Professional Documents
Culture Documents
المؤسسات السياسية 1و2 5
المؤسسات السياسية 1و2 5
المؤسسات السياسية 1و2 5
عرفت التجارب الدولية الدستورية المعاصرة عدة تجارب سنتطرق لبعضها بايجاز
وخاصة فيما يتعلق بمفهوم عالقة الدولة بالدين.
النمودج االول :هو الدستور المجرد من الدين وهذا النمودج يمكن ان نطلق عليه أنه شكل
من اشكال العلمانية المطلقة التي تقوم على الحرية المطلقة والمجرد من المعتقد الديني،
ومن الدساتير التي إعتمدت هذا النمودج ،الدستور التركي والدستور الروسي الذي اليوجد
فيه نص على أي دين .ويعتمد هذا النمودج في طرحه على أن الدين مصدر تخلف وفيه
خطر على حرية الفرد .
النمودج الثاني:هي تلك االنواع من الدساتير التي لها امتيازا واضحا على دين االغلبية .
وبموجبه تتم مصادرة حق االقليات في ممارسة شعائرها الدينية .وهذا النمودج من
الدساتير يرتبط بتفسيرات متطرفة ومتشددة يتبناها أتباع دين االغلبية .ومن أمثال تلك
الدساتير دستور دولة النيبال لسنة 0991الذي جعل مملكة الهندوس التعترف بحق االقليات
في ممارسة شعائرها الدينية وبذلك ألغت حق المسلمين والمسحيين والبوديين في ممارسة
شعائرهم الدينية .الى حين وقوع االنقالب العسكري سنة 7112حيث تم تعديل الدستور.
ونمودج آخر يندرج في نفس السياق هي تجربة حكم طالبان،هذا الشكل موجود رغم عدم
وجود دستور لذيهم .وكذلك نمودج آخر يتمثل في نمودج اليمين الديني االسرائيلي
المتطرف ،الذي يعلن في كذا مناسبات رغبته في القضاء على جميع الديانات غير اليهودية
في دولة فلسطين المحتلة ،لو تمكن من الوصول الى الحكم وتطبيق الشريعة ،خطورة هذا
النمودج من الدساتير تكمن في رغبة فئة معينة أن تشرع لكل المجتمع باسم الدين وتعمل
على إلغاء وهضم حقوق االقليات االخرى .وهنا قد يتحول الدين الى عبأ وأداة قمع يتسلط
على رقاب االقليات .بل قد يسلط على المجالين الخاص والعام وعلى سياسة التشريع
والحكم وعلى المجتمع أيضا .لذلك يجب أن تكون أهمية الدستور مبنية على روح
الديمقراطية والحرية والمساواة والعدالة االجتماعية .كما يجب أن يكون الدستور مبني على
روح التشارك وأن يكون دقيقا في صياغته من الناحية القانونية وواضحا غير قابل للتأويل
1
الن القا عدة القانونية كيف ما كان مصدرها يجب ان تتسم بالعلمية والدقة والوضوح،الشيء
الذي يضع قيودا على االستبداد كيف ما كان نوعه.
النمودج الثالث :هي الدساتير الليبرالية ،هذا النوع محايدا دينيا يحترم جميع االديان
صراحة .وتقف خلف هذه النمادج من الدساتير فلسفة علمانية تفرض حرية الدين والمعتقد
.وتتمثل في النمودج الليبرالي االصيل .كما هو معروف في المجتمعات العريقة في
الديمقراطية ،كالنمودج الكندي و االمريكي ،واالسترالي ،والياباني ،حيث تحترم الدولة في
هذه المجتمعات المجالين الخاص والعام ،وتقف موقف الراعي والحريص على احترام
الحريات ال تحابي دينا على حساب دين آخر ،وال تسمح بأن تكره أية فئة ،وال تسمح بأن
تكره فئة معينة شخصا على الشعور بالحرج من التعبير عن شعائره الدينية أو تبني شعائر
دين دون آخر.
