Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 20

‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬

‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬


‫اإلب ِ‬
‫اضيَّةُّبالس َّنةُُّّ‬ ‫تطورُّاهتمامُّ ِ َ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫منُّخاللُّآراءُّالمستشرقُّاإلنكليزيُّجونُّكرافن ِوي ْلك ْن ُ‬
‫سونُُّّ‬
‫‪Evolution of Ibadi interest at the Sunnah‬‬
‫‪Through the opinions of English orientalist John Craven Wilkinson‬‬
‫‪1‬‬
‫مصطفىُّبنُّمحمدُّبنُّدريسو‬
‫طالب دكتوراه جامعة األمير عبد القادر للعلوم اإلسالمية ‪ -‬قسنطينة‬
‫‪m_bendrissou@yahoo.fr‬‬
‫أ‪.‬دُّمصطفىُّوينتنُّ‬
‫جامعة غرداية‬
‫‪Muouinten2002@yahoo.fr‬‬

‫تاريخ الوصول ‪ 9702/70/70:‬القبول‪/ 9797/73/70 :‬النشر على الخط‪9797/03/00 :‬‬


‫‪Received: 70/70/9702 / Accepted: 70/73/9797 / Published online : 00/73/9797‬‬
‫ال َُّّ‬
‫ملخص‪ُّ:‬‬
‫يف دراسة للمستشرق اإلنكليزي جون كرافن ِوي ْلكِْنسون‪ ،‬حتَّدث عن تطور تدوين احلديث والسنَّة عند ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة عرب األزمنة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الصعيدين املشرقي يف ُعمان واملغريب بشمال افريقيا‪ ،‬وطرح اشكاليَّة إن كان هذا التَّطور أصيال وخالصا داخل‬ ‫ومالبسات تدرجه ومنوه على َّ‬
‫املذهب اإلباضي‪ ،‬أو أنَّه تأثَّر بالوضع العام الذي سارت عليه املدارس السنية األخرى؟ أو أنَّه استنسخ منها معايريها وقواعدها يف نقد احلديث؟‪.‬‬
‫ولقد سعى ِوي ْل ِكْن ُسون يف هذه الدراسة أن جييب على هذه األسئلة قدر ما توفَّر لديه من مصادر‪ ،‬إذ أنَّه َّبّي أ َن اهتمامه بداية كان‬
‫خاصة يف هذا‬
‫اضيَّة‪ ،‬جعله يعقد دراسة َّ‬ ‫بالتَّطور االجتماعي والتَّارخيي لإلباضيَّة‪ ،‬لكن شغفه مبعرفة اشكاليَّة وحيثيات مجع احلديث عند ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫اجلانب‪.‬‬
‫وقد حاولنا يف حبثنا بعد حتليلنا هلذه الدراسة على ضوء املصادر اإلباضية أن نُبّي مدى موضوعيَّة ِوي ْل ِكْن ُسون من عدمها يف تتَّبع تدوين‬
‫احلديث عند اإلباضيَّة‪ ،‬ونسبه بعض اجلوامع واملؤلَّفات إىل أصحاهبا‪ ،‬وكذا ازالة الغموض وبعض اإلشكاالت عن شخصيات أثار حوهلا اجلدل‬
‫يف هذا املقال‪.‬‬
‫الكلماتُّالمفتاحيَّة‪ :‬االستشراق‪ -‬ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة – الدراسات احلديثيَّة ‪ -‬السنَّة واحلديث عند ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة‬‫َ‬ ‫َ‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪Through several articles on Ibadism, the English Orientalist John Craven‬‬
‫‪Wilkinson has studied the circumstances of the collection and transcription of the‬‬
‫‪Hadiths, traditions relating to the deeds and words of the Prophet of Islam Muhammad‬‬
‫‪and his companions, by the Ibadites in the East and North Africa through different‬‬
‫‪historical periods. Wilkinson has attempted to study the originality and authenticity of the‬‬
‫‪sources among scholars of the Ibadite school in comparison with the other schools of the‬‬
‫‪Sunni rite, in an attempt to provide answers to the controversial issue of the transmission‬‬
‫‪of texts of the prophetic tradition from the point of view of an English orientalist:‬‬
‫‪Key Words : Orientalism - Ibadism - Tradition of the prophet - The Hadith‬‬
‫‪studies in the Ibadite school .‬‬

‫اإلمييل‪m_bendrissou@yahoo.fr :‬‬ ‫املؤلف املرسل‪ :‬بن دريسو مصطفى‬ ‫‪1‬‬

‫‪114‬‬
‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تُعترب دراسات املستشرق الربيطاين ِوي ْل ِكْن ُسون حول املذهب اإلباضي مثرية مبا حتمله دوما من إثارة اشكاليَّات‪،‬‬
‫وقضايا هتتم باملرحلة املبكَّرة لظهور اإلسالم‪ ،‬وحتاول بشكل خاص التثبت من موثوقيَّة املصادر اإلسالميَّة‪ ،‬مما حدى‬
‫خاصة عندما استند إىل فرضيَّة‬
‫اضيَّة املتقدمة‪َّ ،‬‬ ‫باملستشرق ِوي ْل ِكْنسون إىل انتهاج أسلوب التَّشكيك يف كثري من املصادر ا ِإلب ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫السابع امليالدي ‪ ،‬مما‬
‫األول اهلجري‪َّ /‬‬
‫كون أغلب الُّتاث اإلسالمي واإلباضي منه خصوصا متَّ تدوينه على حسبه بعد القرن َّ‬
‫جعله عُرضة لكثري من التَّصرف واإلضافات اليت امتدَّت إليه من قِبل الن َّساخ والتَّالميذ‪.‬‬
‫أن ِوي ْل ِكْن ُسون ينتمي إىل مدرسة املراجعّي‪ ،‬هذه املدرسة االستشراقيَّة احلديثة‬ ‫وال غرابة يف هذا املنهج املتَّبع إذا علمنا َّ‬
‫حَّت جهود املستشرقّي الذين سبقوهم‪ ،‬مما‬ ‫تتبّن مراجعة مجيع الُّتاث اإلسالمي ومصادره‪ ،‬ومل تسلم من هذه املراجعة َّ‬ ‫اليت ي‬
‫جعلت هذه املدرسة عُرضة النتقادات شديدة من قِبَ ِل املهتمّي بالُّتاث اإلسالمي‪.‬‬
‫اضيَّة‪ ،‬ومدى اتَّباع ِوي ْل ِكْن ُسون لنفس املنهج من عدمه‪ ،‬أو‬‫وسنبحث يف هذه الدراسة عن تطور علوم السنَّة عند ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫تبّن موقفا جديدا؟ وكيف حاول أن جييب يف دراسته على األسئلة اليت طرحها‪ ،‬وعلى القضايا اليت أثارها‪ ،‬حيث من خالل‬ ‫أنَّه َّ‬
‫خاصة‪ ،‬وهذا األخري الذي سنعاجله يف هذا‬
‫يتبّي اهتمامه باملذهب اإلباضيَّة‪ ،‬وقد أفرد للجانب الفقهي واحلديثي دراسة َّ‬
‫أحباثه َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫البحث‪.‬‬
‫بالُّتمجة للمستشرق ِوي ْل ِكْن ُسون‬
‫األول يتعلَّق َّ‬
‫فإن هذا املقال اقتضى تقسيمه إىل مبحثّي‪ ،‬املبحث َّ‬ ‫وبناء على ما سبق َّ‬
‫ضمنته احلديث عن تطور علوم السنَّة عند ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة‪ ،‬وذيَّلت املقال بنقد‬ ‫وأهم دراساته حول املذهب اإلباضي‪ ،‬واملبحث الثَّاين َّ‬
‫َ‬
‫ألهم ما ذهب إليه ِوي ْل ِكْن ُسون‪ ،‬ثَّ أتبعته خبامتة هلذه الدراسة‪.‬‬

‫ونُّ َك ارفَ ُّْ ِ‬


‫نُّ ِوي ْلك ْن ُ‬
‫سونُُّّ‪ُّ،John Craven Wilkinson‬وأهمُّ‬ ‫ج ُّْ َ‬‫المبحثُّاألول‪ُّ:‬ترجمةُّالمستشرقُّ ُُّ‬
‫أعماله‪ُّ:‬‬
‫ِ‬
‫سون ‪:John Craven Wilkinson‬‬ ‫‪ /1‬ترجمة المستشرق جون ِويلْك ْن ُ‬
‫الربفسور جون كرافن ِوي ْل ِكْن ُسون ‪ John Craven Wilkinson‬مستشرق انكليزي معاصر‪ ،‬علم من أعالم‬
‫اضيَّة وعمان‪ ،‬أستاذ سابق وزميل فخري يف كليَّة سانت هيو يف جامعة أكسفورد‪St. Hugh’s ،‬‬ ‫الدارسّي حول ا ِإلب ِ‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫‪ College At the University of Oxford‬حيث كان يدرس من سنة ‪ 9191‬حَّت سنة ‪ 9111‬عام تقاعده‪.‬‬
‫الشرق األوسط قبل أن يعود إىل أكسفورد لكتابة أطروحة‬
‫مستشارا يف شركات النفط العامليَّة يف َّ‬
‫ً‬ ‫عدة سنوات‬ ‫عمل َّ‬
‫دكتوراه حول اإلمامة ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة يف سلطنة عُمان‪.‬‬‫َ‬

‫(‪ )2‬ا ِإلب ِ‬


‫اضيَّة أصوهلا وتطورها املب يكر يف عمان‪ ،‬تأليف جون كرافن ولكنسون‪ ،‬سلسلة دراسات استشراقية يف املذهب اإلباضي (‪ ،)9‬ترمجة‪ :‬د‪.‬‬‫َ‬
‫الغشام للنشر والُّتمجة‪ ،‬سلطنة عمان مسقط‪ ،‬ص ‪294‬‬
‫هالل بن سعيد احلجري‪ ،‬الطبعة االوىل‪ 4192 ،‬مسقط‪ ،‬بيت َّ‬
‫وانظر أيضا‪ :‬تطور الفقه عند اإلباضيَّة من خالل أراء املستشرق جون كرافن ويلكنسون‪ ،‬مصطفى بن دريسو‪ ،‬د‪ .‬مصطفى ويننت‪ ،‬جملة الشهاب‪،‬‬
‫جملد ‪ ،2‬عدد ‪ ،10‬حمرم ‪/9221‬سبتمرب ‪ ،4194‬جامعة الوادي‪ .‬ص ‪449 – 941 :‬‬
‫‪115‬‬
‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬
‫وقد ساهم بأحباث عديدة حول اجلانب التَّارخيي واألنُّتبولوجي لعمان‪ ،‬من ذلك مثال مستوطنة املياه والُّتاب يف‬
‫جنوب شرق اجلزيرة العربيَّة (أوكسفورد) ‪ ،9111‬وتقاليد اإلمامة يف عمان (كومربيدج ‪ ،)9141‬واحلدود العربيَّة (لندن‬
‫اضيَّة أصوهلا وتطورها املبكر يف عمان (أكسفورد ‪ ،)4191‬فضال عن ذلك نشر جمموعتّي من الصور‬ ‫‪ ،)9119‬وا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫الفوتوغرافيَّة عن تلك املناطق‪.‬‬
‫الشرق األوسط حول‬‫كما كان زميال زائرا يف جامعة هارفارد‪ ،‬وكان مستشارا لبعض القضايا للعديد من احلكومات يف َّ‬
‫على مسألة النزاع على احلدود‪.‬‬
‫ويروي عن نفسه أنَّه زار مكتبة مدينة بّن يزقن الغنَّاء يف غرداية بدولة اجلزائر سنة ‪ ،9111‬باحثا عن خمطوطات‪ ،‬أين‬
‫مشقة(‪ ،)3‬مع اإلشارة َّ‬
‫أن‬ ‫العزابة واآلباء البيض الذين وفَّروا له سبل االطالع على املخطوطات دون َّ‬
‫التقى بأعضاء من حلقة َّ‬
‫بعض الباحثّي من قبله كاملستشرق الفرنسي إميل ماسكوراي (‪ Émile Masqueray)4‬كانوا يذكرون غالبا أنَّم جيدون‬
‫عرقلة وصعوبة يف حبثهم من خالل مشقَّة احلصول على املخطوط‪ ،‬ولعل هذا تفنيدا ملن سبق من املستشرقّي‪ ،‬أو أن يكون‬
‫تغيريا يف املوقف من قبل القائمّي على حفظ املخطوطات‪ ،‬ل َّـما عُلم صدق نية الباحث‪ ،‬أو ل َّـما عرفت املكتبات اليت حتوي‬
‫املخطوط يف ميزاب تنظيما وضبطًا‪.‬‬

‫ِ‬
‫سون حول المذهب اإلباضي‪:‬‬ ‫‪ /2‬أهم دراسات ِويلْك ْن ُ‬
‫عدة بّي حبث تارخيي وعقدي‬ ‫أعمال ِوي ْل ِكْن ُسون حول املذهب اإلباضي عديدة‪ ،‬تتجاوز ثالثّي دراسة يف جماالت َّ‬
‫وفقهي‪ ،‬وكذا السنَّة النبويَِّة الشريفة‪ ،‬وأحباث أخرى ترتَّكز باخلصوص فيما يتعلَّق بسلطنة عمان‪ ،‬يف تارخيه وثقافته وعالقاته‬
‫اخلارجيَّة ومن أهها‪:‬‬
‫‪ /9‬أصول الدولة العمانية‪ ،‬وشبه الجزيرة العربية‪ ،‬المجتمع والسياسة(‪ :)5‬دراسة تارخييَّة تتعلَّق بالتَّاريخ املبكر لدولة‬
‫التصدع بّي العاصمة َم ْس َقط‬
‫عمان‪ ،‬وبداية اهلجرات العربيَّة‪ ،‬حيث تناول فيها املؤلف اجلانب اإلباضي من اإلسالم‪ ،‬وتطور َ‬
‫و َّ‬
‫الداخل العماين‪.‬‬
‫‪ /4‬آل جلندى في عمان(‪ :)6‬دراسة حول آل اجللندى‪ ،‬الذين يُعتربون من قبيلة بارزة يف عمان‪ ،‬واليت ظهرت يف‬

‫‪(3) IbadiTheology. Rereading Sources and Scholarly Works, Ersilia Francesc, Georg Olms Verlag,‬‬
‫‪Heldchim. Zurich, 2015, P,330‬‬

