حوكمة المياه حلول

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 38

‫دور وأمهية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬

‫د‪.‬السعيد بوشول‬ ‫د‪.‬أمحــــد تـي‬


‫جـامعة الشهيد محه خلضر‪ -‬الـوادي‬

‫امللخص‪:‬‬
‫يعترب مفهوم احلوكمة املائية أحد املفاهيم اليت تشكل أهم أداة إلدارة وتسيري املوارد‬
‫املائية بشكل مستدام‪ ،‬حيث جيمع بني األبعاد الثالثة للتنمية املستدامة‪ :‬البعد‬
‫االقتصادي‪ ،‬االجتماعي والبيئي‪ .‬ذلك أنه يعمل على إشراك مجيع الفاعلني يف جمال‬
‫املياه يف عمليات اختاذ القرار وتسيري و إدارة املوارد املائية‪ ،‬حمرتما يف ذلك مجيع مبادئ‬
‫احلوكمة‪ :‬الشفافية‪ ،‬املشاركة‪ ،‬املسؤولية‪ ،‬الفعالية‪ ،‬العدالة و املساواة واإلنصاف‪..‬اخل‪.‬‬
‫حيث تهدف احلوكمة املائية لتحقيق التنمية االقتصادية اليت تطمح إليها الدول من‬
‫خالل إنعاشها للمجاالت االقتصادية املختلفة‪ :‬الفالحة‪ ،‬الصناعة والسياحة‪ ،‬آخذة بعني‬
‫االعتبار التنمية االجتماعية اليت تضمن العدالة واملساواة يف استفادة مجيع أفراد اجملتمع‬
‫من خدمات اإليصال باملياه العذبة والصرف الصحي‪ ،‬مع احرتام للنظم البيئية من خالل‬
‫حماربة مجيع أشكال التلوث واالستنزاف‪ ،‬وذلك كله بإشراك جلميع الفاعلني يف جمال‬
‫املياه من مستخدمني‪ ،‬مسئولني وأصحاب قرار‪ ،‬شركات ومؤسسات ناشطة يف جمال املياه‬
‫خاصة كانت أو عامة‪.‬‬
‫الكلمات الدالة‪ :‬املوارد املائية‪ ،‬احلوكمة‪ ،‬التنمية احمللية املستدامة‪.‬‬
‫‪Résumé :‬‬
‫‪Le concept de gouvernance de l'eau est l'un des concepts qui‬‬
‫‪constituent l'outil le plus important pour l'administration et la‬‬
‫‪gestion des ressources en eau de manière durable, qui combine‬‬
‫‪les trois dimensions du développement durable: la dimension‬‬
‫‪économique, sociale et environnementale. Il fonctionne ainsi sur‬‬
‫‪l'implication de tous les acteurs dans le domaine de l'eau dans la‬‬
‫‪prise de décision et la gestion de la gestion et de l'exploitation‬‬
‫‪des ressources en eau, tout respecté les principes de‬‬
‫‪gouvernance d'entreprise: la transparence, la participation, la‬‬
‫‪responsabilité, l'efficacité, la justice et l'égalité et Alansaf . Il‬‬
‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬
‫‪vise gouvernance de l'eau pour atteindre le développement‬‬
‫‪économique, qui aspire à pays à travers la réhabilitation de‬‬
‫‪divers secteurs économiques: l'agriculture, l'industrie et le‬‬
‫‪tourisme, en tenant compte du développement social qui assure‬‬
‫‪la justice et au même bénéfice de tous les membres de la‬‬
‫‪communauté des services d'eau et de livraison de‬‬
‫‪l'assainissement‬‬ ‫‪frais,‬‬ ‫‪par‬‬ ‫‪rapport‬‬ ‫‪aux‬‬ ‫‪systèmes‬‬
‫‪environnementaux Au cours de la lutte contre toutes les formes‬‬
‫‪de pollution et l'épuisement, tout l'implication de tous les acteurs‬‬
‫‪dans le domaine des usagers de l'eau, les responsables et les‬‬
‫‪décideurs, les entreprises et institutions actives dans l'eau était‬‬
‫‪un privé ou une zone publique.‬‬
‫‪Mots clés: les ressources en eau, la sécurité de l'eau,‬‬
‫‪gouvernance, développement local durable.‬‬

‫متهيد‪:‬‬
‫لقد شكلت قضية املاء خالل السنوات األخرية أولوية انشغاالت اجملتمع الدولي‬
‫واهتمامات السياسة الوطنية والعاملية‪ ،‬حيث إن الوضع املائي يف معظم دول العامل يتجه‬
‫حتو تزايد الندرة‪ ،‬كما أن معادلة املوارد والطلب تتطور يف إجتاه تعاظم العجز املائي‪،‬‬
‫مما يستدعي تضافر اجلهود ملواجهة هذا العجز احملتمل مستقبالً‪ ،‬ونهج إسرتاتيجية‬
‫شاملة لألمن املائي تهدف إىل تصحيح االختالالت ومواجهة احتماالت األزمات املائية‬
‫املستقبلية‪ .‬كما تتزايد ندرة املياه مع انتشار التلوث‪ ،‬مما يتطلب تبين إسرتاتيجية‬
‫مجاعية متكاملة مبنية على شراكة وتضامن فعلي بني الدول لتطويق األخطار املرتتبة عن‬
‫التغيريات املناخية وسوء استخدام املياه‪.‬‬
‫انطالقا من هذا‪ ،‬تربز احلاجة إىل أدوات تضمن التوزيع العادل للمياه‪ ،‬واستدامة‬
‫النظم املائية وجودتها وحتقيق األمن املائي من خالل التوجه حنو حوكمة املياه‪ ،‬كما‬
‫يتطلب األمر تغيري الوضع الراهن نظرا ألن نقص املياه أصبح يشكل تهديدا للتنمية‪.‬‬
‫تتعامل حوكمة املياه املستدامة والفعالة مع القطاع املائي كجزء من إطار أكرب‬
‫يسعى لبلوغ التنمية االجتماعية‪ ،‬والسياسية‪ ،‬واالقتصادية وبالتالي فهو يؤثر يف‬
‫القطاعات األخرى والسياق العام ويتأثر بها‪.‬‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫وميكن أن يصبح قطاع املياه من عوامل التغري ألنظمة احلوكمة السائدة‪ .‬وحيث أن‬
‫املياه تلعب دورا حموريا يف سبل العيش والصحة ومجيع األنشطة االقتصادية‬
‫االجتماعية‪ ،‬فإن من السهل دعم إجراء اإلصالحات يف القطاع املائي على املستويني‬
‫احلكومي والعام‪.‬‬
‫لذا ينبغي إرساء اآلليات اليت تسمح باملشاركة الفعالة واهلادفة جلميع أصحاب‬
‫املصلحة املعنيني )مثل مجعيات مستهلكي املياه( يف عملية صياغة سياسات حوكمة‬
‫املياه واسرتاتيجياتها‪ ،‬وتطبيقها‪ ،‬ومراقبتها‪ .‬وهناك مقاربات عديدة ميكن طرحها مثل‬
‫الالمركزية ونقل املسؤولية والسلطة إىل اجلماعات احمللية‪ ،‬فضال عن صياغة األطر‬
‫القانونية اهلادفة إىل زيادة قدرات املشاركة بني القطاعني العام واخلاص‪.‬‬
‫بناء على ما سبق ميكن طرح وصياغة اإلشكالية الرئيسية هلذه املداخلة على النحو‬
‫التالي ‪:‬‬
‫إىل أي مدى ميكن حلوكمة املياه انطالقا من قواعدها وأسسها أن تساهم يف حتقيق‬
‫التنمية احمللية املستدامة؟‬
‫على هذا األساس فإن موضوع املداخلة قسم إىل ‪ 30‬حماور رئيسية حيث نتناول ما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬احلوكمة املائية‪ :‬املفهوم‪ ،‬اخلصائص واألبعاد‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬احلوكمة املائية‪ :‬األسباب‪ ،‬االجتاهات وضرورة التقييم‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬األركان األساسية لبناء احلوكمة الفعالة للمياه ودرها يف حتقيق التنمية احمللية‬
‫املستدامة ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬احلوكمة املائية‪ :‬املفهوم‪ ،‬اخلصائص واألبعاد‪.‬‬
‫تهدد ندرة املياه حياة عدد ال حيُصى من الناس يف املنطقة العربية‪ ،‬وأكثرهم‬
‫تعرضا هم سكان األرياف والفقراء‪ ،‬كما تعاني املناطق النائية املفتقرة إىل املوارد املائية‬
‫وخدمات الصرف من اهلشاشة على وجه اخلصوص‪ .‬وتؤثر ندرة املياه أيضا يف سكان‬
‫احلضر‪ ،‬وخباصة يف البلدان األقل منوا‪ ،‬حيث إن متوسط نصيب الفرد من املياه يف‬
‫اثنيت عشرة دولة عربية يقل عن مستويات الندرة احلادة اليت حددتها منظمة الصحة‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫العاملية‪ ،‬وتتزايد حدة املخاطر النامجة عن ندرة موارد املياه الطبيعية يف املنطقة نتيجة‬
‫التحضر‪ ،‬والنمو السكاني‪ ،‬والتغري املناخي‪ ،‬كما تتسع الفجوة بني العرض والطلب‪.1‬‬
‫من أجل االستجابة للطلب املتزايد‪ ،‬فإن على البلدان العربية أن تعد إطارا‬
‫للحوكمة املتجاوبة لتحسني إدارة املوارد املائية املهددة‪ ،‬وتشمل تلك التهديدات‬
‫التغريات الطبيعية‪ ،‬والتلوث‪ ،‬واالستغالل املفرط‪ ،‬والتغريات املناخية؛ كما تفتقر‬
‫مصادر املياه املشرتكة إىل االتفاقيات الدولية الشاملة‪ ،‬مما يهدد إمدادات املياه‪،‬‬
‫واالستقرار السياسي على حد سواء‪.2‬‬
‫إن أزمة املياه هي أزمة حوكمة؛ فجميع موارد املياه يف أشد احلاجة إىل اإلدارة‬
‫الفعالة واملستدامة‪ .‬ومع تزايد ندرة املياه‪ ،‬جيب أن تضمن احلوكمة حصول مجيع‬
‫القطاعات (الزراعية‪ ،‬والصناعية‪ ،‬واملنزلية) ومجيع املستخدمني على حصص مائية‬
‫عادلة وكافية ومستدامة‪ ،‬وأن تؤمن االستخدام الكفء للمياه‪ .‬وال ينفصل حتقيق األمن‬
‫املائي عن االعتبارات االجتماعية واالقتصادية والبيئية والصحية‪ .‬كما جيب إيالء‬
‫اهتمام خاص باألمن الغذائي‪ ،‬والرتابط بني قطاعي املياه والطاقة‪ ،‬وآثار التغري‬
‫املناخي‪.0‬‬
‫مثة عوامل متعددة تعيق حوكمة املياه‪ ،‬مبا يف ذلك عدم وضوح املسؤوليات‬
‫وتداخلها‪ ،‬وافتقار املؤسسات للكفاءة وضعف التمويل‪ ،‬ومركزية صنع القرار‪،‬‬
‫وحمدودية الوعي العام‪ ،‬وعدم فاعلية اللوائح التنظيمية وضعف إنفاذها‪.‬‬
‫‪ .1‬مفهوم احلوكمة املائية‪:‬‬
‫ظهر مصطلح احلوكمة سنة ‪ 1301‬يف حبث بعنوان ‪the nature of the‬‬
‫‪ ،firm‬والذي أجنز من طرف‪ ، Ronald Coase‬ويعد مصطلح احلوكمة هو‬
‫الرتمجة املختصرة اليت راجت للمصطلح ‪ Corporate Governance‬أما‬
‫الرتمجة العلمية هلذا املصطلح‪ ،‬واليت اتفق عليها‪ ،‬فهي‪ " :‬أسلوب ممارسة سلطات‬
‫اإلدارة الرشيدة "‪ .4‬واليوم جند أن احلكم الرشيد له العديد من املصطلحات واملفاهيم‪.‬‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫‪ -1-1‬مفهوم احلوكمة‪:‬‬
‫خالل سنوات السبعينيات عرف بعض االقتصاديني احلوكمة بأنها خمتلف‬
‫اإلجراءات املوضوعة حمل التطبيق من طرف املؤسسة ألجل إجياد تنسيقات داخلية بغية‬
‫ختفيض تكاليف وأعباء املبادالت اليت يالقيها السوق حاضرا‪ .‬فهدف احلاكمية إذن‪ ،‬هو‬
‫تثبيت وحتديد القواعد اجلديدة للعمل بني املسريين واملساهمني‪.5‬‬
‫وتكرر ظهور هذا املفهوم منذ سنة ‪ 1393‬يف كتابات البنك الدولي يف إشارة إىل‬
‫كيفية حتقيق التنمية وحماربة الفساد يف الدول األفريقية جنوب الصحراء‪ ،‬ثم ما لبث أن‬
‫اكتسب أهمية خاصة يف جماالت اإلدارة العامة والسياسات املقارنة مع االنتقال من‬
‫الرتكيز على مفهوم احلكومة الذي يقوم على مسلمة اضطالع الوزارة‪-‬احلكومة‪ -‬بالدور‬
‫الرئيسي يف ممارسة السلطة‪ ،‬إىل املفهوم موضع التحليل الذي يقوم على مشاركة اجملتمع‬
‫‪6‬‬
‫للوزارة يف ممارسة تلك اإلدارة‪.‬‬
‫وصف البنك الدولي احلوكمة بأنها " أسلوب ممارسة القوة يف إدارة املوارد االقتصادية‬
‫واالجتماعية للبالد من أجل التنمية "‪ .‬أما برنامج األمم املتحدة اإلمنائي يعرف احلوكمة‬
‫على أنها "ممارسة سلطة سياسية واقتصادية وإدارية يف إدارة شؤون بلد ما على مجيع‬
‫املستويات‪ .‬وتشمل احلوكمة اآلليات والعمليات واملؤسسات املعقدة اليت يفصح املواطنون‬
‫واجملموعات من خالهلا عن مصاحلهم ويسوون خالفاتهم وميارسون حقوقهم ووجباتهم‬
‫‪1‬‬
‫القانونية "‪.‬‬
‫عرف برنامج األمم املتحدة اإلمنائي احلوكمة بأنها‪ " :‬ممارسة سياسية واقتصادية‬
‫وإدارية يف إدارة شؤون بلد ما على مجيع املستويات‪ ،‬وتشمل احلوكمة اآلليات‬
‫والعمليات واملؤسسات املعقدة اليت يفصح املواطنون واهليئات واجملموعات من خالهلا‬
‫على مصاحلهم ويسوون خالفاتهم وميارسون حقوقهم وواجباتهم القانونية " ‪.9‬‬
‫يشري مصطلح احلوكمة (‪ )Governance‬إىل اخلصائص التالية‪:3‬‬
‫– االنضباط‪ :‬يقصد به إتباع السلوك األخالقي املناسب والصحيح؛‬
‫– الشفافية‪ :‬يعين تقديم صورة حقيقية لكل ما حيدث؛‬
‫– االستقاللية‪ :‬ال توجد تأثريات وضغوط غري الزمة للعمل؛‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪110‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫– املسائلة‪ :‬أي إمكان تقييم وتقدير أعمال املسؤول اإلداري والتنفيذي؛‬


