بحث المقامات

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 30

‫المبحث األول‪ :‬التعريف بفن المقامة‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم المقامة ونشأتها‬

‫‪ -1‬مفهوم المقامة‬
‫لغة‬ ‫أ‪-‬‬

‫ورد مصطلح املقامة يف لسان العرب البن منظور أن" املقامة‪ :‬بالفتح ‪:‬اجمللس واجلماعة من الناس‪ ،‬قال‪ :‬وأما‬
‫امل َقام واملقام فقد يكون كل واحد منهما مبعىن اإلقامة‪ ،‬وقد يكون مبعىن موضع القيام ")‪. (1‬‬
‫واملقامة مبعىن اجمللس واجلماعة من الناس واملقام مبعىن املوضع وقد وردت كذلك يف القرآن الكرمي لقوله تعاىل ‪{:‬‬
‫واختذوا من مقام ابراهيم مصلى} (‪، )2‬فجاءت امسا ملوضع القيام‪.‬‬

‫وجاءت كلمة املقامة يف معجم الوسيط كذلك‪ ،‬فنجد املقامة‪ :‬اجلماعة من الناس و‪-‬اجمللس‪-‬واخلطبة أو العظة‬
‫أو حنومها‪-‬وقصة قصرية مسجوع تشمل على عظة أو ملحة‪ ،‬كان األدباء يظهرون فيها براعتهم (املقام)اإلقامة‬
‫وموضع القيام‪ ،‬املقامة ‪:‬املقام )‪. (3‬‬

‫ب‪ -‬اصطالحا‬

‫اختلفت التعاريف االصطالحية للمقامة فمنهم من اعتربها اهنا لون نثري تتميز خبصائصها الفنية واللغوية املميزة‬
‫هلا عن باقي النصوص االدبية (‪ ،)4‬وهذا ما يستنتج من التعريف التايل‪ ":‬اهنا نوع اديب ولون نثري له خصائصه الفنية‬
‫ودعائمه األساسية‪ ،‬يتوخى مؤلفها طرح ما يشاء من االفكار األدبية‪ ،‬او خواص تأمليه‪ ،‬او انفعاالت وجدانيه‪،‬‬
‫او مظاهرات لغويه‪ ،‬يف صوره ذات مالمح بديعه ومسات زخرفيه‪ ،‬اهنا حقا مراه لعصرها لذوق اهلها"(‪.)5‬‬

‫)‪ -(1‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪( ،‬ط‪ ،3‬لبنان‪ ،‬دار صادر‪1414 ،‬ه)‪ ،‬ج ‪ ،12‬ص ‪.494‬‬
‫)‪ -(2‬البقرة‪.125:‬‬
‫)‪ (3‬جممع اللغة العربية‪ ،‬معجم الوسيط‪( ،‬مصر‪ ،‬دار الدعوة‪2004 ،‬م) ‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.864‬‬
‫)‪ -(4‬ماجدة السايح ملبارك‪ ،‬مجالية تداخل اخلطابات يف مقامات بديع الزمان اهلمذاين‪ ،‬مذكرة خترج من متطلبات نيل شهادة‬
‫املاسرت يف اللغة واألدب العريب ‪ ،2019-2014‬ص‪14‬‬
‫)‪ -(5‬جالل الدين السيوطي‪ ،‬املقامات‪ ،‬حتقيق مسري الدرويب‪( ،‬القاهرة‪ ،‬اهليئة العامة لقصور الثقافة‪2008 ،‬م)‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪1‬‬
‫وعرفها يف ذات السياق عبد العزيز عتيق‪ ":‬املقامة هي قطعة من النثر الفين على صورة حكاية قصرية تنتهي يف‬
‫مغزاها إىل عبـرة أو عضة أو طرفة يرويها شخص واحد خيايل ال يتغري‪ ،‬هو عيسى بن هشام عند بـديع الزمـان‬
‫اهلمذاين وهو احلارث بن مهام عند احلريري‪ ،‬وبطل كل حكاية شخص آخر خيايل أيضا‪ ،‬هو أبو الفتح‬
‫االسكندري يف مقامات بديع الزمان وهو أبو زيد السروجي يف مقامات احلريـري‪ ،‬وأبرز صفات البطل يف‬
‫مقامات هذين األديبني هي‪ :‬البالغة والفصاحة وحالوة النادرة وسرعة اخلاطر وسعة احليلة والكدية‪ ،‬أي اإلحلاح‬
‫(‪)1‬‬
‫يف االستجداء وسؤال الناس"‬

‫ومنهم من يعتربها اهنا أحاديث يسردها راوي على مجاعه من الناس يف جملس وغرضه منها التسلية او التشويق‬
‫(‪ )2‬فعرفها وفقا لذلك موسى سليمان‪" :‬راويه من الرواة على مجاعه من الناس بقالب قصصي يقصد فيه اىل‬
‫التسلية والتسويق ال اىل تأليف القصة والتحليل"(‪.)3‬‬

‫وعرفها يف ذات السياق يوسف نور عوض يف كتابه"فن املقامات" أن املقامة متثلت يف حديث يلقى على مجاعة‬
‫من الناس إما بغرض النصح واإلرشاد‪ ،‬وأما بغرض الثقافة العامة أو التسول )‪. (4‬‬
‫فمن خالل هذا القول نرى أن املقامة ذات اجتاهات ثقافية وعظيه هتدف للنصح واإلرشاد بدرجة أوىل وتلقى‬
‫على مجاعة من الناس‪.‬‬

‫وهناك من اعترب املقامة قصة قصرية تتناول موضوعا واحدا يدور حول التسول والكدية وتقوم على شخصني‬
‫أساسني مها الراوي والبطل وبأسلوب منمق غين بالسجع (‪ )5‬فعرفها ركان الصفدي يف كتابه" الفن القصصي يف‬
‫النثر العريب" أهنا قصص قصرية متعددة ومتسلسلة تتناول موضوعا واحدا مثل الكدية تقوم على شخصني‬
‫أساسيني مها الراوي والبطل املكدي‪ ،‬وتقوم بأسلوب منمق على إجنازات فن البالغة والسيما السجع وفق بنية‬
‫خاصة ثابتة متيزها من باقي القصص")‪. (6‬‬

‫)‪ -)1‬د‪.‬عبد العزيز عتيق‪ ،‬األدب العريب يف األندلس‪ ،‬ص ‪.484-486‬‬


‫)‪ -(2‬ماجدة السايح ملبارك‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪14‬‬
‫)‪ -(3‬موسى سليمان‪ ،‬األدب القصصي عند العرب‪( ،‬ط ‪ ،3‬بريوت‪ ،‬دار الكتاب اللبناين‪1943 ،‬م) ‪ ،‬ص‪.334‬‬
‫)‪ -(4‬يوسف نور عوض‪ ،‬فن املقامات بني املشرق واملغرب‪( ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ ،‬دار القلم‪1989، ،‬م)‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫)‪ -(5‬شهرة رزقي‪ ،‬آمنــة شرقــي‪ ،‬األسلوب التهكمي فيفن املقامة عند احلريري (مناذج خمتارة) ‪ ،‬مذكرة خترج من متطلبات نيل‬
‫شهادة املاسرت يف اللغة واألدب العريب ‪ ،2020-2019‬ص‪.10‬‬
‫)‪ -(6‬راكان الصفدي‪ ،‬الفن القصصي يف النثر العريب حىت مطلع القرن اخلامس هجرات اهليئة منشور العامة السرية‪( ،‬ط‪،1‬‬
‫دمشق‪2011 ،‬م)‪ ،‬ص‪.120‬‬
‫‪2‬‬
‫ومنهم من اعترب ان املقامة ليست قصة فقط بل هي حديث بليغ هلا عالقة باحليلة فهي عباره عن مجل‬
‫قصرية صاغها مهداين للتعبري عن احلياة اليومية جملتمعه‪.‬‬

‫فعرفها شوقي ضيف بقوله‪" :‬ليست املقامة اذا قصه وامنا هي حديث اديب بليغ ‪ ،‬وهي ادىن اىل احليلة منها اىل‬
‫القصة ‪ ،‬فليس فيها من القصة اال ظاهره فقط‪ ،‬ام هي يف حقيقتها فحيلة يطرفنا هبا بديع الزمان وغريه لنطلع من‬
‫جهة على حادثة معينة‪ ،‬ومن جهة ثانية على أساليب أنيقة ممتازة بل إن احلادثة اليت حتدث للبطل ال أمهية هلا‬
‫‪،‬اذ ليست هي الغاية‪ ،‬امنا الغاية التعليم واألسلوب الذي تعرض به احلادثة ‪ ،‬ومن هنا جاءت غلبه اللفظ على‬
‫(‪)1‬‬
‫املعىن يف املقامة ‪ ،‬فاملعىن ليس شيئا مذكورا فاصال امنا هو خيط ضعيف تنشر عليه الغاية التعليمية"‬

‫‪ -2‬نشأتها‬

‫عرفت الفرتة العباسية حتوال يف الكثري من امليادين‪ ،‬وخصوصا االنفتاح على الثقافات األخرى كالثقافة اليونانية‪،‬‬
‫والفارسية‪ ،‬واهلندية وهذا تزامنا مع توسع رقعة الدولة العباسية‪ ،‬ما أثر على تركيبة اجملتمع العريب آنذاك‪ ،‬فتولدت‬
‫منه فنون جديدة‪ ،‬حيث مت هذا التحول عن طريق النقل والرتمجات‪ ،‬فوجد احلاضنة له من قبل اخللفاء العباسيني‬
‫(‪)2‬‬
‫وكان هذا متهيدا‬ ‫ووزرائهم ذوي األصول اهلجينة‪ ،‬فكل ذلك أثر يف فنون األدب العريب شعرا كان أو نثرا‬
‫لتعدد مشارب النثر خاصة‪ ،‬حيث ظهر النثر العلمي‪ ،‬والنثر الفلسفي‪ ،‬والنثر التارخيي‪ ...‬ومل يقف عند هذا احلد‬
‫بل أخذت العبقرية العربية تضع يدها يف كل العلوم الشرعية واللغوية على حد سواء‪ ،‬فعىن أصحاهبا باأللفاظ‪،‬‬
‫ومصطلحات اللغة العربية (‪.)3‬‬

‫وقد نشط يف هذا الوقت طبقة اللغويني والنحويني لضبط األلفاظ اللغوية حىت ال تفقد اللغة العربية هويتها‪،‬‬
‫واستحدثوا أساليب جديدة حتفظ مكانة اللغة وأدائها البليغ من خالل انتقاء الفصيح منها ومتييزه عن الوحشي‬
‫واملعرب‪ ،‬وكذلك نشط يف ذات الوقت الوعظ والقصص الديين‪ ،‬فكان الوعاظ من واد ينسلون من أجل وعظ‬
‫الناس وإرشادهم إىل ما فيه صالح لدينهم ودنياهم ‪ ،‬وعلى ما يبدو ‪،‬فقد ساهم القصاص إىل جانب علماء‬
‫اللغة واحلديث بشكل أو بآخر يف التمهيد لربوز فن املقامات)‪(4‬وأول من قام بصياغة هذا النوع األديب ووضع‬

