـ‪ .‬ؼ‪ .‬د (االسـ القديـ لمػ كيو‪ .‬جي‪ .‬بي‪ ).‬حتى عمى البيروقراطييف الممجديف‪ .‬لقد قدر انو خبلؿ‬
‫الفترة مف عاـ ‪ 8928‬إلى عاـ ‪ 8991‬سجف أو اعدـ حوالي ‪ %39‬مف المتخصصيف التقنييف‪ .‬لقد سعت البيروقراطية اآلف لتطبيع‬
‫حكميا‪)23( .‬‬
‫ولكف كما كانت ىناؾ حدود " لمجزرة " في المجاؿ االقتصادي‪ ،‬كانت ىناؾ حدود عمى تخفيض سمطة البوليس‪ .‬استمرت‬
‫الػ كيو‪ .‬جي‪ .‬بي‪ .‬مرك از ىاما لمقوة داخؿ الدولة‪ .‬واستمر العمؿ بالعديد مف القوانيف التي تعاقب الناس عمى أي اعتراض جاد عمى‬
‫سمطة الطبقة الحاكمة أو عمى تنظيـ اإلضرابات والمظاىرات‪ .‬وتكونت "محاكـ رفاقية" لمتعامؿ مع "انتياكات الشرعية السوفيتية‬
‫وقانوف السموؾ االشتراكي"‪ .‬وكاف المقصود بيذا نطاؽ مف األنشطة التي تمثؿ تحديا الحتكار البيروقراطية لممكية الدولة أو إلجبار‬
‫باقي المجتمع لمعمؿ لصالح البيروقراطية ‪" -‬االستخداـ غير القانوني لممواد أو األدوات أو وسائؿ النقؿ التابعة لمدولة أو العامة‪...‬‬
‫التيرب مف العمؿ المفيد اجتماعيا والعيش كطفيمي‪ ...‬الصيد بغير إذف‪ ...‬اإلضرار بالمحاصيؿ أو المزارع بواسطة حيوانات‪...‬‬
‫اإلثراء الدنيء‪ ...‬السكر‪ ...‬والتمفظ بألفاظ غير الئقة"‪)22(...‬‬
‫بالنسبة لكميؼ‪ ،‬كاف المزيد مف التخفيؼ الستبداد سمطة الدولة مستبعدا بسبب الندرة العامة لمسمع‪ ،‬وعدـ القدرة عمى‬
‫التعامؿ مع "التعسؼ البيروقراطي واألوامر اإلدارية" في االقتصاد‪ ،‬وأيضا " ألف الدولة مستودع جميع وسائؿ اإلنتاج ومركز التنظيـ‬
‫التعميمي والثقافي" وبالتالي محور "كؿ أشكاؿ النقد لكافة جوانب النظاـ"‪.‬‬
‫ىكذا فاف رأسمالية الدولة بطبيعتيا‪ ،‬عمى عكس الرأسمالية الفردية‪ ،‬تستبعد إمكانية الديمقراطية السياسية الواسعة‪ ،‬ولو كانت‬
‫شكمية‪ .‬فحيث تكوف الدولة مستودع وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬ال يمكف فصؿ الديمقراطية السياسية عف الديمقراطية االقتصادية‪)29(.‬‬
‫وراء القيود عمى اإلصبلحات السياسية تقؼ حقيقة أف السمطة قد استمرت مركزة في طبقة بيروقراطية ضيقة‪:‬‬
‫إف الحزب الشيوعي لبلتحاد السوفيتي لـ يكف أقؿ احتكا ار لمسمطة في ظؿ خروتشوؼ مما كاف عميو في ظؿ ستاليف‪ .‬كما‬
‫أف تكوينو االجتماعي لـ يتغير أيضا‪ .‬بؿ إف تركز القمـ القيادية لمحزب في أيدي البيروقراطية كاف أكثر مما كاف عميو في ظؿ‬
‫ستاليف‪ .. .‬األرجح أف العماؿ العادييف والمزارعيف في المزارع الجماعية ال يشكموف أكثر مف خمس وبالتأكيد ليس أكثر مف ربع‬
‫أعضاء الحزب‪ .‬وكمما صعدنا في ىرمية الحزب‪ ،‬كمما قؿ عدد العماؿ ومزارعي المزارع الجماعية‪)25( .‬‬
‫إف التناقضات بيف محاوالت خروتشوؼ لتمرير اإلصبلحات وعدـ قدرتو عمى ذلؾ‪ ،‬بعد نقطة معينة قد عبرت عف نفسيا‬
‫في العبلقات بيف القوميات المختمفة داخؿ االتحاد السوفيتي‪.‬‬
‫جاءت وفاة ستاليف في قمة حممة الروسنة‪ ...‬كاف عمى ورثة ستاليف أف يقرروا إذا كانوا سيستمروف عمى ىذه السياسات أـ‬
‫سيقدموف تنازالت لؤلقميات القومية‪)26( .‬‬
‫في بداية األمر كانت التنازالت تبدو ممكنة‪:‬‬

‫"إف ثقة الشعوب غير الروسية في االتحاد السوفيتي بأنفسيـ عقب تقدميـ االقتصادي والثقافي ينبغي أف تؤدي إلى معارضة‬
‫متزايدة لبلضطياد القومي‪ ...‬حيثما تـ التراجع عف المركزية المفرطة لستاليف في اإلدارة االقتصادية‪ ...‬أصبحت قسوة وتطرؼ‬
‫سياستو تجاه القوميات‪ ،‬غير محتممة"‪...‬‬
‫بدأت مؤشرات التغيير في الظيور بعد فترة وجيزة مف وفاة ستاليف‪ .‬وقد أعطى كميؼ عددا مف األمثمة لزعماء حزبييف في‬
‫الجميوريات المختمفة أنزلت درجاتيـ لفرط حماسيـ وتأييدىـ لسياسة ستاليف تجاه القوميات‪ ،‬وآخريف تمت تبرئتيـ مف اتيامات‬
‫سابقة بالػ " وطنية البرجوازية"‪ .‬في خطابو في المؤتمر العشريف لمحزب‪ ،‬خرج خروتشوؼ عف مساره لكي يديف تيجير ستاليف‬
‫لقوميات بأسرىا‪ ،‬وبعد ذلؾ بقميؿ أعيد تسكيف عددا منيـ (ولكف ليس تتار القرـ وألماف الفولجا)‪.‬‬
‫ولكف الخطوط الرئيسية لسياسة القوميات لـ تتغير جذريا في حقيقة األمر‪ .‬في حكومات الجميوريات اآلسيوية المعينة حديثا‬
‫في عاـ ‪ ،8959‬كاف مف بيف الػ ‪ 888‬وزي ار ماال يقؿ عف ‪ 28‬أوروبيا" وقد شغؿ ىؤالء المناصب الرئيسية مثؿ و ازرات أمف الدولة‬
‫والتخطيط ونيابة رئاسة مجمس الوزراء‪ .‬واستمر إضفاء صفات الكماؿ عمى عمميات الضـ القيصرية‪ ،‬كما " تستمر المغة الروسية‬
‫في تيميش المغات القومية حتى في مدارس الجميوريات القومية‪.‬‬
‫عمى الرغـ مف أف المواطنيف غير الروس يشكموف حوالي نصؼ سكاف االتحاد السوفيتي‪ ،‬فاف توزيع الجرائد بالمغات غير‬
‫الروسية مثبل في عاـ ‪ 8958‬بمغ نسبة ‪ %88‬فقط مف التوزيع اإلجمالي‪)27(.‬‬
‫قد ال يتعرض مف يقاوموف ىذه النزعة لمرمي بالرصاص كما في زمف ستاليف‪ ،‬إال أنيـ يتعرضوف لتخريب مستقبميـ‬
‫الميني‪ .‬استمر القياـ بالحمبلت "المعادية لمقومية" في مختمؼ الجميوريات القومية‪ ،‬وظمت ىذه الحمبلت تتمخض عف عمميات‬
‫طرد وانزاؿ لمدرجات عمى نطاؽ واسع‪.‬‬
‫واجيت القيادة الروسية مشكمة "قومية" داخؿ حدود االتحاد السوفيتي وخارجيا أيضا‪ .‬في زمف ستاليف كانت موسكو مركز‬
‫حركة شيوعية دولية تمسؾ بالسمطة في ثمث العالـ‪ ،‬وتحظى بتأييد العديد مف أكثر قطاعات العماؿ نضالية في بقية دوؿ العالـ‪.‬‬
‫كاف ىذا مفيدا لستاليف بطريقة مزدوجة‪ .‬كاف باإلمكاف استخداـ األحزاب الشيوعية األجنبية كأوراؽ ضغط في األلعاب الدبموماسية‬
‫مع القوى الغربية‪ ،‬كما أف مديحيـ لروسيا كاف باإلمكاف استخدامو كسبلح أيديولوجي في معركة االستمرار في السيطرة عمى عماؿ‬
‫وفبلحي روسيا ‪ -‬أي دليؿ عمى صحة أساليب ستاليف أفضؿ مف أف العماؿ عمى مستوى العالـ يمتدحونيا؟‬
‫ولكف قدرة روسيا عمى السيطرة عمى األحزاب الشيوعية األخرى اعتمدت عمى كونيا القوة الشيوعية المستقمة الوحيدة‪:‬‬
‫لمدة طويمة‪ ....‬عانت الحركة الشيوعية العالمية مف نكسة بعد أخرى‪ :‬في ألمانيا‪ ،‬مف ىزيمة الثورة في عاـ ‪ 8989‬إلى‬
‫ظيور ىتمر‪ ،‬في الصيف‪ ،‬ىزيمة الثورة في الفترة بيف عامي ‪ 8935‬و ‪ ،8937‬ىزيمة الجميورية في الحرب األىمية األسبانية في‬
‫عاـ ‪ ،8926‬انييار الجبية الشعبية في فرنسا‪ ..‬الخ‪ .‬الحزب الشيوعي الوحيد المحتفظ بالسمطة كاف في روسيا‪.‬‬
‫إذا كاف ضعؼ اإلنساف في مواجية قوى الطبيعة أو المجتمع يؤدي إلى تعاطيو أفيوف الديف بوعده بعالـ آخر أفضؿ‪ ،‬فاف‬
‫الستالينية أصبحت قطعا أفيوف الحركة العمالية العالمية أثناء فترة المعاناة والعجز التي دامت طػويبل‪)28( .‬‬

‫لقد تغيرت األمور بعد الحرب العالمية الثانية‪ .‬أوال في يوغسبلفيا وألبانيا وبعد ذلؾ‪ ،‬وىذا أىـ كثيرا‪ ،‬في الصيف‪ ،‬وفي وقت‬
‫الحؽ في كوبا وفيتناـ‪ ،‬وصمت لمسمطة أنظمة شيوعية لـ تكف تعتمد عمى الروس‪ .‬وقد أوضح كميؼ في عدد مف الكتب والمقاالت‬
‫(‪ ) 29‬إف ىذه األنظمة كانت مدفوعة بنفس منطؽ تراكـ رأسمالية الدولة مثؿ روسيا‪ .‬ولكف ىذا المنطؽ ذاتو أدى بيا حتما إلى‬
‫صراعات مريرة مع حكاـ روسيا‪.‬‬
‫قاطع تيتو ستاليف في عاـ ‪ 8998‬الف ستاليف‪ ،‬ولمصمحة تراكـ رأس الماؿ الروسي‪ ،‬حاوؿ فرض سياسات تضر بإمكانية‬
‫بناء رأسمالية دولة وطنية مستقمة في يوغسبلفيا‪ .‬وبعد ذلؾ باثني عشر عاما واجو خروتشوؼ انشقاقا أىـ كثي ار وىو انشقاؽ حكاـ‬
‫"جميورية الصيف الشعبية" العمبلقة‪.‬‬
‫أرجع كميؼ جذور ىذا االنشقاؽ إلى الحاجات االقتصادية المختمفة لمطبقتيف الحاكمتيف‪ .‬كاف الروس معنييف بمحاولة‬
‫المحاؽ بالواليات المتحدة في اإلنتاجية ‪ -‬وقد تضمف ىذا تركيز االستثمار في صناعاتيـ المتقدمة نسبيا بالفعؿ واستخداـ ما يتبقى‬
‫م ف موارد لمحاولة رفع مستويات المعيشة الروسية‪ .‬أما الصينيوف‪ ،‬عمى النقيض‪ ،‬فكانوا في حاجة ماسة لبلستثمار في بناء‬
‫صناعات جديدة مف الصفر مستخدميف أكثر الوسائؿ بدائية إذا لزـ األمر‪ ،‬وكانوا بحاجة إلى إبقاء مستويات المعيشة عمى اقؿ‬
‫مستوى ممكف‪ .‬أدت المصالح المتباينة لمشاحنات مريرة حوؿ توزيع الموارد‪ .‬و تمخضت عف االنقسامات االقتصادية انقسامات‬
‫أيديولوجية‪ .‬احتاجت القيادة الروسية‪ ،‬أثناء إنجازىا لبلنتقاؿ مف التراكـ البدائي إلى رأسمالية الدولة الناضجة أليديولوجية تتباىى‬
‫بالمكاسب المباشرة لسياستيا المنعكسة عمى مستويات المعيشة‪ .‬احتاجت ألف تدير ظيرىا بحدة لؤليديولوجية الستالينية المبنية عمى‬
‫التضحية التي ال تنتيي والتعبئة التي ال تعرؼ الكمؿ‪ .‬أما الصينيوف الذيف كانوا ال يزالوف في مرحمة التراكـ البدائي فقد احتاجوا‬
‫ليذه األيديولوجية أكثر مف أي وقت آخر‪:‬‬
‫أف تنتمي الصيف لنفس الكتمة ف ي حيف تحصؿ مف الناحية المادية عمى حصة أقؿ فأقؿ مقارنة بشريكيا الغني‪ ،‬ليو أمر‬
‫سيئ في حد ذاتو‪ .‬ولكف كأمر ميبط لمروح المعنوية‪ ،‬فاف تأثير ذلؾ عمى معسكر ماو الشديد التنظيـ يمكف أف يكوف كارثيا في‬
‫المدى البعيد‪)91(.‬‬
‫كاف استنتاج كميؼ ىو أف الشقاؽ بيف روسيا والصيف لـ يكف مجرد مرحمة عابرة ولكنو دائـ‪ .‬وقد عني ذلؾ انو " أيا كاف‬
‫الطريؽ الذي يتطور إليو الصراع بيف موسكو وبكيف‪ ،‬فيناؾ شيء مؤكد ‪ -‬لقد تيشمت الصخرة الشيوعية العالمية‪)98( " .‬‬
‫مرة أخرى‪ ،‬ىذا استنتاج قد ال يبدو عميقا بشكؿ خاص اليوـ‪ .‬ولكف في أوائؿ الستينات كاف ىذا رأيا تتبناه األقمية‪ .‬كاف‬
‫الرأي السائد في صفوؼ اليميف واليسار في الغرب ىو أف روسيا والصيف ستصفياف خبلفيما عاجبل‪ .‬عبر اسحؽ دويتشر عف رأي‬
‫أغمب االشتراكييف عندما قاؿ أف ما ىو مشترؾ بيف البمديف كاف عظيما جدا‪ ،‬بحيث ال يمكف لمشقاؽ بينيما أف يدوـ لوقت طويؿ‪.‬‬
‫(‪)93‬‬
‫سنوات بريجينيف‬
‫عزؿ نيكيتا خروتشوؼ عف السمطة بواسطة المكتب السياسي الروسي في خريؼ عاـ ‪ ،8969‬ومات في ظؿ تعتيـ‬
‫رسمي‪ .‬حكـ خميفتو‪ ،‬ليونيد بريجينيؼ لمدة ‪ 88‬سنة‪ ،‬ضعؼ فترة خروتشوؼ‪ ،‬ومات وىو في منصبو‪ ،‬ومع ذلؾ فمـ يكد جثمانو‬
‫يبرد إال وكانت الصحافة الروسية قد وصفت سنوات بريجينيؼ بأنيا فترة "ركود"‬

‫تمكف بريجينيؼ مف االستيبلء عمى السمطة في عاـ ‪ 8969‬ألف سمسمة اإلصبلحات واإلصبلحات المضادة لخروتشوؼ‬
‫قد ضايقت شريحة كبيرة مف البيروقراطية دوف أف تؤدى إلى نتائج اقتصادية باىرة‪ .‬كاف مف السيؿ تكويف ائتبلؼ مف المصالح‬
‫البيروقراطية المختمفة المعارضة ألية "خطط طائشة" أخرى‪ .‬ومف خبلؿ مناوراتو بيف ىذه المصالح‪ ،‬استطاع الزعيـ الجديد أف يحقؽ‬
‫المزيد مف الييمنة لنفسو حتى أصبح غير قابؿ لمتحدي‪ ،‬إذ أنو جمع بيف منصبي سكرتير الحزب ورئيس الدولة‪.‬‬
‫إال انو‪ ،‬مع ذلؾ‪ ،‬كاف البد لو أف يدفع ثمنا لنجاح و‪ .‬كاف عميو أف يسترضى جميع الذيف ساعدوه في الصعود‪ ،‬وقد عنى‬
‫ذلؾ ترؾ بيروقراطييف أقوياء في أماكنيـ‪ ،‬بصرؼ النظر عف كفاءتيـ في أداء أعماليـ‪ .‬لقد تميزت فترة ستاليف بالتطييرات‬
‫الضخمة و الدموية‪ ،‬وفترة خروتشوؼ بالتطييرات غير الدموية‪ .‬أما فترة بريجينيؼ‪ ،‬فقد افتقدت االثنيف معا‪ .‬كانت فترة طويمة مف‬
‫االستقرار البيروقراطي‪ ،‬عزؿ الموت فقط خبلليا الكثير مف كبار البيروقراطييف مف مناصبيـ‪ .‬عندما مات ستاليف عاـ ‪ 8952‬كاف‬
‫متوسط عمر أعضاء المكتب السياسي ‪ 55‬سنة ومتوسط عمر سكرتيري المجنة المركزي ‪ 53‬وعند وفاة بريجينيؼ ارتفع المتوسط‬
‫إلى ‪ 71‬و ‪.67‬‬
‫في البداية كانت ىناؾ جيودا رمزية لمواصمة اإلصبلح‪ ،‬حاوؿ كوسيجيف‪ ،‬أوؿ رئيس وزراء لبريجينيؼ أف يدخؿ نظاما‬
‫جديدا يتـ فيو قياس نجاح مديري المصانع مف خبلؿ الربحية‪ ،‬وليس فقط اإلنتاج الكمي‪ .‬في عاـ ‪ 8967‬سمطت األضواء عمى‬
‫نجاح مجمع شيكينو الكيميائي في زيادة اإلنتاج مع تخفيض قوة العمؿ كنموذج يتعيف عمى المشروعات األخرى إتباعو‪ .‬إال أف‬
‫اإلصبلحات الجديدة سرعاف ما تبلشت‪ .‬لـ تنجح المحاوالت العشوائية إلصبلح النظاـ في تحقيؽ المكاسب المتوقعة‪ ،‬كما أف‬
‫المعارضة التي شكمتيا المصالح البيروقراطية الراسخة قد حالت دوف حدوث ما ىو أكثر مف مجرد محاوالت عشوائية إلصبلح‬
‫النظاـ‪.‬‬
‫لمدة اثنا عشر عاما‪ ،‬كاف يتراءى أف المشكبلت التي طاردت خروتشوؼ بشده كاف مف الممكف ببساطة تجاىميا‪ .‬قد‬
‫يكوف معدؿ نمو االتحاد السوفيتي في حالة انخفاض‪ ،‬إال أنو ظؿ أسرع منو في معظـ الدوؿ الغربية‪ .‬إف مجرد حجـ االتحاد‬
‫السوفيتي والوجود المستمر لموارد معدنية كبيرة قد سمح لو بتجاىؿ الضعؼ الذي اعترى قطاعات بأكمميا مف اقتصاده‪ .‬فإذا كاف‬
‫االستثمار في الزراعة و السمع االستيبلكية قد تأخر بسبب ضغوط التنافس العسكري‪ ،‬فقد ظؿ مف الممكف مع ذلؾ زيادة اإلنتاج ‪-‬‬
‫ومستويات المعيشة‪ .‬كاف متوسط محصوؿ الحبوب في سنوات خروتشوؼ ‪9‬ر‪ 839‬مميوف طف‪ ،‬وقد بمغ ‪7‬ر‪ 876‬مميوف طف خبلؿ‬
‫العقد األوؿ مف حكـ بريجينيؼ‪ )92( .‬في عاـ ‪ ،8965‬كاف ‪ %39‬فقط مف العائبلت السوفيتية يمتمكوف تمفزيوف‪ ،‬و ‪%59‬‬
‫يمتمكوف جياز راديو و ‪ %88‬ثبلجة و ‪ %38‬غسالة غسيؿ‪ ،‬بحموؿ عاـ ‪ 8989‬ارتفعت النسب إلى ‪ ،%85‬و ‪ %96‬و ‪ %98‬و‬
‫‪)99( .%71‬‬
‫بينما تحسنت األوضاع بيذه الطريقة‪ ،‬كاف يبدو أنو مف الممكف تجاىؿ كؿ المشكبلت التي استحوذت تماما عمى‬
‫خروتشوؼ‪ .‬إال أنيا بدأت تظير مرة أخرى بحده في أواخر السبعينات‪ .‬بدأ معدؿ النمو االقتصادي في اليبوط بسرعة‪ .‬وضعت‬
‫خطة ‪ 8981 - 8976‬أقؿ أىداؼ نمو منذ العشرينات‪ ،‬ومع ذلؾ لـ تتحقؽ‪ .‬إذا كاف معدؿ النمو السنوي قد بمغ في المتوسط ‪%5‬‬
‫في سنوات خروتشوؼ الخمس األخيرة‪ ،‬و ‪3‬ر‪ %5‬في سنوات بريجينيؼ الخمس األولى‪ ،‬فقد بمغ ‪7‬ر‪ %3‬فقط خبلؿ الفترة مف‬
‫‪ 8976‬إلى ‪ 8981‬وفقا لمتقديرات األمريكية‪( )95( .‬األرقاـ الروسية الرسمية أعمى قميبل‪ ،‬لكنيا تظير نفس النزعة)‪.‬‬
‫لقد أصابت ظاىرة النزوع إلى الكساد صناعات معينة بقسوة بالغة‪ :‬كاف إنتاج الكيرباء والبتروؿ ينمو بحموؿ عاـ ‪8981‬‬
‫فقط بحوالي ثمثي معدؿ السنوات الخمس السابقة‪ ،‬في حيف أف إنتاج الفحـ والصمب وأدوات ماكينات قطع المعادف قد انخفض‬

‫بعض الشيء بالفعؿ‪ )96( .‬بؿ وأسوأ مف ذلؾ فاف المحصوؿ الجيد نسبيا لعاـ ‪ 8978‬قد تبعتو محاصيؿ فقيرة في عامي ‪8979‬‬
‫و ‪ 8981‬ومحصوؿ مأساوي في ‪.8988‬‬
‫تقوؿ القيادة الروسية اليوـ‪:‬‬
‫"النزعات غير المواتية التي ظيرت عمى السطح فيما يتعمؽ بالتنمية االقتصادية خبلؿ السبعينات أصبحت اكثر حدة في‬
‫أوائؿ الثمانينات بدال مف أف تيدأ‪ .‬استمر تباطؤ معدالت النمو خبلؿ السنتيف األوليتيف‪ .‬وتدىورت مؤشرات الجودة الخاصة باإلدارة‬
‫االقتصادية‪ .‬في عاـ ‪ 8983‬كاف معدؿ الزيادة في الصناعة‪ ،‬أقؿ بنسبة ‪9‬ر‪ %22‬مف متوسط فترة الخطة الخمسية السابقة"‪)97( .‬‬
‫كاف رد فعؿ جيؿ بريجينيؼ مف البيروقراطييف المتقدميف في السف ىو محاولة التيرب مف كؿ المشكبلت التي طرحيا‬
‫اليبوط االقتصادي‪ .‬لقد حاولوا االستمرار بالطريقة القديمة واستخداـ التأثير السياسي لحماية إمبراطورياتيـ الصغيرة‪ .‬مرة أخرى كما‬
‫تقوؿ القيادة اآلف‪:‬‬
‫في المركز كما في المناطؽ المحمية‪ ،‬استمر الكثير مف القادة في العمؿ بالوسائؿ البالية واثبتوا انيـ غير مستعديف لمعمؿ‬
‫في الظروؼ الجديدة‪ .‬تدىور االنضباط والنظاـ إلى مستوى غير محتمؿ‪ .‬كاف ىناؾ ىبوط في مستوى الدقة والمسئولية‪ :‬كما أف‬
‫الممارسة الرديئة لمتعديؿ السمبي لمخطط قد انتشر عمى نطاؽ واسع‪)98(.‬‬
‫خبلؿ فترتي ستاليف وخروتشوؼ‪ ،‬كاف بوسع البيروقراطييف عمى مختمؼ المستويات أف يكوف لدييـ شعور معيف بالفخر‬
‫بمنجزاتيـ‪ .‬ربما عاشوا في خوؼ مف ستاليف أو سخطوا عمى تقمبات سياسات خروتشوؼ‪ ،‬إال انيـ عمى األقؿ قد أروا نمو االقتصاد‬
‫في ظؿ سيطرتيـ الجماعية‪ ،‬إلى جانب ىيبتيـ الفردية‪ .‬كاف بوسعيـ االعتقاد في " التقدـ الذي ال يتوقؼ لمشيوعية" ‪ -‬ليس بمعنى‬
‫تقدـ التحرر اإلنساني الذي دعا إليو ماركس ولينيف‪ ،‬وانما بمعنى نمو قوة رأسمالية الدولة الروسية‪.‬‬
‫في ظؿ بريجينيؼ تحوؿ الفخر إلى تيكـ‪ ،‬وأفضى التيكـ بسيولة إلى الفساد الصريح‪ .‬عمى القمة تورطت أسرة بريجينيؼ‬
‫نفسيا فيما يمي‪ :‬اتيمت ابنتو باالشتراؾ في فضيحة تعمقت بمجوىرات مسروقة‪ ،‬واتيـ زوج أختو‪ ،‬نائب رئيس الكي‪ .‬جي‪ .‬بي‪.‬‬
‫بالتستر عمييا‪ )99( .‬وتحت ىذا قميبل في التسمسؿ البيروقراطي‪ ،‬يبدو أف القيادات الوطنية لعدد مف الجميوريات قد بنوا قاعدة‬
‫ألنفسيـ بالتستر عمى عناصر شبو مجرمة‪ :‬وجيت اتيامات بيذا الخصوص إلى قيادات كازاخستاف واوزبكستاف وجورجيا وأرمينيا‬
‫عقب وفاة بريجينيؼ‪.‬‬
‫مف الواضح أف تيكـ البيروقراطية قد رافقو اغتراب جماىيري مستمر عند القاعدة‪ .‬تزايد إدماف الخمر إلى مستوى قياسي‪.‬‬
‫لـ يتحسف مستوى إنتاج المصانع‪ .‬ظمت اإلنتاجية في الصناعة عند مستوى ‪ %55‬مف المستوى األمريكي (‪ )51‬وكانت ترتفع أسرع‬
‫مف األجور بقدر ضئيؿ فقط (‪.)58‬‬
‫جورباتشوف‬
‫تولي يوري اندروبوؼ الزعامة بعد وفاة بريجينيؼ‪ .‬وبوصفو رئيسا لمكي‪ .‬جي‪ .‬بي‪ .‬فقد كاف مف الممكف توقع أف يكوف‬
‫محافظا في منيجو‪ .‬ولكف في الدولة الشمولية كثي ار ما يكوف البوليس السري ىو الجية األكثر دراية بالمزاج الحقيقي لجماىير‬
‫الشعب‪ :‬فمدييـ شبكة مف المخبريف الذيف يقدموف التقارير عما يقولو جيرانيـ حقا‪ ،‬في حيف أف أعضاء حزب النظاـ ال يضمنوف‬
‫تقاريرىـ إال ما يريد قادتيـ سماعو‪ .‬ىكذا فقد كاف أندروبوؼ ممما بالتيكـ والفساد وعمؽ االغتراب الشعبي‪ .‬كما أنو كاف أيضا سفي ار‬

‫لروسيا في المجر عاـ ‪ 8956‬وتعمـ مدى السرعة التي يمكف بيا لمثؿ ىذه العناصر أف تشعؿ تمردا شعبيا ‪ -‬وىو درس عززه‬
‫الصعود المفاجئ لحركة التضامف في بولندا في عاـ ‪ .8981‬لقد سار عمى طريؽ اإلصبلح‪ ،‬كما فعؿ خروتشوؼ قبؿ ‪ 21‬عاما‪،‬‬
‫لكي يقمؿ ىذه المخاطر عمى الحكـ البيروقراطي‪.‬‬
‫عاش اندروبوؼ لمدة ‪ 89‬شي ار أخري فقط‪ ،‬وكانت القوى المحافظة ‪-‬قوى بريجينيؼ‪ -‬ال تزاؿ قوية عند وفاتو بما يكفي‬
‫لضماف تولي أحدىـ‪ ،‬تشي رنينكو المسف‪ ،‬لمحكـ‪ .‬ولكف أندروبوؼ قد نجح في تحويؿ ميزاف القوى بعض الشيء‪ .‬وعندما مات‬
‫تشيرنينكو بدوره بعد ‪ 82‬شي ار وىو في منصبو‪ ،‬تـ تعييف ميخائيؿ جورباتشوؼ سكرتي ار عاما‪.‬‬
‫في ىذه األثناء‪ ،‬استمر الركود االقتصادي‪ :‬كاف إنتاج سمسمة كاممة مف السمع‪ ،‬مف الصمب إلى األسمدة أقؿ فعميا مما‬
‫كاف عميو في العاـ الماضي‪ .‬ولـ يكف بوسع الزعيـ الجديد تجنب القفز إلى الوراء فوؽ سنوات بريجينيؼ إلى الحديث عف اإلصبلح‬
‫والتغيير الذي كاف قد دفف مع عزؿ خروتشوؼ‪.‬‬
‫ابتدع جورباتشوؼ شعاري البيروسترويكا (إعادة البناء) والجبلسنوست (المكاشفة)‪ .‬وتحدث عف الحاجة إلى "ثورة سممية"‪.‬‬
‫وشجع االقتصادييف ذوي الميوؿ اإلصبلحية إلى إبراز األخطاء في تنظيـ الصناعة والزراعة‪ .‬كما تحدث عف الحاجة الستبداؿ‬
‫القادة المحمييف الفاسديف والمديريف غير األكفاء‪.‬‬
‫وقد أفضى الحديث عف اإلصبلح االقتصادي إلى الحديث عف اإلصبلح السياسي‪ .‬فقد تمت مصالحة مع أشير‬
‫المنشقيف‪ ،‬سخاروؼ‪ ،‬الذي سمح لو بالعودة إلى موسكو مف منفاه في جوركي‪ .‬كما تجدد النقد لستاليف وأعيد اعتبار القادة الببلشفة‬
‫الذيف اعدميـ وخاصة بوخاريف‪ .‬وكاف ىناؾ تسامح إزاء مجموعات النقاش غير الرسمية المستقمة‪ .‬كما حدث تغيير في النظاـ‬
‫االنتخابي يسمح بوجود أكثر مف مرشح في بعض الحاالت‪ .‬وجرى حديث حوؿ السماح باالقتراع السري في االنتخابات الحزبية‬
‫الداخمية‪ .‬بؿ وكاف ىناؾ وعد انتخاب مديري المصانع بواسطة القوى العاممة‪.‬‬
‫دفع كؿ ذلؾ الكثير مف الناس في اليسار إلى تكويف نفس نوع الثقة في الحماس اإلصبلحي لجورباتشوؼ الذي كاف‬
‫أشخاص مثؿ دويتشر قد أظيروىا تجاه خروتشوؼ قبؿ ثبلثيف سنة‪ .‬ولكف‪ ،‬مثؿ خروتشوؼ‪ ،‬تراجع جورباتشوؼ عف اإلصبلح‬
‫الراديكالي الوارد في بعض كمماتو‪ .‬فإصبلحو االقتصادي‪ ،‬مثؿ خروتشوؼ‪ ،‬يعنى العصاة والجزرة معا‪.‬‬
‫لقد أشار جورباتشوؼ بحماس لمحركة الستاخانوفية في الثبلثينات واألربعينات كنموذج ينبغي االىتداء بو‪)53( .‬‬
‫وقد ذكر في اجتماع في خاباروسؾ‪" :‬إف الشيء األساسي الذي نحتاج إليو اآلف‪ ،‬وأنا أقولو لكـ وأطمبو منكـ‪ ،‬ىو‪:‬‬
‫العمؿ العمؿ العمؿ !"(‪ )52‬وكاف أوؿ إجراء رئيسي اتخذه في مجاؿ التعامؿ مع عدـ الكفاءة االقتصادية ىو منع العماؿ مف تناسي‬
‫أحزانيـ‪ ،‬فقد أصدر مرسوما يحد مف بيع الكحوؿ ويرفع سعره بنسبة ‪ .%21‬وبالفعؿ‪ ،‬بالنسبة لعدد كبير مف العماؿ كانت كفة‬
‫العصا ترجح كثي ار عمى الجزرة‪ :‬فحيف طبؽ اإلصبلح عمى مستوى الوحدة اإلنتاجية‪ ،‬أدى إلى تخفيضات في األجور ‪ -‬والى‬
‫إضرابات‪ ،‬كما في توقؼ التراـ في تشيخوؼ‪ )59( .‬وما وصفتو إزفستيا بأنو مظاىرة وحشية في مصنع شاحنات نير كاما‪)55( .‬‬
‫اعترؼ جورباتشوؼ نفسو بوقوع عدة حاالت "توقؼ عف العمؿ" بسبب إجراءات الرقابة عمى الجودة التي خفضت مكافآت العماؿ‪.‬‬
‫(‪)56‬‬

