Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 4

‫النظرية النقدية الحديثة‬

‫شهدت النظرية الكمية التقليدية إضافات جديدة‪ ،‬اشتهرت باسم النظرية احلديثة لكمية النقود‪ ،‬على يد‬
‫مفكري مدرسة شيكاغو وعلى رأسهم " ملتون فريدمان"‪ ،‬حيث اجتهت هذه املدرسة من جديد إىل التأكيد على‬
‫أمهية السياسة النقدية‪.‬‬
‫وقد انطلق هذا التحليل من مجموعة من الفرضيات كما يلي‪:‬‬
‫يعترب التقلبات اليت حتدث يف اقتصاد ما مبثابة نتيجة حلدوث تغريات يف السياسة النقدية وليس نتيجة حلدوث‬ ‫‪‬‬

‫تقلبات من جانب الطلب اخلاص ‪.‬‬


‫عرض النقد ليس له أي تأثري يف األجل الطويل على مستوى التوازن اخلاص بالدخل الكلي احلقيقي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫متارس النقود أثرا مباشرا وهاما على اإلنفاق الكلي‪ ،‬ومن مت على الدخل يف املدة القصرية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫استبعاد العالقة التناسبية بني التغريات النقدية ومستوى األسعار‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫السياسة النقدية هي األداة القوية والفعالة لتحقيق االستقرار االقتصادي ويشككون يف دور السياسات املالية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫حصر دور الدولة يف أضيق احلدود‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫سرعة تداول النقود وإن كانت غري ثابتة متاما إال أهنا تتمتع بدرجة من الثبات النسيب وميكن التنبؤ هبا‪ ،‬وهي‬ ‫‪‬‬

‫تتأثر مبجموعة من العوامل ختتلف متاما عن تلك املؤثرة يف عرض النقود وبالتايل فإن التحرك يف سرعة تداول‬
‫النقود يكون مستقال متاما عن التغري يف عرض النقود‪.‬‬
‫ومتيز الفكر النقدي احلديث بتحليل جانيب العرض والطلب على النقود كما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬جانب العرض ‪:‬‬
‫برى فريدمان أن العوامل املؤثرة على عرض النقود مستقلة عن تلك املؤثرة على طلبها‪ ،‬وأن عرض النقود من‬
‫خالل حتكم السياسة النقدية هو الذي حيدد مستوى سعر الفائدة‪.‬‬
‫ويرى النقديون أن التغري يف املعروض النقدي ال يؤثر فقط على النشاط االقتصادي‪ ،‬بل دور النقود أوسع‬
‫من ذلك بكثري‪ ،‬إذ أنه يف األجل القصري هو العامل اجلوهري احملدد للنشاط االقتصادي‪ ،‬والسبب يف ذلك أن‬
‫جانب الطلب على النقود يتمتع بقدر من الثبات النسيب‪ ،‬وبالتايل تغريات عرض النقد هي العامل احملدد للنشاط‬
‫االقتصادي‪.‬‬
‫فإذا قامت السلطات النقدية بزيادة عرض النقود ستزيد السيولة‪ ،‬و تؤدي إىل زيادة إقبال األفراد على شراء‬
‫األصول املالية وغري املالية‪ ،‬ويؤدي ذلك إىل زيادة الطلب الكلي‪ ،‬مما ينتج عنصر زيادة يف اإلنتاج والتشغيل إذا‬
‫كان االقتصاد يف حالة أقل من التشغيل الكامل‪ ،‬أما إذا كان االقتصاد يف حالة التشغيل الكامل‪ ،‬فإن زيادة عرض‬
‫النقود سيؤدي إىل رفع األسعار (والعكس يف حالة خفض كمية النقد)‪.‬‬
‫إضافة إىل ذلك ي عترب فريدمان أن حتقيق االستقرار النقدي يتطلب زيادة عرض النقود بنسبة ثابتة ومستقرة‬
‫تتفق مع النمو االقتصادي‪ ،‬فدور السلطات النقدية ينحصر يف مهمة رقابة كمية النقد والعمل على منوها مبعدل‬
‫مستقر متفق مع معدل منو االقتصاد‪ ،‬ويرى أن األهمية لعرض النقد وليس للطلب عليه كما يرى كينز‪.‬‬
‫ب‪ .‬جانب الطلب‪:‬‬
‫يتجه فريدمان إىل أن الطلب على النقود يتوقف على نفس االعتبارات اليت حتكم ظاهرة الطلب على‬
‫السلع واخلدمات‪ ،‬وهي االعتبارات التالية‪:‬‬
‫الثروة‪ :‬اليت متتلكها الوحدة االقتصادية اليت تطلب النقود‪ .‬وهي تقابل الدخل أو قيد الميزانية يف نظرية‬ ‫‪‬‬