‫(‪ )4‬إميل ماسكوراي (‪ :Emile Masqueray )1488 - 1481‬مستشرق فرنسي‪ ،‬ولد يف روان ‪ Rouen‬مشال فرنسا وتويف اثر أزمة‬
‫خترج من كلية املعلمّي العليا سنة ‪ ،9499‬وبعد عام ‪ 9419‬عُ يّي أستاذا يف ثانوية اجلزائر‪،‬‬
‫قلبية مفاجئة وهو يف احلادية واخلمسّي من عمره‪َّ ،‬‬
‫اهتم بالدراسات حول اإلباضية‪ ،‬والدراسات الرببرية بشكل خاص‪ ،‬من آثاره‪ :‬حتقيق كتاب سري أيب‬ ‫عمل مديرا ملدرسة اآلداب العليا باجلزائر‪َّ ،‬‬
‫زكرياء‪ ،‬سنة ‪ ،9414‬كيف تألَّفت البلدان عند قبائل الرببر يف بالد األطلس (‪ ،)9449‬له دراسات عن هلجات الرببر والطوارق‪ ،‬وكان ينشر يف‬
‫جريدة " الفيجارو" مقاالت حتت عنوان " ذكريات ومشاهد افريقيا‪ .‬ينظر ‪Emil Masqueray, Augustin Bernard,(dans Revue :‬‬
‫‪Africaine , V38, Année 1894),150‬‬
‫)‪(5‬‬
‫‪The origins of the romans state, the arabian peninsula, society and politics .. ED. Derek Hopwood.‬‬
‫‪London : George Allen and Unwin LTD, 1979, 67-88‬‬
‫)‪(6‬‬
‫‪The Julanda of Oman, studies (Muscat, Ministry of information and culture), I (1975), 97 -108‬‬
‫‪116‬‬
‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬
‫اهلجرة الثَّانية حلركة اهلجرات العربيَّة لعمان‪ ،‬حَّت أقامت إمامة إباضيَّة يف ناية القرن الثَّاين اهلجري‪/‬الثَّامن امليالدي‪ ،‬ودراسة يف‬
‫تاريخ القبيلة من خالل هجراهتا والعالقات مع الفرس‪ ،‬ودورها املهيمن على البالد العربيَّة‪ ،‬وانتهت فُّتة هيمنتهم سنة (‪ 206‬ه‬
‫‪444/‬م) بعد حماولة اإلطاحة الفاشلة باإلمامة يف عمان‪.‬‬
‫‪ /0‬اإلمامة ا ِإلب ِ‬
‫اضية(‪ :)7‬دراسة حول النَّظرية ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة يف اإلمامة والواقع العملي يف تطبيق اإلمامة يف اجملتمع اإلباضي‬‫َ‬ ‫َ‬
‫األمة واإلمام يف القرن الثَّاين‪/‬الثَّامن اهلجري‪ ،‬مع‬
‫بعمان‪ ،‬يف أزمنة وأماكن متعددة‪ ،‬وكذلك دراسة طبيعة العقد الذي يربط بّي َّ‬
‫عقد مقارنة مع إباضية املغرب‪ ،‬وبّي ما هو موجود كذلك عند أهل السنة‪ ،‬ث عرض لبعض مبادئ اإلمامة املطروحة يف باب‬
‫الصائغي من خالل كتابه " َكْنـ ُز األَ ِد ِ‬
‫يب َو َسالَفَةُ اللَّبيب"‪.‬‬ ‫اإلمامة لسامل بن سعيد َّ‬
‫وخاصة ما يتعلَّق بظروف مجع‬ ‫َّ‬ ‫اضية (محاولة للتطبيع)(‪ :)8‬دراسة يف احلديث عند ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة‪،‬‬ ‫‪/2‬الحديث عند ا ِإلب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الربيع بن حبيب‪ ،‬وديوان جابر بن زيد‪،‬‬ ‫الربيع بن حبيب‪ ،‬وآثار َّ‬ ‫اضيَّة‪ ،‬ودراسة يف مسند َّ‬ ‫السند عند ا ِإلب ِ‬
‫احلديث‪ ،‬وتسلسل َّ‬
‫َ‬
‫وهذا البحث اليت سيكون حمور دراستنا يف هذا املقال‪.‬‬
‫‪ /5‬ا ِإلب ِ‬
‫اضية أصولها وتطورها المب ّكر في عمان‪ ،)9(:‬دراسة حاولت استنطاق بعض النصوص الغائصة يف القرون‬ ‫َ‬
‫عما كتبه سابقا حول اإلمامة واحلديث وغريها‪.‬‬ ‫األوىل لإلسالم‪ ،‬وهي عصارة فكره حول املذهب اإلباضي‪ ،‬وخمتصرا َّ‬
‫وهو حبث يغلب عليه الطَّابع التَّارخيي‪ ،‬وتتبع التَّطور التَّارخيي لبعض القضايا الكالميَّة ومنشأها وأصلها َّ‬
‫األول منذ‬
‫الشك والريبة‪ ،‬فبدأ يبحث عن اثباتات هلا من‬ ‫البواكري األوىل لإلسالم‪ ،‬ووضع ِوي ْل ِكْن ُسون بعض املسلَّمات التَّارخييَّة موضع َّ‬
‫خالل مقابلة النصوص ببعضها البعض‪.‬‬
‫ولكن ما مييَّز دراسته َّأنا يغلفها غالبا تأويل الظَّواهر سواء الدينيَّة أو االجتماعيَّة من خالل الطَّابع القبلي القدمي‪ ،‬إذ‬
‫أن أغلب حتليالت ِوي ْل ِكْن ُسون مل تنفك من تفسريها وردها إىل العصبيَّة القبيَّلة‪ ،‬سواء تعلَّق األمر بوالءات أو عداوات بّي‬
‫(‪)10‬‬
‫القبائل‪ ،‬حيث يقول يف هذا " االنتماء القبلي هو مفتاح اللغز كله"‬
‫وِوي ْل ِكْن ُسون ينتمي ملدرسة "المراجعون الجدد ‪ 11" les nouveaux Révisionnistes‬اليت تعتمد على مبدأ‬
‫)‪(7‬‬
‫‪The ibadi imam, Bulletin of the school of Oriental and african studies (London)39 (1976), 535 - 551‬‬
‫)‪(8‬‬
‫‪Ibadi Hadith ; An essay on normalization, Der Islam (Berlin) 62 (1985), 231 - 259‬‬
‫(‪)9‬ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة أصوهلا وتطورها املب يكر يف عمان‪ ،‬تأليف جون كرافن ولكنسون‪ ،‬سلسلة دراسات استشراقية يف املذهب اإلباضي (‪ ،)9‬ترمجة‪ :‬د‪.‬‬‫َ‬
‫الغشام للنشر والُّتمجة‪ ،‬سلطنة عمان مسقط‪.‬‬
‫هالل بن سعيد احلجري‪ ،‬الطبعة االوىل‪ 4192 ،‬مسقط‪ ،‬بيت َّ‬
‫‪Ibadism Origins and Early Development in Oman. : Wilkinson: J.C ; New York – Oxford 2010‬‬
‫اضيَّة أصوهلا وتطورها املب يكر يف عمان ‪ ،‬ص ‪441‬‬ ‫(‪ )10‬ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫( ‪ )11‬مدرسة "المراجعون الجدد" » ‪ : « les nouveaux Révisionnistes‬مدرسة تعتمد على مبدأ التَّشكيك يف مصادر اإلسالم‪،‬‬
‫أن اإلسالم ما هو إال خليط من أفكار من‬ ‫وتتبّن بشكل خاص البحث يف موثوقيَّة مجع وتدوين الُّتاث اإلسالمي‪ ،‬وهذه املدرسة تلخص نظريَّة َّ‬ ‫َّ‬
‫السابع والثَّامن امليالديّي‪ ،‬وكل النصوص من سرية وأحاديث نبويَّة وقصص‬ ‫الديانة اليهوديَّة‪ ،‬ومن مصادر يونانيَّة وسريانيَّة اليت تعود إىل القرنّي َّ‬
‫الدولة العبَّاسية اليت متثَّل َّ‬
‫الدولة الدينيَّة‪ ،‬وبإمكانا كتابة التَّاريخ والسري وفق أهوائها‪ ،‬وقد‬ ‫وتاريخ ومغازي كانت قد كتبت أو لفقت يف عصر َّ‬
‫برزت هذه املدرسة مع جون وانسربو سنة ‪ 9111‬بعد إصداره لكتاب دراسات قرآنية‪ ،‬أين يشكك فيه حول مصدريَّة القرآن الكرمي وظروف‬
‫الشرق األدىن والدراسات‬
‫خصصت كرسيا لدراسات َّ‬ ‫تدوينه‪ ،‬وقد تبنَّت هذه املدرسة جامعة برنستون بالواليات املتَّحدة األمريكيَّة حيث َّ‬
‫اإلسالميَّة‪ ،‬وكان يُشرف عليهما برنارد لويس‪ ،‬وبعد وفاته خلفه كل من باتريسيا كرون ومايكل كوك‪ ،‬وغريها نظرا لتوسعها وتطور أعماهلا‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫الساملي‪ ،‬مقال يف جملة احلوار اليوم‪، 1822/80/80 ،‬‬ ‫الرمحن َّ‬ ‫"املراجعون اجلدد" مدرسة استشراقية جديدة؟‪ ،‬عبد َّ‬
‫‪117‬‬
‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬
‫وتتبّن بشكل خاص البحث يف موثوقيَّة مجع وتدوين الُّتاث اإلسالمي‪ ،‬والذي حبسب هذه‬
‫التَّشكيك يف مصادر اإلسالم‪َّ ،‬‬
‫املدرسة يكون قد ُمجع بعد قرن ونصف من نشأة اإلسالم‪ ،‬وذلك إلعطاء صبغة َّ‬
‫أن اضافات عديدة قد أُدخلت إىل اإلسالم‬
‫من قبل النساخ‪ ،‬مما أفقده صفاءه ونقاءه‪ ،‬وهو يلخص كذلك نظريَّة َّ‬
‫أن اإلسالم ما هو إال خليط من أفكار من الديانة‬
‫السابع والثَّامن امليالديّي(‪.)12‬‬
‫اليهوديَّة‪ ،‬ومن مصادر يونانيَّة وسريانيَّة اليت تعود إىل القرنّي َّ‬
‫ُّ‬
‫اإلب ِ‬ ‫المبحثُّالثاَّني‪ُّ:‬ا َّ‬
‫اضيَّةُّوتطورها‪ُُّّ:‬‬ ‫لسنةُّعندُّ ِ َ‬
‫تُعترب السنَّة عند اإلباضيَّة املصدر الثَّاين للتَّشريع ‪ ،‬بعد القرآن الكرمي‪ ،‬ويليهما اإلمجاع والقياس‪ ،‬وقد قال فيه هذا‬
‫العالَّمة اإلباضي نورالدين َّ‬
‫الساملي‪:‬‬
‫حد أصول الفقه علم يقتدر *** به على استنباط أحكام السور‬
‫(‪)13‬‬
‫الرسول واإلمجاع *** كذلك القياس مع نزاع‬ ‫وسنَّة َّ‬
‫أن ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة ال ميتلكون املصدر الثَّاين للتَشريع‪ ،‬والذي يتعلَّق بالسنَّة النَّبوية‪ ،‬إذن فعلى حسبه ال‬ ‫ِ‬
‫بينما يعترب ِوي ْلكْن ُسون َّ َ‬
‫حديث هلم باملصطلح السّن‪ ،‬ويعترب هذا األمر حجرة عثرة أمام إبراز املذهب اإلباضي مذهبا قائم األركان‪ ،‬ويذ ُكر املؤلف َّ‬
‫أن‬
‫اضيَّة أنفسهم يلجؤون إىل اجملامع السنية ألخذ احلديث منها ولتغطية هذا العوز والنقص‪ ،‬وكانوا يف الفُّتة املتقدمة غالبا ما‬ ‫ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫الشافعي واملالكي يف مناطق تواجدهم‪،‬‬ ‫خيلطون احلديث باآلثار‪ ،‬ومل يكن لإلباضية إسهام يف احلديث إال بعد انتشار املذهبّي َّ‬
‫اضيَّة يف احلديث‪ ،‬لذلك برز عندهم أهيَّة‬ ‫سواء كان ذلك يف املشرق أو يف مشال افريقيا‪ ،‬حيث ظهر بشكل واضح ضعف ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫مراجعة هذا القصور‪.‬‬
‫عدة‪،‬‬‫اضيَّة على قراءة كتب أهل السنَّة‪ ،‬جعلهم يراجعون أنفسهم يف مسائل َ‬ ‫وذهب الباحث إىل اعتبار أ َّن انفتاح ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫ومنها باخلصوص مسألة احلديث‪ ،‬حيث مل يكن بوسعهم جتاهل تلك الدراسات واليت هي يف الغالب تستند إىل أقول النَّيب‬
‫ﷺ‪ ،‬ومل يكن لإلباضية حديث باملعىن االصطالحي‪ ،‬أو مبعىن أدق يساير املعايري السنَّية يف قبول احلديث‪ ،‬وهلذا اعترب‬
‫أن ا ِإلب ِ‬ ‫ِ‬
‫أي حديث تقريبا"‬
‫اضيَّة مل يكن هلم حديث فيقول "حَّت القرن الثَّالث ال جند هلم َّ‬ ‫ِوي ْلكْن ُسون َّ َ‬
‫(‪)14‬‬

‫وعلى حسبه من أجل ذلك دأب العلماء من املذهب اإلباضي على صياغة احلديث وفق مذهبهم‪ ،‬مع مراعاة‬
‫السنية‪ ،‬وجند من الذين سعوا جاهدين يف ذلك أبو يعقوب بن يوسف الوارجالين‪.‬‬ ‫مقاييس املدرسة ي‬
‫اضيَّة واليت ذكرها الباحث‬‫َ‬ ‫وقبل أن نناقش آراء ِوي ْل ِكْن ُسون فيما سبق حري بنا أن نت َّ‬
‫عرف على كتب السنة عند ا ِإلب ِ‬

‫‪« ،)20:88 1820/82/82( : http://www.altasamoh.net/Article.asp?Id=391‬املراجعون اجلدد» واإلسالم األول‪ ،‬د‪ .‬رضوان السيد‪ ،‬مقال‬
‫يف جريدة االحتاد‪.)28:08 1822/80/28( http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=85843 ،1822 ،‬‬
‫(‪" )12‬املراجعون اجلدد" مدرسة استشراقية جديدة؟‪ ،‬عبد الرمحن الساملي‪ ،‬مقال يف جملة احلوار اليوم‪، 4199/14/14 ،‬‬
‫‪)90:11 4194/19/19( : http://www.altasamoh.net/Article.asp?Id=391‬‬
‫( ‪ ) 13‬طلعة الشمس‪ ،‬شرح األصول‪ ،‬نورالدين عبد اهلل بن محيد الساملي‪ ،‬حتقيق جمموعة من العلماء‪ ،‬تقدمي عبد اهلل ربيع‪9202 ،‬هـ‪،4194 /‬‬
‫دار الكتاب املصري‪ ،‬ص ‪41‬‬
‫(‪ )14‬ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة أصوهلا وتطورها املب يكر يف عمان‪ ،‬ص ‪.219‬‬‫َ‬
‫‪118‬‬
‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬
‫بنفسه‪:‬‬
‫اضية‪:‬‬ ‫‪/1‬كتب الحديث عند ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫أحصى ِوي ْل ِكْن ُسون لإلباضية مثانيَّة مؤلَّفات حديثيَّة بّي شرح وترتيب‪ ،‬وحاشية ‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫(‪)15‬‬

