Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 38

‫جملة العلوم العربية واإلنسانية‬

‫جامعة القصيم‪ ،‬اجمللد (‪ ،)9‬العدد (‪ ،)3‬ص ص ‪( ،1063-1021‬رجب ‪1437‬هـ‪ /‬إبريل ‪)2016‬‬

‫ِ‬
‫(إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬استعماالً وداللةً‬

‫د‪ .‬حممد عبدهللا هزاميه‬


‫أستاذ مساعد‪ ،‬قسم َّاللغة العربيَّة وآداهبا‪ ،‬كليَّة العلوم واآلداب بعنيزة‬
‫جامعة القصيم‪ ،‬اململكة العربيَّة السعوديَّة‬

‫ليتحصل‬
‫َّ‬ ‫شكلت هويتها‪ ،‬فأفْـَرَدت له أحرفاً متعددة‬ ‫عد أُسلوب النَّفي أحد أساليب العربيَّة اليت َّ‬ ‫ملخص البحث‪ .‬يُ ُّ‬
‫ِّ‬
‫َّفي يف معناه العام‪ ،‬ولكنَّه خيتلف عن‬ ‫كل حرف منها حيقق الن َّ‬ ‫هبا هذا األُسلوب‪ ،‬أحد هذه األحرف (إن) الناَّفية‪ ،‬و ُّ‬
‫الداللة اليت ُحي ِّققها يف السياق الذي جاء فيه‪ُّ ،‬‬
‫فكل حرف خيتص بنمط معني من‬ ‫غريه من ابقي األحرف يف ِّ‬
‫حقق فيه داللة تتناسب مع النَّص‪ ،‬ال تتحقَّق بغريه من أحرف النَّفي‪ .‬فجاء هذا البحث لِّيدرس ِّإن‬ ‫السياق في ِّ‬
‫ُ‬
‫َّص‪ ،‬فتناوهلا من مستويني‪ ،‬املستوى االستعمايل‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫َّفي هبا من داللة يف الن ِّ‬ ‫ِّ‬
‫النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬وما ُحيققه الن ُّ‬
‫األول‬
‫الداليل؛ فاقتضى ذلك أن يكون البحث يف مقدمة‪ ،‬ومتهيد‪ ،‬وثالثة فصول‪ ،‬وخامتة‪َّ .‬أما الفصل َّ‬ ‫واملستوى ِّ‬
‫ُجع من شواهد وردت فيها ِّإن النَّافية‪،‬‬ ‫تضمن املستوى االستعمايل لـ (إ ْن) يف التَّنزيل احلكيم‪ ،‬بناء على ما ُِّ‬
‫ً‬ ‫فقد َّ‬
‫الَّتاكيب اليت وردت فيها‪ ،‬وتقسيمات ما دخلت عليه من األمساء واألفعال‬ ‫وقد أظهر هذا الفصل أنواع َّ‬
‫وتصنيفاهتا‪ ،‬وتناول فيه الباحث ‪-‬أيضاً‪-‬أوجه االختالف بينها وبني ِّإن املخفَّفة املهملة‪َّ ،‬أما الفصل الثَّاين‪ ،‬فقد‬
‫كل منهم يف رأيه‪،‬‬ ‫وحجة ٍّ‬
‫وإن املخفَّفة املهملة‪ ،‬وآراء النُّحاة يف ذلك‪َّ ،‬‬ ‫كل من ِّإن النَّافية‪ِّ ،‬‬‫حبثت فيه مسألة إعمال ٍّ‬
‫يتحصل مع غريها‬ ‫َّ‬ ‫يتحصل معها من بيان ال‬ ‫َّ‬ ‫و َّأما يف الفصل الثَّالث فقد اجتهدت يف مسألة ِّداللة ِّإن النَّافية‪ ،‬وما‬
‫َّصت ما توصلت إليه من نتائج‬ ‫من أحرف النَّفي‪ ،‬مستشهداً على ذلك بنصوص من التنزيل احلكيم‪ .‬ويف اخلامتة خل ْ‬
‫هلذا البحث‪.‬‬

‫‪1021‬‬
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1022‬‬
‫ِ‬
‫املقدمة‬
‫رب العالمين‪ ،‬الذي هدانا إلى سواء السبيل‪ ،‬وأنار لنا باإلسالم‬ ‫ِّ‬ ‫الحمد هلل‬
‫ظلمة الدُّنيا على يد سيِّد المرسلين نبيِّنا الصادق األمين‪ ،‬محمد عليه أفضل‬
‫الصالة وأتم التسليم‪ ،‬وبعد‪.‬‬
‫أمر ما‪،‬‬ ‫ع َم َدت اللُّغة العربيَّة إلى عدد من األحرف في نفي ٍ‬ ‫لقد َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫سوا ٌء أكان نفيا لخبر‪ ،‬أونفيا لحدوث فعل‪ ،‬أو نفيا لجنس ما‪ ،‬أو ألي ِّ شيء‬‫ً‬
‫آخر‪ ،‬وإثبات عدم حدوثه‪ .‬أحد هذه الحروف هو حرف النَّفي ْ‬
‫(إن)‪ .‬ث َّمة‬
‫والمهتمين‬
‫ِّ‬ ‫(إن) النَّافية‪ ،‬قد تش ُكل على بعض الدارسين‬ ‫تحف بـ ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫مسائل‬
‫باللُّغة العربيَّة‪ ،‬وقد يصل األمر إلى أن بعض الدَّارسين للُّغة العربيَّة في‬
‫مستوى درجة البكالوريوس قد يصعب عليهم التَّعرف على هذا الحرف‪،‬‬
‫وقد يخلطون بينه وبين (إن) الشرطيَّة‪ ،‬أو (إن) الناصبة‪ ،‬أو (إن) المخفَّفة‬
‫ص ُر هذه المسائل بما يلي‪:‬‬ ‫من الثَّقيلة‪ ،‬ويمكن ح ْ‬
‫(إن) النَّافية‪ ،‬وما يجب أن يُرافقها‬ ‫‪ -1‬التَّركيب الذي تدخل عليه ِّ‬
‫في ذلك التركيب‪.‬‬
‫يمر الدَّارس في كثير من المؤلفات النَّحويَّة على بعض‬ ‫ُّ‬ ‫‪-2‬‬
‫(إن‬‫(إن المخفَّفة) أو ِّ‬
‫(إن المكسورة الخفيفة)‪ ،‬أو ِّ‬ ‫العبارات فيقرأ نحو‪ِّ :‬‬
‫المهملة)‪ ،‬فقد يظن البعض أن كلَّها شيء واحد‪.‬‬
‫‪ -3‬الخالف فيما بين النحويين في مسألة إعمالها أو إهمالها‪،‬‬
‫واستقراء ذلك من خالل ورودها في القرآن الحكيم‪.‬‬
‫‪ -4‬قد يش ُكل على بعض الدارسين التفريق بين ِّ‬
‫(إن) النَّافية‪ ،‬وبين‬
‫(إن) المخفَّفة من الثَّقيلة‪ ،‬ومحاولة استنتاج التركيب الذي ترد فيه ك ٌّل‬ ‫ِّ‬
‫منهما‪.‬‬
‫إن النَّافية‪ ،‬وقيام (ما) مقامها في‬ ‫‪ -5‬ث َّمة مسألة متعلقة بداللة ِّ‬
‫حقق البيان نفسه الَّذي تحقَّق‬ ‫صل الدِّاللة نفسها مع (ما)؟وت ُ ِّ‬‫النفي‪ ،‬فهل تتح َّ‬
‫مع ْ‬
‫(إن) ؟‬
‫وللوقوف على هذه المسائل جا َءت هذه الدراسة الموسومة بعنوان‪:‬‬
‫(إن) النَّافية في القرآن الكريم (استعماالً وداللة)‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فكان اختيار كتاب هللا العزيز مجاال تطبيقيا لهذه الدراسة؛ لما يزخر‬
‫يشك في أن تلك‬ ‫ُّ‬ ‫به من بالغة وبيان وإعجاز‪ ،‬وما ِّمن صاحب عقل‬
‫( ِّ‬
‫إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬استعماالً وداللةً‬
‫‪1023‬‬

‫البالغة‪ ،‬وذانك البيان واإلعجاز‪ ،‬ما ارتسم ك ُّل ذلك إالَّ باستعمال ِّ‬
‫كل‬
‫الدراسة أن تكون‬ ‫وكل جملة في موضعها‪ .‬لقد اقتضت ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫وكل كلمة‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫حرف‪،‬‬
‫في ثالثة فصول‪ ،‬يسبقها مقدِّمة وتمهيد‪ ،‬ث َّم خاتمة في نهاية البحث‪ .‬وقد‬
‫(إن) النَّافية‪،‬‬
‫ارتأيت أن أستقصي جميع اآليات الكريمة التي وردت فيها ِّ‬
‫وأن أستطرد في عملية االستشهاد بها؛ لما لكثرة الشواهد أو قلتها من‬
‫أهميَّة في الحكم النحويِّ‪ .‬وقد تكرر االستشهاد ببعض اآليات الكريمة في‬
‫أكثر من موضع من البحث كلما اقتضت الحاجة إليها‪.‬‬

‫التمهيد‬
‫تتسم اللُّغة العربيَّة بسمات متعددة في جميع مستوياتها؛ في حروفها‪،‬‬
‫ومفرداتها‪ ،‬وإعرابها‪ ،‬ودقة تعبيرها‪ ،‬وإيجازها‪ ،‬تلك اللُّغة التي فاقت‬
‫أخواتها بكثرة مفرداتها‪ ،‬ودقَّة معانيها‪ ،‬وحسن نظام مبانيها‪ ،‬فتعددت‬
‫متميزة‪ ،‬ال ترقى إليها لغة أخرى‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫أساليبها‪ ،‬وتنوعت حتى أكسبتها شجاعة‬
‫صل بها‬‫وأسلوب النَّفي هو أحد أساليب العربيَّة الَّتي أفردت له أحرفا ً يتح َّ‬
‫هذا األسلوب‪ ،‬وقد تعددت هذه األحرف وتنوعت؛ فمنها‪( :‬ال)‪ ،‬و(ما)‪،‬‬
‫و(لم)‪ ،‬و(لن)‪ ،‬و(ل َّما)‪ ،‬و(ليس)‪ ،‬و(غير)‪ ،‬و(الت)‪ ،‬و(ال النافية للجنس)‪،‬‬
‫و(إن) المخفَّفة من الثقيلة‪.‬‬
‫معنى واحدا ً هو‬ ‫ً‬ ‫أحرف متعددة لتؤدِّي ‪ -‬في مقصدها العام ‪-‬‬
‫النفي‪ ،‬فإذا كان األمر كذلك‪ ،‬ف ِّل َم هذا التعدد ألحرف النَّفي؟ ألم يكن‬
‫االكتفاء بحرف واحد أو حرفين لتحقيق هذا األسلوب أيسر وأسهل على‬
‫ُمست ِّعمل هذه اللغة؟ في حقيقة األمر لم تكن المسألة على هذا النحو‪،‬‬
‫فالتعدُّد في هذه األحرف يعني التوسع والتنوع في الدِّاللة‪ ،‬فالمعنى الذي‬
‫صل مع حرف النفي (ال) لن يتحقَّق بالدِّاللة نفسها مع الحرف (ما)‪،‬‬ ‫يتح َّ‬
‫(إن) لن نقف عليها‬ ‫والبالغة التي نأتي عليها في سياق النفي مع الحرف ْ‬
‫مع (ما)‪.‬‬
‫إن‬
‫(إن) هو صورة من الصور التي ترد عليها ِّ‬ ‫فحرف النفي ْ‬
‫المكسورة الخفيفة‪ ،‬فمثلها تكون شرطيَّة‪ ،‬أو زائدة‪ ،‬أو مخفَّفة من الثقيلة‪،‬‬
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1024‬‬
‫أو تكون نافية‪ ،‬وهي تدخل على الجملتين االسمية والفعليَّة (‪ ،)1‬نحو‪ :‬ﭽ ﯕ ﯖ‬
‫ﯗ ﯘ ﯙ ﭼ (‪ ،)2‬وﭽ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﭼ (‪ .)3‬وتُجرى مجرى (ما) في النَّفي كما‬
‫إن النَّافية المخفَّفة من الثَّقيلة‪ ،‬بأنَّه عندما‬
‫ُفرق بينها وبين ِّ‬ ‫وصفها النُّحاة‪ .‬وي َّ‬
‫إن من الثَّقيلة يلزم خبرها الالم للفرق بينها وبين ِّ‬
‫إن النَّافية ‪ .‬وأ َّما‬ ‫تُخفَّف ْ‬
‫(‪)4‬‬

‫إعمالها في الجملة فمسألة خالفية‪ ،‬إذ انقسم النَّحويون إلى فريقين‪ ،‬فمنهم‬
‫من ذهب إلى إعمالها‪ ،‬ومنهم من خالف ذلك فقال بإهمالها‪ ،‬وك ُّل له حجته‬
‫فيما ذهب إليه‪.‬‬
‫إن النافية في القرآن الحكيم كثيراً‪ ،‬حيث وصلت مرات‬ ‫وقد وردت ِّ‬
‫ذكرها – تقريبا ً – إلى مائة وعشر‪ ،‬وهي تؤدِّي داللة معيَّنة في سياق ِّ‬
‫كل‬
‫صل‬ ‫آية من اآليات الكريمة‪ ،‬ال أظن أن ذلك المعنى أو البيان نفسه يتح َّ‬
‫بغيرها من أحرف النَّفي‪ ،‬وللوقوف على جوانب هذا الحرف نأتي على‬
‫مباحث هذه الدراسة‪ .‬وهي على النحو التالي‪:‬‬
‫األول‪( :‬إن) النَّافية‪.‬‬
‫الفصل َّ‬
‫إن النَّافية‬‫األول‪ :‬استعمال ِّ‬ ‫المبحث َّ‬
‫وإن المخفَّفة المهملة‬
‫إن النَّافية ِّ‬ ‫المبحث الثَّاني‪ :‬الفرق بين ِّ‬
‫الفصل الثَّاين‪ :‬إعمال ِ‬
‫إن النَّافية‪.‬‬
‫إن النَّافية بين اإلعمال واإلهمال‬ ‫األول‪ِّ :‬‬ ‫المبحث َّ‬
‫إن المخفَّفة المهملة بين اإلعمال واإلهمال‬ ‫المبحث الث َّاني‪ِّ :‬‬
‫الفصل الثَّالث‪ :‬داللة ِ‬
‫إن النَّافية‪.‬‬

‫األول‪( :‬إن) النَّافية‪.‬‬


‫الفصل َّ‬

‫(‪ )1‬اإلقليد شرح املفصل‪ ،‬اتج الدين أمحد بن حممود اجلندي‪ ،‬تح‪ :‬حممود أمحد الدراويش‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬اجمللد‪:‬‬
‫الرابع‪ ،‬جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬السعودية‪ ،2002 ،‬ص‪.1776‬‬
‫(‪ )2‬سورة امللك‪ ،‬آية ‪.20‬‬
‫(‪ )3‬سورة النساء‪ ،‬آية ‪.62‬‬
‫(‪ )4‬شرح املكودي على ألفية ابن مالك‪ ،‬تح‪ :‬فاطمة الراجحي‪ ،‬جامعة الكويت‪،‬ج‪ ،1،1993‬ص‪.235‬‬
‫( ِّ‬
‫إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬استعماالً وداللةً‬
‫‪1025‬‬
‫ألول‪ :‬استعمال ِ‬
‫(إن) النَّافية‬ ‫املبحث ا َّ‬
‫(إن) النَّافية على نمط محدد من الجمل‪ ،‬فقد‬ ‫لم يُقتصر استعمال ِّ‬
‫ع ِّرفت في ميزان النحاة أنَّها بمنزلة (ما)‪ .‬فهي تدخل على الجملتين‬ ‫ُ‬
‫(‪)5‬‬
‫(إن زي ٌد قائم) وال يُشترط‬ ‫(إن يقو ُم زيد)‪ ،‬و ْ‬ ‫الفعليَّة واالسميَّة كقولك‪ْ :‬‬
‫(‪)6‬‬
‫في اسمها وخبرها أن يكونا نكرتين بل تعمل في النكرة والمعرفة ‪ .‬فمن‬
‫"وإن أح ٌد خيرا ً من أح ٍد إالَّ بالعافية"‪ ،‬ومن‬ ‫ْ‬ ‫إعمالها في النكرة قولهم‪:‬‬
‫إن هو مستوليا ً على أح ٍد إالَّ على أضعف‬ ‫إعمالها في المعرفة قوله ‪ْ :‬‬
‫)‬‫‪7‬‬ ‫(‬
‫(‪)8‬‬
‫المجانين‬
‫ضارك"(‪ .)9‬وال‬ ‫َّ‬ ‫س ِّمع‪ْ :‬‬
‫"إن ذ ِّل َك نافِّعَ َك وال‬ ‫ومن عملها في معرفتين‪ُ ،‬‬
‫بأن يتقدم المبتدأ ويتأخر‬ ‫يشترط في هذه الجملة أن تكون على أصلها؛ ْ‬
‫الخبر‪ ،‬وال يشترط أن يكون االسم في الجملة االسميَّة مبنيَّا ً أو معرباً‪ ،‬وال‬
‫صر ما قد‬ ‫أن يكون معرفة أو نكرة‪.‬وعند مجاوزة حدود هذا الكالم إلى ح ْ‬
‫عملت في سياق‬ ‫عملت فيه من سياقات في القرآن الكريم‪ ،‬لَت َبيَّن أنَّها است ُ ِّ‬ ‫است ُ ِّ‬
‫الجملتين االسميَّة والفعليَّة‪ ،‬وعلى النحو التَّالي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬دخوهلا على اجلملة االمسيَّة‪.‬‬
‫(إن) على الجملة االسميَّة‪ ،‬سوا ٌء أكان فيها المبتدأ مقدَّما ً أم‬ ‫تدخل ْ‬
‫صل ذلك بما‬ ‫مؤ َّخراً‪ ،‬أو كان مبنيا ً أم معرباً‪ ،‬أو كان معرفة أم نكرة‪ ،‬ويُف َّ‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬دخولها على األسماء المبنيَّة‪.‬‬

