الحماية الدولية للبيئة المائية

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 80

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة العربي بن مهيدي ‪ -‬أم البواقي –‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬

‫قسم‪ :‬حقوق‬

‫الحماية الدولية للبيئة المائية من التلوث‬

‫مذكرة مكملة لنيل شهادة ماستر في ميدان الحقوق والعلوم السياسية‬

‫تخصص‪ :‬قانون البيئة والتنمية المستدامة‬

‫األستاذ المشرف‪:‬‬ ‫إعداد الطالبين‪:‬‬

‫د‪ .‬لحسن بن مهني‬ ‫‪ ‬أمينة عقون‬


‫‪ ‬زكرياء مسوس‬

‫لجنة المناقشة‬

‫الصفة‬ ‫الرتبة‬ ‫اإلسم واللقب‬


‫رئيســــــا‬ ‫أستاذ محاضر –أ‪-‬‬ ‫نوار شهرزاد‬
‫عضوا مناقشا‬ ‫أستاذ محاضر –ب‪-‬‬ ‫بالل جرافي‬
‫مشرفا و مقررا‬ ‫أستاذ محاضر –أ‪-‬‬ ‫لحسن بن مهني‬
‫لسنة الجامعية‪:‬‬
‫‪ 2021/2020‬م‬
‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة العربي بن مهيدي ‪ -‬أم البواقي –‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬

‫قسم‪ :‬حقوق‬

‫الحماية الدولية للبيئة المائية من التلوث‬

‫مذكرة مكملة لنيل شهادة ماستر في ميدان الحقوق والعلوم السياسية‬

‫تخصص‪ :‬قانون البيئة والتنمية المستدامة‬

‫األستاذ المشرف‪:‬‬ ‫إعداد الطالبين‪:‬‬

‫د‪ .‬لحسن بن مهني‬ ‫‪ ‬أمينة عقون‬


‫‪ ‬زكرياء مسوس‬

‫لجنة المناقشة‬

‫الصفة‬ ‫الرتبة‬ ‫اإلسم واللقب‬


‫رئيســــــا‬ ‫أستاذ محاضر –أ‪-‬‬ ‫نوار شهرزاد‬
‫عضوا مناقشا‬ ‫أستاذ محاضر –ب‪-‬‬ ‫بالل جرافي‬
‫مشرفا و مقررا‬ ‫أستاذ محاضر –أ‪-‬‬ ‫لحسن بن مهني‬
‫لسنة الجامعية‪:‬‬
‫‪ 2021/2020‬م‬
‫ق ال تعالى‪ " :‬هل يستوي الذي يعلمون‬
‫والذين ال يعلمون" (الزمر اآلية ‪)9‬‬

‫ق ال صلى اهلل عليه و سلم ‪ " :‬من سلك طريق ا‬


‫يبتغي فيه علما سهل اهلل له طريق ا إلى الجنة "‬
‫شكر وعرف ان‬
‫الحمد هلل الذي وفقنا في إتمام هذا العمل المتواضع وأعاننا عليه‪ ،‬له‬
‫الشكر والحمد على فضله العظيم كما يليق بجالل وجهه وعظيم سلطانه‪.‬‬
‫أتقدم بالشكر الخالص لألستاذ المشرف"لحسن بن مهني"على قبوله‬

‫اإلشراف على هذه الدراسة‪ ،‬وعلى ما أواله من حسن المتابعة والتوجيه في‬

‫كل مرحلة من مراحل إنجازه‪.‬‬

‫كما أتقدم بالشكر إلى أساتذتي أعضاء لجنة المناقشة ولكل من كان لي‬
‫سندا وعونا وساهم من قريب أو من بعيد في إنجاز هذا العمل المتواضع‬
‫إهداء‬
‫أهدي ثمرة جهودي إلى من أمرني اهلل ببرهما والدي الكريمين‬