‫– املسئولية‪ :‬تعين وجود مسئولية أمام مجيع األطراف ذوي املصلحة يف املؤسسة؛‬
‫– العدالة‪ :‬جيب احرتام حقوق خمتلف اجملموعات أصحاب املصلحة يف املؤسسة؛‬
‫– املسئولية االجتماعية‪ :‬وهي النظر إىل املؤسسة كمواطن جديد‪.‬‬
‫احلوكمة بشكل عام هي "مفهوم احتوائي يتضمن عمليات متعددة األوجه‪ ،‬حيث‬
‫يتم السعي إىل حتقيق األهداف االجتماعية عن طريق التفاعل بني مجيع األطراف املعنية‬
‫يف حقل معني من حقول التنمية‪ ،‬وتتطلب هذه العملية تشجيع احلوارات اهلادفة إىل‬
‫اختاذ القرار ومشاركة العديد من أصحاب املصلحة‪ ،‬كما تأخذ بعني االعتبار الطرق اليت‬
‫تتفاعل من خالهلا احلكومات واملنظمات االجتماعية مع الرأي العام وكيف يتم اختاذ‬
‫القرارات وكيف تتم إدارة مفهوم املساءلة "‪.‬‬
‫احلوكمة ال تنصرف إىل توجه منفرد أو إىل مفهوم مادة معينة‪ ،‬إمنا هي مفهوم‬
‫متشعب يشمل خمتلف امليادين سواء االقتصادية‪ ،‬االجتماعية والسياسية‪ ،‬بل إنه‬
‫اقتحم امليدان البيئي من خالل مفهوم حوكمة املوارد االقتصادية اليت تعد متغريا هاما‬
‫يف منوذج التنمية على املستوى العاملي‪ ،‬حيث جند مفهوم حوكمة البيئة العاملية‬
‫(‪ )GEG‬الذي يشري إىل جمموع املنظمات وأدوات السياسة العامة وآليات التمويل‬
‫والقواعد واإلجراءات اليت تنظم محاية البيئة العاملية وحدود استخدام املوارد‪ ،‬حيث‬
‫طرحت الفكرة من خالل مؤمتر ستوكهومل ‪ ،1362‬والذي حدد املبادئ األساسية‬
‫ملستقبل حوكمة البيئة العاملية‪ ،‬واليت اختذت كمرجع أساسي ملواثيق التنمية‬
‫املستدامة‪ ،‬وعلى رأسها القمة‬
‫العاملية للتنمية املستدامة‪ ،‬ومن خالل تقرير برونتالند سنة ‪ ،1987‬وذلك يف سياق‬
‫تطور السياسة البيئية العاملية‪ ،13‬ويعد اهلدف النهائي حلوكمة البيئة العاملية هو‬
‫حتسني البيئة وحتقيق اهلدف األوسع للتنمية املستدامة‪.‬‬
‫‪ -2-1‬احلوكمة املائية‪:‬‬
‫مصطلح حوكمة املياه حديث نسبيا‪ ،‬فلقد برز مفهوم حوكمة املياه منذ العقد األخري‬
‫من القرن العشرين وتزايدت أهميته منذ تبين املنتدى العاملي الثاني للمياه والذي عقد يف‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫مدينة الهاي اهلولندية سنة ‪ 2333‬حيث اتفق فيه األطراف اجملتمعة على أن مشكلة‬
‫املياه يف العامل هي مشكلة إدارة وليست مشكلة ندرة فقط‪ ،‬كما مت الرتكيز على هذا‬
‫املفهوم من خالل هذا املنتدى عندما شددت " الشراكة العاملية للمياه " على أن األزمة‬
‫املائية تتمثل أساسا يف أزمة حوكمة‪.11‬‬
‫حوكمة املياه هي جمموعة األنظمة املؤثرة يف عملية اختاذ القرارات اخلاصة بتسيري‬
‫املياه وتنميتها واحملافظة عليها‪ ،‬وكذا خدمة التزويد املائي‪ ،‬أو ببساطه هي حتديد من‬
‫حيصل على املياه؟‪ ،‬ومتى حيصل عليها؟‪ ،‬وكيف؟‪ .‬فاحلوكمة هي جمموعه متكاملة من‬
‫النظم اليت تتحكم بصنع القرارات اخلاصة بتطوير املوارد املائية وإدارتها‪ ،‬يشارك يف‬
‫صنعها احلكومات ومؤسسات اجملتمع املدني والقطاع اخلاص‪.12‬‬
‫احلوكمة املائية بطبيعتها عملية سياسية‪ ،‬أي تشتمل على خيارات سياسية ملوازنة‬
‫املصاحل املتنافسة حول من هو املخول بتأدية اخلدمات وكيفية تقديم اخلدمات‪ ،‬ومن‬
‫الذي يدفع مثن هذه اخلدمات وكذا حول قرارات محاية املوارد املائية‪ ،‬خاصة يف املناطق‬
‫اليت تتسم بوجود تنافس حول املوارد املائية احملدودة‪ ،‬وبالتالي فإن أنظمة حوكمة املياه‬
‫تعكس الواقع السياسي والثقايف على املستوى الوطين واملتوسط (اجلهوي)*‪ ،‬وحتى‬
‫احمللي‪ .‬وهي تشاركية بني قطاعات ثالث هي‪ :‬احلكومة‪ ،‬القطاع اخلاص‪ ،‬واجملتمع‬
‫املدني؛ من خالل تشارك األطراف الثالثة يف عملية تطوير اسرتاتيجيات إدارة املوارد‬
‫املائية‪.10‬‬
‫كما تعكس أنظمة حوكمة املياه حقائق سياسية على املستويات احمللية واإلقليمية‬
‫والوطنية‪ ،‬لذا نالحظ أنه من غري املمكن فصل نقاش حوكمة املياه عن نقاش أوسع‬
‫حلوكمة اجملتمع‪ ،‬وذلك تبعا للتعريف املقدم من طرف برنامج األمم املتحدة اإلمنائي‪.‬‬
‫فمن أشهر التعريفات املقدمة حول حوكمة املياه تعريف "بيرت روجرز" احلوكمة املائية‬
‫"‪ :‬جمموعة من النظم السياسية واالجتماعية واالقتصادية واإلدارية املالئمة لتطوير‬
‫وإدارة املوارد املائية‪ ،‬وتقديم اخلدمات املائية على خمتلف املستويات اجملتمعية "‪.14‬‬
‫وفقا للشراكة العاملية للمياه‪.‬‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫الشكل رقم (‪ :)11‬القضايا الرئيسية للحوكمة املائية‪.‬‬


‫التشاركية‬
‫البعد املؤسسي‬
‫البعد املايل‬
‫واالقتصادي‬
‫القضااي الرئيسية للحوكمة‬
‫املائية‬
‫العدالة‬
‫االجتماعية‬ ‫القوانني والتشريعات‬
‫السياسات‬

‫‪Source: Atef Hamdy, La gouvernance de l'eau en Méditerranée,‬‬


‫‪France, 2012, P05: http://www.iemed.org/observatori-‬‬
‫‪fr/arees.../hamdy_fr.pdf. Page consultée le: (05/01/1015).‬‬

‫إن صلب حوكمة املياه يتمركز حول سبل اقتسام السلطة بني املعنيني بالشأن املائي‬
‫يف صناعة القرار املرتبطة بتطوير وتعبئة وتوزيع املوارد املائية‪ ،‬واحملافظة عليها‬
‫بهدف حتقيق االستدامة البيئية والعدالة االجتماعية يف توزيعها وتعظيم االستفادة‬
‫االقتصادية منها‪.15‬‬
‫تتناول احلوكمة املائية الطريقة اليت تتخذ بها القرارات حول املياه‪ :‬كيف؟‪ ،‬ومن‬
‫قبل من؟‪ ،‬وحتت أي ظروف؟‪ ،‬وهي تشمل أسلوب صناعة القرارات اخلاصة بتوزيع‬
‫املياه واملؤسسات الرمسية وغري الرمسية‪ ،‬املمارسة للمسؤوليات يف جمال املياه‪ .‬أي أنها‬
‫تتعلق مبجموعة من النظم السياسية واالجتماعية واالقتصادية واإلدارية املالئمة لتطوير‬
‫وإدارة املوارد املائية وتقديم اخلدمات املائية على خمتلف املستويات اجملتمعية‪.16‬‬
‫يتزايد االعتقاد بأن حوكمة املياه تكون أكثر فعالية بوجود مشاركة واسعة ألطياف‬
‫اجملتمع املدني مبا فيها أطراف اجملتمع واملنظمات غري احلكومية والقطاع اخلاص‬
‫واإلعالم اليت تدعم احلكومة وإداراتها احمللية وتؤثر فيها‪.‬‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫‪ .2‬خصائص احلوكمة املائية الفعالة‪:‬‬