‫لـ تسفر وعود الجبلسنوست عف حت ى الديمقراطية المحدودة جدا المعروفة في الدوؿ الغربية المتقدمة‪ .‬كاف ىناؾ اختيار‬
‫المرشحيف في انتخابات عاـ ‪ - 8987‬ولكف في ‪ %5‬فقط مف الدوائر‪ ،‬وحتى في ىذه لـ يسمح بالحمبلت االنتخابية المفتوحة‬
‫لمدعاية لمسياسات المختمفة‪.‬‬
‫إف القواعد الخاصة بانتخابات المديريف قد أوضحت أف العماؿ لف تكوف ليـ سيطرة حقيقية‪ ،‬حيث ال يحدد العماؿ أنفسيـ‬
‫مف عمى قائمة المرشحيف النيائية سيتـ التصويت لو‪ .‬عمى المرشح الناجح أف يحصؿ عمى موافقة الجياز األعمى المسئوؿ عف‬
‫الوحدة اإلنتاجية‪ )57( .‬كما أف التصويت ال يقوـ بو العماؿ فقط وانما كؿ الموظفيف (بما في ذلؾ المديريف والمشرفيف‬
‫والمبلحظيف)‪ .‬وأخي ار ففي االنتخابات التي جرت حتى اآلف لـ يسمح لمعماؿ بالقياـ بحمبلت لصالح أو ضد مرشح محدد (كما‬
‫شكي العماؿ في مصنع سيارات راؼ في التفيا عاـ ‪ )58( .)8987‬مف السيؿ أف نرى كيؼ انو‪ ،‬في مثؿ ىذه الظروؼ‪،‬‬
‫ستستطيع المجموع ة الوحيدة المسموح ليا بإجراء الحمبلت داخؿ الوحدة اإلنتاجية‪ ،‬أي خمية الحزب‪ ،‬أف تحدد مف يفوز وتظير‬
‫اإلحصائيات أف ‪7‬ر‪ %86‬فقط مف أولئؾ الذيف يحتموف مواقع رئيسية في خبليا الحزب المحمية مف العماؿ‪)59(.‬‬
‫إلى جانب االنتخاب المزعوـ لممديريف‪ ،‬تـ تكويف مجالس منتخبة لموحدات اإلنتاجية‪ ،‬ولكف مرة أخرى‪ ،‬أوضحت قواعد‬
‫االنتخاب إف ىذا ليس مثاال لمديمقراطية العمالية الحقيقية‪ .‬ذلؾ أف "مجاؿ السمطة األساسي" لممجالس ىو مراقبة أداء العماؿ وتعزيز‬
‫إنتاجية الوحدة اإلنتاجية‪.‬‬
‫‪ ...‬يركز المجمس اىتمامو األساسي عمى تطوير مبادرة الشعب العامؿ‪ ،‬وعمى إسياـ كؿ عامؿ في القضية المشتركة‪ ،‬كما‬
‫يطبؽ الضوابط الكفيمة بتحقيؽ أعمى مستوى مف النتائج المستيدفة‪ ...‬وجنى اإليرادات الجماعية المجدية مف الناحية‬
‫االقتصادية‪)61(.‬‬
‫كانت الحمبلت االنتخابية األولى قائمة بالكامؿ عمى سجبلت المرشحيف في تعزيز الكفاءة واإلنتاجية ووالئيـ "لقواعد‬
‫القانوف واألخبلؽ االشتراكية"‪ ) 68( .‬مف الواضح أف ىذه الييئات اقرب كثي ار إلى دوائر مراقبة الجودة منيا إلى المجالس الحقيقية‬
‫لممصانع‪.‬‬
‫واذا كانت ىناؾ أية شكوؾ حوؿ ىذا األمر‪ ،‬فاف المادة ‪ 6‬مف القانوف الجديد تقوؿ صراحة أف جياز الحزب "يشرؼ عمى‬
‫عمؿ تنظيـ اإلدارة الذاتية الجماعية"‪.‬‬
‫ويظير نفس الجمع بيف الحديث عف اإلصبلح والسيطرة الحقيقية مف أعمى عند تناوؿ مسألة القوميات‪ .‬حيث اعتبرت‬
‫الكثير مف المجموعات العرقية المضطيدة التي تشكؿ أكثر مف نصؼ سكاف االتحاد السوفيتي أف الجبلسنوست تعني انيػـ‬
‫يستطيعوف ألوؿ مرة خبلؿ سبعيف عاما أف يتحدثوا عف التمييز الذي يعانونو‪ .‬ففي عاـ ‪ 8987‬كانت ىناؾ مظاىرات في‬
‫جميوريات البمطيؽ وأخرى قاـ بيا تتار القرـ‪.‬‬
‫وشيد شير فبراير مف عاـ ‪ 8988‬مظاىرة لمميوف شخص في العاصمة األرمينية‪ .‬ومع ذلؾ فاف اإلجراءات التي اتخذتيا‬
‫حكومة جورباتشوؼ كانت بناء عمى توجييات مركزية مف موسكو بدال مف االعتماد عمى المبادرة المحمية‪ .‬في نياية عاـ ‪8986‬‬
‫فرض شخص روسي عمى جميورية كازاخستاف اآلسيوية كسكرتير أوؿ بدال مف زعيـ محمي ادعي أنو فاسد ‪ -‬وتدفقت آالؼ عديدة‬
‫مف الكازاخ إلى "الما آتا" واشتبكوا مع البوليس إعرابا عف احتجاجيـ‪ .‬كما أدار النظاـ ظيره لبلحتجاجات في جميوريات البمطيؽ‬
‫وتمؾ التي قاـ بيا التتار‪ .‬وعندما التقى جورباتشوؼ بوفد منتخب مف المظاىرة الجماىيرية لؤلرمف‪ ،‬اخبرىـ انو سيكوف عمييـ‬

‫االنتظار لبضع سنوات قبؿ التخمص مف آالميـ‪ .‬وكما في حالة خروتشوؼ قبؿ ثبلثيف سنة‪ ،‬فاف وعد جورباتشوؼ باإلصبلح‬
‫يناقضو اندفاعو لجعؿ الصناعة الروسية أكثر كفاءة ‪ -‬وىذا يعني توجييا مركزيا‪ ،‬وليس محميا‪ ،‬لمموارد‪.‬‬
‫مرة أخرى مثؿ خروتشوؼ‪ ،‬تميزت فترة حكـ جورباتشوؼ بالتقمبات المفاجئة‪ .‬ففي الفترة بيف عامي ‪ 8989‬و ‪،8986‬‬
‫تحدث عف اإلصبلح ولكنو ركز أس اسا عمى تغيير األشخاص‪ ،‬بحيث يستبدؿ أنصار بريجينيؼ برجالو ىو‪ .‬ثـ بدأ خبلؿ الشيور‬
‫العشر األولى مف عاـ ‪ 8987‬يدعو لمتغيير السريع في سمسمة مف الخطب وفي كتابو البيروسترويكا‪ .‬ولكف في أكتوبر مف ذلؾ‬
‫العاـ حدث تراجع مفاجئ إلى أساليب اقدـ‪.‬‬
‫عيف مؤخرا‪ .‬قد افتتح‬

‫في طميعة حممة المطالبة باإلصبلح كاف بوريس يمتسيف‪ ،‬زعيـ التنظيـ الحزبي في موسكو الذي ّ‬
‫جمسة أكتوبر لمجنة المركزية بخطبة يبدو أنيا تضمنت ىجوما شديدا عمى أولئؾ الذيف يعرقموف البيروسترويكا (ال نعرؼ المضموف‬
‫الدقيؽ لخطبتو‪ ،‬حيث أف الجبلسنوست ال تصؿ إلى مستوى المصارحة حوؿ مثؿ ىذه اإلجراءات)‪ .‬تبل ذلؾ اليجوـ عميو مف جانب‬
‫ما ال يقؿ عف ‪ 36‬متحدثا‪ ،‬ثـ مرر االجتماع باإلجماع ق ار ار "يعتبر كممتو خطأ سياسيا"‪ .‬تـ إطبلع الصحافة األجنبية عمى‬
‫النقاشات الدائرة‪ ،‬ولكف ليس شعب االتحاد السوفيتي‪ .‬كاف أوؿ شيء يسمعو الشعب رسميا بعد ثبلثة أسابيع مف ذلؾ‪ ،‬عندما صوت‬
‫اجتماع خاص لحزب مدينة موسكو لصالح طرد يمستيف‪ .‬كاف الذي حدد ليجة االجتماع ىو جورباتشوؼ نفسو‪ ،‬الذي زعـ أف‬
‫يمتسيف "تبنى منذ البداية مقوالت ووعود طنانة غذاىا إلى حد كبير طموحو المفرط وغرامو بالبقاء في األضواء"‪ .‬لـ تكف المغة‬
‫مختمفة كثي ار عف تمؾ التي استخدميا ستاليف ضد خصومو في أواخر العشرينات وأوائؿ الثبلثينات (قبؿ أف يتحوؿ إلى تسميتيـ‬
‫بعمبلء اإلمبريالية)‪ .‬وقد كشؼ رد فعؿ يمتسيف عف النطاؽ المحدود جدا لمجدؿ المفتوح لدى القيادة التي تستميـ الجبلسنوست‪،‬‬
‫وبدال مف أف يدافع عف نفسو رد يمتسيف باعتراؼ كاف يمكف أيضا أف يصدر عف عيد ستاليف‪:‬‬
‫البد أف أقوؿ أنني ال أستطيع تفنيد ىذا النقد‪ ...‬إنني مذنب جدا أماـ التنظيـ الحزبي لمدينة موسكو‪ ،‬إنني مذنب جدا أماـ‬
‫المجنة الحزبية لممدينة‪ ،‬وأماـ المكتب السياسي‪ ،‬و‪ ،‬بالطبع‪ ،‬أماـ ميخائيؿ جورباتشوؼ صاحب المكانة العظيمة في تنظيمنا‪ ،‬في‬
‫بمدنا‪ ،‬وعمى امتداد العالـ‪)63( .‬‬
‫لـ تكف مسألة يمتسيف حدثا معزوال‪ .‬لقد شكمت ما يشبو نقطة التحوؿ في االندفاع نحو الجبلسنوست‪ .‬يظير ىذا مف‬
‫خبلؿ تحوؿ في منيج جورباتشوؼ ذاتو‪ .‬قبؿ مسألة يمتسيف‪ ،‬في صيؼ عاـ ‪ ،8987‬كتب كتابو البيروسترويكا‪ ،‬الذي يطالب‬
‫باإل صبلح الراديكالي‪ .‬وبعد اليجوـ عمى يمتسيف في المجنة المركزية ألقى خطابا في الذكرى السبعيف لثورة أكتوبر‪ ،‬كاف مف المتوقع‬
‫عمى نطاؽ واسع أف يدعو ىذا الخطاب لئلسراع بالبيروسترويكا والجبلسنوست‪ .‬ولكنو بدال مف ذلؾ ركز بنفس المقدار عمى‬
‫"مخاطر" " السير السريع جدا" ومخاطر مقاومة البيروسترويكا‪.‬‬
‫إف مثؿ ىذه االنتكاسات المفاجئة في السياسة ليست أم ار عرضيا‪ .‬فالركود في االقتصاد الروسي يولد ضغوطا مف أجؿ‬
‫اإلصبلح‪ ،‬ولكف ىذه الضغوط تواجو عقبات ىائمة داخؿ البيروقراطية نفسيا‪ .‬واألمر ليس فقط أف مبلييف مف البيروقراطييف األفراد‬
‫ممتزم وف بالطرؽ القديمة لتنظيـ األمور‪ ،‬أنيا أيضا خوؼ البيروقراطية كميا مف أف يؤدي الجدؿ المرير فيما بينيا إلى فتح ثغرة أماـ‬
‫المبلييف مف أفراد الشعب تحتيا‪ ،‬يستطيعوف مف خبلليا اتخاذ خطوات في سبيؿ تحقيؽ مصالحيـ الخاصة‪.‬‬
‫كانت بالتحديد شقاقات كيذه داخؿ البيروقراطية ىي التي ميدت األرض النتفاضة ألمانيا الشرقية في عاـ ‪،8952‬‬
‫وانتفاضة بوزناف في يونيو ‪ ،8956‬ثورة أكتوبر ‪ -‬نوفمبر ‪ 8956‬المجرية‪ ،‬وأحداث ‪ 8968‬في تشيكوسموفاكيا‪ )62( .‬في كؿ‬
‫حدث‪ ،‬فاف ما بدأ كجداالت في أقساـ مختمفة مف البيروقراطية شؿ جزئيا آلة القمع وسمح لمطمبة والمثقفيف وأخي ار العماؿ بالتحرؾ‪.‬‬

‫كانت اإلشارات األولى لتحركات كيذه قد ظيرت بالفعؿ كنتاج لمجداالت عمى الجبلسنوست‪ .‬كاف ىناؾ الصداـ بيف‬
‫المتظاىريف والبوليس في "الما آتا" في عاـ ‪ ،8986‬والمظاىرات القومية في دوؿ البمطيؽ في عاـ ‪ ،8987‬والمظاىرة الضخمة في‬
‫أرمينيا في أواخر فبراير ‪ .8988‬وخارج االتحاد السوفيتي نفسو‪ ،‬في دائرة نفوذه في أوروبا الشرقية‪ ،‬كانت ىناؾ مؤشرات إلى أف‬
‫األمور قد تخرج تماما عف السيطرة‪ ،‬مع حدوث إضرابات ومظاىرات المجر‪ ،‬وشبو انتفاضة في مدينة براسوؼ الرومانية‪ ،‬واستمرار‬
‫السخط في بولندا وتشيكوسموفاكيا‪.‬‬
‫وأكثر مف ذلؾ‪ ،‬فاف أولئؾ الذيف يقاوموف اإلصبلح لدييـ حجة قوية جدا‪ :‬ليس بديييا بأي حاؿ أف اإلصبلح االقتصادي‬
‫سيحؿ مشاكؿ االقتصاد‪ .‬في بمديف مف أوروبا الشرقية‪ ،‬المجر ويوغسبلفيا‪ ،‬أجريت إصبلحات واسعة النطاؽ في اتجاه ما يسمى‬
‫أحيانا اشتراكية السوؽ‪ ،‬ولبعض الوقت حظيت ىذه اإلصبلحات بمديح ىائؿ في اإلعبلـ الغربي‪ .‬ومع ذلؾ فاف االقتصادييف‬
‫المجري واليوغسبلفي اليوـ ليسا أحسف حاال مف االقتصاد الروسي‪ ،‬يعاني االثناف مف الركود الصناعي ومعدالت تضخـ عالية‪،‬‬
‫وديوف أجنبية كبيرة‪ ،‬ويسعى االثناف لفرض تخفيضات في األجور والعمالة عمى عماليما‪ ،‬مما يخمؽ سخطا متزايدا أدى‪ ،‬في حالة‬
‫يوغسبلفيا‪ ،‬إلى موجة ضخمة مف اإلضرابات في عاـ ‪.8987‬‬
‫المقصود ىو أف اإلصبلحات ال تستطيع التعامؿ مع السبب الجذري لئلخفاقات االقتصادية لبلتحاد السوفيتي‪ .‬يكمف ىذا‪،‬‬
‫كما ذكر كميؼ قبؿ أربعيف عاما في الطريقة التي تخضع بيا البيروقراطية الحاكمة االقتصاد كمو لمتنافس العسكري واالقتصادي مع‬
‫الغرب (و‪ ،‬اليوـ‪ ،‬مع الصيف)‪ .‬يفرض ىذا مستوى تراكـ ال تستطيع الموارد تحممو‪ .‬كما انو يدفع جماىير السكاف ‪ -‬العماؿ‬
‫والمزارعيف في المزارع الجماعية ‪ -‬إلى اغتراب عميؽ عف عمميـ بالدرجة التي تجعميـ ال ييتموف بنوعية إنتاجيـ‪.‬‬
‫األخطاء التي يركز عمييا المصمحوف االقتصاديوف ‪ -‬التبديد‪ ،‬الطابع الرديء لسمع كثيرة‪ ،‬عدـ عناية العماؿ بعمميـ‪،‬‬
‫المشاريع العمبلقة التي تتعرض لمصدأ مف عدـ االستعماؿ ‪ -‬ليا جميعا نظائر في المؤسسات العمبلقة لمرأسمالية الغربية‪ .‬كارثة‬
‫المفاعؿ النووي في تشيرنوبؿ يقابميا جزيرة ثري مايؿ في الواليات المتحدة‪ ،‬وقبؿ ذلؾ حادث وينسكيؿ في بريطانيا في عاـ ‪.8957‬‬
‫الفاقد في االقتصاد الروسي تقابمو مصانع الصمب والكيماويات الحديثة العاطمة المنتشرة عمى امتداد أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية‪،‬‬
‫ضحايا السوؽ الذي يراه كثير جدا مف المصمحيف كإنقاذ لروسيا‪.‬‬
‫ربما تعاني روسيا مف رداءة اإلنتاج‪ .‬ولكف ىذا ىو أيضا حاؿ صناعات كاممة في الغرب ‪ -‬انظر تجربة ببلد مثؿ‬
‫بريطانيا حيث انتج انتعاش البناء في أواخر الستينات وأوائؿ السبعينات مئات اآلالؼ مف الشقؽ والمنازؿ التي كانت مف الناحية‬
‫الفعمية غير صالحة لمسكف اآلدمي بعد اقؿ مف ‪ 85‬سنة‪ .‬إذا كاف البيروقراطيوف الروس يحاولوف رمى سمع رديئة النوعية عمى‬
‫جميور غير مشكؾ‪ ،‬فيذا ما فعمو الباعة الغربيوف الذي قدموا أدوية "ثاليدوماف" "أوبريف"‪ ،‬والذيف حثوا النساء عمى استخداـ الواقي‬
‫"دلكف"‪ ،‬والذيف أغروا الناس باستخداـ معدية "ىيرالد أوؼ فرى انتربرايز"‪ .‬وبدال مف أف يعاقب السوؽ الشركات العمبلقة المعنية‪،‬‬
‫فانو كثي ار ما سمح ليا بحصد مكاسب ىائمة‪ .‬وحتى الشركات عديمة الكفاءة بالمعايير النقدية الضيقة ناد ار ما تدفع إلى اإلفبلس‬
‫الصريح في ظؿ ظروؼ الرأسمالية الغربية الحديثة‪ :‬تتحرؾ الدولة إلنقاذىـ كما فعمت مع كرايسمر في الواليات المتحدة وايو اي‬
‫جيو في ألمانيا الغربية‪ ،‬وماسي فيرجسوف في كندا وبريطانيا‪ .‬إف وحدات الرأسمالية الحديثة ضخمة جدا بحيث يكوف الخراب الماثؿ‬
‫في حالة ترؾ كؿ شيء لمعب قوى السوؽ الحر عظيـ جدا حتى بالنسبة ألكثر الحكومات ميبل لمسوؽ‪ ،‬مثؿ حكومة تاتشر في‬
‫بريطانيا وحكومة ريجاف في الواليات المتحدة‪ .‬ونتيجة لذلؾ فاف مقاييس عدـ الكفاءة الداخمية لمشركات (والتي اسماىا أحد‬
‫االقتصادييف "س ‪ -‬عدـ كفاءة") تشير إلى أف كثي ار مف الشركات يمكف أف تعمؿ بضعؼ إنتاجيتيا الحالية‪)69(.‬‬

‫يبمغ االقتصاد الروسي نصؼ حجـ منافسو األساسي‪ ،‬الواليات المتحدة‪ .‬وىو ال يتحمؿ أف يعمؿ بوحدات إنتاجية اصغر‬
‫مف منافسو‪ ،‬ىكذا فاف تركيز اإلنتاج أعمى نسبيا‪ ،‬وتأثير حاالت معينة مف عدـ الكفاءة والتبديد أكبر نسبيا‪ .‬وال يستطيع حكاـ‬
‫روسيا بالطبع أف يتعامموا مع ىذه الحاالت ببساطة باستخداـ السوؽ لدفع وحدات رئيسية خارج مجاؿ العمؿ‪ ،‬حيث أف الخراب‬
‫الناتج سيكوف اكبر كثي ار منو في الواليات المتحدة‪.‬‬
‫القيادة الروسية اليوـ واقعة في ورطة كبيرة‪ .‬إنيا ال تجرؤ عمى ترؾ األشياء كما ىي لوقت أطوؿ‪ .‬إنيا تخشى أف يؤدي‬
‫الركود االقتصادي فجأة‪ ،‬إلى نفس نوع التمرد الشعبي الذي خمؽ حركة التضامف في بولندا عاـ ‪ .8981‬ومع ذلؾ فيي تخشى أف‬
‫تدفع اإلصبلح لؤلماـ باتساؽ وال تعرؼ حتى إذا كاف اإلصبلح سينجح أـ ال‪ .‬إنيا تتأرجح بيف سياسة وأخرى‪ ،‬ويصحب ذلؾ‬
‫مشاحنات مريرة داخؿ البيروقراطية‪ .‬ىذه النزاعات تجعؿ مف الصعب عمى البيروقراطية أف تفرض إرادتيا عمى باقي السكاف‪ .‬تمؾ‬
‫كانت المكونات التي فتحت الطريؽ ألحداث ألمانيا الشرقية في عاـ ‪ ،8952‬والمجر عاـ ‪ ،8956‬وتشيكوسموفاكيا عاـ ‪.8968‬‬
‫كتب ماركس في عاـ ‪ 8859‬أنو "بعد أف كانت أشكاال لتطور القوى اإلنتاجية‪ ،‬فأف عبلقات اإلنتاج القائمة تتحوؿ إلى‬
‫قيود‪ .‬ثـ يبدأ عيد ثورة اجتماعية"‪ .‬مف الواضح تماما إف عبلقات اإلنتاج التي خمقتيا البيروقراطية الستالينية أصبحت قيودا مف ىذا‬
‫النوع‪ .‬يمكف جدا لروسيا أف تكوف في طريقيا إلى "عيد جديد لمثورة االجتماعية"‪.‬‬
‫لقد حذر ماركس انو مف المستحيؿ "تحديد األشكاؿ القانونية أو السياسية أو الدينية أو الجمالية أو الفمسفية ‪ -‬باختصار‪،‬‬
‫األيديولوجية ‪ -‬التي يصبح بيا الناس واعيف لمصراع ثـ يخوضوف الحرب ضده"‪ .‬إننا قطعا ال نستطيع التنبؤ بالسرعة التي‬
‫ستتطور بيا الفترة الجديدة في روسيا وال بالتكوينات السياسية واأليديولوجية التي ستبرز‪ .‬ما نستطيع أف نقولو بيقيف‪ ،‬مع ذلؾ‪ ،‬ىو‬
‫أف البيروقراطية تواجو فترة أزمة خطيرة جدا‪ .‬شيدت ىذه األزمة بالفعؿ اكبر مظاىرات قومية منذ العشرينات وانتشار لؤلفكار‬
‫اإلصبلحية‪ .‬ينتظر أف يمي ذلؾ صراعات الطبقة العاممة‪ .‬ولكف لكي يفرض العماؿ حميـ لبلزمة فانيـ سيحتاجوف لفيـ واضح‬
‫لطبيعة النظاـ ودينامياتو ‪ -‬فيـ يمكف فقط أف يأتي مف نظرية رأسمالية الدولة مثؿ تمؾ التي طورىا توني كميؼ قبؿ أربعيف عاما‪.‬‬

‫انًهحق األول‪:‬‬
‫اختبار نتؼرٌف تروتطكً نروضٍا بأَها‬

‫دونت ػًانٍت يُحطت‬
‫تكمف نقطة انطبلؽ تحميؿ تروتسكي لمنظاـ الستاليني في البمشفية‪ ،‬وىو يبيف التناقض بيف الماركسية والستالينية‪ ،‬بيف ثورة‬
‫أكتوبر االشتراكية والثورة المضادة البيروقراطية‪ .‬ولكونو تمميذا تروتسكي والعتقاده معو بأف ما ىو حيوي في تقويـ الستالينية ىو‬
‫مقارنتيا مف وجية نظر عبلقتيا بالماركسية ‪ -‬المينينية‪ ،‬فاف ىذا الكتاب يرى أنو مف الضروري تكريس أكبر عناية ممكنة لمتقويـ‬
‫النقدي لتحميؿ تروتسكي لمنظاـ الستاليني‪.‬‬
‫ىل يمكن لدولة ليست تحت سيطرة العمال أن تكون دولة عمالية؟‬
‫في أعماؿ تروتسكي نجد تعريفيف مختمفيف ومتناقضيف تماما لمدولة العمالية‪ .‬وفقا ألحدىما‪ ،‬معيار الدولة العمالية ىو أف‬
‫تكوف لمبروليتاريا سيطرة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬ميما كانت مقيدة‪ ،‬عمى سمطة الدولة‪ :‬أي أف يكوف بوسع البروليتاريا أف تتخمص‬
‫مف البيروقراطية باإلصبلح وحده‪ ،‬دوف الحاجة لمثورة في ‪ 8928‬كتب‪:‬‬
‫إف اإلقرار بأف الدولة السوفيتية الحالية ىي دولة عمالية ال يعني فقط أف البرجوازية ال تستطيع االستيبلء عمى السمطة إال‬
‫باالنتفاضة المسمحة‪ ،‬وانما أيضا أف بروليتاريا االتحاد السوفيتي لـ تفقد إمكانية إخضاع البيروقراطية‪ ،‬أو إحياء الحزب واصبلح‬
‫نظاـ الدكتاتورية ‪ -‬بدوف ثورة جديدة‪ ،‬بأساليب اإلصبلح وسي ار عمى طريقو‪)8( " .‬‬
‫وفي رسالة إ لى بورودي‪ ،‬عضو في المجموعة المعارضة المسماة المركزيوف الديمقراطيوف‪ ،‬يعبر عف ىذه الفكرة بطرية‬
‫أوضح الرسالة غير مؤرخة ولكف كؿ المؤشرات تظير أنيا كتبت في نياية ‪ .8938‬انو يكتب‪:‬‬
‫انؾ تكتب‪ :‬ىؿ انحطاط الجياز والسمطة السوفيتية أمر واقع؟ ىذا ىو السؤاؿ الثاني؟‪ .‬الشؾ أف انحطاط الجياز السوفيتي‬
‫ىو أكثر تقدما بكثير مف نفس العممية في الجياز الحزبي ومع ذلؾ‪ ،‬فاف الحزب ىو الذي يقرر وفي الوقت الحالي‪ ،‬فاف ىذا يعني‪:‬‬
‫الجياز الحزبي سؤالؾ إذف يمكف التعبير عنو بطريقة أخرى مماثمة‪ :‬ىؿ الجوىر البروليتاري لمحزب‪ ،‬بمساعدة الطبقة العاممة‪ ،‬قادر‬
‫عمى االنتصار عمى أوتوقراطية الجياز الحزبي الذي يندمج مع جياز الدولة؟ إف الذي يجيب مسبقا بأنو غير قادر‪ ،‬يتحدث بالتالي‬
‫ليس فقط عف ضرورة حزب جديد وأساس جديد‪ ،‬وانما أيضا عف ضرورة ثورة بروليتارية ثانية وجديدة‪)3( .‬‬
‫والحقا في نفس الرسالة يقوؿ‪:‬‬
‫إذا كاف الحزب جثة‪ ،‬فاف حزبا جديدا ينبغي بناءه عمى بقعة جديدة‪ ،‬ويجب إخبار الطبقة العاممة بذلؾ صراحة‪ .‬إذا كاف‬
‫ثرميدور قد اكتمؿ‪ ،‬واذا كانت دكتاتورية البروليتاريا قد صفيت‪ ،‬فيجب بسط راية الثورة البروليتارية الثانية‪ .‬ىذه ىي الطريقة التي‬
‫سنتصرؼ بيا إذا أثبت طريؽ اإلصبلح‪ ،‬الذي نقؼ في صفو‪ ،‬عدـ جدواه‪)2( .‬‬
‫تعريؼ تروتسكي الثاني لو معيار مختمؼ جوىريا‪ .‬بغض النظر عف معنى استقبللية جياز الدولة عف الجماىير‪ ،‬وحتى‬
‫لو كانت الطريقة الوحيدة لمتخمص مف البيروقراطية ىي الثورة‪ ،‬فطالما أف وسائؿ اإلنتاج "مدولتو فاف الدولة تظؿ دولة عمالية وتبقى‬
‫البروليتاريا الطبقة الحاكمة‪ .‬ىكذا‪ ،‬ففي "الثورة المغدورة " يكتب تروتسكي‪:‬‬

‫إف تأميـ األرض‪ ،‬ووسائؿ اإلنتاج الصناعي‪ ،‬والنقؿ‪ ،‬والصرافة‪ ،‬مع احتكار التجارة الخارجية‪ ،‬يمثؿ أساس البنية االجتماعية‬
‫السوفيتية‪ .‬مف خبلؿ ىذه العبلقات‪ ،‬التي أقامتيا الثورة البروليتارية‪ ،‬يتـ باألساس تعريؼ االتحاد السوفيتي بالنسبة لنا كدولة‬
‫عمالية‪)9(.‬‬
‫يمكف استخبلص ثبلثة استنتاجات مف ىذا‪:‬‬
‫تعريؼ تروتسكي الثاني لمدولة العمالية ينفي األوؿ‪.‬‬
‫إذا كاف التعريؼ الثاني سميما فاف البياف الشيوعي كاف مخطئا في قولو‪" :‬ستستخدـ البروليتاريا سيادتيا السياسية لكي تنتزع‬
‫بالتدريج‪ ،‬كؿ رأس الماؿ مف البرجوازية لكي تمركز كؿ وسائؿ اإلنتاج في أيدي الدولة"‪ ،‬وكاف مخطئا في قولو "الخطوة األولى في‬
‫ثورة الطبقة العاممة ىي رفع البروليتارية إلى وضع الطبقة الحاكمة"‪ .‬وفضبل عف ذلؾ ففي ىذه الحالة فبل كوميونة باريس وال‬
‫الدكتاتورية البمشفية كانتا دوال عمالية‪ ،‬حيث أف األولى لـ تدولت وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬والثانية لـ تفعؿ ذلؾ لبعض الوقت‪.‬‬
‫إذا كانت الدولة ىي مستودع ىي وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬والعماؿ ال يسيطروف عمييا فانيـ ال يممكوف وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬أي انيـ‬
‫ليسوا الطبقة الحاكمة‪ .‬التعريؼ األوؿ يقر بيذا‪ .‬التعريؼ الثاني يتجنبو‪ ،‬ولكنو ال يفنده‪.‬‬
‫تعريؼ روسيا بأنيا دولة عمالية والنظرية الماركسية لمدولة‬
‫يتعيف أف يؤدي افتراض أف روسيا دولة عمالية منحطة إلى استنتاجات تتناقض مباشرة مع المفيوـ الماركسي لمدولة‪ .‬تحميؿ‬
‫دور ما أسماه تروتسكي الثورة السياسية‪ ،‬والثورة المضادة االجتماعية سيثبت ذلؾ‪.‬‬
‫في "الثورة المغدورة" يكتب تروتسكي‪:‬‬
‫لكي نكوف فيما افضؿ لطابع االتحاد السوفيتي الحالي‪ ،‬دعونا نضع افتراضيف مختمفيف فيما يتعمؽ بمستقبمو‪ ،‬دعونا نفترض‬
‫أوال أف البيروقراطية السوفيتية تـ إسقاطيا بواسطة حزب ثوري لديو كافة خصائص البمشفية القديمة‪ ،‬وازداد ثراءا فضبل عف ذلؾ مف‬
‫خبلؿ التجربة العالمية لمفترة األخيرة‪ .‬سيبدأ حزب كيذا بإعادة الديمقراطية في النقابات والسوفييتات‪ .‬سيكوف قاد ار عمى‪ ،‬وسيكوف‬
‫عميو‪ ،‬إعادة حرية األحزاب السوفيتية‪ .‬ومع الجماىير وعمى رأسيـ‪ ،‬سيجري تطيي ار ال يعرؼ الرحمة لجياز الدولة‪ .‬سوؼ يمغي‬
‫الرتب والنياشيف‪ ،‬وكؿ أنواع االمتيازات‪ ،‬وسيحد مف عدـ المساواة فيما يدفع مقابؿ العمؿ بضرورات الحياة الخاصة باالقتصاد‬
‫وجياز الدولة‪ .‬وسيعطي الشباب الفرصة في التفكير المستقؿ والتعمـ والنقد والنمو‪ .‬سيدخؿ تغييرات عميقة في توزيع الدخؿ القومي‬
‫بما يتفؽ مع مصالح وارادة جماىير العماؿ والفبلحيف‪ .‬ولكف فيما يتعمؽ بعبلقات الممكية‪ ،‬لف يكوف عمى السمطة الجديدة أف تمجأ‬
‫إلجراءات ثورية‪ .‬إنيا ستحتفظ بتجربة االقتصاد المخطط وتطورىا أكثر بعد الثورة السياسية ‪ -‬أي بعد التخمص مف البيروقراطية ‪-‬‬
‫سيكوف عمى البروليتاريا أف تدخؿ سمسمة مف اإلصبلحات اليامة جدا في االقتصاد‪ ،‬ولكف ليس ثورة اجتماعية أخرى‪....‬‬
‫أما إذا ‪ -‬ىذا ىو االفتراض الثاني ‪ -‬أطاح حزب برجوازي بالفئة السوفيتية الحاكمة‪ ،‬فانو سيجد عدد غير قميؿ مف الخدـ‬
‫الجاىزيف بيف البيروقراطييف واإلدارييف والفنييف والمديريف وسكرتيري الحزب والدوائر العميا المتميزة بصفة عامة‪ .‬وبالطبع‪ ،‬سيكوف‬
‫ضروريا في ىذه الحالة أيضا القياـ بتطيير لجياز الدولة‪ .‬إال أف العودة لمبرجوازية ستطير عمى األرجح عددا أقؿ مف الناس‬
‫بالمقارنة بما يمكف لحزب ثوري أف يفعمو‪ .‬الميمة األساسية لمسمطة الجديدة ستكوف بإعادة الممكية الفردية لوسائؿ اإلنتاج‪ ..‬و‪.‬‬
‫بصرؼ النظر عف أف البيروقراطية السوفيتية قد ذىبت بعيدا في االعتداد لمعودة البرجوازية‪ ،‬فاف النظاـ الجديد سيكوف عميو أف‬