فالدولة في هذا النمودج تتدخل بالتشريع لحماية حقوق األفراد وال ترى أنه من مسؤولياتها
تبني أو فرض شعائر دينية معينة ،بقدر ما تسعى الى تكريس مبدأ التعايش الذي يقوم على
أن الدين لله والوطن للجميع .وهذا النمودج من الدساتير يقتضي توافقا مجتمعيا ووعيا
وتشبعا بمادئ الديمقراطية االصيلة .
وبما أن الواقع المغربي ال يحظى بهذا التوافق والوعي المجتمعي بالديمقراطية .يمكن أن
يصنف في النمودج الدستوري الرابع :الذي ينطلق من مبدأ الحرية كما يقرر وضعا خاصا
لدين األغلبية مع توافر شرطين اثنين :
أولهما :أن يكون دين االغلبية لديه القدرة على استيعاب الحقوق االساسية لكل فئات
المجتمع مهما اختلفت دياناتهم .وهو الشرط المتحقق في المجتمع المغربي بحكم تسامحه
وقدرته على التعايش وتقبله واحترامه للديانات االخرى .
ثانيا أن الدستور المغربي الجديد نصوصه واضحة ودقيقة وخاصة فيما يتعلق بالحقوق
والمساواة أمام القانون إذ أكد على ان االسالم دين الدولة مع ضمان لكل فرد في الجتمع
المغربي حرية ممارسة شؤونه الدينية ،وهو حق مضمون ألتباع كل الديانات وحتى بالنسبة
للغات و اللهجات.
2
والمغرب االن مؤهل العتماد هذا النمودج من الدساتير .مع بعض التدقيقات وذلك على
غرار بعض التجارب االخرى التي نجحت في التوفيق بين مبادئ الديمقراطية وبين تقرير
وضع الدين في الدستور ،حيث تبنت هذا النمودج كل من دولة فلندا التي عرفت تطورا
عريقا في المسار الديمقراطية حيث أن البرلمان الفلندي عرف مند سنة 0902دخول 09
إمرأة ،كذلك النمودج الدانيماركي والنرويجي وايسالندا،التي تنص دساتيرها وقوانينها
صراحة على أن المسيحية اللوثيرية هي ديانتها الرسمية ،وهو نفس الحال مع المسيحية
االنجليكانية في انجلترا .والمسيحية االرتدوكسية في اليونان وقبرص ،والكاثوليكية كديانة
رسمية في كل من االرجنتين وبولفيا وكوستاريكا والسالفادور .والمالحظ في الدول
االسالمية أنها كلها تعتز باالسالم وتشير اليه في دساتيرها صراحة .بسستثناء لبنان وألبانيا
وتركيا .وكذلك مجموعة من الدول االسالمية في دول آسيا المنتمية الى المعسكر الشرقي .
التجربة الدستورية المغربية بما راكمته عبر السنين وما يجعلها تتفرد به من مميزات ترتفع
وتسمو بها عن التقليد االعمى لنمادج ال تنسجم والهوية الحضارية المغربية العريقة ،وال
تأخد بعين االعتبار خصائصها ،لذلك فالمغرب منذ فجر االستقالل ،عرف 6دساتير:
.7100 -0996 -0997 -0927 -0921 – 0967والمبادئ االساسية التي اعتمدها أول
دستور هي " نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية ديمقراطية اجتماعية " وخالفا
لسابقه عرف كذلك الدستور الحالي انخراط االغلبية المطلقة للهيئات السياسية والنقابات
المهنية كآلية سياسية ،والمجتمع المدني وكل الهيئات المدنية والحقوقية والشبابية باالضافة
للجنة االستشارية .واضعا بذلك نمودجا مغربيا متفردا .والول مرة في تاريخ المغرب كان
الدستور من صنع المغاربة وألجلهم جميعا .وكان اسهاما ديمقراطيا تشاركيا انبثق عنه
ميثاقا دستوري ديمقراطي جديد .وجاء بهندسة جديدة شملت كل أبوابه من التصدير كجزء
اليتجزء من الدستور ،الى آخر فصل من فصوله التي ارتفع عددها من 011في دستور
0996الى 011فصال في الدستور الحالي.