‫احلوكمة ال تتطلب بالضرورة كيان مادي‪ ،‬كما أنها ال تتكون وجوبا من أنظمة هلا‬
‫عالقة مع احلكومات وسلطاتها العامة أو ما يوصف بالفاعلني مثل وزارات البيئة‪،‬‬
‫فاحلوكمة ميكن أن تتجسد يف إطار عالقات اجتماعية داخل جمال أوسع يضم العديد من‬
‫الفاعلني‪ ،‬وتوجد أمثلة كثرية لألنظمة االجتماعية الغري حكومية اليت جنحت يف تدبري‬
‫مواردها املائية احمللية املشرتكة‪ ،‬حيث يكون النظام االجتماعي يف العديد من احلاالت‬
‫مبين على قواعد اجتماعية مشرتكة تتمثل يف معتقدات وقيم مؤثرة يف سلوك اإلنسان من‬
‫خالل إحساس داخلي بالواجب اجتاه فعل ما وبالتالي ينتج من االمتثال هلذه القواعد‬
‫اإلحساس باالفتخار والتقدير‪ ،‬وإىل جانب الالمركزية تتجسد احلوكمة املائية الفعالة‬
‫وترتقي أكثر بوجود اإلرادة وااللتزام املشرتك من الدوائر واهليئات احلكومية وخمتلف‬
‫الناشطني يف مؤسسات اجملتمع املدني والقطاع اخلاص املعين مبجال املوارد املائية‪.11‬‬
‫وحتى تتجسد هذه احلوكمة البد أن تتضمن اخلصائص التالية واليت تضبط هلا احملتوى‬
‫واملضمون وترسم هلا الفضاء واألبعاد‪:‬‬
‫‪ -1-2‬التخطيط التكاملي‪ :‬جيب أن يتم صنع واختاذ القرارات يف إطار من التسيري‬
‫املتكامل للموارد املائية مما جيعل حوار املعنيني مبجال املياه أمرا الزما ومطلوبا سواء‬
‫أفقيا بني املعنيني من نفس املستوى مثل التخطيط داخل وحدة ما أو عموديا أي بني‬
‫املعنيني من اجملتمع احمللي أو احلوض املائي أو حتى على مستوى الدولة‪.19‬‬
‫‪ -2-2‬العمليات التشاركية‪ :‬ينبغي أن تراعى وتأخذ بعني االعتبار كافة أصوات‬
‫املواطنني‪ ،‬رجاال ونساء‪ ،‬وخمتلف القوات احلية‪ ،‬خالل القيام بأعمال التخطيط إما‬
‫باملشاركة بشكل مباشر أو من خالل املنظمات واهليئات اليت متثلهم‪ ،‬وحتى على‬
‫مستوى القطاع أو اهليئة املعنية بإدارة وتسيري املياه ال بد من مشاركة العمال يف‬
‫التسيري‪ ،‬ويتجلى ذلك عندما يساهم أولئك الذين يوجدون يف أسفل السلم اهلرمي‬
‫للمؤسسة يف السلطة ووظائف التسيري‪ ،‬ويعين ذلك أن يصبح العمال طرفا يف عملية‬
‫اختاذ القرار اليت كانت حكرا على املسريين دون غريهم‪ ،‬وبصفة عامة املقصود‬
‫باملشاركة كافة اجلهود اليت يبذهلا املواطنون للتأثري يف اإلدارة ملعاونتها يف اختاذ‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫القرارات والسياسات اليت تتجاوب مع احتياجاتهم وحتقق الصاحل العام‪ ،‬واملشاركة يف‬
‫حد ذاتها قيمة اجتماعية وأسلوب اجتماعي حيقق مزايا عديدة‪ ،‬يعرفها البعض بأنها‬
‫مجيع صور استفادة املواطنني من الفرص املتاحة هلم للتأثري يف السياسات والقرارات اليت‬
‫متس مصاحلهم‪.13‬‬
‫‪ -3-2‬الشفافية‪ :‬احلوكمة عملية تفاعلية بني املستويات املشاركة والعمل اجلماعي‪،‬‬
‫وبالتالي جيب أن تكون املعلومات متداولة حبرية بني خمتلف فئات املعنيني‪ ،‬وينبغي‬
‫أن تكون عمليات صنع القرار شفافة ومتاحة الطالع عامة املواطنني‪ ،‬خصوصا يف جمال‬
‫التخطيط و وضع السياسات وتنفيذها‪.23‬‬
‫‪ -4-2‬الرتكيز على التخفيف من الفقر‪ :‬ينبغي أن تراعي اإلدارة املائية مبستوياتها‬
‫املختلفة وضع اسرتاتيجيات للتخفيف من الفقر‪ ،‬أي فتح اجملال أكثر ملشاركة الفقراء‬
‫واملهمشني يف عمليات التخطيط‪ ،‬وهذا ميثل من جهة االهتمام بضرورة توفري املياه‬
‫لالستخدامات اإلنتاجية الصغرية‪ ،‬ومن جهة أخرى توفري الشروط والظروف املالئمة‬
‫لتحقيق االستعمال األمثل ملا يتوفر عليه ذكاء الناس من مبادرات وإبداعات تساهم يف‬
‫حتسني األداء‪ ،‬وتغيري السلوك‪ ،‬والتكيف مع مستجدات احمليط‪ ،‬وحتقيق الفعالية يف‬
‫اختاذ القرارات‪.21‬‬
‫‪ .3‬أهمية احلوكمة املائية‪:‬‬
‫نتيجة ألسباب عديدة اقتصادية وبيئية وبشرية تتعقد مهمة الساعني إلجياد حلول‬
‫تقنية ناجعة ملشكالت املياه‪ ،‬ورغم كثرة احللول املقدمة إال أنه وبغض النظر عن احلديث‬
‫أو املفاضلة بشأن جناعتها أو جناحها‪ ،‬فاألكيد أن كل هذه احللول ستتعاظم فرص‬
‫جناحها إن خطط هلا وطبقت كجزء من نظام حتسني احلوكمة املائية‪ ،‬وباألخص على‬
‫املستوى احمللي املوجه للمشكالت وخدمات التزويد والقائم على مشاركة املعنيني أو‬
‫ممثليهم‪ ،‬وميكن حتديد أهمية احلوكمة املائية يف النقاط التالية‪: 22‬‬
‫‪ -‬أداة لضبط وتوجيه وتسيري التوجهات اإلسرتاتيجية الكربى‪ ،‬فضال عن أنها وسيلة‬
‫مساعدة يف صياغة السيناريوهات الكلية البديلة والتصورات والسياسات اليت تغطي اآلفاق‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪115‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫السياسية والفنية واالقتصادية ذات الصلة مبستقبل املياه‪ ،‬ميكن اعتمادها وتطبيقها على‬
‫مستوى اإلسرتاتيجية أو السياسة املائية للدولة؛‬
‫‪ -‬أسلوب جديد يف التدبري والتسيري يدعم تذويب احلدود وتشجيع التشارك بني‬
‫املسريين واملساهمني واملواطنني وخمتلف املعنيني بقطاع املوارد املائية؛‬
‫‪ -‬احلوكمة أداة للتأهيل تتوخى حسن التنظيم وتوزيع املسؤوليات وصقل القدرات ودعم‬
‫التواصل داخليا وخارجيا؛‬
‫‪ -‬تتيح القدرة على التفاوض والتحكيم واإلقناع يف شأن القضايا اليت تتضارب حوهلا‬
‫املواقف واآلراء بهدف حتقيق‬
‫اإلمجاع حوهلا علما أن املاء مورد نادر ومعقد متعدد األبعاد واالستعماالت؛‬
‫‪ -‬يشمل املصطلح مفاهيم جد هامة وأساسية أهمها الشفافية‪ ،‬ويعنى بها توفر املعلومات‬
‫الدقيقة يف وقتها وإفساح‬
‫اجملال أمام اجلميع لإلطالع على املعلومات الضرورية مما يساعد يف اختاذ القرارات‬
‫الصاحلة‪ ،‬وكذلك من أجل توسيع دائرة املشاركة والرقابة واحملاسبة ومن أجل التخفيف‬
‫من اهلدر وحماصرة الفساد‪ ،‬كما حيوي املصطلح مضامني متعددة مثل‪ :‬العدالة‪ ،‬حقوق‬
‫وواجبات املساهمني‪ ،‬ومسؤوليات املسريين‪ ،‬وإقرار الالمركزية ‪.....‬‬
‫البد من اإلشارة إىل أن التوجه للحوكمة املائية اجليدة ال يتم فحسب من خالل‬
‫حتديد املبادئ واخلصائص وااللتزام بها‪ ،‬بل يلزم أيضا العمل على تفعيل الصيغ‬
‫املوضوعة لتنفيذ السياسات املائية والتشريعية املؤسسية‪ ،‬إضافة إىل توضيح ماهية األدوار‬
‫لألطراف املعنية سواء احلكومة أو اجملتمع املدني أو القطاع اخلاص ومسؤوليات كل‬
‫منهم فيما يتعلق مبلكية املوارد املائية وإدارتها وتقديم اخلدمات‪.20‬‬
‫‪ .4‬مبادئ احلوكمة املائية الفعالة‪:‬‬
‫تزداد فاعلية حوكمة املياه وأهميتها باعتبارها وسيلة ناجحة لتحقيق التنمية‬
‫املستدامة والقضاء على الفقر‪ .‬فاملعلوم أن هناك رابطة تبادلية قوية بني نقص املياه‬
‫وخدماتها من جهة‪ ،‬وانتشار ظاهرة الفقر يف كثري من اجملتمعات النامية وأن ندرة‬
‫املياه ليست يف نقص اإلمدادات أو التمويل‪ ،‬ولكنها نتيجة سوء اإلدارة‪ ،‬ومن ثم فإن‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫جناح احلوكمة يعد املقياس للقدرة على مواجهة التحديات املتمثلة يف األبعاد األربعة‬
‫التالية‪:24‬‬
‫‪ -‬البعد االجتماعي‪ :‬الذي يرى ضرورة االستخدام العادل ملوارد املياه للمنتفعني كافة‬
‫حتى وإن كانت حمدودة؛‬
‫‪ -‬البعد االقتصادي‪ :‬الذي يركز على االستخدام الكفء للمياه ودورها يف النمو‬
‫االقتصادي؛‬
‫‪ -‬البعد السياسي‪ :‬الذي يشري إىل ضمان وصول املياه وخدماتها للمنتفعني على‬
‫مستوى متساو؛‬
‫‪ -‬البعد البيئي‪ :‬الذي يؤكد دوماً تعزيز استدامة املوارد املائية وسالمة األنظمة‬
‫البيئية‪.‬‬
‫الشكل رقم (‪ :)12‬أبعاد حوكمة املياه‪.‬‬

‫املصدر‪ :‬برنامج األمم املتحدة اإلمنائي‪ ،‬حوكمة املياه يف املنطقة العربية‪ :‬إدارة الندرة‬
‫وتأمني املستقبل‪ ،2314 ،‬ص‪ ،19‬تاريخ اإلطالع‪:)2315/33/36( :‬‬
‫‪http://www.arabstates.undp.org/Arab_Water/AWR_Water_Brief‬‬
‫‪_Ar.pdf‬‬
‫من ضمن العناصر الرئيسية للحوكمة الرشيدة‪ :‬الشفافية‪ ،‬واملساءلة‪ ،‬واملقاربات القائمة‬
‫على املشاركة‪ ،‬واإلنصاف بني اجلنسني‪ ،‬وتوفري املعلومات‪ .‬وال بد من التفاعل بني‬
‫اجملتمع املدني والقطاعني اخلاص والعام لضمان التطور يف إصالح وتنفيذ نظم حوكمة‬
‫املياه اليت ختصص حصص املياه‪ ،‬كما أن احلوكمة الفعالة للمياه ترتكز على مخسة‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫أسس‪ :‬الكفاءة‪ ،‬واالستدامة البيئية واالقتصادية‪ ،‬واالستجابة الحتياجات التنمية‬


‫االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬واملساءلة أمام أصحاب املصلحة والرأي العام‪ ،‬والتمسك باملثل‬
‫والقيم األخالقية‪ .‬كما أن االنفتاح‪ ،‬والشفافية‪ ،‬والنهج التشاركي‪ ،‬وإشراك أصحاب‬
‫املصلحة ستؤدي كلها إىل رسم سياسات قابلة للتطبيق‪.25‬‬
‫الشكل رقم (‪ :)13‬البيئة التمكينية للحوكمة الرشيدة‪.‬‬
‫احرتام احلاجات‬ ‫اإلرادة السياسية‬
‫املشاركة بني‬
‫والكرامة‬ ‫القطاعني العام‬
‫واخلاص‬
‫مفاتيح احلوكمة‬
‫املائية الرشيدة‬
‫اإلطار التشريعي‬ ‫مشاركة‬
‫والتنظيمي‬ ‫املستخدمني‬

‫املؤسسات الفعالة‬ ‫السياسات املناسبة‬

‫املصدر‪ :‬صفوت عبد الدايم‪ ،‬نانسي عودة‪ ،‬حوكمة املياه‪ ،‬تقرير جامعة الدول العربية‪-‬‬
‫الفصل احلادي عشر‪ ،2312 ،‬ص ‪.115‬‬
‫حتتاج احلوكمة الرشيدة إىل الظروف املناسبة والبيئة املواتية‪ ،‬وينبغي أن يضم‬
‫السياق الداعم عملية مجاعية الختاذ القرارات‪ ،‬ومؤسسات فعالة‪ ،‬وسياسات مناسبة‪،‬‬
‫وأطرا قانونية وسياسية‪.‬‬
‫توجه حوكمةُ املياه اإلدارة الفعالةَ واملستدامةَ للمياه وتنظمها ومتكنها وتعززها‪،‬‬
‫وتكتسب حوكمة املياه أهمية أكرب كلما ندرت املياه؛ ولذلك جيب ضمان توفري حصة‬
‫مياه منصفة وموثوق بها ومستدامة جلميع قطاعات اجملتمع‪ ،‬فضال عن ضمان الكفاءة‬
‫يف استهالك املياه‪.26‬‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫الشكل رقم (‪ :)14‬منوذج حوكمة املياه الفعالة‪.‬‬