‫(‪ )5‬اإلقليد شرح املفصل‪ ،‬جملد‪ ،4‬ص‪.1776‬‬


‫(‪ )6‬شرح ابن عقيل على الفية ابن م الك‪ ،‬حممد حميي الدين عبد احلميد‪ ،‬دار إحياء الَّتاث العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ج‪،1‬ص‪.319‬‬
‫(‪ )7‬شرح املكودي على ألفية ابن مالك‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.211‬‬
‫(‪ )8‬البيت بال نسبة وانشده الكسائي (ينظر يف توضيح املقاصد واملسالك بشرح ألفية ابن مالك‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫ص‪. )512‬‬
‫(‪ )9‬شرح شذور الذهب يف معرفة كالم العرب‪ ،‬حممد حميي الدين عبداحلميد‪( ،‬د‪.‬ن) ‪( ،‬د‪.‬ت) ‪ ،‬ص‪.199‬‬
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1026‬‬
‫فم َّما دخلت عليه من األسماء المبنيَّة الضمائر‪ ،‬وأسماء اإلشارة‪ ،‬إذ‬
‫ِّ‬
‫المتكلم والمخاطب والغائب‪ ،‬فمن دخولها على ضمير‬ ‫ِّ‬ ‫دخلت على ضمائر‬
‫(‪)11‬‬ ‫(‪)10‬‬
‫ومن‬ ‫‪ ،‬ومنه ﭽ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭼ‬ ‫المتكلم‪ ،‬قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭼ‬
‫ِّ‬
‫ً‬
‫دخولها على الضمائر – أيضا – دخولها على ضمير المخاطب‪ ،‬نحو‬
‫قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭼ(‪ ،)12‬ومنه ﭽ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﭼ (‪ ،)13‬و ﭽ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﭼ(‪،)14‬‬
‫وﭽﯲ ﯳ ﯴ ﯵﭼ(‪ ،)15‬وﭽﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭼ (‪ ،)16‬وﭽ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﭼ (‪)17‬وﭽ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨﭼ‬
‫(‪ ،)18‬وﭽ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﭼ (‪ ،)19‬أ َّما دخولها على ضمير الغائب فقد تجلَّى في قوله‬
‫تعالى‪ :‬ﭽ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﭼ(‪ ،)20‬وﭽ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﭼ(‪،)21‬ومنه قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭾ‬
‫ﭿ ﮀ ﮁﭼ(‪ ،)22‬ومنه ﭽ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭼ(‪ )23‬ومنه ﭽ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﭼ(‪،)24‬‬
‫وقوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭼ(‪)25‬وأ َّما دخولها على أسماء اإلشارة‪ ،‬فقد‬
‫انحصر ذلك في اسم اإلشارة (هذا)‪ ،‬فمن ذلك قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﭼ(‪ ،)26‬ومنه ﭽ ﰁ ﰁ ﰁ ﰁ ﰁ ﭼ (‪ ،)27‬ومنه ﭽ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭼ(‪ ،)28‬وﭽ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬

‫(‪ )10‬سورة األعراف‪ ،‬آية ‪ ،188‬سورة الشعراء‪ ،‬آية ‪.115‬‬


‫(‪ )11‬سورة ابراهيم‪ ،‬آية ‪.11‬‬
‫(‪ )12‬سورة فاطر‪ ،‬آية ‪.23‬‬
‫(‪ )13‬سورة هود‪ ،‬آية ‪.50‬‬
‫(‪ )14‬سورة إبراهيم‪ ،‬آية ‪.10‬‬
‫(‪ )15‬سورة الروم‪ ،‬آية ‪.58‬‬
‫(‪ )16‬سورة يس‪ ،‬آية ‪.15‬‬
‫(‪ )17‬سورة يس‪ ،‬آية ‪.47‬‬
‫(‪ )18‬سورة امللك‪ ،‬آية ‪.9‬‬
‫(‪ )19‬سورة األنعام‪ ،‬آية ‪148‬‬
‫ص‪ ،‬آية‪ ،87‬سورة يوسف‪ ،‬آية‪ ،104‬التكوير‪ ،‬آية‪27‬‬ ‫(‪ )20‬سورة األنعام‪ ،‬آية‪ ،90‬سورة َ‬
‫(‪ )21‬سورة يس‪ ،‬آية ‪.69‬‬
‫(‪ )22‬سورة البقرة‪ ،‬آية ‪ ،78‬سورة اجلاثية‪ ،‬آية ‪.24‬‬
‫(‪ )23‬سورة الفرقان‪ ،‬آية ‪.44‬‬
‫(‪ )24‬سورة النجم‪ ،‬آية ‪23‬‬
‫(‪ )25‬سورة األنعام‪ ،‬آية ‪ ،29‬سورة املؤمنون‪ ،‬آية ‪.37‬‬
‫(‪ )26‬سورة املائدة‪ ،‬آية ‪.110‬‬
‫( ِّ‬
‫إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬استعماالً وداللةً‬
‫‪1027‬‬
‫ﭯ ﭼ (‪ ،)29‬وﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭼ(‪ ،)30‬وﭽ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﭼ (‪ ،)31‬وﭽﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮﭼ(‪ ،)32‬وقوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭼ (‪.)33‬‬
‫‪ -2‬دخولها على األسماء المعربة‪.‬‬
‫(‪)34‬‬
‫‪ ،‬وقوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭟ ﭠ ﭡ‬ ‫فمن ذلك قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﭼ‬
‫ﭢﭼ(‪ ،)35‬و ﭽ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﭼ (‪ ،)36‬و ﭽ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬﭼ ‪ ،‬و ﭽ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭼ‬
‫(‪)37‬‬
‫(‪)40‬‬
‫(‪ ،)38‬ومنه ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﭼ(‪ )39‬ومنه ﭽ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟﭼ‬
‫(إن) قد دخلت على الجملة االسميَّة‪ ،‬وقد‬ ‫أن ْ‬ ‫نتبيَّن م َّما سبق ذكره َّ‬
‫جا َءت استصحابا ً لألصل؛ تقدم فيها المبتدأ وتأخر خبره‪ ،‬ودخلت عليها –‬
‫عدِّل فيها عن األصل‪ ،‬فتقدم الخبر وهو شبه جملة وتأخر‬ ‫أيضا ً – وقد ُ‬
‫(‪)41‬‬
‫‪ ،‬وقوله تعالى‪ :‬ﭽ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭼ‬ ‫مبتدأه‪ ،‬نحو قوله تعالى ﭽ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﭼ‬
‫َّ‬
‫(‪ .)42‬ففي اآلية األولى جاء المبتدأ ( ِّكب ٌْر) نكرة ليس لها مسوغ إال تقديم‬

‫(‪ )27‬سورة األنعام‪ ،‬آية ‪.25‬‬


‫(‪ )28‬سورة يوسف‪ ،‬آية ‪31‬‬
‫(‪ )29‬سورة الفرقان‪ ،‬آية ‪.4‬‬
‫(‪ )30‬سورة الشعراء‪ ،‬آية ‪.137‬‬
‫ص‪ ،‬آية ‪.7‬‬‫(‪ )31‬سورة َ‬
‫(‪ )32‬سورة املدثر‪ ،‬آية ‪24‬‬
‫(‪ )33‬سورة املدثر‪ ،‬آية ‪.25‬‬
‫(‪ )34‬سورة األنعام‪ ،‬آية ‪ ،57‬يوسف‪ ،‬اآليتان ‪..67 ،40‬‬
‫(‪ )35‬سورة األنفال‪ ،‬آية ‪34‬‬
‫(‪ )36‬سورة يونس‪ ،‬آية ‪ ،72‬هود‪ ،‬آية ‪ ،29‬سبأ‪ ،‬آية ‪.47‬‬
‫(‪ )37‬سورة هود‪ ،‬آية ‪.51‬‬
‫(‪ )38‬سورة اجملادلة‪ ،‬آية ‪.2‬‬
‫(‪ )39‬سورة امللك‪ ،‬آية ‪.20‬‬
‫(‪ )40‬سورة الشعراء‪ ،‬آية ‪.113‬‬
‫(‪ )41‬سورة غافر‪ ،‬آية ‪.56‬‬
‫(‪ )42‬سورة الشورى‪ ،‬آية ‪.48‬‬
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1028‬‬
‫الخبر وهو جار ومجرور(‪)43‬؛ لذلك تقدم الخبر وجوباً‪ ،‬وفي اآلية الثَّانية‬
‫اقتضى السياق حصر المبتدأ؛ لذلك تقدَّم الخبر وجوباً‪ .‬وم َّما تجدر اإلشارة‬
‫أن المبتدأ الدَّاخلة عليه في جميع هذه السياقات القرآنيَّة جاء معرفة؛‬ ‫إليه َّ‬
‫معرفا ً باإلضافة فالكلمات (الحكم‪ ،‬وأولياؤه‪ ،‬وأجري‪،‬‬ ‫عرفا ً بأل‪ ،‬أو َّ‬
‫فإ َّما ُم َّ‬
‫ُّ‬
‫وأمهاتهم‪ ،‬والكافرون‪ ،‬وحسابهم) كلها معارف‪ ،‬ولم ترد مع نكرة إال ما‬
‫سوغ ذلك تقديم‬ ‫سبق ذكره من أنها دخلت على مبتدأ نكرة مؤخر وقد َّ‬
‫الخبر؛ بمعنى أنها لم تباشر نكرة في أي ٍ من السياقات‪ .‬وهذا ما يخالف ما‬
‫استُشهد به على إعمالها في النكرة‪ ،‬وهو قولهم‪" :‬وإن أح ٌد خيرا ً من أح ٍد‬
‫إالَّبالعافية"‪ ،‬ولم نجد غيره على ذلك‪ .‬م َّما يُضعف القول بإعمالها في‬
‫النَّكرة‪.‬‬
‫‪ -3‬دخولها على المبتدأ المجرور بمن الزائدة‪.‬‬
‫(‪)44‬‬
‫يظهر هذا في قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﭼ ‪ ،‬وقوله تعالى‪ :‬ﭽ ﮚ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﭼ (‪ ،)45‬وقوله تعالى‪ :‬ﭽ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﭼ (‪ ،)46‬وقوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﭼ (‪ ،)47‬ومنه ﭽ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﭼ(‪.)48‬‬
‫(إن) النَّافية قد تدخل على الجملة االسميَّة‬ ‫نستقرئ من كل ذلك َّ‬
‫أن ِّ‬
‫ألن تقدُّم حرف النَّفي على‬ ‫المبدو َءة بنكرة‪ ،‬فتجعل هذه النكرة عا َّمة؛ َّ‬
‫المسوغ لالبتداء بها؛‬
‫ِّ‬ ‫النَّكرة يجعلها عا َّمة‪ ،‬وعموم النَّكرة عند التحقيق هو‬
‫إذ الممنوع إنما هو الحكم على فرد مبهم غير معين‪ ،‬فأ َّما الحكم على‬
‫إن النَّافية على النَّكرة‬ ‫(‪)49‬‬
‫جميع األفراد فال مانع منه ‪ .‬لهذا اقتضى دخول ِّ‬
‫في هذه السياقات أن يجعلها عا َّمة‪ ،‬وال يتحقَّق هذا العموم إالَّ بحرف الجر‬

‫(‪ )43‬شرح ابن عقيل‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.240‬‬


‫(‪ )44‬سورة احلجر‪ ،‬آية ‪.21‬‬
‫(‪ )45‬سورة اإلسراء‪ ،‬آية ‪.44‬‬
‫(‪ )46‬سورة مرمي‪ ،‬آية ‪.71‬‬
‫(‪ )47‬سورة فاطر‪ ،‬آية ‪.24‬‬
‫(‪ )48‬سورة يونس‪ ،‬آية ‪.68‬‬
‫(‪ )49‬شرح ابن عقيل‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.217‬‬
‫( ِّ‬
‫إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬استعماالً وداللةً‬
‫‪1029‬‬
‫(من)‪ .‬فهو يفيد توكيد العموم(‪ .)50‬فالكلمات (شيء) و (أمة) و (سلطان)‬
‫وكذلك ضمير الجمع في (منكم) كلُّها تفيد العموم‪ ،‬ولكن حرف الجر ِّ‬
‫يؤكد‬
‫فإن (أحد) على‬ ‫ويحققه‪ .‬أال ترى أننا لوقلنا‪( :‬ما جاء أحدٌ)‪َّ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫هذا العموم‬
‫الرغم من أنَّها كلمة عا َّمة فهي ال تنفي مطلق المجيء‪ ،‬وقد يُفهم من‬
‫(م ْن) فإنَّه‬‫الكالم أو يؤول على أنَّه ما جاء واح ٌد بل اثنان‪ ،‬أ َّما عند دخول ِّ‬
‫يتحقَّق هذا العموم ويُؤ َّكد‪ ،‬عندئ ٍذ لن يُفهم من قولنا‪( :‬ما جاء من أحدٍ) إالَّ‬
‫مر – من‬ ‫نفي المجيء ألي واحد مطلقاً‪ .‬وهذا يُرجح ما ذهبنا إليه – كما َّ‬
‫القول بضعف إعمالها في النكرة المحددة‪ ،‬ما لم تكن عا َّمة مطلقاً‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬دخولها على الجملة الفعليَّة‪.‬‬
‫تجلَّى ذلك في الجمل الفعليَّة اإلخبارية‪ ،‬سوا ٌء أكان زمنها ماضيا ً أم‬
‫مضارعا ً داالًّ على الحال‪ ،‬فمن دخولها على الماضي قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎ ﮏﭼ(‪،)51‬وقوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭼ(‪ ،)52‬وقوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬
‫ﭾﭼ(‪ ،)53‬ومنه ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﭼ (‪ ،)54‬و ﭽ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﭼ (‪ ،)55‬ومن ذلك قوله‬
‫تعالى ﭽ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥﭼ(‪.)56‬‬
‫أ َّما دخولها على المضارع فكثير في التَّنزيل‪ ،‬فمن ذلك قوله تعالى‪:‬‬
‫ﭽ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤﭼ(‪ ،)57‬وقوله تعالى‪ :‬ﭽﰁ ﰁ ﰁ ﰁ ﰁ ﰁﭼ(‪،)58‬‬
‫ومنه ﭽ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﭼ(‪ ،)59‬و ﭽ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﭼ (‪ ،)60‬و ﭽ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﭼ(‪ ،)61‬وقوله‬

‫(‪ )50‬مغين اللبيب عن كتب األعاريب ‪ ،‬ابن هشام‪ ،‬تح‪ :‬مازن املبارك‪ ،‬حممد علي محدهللا‪ ،‬مراجعة‪ :‬سعيد‬
‫األفغاين‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثالثة‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪ ،‬ص‪.425‬‬
‫(‪ )51‬سورة النساء‪ ،‬آية ‪.62‬‬
‫(‪ )52‬سورة التوبة‪ ،‬آية ‪.107‬‬
‫(‪ )53‬سورة اإلسراء‪ ،‬آية ‪ ،52‬املؤمنون‪ ،‬آية ‪.114‬‬
‫(‪ )54‬سورة طه‪ ،‬آية ‪103‬‬
‫(‪ )55‬سورة طه‪ ،‬آية ‪.104‬‬
‫(‪ )56‬سورة فاطر‪ ،‬آية ‪.41‬‬
‫(‪ )57‬سورة النساء‪ ،‬آية ‪.117‬‬
‫(‪ )58‬سورة األنعام‪ ،‬آية ‪.26‬‬
‫(‪ )59‬سورة األنعام‪ ،‬آية ‪ ،148‬النجم‪ ،‬آية ‪.28‬‬
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1030‬‬
‫تعالى‪ :‬ﭽ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭼ (‪ ،)62‬ومن ذلك أيضا ً قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗﭼ (‪ ،)63‬و ﭽ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭼ(‪ ،)64‬ومنه قوله تعالى ﭽ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﭼ(‪ ،)65‬و ﭽ‬
‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯨ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﭼ(‪،)66‬‬
‫و ﭽﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﭼ(‪ ،)67‬ومن ذلك أيضا ً قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﭼ (‪ ،)68‬ومنه‬
‫ﭽ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﭼ(‪ ،)69‬ومنه قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﭼ (‪ ،)70‬ومنه‬
‫ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﭼ(‪ ،)71‬ومنه ﭽ ﰁ ﰁ ﰁ ﰁ ﰁ ﰁ ﰁ ﭼ(‪ ،)72‬ومنه‬
‫قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﭼ(‪ ،)73‬و ﭽ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﭼ(‪ ،)74‬و ﭽ ﯨ ﯪ ﯫ‬
‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﭼ (‪.)75‬‬
‫إن النَّافيذة قذد‬ ‫الطائفذة مذن اآليذات الكريمذة يتَّضذح َّ‬
‫أن ِّ‬ ‫بعد العرض لهذذه َّ‬
‫دخلذذت علذذى الفعذذل بزمنَ ْيذذه الماضذذي والمضذذارع‪ ،‬فالماضذذي تمثَّذذل باألفعذذال‬
‫(أراد‪ ،‬ولبذذث‪ ،‬وأمسذذك)‪ ،‬أ َّمذذا المضذذارع فتمثَّذذل باألفعذذال (يَ ذدْعون‪ ،‬ويُه ِّلكذذون‪،‬‬
‫ذذمع‪ ،‬و َي ِّعذذذد‪ ،‬ويذذذوحي‪ ،‬ون ُ‬
‫ظذ ُّ‬
‫ذذن‪،‬‬ ‫وتتبعذذذون‪ ،‬ونقذذذول‪ ،‬وأريذذذد‪ ،‬ويتَّخذذذذونك‪ ،‬وت ُ ْسذ ِّ‬