‫)‪ -(1‬شوقي صيف‪ ،‬املقامة‪( ،‬ط‪ ،3‬القاهرة‪ ،‬دار املعارف‪1954،‬م)‪ ،‬ص‪.9‬‬


‫)‪ -(2‬ضامن حمفوظ‪ ،‬شعرية املقامة العربية‪ :‬مقاربة نقدية حتليلية للمقامة الصنعانية للحريري‪ ،‬مذكرة خترج لنيل شهادة املاسرت يف‬
‫األدب العريب القدمي ‪ ،2014-2018‬ص‪.5‬‬
‫)‪ -(3‬شوقي ضيف‪ ،‬تاريخ األدب العريب‪( ،‬ط‪ ،4‬مصر‪ ،‬دار املعارف‪1966،‬م)‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.442‬‬
‫)‪ -(4‬ضامن حمفوظ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.6-5‬‬
‫‪3‬‬
‫حجر األساس هو بديع الزمان اهلمذاين ‪،‬حيث يقول حنا الفاخوري يف كتابه "تاريخ األدب العريب‬
‫القدمي"«املقامة مثرة تيارين يف األدب العريب‪:‬تيار أدب احلرمان والتسول الذي انتشر يف القرن الرابع للهجرة‪ ،‬وتيار‬
‫أدب الصنعة الذي بلغ به املرتسلون مبلغا بعيدا عن التأنق والتعقيد‪ ،‬أما احلرمان فقـد كان نصيب الكثرة الكثرية‬
‫من الناس يف القرن الرابع‪ ،‬تلك الكثرة اليت كانت تعيش عيشة فقر وبؤس وإمالق حتت ظل احملن واخلطوب‪.‬وبني‬
‫براثن اجلوع واملرض واملوت (‪.)1‬‬

‫ومعىن هذا أن فن املقامة برز يف القرن الرابع اهلجري يف العصر العباسي وميثل تيارين تيار أدب احلرمان والتسول‬
‫وتيار أدب الصنعة‪ ،‬الذي يتميز بنوع من التأنق والتعقيد‪ ،‬ففي القرن الرابع انتشر الفقر والتسول لذلك ظهرت‬
‫املقامة لتعرب عن هذه املرحلة‪ ،‬لكن يف شكل أقصوصة ظريفة اليت تلقى يف مجاعات فالرائد احلقيقي للمقامة هو‬
‫بديع الزمان اهلمذاين وعلى منواله سار "احلريري وطور من املقامة فأصبحت أكثر تصنيفا وتأنقا (‪.)2‬‬

‫غري إن هناك تباين يف اآلراء بني النقاد والباحثني يف اعتبار اهلمذاين مبدع هلذا الفن األصيل حبيث يعتقد جرجي‬
‫زيدان إن بديع الزمان اقتبس أسلوب مقاماته من رسائل إمام اللغويني أيب احلسني امحد بن فارس (‪ )390‬هـ (‪.)3‬‬

‫بينما يعترب الدكتور زكي مبارك مقامات اهلمذاين مش ـتقة من أحاديث بن دريد ( ‪ ) 321‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ويرى بني مقامات‬
‫اهلمذاين وأحاديث بن دريد مشاهبات قوية من حيث احلبكة القصصية واستخدام السجع به‪.‬‬

‫وليس هناك أثر عن العرب مقامات س ــابقة على مقامات اهلمذاين فهو من اجل ذلك يعترب مبدع هذا الفن ولكن‬
‫هناك من األدباء كابن عبدربه وابن قتيبة واحلص ــري يفض ــلون ان يقولوا إن بديع الزمان اش ــتق فن املقامات من فن‬
‫قصصي سابق‪.‬‬

‫ويرى الـدكتور زكي مبـارك‪ :‬أن يثبـت أن مقـامـات بـديع الزمـان مشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتقـة من أحـاديث ابن دريد وأن ابن دريد هذا‬
‫كان راويا وعاملا ولغويا وقد عنا برواية أحاديث من األغراب وأهل احلضر (‪.)4‬‬

‫وال ريب يف أن بني أحاديث ابن دريد وبني املقامات شـ ـ ــبها قويا من حيث القصـ ـ ــص واسـ ـ ــتخدام السـ ـ ــجع ولكن‬
‫هناك أيض ــا فروقا كبرية يف الص ــناعة ويف العقدة ويف وجود بطل املقامات وهو املكدي ويف بناء املقامة على الكدية‬

‫)‪ -(1‬حنا الفاخوري‪ ،‬اجلامع يف تاريخ األدب القدمي‪( ،‬ط‪ ،1‬لبنان‪ ،‬دار اجليل‪1946 ،‬م)‪ ،‬ص‪.616‬‬
‫)‪ -(2‬املرجع السابق‪.‬‬
‫)‪ -(3‬مبارك زكي‪ ،‬النثر الفين يف القرن الرابع‪ ،‬ص ‪198‬‬
‫)‪ -(4‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫وعلى اهلزأ من عقول اجلمـاعات مع إظهار املقدرة يف فنون العلم واألدب آلة ما هنالك من خصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائص يتميز هبا‬
‫فن املقامات‪.‬‬

‫فهذا ال يعين أن بديع الزمان مل يطلع على أحاديث ابن دريد أو على ما روي من قص ـ ــص وأحاديث ولكن الفرق‬
‫بني ما روي عن العرب من أحاديث وبني املقامات من حيث الغاية واألسلوب كبري جدا‪.‬‬

‫وعلى كل فإن بديع الزمان مل يكن مبدع فن املقامات فإن مقاماته أقدم ما وصـ ـ ـ ــل إلينا من هذا الفن األديب الرائع‬
‫مث تبعه عدد كبري من الكتاب القدامى واحملدثني فكتبوا يف هذا الفن من أبرزهم الزخمشــري وجالل الدين الســيوطي‬
‫عن املشارقة والسرقسطي من االندلسي اما احملدثني فأمههم اليازجي واملويلحي‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص‪ ،‬أغراض وأهداف المقامة‬

‫‪ -1‬خصائص المقامات‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ‬االسراف يف احملسنات البديعية والتزام بالسجع‬

‫نص املقامة حيتوي على بالغة أدبية واضحة‪ ،‬وذلك من خالل االعتماد على استخدام األساليب اللغوية‬
‫حيتوي ّ‬
‫العربية املميزة‪ ،‬وهي الطباق‪ ،‬واجلناس‪ ،‬والتقيّد بالسجع مما زاد من مجاهلا األديب‪.‬‬

‫‪ ‬حتتوي على بطل تدور أحداثها حوله (‪.)2‬‬

‫ميتاز فن املقامات عموما على أسلوب السرد احلكائي حيث تعتمد املقامات على را ٍو‪ ،‬وبطل حموري(‪)3‬استمدت‬
‫مالمح الشخصية فهو رجل من نوادر من صور األعراب الذين سجل األصمعي نوادرهم‪ ،‬فهو رجل من أهل‬
‫الظرف و املعرفة و األدب يرتزق باحتياله على الناس الذين يسحرهم بفصاحة اللسان‪ ،‬وحسن البيان‪ ،‬وانشاء‬
‫الشعر‪ ،‬واسم هذا البطل يف مقامات البديع أبو الفتح اإلسكندري و له راوية خيايل حيكي األخبار وامسه" عيسى‬
‫بن هشام" و البطل يف مقامات احلريري هو أبوزيد السروجي وروايته احلارث بن مهام(‪،)4‬وشخصيات ثانوية‪،‬‬
‫(‪)5‬‬
‫وأغلبها شخصيات ومهية وأحيانا تبلغ حدّ القصة‬

‫‪ ‬تتميز باأللفاظ العربية الصعبة‬

‫تتميز املقامة بألفاظها الغريبة يف العادة‪ ،‬ولذلك فإننا جند أن معظم أفكارها‪ ،‬واليت تبىن عليها‪ ،‬وتكون مرتبطة‬
‫بألفاظ غريبة بل غري مألوفة عند كثري من األشخاص الذين يسمعوهنا أو يقرؤوهنا‪.‬‬

‫‪ ‬وسيلة ميسورة األلفاظ لتعليم منشأ مفردات اللغة واشتقاقاهتا‪.‬‬

‫)‪ -(1‬شهرة رزقي‪ ،‬آمنــة شرقــي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.12‬‬


‫)‪ -(2‬املرجع السابق‪.‬‬
‫)‪ -(3‬ضامن حمفوظ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫)‪ -(4‬بن حراث خالدة‪ ،‬مجاليات البديع يف مقامات اهلمذاين –املقامة البغدادية منوذجا‪ ،-‬مذكرة خترج من متطلبات نيل شهادة‬
‫املاسرت يف اللغة واألدب العريب‪ ،2018-2016 ،‬ص ‪.12‬‬
‫)‪ -(5‬ضامن حمفوظ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ ‬تعد املقامة فنا من فنون النثر الرتاثي والغرض من كتابتها إظهار الرباعة وحفظ منت اللغة ودفع عجلة‬
‫األدب إىل األمام‪ ،‬وهلا دور يف غرس حب اللغة يف قلوب العاشقني من طالب العلم وان هي إال مناهل‬
‫املعرفة ومشاعل احلكمة‪ ،‬تأخذ بأيدي األجيال من صحاري اجلهالة واحات املعرفة (‪.)1‬‬
‫‪ ‬حتتوي على عدد كبري من احلكم والفوائد واليت يكون هدفها األساسي هو املسامهة يف تسليط الضوء‬
‫على قضية معينة‪.‬‬

‫هذه اخلصائص العامة اليت تتميز هبا املقامة من حيث الصور التعبريية وأشكال الصنعة الكتابية أما املزايا اخلاصة‬
‫فهي‪:‬‬

‫الجانب القصصي‬

‫عادة ما يصب احلريري مقاماته يف قالب قصصي له وقع مجيل على النفس وتأثري لطيف يف الوجدان وان كان‬
‫هذا األسلوب يأيت على اهلامش (‪.)2‬‬

‫الحوار‬

‫واحلوار لصيق بالقص‪ ،‬فال بد للشخصيات من التفاعل والتعبري عن نفسها وهلذا فقد كثر احلوار يف املقامات‬
‫وعلى الرغم من أن لغة الشخصيات ال ختتلف باختالف مستوياهتا الطبقية أو الفكرية‪.‬‬

‫االزدواجية بين الشعر والنثر‬

‫وكان اهلمذاين اليري فرقا بني الشعر والنثر يف التعبري وقد صدق من قال إن احلواجز هتدمت بني الشعر والنثر‬
‫لدى اهلمذاين‪ ،‬فال تكاد ختلو مقامة من شعر بديع الزمان نفسه يلخص فيه اهلدف أو احلكمة أو خيتم به املقامة‬
‫وشعر اهلمذاين يف املقامات فيه سجع وألوان الصنع ة‪ ،‬وكذلك التصنع (‪.)3‬‬

‫)‪ -(1‬حليتم سارة‪ ،‬عبد اللطيف أوريدة‪ ،‬دراسة فنية يف مقامات "البشري بوكثري"‪ ،‬مذكرة خترج من متطلبات نيل شهادة املاسرت يف‬
‫اللغة واألدب العريب‪ ،2020-2019 ،‬ص‪.35‬‬
‫)‪ -(2‬صدام حسني حممود عمر‪ ،‬مقامات بديع الزمان اهلمذاين بني الصنعة والتصنع‪ ،‬رسالة جامعية لنيل شهادة‬
‫ماجستري‪ ،2006،‬ص‪.61-54‬‬
‫)‪ -(3‬بديع الزمان اهلمذاين‪ ،‬ديوان بديع الزمان اهلمذاين‪ ،‬حتقيق ‪ :‬يسرى عبد الغين عبداهلل‪( ،‬ط‪ ،3‬لبنان‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫‪2003‬م) ‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ -2‬أغراض المقامات‬

‫الكدية‬ ‫أ‪-‬‬

‫وهي صفة رئيسية مالزمة للبطل يف املقامات‪ ،‬ويف كثري من األحيان يطلع البطل يف املقامات كما يفعل أبو الفتح‬
‫اإلسكندري أبو زيد السروجي يف شكل أديب شحاذ خيلب بيانه العذب وحيتال هبذا البيان على استخراج‬
‫الدراهم من جيوهبم‪ ،‬والكدية ختتلف باختالف بطل املقامة وهي عند "اهلمذاين" تشكل قيمة املأساة بالنسبة‬
‫لبطله‪ ،‬وكان احلريري يقلد بطل اهلمذاين فكانت الكدية عنده هي املرآة اليت يعكس هبا ظرف بطله وحنكته ومع‬
‫ذلك تشاهبت أساليب السروجي بأساليب االسكندر عند حتقيق املأرب‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫ونرى يف هذا املوضوع إما بادعاء عن تغري احلال وضيق العيش ومع كثرة العيال ويسلك مجيع املسالك املشروعة‬
‫وغري املشروعة الرتز اق ونيل النوال‪ ،‬فالكدية ركن أساسي ال ينسى من أغراض املقامة عند العرب‪.‬‬