‫يدخؿ فيما يتعمؽ بأشكاؿ الممكية وأساليب الصناعة‪ ،‬ليس إصبلحا وانما ثورة اجتماعية‪ )5( .‬دعونا نختبر ىذا‪ .‬أثناء الثورات‬
‫السياسية البرجوازية‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ ثورات ‪ 8821‬و ‪ 8898‬الفرنسيتاف‪ ،‬تغير شكؿ الحكومة بدرجة أو بأخرى‪ ،‬إال أف نوع‬
‫الدولة ظؿ كما ىو ‪" -‬ىيئات خاصة مف الرجاؿ المسمحيف والسجوف‪ ..‬الخ" مستقمة عف الشعب وتخدـ الطبقة الرأسمالية‪.‬‬
‫مف المؤكد أف انتصار ىت مر في ألمانيا أتى معو بتطيير واسع المدى لجياز الدولة‪ ،‬ولكف آلة الدولة ككؿ لـ تدمر‪ ،‬حيث‬
‫بقيت مف حيث الجوىر كما ىي‪ .‬يوجد ارتباط أوثؽ كثي ار بيف المضموف والشكؿ في الدولة العمالية مما ىو عميو في أي دولة‬
‫أخرى‪ .‬إذف‪ ،‬فحتى لو افترضنا إمكانية وقوع ثورات سياسية في الدولة العمالية‪ ،‬فاف شيئا واحدا واضح‪ ،‬ينبغي عمى آلة الدولة‬
‫العمالية التي كانت قائمة قبؿ الثورة السياسية البروليتارية أف تستمر في الوجود بعد ىذه الثورة‪ .‬إذا كانت روسيا دولة عمالية‪ ،‬فعمى‬
‫الرغـ مف أف الحزب العمالي الثوري قد يجري تطيي ار واسع المدى لجياز الدولة عندما يأتي لمسمطة‪ ،‬إال أنو يتعيف عميو يكوف قاد ار‬
‫عمى استخداـ وأف يستخدـ بالفعؿ آلة الدولة القائمة‪ :‬ومف جانب آخر‪ ،‬فإذا صعدت البرجوازية لمسمطة‪ ،‬لف تكوف قادرة عمى‬
‫استخداـ آلة الدولة القائمة‪ ،‬بؿ ستكوف مضطرة لتدميرىا وبناء أخرى عمى أنقاضيا‪.‬‬
‫ىؿ ىذه ىي الشروط القائمة في روسيا؟ إف طرح السؤاؿ بطريقة صائبة ىو نصؼ الطريؽ نحو اإلجابة عميو؟‪ .‬انو مف‬
‫البدييي يقينا أف الحزب الثوري لف يستخدـ و ازرة الداخمية وال البيروقراطية وال الجيش النظامي‪ .‬سيكوف عمى الحزب الثوري أف يدمر‬
‫الدولة القائمة ويستبدليا بالسوفييتات والميميشيا الشعبية‪ ،‬الخ‪.‬‬
‫وعمى النقيض مف ىذا‪ ،‬فإذا صعدت البرجوازية لمسمطة فإنيا تستطيع بالقطع أف تستخدـ و ازرة الداخمية والجيش النظامي‪،‬‬
‫الخ‪ .‬يتجنب تروتسكي تطبيؽ النظرية الماركسية لمدولة عمى الثورة السياسية والثورة المضادة االجتماعية في روسيا‪ ،‬جزئيا بالقوؿ‬
‫بأف الحزب الثوري "سيبدأ بإعادة الديمقراطية في النقابات والسوفييتات"‪ .‬ولكف فعميا ال توجد نقابات وال سوفييتات في روسيا‪ ،‬يمكف‬
‫إعادة الديمقراطية فييا‪ .‬إف المسألة ليست ىي إصبلح آلة الدولة‪ ،‬وانما تدميرىا وبناء دولة جديدة‪ .‬سواء افترضنا أف البروليتاريا‬
‫ينبغي أف تدمر آلة الدول ة القائمة عند وصوليا لمسمطة‪ ،‬في حيف أف البرجوازية تستطيع استخداميا‪ ،‬أو افترضنا انو ال البروليتاريا‬
‫وال البرجوازية تستطيع استخداـ جياز الدولة القائـ (حيث أف "تطيير جياز الدولة " يتضمف بالضرورة تغيي ار مف العمؽ بحيث‬
‫يحولو كيفيا) ‪ -‬فاف االفتراضيف ينبغي أف يصبل ىنا إلى استنتاج أف روسيا ليست دولة عمالية‪ .‬إف افتراض أف كبل مف البروليتاريا‬
‫والبرجوازية تستطيعاف استخداـ نفس آلة الدولة كأداة تسمط كؿ منيما ىو بمثابة تنصؿ مف المفيوـ الثوري لمدولة الذي عبر عنو‬
‫ماركس وانجمز ولينيف وتروتسكي‪.‬‬
‫تناول شكل الممكية مستقال عن عالقات اإلنتاج ‪ -‬تجريد ميتافيزيقي‪.‬‬
‫يقر كؿ ماركسي بأف مفيوـ الممكية الخاصة في ذاتو‪ ،‬مستقبل عف عبلقات اإلنتاج‪ ،‬ىو تجريد فوؽ ‪ -‬تاريخي‪ .‬يعرؼ‬
‫التاريخ اإلنساني الممكية الخاصة لمنظاـ العبودي‪ ،‬والنظاـ اإلقطاعي‪ ،‬والنظاـ الرأسمالي‪ ،‬وىي كميا مختمفة جوىريا عف بعضيا‬
‫البع ض‪ .‬استي أز ماركس بمحاولة برودوف تعريؼ الممكية الخاصة مستقمة عف عبلقات اإلنتاج‪ .‬ما يحوؿ وسائؿ اإلنتاج إلى رأسماؿ‬
‫ىو إجمالي عبلقات اإلنتاج‪ .‬وكما قاؿ ماركس‪:‬‬
‫في كؿ عصر تاريخي‪ ،‬تطورت الممكية بشكؿ مختمؼ وفي ظؿ مجموعة مف العبلقات االجتماعية المختمفة تماما‪ .‬ومف ىنا‬
‫تعريؼ الممكية البرجوازية ليس يقؿ عف إعطاء عرض لكافة العبلقات االجتماعية لئلنتاج البرجوازي‪ .‬إف محاولة إعطاء تعرؼ‬
‫لمممكية كأنيا عبلقة مستقمة‪ ،‬أو مقولة بذاتيا ‪ -‬فكرة خالدة مجردة ‪ -‬اليمكف إال أف يكوف وىما ميتافيزيقيا أو قانونيا‪)6( .‬‬

‫إف جميع المقوالت التي تعبر عف العبلقات بيف الناس في عممية اإلنتاج الرأسمالية ‪ -‬القيمة‪ ،‬السعر‪ ،‬األجور‪ ،‬الخ ‪-‬‬
‫تشكؿ جزءا أساسيا مف الممكية الخاصة لمبرجوازية‪ .‬إف قوانيف حركة النظاـ الرأسمالي ىي التي تحدد الطابع االجتماعي التاريخي‬
‫لمممكية الخاصة الرأسمالية‪ ،‬وىي التي تفرقيا عف األنواع األخرى لمممكية الخاصة‪ .‬لقد قاـ برودوف‪ ،‬الذي جرد شكؿ الممكية عف‬
‫عبلقات اإلنتاج "باختزاؿ مجمؿ ىذه العبلقات االقتصادية (عبلقات اإلنتاج الرأسمالية) في المفيوـ القانوني العاـ "لمممكية"‪.‬‬
‫وبالتالي‪ " ،‬فمـ يكف برودوف قاد ار عمى الذىاب أبعد مف اإلجابة التي كاف بريسوت‪ ،‬في عمؿ مماثؿ‪ ،‬قد أعطاىا بالفعؿ‪،‬‬
‫قبؿ ‪ ،8789‬وبنفس الكممات "الممكية سرقة"‪)7( .‬‬
‫لقد أوضح ماركس تماما أف ممكية خاصة معينة يمكف أف يكوف ليا طابع تاريخي مختمؼ عف أخرى‪ ،‬أي يمكف أف تكوف‬
‫أساسا لطبقة مختمفة عف األخرى‪ .‬ليس مف البدييي تماما أف الشيء نفسو ينطبؽ عمى الممكية المدولتو‪ .‬والسبب الرئيسي في ذلؾ‬
‫ىو أ‪ ،‬التاريخ المعروؼ لئلنسانية كاف في األساس تاريخ الصراع الطبقي عمى أساس الممكية الخاصة‪ .‬حاالت االنقساـ الطبقي‬
‫عمى أساس مختمؼ عف الممكية الخاصة ليست عديدة جدا وىي في اإلجمالي غير معروفة جيدا‪ .‬ومع ذلؾ‪ ،‬فاف ىذه الحاالت قد‬
‫وجدت كمثاؿ أوؿ‪ ،‬أو دعونا نأخذ فصبل مف تاريخ أوروبا‪ ،‬الكيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى‪.‬‬
‫كاف لدى الكنسية قطع ىائمة مف األرض عمؿ عمييا مئات اآلالؼ مف الفبلحيف‪ .‬كانت العبلقات بيف الكنسية والفبلحيف‬
‫ىي نفس العبلقات اإلقطاعية التي وجدت بيف صاحب الضيعة اإلقطاعي وفبلحيو‪ .‬الكنيسة في ذاتيا كانت إقطاعية‪ .‬وفي نفس‬
‫الوقت‪ ،‬فاف أحدا مف األساقفة والكارديناالت‪ ،‬الخ‪ ،‬لـ يكف لو حقوؽ فردية عمى الممكية اإلقطاعية‪ .‬إف عبلقات اإلنتاج ىي التي‬
‫تحدد الطابع الطبقي لممكية الكنيسة‪ ،‬التي كانت إقطاعية‪ ،‬عمى الرغـ مف أنيا لـ تكف فردية‪.‬‬
‫قد يقاؿ أف الكنيسة الكاثوليكية كانت مجرد ذيؿ لمنظاـ اإلقطاعي ككؿ‪ ،‬ومف ىنا يأتي طابعيا اإلقطاعي ‪ -‬ولكف ىذه‬
‫الحجة ال تعنينا ىنا‪ ،‬حيث أننا ال نريد تفسير صعود الكنيسة الكاثوليكية‪ ،‬مركزة في أيدييا قطع ىائمة مف األرض وداخمة في‬
‫عبلقات إقطاعية‪ ،‬حيث يقوـ الفبلحوف بزرع أرضيا‪ .‬إننا نريد فقط أف نظير أف نفس العبلقات اإلنتاجية يمكف أف يتـ التعبير عنيا‬
‫مف خبلؿ أشكاؿ مختمفة لمممكية‪ ،‬واحد منيا خاص‪ ،‬واآلخر مؤسسي‪.‬‬
‫مف تاريخ الشرؽ نستطيع أف نضرب أمثمة عديدة ألنظمة اقتصادية ذات انقساـ طبقي عميؽ‪ ،‬قائمة عمى أساس ال‬
‫الممكية الخاصة وانما ممكية الدولة‪ .‬وجدت أنظمة كيذه في مصر الفرعونية‪ ،‬ومصر اإلسبلمية‪ ،‬والعراؽ وفارس واليند‪ .‬يبدو أف‬
‫ممكية الدولة لؤلرض كانت ترجع باألساس إلى أف الزراعة اعتمدت بالكامؿ عمى نظاـ الري في ىذه الببلد‪ ،‬والذي اعتمد بدوره عمى‬
‫نشاط الدولة‪ .‬المثاؿ التالي مفيد بما يكفي لتبرير االستطراد‪.‬‬
‫اإلقطاع العربي ‪ -‬مثال لممجتمع الطبقي القائم عمى ممكية الدولة‬
‫دعونا نختبر الخصائص األساسية لئلقطاع العربي في ظؿ المماليؾ‪:‬‬
‫كاف خضوع الفبلحيف ىنا لمدولة اإلقطاعية القوية أكثر قسوة كثي ار منو في أوروبا العصور الوسطى‪ ،‬ولكف العضو الفرد‬
‫في الطبقة الحاكمة لـ تكف لو أي حقوؽ ممكية فردية عمى اإلطبلؽ‪ .‬كاف السمطاف ىو مالؾ األرض الوحيد وكاف يقسـ حؽ جمع‬
‫اإليجار في المناطؽ المختمفة‪ ،‬عمى مختمؼ النببلء (الممتزميف)‪ .‬في حيف أنو في أوروبا كاف كؿ نبيؿ إقطاعي يممؾ ضيعة معينة‬
‫يتـ توارثيا أبا عف جد‪ ،‬فاف النبيؿ اإلقطاعي في المشرؽ العربي لـ تكف لو ضيعة دائمة خاصة‪ ،‬وانما كاف عضوا في طبقة‬

‫سيطرت جماعيا عمى األرض‪ ،‬وكاف لو الحؽ في االستيبلء عمى اإليجار‪ .‬في سوريا وفمسطيف‪ ،‬كانت المنطقة التي يجمع منيا‬
‫ىؤالء النببلء اإلقطاعيوف اإليجار تتغير مف سنة ألخرى‪ ،‬وفي مصر حصموا عمى حؽ جمع اإليجار مف منطقة معينة عمى مدى‬
‫حياتيـ‪ ،‬وكاف لورثتيـ حؽ األسبقية في التعييف كخميفة لممتوفى‪ ،‬في حيف أنو في أوروبا كاف النبيؿ اإلقطاعي قوة مستقمة نسبيا في‬
‫مواجية الممؾ‪ ،‬الذي لـ يكف أكثر مف النبيؿ اإلقطاعي األوؿ‪ ،‬ففي المشرؽ العربي كانت الجماعة اإلقطاعية فقط عامبل ذا أىمية‪،‬‬
‫كاف النببلء العرب ضعفاء كأفراد‪ ،‬ألنيـ كانوا يعتمدوف عمى الدولة في مواقعيـ‪ .‬لقد دلت طريؽ تخصيص الضياع بوضوح عمى‬
‫ضعؼ النبيؿ اإلقطاعي في مواجية الدولة‪ :‬كاف السمطاف يوزع الضياع بيف األمراء والفرساف‪ ،‬بحيث يحصؿ كؿ منيـ عمى‬
‫ن صيب مف األرض يختمؼ في الحجـ والكيؼ وفقا لرتبتو‪ .‬ىكذا فقد كاف النببلء العرب منقسميف إلى مجموعات مختمفة بدخوؿ‬
‫مختمفة‪ ،‬وكانت الفروؽ بينيـ كبيرة جدا (عمى سبيؿ المثاؿ كاف "أمراء المائة" يحصموف عمى ما بيف ‪ 311,111 - 81,111‬دينار‬
‫جيشي سنويا‪ ،‬وأمراء "الطبؿ" ما بيف ‪" ،21,111- 32,111‬أمراء العشرة" ‪ 9111‬وأقؿ‪ ،‬وأمراء الخمسة ‪ 2111‬وىكذا)‪ .‬كاف نمط‬
‫السيطرة أقرب كثي ار إلى ذلؾ الخاص بمسئوؿ في الدولة منو إلى النمط الخاص بنبيؿ إقطاعي أوروبي‪ .‬وكنتيجة ليذا االعتماد مف‬
‫جانب النببلء عمى الدولة‪ ،‬تكررت في الشرؽ العربي ظاىرة غير معتادة‪ .‬مف وقت آلخر‪ ،‬كانت شرائح إقطاعية كاممة تتعرض لمػ‬
‫"التطيير" واإلبادة‪ ،‬حيث تحؿ شرائح أخرى محميا‪ .‬استبدؿ النببلء العرب بعبيد السمطاف المحرريف ‪ -‬المماليؾ ‪ -‬الذيف لـ يكونوا‬
‫مف أصوؿ عربية ولـ يتحدثوا العربية وانما التركية‪ .‬في القرنيف الثالث عشر والرابع عشر‪ ،‬غالبا ما ارتدت أصوليـ إلى الدولة‬
‫المنغولية‪" ،‬القبيمة الذىبية"‪ ،‬التي كاف مركزىا عمى ضفاؼ الفولجا السفمي‪ ،‬في القرنيف الخامس عشر والسادس عشر كانوا في‬
‫األساس قوقازييف‪ .‬ومع المقاومة المتزايدة لمقيصر لمتجنيد في القوقاز لصالح السمطاف بدأ العنصر البمقاني (األلباف‪ ،‬البوسنيوف‪)..‬‬
‫يسود‪.‬‬
‫إف ممكية الدولة لؤلرض لـ تمنع فقط نمو اإلقطاع القائـ عمى الممكية الخاصة‪ ،‬وانما منعت أيضا ظيور أي مجموعة‬
‫اجتماعية ذات نزعات فردية عمى اإلطبلؽ‪ .‬كانت المدينة معسك ار عسكريا‪ ،‬ولـ يكف أغمب الحرفييف مستغميف‪ .‬وحتى عندما تطورت‬
‫الطوائؼ الحرفية‪ ،‬فإ نيا لـ تصؿ إلى مكانة ىامة عمى اإلطبلؽ في المدف‪ ،‬ولـ تصبح قوى مستقمة ذات شأف‪ .‬لقد أخضعتيا‬
‫الحكومة ليا عف طريؽ تعييف الكثير مف رؤساء الطوائؼ‪ ،‬وجعميـ مسئولييا‪ ،‬وتحويؿ الطوائؼ إلى منظمات حكومية‪.‬‬
‫كوف أف وسائؿ اإلنتاج األساسية ‪ -‬األرض ‪ -‬كانت ممؾ الدولة ال إلى أفراد‪ ،‬وأف النببلء العرب والمماليؾ افتقدوا مواطئ‬
‫القدـ القانونية وبالتالي لـ يكف ليـ حؽ الوراثة‪ ،‬فاف ذلؾ لـ يحسف وضع جماىير الفبلحيف‪ .‬كما أف األصؿ السوقي لممماليؾ لـ‬
‫يسبب أي تغيير‪ .‬إف تركيز الطبقة الحاكمة في المشرؽ العربي في المدف وفر ليا قوة عسكرية كبيرة عمى الفبلحيف‪ ،‬كما أنو فضبل‬
‫عف ذلؾ فتح شييتيا في ىذا‪ ،‬أيضا‪ ،‬اختمفوا عف النببلء اإلقطاعييف األوربييف في العصور الوسطى‪ .‬اإلنتاج الذي كاف األقناف‬
‫األوروبيوف يعطونو لنببلئيـ اإلقطاعييف كإيجار‪ ،‬لـ يكف بصفة عامة يرسؿ ليباع‪ ،‬لـ يكف األقناف إذف يحتاجوف إلعطاء نبيميـ‬
‫اإلقطاعي اكثر مما كاف يحتاجو ىو وأىؿ بيتو لبلستعماؿ اليومي‪" .‬وضعت حوائط معدنو (النبيؿ اإلقطاعي) حدود استغبللو‬
‫لمفبلحيف" (ماركس)‪ .‬كاف لئلقطاعييف العرب أذواؽ مختمفة‪ ،‬ويمكف تمخيص وجية نظرىـ في الكممات التي استخدميا الخميفة‬
‫سميماف مع مبعوثو حوؿ الفبلحيف‪" :‬احمب حتى تجؼ البقرة‪ ،‬ودع الدـ يسيؿ حتى آخر قطره"‪.‬‬
‫إف نمط اإلنتاج‪ ،‬وشكؿ االستغبلؿ‪ ،‬وعبلقة الكادحيف بوسائؿ اإلنتاج في المشرؽ العربي‪ ،‬كانت مثؿ ما ىو قائـ في‬
‫أوروبا العصور الوسطى‪ .‬وكاف مصدر دخؿ الطبقة الحاكمة مماثؿ أيضا‪ ،‬الفارؽ الوحيد كاف في نمط االستيبلء‪ ،‬في التعبير‬
‫القانوني عف حؽ االستغبلؿ‪)8( .‬‬

‫البيروقراطية الروسية ‪ -‬شرطي يظير في عممية التوزيع؟‬
‫يكتب تروتسكي أف قير الدولة الستالينية لمجماىير ىو نتيجة‪.‬‬
‫كوف الييكؿ االنتقالي الحالي ال يزاؿ مميئا بالتناقضات االجتماعية‪ ،‬التي ىي شديدة التوتر في دائرة االستيبلؾ ‪ -‬التي‬
‫يشعر بيا الجميع عف كثب وبحساسية شديدة ‪ -‬والتي تيدد عمى الدواـ بالوصوؿ إلى دائرة اإلنتاج‪)9( .‬‬
‫إذن‪,‬‬
‫أساس الحكـ البيروقراطي ىو فقر المجتمع في أدوات االستيبلؾ‪ ،‬مما يسفر عف صراع كؿ فرد ضد الكؿ‪ .‬عندما تكوف‬
‫ىناؾ سمع كافية في مخزف‪ ،‬يستطيع المشتروف أف يحضروا حيف يشاءوف‪ .‬عندما تكوف ىناؾ سمع قميمة يضطر المشتروف لموقوؼ‬
‫في طابور‪ .‬وعندما تكوف الطوابير طويمة جدا‪ ،‬يصبح مف الضروري تعييف شرطي لمحفاظ عمى النظاـ‪ .‬ىذه ىي نقطة البداية‬
‫لسمطة البيروقراطية السوفيتية‪ .‬أنيا "تعرؼ" مف الذي ينبغي أف يحصؿ عمى شيء ومف الذي عميو أف ينتظر‪)81( .‬‬
‫ىؿ صحيح أف البيروقراطية تظير بوصفيا "الشرطي" في عممية التوزيع فقط‪ ،‬أـ أنيا تظير ىكذا في عممية إعادة اإلنتاج‬
‫ككؿ‪ ،‬التي ليست عممية التوزيع سوى جزء خاضع ليا؟ إف ىذا لذا أىمية نظرية وسياسية ال حدود ليا‪ .‬قبؿ أف نحاوؿ اإلجابة عمى‬
‫ىذا السؤاؿ‪ ،‬دعونا نختبر ما اعتقده ماركس وانجمز حوؿ االرتباط بيف عبلقات اإلنتاج والتوزيع‪ .‬يكتب ماركس‪:‬‬
‫بالنسبة لمفرد الواحد يظير التوزيع بالطبع كقانوف أقره المجتمع يجدد وضعو في دائرة اإلنتاج‪ ،‬التي ينتج داخميا‪ ،‬وىو‬
‫بالتالي سابؽ عمى اإلنتاج‪ .‬في بادئ األمر‪ ،‬ال يمكف الفرد رأسماؿ ال أرض‪ .‬منذ مولده يكمؼ بأعمـ األجير بواسطة عممية التوزيع‬
‫االجتماعية‪ .‬ولكف ىذا نفسو ‪ -‬نعنى ظرؼ التكميؼ بالعمؿ األجير ‪ -‬ىو نتيجة وجود رأسماؿ وممكية األرض كوكبلء مستقميف‬
‫لئلنتاج‪.‬‬
‫مف وجية نظر المجتمع ككؿ‪ ،‬يبدو التوزيع كسابؽ عمى اإلنتاج ومحدد لو بطريقة أخرى أيضا‪ ،‬كواقع سابؽ عمى‬
‫االقتصاد‪ ،‬إذا جاز القوؿ‪ .‬يقسـ الشعب الغازي األرض بيف الغزاة مكونا بذلؾ تقسيما وشكبل معينا لممكية األرض‪ ،‬ومحددا طابع‬
‫اإلنتاج‪ .‬أو تقوـ أمة‪ ،‬بواسطة الثورة‪ ،‬بتفتيت الضياع الكبيرة إلى قطع صغيرة مف األرض‪ ،‬وتعطي طابعا جديدا لئلنتاج بواسطة‬
‫ىذا اإلنتاج الجديد‪ .‬أو قد يكرس التشريع ممكية األرض في العائبلت الكبيرة أو يوزع العمؿ كميزة وراثية وبالتالي يثبتو في فئات‬
‫مغمقة‪.‬‬
‫في جميع ىذه الحاالت‪ ،‬وىي كميا تاريخيا‪ ،‬ليس التوزيع ىو الذي يبدو منظما وموزعا بواسطة التوزيع‪.‬‬
‫في الفيـ األكثر سطحية لمتوزيع‪ ،‬يبدو األخير كتوزيع لممنتجات‪ ،‬وبالتالي يبدو أكثر تباعدا عف اإلنتاج وشبو مستقؿ‬
‫عنو‪ .‬ولكف قبؿ أف يعني التوزيع توزيع المنتجات‪ ،‬فيو أوال توزيع لوسائؿ اإلنتاج‪ ،‬وثانيا‪ ،‬وىذا عمميا تعبير بكممات أخرى عف نفس‬
‫الشيء‪ ،‬توزيع ألعضاء المجتمع بيف مختمؼ أنواع اإلنتاج (إخضاع األفراد لظروؼ إنتاج معينة)‪ .‬مف الواضح أف توزيع المنتجات‬
‫ىو نتيجة ليذا التوزيع المرتبط بعممية اإلنتاج والذي يحدد تنظيـ توزيع المنتجات ذاتو‪ )88( .‬إف ىذا االقتباس مف ماركس‪ ،‬والذي‬
‫يتكرر جوىره م ار ار وتك ار ار عمى امتداد أعمالو‪ ،‬يكفي كنقطة انطبلؽ لتحميؿ مكاف البيروقراطية الستالينية في االقتصاد‪.‬‬

‫عدونا نطرح ىذه األسئمة باالرتباط مع البيروقراطية الروسية‪ ،‬ىؿ البيروقراطية تدير فقط توزيع وسائؿ االستيبلؾ بيف‬
‫الشعب‪ ،‬أنيا تدير توزيع الشعب كمو في عممية اإلنتاج؟ ىؿ البيروقراطية تمارس احتكا ار عمى السيطرة عمى التوزيع فقط‪ ،‬أـ عمى‬
‫السيطرة عمى وسائؿ اإلنتاج كذلؾ؟ ىؿ تعيف حصص وسائؿ االستيبلؾ فقط أـ أنيا توزع أيضا إجمالي وقت العمؿ الخاص‬
‫بالمجتمع بيف التراكـ واالستيبلؾ‪ ،‬بيف إنتاج وسائؿ اإلنتاج وانتاج وسائؿ االستيبلؾ‪ .‬أال تقوـ البيروقراطية بإعادة توزيع معينة؟ أال‬
‫تحدد عبلقات اإلنتاج القائمة في روسيا عبلقات التوزيع التي تشكؿ جزءا منيا‪.‬‬
‫ثورة اجتماعية أم ثورة سياسية؟‬
‫إذا اتفؽ المرء مع تروتسكي في أف ثورة تقوـ بيا الطبقة العاممة الروسية ضد البيروقراطية ليست ثورة اجتماعية‪ ،‬فاف المرء‬
‫يدخؿ في تناقضات مباشرة مع عمـ االجتماع الماركسي‪.‬‬
‫لقد حدد ماركس الحرب كاألىمية في الواليات المتحدة أنيا ثورة اجتماعية‪ .‬كاف تحرير العبيد وتحوليـ إلى عماؿ أجراء‬
‫ثورة اجتماعية‪ :‬اختفت طبقة مف المجتمع وحمت أخرى محميا‪ .‬لماذا ال يكوف إسقاط بيروقراطية ستاليف وتحرير مبلييف العبيد في‬
‫معسكرات العمؿ ثورة اجتماعية‪ ،‬وانما ثورة سياسية فقط؟ إف الثورة الزراعية‪ ،‬التي تنقؿ الضياع اإلقطاعية إلى أيدي الفبلحيف‬
‫وتحوؿ األقناف إلى فبلحيف أحرار‪ ،‬كانت ثورة اجتماعية‪ .‬لماذا ال يكوف وقؼ النيب الذي تقوـ بو الدولة‪ ،‬ووقؼ "التسميـ اإلجباري"‪،‬‬
‫وتحويؿ الكولخوزات إلى الممكية الحقيقية ألعضاء الكولخوز‪ ،‬يممكونيا ويسيطروف عمييا‪ ،‬لماذا ال يكوف كؿ ىذا ثورة اجتماعية؟‬
‫الثورة السياسية تفترض أنو مع تغير الحكومة‪ ،‬يتغير األفراد أو المجموعات أو الشرائح الحاكمة فقط‪ ،‬إال أف نفس الطبقة‬
‫تحتفظ بالسمطة‪ .‬وفقا لذلؾ‪ ،‬فاف البيروقراطي والعامؿ‪ ،‬حارس و ازرة الداخمية وسجينو‪ ،‬ينتمياف لنفس الطبقة‪ .‬كيؼ يمكف أف يكوف‬
‫األمر كذلؾ‪ ،‬عندما تكوف مواقعيـ في عممية اإلنتاج شديدة العدائية‪ ،‬عندما تكوف مواقفيـ مف وسائؿ اإلنتاج ليس فقط غير‬
‫متماثمة‪ ،‬وانما متصادمة بحدة في الواقع؟ إذا قبمنا أف العماؿ والبيروقراطييف ينتموف بالفعؿ لنفس الطبقة‪ ،‬فعمينا إذف أف نستنتج أنو‬
‫يوجد في روسيا صراع داخؿ طبقة واحدة‪ ،‬ولكف ليس صراعا بيف الطبقات‪ ،‬أي ليس صراعا طبقيا‪ .‬أال يسحب ىذا البساط مف‬
‫تحت أقداـ ىجوـ تروتسكي عمى تأكيد ستاليف انو ال يوجد صراع طبقي في روسيا؟‬
‫كتاب تروتسكي األخير؟‬
‫حيث أف الطبقة العاممة في روسيا كانت الوحيدة التي أمسكت بالسمطة لفترة ممتدة‪ ،‬وحيث أف إسقاطيا اتخذ شكبل غير‬
‫متوقع‪ ،‬في ظؿ ظروؼ روسيا االقتصادية والسياسية شديدة التعقيد‪ ،‬فميس غريبا أنو حتى تروتسكي‪ ،‬بقدراتو التحميمية العبقرية‪ ،‬كاف‬
‫عميو أف يعيد تقييـ تحميمو األساسي لمنظاـ الستاليني مف وقت آلخر‪ .‬حدث تحوؿ ىائؿ في موقؼ تروتسكي‪ ،‬واف يكف في التشديد‬
‫فقط‪ ،‬منذ وقت أف كاف قبوؿ نظرية الدولة العمالية المنحطة شرطا لعضوية المعارضة اليسارية حتى الوقت الذي لـ يقترح فيو‬
‫تروتسكي استعباد المعاديف لمدفاعية مف األممية‪ ،‬وثـ انو لـ يقبؿ موقفيـ‪ .‬لـ يكف صدفة أنو في سجبلتو مع شاختماف في نياية‬
‫‪ 8929‬وفي ‪ 8991‬كاف يستطيع أف يقوؿ انو رغـ كونو في أقمية ضد شاختماف وبورنياـ‪ ،‬فانو سيعارض االنشقاؽ وسيستمر في‬
‫النضاؿ لصالح موقفو في الحزب الموحد‪ )83( .‬تجد خطوة واضحة في اتجاه تقييـ جديد لمبيروقراطية كطبقة حاكمة تعبي ار عف‬
‫نفسيا في كتاب ت روتسكي األخير‪ ،‬ستاليف‪ .‬في تفسير الطبيعة االجتماعية لصعود البيروقراطية الستالينية لمسمطة‪ ،‬قاؿ‪:‬‬
‫إف جوىر الثرميدور كاف وال يزاؿ ولـ يكف ممكنا إال أف يكوف اجتماعيا في طابعو‪ .‬لقد وقؼ في صؼ بمورة شريحة متميزة‬
‫جديدة‪ ،‬خمؽ أساس جديد لمطبقة المسيطرة اقتصاديا‪ .‬كاف ىناؾ متنازعاف عمى ىذا الدور‪ :‬البرجوازية الصغيرة والبيروقراطية ذاتيا‪.‬‬
‫لقد حاربا جنبا إلى جنب (في معركة القضاء عمى) مقاومة الطميعة البروليتارية‪ .‬عندما تحققت ىذه الميمة اندلع صراعا وحشيا‬

‫بينيما‪ .‬أصيبت البيروقراطية بالذعر مف عزلتيا‪ ،‬مف انفصاليا عف البروليتاريا‪ .‬لـ تستطيع وحدىا أف تسحؽ الكوالؾ وال البرجوازية‬
‫الصغيرة التي كانت قد نمت واستمرت في النمو عمى أساس السياسة االقتصادية الجديدة‪ ،‬كاف عمييا أف تناؿ مساعدة البروليتاريا‬
‫ومف ىنا تأتي جيودىا الحثيثة لتصوير صراعيا ضد البرجوازية الصغيرة عمى فائض اإلنتاج وعمى السمطة عمى أنو صراع‬
‫البروليتاريا ضد محاوالت إرجاع الرأسمالية‪)82( .‬‬
‫يقوؿ تروتسكي‪ :‬إف البيروقراطية‪ ،‬في حيف أنيا تدعي النضاؿ ضد الرأسمالية‪ ،‬فأنيا في الواقع استخدمت البروليتاريا فقط‬
‫لكي تسحؽ الكوالؾ مف أجؿ "بمورة شريحة متميزة جديدة‪ ،‬خمؽ أساس جديد لمطبقة المسيطرة اقتصاديا"‪ .‬وىو يقوؿ أف أحد‬
‫المتنازعيف عمى دور الطبقة المسيطرة اقتصاديا ىو البيروقراطية‪ .‬يجب إعطاء داللة عظيمة ليذه الصياغة خاصة إذا ربطنا ىذا‬
‫التحميؿ لمصراع بيف البيروقراطية والكوالؾ بتعريؼ تروتسكي لمصراع الطبقي‪ .‬انو يقوؿ‪:‬‬
‫الصراع الطبقي ليس شيئا آخر غير الصراع عمى فائض اإلنتاج‪ .‬ذلؾ الذي يمتمؾ فائض اإلنتاج يسيطر عمى الموقؼ ‪-‬‬
‫يمتمؾ الثروة‪ ،‬يمتمؾ الدولة‪ ،‬لديو مفتاح الكنيسة والمحاكـ والعموـ والفنوف‪)89( .‬‬
‫الصراع بيف البيروقراطية والكوالؾ كاف‪ ،‬وفقا الستنتاج تروتسكي األخير‪" ،‬الصراع‪ ...‬عمى فائض اإلنتاج"‪.‬‬
‫القوى الداخمية غير قادرة عمى إرجاع الرأسمالية الفردية في روسيا‪ :‬ماذا نستنتج فيما يتعمؽ بطابعيا الطبقي؟‬
‫عندما تحدث تروتسكي عف خطر الثورة المضادة االجتماعية في روسيا‪ ،‬عني بذلؾ إرجاع الرأسمالية القائمة عمى الممكية‬
‫الخاصة‪ .‬البونابارتية الستالينية‪ .‬تصور كعامؿ توازف بيف قوتيف عمى الساحة الوطنية ‪ -‬مف ناحية‪ ،‬الطبقة العاممة المؤيدة لمممكية‬
‫المدولتة والتخطيط‪ ،‬و‪ ،‬مف ناحية أخرى‪ ،‬العناصر البرجوازية الساعية نحو الممكية الخاصة‪ .‬انو يكتب‪:‬‬
‫تستمر البيروقراطية في الحفاظ عمى ممكية الدولة فقط بمقدار ما تخاؼ البروليتاريا‪ .‬يغذي ىذا الخوؼ المنقذ ويؤيده حزب‬
‫الببلشفة ‪ -‬المينينييف غير الشرعي‪ ،‬الذي يعد التعبير األكثر وعيا عف النزعات االشتراكية المعارضة لتمؾ الرجعية البرجوازية التي‬
‫تعبئ بيا تماما البيروقراطية الثرميدورية‪ .‬كقوة سياسية واعية‪ ،‬خانت البيروقراطية الثورة‪ .‬ولكف مف حسف الحظ أف الثورة المنتصرة‬
‫ليست فقط برنامج وراية‪ ،‬وليست فقط مؤسسات سياسية‪ ،‬وانما نظاـ عبلقات اجتماعية أيضا‪ .‬ال يكفي أف تخونيا‪ .‬بؿ عميؾ أف‬
‫تسقطيا‪)85( .‬‬
‫ىذا العرض يكشؼ بوضوح شديد التجريد القانوني لشكؿ الممكية‪ ،‬ويكشؼ بوضوح شديد‪ ،‬بالتالي‪ ،‬التناقضات الداخمية‬
‫لمتحميؿ‪ .‬لـ ت كف البروليتاريا الروسية قوية بما يكفي لمحفاظ عمى سيطرتيا عمى وسائؿ اإلنتاج‪ ،‬وقد أطاحت بيا البيروقراطية‪ ،‬أال‬
‫إنيا قوية بما يكفي لمنع إعبلف ىذه العبلقة في القانوف! لـ تكف البروليتاريا قوية بما يكفي لصد توزيع شديد العدائية لئلنتاج‪ ،‬لمنع‬
‫البيروقراطية مف تخفيض مستوى معيشتيا بوحشية وحرمانيا مف الحقوؽ األكثر أولية‪ ،‬لمنع الحكـ عمى المبلييف مف أعضائيا‬
‫بالعمؿ العبودي في سيبيريا‪ ،‬ولكنيا قوية بما يكفي لمدفاع عف شكؿ الممكية ! وكأف ىناؾ عبلقة بيف الشعب والممكية غير تمؾ‬
‫القائمة عمى أساس عبلقات اإلنتاج‪ .‬وفضبل عف ذلؾ‪ ،‬لو كاف الخوؼ مف البروليتاريا ىو العامؿ الوحيد الذي منع إرجاع الرأسمالية‬
‫الفردية في روسيا‪ ،‬ولو كانت البيروقراطية‪ ،‬كما قاؿ تروتسكي‪ ،‬تتكوف مف إرجاعييف (أنصار إرجاع الرأسمالية الفردية) واعيف‪ ،‬فاف مقولتو‬
‫بأف استقرار النظاـ الستاليني ىو مثؿ اليرـ الواقؼ عمى رأسو كاف سيثبت صحتيا‪ ،‬وتنبوءه بمصير االقتصاد المدولت أثناء الحرب‬
‫كاف سيتحقؽ‪ ،‬لقد لخص موقفو ىكذا‪:‬‬