‫الطلب العادية‪.‬‬
‫األثمان و العوائد من البدائل األخرى لالحتفاظ بالثروة في صورة سائلة – تكلفة الفرصة البديلة ‪.-‬‬ ‫‪‬‬

‫األذواق‪ :‬وهو ما أطلق عليه فريدمان اصطالح ترتيب األفضليات‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وانطالقا من البحث التطبيقي الذي قام به فريق مدرسة شيكاڤو على شكل دالة الطلب على النقود‬
‫باالعتماد على متغري أساسي واحد يف تفسري دالة الطلب النقدي أال وهو الدخل أو الثروة‪ ،‬ومها مرتبطان معا عند‬
‫فريدمان بفضل استخدام فكرة الدخل الدائم‪ ،‬ويأخذ فريدمان الثروة مبفهومها الواسع‪ ،‬فهي تشمل النقود‪،‬‬
‫األصول النقدية‪ ،‬السندات‪ ،‬األصول المالية‪ ،‬األسهم‪ ،‬أصول طبيعية‪ ،‬رأس المال العيني‪ ،‬رأس المال‬
‫البشري‪.‬‬
‫ويدعو فريدمان إىل النظر لعالقة الطلب على النقود نظرة شاملة من خالل مقارنة‪:‬‬
‫عائد النقود احلقيقي واملتمثل يف قيمتها أو نسبة مبادلتها بالسلع األخرى‪ ،‬حيث تتحدد قيمتها عندئذ‬ ‫‪‬‬

‫مبستوى األسعار‪.‬‬
‫عوائد األصول األخرى املكونة للثروة واليت تتمثل يف‪ :‬الفائدة على األصول النقدية (السندات)‪ ،‬الفائدة على‬ ‫‪‬‬

‫األصول املالية (األسهم)‪ ،‬عائد رأس املال (كاآلالت) وعائد رأس املال البشري‪.‬‬
‫العوامل األخرى املتعلقة باجلانب الكيفي للثروة كاألذواق‪ ،‬والعادات السائدة يف وقت معني‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫التغريات اهليكلية املؤثرة على توزيع الثروة بني األصول املختلفة مما خيتلف من بلد آلخر ويتطور عرب الزمن‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وفقا للظروف واألحوال االقتصادية‪ .‬وتتضمن هذه التغريات اجتاه األفراد يف بعض الفرتات (األزمات مثال) إىل‬
‫تفضيل االحتفاظ جبانب هام من ثرواهتم يف شكل نقدي بدال من استثمارها يف أصول مالية تدر عائد‬
‫مرتفع‪.‬‬
‫وصيغة دالة الطلب على النقود هي‪:‬‬
‫‪Md = f (P, rb, re,‬‬ ‫‪ P. .‬‬ ‫‪1‬‬ ‫)‪, ,, Y, W,U‬‬
‫‪t‬‬ ‫‪r‬‬
‫‪P‬‬ ‫‪ :Md‬الطلب على النقود‪.‬‬
‫‪ :P‬املستوى العام لألسعار‪.‬‬
‫‪ :rb‬عائد السندات‪.‬‬
‫‪ :re‬عائد األسهم‪.‬‬
‫‪ : .‬ميثل عائد األصول الطبيعية بتحديد معدالت االستهالك و تقديرها من خالل الزمن‪.‬‬ ‫‪P‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪t‬‬
‫‪P‬‬
‫‪ :W‬تعرب عن العالقة بني رأس املال البشري إىل رأس املال غري البشري‪.‬‬
‫‪ : U‬األذواق و ترتيب األفضليات‪.‬‬
‫وبافرتاض فريدمان عدم وجود خداع نقدي جيعل دالة الطلب على النقود حقيقية تتوقف على اعتبارات عينية و‬
‫الثروة بالدخل الدائم (‪.)YP‬‬
‫)‪Md = f (P, rb, re,  P . 1 , , YP , W, U‬‬
‫‪t‬‬ ‫‪P‬‬ ‫‪P‬‬
‫و بالتايل فإن الطلب على السيولة النقدية دالة يف عوائد األصول املالية و النقدية وهو متغري خارجي و‬
‫‪P‬‬ ‫‪.1‬‬ ‫معدل التضخم املرتقب من طرف السلطات النقدية ‪:‬‬
‫‪t‬‬ ‫‪P‬‬
‫وهو متغري خارجي الدخل الدائم الذي يعترب متغريا داخليا‪.‬‬
‫و يرى فريدمان خبصوص هذه الدالة ما يلي‪:‬‬
‫أهنا صورة معدلة ملعادلة كامربيدج‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أهنا دالة مستقرة‪ ،‬وإن كان استقرارها ال يتطلب ثباهتا‬ ‫‪‬‬