‫(‪ )60‬سورة اإلسراء‪ ،‬آية ‪ ،47‬الفرقان‪ ،‬آية ‪.8‬‬


‫(‪ )61‬سورة يونس‪ ،‬آية ‪ ،66‬النجم‪ ،‬اآليتان ‪.28 ،23‬‬
‫(‪ )62‬سورة يونس‪ ،‬آية ‪ ،15‬االحقاف‪ ،‬آية ‪ ،9‬األنعام‪ ،‬آية ‪.50‬‬
‫(‪ )63‬سورة هود‪ ،‬آية ‪.54‬‬
‫(‪ )64‬سورة الكهف‪ ،‬آية ‪.5‬‬
‫(‪ )65‬سورة هود‪ ،‬آية ‪.88‬‬
‫(‪ )66‬سورة القصص‪ ،‬آية ‪.19‬‬
‫(‪ )67‬سورة األحزاب‪ ،‬آية ‪.13‬‬
‫(‪ )68‬سورة الفرقان‪ ،‬آية ‪.41‬‬
‫(‪ )69‬سور النمل‪ ،‬آية ‪ ،81‬الروم‪ ،‬آية ‪.53‬‬
‫(‪ )70‬سورة فاطر‪ ،‬آية ‪.40‬‬
‫ص‪ ،‬آية ‪.70‬‬‫(‪ )71‬سورة َ‬
‫(‪ )72‬سورة اجلاثية‪ ،‬آية ‪.32‬‬
‫(‪ )73‬سورة األنبياء‪ ،‬آية ‪.111‬‬
‫(‪ )74‬سورة األنبياء‪ ،‬آية ‪.109‬‬
‫(‪ )75‬سورة اجلن‪ ،‬آية ‪.25‬‬
‫( ِّ‬
‫إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬استعماالً وداللةً‬
‫‪1031‬‬
‫أن بعذذض هذذذه األفعذذال قذذد تكذذرر فذذي آيذذات أخذذرى بصذذي‬ ‫وأدري) وأُنَبِّذذه إلذذى َّ‬
‫الصذي ‪ .‬وم َّمذا يجذدر ذكذره فذي‬ ‫متعددة واكتفينذا باإلشذارة إلذى واحذدة مذن هذذه ِّ‬
‫أن جميعها أفعال متعديَّة؛ تتعدى إلى مفعذول واحذد‪ ،‬سذوا ٌء أكانذت‬ ‫هذه األفعال َّ‬
‫(إن) – علذى‬ ‫إن النفذي بذـ ْ‬ ‫ماضية أم مضارعة‪ ،‬األمذر الذذي يذدعو إلذى القذول َّ‬
‫إن نذام‬ ‫األغلب – ينحصر في الفعذل المتعذدِّي دون الذالزم‪ ،‬وعليذه فذال نقذول‪ْ :‬‬
‫إن ينذذام الطفذذل‪ْ ،‬‬
‫وإن‬ ‫وإن جذذاء زيذذدٌ‪ ،‬وال نقذذول ْ‬‫وإن جلذذس الرجذذل‪ْ ،‬‬ ‫الطفذذل‪ْ ،‬‬
‫وإن يجذذيء زيذذد‪ ،‬وإنَّمذذا نقذذول‪ :‬إن حفذذظ زي ذ ٌد إالَّ درسذذه‪ ،‬وإن‬ ‫يجلذذس الرجذذل‪ْ ،‬‬
‫يدعو عمرو إالَّ أخاه‪ ،‬إذ يُنفى الفعل الذالزم بذـ (مذا) مثلمذا يُنفذى المتعذدِّي بهذا‪،‬‬
‫فنقول‪ :‬ما جاء زيد‪ ،‬وما جلس الرجل‪ ،‬وما نام الطفل‪ ،‬فهي تنفي وقذوع الفعذل‬
‫مذذن فاعلذذه؛ أي تنفذذي حذذدوث الفعذذل‪ ،‬مثلمذذا تنفذذي وقذذوع الفعذذل علذذى مفعولذذه‪،‬‬
‫فنقول‪ :‬ما ضرب زي ٌد إالَّ عمراً‪ ،‬وما دعا الرجل إالَّ صديقه‪ .‬قال تعذالى‪ :‬ﭽ ﰁ‬
‫أن قولنذذذا‪ :‬مذذذا خذذذرج‬‫ﰁ ﰁ ﰁ ﰁ ﰁﭼ(‪ ،)76‬و ﭽ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﭼ(‪.)77‬أال تذذذرى َّ‬
‫إن‪،‬‬ ‫زيد أبل وأصوب من قولنا‪ :‬إن خرج زيد‪ ،‬فالنَّفي مع (مذا) أبْذيَن منذه مذع ْ‬
‫أن في الجملة شرطاً‪.‬‬ ‫شرط‪ ،‬فقد يوهم السامع َّ‬ ‫وقد يلتبس معها بال َّ‬
‫أن (ما) يُنفى بها الفعل الالزم والمتعدي‪ ،‬أ َّما‬ ‫ويخلص القول إلى َّ‬
‫(إن) فتختَّص بنفي المتعدِّي؛ بمعنى أنَّها ال تصلح لنفي إسناد الفعل إلى‬ ‫ْ‬
‫فاعله‪ ،‬وإنَّما لنفي وقوع الفعل على أي شيء آخر غير مفعوله؛ بمعنى‬
‫أنَّها تكون لحصر الفعل بمفعوله‪ .‬فعند قولنا‪( :‬إن يُكرم زي ٌد إالَّ أخاه) فإننا‬
‫ننف – أيضا ً – وقوع‬ ‫ِّ‬ ‫لم ننف حدوث فعل الكرم من فاعله (زيد)‪ ،‬ولم‬
‫فعل الكرم من زيد على أخيه‪ ،‬وإنَّما نكون قد نفينا وقوع فعل الكرم من‬
‫زيد على أي ٍ من الناس‪ ،‬وحصره بالوقوع على أخيه‪.‬‬
‫وبهذا يمكننا أن نر َّد ما جاء به بعض الدارسين من أمثلة مصنوعة‬
‫إن على الفعل‪ ،‬من غير أن يتنبهوا إلى مسألة لزوم الفعل‬ ‫مثَّلوا بها لدخول ْ‬
‫و(إن) تنفيان الماضي نحو‪( :‬ما جئت‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫أن (ما)‬‫وتعدِّيه‪ .‬فم َّما ورد من ذلك َّ‬

‫(‪ )76‬سورة األنعام‪ ،‬آية ‪.26‬‬


‫(‪ )77‬سورة القصص‪ ،‬آية ‪.19‬‬
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1032‬‬
‫وإن يذهب إالَّ أنا) (‪ .)78‬أال تلمح‬ ‫وإن جاء إالَّ أنا)‪ ،‬والحال نحو‪( :‬وما أذهب‪ْ ،‬‬ ‫ْ‬
‫الضعف والركاكة في مثل هذه التراكيب؟!‬
‫و(إن) َّ‬
‫املخففة من الثَّقيلة املهملة‪.‬‬ ‫(إن) النَّافية ِ‬
‫املبحث الثَّاين‪ :‬الفرق ما بني ِ‬
‫إن المكسورة الخفيفة‬ ‫إن النَّافية‪ ،‬فقد أشار إليها النُّحاة بوصفها ِّ‬ ‫أ َّما ِّ‬
‫(إن)‪ ،‬وث َّمة إشارات لها من حيث االستعمال والعمل‪ ،‬ويعتبر النَّفي وجها ً‬ ‫ْ‬
‫(إن) النَّافية؛ شأنها شأن ما‬ ‫(إن) المكسورة الخفيفة؛ لذلك تُسمى ِّ‬ ‫من أوجه ْ‬
‫(إن)‬‫إن المكسورة الخفيفة في أوجه االستعمال األخرى‪ .‬مثل ِّ‬ ‫س ِّميت به ِّ‬ ‫ُ‬
‫شرطيَّة‪ ،‬نحو قوله‬ ‫(إن) ال َّ‬
‫المكسورة الخفيفة التي تفيد الشرط‪ ،‬فسميت بـ ِّ‬
‫(إن) المخفَّفة من الثَّقيلة‪ ،‬نحو قوله‬ ‫تعالى‪ :‬ﭽ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﭼ ‪ -،‬أيضا ً‪ -‬مثل ِّ‬
‫(‪)79‬‬

‫الزائدة‪ ،‬نحو قول الشاعر(‪:)81‬‬ ‫(إن) َّ‬ ‫(‪)80‬‬


‫تعالى‪ :‬ﭽ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﭼ ‪ ،‬كذلك مثل ِّ‬
‫(‪)82‬‬
‫رفعت سوطي إىلَّ يدي‬ ‫إذ ْن فال ْ‬ ‫ما إ ْن اتيت بشيء أنت تكرهه‬
‫(إن) النَّافية هي (إن) المكسورة الخفيفة‪ ،‬وهذه الخفيفة‬ ‫وعليه َّ‬
‫فإن ِّ‬
‫ترد على أربعة أوجه‪ :‬أن تكون زائدة‪ ،‬وشرطيَّة‪ ،‬ومخفَّفة من الثَّقيلة‪،‬‬
‫(إن) المخفَّفة من الثَّقيلة‪ ،‬سوا ٌء‬ ‫(إن) النَّافية غير ِّ‬ ‫أن ِّ‬ ‫ونافية‪ .‬يُفهم من ذلك َّ‬
‫أكانتا عاملتين‪ ،‬أم غير عاملتين‪ ،‬وسبيل التفريق بينهما‪ ،‬هو بيان أوجه‬
‫فإن النَّافية سبق تفصيل أوجه استعمالها‪ ،‬فهي تدخل‬ ‫كل منهما‪ِّ ،‬‬ ‫استعمال ٍ‬
‫(‪)83‬‬
‫على الجملة االسميَّة‪ ،‬نحو ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﭼ ‪،‬‬
‫و ﭽ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﭼ (‪)84‬ومنه في التنزيل كثير‪ .‬وذكرها ابن يعيش بقوله‪:‬‬
‫إن المكسورة الخفيفة قد تكون نافية ومجراها مجرى (ما) في‬ ‫اعلم َّ‬
‫أن ِّ‬

‫(‪ )78‬سلم اللسان يف الصرف والنحو والبيان‪ ،‬جرجي شاهني عطية‪ ،‬الطبعة‪ :‬الرابعة‪ ،‬دار رحياين للطباعة والنشر‪،‬‬
‫بريوت‪( ،‬د‪.‬ت) ص‪.383‬‬
‫(‪ )79‬سورة األنفال‪ ،‬آية ‪.38‬‬
‫(‪ )80‬سورة هود‪ ،‬آية ‪.112‬‬
‫(‪ )81‬مغين اللبيب عن كتب األعاريب‪ ،‬ص‪.38‬‬
‫(‪ )82‬البيت للنابغة الذبياين من قصيدةٍّ له يف اعتذاره للنعمان (ينظر يف أمايل ابن الشجري‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪)148‬‬
‫(‪ )83‬سورة امللك‪ ،‬آية ‪.20‬‬
‫(‪ )84‬سورة النساء‪ ،‬آية ‪.116‬‬
‫( ِّ‬
‫إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬استعماالً وداللةً‬
‫‪1033‬‬
‫إن زي ٌد إالَّ‬
‫نفي الحال‪ ،‬وتدخل على الجملتين الفعليَّة واالسميَّة‪ ،‬نحو قولك‪ْ :‬‬
‫قائم‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﭼ (‪ ،)85‬وقال‪ :‬ﭽ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﭼ(‪.)87( )86‬‬
‫(إن) الثقيلة التي‬ ‫وأ َّما إن المخففة من الثقيلة المهملة‪ ،‬فأصلها َّ‬
‫تختص بالجملة االسميَّة‪ ،‬ث َّم ُخ ِّففت‪ .‬والمقصود بتخفيفها هو حذف إحدى‬
‫نونيها؛ ألنَّها مكونة من ثالثة أحرف هي الهمزة‪ ،‬والنُّون المشدَّدة تُحسب‬
‫إن(‪ ،)88‬وت ُحدَّد‬ ‫بحرفين‪ ،‬فإذا ُخ ِّففت ُحذِّفت إحدى النونين‪ ،‬فصارت ْ‬
‫المحذوفة بالنُّون المحركة؛ ألنَّها آخر(‪.)89‬‬
‫وم َّما ذُ ِّكر فيها –أيضا ً– أنَّه يجوز فيها التَّخفيف‪ ،‬عندئذ تصلح‬
‫صة‬ ‫للدخول على الجمل االسميَّة والفعليَّة‪ ،‬بعد أن كانت مع التشديد مخت َّ‬
‫باالسميَّة(‪ .)90‬وهناك من حصر دخولها على الجملة الفعليَّة باألفعال‬
‫النَّاسخة – في الغالب – كقوله تعالى‪ :‬ﭽﮇ ﮈ ﮉ ﭼ(‪ ،)91‬وفي ذلك يقول ابن‬
‫مالك(‪:)92‬‬
‫بإن ذي موصال‬ ‫تلفيه غالبا ً ْ‬ ‫والفعل إن لم يكُ ناسخا ً فال‬
‫(لكن) حين خففها‪" ،‬واعلم أنَّهم يقولون‪ْ :‬‬
‫إن‬ ‫ْ‬ ‫أ َّما سيبويه فجعلها بمنزلة‬
‫عمرو لخير منك‪ ،‬لما خففها جعلها بمنزلة لكن حين‬ ‫ٌ‬ ‫زي ٌد لذاهب‪ْ ،‬‬
‫وإن‬
‫خففها‪ ،‬وألزمها الالم لئال تلتبس بإن التي هي بمنزلة ما التي تنفي بها‪،‬‬
‫حافظ‪ ،‬وقال تعالى‪ :‬ﭽﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬ ‫ٌ‬ ‫ومثل ذلك‪ :‬ﭽ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭼ(‪ ،)93‬إنَّما هي لَعلَيها‬
‫ﮇ ﭼ(‪ ،)94‬إنَّما هي لجمي ٌع‪ ،‬و(ما) لَ ْغ ٌو"(‪ .)95‬وذُكر فيها – أيضا ً– أنَّها تُخفَّف‬

‫(‪ )85‬سورة امللك‪ ،‬آية ‪.20‬‬


‫(‪ )86‬سورة يونس‪ ،‬آية ‪.66‬‬
‫(‪ )87‬شرح املفصل‪ ،‬البن يعيش‪ ،‬عامل الكتب‪ ،‬بريوت‪ ،‬ج‪(،8‬د‪.‬ت ) ص‪.113 ،112‬‬
‫(‪ )88‬شرح ألفية ابن مالك حىت هناية إعمال املصدر‪ ،‬علي الزامل‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ ،‬دار التدمرية‪ ،‬الرايض‪ ،2011،‬ص‪.477‬‬
‫(‪ )89‬شرح شذور الذهب‪ ،‬ص‪.281‬‬
‫(‪ )90‬النحو الوايف‪ ،‬عباس حسن‪ .‬دار املعارف‪ ،‬الطبعة اخلامسة عشرة‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.673‬‬
‫(‪ )91‬سورة البقرة‪ ،‬آية ‪.143‬‬
‫(‪ )92‬ألفية ابن مالك‪ ،‬حممد بن عبدهللا بن مالك الطائي‪ ،‬دار التعاون‪( ،‬د‪.‬ت) ‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫(‪ )93‬سورة الطارق‪ ،‬آية ‪.4‬‬
‫(‪ )94‬سورة يَس‪ ،‬آية ‪.32‬‬
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1034‬‬
‫إن ِّخيف لبس بالنَّافية وهي االبتدائية‪ ،‬وال تعمل‬ ‫فتُهمل غالباً‪ ،‬وتلزم َّ‬
‫الالم ْ‬
‫هذه المخفَّفة في ضمير وال يليها ‪-‬غالبا‪ -‬فعل إالَّ متصرف ناسخ ماض أو‬
‫مضارع(‪.)96‬‬
‫فرق ابن مالك بين المخفَّفة والنَّافية‪ ،‬ويلزم هذا التفريق عند‬ ‫وقد َّ‬
‫ُ‬ ‫إهمال المخفَّفة؛ فتلزمها َّ‬
‫الالم الفارقة‪ ،‬أ َّما إذا أعملت فال نلزمها حينئ ٍذ‬
‫ألن النَّافية ال تنصب‬‫الالم؛ ألنها ال تلتبس – والحالة هذه – بالنَّافية؛ َّ‬ ‫َّ‬
‫االسم وترفع الخبر‪ ،‬وإنما يحدث اللَّبس إذا أُهملت ولم يظهر المقصود‬
‫بها‪ ،‬وقد يُستغى عن َّ‬
‫الالم‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫(‪)97‬‬
‫كرام المعادن‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫وإن مالكٌ كانت‬ ‫ونحن أُباة الضَّيم من آل مالك‬