‫الربيع بن حبيب األزدي الفراهيدي (‪41‬هـ‪915-‬هـ)‬ ‫‪ .9‬مسند َّ‬


‫السائب ( ت بّي ‪ 911‬ه‪ 951/‬ه ـ))‬
‫ضمام بن َّ‬‫الربيع بن حبيب (تشمل الفتيا‪ ،‬ومرويات ُ‬ ‫‪ .4‬آثار َّ‬
‫(‪)16‬‬
‫ترتيب املسند أليب يعقوب يوسف بن ابراهيم الوارجالين (‪ 511‬هـ ‪9912/‬م)‬ ‫‪.0‬‬
‫(‪)17‬‬
‫(‪9442‬هـ‪9004 -‬هـ‪9491 /‬م‪)9192 -‬‬ ‫الساملي‬
‫شرح مسند الَّربيع بن حبيب لنورالدين عبد اهلل َّ‬ ‫‪.2‬‬
‫(‪)18‬‬
‫الُّتتيب حممد بن يوسف اطفييش (‪9004‬هـ‪9192/‬م)‬ ‫ترتيب َّ‬ ‫‪.5‬‬
‫(‪)19‬‬
‫الُّتتيب أليب ستة القصيب (‪9144‬هـ ‪9911/‬م)‬ ‫حواشي َّ‬ ‫‪.9‬‬

‫اضيَّة‪ ،‬حبث عن التَّقريب بّي ا ِإلب ِ‬


‫اضيَّة ومذاهب السنة ‪ :‬جون كرافن ويلكنسون‪ ،‬ترمجة بكري أوالد باهبون‪ ،‬اجلزائر‬ ‫(‪ )15‬احلديث عند ا ِإلب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪john c wilkinson,“Ibadi hadith: an essay on normalization,” Der Islam, vol. 62, pt.2 ،9 ،9141/14/99‬‬
‫)‪(1985‬‬

‫( ‪ ) 16‬يوسف بن إبراهيم بن مناد السدراتي الوارجالني (أبو يعقوب)‪( ،‬و ~‪511 :‬هـ ‪9915 /‬م ‪ -‬ت‪511 :‬هـ ‪9915 /‬م) ‪ ،‬علم من‬
‫أشهر علماء اإلباضيَّة باملغرب‪ ،‬ترك بصمات بارزة يف الُّتاث اإلباضي خصوصا‪ ،‬واملكتبة ا ِإل ْسالَِميَّة عموما‪ ،‬أقام بقرطبة سنّي عدداً‪ ،‬وحصل‬
‫الدليل والربهان ألهل العقول"‪ :‬وهو يف أصول الدين وعلم الكالم‪" ،‬العدل واإلنصاف يف‬ ‫منها خمتلف العلوم النقليَّة والعقليةَّ‪ ،‬ومن مؤلَّفاته ‪َّ " :‬‬
‫الشيخ عبد العزيز الثَّميّن يف كتاب‪:‬‬ ‫أصول الفقه واالختالف"‪" ،‬مرج البحرين" يف علم املنطق‪ ،‬وهو يف آخر كتاب َّ‬
‫الدليل والربهان‪ ،‬شرحه َّ‬
‫الربيع بن حبيب‪ ،‬كانت وفاته يف سنة ‪511‬هـ‪9915/‬م‪ ،‬ودفن مبسقط رأسه سدراتة‪.‬‬ ‫"تعاظم املوجّي يف شرح مرج البحرين"‪ ،‬ترتيب مسند َّ‬
‫معجم أعالم اإلباضيَّة‪ ،‬ص ‪ ،9195 -9191/2‬رقم التـ َّْر َمجَة‪.9121 :‬‬

‫نورالدين السالمي‪ :‬هو العالمة احملقق اجملتهد نورالدين عبد اهلل بن ُمحيد بن سلوم َّ‬
‫الساملي‪ُ ،‬ولد باحلوقّي من أعمال الرستاق‪ ،‬التَّابعة لسلطنة‬ ‫( ‪) 17‬‬

‫الشمس على األلفية يف علم أصول الفقه‪ ،‬هبجة‬ ‫الساملي‪ :‬شرح طلعة َّ‬
‫ُع َمان‪ ،‬عام ‪9449‬هـ‪9491 /‬م‪ ،‬أسهم يف نضة ُع َمان العلمية‪ ،‬من آثار َّ‬
‫األنوار شرح أنوار العقول يف التَّوحيد‪ ،‬حتفة األعيان بسرية أهل ُع َمان يف التَّاريخ‪ ،‬كتب احلجج املقنعة يف أحكام صالة اجلمعة‪ ،‬شرح بلوغ األمل‬
‫يف املفردات واجلمل‪ ،‬جوهر النظام يف علمي األديان واألحكام وغريها من املؤلَّفات‪ ،‬تويف سنة ‪1332‬هـ ‪9192 /‬م ودفن يف تنوف بسلطنة‬
‫الر ْمحَن عمرية‪،‬‬
‫الساملي‪ ،‬مشارق أنوار العقول‪ ،‬تعليق مساحة السيخ أمحد بن محد اخلليلي‪ ،‬حتقيق د‪ .‬عبد َّ‬
‫ُع َمان‪ .‬ينظر أبو حممد عبد اهلل بن محيد َّ‬
‫ص ‪.83 – 99/9‬‬
‫( ‪ ) 18‬امحمد بن يوسف بن عيسى‪ ،‬اطفيش‪ :‬المشهور " قطب األئمة" (و ‪1237‬هـ‪1821 /‬م‪1332 -‬هـ ‪1914 /‬م)‪ :‬ولد مبدينة‬
‫غرداية‪ ،‬نشأ عصاميَّا‪ ،‬ومل يسافر للدراسة خارج بلده‪ ،‬وملا بلغ العشرين أصبح عامل وادي ميزاب‪ ،‬بلغ درجة االجتهاد‪ ،‬له العديد من املؤلَّفات يف‬
‫شَّت أنواع العلوم تربوا على ثالمثائة مؤلَّف بّي خمطوط ومطبوع‪ .‬معجم أعالم اإلباضيَّة‪ ،‬ص ‪4/835‬‬‫َّ‬
‫( ‪ )19‬أبو عبد اهلل محمد بن أبي ستة القصبي السدويكشي الشهير بـ"المحشي" و ( ‪2811‬هـ ‪2121 /‬م ‪ -‬ت‪2800 :‬هـ ‪2122 /‬م)‪:‬‬
‫عامل جليل من أشهر علماء جزيرة جربة‪ ،‬له حواشي كثري لعدد كبري من الكتب‪.‬‬
‫‪)20:22 1820/80/12( /http://www.tourath.org/ar/content/view/1448/41‬‬

‫‪119‬‬
‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬
‫(‪)20‬‬
‫(‪9440‬هـ‪9414/‬م)‬ ‫الُّتتيب لعبد العزيز بن ابراهيم الثَّميّن‬
‫خمتصر حاشية أيب ستَّة القصيب على َّ‬ ‫‪.1‬‬
‫‪21‬‬
‫ترتيب حممد بن يوسف اطفيش ملدونة أيب غامن اخلرساين (‪ 9004‬هـ ‪9192/‬م)‬ ‫‪.4‬‬
‫ونالحظ من خالل ما سبق من ذكره من املصادر اإلباضيَّة يف احلديث‪ ،‬واليت كان ويلكنسون على اطالع‬
‫عامة‪ ،‬ويقرر أن ال حديث عند اإلباضية‪ ،‬أو َّ‬
‫أن اإلباضيَّة قد اكتسبوا‬ ‫بالرغم من ذلك يعطي أحكاما َّ‬ ‫عليها‪ ،‬جنده َّ‬
‫صياغة احلديث كليَّة من أهل السنَّة‪ ،‬ويتغافل َّ‬
‫أن َّأول مسند لإلباضيَّة يعود صاحبه للقرن الثَّاين اهلجري‪.‬‬
‫الربيع بن حبيب‪ ،‬وترتيب املسند للوارجالين ألنَّه حبسبه‬ ‫الدراسة لتطور احلديث اقتصر ِوي ْل ِكْن ُسون على مسند َّ‬‫يف هذه َّ‬
‫ميثَّل املنعرج يف بداية صياغة احلديث عند اإلباضي وفق املعايري السنية للحديث‪.‬‬
‫‪ :2‬مسند الربيع بن حبيب‪:‬‬
‫الربيع بن حبيب‪ ،‬والذي اشتهر هبا‪ ،‬وكان مرتبَّا على حسب األسانيد‪ ،‬إىل أن جاء‬ ‫يعترب املسند من أهم كتب َّ‬
‫الرواة املشهورين يف‬ ‫الشيوخ‪ ،‬إال َّ‬
‫أن َّ‬ ‫الربيع بن حبيب عن كثري من َّ‬‫الوارجالين وأعاد ترتيبه على األبواب الفقهيَّة‪ ،‬وقد روى َّ‬
‫الصحابة رضوان اهلل عليهم‪ ،‬ويضم املسند ‪ 121‬حديثا(‪.)22‬‬‫وضمام وأبو نوح عن جابر بن زيد عن َّ‬ ‫مسنده هو أبو عبيدة‪ُ ،‬‬
‫الربيع بن حبيب ينقسم إىل ثالثة أقسام‪:‬‬ ‫ويرى ِوي ْل ِكْن ُسون َّ‬
‫أن املأخوذ من َّ‬
‫‪ .9‬اآلثار‬
‫‪ .4‬ال ُفتيا‬
‫دونه التَّالميذ‪.‬‬
‫‪ .0‬ما َّ‬
‫الربيع ديوان جابر بن زيد الذي اعتربه لغزا‪ ،‬لصعوبة تتبع أثره‪ ،‬والتَّأكد من‬
‫وأضاف على ما سبق من مصادر َّ‬
‫وجوده‪.‬‬
‫البد َّأنم كانوا يدونون آراءه‪ ،‬أو بعضا منها‪ ،‬رغم كره جابر‬
‫وكذلك باإلمكان تتبع تالميذ جابر بن زيد‪ ،‬الذين َّ‬

‫( ‪ ) 20‬عبد العزيز بن إبراهيم ابن عبد اهلل بن عبد العزيز‪ ،‬الثميني الملقب "بـضياء الدين" و‪3311 :‬هـ ‪3131 /‬م – ت‪ :‬ا ‪3221‬هـ ‪/‬‬
‫‪3111‬م)‪ ،‬علم من أعظم أعالم اإلباضيَّة‪ ،‬من بّن يسجن مبيزاب‪ ،‬نبغ يف علوم اللغة العربيـَّة و َّ‬
‫الشريعة واملنطق وغريها‪ ،‬خاض مع شيخه معركة‬
‫الصالة‪ ،‬التاج على املنهاج يف ستَّة وعشرين‬
‫اإلصالح يف اجملتمع‪ .‬من مؤلفاته نذكر‪ :‬األسرار النورانيـَّة وهو شرح ملختصر شرح رائيـَّة أيب نصر يف َّ‬
‫أخل به كتاب النيل‪ ،‬كتاب النيل وشفاء العليل‪ ،‬معجم أعالم اإلباضيَّة‪ ،‬ص ‪ ،201 – 201/0‬رقم التـ َّْر َمجَة‪.222 :‬‬ ‫جزءًا‪ ،‬التكميل لِما َّ‬
‫( ‪ ) 21‬بشر بن غانم الخراساني‪ ،‬أبو غانم (ق‪0‬هـ‪1 /‬م )‪ ،‬إمام حافظ فقيه‪ ،‬من أهل خراسان‪ ،‬قدم إىل البصرة لتلقي العلم على يد علماء‬
‫باملدونة يف أواخر‬
‫اإلباضية هناك‪ ،‬فدرس على يد تالمذة أيب عبيدة مسلم بن أيب كرمية التَّميمي (ت ‪ )212‬وقييد عنهم مساعا كتابه املشهور َّ‬
‫الر ْمحَن (ت ‪180-200‬هـ) ومعه‬
‫الوَّهاب بن عبد َّ‬
‫القرن الثاين اهلجري‪ ،‬ث خرج من املشرق متوجها إىل املغرب ليفد على اإلمام الرستمي عبد َ‬
‫ورجح احملققون َّ‬
‫أن الديوان املعروض من تأليفه‪ ،‬وتويف بالتقريب سنة‬ ‫مدونته املشهورة‪ ،‬عرف أبو غامن بتواضعه وحرصه الشَّديد على طلب العلم‪َّ ،‬‬
‫‪ 182‬هـ‪https://www.tourath.org/ar/content/view/116/41/ )63:33 8362/30/61( .‬‬
‫الربيع بن حبيب الفراهيدي (ق‪ 1‬هـ)‪ ،‬ط‪2101 ،1‬هـ‪1822 /‬م‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون الدينية‪ ،‬سلطنة‬
‫الصحيح مسند اإلمام َ‬
‫( ‪ ) 22‬اجلامع َّ‬
‫عمان‪ ، ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪120‬‬
‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬
‫لذلك(‪.)23‬‬
‫وزاد املؤلف َّ‬
‫أن من املصادر ما يوجد من اآلثار يف أجوبة ابن خلفون (ق‪9‬هـ) الذي حسب رأيه استشهد مبقاطع‬
‫الربيع بن حبيب(‪ )24‬وجابر‬
‫مدونة أيب غامن من أهم الكتب اليت حتتوي آثارا عن َّ‬
‫من كتاب أيب صفرة‪ ،‬والذي يعترب هو و َّ‬
‫بن زيد‪.‬‬
‫‪ :1‬آثار الربيع بن حبيب‪:‬‬
‫يذهب املغاربة حسب ِوي ْل ِكْن ُسون إىل أنَّه ال عالقة بّي مسند َّ‬
‫الربيع وفتاويه وآثاره‪ ،‬فكال الثَّالثة منفصلة عن‬
‫الربيع يف فتاويه‪ ،‬أو من‬
‫بعضها البعض‪ ،‬ولكن مل يذكر هل اشتملت هذه اآلثار على بعض أحاديث استشهد هبا َّ‬
‫دون تالمذته من بعض األحاديث اليت مل ترد يف مسنده؟‬
‫خالل ما ي‬
‫مدونة أيب غامن‬
‫ورجح أن تكون َّ‬ ‫وكذلك ال ميكن أن تكون آراء جابر بن زيد‪ ،‬حيث إ َّنا آراء فقهيَّة‪َّ ،‬‬
‫للربيع‪.‬‬
‫اخلرساين اليت تضم آثارا َّ‬
‫ويذهب ِوي ْل ِكْن ُسون إىل االعتقاد بشكل كبري َّ‬
‫أن الديوان املعروض(‪ )25‬كتبه َّ‬
‫نكاري(‪ ،)26‬حيث إ َّن عبد اهلل‬
‫(‪)27‬‬
‫الفزاري الذي يتبعه الكوفيون قد ورد امسه كثريا يف الديوان‪.‬‬
‫َّ‬
‫الرحيل‪ ،‬كانت متوفرة يف زمن أيب يعقوب‬ ‫وهذه املصادر على حسبه إضافة إىل كتاب أيب سفيان حمبوب بن َّ‬
‫الوارجالين‪.‬‬