‫إلى إخوتي وعائلتي‬

‫إلى ابن أختي وبهجة ق لبي "أصيل "‬

‫إلى أساتذتي الكرام‬

‫إلى صديق ات دربي‬

‫إلى خالتي الغالية التي لم تف ارق ذكراها خيالي‬

‫"رحمها اهلل"‬

‫إلى أستاذي العزيز "لحسن بن مهني" له كل الشكر والتقدير‬

‫واالحترام‪.‬‬

‫الطالبة عقون أمينة‬


‫إهداء‬
‫أهدي ثمرة جهودي إلى من أمرني اهلل ببرها والدتي الكريمة "ختام "‬

‫إلى أساتذتي الكرام‬

‫إلى أستاذي المحترم "لحسن بن مهني" له كل الشكر والتقدير‪.‬‬

‫الطالب‪ :‬مسوس زكرياء‬


‫مقدمة‬
‫مقدمة‬

‫‪ /1‬تقديم‪:‬‬
‫يعتبر الماء على الدوام مطلبا أساسيا لوجود الجنس البشري وبقائه واستم ارره‪ ،‬ومصداقا لقوله‬
‫شي ء َحي‬ ‫اهما وجعل َنا ِم َن الم ِ‬
‫اء ُك َّل َ‬ ‫السماو ِ‬ ‫تعالى‪ ﴿:‬أ ََولَم َي َر الَِّذ َ‬
‫َ‬ ‫ض َكا َنتَا َرتقًا فَفَتَق َن ُ َ َ َ َ‬‫ات َواْلَر َ‬ ‫َن َّ َ َ‬ ‫ين َكفَُروا أ َّ‬
‫اء فَأَخ َر َج ِب ِه‬
‫ماء ِِ َم ً‬ ‫َنز َل ِم َن َّ‬
‫الس َ‬ ‫ض َوأ َ‬
‫ات َواْلَر َ‬ ‫السماو ِ‬
‫ق َّ َ َ‬ ‫أَفَ َل ُيؤ ِم ُنون ﴾ ‪ ،‬وقوله أيضا‪ ﴿:‬اللَّه الَِّذي َخلَ َ‬
‫‪1‬‬