‫ب‪ -‬التعليم‬

‫جزء ال يتجزأ من أهم أغراض املقامة ولذلك يتميز من له ولع باملقامات ودر استها من غريه من حيث اللغة‬
‫واألدب واحلكم واملعامالت بني الناس‪ ،‬فاملقامات مملوءة بأنواع التعليم والطرق إليه وكيفية كسبه وما إىل ذلك‪،‬‬
‫وليس هذا فقط بل يستفيد قاريء املقامات من الفوائد االجتماعية التعليمية (‪)...‬ويف أحيان كثرية نرى‬
‫االسكندري يف املقامات التعليمية يستعمل أساليب شىت كاألسئلة و غريها لتحقيق أهدافه التعليمية ويعتمد على‬
‫األسلوب العلمي كي ينجح يف عمله ويصل غايته املنشودة (‪.)1‬‬

‫الوعظ‬ ‫ج‪-‬‬
‫إن الوعظ من أخص خصائص املقامات‪ ،‬وهو من األفكار اليت اهتم هبا كتاب املقامة‪ ،‬والسيما احلريري الذي‬
‫ذكر من خالل مقامته األوىل –الصنعانية‪ -‬عنصر الوعظ (‪)2‬يكون على أمناط خمتلفة‪ ،‬والواعظ يظهر فيه الكاتب‬

‫)‪ -(1‬حليتم سارة‪ ،‬عبد اللطيف أوريدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.34‬‬


‫)‪ -(2‬ضامن حمفوظ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪8‬‬
‫حكمته الدنيوية بأنّ هذه الدار فناء غري أن العمل الصاحل هو الذي يتوجه به املخلوق إىل اخلالق ويرجو به‬
‫ثواب اآلخرة غري أننا من خالل هذا الوعظ يتعرف على أمناط خمتلفة فهناك الواعظ الذي ال يروم من وعظه‬
‫سوى نيل العطاء الدنياوي‪ ،‬وهناك الفاسق الذي جييب حقبته يف ثياب الواعظ وهناك الوعظ الذي ال يريد بالفعل‬
‫سوى ثواب اآلخر ة‪ ،‬غري أننا من خالل هذا الوعظ يعرف على أمناط خمتلفة فهناك الواعظ الذي ال يروم من‬
‫وعظه سوى نيل العطاء الدنياوي ‪،‬وهناك الفاسق الذي جييب حقبته يف ثياب الوعظ وهناك الوعظ الذي ال يريد‬
‫بالفعل سوى ثواب اآلخر ة ‪،‬ومواعظ ويف مقامات احلريري أهدافها لالرتزاق والكدية ونيل النوال الن أبا زيد‬
‫السروجي وابنه خيتفيان حتت الوعظ لكي ال حيصال على غايتهما(‪.)1‬‬

‫ولوال انتشار الوعظ والتفات الناس إليه ملا اختذه أهل هذا اجملتمع الذي عاشه احلريري وسيلة للكدية واخلداع‪،‬‬
‫وما بطل مقامات احلريري إال صورة من هذا اجملتمع الذي يصر على إظهاره يف صورة واعظ زاهد يف الدنيا‪،‬‬
‫ونلتمس الوعظ الديين يف املقامة الصنعانية بوضوح‪ ،‬حيث جعل احلريري أب زيد السروجي واعظا حيض على‬
‫اهلدى‪ ،‬وحيث على العمل الصاحل‪ ،‬ويزري على الدنيا ومن يغرمون هبا‪ ،‬ويذكر ثواب اآلخرة‪ ،‬وما ينتظر الناس‬
‫(‪.)2‬‬

‫ما ميكن قوله عن هذا الغرض هو غرض أساسي تبىن عليه املقامة العربية يعتمد عليه األدباء سواء كان املتقدمني‬
‫(‪)3‬‬
‫أو املتأخرين من دونه ال تكتمل املقامة‬

‫الفكاهة‬ ‫د‪-‬‬

‫من أغراض املقامة الفكاهة والظرف ومقامة الفكاهة حتتوي على األضاحيك اليت تنشأ غالبا على اخلرافات‬
‫والتأويالت‪ ،‬مما متتلئ القلوب هبا فرحا وتتلذذ هبا (‪)...‬ولبديع الزمان قدرة خارقة على بعث الفكاهة وانتزاع‬
‫الضحك من أعماق القلب‪ ،‬أما مقاماته فهي أكثر فكاهة وأوفر مرحا واضحاكا‪ ،‬ومن أـشهر مقاماته املضحكة‬
‫املقامة احللوانية والبغدادية واملضرية‪.‬‬

‫)‪ -(1‬حليتم سارة‪ ،‬عبد اللطيف أوريدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪39-34‬‬


‫)‪ -(2‬ضامن حمفوظ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫)‪ -(3‬حليتم سارة‪ ،‬عبد اللطيف أوريدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪9‬‬
‫وجممل القول أن بديع الزمان يكاد يكون يف كثري من مقاماته أبرع من كتب الفكاهة يف العربية (‪.)1‬‬

‫و ‪ -‬األلغاز‬

‫هو أسلوب أديب يسلك فيه أديب مفلق إظهار لرباعته يف تعبري ه التحرير‪ ،‬وتوقد ذكائه ورسوخ قدمه يف تعبري‬
‫اللغة‪ ،‬وكمال بلوغه ونضوجه وعبقرتيه وقرحيته النرية‪ ،‬كما استخدم "اهلمذاين" األلغاز يف مقاماته‪ ،‬واستخدمها‬
‫احلريري أيضا ويستخدم األلغاز بغرض التعليم (‪.)2‬‬

‫‪ -2‬أهداف المقامات‬

‫إن أهداف فن املقامة كانت خمتلفة ومتباينة باختالف الكتاب واألدباء الذين كتبوا فيها فكان لكل أديب أهدافه‬
‫اخلاصة به‪ ،‬واليت ختتلف عن أهداف غريه‪ ،‬حيث يقول عبد املالك مرتاض‪" :‬ان إن لكل كاتب من كتاب فن‬
‫املقامة هدف خاص به لذلك كانت أهداف املقامات متعددة تعدد الكتاب واألدباء الذين خاضوا يف هذا الفن‬
‫وكتبوا يف هذا اجملال (‪.)3‬‬

‫ومن هذه االهداف‪:‬‬

‫هدف تعليمي‬ ‫أ‪-‬‬

‫وجدت أول ما وجدت املقامة هلدف تعليمي‪ ،‬وعندما وضعها اهلمذاين كان معلما يف نيسابور يلقي دروس اللغة‬
‫والبيان على الطالب ويدرهبم على األسلوب اجلميل يف الكتابة‪ ،‬واهلمذاين من أشد الناس حدة وذكاء ومن‬
‫أصدقهم تفهما لطبائع الناس لتطور العقل البشري‪ ،‬وقد قادته رسالته التعليمية إىل تقدمي املعارف بأسلوب يعلق‬

‫)‪ -(1‬املرجع نفسه‪.‬‬


‫)‪ -(2‬املرجع نفسه‪.‬‬

‫)‪ -(3‬شهرة رزقي‪ ،‬آمنــة شرقــي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13‬‬


‫‪11‬‬
‫يف األذهان‪ ،‬فكان األسلوب أسلوب العلم يف إطار القصة وجو الفكاهة‪ ،‬وكانت الطريقة طريقة النثر يف موسيقى‬
‫الشعر وتضمني األبيات الشعرية (‪.)1‬‬

‫وقد امتد نطاق التعليم وامتد نظر املؤلف إىل الناس أمجعني‪ ،‬فراح يعاجل هذا الفن معاجلة األديب وراح من بعده‬
‫املؤلفون والعلماء جيولون جوالهتم الواسعة وقد خططت الطريق‪ ،‬ويذهبون باملقامة كل مذهب وهكذا كانت‬
‫املقامة يف النثر أشبه بشيء من تلك املنظومات الشعرية اليت نظمت قدميا وحديثا يف موضوعات العلوم اللسانية‬
‫واملنطقية وغريها‪ ،‬تسهيال للحفظ وتيسريا للمعرفة وهكذا كانت شيئا فشيئا ميدانا للتدليل باملقدر ومضمارا‬
‫واسعا إلظهار الرباعة واملباهاة باحملصول العلمي عامة واللفظي خاصة (‪.)2‬‬

‫ب‪ -‬موسوعة علمية‬

‫جمموعة املقامات يف األدب العريب موسوعة علمية كبري ة‪ ،‬وقد احنصر التعليم فيها بدء ذي بدء‪ ،‬يف علوم اللغة‬
‫والبيان مث تناول شىت املعارف الشائعة‪ ،‬وال سيما الشكلية منها فكان هناك القاموس اللغوي يف شىت فروعه‬
‫وامتداده‪ ،‬منطويا على األلفاظ الغريبة و التعبريات القدمية واأللغاز النحوية واألحاجي اللغوية واألمثال واحلكم‪،‬‬
‫وما إىل ذلك مما يدعو إىل اإلعجاب واإلقرار باملقدر ة و الثناء على قوة احلافظة (‪.)3‬‬

‫وهناك القاموس التارخيي وفيه أيام العرب وعاداهتم وأحواله م االجتماعية وفيه إملامه بأحوال الشع ب اليت تقلبت‬
‫يف أجواءها املقامة‪ ،‬وهذه املعلومات التارخيية إشارات وتلميحات ترد يف سياق األحاديث‪ ،‬يف غري سرد وال‬
‫تفصيل‪ ،‬وهي من مث أقرب إىل املعجمية اللفظية منها إىل أي شيء آخر‪ ،‬وكثري ا ما يدخلها املؤلف يف تركيب‬
‫األحاجي واأللغاز وهكذا فهي أمساء أكثر مما هي أحداث وهي تدليل أكثر مما هي تعليل (‪.)4‬‬

‫وهناك القاموس النحوي والبياين والعروضي تناول فيه املؤلف كليات العلوم اللسانية‪ ،‬فعاجل ما استغل منها‪،‬‬
‫وخلص ما كان مفصال ومجع ما كان مشتتا‪ ،‬وكان عمله عمل املقدر العلمية أكثر مما كان عمل التبسيط‬

‫)‪ -(1‬حنا الفاخوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.614‬‬


‫)‪ -(2‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫)‪ -(3‬حنا الفاخوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.619-614‬‬
‫)‪ -(4‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫والتحليل‪ ،‬وهكذا كان هذا القاموس خالصة اخلالصة كما كان ألغاز ا حتل حبلها املعضالت وتشرق من غياهب‬
‫(‪)1‬‬
‫معمياهتا‪ ،‬احلقائق الثابتة واآلراء الناصعة‬

‫وهناك للقاموس األديب تزدحم فيه األمساء واألبيات وجتري فيه املناظر ات واملساجالت‪ ،‬وتبسط فيه املواعظ‬
‫والوصايا وتعارض فيه األقوال باألقوال وتنثر على جوانبه األحكام النقدية يف مقدر ة وسلطان‪ .‬وكأين باملؤلف‬
‫العامل يطمئن إىل األدب كل االطمئنان ـ ـ وهو األديب يف قر ار ذاته ـ ـ فما إن تتاح الساحنة حىت تقشعر فيه‬
‫جارحة األدب‪ ،‬فينطلق يف عامله انطالق فن ومجال (‪.)2‬‬