‫(‪ )23‬قضيَّة تدوين احلديث أو آثار العلماء والنَّهي عن ذلك ورد فيه كثري من التَّناقض بّي احلث على التَّدوين والنَّهي عنه‪ ،‬حيث إنَّه كما ُروي‬
‫الربيع بن‬ ‫عن جابر بن زيد أنَّه كان يكره ذلك‪ ،‬فقد روي عنه من جهة أخرى أنَّه كان حيث عليه فقد ورد يف كتاب جامع بيان العلم وفضله َّ‬
‫أن َّ‬
‫الرمحن بن سابط " جامع بيان العلم وفضله‪ ،‬أيب عمر يوسف بن عبد الرب (‪290‬هـ)‪ ،‬حتقيق أيب‬ ‫سعد قال‪ " :‬رأيت جابر يكتب عند عبد َّ‬
‫األشبال الزهريي‪ ،‬الطَّبعة األوىل‪ ،9112 /9292 ،‬دار اجلوزي للنَّشر والتَّوزيع‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬ص ‪091/9‬‬
‫الربيع‪ ،‬وأنَّه غري ترتيب الوارجالين‪ ،‬وعلَّق عليه وقال إنَّه خرب حمري‪،‬‬
‫يسمى حديث َّ‬‫للربيع كتابا َّ‬ ‫الربادي يف كتابه روى َّ‬
‫أن َّ‬ ‫أن َّ‬ ‫(‪ )24‬يذكر ويلكنسون َّ‬
‫فلعل الكاتب أشكل عليه األمر‪.‬‬‫الربيع‪َّ ،‬‬ ‫إال أنّن راجعت كتاب الربَّادي‪ ،‬ومل أجد هلذا الكتاب ذكرا‪ ،‬إال كلمة مسند َّ‬
‫(‪ )25‬يرجح الكثري من الباحثّي ومنهم الدكتور عمرو خليفة الناَّمي فرضيَّة كون الديوان املعروض من تأليف أيب غامن بشر بن غامن اخلراساين‬
‫املدونة‪ ،‬ذلك أنَّنا جند نفس الرواة واملصادر الذين اعتمدهم يف مدونته‪ ،‬جندهم يف الديوان املعروض‪ ،‬وهذا الديوان يضم أقوال قتادة‬
‫صاحب َّ‬
‫الصالة جلابر بن زيد‪ ،‬ونكاح الشغار لعبد اهلل بن عبد العزيز‪ .‬ينظر‬
‫ضمام‪ ،‬وكتاب النكاح و َّ‬
‫الربيع ومرويات ُ‬
‫وآثار َّ‬
‫‪)91:01 4194/10/99( https://www.tourath.org/ar/content/view/116/41/‬‬
‫(‪ )26‬النكار‪ :‬وتسمى النكاريَّة أيضا‪ ،‬مجاعة انشقت عن اإلباضيَّة يف املغرب اإلسالمي زمن اإلمامة الرستميَّة‪ ،‬ومسييت كذلك إلنكارها إمامة‬
‫الرمحن بن رستم سنة ‪919‬هـ‪141 /‬م‪ .‬وعرفت باليزيديَّة نسبة إىل زعيمها أيب قدامة يزيد بن فندين اليفرين‪ .‬معجم‬ ‫الوهاب بن عبد َّ‬‫عبد َّ‬
‫املصطلحات اإلباضيَّة‪ ،‬جمموعة من الباحثّي‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون الدينيَّة‪ ،‬سلطنة عمان‪ ،‬الطَّبعة الثَّانية ‪ ،4194/9200‬ص ‪.120/4‬‬
‫(‪ )27‬ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة أصوهلا وتطورها املب يكر يف عمان‪ ،‬ص ‪.525‬‬‫َ‬
‫‪121‬‬
‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬
‫ضمام بن السائب(‪:)28‬‬ ‫‪ :8‬مرويات ُ‬
‫ويف سلسلة الرواة يذهب ِوي ْل ِكْن ُسون مذهبا غريبا حيث يرى َّ‬
‫أن املغاربة سعوا يف وضع أبا عبيدة خلفا جلابر‪،‬‬
‫الربيع بن حبيب‪ ،‬فقد أُعطي أليب‬‫عكس ما أراد سلمة بن مسلم العوتيب العماين من إغفال دور أيب عبيدة وإبراز َّ‬
‫وجعل مباشرة بعد جابر بن زيد‪ ،‬وهذا النَّسق الذي سار على دأبه‬‫عبيدة مسلم بن أيب كرمية يف املغرب مكانة كبرية‪ُ ،‬‬
‫الوارجالين‪.‬‬
‫السائب ال جند له ذكرا يف املسند إالَّ قليال‪ ،‬حيث يقول‪" :‬‬
‫ضمام بن َّ‬ ‫أن ما يثري االنتباه ما ذكره ِوي ْل ِكْن ُسون َّ‬
‫أن ُ‬ ‫إال َّ‬
‫الربيع‬ ‫ضمام" مع العلم أنَّنا جنده يف آثار َّ‬
‫الربيع‪ ،‬ومرويات َّ‬
‫(‪)29‬‬
‫أن ذلك أزعج أبا يعقوب الذي كان يعلم بالتَّحقيق كتاب ُ‬ ‫البد َّ‬
‫َّ‬
‫ضمام بن‬‫ضمام‪ ،‬وحَّت يف املسند جند له أحاديث رغم كونا معدودة‪ ،‬فمنها مثال‪ :‬أبو عبيدة عن ُ‬ ‫عن جابر عن طريق ُ‬
‫مس موضع‬‫مس عجم الذنب وضوءٌ‪ ،‬وال على من َّ‬ ‫السائب‪ ،‬قال بلغّن عن ابن عبَّاس يروي عن النَّيبء قال‪ " :‬ليس على من َّ‬ ‫َّ‬
‫(‪)30‬‬
‫االستحداد وضوءٌ"‪.‬‬
‫ضمام على حسب رأي املؤلف‪ ،‬وهل هو من الذين يوصفون بالعدول؟‬ ‫ما الذي جعل أبا يعقوب ينزعج من وجود ُ‬
‫يعتقد املؤلَّف َّ‬
‫أن مكانة أيب عبيدة عند أيب يعقوب الوارجالين وعند املغاربة ككل عظيمة فال يريدون أن ينازعه فيها أحد‪ ،‬فأبو‬
‫الُّتتيب احلديثي‪ ،‬والوارجالين يريد أن حيافظ على سند قصري‬‫ضمام حسبه يعقد َّ‬‫عبيدة يف املرتبة الثَّانية بعد جابر‪ ،‬ودخول ُ‬
‫ضمام‪،‬‬ ‫صحة احلديث‪ ،‬فلذلك ال جند يف ترتيب أيب يعقوب سوى ثالثة أحاديث ُرويت عن ُ‬ ‫يعطي له قوة ومتانة‪ ،‬وبالتَّايل َّ‬
‫(‪)31‬‬
‫واحتفظ أبو عبيدة ببقية األحاديث فكان هو النَّاقل الرئيسي‪.‬‬
‫إ َّن هذه احلكم من ِوي ْل ِكْن ُسون يدل على عدم معرفته ملنهج أيب يعقوب الوارجالين يف كتابه َّ‬
‫الُّتتيب‪ ،‬والذي يتَّعلق‬
‫الربيع بن حبيب‪.‬‬ ‫بُّتتيب مرويَّات ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة ومن بينها مرويَّات َّ‬‫َ‬
‫الربيع أن حيتفظ‬ ‫الصحيح‪ ،‬وليس الوارجالين‪ ،‬فقد سعى َّ‬ ‫الربيع بن حبيب هو من ضبط منهجه يف كتابه اجلامع َّ‬ ‫و َّ‬
‫ب‬‫َمحَ ُد بْ ُن َحْنبَل‪ " :‬طَلَ ُ‬ ‫ال أ ْ‬
‫بالسند الثالثي الذي يعطي َّقوة ومثانة للحديث‪ ،‬وهذا ليس بدعا ألصحاب احلديث‪ ،‬فقد قَ َ‬ ‫َّ‬
‫َن ُك َّل َر ُجل ِم ْن ِر َجالِِه‬
‫اخلَلَ ِل‪ِ ،‬أل َّ‬
‫اإل ْسنَ َاد ِم َن ْ‬
‫الصالح يف مقدمته‪ " :‬الْعُلُو يـُْبعِ ُد ِْ‬ ‫(‪)32‬‬
‫ف " ‪ ،‬وقال ابن َّ‬ ‫ِْ ِ‬
‫اإل ْسنَاد الْ َع ِايل ُسنَّةٌ َع َّم ْن َسلَ َ‬
‫اخلَلَ ِل‪َ ،‬وَه َذا َجلِي‬ ‫اخللَ ِل‪ ،‬وِيف َكثْـرِهتِم َكثْـرةُ ِجه ِ‬ ‫ِ ِِ ِ ِ ِ‬ ‫ُحيتَمل أَ ْن يـ َقع ْ ِ ِ ِ ِ‬
‫ات ْ‬ ‫اخلَلَ ُل م ْن ج َهته َس ْه ًوا‪ ،‬أ َْو َع ْم ًدا‪ ،‬فَفي قلَّت ِه ْم قلَّةُ ج َهات َْ َ َ ْ َ َ‬ ‫َُْ َ َ‬
‫(‪)33‬‬
‫اض ٌح"‪.‬‬‫وِ‬
‫َ‬

‫ضمام بن السائب‪( :‬ت بّي ‪ 288 :‬و‪228‬هـ)‪ ،‬من أبرز أئمة اإلباضية‪ ،‬ومن التَّابعّي ‪ ،‬ولد يف عمان‪ ،‬ونشأ يف البصرة أين التقى جبابر‬
‫ُ‬
‫( ‪) 28‬‬

‫بن زيد وتتلمذ على يده‪ ،‬عاصر أبا عبيدة مسلم‪ ،‬ولقيا من احلجاج بن يوسف بالء كبريا‪ ،‬له روايات عن جابر بن زيد دونت يف كتاب عرف ب ـ ـ"‬
‫السائب"‪ ،‬معجم أعالم اإلباضية ‪( 012/2 ،‬نسخة الكُّتونية)‬ ‫ضمام بن َّ‬ ‫رويات ُ‬
‫(‪ )29‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.529‬‬
‫الدينية‪ ،‬سلطنة عمان‪ ،‬الطبعة األوىل‪9204 ،‬هـ‪ ،4199 -‬ص ‪01‬‬ ‫( ‪ )30‬اجلامع الصحيح‪ ،‬مسند الربيع بن حبيب‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون َّ‬
‫(‪ )31‬ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة أصوهلا وتطورها املب يكر يف عمان‪ ،‬ص ‪.529‬‬‫َ‬
‫الشهرزوري (تـ ‪ 920‬م)‪ ،‬حتقيق نورالدين عُّت‪ ،‬ص ‪459‬‬ ‫الصالح‪ ،‬أبو عمرو عثمان بن عبد الرمحن َّ‬
‫(‪ )32‬علوم احلديث البن َّ‬
‫الصفحة نفسهما‪.‬‬‫(‪ )33‬املصدر و َّ‬
‫‪122‬‬
‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬
‫عدة‪ ،‬فإنَّه‬
‫الربيع َحافَظ على الرواة املشهورين قدر اإلمكان‪ ،‬فإذا كانت له أحاديث متشاهبة ُرويت من طرق َّ‬ ‫كما َّ‬
‫أن َّ‬
‫يكتفى برواية واحدة وهي عن طريق أيب عبيدة مسلم بن أيب كرمية‪ ،‬وذلك تفاديا للتكرار‪ ،‬وبالتَّايل فإذا ورد نفس احلديث عن‬
‫أن هنالك أحاديث رويت‬ ‫البد لإلشارة َّ‬
‫ضمام وأيب عبيدة فإنه يكتفي بالرواية عن هذا األخري‪ ،‬مع أنَّه َّ‬ ‫طريقّي خمتلفّي‪ ،‬عن ُ‬
‫السائب يف املسند إال إ َّنا قليلة‪ ،‬وقد بيَّـنَّا ذلك سلفا‪.‬‬
‫ضمام بن َّ‬ ‫عن طريق ُ‬
‫‪ :5‬كتاب الترتيب للوارجالني وأسباب تأليفه‪:‬‬
‫الُّتتيب يف‬
‫أن من أهم األسباب اليت دفعت أبا يعقوب بن يوسف الوارجالين إىل تأليف كتاب َّ‬ ‫يرى ِوي ْل ِكْن ُسون َّ‬
‫معوزا يف‬
‫اضيَّة يف احلديث‪ ،‬كما أشار إىل ذلك سابقا‪ ،‬حيث وجد الوارجالين نفسه َّ‬ ‫احلديث‪ ،‬هو الضعف الذي الزم ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫فالبد أن يكون هلم جامع خاص‪ ،‬وال يكون َّ‬
‫مشتقا من اجملامع‬ ‫مواجهة أهل السنة‪" ،‬فإذا أراد أن يكون لإلباضيَّة حديث َّ‬
‫اضيَّة نقد حديث أهل السنة َّ‬
‫فالبد من االلتزام مبعايريهم‪.‬‬ ‫السنية"‪ )34(،‬كما أنَّه إذا أراد ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫مشوشا‪ ،‬وتقدميه وفق مقاييس أهل السنَّة‬
‫الربيع بن حبيب ترتيبه إىل أبواب بعد أن كان َّ‬‫فلذلك كان عمله يف مسند َّ‬
‫يف قبول احلديث‪.‬‬
‫فإن ا ِإلب ِ‬ ‫ِ‬
‫اضيَّة هلم‬‫أن ا ِإلبَاضيَّة يشعرون بالنقص أمام أهل السنَّة لضعفهم يف احلديث مناف للحقيقة التَّارخيية‪َ َّ ،‬‬
‫واعتبار َّ‬
‫مسندهم يف احلديث كما لغريهم من املذاهب إال أنَّه كانه مرتَّبا على املسانيد‪ ،‬وكان أول مساهم يف احلديث هو أبو عبيدة‬
‫الشماخي أنَّه" تعلَّم العلوم ورتَّب روايات احلديث"(‪ )35‬وملا كان البحث صعبا‬‫مسلم بن أيب كرمية (‪951‬هـ) نفسه حيث يذكر َّ‬
‫وقسمه إىل مخسة عشر كتابا‪ )36(،‬وبعد أن‬‫يف اجياد حديث يف املسند‪ ،‬جاء الوارجالين ورتَّبه (‪ 511‬هـ) على األبواب الفقهيَّة َّ‬
‫اضيَّة بأسا يف االستفادة من هذا الفن‪ ،‬فال إشكال لديهم من‬ ‫الزمن‪ ،‬مل جيد ا ِإلب ِ‬
‫تطورت على مرور َّ‬
‫ظهرت الصناعة احلديثيَّة و َّ‬
‫َ‬
‫األخذ عن غريهم‪ ،‬كما ال ضري وال نقيصة عندهم من األخذ بأحاديث اجملامع األخرى إذا كان احلديث صحيحا وال خيالف‬
‫القرآن الكرمي‪.‬‬
‫السندي (‪9451‬ه) الذي جاء‬ ‫وهذا العمل يف ترتيب اجملامع مل يكن مقتصرا على املدرسة ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة فقط‪ ،‬فقد قام َّ‬‫َ‬
‫الشافعي بعد أن رتَّب مسند أيب حنيفة من قبله‪ ،‬وقد َّبّي َّ‬
‫أن الدَّاعي لذلك هو‬ ‫بعد الوارجالين بسنوات َّ‬
‫عدة بُّتتيب مسند َّ‬
‫صعوبة البحث عن حديث عند تأصيل مسألة فقهيَّة‪ ،‬لذلك رتَّبه على األبواب الفقهيَّة(‪.)37‬‬
‫الُّتتيب للوارجالين يعترب بالنَّسبة ل ِوي ْل ِكنْ ُسون من أعظم أعمال اليت متس َّ‬
‫تطور احلديث عند‬ ‫لذلك َّ‬
‫فإن كتاب َّ‬
‫أن أبا يعقوب سعى لتقدمي هذا العمل على النَّسق السّن قدر اإلمكان‪ ،‬ولكن هل جنح يف ذلك‪ ،‬أم أنَّه حسب‬ ‫ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة‪ ،‬إذ َّ‬‫َ‬
‫املؤلف وقع يف التَّلفيق ليؤسس هذا العمل الكبري؟‬
‫ونظرا ألهيَّة الكتاب فقد لقي عناية معتربة من قبل احملقيقّي والشَّراح وأهيها ‪:‬‬
‫أسسها اإلمام برغش بن سعيد‬
‫الُّتتيب أليب ستَّة القصيب‪ ،‬واليت طبعت يف مطابع زجنبار اليت َّ‬ ‫‪ .9‬حاشية َّ‬