‫وإن مالك لكانت‪ ،‬فحذفت َّ‬


‫الالم؛ ألنَّها ال تلتبس بالنَّافية؛‬ ‫والتقدير‪ْ :‬‬
‫(‪)98‬‬
‫ألن المعنى على اإلثبات فجا َء قوله ‪:‬‬ ‫َّ‬
‫وتلزم الال ُم اذا ما تهمل‬ ‫إن فق َّل العمل‬‫وخففت َّ‬
‫ْ‬
‫ما ناطق أراده معتمدا‬ ‫وربما استغني عنها ْ‬
‫إن بَدآ‬
‫الالم في البيت قرينة معنويَّة‪ .‬فالبيت ال شك أنَّه‬ ‫حيث أغنت عن َّ‬
‫(إن) هذه كانت نافية‪ ،‬لكان في‬ ‫أن ْ‬ ‫فخر‪ ،‬وأنَّه يثني على عشيرته‪ ،‬فلو َّ‬
‫البيت تناقض؛ ألنَّه يصير‪ :‬أنا ابن أُباة الضَّيم من آل مالك‪ ،‬وما مالك‬
‫األول من البيت‬ ‫شطر َّ‬ ‫كانت كرام المعادن؛ فيصير للنفي‪ ،‬ول َّما كان ال َّ‬
‫وأن التقدير‪:‬‬‫شطر األخير مخفَّفة من الثَّقيلة‪َّ ،‬‬ ‫(إن) في ال َّ‬
‫أن ْ‬ ‫فخرا ً د َّل على َّ‬
‫كرام المعادن(‪.)99‬‬
‫َ‬ ‫وإن مالكا ً كانت‬
‫َّ‬

‫(‪ )95‬كتاب سيبويه‪ ،‬ج‪ ، 2‬أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنرب‪ ،‬تح‪ :‬عبدالسالم حممد هارون‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثالثة‪،‬‬
‫مكتبة اخلاجني‪ ،‬القاهرة‪ ،2002 ،‬ص‪.139‬‬
‫(‪ )96‬مهع اهلوامع‪ ،‬شرح ُجع اجلوامع يف علم العربية‪ ،‬السيوطي‪ ،‬صححه‪ :‬حممد بدر الدين النعساين‪ ،‬اجلزء‪:‬‬
‫األول‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.141‬‬
‫(‪ )97‬البيت للطرماح احلكم بن حكيم وكنيته أبو نفر (ينظر يف توضيح املقاصد واملسالك بشرح ألفية ابن مالك‪،‬‬
‫ج‪ ،1‬ص‪)537‬‬
‫(‪ )98‬شرح ابن عقيل‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.380 – 377‬‬
‫(‪ )99‬شرح ألفية ابن مالك‪ ،‬الزامل‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.479 ،478‬‬
‫( ِّ‬
‫إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬استعماالً وداللةً‬
‫‪1035‬‬
‫إن زي ٌد لن يقوم‪،‬‬ ‫وقد يُغني عنها – أيضا ً – قرينة لفظيَّة؛ نحو‪ْ :‬‬
‫فالقرينة تتمثل بالخبر المنفي‪ ،‬والم االبتداء ال تدخل على المنفي‪ ،‬ويبعد في‬
‫الفصيح أن يراد بـ (إن) النفي لوجوده في الخبر ولو أُريد ذلك؛ لجيء بالكالم‬
‫األول(‪َّ )100‬‬
‫‪.‬ألن‬ ‫مثبتا ً من َّأول األمر بدالً من إدخال النَّفي على النَّفي إلبطال َّ‬
‫األول قليل جدا ً في الكالم الفصيح؛ إ ْذ يمكن‬ ‫إدخال النَّفي على النَّفي إلبطال َّ‬
‫مجيء الكالم مثبتا ً من َّأول األمر‪ ،‬من غير حاجة إلى نفي النَّفي المؤدِّي‬
‫إن العاق ُل يتبع سبيل‬ ‫لإلثبات بعد تطويل‪ ،‬ومثال القرينة المعنويَّة – أيضا ً –( ِّ‬
‫(إن) للنفي‪ ،‬وال فرق في القرينة بين‬ ‫الرشاد)‪ ،‬إذا ً المعنى يفسد على اعتبار ْ‬
‫أن تكون لفظيَّة أو معنويَّة‪ ،‬والمعنويَّة أقوى ‪ .‬يعني أنَّه قد يُستغني عن‬
‫)‬ ‫‪101‬‬ ‫(‬

‫(إن) النَّافية العتماد النَّاطق بها‬‫الالم بعد إن المخفَّفة إذا أُمن اللَّبس بينها وبين ِّ‬
‫على ذلك(‪ .)102‬ث َّم يجب أن يراعى فيها أن يكون اسمها – قبل إهمالها –‬
‫اسما ً ظاهراً‪،‬ال ضميرا ً(‪.)103‬‬
‫وأ َّما الكوفيُّون فلهم رأي مخالف‪ ،‬فيرون أنَّه إذا جا َءت بعدها َّ‬
‫الالم‬
‫تكون بمعنى (ما) والالم بمعنى (إالَّ) وحجتهم أن ذلك قد جاء كثيرا ً في‬
‫كتاب هللا وكالم العرب قال هللا تعالى‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭼ(‪ ،)104‬أي وما‬
‫كادوا إالَّ يستفزونك‪ ،‬وقال تعالى‪ :‬ﭽ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭼ(‪)105‬؛ أي وما كادوا‬
‫والالم بعدها‬‫َّ‬ ‫إالَّ يزلقونك‪ ،‬وأ َّما البصريُّون فيرون أنَّها مخفَّفة من الثَّقيلة‬
‫الم التأكيد‪ ،‬وح َّجتهم أنَّهم وجدوا لها في كالم العرب نظيراً‪ ،‬فأجمعوا على‬
‫(إن) وإن اختلفوا في بطالن عملها مع التخفيف‪ ،‬وقالوا‬ ‫أنَّه يجوز تخفيف ْ‬
‫ألن لها – أيضا ً – نظيرا ً في كالم العرب‪ ،‬وكون‬ ‫الالم الم التأكيد؛ َّ‬ ‫إن َّ‬ ‫َّ‬
‫الالم للتأكيد في كالم العرب م َّما ال يُنكر لكثرته‪ ،‬فحكموا على َّ‬
‫الالم بما ال‬ ‫َّ‬

‫(‪ )100‬ضياء السالك إىل أوضح املسالك‪ ،‬وهو صفوة الكالم على توضيح ابن هشام‪ ،‬حممد عبدالعزيز النجار‪،‬‬
‫الطبعة األوىل‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج‪ ،2001 ،1‬ص ‪.327‬‬
‫(‪ )101‬النحو الوايف‪ ،‬ص ‪.674‬‬
‫(‪ )102‬شرح املكودي‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.236‬‬
‫(‪ )103‬النحو الوايف‪ ،‬ص ‪.673‬‬
‫(‪ )104‬سورة اإلسراء‪ ،‬آية ‪.76‬‬
‫(‪ )105‬سورة القلم‪ ،‬آية ‪.51‬‬
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1036‬‬
‫نظير في كالم العرب‪ ،‬فأ َّما كون الالم بمعنى (إالَّ) فهو شيء ليس له‬
‫نظير في كالم العرب والمصير إلى ما له نظير في كالمهم أولى من‬
‫المصير إلى ما ليس له نظير (‪ .)106‬أ َّما جواب البصريين عن كلمات‬
‫(إن) بمعنى (ما)‪،‬‬ ‫أن ْ‬ ‫الكوفيين‪ :‬فاحتجاجهم باآليات‪ ،‬وما أنشدوه على َّ‬
‫والالم بمعنى (إالَّ) فال ح َّجة لهم في شيء من ذلك؛ ألنَّه –كما يذكر‬
‫(إن) مخفَّفة من الثَّقيلة‬
‫أن ْ‬ ‫البصريُّون– محمول على ما ذهبوا إليه من َّ‬
‫(إن) التي بمعنى (ما) ال‬ ‫َّ‬
‫والالم الم التَّأكيد‪ ،‬والذي يد ُّل على ذلك أن ْ‬
‫الالم معها‪ ،‬كما قال هللا تعالى‪ :‬ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﭼ(‪ ،)107‬وقوله تعالى‪ :‬ﭽ‬ ‫تجيء َّ‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭼ(‪ ،)108‬ولم تجىء مع شيء منها الالم(‪.)109‬‬
‫أن ث َّمة فرقا ً – من حيث االستعمال– بين‬ ‫يُفهم من كل ِّ ما سبق َّ‬
‫(إن) النَّافية التي بمعنى (ما)‪ ،‬وهي ما تسمى باالبتدائية‪ ،‬أو العاملة عمل‬ ‫ِّ‬
‫أن بعض‬ ‫(إن) المخفَّفة من الثَّقيلة المهملة‪ ،‬على الرغم من َّ‬‫ليس‪ ،‬وبين ْ‬
‫النحاة لم يُظهر الفرق بينهما‪ ،‬ولكن يمكن أن نخلص إلى فروق واضحة‬
‫فإن النَّافية االبتدائيَّة ُوضعت في أصلها للنَّفي‪ ،‬وتدخل على الجملة‬‫بينهما‪ِّ ،‬‬
‫االسميَّة بمختلف أنواعها‪ ،‬وعلى الجملة الفعليَّة سوا ٌء أكان فعلها تاما ً أم‬
‫ناقصاً‪ ،‬واجبة االقتران بـ (إالَّ)؛ لقصر الخبر على المبتدأ‪ ،‬نحو‪ :‬ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫ﯙﭼ‪ ،‬و ﭽ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﭼ‪ ،‬وال يجب ذلك إن لم يقصد من النفي قصر الخبر‬
‫على المبتدأ‪ ،‬نحو ﭽ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﭼ (‪ ،)110‬أو إن قُصد منها اإلخبار نحو‪ :‬ﭽ ﯨ ﯪ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﭼ(‪،)111‬و ﭽ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﭼ(‪ ،)112‬و ﭽ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﭼ(‪.)113‬‬
‫إن النَّافية إالَّ وبعدها (إالَّ)‬‫وقد ر َّد ابن هشام بهذا قول البعض‪ :‬ال تأتي ِّ‬

‫(‪ )106‬اإلنصاف يف مسائل اخلالف بني البصريني والكوفيني‪ ،‬ص ‪.509 ،508‬‬
‫(‪ )107‬سورة امللك‪ ،‬آية ‪.20‬‬
‫(‪ )108‬سورة يَس‪ ،‬آية ‪.15‬‬
‫(‪ )109‬اإلنصاف يف مسائل اخلالف بني البصريني والكوفيني‪ ،‬ص ‪.509‬‬
‫(‪ )110‬سورة يونس‪ ،‬آية ‪.68‬‬
‫(‪ )111‬سورة اجلن‪ ،‬آية ‪.25‬‬
‫(‪ )112‬سورة األنبياء‪ ،‬آية ‪.111‬‬
‫(‪ )113‬سورة األنبياء‪ ،‬آية ‪.109‬‬
‫( ِّ‬
‫إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬استعماالً وداللةً‬
‫‪1037‬‬
‫(‪ .)114‬وم َّما يرجح رده لقولهم ورودها غير مقترنة بإالَّ في مواضع كثيرة‬
‫من التَّنزيل الحكيم‪ ،‬نحو قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﭼ(‪ )115‬وقوله‬
‫تعالى‪ :‬ﭽ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭼ(‪)116‬و ﭽ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﭼ(‪ ،)117‬ومنه ﭽﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮇﭼ(‪ ،)118‬و ﭽ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭼ(‪ ،)119‬وقوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭼ(‪.)120‬‬
‫صر الخبر على‬ ‫وم َّما يُالحظ على جميع هذه السياقات أنَّه ال يُراد فيها ق ْ‬
‫المبتدأ؛ لذلك جاءت غير مقترنة بإالَّ‪ ،‬وهذا يؤكد ما ذكرته من أنَّها واجبة‬
‫صر الخبر على المبتدأ‪ ،‬وال تجب في غير ذلك‪.‬‬ ‫الذِّكر كونُها في سياق قَ ْ‬
‫(إن) التي تأتي بمعنى (ما) ال تجئ‬ ‫أن البصريين أكدوا َّ‬
‫أن ِّ‬ ‫كما َّ‬
‫صة‬ ‫(إن) المخفَّفة من َّ‬
‫(إن) المشددَّة‪ ،‬ففي أصلها مخت َّ‬ ‫‪ .‬أ َّما ِّ‬
‫)‬‫‪121‬‬ ‫(‬
‫معها الالم‬
‫بالجملة االسميَّة‪ ،‬ولكن بتخفيفها خرجت عن اختصاصها‪ ،‬فدخلت على‬
‫الجملة الفعليَّة‪ ،‬ويكون فعلها ناسخاً‪ .‬فيكثر كونه مضارعاً‪ ،‬نحو ﭽﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠ ﮡﭼ(‪ ،)122‬و ﭽ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭼ(‪ ،)123‬وأكثر منه كونُهُ ماضيا ً ناسخاً؛ نحو ﭽ ﮇ‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﭼ(‪ ،)124‬و ﭽ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭼ(‪ ،)125‬و ﭽ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﭼ(‪ ،)126‬وندر‬
‫(‪)127‬‬
‫كونه ماضيا ً غير ناسخ؛ كقوله‬

‫(‪ )114‬مغين اللبيب عن كتب األعاريب‪ ،‬ص‪.34‬‬


‫(‪ )115‬سورة إبراهيم‪ ،‬آية ‪.46‬‬
‫(‪ )116‬سورة الفرقان‪ ،‬آية ‪.44‬‬
‫(‪ )117‬سورة فاطر‪ ،‬آية ‪.46‬‬
‫(‪ )118‬سورة يَس‪ ،‬آية ‪.32‬‬
‫(‪ )119‬سورة الزخرف‪ ،‬آية ‪.35‬‬
‫(‪ )120‬سورة الطارق‪ ،‬آية ‪.4‬‬
‫(‪ )121‬اإلنصاف يف مسائل اخلالف بني البصريني والكوفيني‪ ،‬ص‪.509‬‬
‫(‪ )122‬سورة القلم‪ ،‬آية ‪.51‬‬
‫(‪ )123‬سورة الشعراء‪ ،‬آية ‪.186‬‬
‫(‪ )124‬سورة البقرة‪ ،‬آية ‪.143‬‬
‫(‪ )125‬سورة الصافات‪ ،‬آية ‪..56‬‬
‫(‪ )126‬سورة األعراف‪ ،‬آية ‪.102‬‬
‫(‪ )127‬ضياء السالك على أوضح املسالك‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.329‬‬
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1038‬‬
‫(‪)128‬‬
‫المتعم ِّد‬
‫ِّ‬ ‫شلت يمينك إن قتلت لمسلما ً حلت عليك عقوبة‬ ‫ُ‬
‫الالم الفارقة عند اإلهمال‪ ،‬وال تلزمها عند اإلعمال؛ ألنها عند‬ ‫وتلزمها َّ‬
‫الالم‪ ،‬هل‬ ‫بإن النَّافية االبتدائية‪ .‬واختلف النحويُّون في هذه َّ‬ ‫اإلهمال تلتبس ِّ‬
‫(إن) المخفَّفة من الثَّقيلة‪ ،‬أم‬ ‫هي الم االبتداء أُدخلت للفرق بين ِّ‬
‫(إن) النَّافية و ِّ‬
‫هي الم أخرى اجتلبت للفرق؟ وكالم سيبويه يد ُّل على أنَّها الم االبتداء‬
‫للفرق(‪.)129‬‬ ‫دخلت‬
‫إن بقولنا‪ْ :‬‬
‫إلن‬ ‫إن زيد لقائ ٌم قبل أن تُخفَّف ْ‬ ‫الالم في قولنا‪ْ :‬‬ ‫ويمكن تخريج هذه َّ‬
‫(إن) الثقيلة وأُهملت ث َّم ارتفع االسم على أصله وانتقلت الم‬ ‫زيدا ً قائ ٌم‪ ،‬ف ُخففت َّ‬
‫التوكيد االبتدائية إلى الخبر للفرق‪ .‬لذلك يرجح ما ذهب إليه البصريُّون من‬
‫(إن) في قوله تعالى‪( :‬وإن يكا ُد الذين كفروا ليزلقونك) و (إن كادوا‬ ‫أن ْ‬ ‫َّ‬
‫ليستفزونك) مخفَّفة من الثَّقيلة‪ ،‬والالم الم التَّوكيد‪ ،‬وليس كما ذهب إليه‬
‫الكوفيُّون من أنَّها بمعنى (ما) والالم بمعنى (إالَّ)‪.‬‬
‫أ َّما على المستوى االستعمالي في التَّنزيل الحكيم‪ ،‬فقد اقتصر ورودهذا –‬
‫كما سبق ذكره– على األفعال النَّاسخة التي تدخل علذى الجملذة االسذميَّة‪ ،‬فترفذع‬
‫االسم‪ ،‬وتنصب الخبر‪ ،‬وعلذى األفعذال التذي تنصذب المبتذدأ والخبذر علذى أنهمذا‬
‫مفعوالن لها‪ .‬فم َّما ورد مع األفعال التذي ترفذع اسذمها وتنصذب خبرهذا مذا جذاء‬
‫مذر ذكذره‪ ،‬ومنذه مذا جذاء مذع صذيغة الماضذي‪ ،‬وهذو‬ ‫مع صيغة المضارع كمذا َّ‬
‫ذذذذر ذكذذذذذره مذذذذذع صذذذذذيغة الماضذذذذذي – قولذذذذذه‬
‫كثيذذذذذر فمنذذذذذه – إضذذذذذافة لمذذذذذا مذ َّ‬
‫(‪)131‬‬
‫‪ ،‬وقولذذذذذذذه ﭽ ﮪ ﮫ ﮪ‬ ‫تعذذذذذذالى‪ :‬ﭽ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﭼ(‪ ،)130‬وقولذذذذذذه ﭽ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﭼ‬
‫ﭼ(‪ ،)132‬وقولذذه تعذذالى ﭽﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﭼ(‪ ،)133‬وقولذذه ﭽ ﮘ ﮙ ﮚ ﭼ(‪ ،)134‬ومنذذه قولذذه‬