‫ج‪ -‬إطار قصصي‬

‫هدف املقامة تعليمي وقد جرت يف سبيل ذلك اهلدف على أسلوب القصص إطار ترغيبيا‪ ،‬وعلى خطة احلوار‬
‫يعتمد يف بعض األحوال إطار ا متثيليا‪ ،‬و من مث فقد أخطأ من عمل على حشر املقامات يف باب القصص‪،‬‬
‫وضل من عدّ املقامة حكاية أو أقصوصة ‪ ،‬وأوغل يف الضاللة من وجد يف املقامات أصال من أصول التمثيلية‬
‫احلديثة فما كان اإلطار ليعد أصال‪ ،‬وما كانت الوسيلة لتحسب هدفا ‪ ،‬وما كان العرض ليقوم مقام اجلوهر (‪.)3‬‬

‫د‪ -‬إظهار البراعة األدبية‬

‫والقدر ة الفنية العالية على املتقنني يف القول وتبديعه وهذا اهلدف كان عاما لدي غالبية كتاب فن املقامة (‪.)4‬‬
‫فهناك أمور كثري ة تناوهلا واضعو املقامات‪ ،‬وجالوا معها يف كل ميدان‪ ،‬وال هدف هلم إال إظهار املقدرة ومدّ‬
‫السلطان‪ ،‬يف طريق الرباعة التعليمية‪ ،‬ومظهر العلماء الذين هلم يف كل باب موقف‪ ،‬وعلى كل ق ّمة انتصاب‬
‫وهيمنة (‪.)5‬‬

‫)‪ -1‬حنا الفاخوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.619‬‬


‫)‪ -(2‬حنا الفاخوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.620‬‬

‫)‪ -(3‬املرجع نفسه‪.‬‬

‫)‪ - (4‬شهرة رزقي‪ ،‬آمنــة شرقــي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13‬‬


‫)‪ -(5‬حنا الفاخوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.620‬‬
‫‪12‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أشهر رواد المقامات‬

‫المطلب األول‪ :‬بديع الزمان الهمذاني‬

‫‪ -1‬ترجمته‬

‫هو أمحد بن احلسني بن حيىي اهلمذاين‪ ،‬أبو الفضل ‪:‬أحد أئمة الكتاب‪ .‬صاحب املقامات‪ ،‬أخذ احلريري أسلوب‬
‫مقاماته عنها‪ .‬وكان شاعرا وطبقته يف الشعر دون طبقته يف النثر‪ .‬ولد يف مهذان وانتقل إىل هراة سنة ‪340‬هـ‬
‫فسكنها‪ ،‬مث ورد نيسابور سنة ‪342‬هـ ومل تكن قد ذاعت شهرته‪ ،‬فلقي أبا بكر اخلوارزمي‪ ،‬فشجر بينهما ما‬
‫دعامها إىل املساجلة‪ ،‬فطار ذكر اهلمذاين يف اآلفاق‪ .‬وملا مات اخلوارزمي خال له اجلو فلم يدع بلدة من بلدان‬
‫خراسان وسجستان وغزنه إال دخلها وال ملكا وال أمريا إال فاز جبوائزه‪ .‬كان قوي احلافظة يضرب املثل حبفظه‪.‬‬
‫ويذكر أن أكثر مقاماته ارجتال‪ ،‬وأنه كان رمبا يكتب الكتاب مبتدئا بآخر سطوره مث هلم جرا إىل السطر األول‬
‫فيخرجه وال عيب فيه! وله ديوان شعر صغري‪ .‬ورسائل عدهتا ‪ 233‬رسالة‪ ،‬ووفاته يف هراة مسموما (‪.)1‬‬

‫‪ -2‬المقامات عند بديع الزمان الهمذاني‬

‫ألَّف بديع الزمان مقاماته بعد وصوله إىل نيسابور سنة ‪ ،342‬واملتفق عليه عند كتَّاب الرتاجم أهنا كانت‬
‫أربعمائة‪ ،‬واملرجح أهنا كانت مخسني‪ ،‬بدليلني‪:‬‬

‫دائما يف الكمية‪.‬‬
‫األول‪ :‬أنه عارض هبا أربعني حديثًا أنشأها ابن دريد‪ ،‬واملعارضات كانت تتقارب ً‬
‫الثاين‪ :‬أن مقاماته مل حيفظ منها غري مخسني‪ ،‬فليس مبعقول أن يضيع من آثاره مخسون وثالمثائة مقامة‪ ،‬مع أن‬
‫آثاره مل يضع منها إال القليل‪.‬‬

‫)‪-(1‬خري الدين الزركلي‪ ،‬األعالم‪( ،‬ط‪ ،15‬دار العلم للماليني‪202،‬م)‪،‬ج‪ ،1‬ص‪.116-115‬‬


‫‪13‬‬
‫يضاف إىل ذلك أن احلريري حني عارض بديع الزمان مل ينشئ يف معارضته غري مخسني مقامة‪ ،‬مث صار عدد‬
‫اخلمسني هو الرقم املتبع فيما كتب يف هذا النوع من األقاصيص (‪)1‬راوية املقامات هو عيسى بن هشام الذي‬
‫يستهل املقامات بعبارة »حدثنا عيسى بن هشام« وهو رجل أسفار وترحال وجتار واحتيال‪ ،‬يتحدث عن‬
‫اغرتابه ومصادفته لـأيب الفتح اإلسكندراين بطل هذه املقامات‪ ،‬وهو رجل علم وثقافة‪ ،‬يقول الشعر‪ ،‬ويسلك‬
‫أوعر املسالك يف اللغة واألدب والنقد‪ ،‬حيتال على دهره القاسي بشىت الطرق‪ ،‬فتارة يكون خطيبا‪ ،‬وتارة‬
‫مشعوذا‪ ،‬وقد محله زمنه القاسي على هذا السلوك‪ ،‬تصعلك وتسول وامتهن الكدية وجتول يف خمتلف البلدان‬
‫وتقلب مع تقلبات الزمان (‪.)2‬‬

‫تتميز مقامات بديع بأهنا قصـ ــرية على األغلب وفيها من الفصـ ــاحة والسـ ــهولة والوضـ ــوح إىل جانب الدعابة واملرح‬
‫والتهكم وبديع الزمان حســن االبتكار قل أن جتد له مقامتني يف معىن واحد وهو جييد يف مقاماته الســرد والوصــف‬
‫احلس ــي والتحليل وحيس ــن دراس ــة الطبائع وتص ــوير املعائب وعرض مس ــاود اجملتمع غري انه ال يقص ــد إىل إص ــالح‬
‫هذه املس ـ ــاود ينص ـ ــح أو يردع وإمنا غايته التهكم بأص ـ ــحاهبا واظراف اآلخرين بتص ـ ــويرها واس ـ ــتعراض ـ ــها وهو كثري‬
‫االحتقار للناس (‪.)3‬‬

‫وأس ـ ـ ـ ــلوب بديع الزمان يف مقاماته خاص ـ ـ ـ ــة حلو األلفاظ س ـ ـ ـ ــائغ الرتكيب مجيل الوص ـ ـ ـ ــف كثري الص ـ ـ ـ ــناعة املعنوية‬
‫(االستعارات والكنايات والتورايات اخلاصة) من غري تكلف وال إغراق يف السجع‪.‬‬

‫يستخدم اهلمذاين يف مقاماته الشعر‪ ،‬إما يقتبسه أو ينشئه هو حبد ذاته‪ ،‬وشعره سهل واضح املعاين يف الغالب‬
‫خيالف لغة نثر املقامات يف أنه ال يساير ها يف األلفاظ الغريبة اليت كثرت يف بعضها‪ ،‬ويتسم شعره أيضا بالتصوير‬
‫مبا فيه من قدر ة على الوصف وابراز للحركة‪ .‬ويعتمد على األوزان اخلفيفة واجملزوءة‪ ،‬وذلك حىت تناسب جو‬
‫الفكاهة ويسهل على األذن استماعها وأغلب شعره ه مقطوعات قصرية (‪.)4‬‬

‫)‪ -(1‬زكي مبارك‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.208‬‬

‫)‪ -(2‬سامي يوسف أبو زيد‪ :‬األدب العباسي النثر‪( ،‬ط‪ ،1‬االردن‪ ،‬دار املسري ة للنشر والتوزيع‪2011،‬م)‪ ،‬ص‪.130‬‬
‫)‪ - (3‬شادي جملي عيسى سكر‪ ،‬فن املقامات يف األدب العريب بديع الزمان اهلمذاين منوذجاً‪ ،‬ص‪.8‬‬

‫)‪ -(4‬علي حممد السيد خليفة‪ ،‬الفكاهة يف مقامات بديع الزمان اهلمذاين‪( ،‬ط‪ ،1‬دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪1،‬ط‪ ،)2010،‬ص‪.130‬‬

‫‪14‬‬
‫ومن أشهر مقاماته مها‪ :‬املقامة املضرية واملقامة البشرية‪.‬‬

‫أما املقامة املضـرية فتظهر فيها براعة البديع يف الوصف ودقة التصوير على شيء كثري من السخرية وخفة الروح أما‬
‫املقامة البش ـ ـ ـ ـرية فهي وفق هبا بديع الزمان االخرتاع شـ ـ ـ ــاعر جاهلي تبناه التاريخ من بعده اال وهو بش ـ ـ ـ ـر بن عوانة‬
‫العبدي ‪.1‬‬

‫تدور مقامات "اهلمذاين" يف معظمها حول موضـ ـ ـ ـ ــوع ال سكدية أي االسـ ـ ـ ـ ــتعطاء‪ ،‬كمعىن أول‪ ،‬والتلطف يف س ـ ـ ـ ـ ـؤال‬
‫الناس من خالل خطاي لغوي مثري كمعىن ِ‬
‫ثان‪.‬‬

‫إن هذا املوض ـ ـ ـ ـ ــوع مبا إنه ليس بطولياً وال بوياً‪ ،‬يعين النزول إىل الشـ ـ ـ ـ ـ ـوارع واكتش ـ ـ ـ ـ ــاف املفارقة بني املس ـ ـ ـ ـ ــتويات‬
‫والطبقات‪.‬‬

‫املستعطي كونه يف أسفل السلم االجتماعي هو األقدر على رؤية جمتمعه واكتشاف ضعفه ونفاقه‪.‬‬

‫وهكذا فإن البطل الرئيس يف مقامات "بديع الزمان" الذي اختذ ال سكدية وسـيلة لكسب املال مضطر أن يدخل من‬
‫فجوات العيوب اليت يتميز هبا اجملتمع الطبقي املتمايز الذي عاش فيه " اهلمذاين " نفسه‪.‬‬

‫وهلذا‪ ،‬فإنين أعتقد أن موضـ ــوع ال سكدية كموضـ ــوع رئيس هلذه املقامات يصـ ــبح وسـ ــيلة ال هدفاً‪ ،‬وسـ ــيلة للكشـ ــف‬
‫والغوص والتعرف والفهم‪ ،‬ومن مث النقد والتوجيه وحىت السخرية وهي ليست فكاهة كما يشري كثري من املباحث‪.‬‬

‫إال أن هذه الوســيلة (أي ال سكدية ) اس ــتأثرت باهتمام " بديع الزمان "‪ ،‬فتحدث عن طرقها وعن التفنن يف كس ــب‬
‫املال‪ ،‬فكانت كاآليت‪:‬‬

‫‪ ‬عن طريق الرباعة اللغوية‪ ،‬كما يف املقامتني األزاذية واألذربيجانية‪.‬‬


‫‪ ‬عن طريق الزيارة ليالً ألن الناس أكثر كرماً يف الليل‪ ،‬كما يف املقامة الكوفية‪.‬‬
‫‪ ‬عن طريق ادعاء العمى‪ ،‬كما يف املقامة املكفوفية‪.‬‬
‫‪ ‬عن طريق ادعاء بعض املهن‪ ،‬كما يف املقامة ِ‬
‫القردية‪.‬‬
‫‪ ‬أساليب خمتلفة ومتنوعة‪ ،‬كادعاء الفقر وتبدل احلال‪ ،‬كما يف املقامة الساسانية‪.‬‬