‫في مناخ الحرب الساخف يمكف لممرء أف يتوقع تحوالت حادة نحو المبادئ الفردية في الزراعة والصناعة اليدوية‪ ،‬ونحو‬
‫جذب رأس الماؿ األجنبي و "الحميؼ"‪ ،‬وانكسارات في احتكار التجارة الخارجية‪ ،‬وضعؼ الرقابة الحكومية عمى االتحادات‬
‫االحتكارية‪ ،‬وزيادة حدة المنافسة بيف االتحادات االحتكارية‪ ،‬وزيادة حدة نزاعاتيـ مع العماؿ‪ ،‬الخ‪ ...‬في الدائرة السياسية‪ ،‬قد تعني‬
‫ىذه العمميات اكتماؿ البونابارتية مع التغير الموازي‪ ،‬أو عدد مف التغيرات في عبلقات الممكية‪ .‬بكممات أخرى‪ ،‬في حالة حرب‬
‫ممتدة مصحوبة بسمبية البروليتاريا العالمية‪ ،‬فاف التناقضات االجتماعية لبلتحاد السوفيتي ليس فقط يمكف أف تؤدي بؿ سيتعيف أف‬
‫تؤدي إلى ثورة مضادة برجوازيػة ‪ -‬بونابارتية‪)86( .‬‬
‫قبؿ تجربة الحرب العالمية الثانية‪ ،‬كاف افتراض إمكانية إرجاع الرأسمالية الفردية إلى روسيا بدوف احتبلليا بواسطة قوة‬
‫إمبريالية افتراضا مفيوما‪ ،‬واف يكف غير سميـ‪ .‬ولكف انتصار االقتصاد الروسي المركز المدولت عمى آلة الحرب األلمانية أسكت‬
‫كؿ حديث عف مثؿ ىذه اإلمكانية‪.‬‬
‫ال يجب مع ذلؾ استبعاد أف تتمكف القوى الخارجية مف إعادة الرأسمالية الفردية‪ ،‬أو حتى أف تقوـ حرب مدمرة‪ ،‬مصحوبة‬
‫بإبادة غالبية السكاف الروس‪ ،‬بإعادتيا إلى مستوى التطور التاريخي أدنى كثي ار مف الرأسمالية الفردية‪.‬‬
‫عندما عرؼ تروتسكي روسيا بأنيا مجتمع في حالة انتقاؿ‪ ،‬أكد‪ ،‬وكاف عمى صواب في ذلؾ‪ ،‬أنو لو كاف األمر كذلؾ فاف‬
‫ىذا المجتمع ينبغي بحكـ قوانينو الداخمية أف يسير نحو إما انتصار االشتراكية‪ ،‬أو إرجاع الرأسمالية الفردية‪ .‬واذا استبعدنا االحتماؿ‬
‫األخير‪ ،‬فيناؾ ثبلثة احتماالت باقية‪:‬‬
‫القوى الداخمية في روسيا تؤدي إلى اتجاه واحد فقط ‪ -‬نحو الشيوعية‪ .‬وجية النظر ىذه يتبناىا الستالينيوف وأيضا برونو أر‪.‬‬
‫المجتمع الروسي ليس رأسماليا وال اشتراكيا‪ ،‬ورغـ أف القوى اإلنتاجية تتصاعد ببل انقطاع فأنيا لف تؤدي إلى الشيوعية‪،‬‬
‫ورغـ أف استغبلؿ الجماىير يستمر ببل فتور‪ ،‬فانو لف يؤدي إلى الرأسمالية‪ .‬ىذه ىي نظرية "الثورة اإلدارية" والجماعية البيروقراطية‬
‫في صياغة شاختماف سنة ‪.8992‬‬
‫المجتمع الروسي ىو إما مجتمع انتقالي أمامو طريقاف محتمبلف ‪ -‬رأسمالية الدولة أو االشتراكية ‪ -‬أو انو رأسمالية دولة‬
‫بالفعؿ‪ .‬إف رفض إمكانية أف تؤدي القوى الداخمية إلى الرأسمالية الفردية والتبرؤ في نفس الوقت مف الستالينية والجماعية‬
‫البيروقراطية (وفقا لصياغة كؿ مف برونو آر وشاختماف) والبورنيامية‪ ،‬ال يبقى لنا إال البديؿ الثالث‪.‬‬
‫في ظؿ كؿ مف رأسمالية الدولة والدولة العمالية‪ ،‬الدولة ىي مستودع وسائؿ اإلنتاج‪ .‬الفارؽ بيف النظاميف ال يمكف أف‬
‫يكوف في شكؿ الممكية‪ .‬وبالتالي فاف ممكية الدولة لوسائؿ اإلنتاج التي يستخدميا تروتسكي كأساس لتحديده لمطابع الطبقي لروسيا‪،‬‬
‫يجب طرحيا جانبا كمعيار غير سميـ‪.‬‬
‫"الديمقراطيات الجديدة" وتعريف روسيا بأنيا دولة عمالية‬
‫وفر ظيور "الديمقراطيات الجديدة" اختبا ار لتعريؼ روسيا بأنيا دولة عمالية‪ .‬إذا كانت ممكية الدولة‪ ،‬والتخطيط‪ ،‬واحتكار‬
‫التجارة الخارجية تعرؼ البمد بأنو دولة عمالية‪ ،‬فبل شؾ أف روسيا‪ ،‬وكذلؾ "الديمقراطيات الجديدة " ىي دوؿ عمالية‪ .‬وىذا يعني أف‬
‫ثورات بروليتارية قد حدثت في األخيرة‪ .‬وقد قاد الستالينيوف ىذه الثورات عمى أساس الوحدة الوطنية‪ ،‬واالئتبلفات الحكومية مع‬

‫البرجوازية‪ ،‬والشوفينية التي أدت إلى طرد مبلييف الكادحيف األلماف وعائبلتيـ‪ .‬لقد أسيمت مثؿ ىذه السياسات في تيسير سير‬
‫الثورة البروليتارية‪.‬‬
‫ما ىو إذف مستقبؿ االشتراكية الدولية‪ ،‬ما ىو تبريرىا التاريخي؟ األحزاب الستالينية ليا كؿ المزايا بالمقارنة باالشتراكييف‬
‫الدولييف ‪ -‬جياز دولة‪ ،‬منظمات جماىيرية‪ ،‬أمواؿ‪ ،‬الخ‪ .‬الميزة الوحيدة التي يفتقدونيا ىي األيديولوجية الطبقية األممية‪ .‬ولكف إذا‬
‫كاف مف الممكف إنجاز الثورة البروليتارية بدوف ىذه األيديولوجية‪ ،‬فمماذا ينبغي أف يبتعد العماؿ عف الستالينية؟‬
‫إذا كانت ثورة اجتماعية قد حدثت في ببلد أوروبا الشرقية بدوف قيادة بروليتارية ثورية‪ ،‬فعمينا أف نستنتج أف الثورات‬
‫االجتماعية التي ستحدث في المستقبؿ‪ ،‬كما في تمؾ التي حدثت في الماضي‪ ،‬فاف الجماىير ستقوـ بالنضاؿ ولكف ليس بالقيادة‪.‬‬
‫إف افتراض أف "الديمقراطيات الجديدة" ىي دوؿ عمالية يعني القبوؿ بأنو مف حيث المبدأ فاف الثورة البروليتارية‪ ،‬مثمما‬
‫كانت الحروب البرجوازية‪ ،‬تقوـ عمى خداع الشعب‪.‬‬
‫إذا كانت "الديمقراطيات الجديدة" دوال عمالية‪ ،‬فاف ستاليف قد حقؽ ثورة البروليتارية‪ ،‬وفضبل عف ذلؾ‪ ،‬فانو قد أنجزىا‬
‫سريعا جدا‪ .‬لقد مرت سبع وأربعوف سنة منذ كوميونة باريس حتى قياـ أوؿ دولة عمالية في بمد يتكوف مف ‪ 891‬مميوف شخص‪ ،‬ثـ‬
‫مرت أقؿ مف أربعيف سنة حتى أصبح عدد مف الببلد األخرى دوال عمالية‪ .‬في الغرب‪ ،‬أضافت بولندا ويوغوسبلفيا والمجر ورومانيا‬
‫وبمغاريا وتشيكوسموفاكيا ‪ 75‬مميوف شخص (وىذا ال يتضمف دوؿ البمطيؽ‪ ،‬وشرؽ بولندا وبيسارابيا‪ ،‬التي تحوي ‪ 31‬مميوف شخص‪،‬‬
‫والتي ضميا االتحاد السوفيتي)‪ .‬وفي الشرؽ‪ ،‬أضيفت الصيف‪ ،‬ذات الػ ‪ 611‬مميوف شخص‪ .‬إذا كانت ىذه الببلد دوال عمالية‪،‬‬
‫فمماذا ال تكوف إذف الماركسية‪ ،‬ولماذا األممية الرابعة؟ إذا كانت "الديمقراطيات الجديدة" دوال عمالية‪ ،‬فاف ما قالو ماركس وانجمز‬
‫عف كوف الثورة االشتراكية ىي "التاريخ واعيا بذاتو" قد تـ تفنيده‪ ،‬ثـ تفنيد مقولة إنجمز‪:‬‬
‫مف ىذه النقطة (الثورة االشتراكية) سيقوـ الناس‪ ،‬بوعي كامؿ‪ ،‬بصياغة تاريخيـ‪ ،‬مف ىذه النقطة فقط‪ ،‬سيكوف لؤلسباب‬
‫االجتماعية التي يضعيا الناس موضع التطبيؽ‪ ،‬باألساس وبشكؿ متزايد بثبات‪ ،‬النتائج التي يريدىا الناس‪ .‬إنيا قفزة اإلنسانية مف‬
‫نطاؽ الضرورة إلى نطاؽ الحرية‪)87( .‬‬
‫والبد أف رو از لكسمبورج‪ ،‬أيضا‪ ،‬قد نطقت بكبلـ فارغ في تمخيصيا لما كتبو جميع المعمميف الماركسييف عف مكاف الوعي‬
‫البروليتاري الثوري‪:‬‬
‫في جميع الصراعات الطبقية‪ ،‬والتي انتيت لصالح األقمية‪ ،‬وحيث ‪ -‬إذا استخدمنا كممات ماركس ‪" -‬حدثت كؿ التطورات‬
‫بما يتعارض مع جماىير الشعب الغفيرة"‪ ،‬كاف أحد الشروط األساسية لمعمؿ ىو جيؿ ىذه الجماىير فيما يتعمؽ باألىداؼ الحقيقية‬
‫لمصراع‪ ،‬بمضمونو المادي‪ ،‬وبحدوده‪ .‬كاف ىذا التفاوت‪ ،‬في الواقع‪ ،‬األساس التاريخي المحدد "لمدور القيادي" لمبرجوازية "المستنيرة"‪،‬‬
‫والذي توازى مع دور الجماىير كأتباع طيعيف‪ .‬ولكف‪ ،‬كما كتب ماركس في وقت مبكر مثؿ ‪" ،8895‬كمما تعمؽ العمؿ التاريخي‬
‫كمما تعيف أف يزداد عدد الجماىير المنخرطة فيو !" إف الصراع الطبقي لمبروليتاريا ىو "أعمؽ" األعماؿ التاريخية حتى يومنا ىذا‪،‬‬
‫انو يشمؿ كؿ الشرائح السفمي لمشعب‪ ،‬و ‪ -‬منذ المحظة التي أصبح فييا المجتمع منقسما إلى طبقات ‪ -‬ىو أوؿ حركة تتفؽ مع‬
‫المصالح الحقيقية لمجماىير‪ .‬وىذا ىو السبب في أف استنارة الجماىير فيما يتعمؽ بمياميا ووسائميا ىي شرط تاريخي ال غنى عنو‬
‫لمعمؿ االشتراكي‪ ،‬مثمما كاف جيؿ الجماىير في فترات سابقة شرط عمؿ الطبقات المسيطرة‪)88( .‬‬

‫ىل انتصارات روسيا الحربية دليل عمى أنيا دولة عمالية؟‬
‫في حيف أف تروتسكي‪ ،‬متتبعا تحميمو القائؿ بأف روسيا دولة عمالية منحطة‪ ،‬توقع أف البيروقراطية لف تصمد أماـ حرب‪،‬‬
‫فاف تروتسكييف كثيريف اليوـ يستنتجوف مف ىذه االنتصارات ذاتيا أف روسيا دولة عمالية‪ .‬إال أف ىذه الحجة المبنية عمى ما قد وقع‬
‫بالفعؿ‪ ،‬ال تستطيع أف تصمد أماـ النقد‪.‬‬
‫يمكف تحميؿ ىذه الحجة إلى جزئيف‪ -8 :‬حماسة الجماىير في الحرب تثبت أف لدييـ شيئا يفقدونو بجانب أغبلليـ‪ ،‬انيـ‬
‫في الواقع الطبقة الحاكمة‪- 3 .‬القوة الصناعية ‪ -‬العسكرية لروسيا تثبت التفوؽ التاريخي لمنظاـ الروسي عمى الرأسمالية‪.‬‬
‫الجزء األوؿ مف الحجة‪ ،‬والشائع في صحافة األممية الرابعة خبلؿ ‪ ،8992- 98‬فنده مجرى األحداث‪ .‬الجيش األلماني‬
‫أيضا‪ ،‬خبلؿ السنوات التي تبدد فييا كؿ أمؿ في النصر‪ ،‬حارب بكؿ قوتو حتى أبواب برليف نفسيا‪ .‬ىؿ كاف لمجنود األلماف أيضا‬
‫شيء يفقدونو بجانب أغبلليـ؟ ىؿ كانت الطبقة العاممة األلمانية أيضا طبقة حاكمة؟‬
‫فيما يتعمؽ بالجزء الثاني مف الحجة‪ ،‬الشؾ أف المشروع كبير الحجـ لو مزايا ىائمة عمى صغير الحجـ‪ .‬إف ىذا‪ ،‬بالفعؿ‬
‫يفسر إلى حد كبير تفوؽ اإلنتاج األمريكي عمى البريطاني رغـ أف االثنيف يقوماف عمى نفس النظاـ االجتماعي‪ .‬الصناعة الروسية‪،‬‬
‫األجدر واألكثر حداثة تقنيا‪ ،‬مبنية بحجـ أكبر مف الصناعة األمريكية‪ .‬وبجانب ذلؾ‪ ،‬فاف التضارب وافتقاد التجانس الشائع في‬
‫الببلد الرأسمالية الفردية يتـ تجنبو في روسيا مف خبلؿ ممكية الدولة لوسائؿ اإلنتاج‪ .‬وىناؾ مع ذلؾ ميزة أخرى خبلؿ الحرب‪ ،‬ال‬
‫تستطيع ببلد أخرى كثيرة أف تدعييا‪ ،‬وىي أف عماليا يفتقدوف جميع الحقوؽ الديمقراطية‪ .‬في روسيا‪ ،‬كما في ألمانيا النازية‪ ،‬مف‬
‫الممكف إنتاج المدافع بدال مف الزبد‪ ،‬ونقؿ مبلييف العماؿ مف الغرب إلى ما وراء االوراؿ‪ ،‬وتسكينيـ في خنادؽ في األرض‪ ،‬دوف‬
‫خوؼ مف معارضة منظمة‪ .‬سمطة الدولة عمى االقتصاد وعمى العماؿ ‪ -‬ىذه ىي نقاط القوة لئلنتاج الصناعي ‪ -‬العسكري لروسيا‪.‬‬
‫ولكف ىذه العوا مؿ نفسيا التي تفسر التفوؽ العسكري أللمانيا النازية عمى فرنسا الديمقراطية البرجوازية التي‪ ،‬كما نعرؼ‪ ،‬انيارت‬
‫أماـ جيوشيا المتقدمة مثؿ بيت الورؽ‪ ،‬بؿ وحتى بريطانيا‪" ،‬مصنع العالـ" سابقا‪ ،‬لـ ينقذىا مف الغزو سوى القناة اإلنجميزية‪،‬‬
‫والمساعدة األمريكية مف الغرب والتيديد الروسي أللمانيا مف الشرؽ‪.‬‬
‫انتصارات ألمانيا العسكرية في بداية الحرب خدعت بعض الناس ودفعتيـ إلى االعتقاد بأف ألمانيا لـ تكف بمدا رأسماليا‪،‬‬
‫وانما مثمت نظما جديدا ومتفوقا لممجتمع‪ .‬كاف برونياـ بار از بيف ىؤالء‪.‬‬
‫االعتقاد بأف االنتصارات العسكرية الروسية ىي في حد ذاتيا دليؿ عمى أف روسيا تمثؿ نظاما جديد لممجتمع ليس عمى‬
‫أساس أكثر مف االعتقاد بأف ألمانيا النازية مثمت نظاما كيذا‪.‬‬
‫ما الذي منع تروتسكي من التخمي عن نظرية أن روسيا دولة عمالية؟‬
‫يميؿ المرء لرؤية المستقبؿ في تعقيدات الماضي‪ .‬لسنوات عديدة‪ ،‬االشتراكيوف الذيف حاربوا االستغبلؿ ضد أصحاب الممكية‬
‫الفردية ‪ -‬البرجوازية‪ .‬عندما قاؿ لينيف وتروتسكي وباقي القادة الببلشفة‪ ،‬إف الدولة العمالية الروسية ستيمؾ إذا ظمت معزولة‪،‬‬
‫تصو ار شكبل محددا ليذا اليبلؾ ‪ -‬إرجاع الممكية الفردية‪ ،‬في حيف أنيـ أروا ممكية الدولة كثمرة مف صراع الشعب العامؿ‪ .‬كاف ىذا‬
‫يبعد خطوة واحدة فقط عف استنتاج أنو إذا كانت ممكية الدولة قائمة في روسيا‪ ،‬فاف الفضؿ في ىذا يعود إلى "خوؼ البيروقراطية‬
‫مف الطبقة العاممة وانو‪ ،‬بالعكس‪ ،‬إذا سعت البيروقراطية لزيادة امتيازاتيا (بما في ذلؾ الحؽ في الوراثة) فقد سعت إلرجاع الممكية‬
‫الفردية‪ .‬كانت خبرة الماضي العائؽ األساسي أماـ تروتسكي في استيعاب أف انتصار الرجعية ال يعني دائما العودة لنقطة االنطبلؽ‬

‫األصمية‪ ،‬وانما قد يؤدي إلى ىبوط‪ ،‬في شكؿ حمزوني‪ ،‬تختمط فيو عناصر مف الماضي السابؽ عمى الثورة بأخرى مف الماضي‬
‫الثوري‪ ،‬مع خضوع األخيرة لؤلولى‪ ،‬سيظير المضموف الطبقي الرأسمالي القديـ إذف في شكؿ جديد "اشتراكي" معطيا بذلؾ تأكيدا‬
‫إضافيا لقانوف النمو المركب ‪ -‬وىو قانوف فعؿ تروتسكي نفسو الكثير لتطويره‪.‬‬
‫تمخيصا‪ ،‬يمكف القوؿ بأنو في حيف أف تروتسكي قد أسيـ مساىمة ال يمكف مقارنتيا بأي ماركسي آخر في فيـ النظاـ‬
‫الستاليني‪ ،‬فاف تحميمو قد عانى مف عيب خطير ‪ -‬ارتباط محافظ بالصورية‪ ،‬ىو بطبعو مناقض لمماركسية التي تخضع الشكؿ‬
‫لممضموف‪.‬‬

‫انًهحق انخاًَ‪:‬‬
‫َقذ َظرٌت انجًاػٍت انبٍروقراطٍت‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫ألسباب بدييية‪ ،‬كانت مناقشة طبيعة المجتمع السوفيتي مركزية في تفكير أغمب اشتراكيي الجيؿ األخير‪.‬‬
‫إف فيـ روسيا في ظؿ ستاليف وخمفاءه كاشتراكية‪ ،‬أو كنوع مشوه مف االشتراكية ("دولة عمالية منحطة" بمغة التروتسكييف‬
‫األرثوذكس الدوجماتييف)‪ ،‬قد قابؿ نوعيف مف النقد مف الماركسييف‪ ،‬األوؿ‪ ،‬الذي يوافؽ عميو ىذا الكتاب‪ ،‬يعرؼ النظاـ الستاليني‬
‫بأنو رأسمالية دولة والثاني يراه ال اشتراكية مف أي نوع‪ ،‬وال رأسمالية‪ .‬لقد سكت ىذه المدرسة الفكرية األخيرة مصطمحا خاصا لمنظاـ‬
‫الستاليني الجماعية البيروقراطية‪ .‬كاف أوؿ كاتب مسؾ ىذا المصطمح ىو الماركسي اإليطالي برونو آر‪ ،‬في كتابو بقرطة العالـ‬
‫(باريس‪ .)8929 ،‬وقد تبنى ىذا االشتراكي األمريكي ماكس شاختماف نفس المصطمح وقاـ بتطوير الفكرة (دوف االعتراؼ بعمؿ‬
‫برونو آر)‪.‬‬
‫موضوع ىذا المقاؿ ىو تقييـ ونقد ىذه األطروحة‪.‬‬
‫مف الصعب جدا القياـ بنقد لمجماعية البيروقراطية ألف أصحابيا لـ ينشروا أبدا عرضا متطو ار لمنظرية‪ .‬صحيح أف‬
‫ش اختماف كتب مئات الصفحات مف النقد لنظرية أف روسية الستالينية بمد اشتراكي أو دولة عمالية مف أي نوع (ىو طرح جانبا‬
‫نظرية رأسمالية الدولة في جممة أو اثنتيف)‪ .‬ولكنو يكاد يكوف لـ يكتب شيئا عف قوانيف حركة االقتصاد "الجماعي البيروقراطي"‪ ،‬كما‬
‫لـ يجر أي تحميؿ عمى اإلطبلؽ لمطابع الخاص لمصراع الطبقي داخؿ ىذا االقتصاد‪ .‬وىو لـ يذكر بوضوح أيضا مكاف المجتمع‬
‫الجماعي البيروقراطي في سمسمة التطور التاريخي‪ ،‬وكثيرا‪ ،‬عمى كؿ حاؿ‪ ،‬ما يفتقد عرض شاختماف االتساؽ‪ .‬إحدى االطروحات‬
‫المركزية ليذا المقاؿ ىي أ‪ ،‬الفقر النظري لنظرية الجماعية البيروقراطية ليس صدفة‪ .‬سنحاوؿ أف نبيف أف نظرية الجماعية‬
‫البيروقراطية سمبية فقط‪ ،‬وىي لذلؾ فارغة‪ ،‬مجردة‪ ،‬وبالتالي تعسفية‪.‬‬
‫سيوحي نقد النظرية بعدد مف الخصائص المشتركة ‪ -‬ضمنيا عمى األقؿ ‪ -‬في تصورات أخرى عف الستالينية ‪ -‬مف‬
‫تصور التبريرييف إلى تصور رواية ‪ 8989‬لجورج اورويؿ‪ .‬وسيظير في نقد النظرية قوة أو ضعؼ النظرية البديمة عف روسيا‬
‫الستالينية ‪ -‬نظرية رأسمالية الدولة‪.‬‬
‫مكان الجماعية البيروقراطية في التاريخ‪:‬‬
‫ألوؿ وىمة ال يوجد ما ىو أكثر إقناعا مف وصؼ روسيا الستالينية أنيا ليست رأسمالية وال دولة عمالية‪ .‬ولكف ىذا‬
‫التبسي ط ذو قيمة ضئيمة‪ ،‬ألنو ال يقوؿ الكثير عف النظاـ‪ ،‬فاإلقطاع أيضا لـ يكف رأسمالية وال اشتراكية‪ ،‬وكذلؾ المجتمع العبودي‪،‬‬
‫بؿ وكذلؾ أي نظاـ آخر لـ يوجد في الواقع وانما يخمقو الخياؿ‪ .‬كاف سبينو از مصيبا عندما قاؿ إف "التعريؼ ىو نفي"‪ ،‬ولكف ليس‬
‫كؿ نفي تعريفا‪ .‬إف مقولة أف النظاـ الستاليني لـ يكف رأسماليا وال اشتراكيا قد تركت اليوية التاريخية ليذا النظاـ غير محددة‪ .‬ومف‬
‫ثـ فقد كاف بوسع شاختماف أف يقوؿ في إحدى المناسبات أف الجماعية البيروقراطية أكثر تقدمية مف الرأسمالية (ميما كانت غير‬
‫تقدمية بالمقارنة باالشتراكية)‪ ،‬وأف يقوؿ‪ ،‬بعد سنوات قميمة مف ذلؾ‪ ،‬إنيا أكثر ربحية مف الرأسمالية‪.‬‬

‫وصؼ شاختماف روسيا بأنيا دولة جماعية بيروقراطية ألوؿ مرة في ‪ .8998‬ذكر قرار حوؿ المسألة الروسية صادر عف‬
‫مؤتمر عاـ ‪ 8998‬لمنظمتو الميتة حاليا "حزب العماؿ"‪.‬‬
‫مف وجية نظر اشتراكية‪ ،‬الدولة الجماعية البيروقراطية نظاـ اجتماعي رجعي‪ ،‬إما بالمقارنة بالعالـ الرأسمالي‪ ،‬فإنيا تقؼ‬
‫عمى أرضية أكثر تقدمية تاريخيا‪.‬‬
‫عمى أساس ىذا‪ ،‬تـ إقرار سياسة "دفاعية مشروعة"‪ .‬يقوؿ القرار‪:‬‬
‫ال تستطيع البروليتارية الثورية أف تتخذ موقفا دفاعيا ثوريا (أي نقدي‪ ،‬مستقؿ تماما‪ ،‬طبقي) فيما يتعمؽ بالنظاـ الستاليني إال‬
‫عندما تكوف القضية الحاسمة في الحرب ىي محاولة قوة معادية لردع الرأسمالية في روسيا‪ ،‬وحيث ال تكوف ىذه القضية ثانوية‬
‫بالنسبة لقضايا أخرى‪ ،‬أساسية أكثر‪ .‬ىكذا ففي حالة حرب أىمية يسعى خبلليا أحد أقساـ البيروقراطية إلرجاع الممكية الخاصة‬
‫ال أرسمالية‪ ،‬يمكف لمطميعة الثورية أف تحاب مع جيش النظاـ الستاليني ضد جيش اإلرجاع الرأسمالي‪ .‬وىكذا‪ ،‬ففي حالة حرب تحاوؿ‬
‫اإلمبريالية العالمية بواسطتيا أف تخضع االتحاد السوفيتي وأف تحصؿ عمى فرصة حياة جديدة بإنزاؿ روسيا إلى مستوى المستعمرة‬
‫اإلمبريالية‪ ،‬يمكف لمبروليت اريا أف تتخذ موقفا دفاعيا ثوريا في روسيا‪ .‬وىكذا‪ ،‬ففي حالة حرب أىمية منظمة ضد النظاـ القائـ بواسطة‬
‫جيش يستند عمى "السخط الشعبي" ولكف فعميا عمى العناصر الرأسمالية وشبو الرأسمالية التي ال تزاؿ موجودة في البمد والساعية‬
‫إلرجاع الرأسمالية‪ ،‬فمف الممكف مرة أخرى أف تحارب البروليتاريا في جيش ستاليف ضد جيش الرجعية الرأسمالية‪ .‬في جميع ىذه‬
‫الحاالت أو حاالت مماثمة‪ ،‬فاف التأييد المشروط لمبروليتاريا جائز فقط إذا لـ البروليتاريا مستعدة بعد إلسقاط النظاـ الستاليني‪.‬‬
‫منطقيا‪ ،‬كاف عمى شاختماف وأتباعو‪ ،‬عندما ىاجمت ألمانيا اليتمرية روسيا بعد أشير قميمة مف ىذا المؤتمر‪ ،‬أف يدافعوا‬
‫عف روسيا بحكـ أنيا كانت تقؼ "عمى أرضية أكثر تقدمية تاريخيا"‪.‬‬
‫كانت الحجة التي قدميا شاختماف اآلف ىي أنو‪ ،‬رغـ أف روسيا كانت أكثر تقدمية مف المانيا الرأسمالية‪ ،‬إال أف حربيا مع‬
‫ذلؾ كانت جزءا ثانويا فقط مف الحرب الشاممة‪ ،‬والتي كاف الطابع األساسي ليا ىو الصراع بيف معسكريف رأسمالييف إمبريالييف‪ .‬لقد‬
‫كتب‪:‬‬
‫إف طابع الحرب‪ ،‬وادارة الحرب‪ ،‬و(بالنسبة لموقت الحالي) نتيجة الحرب‪ ،‬يحددوف بواسطة المارديف اإلمبريالييف الذيف‬
‫يسيطراف عمى كؿ معسكر عمى الترتيب‪ ،‬الواليات المتحدة وبريطانيا العظمى مف جية‪ ،‬وألمانيا والياباف مف جية أخرى‪( .‬وداخؿ‬
‫كؿ مارد مف االثنيف‪ ،‬كذلؾ‪ ،‬شريؾ كبير وآخر صغير !) جميع الببلد األخرى في االئتبلفيف العظيميف ليست سوى توابع لمعمالقة‪،‬‬
‫وىذا أمر يختمؼ مف حيث الدرجة فقط في كؿ حالة‪ .‬تتحدد ىذه التبعية بواسطة سيطرة "زوجي القوة" العظيميف عمى الحرب‬
‫اقتصاديا (صناعيا ‪ -‬تقينا)‪ ،‬وبالتالي ماليا‪ ،‬وبالتالي سياسيا‪ .‬إيطاليا أقؿ تبعية ألسيادىا في االئتبلؼ مف المجر‪ ،‬والمجر أقؿ تبعية‬
‫مف سموفاكيا‪ .‬ولكف ىذه األمور ال تغير واقع التبعة ‪ -‬إنما فقط تحدد درجتيا‪ .‬روسيا الستالينية أقؿ تبعية ألسيادىا في االئتبلؼ مف‬
‫الصيف (ولكنيا بمعنى آخر أكثر تبعية لمواليات المتحدة ‪ -‬إنجمت ار مف الصيف‪ ،‬إال أننا سنبتعد كثي ار عف الموضوع اذا حاولنا أف‬
‫نبيف كيفية ذلؾ)‪ ،‬والصيف أقؿ تبعية مف الفميبيف‪ .‬ولكف‪ ،‬مرة أخرى‪ ،‬ىذه األمور تحدد فقط درجة التبعية‪ .‬باستثناء‪ ،‬إذف‪ ،‬أصحاب‬
‫األطوار الشاذة غير المؤثريف‪ ،‬فاف الجميع في العالـ البرجوازي يفيـ الطبيعة الشاممة لمحرب ككؿ‪ ،‬والطبيعة الشاممة لكؿ ائتبلؼ‪،‬‬
‫والوضع والوزف النسبييف لكؿ قطاع مف االئتبلؼ‪ ،‬واالعتماد المتبادؿ لجميع الجبيات‪)8( .‬‬

‫ىكذا‪ ،‬فعمى الرغـ مف أف الجماعية البيروقراطية أكثر تقدمية مف الرأسمالية فقد تـ اتخاذ موقؼ انيزامي بسبب تبعية‬
‫روسيا لئلمبريالية االنجمو‪-‬أمريكية‪ .‬أكدت "األممية الجديدة" في سبتمبر ‪ 8998‬ىذه النقطة‪:‬‬
‫لقد فقد ستاليف آخر آثار االستقبلؿ‪ ...‬الدبموماسية السوفيتية تممى بالفعؿ في لندف‪.‬‬
‫لف نتناوؿ األخطاء المتعمقة بالوقائع‪ ،‬فيي أقؿ خطورة مف المنيج الذي يصؿ بو شاختماف الستنتاجاتو‪ .‬تتطمب الماركسية‬
‫أف نشتؽ استنتاجاتنا السياسية مف تحديدات اجتماعية‪ .‬عندما ناقض مجرى الحرب حكـ شاختماف عمى روسيا بأنيا دولة تابعة‪،‬‬
‫كاف عميو أف يرفض موقفو االنيزامي السابؽ‪ ،‬حيث أف الجماعية البيروقراطية‪ ،‬كما قاؿ‪ ،‬أكثر تقدمية مف الرأسمالية‪ .‬بدال مف ذلؾ‪،‬‬
‫تمسؾ باالستنتاج السياسي االنيزامي وغير األساس االجتماعي‪ .‬أصبح يطمؽ عمى الجماعية البيروقراطية اآلف البربرية الجديدة‪،‬‬
‫انحدار الحضارة‪ ،‬الخ‪ .‬ومع ذلؾ فانو لـ يقدـ أية وثيقة تحتوى عمى تحميؿ جديد لبلقتصاد الروسي بعد قرار مؤتمر ‪.8998‬‬
‫كاف العنصراف الثابتاف الوحيداف في النظرية ىما‪ :‬أوال‪ ،‬استنتاج انو في أي ظرؼ ممموس‪ ،‬ال يجب الدفاع عف روسيا‬
‫الستالينية (بصرؼ النظر عف أف الظروؼ الممموسة تتغير باستمرار)‪ ،‬وثانيا‪ ،‬أف اسـ النظاـ الستاليني ىو الجماعية البيروقراطية‪.‬‬
‫فيما يتعمؽ بالعنصر األوؿ‪ ،‬فاف الماركسييف الجاديف‪ ،‬في حيف أنيـ يسعوف لمحفاظ باتساؽ المبادئ نفسيا‪ ،‬فانيـ كثي ار ما‬
‫يغيروف تكتيكاتيـ‪ ،‬حيث أف التكتيكات يجب أف تتغير مع الظروؼ المتغيرة‪ .‬يجب عمى الماركسييف أف يتمسكوا بتكتيؾ بعينو يثبت‬
‫خطأ المنيج الذي اتخذه شاخت ماف‪ .‬انو يستنتج نفس االستنتاج مف افتراضيف متضاديف‪ ،‬أحدىما ىو اف الجماعية البيروقراطية أكثر‬
‫تقدمية مف الرأسمالية‪ ،‬واآلخر ىو أنيا صورة البربرية‪ ،‬وأنيا أكثر رجعية مف الرأسمالية‪ ،‬أما التكتيؾ المتبع فيو االنيزامية‪ .‬لماذا؟‬
‫مرة ألف روسيا ليست القوة األساسية وانما مجرد تابع اإلمبريالية األنجمو‪ -‬أمريكية‪ ،‬واآلف ألف روسيا قوة إمبريالية كبرى تيدد بغزو‬
‫العالـ‪.‬‬
‫أما فيما يتعمؽ باالسـ‪ ،‬فربما يحؽ لنا أف نكرر نقد ماركس الذكي لبرودوف‪ ،‬الذي اعتاد عمى اختراع الكممات الشامخة‪،‬‬
‫معتقدا أف ىذه ىي الطريقة التي تقدـ بيا العمـ‪ .‬لقد اقتبس ماركس ما يمي‪:‬‬
‫"حيث يوجد نقص في األفكار‪ ،‬تحؿ محميا الجمؿ الجوفاء"‪.‬‬
‫في تحميؿ ماركس وانجمز لمرأسمالية‪ ،‬ظمت األساسيات ‪ -‬مكاف الرأسمالية في التاريخ‪ ،‬تناقضاتيا الداخمية‪ ،‬الخ ‪ -‬ثابتة‬
‫منذ أوؿ اقتراب ليما مف المشكمة حتى نياية حياتيما‪ .‬أتت سنواتيما األخيرة فقط بتوضيحات واضافات القيمة األساسية‪ .‬أما نظرية‬
‫الجماعية البيروقراطية‪ ،‬فقد كاف ليا مصير أقؿ سعادة كثي ار خبلؿ تاريخيا القصير‪ .‬اعتبر شاختماف أوال الجماعية البيروقراطية‬
‫أكثر تقدمية مف الرأسمالية‪ ،‬ثـ اعتبرىا "بربرية شمولية"‪ .‬ويعتبرىا داعية آخر لمنظرية‪ ،‬ىو برونو آر‪ ،‬مجتمع عبودي‪ ،‬وعتبة‬
‫االنتقاؿ السممي لمشيوعية في نفس الوقت‪.‬‬
‫"برونو آر" حول الجماعية البيروقراطية‬
‫يختمؼ برونو آر عف شاختماف في أساسيات كثيرة‪ .‬يختمؼ تحميمو ألصؿ الجماعة البيروقراطية‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪،‬‬
‫بشكؿ أساسي مف تحميؿ شاختماف‪ .‬انيما يتفقاف حوؿ أصؿ النظاـ في روسيا‪ .‬ولكنيما يختمفاف عندما يتخطياف حدود روسيا‪ .‬في‬
‫حيف أف قرار مؤتمر حزب العماؿ في ‪ 8998‬ذىب إلى أف "الجماعية البيروقراطية ىي ظاىرة محدودة وطنيا‪ ،‬تظير في التاريخ في‬