‫اضيَّة أصوهلا وتطورها املب يكر يف عمان‪ ،‬ص ‪.520‬‬‫(‪ )34‬ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫(‪ )35‬كتاب السري للشماخي‪14 ،‬‬
‫(‪ )36‬رواية احلديث عند ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة (دراسة مقارنة)‪ ،‬صاحل بن أمحد بن سيف البوسعيدي ‪ ،‬ص ‪( 22‬نسخة إلكُّتونية)‪.‬‬‫َ‬
‫( ‪ ) 37‬مسند الشَّافعي ترتيب السندي‪ ،‬ص ‪ ،2‬نسخة إلكُّتونية‪.‬‬
‫‪123‬‬
‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬
‫(‪9401‬م‪9444-‬م)‪.‬‬
‫الُّتتيب لعبد العزيز بن ابراهيم الثَّميّن ‪.‬‬
‫خمتصر حاشية أيب ستَّة القصيب على َّ‬ ‫‪.4‬‬
‫الُّتتيب حملمد بن يوسف اطفيش‪.‬‬ ‫‪ .0‬ترتيب َّ‬
‫ِ‬
‫سون على ترتيب مسند الربيع‪:‬‬ ‫ا‪ /‬مالحظات ِويلْك ْن ُ‬
‫يعطي ِوي ْل ِكْن ُسون بعض املالحظات على اجلانب التَّارخيي‪ ،‬وما يتعلَّق َّ‬
‫بالرواية دون اخلوض يف مضامّي احلديث‪:‬‬
‫الُّتتيب خليطا من األحاديث اليت هي شاملة جلميع املواضيع‪ ،‬وال جديد فيها‪ ،‬إذ أنَّنا جند‬ ‫األولى‪ :‬يعترب مواد َّ‬
‫معظمها مبثوثا يف أغلب كتب السنَّة‪ ،‬إال إذ اُستثّن منه اجلزء الثَّالث الذي يتعلَّق باجلانب السياسي كاإلمامة ‪ ،‬فهو حيتوي‬
‫على مرويَّات للخوارج على حسبه‪ ،‬ودحض أفكار القدريَّة واملبتدعة‪.‬‬
‫الربيع بن حبيب (‪ 911‬هـ أو‪915‬هـ)‪ ،‬تضعه وفق الباحث حبق أمام إشكال تارخيي بالنَّسبة للرواية‬ ‫الثانية‪ :‬تاريخ وفاة َّ‬
‫عن بعض األشخاص‪ ،‬حيث إنَّه حيتوي على أسانيد تصنفه يف جيل الحق بعد وفاته‪.‬‬
‫الربيع بن حبيب‪ ،‬يعّن أنَّم أصغر من َّ‬
‫الربيع‪:‬‬ ‫ومن بّي الرواة الذين استخرجهم املؤلف ولكن جاؤوا بعد َّ‬
‫تاريخ الوفاة‬ ‫الراوي‬
‫َّ‬
‫(‪)38‬‬
‫‪904‬هـ‪494/‬هـ‬ ‫بشر املريسي‬
‫(‪)39‬‬
‫‪911‬هـ‪941/‬هـ‬ ‫فضل بن عياض‬
‫‪944‬هـ‬ ‫عمار الثَّوري ( ابن أخ سفيان الثَّوري)‬
‫ي‬
‫‪919‬هـ‬ ‫واقب بن اجلراح‬
‫‪411‬هـ‬ ‫أسباط بن حممد‬
‫‪912‬هـ‬ ‫ابن عليَّة‬
‫أن هذا اشكال حقيقي بالنَّسبة للورجالين‪ ،‬إذا علمنا َّ‬
‫أن تاريخ وفاة هؤالء الرَّواة كانت‬ ‫يذهب ِوي ْل ِكْن ُسون إىل اعتبار َّ‬
‫فإن هذا جيعله يف وضع إمكانية اللقيا معهم مستبعدة أو مستحيلة‪ ،‬فال ميكن إذن أن يكون قد التقاهم أو روى‬ ‫الربيع‪َّ ،‬‬
‫بعد َّ‬
‫عنهم‪.‬‬
‫الرواية عنهم ورادة‪ ،‬حيث أنَّم عاصروا بدون شك‬ ‫أن احتمال لقائهم و َّ‬‫وهذا ليس تعليال وجيها من الباحث‪ ،‬ذلك َّ‬
‫الربيع بن حبيب‪َّ ،‬أما كونم أصغر منه أو توفوا من بعده فهذا من باب رواية األكابر عن األصاغر‪ ،‬وال ضري يف ذلك يف‬ ‫اإلمام َّ‬
‫الصحابة الذين يروون من التَّابعّي‪ ،‬والتَّابعّي الذين يروون عن تابع‬‫رواية احلديث‪ ،‬فقد ورد يف كتاب السيوطي أمثلة عن َّ‬
‫(‪)41‬‬ ‫‪40‬‬
‫رجح هذا كذلك الباحث صاحل البوسعيدي‪.‬‬ ‫التَّابعّي ‪،‬كما َّ‬

‫الذهيب‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬سنة النَّشر‪2111 :‬هـ ‪1882 /‬م ص ‪188/28‬‬ ‫(‪ )38‬سري أعالم النبالء‪ ،‬حممد بن أمحد بن عثمان َّ‬
‫(‪ )39‬املصدر نفسه ‪1882‬م ‪110 /0 ،‬‬
‫( ‪ )40‬تدريب الرواي يف شرح تقريب النووي‪ ،‬تأليف احلافظ جالل اليدن السيوطي (‪421‬هـ‪199 -‬هـ)‪ ،‬حققه أبو قتيبة نظر حممد الفاريايب‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪ ،9295‬بريوت‪ ،‬مكتبة الكوثر‪ ،‬ص ‪( 192‬نسخة الكُّتونية)‪http://www.riyadhalelm.com/book/10/79_tdrib.pdf .‬‬
‫(‪)00:22 0202/20/20‬‬
‫‪124‬‬
‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬
‫الربيع سنة ‪915‬هـ‪ ،‬وهو ما ذهب إليه أيضا املستشرق لويس ماسينيون (تـ ‪9194‬م)‪،‬‬ ‫ويرجح ِوي ْل ِكْن ُسون تاريخ وفاة َّ‬
‫ألن هذا أنسب إلمكانية لقاء الرواة بينما يستبعد بشكل كبري أن يكون قد تويف بتاريخ أبعد مما ذهب إليه بعض َّ‬
‫الدارسّي‪،‬‬ ‫َّ‬
‫توىل خالفة احلركة ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة بعد أيب عبيدة‪ ،‬وانتقل إىل عمان‪ ،‬وساهم يف هتيئة االنقالب‬ ‫ألنَّه يعترب هذا مبالغة كبرية‪ ،‬حيث إنَّه َّ‬
‫َ‬
‫(‪)42‬‬
‫وتويف يف غطفان‪.‬‬
‫على حكم اجللندى‪ ،‬الذي مل يشهده َّ‬
‫رد على اهتامهم يف‬
‫أن سلسلة رواية احلديث عندهم متينة‪ ،‬وهي أنقي وأخصر سلسلة‪ ،‬وهذا ي‬ ‫الثالثة‪ :‬يعترب ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة َّ‬‫َ‬
‫املغرب باخلماسيّي أي املذهب اخلامس‪ ،‬وبالنَّسبة لإلباضية هذا استهزاء هبم‪ ،‬وهم يردون بتذكري خصومهم َّ‬
‫أن لديهم أقدم‬
‫جمموعة من األحاديث فقد رووا عن إمامهم األول جابر بن زيد (ت‪10‬هـ) ‪ ،‬والذي روى عنه أبو عبيدة (ت‪ 951‬هـ) والذي‬
‫الربيع (‪911‬هـ)‪ ،‬وبالتَّايل فإن مذهبهم َّأول املذاهب نشوء ومل يأت الحقا للمذاهب األخرى‪.‬‬ ‫بدوره أخذ عنه َّ‬
‫أي‬
‫اضيَّة ال يصمد أمام َّ‬ ‫مرة أخرى ِوي ْل ِكْنسون يف حماولة دحض دعوى ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة‪ ،‬ويقول " وأعتقد أن خط ا ِإلب ِ‬ ‫ويعود َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫(‪)43‬‬
‫اختبار عن قرب "‬
‫البد من معاجلتها يف سلسلة األحاديث ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة‪ ،‬والسؤال الذي يعيد طرحه ملاذا أُقصي‬ ‫كما يعتقد أن هنالك ثغرة َّ‬
‫َ‬
‫ضمام من سلسلة أحاديث ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة رغم أنَّه يسبق أبا عبيدة تارخيا وعلما‪.‬‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫يتبّي أ َّن جابراً كان اإلمام َّ‬
‫األول للمذهب اإلباضي‪ ،‬وهو تلميذ‬ ‫ويزعم ويلكنسون إنيه بتتبع مسار التَّاريخ اإلباضي‪َّ ،‬‬
‫صحار العبدي و‬ ‫الس يماك‪ُ ،‬‬
‫السائب‪ ،‬جعفر ي‬
‫ضمام بن ي‬ ‫للصحايب اجلليل عبد اهلل ابن عباس‪ ،‬ومن أبرز تالمذة جابر بن زيد جند ُ‬ ‫َّ‬
‫كو َن هؤالء التالميذ مدرسة خاصة واتَّصلوا بعبد اهلل بن إباض سنة ‪92‬ه إثر املأزق اليت واجهته‬
‫أبا نوح صاحل بن نوح ال يد يهان‪َّ ،‬‬
‫خاصة إىل‬
‫وطوروا تلك املدرسة‪ ،‬من حلقة َّ‬
‫الربيع بن حبيب ي‬ ‫الدعوة اإلباضية فيمن َّ‬
‫يتوىل زعامتها السياسيَّة‪ ،‬ث جاء أبو عبيدة و َّ‬
‫دعوة شاملة‪.‬‬
‫اضيَّة حسب رأي ِوي ْل ِكْن ُسون يركزون على أيب عبيدة خلفا جلابر ثَّ َّ‬
‫الربيع من بعده رغم كونه أصغر من‬ ‫وما جعل ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫(‪)44‬‬
‫ضمام‬‫ضمام لعدم تناسقه مع منهج احلركة‪ ،‬وهذا ما جعل الشكوك تُثار حول روايات ُ‬ ‫أيب عبيدة‪ ،‬هو حماولة منهم إلقصاء ُ‬
‫(‪)45‬‬
‫اليت اندثرت‪.‬‬
‫الشرعي للعلم نقال عن أيب‬
‫الربيع بن حبيب هو الوريث َّ‬ ‫اضيَّة حسب الباحث أرادت أن يكون َّ‬ ‫إذن املدرسة ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫عبيدة‪ ،‬واليت تلقاها عن جابر ‪ ،‬وهو نفس الطريق الذي سلكه تسلسل األئمة يف املذهب‪.‬‬
‫ِ‬
‫ضماما أُقصي عن املذهب‬ ‫ضمام‪ ،‬ويقدم احتماالت دون دليل أو تربير‪َّ ،‬‬
‫بأن ُ‬ ‫ونستغرب ملاذا يركز ِوي ْلكْن ُسون على ُ‬

‫(‪ )41‬رواية احلديث عند ا ِإلب ِ‬


‫اضيَّة‪ ،‬ص ‪11‬‬ ‫َ‬
‫اضيَّة‪ ،‬ص ‪.2‬‬ ‫(‪ )42‬احلديث عند ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫َّ‬
‫صحة األحاديث‪ ،‬إمنا هو حماولة‬‫املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪ .5‬ويؤكد ويلكنسون يف موضع آخر إ َّن الغرض من طرح األسئلة ليس التَّشكيك من َّ‬
‫(‪)43‬‬