‫)‪ -(1‬البستاين‪ ،‬أدباء العرب‪( ،‬لبنان‪ ،‬دار مارون عبود‪ 1989 ،‬م)‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.394-390‬‬
‫‪15‬‬
‫وتقدم لنا مقامات " اهلمذاين " صـ ــورة حية عن جمتمعها الذي نبتت فيه‪ ،‬فكان خري معرب عن ذلك العصـ ــر الذي‬
‫اضـ ـ ــطربت فيه األخالق والسـ ـ ــلوك والدول واألفراد واجلماعات‪ ،‬إذ تقدم هذه املقامات صـ ـ ــورة بانورامية جملتمع فيه‬
‫كل املتناقضات كما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬مقاطع من حياة اجملون والسكر والعربدة‪ ،‬كما يف املقلمة اخلمرية‪.‬‬


‫‪ ‬صورة حملدثي النعمة‪ ،‬واالنتهازيني‪ ،‬كما يف املقامة املضريية‪.‬‬
‫‪ ‬صورة شاملة ومرعبة لفساد القضاء والقضاة‪ ،‬كما يف املقامة النيسابورية‪.‬‬

‫إال أن " اهلمذاين " خيرج من هذه املواضـ ـ ــيع كلها ليدخل يف مواضـ ـ ــيع أخرى كانت بالنسـ ـ ــبة إليه مهمة‪ ،‬فرض ـ ـ ــتها‬
‫ظروف حياته‪ ،‬من جهة‪ ،‬وظروف كونه كاتباً ومثقفاً ومناظراً وعاملاً‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬هلذا كانت هناك موضوعات‬
‫أخرى فرضت نفسها يف تلك املقامات كانت على النحو التايل‪:‬‬

‫المديح‬

‫إذ إن " اهلمذاين " وألس ـ ـ ـ ـ ـ ــباب حياتية – مبا عرف عنه من تنقل وترحال بني الدول – كتب سـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت مقامات يف‬
‫مديح " خلف بن أمحد "‪ ،‬وايل سـجستان اليت أمضى فيها حوال سنتني من عمره‪ ،‬ويف هذه املقامات الست بالغ‬
‫وأطنب يف ذكر حماسـ ـ ـ ـ ــن هذا الرجل‪ ،‬ففي املقامة امللوكية‪ ،‬يتجاوز " اهلمذاين " كل امللوك السـ ـ ـ ـ ــابقني ليصـ ـ ـ ـ ــل إىل‬
‫ف ال يعمه إال اخلَفلف‪ ،‬وهذا جبل الكحل قد أضر به امليل‪ ،‬فكيف ال‬ ‫ِ‬
‫القول عنه‪ " :‬الذهب أيسـر ما يهب‪ ،‬واألل س‬
‫يسؤثِّر ذل ــك العط ــاء اجلزي ــل‪ ،)1(" ...‬وتعلق ال ــدكتورة " أحالم الزعيم " على ه ــذا القول ب ــأن النثر يف القرن الرابع‬
‫اهلجري صار يزاحم الشعر يف كيل املديح ونظمه‪ ،‬وأن ذلك آذن " باهندام احلواجز بني الشعر والنثر " (‪.)2‬‬

‫)‪ -(1‬بديع الزمان اهلمذاين‪ ،‬مقامات أيب الفضل بديع الزمان اهلمذاين‪ :‬شرح حممد عبده‪( ،‬لبنان‪ ،‬املطبعة الكاثوليكية‪1449 ،‬‬
‫م)‪ ،‬ص ‪.238-236‬‬
‫)‪ -(2‬د‪ .‬أحالم الزعيم‪ ،‬قراءات يف األدب العباسي يف احلركة النثرية‪( ،‬لبنان‪ ،‬دار العودة‪1941 ،‬م)‪ ،‬ص ‪.44‬‬

‫‪16‬‬
‫اجتراح النقد‪:‬‬

‫ففي أربع مقامات هي‪ " :‬ال ِّش ـ ـ ـ ـ ـعرية " و" العراقية " و" القريضـ ـ ـ ـ ــية " و" اجلاحظية " يتحول " اهلمذاين " إىل ناقد‬
‫أديب يوزع أحكامه ويطلق س ــهامه على الش ــعراء والكتّاب على حد س ـ ـواء‪ ،‬وقد أثبت يف ذلك أنه ص ــاحب ذائقة‬
‫رفيعـة‪ ،‬فقـد أطلق أحكـامـاً سد بـدت هنـائيـة غري قـابلـة للنقـاش على " امرد القيس "‪ ،‬و" الفرزدق "‪ ،‬و" األخطل "‪،‬‬
‫وغريهم‪ ،‬وكذلك كان يسأل أسئلة مفاجئة جييب عنها إجابات ذكية وملاحة أيضاً (‪.)1‬‬
‫ّ‬
‫ويف املقامة اجلاحظية‪ ،‬نرى " اهلمذاين " ينتقد اجلاحظ خللو نثره من الس ــجع ولعدم قوله الش ــعر‪ ،‬وهو نقد متس ــرع‬
‫جتن‪.‬‬
‫وفيه ٍّ‬

‫الوعظ والدعوة إلى الزهد‬

‫وقد ورد هذا يف مقامتني مها‪ :‬الوعظية واألهوازية‪ ،‬وفيهما دعوة إىل التأمل والتزهد والتقش ـ ـ ـ ـ ــف واالس ـ ـ ـ ـ ــتعداد لليوم‬
‫اآلخر‪.‬‬

‫تحقير مذاهب بعينها‬

‫أتباع هذا املذهب جموس هذه األمة‪.‬‬


‫ففي املقامة املارستانية حيقر " اهلمذاين " مذهب املعتزلة‪ ،‬ويعترب َ‬

‫مواضيع متنوعة كانت كاآلتي‬

‫‪ -‬التخيل‪ :‬كما يف املقامة اإلبليسـ ـ ـ ــية‪ ،‬إذ يظهر إبليس ل " أيب الفتح اإلسـ ـ ـ ــكندري "‪ ،‬ويعتقد الدكتور " ش ـ ـ ـ ــوقي‬
‫ض ـ ـ ـ ــيف " أن هذه املقامة هي اليت أوحت ألدباء آخرين جاؤوا بعد " اهلمذاين " بإنش ـ ـ ـ ــاء روائع تنحو هذا املنحى‬
‫(‪.)2‬‬

‫)‪ -(1‬زكي مبارك‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.269-265‬‬

‫)‪ -(2‬شوقي ضيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32-30‬‬


‫‪17‬‬
‫‪ -‬الش ـ ــبقية‪ :‬كما يف املقامتني الش ـ ــامية والرص ـ ــافة‪ ،‬وفيهما تظهر ميول ش ـ ــبقية ومظاهر جنس ـ ــية كانت معهودة يف‬
‫العصر‪.‬‬
‫‪ -‬الوصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف اجملرد‪ :‬وهـذا كان من أهداف مقامات " بديع الزمان " لتظهر من خالله قوة الكاتب يف الرصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف‬
‫واملعمار‪ ،‬من جهة‪ ،‬ومجع الكلمات ومرادفاهتا‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬كما يف املقامة احلَ فمدانية‪.‬‬
‫ويرى الدكتور " وهيب طنوس " أن الوص ـ ـ ـ ــف من الفنون املقص ـ ـ ـ ــودة يف مقامات " البديع "‪ ،‬وهذا ما نالحظه يف‬
‫وبني‪ ،‬وفيها فقرات وصف رائعة‪ ،‬واحلركة فيها‬
‫َسدية)‪ ،‬والقصة هنا يف مجلتها فكاهة‪ ،‬لكن الوصف ظاهر فيها ِّ‬
‫(األ َ‬
‫قوية‪ ،‬واملناظر تتوارد يف حياة وانس ـ ـ ـ ـ ـ ــجام‪ ،‬أما غرض ـ ـ ـ ـ ـ ــها ففيه تفاهة‪ ،‬فكأن " بديع الزمان " ال يقص ـ ـ ـ ـ ـ ــد غري هذه‬
‫األوصاف‪.‬‬

‫أما (املقامة اخلمرية) فقد وضعت قصداً لوصف الصهباء (‪.)1‬‬

‫‪ -‬احلض على العلم والتعليم‪ ،‬كما يف املقامة العِفلمية‪ :‬الش ـ ـ ـ ــخص ـ ـ ـ ــية الرئيس ـ ـ ـ ــية يف مقامات " اهلمذاين " هي " أبو‬
‫الفتح اإلسـكندري " اليت عرفها الدكتور " يوسف عوض " بأهنا " شخصية فنية استجمع مؤلفها أبعادها من واقع‬
‫بيئته‪ ،‬وعلى وجه التحديد اسـ ــتخراجها من بني املتس ـ ـولني واملكفدين‪ ،‬وقد أضـ ــفى عليها عناصـ ــر فنية أخرى‪ ،‬حىت‬
‫س‬
‫جعل منها منوذجاً هلذا النوع من املتس ـ ـ ـولني يف بيئته " ‪ ،2‬هذه الشـ ـ ــخصـ ـ ــية مل تظهر يف املقامة البغدادية والنهيدية‬
‫ِ‬
‫فد فيها " أبو الفتح "‪ ،‬وهي‪ :‬الوعظية واملض ـريية‬ ‫والتميمية والبِ فش ـرية وامل فغَزلية والغَفيالنية‪ ،‬كما أن هناك مقامات مل يك س‬
‫والرص ـ ـ ـ ــافة والشـ ـ ـ ـ ـريازية والنيس ـ ـ ـ ــابورية واألهوازية وامللوكية واخلمرية واملارس ـ ـ ـ ــتانية والعِفلمية واحلسفلوانية واجملاعية واخلَلَ ِفية‬
‫يتخل عن استعمال احليلة فيها أيضاً‪.‬‬
‫والبصرية والوصية والسارية‪ .‬لكن " بديع الزمان "‪ ،‬وعلى رغم ذلك‪ ،‬مل َّ‬

‫)‪ -(1‬طنوس‪ ،‬د‪ .‬وهيب‪ ،‬يف النثر العباسي‪( ،‬ط‪ ،3‬سوريا‪ ،‬منشورات جامعة حلب – كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪-1949 ،‬‬
‫‪1990‬م)‪ ،‬ص ‪.315‬‬
‫)‪ (2‬د‪ .‬يوسف نور عوض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.56‬‬

‫‪18‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ -3‬مقامات بديع الزمان الهمذاني‬
‫املقامة القريضية‪ ،‬املقامة األزاذية‪ ،‬املقامة البلخية‪ ،‬املقامة السجستانية‪ ،‬املقامة الكوفية‪ ،‬املقامة األسدية‪ ،‬املقامة‬
‫الغيالنية‪ ،‬املقامة األذربيجانية‪ ،‬املقامة اجلرجانية‪ ،‬املقامة األصفهانية‪ ،‬املقامة األهوازية‪ ،‬املقامة البغدادية‪ ،‬املقامة‬
‫البصرية ‪،‬املقامة الفزارية ‪،‬املقامة اجلاحظية‪ ،‬املقامة املكفوفية‪ ،‬املقامة البخارية‪ ،‬املقامة القزوينية‪ ،‬املقامة‬
‫الساسانية‪ ،‬املقامة القردية‪ ،‬املقامة املوصلية‪ ،‬املقامة املضريية‪ ،‬املقامة احلرزية ‪،‬املقامة املارستانية‪ ،‬املقامة اجملاعية‪،‬‬
‫املقامة الوعظية‪ ،‬املقامة األسودية‪ ،‬املقامة العراقية‪ ،‬املقامة احلمدانية‪ ،‬املقامة الرصافية‪ ،‬املقامة املغزلية‪ ،‬املقامة‬
‫الشريازية ‪،‬املقامة احللوانية‪ ،‬املقامة النهيدية‪ ،‬املقامة اإلبليسية‪ ،‬املقامة األرمنية‪ ،‬املقامة النامجية‪ ،‬املقامة اخللفية‪،‬‬
‫املقامة النيسابورية‪ ،‬املقامة العلمية‪ ،‬املقامة الوصية‪ ،‬املقامة الصيمرية‪ ،‬املقامة الدينارية‪ ،‬املقامة الشعرية‪ ،‬املقامة‬