‫املصدر‪ :‬برنامج األمم املتحدة اإلمنائي‪ ،‬حوكمة املياه يف املنطقة العربية‪ ،‬مرجع سبق‬
‫ذكره‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫من معايري النجاح الرئيسية حتقيق االستدامة االجتماعية واالقتصادية والبيئية‪ ،‬وال‬
‫ميكن الوصول إىل االستدامة االجتماعية بدون حتقيق املساواة والعدالة؛ ولذلك‪ ،‬جيب‬
‫صياغة سياسة املشاركة الفعالة واجلادة ألصحاب املصلحة ذوي الصلة على مجيع‬
‫مستويات احلوكمة‪ .‬ويتطلب حتقيق االستدامة االقتصادية تقدير فوائد سياسات حوكمة‬
‫املياه وكلفتها‪ ،‬أما أبعاد االستدامة األخرى فتضم املستويات املؤسسية واملالية‬
‫والنظمية‪ .‬وينبغي أن تضع االستدامة البيئية يف االعتبار احلاجة املستمرة لتوافر املياه‬
‫أوال وأخريا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬احلوكمة املائية‪ :‬األسباب‪ ،‬االجتاهات وضرورة التقييم‪.‬‬
‫تصبح احلوكمة فعالة ورشيدة عندما تسود ظروف املساواة‪ ،‬املساءلة‪ ،‬املشاركة‪،‬‬
‫الشفافية‪ ،‬القدرة على التوقع واالستجابة‪ ،‬وبناء على اإلطار املفاهيمي الذي صاغه "‬
‫كوميان " فإن احلوكمة هي منتج معقد من التفاعالت االجتماعية واالقتصادية اليت‬
‫يتعامل من خالهلا عدة مشرتكني اجتماعيني وعلى عدة مستويات‪ .21‬واحلوكمة الرشيدة‬
‫ال تظهر من تلقاء نفسها‪ ،‬بل هي تعترب النتيجة النهائية لعمليات متعددة األوجه وطويلة‬
‫األمد جيب أن يتم التخطيط هلا وتنميتها بعناية يف بيئة متكينيه مناسبة‪ ،‬وحوكمة املياه‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫تقوم بتطوير نواتج من السياسات املختلفة اليت تؤثر على قطاعات الزراعة والغذاء‬
‫والصحة والتعليم والتنمية االقتصادية ومكافحة الفقر‪.29‬‬
‫‪ .1‬أسباب ‪-‬دواعي‪ -‬احلوكمة املائية‪:‬‬
‫يشري تقرير األمم املتحدة الثالث بشأن املوارد املائية يف العامل لسنة ‪ 2009‬إىل‬
‫أن تفاقم النقص الشديد يف املوارد املائية‪ ،‬غدت احلوكمة السديدة عامال الغنا عنه يف‬
‫ما يتعلق بإدارة وتسيري املوارد املائية‪ ،‬كذلك فإن مكافحة الفقر تتوقف على القدرة يف‬
‫االستثمار يف املوارد املائية"‪.‬‬
‫من هنا ميكن طرح التساؤل‪ :‬ملاذا احلوكمة املائية؟‪ ،‬أو ما هي دواعي احلوكمة املائية؟‪.‬‬
‫وفيما يلي أسباب ذلك‪:23‬‬
‫‪ -1-1‬زيادة الطلب على املياه‪ :‬أهم أسباب قلة املياه واحلاجة إىل احلوكمة النمو‬
‫السكاني السريع ومتطلبات التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬فاجملتمعات يف‬
‫الوقت احلالي متارس ضغطا متزايدا على املياه واملوارد الطبيعية األخرى‪ ،‬يف الوقت‬
‫الذي يتضاعف فيه عدد السكان العامل ثالث مرات يف القرن العشرين‪ ،‬فإن استهالك‬
‫املياه زاد ست مرات‪ .‬ويف كثري من البلدان أو املناطق يتجاوز الطلب العرض حبيث يتم‬
‫توزيع كافة املياه املتجددة مما يؤدي إىل قلة املورد ومن ثم ندرته‪ .‬وهذا ما حيدث يف‬
‫الدول العربية اليت يعاني مواطنوها من أدنى حصص الفرد يف املياه العذبة املتجددة على‬
‫مستوى العامل‪ ،‬ويتصف االستخدام احلالي بعدم االستدامة العتماده على املياه اجلوفية‬
‫االحفورية غري املتجددة‪.‬‬
‫‪ -2-1‬زيادة التلوث‪ :‬عندما تكون املياه نادرة ويزداد الطلب على العرض بكثري‪،‬‬
‫تطرح قضايا أخرى كالتلوث وتزداد أهميتها‪ ،‬لذلك من وجهة نظر احلوكمة يعترب‬
‫التلوث من نتائج تزايد الطلب وينبغي التفكري باستخدام تلك امللوثات ومناقشتها يف ضوء‬
‫االحتياجات االستهالكية واملتطلبات البيئية امللحة‪.‬‬
‫‪ -3-1‬تزايد الرتابط بني النظم املائية وتعقيدها‪ :‬نتيجة استخدامات املياه بوجود‬
‫الرتابط والتعقيدات بني خمتلف االستخدامات‪ ،‬وانظمتها‪ ،‬تتضاعف حتديات احلوكمة‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪110‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫الفعالة‪ ،‬فارتفاع مستوى اخلطر الذي يهدد وجود املياه والطلب عليها ويغري من‬
‫نوعيتها‪ ،‬أدى إىل نظم معقدة ذات خصائص جديدة ال ميكن التنبؤ بها‪ .‬هذا التعقيد هو‬
‫دافع هام للمزيد من احلوار والتفاوض بني مستخدمي املياه ألنه حيد من فعالية مناذج‬
‫القيادة والتحكم من أعلى إىل أسفل‪ .‬ومثة تعقيد إضايف يتعلق بامللكية‪ ،‬حيث يقصد‬
‫مبلكية مورد مائي أو بنية حتتية للتزويد املائي أو احلق يف استخدامها احلق يف ممارسة‬
‫بعض السلطة أو السيطرة على ذلك املورد أو تلك البنية‪ .‬ولألدوار واملسؤوليات املتنوعة‬
‫مثل تلك املنصوص عليها يف تشريعات حول احلقوق املائية وامللكية‪ ،‬عالقة معقدة‬
‫باحلوكمة املائية‪ .‬ومن القضايا املركزية اليت غالبا ما حتتاج إىل توضيح يف ضوء تغري‬
‫أمناط العرض والطلب‪ ،‬تعريف حقوق امللكية وهوية املستفيدين من هذه احلقوق وطريقة‬
‫تطبيقا‪.‬‬
‫‪ -4-1‬تغري املناخ‪ :‬تؤثر التغريات املناخية بشكل أساسي على املوارد املائية من خالل‬
‫تكرار وقوع أحداث كارثية مثل (الفيضانات وموجات اجلفاف)‪ ،‬وتغريات زمانية‬
‫ومكانية يف أمناط هطول األمطار‪ ،‬من شأنها التأثري ومفاقمة اخلطر الذي يهدد األفراد‬
‫وسبل حياتهم‪ ،‬وصحتهم‪ ،‬وأمنهم‪ .‬وتشري عمليات النمذجة املناخية إىل جمموعة معقدة‬
‫من النتائج احملتملة ومن منطلق احلوكمة يتطلب مواجهة حتدي التغريات املناخية عند‬
‫التخطيط إلدارة املياه‪.‬‬
‫‪ -5-1‬ضرورة اإلنصاف يف تزويد اخلدمات واملوارد املائية‪ :‬قد ال ندرك العالقة بني‬
‫ختفيض الفقر والوصول إىل مياه صحية يف سياق اجتماعي واقتصادي ومؤسساتي رغم‬
‫أهميتها املتزايدة كـأحد أسباب احلوكمة املائية‪ ،‬ألن املياه عامال مهما وأساسيا يف النمو‬
‫االقتصادي والرفاهية االجتماعية وحتى الثقافية‪ .‬بعبارة أخرى عدم القدرة على الوصول‬
‫إىل خدمات مائية مناسبة ومستدامة من أسباب ونتائج ومؤشرات الفقر‪ .‬وعندما يصبح‬
‫الوصول إىل املياه خاضعا لنقاش يف إطار حقوق اإلنسان يكون من الضروري ضمان وصول‬
‫منصف للمياه وإىل عمليات صنع القرار املائي من قبل مجيع قطاعات اجملتمع‪ ،‬دافع‬
‫هام لتغيريات يف احلوكمة املائية‪.‬‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫‪ .2‬اجتاهات احلوكمة املائية‪:‬‬


‫حتتاج احلوكمة الرشيدة إىل الظروف املناسبة والبيئة املواتية‪ ،‬وينبغي أن يضم‬
‫السياق الداعم عملية مجاعية الختاذ القرارات‪ ،‬ومؤسسات فعالة‪ ،‬وسياسات مناسبة‪،‬‬
‫وأطرا قانونية وسياسية‪.‬‬
‫‪ -1-2‬الالمركزية واملشاركة‪:‬‬
‫حددت الشراكة العاملية للمياه يف كتابها الصادر عن احلوكمة املائية أسلوبا للحوكمة‬
‫املوزعة للمياه يتضمن وظائف وقرارات يتم التشارك فيها عرب جمموعة واسعة من البنى‬
‫املتطورة‪ ،‬وهناك إدراك متنامي بأن حوكمة املوارد املائية واخلدمات املائية تعمل بفعالية‬
‫أكثر ضمن بُنى اجتماعية منفتحة متكن من مشاركة أوسع للمجتمع املدني واملؤسسات‬
‫اخلاصة والتشبيك مع وسائل اإلعالم لدعم احلكومة والتأثري فيها‪ ،‬احد التحديات‬
‫اهلامة للقطاع املائي هو ضمان جناح الالمركزية يف حتسني حقيقي للحوكمة املائية‬
‫احمللية‪ .‬وال يقل عن هذا التحدي املتمثل يف ضمان مشولية التمثيل يف املشاركة بشكل‬
‫حقيقي وعدم استبعاد اجملموعات الرئيسية وجعل العملية التشاركية مؤثرة بالفعل يف‬
‫صناعة القرارات‪.03‬‬
‫تعترب مشاركة أصحاب املصلحة أمراً مركزياً لتعزيز احلوكمة الرشيدة حيث خيلق‬
‫ذلك مناخا من املساءلة والشفافية‪ ،‬ومتثل مشاركة أصحاب املصلحة (جانب الطلب) من‬
‫احلوكمة الرشيدة‪ ،‬كما أن هنالك أهمية كبرية لتحسني ظروف املشاركة ليس فقط لتضمني‬
‫حاجات وآراء وقيم هؤالء املشاركني املتأثرين من اإلصالحات‪ ،‬بل أيضاً للتأكيد على أن‬
‫آثار النماذج التنموية اجلديدة مقبولة من قبل اجملتمعات‪ .‬ويتضمن إشراك أصحاب‬
‫املصلحة عدة جوانب‪ ،‬منها املساهمة يف ختطيط وتصميم وتنفيذ وعمل وصيانة البنية‬
‫التحتية املائية‪ ،‬ويف حتديد وإدارة التعريفة واإلشراف على التنفيذ وضبط اجلودة ‪.01‬‬
‫ويعترب وصول الناس إىل املعلومات ذات الصلة بقضايا املياه شرطاً مسبقاً أساسيا للمشاركة‬
‫الناجحة‪.‬‬
‫أكثر عمليات مشاركة مستخدمي املياه تنظيماً هي يف قطاع الزراعة‪ ،‬حيث حققت‬
‫عدة دول يف املنطقة تقدماً‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫ملحوظاً يف نقل بعض الصالحيات املتعلقة بتنظيم وإدارة أنظمة مياه الري إىل جمموعات‬
‫معروفة جبمعيات مستخدمي املياه‪ .‬وتشجع دول مثل مصر واألردن وليبيا واملغرب‬
‫وعمان وتونس واليمن مشاركة مستخدمي املياه الزراعية يف نشاطات مثل إدارة وصيانة‬
‫وتشغيل البنية التحتية احمللية‪ ،‬وقد ظهرت مبادرات إنشاء مجعيات مستخدمي املياه‬
‫من إطار مشاريع الري ذات التمويل املتعدد أو الثنائي األطراف‪ ،‬واليت تضمنت مكونات‬
‫خاصة بتطوير السياسات واإلصالح املؤسسي‪.02‬‬
‫من املهم جدا تأسيس منتدى مفتوح جلميع أصحاب املصلحة ‪-‬مبن فيهم صناع‬
‫القرار‪ -‬ملناقشة قضايا املياه‪ ،‬ويف برامج أصحاب املصلحة املتعددين‪ -‬أي املوائد‬
‫املستديرة للحوكمة املشرتكة اليت جيتمع حوهلا أصحاب املصلحة يف حوض مائي‬
‫معني أو منطقة معينة – تتحول احلوكمة من القيادة الرأسية إىل التنسيق األفقي‪ ،‬مما‬
‫يسهل حل املشكالت‪ .00‬وهذا النوع من التنظيم الذي يشكل األساس الذي تقوم عليه‬
‫إدارة الري التشاركية‪.‬‬
‫‪ -2-2‬الشفافية والفساد‪:‬‬
‫يعد الفساد املرتبط بانعدام املشاركة والشفافية من أهم التحديات اليت تواجه احلوكمة‬
‫املائية حيث أن الفساد يف طريقة إدارة املياه ساد على مدى سنوات عديدة‪ .‬والفساد ينظر‬
‫إليه كمؤشر على عيوب احلوكمة يف اجملالني العام واخلاص على حد سواء‪.‬‬
‫يف دراسة حديثة حددت منظمة التعاون والتنمية االقتصادية )‪ (OECD‬مخس‬
‫فجوات تشريعية وتنموية جيب مواجهتها من أجل تعزيز التقدم احملرز يف حتسني‬
‫حوكمة املياه وهي‪:04‬‬
‫– فجوة التمويل من أجل تغطية التكاليف املالية إلنشاء اهليئات التشريعية وضمان‬
‫استدامتها؛‬
‫– فجوة القدرات لرفع اخلربة التقنية والكفاءة لكافة الكوادر؛‬
‫– فجوة السياسات اليت ميكن أن تؤدي إىل استقاللية اهليئات التشريعية عن السلطة‬
‫التنفيذية؛‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫– فجوة املعلومات بهدف تقليل عدم جتانس املعلومات بني املنظم واملشغل واملستخدم؛‬
‫– فجوة املشاركة للسماح مبشاركة حقيقية للمواطنني يف عمل اهليئات التشريعية‪.‬‬
‫‪ -3-2‬إصالح القطاع العام‪:‬‬
‫يعترب مدى التقدم يف املساءلة يف القطاع العام أمرا مهما بشكل خاص من أجل‬
‫النجاح يف تطبيق أجندة إصالح احلوكمة يف املنطقة‪ .‬لقد مت تطوير اسرتاتيجيات‬
‫وخطط وطنية لقطاع املياه منذ نهاية التسعينات يف عدة دول يف املنطقة‪ ،‬ومنها‬
‫البحرين وجيبوتي ومصر واألردن ولبنان وليبيا والسعودية وسوريا وتونس والضفة‬
‫الغربية وغزة واليمن‪ .05‬وتدمج السياسات اجلديدة ما بني زيادة اإلمدادات املائية وما‬
‫بني إدارة الطلب‪ .‬بعض الدول مثل مصر واألردن واملغرب قامت بإنشاء وحدات‬
‫مؤسسية للتخطيط والتنسيق على مستوى عال من أجل اجلمع ما بني الوزارات اليت‬
‫هلا تأثريات مباشرة أو غري مباشرة على قطاع املياه‪ ،‬مثل الزراعة واإلسكان واملالية‬
‫والتجارة‪ .‬وتشهد وزارات املياه يف املنطقة عمليات من إعادة اهليكلة املؤسسية لتطوير‬
‫املرونة والفعالية يف عملياتها عن طريق الالمركزية يف املهام‪.06‬‬
‫‪ -4-2‬الشراكة بني القطاعني العام واخلاص‪:‬‬
‫كان إدخال مفهوم الشراكة بني القطاع العام واخلاص تطوراً مهماً يف تقديم اخلدمات‬
‫املائية يف الدول العربية‪ ،‬ولكنه مل يستبدل توفري املياه من قبل القطاع العام كالوسيلة‬
‫األساسية يف تزويد هذه اخلدمات‪ .‬لقد كان التأثري األساسي هلذا النهج حتريك رأس‬
‫املال اخلاص لتزويد اخلدمات يف املراحل العليا مثل معاجلة املياه والتحلية‪ ،‬مع وجود‬
‫مدن قليلة فقط اختارت التحول حنو تزويد خدمات املياه للمستهلكني من قبل القطاع‬
‫اخلاص‪.01‬‬
‫هناك حاجة ماسة إىل جعل قضية حوكمة املياه ضمن األولويات لكافة الدول‬
‫خلطورتها وأهميتها‪ ،‬وجعل اإلصالحات املؤسسية والتشريعية مسألة ذات أولوية يف‬
‫برنامج حوكمة املياه‪ ،‬خللق إطار تشريعي أكثر توازنا حيقق التوافق بني مسؤولية القطاع‬
‫العام (احلكومة) ومصاحل القطاع اخلاص‪.‬‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫‪ .3‬معايري تقييم حوكمة املياه‪:‬‬