‫مجرى تضافر معيف لؤلحداث"‪ ،‬فقد رآىا برونو آر كمجتمع سيحؿ محؿ الرأسمالية عمى النطاؽ العالمي مف خبلؿ تجريد البرجوازية‬
‫مف السمطة بواسطة البيروقراطية الستالينية والبيروقراطية الفاشية‪ .‬أما فيما يتعمؽ بتحديد ووصؼ وتحميؿ الجماعية البيروقراطية في‬
‫حد ذاتيا ‪ -‬كنظاـ اجتماعي ‪ -‬فيما عمى اتفاؽ كامؿ‪.‬‬
‫في كتابو بقرطة العالـ (باريس‪ ،)8929 ،‬يكتب برونو آر‪:.‬‬
‫ف ي رأينا‪ ،‬يمثؿ االتحاد السوفيتي نوعا مف المجتمع تقوده طبقة اجتماعية جديدة‪ :‬ىذا ىو استنتاجنا‪ .‬تمتمؾ ىذه الطبقة‬
‫بالفعؿ الممكية المجمعة وقد أدخمت نظاما جديدا ‪ -‬ومتفوقا ‪ -‬لئلنتاج‪ .‬ينتقؿ لبلستغبلؿ مف الفرد إلى الطبقة‪)3( .‬‬
‫وفي رأينا أف النظاـ الستاليني نظاـ وسيط‪ .‬انو يمغي الرأسمالية التي انتيى عمرىا االفتراضي‪ ،‬ولكنو ال يستبعد االشتراكية‬
‫بالنسبة لممستقبؿ‪ .‬انو شكؿ اجتماعي جديد قائـ عمى الممكية الطبقية واالستغبلؿ الطبقي‪)2(.‬‬
‫وفي رأينا أف أصحاب الممكية في االتحاد السوفيتي ىـ البيروقراطيوف‪ ،‬حيث أنيـ ىـ الذيف يمسكوف بالسمطة في أيدييـ‪،‬‬
‫وىـ الذيف يديروف االقتصاد كما كاف معتادا في صفوؼ البرجوازية‪ ،‬وىـ الذيف يستولوف عمى األرباح ألنفسيـ كما كاف معتادا في‬
‫صوؼ الطبقات المستغمة (بكسر الغيف)‪ ،‬وىـ الذيف يحددوف األجور وأسعار السمع‪ :‬مرة أخرى‪ ،‬انيـ البيروقراطيوف‪)9( .‬‬
‫ما ىو طابع الطبقة المحكومة؟ ىؿ توجد بروليتاريا روسية؟ أـ أنو كما استبدلت البرجوازية بطبقة مستغمة جديدة‪ ،‬استبدلت‬
‫البروليتارية بطبقة مستغمة (بفتح الغيف) جديدة؟ ىكذا يجيب برونو آر‪:‬‬
‫يحدث االستغبلؿ بالضبط كما في مجتمع قائـ عمى العبودية‪ :‬يعمؿ الشخص الخاضع لمدولة لصالح السيد الذي اشتراه‪،‬‬
‫ويصبح جزءا مف رأسماؿ سيده‪ ،‬ويمثؿ الماشية التي يجب العناية بيا واسكانيا والتي تكوف إعادة إنتاجيا مسألة في غاية األىمية‬
‫بالنسبة لمسيد‪ .‬إف دفع ما يسمى باألجور‪ ،‬والتي تتكوف جزئيا مف خدمات وسمع الدولة‪ ،‬ال يجب أ‪ ،‬يدفعنا لمخطأ ويجعمنا نفترض‬
‫وجود شكؿ اشتراكي لمدفع‪ :‬فاألجر في الواقع ال يعني سوى العناية بالعبد ! الفارؽ الجوىري الوحيد ىو أف العبيد في األزمنة‬
‫القديمة لـ يكف لدييـ شرؼ حمؿ السبلح‪ ،‬في حيف أف عبيد العصر الحديث مدربوف بميارة عمى فف الحرب‪ ...‬لـ تعد الطبقة‬
‫العاممة الروسية تتكوف مف بروليتارييف ‪ ،‬انيـ مجرد عبيد‪ .‬إنيا طبقة مف العبيد في مضمونيا االقتصادي وفي تعبيراتيا االجتماعية‪.‬‬
‫إنيا تركع عند مرور "اإللو الصغير" وتقدسو وىي تتخذ جميع خصائص الخنوع وتسمح لنفسيا بأف تقذؼ مف أحد طرفي‬
‫اإلمبراطورية الضخمة إلى الطرؼ اآلخر‪ .‬إنيا تحفر القنوات‪ ،‬وتبني الطرؽ والسكؾ الحديدية‪ ،‬كما كانت ىذه الطبقة نفسيا تشيد‬
‫األىرامات في األزمنة القديمة‪.‬‬
‫اف جزءا صغي ار مف ىذه الطبقة لـ يفقد نفسو بعد في ال دراية كاممة‪ ،‬انيـ‪ ،‬وقد‪ ،‬احتفظوا بإيمانيـ‪ ،‬يمتقوف في الكيوؼ‬
‫ألغراض المناقشة‪ ،‬كما كاف المسيحيوف قديما يصموف في السراديب‪ .‬ومف وقت آلخر‪ ،‬ينظـ الحرس غزوة ويمقوف القبض عمى‬
‫الجميع‪ .‬ثـ تجرى محاكمات شيطانية "عمى طريقة نيرو" وبدال مف أف يدافعوا عف أنفسيـ‪ ،‬فاف المتيميف يعترفوف بالذنب‪ .‬يختمؼ‬
‫العماؿ الروس تماما عف البروليتارييف مف كؿ النواحي‪ ،‬لقد اصبحوا رعايا لمدولة واكتسبوا جميع سمات العبيد‪.‬‬
‫ولـ يعد لدييـ أي شيء مشترؾ مع العماؿ األحرار باستثناء عرؽ جبينيـ‪ .‬سيحتاج الماركسيوف بالفعؿ إلى مصباح‬
‫يوجينيس اذا كانوا ينووف إيجاد أي بروليتارييف في المدف السوفيتية‪)5( .‬‬

‫رغـ أف برونو آر يصؼ روسيا الستالينية بأنيا تجديد العبودية بكؿ التخمؼ التاريخي المرتبط بالعبودية‪ ،‬فانو مع ذلؾ‬
‫يقوؿ أف ىذا النظاـ أكثر تقدمية مف الرأسمالية‪ ،‬وانو باإلضافة إلى ذلؾ ‪ -‬يؤدي مباشرة‪ ،‬دوف قفزات أو صراعات‪ ،‬إلى المجتمع‬
‫الشيوعي‪ .‬انو يقوؿ‪:‬‬
‫إننا نعتقد أف المجتمع الجديد سيؤدي مباشرة لبلشتراكية‪ ،‬بسبب الحجـ اليائؿ الذي وصؿ إليو اإلنتاج‪.‬‬
‫إ ف القادة (ىكذا سنسمى اآلف أولئؾ الذيف أطمقنا عمييـ بازدراء اسـ "البيروقراطييف" وسنسمي الطبقة الجديدة الطبقة القائدة)‪،‬‬
‫وقد حققوا احتياجاتيـ المادية والثقافية والمعنوية‪ ،‬قد يجدوف بالطبع الرفع الثابت لممستوى المادي والثقافي والمعنوي لمطبقة العاممة‬
‫عمبل ممتعا‪)6( .‬‬
‫ال ينبغي أف تبير الدولة الشمولية الماركسييف‪ .‬في الوقت الحالي‪ ،‬ىذه الدولة شمولية بالمعنى السياسي أكثر مف المعنى‬
‫االقتصادي‪ .‬وسوؼ تنعكس ىذه العوامؿ في مجرى التطورات االجتماعية المتوقعة والعادية‪ .‬ستفقد الدولة الشمولية أكثر فأكثر‬
‫خصائصيا السياسية وتحتفظ فقط بخصائصيا اإلدارية‪ .‬في نياية ىذه العممية سيكوف لدينا مجتمع ال طبقي واشتراكيا‪)7( .‬‬
‫انو "زواؿ" جديد "لمعبودية الجماعية"‪" ،‬لمجماعية البيروقراطية الشمولية"‪ ،‬في الشيوعية ! ويعمف برونو آر بفخر أف ىذا‬
‫التطور ىو "انتصار المادية التاريخية"! (انظر بصفة خاصة الفصؿ الذي يحمؿ ىذا االسـ في كتابو)‪.‬‬
‫اف جماعية برونو آر البيروقراطية تؤدي مباشرة‪ ،‬أوتوماتيكيا‪ ،‬لمشيوعية‪ ،‬إنيا ببل شؾ مفيوـ مادي‪ ،‬ولكف ليس جدليا‪ ،‬إنيا‬
‫مدخؿ ميكانيكي‪ ،‬قدري لمتاريخ ينكر الصراع الطبقي لممضطيديف باعتباره القوة المحركة الضرورية‪.‬‬
‫النظام الستاليني ‪ -‬بربرية‬
‫يكتب شاختماف عف النظاـ الستاليني‪:‬‬
‫إنيا التحقيؽ القاسي لتنبؤ جميع العمماء االشتراكييف‪ ،‬مف ماركس وانجمز فصاعدا‪ ،‬بأف الرأسمالية يجب أف تنيار بسبب‬
‫عجزىا عف حؿ تناقضاتيا‪ ،‬وأف البديميف الذيف يواجياف اإلنسانية ليسا الرأسمالية واالشتراكية‪ ،‬بقدر ما ىما‪ :‬االشتراكية أو البربرية‪.‬‬
‫الستالينية ىي ىذه البربرية الجديدة‪)8(.‬‬
‫إذا كاف النظاـ الستاليني يعني انحدار الحضارة‪ ،‬والنفي الرجعي لمرأسمالية‪ ،‬فيو إذف بالطبع أكثر رجعية مف الرأسمالية‪.‬‬
‫ينبغي بالتالي الدفاع عف الرأسمالية أماـ البربرية الستالينية‪.‬‬
‫ولكف شاختماف يضع نفسو في معضمة‪.‬‬
‫عندما تحدث ماركس عف "الخراب المشترؾ لمطبقات المتنازعة" ‪ -‬كما حدث في روما بعد تفكؾ المجتمع العبودي ‪ -‬فاف‬
‫ىذا الخراب قد ارتبط بيبوط عاـ لمقوى اإلنتاجية‪ .‬ال ينطبؽ ىذا الوصؼ بالطبع عمى النظاـ الستاليني‪ ،‬بالتطور الديناميكي لقواه‬
‫اإلنتاجية‪ .‬لقد عنت البربرية في مفيوـ ماركس موت جنيف المستقبؿ في رحـ المجتمع القدـ‪ .‬اف جنيف االشتراكية في رحـ الرأسمالية‬
‫وىو اإلنتاج االجتماعي الجماعي الكبير الحجـ‪ ،‬ومرتبطة بو‪ ،‬الطبقة العاممة‪ .‬لـ يضعؼ النظاـ الستاليني ىذه العناصر بؿ دفعيا‬
‫لؤلماـ‪.‬‬

‫دافع االستغالل في مجتمع البيروقراطية الجماعية‬
‫يفسر شاختماف دافع االستغبلؿ في مجتمع البيروقراطية ىكذا‪:‬‬
‫في الدولة الستالينية‪ ،‬يجري اإلنتاج ويتوسع مف أجؿ تمبية حاجات البرجوازية‪ ،‬ومف اجؿ زيادة ثروتيا وامتيازاتيا وسمطتيا"‬
‫واآلف إذا كاف دافع االستغبلؿ في ظؿ البيروقراطية‪ ،‬ىو مجرد تمبية حاجات الحكاـ‪ ،‬فما ىي الصمة بيف ىذا وبيف الجذور التاريخية‬
‫العامة لبلستغبلؿ في مختمؼ األنظمة االجتماعية؟‬
‫ومستغميف؟‪:‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫مستغميف‬ ‫يشرح إنجمز لماذا انقسـ المجتمع في الماضي إلى‬
‫كاف انقساـ المجتمع إلى طبقة مستغمة وأخرى مستغمة‪ ،‬طبقة حاكمة وأخرى مضطيدة‪ ،‬النتيجة الحتمية لمتطور الضعيؼ‬
‫لئلنتاج في ذلؾ الوقت‪ .‬طالما أف إجمالي العمؿ االجتماعي أثمر إنتاجا زاد بمقدار ضئيؿ فقط عمى ما كاف ضروريا لمجرد وجود‬
‫الجميع‪ ،‬وطالما‪ ،‬إذف‪ ،‬إف كؿ أو أغمب وقت الغالبية العظمى مف أعضاء المجتمع كاف مستوعبا في العمؿ طالما تحتـ أف ينقسـ‬
‫المجتمع إل ى طبقات‪ .‬والى جانب ىذه الغالبية العظمى المستغرقة تماما في العمؿ‪ ،‬تطورت طبقة‪ ،‬محررة مف العمؿ اإلنتاجي‬
‫المباشر‪ ،‬تولت إدارة شئوف المجتمع العامة‪ :‬إدارة العمؿ‪ ،‬شئوف الدولة‪ ،‬العدالة‪ ،‬العمـ‪ ،‬الفف‪ ،‬وما إلى ذلؾ‪)9(.‬‬
‫في االقتصاد الذي يكوف فيو الدافع لئلنتاج ىو إنتاج القيـ االستعمالية لمحكاـ‪ ،‬ىناؾ حدود معينة لمقدار االستغبلؿ‪.‬‬
‫ىكذا‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬ففي المجتمع اإلقطاعي‪ ،‬أخضعت القرية والمدينة معا لحاجة النببلء اإلقطاعييف لمسمع االستيبلكية‪،‬‬
‫وطالما أف اإلنتاج الذي أعطاه االقناف لسيدىـ لـ يسوغ عمى نطاؽ واسع‪ ،‬فقد "وضعت حدود جدراف معدتو حدود استغبللو‬
‫لمفبلحيف" (ماركس)‪ .‬اف ىذا ال يفسر وجود االستغبلؿ في ظؿ الرأسمالية‪.‬‬
‫ال شؾ أف حوائط معدة الرأسمالي أوسع كثي ار مف حوائط معدة النبيؿ اإلقطاعي في العصور الوسطى‪ ،‬ولكف‪ ،‬في الوقت‬
‫نفسو‪ ،‬القدرة اإلنتاجية لمرأسمالية أكبر بما ال يقارف مف قدرة اإلقطاعي اإلنتاجية نكوف إذف مخطئيف تماما إذا فسرنا زيادة استغبلؿ‬
‫جماىير العماؿ بأنيا نتيجة التساع حوائط معدة البرجوازية‪.‬‬
‫إف الحاجة لتراكـ رأس الماؿ‪ ،‬التي تممييا المنافسة الفوضوية لرؤوس األمواؿ‪ ،‬ىي الدافع لبلستغبلؿ في ظؿ الرأسمالية‪.‬‬
‫في الواقع إذا كاف االقتصاد الجماعي البيروقراطي موجيا نحو تمبية "حاجات البيروقراطية" ‪ -‬وليس خاضعا لتراكـ رأس الماؿ ‪-‬‬
‫فميس ىناؾ ما يمنع أف ينخفض معدؿ االستغبلؿ مع الوقت‪ ،‬وحيث أف القوى اإلنتاجية في العالـ الحديث ديناميكية‪ ،‬فاف ىذا‬
‫سيؤدي ‪ -‬طوعا أو كرىا ‪ -‬إلى "زواؿ االستغبلؿ"‪.‬‬
‫مع ديناميكية القوى اإلنتاجية عالية التطور‪ ،‬فاف االقتصاد الذي يكوف عمى إشباع حاجات الحكاـ‪ ،‬يمكف أف يوصؼ‬
‫بشكؿ متعسؼ بأنو مؤدي إلى عصر الرخاء والسعادة أو إلى ‘‪ .’8989‬في ظؿ نظاـ كيذا‪ ،‬يصبح حمـ برونو آر وكابوس جورج‬
‫اورويؿ‪ ،‬وأي شيء بينيما ‪ -‬أمور ممكنة‪ .‬إف نظرة الجماعية البيروقراطية إذف ىوائية وتعسفية تماما في تعريؼ حدود واتجاه‬
‫االستغبلؿ في ظؿ النظاـ الذي تدعي تعريفو‪.‬‬

‫العالقات الطبقية في ظل الجماعية البيروقراطية‬
‫يتمخص جوىر موقؼ شاختماف في مقولة أف حكاـ روسيا في ظؿ ستاليف لـ يكونوا عماؿ وال أصحاب ممكية خاصة‬
‫لرأس الماؿ‪ .‬ما ىو األمر الحاسـ‪ ،‬وفقا لممنيج الماركسي‪ ،‬في تعريؼ الطابع الطبقي الي مجتمع؟ حيث أف تاريخ جميع‬
‫المجتمعات الطبقية ىو تاريخ الصراع الطبقي‪ ،‬فمف الواضح أف ما يحدد مكاف أي نظاـ في سمسمة التطور التاريخي‪ ،‬ىو تمؾ‬
‫العوامؿ التي تحدد طابع الصراع الطبقي فيو‪ .‬واآلف‪ ،‬فاف طابع ووسائؿ وأىداؼ الصراع الطبقي لمطبقة المضطيدة يعتمد عمى‬
‫طبيعة الطبقة المضطيدة ذاتيا‪ :‬مكانيا في عممية اإلنتاج‪ ،‬والعبلقة بيف أعضائيا في ىذه العممية‪ ،‬وعبلقتيما بمبلؾ وسائؿ‬
‫اإلنتاج‪ .‬وال تتحدد ىذه العبلقة بواسطة نمط االستيبلء أو نمط التجنيد الخاص بالطبقة الحاكمة‪ .‬يمكف شرح ذلؾ مف خبلؿ بعض‬
‫األمثمة‪.‬‬
‫إننا نعرؼ أف النبيؿ اإلقطاعي في العصور الوسطى كاف لو حؽ توريث حقوقو اإلقطاعية لورثتو‪ ،‬مف ناحية أخرى‪ ،‬لـ‬
‫يكف لؤلسقؼ ىذا الحؽ‪ ،‬وال حتى الحؽ في تكويف عائمة‪ .‬كاف النبيؿ اإلقطاعي ابف نبيؿ إقطاعي‪ ،‬أما األساقفة فقد تـ تجنيدىـ مف‬
‫طبقات وشرائح مختمفة مف المجتمع‪ ،‬وكثي ار ما جاءوا مف صفوؼ الفبلحيف‪( .‬أشار إنجمز لؤلصؿ السوقي لييراركية الكنيسة العميا‬
‫‪ -‬وحتى لعدد مف البابوات ‪ -‬بوصفو أحد أسباب استقرار الكنيسة في العصور الوسطى)‪ .‬ىكذا فاف نمط تجنيد األساقفة كاف‬
‫مختمفا عف ذلؾ ال خاص بالنببلء اإلقطاعييف الفردييف‪ .‬أما فيما يتعمؽ بنمط االستيبلء‪ ،‬فقد كاف االختبلؼ عظيما بالمثؿ‪ :‬فالنبيؿ‬
‫اإلقطاعي كمالؾ‪ ،‬كاف مخوال بالحصوؿ عمى كؿ اإليجار الذي يستطيع جمعو مف أقنانو‪ ،‬في حيف أف األسقؼ كاف مفتقدا لمممكية‬
‫مف الناحية القانونية‪ ،‬وبالتالي كاف مخوال بالحصوؿ عمى "رابت" فقط‪ .‬ولكف ىؿ أدت ىذه االختبلفات في نمط االستيبلء ونمط‬
‫التجنيد الخاصيف بالنببلء اإلقطاعييف وىيراركية الكنسية العميا إلى أي اختبلؼ أساسي بيف الصراع الطبقي لبلقناف عمى أرض‬
‫الكنيسة مف ناحية‪ ،‬وعمى ارض النبيؿ مف ناحية أخرى؟‪ ،‬بالطبع ال‪ .‬كاف لمفبلح‪ ،‬بوسائؿ إنتاجو البدائية‪ ،‬بنمط اإلنتاج الفردي‪،‬‬
‫نفس العبلقة بالفبلحيف اآلخريف‪ ،‬ونفس العبلقة بوسائؿ اإلنتاج (األرض أساسا)‪ ،‬ونفس العبلقة بمستغمو ‪ -‬الفئة العميا مف‬
‫االكميروس (أو الذيف اسماىـ كاوتسكي في كتاب أشاد بو إنجمز كثيرا‪" ،‬الطبقة البابوية")‪.‬‬
‫وبالمثؿ‪ ،‬ففي المجتمع العبودي كاف ىناؾ إلى جانب الممكية الخاصة لمعبيد‪ ،‬ممكية دولة جماعية‪ ،‬كما في سبارتا‪)81(.‬‬
‫مف وجية نظر المستغميف تكتسب مسألة نمط استيبلءىـ وتجنيدىـ أىمية أساسية‪ .‬ىكذا‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬فاف‬
‫كاوتسكي يقوؿ في توماس مور واليوتوبيا‪:‬‬
‫لقد بدا وكأف ا لكنيسة قد سعت الف تصبح مالؾ األرض الوحيد في العالـ المسيحي‪ .‬إال انو تعيف أف يتـ كبح جماح األقوى‪.‬‬
‫لقد كاف النببلء دائما معاديف لمكنيسة‪ ،‬وعندما حصمت األخيرة عمى أراضي كثيرة جدا‪ ،‬تحوؿ الممؾ إلى النببلء طمبا لممساعدة‬
‫لوضع حدود لطموحات الكنيسة‪ .‬وفضبل عف ذلؾ أضعفت الكنيسة بسبب غزوات القبائؿ الوثنية والمسمميف‪)88( .‬‬
‫حصمت الكنيسة ‪ -‬ليس بدوف صراع (وىو صراع كاف أحد األسمحة المستخدمة في تزوير مستندات اليبة) ‪ -‬عمى حوالي‬
‫ثمث جميع األراضي في أوروبا ككؿ‪ ،‬بما في ذلؾ اغمب األراضي في بعض الببلد (مثؿ المجر وبوىيميا) ومف ثـ‪ ،‬فربما اعتبر‬
‫النببلء إف االختبلفات بينيـ وبيف الفئات العميا مف االكميروس‪ ،‬في األصؿ وفي نمط االستيبلء ‪ -‬ذات أىمية‪.‬‬
‫ولكف مف وجية نظر الصراع الطبقي لبلقناف أو البرجوازية الصاعدة ضد اإلقطاع‪ ،‬كانت ىذه االختبلفات ذات أىمية‬
‫ثانوية تماما‪ .‬ليس مف الصواب القوؿ بأنيا كانت ببل أىمية‪ ،‬حيث أف االختبلفات في تكويف الطبقة الحاكمة شكمت إلى حد ما‬

‫صراع االقناف والبرجوازية الصاعدة‪ .‬ىكذا‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬فاف تركيز وسائؿ اإلنتاج في أيدي الكنيسة جعؿ صراع االقناف ضد‬
‫الكنيسة اصعب كثي ار مف صراعيـ ضد مبلؾ األراضي األفراد‪ ،‬كما كاف ىناؾ اختبلؼ في شكؿ التبرير األيديولوجي لمممكية‬
‫اإلقطاعية‪ ،‬بيف استعراض الػدـ األزرؽ وسػترة السػبلح (سترة السالح ىي رمز أو شعار النبالة "المترجم") مف ناحية‪ ،‬واقتباس الجمؿ الدينية‬
‫بالبلتينية مف ناحية أخرى‪ .‬ومما يساعد عمى إظيار أف ىذه االختبلفات القانونية لـ تكف عديمة األىمية‪ ،‬إف ممكية الكنيسة كانت‬
‫مسماة رسميا "ميراث الفقراء" في حيف أف الممكية اإلقطاعية الخاصة لـ تمنح ىذا المقب الفخـ‪ .‬ولكف مف وجية نظر العممية‬
‫التاريخية ككؿ‪ ،‬أي مف وجية نظر الصراع الطبقي‪ ،‬فاف جميع االختبلفات بيف نمط االستيبلء وطريقة التجنيد لممجموعات المختمفة‬
‫ليست سوى ثانوية‪.‬‬
‫ينسى شاختماف وبرونو آر (وكذلؾ التروتسكيوف "األرثوذكس") مقولة ماركس منذ قرف مضى‪" :‬إف تناوؿ شكؿ الممكية‬
‫مستقبل عف قوانيف حركة االقتصاد‪ ،‬مستقبل عف عبلقات اإلنتاج‪ ،‬ىو تجريد ميتافيزيقي"‪ .‬ىكذا فاف االختبلفات الكبيرة بيف نمط‬
‫استيبلء وتجنيد البيروقراطييف الروس والبرجوازية‪ ،‬ال تثبت عمى اإلطبلؽ أف روسيا تمثؿ مجتمعا غير رأسمالي‪ ،‬مجتمعا طبقيا‬
‫جديدا ىو الجماعية البيروقراطية‪ .‬إلثبات ذلؾ‪ ،‬ينبغي إظيار أف طبيعة الطبقة المحكومة ‪ -‬ظروؼ حياتيا وصراعيا ‪ -‬تختمؼ‬
‫جوىريا في روسيا عف ما ىو قائـ‪ ،‬حتى بالنسبة لشاختماف‪ ،‬في الرأسمالية‪ .‬وىذا ىو بالضبط ما حاوؿ برونو آر‪ ،‬ثـ شاختماف بعده‬
‫أف يفعبله‪.‬‬
‫طبيعة الطبقة العاممة في روسيا‬
‫حوؿ مسألة ما إذا كاف العماؿ في روسيا برولتيارييف أـ ال‪ ،‬يجيب دعاة نظرية البيروقراطية الجماعية‪ ،‬ويجب أف يجيبوا‪،‬‬
‫بأنيـ ليسوا كذلؾ‪ .‬انيـ يق ارنوف العامؿ الروسي بالعامؿ الكبلسيكي الذي كاف "حرا" مف وسائؿ اإلنتاج ومتحر ار أيضا مف أي عوائؽ‬
‫قانونية عمى بيع قوة عممو‪ .‬مف الصحيح انو كثي ار ما وجدت عوائؽ قانونية أما حركة العماؿ الروس مف مشروع آلخر‪ .‬ولكف ىؿ‬
‫ىذا سبب كافي لمقوؿ بأف العامؿ الروسي لـ يكف بروليتاريا؟‬
‫إف األمر كذلؾ‪ ،‬فبل شؾ أف العامؿ األلماني في ظؿ ىتمر لـ يكف بروليتاريا‪ .‬أو‪ ،‬عمى النقيض اآلخر‪ ،‬العماؿ الذيف‬
‫يصموف لمسمطة ليسوا أيضا بروليتارييف بمقدار ما انيـ ليسوا "أح اررا" كجماعة مف وسائؿ اإلنتاج‪ .‬الشؾ أف العامؿ األمريكي‬
‫يختمؼ كثي ار عف فتاة تحت ال تدريب في مصنع ياباني تتعاقد لعدد مف السنوات وتضطر لمعيش في ثكنات لمشركة خبلؿ ذلؾ‬
‫الوقت‪ .‬ولكنيما أساسا عضواف في الطبقة نفسيا‪ .‬لقد ولدا مع أكثر أشكاؿ اإلنتاج ديناميكية في التاريخ‪ ،‬وىما متحداف بواسطة‬
‫عممية اإلنتاج االجتماعي‪ ،‬وىما ‪ -‬في الواقع ‪ -‬نفي رأس الماؿ‪ ،‬وفي اإلمكانية‪ ،‬االشتراكية ذاتيا (بسبب ديناميكية االقتصاد‬
‫الحديث‪ ،‬فاف أية قيود قانونية لـ توقؼ بالكامؿ في الواقع حركة العماؿ مف مشروع آلخر في ظؿ ستاليف)‪.‬‬
‫كاف ىمفردينح وبرونو آر ودوايت ماكدونالد متسقيف‪ ،‬ومثمما لـ يعتبروا العامؿ الروسي بروليتاريا‪ ،‬فانيـ لـ يعتبروا العامؿ‬
‫في المانيا ىتمر بروليتاريا‪ .‬حاوؿ الشاختمانيوف أف يتجنبوا ىذه النتيجة‪ .‬وقد دفعيـ ذلؾ لتحريؼ الوقائع‪ .‬انيـ يزعموف مثبل أف‬
‫العماؿ األلماف في ظؿ ىتمر كانوا اكثر حرية في الحركة مف العماؿ الروس‪ ،‬وانيـ كانوا اكثر حرية في المساومة مع أصحاب‬
‫العمؿ‪ ،‬واف العمؿ العبودي لـ ينتشر أبدا في ألمانيا بمثؿ انتشاره في روسيا‪ .‬ىكذا‪ ،‬فاف ايفرينج ىوو‪ ،‬أحد أتباع شاختماف في ذلؾ‬
‫الوقت كتب‪:‬‬
‫"لـ يستخدـ النازيوف العمؿ العبودي بمقدار ما فعمت روسيا الستالينية‪ ،‬في ظؿ نظاـ ىتمر‪ ،‬لـ يصبح العمؿ العبودي أبدا‬
‫جزءا ال غنى عنو مف اال قتصاد القومي أللمانيا‪ ،‬كما اصبح في روسيا في ظؿ ستاليف‪ ...‬ظمت الصناعة في ظؿ ىتمر معتمدة‬

‫بشكؿ واسع عمى "العمؿ الحر" (بالمعنى الماركسي‪ ،‬أي متحررة مف ممكية وسائؿ اإلنتاج وبالتالي مضطرة لبيع قوة العمؿ‪ ،‬وانما‬
‫أيضا ممتمكا لحرية إف يقرر أف يبيع أو ال يبيع قوة العمؿ ىذه‪ ).‬ورغـ كؿ القيود اليتمرية‪ ،‬كانت ىناؾ مساومة ال بأس بيا بيف‬
‫الرأسمالي والبروليتاري‪ ،‬وأيضا بيف الرأسمالييف سعيا وراء العماؿ أثناء فترات نقص األيدي العاممة"‪)83( .‬‬
‫عمى الرغـ مف كافة القيود‪ ،‬فاف العامؿ الروسي في الواقع يتحرؾ مف مصنع إلى آخر أكثر كثي ار مف العامؿ األلماني‪ ،‬أو‬
‫فيما يتعمؽ بيذا األمر‪ ،‬مف أي عامؿ آخر في العالـ كمو‪ .‬في وقت مبكر كسبتمبر ‪ ،8921‬منع العماؿ مف تغيير أماكف عمميـ‬
‫بدوف إذف خاص‪ ،‬وجمبت كؿ سنة بعد ذلؾ مزيد مف المحظورات‪ .‬ومع ذلؾ‪ ،‬فاف معدؿ استبداؿ العماؿ كاف ىائبل‪ .‬في ‪،8938‬‬
‫في مقابؿ مائة عامؿ يشتغموف بالصناعة سجمت ‪9‬ر‪ 93‬حالة ترؾ‪ ،‬في ‪3 ،8939‬ر‪9 ،8921 ،885‬ر‪8 ،8928 ،853‬ر‪،826‬‬
‫‪2 ،8923‬ر‪9 ،8922 ،825‬ر‪7 ،8929 ،833‬ر‪8 ،8925 ،96‬ر‪ .86‬في السنوات التالية لـ تنشر األرقاـ‪ ،‬ولكف مف الواضح‬
‫أف معدؿ االستبداؿ العالي استمر‪ ،‬وتشيد عمى ذلؾ المناشدات الحماسية الكثيرة في الصحافة‪ .‬بؿ إف حتى الحرب لـ تضع نياية‬
‫لذلؾ‪ .‬كانت اإلدارة األلمانية أكثر كفاءة بما ال يقارف في مكافحة الحركة الحرة لمعمؿ في ظؿ ىتمر‪ .‬لقد جعؿ ىذا‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫عوامؿ أخرى (بصفة خاصة الدينامية األعمى كثي ار نسبيا لبلقتصاد الروسي)‪ ،‬معدؿ استبداؿ العماؿ في ألمانيا اقؿ كثي ار منو في‬
‫روسيا‪ .‬ماذا عف معسكرات العبيد في روسيا ستاليف؟ لقد حاوؿ شاختماف أف يوحي أف العمؿ العبودي كاف عامؿ اإلنتاج األساسي‬
‫في روسيا‪ .‬إال أف ىذا خاطئ تماما‪ .‬إف عمؿ السجناء مناسب فقط بالنسبة لمعمؿ اليدوي‪ ،‬حيث ال تستخدـ التقنية الحديثة‪ ،‬انو‬
‫يشغؿ ب التالي في بناء المصانع‪ ،‬والطرؽ‪ ..‬الخ‪ ،.‬وعمى الرغـ مف رخصو فانو بالضرورة ذو أىمية ثانوية فقط بالنسبة لعمؿ العماؿ‪،‬‬
‫حيث أف العمؿ "غير الحر" دائما ما يكوف ضعيؼ اإلنتاجية نسبيا‪ .‬ولو لـ يكف العمؿ العبودي عائقا أماـ زيادة إنتاجية العمؿ‪ ،‬لما‬
‫انحدر المجتمع الروماني ولما ألغيت العبودية في الواليات المتحدة‪ ،‬مع اختبلؼ الظروؼ بيف الحالتيف‪ ،‬في مواجية ظروؼ محددة‬
‫‪ -‬نقص وسائؿ اإلنتاج ووفرة قوة العمؿ ‪ -‬مف المفيوـ أف تقوـ البيروقراطية الستالينية بإدخاؿ واستخداـ العمؿ العبودي عمى نطاؽ‬
‫واسع‪ .‬ولكف مف الواضح إف الميؿ التاريخي األساسي يسير في اتجاه معاكس‪ .‬فجميع المصانع التي تنتج الدبابات والطائرات‬
‫والماكينات‪ ..‬الخ في روسيا‪ ،‬كانت تقوـ عمى العمؿ األجير‪ .‬وقد وجدت ألمانيا ىتمر أثناء الحرب إف مف المفيد استخداـ اثني عشر‬
‫مميوف عامؿ أجنبي‪ ،‬تـ تجنيد اغمبيـ كسجناء وعمى ىيئة عمؿ قيري‪.‬‬
‫أصر ماركس عمى أف الميؿ التاريخي نحو إذالؿ البروليتاريا ‪ -‬اضطيادىا المتزايد بواسطة رأس الماؿ ‪ -‬ىو أمر جوىري‬
‫بالنسبة لمرأسمالية‪ ،‬في حيف أف استبداؿ البروليتارية بطبقة جديدة‪ ،‬أو باألحرى قديمة‪ ،‬مف العبيد ىو أمر مناقض تماما لمميؿ العاـ‬
‫لمتاريخ‪ .‬وكما قمنا‪ ،‬فاف االستخدا ـ الواسع لمعمؿ السجيف في روسيا ستاليف ال يمكف تفسيره إال بنقص وسائؿ اإلنتاج ووفرة قوة‬
‫العمؿ‪ .‬ومف ىنا جاء االختفاء شبو الكامؿ لمعمؿ السجيف منذ وفاة ستاليف‪ ،‬حيث أف روسيا وصمت لمنضج الصناعي‪.‬‬
‫إف نظرية البيروقراطية الجماعية لشاختماف‪ ،‬تؤدي بالضرورة إلى نتيجتيا المنطقية‪ .‬إذا لـ يكف العامؿ الروسي بروليتاريا‪،‬‬
‫فاف العامؿ األلماني في ظؿ ىتمر لـ يكف بروليتاريا‪ ،‬كما أف ما كاف قائما في ألمانيا ىتمر‪ ،‬لـ يكف نظاـ عمؿ أجير وانما نظاـ‬
‫"عبودية جماعية"‪ .‬ووفقا لذلؾ فاف الطبقة الحاكمة في ألمانيا ىتمر‪ ،‬ال يمكف أف تسمى طبقة رأسمالية‪ ،‬حيث أف الرأسمالييف ىـ‬
‫مستغمو البروليتاريا‪ .‬لدى برونو آر ودوايت ماكدونالد وىمفر دينج مزية االتساؽ‪ ،‬عمى األقؿ‪ .‬لقد استخمصوا ىذه االستنتاجات وكانوا‬
‫بالتالي مبرريف في وصؼ ألمانيا ىتمر بأنيا جماعية بيروقراطية (برونو آر ودوايت ماكدونالد) أو "اقتصاد دولة شمولي" (ىمفر‬
‫دينج)‪.‬‬
‫إذا قبمنا أف العماؿ الذيف تشغميـ الدولة الستالينية ليسوا بروليتارييف‪ ،‬فينبغي أف نصؿ لبلستنتاج العبثي القائؿ بأف العماؿ‬
‫في مناطؽ القوى الغربية‪ ،‬في برليف بروليتاريوف‪ ،‬أما في المنطقة الروسية فاف العماؿ المشتغميف في الشركات األلمانية المؤممة‬
‫ليسوا بروليتارييف‪ ،‬في حيف أف أولئؾ المشتغميف في الصناعة الخاصة بروليتاريوف!‬