‫امللوكية‪ ،‬املقامة الصفرية‪ ،‬املقامة السارية‪ ،‬املقامة التميمية‪ ،‬املقامة اخلمرية‪ ،‬املقامة املطلبية‪ ،‬املقامة البشرية‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫المقامة القريضية‬ ‫‪-4‬‬
‫حدثنا عيس ــى بن هش ــام قال ‪:‬طرحتين النوى مطارحها حىت إذا وطئت جرجان األقص ــى‪ .‬فاس ــتظهرت على األيام‬
‫بض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـاع أجلـت فيهـا يـد العمـارة‪ ،‬وأموال وقفتهـا على التجـارة‪ ،‬وحـانوت جعلتـه مثـابـة‪ ،‬ورفقة اختذهتا صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحابة‪،‬‬
‫وجعلت للدار‪ ،‬حاشــييت النهار‪ ،‬وللحانوت بينهما‪ ،‬فجلســنا يوما نتذاكر القريض وأهله‪ ،‬وتلقاءنا شــاب قد جلس‬
‫غري بعيد ينصــت وكأنه يفهم‪ ،‬ويســكت وكأنه ال يعلم حىت إذا مال الكالم بنا ميله‪ ،‬وجر اجلدال فينا ذيله‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫قد أصـ ــبتم عذيقه‪ ،‬ووافيتم جذيله‪ ،‬ولو شـ ــئت للفظت وأفضـ ــت‪ ،‬ولو قلت ألصـ ــدرت وأوردت‪ ،‬وجللوت احلق يف‬
‫معرض بيان يسـمع الصم‪ ،‬وينزل العصم‪ ،‬فقلت ‪:‬يا فاضل أدن فقد منيت‪ ،‬وهات فقد أثنيت‪ ،‬فدنا وقال ‪:‬سلوين‬
‫أجبكم‪ ،‬وامسعوا أعجبكم‪.‬‬

‫فقلنا ‪:‬ما تقول يف امرىء القيس؟ قال ‪:‬هو أول من وقف بالديار وعرصـ ــاهتا‪ ،‬واغتدى والطري يف وكناهتا‪ ،‬ووصـ ــف‬
‫اخليل بصــفاهتا‪ ،‬ومل يقل الشــعر كاس ــيا‪ .‬ومل جيد القول راغبا‪ ،‬ففضــل من تفتق للحيلة لس ــانه‪ ،‬وانتجع للرغبة بنانه‪،‬‬

‫)‪ -(1‬بديع الزمان اهلمذاين‪ ،‬مقامات بديع الزمان اهلمذاين‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حميي الدين عبد احلميد‪(،‬ط‪ ،1‬مصر‪ ،‬مكتبة‬
‫األسرة‪2002،‬م)‪ ،‬ص ‪554-553‬‬
‫)‪ -(2‬بديع الزمان اهلمذاين‪ ،‬مقامات بديع الزمان اهلمذاين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪26-18‬‬
‫‪19‬‬
‫قلنا ‪:‬فما تقول يف النابغة؟ قال ‪:‬يثلب إذا حنق‪ ،‬وميدح إذا رغب‪ ،‬ويعتذر إذا رهب‪ ،‬فال يرمي إال ص ـ ـ ـ ــائبا‪ ،‬قلنا ‪:‬‬
‫فما تقول يف زهري؟ قال يذيب الش ـ ــعر‪ ،‬والش ـ ــعر يذيبه‪ ،‬ويدعو القول والس ـ ــحر جييبه‪ ،‬قلنا ‪:‬فما تقول يف طرفة‪:‬‬
‫قال‪ :‬هو ماء األشـعار وطينتها‪ ،‬وكنز القوايف ومدينتها‪ ،‬مات ومل تظهر أسرار دفائنه ومل تفتح أغالق خزائنه‪ ،‬قلنا ‪:‬‬
‫فما تقول يف جرير والفرزدق؟ أيهما أســبق؟ فقال ‪:‬جرير أرق شــعرا‪ ،‬وأغزر غزرا والفرزدق أمنت صــخرا‪ ،‬وأكثر فخرا‬
‫وجرير أوجع هجوا‪ ،‬وأش ـ ــرف يوما والفرزدق أكثر روما‪ ،‬وأكرم قوما‪ ،‬وجرير إذا نس ـ ــب أشـ ـ ــجى‪ ،‬وإذا ثلب أردى‪،‬‬
‫وإذا مدح أس ـ ــىن‪ ،‬والفرزدق إذا افتخر أجزى‪ ،‬وإذا احتقر أزرى‪ ،‬وإذا وص ـ ــف أوىف‪ ،‬قلنا ‪:‬فما تقول يف احملدثني من‬
‫الش ـ ــعراء واملتقدمني منهم؟ قال ‪:‬املتقدمون أش ـ ــرف لفظا‪ ،‬وأكثر من املعاين حظا‪ ،‬واملتأخرون ألطف ص ـ ــنعا‪ ،‬وأرق‬
‫نسجا‪ ،‬قلنا ‪:‬فلو أريت من أشعارك‪ ،‬ورويت لنا من أخبارك‪ ،‬قال ‪:‬خذمها يف معرض واحد‪ ،‬وقال‪:‬‬

‫أما تروين أتغشى طمرا ‪ ...‬ممتطيا يف الضر أمرا مرا‬

‫مضطبنا على الليايل غمرا ‪ ...‬مالقيا منها صروفا محرا‬

‫أقصى أماين طلوع الشعرى ‪ ...‬فقد عنينا باألماين دهرا‬

‫وكان هذا احلر أعلى قدرا ‪ ...‬وماء هذا الوجه أغلى سعرا‬

‫ضربت للسرا قبابا خضرا ‪ ...‬يف دار دارا وإوان كسرى‬

‫فانقلب الدهر لبطن ظهرا ‪ ...‬وعاد عرف العيش عندي نكر‬

‫امل يبق من وفرى إال ذكرا ‪ ...‬مث إىل اليوم هلم جرا‬

‫لوال عجوز يل بسر من را ‪ ...‬وأفرخ دون جبال بصرى‬

‫قد جلب الدهر عليهم ضرا ‪ ...‬قتلت يا سادة نفسي صربا‬

‫قال عيس ـ ــى بن هش ـ ــام‪ ،‬فأنلته ما تاح‪ .‬وأعرض عنا فراح‪ .‬فجعلت أنفيه وأثبته‪ ،‬وأنكره وكأين أعرفه‪ ،‬مث دلتين عليه‬
‫ثناياه‪ ،‬فقلت ‪:‬اإلس ـ ـ ـ ــكندري واهلل‪ ،‬فقد كان فارقنا خش ـ ـ ـ ــفا‪ ،‬ووافانا جلفا‪ ،‬وهنض ـ ـ ـ ــت على إثره‪ ،‬مث قبض ـ ـ ـ ــت على‬
‫خصــره‪ ،‬وقلت ‪:‬ألســت أبا الفتح؟ أمل نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك ســنني؟ فأي عجوز لك بس ــر من را؟‬
‫فضحك إيل وقال‪:‬‬

‫وحيك هذا الزمان زور ‪ ...‬فال يغرنك الغرور‬

‫‪21‬‬
‫ال تلتزم حالة‪ ،‬ولكن ‪ ...‬در بالليايل كما تدور‬

‫‪21‬‬
‫الطلب الثاني‪ :‬أبو القاسم الحريري‬

‫‪ -1‬ترجمه‬

‫القاســم بن علي بن حممد بن عثمان‪ ،‬أبو حممد احلريري البصــري ‪:‬األديب الكبري‪ ،‬صــاحب "املقامات احلريرية "‬
‫مساه "مقامات أيب زيد السروجي"‪.‬‬

‫ومن كتبه "درة الغواص يف أوهام اخلواص "و "ملحة اإلعراب "و "صــدور زمان الفتور وفتور زمان الصــدور "‬
‫يف التاريخ‪ .‬و "توشيح البيان " نقل عنه الغزويل‪.‬‬

‫وله شعر حسن يف "ديوان " و "ديوان رسائل "‪.‬‬

‫وكان دميم الص ـ ــورة غزير العلم‪ .‬مولده باملش ـ ــان (بليدة فوق البص ـ ــرة) ووفاته بالبص ـ ــرة‪ .‬ونس ـ ــبته إىل عمل احلرير أو‬
‫بيعه‪ .‬وكان ينتس ـ ـ ـ ـ ــب إىل ربيعة الفرس ‪.‬قال مرجليوث ‪:‬ترجم ش ـ ـ ـ ـ ــولتنز وريس ـ ـ ـ ـ ــكه مناذح من مقامات احلريري إىل‬
‫الالتينيــة يف القرن الثــامن عشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر‪ ،‬وظهرت هلــا راجم يف كثري من اللغــات األوربيــة احلــديثــة‪ ،‬مثــل ترمجــة روكرت‬
‫‪Ruckert‬األملانية وترمجة ‪ Chemery and Steingass‬اإلجنليزية(‪.)1‬‬

‫‪ -2‬المقامات عند أبو القاسم الحريري‬

‫وضـع احلريري مقاماته يف معارضة ملقامات بديع الزمان اهلمذاين‪ ،‬وقد كتبها احلريري سالكا فيها مسلك اهلمذاين‪،‬‬
‫من حيث وجود شخصييت الراوي احلارث ابن مهام والبطل أبو زيد السروجي‪.‬‬

‫يبدأ احلريري مقاماته بإس ــناد الكالم إىل روايتها احلرث بن مهام ولكنه ال يقتص ــر كالبديع على قوله حدثنا بل مييل‬
‫إىل التغيري يف بـدأ كـل مقـامـه فينتقـل بني حـدث وروى وحكى وأخرب وقـال وكـان مكـدي بطـل مقـاماته هو أبو زيد‬
‫الس ــروجي واحلريري يف مقاماته أكثر تعلقا باحلواض ــر من بديع الزمان فما يكاد خيرج إىل البادية إال يف واحدة منها‬
‫أو اثنني ومقاماته يف الغالب أطول من مقامات أسـ ـ ــتاذه بيد أن طوهلا ال يعود على اتسـ ـ ــاع الفن القص ـ ـ ـصـ ـ ــي فيها‬

‫)‪ -(1‬خري الدين الزركلي‪ ،‬ورجع سابق‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.184-188‬‬


‫‪22‬‬
‫وإمنــا على اجتمــاع خربين يف مقــامــة واحــدة أو على فيض األلفــاظ وكثرة املرتادفــات ومعــاقبــة اجلمــل على املعــاين أو‬
‫على اإلكثار من الش ـ ـ ــعر وفيه القص ـ ـ ــائد اليت يش ـ ـ ــرح هبا أو يزيد أحواله ويقص إخباره وللحريري لغة متينة قص ـ ـ ــرية‬
‫اجلمل يقطعها تقطيعا موســيقيا فما تتعدى مجلته الكلمتني أو الثالثة فلما زادت بلغت اخلمس أو الســت وهو يف‬
‫إنشـ ــائه بادد الصـ ــنعة ظاهر التكلف يتعمد الغريب ويسـ ــرف يف اسـ ــتعماله ويفرط يف اصـ ــطناع اجملاز والتزيني حىت‬
‫جتف عبارته وميل ماؤها ويعرب مساغها ‪.‬‬