‫اإلجابة على بعض األسئلة العالقة " مالحظيت هذه ليس املراد منها التَّشكيك يف صحة جمموعة األحاديث‪ ،‬وال السؤال من أين أتت‪َّ ،‬إمنا‬
‫الغرض اجلواب عن بعض األسئلة وهو غرض البحث" ص ‪9‬‬
‫(‪)44‬‬
‫ضمام‪.‬‬
‫مل يتطرق ويلكنسون إىل أسباب اقصاء ُ‬
‫اضيَّة‪ ،‬ص ‪9‬‬ ‫(‪ )45‬احلديث عن ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫‪125‬‬
‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬
‫اإلباضي‪ ،‬وكيف متَّ؟ وحتت أيَّة ذريعة؟‬
‫ضمام هو‬
‫الربيع عن ُ‬ ‫فالبد أن يبّي َّ‬
‫الدليل؟ هل عدم رواية َّ‬ ‫فإذا كان هو من زعم إ َّن ُ‬
‫ضماما قد أُقصي عن املذهب َّ‬
‫دليل على إقصائه؟‬
‫ٌ‬
‫ضمام بعضها موجود يف املسند وبعضها مل يرفقه به‪،‬‬ ‫الربيع قد روى بعض األحاديث عن ُ‬ ‫البد أن نذكر أ َّن َّ‬
‫ث َّ‬
‫أن منهجه يقتضي االكتفاء برواية واحدة حال تعدد طرق الرواية‪.‬‬ ‫وأحتمل كما ذكرنا ذلك سالفا َّ‬
‫واإلشكال الثَّاين الذي أراد أن يطرحه ِوي ْل ِكْن ُسون هو السؤال عن مصدر الوارجالين ملادة كتابه َّ‬
‫الُّتتيب؟‬
‫ب‪ /‬مادة كتاب الترتيب ألبي يعقوب‪:‬‬
‫الربيع بن حبيب وكتابة ترتيب احلديث َّ‬
‫البد من النَّظر يف املصادر العمانيَّة واملغربيَّة‪.‬‬ ‫من أجل معرفة املرحلة بّي وفاة َّ‬
‫أن الفقه‬ ‫فالبد َّ‬
‫اضيَّةـ كانت عملية مجع احلديث يف البصرة وعمان‪َّ ،‬‬ ‫فبداية من املصادر العمانيَّة أين كان ينشط ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫أن تلك الكتابات الفقهيَّة كانت تأخذ‬ ‫رجح ِوي ْل ِكْن ُسون َّ‬
‫العماين قد وظَّف مجلة من األحاديث يف مسار تطوره عرب التَّاريخ‪ ،‬و َّ‬
‫من كتب احلديث السنية‪ ،‬وقد طغت على كثري من الكتب‪ ،‬وهذا على حسبه قد يعود َّإما جلهلهم عن كتاب الُّتَّتيب‪ ،‬أو َّأنم‬
‫الربيع بن حبيب‪.‬‬
‫مل يضعوا ثقتهم يف مسند َّ‬
‫وهذا أيضا دعوى بدون دليل يقدمها لنا الباحث‪ ،‬فأحيانا يذكر إ َّن ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة ال يأخذون من كتب غريهم حتت هتمة‬‫َ‬
‫الربيع واستعانوا بأحاديث غريهم لعدم ثقتهم يف مسندهم‪ ،‬وعندما‬ ‫االنغالق والتَّعصب‪ ،‬وأحيانا أخرى يقول إنَّم تركوا مسند َّ‬
‫نرجع لبعض كتب الفقه العمانيَّة من جمامع وغريها جند فيها أحاديث للَّربيع بن حبيب وغريه‪ ،‬ولكن غالبها دون اسناد‪ ،‬فهل‬
‫(‪)46‬‬
‫اطلَّع على كل اجملاميع والكتب ليصدر حكمه؟‬
‫الربيع الذي حيتمل أن يكون أليب صفرة‬ ‫الربيع الذي ذكرته بعض كتب السري‪ ،‬وبّي آثار َّ‬ ‫وينبغي التَّفريق بّي كتاب َّ‬
‫(‪)47‬‬
‫ضمام عن جابر‪.‬‬
‫الربيع عن ُ‬
‫عبد امللك بن صفرة الذي روى آثار َّ‬
‫الُّتتيب هو كتاب أيب صفرة عبد امللك بن صفرة الذي أعاد أبو‬ ‫بقوة َّ‬
‫أن مادة كتاب َّ‬ ‫مييل الباحث إىل االعتقاد َّ‬
‫أن مادة أيب يعقوب بن يوسف الوارجالين كانت‬ ‫الربيع‪ ،‬حيث يقول‪" :‬يف اعتقادنا َّ‬
‫بالضبط هو كتاب َّ‬‫يعقوب ترتيبه‪ ،‬وليس َّ‬
‫(‪،)48‬‬
‫الُّتتيب الذي عمله"‬
‫أن أبا يعقوب كان قد استقى مادته من كتاب أيب صفرة وهو َّ‬ ‫موجودة يف املغرب‪ ،‬وأُرجح َّ‬
‫الشماخي باعتبار أ َّن كتاب أيب صفرة هو نفسه كتاب آثار‬ ‫لذلك جنده يرجح يف موضع آخر ما ذهب إليهَ َّ‬

‫الصائم وتنقض الوضوء " يف كتاب اجلامع املفيد من أحكام أيب سعيد حملمد بن سعيد الكدمي‪،‬‬ ‫‪ 46‬ومن ذلك مثال حديث " غيبة املسلم تفطر َّ‬
‫صلَّى‬ ‫ِ‬
‫الربيع بن حبيب‪ ،‬أَبُو ُعبَـْي َدةَ َع ْن َجابُر بْ ُن َزيْد َع ِن ابْ ِن َعبَّاس َع ِن النَِّيب َ‬
‫‪2181‬هـ‪2002/‬م‪ ،10/2 ،‬وقد ورد يف اجلامع الصحيح مسند َّ‬
‫الربيع بن حبيب‪ ،‬ص ‪.10‬‬ ‫ضوءَ"‪ ،‬حديث رقم ‪ 282‬اجلامع الصحيح مسند َّ‬ ‫اللَّه علَي ِه وسلَّم ‪ ،‬قَال ‪ ":‬الْغِيبةُ تـُ ْف ِطر َّ ِ‬
‫ض الْ ُو ُ‬
‫الصائ َم َوتَـْنـ ُق ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َْ ََ َ‬
‫(‪ )47‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪94‬‬

‫‪126‬‬
‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬
‫(‪)49‬‬
‫الربيع‪.‬‬
‫َّ‬
‫أوال‪ :‬مادة آثار الربيع ‪:‬‬
‫الربيع قد تعود إىل‬ ‫يبّي ِوي ْل ِكْن ُسون من خالل دراسة عمرو خليفة النَّامي اللييب (‪9121‬م‪9149 -‬م) َّ‬
‫أن مادة آثار َّ‬
‫أن هذا األخري كان مفتيا ومعلما يف البصرة‪ ،‬وكان له عدد من التَّالميذ ال يستهان به‪ ،‬ورغم َّ‬
‫أن‬ ‫جابر بن زيد‪ ،‬فمن املعروف َّ‬
‫البد أن يكون عدد من تالمذته يدونون عنه‪ ،‬ولو مل يكن ذلك يف‬ ‫جابرا كان يكره الكتابة عنه‪ ،‬إال أنَّه يف غالب األحوال َّ‬
‫السائب‪ ،‬وبالتَّايل‬
‫وضمام بن ي‬‫السدوسي‪ُ ،‬‬ ‫حضرته‪ ،‬أي قد يكون بعد عودهتم لديارهم‪ ،‬ومن بّي هؤالء جند أبا قتادة بن دعامة ي‬
‫تتكون من جزئّي‪:‬‬
‫فإنَّه حيتمل أن تكون آثار الربيع َّ‬
‫‪ :9‬اآلثار الخاصة المتعلقة بفتاوى الربيع‪ :‬مما يدل على أنَّه من عمل أيب صفرة‪ ،‬الروايات األوىل منه تبدأ‪َّ :‬‬
‫حدثنا‬
‫‪50‬‬
‫السند يف‬
‫السائب عن جابر"‪ .‬ث خيتزل َّ‬ ‫ي‬ ‫بن‬ ‫مام‬‫ض‬‫ُ‬ ‫عن‬ ‫حبيب‬ ‫بن‬ ‫يع‬ ‫ب‬
‫ر‬
‫َّ‬ ‫ال‬ ‫عن‬ ‫اهليثم‬ ‫ثنا‬ ‫َّ‬
‫حد‬ ‫قال‬ ‫‪،‬‬ ‫أبو صفرة عبد امللك بن صفرة‬
‫(‪)51‬‬
‫صفحات أخرى‪ ،‬وال نرى أبا عبيدة إال قليال مما يُعطي انطباعا أنَّه مسع جابرا وهو صغري‪.‬‬
‫‪ :4‬فتاوى جابر بن زيد‪ :‬حيث إ َّن الكتاب مجع أقوال وأفعال جابر‪.‬‬
‫يستنتج ِوي ْلكِْن ُسون ‪:‬‬
‫كل الكتابات واملواد املتعلقة بآثار الَّربيع قد سجل على أبعد تقدير بواسطة أيب صفرة َّإما مباشرة أو عن طريق اهليثم‬
‫(‪)52‬‬
‫بن عدي (ت‪.)419‬‬
‫(‪)53‬‬
‫ثانيا‪ :‬ديوان جابر‪:‬‬
‫الرشيد يف مكتبة بغداد‪ ،‬لكنَّها أُحرقت‬
‫بأن نسخة منه كانت لدى هارون َّ‬ ‫اشتهر ديوان جابر الذي يضم آراءه وفتاويه َّ‬
‫أن اجلماعة ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة يف البصرة كانت قد امتلكته‪:‬‬ ‫مع املكتبة‪ ،‬وهناك روايتان تفيدان َّ‬
‫َ‬
‫الربيع ث إىل أيب سفيان ث إىل ولده أيب عبد اهلل‬
‫أن أبا عبيدة امتلك نسخة منه ث انتقلت إىل َّ‬ ‫فالرواية األولى‪ :‬تروي َّ‬
‫حممد بن حمبوب‪ ،‬ث ال يذكر إىل أين آلت‪ ،‬وقد تكون هي النسخة اليت استنسخها منها َّنفاث بن نصر‪.‬‬
‫الرواية الثانية‪ :‬هي النسخة اليت استنسخها َّنفاث بن نصر‪ ،‬وأتى هبا إىل مشال افريقيا‪ ،‬واشتهر عنه أنه أتلفها بعد أن‬

‫السييايب‪ ،‬سلطنة عمان وزارة الُّتاث القومي‬ ‫الشماخي‪ ،‬حتقيق أمحد بن سعود ي‬ ‫(‪ )49‬كتاب السري‪ ،‬أمحد بن سعيد بن عبد الواحد َّ‬
‫الربيع إىل عهد أيب صفرة ال يوجد ما ألَّفه‬ ‫والثَّقافة‪ ،9114/9294،‬الطَّبعة الثَّانية‪ .911 /9 ،‬ذكر ويلكنسون "أ َن َّ‬
‫الشماخي قال إنَّه بعد َّ‬
‫الشماخي‪.‬‬ ‫ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة إال كتاب أيب صفرة" ومل أجد هذه اإلشارة يف كتاب َّ‬ ‫َ‬
‫أبو صفرة عبد امللك بن صفرة من علماء النصف الثَّاين من القرن الثَّاين اهلجري‪ ،‬يُفُّتض أنَّه عاش بّي (‪ 228‬هـ و ‪ 108‬ه)‪ ،‬من شيوخه‪،‬‬ ‫( ‪) 50‬‬