‫جيب أن حيدد نظام حوكمة املياه املؤشرات القوية لتوجيه عملية اإلصالح‪،‬‬
‫ورصدها‪ ،‬وتقييمها‪ ،‬ويستطيع أصحاب املصلحة من خالل إتاحة املعلومات عن فعالية‬
‫اإلصالحات‪ ،‬واملساهمة يف حتقيق األمن املائي والتنمية املستدامة أن يساهموا يف حتديد‬
‫األولويات وتعزيز استجابة املؤسسات والعمليات لالحتياجات املائية‪.‬‬
‫إن عملية تعيني دالئل ومؤشرات احلوكمة يكون يف كثري من األحيان من بني األمور‬
‫اليت يصعب حتديدها‪ ،‬حيث تهدف هذه املؤشرات إىل تقييم جهود الربط مابني خمتلف‬
‫اجلهات أو مابني خمتلف الفاعلني يف عملية احلوكمة‪ .‬فيما خيص الوضعيات‪،‬‬
‫اخلطوات املتبعة‪ ،‬الفاعلني ويف كثري من األحيان الشروط اليت مت وضعها يف عملية‬
‫احلوكمة املائية‪ ،‬تكون متغرية بشدة ما يقود إىل إدخال عدة احتماالت خاصة بكل‬
‫حالة على حدا‪ .‬فإذا أخذنا مؤشرا معينا وحاولنا تطبيقه على منوذج ما من احلوكمة‬
‫املائية‪ ،‬فإنه ال يعد بالضرورة مؤشرا تقييمينا للجهود اليت مت بذهلا فعال يف هذه‬
‫احلالة‪ ،‬بل ميكنه حتى أن يسجل نتائج سلبية عن الثوابت اليت مت العمل بها يف‬
‫هذا النوع من احلوكمة‪.09‬‬
‫لقد أنشأ البنك الدولي واجمللس العربي للمياه سنة ‪ 2012‬برنامج اإلشراك العام‬
‫يف إدارة املياه حول الرصد العام إلدارة املياه يف مصر ولبنان وتونس الذي أصدر‬
‫جمموعة من املؤشرات كهذه للحوكمة‪.‬‬
‫استنادا إىل املؤشرات املالئمة‪ ،‬ميكن أن تؤثر خمططات حوكمة املياه على تدخالت‬
‫احلكومة السياسية وجمتمع التنمية‪ ،‬ولكنها مهمة صعبة؛ ألن املؤشرات ميكن أن‬
‫ختتلف اختالفا كبريا حسب البلد‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فإن على كل دولة أن حتدد مؤشراتها‬
‫اخلاصة‪ ،‬وتقيم تقدمها وتراجعها يف برامج حوكمة املياه‪.03‬‬
‫يف سنة ‪ ،2010‬أجرت وكالة التنمية الدولية التابعة للواليات املتحدة مبادرة‬
‫لتصنيف حوكمة املياه من أجل تقييم قدراتها وأدائها يف مصر واألردن واملغرب‬
‫وعمان‪ ،‬وهي البلدان اليت ارتكزت إدارة قطاعاتها املائية على حتديد أهداف‬
‫السياسات وإسناد املسؤوليات‪ ،‬وكانت مصر واملغرب أكثر فعالية يف تطبيق املمارسات‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪115‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫الرشيدة للحوكمة واختاذ القرار‪ .‬ومتيزت قطاعات املياه باملركزية الشديدة يف مصر‬
‫واألردن وعمان‪ ،‬حيث تؤدي احلكومة دورا كبريا‪ ،‬وجنح املغرب يف تطبيق حوكمة‬
‫املياه الالمركزية بعد أن أنشأ روابط مستخدمي املياه الزراعية‪ ،‬ووكاالت أحواض‬
‫األنهار اهليدرولوجية‪.43‬‬
‫مع ذلك‪ ،‬جيب حتسني مبادئ املساءلة والتكامل والشفافية بصورة كبرية؛ إذ يفتقر‬
‫قطاع املياه إىل التخطيط االسرتاتيجي القانوني مع غياب قوانني املياه الشاملة‪ ،‬وقد‬
‫يساعد التقييم املنهجي حلوكمة املياه على رصد تطوراته‪.‬‬
‫إن شأن تقييم حوكمة املياه أن يقدر حالة املوارد املائية‪ ،‬وفعالية سياسات املياه‬
‫وخططها من خالل مؤشرات األداء اليت ميكن صياغتها لتقييم وقياس العناصر‬
‫التالية‪:41‬‬
‫‪ -‬املنظمات واملؤسسات اجلديدة املستدامة؛‬ ‫‪ -‬التعديالت يف التشريعات واللوائح؛‬
‫‪ -‬فحص التجمعات املائية‪ :‬حتليالت أثر الضغط؛‬
‫‪ -‬حتليالت اسرتداد الكُلفة بواسطة القطاع و‪/‬أو منطقة حوض النهر؛‬
‫‪ -‬األهداف البيئية لألحواض النهرية؛‪ -‬أحواض األنهار‪ ،‬وخطط إدارة املياه اجلوفية؛‬
‫‪ -‬السياسات اجلديدة لتسعري املياه؛‬ ‫‪ -‬اخلطط الوطنية للمياه؛‬
‫‪ -‬إشراك اجملتمعات احمللية وأصحاب املصلحة يف اختاذ القرار؛‬
‫‪ -‬التنسيق بني وكاالت املياه‪.‬‬ ‫‪ -‬منتديات احلوار بني أصحاب املصلحة؛‬
‫خالصة القول إن حوكمة املياه مسؤولية تضامنية تتطلب من مجيع املنتفعني‬
‫(اجلهات احلكومية‪ ،‬اجملتمع املدني‪ ،‬القطاع اخلاص) العمل على سد فجوة احلوكمة‬
‫الناجتة من ضعف اإلدارة املائية‪ ،‬وعدم قدرة األنظمة والتشريعات على احلد من‬
‫املمارسات اخلاطئة يف التعامل مع املياه‪ .‬حتى ميكن إعادة التوازن بني متطلبات‬
‫التنمية واحلفاظ على موارد املياه الطبيعية‪.‬‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫ثالثا‪ :‬األركان األساسية لبناء احلوكمة الفعالة للمياه ودورها يف حتقيق التنمية‬
‫احمللية املستدامة‪.‬‬
‫يطرح هذا اجلزء وصفا مفصال لألركان األساسية لبناء احلوكمة الفعالة للمياه‪،‬‬
‫وتشتمل هذه األركان على‪ :‬إعادة توجيه سياسات املياه‪ ،‬وتفعيل التشريعات واللوائح‬
‫التنظيمية‪ ،‬ومتويل قطاع املياه‪ ،‬وتطوير القدرات التنظيمية‪ ،‬والرصد والتقييم‪ ،‬وإدارة‬
‫البيانات واملعلومات‪ ،‬وتنسيق التعاون اإلقليمي والدولي‪ ،‬والتثقيف وزيادة الوعي‪،‬‬
‫وتشجيع مشاركة أصحاب املصلحة ومتكينهم‪ ،‬والتأكيد على حقوق املياه والعدالة‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫‪ .1‬إعادة توجيه السياسات‪:‬‬
‫تضم صياغة سياسة املياه العديد من القرارات واجلهات الفاعلة والعمليات‪ ،‬فلقد‬
‫أدى تطبيق اسرتاتيجيات إدارة املياه وفقا ألسلوب إدارة العرض‪ ،‬بدون االهتمام الكايف‬
‫بكفاءة االستخدام والتخصيص‪ ،‬إىل أمناط استهالكية للمياه غري مستدامة‪ ،‬كما أعاق‬
‫غياب الشفافية‪ ،‬واملشاركة‪ ،‬واإلرادة السياسية عملية تطبيق السياسات‪.‬‬
‫‪ -1-1‬التحول من إدارة األزمة إىل احلوكمة الفعالة املستدامة‪:‬‬
‫تضغط ندرة املياه الطبيعية يف املنطقة على نظم املياه ومؤسساتها ضغطا مستمرا‪.‬‬
‫وعملت إدارة املياه دوما يف وضع األزمة لتلبية الطلبات املتصاعدة بسرعة على املياه‪،‬‬
‫وكان اهلدف ببساطة‪ ،‬هو توفري املياه ألكرب قدر ممكن من السكان‪ ،‬ولكن لألسف مت‬
‫جتاهل مبادئ وممارسات احلوكمة الفعالة‪ ،‬فضال عن إهمال األبعاد االجتماعية‪،‬‬
‫واالقتصادية والبيئية‪ .‬ونادرا ما دخلت ممارسات احلوكمة الفعالة حيز التنفيذ‪ ،‬مبا يف‬
‫ذلك مشاركة أصحاب املصلحة‪ ،‬ومواجهة قضايا اإلنصاف؛ ويضاف إىل ذلك طغيان‬
‫احللول قصرية املدى (ملواجهة الطلب املتصاعد) يف مقابل التخطيط طويل األمد‪ .42‬ويف‬
‫حاالت عديدة‪ ،‬عانت املؤسسات املسؤولة عن صياغة السياسات من االختصاصات‬
‫املتضاربة و‪/‬أو امللتبسة‪ ،‬واالفتقار للتنسيق الفعال‪.‬‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫‪ -2-1‬اإلرادة السياسية لتوفري حوكمة املياه الفعالة‪:‬‬


‫ميكن احلد من آثار القرارات الصعبة والعالقات املتبادلة املعقدة عن طريق إجياد حلول‬
‫ناجعة حتقق مجيع املصاحل‪ ،‬ولضمان الوصول إىل التكامل يف إدارة موارد املياه جيب أن‬
‫تتسم عمليات صنع القرار بالشفافية وباملشاركة وتوافر اخلربة الفنية والعلمية على كل‬
‫املستويات بدءا من اجملتمع وحتى إدارة أحواض املياه‪.40‬‬
‫تعد اإلرادة السياسية القوية من املتطلبات األساسية للحوكمة الرشيدة للمياه‪ ،‬فهي‬
‫شرط أساسي لتطبيق خطط حوكمة املياه الفعالة اقتصاديا‪ ،‬وقانونيا‪ ،‬ومؤسسيا‪.‬‬
‫لقد أوضح إطار العمل اخلاص بالشراكة العاملية للمياه أن غالبا ما تكون أزمة املياه‬
‫أزمة حوكمة‪ ،‬كما حدد الفعالية كأحد أولويات العمل العليا‪ .‬وقد دعم وزراء الدول‬
‫ورؤساؤها حوكمة املياه الفعالة‪ ،‬وبنوا عليها يف العديد من اإلعالنات وبيانات‬
‫املؤمترات على املستوى العاملي )مثل إعالن الهاي الوزاري سنة ‪ ،2000‬ومؤمتر بون‬
‫للمياه العذبة سنة ‪ ،2331‬ومؤمتر قمة األلفية التابع لألمم املتحدة سنة ‪،2333‬‬
‫ومؤمتر القمة العاملي للتنمية املستدامة سنة ‪ ،(2002‬ويف مؤمتر بون للمياه العذبة‬
‫سنة ‪ ،2001‬نصح الوزراء بالعمل يف ثالثة جماالت أهمها حوكمة املياه‪ ،‬كما‬
‫اقرتحوا اختاذ كل دولة تدابري قابلة للتطبيق على مجيع مستويات حوكمة املياه‪،‬‬
‫فضال عن اإلسراع بإجراء إصالحات القطاع املائي أينما يلزم‪.40‬‬
‫‪ -3-1‬عمليات صنع القرار‪ :‬املقارنة بني املركزية والالمركزية‪:‬‬
‫تزداد مشاركة املنظمات اجملتمعية وغري احلكومية يف عمليات التخطيط يف املنطقة‬
‫العربية؛ إذ أن التشاور مع أصحاب املصلحة‪ ،‬وإذا لزم األمر‪ ،‬مراجعة برامج‬
‫االستثمار‪ ،‬يعزز من سبل املساءلة يف حوكمة املياه وإدارة شؤونها‪ .‬وميكن أن حيسن‬
‫املنهج الالمركزي للعالقات بني الوكاالت املركزية واجملتمعات احمللية فيما خيص‬
‫إنتاج املياه وتوزيعها؛ فضال عن أن الالمركزية الدميقراطية قد تعزز التعاون مع‬
‫الوكاالت املركزية‪ ،‬وتشجع الفقراء على التعبري عن مطالبهم وإشباع احتياجاتهم‪.‬‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫‪ .2‬إصالح املؤسسات‪:‬‬
‫لقد توافقت معظم اآلراء حول بعض املبادئ األساسية‪ ،‬واليت تتمثل يف أن اإلطار‬
‫اجليد لصياغة سياسات املياه وتطويرها لن يتحقق بدون التفاعل بني املعرفة والسياسة‬
‫داخل البيئة املؤسسية‪.‬‬
‫‪ -1-2‬بناء القدرات والتنمية‪:‬‬
‫من العوامل الرئيسية املؤدية للندرة املائية قصور املوارد البشرية‪ ،‬حيث يشكل بناء‬
‫القدرات‪ ،‬والتدريب‪ ،‬وتنمية املؤسسات ركنا أساسيا لتنمية القطاع املائي؛ وتتطلب‬
‫تنمية القدرات تعزيز املوارد البشرية ودعم القدرات املؤسسية وخلق بيئة تنموية ممكنة‬
‫للقضاء على االنقسامات احلالية اليت تعيق التنمية املستدامة‪ .‬وينبغي أن تُنمي املنظمة‬
‫الناجحة بنية كفء لصنع القرار‪ ،‬وشراكة فعالة مع أصحاب املصلحة‪ ،‬وروح من‬
‫الشفافية‪ ،‬املسؤولية والتفويض املتقامسني مع املساءلة‪ ،‬وإحساس بامللكية من قبل‬
‫مجيع األطراف املعنية‪ ،‬ومكافآت نهاية اخلدمة املغرية ملوظفيها‪ .44‬وقد يوفر تأسيس‬
‫األكادميية العربية للمياه التابعة للمجلس العربي للمياه‪ ،‬وجملس وزراء املياه العرب‬
‫فرصا مهمة لتنمية القدرات‪.‬‬
‫‪ -2-2‬التنسيق بني املؤسسات‪:‬‬
‫تتطلب احلوكمة الرشيدة عالقات جيدة بني املنظمات ذات الصلة مع مسؤوليات‬
‫وصالحيات منفصلة‪ .‬وتتسم أغلب هذه املنظمات – سواء منها األهلية أو احلكومية –‬
‫مبحدودية سلطتها الرمسية أو العملية‪ ،‬وقصور مواردها‪ ،‬كما يعيق عملية التنسيق‬
‫املنافسة بني الوكاالت على امليزانيات وغريها من املوارد‪.45‬‬
‫‪ -3-2‬الشفافية واملساءلة‪:‬‬
‫ال تكفي آلية احلوار واملشاركة لتحقيق احلوكمة الرشيدة‪ ،‬إذ جيب توجيهها حنو‬
‫القرارات الصائبة القائمة على التوافق الصريح لآلراء‪ ،‬وعلى أصحاب املصلحة أن‬
‫يتمتعوا بالقدرة على رصد جودة القرارات‪ ،‬وكيفية تطبيقها‪ ،‬ومقارنة أدائها بنماذج‬
‫البلدان أو املناطق األخرى‪ ،‬وستحسن هذه العملية من احتمالية صنع قرارات رشيدة‪.‬‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫فالشفافية ليست غاية يف حد ذاتها‪ ،‬ولكن ينبغي على السلطات أن تتعرض للمساءلة‪،‬‬
‫حيث إنها تعظم فرص احلوكمة الرشيدة‪.46‬‬
‫متثل تدابري مكافحة الفساد حمورا من حماور حوكمة املياه العادلة واملستدامة‪،‬‬
‫حيث أن هياكل القوى املبهمة أن تولد الفساد‪ .‬وجيب أن تكافح حوكمة املياه‬
‫الرشيدة الفساد من خالل التوعية‪ ،‬والالمركزية‪ ،‬والشفافية‪ ،‬وبرامج النزاهة واملساءلة‪،‬‬
‫وقبل كل شيء‪ ،‬جيب أن تتصدر اإلرادة السياسية‪.‬‬
‫‪ -4-2‬إدارة وتبادل املعلومات والبيانات‪:‬‬
‫تغدو البيانات املائية املوثوق بها عنصرا أكثر أهمية إلدارة شؤون املياه املستدامة‪.‬‬
‫ولكن من أكرب التحديات اليت تواجهها إدارة املياه اإلغفال عن نظم مجع البيانات‬
‫ورصدها‪ ،‬ألنه ال ميكن ختصيص املياه ختصيصا فعاال بدون البيانات املائية‪.41‬‬
‫تدعم البيانات جهود التخطيط الكربى مثل املوازنة بني القطاعات الزراعية‪،‬‬
‫واحلضرية‪ ،‬والصناعية يف الطلب على املياه أو ختصيص املياه لتحقيق التدفق البيئي‪،‬‬
‫كما ميكن أن حتسن البيانات من شفافية القرارات وعدالتها‪ ،‬فضال عن دعم حتديد‬
‫األدوار ورصدها من أجل جودة املياه‪ .‬وباملثل فإن البيانات تساعد املزارعني على‬
‫اختاذ قرارات أفضل حيال نوع احملصول‪ ،‬وتوقيت زراعته‪ ،‬وكمية األمسدة‬
‫املستخدمة‪.49‬‬
‫‪ .3‬التشريع والتنفيذ‪:‬‬
‫تؤدي التشريعات املائية دورا مهما يف صياغة السياسات واالسرتاتيجيات املائية‪،‬‬
‫وتوفر اإلطار القانوني حلوكمة املياه‪ ،‬واإلصالح املؤسسي‪ ،‬واملعايري التنظيمية‪ ،‬ونظم‬
‫اإلدارة‪ ،‬وإنفاذ اللوائح‪.‬‬
‫بذلت معظم البلدان العربية جهودا لتنمية اإلطار املؤسسي والتشريعي اخلاص‬
‫حبوكمة املياه الرشيدة‪ .‬وعلى الرغم من أنها تبنت منوذج اإلدارة املتكاملة للموارد‬
‫املائية‪ ،‬فإنها ال تزال تفتقر إىل اآلليات التشريعية الداعمة لتطبيقه‪ .‬وتتطلب التحديات‬
‫اجلديدة واملتفاقمة ‪ -‬كتعريفات املياه واسرتداد التكلفة –آليات مبتكرة مثل‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪110‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫الالمركزية‪ ،‬ومنهج املشاركة‪ ،‬وبناء القدرات الفنية واملالية للهيئات احمللية‪،‬‬