‫وتتكون كـل مقـامـة عنـد احلريري من مقـدمـة‪ ،‬عرض‪ ،‬خـامتـة‪ ،‬أمـا املقـدمـة فتـدور حول فكرة واحدة‪ ،‬ولكنها ترد يف‬
‫ص ــيغ لغوية خمتلفة‪ ،‬تتض ــمن فكرة املطاردة بني الراوي والبطل‪ ،‬يظهر البطل فجأة ويف أماكن متباعدة قد تكون يف‬
‫املشــرق أو يف املغرب‪ ،‬والراوي يتابعه و ال ميل‪ ،‬ويصــحب ظهور البطل مظهر غريب يشــد االنتباه ويثري التشــويق‪،‬‬
‫وحيدث الش ــيء نفس ــه مع اخلامتة‪ ،‬إذ يبقى القارد دائما مبهور(‪)1‬أما املوض ــوع فهو يتنوع من مقامة إىل مقامة فقد‬
‫تدور حول الوعظ‪ ،‬مث ينتقل يف مقامات أخرى إىل الغناء‪ ،‬وقد يدور حول اجلد مث ينتقل اهلزل‪ ،‬أو حول الشــعر مث‬
‫ينتقــل إىل النثر وهكــذا ممــا مينح املقــامــات تنوعــا وجيعــل القــارد دائمــا مبهورا‪ ،‬ومثــال ذلــك املقــامــة "العمــانيــة"‬
‫فتضـ ـ ـ ـ ــمنت ركوب احلارث البحر و ادعاء أبو زيد أنه لديه عزمية الطلق لتس ـ ـ ـ ـ ــهيل الو ادعاء أبو زيد أنه لديه عزمية‬
‫الطلق لتسهيل الوالدة‪.‬‬

‫وتدور موض ـ ـ ــوعات مقامات احلريري حول االحتيال بطرق ش ـ ـ ــىت‪ ،‬فتارة تأخذ ش ـ ـ ــكال دينيا وخلقيا كما يف املقامة‬
‫الصــنعانية‪ ،‬وتارة شــكال أدبيا وفكاهيا كما يف املقامة القطيعية والواســطية‪ ،‬وتارة أخرى شــكال جمونيا كما يف املقامة‬
‫الرحبية‪.‬‬

‫وملَح دب ونوادر‪ ،‬فضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال عن‬


‫وحتتوي هـذه املقامات على جد القول وهزله ورقيق اللفظ وجزله وغر البيان ودرر س‬
‫األبيات واألمثال واألحاجي واللطائف واخلطب والرسائل واملواعظ (‪.)2‬‬

‫وتأيت أمهية مقامات احلريري أن تلك املقامات تعد غرضـ ـ ـ ــا أخالقيا حيث يصـ ـ ـ ــرح إن اجلاهل والش ـ ـ ـ ـرير رمبا يلعنان‬
‫الكتابة ولكن القراء الفطينني يدركون إذا ما وضعوا التحيز جانبا انه نافعا ومفيد كأساطري احليوانات‪.‬‬

‫وتعد مقامات احلريري آية الفن واألدب وآية اإلبداع والس ــحر يف الكالم انه معجزة لعص ــره والعص ــور التالية وذلك‬
‫ليس إال انه تلميذ من تالمذة القران العظيم جيول يف ربوعه حيث ش ـ ـ ــاء يش ـ ـ ــرب من معينه ويأكل من مثراته جتري‬

‫)‪ -(1‬ابراهيم عبد احلميد‪ ،‬األدب املقارن من منظور األدب العريب‪ ( ،‬لبنان‪ ،‬دار الشروق‪1905،‬م) ص‪.35‬‬

‫)‪ -(2‬سامي يوسف أبو زيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.253‬‬


‫‪23‬‬
‫احلكمة من لس ـ ـ ــانه فأثره باق ما بقي الدهر مل تندرس معامله على مر األعوام فهو آية يف كل ش ـ ـ ــيء آية يف النبو‬
‫والذكاء والفطنة أديب يصو الكالم ذهبا ويرصعه بالقران جوهرا باألمثال واحلكم‪.‬‬

‫إن الســجع يف املقامات يعطيها متعة بالقراءة وتبعد القارد عن امللل واشــتهر هبذا الســجع يف أيامنا الشــيخ عائض‬
‫القرين حفظه اهلل فال ختلو حماضــرة من حماض ـراته من مقامات أدبية قد تأثر يف فن املقامات تأثرا كبريا فيأت أســلوبا‬
‫مميزا لـه يف حمـاض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراتـه ونـدواتـه ولـه كتـاب كـامـل يف فن املقـامـات مسـاه املقـامات ل كثري من املواضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيع اإلميانية‬
‫والدعوية والعقائدية والعملية يف صورة مقامات مجيلة وبليغة فكان عمل أديب بصيغة إسالمية مميزة‪.‬‬

‫‪ -3‬مقامات الحريري‬

‫املقامة الصنعانية‪ ،‬املقامة احللوانية‪ ،‬املقامة الدينارية‪ ،‬املقامة الدمياطية‪ ،‬املقامة الكوفية‪ ،‬املقامة املراغية‪ ،‬املقامة‬
‫الربقعيدية‪ ،‬املقامة املعرية‪ ،‬املقامة اإلسكندرية‪ ،‬املقامة الرحبية‪ ،‬املقامة الساوية‪ ،‬املقامة الدمشقية‪ ،‬املقامة‬
‫البغدادية‪ ،‬املقامة املكية‪ ،‬املقامة الفرضية‪ ،‬املقامة املغربية‪ ،‬املقامة القهقرية‪ ،‬املقامة السنجارية‪ ،‬املقامة النصيبية‪،‬‬
‫املقامة الفارقية‪ ،‬املقامة الرازية‪ ،‬املقامة الفراتية‪ ،‬املقامة الشعرية‪ ،‬املقامة القطيعية‪ ،‬املقامة الكرجية‪ ،‬املقامة الرقطاء‪،‬‬
‫املقامة الوبرية‪ ،‬املقامة السمرقندية‪ ،‬املقامة الواسطية‪ ،‬املقامة الصورية‪ ،‬املقامة الرملية‪ ،‬املقامة الطيبية‪ ،‬املقامة‬
‫التفليسية‪ ،‬املقامة الزبيدية‪ ،‬املقامة الشريازية‪ ،‬املقامة امللطية‪ ،‬املقامة الصعدية ‪،‬املقامة املروية‪ ،‬املقامة العمانية‪،‬‬
‫املقامة التربيزية‪ ،‬املقامة التنيسية‪ ،‬املقامة النجرانية‪ ،‬املقامة البكرية‪ ،‬املقامة الشتوية‪ ،‬املقامة الرملية‪ ،‬املقامة احللبية‪،‬‬
‫املقامة احلجرية‪ ،‬املقامة احلرامية‪ ،‬املقامة الساسانية‪ ،‬املقامة البصرية‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -4‬المقامة الصنعانية‬

‫حدث احلارث بن مهام قال ‪:‬ملا اقتعدت غارب االغرتاب‪ .‬وأنأتين املرتبة عن األتراب‪ .‬طوحت يب طوائح الزمن‪.‬‬
‫اىل صنعاء اليمن‪ .‬فدخلتها خاوي الوفاض‪ .‬بادي اإلنفاض‪ .‬ال أملك بلغة‪ .‬وال أجد يف جرايب مضغة‪ .‬فطفقت‬
‫أجوب طرقاهتا مثل اهلائم‪ .‬وأجول يف حوماهتا جوالن احلائم‪ .‬وأرود يف مسارح حملايت‪ .‬ومسايح غدوايت وروحايت‪.‬‬
‫كرميا أخلق له ديباجيت‪ .‬وأبوح إليه حباجيت‪ .‬أو أديبا تفرج رؤيته غميت‪ .‬وتروي روايته غليت ‪.‬حىت أدتين خامتة‬

‫)‪ -(1‬أبو حممد القاسم بن علي احلريري‪ ،‬مقامات احلريري‪( ،‬لبنان‪ ،‬مطبعة املعارف‪1483 ،‬م)‪ ،‬ص‪.24-14‬‬
‫‪24‬‬
‫املطاف‪ .‬وهدتين فاحتة األلطاف‪ .‬اىل ناد رحيب‪ .‬حمتو على زحام وحنيب‪ .‬فوجلت غابة اجلمع‪ .‬ألسرب جملبة‬
‫الدمع‪ .‬فرأيت يف هبرة احللقة‪ .‬شخصا شخت اخللقة‪ .‬عليه أهبة السياحة‪ .‬وله رنة النياحة‪ .‬وهو يطبع األسجاع‬
‫جبواهر لفظه‪ .‬ويقرع األمساع بزواجر وعظه‪ .‬وقد أحاطت به أخالط الزمر‪ .‬إحاطة اهلالة بالقمر‪ .‬واألكمام بالثمر‪.‬‬
‫فدلفت إليه ألقتبس من فوائده‪ .‬وألتقط بعض فرائده‪ .‬فسمعته يقول حني خب يف جماله‪ .‬وهدرت شقاشق‬
‫ارجتاله‪ .‬أيها السادر يف غلوائه‪ .‬السادل ثوب خيالئه‪ .‬اجلامح يف جهاالته ‪.‬اجلانح اىل خزعبالته‪ .‬إالم تستمر‬
‫على غيك‪ .‬وتستمرد مرعى بغيك؟ وحتام تتناهى يف زهوك ‪.‬وال تنتهي عن هلوك؟ تبارز مبعصيتك‪ .‬مالك‬
‫ناصيتك! وجترتد بقبح سريتك‪ .‬على عامل سريرتك! وتتوارى عن قريبك‪ .‬وأنت مبرأى رقيبك! وتستخفي من‬
‫مملوكك وما ختفى خافية على مليكك! أتظن أن ستنفعك حالك‪ .‬إذا آن ارحتالك؟ أو ينقذك مالك‪ .‬حني‬
‫توبقك أعمالك؟ أو يغين عنك ندمك‪ .‬إذا زلت قدمك؟ أو يعطف عليك معشرك‪ .‬يوم يضمك حمشرك؟ هال‬
‫انتهجت حمجة اهتدائك‪ .‬وعجلت معاجلة دائك‪ .‬وفللت شباة اعتدائك‪ .‬وقدعت نفسك فهي أكرب أعدائك؟‬
‫أما احلمام ميعادك‪ .‬فما إعدادك؟ وباملشيب إنذارك‪ .‬فما أعذارك؟ ويف اللحد مقيلك‪ .‬فما قيلك؟ وإىل اهلل‬
‫مصريك‪ .‬فمن نصريك؟ طاملا أيقظك الدهر فتناعست‪ .‬وجذبك الوعظ فتقاعست ! وجتلت لك العرب فتعاميت‪.‬‬
‫وحصحص لك احلق فتماريت‪ .‬وأذكرك املوت فتناسيت ‪.‬وأمكنك أن تؤاسي فما آسيت! تؤثر فلسا توعيه‪ .‬على‬
‫ذكر تعيه‪ .‬وختتار قصرا تعليه‪ .‬على بر توليه‪ .‬وترغب عن هاد تستهديه‪ .‬اىل زاد تستهديه‪ .‬وتغلب حب ثوب‬
‫تشتهيه‪ .‬على ثواب تشرتيه‪ .‬يواقيت الصالت‪ .‬أعلق بقلبك من مواقيت الصالة ‪.‬ومغاالة الصدقات‪ .‬آثر عندك‬
‫من مواالة الصدقات‪ .‬وصحاف األلوان‪ .‬أشهى إليك من صحائف األديان‪ .‬ودعابة األقران‪ .‬آنس لك من تالوة‬
‫القرآن! تأمر بالعرف وتنتهك محاه‪ .‬وحتمي عن النكر وال تتحاماه! وتزحزح عن الظلم مث تغشاه ‪.‬وختشى الناس‬
‫واهلل أحق أن ختشاه! مث أنشد‪:‬‬