‫أبو سفيان حمبوب بن الرحيل‪ ،‬و أبو أيوب وائل بن أيوب احلضرمي‪ ،‬ومن تالميذه‪ :‬حممد بن حمبوب‪ ،‬وحممد بن جعفر‪ ،‬من آثاره‪ :‬رواية وتدوين‬
‫آثار الربيع بن حبيب عن ضمام بن السائب عن الربيع ‪ ،‬جامع أيب صفرة‪ .‬ينظر كتاب من جامع أيب صفرة وفقهه بتعليقات أيب عبد اهلل وايب سعيد وآخرين‪ ،‬مجع‬
‫وترتيب وتعليق‪ ،‬ابراهيم بن علي بولواح‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،1821/2100‬مكتبة مسقط‪ ،‬سلطنة عمان‪ ،‬ص ‪.11 – 20‬‬
‫(‪)51‬احلديث عند ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة‪ ،‬ص ‪.22‬‬ ‫َ‬
‫(‪ )52‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫األول هو ديوان جابر والثَّاين هو الديوان املعروض‪ ،‬يذهب ويلكنسون إىل االعتقاد َّ‬
‫أن الديوان‬ ‫(‪ )53‬ورد يف السري ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة ذكر كتابّي مهم َّّي َّ‬‫َ‬
‫املعروض قد يشمل أيضا ديوان جابر‪ ،‬ألنَّنا جند كل آراء جابر وفتاويه يف الديوان املعروض الذي يشمل كذلك آراء علماء آخرين‪.‬‬
‫‪127‬‬
‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬
‫ثار على الرستميّي‪.‬‬
‫أن الديوان‬ ‫أن الديوان هو تنقيح لفتاوى وآراء جابر‪ ،‬وهذا ما ذهب إليه النَّامي الذي يعترب َّ‬ ‫يفُّتض ِوي ْل ِكْن ُسون َّ‬
‫أن اإلشكال املطروح يف الديوان املعروض هو أنَّنا ال جند احلديث مباشرة عن جابر‪َّ ،‬إمنا عن‬
‫املعروض قد يكون نسخة منه‪ ،‬إال َّ‬
‫(‪)54‬‬
‫الربيع‪.‬‬
‫طريق أيب عبيدة أو َّ‬
‫يصل ِوي ْل ِكْن ُسون إىل هذه النَّتيجة‪ ،‬وجيد نفسه حمرجا يف عدم حل إشكاله وهو عدم وصوله إىل مصدر معلومات أيب‬
‫الُّتتيب؟‬
‫يعقوب‪ ،‬إذن من أين جاء الوارجالين بأحاديثه اليت نسج من خالهلا كتاب َّ‬
‫وإذا كانت هذه النتيجة اليت توصل إليها ويلكنسون‪ ،‬فيفُّتض أن ما ذكره ليس ديوان جابر الذي تكاد جتمع األخبار‬
‫على فقدانه كما ذكر ذلك سلفا‪ ،‬وإمنا الديوان الذي ذكره هو الديوان املعروض والذي يعتقد أنه من تأليف أيب غامن اخلرساين‪،‬‬
‫للربيع بن‬
‫السدوسي‪ ،‬كما جند فيه روايات َّ‬ ‫يضم روايات خمتلفة من مراجع متعددة‪ ،‬فنجد فيه روايات لقتادة بن دعامة َّ‬
‫والذي ي‬
‫الربيع بن حبيب‪.‬‬
‫ضمام‪َّ ،‬أما القسم الثياين فيضم فتيا َّ‬
‫الربيع من مرويات ُ‬
‫يضم آثار َّ‬
‫حبيب‪ ،‬حيث القسم األول ي‬
‫أمام هذا اإلحراج‪ ،‬بعد حبث مضن‪ ،‬ال جيد ِوي ْل ِكْن ُسون إال أن يلقي هتمة عظيمة على عامل كبري كالوارجالين حيث‬
‫يتَّهمه بالتَّزوير والتَّالعب‪ ،‬وياليته ترك الباب للباحثّي‪ ،‬ليستزيدوا يف تقصي احلقائق‪ ،‬لكنَّه استعجل األمر بعد أن نفذ صربه يف‬
‫(‪)55‬‬
‫تصرف يف الوثيقة‪ ،‬والذي أجلأه إىل هذا كون وثائق كانت حتت تصرفه "‪،‬‬ ‫أن أبا يعقوب قد َّ‬ ‫البحث حيث يقول‪ ":‬أعتقد َّ‬
‫ويربر الباحث ببساطة إطالق هذه التهمة أنَّه مل جيد من أي جمموعة َّ‬
‫اشتق الوارجالين أحاديث جابر بن زيد‪.‬‬
‫أن الوارجالين قد اطَّلع عليه‪ ،‬واقتبس منه بعض األحاديث اليت تعود جلابر‬‫ورغم أنَّه ذكر وجود ديوان جابر فلم حيتمل َّ‬
‫واليت كتبها بنفسه‪.‬‬
‫أن اآلثار من‬‫ملدة متقدمة لتوحي َّ‬ ‫الربيع قد متَّ تقدميه من أصحاب السري َّ‬ ‫ويزعم ِوي ْل ِكْن ُسون أنَّه من احملتمل َّ‬
‫أن اسم َّ‬
‫(‪)56‬‬
‫إنتاجه‪.‬‬
‫أقل وال أكثر"(‪ )57‬من بعض كتب السنَّة كمسند ابن‬ ‫أن بعض اإلضافات هي "انتحال فاضح ال َّ‬ ‫ف َّ‬ ‫ولكن يعتقد املؤل ُ‬
‫أن ا ِإلب ِ‬
‫قدموا له خدمة من خالل ترتيبه وتقدميه‪ ،‬مما حدى باملستشرق‬ ‫اضيَّة جنوا على مسندهم أكثر مما َّ‬ ‫حنبل‪ ،‬حيث اعترب َّ َ‬
‫(‪)58‬‬ ‫حمل له ومل خيدم ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة حقا"‬ ‫الربيع] ال َّ‬
‫إىل القول صراحة " هذا اجلامع [مسند َّ‬
‫َ‬
‫فإن ا ِإلب ِ‬
‫السعي إىل املطابقة مع املعايري السنية‪ ،‬مما‬
‫اضيَّة حاولوا متثل األصول احلديثيَّة والعودة إليها من خالل َّ‬ ‫وحسبه َّ َ‬
‫الصاحل‪.‬‬
‫بالسلف َّ‬
‫تتزعم وحتتكر الصلة َّ‬ ‫يدفع بالنَّهضة يف الفكر اإلباضي‪ ،‬وذلك حتت تأثري ضغوط احلركة َّ‬
‫السلفية اليت َّ‬
‫أن ا ِإلب ِ‬ ‫ِ‬
‫الساملي يأول‬
‫الربيع بن حبيب من أهم ركائز مذهبهم لذلك اعتربه َّ‬
‫اضيَّة يرون يف مسند َّ‬‫حيث يعتقد ِوي ْلكْن ُسون َّ َ‬
‫الربيع بن حبيب‪ ،‬وال ينكرون اجملامع السنية بل‬
‫الشيخ اطفيش أصح األحاديث هي اليت رواها َّ‬ ‫كتاب بعد القرآن‪ ،‬وأضاف َّ‬

‫اضيَّة‪ ،‬ص ‪.94‬‬ ‫(‪ )54‬احلديث عند ا ِإلب ِ‬


‫َ‬
‫(‪ )55‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫(‪)56‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫(‪ )57‬ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة أصوهلا وتطورها املب يكر يف عمان‪ ،‬ص ‪.521‬‬‫َ‬
‫(‪)58‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪. 521‬‬
‫‪128‬‬
‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬
‫يعتربونا الحقة بعد مسندهم‪.‬‬
‫ويعترب ِوي ْل ِكْن ُسون أنَّه بظهور هذا اجلامع يكون املذهب اإلباضي قد اكتملت جوانبه األساسيَّة‪ ،‬إال أنَّه رجى أن لو‬
‫اضيَّة تركوا جامعهم يف حالته األوىل خلدمهم أكثر مما حاولوا أن يصبغوه مبعايري أهل السنَّة فيقول‪" :‬وتبّي النصوص‬ ‫كان ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫احملفوظة أصالة كان أفضل احلفاظ عليها بدون حماولة التَّطبيع" ويقصد بالتَّطبيع اتباع معايري أهل السنَّة يف رواية احلديث‪.‬‬
‫جزأه الوارجالين إىل أربعة أجزاء‪ ،‬يشتمل على املسند على‬ ‫الُّتتيب الذي َّ‬
‫البد من معرفة أ َن كتاب َّ‬ ‫ويف حقيقة األمر َّ‬
‫الربيع بن حبيب يف مواضيع عقديَّة‪ ،‬ويرجح الباحث صاحل البوسعيدي َّأنا‬ ‫جزئيه األوليّي ويف اجلزء الثَّالث جند مرويات َّ‬
‫(‪)59‬‬
‫منفصلة عن املسند‪ ،‬إذ َّ‬
‫أن أسلوهبما متغايران‪.‬‬
‫الرحيل ومرويَّات اإلمام أفلح اليت رواها عن أيب غامن اخلرساين‬ ‫الرابع يتعلَّق مبرويَّات أليب سفيان حمبوب بن َّ‬ ‫و َّأما اجلزء َّ‬
‫(‪)60‬‬
‫ومن أيب يزيد اخلوارزمي اإلباضي‪.‬‬
‫‪ :6‬عمل الوارجالني كنموذج للتطبيع اإلباضي‪:‬‬
‫وبالضبط مع أيب‬
‫َّ‬ ‫أن التقيد اإلباضي باملعايري السنية يف رواية احلديث‪ ،‬كانت بدايته مع املغاربة‬ ‫يعترب ِوي ْل ِكْن ُسون َّ‬
‫الرجلّي انربيا حملاولة بعث جمد ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة بعد أن أصيبت‬ ‫يعقوب يوسف الوارجالين‪ ،‬وكان يقابله باملشرق القلهايت‪ ،‬كان كال َّ‬
‫َ‬
‫الدولة الرستميَّة‪ ،‬ودخول عمان يف حرب أهليَّة‪ ،‬واحنصار اإلمامة ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة بعمان يف املناطق‬ ‫حركتهم بعدة نكسات منذ انيار َّ‬
‫َ‬
‫َّ‬
‫الداخليَّة‪ ،‬أمام هذه التَّقهقر مل يكن لإلباضيَّة من بد سوى أمرين‪:‬‬
‫‪ /9‬أن تنطوي على نفسها‪ ،‬وتتجاهل املعارضة اليت تدعو إىل االنفتاح على املذاهب األخرى‪ ،‬وتتربَّأ من كل من ينظر‬
‫إىل كتب املخالفّي‪.‬‬
‫‪ /4‬أن تنفتح على كتب أهل السنَّة‪ ،‬وترتب شؤون بيتها‪ ،‬ث تنظر خارجها لتواجه اخلصوم‪.‬‬
‫يعتقد ِوي ْل ِكْن ُسون َّ‬
‫أن الوارجالين اختار الطَّريقة األخرية‪ ،‬وال يُستغرب إذ كليهما عاشا يف بيئات عاملية‪ ،‬واحت َّكا‬
‫بالثَّقافات والشعوب واملذاهب األخرى‪ ،‬فالوارجالين درس يف قرطبة‪َّ ،‬أما القلهايت فكان سكنه مبحاذاة امليناء العماين‪ ،‬مكان‬
‫التقاء السفن التجارية اهلنديَّة يف عمان‪.‬‬
‫اضية لألصول المتعارف عليها عند السنة‪:‬‬ ‫‪ :7‬المالءمة ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫بالقوة من قبل احملدثّي اإلباضيّي ليربر َّقوة األحاديث عندهم‪ ،‬وليكون‬ ‫أن جابر بن زيد قد متَّ تثبيته َّ‬ ‫يعترب ِوي ْل ِكْن ُسون َّ‬
‫سد هذا الفراغ بّي‬ ‫الصحابة‪ ،‬ولكن حماولة إبعاد ضمام‪ ،‬ألسباب مل يذكرها الوارجالين‪ ،‬جعل ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة حياولون َّ‬ ‫الصلة مع َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫جابر الذي تويف سنة (‪10‬هـ) وأيب عبيدة الذي أرادوا أن جيعلوه كامل التَّلمذة عند جابر‪ ،‬والذي ال ميكن أن يكون قد روى‬
‫(‪)61‬‬
‫عنه الكثري‪ ،‬ألنَّه التقى جابرا يف ُع ُم ِر الستّي أو َّ‬
‫السبعّي وأبو عبيدة ال يزال صغريا‪.‬‬
‫أن سعي ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة‬‫َ‬ ‫أن تسلسل جابر وأبو عبيدة مل يكن ليقبله علماء حمُّتمون لعدم إمكانيَّة ذلك‪ ،‬و َّ‬ ‫ويعتقد ِوي ْل ِكْن ُسون َّ‬

‫(‪ )59‬رواية احلديث عند ا ِإلب ِ‬


‫اضيَّة (دراسة مقارنة)‪ ،‬صاحل بن أمحد بن سيف البوسعيدي‪ ،‬ص ‪19‬‬‫َ‬
‫(‪ )60‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫اضيَّة‪ ،‬ص ‪.41‬‬ ‫(‪)61‬احلديث عند ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫‪129‬‬
‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬
‫(‪)62‬‬
‫لتصوير ذلك مل جيلب إال التَّصنع للعاملَ اإلباضي‪.‬‬
‫ِ‬
‫السائب الذي يَعترب أنَّه أُقصي عن املذهب رغم‬ ‫ضمام بن َّ‬‫وهذا غريب من ِوي ْلكْن ُسون الذي يضع قضيته األوىل ُ‬
‫ضمام يف أخذهم العلم على يد جابر‪.‬‬ ‫تتلمذه على جابر بن زيد‪ ،‬ويتغافل عن كون أيب عبيدة كان صن َو ُ‬
‫الوهاب بن رستم يف كتابه‬
‫ولقد سايرت هذه العملية أيضا حماولة وضع جمموعات من الفتاوى‪ ،‬مثلما وقع لإلمام عبد َّ‬
‫الدولة الرستميَّة يف املغرب‪ ،‬ساهم يف انتشار املؤلَّفات‪.‬‬
‫يف الفتاوى‪ ،‬وكان التَّشجيع على التَّدوين من قبل َّ‬
‫إال أ َّن ُعمان التحقت متأخرة حبركة التَّأليف‪ ،‬حيث كان ذلك يف النصف الثَّاين من القرن الثَّالث اهلجري‪.‬‬
‫الضياع والنسيان‪ ،‬والكثري‬
‫لتدون خشية َّ‬ ‫أن الـتَّأليف يف البداية كان هو نقل من مواد حمفوظة َّ‬ ‫وذهب ِوي ْل ِكْن ُسون إىل َّ‬
‫الُّتتيب‪.‬‬
‫منها يف شكلها البدائي‪ ،‬واآلخر عرف َّ‬
‫نصوصها األساسيَّة كانت القرآن الكرمي والسنَّة املشهورة املعمول هبا‪ ،‬رغم عدم وجود األسانيد‪ ،‬كان ثقتهم َّأنم كانوا‬
‫يروون من صحايب جليل هو ابن عبَّاس‪.‬‬
‫اضيَّة تأثَّرها بكتابات اآلخرين من أهل السنة وحماولة النسج على نسقها‪ ،‬وحماولة اخلروج من‬ ‫وال ختفي الكتابات ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫الذات‪ ،‬وذلك من أجل تقدمي ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة كمذهب يلتزم مبعايري اتَّفقت عليها َّ‬
‫األمة‪.‬‬ ‫االنغالق على َّ‬
‫َ‬
‫أن هذا مل يرق للباحث‪ ،‬فاعترب هذا االنفتاح من ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة كاجلري وراء سراب‪ ،‬بل تقويض أصالة‬ ‫ولكن مما سبق يبدو َّ‬
‫َ‬
‫(‪)63‬‬
‫املذهب اإلباضي فيقول" ولألسف فقد قبلوا باملنهاج األساسي ملخالفيهم"‬
‫اضيَّة وفق معايري غريهم‪ ،‬جعلهم ُخيرجون مؤلَّفاهتم على نسق‬ ‫َ‬ ‫من خالل ما سبق يعترب ِوي ْل ِكْن ُسون َّ‬
‫أن انسياق ا ِإلب ِ‬
‫عدة قضايا‪ ،‬وكانت هذه احلركة سابقة يف املغرب الحتكاكهم بتيَّارات‬ ‫األمة ويقلدونا يف َّ‬
‫جديد‪ ،‬حبيث أخذوا يلتزمون مبوازين َّ‬
‫وخاصة منهم املالكيَّة‪ ،‬ويتمثَّل منوذج ذلك يف العمل الفقهي لعمروس بن فتح (ت‪ ،)419/440‬ووصلت متأخرة بعد‬ ‫َّ‬ ‫خمتلفة‬
‫الشافعي على حساب اإلباضيَّة‪ ،‬ونراه يف عمل ابن جعفر األزكوي يف‬ ‫عشرة سنوات أو أكثر إىل ُعمان حتت هتديد التَّمدد َّ‬
‫حول يف عمان‬ ‫جامعه الفقهي‪ ،‬الذي رغم ذلك ال يزال حيتفظ بالعمل التَّقليدي يف طريقة السؤال واجلواب‪ ،‬مما يدل على َّ‬
‫أن التَّ َّ‬
‫كان بطيئا‪.‬‬
‫ويف التَّفاسري يالحظ ِوي ْل ِكْن ُسون التَّأخر اإلباضي يف االستشهاد باحلديث وفق املعيار السّن‪ ،‬وذلك ظاهر يف تفسري‬
‫(‪)64‬‬
‫مرة أخرى ال جند فيه أي أثر لإلسناد الروائي يف هذا العمل"‬
‫اهلواري فيقول "ولكن َّ‬
‫حمكم َّ‬ ‫هود بن َّ‬
‫الخاتمة‪ُّ:‬‬
‫أن ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة يف مرحلة مجعهم للحديث كانت املرحلة‬ ‫إن ما ميكن اعتباره خامتة هلذه الدراسة يف تطور احلديث‪َ َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫الربيع بن حبيب‪ ،‬والذي وقعت فيه حسب ِوي ْل ِكْن ُسون‬ ‫السائدة و َّ‬
‫أن التَّدوين مل يكن بشكل واضح حَّت عهد َّ‬ ‫الشفوية هي َّ‬
‫َّ‬
‫السائب العتبارات مذهبية غري واضحة‪.‬‬
‫ضمام بن ي‬‫فرضيَّة مالبسات إقصاء ُ‬