‫ات ِرزقًا لَّ ُكم وس َّخر ل ُكم ال ُفل َك لِتَج ِر ِ‬ ‫ِم َن الثَّمر ِ‬
‫س َّخ َر لَ ُك ُم اْلَن َه َار ﴾‪ ، 2‬فإن الماء عنصر‬ ‫ي في ال َبح ِر ِبأَم ِرِه َو َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫أساسي وحيوي لحياة االنسان والحيوان و النبات ‪ ،‬وعامل البد من وجوده لتنمية أنشطة الفرد و استق ارره‬
‫االجتماعي‪ ،‬فأعرق الحضارات وجدت على ضفاف األنهار كالحضارة الفرعونية ‪ ،‬حضارة بالد ما بين النهرين‬
‫والحضارة الرومانية‪...‬‬
‫غير أنه ومنذ بداية الثورة الصناعية ودخول اإلنسان عصر التطور العلمي والتكنولوجي في مختلف‬
‫المجاالت‪ ،‬أصبحت ظاهرة التدهور التي تصيب مختلف العناصر البيئية من ماء وهواء وتنوع بيولوجي واضحة‬
‫بشكل بارز‪ ،‬و لقد اعتبر هذا التدهور البيئي ولمدة طويلة أث ار حتميا للتقدم الصناعي والتكنولوجي‪ ،‬و أصبح‬
‫االهتمام بالبيئة وحمايتها من خطر التلوث يشغل اهتمام المجتمع‪ ،‬ويأتي ذلك االهتمام متواكبا مع الظروف‬
‫المجتمعية الراهنة‪ ،‬فالعالم اليوم يواجه أربع مشاكل رئيسية وملحة‪ ،‬وهي‪ :‬االنفجار السكاني‪ ،‬نقص الموارد‪،‬‬
‫التلوث البيئي‪ ،‬رؤوس األموال ‪ ،‬ويعتبر التلوث البيئي على رأس تلك المشكالت حيث يؤثر سلبا على الموارد‬
‫وعلى حركة رؤوس االموال وعلى التنمية في جميع دول العالم ‪.‬‬
‫ومع هذه المعطيات ظهر ما يسمى بالقانون الدولي للبيئة من خالل منظومة من النصوص و‬
‫االتفاقيات التي صيغت وأبرمت ألجل مواجهة التلوث البيئي والحد من مسبباته وآثاره‪ ،‬حيث عملت هذه‬
‫المنظومة على صيانة البيئة وتحديد المسؤولية الدولية عن أضرار التلوث البيئي‪ ،‬وأسست لقاعدة كاملة من‬
‫التشريعات المنظمة لحماية البيئة من التلوث والحريصة على وضع نظرية قانونية لحماية كافة عناصرها سواء‬
‫على النطاق الوطني أو الدولي‪ ،‬وهو ما يعبر عنه في القوانين الوطنية والدولية بالحماية القانونية للبيئة من‬
‫التلوث بصفة عامة‪.‬‬
‫و يعد التلوث المشكلة البيئية التي برزت و بوضوح في عصر الصناعة‪ ،‬ونظ ار لخطورة هذه‬
‫المشكلة على اإلنسان وممتلكاته وعلى كثير من األنظمة البيئية السائدة‪ ،‬فقد حظيت باالهتمام الواسع من قبل‬
‫الدارسين وصناع القرار السياسي واالقتصادي‪ ،‬ويوصف التلوث بأنه "الوريث الذي حل محل األوبئة‬
‫والمجاعات"‪ ،‬حيث امتدت آثاره إلى كل مجاالت الحياة البشرية المادية والنفسية واالجتماعية والصحية‪ ،‬فأوجد‬
‫حالة "التمزق البيئي" التي جعلت اإلنسان قلقا مضطربا حول مصيره القريب والبعيد المدى‪.‬‬
‫ورغم كثرة التعريفات التي تناولت موضوع التلوث‪ ،‬إال أنها تتفق جميعا على أنه كل تغيير كمي أو‬
‫كيفي في مكونات البيئة الحية وغير الحية‪ ،‬ال تقدر األنظمة البيئية على استيعابه دون أن يختل توازنها‪ ،‬و‬

‫سورة األنبياء االية ‪30‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة ابراهيم االية ‪32‬‬ ‫‪2‬‬

‫أ‬
‫مقدمة‬

‫لعل أهم أنواع التلوث هو التلوث المائي الذي يعني إحداث إتالف أو فساد في نوعية المياه‪ ،‬مما يؤدي إلى‬
‫تدهور نظامها االيكولوجي بصورة أو بأخرى لدرجة تؤدي إلى خلق نتائج تعيق الوصول إلى المياه واستخدامها‪،‬‬
‫فهو يشمل كل تغير مباشر أو غير مباشر فيزيائي أو حراري أو بيولوجي‪ ،‬أو أي نشاط إشعاعي لخصائص‬
‫كل جزء من أجزاء البيئة البحرية‪ ،‬بطريقة ينتج عنها مخاطر فعالة تؤثر على الصحة واألمن و الرفاهية‪.‬‬
‫و تعد المحافظة على البيئة المائية و حمايتها من التلوث من أبرز القضايا التي يوليها العالم اليوم‬
‫اهتماما كبيرا‪ ،‬وقد تجلى هذا االهتمام في إصدار العديد من المواثيق الدولية والقوانين الوطنية التي تستهدف‬
‫حماية البيئة من التلوث والحد من استنزاف خيراتها الطبيعية ومواجهة انقراض الكائنات الحية‪ ،‬وقد اتسع‬
‫مجالها نظ ار لالنتشار السريع لهذه الظاهرة و اثارها السلبية على البيئة البحرية و بيئة المياه العذبة و حياة‬
‫االنسان وجميع الكائنات على حد سواء‪ ،‬هذا وان التدمير الحاصل اليوم للتنوع البيولوجي لكوكبنا يفوق كل ما‬
‫حدث من تدمير سابق ‪ ،‬فضال عن األضرار الجسيمة التي تلحق باإلنسان نتيجة لتلوث الماء والتي تصل‬
‫إلى حد اإلصابة بأمراض وأوبئة خطيرة لم تكن معروفة من قبل‪.‬‬
‫فللتلوث المائي أخطار جسيمة أھمها التأثير على نوعية المياه بشكل يجعل استخدامها للشرب أو في‬
‫مجال الزراعة او الصناعة محفوفاً بالمخاطر ‪ ،‬وما يتبع ذلك من انتشار لظاهرة االسماك الميته التي تقذفها‬
‫حركة األمواج على شواطئ البحار واالنهار ‪ ،‬وكذا استنزاف االوكسجين من المسطحات المائية وفقدانها‬
‫لعناصر الحياة‪ ،‬باإلضافة إلى فقدان الشواطئ ألهميتها االقتصادية والترفيهية نتيجة التلوث ‪ ،‬وعلى هذا األساس‬
‫وبناء على ما تقدم سنحاول من خالل هذه الدراسة التطرق إلى موضوع الحماية القانونية الدولية للبيئة المائية‬
‫من التلوث‪ ،‬محاولين قدر اإلمكان التفصيل في مضمون ومكونات هذا الموضوع وتفاصيله بغية الوصول إلى‬
‫وصف شامل لهذه المشكلة والحلول القانونية لها إن وجدت‪.‬‬