‫(‪ )128‬البيت لعاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل العدوية قالته يف راثء زوجها الزبري بن العوام (ينظر يف هناية‬
‫األرب يف فنون األدب‪ ،‬ج‪ ،19‬ص‪. )139‬‬
‫(‪ )129‬شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.380‬‬
‫(‪ )130‬سورة البقرة‪ ،‬آية ‪.198‬‬
‫(‪ )131‬سورة األنعام‪ ،‬آية ‪.156‬‬
‫(‪ )132‬سورة يوسف‪ ،‬آية ‪.91‬‬
‫(‪ )133‬سورة احلجر‪ ،‬آية ‪..78‬‬
‫(‪ )134‬سورة الصافات‪ ،‬آية ‪.167‬‬
‫( ِّ‬
‫إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬استعماالً وداللةً‬
‫‪1039‬‬
‫تعذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذالى ﭽ ﯟ‬
‫ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﭼ(‪)135‬وقولذذه ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭼ(‪ ،)136‬وقولذذه ﭽﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﭼ(‪،)137‬‬
‫وقوله ﭽ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﭼ(‪ ،)138‬أ َّما مذا جذاء منهذا فذي التَّنزيذل مذع األفعذال التذي تنصذب‬
‫األول مذذع صذذيغة‬‫المبتذذدأ والخبذذر مفعذذولين لهذذا‪ ،‬فقذذد مذ َّذر ذكرهذذا فذذي موضذذعين‪َّ :‬‬
‫َّ‬
‫الماضذذي‪ ،‬وهذذو الفعذذل (وجذذد) فذذي قولذذه تعذذالى‪ :‬ﭽ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﭼ(‪ ،)139‬والثذذاني مذذع‬
‫(ظن) فذي قولذه تعذالى ﭽﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭼ(‪ .)140‬وم َّمذا يمكذن قولذه فذي جميذع هذذه‬ ‫َّ‬ ‫الفعل‬
‫(إن) المخفَّفذذة بذ َّ‬
‫ذإن الثقيلذذة ويُق ذدَّر اسذذمها بضذذمير‬ ‫السذذياقات إنَّذذه يصذذلح أن تُق ذدَّر ْ‬
‫المكونة من الفعل النَّاسخ واسذمه وخبذره‪ ،‬وهذذا‬ ‫َّ‬ ‫محذوف‪ ،‬ويكون خبرها الجملة‬
‫ما يُرجح أنَّها ُخ ِّففت من الثَّقيلة‪ ،‬ف ُحذِّف اسمها‪ ،‬وأهملذت‪ ،‬ثذ َّم جذاء خبرهذا جملذة‬
‫(إن) بمعنذى (مذا) والذالم بمعنذى‬ ‫فعلها ناسخ وخبذره مؤ َّكذد بذالم التَّوكيذد‪ .‬ولذيس ْ‬
‫(إالَّ) نحو ما ذهب إليه الكوفيُّون‪ .‬وهذا يسذتقيم مذع داللذة اآليذات الكريمذة‪ ،‬ففذي‬
‫(إن) الثَّقيلة؛ أي استصحاب األصذل‬ ‫قوله تعالى (وإن كنا لخاطئين)‪ ،‬فلو قُدِّرت َّ‬
‫إن المخفَّفذذة لكانذذت جملذذة اآليذذة (إنَّنذذا كنَّذذا لخذذاطئين)‪ ،‬وهذذذا نذ ٌّ‬
‫ذص فيذذه إثبذذات‬ ‫مذذن ِّ‬
‫إن والذالم‪ ،‬فهذو اعتذراف مذن إخذوة يوسذف‬ ‫َّ‬
‫صل التوكيد بحذرفين؛ َّ‬ ‫وتوكيد‪ ،‬وتح َّ‬
‫عليه السالم بذأنَّهم كذانوا خذاطئين فيمذا فعلذوه مذع أخذيهم‪ ،‬وإثبذات الشذيء بذذكره‬
‫(إن) بمعنذى (مذا) والذالم بمعنذى (إالَّ)‬ ‫وتوكيده أقوى من إثباته بالنَّفي فيمن قذدَّر ْ‬
‫وكذلك في باقي اآليات‪.‬‬

‫الفصل الثَّاين‪ :‬إعمال ِ‬


‫إن النَّافية‬
‫األول‪ِ :‬‬
‫إن النَّافية بني اإلعمال واإلمهال‪.‬‬ ‫املبحث َّ‬

‫(‪ )135‬سورة اإلسراء‪ ،‬آية ‪.73‬‬


‫(‪ )136‬سورة اإلسراء‪ ،‬آية ‪.76‬‬
‫(‪ )137‬سورة الفرقان‪ ،‬آية ‪.42‬‬
‫(‪ )138‬سورة القصص‪ ،‬آية ‪.10‬‬
‫(‪ )139‬سورة األعراف‪ ،‬آية ‪.102‬‬
‫(‪ )140‬سورة الشعراء‪ ،‬آية ‪.186‬‬
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1040‬‬
‫(إن) النَّافيذذة وإهمالهذذا‪ ،‬فك ذ ٌّل ذهذذب‬
‫اختلذذف النحويُّذذون فذذي مسذذألة إعمذذال ِّ‬
‫برأيذذه محتجذا ً بمذذا ورد مذذن الشذذواهد فذذي كذذالم العذذرب علذذى إعمالهذذا وإهمالهذذا‪.‬‬
‫فذهب أكثر البصريين‪ ،‬والفراء من الكوفيين إلذى أنَّهذا ال تعمذل شذيئا ً(‪ .)141‬فهذي‬
‫تختص فكان القياس أن ال تعمل‪ ،‬لذلك منع إعمالها الفذراء‬ ‫ُّ‬ ‫من الحروف التي ال‬
‫(‪)142‬‬
‫"إن المكسذذذورة‬ ‫وأكثذذذر البصذذذريَّة والمغاربذذذة ‪ .‬وجذذذاء عنذذذد ابذذذن يعذذذيش أن ِّ‬
‫الخفيفذذة قذذد تكذذون نافيذذة ومجراهذذا مجذذرى (مذذا) فذذي نفذذي الحذذال وتذذدخل علذذى‬
‫إن زيذ ٌد لقذائم‪ ،‬قذذال هللا تعذذالى‪ :‬ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬ ‫الجملتذين الفعليَّذذة واالسذميَّة نحذذو قولذك‪ْ :‬‬
‫إن قذام زيذد؛ أي مذا قذام زيذد‪ ،‬قذال هللا تعذالى‪ :‬ﭽ ﭠ ﭡ ﭢ‬ ‫ﯙﭼ(‪ ،)143‬وتقول في الفعل ْ‬
‫ﭣ ﭤﭼ(‪ ،)144‬وتقذذول‪ :‬إن يقذذوم زيذذد‪ ،‬قذذال هللا تعذذالى‪ :‬ﭽ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﭼ(‪ ،)145‬وقذذال‬
‫تعذذالى‪ :‬ﭽ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭼ (‪ ،)146‬وكذذان سذذيبويه ال يذذرى فيهذذا إالَّ رفذذع الخبذذر؛ ألنَّهذذا‬
‫حذذرف نفذذي دخذذل علذذى االبتذذداء والخبذذر‪ ،‬والفعذذل والفاعذذل‪ ،‬كمذذا تذذدخل همذذزة‬
‫االستفهام فال تغيره"(‪ .)147‬وأ َّكد ابن هشذام ذلذك‪ ،‬فقذال‪ :‬وإذا دخلذت علذى الجملذة‬
‫االسميَّة لم تعمل(‪ .)148‬وم َّما يتخرج على اإلهمال الذذي هذو لغذة األكثذرين قذول‬
‫إن أنذا قذائ ٌم‪ ،‬فحذذفت همذزة أنذا اعتباطذاً‪ ،‬وأدغمذت‬ ‫(إن قائ ٌم)‪ ،‬وأصذله‪ْ :‬‬ ‫بعضهم‪َّ :‬‬
‫س ِّذمع الكسذائي أعرابيذا ًّ‬ ‫)‬‫‪149‬‬ ‫(‬
‫(إن) فذي نونهذا‪ ،‬وحذذفت ألفهذا فذي الوصذل ‪ ،‬و َ‬ ‫نون ْ‬
‫وظذن أنهذذا المشذدَّدة وقعذت علذذى‬ ‫َّ‬ ‫يقذول (إنَّذا قائمذاً) علذى اإلعمذال فأنكرهذذا عليذه‬
‫قائم‪ ،‬قال فاستثبته‪ ،‬فاذا هو يريد إن أنا قائماً‪ ،‬فترك الهمزة وأدغم علذى حذد ﭽ ﭼ‬
‫ﭽ ﭾ ﭿ ﭼ(‪ .)151( )150‬وإعمالها نادر‪ ،‬وهو لغة أهذل العاليذة(‪ .)152‬أ َّمذا الذذين قذالوا‬

‫(‪ )141‬شرح ابن عقيل‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.317‬‬


‫(‪ )142‬مهع اهلوامع‪ ،‬شرح ُجع اجلوامع يف علم العربية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.124‬‬
‫(‪ )143‬سورة امللك‪ ،‬آية ‪.20‬‬
‫(‪ )144‬سورة يَس‪ ،‬آية ‪.29‬‬
‫(‪ )145‬سورة يونس‪ ،‬آية ‪.66‬‬
‫(‪ )146‬سورة الكهف‪ ،‬آية ‪.5‬‬
‫(‪ )147‬شرح املفصل‪ ،‬ج‪ ،8‬ص ‪.113 ،112‬‬
‫(‪ )148‬مغين اللبيب عن كتب األعاريب‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫(‪ )149‬مغين اللبيب عن كتب األعاريب‪ ،‬ص ‪.36 ،35‬‬
‫(‪ )150‬سورة الكهف‪ ،‬آية ‪.38‬‬
‫( ِّ‬
‫إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬استعماالً وداللةً‬
‫‪1041‬‬
‫بإعمالها‪ ،‬وهم الكوفيُّون‪ ،‬خال الفراء‪ ،‬ومن البصريين أبو العبَّذاس المبذرد‪ ،‬وأبذو‬
‫بكر بن السراج‪ ،‬وأبو علي الفارسي‪ ،‬وأبو الفتح بذن جنذي‪ ،‬واختذاره ابذن مالذك‪،‬‬
‫أن في كالم سيبويه – رحمذه هللا تعذالى – إشذارة إلذى ذلذك فيذرون أنهذا‬ ‫وبرغم َّ‬
‫أن سذيبويه يجيذز إعمالهذا‪ ،‬والمبذرد ال‬ ‫‪ .‬ونقذل السذهيلي َّ‬ ‫)‬‫‪153‬‬ ‫(‬
‫تعمل عمذل (لذيس)‬
‫يجيذذزه‪ ،‬ونقذذل النَّحذذاس عنهمذذا عكذذس مذذا نقلذذه السذذهيلي ‪ .‬وأجذذاز الكسذذائي‬
‫(‪)154‬‬

‫إعمالها عمل (ليس)‪ ،‬وقرأ سعيد بذن جبيذر(‪)155‬ﭽ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﭼ(‪ )156‬و ُ‬


‫س ِّذمع‬
‫إن ذلذذك نافعَذذك وال‬ ‫مذذن أهذذل العاليذذة "إن أح ذ ٌد خيذذرا ً مذذن أحذذد إالَّ بالعافيذذة "و" ْ‬
‫"أن لـ (إن) النَّافيذة اسذما ً مرفوعذا ً وخبذرا ً‬ ‫ضارك"(‪ .)157‬وجاء في شرح الكافية َّ‬ ‫َ‬
‫منصوبا ً إلحاقا ً بـ (ما)‪ ،‬وقد ْأومأ إليه سيبويه مذن دون تصذريح بقولذه فذي "بذاب‬
‫(إن) كذـ (مذا) فذي معنذى لذيس‪ ،‬فلذو أراد النَّفذي‬ ‫ِّعدة ما يكون عليه الكلم" وتكون ْ‬
‫ألن النَّفذذذي مذذذن معذذذاني‬
‫(إن) كذذذـ (مذذذا) فذذذي النَّفذذذي؛ َّ‬
‫دون العمذذذل لقذذذال‪ :‬وتكذذذون ْ‬
‫‪.‬‬‫"(‪)158‬‬
‫ألن لذذيس فعذذل‪ ،‬وهذذي حذذرف‬ ‫الحذذروف فذذـ (مذذا) بذذه أولذذى مذذن (لذذيس)؛ َّ‬
‫وهناك من رأى ما أنشده الكسائي من قذول الشذاعر – وقذد سذبقت اإلشذارة إليذه‬
‫–‪:‬‬
‫إالَّ على أضعف المجانين‬ ‫إن هو مستوليا ً على أحد‬ ‫ْ‬

‫(‪ )151‬مهع اهلوامع‪ ،‬شرح ُجع اجلوامع يف علم العربية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.125 ،124‬‬
‫(‪ )152‬ضياء السالك إىل أوضح املسالك‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.266‬‬
‫(‪ )153‬شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.317‬‬
‫(‪ )154‬شرح شذور الذهب‪ ،‬احلاشية‪ ،‬ص ‪.199‬‬
‫(‪ )155‬ينبغي يف هذه القراءَة أن تكون (إن) هذه مبنزلة (ما) ‪ ،‬فكأنه قال‪ :‬ما الذين تدعون من دون هللا عباداً‬
‫أمثالكم‪ ،‬فأعمل (إن) إعمال (ما) ‪ ،‬وفيه ضعف؛ ألن إن هذه مل ختتص بنفي احلاضر اختصاص (ما) به‬
‫فتجري جمرى ليس يف العمل‪( .‬انظر احملتسب يف تبيني وجوه شواذ القراءات واإليضاح عنها‪ ،‬ابن جين‪ ،‬وزارة‬
‫األوقاف‪ ،‬اجمللس األعلى للشؤون اإلسالمية‪ ،‬ج‪ ،1999 ،1‬ص‪. )270‬‬
‫(‪ )156‬سورة األعراف‪ ،‬آية ‪.193‬‬
‫(‪ )157‬مغين اللبيب عن كتب األعاريب‪ ،‬ص ‪.36 ،35‬‬
‫(‪ )158‬شرح الكافية الشافية‪ُ ،‬جال الدين الطائي‪ ،‬تح‪ :‬عبداملنعم أمحد هريري‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ ،‬دار املأمون‬
‫للَّتاث‪ ،1982 ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.446‬‬
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1042‬‬
‫(إن) إذا نُفي بها(‪.)159‬‬
‫أن ذلك يقوي إعمال ْ‬
‫نتبين م َّما سبق أن جمهورا ً من النُّحاة ذهبوا إلى إهمال ِّ‬
‫إن النَّافية‪،‬‬
‫فتدخل على المبتدأ والخبر ويبقى ك ٌّل منهما مرفوعاً‪ ،‬فلم تعمل فيهما؛ أي أنها‬
‫أن معظم هذه اآلراء لم يُذكر لها من االستشهاد‬ ‫مهملة‪ ،‬وم َّما يؤخذ على ذلك َّ‬
‫على إهمالها‪ ،‬ال من كالم العرب‪ ،‬وال من كتاب هللا الحكيم‪ ،‬على الرغم من‬
‫(إن) النَّافية‪ ،‬فجاء‬
‫كثرة ما ورد في كتاب هللا تعالى من آيات أهملت فيها ِّ‬
‫(‪)160‬‬
‫‪،‬وﭽ‬ ‫المبتدأ وخبره مرفوعين فمن ذلك قوله تعالى‪ :‬ﭽﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭼ‬
‫(‪)161‬‬
‫ﯾﭼ ‪،‬‬ ‫ﯽ‬ ‫ﯼ‬ ‫ﯻ‬ ‫ﯺ‬ ‫ﯹ‬ ‫ﯸ‬ ‫ﯷ‬ ‫ﯶ‬ ‫ﯵ‬ ‫ﯴ‬
‫(‪)164‬‬ ‫(‪)163‬‬ ‫(‪)162‬‬
‫‪ ،‬وﭽﯧﯨﯨ‬ ‫‪ ،‬وﭽﭗﭘﭙﭚﭛﭼ‬ ‫‪،‬و ﭽ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﭼ‬ ‫وﭽﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭼ‬
‫(‪)167‬‬ ‫(‪)166‬‬
‫‪،‬وﭽﯧﯨﯨﯪﯫﯬﯭ‬ ‫‪ ،‬وﭽ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﭼ‬ ‫ﯪ ﯫﭼ(‪ ،)165‬و ﭽ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭼ‬
‫ﯮﭼ(‪ ،)168‬وﭽﯲ ﯳ ﯴ ﯵﭼ(‪ ،)169‬وﭽ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﭼ(‪ ،)170‬وﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭼ(‪،)171‬‬
‫وﭽ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﭼ(‪ ،)172‬وﭽ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﭼ(‪ ،)173‬وﭽ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭤﭼ(‪،)174‬ومنه قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﭼ(‪ ،)175‬وﭽ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﭼ(‪،)176‬‬

‫(‪ )159‬شرح الكافية الشافية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.447‬‬