‫(‪ )62‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.41‬‬


‫(‪)63‬احلديث عند ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة‪ ،‬ص ‪.01‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪ )64‬حللنا هذه املسألة يف حديثنا عن التفاسري اإلبَاضيَّة يف املبحث األول‪ .‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪. 09‬‬
‫‪130‬‬
‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬
‫ويف عهد الوارجالين وأمام التمدد السّن يف أماكن الَّتواجد اإلباضي يف املشرق واملغرب‪ ،‬وجد ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة أنفسهم جمربين‬‫َ‬ ‫ي‬
‫على تقدمي مذهبهم وفق املعايري املتعارف عليها عند األغلبية السنية‪ ،‬فبدأوا يصوغونا ِوفق قواعدهم‪ ،‬وعلى حسب الباحث‬
‫كانوا أحيانا مضطرين للتَّلفيق يف بعض سالسل احلديث لإليهام أنا متَّصلة‪.‬‬
‫أن ِوي ْل ِكْن ُسون كان يطلق األحكام دون أن يقدم عليها دليال تارخييا واضحا‪،‬‬ ‫ويف هذه الدراسة اليت نستشف منها َّ‬
‫اضيَّة كانوا ينقلون األحاديث دون األسانيد بالطَّريقة القدمية‪ ،‬ظنَّا منهم أ َن القارئ على علم مسبق‬ ‫رغم أنَّه كان يقول إ َّن ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫األول‪ ،‬إىل بداية عهد الفتنة‬
‫حتمل عبء البحث عن األسناد‪ ،‬وهذا ما كان سائدا يف العصر َّ‬ ‫بالسند‪ ،‬أو على القارئ َّ‬ ‫َّ‬
‫فيستعملون عبارة‪ُ " ،‬روي عن النَّيبء أنَّه قال‪ "..‬أو " ورد يف األثر‪ ،"..‬وهي نفس الطَّريقة القدمية‪.‬‬
‫خاصةً‪ ،‬فقد أصدر مجلة‬
‫اضيَّة َّ‬‫وهذه الدراسة تبّي عدم اضطالع الباحث يف جمال احلديث رواية ودراية ويف السري ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫من األحكام دون دليل موضوعي فمن بينها مثال أنَّه نفي التقاء شخصيات والرواية عن بعضهم البعض‪ ،‬دون بينة‪ ،‬رغم َّ‬
‫أن‬
‫التَّاريخ يثبت عكس ذلك‪ ،‬وهذا راجع إالَّ لتثيبت شك افُّتضه يف بداية حبثه‪.‬‬
‫وقد استقصينا العديد من تناقضات الباحث بّي دراساته املختلفة‪ ،‬فمن بينها مثال‪ ،‬اعتبار أنَّه مل يكن هناك تدوين يف‬
‫أن تالميذ جابر كانوا يكتبون آراء شيخهم رغم كرهه لذلك‪.‬‬ ‫الفُّتة املبكرة لإلسالم‪ ،‬ثَّ يف دراسات أخرى يعترب َّ‬
‫مرة يقول إ َّنم ال يأخذون بأحاديث غريهم َّ‬
‫ألنم متعصبون‬ ‫وكذلك يف مسألة أخذ ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة احلديث عن غريهم‪ ،‬ف َّ‬‫َ‬
‫ملذهبهم‪ ،‬ومنغلقون على أنفسهم‪ ،‬ويف موضع آخر يذهب عكس ذلك فيعترب َّأنم يُعرضون عن مسند َّ‬
‫الربيع بن حبيب لعدم‬
‫ثقتهم فيه‪ ،‬ويأخذون من صحاح أهل السنة‪.‬‬
‫أن ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة سعوا إىل صياغة حديثهم وفق‬ ‫وكذلك تفسريه لقضايا قدمية على ضوء إشكاالت معاصرة‪ ،‬حيث يعترب َّ َ‬
‫السلفيَّة‪ ،‬مع َّ‬
‫أن الفرق شاسع بّي‬ ‫املعايري السنية وظهر هذا جليا بداية من الوارجالين (‪511‬هـ) للوقوف ضد ضغوط احلركة َّ‬
‫السلفية املعاصرة‪.‬‬
‫السادس اهلجري‪ ،‬وظهور احلركة َّ‬ ‫القرن َّ‬
‫ليتسىن هلم تقدمي سلسلة سليمة للرواة كما‬ ‫ونتأسف للتَّهم اجلاهزة دون دليل‪ ،‬منها اعتبار ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة يتالعبون بالتَّاريخ َّ‬‫َ‬
‫الداين كالعالَّمة الوارجالين دون‬
‫الربيع بن حبيب‪ ،‬أو ما أطلقه الباحث من قذف على علماء أجالَّء شهد هلم القاصي و َّ‬ ‫فعله َّ‬
‫حتقق أو ترو‪ ،‬فهذا مما يدل على البعد التَّام عن أخالق وأصول البحث العلمي واملنهجي‪ ،‬فا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة الذي ُحشروا مع اخلوراج‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫معروفون بصدقهم وابتعادهم عن الكذب ألنَّه بالنسبة إليهم كبرية من الكبائر‪ ،‬فما بالك بالكذب على رسول اهلل ﷺ‪ " ،‬كان‬
‫اضيَّة حريصّي على التَّدقيق يف ألفاظ احلديث‪ ،‬وبعيدين متاما عن التَّدليس‪ ،‬فلم يكونوا يأتون بعبارات توهم االتصال يف‬ ‫ا ِإلب ِ‬
‫َ‬
‫(‪)65‬‬ ‫ِ‬
‫موضع االنقطاع‪ ،‬ومل يثبت أحدا من ا ِإلبَاضيَّة على مر التَّاريخ أنَّه وضع احلديث‪".‬‬
‫ضمام بن‬ ‫الشك والتَّشويش على القارئ‪ ،‬كاعتبار َّ‬
‫أن ُ‬ ‫حجة أو دليل وهذا من باب زرع َّ‬ ‫إطالق أحكام دون تقدمي َّ‬
‫الربيع‪ ،‬وغريها كثري مما أتينا عليه يف هذا املقال‪.‬‬
‫السائب مل يكن له ذكر يف كتب َّ‬
‫َّ‬
‫أن انتماء ِوي ْل ِكْن ُسون إىل مدرسة املراجعّي الذي تعتمد التَّشكيك يف‬
‫ويف آخر هذه الدراسة ال يسعنا إال أن نقرر َّ‬
‫صحة املصادر اإلسالمية أو إلغائها من األساس ليس غرضها َّ‬
‫الدفع مبسار البحث العلمي قدما يف قضايا تارخييَّة معقَّدة ال يزال‬ ‫َّ‬

‫رواية احلديث عند ا ِإلب ِ‬


‫اضيَّة‪ ،‬ص ‪.959‬‬ ‫(‪)65‬‬
‫َ‬
‫‪131‬‬
‫‪ISSN :1112-‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪4545 :‬‬ ‫عدد‪05 :‬‬ ‫مجلد‪42 :‬‬ ‫‪4377‬‬
‫الشك وعدم اليقّي يف موثوقيَّة‬
‫يكتنفها الغموض‪ ،‬بقدر ما هو إال إثارة قضايا هامشيَّة‪ ،‬وإشكاالت فرعيَّة من أجل بث َّ‬
‫األصول اإلسالميَّة‪ ،‬فضال عن إشغال القارئ بقضايا تغفله عن األصل‪.‬‬
‫وإن كان الباحث أشار إىل قضايا غري واضحة اعُّتت مجع احلديث عند ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة‪ ،‬فياليته ترك اجملال للباحثّي‬‫َ‬
‫أن حبثه كان غرضه من أجل‬‫الستيضاح ما أشكل‪ ،‬لكنَّه كان متسرعا يف إصدار األحكام والتهم‪ ،‬مما يدل على جاهزيتها‪ ،‬و َّ‬
‫صحتها‪.‬‬‫حماولة تأكيدها وبيان َّ‬
‫للرد على بعض القضايا اليت هي حباجة إىل حبث مُّتو واستقصاء للمصادر‬
‫ويبقى هذا البحث حباجة إىل املتخصصّي َّ‬
‫ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة الستجالء الغموض الذي يكتنفها‪.‬‬ ‫َ‬

‫قائمةُّالمراجع‪ُّ:‬‬
‫‪ .9‬أبو العباس أمحد بن سعيد َّ‬
‫الدرجيّن (‪911‬هـ)‪،‬كتاب طبقات املشائخ باملغرب‪ ،‬حتقيق ابراهيم طالي‪ ،‬مطبعة البعث‪،‬‬
‫قسنطينة‪.‬‬
‫‪ .4‬أبو عبد اهلل وأيب سعيد وآخرين‪ ،‬كتاب من جامع أيب صفرة وفقهه بتعليقات‪ ،‬مجع وترتيب وتعليق‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪ ،1821/2100‬مكتبة مسقط‪ ،‬سلطنة عمان‪.‬‬
‫‪ .0‬أبو عمر يوسف بن عبد الرب (‪ ،)290‬جامع بيان العلم وفضله‪ ،‬حتقيق أي األشبال الزهريي‪ ،‬الطبعة األوىل‪/9292 ،‬‬
‫‪ ،9112‬دار اجلوزي للنشر والتوزيع‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪.‬‬
‫الصالح‪ ،‬حتقيق نورالدين عُّت‪.‬‬
‫‪ .2‬أبو عمرو عثمان بن عبد الرمحن الشَّهرزوري (تـ ‪ 920‬م)‪ ،‬علوم احلديث البن َّ‬
‫‪ .5‬اإلمام أيب احلسّي مسلم بن احلجاج بن مسلم‪ ،‬صحيح مسلم (املقدمة)‪ ،‬دار السالم للنشر والتوزيع‪ ،‬اململكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬الطَّبعة الثانية‪.4111 ،‬‬
‫‪ .9‬جون كرافن ِوي ْل ِكْنسون‪ ،‬احلديث عند ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة‪ ،‬حبث عن التَّقريب بّي ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة ومذاهب السنَّة ‪ :‬ترمجة بكري أوالد باهبون‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اجلزائر ‪john c wilkinson,“Ibadi hadith: an essay on normalization,” ،9 ،9141/14/99‬‬
‫)‪Der Islam, vol. 62, pt.2 (1985‬‬
‫‪ .1‬احلافظ جالل الدين السيوطي (‪421‬هـ‪199 -‬هـ)‪ ،‬تدريب َّ‬
‫الرواي يف شرح تقريب النَّووي‪ ،‬حققه أبو قتيبة نظر حممد الفاريايب‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪ ،9295‬بريوت‪ ،‬مكتبة الكوثر‪.‬‬
‫‪ .4‬صاحل بن أمحد بن سيف البوسعيدي‪ ،‬رواية احلديث عند ا ِإلب ِ‬
‫اضيَّة (دراسة مقارنة)‪( .‬نسخة الكُّتونية)‪.‬‬‫َ‬
‫‪)00:00 0202/20/20( https://alsaidia.com‬‬
‫السييايب‪ ،‬سلطنة عمان وزارة الُّتاث القومي‬
‫‪ .1‬كتاب السري‪ ،‬أمحد بن سعيد بن عبد الواحد الشماخي‪ ،‬حتقيق أمحد بن سعود ي‬
‫والثقافة‪ ،9114/9294،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪ .28‬جمموعة من الباحثّي‪ ،‬معجم األعالم اإلباضيَّة (مدخل إىل التَّاريخ والفكر اإلباضي من خالل تراجم ألكثر من ألف عامل‬
‫األول اهلجري إىل العصر احلاضر)‪ ،‬مجعية الُّتاث جلنة البحث العلمي‪.‬‬ ‫من أعالم املغرب اإلسالمي منذ القرن َّ‬
‫‪ .99‬جمموعة من الباحثّي‪ ،‬معجم املصطلحات اإلباضيَّة‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون الدينيَّة‪ ،‬سلطنة عمان‪ ،‬الطَّبعة الثَّانية ‪.4194/9200‬‬

‫‪132‬‬
ISSN :1112- ‫مجلة المعيار‬
4545 :‫السنة‬ 05 :‫عدد‬ 42 :‫مجلد‬ 4377
.‫م‬4119 / ‫هـ‬9244 ،‫ سنة النشر‬،‫ مؤسسة الرسالة‬،‫ سري أعالم النبالء‬،‫ حممد بن أمحد بن عثمان الذهيب‬.94
.)‫ (نسخة الكُّتونية‬،2 ‫ ص‬،‫ مسند الشَّافعي ترتيب السندي‬،‫ حممد بن ادريس الشَّافعي‬.90

:‫مقاالت‬
.4191 ،‫ مجعية الُّتاث‬،‫ َم ْعلَ َمةُ الفقه واللغة والتاريخ‬،‫ سلمة العوتيب‬،‫ سلطان بن مبارك بن محد الشيباين‬.92
.4199/14/14 ،‫ مقال يف جملة احلوار اليوم‬،‫ املراجعون اجلدد مدرسة استشراقية جديدة؟‬،‫الساملي‬ َّ ‫ عبد الرمحن‬.95
‫ جملة‬،‫ مصطفى ويننت‬.‫ د‬،‫ تطور الفقه عند اإلباضيَّة من خالل آراء املستشرق جون كرافن ويلكنسون‬،‫ مصطفى بن دريسو‬.99
.‫ جامعة الوادي‬،4194 ‫سبتمرب‬/9221 ،10 ‫ عدد‬،2 ‫ جملد‬،‫الشهاب‬

:‫مراجع باللغة األجنبية‬


17. Ibadi Hadith ; An essay on normalization, Der Islam (Berlin) 62 (1985), 231 - 259
18. Ibadi Theology. Rereading Sources and Scholarly Works, Ersilia Francesc, Georg
Olms Verlag, Heldchim. Zurich, 2015, P,330
19. Ibadism Origins and Early Development in Oman. : Wilkinson: J.C ; New York –
Oxford 2010
20. The ibadi imam, Bulletin of the school of Oriental and african studies (London)39
(1976), 535 - 551
21. The Julanda of Oman, studies (Muscat, Ministry of information and culture), I
(1975), 97 -108
22. The Origins of the romani state, the arabian peninsula, society and politics .. ED.
Derek Hopwood. London : George Allen and Unwin LTD, 1979, 67-88

:‫مواقع انترنات‬
23. http://www.altasamoh.net/Article.asp?Id=391
24. http://www.tourath.org/ar/content/view/2160/42/
25. https://www.tourath.org/ar/content/view/116/41/

133

You might also like