‫‪ /2‬أهمية الدراسة ‪:‬‬

‫ألهمية البيئة البحرية سارع المجتمع الدولي إلى إبرام العديد من االتفاقيات الدولية واإلقليمية‪،‬‬
‫وسعت الدول إلى إرساء المبادئ التي جاءت بها هذه االتفاقيات في التشريعات الداخلية تماشيا مع المصلحة‬
‫الدولية العامة التي تؤكد على ضرورة مواجهة التلوث المائي والحفاظ على الوسط البيئي‪ ،‬وللموضوع أهميتان‪،‬‬
‫أهمية نظرية و أخرى عملية‪:‬‬
‫فمن الناحية النظرية و بما أن موضوع حماية البيئة المائية يتعلق بحماية اإلنسان على كوكب األرض‬
‫وال يمكن لإلنسان النمو في بيئة متدهورة ‪ ،‬فإن البحوث و الدراسات بشأن البيئة البحرية تكتسي أهمية كبيرة‪،‬‬
‫وطالما أن خطر التلوث قائم فإن الحاجة تصبح ماسة الكتساب أفكار ومعلومات نظرية ‪ ،‬والوقوف على‬
‫الحقائق العلمية لغرض استخدامها من أجل الوقاية و الحد نوعا ما من التلوث المائي‪ ،‬فباكتساب هذه المعلومات‬