‫(‪ )160‬سورة األنعام‪ ،‬آية ‪.29‬‬
‫(‪ )161‬سورة األعراف‪ ،‬آية ‪.155‬‬
‫(‪ )162‬سورة األعراف‪ ،‬آية ‪.188‬‬
‫(‪ )163‬سورة هود‪ ،‬آية ‪.50‬‬
‫(‪ )164‬سورة يوسف‪ ،‬آية ‪ ،104‬التكوير‪ ،‬آية ‪.27‬‬
‫(‪ )165‬سورة إبراهيم‪ ،‬آية ‪.10‬‬
‫(‪ )166‬سورة إبراهيم‪ ،‬آية ‪.11‬‬
‫(‪ )167‬سورة املؤمنون‪ ،‬آية ‪.25‬‬
‫(‪ )168‬سورة املؤمنون‪ ،‬آية ‪.38‬‬
‫(‪ )169‬سورة الروم‪ ،‬آية ‪.58‬‬
‫(‪ )170‬سورة سبأ‪ ،‬آية ‪.46‬‬
‫(‪ )171‬سورة فاطر‪ ،‬آية ‪.23‬‬
‫(‪ )172‬سورة يَس‪ ،‬آية ‪.69‬‬
‫(‪ )173‬سورة الزخرف‪ ،‬آية ‪.59‬‬
‫(‪ )174‬سورة النجم‪ ،‬آية ‪.4‬‬
‫( ِّ‬
‫إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬استعماالً وداللةً‬
‫‪1043‬‬
‫ومنه قوله تعالى‪ :‬ﭽﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﭼ(‪ ،)177‬و ﭽ ﰁ ﰁ ﰁ ﰁ ﰁﭼ(‪ ،)178‬و ﭽ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫ﭱﭼ(‪،)179‬و ﭽ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭼ(‪ ،)180‬وﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭼ(‪ ،)181‬و ﭽ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﭼ(‪ ،)182‬و‬
‫ﭽ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭼ(‪ ،)183‬و ﭽ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭼ(‪ ،)184‬ك ُّل هذا يدعو إلى ترجيح إهمالها‪،‬‬
‫ُقوي هذا الترجيح أنَّنا ال نجد عند َم ْن قال بإعمالها من الشواهد بهذه‬ ‫وم َّما ي ِّ‬
‫وإن ك َّل ما أوردوه من شواهد انحصرت في‬ ‫الكثرة التي وردت في إهمالها‪َّ ،‬‬
‫سمي بلغة أهل العالية‪ ،‬وشاهد‬ ‫ثالثة شواهد من كالم العرب؛ شاهدان مما ُ‬
‫من الشعر‪.‬‬
‫وهي شواهد قليلة جدا ً بالمقارنة مع ما جاء في التَّنزيل الكريم على‬
‫إهمالها‪ ،‬والبِّضْع ال يُغلَّب على الكثرة‪.‬‬
‫املبحث الثَّاين‪ِ ( :‬‬
‫إن ) َّ‬
‫املخففة من الثَّقيلة بني اإلعمال واإلمهال‪.‬‬
‫إن المخفَّفة من الثَّقيلة‬
‫ث َّمة خالف بين النُّحاة في مسألة إهمال ِّ‬
‫وإعمالها‪ ،‬فمنهم من قال بإهمالها‪ ،‬ومنهم من رأى خالف ذلك‪ ،‬فأبقاها‬
‫على إعمالها قبل التَّخفيف‪ .‬فذهب ابن هشام ‪ -‬رحمه هللا‪ -‬إلى إهمالها‪،‬‬
‫فذكر أنَّه إذا ُخ ِّففت فاألكثر في لسان العرب إهمالها؛ فتقول (إن زي ٌد‬
‫لقائم)‪ ،‬ويق ُّل إعمالها فتقول‪( :‬إن زيدا ً قائ ٌم) (‪ ،)185‬ويكون إهمالها لزوال‬

‫(‪ )175‬سورة الدخان‪ ،‬آية ‪.35‬‬


‫(‪ )176‬سورة النجم‪ ،‬آية ‪..23‬‬
‫(‪ )177‬سورة املائدة‪ ،‬آية‪ ،110‬األنعام‪ ،7 ،‬هود‪ ،7 ،‬سبأ‪ ،43 ،‬الصافات‪.15 ،‬‬
‫(‪ )178‬سورة األنعام‪ ،‬آية ‪ ،25‬األنفال‪ ،31 ،‬املؤمنون ‪ ،83‬النمل‪ ،‬آية ‪.68‬‬
‫(‪ )179‬سورة يوسف‪ ،‬آية ‪.31‬‬
‫(‪ )180‬سورة الفرقان‪ ،‬آية ‪.4‬‬
‫(‪ )181‬سورة الشعراء‪ ،‬آية ‪.137‬‬
‫ص‪ ،‬آية ‪.7‬‬ ‫(‪ )182‬سورة َ‬
‫(‪ )183‬سورة املدثر‪ ،‬آية ‪.25‬‬
‫(‪ )184‬سورة األنفال‪ ،‬آية ‪.34‬‬
‫(‪ )185‬شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك‪ ،‬ج‪.378 ،1‬‬
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1044‬‬
‫اختصاصها؛ نحو‪ :‬ﭽﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﭼ(‪ ،)187( )186‬عندئ ٍذ تصلح للدخول على‬
‫صة باالسميَّة(‪.)188‬‬ ‫الجملة الفعليَّة بعد أن كانت مخت َّ‬
‫وذهب الكوفيُّون إلى أنَّها ال تُعمل النصب في االسم‪ ،‬واحت ُّجوا بأن‬
‫ألن (إن) المشددة إنما عملت؛ ألنها أُشبهت‬ ‫قالوا‪ :‬إنَّما قلنا إنَّها ال تعمل؛ َّ‬
‫الفعل الماضي في اللفظ؛ ألنَّها على ثالثة أحرف‪ ،‬كما أنَّه على ثالثة‬
‫ي على الفتح‪ ،‬فاذا ُخ ِّففت فقد‬ ‫أحرف؛ وألنَّها مبنيَّة على الفتح‪ ،‬كما أنَّه مبن ٌّ‬
‫زال شبهها به‪ ،‬فوجب أن يبطل عملها(‪ .)189‬ومنهم من تمسك بأن قال‪:‬‬
‫و(إن) المخفَّفة من‬
‫ْ‬ ‫(إن) المشدَّدة من عوامل األسماء‪،‬‬ ‫إنَّما قلنا ذلك؛ َّ‬
‫ألن َّ‬
‫عوامل األفعال فينبغي أالَّ تعمل المخفَّفة في األسماء كما ال تعمل المشدَّدة‬
‫ألن عوامل األفعال ال تعمل في األسماء وعوامل األسماء ال‬ ‫في األفعال؛ َّ‬
‫تعمل في األفعال(‪ .)190‬فالمشدَّدة إذا ُخ ِّففت يق ُّل إعمالها‪ ،‬فقولك – مثالً –‬
‫(إن زي ٌد لقائ ٌم) أفصح من قولك‪( :‬إن زيدا ً قائم) يعني إهمالها أجْ َود‪،‬‬ ‫ْ‬
‫(إن) إذا ُخ ِّففت يجب إهمالها‪ ،‬ووجه‬ ‫أن َّ‬ ‫وأوجبه بعضهم؛ أي‪ :‬أوجبوا َّ‬
‫اإلهمال‪ :‬أنَّها إذا ُخ ِّففت زال اختصاصها باألسماء‪ ،‬فأهملت؛ كما تُهمل إذا‬
‫اتصلت بها (ما) الزائدة؛ ألنَّها تُزيل اختصاصها باألسماء(‪ .)191‬فتلزمها‬
‫الالم في ثاني الجزأين بعدها فرقا ً بينها وبين ِّ‬
‫إن النَّافية اللتباسها بها‬ ‫َّ‬
‫(إن زي ٌد لقائ ٌم) ومن ث َ َّم ال تلزم مع اإلعمال لعدم اإللباس وال‬ ‫حينئذٍ‪ ،‬نحو ْ‬
‫تدخل في موضع ال يصلح للنَّفي كقوله‪:‬‬
‫كرام المعادن‬
‫َ‬ ‫وإن مالكٌ كانت‬ ‫أنا ابن أُباة الضَّيم من آل مالك ْ‬
‫إن نافية لكان هجا ًء(‪.)192‬‬ ‫فالبيت للمدح‪ ،‬ولو كانت ْ‬

‫(‪ )186‬سورة يَس‪ ،‬آية ‪.32‬‬


‫(‪ )187‬ضياء السالك إىل أوضح املسالك‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.327 ،326‬‬
‫(‪ )188‬النحو الوايف‪ ،‬ص ‪.673‬‬
‫(‪ )189‬اإلنصاف يف مسائل اخلالف بني البصريني والكوفيني‪ ،‬ص ‪.164‬‬
‫(‪ ) )190‬املرجع السابق نفسه‪ ،‬ص ‪.164‬‬
‫(‪ )191‬شرح ألفية ابن مالك‪ ،‬الزامل‪ ،‬ج‪.477 ،1‬‬
‫(‪ )192‬مهع اهلوامع‪ ،‬شرح ُجع اجلوامع يف علم العربية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.141‬‬
‫( ِّ‬
‫إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬استعماالً وداللةً‬
‫‪1045‬‬
‫وأ َّما من قال بخالف ذلك فقد أجاز إعمالها استصحابا ً لألصل(‪،)193‬‬
‫ومن إعمالها مخفَّفة قرا َءة بعض السبعة‪ :‬ﭽ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﭼ(‪ )194‬بتخفيف‬
‫(إن)و(ل َّما) واسْتد َّل البصريُّون بهذه اآلية الكريمة على ص َّحة إعمالها في‬ ‫َّ‬
‫قرا َءة من قرأ بالتَّخفيف‪ ،‬وهي قرا َءة نافع وابن كثير‪ ،‬وروى أبو بكر عن‬
‫بأن "كال"‬‫عاصم بتخفيف (إن) وتشديد (ل َّما)‪ ،‬قالوا‪ :‬وال يجوز أن يقال َّ‬
‫منصوب بـ (ليوفينَّهم)‪ ،‬فال يجوز ذلك؛ ألن الم القسم تمنع ما بعدها أن‬
‫ألكرمن‪ ،‬وعمرا ً‬ ‫َّ‬ ‫يعمل فيما قبلها؛ أال ترى انَّه ال يجوز أن تقول‪" :‬زيدا ً‬
‫(ألضربن)‪ ،‬فكذلك ها‬ ‫َّ‬ ‫(ألكرمن) وعمرا ً بـ‬
‫َّ‬ ‫ألضربن" فتنصب زيدا ً بـ‬
‫َّ‬
‫‪ .‬وحكى‬ ‫(‪)195‬‬
‫(ليوفينَّهم)‬
‫ِّ‬ ‫هنا‪:‬ال يجوز أن يكون " كال " منصوبا ً بـ‬
‫الالم؛ لئال‬ ‫اإلعما َل سيبويه واألخفش ‪ -‬رحمهما هللا ‪ ،-‬فال نلزمها حينئ ٍذ َّ‬
‫تلتبس بالنَّافية إذا أُهملت‪ ،‬ولم يظهر المقصود بها فقد يستغنى عن‬
‫الالم(‪ .)196‬وعملها على قلَّة‪ ،‬وحالها إذا أُعملت كحالها وهي مشدَّدة إالَّ‬
‫أنَّها ال تعمل في الضَّمير إالَّ في ضرورة بخالف المشدَّدة‪ ،‬فتقول‪ :‬إنَّك‬
‫قائم بالتَّشديد‪ ،‬وال يجوز إ ْنك قائ ٌم بالتَّخفيف‪ ،‬وأ َّما في دخول الالم وغير‬
‫ذلك من األحكام فهي كالمشدَّدة سوا ٌء(‪.)197‬‬
‫إن‪َّ ،‬‬
‫وأن‪،‬‬ ‫(إن) فحسب‪ ،‬بل يجوز في َّ‬ ‫وهذا التَّخفيف ال يقتصر على َّ‬
‫أن تخفف؛ استثقاالً للتضعيف فيما كثر استعماله‪ ،‬وتخفيفها‬ ‫ولكن‪ ،‬وكأن‪ْ ،‬‬ ‫َّ‬
‫(إن)‬‫المحركة؛ ألنَّها آخر‪ ،‬ث َّم إن كان الحرف المخفَّف َّ‬ ‫َّ‬ ‫بح ْذف نونها‬
‫المكسورة جاز اإلهمال واإلعمال‪ ،‬واألكثر اإلهمال‪ ،‬نحو ﭽ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭼ‬
‫فإن نافية‪،‬ول َّما بمعنى‬ ‫(‪ ،)198‬فيمن خفَّف ميم (ل َّما)‪ ،‬وأ َّما من شدَّدها ْ‬
‫إالَّ(‪.)199‬‬

‫(‪ )193‬ضياء السالك إىل أوضح املسالك‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.327 ،326‬‬
‫(‪ )194‬سورة هود‪ ،‬آية ‪.111‬‬
‫(‪ )195‬شرح شذور الذهب‪ ،‬ص ‪.282 ،281‬‬
‫(‪ )196‬شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.379 ،378‬‬
‫(‪ )197‬مهع اهلوامع‪ ،‬شرح ُجع اجلوامع يف علم العربية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.141‬‬
‫(‪ )198‬سورة الطارق‪ ،‬آية ‪.4‬‬
‫(‪ )199‬شرح شذور الذهب‪ ،‬ص ‪.282 ،281‬‬
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1046‬‬
‫(إن) المخفَّفة‬‫أن وجه إهمال ِّ‬ ‫باستعراض هذه اآلراء للنُّحاة يظهر لنا َّ‬
‫من الثَّقيلة أو إعمالها يكاد ينحصر في مسألة اختصاصها بنوع الجملة‬
‫الدَّاخلة عليها‪ ،‬فخروجها من سياق الجملة االسميَّة إلى سياق الجملة‬
‫الفعليَّة يُف ِّقدها تسلُّطها على االسم؛ كما تُف ِّقد (ما) الزائدة تسلُّط َّ‬
‫(إن)‬
‫(إن)‬ ‫المشدَّدة على االسم فال تعمل فيه‪ .‬وهي بهذا يمكن القول إنَّها تُشابه ِّ‬
‫النَّافية في دخولها على الجملتين االسميَّة والفعليَّة‪ ،‬كما سبق في غير هذا‬
‫مر ذِّكره‪.‬‬ ‫الموضع من البحث‪ ،‬ولم تعمل في الجملة االسميَّة كما َّ‬
‫ولكن لم يستدل هؤالء النُّحاة على هذا اإلهمال بشواهد كافية تثبت هذا‬
‫الحكم‪ ،‬سوى ما اسْتدلُّوا به من نحو قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭼ (‪ )200‬على‬
‫قرا َءة من خفَّف (ل َّما)‪ ،‬وهو استدالل انحصر في هذه القرا َءة‪ ،‬أ َّما على قرا َءة‬
‫إن المشدَّدة‪ ،‬و (ل َّما) بمعنى (إالَّ)‬ ‫فإن نافية وليست مخفَّفة من َّ‬ ‫تشديد (ل َّما) ْ‬
‫)‬ ‫‪202‬‬ ‫(‬
‫‪ ،‬عندئ ٍذ ال يصلح‬ ‫(‪ .)201‬فتكون من باب قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﭼ‬
‫(إن) المخفَّفة‪ .‬لذلك من رأى فيها‬ ‫االستشهاد بهذه اآلية الكريمة على إهمال ِّ‬
‫استصحابا ً لألصل أبقاها على عملها قبل التَّخفيف‪ ،‬واستد َّل البصريُّون على‬
‫ذلك بقوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﭼ (‪ ،)203‬فـ (كالًّ) ال يجوز أن يُقال إنَّها منصوبة‬
‫ألكرمن وعمرا ً‬
‫َّ‬ ‫بالفعل (ليوفِّينَّهم)‪،‬أال ترى أنه ال يجوز أن تقول‪( :‬زيدا ً‬
‫(ألضربن) فكذلك ها هنا ال‬ ‫َّ‬ ‫(ألكرمن) وعمرا ً بـ‬
‫َّ‬ ‫ألضربن) فتنصب زيدا ً بـ‬
‫َّ‬
‫‪ ،‬وقد سبقت اإلشارة إلى هذا‬ ‫(‪)204‬‬
‫يجوز أن يكون منصوبا ً بـ (ليوفِّينَّهم)‬
‫الكالم‪.‬‬
‫أ َّما في ضوء ما ورد في التَّنزيل الحكيم من سياقات وردت فيها ِّ‬
‫إن‬
‫المخفَّفة من الثَّقيلة والمهملة‪ ،‬فإنَّنا ال نستطيع أن نقول بإعمالها أو إهمالها‪،‬‬
‫(إن) بمعنى (ما) والالم بمعنى (إالَّ)‪ ،‬أو أخذنا‬ ‫أن ْ‬‫سوا ٌء أخذنا بقول من رأى َّ‬
‫بقول من رأى أنها ُخففت من الثقيلة‪ ،‬فدخلت على الجملة الفعلية‪ ،‬فلزمتها الم‬

‫(‪ )200‬سورة الطارق‪ ،‬آية ‪.4‬‬


‫(‪ )201‬شرح شذور الذهب‪ ،‬ص ‪.282 ،281‬‬
‫(‪ )202‬سورة امللك‪ ،‬آية ‪.20‬‬
‫(‪ )203‬سورة هود‪ ،‬آية ‪.111‬‬
‫(‪ )204‬اإلنصاف يف مسائل اخلالف بني البصريني والكوفيني‪ ،‬ص ‪.165‬‬
‫( ِّ‬
‫إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬استعماالً وداللةً‬
‫‪1047‬‬
‫االبتداء الفارقة؛ وذلك لعدم ظهور ذلك في سياقات اآليات الكريمة‪ ،‬فقد‬
‫(إن) كما وضحنا في موضع سابق من هذا البحث على جملة فعليَّة‬ ‫دخلت ْ‬
‫فعلها ناسخ والخبر في تلك الجملة يكون خبرا ً للفعل الناسخ‪ .‬نحو ما جاء في‬
‫قوله تعالى‪( :‬وإن كانت لكبيرة)‪ ،‬فكبيرة خبر منصوب للفعل الناسخ (كان)‪،‬‬
‫وفي قوله (وإن كنتم من قبله لمن الضالين)‪ ،‬فالخبر في الجملة هو شبه‬
‫الجملة (من الضالين)‪ ،‬وهو خبر للفعل الناسخ (كان) في (كنت)‪ ،‬وفي قوله‬
‫تعالى (وإن كنا عن دراستهم لغافلين)‪ ،‬فالخبر في الجملة (غافلين)‪ ،‬وهو‬
‫خبر منصوب للفعل الناسخ (كان) في (كنَّا)‪ ،‬وكذلك يُقال في جميع اآليات‪،‬‬
‫إ ْذ ال يظهر إعمالها في ذلك‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬داللة ِ‬


‫إن النَّافية‬
‫إن النَّافية في مستويين؛ المستوى النَّحوي‪،‬‬ ‫الكالم في داللة ِّ‬
‫والمستوى الدِّاللي وكالهما ال ينفصل عن اآلخر‪.‬‬
‫ففي المستوى النَّحوي‪ ،‬فإنَّها بمعنى (ما)‪ ،‬كما جاءت عند سيبويه‪،‬‬
‫قال هللا عز وجل ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﭼ(‪)205‬؛ أي ما الكافرون إالَّ في غرور‪،‬‬
‫وتصرف الكالم إلى االبتداء‪ ،‬كما صرفتها (ما) إلى االبتداء في قولك‪:‬‬
‫(‪)206‬‬
‫لذاهب‪ ،‬وقال فروة بن مسيك‬ ‫ٌ‬ ‫إن زيد‬‫إنما‪ ،‬وذلك قولك‪ :‬ما ْ‬
‫(‪)207‬‬
‫منايانا ودولةٌ آخرينا‬ ‫إن طبنُّا جب ٌْن ولكن‬
‫وما ْ‬
‫(‪)208‬‬
‫وهي لنفي معنى الخبر في الزمن الحالي عند اإلطالق ‪ ،‬ويكون‬
‫هذا النفي على حسب اإليجاب؛ إلنَّه إكذاب له فينبغي أن يكون على وفق لفظه‬
‫أن أحدهما نفي واآلخر إيجاب(‪ ،)209‬وتكون للمجازاة‪،‬‬ ‫ال فرق بينهما إالَّ َّ‬
‫وتكون أن يُبتدأ ما بعدها في معنى اليمين‪ ،‬وفي اليمين‪ ،‬قال هللا عز وجل‪ :‬ﭽ ﭜ‬

‫(‪ )205‬سورة امللك‪ ،‬آية ‪.20‬‬


‫(‪ )206‬كتاب سيبويه‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.153 ،152‬‬
‫(‪ )207‬البيت لفروة بن مسيك املرادي ( ينظر يف ِّخزانة األدب ولب لباب لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪. )115‬‬
‫(‪ )208‬النحو الوايف‪ ،‬ص ‪.604‬‬
‫(‪ )209‬شرح املفصل‪ ،‬ج‪ ،8‬ص ‪.107‬‬
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1048‬‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭼ(‪ ،)210‬وﭽﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﭼ(‪ .)212( )211‬فهي عند النُّحاة ال تزيد عن كونها‬
‫تقوم مقام (ما) في النَّفي‪ ،‬ويُفهم من كالمهم في كثير من المواضع أنَّها ال‬
‫صل فيه‬ ‫فإن السياق الذي يتح َّ‬ ‫تختلف عنها في النَّفي‪ .‬وعلى ِّ‬
‫حد هذا الكالم‪َّ ،‬‬
‫(إن) مقام (ما)‪ ،‬فال‬ ‫(إن) يصلح أن تقوم فيه (ما) مقامها‪ ،‬كما قامت ْ‬ ‫النفي بـ ْ‬
‫اختالف بينهما‪ .‬وأ َّما في المستوى الدِّاللي‪ ،‬فإذا أنعمنا النَّظر فيما ذكره شيخ‬
‫البالغين الجرحاني‪-‬رحمه هللا‪ -‬في باب التَّقديم والتَّأخير‪ ،‬ففي مسائل في النَّفي‬
‫يقول‪" :‬إذا قلت (ما فعلتُ ) كنت نفيت عنك فعالً يثبت أنَّه مفعول؛ تفسير ذلك‪:‬‬
‫أنَّك إذا قلت‪( :‬ما قلتُ هذا)‪ ،‬كنت نفيت أن تكون قد قلت ذاك‪ ،‬وكنت نُوظرت‬
‫في شيء لم يثبت أنَّه مقولٌ‪ ،‬وإذا ما قلت‪( :‬ما أنا قلتُ هذا) كنت نفيت أن‬
‫تكون القائل له‪ ،‬وكانت المناظرة في شيء ثبت أنَّه مقو ٌل وكذلك إذا قلت‪( :‬ما‬
‫ض ِّرب؛ بل‬ ‫ضربتُ زيداً) كنت نفيت عنك ضربَه‪ ،‬ولم يجب أن يكون قد ُ‬
‫ض ِّرب أصالً‪ ،‬وإذا قلت‪( :‬ما‬ ‫غيرك‪ ،‬وأن ال يكون قد ُ‬ ‫ض َر َبه ُ‬
‫يجوز أن يكون َ‬
‫مضروب‪ ،‬وكان القصد أن تنفي أن تكون‬ ‫ٌ‬ ‫أنا ضربت زيداً) لم تقله إالَّ وزي ٌد‬
‫ي عاما ً‬ ‫المنف ُّ‬
‫ِّ‬ ‫األول أن يكون‬ ‫صلُح في الوجه َّ‬ ‫َّارب‪ ،‬ومن أجل ذلك َ‬ ‫أنت الض ُ‬
‫كقولك‪( :‬ما قلتُ شعرا ً قط)‪ ،‬و(ما أكلت اليوم شيئاً)‪،‬و(ما رأيت أحدا ً من‬
‫النَّاس)" (‪.)213‬‬
‫وفي ذلك ‪-‬أيضا ً‪ -‬يقول‪" :‬اعلم أنَّك إذا قلت‪( :‬ما جا َءني إالَّ زيدٌ)‬
‫احتمل أمرين؛ أحدهما أن تريد اختصاص زيد بالمجيء‪ ،‬وأن تنفيه عمن‬
‫أن (زيداً) قد‬ ‫ألن بالمخاطب حاجة إلى أن يعلم َّ‬ ‫عداه‪ ،‬وأن يكون تقوله؛ ال َّ‬ ‫َ‬
‫به‬ ‫َّ‬
‫ألن‬ ‫ولكن‬ ‫جا َءك‪،‬‬
‫‪ .‬المقصد م َّما أوردته من‬ ‫"(‪)214‬‬
‫حاجة إلى أن يعلم أنَّه لم يجىء إليك غيره‬
‫أن أسلوب النَّفي مع (ما)‬ ‫ُ‬ ‫كالم الجرجاني ‪-‬رحمه هللا‪ -‬أنَّنا نلمح في كالمه َّ‬
‫صر على ما جاء بعدها‪ ،‬فهو ُمو َّجه إلى نفي العالقة بين‬ ‫نحصر و ُمقت َ‬ ‫ُم ِّ‬

‫(‪ )210‬سورة الطارق‪ ،‬آية ‪.4‬‬


‫(‪ )211‬سورة يَس‪ ،‬آية ‪.32‬‬
‫(‪ )212‬كتاب سيبويه‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪.152‬‬
‫(‪ )213‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬عبدالقاهر اجلرجاين‪ ،‬قرأه‪ :‬حممود حممد شاكر‪ ،‬مكتبة اخلاجني‪،‬القاهرة ‪ ،1984‬ص ‪.124‬‬
‫(‪ )214‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬ص ‪.336‬‬
‫( ِّ‬
‫إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬استعماالً وداللةً‬
‫‪1049‬‬
‫ع ْو ٌد على ما قبل (ما)‬ ‫المسندين بعدها‪ ،‬من غير أن يكون في ذلك النَّفي َ‬
‫من تأكيد أو إثبات‪ ،‬فالغاية من ذلك تحقيق النَّفي لما بعدها‪ ،‬مهما اختلفت‬
‫طريقة اإلسناد من تقديم أو تأخير‪.‬‬
‫ينجلي هذا الكالم في سياق النَّفي بـ (ما) في التَّنزيل الحكيم‪ ،‬ففي‬
‫قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫الرسل‪ ،‬وأنَّه لم يُر ِّسل رسوالً من‬ ‫ﮩﭼ(‪ ،)215‬لقد بيَّن سبحانه وتعالى وظيفة ُّ‬
‫الرسل َّإال ِّليُطاع بأمر هللا تعالى‪ ،‬فطاعتُهُ طاعةٌ هلل ومعصيتُهُ معصيةٌ هلل‪،‬‬ ‫ُّ‬
‫نص اآلية الكريمة‪،‬‬ ‫فجاء هذا البيان بصيغة النَّفي بـ (ما)‪ ،‬وكما نرى في ِّ‬
‫فإن هذا النفي لم يرجع على ما جاء قبله بإثبات أو تأكيد‪ ،‬فليس فيه إثبات‬ ‫َّ‬
‫وأن هللا يعلم ما في قلوبهم من نفاق‬ ‫أن المنافقين يكذبون‪َّ ،‬‬ ‫لما جاء من َّ‬
‫الرسول أن يزجرهم عن الكيد والنِّفاق‪.‬‬ ‫ومكر وخديعة‪ ،‬وأنَّه يطلب من َّ‬
‫فهو نفي غايته أن ينفي ما بعد (ما) من الكالم‪.‬‬
‫ومن ذلك ‪-‬أيضا ً‪ -‬قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ(‪ ،)216‬حيث أبان هللا تعالى‬
‫والرسل منهم من مات ومنهم‬ ‫أن محمدا ً ليس إالَّ رسول مضت قبله رسل‪ُّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫من قُتل‪ ،‬وجا َءت هذه اإلبانة الربَّانيَّة بصيغة النَّفي بـ (ما)‪ ،‬وإذا ما حاولنا‬
‫ي إثبات وتأكيد لمضمون‬ ‫ربطها بما قبلها من اآليات‪ ،‬نجد أنَّها ال تفيد أ َّ‬
‫تلك اآليات السابقة لها‪ ،‬وهو ما ُو ِّجه من خطاب لمعشر المؤمنين بأنَّهم لن‬
‫وأن هللا يعلم جهادهم وصبرهم على‬ ‫ينالوا الجنة بدون ابتالء وتمحيص‪َّ ،‬‬
‫شدائد وأنَّهم كانوا يتمنون لقاء األعداء ليحظوا بالشهادة‪ ،‬فهو نفي متعلق‬ ‫ال َّ‬
‫بما بعد ( ما )‪.‬‬
‫ومنه قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﭼ(‪ ،)217‬فقد بيَّن هللا تعالى ما جاء على ألسنة‬
‫الرسول صلَّى هللا عليه‬‫الكفَّار من نفي أيَّة صفة أخرى غير البشريَّة عن َّ‬
‫وسلَّم وإثبات صفة البشريَّة له‪ ،‬بقوله (ما هذا إالَّ بشر مثلكم)‪ ،‬وهذا النَّفي‬

‫(‪ )215‬سورة النساء‪ ،‬اآليتان‪.64 ،63 ،‬‬


‫(‪ )216‬سورة آل عمران‪ ،‬اآلايت ‪.144 – 142‬‬
‫(‪ )217‬سورة املؤمنون‪ ،‬اآليتان ‪.24 ،23‬‬
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1050‬‬
‫ُؤكد مضمون ما تقدَّم عليه من آيات؛ وهو ما أ َّكده‬
‫‪-‬كما نرى‪ -‬ال يُثبِّت أو ي ِّ‬
‫سبحانه وتعالى من أنَّه أرسل نوحا ً إلى قومه‪ ،‬وما دعاهم إليه من عبادة‬
‫هللا وحده‪ ،‬فليس لهم ربٌّ سواه‪.‬‬
‫ومن ذلك قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯨﯪ ﯫ ﯬ‬
‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰁ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭼ(‪ )218‬جاء ‪-‬أيضا ً‪ -‬سياق النَّفي في هذه اآليات الكريمه بـ (ما)‪ ،‬ومقصده‬
‫أن الذي جاء به موسى عليه السالم ما هو إال‬ ‫بيان ما قاله الكفار من َّ‬
‫سحر مكذوب ُمختلق‪ ،‬وهذا النَّفي ليس فيه إثبات أو تأكيد لما سبقه من‬
‫سالم لرجل من آل فرعون‪ ،‬وطلبه‬ ‫آيات تحدثت عن قَتْل موسى عليه ال َّ‬
‫أن يُرسل معه أخاه هارون‪َّ ،‬‬
‫وأن هللا‬ ‫سالم من هللا سبحانه وتعالى ْ‬ ‫عليه ال َّ‬
‫سالم الغلبة على فرعون وقومه‪.‬‬ ‫تعالى جعل لموسى عليه ال َّ‬
‫ومثل هذا الكالم كثير من التَّنزيل الحكيم‪ ،‬وال يمكن لهذا البحث أن‬
‫كله‪ ،‬ولع َّل ما ذكرته يمثل تلك الصورة وي ِّ‬
‫ُوضحها‪.‬‬ ‫يأتي عليه ِّ‬
‫(إن)‪ ،‬فإنَّنا نجد خالف ذلك‪ ،‬وقد أشار‬ ‫وأ َّما في سياق النَّفي مع ْ‬
‫الجرجاني‬
‫‪-‬رحمه هللا‪ -‬إلى ذلك األمر في باب الفصل والوصل‪ .‬فقال‪ :‬وم َّما فيه‬
‫(بإن وإالَّ) قوله عز وج َّل‪ :‬ﭽ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬ ‫ْ‬ ‫اإلثبات‬
‫أن اإلثبات في اآلية الكريمة تأكيد وتثبيت لنفي ما نُفي‪،‬‬ ‫ﭼ(‪ ،)219‬أفال ترى َّ‬
‫ي صلَّى هللا عليه وسلَّم‪ ،‬ووحيه إليه ذكرا ً وقرآناً‪ ،‬هو‬ ‫ع ِّلمه النَّب ُّ‬ ‫فإثباتُ ما ُ‬
‫الشعر‪ ،‬وفي قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬ ‫ع ِّلم ِّ‬
‫تأكيد وتثبيت لنفي أن يكون قد ُ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭼ(‪ )220‬إثبات ما يتلوه عليهم وحيا ً من هللا تعالى‪ ،‬هو تأكيد‬
‫ى(‪ .)221‬وجاء عنده ‪-‬أيضا ً‪ -‬في‬ ‫وتقرير لنفي أن يكون نطق به عن هو ً‬
‫باب القصر واالختصاص أنَّه في قوله تعالى‪ :‬ﭽﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬

‫(‪ )218‬سورة القصص‪ ،‬اآلايت ‪..36 – 33‬‬


‫(‪ )219‬سورة يَس‪ ،‬آية ‪.69‬‬
‫(‪ )220‬سورة النجم‪ ،‬اآليتان ‪.4 ،3‬‬
‫(‪ )221‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬ص ‪.231 ،230‬‬
‫( ِّ‬
‫إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬استعماالً وداللةً‬
‫‪1051‬‬
‫ﭼ(‪ )222‬إنَّما جاء‪ -‬وهللا أعلم‪ ،-‬بالنَّفي واإلثبات؛ ألنَّه ل َّما قال تعالى‪ ( :‬وما‬
‫أنت بمسمع من في القبور )‪ ،‬وكان المعنى في ذلك أن يُقال للنَّبي ِّ صلَّى‬
‫حول قلوبهم ع َّما هي عليه من اإلباء‪،‬‬ ‫هللا عليه وسلَّم‪ :‬إنَّك لن تستطيع أن ت ُ ِّ‬
‫وال تملك أن توقع اإليمان في نفوسهم‪ ،‬مع إصرارهم على كفرهم‪،‬‬
‫واستمرارهم على جهلهم‪ ،‬وصدِّهم بأس َماعهم ع َّما تقوله لهم‪ ،‬وتتلوه‬
‫عليهم‪ ،‬كان الالئق بهذا أن يُجعل حا ُل النَّبي صلَّى هللا عليه وسلَّم حال َم ْن‬
‫ظن أنَّه يملك ذلك‪ ،‬و َم ْن ال يعلم يقينا أنَّه ليس في وسعه شيء أكثر من‬ ‫قد َّ‬
‫ُّ‬
‫يشك‪،‬‬ ‫أن يُنذر ويحذِّر‪ ،‬فأُخرج اللَّفظ مخرجه إذا كان الخطاب مع من‬
‫أن الذي تقدَّم من الكالم‬ ‫فقيل‪( :‬إن أنت إالَّ نذير) (‪ .)223‬ومثل هذا في َّ‬
‫اقتضى أن يكون اللَّفظ كالذي تراه‪ ،‬من كونه بـ (إن) و (إالَّ)‪ ،‬قوله تعالى‪:‬‬
‫(‪)224‬‬
‫ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭼ‬
‫(‪.)225‬‬
‫وفي موضع استشهاد آخر‪ ،‬نجد في قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ‬
‫أن النَّفي بـ ْ‬
‫(إن) لم يُقصد منه نفي ما‬ ‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﭼ(‪َّ ،)226‬‬
‫بعدها؛ من أ َّنهم ما أرادوا غير الحسنى والتوفيق فحسب‪ ،‬بل هو نفي لذلك‪،‬‬
‫الطاغوت‬ ‫(إن)؛ من أنَّهم أقروا واعترفوا بتحاكمهم إلى َّ‬ ‫وإثبات وتأكيد لما قبل ْ‬
‫الرسول أعرضوا عن‬ ‫وأنَّه إذا قِّيل لهم تعالَوا فتحاكموا إلى كتاب هللا وإلى َّ‬
‫الرسول صلَّى هللا عليه وسلَّم‪ ،‬وصدُّوا عنه ُ‬
‫صدوداً‪ ،‬ث َّم جاؤوا يحلفون أنَّهم ما‬ ‫َّ‬
‫أرادوا من ذلك َّإال الصلح والتأليف بين الخصمين؛ يعني أنَّهم في َّأول األمر‬
‫صدود‪ ،‬ث َّم بعد ذلك يجيئونك ويحلفون باهلل كذبا ً على أنَّهم‬
‫يصدُّون عنك أش َّد ال ُّ‬
‫الصد َّإال اإلحسان والتَّوفيق‪ ،‬وعلى هذا التقدير يكون النَّظم‬ ‫ِّ‬ ‫ما أرادوا بذلك‬