‫ومرة أخرى‪ ،‬ينبغي أف نصؿ إلى االستنتاج العبثي القائؿ بأف غير العماؿ في ظؿ ستاليف قد تحولوا تدريجيا إلى‬
‫بروليتارييف بعد وفاتو‪.‬‬
‫وقبؿ كؿ شئ‪ ،‬إذا كاف شاختماف عمى صواب واذا لـ يكف ىناؾ بروليتاريا في النظاـ الستاليني‪ ،‬فاف الماركسية كمنيج‪،‬‬
‫كمرشد لمبروليتاريا بوصفيا صانعة التغيير التاريخي‪ ،‬تصبح ببل معنى‪ .‬الحديث عف الماركسية في مجتمع ببل بروليتاريا يجعؿ‬
‫الماركسية نظرية فوؽ ‪ -‬تاريخية‪.‬‬
‫الحدود التاريخية لمجماعية البيروقراطية‬
‫عندما نقبؿ بالطب يعة الرأسمالية الدولتية لمنظاـ الستاليني‪ ،‬فأننا ال نحدد فقط قوانيف حركة ىذا النظاـ ‪ -‬تراكـ رأس الماؿ‬
‫الذي يمميو ضغط الرأسمالية العالمية ‪ -‬وانما نحدد أيضا الحدود التاريخية لدوره‪ .‬فمتى تكدس رأس الماؿ وأصبحت الطبقة العاممة‬
‫ىائمة الحجـ‪ ،‬تيتز األرض تحت أقداـ البيروقراطية‪.‬‬
‫بالنسبة لمماركسي الذي يرى أف روسيا رأسمالية دولة‪ ،‬فاف الرسالة التاريخية لمبرجوازية ىي إضفاء الطابع االجتماعي‬
‫عمى العمؿ وتركيز وسائؿ اإلنتاج‪ .‬عمى النطاؽ العالمي‪ ،‬تحققت ىذه الميمة بالفعؿ‪ .‬وفي روسيا‪ ،‬أزالت الثورة العوائؽ أماـ تطور‬
‫القوى اإلنتاجية ‪ ،‬ووضعت نياية لبقايا اإلقطاع‪ ،‬وأقامت احتكا ار لمتجارة الخارجية يحمي تطور القوى اإلنتاجية لمبمد مف الضغط‬
‫المخرب لمرأسمالية العالمية‪ ،‬كما أعطت أيضا دفعة ىائمة لتطور القوى اإلنتاجية في صورة ممكية الدولة لوسائؿ اإلنتاج‪ .‬في ظؿ‬
‫ىذه الظروؼ ألغيت جميع ىذه العوائؽ أماـ الرسالة التاريخية لمبرجوازية ‪ -‬إضفاء الطابع االجتماعي عمى العمؿ وتركيز وسائؿ‬
‫اإلنتاج‪ ،‬وىي شروط ضرورية إلقامة االشتراكية ‪ -‬وىي الرسالة التي لـ تكف البرجوازية قادرة عمى إنجازىا‪ .‬لقد وقفت روسيا ما بعد‬
‫أكتوبر أماـ إنجاز الرسالة التاريخية لمبرجوازية‪ ،‬التي لخصيا لينيف في نقطتيف‪" :‬زيادة في القوى اإلنتاجية لمعمؿ االجتماعي‬
‫واضفاء الطابع االجتماعي عمى العمؿ"‪.‬‬
‫متى خمقت البيروقراطية الستالينية طبقة عاممة ىائمة ورأس ماؿ مركز ىائؿ‪ ،‬فاف الشروط الموضوعية إلسقاط‬
‫البيروقراطية أصبحت قائمة‪ .‬ىكذا فقد خمقت البيروقراطية الستالينية حفار قبرىا (ومف ىنا جاءت توترات ما بعد ستاليف في روسيا‬
‫وأوروبا الشرقية)‪.‬‬
‫إف نظرية الجماعية البيروقراطية عاجزة بحكـ طبيعتيا مف أف تقوؿ أي شئ عف الدور التاريخي والحدود التاريخية‬
‫لمبيروقراطية الستالينية‪ .‬ومف ثـ فاف االشتراكية أيضا تبدو كمجرد حمـ يوتوبي‪ ،‬وليس عمؿ ضروري لمتناقضات الكامنة في النظاـ‬
‫الستاليني ذاتو‪ .‬إذا قمنا بتجريدىا مف تناقضات الرأسمالية‪ ،‬فاف الدعوة لبلشتراكية تصبح مجرد خياؿ مثالي‪.‬‬
‫الموقف من األحزاب الستالينية‬
‫مف افتراض أف الجماعية البيروقراطية أكثر رجعية مف الرأسمالية‪ ،‬يستنتج شاختماف انو إذا تعيف االختيار بيف األحزاب‬
‫االشتراكية الديمقراطية التي تؤيد الرأسمالية واألحزاب الشيوعية ‪ -‬عمبلء الجماعية البيروقراطية ‪ -‬فعمى االشتراكي أف يقؼ إلى‬
‫جانب األولى ضد األخيرة‪.‬‬
‫ىكذا‪ ،‬فقد كتب شاختماف في سبمتبر‪:8998‬‬

‫الستالينية ىي تيار رجعي شمولي‪ ،‬معادي لمبرجوازية ومعادي لمبروليتاريا داخؿ الحركة العمالية ولكف ليس مف الحركة‬
‫العمالية‪ ...‬وفي الحاالت التي ال يكوف فييا المناضموف ‪ -‬كما ىي القاعدة العامة اليوـ ‪ -‬قد وصموا بعد لمقوة الكافية لمصراع مف‬
‫اجؿ الزعامة مباشرة‪ ،‬وحيث يكوف الصراع عمى السيطرة عمى الحركة العمالية‪ ،‬في الواقع‪ ،‬محصو ار بيف اإلصبلحييف والستالينييف‪،‬‬
‫سيكوف مف العبثي بالنسبة لممناضميف أف يعمنوا "حيدتيـ"‪ ،‬كما سيكوف تأييدىـ لمستالينيف كارثة بالنسبة ليـ‪ .‬بدوف أدنى تردد‪ ،‬عمييـ‬
‫أف يتبعوا الخط العاـ المتمثؿ في تأييد القيادة اإلصبلحية ضد القيادة الستالينية‪ .‬وبكممات أخرى حيث ال يكوف ممكنا بعد كسب‬
‫النقابات لقيادة المناضميف الثورييف‪ ،‬فأننا نفضؿ صراحة زعامة اإلصبلحييف‪ ،‬الذيف يستيدفوف الحفاظ عمى الحركة العمالية‬
‫بطريقتيـ الخاصة‪ ،‬عمى زعامة الشمولييف الستالينييف الذيف يستيدفوف إبادتيا‪ ...‬عمى الرغـ مف أف الثورييف ليسوا متساوييف‬
‫باإلصبلحييف واف اإلصبلحييف ليسوا متساويف بالثورييف‪ ،‬إال أف االثنيف اآلف حميفاف ضرورياف وكامبلف ضد الستالينية‪ .‬إف‬
‫الخبلفات التي ينبغي تسويتيا مع اإلصبلحية ستسوى عمى أساس عمالي وبطريقة عمالية‪ ،‬وليس في ظؿ قيادة الرجعية الشمولية أو‬
‫التحالؼ معيا (‪.)82‬‬
‫م رة أخرى‪ ،‬ىناؾ افتقاد لؤلفؽ التاريخي ولمتحميؿ الحقيقي لمقوى االجتماعية‪ ،‬فضبل عف اإلفراط في التبسيط‪ ،‬كما أف ىناؾ‬
‫إغفاؿ تاـ لمدور المزدوج لؤلحزاب الشيوعية في الغرب ‪ -‬بوصفيا عميمة لموسكو‪ ،‬وبوصفيا مجموعة مف المناضميف‪ ،‬األفراد‬
‫لمحاربيف تخنقيـ البيروقراطية نفسيا‪.‬‬
‫إذا اتخذ االشتراكيوف في الغرب موقؼ شاختماف مف األحزاب الشيوعية‪ ،‬فاف ىذا سيؤدي إلى‪ :‬أوال‪ ،‬تقوية األحزاب‬
‫االشتراكية الديمقراطية اليمينية‪ .‬وثانيا‪ ،‬تقوية سيطرة قيادة الحزب الشيوعي عمى قواعده‪ .‬ىذه طريقة أكيدة لتصفية أي نزعة عمالية‬
‫استقبللية‪.‬‬
‫استنتاج‬
‫إف نظرية الجماعية البيروقراطية فوؽ ‪ -‬تاريخية‪ ،‬وسمبية‪ ،‬ومجردة‪ .‬إنيا ال تحدد قوانيف الحركة االقتصادية لمنظاـ‪ ،‬وال‬
‫تفسر تناقضاتو المتأصمة فيو‪ ،‬وال تبيف الحافز وراء الصراع الطبقي‪ .‬وىي تعسفية تماما‪ .‬ومف ثـ فأنيا ال تعطي أفقا وال يمكف أف‬
‫تمثؿ أساسا الستراتيجية االشتراكييف‪.‬‬

‫انهىايش‬
‫الفصل األول‬
‫(‪ ) 1‬يوجد وصف جيد جدا للتغريات يف إدارة االقتصاد الروسي يف كتاب ج‪ .‬بينستوؾ و س‪.‬ا‪ .‬شفارتس و ا‪ .‬يوجو‪" :‬اإلدارة يف الصناعة والزراعة يف روسيا‪ ،‬اوكسفورد‬
‫‪.1944‬‬
‫(‪ )2‬ا‪ .‬بايكوؼ‪ ،‬تطور النظاـ االقتصادي السوفيييت‪ ،‬لندف‪ ،1946 ،‬ص ‪.115‬‬
‫(‪ )3‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.116‬‬
‫(‪ ) 4‬احلزب الشيوعي (البالشفة)‪ ،‬يف قرارات وبيانات دلؤدترات وجلسات اللجنة ادلركزية (سيتم إليها فيما بعد قرارات ؿ‪.‬ـ‪.‬ح‪.‬ش‪ ،).‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1941‬اجمللد الثاين ص‬
‫‪.811‬‬
‫(‪ )5‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.812‬‬
‫(‪ )6‬االشرتاكية منتصرة‪ ،‬لندف‪ ،1934 ،‬ص ‪.137‬‬
‫(‪( ،Za Industrialization )7‬دورية كوميسارية الصناعة الثقيلة)‪ ،‬موسكو ‪ ،1935‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫(‪ )8‬ؿ‪ .‬جنتسربج وا‪ .‬باشوكانتيس‪ :‬دورة يف القانوف االقتصادي السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1935‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫(‪ )9‬برافدا‪ 11 ،‬مارس ‪.1937‬‬
‫(‪ )11‬ا‪.‬ؿ‪ .‬جرانوفسكي و ب‪.‬ؿ‪ .‬ماركوس (زلررين)‪ ،‬اقتصاديات الصناعة االشرتاكية‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1941‬ص ‪.579‬‬
‫(‪ )11‬ادلصدر السابق ص ‪.563‬‬
‫السدس االشرتاكي يف العامل‪ ،‬لندف ‪ ،1944‬ص ‪.281‬‬ ‫(‪ )12‬ىػ‪ .‬جونسوف‪ُ ،‬‬
‫(‪ )13‬ترود‪( ،‬جريدة نقابية يومية) موسكو‪ 8 ،‬يوليو ‪ ،1933‬مذكورة يف ـ‪ .‬جوردوف‪ ،‬العماؿ قبل وبعد لينني‪ ،‬نيويورؾ ‪ ،1941‬ص ‪.115-114‬‬
‫(‪ )14‬ج‪.‬ؾ‪ .‬اردزونيكيدز‪ ،‬سلتارات من ادلقاالت واخلطب‪ ،1937-1911 ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1939‬ص ‪.359‬‬
‫(‪ )15‬برافدا‪ 29 ،‬ديسمرب ‪.1935‬‬
‫(‪ )16‬قرار اجمللس ادلركزي للنقابات‪ 2 ،‬يناير ‪ ،1933‬القانوف العمايل يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو‪-‬لينينجراد‪ ،1933 ،‬ص ‪.321‬‬
‫(‪ )17‬ؼ‪.‬ا‪ .‬لينني‪ ،‬األعماؿ‪ ،‬بالروسية‪ ،‬اإلصدار الرابع‪ ،‬اجمللد العشروف‪ ،‬ص ‪.7-6‬‬
‫(‪ )18‬ادلؤدتر احلادي عشر للحزب الشيوعي الروسي (البالشفة)‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو‪ ،‬مارس‪-‬إبريل ‪.1922‬‬
‫(‪ )19‬العمل األجور يف روسيا‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1924‬ص ‪ ،161‬و النقابات يف االحتاد السوفيييت ‪ ،1928-1926‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1928‬ص ‪.358‬‬
‫(‪ )21‬ترود‪ 23 ،‬إبريل ‪.1949‬‬
‫(‪ )21‬ج‪.‬ف‪ .‬الكسندروؼ (احملرر)‪ ،‬قانوف العمل السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1949‬ص ‪.166‬‬
‫(‪( Professionalnye Soiuzy )22‬الدورية الشهرية النقابية)‪ ،‬موسكو ‪ ،1941‬العدد ‪.5-4‬‬
‫(‪ )23‬ادلصدر السابق ‪ ،1948‬العدد ‪.2‬‬
‫(‪ )24‬ا‪.‬ت‪ .‬جولياكوؼ (احملرر)‪ ،‬التشريع خبصوص العمل‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1947‬ص ‪.15‬‬
‫(‪ )25‬ج‪.‬ف‪ .‬الكسندروؼ ود‪.‬ـ‪ .‬جنكني (احملرراف)‪ ،‬قانوف العمل السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1946‬ص ‪.111-111‬‬
‫(‪ )26‬قانوف العمل لالحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1937‬ادلادة ‪ ،58‬ص ‪.28‬‬
‫(‪ )27‬جولياكوؼ‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫(‪ )28‬ترود‪ 13 ،‬إبريل ‪.1952‬‬
‫(‪ )29‬ؼ‪ .‬نيوماف‪ ،‬هبيموث‪ ،‬لندف ‪ ،1942‬ص ‪.353-352‬‬
‫(‪ )31‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.353‬‬
‫(‪ )31‬بايكوؼ‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫(‪ )32‬ج‪ .‬سوركني‪ ،‬التخطيط االشرتاكي لالقتصاد القومي يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1946‬ص ‪.95‬‬
‫(‪ )33‬ادلوسوعة السوفييتية الكربى‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1948‬العمود ‪.1751‬‬
‫(‪ )34‬ترود‪ 21 ،‬إبريل ‪.1949‬‬
‫(‪ )35‬ا‪.‬ا‪ .‬بسكني‪ ،‬تنظيم وختطيط اإلنتاج يف صناعة استخراج البرتوؿ‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو‪-‬لينينجراد ‪ ،1947‬ص‪.134‬‬
‫(‪ )36‬البلشفي‪( ،‬دورية اللجنة ادلركزية للحزب)‪ ،‬موسكو ‪ ،1952‬العدد ‪.5‬‬
‫(‪ ،Za Industrialization )37‬موسكو‪ ،‬مارس ‪.1936‬‬
‫(‪ )38‬ا‪.‬ا‪ .‬اروتيناف و ب‪.‬ؿ‪ .‬ماركوس (احملرراف)‪ ،‬تطور االقتصاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1941‬ص ‪.492‬‬

‫(‪ )39‬ا‪ .‬يوجو‪ ،‬جبهة روسيا االقتصادية للحرب والسالـ‪ ،‬لندف ‪ ،1942‬ص ‪.193‬‬
‫(‪ )41‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.194‬‬
‫(‪ )41‬ترود‪ 17 ،‬إبريل ‪.1941‬‬
‫(‪ ،Mashinostroenie )42‬دورية كوميسارية تصنيع ادليكنة‪ ،‬موسكو‪ 11 ،‬مايو ‪.1939‬‬
‫(‪ )43‬ازفستيا‪ 2 ،‬إبريل ‪.1936‬‬
‫(‪ )44‬ج‪ .‬ماينارد‪ ،‬الفالح الروسي‪ ،‬ودراسات أخرى‪ ،‬لندف ‪ ،1942‬ص ‪.341‬‬
‫(‪ )45‬حلاالت مسجلة لقتل وختريب الستاخونوفيني بعد إدخاؿ نظاـ الستاخوفينية أنظر إزفستيا‪ 23 ،‬أغسطس ‪ 27 ،1935‬سبتمرب ‪ 1935‬و ‪ 5‬أكتوبر ‪ ،1935‬برافدا‪2 ،‬‬
‫و‪ 21‬و‪ 22‬نوفمرب ‪ ،1935‬ترود‪ 1 ،‬نوفمرب ‪ .1935‬وىناؾ حاالت أخرى كثرية ميكن ذكرىا‪.‬‬
‫(‪ )46‬بسكني‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫(‪ )47‬ؼ‪.‬ا‪ .‬لينني‪ ،‬األعماؿ‪ ،‬بالروسية‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬اجمللد احلادي والعشرين ص ‪.135‬‬
‫(‪ )48‬قانوف العمل ‪ ،1922‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1922‬ادلادة ‪.37‬‬
‫(‪ )49‬مذكور يف ؼ‪ .‬سريج‪ ،‬روسيا بعد عشرين عاما‪ ،‬نيويورؾ ‪ ،1937‬ص ‪.66‬‬
‫(‪ )51‬رلموعة قوانني وقرارات حكومة العماؿ والفالحني يف االحتاد السوفيييت (يشار إليها فيما بعد‪ :‬قوانني االحتاد السوفيييت)‪ ،‬موسكو ‪ ،1932‬عدد ‪ ،84‬ادلادة ‪.516‬‬
‫(‪ )51‬إزفستيا‪ 17 ،‬ديسمرب ‪.1931‬‬
‫(‪ )52‬قانوف عمل االحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1937‬ادلادة ‪ ،37‬ص ‪.21‬‬
‫(‪ 12 ،Za Industrialization )53‬فرباير ‪ ،1931‬رلموعة قرارات وقوانني حكومة االحتاد السوفيييت‪( ،‬يشار إليو فيما بعد‪ :‬قرارات االحتاد السوفيييت)‪ ،‬موسكو‬
‫‪ ،1938‬العدد ‪ ،58‬ادلادة ‪.329‬‬
‫(‪ )54‬سريج‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.68‬‬
‫(‪ )55‬قوانني االحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1932‬العدد ‪ ،85‬ادلادة ‪.371‬‬
‫(‪ ) 56‬قرارات اللجنة ادلركزية للحزب الشيوعي (البالشفة) ورللس كوميساريات الشعب يف االحتاد السوفيييت حوؿ أىم قضايا البناء االشرتاكي‪ ،‬بالروسية‪ ،‬لينينجراد ‪ ،1933‬ص‬
‫‪.131-127‬‬
‫(‪ )57‬قرارات االحتاد السوفيييت‪ ،1939 ،‬العدد األوؿ‪ ،‬ادلادة األوىل‪.‬‬
‫(‪ )58‬رللة السوفييت األعلى (‪ ،)Supreme Soviet Gazette‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1941‬عدد ‪.21‬‬
‫(‪ )59‬إزفستيا‪ 31 ،‬ديسمرب ‪.1941‬‬
‫(‪( ،Bloknot Agitatova )61‬دورية قسم الدعاية والتحريض للجنة احلزب يف موسكو)‪ ،‬موسكو ‪ ،1952‬العدد ‪ 4‬ص ‪.42-41‬‬
‫(‪ )61‬رللة السوفييت األعلى لالحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1941‬العدد ‪.42‬‬
‫(‪ )62‬الكساندروؼ وجنكني‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.278‬‬
‫(‪ )63‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.274-273‬‬
‫(‪ )64‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.275‬‬
‫(‪ )65‬انظر ج‪.‬ف‪ .‬الكساندروؼ‪ ،‬قانوف العمل السوفيييت‪.1949 ،‬‬
‫(‪ )66‬قوانني االحتاد السوفيييت‪ ،1927 ،‬العدد ‪ ،49‬مادة ‪ ،331‬و القانوف اجلنائي لالحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1937‬ادلادة ‪ 58‬فقرة ‪.14‬‬
‫(‪ )67‬ؼ‪ .‬جسوفسكي‪ ،‬القانوف ادلدين السوفيييت‪ ،‬آف أربور ‪ ،1948 ،Ann Arbor‬رللد ‪ 1‬ص ‪.815‬‬
‫(‪ )68‬قانوف عمل ‪ ،1922‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1922‬مادة ‪ ،129‬ص‪.18‬‬
‫(‪ )69‬النساء العامالت ومحايتهم يف الصناعة الروسية‪ ،‬دورية العمل الدولية‪ ،‬أكتوبر ‪.1929‬‬
‫(‪ )71‬ج‪.‬ف‪ .‬سرييرنيكوؼ‪ ،Zhenskii Trend SSSR ،‬موسكو ‪ ،1934‬ص ‪ .214‬مذكور يف ج‪ .‬جرينفيلد ‘عمل ادلرأة يف اقتصاد روسيا ادلخطط’‪ ،‬دورية البحث‬
‫االجتماعي‪ ،‬فرباير ‪ .1942‬كاف سرييرنيكوؼ حذرا يف عدـ وضع مثل ىذه ادلعلومات يف كتابو ‘وضع ادلرأة يف االحتاد السوفيييت’‪ ،‬لندف ‪ ،1937‬والذي كتب خصيصا للقارئ‬
‫غري الروسي‪.‬‬
‫(‪ )71‬نشرة األخبار الروسية‪ 31 ،‬يوليو ‪.1941‬‬
‫(‪ )72‬س‪ .‬وولفسوف‪‘ ،‬االشرتاكية والعائلة’‪ ،‬يف ‪( Pod Znamenem Marksizma‬الدورية النظرية للحزب)‪ ،‬موسكو ‪ ،1936‬مذكور يف ر‪ .‬شلسنجر‪ ،‬العائلة يف‬
‫االحتاد السوفيييت‪ ،‬لندف ‪ ،1949‬ص ‪.287‬‬
‫(‪ )73‬ادلؤدتر الدويل للعمل‪ ،‬اجللسة الثامنة عشر‪ ،‬تشغيل ادلرأة يف العمل يف كافة أنواع ادلناجم حتت األرض‪ ،‬جنيف ‪ ،1934‬التقرير السادس‪.‬‬
‫(‪ )74‬ؾ‪ .‬ىالدين‪ ،‬التقرير اإلخباري الروسي‪ ،‬لندف ‪ ،1942‬ص ‪.151‬‬
‫(‪ )75‬ـ‪ .‬ىندوس‪ ،‬روسيا تستمر يف النضاؿ‪ ،‬لندف ‪ ،1942‬ص ‪.135‬‬
‫(‪ )76‬برافدا‪ 1 ،‬يناير ‪.1939‬‬

‫(‪ )77‬د‪.‬ج‪ .‬دالني و ب‪.‬ا‪ .‬نيكواليفسكي‪ ،‬العمل اجلربي يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬لندف ‪ ،1948‬ص ‪.153‬‬
‫(‪ )78‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫(‪ )79‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.62-54‬‬
‫(‪ )81‬ا‪ .‬سيليجا‪ ،‬اللغز الروسي‪ ،‬لندف ‪ ،1941‬ص ‪.249‬‬
‫(‪ )81‬ي‪ .‬جلوكستني‪ ،‬الدوؿ التابعة لستالني يف أوروبا‪ ،‬لندف ‪ ،1952‬ص ‪.311-319‬‬
‫(‪ )82‬ىػ‪ .‬كوالرتس‪ ،‬روسيا ومستعمراهتا‪ ،‬لندف ‪ ،1952‬ص ‪185‬‬
‫(‪ )83‬إضافات لقرار رللس كوميسارات الشعب يف االحتاد السوفييت واللجنة ادلركزية للحزب الشيوعي‪ ،‬بالروسية‪.‬‬
‫(‪ )84‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ )85‬دالني ونيكوالفسكي‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.165‬‬
‫(‪ )86‬برافدا‪ 28 ،‬مارس ‪.1953‬‬
‫(‪ )87‬إزفستيا‪ 21 ،‬ديسمرب ‪.1937‬‬
‫(‪ )88‬ا‪.‬ي‪ .‬فيشنسكي (احملرر)‪ ،‬قانوف الدولة السوفييتية‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1938‬ص ‪.515-514‬‬
‫(‪ ) 89‬اخلطة اخلمسية للبناء االقتصادي القومي لالحتاد السوفيييت‪ ،‬اإلصدار الثالث (يشار إلية فيما بعد‪ :‬اخلطة األوىل)‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1931‬اجمللد ‪ 1‬ص ‪ .132‬و‬
‫اخلطة اخلمسية الثانية لتنمية االقتصاد القومي السوفيييت (يشار إليو فيما بعد‪ :‬اخلطة الثانية)‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1934‬اجمللد ‪ 1‬ص ‪.429‬‬
‫(‪ )91‬اخلطة األوىل‪ ،‬اجمللد الثاين‪ ،‬اجلزء األوؿ ص ‪ ، 251‬اخلطة الثانية‪ ،‬اجمللد األوؿ ص ‪ ،172‬ص ‪ ،522‬اجمللد الثاين‪ ،‬ص ‪ 292-291‬و ص ‪ .296‬برافدا‪ 19 ،‬فرباير‬
‫‪ .1941‬البناء االشرتاكي يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬الكتاب اإلحصائي ‪( 1936‬يشار إليو فينا بعد‪ :‬البناء االشرتاكي ‪ ،)1936‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ 1936‬ص ‪،195 ،192‬‬
‫‪ .216 ،214 ،211‬البناء االشرتاكي لالحتاد السوفيييت ‪ ،1938-1933‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1938‬ص ‪ .73‬برافدا ‪ 11‬مارس ‪ .1951‬إزفستيا‪ 17 ،‬إبريل ‪.1951‬‬
‫(‪ )91‬البناء االشرتاكي (‪ ،)1938-1933‬ص ‪.xxv-xxiv‬‬
‫(‪ )92‬ا‪ .‬بايكوؼ‪ ،‬التجارة اخلارجية السوفييتية‪ ،‬برينستوف ‪.1946‬‬
‫(‪ )93‬اخلطة األوىل‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪ .147 ،145‬اجمللد الثاين‪ ،‬ص ‪ ،251-248‬اخلطة الثانية‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪ .522 ،172‬اجمللد الثاين ص ‪،281-278 ،276‬‬
‫‪ . 296 ،292-291‬القانوف حوؿ اخلطة اخلمسية إلعادة البناء والتنمية لالقتصاد القومي السوفيييت (‪( ،)1951-1946‬يشار إليو فيما بعد‪ :‬اخلطة الرابعة)‪ ،‬بالروسية‪،‬‬
‫موسكو ‪ ،1946‬ص ‪ .13-11‬برافدا‪ 6 ،‬أكتوبر ‪.1952‬‬
‫(‪ )94‬مت تقدير ذلك من‪ :‬اخلطة األوىل‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪ .147 ،145‬اجمللد الثاين‪ ،‬اجلزء األوؿ‪ ،‬ص ‪ .251-248‬ملخص إصلاز اخلطة اخلمسية األوىل لتنمية االقتصاد‬
‫القومي يف االحتاد السوفيييت‪( ،‬يشار إليو فيما بعد‪ :‬ملخص اخلطة األوىل)‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1933‬ص ‪ .121 ،115 ،95 ،83‬اخلطة الثانية‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪،172‬‬
‫‪ .522‬اجمللد الثاين‪ ،‬ص ‪ .296 ،293-291 ،281-278 ،276‬اخلطة الرابعة‪ ،‬ص ‪ .13-11‬إزفستيا‪ 17 ،‬إبريل ‪( .1951‬ال توجد إشارة إىل إصلازات اخلطة الثالثة‬
‫(‪ )1942-38‬حيث توقفت بسبب احلرب ومل تنشر أي بيانات إلصلازاهتا‪.‬‬
‫(‪ )95‬البناء االشرتاكي ‪ ،1936‬ص ‪.3‬‬
‫(‪ )96‬س‪.‬ف‪ .‬بروكوفيتش‪ ،Russlands Volkswithschaft Unter der Sowjets ،‬زيوريخ ‪ ،1944‬ص ‪.213‬‬
‫(‪ )97‬اخلطة األوىل‪ ،‬اجمللد األوؿ ص ‪ ، 21‬ؼ‪.‬ب‪ .‬دياتشنكو (احملرر)‪ ،‬التمويل واالئتماف يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬موسكو ‪ ،1938‬ص ‪ ،184‬اخلطة الرابعة‪ ،‬ص ‪ .9‬االقتصاد‬
‫القومي السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1948‬اجمللد الثاين ص ‪.185‬‬
‫(‪ )98‬االقتصاد القومي السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1948‬اجمللد الثاين ص ‪.129‬‬
‫(‪ )99‬بروكوبوفيتش‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.316‬‬
‫(‪ )111‬ف‪ .‬جاسين‪ ،‬الزراعة االشرتاكية يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬ستانفورد ‪ ،1949‬ص ‪.778-777‬‬
‫(‪ )111‬ؾ‪.‬كاوتسكي‪ ،‬ادلسألة الزراعية‪ ،‬شتوجتارت ‪ ،1899‬ص ‪.31 ،24‬‬
‫(‪ )112‬ف‪.‬ا‪.‬فوزنسنسكي‪ ،‬اقتصاد احلرب يف االحتاد السوفيييت يف فرتة احلرب القومية‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1948‬ص ‪.126‬‬
‫(‪ )113‬ف‪.‬جاسين‪ ،‬االقتصاد القومي يف مرحلة اخلطة‪ ،‬ستانفورد‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫(‪ )114‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫(‪ )115‬مت تقديره من إحصاءات إنتاج السلع االستهالكية‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫(‪ )116‬ؼ‪.‬ؼ‪.‬كويبيشيف‪ ،‬مقاالت وخطب ‪ ،1935-31‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪.131 ،1935‬‬
‫(‪ )117‬اخلطة األوىل‪ ،‬اجمللد الثاين‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬ص ‪ .293-292‬ملخص اخلطة األوىل‪ ،‬ص ‪ .186‬اخلطة الثانية‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.533‬‬
‫(‪ )118‬ميزانية العماؿ وادلوظفني؛ اجمللد األوؿ‪ :‬ميزانية عائلة عامل يف ‪ ،1927-22‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1929‬ص ‪ .55‬اخلطة الثانية‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪ .533‬ب‪.‬ب‪.‬‬
‫فسيسيلوفسكي‪ ،‬دورة يف االقتصاد والتخطيط لالقتصاد الشيوعي‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1945‬ص ‪.174‬‬
‫(‪ )119‬األمم ادلتحدة‪ ،‬ادلشكلة السكانية األوروبية‪ ،‬جنيف ‪ ،1949‬ص ‪.41‬‬
‫(‪ )111‬األمم ادلتحدة‪ ،‬ادلسح االقتصادي ألوروبا يف ‪ ،1949‬جنيف ‪ ،1951‬ص ‪.31‬‬