3
جاء الدستور الجديد مؤسسا لنمودج دستوري مغربي متميز قائم على دعامة التشبت
بالثوابت التي يؤمن بها الشعب المغربي والراسخة في معتقده ،والمثمثلة في اسالمية الدولة
يتولى فيها الملك أمير المؤمنين ،حماية الدين وضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية لكل
أفراد المجتمع مع احترام اختالفها .وكذلك جاء مكرسا لمقومات وآليات الطابع البرلماني
للنظام السياسي المغربي ،القائم في أسسه على مبادئ سيادة االمة وسمو الدستور ،كمصدر
لجميع السلطات ،وربط المسؤولية بالمحاسبة ،في اطار نسق دستوري فعال جوهره فصل
السلط ،واستقاللها وتوازنها وغايته المثلى حرية وكرامة المواطن المغربي .ومن معالم
فصل السلط توضيح وصالحية الفصل 09من دستور 0996وتقسيمه الى فصلين إثنين
مستقلين في الدستور الحالي .الفصل 10يتعلق بالصالحيات الدينية الحصرية للملك ،أمير
المؤمنين ،رئيس المجلس العلمي االعلى ،الذي تم االرتقاء به ليصبح مؤسسة دستورية
.والفصل 17الذي حدد مكانة الملك كرئيس للدولة ،وممثلها االسمى ورمز وحدة االمة،
والضامن لدوام الدولة واستمرارها ،والستقالل المملكة وسيادتها ،ووحدتها الترابية،
والموجه االمين والحكم االسمى ،المؤمن على الخيار الديمقراطي ،وعلى حسن سير
المؤسسات الدستورية ،والذي يعلو فوق كل انتماء .وحسب مقتضات ما نص عليه هذا
الفصل يمارس الملك مهامه السيادية والضمانية والتحكيمية ،مستندا الى مقتضيات فصول
أخرى منصوص عليها صراحة في الدستور علما بأن التشريع يظل اختصاصا حصريا
للبرلمان .كما أكد جاللة الملك في خطابه ل 02يونيو ،7100على ان الدستور الجديد يعتبر
أكثر من قانون أسمى للمملكة ،بل هو االساس المتين للنمودج الديمقراطي التنموي
المغربي المتميز ،بل وتعاقدا تاريخيا جديدا بين العرش والشعب .وبعد الوقوق عند هذه
الفصول وجب علينا الوقوف عند المؤسسة الملكية كمؤسسة سياسية دستورية ومنها نعرج
على مفهومين البيعة وإمارة المؤمنين .
عرش المملكة
انسجاما مع السيرورة التاريخية لبالدنا التي اختارت منذ أزيد من اثنى عشرة قرنا وعن
حرية وطواعية النظام الملكي نمودجا لنظامها السياسي ،يستند على مقومات الدين
4
االسالمي مرتكزا على أساس امارة المؤمنين التي تنبني على البيعة والوالء ،ذلك ان الملكية
في المغرب خالفا لما عليه الحال في العديد من الملكيات في العالم لم تقم على الحروب
والعداء بل قامت على الحب والوفاء ،عن طريق البيعة وإعالن الوالء .فمنذ أول بيعة
إنعقدت للمولى إدريس والى بيعة محمد السادس كانت الحرية واالختيار مبدأ في إعالنها ،
ومن ثمة فان الحديث عن الملكية في المغرب يعود بنا للغوص في أعماق التاريخ حيث
تعاقبت على الحكم في المغرب خالل تاريخه االسالمي سبع أسر حاكمة :
عرش المغرب وحقوقه الدستورية تنتقل بالوراثة الى الولد الذكر األكبر سنا من ذرية
الملك محمد السادس ،ثم الى ابنه االكبر سنا وهكذا ما تعاقبوا ،ما عدا إذا عين الملك قيد
حياته خلفا له ولدا آخر من أبنائه غير الولد األكبر سنا ،فان لم يكن ولدا ذكر من ذرية
الملك ،فالملك ينتقل الى اقرب اقربائه من جهة الذكور ،ثم الى ابنه طبق الترتيب
والشروط السابقة الذكر".
5