‫أثر النقود و السياسة النقدية على النشاط االقتصادي‪:‬‬


‫لقد حبث فريدمان اآلثار املختلفة للنقود على األوضاع التوازنية املختلفة فإذا كان االقتصاد عند مستوى أقل‬
‫من التشغيل الكامل وقررت السلطات النقدية زيادة يف عرض النقود‪ ،‬فسيؤدي ذلك إىل زيادة األرصدة النقدية‬
‫لدى األفراد واملشروعات‪ ،‬وسينعكس ذلك يف شكل زيادة يف الطلب الكلي اليت ينتج عنها زيادة يف اإلنتاج‬
‫والتشغيل يف األجل القصري فقط‪.‬‬
‫وإذا كان االقتصاد عند مستوى التشغيل الكامل فزيادة عرض النقود تؤدي إىل رفع املستوى العام لألسعار‪.‬‬
‫ويفسر فريدمان التضخم بأنه نمو الكتلة النقدية بسرعة أكبر من نمو الناتج المحلي اإلجمالي‪.‬‬
‫وبالتايل عند حدوث اختالل نقدي يظهر دور السياسة النقدية يف امتصاص الفائض النقدي والتأثري على‬
‫األوضاع التوازنية‪ ،‬وميكانيزم انتقال أثر السياسة النقدية يعمل من خالل امليزانية (أثر الثروة) ومن خالل تغريات‬
‫معدل الفائدة‪.‬‬

‫أهم االنتقادات للنظرية النقدية الحديثة‪:‬‬


‫‪ -1‬مل يستطع النقديون التخلص هنائيا من األخطاء اليت وقع فيها التقليديون حيث أن التغري يف مستوى األسعار‬
‫راجع إىل التغري يف كمية النقود ولكن الواقع أثبت العكس إذ ميكن أن تتغري األسعار من خالل عوامل أخرى‬
‫كاالحتكار مثال‪...‬وبالتايل فإن مستوى األسعار ميكن أن يكون سبب وليس نتيجة‪.‬‬
‫‪ -2‬املبالغة الكبرية يف أمهية النقود ودورها يف االقتصاد وإمهال تأثري العوامل األخرى مثل إنتاجية العمل‪ ،‬التنظيم‪،‬‬
‫التكنولوجيا‪.‬‬
‫اخلربة‪،‬‬
‫‪ - 3‬فيما خيص تفسري ظاهرة التضخم‪ ،‬حيث أن الكثري من االقتصاديني يشككون يف مدى صحة املبدأ القائل‬
‫بأن‪" :‬التضخم ظاهرة نقدية حبتة"‪.‬‬

You might also like