‫تبا لطالب دنيا ‪ ...‬ثىن إليها انصبابه‬

‫ما يستفيق غراما ‪ ...‬هبا وفرط صبابه‬

‫ولو درى لكفاه ‪ ...‬مما يروم صبابه‬

‫مث إنه لبد عجاجته‪ .‬وغيض جماجته‪ .‬واعتضد شكوته‪ .‬وتأبط هراوته‪ .‬فلما رنت اجلماعة اىل حتفزه‪ .‬ورأت تأهبه‬
‫ملزايلة مركزه‪ .‬أدخل كل منهم يده يف جيبه ‪.‬فأفعم له سجال من سيبه ‪.‬وقال ‪:‬اصرف هذا يف نفقتك‪ .‬أو فرقه‬
‫على رفقتك‪ .‬فقبله منهم مغضيا‪ .‬وانثىن عنهم مثنيا‪ .‬وجعل يودع من يشيعه‪ .‬ليخفى عليه مهيعه‪ .‬ويسرب من‬

‫‪25‬‬
‫يتبعه‪ .‬لكي جيهل مربعه‪ .‬قال احلارث بن مهام ‪:‬فاتبعته مواريا عنه عياين‪ .‬وقفوت أثره من حيث ال يراين‪ .‬حىت‬
‫انتهى اىل مغارة‪ .‬فانساب فيها على غرارة‪ .‬فأمهلته ريثما خلع نعليه‪ .‬وغسل رجليه‪ .‬مث هجمت عليه‪ .‬فوجدته‬
‫مشافنا لتلميذ‪ .‬على خبز مسيذ‪ .‬وجدي حنيذ‪ .‬وقبالتهما خابية نبيذ ‪.‬فقلت له ‪:‬يا هذا أيكون ذاك خربك‪ .‬وهذا‬
‫خمربك؟ فزفر زفرة القيظ‪ .‬وكاد يتميز من الغيظ‪ .‬ومل يزل حيملق إيل‪ .‬حىت خفت أن يسطو علي‪ .‬فلما أن خبت‬
‫ناره‪ .‬وتوارى أواره ‪.‬أنشد‪:‬‬

‫لبست اخلميصة أبغي اخلبيصه ‪ ...‬وأنشبت شصي يف كل شيصه‬

‫وصريت وعظي أحبولة ‪ ...‬أريغ القنيص هبا والقنيصه‬

‫وأجلأين الدهر حىت وجلت ‪ ...‬بلطف احتيايل على الليث عيصه‬

‫على أنين مل أهب صرفه ‪ ...‬وال نبضت يل منه فريصه‬

‫وال شرعت يب على مورد ‪ ...‬يدنس عرضي نفس حريصه‬

‫ولو أنصف الدهر يف حكمه ‪ ...‬ملا ملك احلكم أهل النقيصه‬

‫مث قال يل ‪:‬اذن فكل‪ .‬وإن شئت فقم وقل ‪.‬فالتفت اىل تلميذه وقلت ‪:‬عزمت عليك مبن تستدفع به األذى‪.‬‬
‫لتخربين من ذا ‪.‬فقال ‪:‬هذا أبو زيد السروجي سراج الغرباء‪ .‬وتاج األدباء‪ .‬فانصرفت من حيث أتيت‪ .‬وقضيت‬
‫العجب مما رأيت‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الخاتمة‬
‫املقامات جمموعة حكايات قصرية متفاوتة احلجم مجعت بني النثر و الشعر و تعترب نـواة املسرحية العربية الفکاهية‬
‫وحتفة أدبية رائعة بأسلوبها و مضمونها و ملحها الطريفة اليت تبعث علی االبتسام و املرح و تدعو إلی الصدق‬
‫و الشهامة و مکارم األخالق التی أراد کتابهـا إظهار قيمتها بوصف ما‪ .‬يناقضها و قد وفقو يف ذلک أميا‬
‫توفيق‪.‬‬
‫إن املقامة نشأ عريب األصل مث تأثرت اآلداب العاملية باألدب العريب و نسجوا علی طريقـته حبيث يوجد يف بعض‬
‫اآلداب العاملية قصص يشبه من بعض الوجوه مقامات‬
‫عند اهلمـداين و احلريري‪.‬‬
‫ال توجد يف املقامة عقدة أو حبکة بل اريد بها التعليم و هلذا مساها بديع الزمان‬

‫مقامـة و ليست قصة أو حکاية‪ ،‬إال أن بعض الباحثني يراها نوعا من القصص‬
‫و خصائص و صـفات املقامة يف أنها ليست قصة باملعنی الکامل إال أنها تشتمل‬
‫علی عناصر قصصية من حيث احلوار و املضمون و التصوير لعناصر الشر و الفساد باالضافة الحتوائها علی‬
‫کلمـات لغويـة جعلت من املقامة تتجه حنو بالغة اللفظ إذ أن القصة ليست األساس و إمنا األسـاس هـو العرض‬
‫اخلارجي و احللية اللفظية‪ .‬لذا فإن البعض من األدباء أخذوا يبتكرون صورا جديـدة للتعبري ولکن يف حدود‬
‫وغالباﹰ ما تتصف املقامة بالشحاذة والکدية‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫قائمة المصادر‬
‫‪ -1‬القران الكرمي‬

‫قائمة المراجع‬
‫‪ -1‬د‪ .‬أحالم الزعيم‪ ،‬قراءات يف األدب العباسي يف احلركة النثرية‪( ،‬لبنان‪ ،‬دار العودة‪1941 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ -2‬ابراهيم عبد احلميد‪ ،‬األدب املقارن من منظور األدب العريب‪ ( ،‬لبنان‪ ،‬دار الشروق‪1905،‬م)‪.‬‬
‫‪ -3‬البستاين‪ ،‬أدباء العرب‪( ،‬لبنان‪ ،‬دار مارون عبود‪ 1989 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ -4‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪( ،‬ط‪ ،3‬لبنان‪ ،‬دار صادر‪1414 ،‬ه)‪.‬‬
‫‪ -5‬أبو حممد القاسم بن علي احلريري‪ ،‬مقامات احلريري‪( ،‬لبنان‪ ،‬مطبعة املعارف‪1483 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ -6‬بديع الزمان اهلمذاين‪ ،‬ديوان بديع الزمان اهلمذاين‪ ،‬حتقيق ‪ :‬يسرى عبد الغين عبداهلل‪( ،‬ط‪ ،3‬لبنان‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪2003 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ -8‬بديع الزمان اهلمذاين‪ ،‬مقامات أيب الفضل بديع الزمان اهلمذاين‪ :‬شرح حممد عبده‪( ،‬لبنان‪ ،‬املطبعة‬
‫الكاثوليكية‪ 1449 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ -4‬بديع الزمان اهلمذاين‪ ،‬مقامات بديع الزمان اهلمذاين‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حميي الدين عبد احلميد‪(،‬ط‪،1‬‬
‫مصر‪ ،‬مكتبة األسرة‪2002،‬م)‪.‬‬
‫‪ -9‬بن حراث خالدة‪ ،‬مجاليات البديع يف مقامات اهلمذاين –املقامة البغدادية منوذجا‪ ،-‬مذكرة خترج من‬
‫متطلبات نيل شهادة املاسرت يف اللغة واألدب العريب‪2018-2016 ،‬‬

‫‪-10‬جالل الدين السيوطي‪ ،‬املقامات‪ ،‬حتقيق مسري الدرويب‪( ،‬القاهرة‪ ،‬اهليئة العامة لقصور الثقافة‪2008 ،‬م)‪.‬‬

‫‪-11‬حليتم سارة‪ ،‬عبد اللطيف أوريدة‪ ،‬دراسة فنية يف مقامات "البشري بوكثري"‪ ،‬مذكرة خترج من متطلبات نيل‬
‫شهادة املاسرت يف اللغة واألدب العريب‪.2020-2019 ،‬‬

‫‪-12‬حنا الفاخوري‪ ،‬اجلامع يف تاريخ األدب القدمي‪( ،‬ط‪ ،1‬لبنان‪ ،‬دار اجليل‪1986 ،‬م)‪.‬‬

‫‪-13‬خري الدين الزركلي‪ ،‬األعالم‪( ،‬ط‪ ،15‬دار العلم للماليني‪202،‬م)‬

‫‪28‬‬
‫‪-14‬راكان الصفدي‪ ،‬الفن القصصي يف النثر العريب حىت مطلع القرن اخلامس هجرات اهليئة منشور العامة‬
‫السرية‪( ،‬ط‪ ،1‬دمشق‪2011 ،‬م)‪.‬‬

‫‪-15‬رزقي شهرة ‪ ،‬شرقــي آمنــة ‪ ،‬األسلوب التهكمي فيفن املقامة عند احلريري (مناذج خمتارة) ‪ ،‬مذكرة خترج من‬
‫متطلبات نيل شهادة املاسرت يف اللغة واألدب العريب ‪2020-2019‬‬

‫‪-16‬سامي يوسف أبو زيد‪ :‬األدب العباسي النثر‪( ،‬ط‪ ،1‬االردن‪ ،‬دار املسري ة للنشر والتوزيع‪2011،‬م)‪.‬‬

‫‪-18‬زكي مبارك‪ ،‬النثر الفين يف القرن الرابع‪( ،‬مصر‪ ،‬مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة‪2012،‬م)‪.‬‬

‫‪-14‬شادي جملي عيسى سكر ‪،‬فن املقامات يف األدب العريب بديع الزمان اهلمذاين منوذجاً‪.‬‬

‫‪-19‬شوقي ضيف‪ ،‬املقامة‪( ،‬ط‪ ،3‬القاهرة‪ ،‬دار املعارف‪1954،‬م)‪.‬‬

‫‪-20‬شوقي ضيف‪ ،‬تاريخ األدب العريب‪( ،‬ط‪ ،4‬مصر‪ ،‬دار املعارف‪1966،‬م)‪.‬‬

‫‪-21‬صدام حسني حممود عمر‪ ،‬مقامات بديع الزمان اهلمذاين بني الصنعة والتصنع‪ ،‬رسالة جامعية لنيل شهادة‬
‫ماجستري‪.2006،‬‬

‫‪-22‬ضامن حمفوظ‪ ،‬شعرية املقامة العربية‪ :‬مقاربة نقدية حتليلية للمقامة الصنعانية للحريري‪ ،‬مذكرة خترج لنيل‬
‫شهادة املاسرت يف األدب العريب القدمي ‪.2014-2018‬‬

‫‪-23‬طنوس‪ ،‬د‪ .‬وهيب‪ ،‬يف النثر العباسي‪( ،‬ط‪ ،3‬سوريا‪ ،‬منشورات جامعة حلب – كلية اآلداب والعلوم‬
‫اإلنسانية‪1990-1949 ،‬م)‪.‬‬

‫‪-24‬علي حممد السيد خليفة‪ ،‬الفكاهة يف مقامات بديع الزمان اهلمذاين‪( ،‬ط‪ ،1‬دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬اإلسكندرية‪1،‬ط‪.)2010،‬‬

‫‪-25‬ماجدة السايح ملبارك‪ ،‬مجالية تداخل اخلطابات يف مقامات بديع الزمان اهلمذاين‪ ،‬مذكرة خترج من‬
‫متطلبات نيل شهادة املاسرت يف اللغة واألدب العريب ‪.2019-2014‬‬

‫‪-26‬جممع اللغة العربية‪ ،‬معجم الوسيط‪( ،‬مصر‪ ،‬دار الدعوة‪2004 ،‬م)‪.‬‬

‫‪-28‬مقـدم فاطمة‪ ،‬خطاب املقامة لدى الشيخ حممد بن عبد الرمحن الديسي–مقاربة تداولية‪ ،‬أطروحة مقدمة‬
‫لنيل شهادة الدكتوراه‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪-24‬موسى سليمان‪ ،‬األدب القصصي عند العرب‪( ،‬ط ‪ ،3‬بريوت‪ ،‬دار الكتاب اللبناين‪1943 ،‬م)‪.‬‬

‫‪-29‬يوسف نور عوض‪ ،‬فن املقامات بني املشرق واملغرب‪( ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ ،‬دار القلم‪1979،‬م)‬

‫‪31‬‬

You might also like