‫(‪ )222‬سورة فاطر‪ ،‬اآليتان ‪.23 ،22‬‬


‫(‪ )223‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬ص ‪.334‬‬
‫(‪ )224‬سورة األعراف‪ ،‬آية ‪.188‬‬
‫(‪ )225‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬ص ‪.334‬‬
‫(‪ )226‬سورة النساء‪ ،‬اآلايت ‪.62 – 60‬‬
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1052‬‬
‫لكل ما فعلته‬‫أن في قولهم(إن أردنا) إثبات وتأكيد ِّ‬ ‫متصالً(‪ .)227‬أالَ ترى َّ‬
‫أن صيغة النَّفي هذه‪ ،‬هي نفي لما بعدها‪ ،‬وتأكيد وإثبات لما‬ ‫أيديهم؛ بمعنى َّ‬
‫قبلها‪.‬‬
‫(‪)228‬‬
‫ومن ذلك قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﭼ ‪،‬‬
‫فقولهم إن هذا إالَّ أساطير األولين ما هو إالَّ تأكيد وإثبات واعتراف منهم‬
‫بأنَّهم قد سمعوا ما تُلي عليهم من القرآن الكريم‪ ،‬فأنكروه واتَّهموه باألكاذيب‬
‫واألباطيل‪ .‬ومن ذلك ‪-‬أيضا‪ -‬قوله تعالى‪ :‬ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬
‫بإن ما تض َّمنه من إثبات وتأكيد ِّم ْن َّ‬ ‫ي ْ‬ ‫ﮟﭼ ‪ ،‬إذ يُظهر النَّف ُّ‬
‫(‪)229‬‬
‫أن جميع‬
‫َّ‬
‫فيهن من‬ ‫سهُ األرض والسموات‪ ،‬ومن‬ ‫نزهه وت ُ ِّ‬
‫قد ُ‬ ‫الكائنات تسبح هلل وت ُ ِّ‬
‫وأن ما ِّم ْن شيء في هذا الوجود إالَّ ناطق بعظمة هللا‪ .‬ولو تتبعنا‬ ‫المخلوقات‪َّ ،‬‬
‫(إن) في التَّنزيل الحكيم الستقرأنا العالقة بينها وبين‬ ‫جميع سياقات النَّفي بـ ْ‬
‫ما قبلها من تأكيد وإثبات من جهة‪ ،‬والعالقة بينها وبين ما بعدها من نفي من‬
‫جهة أُخرى‪ ،‬األمر الذي لم نجده في سياقات النفي مع (ما)‪ .‬م َّما يشجع على‬
‫(إن) ال تصلح أن تقوم مقامها (ما)؛ فهي ال تؤدِّي‬ ‫إن سياقات النفي بـ ْ‬ ‫القول َّ‬
‫ص القرآني؛ فهذه هي‬ ‫الدِّاللة المقصودة‪ ،‬وال تؤدِّي البيان الكامن في النَّ ِّ‬
‫بالغته التي قد ال تتأتَّى إالَّ بحرف من دون غيره‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫اخلامتة‬
‫لخص النتائج التي توصلت إليها في هذا البحث بما يلي‪:‬‬ ‫أ ُ ِّ‬
‫إن النَّافية في القرآن الكريم‪ ،‬حيث وصل‬
‫ص ُر جميع سياقات ِّ‬
‫‪ -1‬ح ْ‬
‫عددها‬
‫‪-‬على وجه التقريب ال التحديد‪ -‬إلى مائة وعشر آيات‪ ،‬وفي حدود علمي ما‬
‫تركت شيئا ً إالَّ ماكان من باب ال َّ‬
‫سهو أو النسيان‪ ،‬ث َّم تقسيمها وتصنيفها بنا ًء‬
‫على أنواع الجمل الدَّاخلة عليها‪ ،‬من حيث كونُها اسميَّة أو فعليَّة‪ ،‬وتصنيف‬

‫(‪ )227‬تفسري الفخر الرازي املشتهر ابلتفسري الكبري ومفاتيح الغيب‪ ،‬الرازي‪ ،‬جملد ‪ ،5‬ج‪ ،10‬ص ‪.161‬‬
‫(‪ )228‬سورة األنفال‪ ،‬آية ‪.31‬‬
‫(‪ )229‬سورة اإلسراء‪ ،‬آية ‪.44‬‬
‫( ِّ‬
‫إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬استعماالً وداللةً‬
‫‪1053‬‬
‫كل من هذين النَّوعين‪ ،‬بنا ًء على نوع ما بدأت به الجملة‪،‬‬ ‫ما وردت فيه في ٍ‬
‫فظهر أنَّها تدخل على الجملتين مطلقاً‪.‬‬
‫‪ِّ -2‬منَ النحويين من اشترط اقتران إن النافية بـ (إالَّ)‪ ،‬ومنهم من‬
‫صر من شواهد‪ ،‬فقد أظهر أنَّه ليس شرطا ً أ ْن تقترن باالَّ‪.‬‬ ‫ر َّد ذلك‪ ،‬وما ُح ِّ‬
‫(إن) المكسورة الخفيفة‪،‬‬ ‫‪ -3‬يرد في المؤلفات النَّحويَّة مصطلح ِّ‬
‫إن‬
‫أن ِّ‬ ‫و(إن) المخفَّفة‪ ،‬وقد يخ ِّلط كثير من الدارسين بينهما‪ ،‬فأظهر البحث َّ‬
‫المكسورة الخفيفة‪ ،‬يقصد بها (إن) النافية‪ ،‬أ َّما إن المخفَّفة فيقصد بها إن‬
‫إن الثَّقيلة‪ ،‬التي تلزمها الم االبتداء‪ ،‬أو الالم الفارقة‪.‬‬ ‫المخفَّفة من َّ‬
‫إن المخفَّفة‬ ‫(إن) النَّافية هي التي وضعت في أصلها للنَّفي‪ ،‬أ َّما ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫‪-4‬‬
‫من الثَّقيلة فال تستعمل للنفي‪.‬‬
‫الالزم والمتعدِّي‪ ،‬أ َّما‬ ‫‪ -5‬على األغلب تُستعمل (ما) لنفي الفعل َّ‬
‫(إن) فتستعمل لنفي الفعل المتعدِّي‪ ،‬كما ظهر في شواهد البحث؛ بمعنى‬ ‫ْ‬
‫صر الفعل بمفعوله؛ أي لنفي وقوع الفعل على أي ِّ شيء آخر‬ ‫أنَّها تكون لح ْ‬
‫غير مفعوله‪.‬‬
‫إن‬ ‫‪ -6‬باالعتماد على ما ُج ِّمع من شواهد‪ ،‬فإنَّه يترجح إهمال ِّ‬
‫ستشهد به على اإلعمال‪.‬‬ ‫النَّافية؛ لكثرة تلك الشواهد‪ ،‬ولندرة ما ا ُ‬
‫إن المخفَّفة المهملة‪ ،‬ال تُظ ِّهر مسألة إعمالها أو إهمالها؛‬ ‫‪ -7‬شواهد ِّ‬
‫لعدم ظهور اسمها في جميع الشواهد‪ ،‬ولكون خبرها جملة‪ ،‬فال تظهر عالمة‬
‫اإلعراب عليها‪.‬‬
‫(إن) منزلة (ما) في النَّفي‪،‬‬ ‫نزلوا ْ‬ ‫أن النَّحويين َّ‬ ‫‪ -8‬على الرغم من َّ‬
‫إن الدِّاللة التي تتأتَّى‬ ‫أن سياقاتها في القرآن الكريم تُظهر غير ذلك؛ إذ َّ‬ ‫إالَّ َّ‬
‫بإن‪ ،‬ال نجدها وال نتبيَّنها مع النَّفي ِّ بـ (ما)‪.‬‬ ‫مع النَّفي ْ‬

‫املراجع‬
‫[‪ ]1‬اإلقليد شرح المفصل‪ ،‬لتاج الدين أحمد بن محمود الجندي‪ ،‬تح‪:‬‬
‫محمود أحمد الدراويش‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬المجلد‪ :‬الرابع‪ ،‬جامعة اإلمام‬
‫محمد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬السعودية‪ 2002 ،‬م‪.‬‬
‫[‪ ]2‬ألفية ابن مالك‪ ،‬محمد بن عبدهللا بن مالك الطائي‪ ،‬دار التعاون‪.‬‬
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1054‬‬
‫[‪ ]3‬أمالي ابن الشجري‪ ،‬ابن الشجري‪ .‬تح‪ :‬محمود محمد الطناحي‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى‪ ،‬ج‪ ،3‬مكتبة الخانجي‪ ،‬القاهرة‪1991 ،‬م‪.‬‬
‫[‪ ]4‬اإلنصاف في مسائل الخالف بين البصريين والكوفيين‪ ،‬ألبي‬
‫البركات األنباري‪ ،‬تح‪ :‬جودة مبروك‪ ،‬راجعه‪ :‬رمضان عبدالتواب‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى‪ ،‬مكتبة الخانجي القاهرة‪ 2002 ،‬م‪.‬‬
‫[‪ ]5‬الَّتبصرة والَّتذكرة‪ ،‬ألبي محمد الصيمري‪ ،‬تح‪ :‬فتحي أحمد علي‬
‫الدين‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق ‪ 1982‬م‪.‬‬
‫[‪ ]6‬تفسير الفخر الرازي المشتهر بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب‪ ،‬لإلمام‬
‫محمد الرازي‪ ،‬المجلد‪ :‬الخامس الجزء‪ :‬العاشر‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫[‪ ]7‬الَّتوضيح والَّتكميل لشرح ابن عقيل‪ ،‬محمد عبد العزيز النجار‪،‬‬
‫مكتبة ابن تيمية بالقاهرة‪ ،‬مكتبة العلم بجدة‪.‬‬
‫[‪ ]8‬توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك‪ ،‬أبو محمد بدر‬
‫الدين المصري المالكي‪ .‬تح‪ :‬عبدالرحمن علي سليمان‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪،‬‬
‫ج‪ ،1‬دار الفكر العربي‪2008 ،‬م‪.‬‬
‫[‪ ]9‬حاشية محمد علي الصبَّان على شرح علي بن محمد األشموني‬
‫أللفية ابن مالك‪ ،‬رتبه مصطفى حسين أحمد‪ ،‬المجلد‪ :‬األول‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪.‬‬
‫[‪ ]10‬حروف المعاني والصفات‪ ،‬للزجاجي‪ ،‬تح‪ :‬علي توفيق الحمد‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ 1984 ،‬م‪.‬‬
‫[‪ِّ ]11‬خزانة األدب ولب لباب لسان العرب‪ ،‬البغدادي‪ .‬تح‪ :‬عبدالسالم‬
‫محمد هارون‪ ،‬ط‪ :‬الرابعة‪ ،‬ج‪ ،4‬مطبعة الخانجي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪1997‬م‪.‬‬
‫[‪ ]12‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬عبد القاهر الجرجاني‪ ،‬قرأه محمود محمد شاكر‪،‬‬
‫مكتبة الخانجي بالقاهرة‪ 1984 ،‬م‪.‬‬
‫صرف والَّنحو والبيان‪ ،‬جرجي شاهين عطية‪،‬‬ ‫سلم ِّاللسان في ال َّ‬‫[‪َّ ]13‬‬
‫الطبعة‪ :‬الرابعة‪ ،‬دار ريحاني للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫[‪ ]14‬شرح ابن عقيل على ألفيَّة ابن مالك‪ ،‬محمد محيي الدين عبد الحميد‪،‬‬
‫دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫( ِّ‬
‫إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‪ ،‬استعماالً وداللةً‬
‫‪1055‬‬
‫[‪ ]15‬شرح ألفية ابن مالك حتى نهاية إعمال المصدر‪ ،‬الشيخ علي بن‬
‫محمد الزامل‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬دار التدمرية‪ ،‬الرياض‪ 2011 ،‬م‪.‬‬
‫[‪ ]16‬شرح شذور الذَّهب في معرفة كالم العرب‪ ،‬محمد محيي الدين عبد‬
‫الحميد‪.‬‬
‫صدى‪ ،‬ابن هشام‪ ،‬محمد محيي الدين عبد‬ ‫[‪ ]17‬شرح قطر النَّدى وب ُّل ال َّ‬
‫الحميد‪ ،‬ط‪ :‬الحادية عشرة‪ ،‬المكتبة التجارية الكبرى‪ 1963 ،‬م‪.‬‬
‫الطائي الجياني‪ ،‬تح‪:‬‬‫شافية‪ ،‬جمال الدين أبو عبدهللا َّ‬ ‫[‪ ]18‬شرح الكافية ال َّ‬
‫عبدالمنعم أحمد هريري‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬دار المأمون للتراث‪1982 ،‬‬
‫م‪.‬‬
‫صل‪ ،‬البن يعيش‪ ،‬الجزء ‪ ،8‬عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪.‬‬ ‫[‪ ]19‬شرح المف َّ‬
‫[‪ ]20‬شرح الم ُّكودِّي على ألفيَّة ابن مالك‪ ،‬تح‪ :‬د‪ .‬فاطمة الراجحي‪،‬‬
‫الجزء‪ :‬األول‪ ،‬جامعة الكويت‪ 1993 ،‬م‪.‬‬
‫[‪ ]21‬ضياء السالك إلى أوضح المسالك‪ ،‬وهو صفوة الكالم على توضيح‬
‫ابن هشام‪ ،‬محمد عبدالعزيز النجار‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪2001 ،‬م‬
‫[‪ ]22‬كتاب سيبويه‪ ،‬ألبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر‪ ،‬تح‪ :‬عبدالسالم‬
‫محمد هارون‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة‪ ،‬مكتبة الخانجي بالقاهرة‪ 1988 ،‬م‪.‬‬
‫[‪ ]23‬المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات واإليضاح عنها‪ ،‬ابن‬
‫جني‪ ،‬وزارة األوقاف‪ ،‬المجلس األعلى للشؤون اإلسالمية‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫‪ ،1999‬ص‪،270‬‬
‫[‪ ]24‬مغني اللبيب عن كتب األعاريب‪ ،‬ابن هشام‪ ،‬تح‪ :‬مازن المبارك‪،‬‬
‫محمد علي حمد هللا‪ ،‬مراجعة‪ :‬سعيد األفغاني‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬
‫بيروت‪1972 ،‬م‪.‬‬
‫[‪ ]25‬النَّحو الوافي‪ ،‬عباس حسن‪ ،‬ط‪ :‬الخامسة عشرة‪ ،‬دار المعارف‬
‫بمصر‪.‬‬
‫[‪ ]26‬نهاية األرب في فنون األدب‪ ،‬أحمد بن عبدالوهاب النويري‪ .‬ط‪:‬‬
‫األولى‪ ،‬ج‪ ،19‬دار الكتب والوثائق القومية‪ ،‬القاهرة‪1423 ،‬هـ‪.‬‬
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1056‬‬
‫[‪ ]27‬همع الهوامع شرح جمع الجوامع في علم العربيَّة‪ ،‬السيوطي‪،‬‬
‫صححه‪ :‬محمد بدر الدين النعساني‪ ،‬الجزء األول والثاني‪ ،‬دار‬
‫المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
ِّ (
ً‫ استعماالً وداللة‬،‫إن) النَّافية يف القرآن الكرمي‬
1057

Inn Alnafiah (denied) in the Koran, the usage and in semantic way

Dr. Mohammad Abdullah Hazaimeh


Assistant Professor,
Department of Arabic Language and Literature, Faculty of Arts and Sciences in Onaizah
AL- Qassim University, Saudi Arabia

Abstract. Negation is one of the Arabic methods that formed the Arabic identity, and so , there are many
negative articles to emphasize this method, " inn " is one of them. Each one presents negation in its
general meaning but differs from the rest according to its context. Each article is connected to specific
type which is different from the other ones, and this can never be achieved through any other article.
Consequently , this paper aims to study"inn" as a negative one in the holy Qur'an and how could negation
achieve this in the text. Thus , this study deals with this matter in two level; its usage on the one hand ,
and its significant on the other hand. The paper is divided into: an introduction, a preface , three chapters ,
and a conclusion. Chapter I includes the usage of " inn" in the holy Qur'an according to the collected
evidences of it. This chapter has shown the different types of its compositions. Besides , it shows its
divisions in both nouns and verbs and its classifications. In addition , the researcher could find out the
difference between it and the neglected if. Chapter II, has examined the question of the usage of ifand the
neglected one , and the views of grammarians in it supporting that with their evidence. In chapter III , I
tried to examine the negative " inn " and its distinguished usage that can never be with others using some
texts of the holy Qur'an. The conclusion is for the main finding in this paper
‫حممد عبدهللا هزاميه‬ ‫‪1058‬‬

You might also like