‫والتشجيع على احلوار وتوافق اآلراء‪ ،‬وحتقيق فعالية التنفيذ وااللتزام‪ ،‬ودعم أداء‬
‫مؤسسات املياه‪.43‬‬
‫ال بد من اختاذ عدة إجراءات لدعم قيمة االلتزام بالتشريعات املائية العربية‪،‬‬
‫وإنفاذها‪ .‬ويضم ذلك اآلتي‪ :‬نشر املعلومات؛ واملساعدة الفنية؛ واحملفزات االقتصادية‪،‬‬
‫ومشاركة املنظمات غري احلكومية‪ ،‬والدعم العام وعقد الشراكات‪ ،‬ونشر قصص‬
‫النجاح‪ ،‬وتعليم مجيع أصحاب املصلحة وتوعيتهم‪.53‬‬
‫‪ .4‬التمكني من خالل املعرفة‪:‬‬
‫يناط باجلهات الفاعلة االلتزام بأدوارها‪ ،‬وحقوقها‪ ،‬ومسؤوليتها يف ظل املصاحل‬
‫املتضاربة يف كثري من األحيان ولذلك‪ ،‬أصبح إدراج مجيع أصحاب املصلحة يف املناقشة‬
‫اخلاصة بتوزيع موارد املياه شأنا مهما حلوكمة املياه‪.‬‬
‫‪ -1-4‬مشاركة مستخدمي املياه‪:‬‬
‫إن املبدأ الرئيسي هو أن كل خطوة يف العملية التشاركية جيب أن تكون مزدوجة‪،‬‬
‫فمن جهة تعترب عملية إشراك الفاعلني يف جمال املياه يف عملية إعداد السياسات‬
‫البيئية تشجع القبول للقرارات املتخذة من طرفهم‪ ،‬وهو ما يقود إىل اختاذ خيارات‬
‫اجتماعية أكثر قبوال وبلوغ األهداف اليت مت وضعها‪ .‬من جهة أخرى فإنه ومن خالل‬
‫تسهيل عملية إشراك خمتلف الفاعلني يف جمال املياه‪ ،‬فإن السلطات ستقوم بتحسني‬
‫نوعية قاعدة املعلومات‪ ،‬مما يتيح هلا فهم املشاكل بطرق وسبل جديدة‪ .‬فالعامل‬
‫املشرتك يف هذه العملية يتمثل يف تثمني التبادل املعلوماتي‪ ،‬التفاوض‪ ،‬التفاهم‬
‫واملبادرات التطوعية‪ .‬فمن بني املربرات املقدمة من قبل املدافعني على العملية‬
‫التشاركية باعتبارها أبرز أنواع التسيري املستدام للموارد‪ ،‬هو الدور األساسي واملهم‬
‫‪51‬‬
‫الذي يلعبه الرأس املال االجتماعي يف حياة الشعوب‪.‬‬
‫إن تطبيق العملية التشاركية يف جمال املياه كان بدايته سنة ‪ 1990‬حيث قاد إىل‬
‫حتول يف تسيري خدمات املياه‪ ،‬حيث مت االنتقال من حوكمة جد مركزية إىل حوكمة‬
‫شعبية أو جمتمعية فلقد لعبت املؤسسات املالية العاملية دورا أساسيا يف هذه العملية‬
‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬
‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫وعلى رأسها البنك العاملي وصندوق النقد الدولي‪ ،‬ففي جمال سقي األراضي الزراعية‬
‫مثال‪ ،‬تعترب عملية إشراك اجملتمعات املستعملة للمياه شرطا أساسيا لقبول أي طلب‬
‫دعم مالي دولي‪ .‬إال أن تطبيق اإلجراءات التشاركية ميدانيا ال يضمن بالضرورة إجناز‬
‫األهداف املرجو حتقيقها‪ ،‬كما أنه ال يؤدي بالضرورة إىل أحسن النتائج‪ .‬بل ويف بعض‬
‫األحيان فإن املقاربات التشاركية ميكن أن ينتج عنها آثار عكس التوقعات املرجوة‬
‫منها‪ ،‬كما ميكنها أيضا أن تكون سببا يف تعطيل عمليات اختاذ القرار‪.52‬‬
‫يؤكد املبدأ العاشر من إعالن ريو بشأن البيئة والتنمية على أن " أفضل سبل‬
‫معاجلة القضايا البيئية هي مبشاركة‬
‫مجيع املواطنني املعنيني‪ ،‬على املستوى املناسب "‪ ،‬كما تؤكد غريها من وثائق‬
‫السياسة الدولية املعرتف بها على نطاق واسع على ضرورة وجود دور فعال للجمهور‪،‬‬
‫مبا يف ذلك املنظمات غري احلكومية العاملة يف جمال اإلدارة البيئية واملياه‪ .‬ومن‬
‫األمثلة على ذلك بيان دبلن بشأن املياه والتنمية املستدامة وجدول أعمال القرن‬
‫احلادي والعشرين‪ ،‬والبيان السياسي وخطة العمل " نوردفيك " )املؤمتر الوزاري بشأن‬
‫مياه الشرب واملرافق الصحية البيئية يف نوردفيك سنة ‪ ،(1334‬فضال عن املبادئ‬
‫التوجيهية للحصول على املعلومات البيئية واملشاركة العامة يف اختاذ القرار البيئي‬
‫‪50‬‬
‫)مؤمتر البيئة من أجل أوروبا سنة ‪.)1335‬‬
‫‪ -2-4‬التوعية والتعليم‪ :‬عوامل التغيري‪:‬‬
‫يشرتك اجلميع يف إدارة املياه من خالل االختيارات السلوكية اليت يقومون بها‪ ،‬ولن‬
‫يكون للحلول التكنولوجية أي جدوى‪ ،‬إذا مل يتغري السلوك البشري بشكل جذري‪،‬‬
‫ويعد نشر الوعي العام والتعليم والتعريف باملمارسات واحلوافز السليمة اليت تهدف إىل‬
‫تعزيز األداء جزءا من إدراك ضرورة وجود هذه الرؤية اليت تضمن استدامة وعدالة‬
‫احلصول على قدر كاف من املياه‪.‬‬
‫يعترب الوعي العام هو األساس يف حوكمة املياه الفعالة‪ ،‬واخلطوة األوىل للمشاركة‬
‫الفعالة والعمل امللموس‪ .‬فبتعزيز التغيريات السلوكية واملمارسات اجليدة‪ ،‬ميكن توفري‬
‫املياه وبالتالي تعزيز األمن املائي‪ .‬وعلى الرغم من إعالن خمتلف الوزارات واهليئات‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫والقطاع اخلاص واملنظمات غري احلكومية محالت التوعية العامة املبتكرة وبرامج‬
‫التعليم والتدريب على احلفاظ على املوارد املائية‪ ،‬فإن معظم هذه احلمالت مؤقتة‬
‫وليست مصممة وفقا الحتياجات جمموعات املستخدمني‪ .54‬وميكن أن تصبح املنظمات‬
‫غري احلكومية الفاعل الرئيسي يف رفع مستوى الوعي‪ ،‬ولكنها حتتاج إىل مزيد من‬
‫الدعم يف أداء هذا الدور‪ .‬ومن الضروري صياغة برنامج توعية طويل األجل حبيث‬
‫يأخذ باالعتبار األبعاد االجتماعية واالقتصادية والبيئية احمللية واإلقليمية‪.‬‬
‫‪ .5‬احلقوق املائية والعدالة االجتماعية‪:‬‬
‫ترتبط العدالة املائية مبفاهيم بيئية متعددة يصعب حصرها‪ ،‬منها األمن املائي‪،‬‬
‫واحلكامة املائية‪ ،‬واحلقّ يف احلصول على املياه‪ ،‬والعيش يف بيئة نظيفة وصحية‪،‬‬
‫واحلق يف احلصول على املعلومات البيئية والتّقاضي بشأنها‪ ،‬والشفافية املائية‪،‬‬
‫والرتاث اإلنساني املشرتك‪ ،‬واملصاحل اجلماعية‪ ،‬والعدالة بني اجليل نفسه والعدالة ما‬
‫بني األجيال‪ ،‬والتدبري املشرتك للموارد املائية وتنميتها‪ ،‬واالعتماد املتبادل البيئي‪،‬‬
‫واملسؤولية املشرتكة‪.55‬‬
‫تُسَلم الدول العربية بأن املياه سلعة عامة‪ ،‬لكن احلقوق املالية املبهمة‪ ،‬وكثرة‬
‫النزاعات والصراعات احمللية تسببت يف ضعف عملية صنع القرار املرتبطة بكفاءة‬
‫وعدالة استخدام املياه‪.‬‬
‫يف معظم البلدان العربية حتتل احلقوق املائية موضعا داخل السياق القانوني‬
‫التعددي‪ ،‬لكن تتسم اآلليات القانونية املنظمة لتخصيص املياه بالتأخر يف عدة بلدان‬
‫عربية؛ فمن الضروري لذلك صياغة حقوق مائية حمددة ومتسقة كي تواجه التنافس‬
‫املتزايد بني مستخدمي املياه‪ ،‬حيث ميكنها‪:56‬‬
‫‪ -‬تعزيز عدالة استخدام املياه‪ ،‬وحتسني اإلمدادات املائية للفئات اليت حُرِمت من‬
‫احلقوق املائية مسبقا؛‬
‫‪ -‬حتسني كفاءة عمليات ختصيص املياه؛‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫‪ -‬تشجيع املزارعني ومستخدمي املياه يف احلضر على اجملازفات االقتصادية للقيام‬