‫(‪ )111‬دورية العمل الدويل‪ ،‬مايو ‪ ،1932‬ص ‪.627‬‬
‫(‪ )112‬األخبار السوفييتية‪ 23 ،‬يناير ‪.1952‬‬
‫(‪ )113‬ؼ‪.‬ؿ‪ .‬كوبالفسكي‪ ،‬تنظيم واقتصاديات اإلسكاف يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو‪-‬لينينجراد ‪ ،1941‬ص ‪.119‬‬
‫(‪ )114‬فسلوفسكي‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.176‬‬
‫(‪ )115‬اخلطة الرابعة‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫(‪ )116‬فسلوفسكي‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.473 ،132‬‬
‫(‪ )117‬األخبار السوفييتية‪ 23 ،‬يناير ‪ ،1952‬برافدا ‪ 18‬أكتوبر ‪.1937‬‬
‫(‪ )118‬دورية العمل الدولية‪ ،‬مايو ‪ ،1932‬ص ‪.627‬‬
‫(‪ )119‬ا‪.‬ج‪ .‬سفرييف‪ ،‬ميزانيات الدولة لالحتاد السوفيييت ‪ ،1945-38‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1946‬ص ‪ .114 ،47 ،22 ،15‬ؾ‪.‬ف‪ .‬بوتينكوؼ‪ ،‬ميزانية دولة اشرتاكية‪،‬‬
‫بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1948‬ص ‪ .218 ،216 ،146 ،142‬االقتصاد القومي لالحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ 1951‬اجمللد الرابع ص ‪Planovoc .341 ،127‬‬
‫‪(، Khoziaistro‬الدورية الشهرية للجنة ختطيط الدولة)‪ ،‬موسكو ‪ ،1952‬عدد ‪ ،2‬ص ‪.24‬‬
‫(‪ )121‬ىذه االحصاءات من‪ :‬خطة الدولة لتنمية االقتصاد القومي لالحتاد السوفيييت ‪ ،1941‬عدد ‪ 17 ،127‬يناير ‪ ،1941‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ ) 121‬ؿ‪.‬ب‪ .‬شولكني‪ ،‬استهالؾ احلديد والصلب يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو‪-‬لينينجراد ‪ ،1941‬ص ‪ .21‬ـ‪ .‬جادنر كالرؾ‪ ،‬بعض ادلشكالت االقتصادية يف‬
‫صناعة احلديد والصلب السوفييتية‪( ،‬دراسة أكادميية غري منشورة)‪ ،‬جامعة كورنيل ‪ ،1951‬ص‪.42‬‬
‫(‪ )122‬فوزنسنسكي‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.126‬‬
‫(‪ )123‬أروتينياف وماركوس‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.484‬‬
‫(‪ )124‬بركوبوفيتس‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.316‬‬
‫(‪ )125‬االحتاد السوفيييت والدوؿ الرأمساليةػ الكراسة اإلحصائية‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1939‬ص ‪.81-75‬‬
‫(‪ )126‬اجلريدة األسبوعية السوفييتية‪ ،‬ادللحق‪ 18 ،‬ديسمرب ‪.1947‬‬
‫(‪ )127‬وزارة العمل‪ ،‬ادلسح العاـ للعماؿ الربيطانيني‪ ،‬إبريل ‪.1947‬‬
‫(‪ )128‬ف‪ .‬جاسين‪ ،‬الزراعة االشرتاكية يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.375-374‬‬
‫(‪ )129‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.375‬‬
‫(‪ )131‬ا‪ .‬ارينا‪‘ ،‬الكولوخوزات يف ‪( ، Sotsialisicheskoe Selskokhoziaistro ،’1938‬الدورية الشهرية لكوميسارية الزراعة)‪ ،‬موسكو ‪ ،1939‬العدد‬
‫‪.121‬‬
‫(‪ )131‬ارينا‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬وجاسين‪ ،‬الزراعة االشرتاكية يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.684‬‬
‫(‪ )132‬ت‪.‬ؿ‪ .‬باسيوؾ‪ ،‬تنظيم االنتاج الكولوخوزي‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1946‬ص ‪.273-272‬‬
‫(‪ )133‬بروكوبوفيتز‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.164‬‬
‫(‪ )134‬ؼ‪ .‬سيمينوؼ‪ ،‬ا‪ .‬بانكروفا وآخرين‪ ،‬الربوليتاريا يف ثورة ‪ ،1917-1915‬بالروسية‪ ،‬موسكو‪-‬لينينجراد ‪ ،1931‬ص‪.232‬‬
‫(‪ )135‬ـ‪.‬ب‪ .‬أوسادكو (احملرر)‪ ،‬مشكالت تنظيم االنتاج الكوخلوزي‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1945‬ص ‪.94‬‬
‫(‪ )136‬ادلصدر السابق‪.‬‬
‫(‪ )137‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫(‪ )138‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.191‬‬
‫(‪ )139‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫(‪ )141‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.212‬‬
‫(‪ )141‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.217‬‬
‫(‪ )142‬ؼ‪.‬إ‪ .‬لينني‪ ،‬األعماؿ ادلختارة‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.179‬‬
‫(‪ )143‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬رأس ادلاؿ‪ ،‬نيويورؾ‪ ،‬ادلكتبة احلديثة‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.193‬‬
‫(‪ )144‬ؾ‪ .‬ماركس و ؼ‪ .‬إصللز‪ ،‬ادلراسالت ادلختارة‪ ،‬لندف ‪ ،1941‬ص ‪.511-519‬‬
‫(‪ )145‬ـ‪ .‬دوب‪ ،‬التطور االقتصادي السوفيييت منذ ‪ ،1917‬لندف ‪ ،1948‬ص ‪.364‬‬
‫(‪ ) 146‬ا‪.‬ؾ‪ .‬سوخكوؼ (احملرر)‪ ،‬عائدات ميزانية الدولة لالحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1945‬ص ‪ .14‬بلوتنيكوؼ‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪،181 ،112 ،26 ،17‬‬
‫‪ .259‬ف‪.‬ف‪ .‬روفنسكي‪ ،‬ميزانية الدولة لالحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1949‬ص ‪ .72‬االقتصاد القومي لالحتاد السوفيييت ‪ ،1951‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1951‬ص‬
‫‪ .393‬االقتصاد القومي لالحتاد السوفيييت ‪ ،1951‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1951‬ص ‪ ،1952 ،Planovo Khaziaistvo .337‬العدد ‪ ،2‬ص ‪.21‬‬
‫(‪ )147‬سوخوؼ‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫(‪ )148‬ف‪ .‬جاسين‪ ،‬نظاـ األسعار السوفيييت‪ ،‬ستانفورد ‪ ،1951‬ص ‪.165-164‬‬

‫(‪ )149‬ـ‪ .‬دوب‪ ،‬التخطيط السوفيييت والعمل يف السالـ واحلرب‪ ،‬لندف ‪ ،1942‬ص ‪.62-61‬‬
‫(‪ )151‬ـ‪ .‬دوب‪ ،‬التطور االقتصادي السوفيييت منذ ‪ ،1917‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.372-371‬‬
‫(‪ )151‬بروكوبوفيتس‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪ .316‬البلشفي‪ ،‬العدد ‪.1951 ،12‬‬
‫(‪ )152‬قرارات ؿ‪.‬ـ‪.‬ح‪.‬ش‪ ،.‬موسكو ‪ ،1932‬اإلصدار الرابع‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫(‪ )153‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.516‬‬
‫(‪ )154‬البناء االشرتاكي‪ ،1935 ،‬ص ‪ .644‬ف جاسين‪ ،‬نظاـ األسعارالسوفيييت‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫(‪ )155‬البناء االشرتاكي‪ ،1936 ،‬ص ‪ .647-646‬ف‪ .‬جاسين‪ ،‬ادلصدر السابق‪.‬‬
‫(‪ )156‬زفريوؼ‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫(‪ )157‬قوانني االحتاد السوفيييت ‪ ،1932‬عدد ‪ ،62‬ادلادة ‪.361‬‬
‫(‪ )158‬ج‪.‬ؼ‪ .‬ستالني‪ ،‬األعماؿ‪ ،‬بالروسية‪ ،‬اجمللد الثامن‪ ،‬ص ‪.219‬‬
‫(‪ )159‬ىذا االقتباس واالقتباسني التاليني من جلوكسني‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.95-93‬‬
‫(‪ )161‬برافدا‪ 5 ،‬يونيو ‪.1947‬‬
‫(‪ )162‬برافدا‪ 9 ،‬يوليو ‪.1947‬‬
‫(‪ )163‬القانوف اجلنائي لالحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1937‬ص ‪.71-71‬‬
‫(‪ )164‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫(‪ )165‬قوانني الزواج والعائلة واحلضانة يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1948‬ص ‪ ،19‬ادلادة ‪.69‬‬
‫(‪ )166‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪ ،19‬ادلادة ‪.71‬‬
‫(‪ )168‬مت ذكرىا يف ـ‪ .‬ايفوف‪ ،L’URSS, Telle qu’elle est ،‬باريس ‪ ،1938‬ص ‪.243‬‬
‫(‪ 19 ،Vecherniaia Moskva )169‬إبريل ‪ 1935‬يف ف‪.‬س‪ .‬تيماشيف‪ ،‬الرتاجع الكبري‪ ،‬نيويورؾ ‪ ،1946‬ص ‪.325‬‬
‫(‪ )171‬أنظر ‪ ،1935 ،Sovetskaia Ustitsiia‬عدد ‪ ،11‬مذكور يف تيماشيف‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.321‬‬
‫(‪ )171‬رللة السوفييت األعلى لالحتاد السوفيييت‪ ،1941 ،‬عدد ‪.25‬‬
‫(‪ )172‬ا‪.‬ت‪ .‬جولياكوؼ (احملرر)‪ ،‬القانوف اجلنائي‪ ،‬بالروسية‪ ،‬اإلصدار الثالث‪ ،1943 ،‬ص ‪ .137‬مذكور يف جسوفسكي‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬اجمللد األوؿ ص ‪.122‬‬
‫(‪ )173‬دالني ونيكواليفسكس‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.84‬‬
‫(‪ )174‬ؾ‪ .‬ماركس وؼ‪ .‬اصللز‪ ،‬األعماؿ‪ ،‬بالروسية‪ ،‬اجمللد الرابع‪ ،‬ص ‪.312‬‬
‫(‪ )175‬ؼ‪.‬ا‪ .‬لينني‪ ،‬األعماؿ‪ ،‬بالروسية‪ ،‬اجمللد الرابع والعشروف‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫(‪ )176‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬نقد برنامج جوتا‪ ،‬مذكور يف لينني‪ ،‬الدولة والثورة‪ ،‬لندف ‪ ،1942‬ص ‪.71‬‬
‫(‪ )177‬لينني‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫(‪ )178‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫(‪ )179‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫(‪ )181‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫(‪ )181‬ؼ‪.‬ا‪ .‬لينني‪ ،‬األعماؿ‪ ،‬بالروسية‪ ،‬اجمللد السابع والعشروف‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫(‪ )182‬ادلصدر السابق‪ ،‬اجمللد التاسع والعشروف‪ ،‬ص ‪.159‬‬
‫(‪ )183‬ادلصدر السابق‪ ،‬اجمللد الثالث والعشروف‪ ،‬ص ‪.64‬‬
‫(‪ )184‬قرارات ؿ‪.‬ـ‪.‬ح‪.‬ش‪ ،.‬اإلصدار الرابع‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.337‬‬
‫(‪ )185‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.444‬‬
‫(‪ )186‬زلاضر ادلؤدتر العاشر للحزب الشيوعي الروسي (البالشفة) يف موسكو‪ -‬مارس ‪ ،1921‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1933‬ص ‪.317‬‬
‫(‪ )187‬س‪.‬ج‪ .‬سرتوملني‪ ،‬األجور وانتاجية العمل يف الصناعة الروسية ‪ ،1922-1913‬موسكو ‪ ،1923‬ص ‪.35‬‬
‫(‪ )188‬ـ‪.‬ف‪ .‬بوكروفسكي (احملرر)‪ ،1915 ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو‪-‬لينينجراد ‪ ،1925‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.439‬‬
‫(‪ )189‬العمل يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬ادلسح االقتصادي االحصائي‪ ،‬أكتوبر ‪ -1922‬مارس ‪ ،1924‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1924‬ص ‪.58‬‬
‫(‪ )191‬س‪ .‬زاجورسكي‪ ،‬األجور وتنظيم ظروؼ العمل يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬جنيف‪ ،1931 ،‬ص ‪.178 ،176‬‬
‫(‪ )191‬ؿ‪ .‬الوتن‪ ،‬التاريخ االقتصادي لروسيا السوفييتية‪ ،‬لندف ‪ ،1932‬اجمللد الثاين‪ ،‬ص ‪.361-359‬‬
‫(‪ )192‬من ز‪.‬ـ‪ .‬تشرينلوفسكي (احملرر)‪ ،‬تاريخ الدولة والقانوف‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1949‬ص ‪.29‬‬

‫(‪ )193‬مذكور يف د‪.‬ا‪ .‬تشرينومريديك‪ ،‬السياسة االقتصادية لالحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو‪-‬لينينجراد ‪ ،1936‬ص ‪.241‬‬
‫(‪ )194‬قانوف العمل ‪ ،1922‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1922‬مادة ‪ ،57‬ص ‪.11-9‬‬
‫(‪ )195‬ادلصدر السابق‪ ،‬مت الغاؤه يف ‪ 17‬مارس ‪( 1934‬قوانني االحتاد السوفيييت ‪ ،1934‬عدد ‪ 15‬ادلادة ‪.)119‬‬
‫(‪ )196‬قوانني االحتاد السوفيييت‪ ،1937 ،‬عدد ‪ ،71‬مادة ‪.341‬‬
‫(‪ )197‬ؿ‪.‬أ‪ .‬برونشتني و ب‪.‬ف‪ .‬بوردين‪ ،‬التخطيط واحملاسبة يف النقل بالسيارات‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو‪ ،1948 ،‬ص ‪.151‬‬
‫(‪ )198‬قوانني االحتاد السوفيييت ‪ ،1936‬عدد ‪ ،21‬مادة ‪.169‬‬
‫(‪ )199‬ج‪ .‬بولياؾ‪‘ ،‬حوؿ صندوؽ ادلديرين يف ادلؤسسات الصناعية’‪ ،1938 ،Planovoe Khaziaistvo ،‬عدد ‪.4‬‬
‫(‪ )211‬البناء االشرتاكي ‪ ،1938-33‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.138‬‬
‫(‪ )211‬ؿ‪ .‬فيلنسكي‪‘ ،‬مسائل مالية يف الصناعة’‪ ،1938 ،Planovoe Khaziaistvo ،‬عدد ‪.11‬‬
‫(‪ )212‬مذكور يف ايفوف‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫(‪ )213‬برافدا‪ 27 ،‬يونيو ‪.1937‬‬
‫(‪ )214‬البناء االشرتاكي ‪ ،1936‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.513‬‬
‫(‪ )215‬اجللسة األوىل للسوفييت األعلى لالحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو‪ ،1948 ،‬ص ‪.215 ،124‬‬
‫(‪ )216‬إزفستيا‪ 18 ،‬يناير ‪.1938‬‬
‫(‪ )217‬نيويورؾ تاميز‪ 23 ،‬اغسطس ‪.1943‬‬
‫(‪ )218‬برافدا‪ 21 ،‬ديسيمرب ‪.1943‬‬
‫(‪ )219‬إزفستيا‪ 6 ،‬إبريل ‪.1941‬‬
‫(‪ )211‬أ‪ .‬فريث‪ ،‬عامل ستالينجراد‪ ،‬لندف ‪ ،1946‬ص ‪.126‬‬
‫(‪ )211‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫(‪ )213‬أنظر ص ‪.57‬‬
‫(‪ )214‬ف‪ .‬جاسين‪ ،‬نظاـ األسعار السوفيييت‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.45-44‬‬
‫(‪ )217‬ر‪ .‬بيشوب‪ ،‬ادلليونريات السوفييت‪ ،‬لندف ‪ ،1945‬ص ‪.3‬‬
‫(‪ )218‬إ‪.‬إ‪ .‬إفتخييف و ؼ‪.‬أ‪ .‬فالسوؼ‪ ،‬القانوف االداري لالحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1946‬ص ‪.418 ،164‬‬
‫(‪ )219‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.418‬‬
‫(‪ )221‬برافدا‪ 4 ،‬إبريل ‪.1951‬‬
‫(‪ )221‬برافدا‪ 17 ،‬مارس ‪.1949‬‬
‫(‪ )222‬ادلوسوعة السوفييتية الكربى‪ ،‬رللد االحتاد السوفيييت‪ ،،‬بالروسية‪ ،‬العواميد ‪.1233 ،1228 ،1225‬‬
‫(‪ )223‬البناء الثقايف يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1941‬ص ‪.112-111‬‬
‫(‪ )224‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫(‪ )225‬قرارات االحتاد السوفيييت‪ ،1941 ،‬عدد ‪ ،27‬ادلادة ‪.637‬‬
‫(‪ )226‬تعليم الشعب يف االحتاد السوفيييت يف ‪ ،1943‬بالروسية‪ ،1944 ،‬ص ‪.42‬‬
‫(‪ ) 227‬توجيهات احلزب الشيوعي يف االحتاد السوفيييت (البالشفة) وقرارات احلكومة السوفييتية حوؿ التعليم ‪ -‬رلموعة وثائق ‪ ،1947-1917‬بالروسية‪ ،‬موسكو‪-‬لينينجراد‬
‫‪ ،1947‬اجمللد الثاين ص ‪.111-119‬‬
‫(‪ )228‬قرار ‪ 28‬ديسمرب ‪ ،1941‬رللة السوفييت األعلى لالحتاد السوفيييت‪ ،1941 ،‬العدد ‪.1‬‬
‫(‪ )229‬ادلصدر السابق‪ ،1947 ،‬عدد ‪.21‬‬
‫(‪ )231‬اخلطة األوىل‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.329‬‬
‫(‪ )231‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.325-324‬‬
‫(‪ )232‬البناء االشرتاكي ‪ ،1938-1933‬مصدر مذكور‪.‬‬
‫(‪ )233‬اخلطة األوىل‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫(‪ )234‬ملخص اخلطة األوىل‪ ،‬ص ‪.171‬‬
‫(‪ )235‬برافدا‪ 27 ،‬أكتوبر ‪.1941‬‬

‫(‪ )236‬إ‪.‬ب‪ .‬باردين و ف‪.‬ب‪ .‬باين‪ ،‬صناعة احلديد والصلب يف فرتة اخلطة اخلمسية اجلديدة‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو‪-‬لينينجراد ‪ ،1947‬ص ‪.166‬‬
‫(‪ )237‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.165‬‬
‫(‪ )238‬إزفستيا‪ 24 ،‬مايو ‪.1952‬‬
‫(‪ )239‬إجتماع السوفييت األعلى لالحتاد السوفيييت (اجللسة الثالثة) ‪ 25-21‬فرباير ‪ ،1947‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1947‬ص ‪.21‬‬
‫(‪ )241‬ف‪ .‬جاسين‪ ،‬األسعار السوفييتية لسلع ادلنتجني‪ ،‬ستانفورد ‪ ،1952‬ص ‪.84-83‬‬
‫(‪ )241‬ف‪ .‬جاسين‪ ،‬نظاـ االسعار السوفيييت‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.11-9‬‬
‫(‪ )242‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ )243‬ج‪.‬ؼ‪ .‬ستالني‪ ،‬ادلشكالت االقتصادية لالشرتاكية يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬موسكو ‪ ،1952‬ص ‪.25-24‬‬
‫(‪ ،1946 ،Planovoe Khaziaistvo )244‬عدد ‪ 23‬ص ‪.39-38‬‬
‫(‪ )245‬ىػ‪.‬ج‪ .‬بريماف‪ ،‬العدالة يف روسيا‪ :‬تفسري للقانوف السوفيييت‪ ،1951 ،‬ص ‪.66‬‬
‫(‪ )246‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.77-76‬‬
‫(‪ )247‬ستالني يف برافدا‪ 7 ،‬نوفمرب ‪ ،1929‬مسائل اللينينية‪ ،‬ص ‪ ،311‬يف ستالني‪ ،‬األعماؿ‪ ،‬بالروسية‪ ،‬اجمللد الثاين عشر‪ ،‬ص ‪ ،129‬مت إعادة نشر نفس ادلقاؿ مع استبداؿ‬
‫‘‪ 41‬إىل ‪ 51‬ألف ىيكتار’ بدال من ‘‪ 51‬إىل ‪ 111‬ألف ىيكتار’‪.‬‬
‫(‪ )248‬إزفستيا‪ 21 ،‬يناير ‪.1931‬‬
‫(‪ )249‬ج‪.‬ؾ‪ .‬أردزونيكيدز‪ ،‬التنمية الصناعية يف ‪ 1931‬ومهاـ ‪ ،1932‬موسكو ‪ ،1932‬ص ‪.41-41‬‬
‫(‪ ،1931 ،Planovoe Khaziaistvo )251‬عدد ‪ ،6-5‬ص ‪ ،29‬اخلطة الثانية‪ ،‬اجمللد الثاين‪ ،‬ص ‪.281-278 ،276‬‬
‫(‪ )251‬إزفستيا‪ 8 ،‬مارس ‪.1931‬‬
‫(‪ 6 ،Komsomolskaia Pravda )252‬ديسمرب ‪ ،1935‬مذكور يف جوردو‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.391-389‬‬
‫(‪ )253‬ؾ‪ .‬ماركس و ؼ‪ .‬إصللز‪ ،‬البياف الشيوعي‪ ،‬يف األعماؿ ادلختارة‪ ،‬لندف ‪ ،1942‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.211-218‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫(‪ )1‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬األعماؿ ادلختارة‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.227-226‬‬
‫(‪ )2‬ؼ‪ .‬إصللز يف الزمن اجلديد‪ ،‬اجمللد العشروف‪ ،‬رقم ‪ ،1‬ص ‪ .8‬مذكور يف ؾ‪ .‬ماركس و ؼ‪ .‬إصللز‪ ،‬ادلراسالت ادلختارة‪ ،‬لندف ‪ ،1943‬ص ‪.486‬‬
‫(‪ )3‬مقدمة إصللز لكتاب ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬احلرب األىلية يف فرنسا‪ ،‬لندف ‪ ،1941‬ص ‪.19‬‬
‫(‪ )4‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.41-41‬‬
‫(‪ )5‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫(‪ )6‬ؼ‪ .‬إصللز‪ ،‬أصل العائلة وادللكية اخلاصة والدولة‪ ،‬لندف ‪ ،1943‬ص ‪.195‬‬
‫(‪ )7‬ؼ‪.‬إ‪ .‬لينني‪ ،‬الدولة والثورة‪ ،‬لندف ‪ ،1942‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ )8‬ؿ‪ .‬تروتسكي‪ ،‬الثورة ادلغدورة‪ ،‬لندف ‪ ،1937‬ص ‪.211‬‬
‫(‪ )11‬قوانني االحتاد السوفيييت ‪ ،1917‬رقم ‪ ،9‬ادلادة ‪.138‬‬
‫(‪ )11‬ادلصدر السابق‪ ،‬ادلادة ‪.139‬‬
‫(‪ ) 12‬ي‪.‬ؿ‪ .‬بريماف (احملرر)‪ ،‬احلزب الشيوعي (البالشفة) وادلسألة العسكرية‪ ،‬يف قرارات مؤدترات احلزب الشيوعي السوفييت‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1928‬االصدار الثاين‪ ،‬ص‬
‫‪.73-71‬‬
‫(‪ )13‬ؿ‪ .‬تروتسكي‪ ،‬كيف سلحت الثورة نفسها‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1924‬اجمللد الثاين‪ ،‬الكتاب األوؿ‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫(‪ )14‬ادلصدر السابق‪ ،‬اجمللد الثاين‪ ،‬الكتاب الثاين‪ ،‬ص ‪ ،16‬كما طرحت ىذه الفكرة مرة أخرى يف أطروحة نشرىا تروتسكي يف ‪ 16‬ديسمرب‪ ،‬ادلصدر السابق ص ‪.36-33‬‬
‫(‪ )15‬بريماف‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.85-84‬‬
‫(‪ )16‬إ مسيلجا‪ ،‬مسائل أساسية يف بناء اجليش األمحر‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1921‬ص ‪ .17-16‬طرحت نفس األفكار يف مقاؿ ـ‪.‬ف‪ .‬توكاتشفسكي ‘اجليش األمحر‬
‫وادليليشيا’ يف كتابو‪ :‬حرب الطبقات ‪ -‬مقاالت ‪ ،1921-1919‬موسكو ‪ ،1923‬ص ‪ .77-61‬الفرؽ الوحيد بني مسيلجا وتوكاتشفسكي تقع يف تركيز األخري على عدـ‬
‫توافق نظاـ ادليليشيا مع ‘ادلهمة العسكرية لروسيا السوفييتية يف نشر الثورة يف العامل كلو‪’.‬‬
‫(‪ )17‬مذكور يف ادلوسوعة العسكرية السوفييتية‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1932‬اجمللد األوؿ‪ ،‬العمود ‪.619‬‬
‫(‪ )18‬د‪.‬ؼ‪ .‬وايت‪ ،‬منو اجليش األمحر‪ ،‬برينستوف ‪ ،1944‬ص ‪.64-63‬‬
‫(‪ )19‬تروتسكي‪ ،‬كيف سلحت الثورة نفسها‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬اجمللد الثاين‪ ،‬الكتاب األوؿ‪ ،‬ص ‪ ،86-84‬مذكور يف وايت‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.121‬‬

‫(‪ )21‬وايت‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.252‬‬
‫(‪ )21‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.223‬‬
‫(‪ )22‬إ‪ .‬فولنربج‪ ،‬اجليش األمحر‪ ،‬لندف ‪ ،1941‬ص ‪.183-182‬‬
‫(‪ )23‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.188‬‬
‫(‪ )24‬وايت‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.313‬‬
‫(‪ )25‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.314‬‬
‫(‪ )26‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.315‬‬
‫(‪ )27‬ؾ‪ .‬فوروشيلوؼ‪ ،‬يف أرض االشرتاكية اليوـ وغدا‪ ،‬موسكو ‪ ،1939‬ص ‪.2218‬‬
‫(‪ )28‬ا‪ .‬برجسوف‪ ،‬الدخل القومي وادلنتج القومي يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬ادللحق‪ :‬ادلصادر وادلناىج‪ ،‬نيويورؾ ‪ ،1951‬ص ‪.8‬‬
‫(‪ )29‬نيويورؾ تاميز‪ 23 ،‬أغسطس ‪.1943‬‬
‫(‪ )31‬افتيكييف وفالسوؼ‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.167-166‬‬
‫(‪ )31‬قوانني االحتاد السوفيييت ‪ ،1935‬رقم ‪ ،57‬ادلواد ‪.469-468‬‬
‫(‪ )32‬ادلصدر السابق‪ ،1937 ،‬رقم ‪ ،51‬ادلادة ‪.219‬‬
‫(‪ )33‬رللة السوفييت األعلى لالحتاد السوفيييت‪ ،‬بالروسية‪ ،1941 ،‬العدد ‪.15‬‬
‫(‪ )34‬ادلصدر السابق‪ ،1945 ،‬العدد ‪ .36‬يوجد وصف تفصيلي للقرارات اليت أدخلت الرتب إىل اجليش والقوات اجلوية والقوات البحرية يف افتكييف وفالسوؼ‪ ،‬مصدر‬
‫مذكور‪ ،‬ص ‪.157-156‬‬
‫(‪( ،Krasnaia Zverzda )35‬اجلريدة اليومية للجيش السوفيييت)‪ ،‬موسكو ‪ 4‬سبتمري ‪.1941‬‬
‫(‪ )36‬ادلوسوعة السوفييتية الصغرية‪ ،‬بالروسية‪ ،‬اجمللد السادس‪ .‬ص ‪.624‬‬
‫(‪ 7 ،Krasnaia Zverzda )37‬يناير ‪.1943‬‬
‫(‪ )38‬ادلصدر السابق‪ 23 ،‬مايو ‪.1941‬‬
‫(‪ )39‬جريدة العامل اليومية‪ 9 ،‬يوليو ‪.1943‬‬
‫(‪ 22 ،Krasnaia Zverzda )41‬أكتوبر ‪.1941‬‬
‫(‪ )41‬ادلصدر السابق‪ 15 ،‬أكتوبر ‪.1941‬‬
‫(‪ )42‬ادلصدر السابق‪ 22 ،‬أكتوبر ‪.1941‬‬
‫(‪ )43‬برافدا‪ 6 ،‬أكتوبر ‪.1941‬‬
‫(‪ )44‬ج‪ .‬توسرت‪ ،‬السلطة السياسية يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬نيويورؾ ‪ ،1948‬ص ‪.211‬‬
‫(‪ )45‬خطاب سفرلدوؼ‪ 5 ،‬يوليو ‪ ،1918‬مذكور يف ج‪ .‬بنياف‪ ،‬التدخل واحلرب األىلية والشيوعية يف روسيا‪ ،‬إبريل‪-‬ديسمرب ‪ ،1918‬الوثائق وادلادة‪ ،‬بلتيمور ‪ ،1936‬ص‬
‫‪.215‬‬
‫(‪ )46‬إزفستيا‪ 1 ،‬سبتمرب ‪.1939‬‬
‫(‪ )47‬برافدا‪ 7 ،‬مارس ‪.1952‬‬
‫(‪ )48‬برافدا‪ 12 ،‬إبريل ‪.1954‬‬
‫(‪ )49‬جونسوف‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.353‬‬
‫(‪ ) 51‬ج‪ .‬ؼ‪ .‬ستالني‪ ،‬خطب يف اجتماعات ما قبل االنتخابات لناخيب منطقة ستالني االنتخابية يف مقاطعة موسكو‪ 11 ،‬ديسمرب ‪ ،1937‬و ‪ 9‬فرباير ‪ ،1946‬موسكو‬
‫‪ ،1946‬ص‪.5‬‬
‫(‪ )51‬أ‪ .‬ر‪ .‬وليامز‪ ،‬السوفييتات‪ ،‬نيويورؾ ‪ ،1937‬ص ‪.49‬‬
‫(‪ )52‬برافدا‪ 22 ،‬ديسمرب ‪.1947‬‬
‫(‪ )53‬ب‪ .‬نيوماف‪ ،‬أوروبا اجلديدة‪ ،‬لندف ‪ ،1942‬ص ‪.159‬‬
‫(‪ )54‬نيويورؾ تاميز‪ 25 ،‬نوفمرب ‪.1937‬‬
‫(‪ )55‬قرارات ؿ‪ .‬ـ‪ .‬ح‪ .‬ش‪ ،.‬اإلصدار الرابع‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.126‬‬
‫(‪ )56‬قرارات ؿ‪ .‬ـ‪ .‬ح‪ .‬ش‪ ،.‬اإلصدار السادس‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.161-154‬‬
‫(‪ )57‬ؿ‪ .‬تروتسكي‪ ،‬تاريخ الثورة الروسية‪ ،‬لندف ‪ ،1932‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.59‬‬
‫(‪ )58‬ادلصدر السابق‪ ،‬و ؼ‪ .‬إ‪ .‬لينني‪ ،‬األعماؿ‪ ،‬بالروسية‪ ،‬اجمللد ‪ ،21‬ص ‪.432‬‬
‫(‪ )59‬أ‪ .‬شليابناكوؼ‪ ،‬العاـ السابع عشر‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1924‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.197‬‬
‫(‪ )61‬أ‪ .‬س‪ .‬بوبنوؼ وآخرين‪ ،‬احلزب الشيوعي (البالشفة)‪ ،‬موسكو‪-‬لينينجراد‪ ،1931 ،‬ص ‪.113‬‬

‫(‪ )61‬برافدا‪ 15 ،‬مارس ‪ ،1917‬مذكور يف تروتسكي‪ ،‬تاريخ الثورة الروسية‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬اجمللد االوؿ‪ ،‬ص ‪.315‬‬
‫(‪ )62‬برافدا‪ 8 ،‬إبريل ‪.1917‬‬
‫(‪ )63‬بوبنوؼ‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫(‪ )64‬قرارات ؿ‪ .‬ـ‪ .‬ح‪ .‬ش‪ ،.‬اإلصدار الرابع‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.258‬‬
‫(‪ )65‬ؼ‪ .‬إ‪ .‬لينني‪ ،‬األعماؿ‪ ،‬بالروسية‪ ،‬اإلصدار الثالث‪ ،‬اجمللد العشروف‪ ،‬ص ‪.652‬‬
‫(‪ )66‬ادلصدر السابق‪ ،‬اجمللد ‪ ،21‬ص ‪.526‬‬
‫(‪ )67‬ج‪ .‬ريد‪ ،‬عشرة أياـ ىزت العامل‪ ،‬لندف ‪ ،1932‬ص ‪.224-223‬‬
‫(‪ )69‬ؿ‪ .‬تروتسكي‪ ،‬ستالني‪ ،‬لندف ‪ ،1947‬ص ‪.342-341‬‬
‫(‪ )71‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.512‬‬
‫(‪ )72‬ؼ‪ .‬إ‪ .‬لينني‪ ،‬األعماؿ‪ ،‬بالروسية‪ ،‬اإلصدار الثاين‪ ،‬اجمللد ‪ ،26‬ص ‪.232‬‬
‫(‪ )73‬قرارات ؿ‪.‬ـ‪.‬ح‪.‬ش‪ ،.‬اإلصدار الثاين‪ ،‬اجمللد ‪ ،26‬ص ‪.232‬‬
‫(‪ )74‬ادلصدر السابق‪ ،‬اإلصدار السادس‪ ،‬اجمللد الثاين‪ ،‬ص ‪.592‬‬
‫(‪ )75‬ؼ‪ .‬إ‪ .‬لينني‪ ،‬األعماؿ‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬اجمللد ‪ ،31‬ص ‪.414‬‬
‫(‪ )76‬التكوين االجتماعي والقومي للحزب الشيوعي (البالشفة)‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو‪-‬لينينجراد ‪ ،1928‬ص ‪.41‬‬
‫(‪ )77‬توسرت‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.328‬‬
‫(‪ )78‬س‪.‬ف‪ .‬ىاربر و ر‪.‬تومبسوف‪ ،‬حكومة االحتاد السوفيييت‪ ،‬نيويورؾ ‪ ،1949‬ص ‪.81‬‬
‫(‪( ،Patiianaia Zhazn )79‬دورية اللجنة ادلركزية للحزب)‪ ،‬موسكو‪ ،‬العدد ‪ ،21‬أكتوبر ‪ ،1947‬ص ‪.83‬‬
‫(‪ )81‬برافدا‪ 22 ،‬إبريل ‪.1942‬‬
‫(‪ )82‬االحتاد السوفيييت أرض االشرتاكية‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1939‬ص ‪.94‬‬
‫(‪ )84‬ؾ‪ .‬فوروشيلوؼ‪ ،‬ادلقاالت واخلطب ‪ ،،1936-1925‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1939‬ص ‪.94‬‬
‫(‪ )85‬أرض االشرتاكية اليوـ وغدا‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.148‬‬
‫(‪ )86‬برافدا‪ 23 ،‬يوليو ‪.1941‬‬
‫(‪ )87‬تقرير مالنكوؼ‪ ،‬برافدا‪ 14 ،‬مارس ‪.1939‬‬
‫(‪ )89‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.621‬‬
‫(‪ )91‬ؿ‪ .‬تروتسكي‪ ،‬ستالني‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.484‬‬
‫(‪ )92‬وايت‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.387‬‬
‫(‪ )93‬البلشفي‪ ،‬العدد ‪ ،5‬مارس ‪.1937‬‬
‫(‪ )94‬أرض االشرتاكية اليوـ وغدا‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.196-195‬‬
‫(‪ )95‬ؼ‪.‬إ‪ .‬لينني‪ ،‬األعماؿ‪ ،‬بالروسية‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬اجمللد ‪ ،25‬ص ‪.442‬‬
‫(‪ )96‬ج‪.‬ؼ‪ .‬ستالني‪ ،‬األعماؿ‪ ،‬بالروسية‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬اجمللد ‪ ،11‬ص ‪.95‬‬
‫(‪ )97‬الدستور والقانوف االساسي لالحتاد السوفيييت‪ ،‬موسكو ‪ ،1919‬ادلادة ‪ ،9‬ص ‪.5-4‬‬
‫(‪ )98‬ب‪.‬ؽ‪ .‬يودين‪‘ ،‬ادلصدر األكثر أمهية يف تنمية االحتاد السوفيييت’‪ ،‬حوؿ اجملتمع السوفيييت االشرتاكي‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1948‬ص ‪.22‬‬
‫(‪ )111‬ت‪.‬أ‪ .‬ستبانياف‪‘ ،‬شروط ومسارات التحوؿ من االشرتاكية إىل الشيوعية’‪ ،‬حوؿ اجملتمع السوفيييت االشرتاكي‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.526‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫(‪ )1‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬بؤس الفلسفة‪ ،‬لندف‪ ،‬ص ‪.146‬‬