‫‪ -‬تهيئة إجراءات‬ ‫باالستثمار الالزم يف إدارة شؤون املياه وممارستها احملسنة؛‬
‫احلوكمة األخرى تهيئة أكثر فعالية مثل آليات التسعري‪.‬‬
‫ينبغي أن ترسخ العدالة االجتماعية ‪ -‬بصفتها هدفا منشودا حلوكمة املياه الفعالة ‪-‬‬
‫مبدأ خيارات السياسة؛ وأن تعتمد السياسات اعتمادا أساسيا على املقاربات اليت‬
‫تسمح باملشاركة اهلادفة جلميع أصحاب املصلحة ذوي الصلة؛ أن تصبح الفئات‬
‫االجتماعية ‪ -‬بغض النظر عن الوضع االجتماعي‪ ،‬أو النفوذ‪ ،‬أو النوع‪ -‬قادرة على‬
‫التعبري عن مطالبها وخماوفها يف بيئة منفتحة وشفافة‪.51‬‬
‫من أجل إدراك هذا املفهوم‪ ،‬ينبغي أن تتخطى البلدان مرحلة التدابري التشريعية‪،‬‬
‫وعمليات املشاركة املنظمة ملراعاة التغريات واملواقف الثقافية‪ ،‬ومن الشروط الرئيسية‬
‫لضمان فعالية حوكمة املياه حبث الشؤون املرتبطة بالعدالة االجتماعية يف صياغة‬
‫السياسات واخلطط والربامج‪.‬‬
‫‪ .6‬التمويل ونظم االقتصاد‪:‬‬
‫تعتمد االستدامة واالستمرارية البيئية للحوكمة املائية الفعالة على وجود خمطط‬
‫متويل مائي واضح حيدد مصادر التمويل واآلليات االقتصادية بهدف ضمان األساليب‬
‫املثلى لتخصيص التمويل‪.‬‬
‫ال شك يف أن اإلدراك الصحيح لقيمة املياه هو من أساسيات صنع القرارات اخلاصة‬
‫باالستثمارات املائية‪ ،‬وختصيص املياه وتسعريها‪ ،‬ومن األخطاء اجلسيمة يف نظام‬
‫حوكمة املياه يف املنطقة العربية إهمال و‪/‬أو سوء تقدير القيمة البيئية‪ ،‬والتكلفة املالية‬
‫املباشرة لضخ املياه واإلمداد بها‪.59‬‬
‫‪ -1-6‬املوارد املالية‪:‬‬
‫لضمان اجلدوى واالستدامة املالية للحوكمة الفعالة للمياه‪ ،‬جيب وضع خطة متويل‬
‫مائي واضحة ويتضمن ذلك حتديد‪ :‬موارد التمويل و " من ينبغي أن يدفع‪ ،‬وألي‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫غرض؟ " )مثل مبدأ املستخدم يدفع‪ ،‬ومبدأ امللوث يدفع‪ ،‬واسرتداد كامل التكلفة(؛‬
‫وأيضا اآلليات االقتصادية والتمويلية املتعلقة بالتخصيص األمثل واألكفأ للموارد املالية‪.‬‬
‫من أهم اإلصالحات اليت مست الدول العربية يف جمال إدارة املياه يف العقد األخري‬
‫زيادة دور القطاع اخلاص‪ ،‬وشجع عجز احلكومة عن زيادة موارد رأس املال الكافية‬
‫لتمويل البنية التحتية الالزمة للمياه والصرف الصحي‪ ،‬وتشغيلها‪ ،‬وصيانتها على‬
‫مشاركة القطاع اخلاص‪ .‬حيث تستطيع إدارة القطاع اخلاص وممارساته الفنية أن توفر‬
‫خدمات أكثر كفاءة‪.53‬‬
‫لذلك‪ ،‬انتقلت حكومات بعض الدول العربية (كاجلزائر‪ ،‬مصر‪ ،‬األردن‪ ،‬املغرب‪،‬‬
‫اإلمارات( من التوفري املباشر خلدمات املياه والصرف إىل أداء دور أكثر تعلقا بالناحية‬
‫اإلسرتاتيجية والتنظيمية‪ .‬وقد جذبت اقتصاديات املياه األنظار إىل أهمية اآلليات‬
‫االقتصادية يف إدارة الطلب على املياه‪ ،‬فمن شأن احملفزات االقتصادية –إذا توافقت‬
‫مع األوضاع احمللية– أن تضبط التوجه يف إدارة الطلب دون املساس باملنافع‬
‫االجتماعية االقتصادية وسبل العيش‪.‬‬
‫‪ -2-6‬االستدامة االقتصادية واملالية‪:‬‬
‫ال شك يف أن حتقيق االستدامة البيئية واملالية أمر هام لضمان استمرار اإلمداد‬
‫خبدمات املياه والصرف؛ ولن تعمل املؤسسات املسؤولة عمال فعاال ومتكافئا إال إذا‬
‫توفر هلا الوسائل والتمويل الالزمني‪ .‬ويف معظم حاالت املنطقة العربية‪ ،‬حتصل‬
‫خدمات املياه على دعما كبريا لتغطية التكلفة اخلاصة بتوفري املياه‪ ،‬ولكن مع زيادة‬
‫الضغط االقتصادي والطلب على املياه فإن النداءات املطالبة باسرتداد كامل التكلفة‬
‫تكتسب املزيد من الزخم‪ ،‬وتتسم معدالت استعادة التكلفة يف البلدان العربية‬
‫باالخنفاض‪ ،‬والتأثري يف االستدامة املالية للخدمات املائية‪.‬‬
‫‪ -3-6‬كفاءة استخدام املياه‪:‬‬
‫ال بد من الفعالية والرتشيد البيئي يف استعمال املوارد املائية املتاحة وإدارتها كي‬
‫تسد الفجوة املتنامية بني العرض والطلب املائي‪ .‬وحتتاج البلدان العربية إىل‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪115‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫اسرتاتيجيات إدارية واقعية للتعامل مع القضايا اآلتية‪ :‬محاية املياه لالستجابة‬


‫لالحتياجات األساسية‪ ،‬وختصيص املوارد النادرة ملراعاة التنمية االجتماعية‬
‫االقتصادية‪ ،‬وتقليل اخلسائر املائية‪ ،‬ومحاية البيئة من التدهور وفقد القدرة‬
‫اإلنتاجية‪.63‬‬
‫ال شك يف أن كفاءة استخدام املياه هي من العناصر الضرورية حلوكمة املياه الفعالة‬
‫واإلدارة املتكاملة للموارد املائية‪ ،‬وقد حدد مؤمتر القمة العاملية للتنمية املستدامة‬
‫جانبني من كفاءة استخدام املياه‪ :‬الكفاءة الفنية‪ ،‬وكفاءة التخصيص‪ ،‬كما تسهم يف هذا‬
‫اجملال كذلك كفاءة املستخدم‪ ،‬والتوريد‪ ،‬وإعادة التدوير‪ .‬وتعين الكفاءة االقتصادية‬
‫االستعانة باآلليات االقتصادية مثل تسعرية املياه والتعريفات‪ ،‬واحملفزات املالئمة‪،‬‬
‫والدعم‪ ،‬والتحليالت الواقعية للفائدة والتكلفة‪ ،‬وجيب مع ذلك أخذ القيمة البيئية‬
‫واالجتماعية للمياه باالعتبار‪.‬‬
‫‪ .7‬البحث و التنمية‪ :‬الرابط املفقود‪:‬‬
‫يُصنف البحث واالبتكار كعامل حاسم يف إعداد مرحلة سياسات املياه الفعالة اليت‬
‫حتقق استدامة وكفاءة وعدالة االستفادة من موارد املنطقة النادرة واستخدامها‪ ،‬وعلى‬
‫هذا‪ ،‬حتتاج البلدان العربية أن تولي أولوية عليا لألحباث وحتليل السياسات‪.‬‬
‫وينبغي توجيه أحباث احلوكمة جتاه حتديد احملركات والتغريات اجلديدة املتوقعة‪،‬‬
‫وتقييمها‪ ،‬ومن بني املواضيع البحثية املثارة املتطلبات اخلاصة جبودة املياه وكميتها‪،‬‬
‫والتأثريات املائية غري املباشرة يف جماالت الطاقة‪ ،‬والزراعة‪ ،‬والصحة‪ ،‬والبيئة‪،‬‬
‫‪61‬‬
‫والسلوك االجتماعي‪.‬‬
‫‪ .8‬التعاون على املستوى اإلقليمي والعابر للحدود‪:‬‬
‫من الضروري نتيجة لالعتماد الشديد على املوارد املائية املشرتكة خلق تعاون إقليمي‬
‫يف حوكمة املياه‪ .‬وتفتقر البلدان العربية إىل االتفاقيات الشاملة املرتبطة باألحواض‬
‫النهرية الدولية؛ لكن البديل التالي من حيث األفضلية هو صياغة آلية قانونية مُلزمة‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫دوليا حتدد واجبات البلدان الشاطئية ومسؤولياتها‪ ،‬وترسي املبادئ التوجيهية لتنسيق‬
‫املوارد املائية املشرتكة‪ ،‬وتديرها‪ ،‬وختصصها‪.62‬‬
‫اخلامتة‪:‬‬
‫لقد أصبحت حوكمة املياه الفعالة عنصرا ضروريا لتحقيق التنمية املستدامة‪ .‬ويتطلب‬
‫حتقيق األمن املائي تقدير القيمة احلقيقية للمياه مبا يف ذلك التكاليف االجتماعية‪،‬‬
‫والبيئية‪ ،‬واملالية‪ ،‬باإلضافة إىل تبين مناهج جديدة‪ .‬وميكن أن يساعد حتليل فعالية‬
‫التكاليف على حتديد االسرتاتيجيات األكثر قدرة على مواجهة أزمة املياه املتصاعدة‪،‬‬
‫كما أنه من الضروري أيضا التوجه حنو إدارة الطلب على املياه جبانب إدارة العرض؛‬
‫ولذلك ينبغي أن تنطوي آليات صنع القرار على أسس احلوكمة الرشيدة مثل‬
‫الشفافية‪ ،‬والتكامل‪ ،‬واملساءلة‪ ،‬واملشاركة النشطة ألصحاب املصلحة‪ .‬كما أن مفهوم‬
‫حوكمة املياه الفعالة يرتسخ عرب مخسة أسس‪ :‬الكفاءة‪ ،‬واالستدامة االقتصادية‬
‫والبيئية‪ ،‬واالستجابة الحتياجات التنمية االجتماعية االقتصادية‪ ،‬واملساءلة أمام‬
‫أصحاب املصلحة واجلمهور‪ ،‬وااللتزام بالقيم األخالقية واملعنوية‪.‬‬
‫من خالل هذا البحث مت التوصل إىل النتائج التالية‪:‬‬
‫– إن حوكمة املوارد واخلدمات املائية تكون أكثر فعالية بوجود مشاركة واسعة ألطياف‬
‫اجملتمع املدني مبا فيها أطراف اجملتمع واملنظمات غري احلكومية والقطاع اخلاص‬
‫واإلعالم اليت تدعم احلكومة وإداراتها احمللية وتؤثر فيها‪.‬‬
‫– تعترب احلوكمة أسلوب جديد يف التدبري والتسيري يدعم تذويب احلدود وتشجيع‬
‫التشارك بني املسريين واملساهمني واملواطنني وخمتلف املعنيني بقطاع املوارد املائية؛ كما‬
‫يشمل مصطلح احلوكمة مفاهيم جد هامة وأساسية أهمها الشفافية‪ ،‬من خالل توفر‬
‫املعلومات الدقيقة يف وقتها وإفساح اجملال أمام اجلميع لإلطالع على املعلومات الضرورية‬
‫مما يساعد يف اختاذ القرارات الصاحلة‪ ،‬وكذلك من أجل توسيع دائرة املشاركة والرقابة‬
‫واحملاسبة ومن أجل التخفيف من اهلدر وحماصرة الفساد‪.‬‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬

‫– تؤدي التشريعات املائية دورا مهما يف صياغة السياسات واالسرتاتيجيات املائية‪،‬‬


‫وتوفر اإلطار القانوني حلوكمة املياه‪ ،‬واإلصالح املؤسسي‪ ،‬واملعايري التنظيمية‪ ،‬ونظم‬
‫اإلدارة‪ ،‬وإنفاذ اللوائح‪.‬‬
‫– هناك حاجة ماسة إىل جعل قضية حوكمة املياه ضمن األولويات لكافة الدول‪ ،‬وجعل‬
‫اإلصالحات املؤسسية والتشريعية مسألة ذات أولوية يف برنامج حوكمة املياه‪ ،‬خللق إطار‬
‫تشريعي أكثر توازنا حيقق التوافق بني مسؤولية القطاع العام (احلكومة) ومصاحل القطاع‬
‫اخلاص‪.‬‬
‫‪ -‬حوكمة املياه توفر فرصة ملعاجلة التحديات املائية املرتبطة بالظروف املناخية‬
‫واجلغرافية‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بتقديم الدعم الفين واملشورة‪ ،‬بتعزيز القدرات وإدارة‬
‫املعلومات‪ ،‬وتوفري التمويل لتحفيز تطوير املشاريع وتنفيذها بواسطة برامج حلوكمة املياه‪.‬‬
‫‪ -‬مفهوم حوكمة املياه ممكن أن يعتمد باألساس على أنظمة املعلومات ملا توفره من‬
‫معلومات ومعارف حول املاء ومن ثم أداة للتسيري التشاركي والتسيري املستديم للمورد‪،‬‬
‫ويقصد بالتسيري التشاركي ذلك األسلوب الذي يعتمد على سياسات تنموية شاملة وفقا‬
‫ألسلوب التنمية احمللية الذي يراعي خصائص كل منطقة بهدف رفع املستوى املعيشي‬
‫للمجتمع يف جممله على أساس املشاركة اإلجيابية والفعلية ألفراده وبناءا على مبادراتهم‬
‫وآرائهم لتحسني تسيري استغالل مواردهم الطبيعية‪.‬‬
‫قائمة املراجع واهلوامش‪:‬‬
‫‪ -1‬برنامج األمم املتحدة للبيئة‪ ،‬توقعات البيئة للمنطقة العربية‪ :‬البيئة من أجل التنمية‬
‫ورفاهية اإلنسان‪ ،‬الفصل الثاني‪ ،2313 ،‬ص‪ ،02‬نقال عن املوقع‪:‬‬
‫(تاريخ االطالع‪:)2315/33/36 :‬‬
‫‪.eoar.cedare.int/report/EOAR%20Full.pdf‬‬
‫‪ -2‬حممود زنبوعه‪ ،‬األمن املائي العربي‪ ،‬جملة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪،‬‬
‫اجمللد ‪ ،20‬العدد‪ ،2331 ،31‬ص‪.111‬‬
‫‪ -0‬برنامج األمم املتحدة اإلمنائي‪ ،‬حوكمة املياه يف املنطقة العربية‪ :‬إدارة الندرة وتأمني املستقبل‪،‬‬
‫‪ ،2314‬ص‪ ،19‬تاريخ اإلطالع‪:)2315/33/36( :‬‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬
‫‪http://www.‬‬
‫‪arabstates.undp.org/Arab_Water/AWR_Water_Brief_Ar.pdf.‬‬
‫‪ -4‬بلغالي حممد‪ ،‬األمن املائي يف اجلزائر‪ :‬مقاربة اصطالحية ورؤية تقوميية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬‬
‫ص‪.35‬‬
‫‪ -5‬محاد طارق عبد العال‪ ،‬حوكمة الشركات‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬عني مشس‪ ،‬مصر‪ ،2335 ،‬ص‬
‫‪.35‬‬
‫‪ -6‬زوبيدة حمسن‪ ،‬أوالد حيمودة عبد اللطيف‪ ،‬احلوكمة املائية كمقاربة للتسيري املتكامل للمياه‬
‫يف اجلزائر‪ ،‬جملة أداء املؤسسات اجلزائرية‪ ،‬العدد‪ ،35‬جامعة قاصدي مرباح‪-‬ورقلة‪،2314 ،‬‬
‫ص‪.133‬‬
‫‪ -1‬محاد طارق عبد العال‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪ -9‬زوبيدة حمسن‪ ،‬أوالد حيمودة عبد اللطيف‪ ،‬احلوكمة املائية كمقاربة للتسيري املتكامل للمياه يف‬
‫اجلزائر‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.133‬‬
‫‪ -3‬محاد طارق عبد العال‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪ -13‬صفوت عبد الدايم‪ ،‬نانسي عودة‪ ،‬حوكمة املياه‪ ،‬تقرير جامعة الدول العربية‪ -‬الفصل احلادي‬
‫عشر‪ ،2312 ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪11-Manuel Flam, L’économie verte, Presses Universitaire de‬‬
‫‪France,‬‬ ‫‪France,‬‬ ‫‪2010,‬‬ ‫‪P39:‬‬
‫‪http://www.gbv.de/dms/zbw/662517245.pdf.‬‬ ‫‪page consultée‬‬
‫‪le: (01/01/1015).‬‬
‫‪ -12‬صفوت عبد الدايم‪ ،‬نانسي عودة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪13-Peter Rogers, Alan W Hall, Effective Water Governance,‬‬
‫‪February, 2003. P16: http://www.water governance.org.pdf.‬‬
‫‪page consulte le: (11 /01/2015) .‬‬
‫‪ -‬نقصد باملستوى املتوسط بتلك الدرجة من احلوكمة األدنى من املستوى الوطين واألعلى من املستوى‬
‫احمللي‪ .‬ويطلق على الوحدة اإلدارية املكونة للمستوى املتوسط تسميات ختتلف باختالف البلدان مثل‬
‫األقاليم املناطق أو البلديات ويف اجلزائر اجلهويات‪.‬‬
‫‪14-Adil Najam, Mihaela Papa, Nadaa Taiyab, Global‬‬
‫‪Environnemental‬‬ ‫‪Gouvernance,‬‬ ‫‪reforme‬‬ ‫‪Agenda,‬‬
‫‪International Institute for Sustainable Développent, Canada,‬‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪111‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫السعيد بوشول‬.‫أمحد تي د‬.‫د‬
2006, P9: http://www.iisd.org/pdf/2006/geg.pdf. Page
consultée le: (10/01/1015).
‫ إرشادات وأساليب‬:‫ منهجية إمباروز حلوكمة املياه‬،‫ حازم فهمي وآخرون‬،‫ باتريك مورياتي‬-15
35. ‫ ص‬،2331 ‫ أوت‬،‫ األردن‬،‫ عمان‬،‫ الشبكة اإلسالمية لتنمية وإدارة مصادر املياه‬،‫وأدوات‬
‫ آثار تطبيق إدارة الطلب على املياه يف تفعيل حوكمة‬،‫ جابر دهيمي‬،‫ زين الدين بروش‬-16
‫ حوكمة املياه يف اجلزائر كمدخل لتحقيق األمن‬:‫ مداخلة يف ملتقى حول‬،‫ دراسة حالة اجلزائر‬:‫املياه‬
.10‫ ص‬،2310 ‫ ماي‬29-21‫ يومي‬،‫ املركز اجلامعي ميلة‬،‫املائي‬
‫ إرشادات وأساليب‬:‫ منهجية إمباروز حلوكمة املياه‬،‫ حازم فهمي وآخرون‬،‫ باتريك مورياتي‬-11
.36 ‫ ص‬،‫ مرجع سبق ذكره‬،‫وأدوات‬
11-Marcel Boyer, Michel Party, La gestion déléguée de l’eau
gouvernance et rôle des différents intervenants, CIRANO,
Canada, 2001, P01: http://www.
cirano.qc.ca/pdf/publication/2001RP-11.pdf. page consulte le:
(08/01/2015) .
11-Kathryn Furlong, Bonne gouvernance pour la
conservation de l’eau, Programme de l’Université de la
Colombie-Britannique sur la gouvernance de l’eau Canada,
2008, P8 : http://
www.urbanwater.ca/.../INFCPrimer_Final_French.pdf. Page
consulted le: (08/12/2014) .
02- Peter Rogers, Alan W Hall, Effective Water Governance,
Op.cit, p 19.
01-Marcel Boyer, Michel Party, La gestion déléguée de l’eau
gouvernance, Op.cit, p 08.
00- Atef Hamdy, La gouvernance de l'eau en Méditerranée,
Op.cit, p 06.
03- Claudine Brelet, L’eau et la gouvernance quelques
exemples des meilleures pratiques éthiques, UNESCO, 2004,
pp10-13: http://www.unesdoc.unesco.org/images/.pdf. page
consulte le: (11/01/2015) .
.192 ‫ ص‬،‫ مرجع سبق ذكره‬،‫ نانسي عودة‬،‫ صفوت عبد الدايم‬-24
.10‫ ص‬،‫ مرجع سبق ذكره‬،‫ جابر دهيمي‬،‫ زين الدين بروش‬-25

1015 ‫ ديسمرب‬- ‫العدد الثالث‬ 150 ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬
‫‪02- Kathryn Furlong, Bonne gouvernance pour la conservation‬‬
‫‪de l’eau, op.cit, P12.‬‬
‫‪02- Peter Rogers, Alan W Hall, Effective Water Governance,‬‬
‫‪op.cit, P11 .‬‬
‫‪01- Kathryn Furlong, Bonne gouvernance pour la conservation‬‬
‫‪de l’eau, op.cit, P12.‬‬
‫‪01- Atef Hamdy, La gouvernance de l'eau en Méditerranée,‬‬
‫‪Op.cit, p 11.‬‬
‫‪ -03‬حمسن زوبيدة‪ ،‬تي أمحد‪ ،‬حوكمة قطاع املوارد املائية يف اجلزائر‪ ،‬مداخلة يف امللتقى الدولي‬
‫حول‪ :‬دور احلوكمة يف تفعيل أداء املؤسسات واالقتصاديات‪ ،‬يومي ‪ 23-13‬نوفمرب ‪ ،2310‬جامعة‬
‫حسيبة بن بوعلي الشلف‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ -01‬نفس املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪30- Peter Rogers, Alan W Hall, Effective Water Governance,‬‬
‫‪op.cit, P20 .‬‬
‫‪ -00‬صفوت عبد الدايم‪ ،‬نانسي عودة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪34- Claudine Brelet, L’eau et la gouvernance quelques exemples‬‬
‫‪des meilleures pratiques éthiques, op.cit, P 16.‬‬
‫‪ -05‬باتريك مورياتي‪ ،‬حازم فهمي‪ ،‬وآخرون‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ -06‬برنامج األمم املتحدة للبيئة‪ ،‬توقعات البيئة للمنطقة العربية‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪ -01‬صفوت عبد الدايم‪ ،‬نانسي عودة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪ -09‬باتريك مورياتي‪ ،‬حازم فهمي‪ ،‬وآخرون‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪31- Marcel Boyer, Michel Party, Pierre J. Tremblay, LA‬‬
‫‪Gestion Déléguée DE L'Eau Gouvernance Et Rôle Des‬‬
‫‪Différents Intervenants, op.cit, p06.‬‬
‫‪42- Kathryn Furlong, Bonne gouvernance pour la conservation‬‬
‫‪de l’eau, op.cit, P15.‬‬
‫‪ -41‬صفوت عبد الدايم‪ ،‬نانسي عودة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ -42‬نفس املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.191‬‬
‫‪ -40‬برنامج األمم املتحدة اإلمنائي‪ ،‬حوكمة املياه يف املنطقة العربية‪ :‬إدارة الندرة وتأمني املستقبل‪،‬‬
‫مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.33‬‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪151‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫السعيد بوشول‬.‫أمحد تي د‬.‫د‬

‫ دار‬،‫ رؤيا لقضايا املياه واحلياة والبيئة‬:‫ قضايا املياه يف العامل العربي‬،‫ إمساعيل سراج الدين‬-44
.13 ‫ ص‬،2339 ،‫ مصر‬،‫هال للنشر والتوزيع‬
44- Adil Najam, Mihaela Papa, Nadaa Taiyab, Global
Environnemental Gouvernance, op.cit, P15.
‫ البيئة من أجل التنمية ورفاهية‬:‫ توقعات البيئة للمنطقة العربية‬،‫ برنامج األمم املتحدة للبيئة‬-46
.63 ‫ ص‬،‫ مرجع سبق ذكره‬،‫اإلنسان‬
42- Peter Rogers , Alan W Hall, Effective Water Governance,
op.cit, P11 .
41- Atef Hamdy, La gouvernance de l'eau en Méditerranée,
op.cit, P08.
41- Rapport mondial sur la mise en valeur des ressources en
eau, Programme mondial pour l’évaluation des ressources en
eau, UNESCO, 2003, p 28:
http://unesdoc.unesco.org/images/0012/001295/129556f.pdf.
Page consulted le: (11/01/2015).
42- Colin Chartres, Samyuktha Varma, How to Solve the
World’s Water Problems, communication presented au:
International Water Management Institute, September, 2010, p5:
http:// wpengine.netdna-cdn.com/wp-
content/uploads/Out_of_Water_Brief.pdf. Page consulted le:
(25/12/1011).
،‫ إدارة الندرة وتأمني املستقبل‬:‫ حوكمة املياه يف املنطقة العربية‬،‫ برنامج األمم املتحدة اإلمنائي‬-51
.130 ‫ ص‬،‫مرجع سبق ذكره‬
‫ البيئة من أجل التنمية ورفاهية‬:‫ توقعات البيئة للمنطقة العربية‬،‫ برنامج األمم املتحدة للبيئة‬-52
.64 ‫ ص‬،‫ مرجع سبق ذكره‬،‫اإلنسان‬
43- Raoudha Makkaoui, Jean-Luc Dubois, Nouvelles formes de
gouvernance dans le domaine de l’eau, Apports et limites de la
coopération décentralisée dans les pays en développement,
Coopération décentralisée et développement durable,
Développement durable et territoires fragile, Mai 2010, p8:
http://www.cirano.qc.ca/pdf/publication/2001RP-11.pdf. Page
consultée le: (11/01/2015).

1015 ‫ ديسمرب‬- ‫العدد الثالث‬ 151 ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬


‫دور وأهمية حوكمة املياه يف حتقيق التنمية احمللية املستدامة‬ ‫د‪.‬أمحد تي د‪.‬السعيد بوشول‬
‫‪44- Adil Najam, Mihaela Papa, Nadaa Taiyab, Global‬‬
‫‪Environnemental Gouvernance, op.cit, p12.‬‬
‫‪ -55‬إمساعيل سراج الدين‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ -56‬باتريك مورياتي‪ ،‬حازم فهمي‪ ،‬وآخرون‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪ -51‬شكراني احلسني‪ ،‬العدالة املائية من منظور القانون الدولي‪ ،‬جملة رؤى إسرتاتيجية‪،‬‬
‫العدد‪ ،30‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث اإلسرتاتيجية‪ ،‬سبتمرب ‪ ،2310‬ص ‪.15‬‬
‫‪ -59‬برنامج األمم املتحدة اإلمنائي‪ ،‬حوكمة املياه يف املنطقة العربية‪ :‬إدارة الندرة وتأمني املستقبل‪،‬‬
‫مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪ -53‬شكراني احلسني‪ ،‬العدالة املائية من منظور القانون الدولي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.16‬‬

‫‪ -63‬برنامج األمم املتحدة اإلمنائي‪ ،‬حوكمة املياه يف املنطقة العربية‪ :‬إدارة الندرة وتأمني املستقبل‪،‬‬
‫مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪ -61‬املياه والتنمية‪ ،‬سلسلة تقارير البنك الدولي‪ ،2313 ،‬ص‪ ،11‬نقال عن املوقع االلكرتوني‪:‬‬
‫تاريخ اإلطالع‪:)2315/33/19( :‬‬
‫‪http:// www.worldbank.org.‬‬
‫‪ -62‬دليل كفاءة املياه‪ ،‬املنتدى العربي للبيئة والتنمية‪ ،2312 ،‬ص‪ ،11‬نقال عن املوقع‬
‫االلكرتوني‪ :‬تاريخ اإلطالع‪:)2315/33/19( :‬‬
‫‪http://www.afedonline.org/pdf/WEHar.pdf.‬‬

‫‪1015‬‬ ‫العدد الثالث ‪ -‬ديسمرب‬ ‫‪151‬‬ ‫جملة أحباث ودراسات التنمية‬

You might also like