‫(‪ )2‬ؼ‪ .‬إصللز‪ ،‬ضد دوىرنج‪ ،‬لندف‪ ،‬ص ‪.321‬‬
‫(‪ )3‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬رأس ادلاؿ‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.397-396‬‬
‫(‪ )4‬ؾ‪ .‬ماركس وؼ‪ .‬إصللز‪ ،‬ادلراسالت ادلختارة‪ ،‬لندف ‪ ،1942‬ص ‪.493‬‬
‫(‪ )5‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬األعماؿ ادلختارة‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.221‬‬
‫(‪ )6‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬رأس ادلاؿ‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬اجمللد األولػ ص ‪.652‬‬
‫(‪ )7‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬األعماؿ ادلختارة‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.566-563‬‬
‫(‪ )8‬ؼ‪.‬إ‪ .‬لينني‪ ،‬األعماؿ‪ ،‬بالروسية‪ ،‬اإلصدار الرابع‪ ،‬اجمللد ‪ ،31‬ص ‪.8-7‬‬
‫(‪ )9‬ؾ‪ .‬كالرؾ‪ ،‬شروط التقدـ االقتصادي‪ ،‬لندف ‪ ،1951‬ص ‪.268‬‬
‫(‪ )11‬ؼ‪ .‬إصللز‪ ،‬ادلسألة الفالحية يف فرنسا وأدلانيا‪ ،،‬بالروسية‪ ،‬ساف بيرتسربج ‪ ،1921‬ص ‪.39 ،37‬‬
‫(‪ )11‬إ‪.‬أ‪ .‬بريوبرازنسكي‪‘ ،‬قانوف الرتاكم البدائي االشرتاكي’‪ ،‬مقاؿ نشر يف ‪ 1924‬ومت ضمو كفصل يف كتابو االقتصاد اجلديد‪ ،‬موسكو ‪ ،1926‬اجمللد األوؿ‪ ،‬اجلزء األوؿ‪،‬‬
‫ص ‪.111‬‬
‫(‪ )12‬أنظر خطاب تروتسكي دلؤدتر احلزب الثاين عشر‪ ،‬ادلؤدتر الثاين عشر للحزب الشيوعي الروسي (البالشفة)‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1923‬ص ‪.321‬‬
‫(‪ )13‬بريوبرازنسكي‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.58-57‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫(‪ )1‬ؼ‪.‬إ‪ .‬لينني‪ ،‬األعماؿ‪ ،‬بالروسية‪ ،‬اجمللد ‪ ،27‬ص ‪.387‬‬
‫(‪ )2‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬أخالؽ النقد ونقد األخالؽ‪ ،‬باألدلانية‪ ،‬شتوجتارت ‪ ،1912‬الفصل ‪ ،2‬ص ‪.456‬‬
‫(‪ )3‬ؾ‪ .‬كالرؾ‪ ،‬شروط التقدـ االقتصادي‪ ،‬لندف ‪ ،1941‬ص ‪.98 ،91 ،83 ،79‬‬
‫(‪ )4‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬أخالؽ النقد ونقد األخالؽ‪ ،‬مصدر مذكور‪.‬‬
‫(‪ )5‬ؼ‪ .‬إصللز‪ ،‬احلروب الفالحية يف أدلانيا‪ ،‬لندف ‪ ،1927‬ص ‪.136-135‬‬
‫(‪ )6‬ؼ‪ .‬إصللز‪‘ ،‬االشرتاكية الطوبوية والعلمية’‪ ،‬يف ماركس‪-‬إصللز‪ ،‬أعماؿ سلتارة‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.183‬‬
‫الفصل الخامس‬
‫(‪ )1‬ؿ‪ .‬تروتسكي‪ ،‬الثورة ادلغدورة‪ ،‬لندف ‪ ،1937‬ص ‪.233-232‬‬
‫(‪ )2‬ج‪ .‬برهناـ‪ ،‬الثورة اإلدارية‪ ،‬لندف ‪ ،1945‬ص ‪.114-113‬‬
‫(‪ )4‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬رأس ادلاؿ‪ ،‬اجمللد الثالث‪ ،‬شيكاغو ‪ ،1919‬ص ‪.712‬‬
‫(‪ )5‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.517‬‬
‫(‪ )6‬ؼ‪.‬إ‪ .‬لينني‪ ،‬االمربيالية أعلى مراحل الرأمسالية‪ ،‬لندف ‪ ،1942‬ص ‪.21‬‬
‫(‪ )7‬ؼ‪.‬إ‪ .‬لينني‪ ،‬األعماؿ الكاملة‪ ،‬لندف‪ ،‬اجمللد ‪ ،21‬الكتاب األوؿ‪ ،‬ص ‪.215-211‬‬
‫(‪ )8‬ف‪ .‬بوخارين‪ ،‬اقتصاديات فرتة التحوؿ‪ ،‬باألدلانية‪ ،‬ىامبورج ‪ ،1922‬ص ‪.133-131‬‬
‫(‪ )9‬ؼ‪ .‬إصللز‪ ،‬ضد دىرنج‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.317-316‬‬
‫الفصل السادس‬
‫(‪ )2‬ف‪ .‬بوخارين‪ ،‬ادلادية التارخيية‪ ،‬لندف ‪ ،1926‬ص ‪.276‬‬
‫(‪ )3‬ؼ‪ .‬إصللز‪ ،‬أصل العائلة وادللكية اخلاصة والدولة‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫(‪ )4‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬رأس ادلاؿ‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.652-648‬‬
‫(‪ )5‬ج‪.‬ؼ‪ .‬بليخانوؼ‪ ،‬الفهم ادلادي للتاريخ‪ ،‬لندف ‪ ،1941‬ص ‪.32‬‬
‫(‪ )6‬ؼ‪ .‬إصللز‪ ،‬ضد دىرنج‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.319‬‬
‫(‪ )7‬ر‪ .‬لوكسمبورج‪ ،‬إصالح أـ ثورة؟‪ ،‬ليبزيج ‪ ،1918‬ص ‪.41‬‬

‫(‪ )8‬ؼ‪.‬إ‪ .‬لينني‪ ،‬الدولة والثورة‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.31-31‬‬
‫(‪ )9‬األشلية الرابعة واالحتاد السوفيييت‪ ،‬أطروحات ادلؤدتر األشلي األوؿ لألشلية الرابعة‪ ،‬جنيف‪ ،‬يوليو ‪.1936‬‬
‫(‪ )11‬ؼ‪.‬إ‪ .‬لينني‪ ،‬االمربيالية أعلى مراحل الرأمسالية‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫(‪ )11‬ج‪ .‬كوكزنسكي‪ ،‬االنتاج والتبادؿ الدوليني يف ادلئة عاـ ادلاضية‪ ،‬باألدلانية‪ ،‬ليباد ‪ ،1935‬ص ‪.21-21‬‬
‫الفصل السابع‬
‫(‪ )2‬إ‪ .‬البيدوس و ؾ‪ .‬اسرتوفتيانوؼ‪ ،‬االقتصاد السياسي وعالقتو بنظرية االقتصاد السوفيييت‪ ،‬موسكو‪-‬لينينجراد ‪ ،1928‬ص ‪.9-8‬‬
‫(‪ )3‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )4‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.132-131‬‬
‫(‪ )5‬إ‪.‬أ‪ .‬بريوبرازنسكي‪ ،‬االقتصاد اجلديد‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.37-36 ،29-28‬‬
‫(‪ )6‬أ‪ .‬ليونتيف‪ ،‬االقتصاد السياسي‪ :‬دورة للمبتدئني‪ ،‬لندف ‪ ،1943‬ص ‪ . 76‬لنفس األفكار أنظر أ‪ .‬ليونتيف و إ‪.‬ؿ‪ .‬منلنتسكايا‪ .‬أساسيات االقتصاد االنتقايل‪ ،‬بالروسية‪،‬‬
‫لينينجراد ‪ ،1927‬خاصة ص ‪.132‬‬
‫(‪ )8‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.341‬‬
‫(‪ )9‬أرشيفات ماركس وإصللز‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1933‬اجمللد الثاين‪ ،‬ص ‪.7-6‬‬
‫(‪ )11‬ادلصدر السابق‪ ،‬اجمللد اخلامس‪ ،‬ص ‪.59‬‬
‫(‪ ،Pod Znamenen Markisizma )11‬عدد ‪ .1943 ،8-7‬مرتجم بالكامل يف الدورية االقتصادية األمريكية‪ ،‬سبتمرب ‪ .1944‬أخذت االقتباسات من الرتمجة‪.‬‬
‫(‪ )12‬ستالني‪ ،‬ادلشكالت االقتصادية لالشرتاكية يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫(‪ )13‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫(‪ )14‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫(‪ )15‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫(‪ )16‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬رأس ادلاؿ‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.188‬‬
‫(‪ )17‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫(‪ )18‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.84‬‬
‫(‪ )21‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫(‪ )21‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.391-391‬‬
‫(‪ )22‬ماركس وإصللز‪ ،‬ادلراسالت ادلختارة‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.246‬‬
‫(‪ )23‬ر‪ .‬ىيلفردنج‪ ،‬رأس ادلاؿ التحويلي‪ ،‬فيينا ‪ ،1911‬ص ‪.286‬‬
‫(‪ )27‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.84‬‬
‫(‪ )28‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.126‬‬
‫(‪ )31‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.633‬‬
‫(‪ )31‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.187-186‬‬
‫(‪ )32‬التجارة اخلارجية لالحتاد السوفيييت خالؿ ‪ 21‬عاما‪ ،1937-1918 :‬الكراسة االحصائية‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1939‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ )33‬أنظر ي‪ .‬جلوكستني‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.67-62‬‬
‫(‪ )34‬ف‪ .‬بوخارين‪ ،‬االقتصاد العادلي واالمربيالية‪ ،‬بالروسية‪ ،‬اإلصدار الثالث‪ ،‬موسكو ‪ ،1921‬ص ‪.157‬‬
‫(‪ )35‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬رأس ادلاؿ‪ ،‬اجمللد الثالث‪ ،‬ص ‪.286‬‬
‫(‪ )36‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.313-312‬‬

‫(‪ )37‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.568‬‬
‫(‪ )38‬أنظر مثال ماركس‪ ،‬رأس ادلاؿ‪ ،‬اجمللد الثالث‪ ،‬ص ‪.199‬‬
‫(‪ )39‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.283‬‬
‫(‪ )41‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.313‬‬
‫(‪ )41‬ادلصدر السابق‪ ،‬اجمللد الثاين ص ‪.476‬‬
‫(‪ )42‬ادلصدر السابق‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.695-694‬‬
‫(‪ )43‬ادلصدر السابق‪ ،‬اجمللد الثاين‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫(‪ )44‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬نظريات حوؿ فائض القيمة‪ ،‬باألدلانية‪ ،‬اجمللد الثاين‪ ،‬الكتاب الثاين‪ ،‬ص ‪.293‬‬
‫(‪ )45‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬رأس ادلاؿ‪ ،‬اجمللد الثاين‪ ،‬ص ‪ 562‬مقتبس يف ب‪.‬ـ‪ .‬سويزي‪ ،‬نظرية التطور الرأمسايل‪ ،‬لندف ‪ ،1946‬ص ‪.186‬‬
‫(‪ )46‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬رأس ادلاؿ‪ ،‬اجمللد الثالث‪ ،‬ص ‪.141-141‬‬
‫(‪ )47‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص‪.576-569‬‬
‫(‪ )48‬ف‪ .‬بوخارين‪ ،‬االمربيالية وتراكم رأس ادلاؿ‪ ،‬باألدلانية‪ ،‬فيينا‪-‬برلني ‪ ،1926‬ص ‪.81‬‬
‫(‪ )49‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.81-81‬‬
‫(‪ )51‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬رأس ادلاؿ‪ ،‬اجمللد الثالث‪ ،‬ص ‪.314‬‬
‫(‪ )51‬ـ‪ .‬توجاف بارانوفسكي‪ ،‬دراسة يف نظرية وتاريخ ‪ Handels Krisen‬يف اصللرتا‪ ،‬باألدلانية‪ ،‬جينا ‪ ،1911‬ص ‪.25‬‬
‫(‪ )52‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.231‬‬
‫(‪ )53‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫(‪ )54‬ـ‪ .‬توجاف بارانوفسكي‪ ،‬األسس النظرية للماركسية‪ ،‬ص ‪ ،231‬مقتبس يف سويزي‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.168‬‬
‫(‪ )55‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪ ،231-231‬مقتبس يف سويزي‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.169‬‬
‫(‪ )57‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬مقدمة يف نقد االقتصاد السياسي‪ ،‬شيكاغو ‪ ،1918‬ص ‪.279-278‬‬
‫الفصل الثامن‬
‫(‪)1‬األشلية اجلديدة‪( ،‬رللة شهرية ماركسية)‪ ،‬نيويورؾ‪ ،‬فرباير ‪.1942‬‬
‫(‪ )2‬ؼ‪.‬إ‪ .‬لينني‪ ،‬االمربيالية أعلى مراحل الرأمسالية‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫(‪ )3‬ج‪.‬ؾ‪ .‬ألني‪ ،‬ـ‪.‬س‪ .‬جوردوف‪ ،‬إ‪.‬ؼ‪ .‬بنروز‪ ،‬إ‪.‬ب‪ .‬شومبيرت‪ ،‬تصنيع الياباف ومانتشوكو ‪ ،1941-1931‬نيويورؾ ‪ ،1941‬ص ‪.11-11‬‬
‫(‪ )4‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.27-26‬‬
‫(‪ )5‬ؼ‪ .‬سرتنسربج‪ ،‬األزمة القادمة‪ ،‬لندف ‪ ،1947‬ص ‪.37‬‬
‫(‪ )6‬إ‪ .‬فارجا وؿ‪ .‬مندلسوف (احملرراف)‪ ،‬مادة جديدة لكتاب ؼ‪.‬إ‪ .‬لينني ‘االمربيالية أعلى مراحل الرأمسالية’‪ ،‬لندف ‪ ،1939‬ص ‪.141‬‬
‫(‪ )7‬شومبيرت‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪ ،399‬أ‪.‬ج‪ .‬جراجدانريف‪‘ ،‬منشوريا‪ ،‬مسح صناعي’‪ ،‬رللة شئوف احمليط اذلادي‪ ،‬ديسمرب ‪.1945‬‬
‫(‪ )8‬ؾ‪.‬ؿ‪ .‬ميتشيل‪ ،‬تصنيع غرب احمليط اذلادي‪ ،‬نيويورؾ‪ ،1942 ،‬ص ‪ .78-57‬آالف روجرز‪‘ ،‬صناعة احلديد والصلب يف منشوريا ومصادرىا’‪ ،‬الدورية اجلغرافية‪ ،‬نيويورؾ‪،‬‬
‫يناير ‪ ،1948‬أ‪.‬ج‪ .‬جراجدانزيف‪.‬‬
‫(‪ )9‬سرتنسربج‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.74 ،73‬‬
‫(‪ )11‬ر‪.‬أ‪ .‬برادي‪ ،‬البيزنيس كنظاـ سلطة‪ ،‬نيويورؾ ‪ ،1943‬ص ‪.3‬‬
‫(‪ )11‬جلوكستني‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.67-66‬‬
‫(‪ )12‬دورية اقتصاد الشرؽ األقصى‪ 27 ،‬نوفمرب ‪.1952‬‬
‫(‪ ،1951 ،Prenodavaniye istorsii v Shkolye )13‬عدد ‪.6‬‬
‫(‪ ،1951 ،Voprosy Istorii )14‬عدد ‪.11‬‬
‫(‪( ،Literatarnaia Gazetta )15‬الدورية األسبوعية الحتاد كتاب االحتاد السوفيييت)‪ ،‬موسكو‪ 11 ،‬يوليو ‪.1952‬‬
‫(‪ )17‬برافدا‪ 26 ،‬ديسمرب ‪.1951‬‬
‫(‪ 16 ،Literatarnaia Gazetta )18‬مايو ‪.1953‬‬

‫(‪ )19‬الربوليتاري‪ ،‬كاركوؼ ‪ ،1934‬عدد ‪ ،21-15‬مقتبس يف د‪.‬إ‪.‬د‪ .‬ألني‪ ،‬األوكراين‪ ،‬كامربيدج ‪ ،1941‬ص ‪.326‬‬
‫(‪ )21‬دلعلومات أكثر أنظر جلوكستني‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.311-281‬‬
‫الفصل التاسع‬
‫(‪ )1‬سيليجا‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.97‬‬
‫(‪ )2‬سريج‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.166‬‬
‫(‪ )3‬ج‪ .‬فيشر‪ ،‬ادلعارضة السوفييتية لستالني‪ :‬دراسة حالة يف احلرب العادلية الثانية‪ ،‬كمربيدج‪ ،‬ماساتشوستس‪ ،1952 ،‬ص ‪.116‬‬
‫(‪ )4‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.138‬‬
‫(‪ )5‬إجابات ألسئلة هتم مواطنني سوفييت منفيني يف اخلارج‪ ،‬بالروسية‪ ،‬موسكو ‪ ،1949‬ص ‪ .3‬مذكور يف ج‪ .‬فيشر‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.112-111‬‬
‫(‪ )6‬فيشر‪ ،‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.216‬‬
‫(‪ )7‬أنظر جريدة ‪ UPA‬يف فولينيا‪ ،‬العدد ‪ .1943 ،1‬دفاعا عن أوكرانيا‪ ،‬مذكور يف‪ ...‬يف ‘احلركة الروسية األوكرانية السرية’‪ ،‬األشلية اجلديدة‪ ،‬إبريل ‪.1949‬‬
‫(‪ )8‬أنظر كتاب وضع حركة التحرر األوكرانية‪ ،‬نشرتو ‪ UPA‬بشكل سري يف أوكرانيا يف ‪ 1947‬وأعيد نشره من قبل ادلهاجرين يف أدلانيا يف ‪ .1948‬ادلصدر السابق‪.‬‬
‫حاشية ‪6988‬‬
‫(‪ )1‬توين كليف‪ ،‬طبيعة روسيا الستالينية‪ ،‬لندف ‪.1948‬‬
‫(‪ )2‬يف كراسة للجماعة الفابية‪.‬‬
‫(‪ )3‬إ‪ .‬جرمني (إرنست مانديل) يف األشلية الرابعة‪ )1956(14 ،‬العدد ‪.3-1‬‬
‫(‪ )4‬يف األشلية الرابعة‪ ،‬ديسمرب ‪.1956‬‬
‫(‪ )5‬توين كليف‪ ،‬الطبيعة الطبقية للدميوقراطيات الشعبية‪ ،)1951( ،‬أعيد نشره يف ال واشنطن وال موسكو‪ ،‬لندف ‪ 1982‬و إجياؿ جلوكشتاين (توين كليف)‪ ،‬الدوؿ التابعة‬
‫لستالني يف أوروبا‪ ،‬لندف ‪.1952‬‬
‫(‪ )6‬إجياؿ جلوكشتاين (توين كليف)‪ ،‬صني ماو‪ ،‬لندف ‪.1957‬‬
‫(‪ )7‬توين كليف‪ ،‬طبيعة روسيا الستالينية‪ ،‬ص ‪.135-134‬‬
‫(‪ )8‬نشر بعضها يف دورية اشرتاكية‪ ،‬لندف ‪ ،1965‬و ال واشنطن وال موسكو‪.‬‬
‫(‪ )9‬توين كليف‪ ،‬من ستالني إىل خروتشيف‪ ،‬لندف ‪.1956‬‬
‫(‪ )11‬كليف‪ ،‬روسيا‪ :‬حتليل ماركسي‪ ،‬لندف ‪ ،1964‬ص ‪.198‬‬
‫(‪ )11‬كليف‪ ،‬روسيا‪ :‬حتليل ماركسي‪ ،‬ص ‪.219‬‬
‫(‪ )19‬كليف‪ ،‬روسيا‪ :‬حتليل ماركسي‪ ،‬ص ‪.249-248‬‬
‫(‪ ) 23‬أنظر ملخص لكتابات ج‪ .‬باجتسكا‪ ،‬جولدماف وكوربا‪ ،‬باسكو‪ ،‬بنس وكيس‪ ،‬برانكو ىورفات وآخروف يف كريس ىارماف‪ ،‬الصراع الطبقي يف أوروبا الشرقية‪ ،‬لندف‬
‫‪ ،1983‬ص ‪.296-288‬‬

‫(‪ ) 24‬أنظر مثال برانكو ىورفات‪ ،‬الدورات التجارية يف يوجوسالفيا‪ ،‬عدد خاص من دورية اقتصاد أوروبا الشرقية‪ ،‬العدد العاشر‪ ،‬رقم ‪ .4-3‬وجولدماف وكوربا‪ ،‬النمو‬
‫االقتصادي يف تشيكوسلوفاكيا‪ ،‬براغ ‪ ،1969‬أنظر أيضا ملخصات ىذه الكتابات يف ىارماف‪ ،‬الصراع الطبقي يف أوربا الشرقية‪.‬‬
‫(‪ )29‬األرقاـ يذكرىا كليف يف روسيا‪ :‬حتليل ماركسي‪ ،‬ص ‪.291‬‬
‫(‪ )31‬كليف‪ ،‬روسيا‪ :‬حتليل ماركسي‪ ،‬ص ‪.295 ،289‬‬
‫(‪ )33‬مذكور يف كليف‪ ،‬روسيا‪ :‬حتليل ماركسي‪ ،‬ص ‪.318‬‬
‫(‪‘ )39‬الطبيعة الطبقية لدوؿ أوروبا الشرقية’ (‪ ،) 1949‬أعيد نشره يف ال واشنطن وال موسكو‪ ،‬الدوؿ التابعة لستالني يف أوروبا‪ ،1952 ،‬صني ماو‪ ،1957 ،‬و الثورة الدائمة‬
‫ادلنحرفة‪ ،1963 ،‬أعيد نشره يف كراسة بنفس العنواف‪ ،‬لندف ‪.1986‬‬
‫(‪ )42‬أعتمد ىنا على ذاكريت من زلاضرة ألقاىا يف كلية لندف لالقتصاد يف ‪.1965‬‬
‫(‪ )43‬األرقاـ مذكورة يف ـ‪.‬إ‪ .‬جولدماف‪ ،‬حتدي جورباتشوؼ‪ ،‬أونتاريو ‪ ،1987‬ص ‪.33-32‬‬
‫(‪ )44‬األرقاـ من ناردوين خوزياستفو‪ ،‬مذكورة يف مايك ىايس‪‘ ،‬تفسري األزمة السوفييتية’‪ ،‬يف االشرتاكية األشلية‪ ،2 :34 ،‬ص ‪.18‬‬
‫(‪ )45‬األرقاـ من اللجنة األمريكية ادلشرتكة للكوصلرس األمريكي‪ ،‬االحتاد السوفيييت‪ :‬إجراءات النمو االقتصادي‪ ،‬واشنطن ‪ ،1982‬مذكور يف جولدماف‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫(‪ )46‬األرقاـ من نارودين خوزياستفو‪ ،‬مذكور يف جولدماف ص ‪.66‬‬
‫(‪ ) 47‬نيكوالي ريزكوؼ‪ ،‬تقرير حوؿ خطة مقرتحة للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬قدـ إىل ادلؤدتر السابع والعشروف للحزب الشيوعي السوفيييت‪ ،‬مارس ‪.1986‬‬
‫(‪ )48‬ريزكوؼ‪ ،‬التقرير للمؤدتر السابع والعشروف‪.‬‬
‫(‪ )49‬ىناؾ عدة روايات ذلذه روايات ذلذه القصة‪ ،‬أنظر مثال ؾ‪ .‬مشيدت‪-‬ىاور‪ ،‬جورباتشوؼ؛ الطريق إىل السلطة‪ ،‬لندف ‪ ،1986‬ص ‪.73-72‬‬
‫(‪ )51‬خطاب جلورباتشوؼ‪ ،‬مذكور يف الفاينانشاؿ تاميز‪ 12 ،‬يونيو ‪.1986‬‬
‫(‪ )51‬األرقاـ من إ‪ .‬روزانوؼ توضح أنو يف سنوات ستالني األخرية كانت الزيادة بنسبة ‪ %1.3‬يف األجور تؤدي إىل زيادة بنسبة ‪ %1‬يف اإلنتاجية‪ .‬يف أواخر الثمانينات نفس‬
‫ىذه الزيادة يف اإلنتاجية احتاجت إىل ‪ %1.9‬زيادة يف األجور‪ .‬مذكور يف جولدماف‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫(‪ )52‬برافدا‪ 12 ،‬ديسمرب ‪ 1984‬و ‪ 22‬أغسطس ‪ ،1985‬مذكور يف جولدماف‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫(‪ )53‬مذكور يف جولدماف‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫(‪ )54‬أنظر أندي زبروفسكي يف دورية العامل االشرتاكي‪ ،‬ديسمرب ‪ ،1987‬وأنتوين بارنت‪ ،‬احلرية السوفييتية‪ ،‬لندف ‪ ،1988‬ص ‪.217-216‬‬
‫(‪ )55‬إزفستيا‪ 4 ،‬ديسمرب ‪ ،1986‬مذكور يف جولدماف‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫(‪ )56‬وكالة األنباء السوفييتية تاس‪ 27 ،‬يناير ‪ .1987‬مذكور يف زبروفسكي‪.‬‬
‫(‪ )57‬قانوف مجعيات مشروعات الدولة‪ ،‬يف إزفستيا‪ 1 ،‬يوليو ‪.1987‬‬
‫(‪ )58‬مذكور يف زبروفسكي‪.‬‬
‫(‪ )59‬بارتيتايا زيزف‪ ،‬رقم ‪ ،)1969( 5‬ص ‪ .5‬مذكور يف مريفني ماتيوس‪ ،‬الطبقة واجملتمع يف روسيا السوفييتية‪ ،‬لندف ‪ ،1972‬ص ‪.224‬‬
‫(‪ )61‬بارتيتايا زيزف‪ ،‬مذكور يف ماتيوس‪ ،‬ص ‪.224‬‬
‫(‪ )61‬التفاصيل يف برافدا‪ 15 ،‬فرباير ‪.1987‬‬
‫(‪ )62‬ىذه الرواية منقولة عن اجلاردياف‪ 12 ،‬نوفمرب ‪ ،1987‬وبارنت‪ ،‬ص ‪.177-174‬‬
‫(‪ )63‬لتحليل تفصيلي ذلذه األحداث أنظر كريس ىارماف‪ ،‬الصراع الطبقي يف أوروبا الشرقية‪.‬‬
‫(‪ )64‬ىاريف ليبنشتاين‪ ،‬عدـ الكفاءة يف مواجهة عدـ الكفاءة‪ ،‬يف الدورية االقتصادية األمريكية‪ ،‬يونيو ‪.1961‬‬

‫الممحق األول‬
‫(‪ )1‬مشكالت تطور االحتاد السوفيييت‪ ،‬مسودة ألطروحة ادلعارضة اليسارية األشلية حوؿ ادلسألة الروسية‪ ،‬نيويورؾ ‪ ،1931‬ص ‪.36‬‬
‫(‪ )2‬األشلية اجلديدة‪ ،‬إبريل ‪.1943‬‬
‫(‪ )4‬ؿ‪ .‬تروتسكي‪ ،‬الثورة ادلغدورة‪ ،‬لندف ‪ ،1937‬ص ‪.235‬‬
‫(‪ )5‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.241-238‬‬
‫(‪ )6‬ؾ‪ .‬ماركس‪ ،‬بؤس الفلسفة‪ ،‬لندف‪ ،‬ص ‪.131-129‬‬
‫(‪ )7‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.166‬‬
‫(‪ )8‬ادلصادر ادلستخدمة حوؿ اإلقطاع يف الشرؽ العريب‪ :‬أ‪.‬ف‪ .‬بولياؾ‪ ،‬اإلقطاع يف مصر‪ ،‬سوريا‪ ،‬فلسطني ولبناف‪ ،‬لندف ‪ .1939‬أ‪.‬ف‪ .‬بولياؾ‪ ،‬الثورات الشعبية يف مصر يف‬
‫عصر ادلماليك وأسباهبا االقتصادية‪ ،‬باريس ‪ . 1934‬أ‪.‬ف‪ .‬بولياؾ‪ ،‬مقاالت ظهرت بالعربية يف دورية ىاميشيك ىاشيتويف‪ ،‬تل أبيب‪ .‬أ‪ .‬كرمير‪ ،‬التاريخ الثقايف للشرؽ حتت حكم‬
‫اخللفاء‪ ،‬فيينا ‪.1877-1875‬‬
‫(‪ )9‬الثورة ادلغدورة‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫(‪ )11‬ماركس‪ ،‬مقدمة يف نقد االقتصاد السياسي‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.286-285‬‬
‫(‪ )12‬تروتسكي‪ ،‬دفاعا عن ادلاركسية‪ ،‬نيويورؾ‪ ،1942 ،‬ص ‪.71-63‬‬
‫(‪ )13‬ؿ‪ .‬تروتسكي‪ ،‬ستالني‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.418‬‬
‫(‪ )14‬ؿ‪ .‬تروتسكي‪ ،‬الثورة ادلغدورة‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.238‬‬
‫(‪ )15‬ؿ‪ .‬تروتسكي‪ ،‬األفكار احلية لكارؿ ماركس‪ ،‬لندف ‪ ،1941‬ص ‪.9‬‬
‫(‪ )16‬ؿ‪ .‬تروتسكي‪ ،‬احلرب واألشلية الرابعة‪ ،‬نيويورؾ ‪ ،1934‬ص ‪.22‬‬
‫(‪ )17‬إصللز‪ ،‬ضد دىرنج‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪.312‬‬
‫(‪ )18‬مذكور يف ؿ‪ .‬لورات‪ ،‬ادلاركسية والدميقراطية‪ ،‬لندف ‪ ،1941‬ص ‪.69‬‬
‫الممحق الثاني‬
‫(‪‘ )1‬الصني يف احلرب العادلية’‪ ،‬األشلية اجلديدة‪ ،‬يونيو ‪.1942‬‬
‫(‪ )2‬بقرطة العامل‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫(‪ )5‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.74-72‬‬
‫(‪ )6‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.283‬‬
‫(‪ )7‬ادلصدر السابق‪ ،‬ص ‪.284‬‬
‫(‪ )8‬ماكس شاختماف‪ ،‬الثورة البريوقراطية‪ ،‬نيويورؾ ‪ ،)1962‬ص ‪.32‬‬
‫(‪ )9‬إصللز‪‘ ،‬االشرتاكية الطوباوية والعلمية’‪ ،‬يف ماركس‪-‬إصللز‪ ،‬األعماؿ ادلختارة‪ ،‬اجمللد األوؿ‪ ،‬ص ‪.183‬‬
‫(‪ )11‬وصف كاوتسكي ىذا النظاـ كالتايل‪ :‬كاف السبارتيوف أقلية‪ ،‬حوايل عشر السكاف‪ ،‬وكانت دولتهم مبنية على أساس شيوعية احلرب‪ ،‬شيوعية ثكنات الطبقات احلاكمة‪.‬‬
‫وقد استوحى أفالطوف دولتو ادلثالية منها‪ .‬وقد اختلفت سبارتا ادلثالية عن سبارتا احلقيقية فقط يف أف الذين كانوا يديروف شيوعية احلرب فيها ىم الفالسفة أي ادلثقفني وليس‬
‫القادة العسكريوف‪.‬‬
‫(‪ )11‬كارؿ كاوتسكي‪ ،‬توماس مور ويوتوبياه‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫(‪ )12‬األشلية اجلديدة‪ ،‬ديسمرب ‪.1947‬‬
‫(‪ )13‬ماكس شاختماف‪ ،‬مصدر مذكور‪ ،‬ص ‪ . 319-318 ،316‬كانت النتيجة اجلانبية ذلذه ادلعاداة اذلستريية للستالينية ىي موقف متعاطف‪ ،‬بل مبجل لالشرتاكية‬
‫الدميوقراطية‪ ..‘ :‬يف كل البلداف األوروبية غرب األسالؾ الشائكة‪ ،‬دتثل األحزاب االشرتاكية ليس فقط البديل اجلاد الوحيد ألحزاب الوضع القائم ادلفلسة واليت ليس ذلا أي‬
‫مستقبل‪ ،‬بل أيضا األداة السياسية للطبقة العاملة الدميقراطية‪.‬‬

‫مركز الدراسات االشتراكية‬
‫‪ 7‬شارع مراد ـ ميدان الجيزة‬
‫موقع إليكتروني‪www.e-socialists.net :‬‬
‫بريد إليكتروني‪info@e-socialists.net :‬‬


رأسمالية الدولة في روسيا

Uploaded by

Document Information

Original Title

Copyright

Available Formats

Share this document

Share or Embed Document

Sharing Options

Did you find this document useful?

Is this content inappropriate?

Copyright:

Available Formats

رأسمالية الدولة في روسيا

Uploaded by

Copyright:

Available Formats

‫رأضًانٍت‬

‫يركس انذراضاث االشتراكٍت‬

‫‪2‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫‪3‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫‪4‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫‪5‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫انؼالقاث االجتًاػٍت‪-‬االقتصادٌت فً روضٍا‬

‫السيطرة عمى اإلنتاج‪)6( :‬‬

‫‪6‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫‪7‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫العماؿ غير مسموح ليـ بالتنظيـ دفاعا عف مصالحيـ‬

‫‪8‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫‪9‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫‪91‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫‪99‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫حرمان العامل من أية حرية قانونية‪:‬‬

‫‪92‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫‪93‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫‪94‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫كتب ىندوس‪ ،‬وىو متعاطؼ آخر مف المتعاطفيف مع ستاليف‪:‬‬

‫‪95‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫‪96‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫‪97‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫خضوع االستيالك لمتراكم ‪ -‬خضوع العمال لوسائل اإلنتاج‬

‫‪( 8993‬مستيدؼ)‬ ‫‪8991‬‬ ‫‪8927‬‬ ‫‪8923‬‬ ‫‪8938 -8937‬‬ ‫‪8982‬‬

‫‪98‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫‪8951‬‬ ‫‪8999‬‬ ‫‪8995‬‬ ‫‪8927‬‬ ‫‪8923‬‬ ‫‪-8938‬‬ ‫‪8982‬‬

‫‪99‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫أىداؼ اإلنتاج عند نياية الخطط الخمسية‬

‫الخامسة‬ ‫الرابعة‬ ‫الثالثة‬ ‫الثانية‬ ‫الخطة األولى‬ ‫بعض وسائل االستيالك‬

‫الرابعة‬ ‫الثانية‬ ‫األولى‬ ‫وسائل اإلنتاج‬

‫‪21‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫الرابعة‬ ‫الثانية‬ ‫األولى‬ ‫وسـائل االستيالك‬

‫تراكـ رأس الماؿ مف ناحية والفقر مف الناحية األخرى‪:‬‬

‫رأسماؿ الصناعة كبيرة الحجـ‬

‫‪29‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫استثمار رأس الماؿ(ألؼ مميوف روبؿ جاري)‬

‫في الصناعة‬ ‫اإلجمالي‬

‫المؤشػر‬ ‫عدد "سبلت الطعاـ" لؤلجر الشيري‬ ‫السنة‬

‫‪22‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫متوسط االستيبلؾ السنوي مف الحميب والمحوـ لمفرد مف السكاف (بالكيموجراـ) (‪)811‬‬

‫‪23‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫النسبة المئوية‬ ‫المتحقؽ‬ ‫المستيدؼ‬ ‫اإلسكاف‬

‫‪24‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫* ىذه المساحة ال تتضمف المطبخ والحماـ والمدخؿ‪ ،‬الخ‪.‬‬

‫كانت المساحة السكنية لمفرد في ‪ 8999‬في بعض الببلد األخرى كاآلتي‪:‬‬

‫‪25‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫صناعة خاضعة لمحرب‬

‫الرفاىية (االجتماعية والثقافية)‬ ‫الدفاع‬ ‫السنة‬

‫‪26‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫بعض العوامؿ المساىمة في ىذه الظاىرة اإلحصائية المحضة ىي‪:‬‬

‫بعض نفقات و ازرة الداخمية تخدـ أغراضا عسكرية‪.‬‬

‫نفقات المدارس العسكرية محسوبة ضمف ميزانية و ازرة التعميـ‪.‬‬

‫‪27‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫‪( 8928 -8923‬بآالؼ األطناف المترية والنسب المئوية)‬

‫‪8928‬‬ ‫‪8927‬‬ ‫‪8926‬‬ ‫‪8925‬‬ ‫‪8929‬‬ ‫‪8922‬‬ ‫‪8923‬‬ ‫البند‬

‫* القسـ أ خاص بالذخيرة (المترجـ)‬

‫** القسـ ب خاص ببناء مصانع الذخيرة (المترجـ)‬

‫‪28‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫‪29‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫بريطانيا‬ ‫روسيا‬ ‫الوحدة‬

‫‪31‬‬ ‫يركس انذراضاث االشتراكٍت ـ يصر‬

‫نزع ممكية الفالحين‬