‫ب‬
‫مقدمة‬

‫النظرية يتم تطوير الوعي البيئي لدى المجتمع الدولي‪ ،‬ومن ثم يتمكن من حماية البحار والمحيطات من أجل‬
‫تحقيق التنمية المستدامة‪.‬‬
‫أما األهمية العملية فإنها تنبع من كون البحار تمثل الجزء األكبر من الكرة األرضية‪ ،‬والمخاطر التي‬
‫تهدد البيئة البحرية أصبحت مخاط ار تهدد كل الكرة األرضية ومعها حياة البشرية‪ ،‬فالوضع لم يعد شأنا داخليا‬
‫وانما أصبح شأنا عالميا مشتركا في ظل تزايد مصادر التلوث‪ ،‬كما أن تفعيل العالقات المشتركة بين الدول‬
‫في هذا المجال يعطي رغبة لدى شعوب العالم في الحفاظ على البيئة البحرية من التلوث‪.‬‬
‫‪ /3‬أسباب اختيار الموضوع‪:‬‬
‫إن اختيار موضوع الدراسة كان لمجموعة من األسباب منها ما هو ذاتي ومنها ما هو موضوعي‪،‬‬
‫ويمكن اختصار هذه األسباب في اآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬اْلسباب الذاتية‪:‬‬
‫ـ ـ طبيعة التخصص وهو قانون البيئة والتنمية المستدامة‪.‬‬
‫ـ ـ الميول الشخصية لمثل هذا النوع من الدراسات التي تقوم على وصف المشاكل البيئية الرئيسية‬
‫وآليات التعامل معها دوليا ووطنيا‪.‬‬
‫ـ ـ لسنا على غرار بقية شعوب العالم في مأمن من آثار التلوث البيئي المائي على جل الكائنات‪،‬‬
‫وبطبيعتنا البشرية المسؤولة فإن دراسة هذه الظواهر والمساهمة من موقعنا كطلبة مختصين في‬
‫مجال القانون في توضيح مضمونها ومسبباتها وسبل الحد من آثارها هو أقل ما يمكننا تقديمه لهذا‬
‫الغرض‪.‬‬
‫‪ ‬اْلسباب الموضوعية‪:‬‬
‫ـ ـ تفاقم ظاهرة التلوث المائي في العصر الحالي الذي واكبه التطور الصناعي و التقدم التكنولوجي‬
‫وما نتج عنه من مخاطر متنوعة و متعددة‪ ،‬بسبب سلوك اإلنسان الخاطئ نتيجة لنشاطاته العشوائية‬
‫التي يمارسها في حياته اليومية‪.‬‬
‫ـ ـ ـ رغم أهمية الموضوع و انعكاس أثار التلوث المائي سلبا على حياة البشرية‪ ،‬إال أنه لم يحظى‬
‫بالدراسة القانونية الكافية‪ ،‬فهو موضع يحتاج إلى إجراء المزيد من الدراسات المعمقة و المستمرة من أجل‬
‫تبيان مخاطره على المستويات العالمية و اإلقليمية والوطنية‪ ،‬باإلضافة إلى تنبيه المجتمع الدولي بخطورة‬
‫الوضع و أهمية التصدي له وكذا نشر الوعي البيئي لدى الشعوب‪.‬‬
‫‪ /3‬أهداف الدراسة‪:‬‬
‫استعراض مفهوم كل من البيئة المائية و التلوث المائي‪ ،‬مضمونهما ومسببات التلوث‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬أنواع التلوث المائي و آثاره على الكائنات الحية‪.‬‬
‫‪ ‬األسس القانونية الدولية لحماية البيئة المائية من التلوث‪.‬‬
‫آليات وضع النصوص القانونية موضع التطبيق العملي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ج‬
‫مقدمة‬

‫‪ /4‬صعوبات البحث‪:‬‬
‫ال يخلو البحث العلمي من الصعوبات‪ ،‬ومع ذلك فإن هذه الصعوبات لن تزيد الباحث إال إص ار ار وعزما‬
‫على المضي قدما في عناصر هذا الموضوع‪ ،‬ويمكن اختصار هذه الصعوبات في اآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬اتساع الموضوع وتشعبه بشكل يحول دون إمكانية التحكم فيه بشكل دقيق وواضح‪.‬‬
‫‪ ‬تنوع المراجع العامة في مختلف التخصصات وقلتها في المجال القانوني خصوصا المراجع العلمية‬
‫القانونية الحديثة التي تساير مصادر التلوث الحديثة للبيئة المائية وكذا مراجع متخصصة في مجال‬
‫البيئة البحرية و بيئة المياه العذبة‪.‬‬

‫‪ /5‬إشكالية البحث‪:‬‬
‫إن دراسة موضوع الحماية الدولية للبيئة المائية من التلوث تقتضي من الباحث الوقوف أوال على مضمون‬
‫هذه المشكلة ومسبباتها‪ ،‬باإلضافة إلى مظاهرها وآثارها على جميع األصعدة‪ ،‬وعلى هذا األساس يجدر‬
‫بنا االنطالق من إشكالية رئيسية مفادها‪:‬‬
‫كيف تعامل المجتمع الدولي مع مشكلة تلوث البيئة المائية‪ ،‬وماهي سبل تعامله مع مسبباتها وآثارها؟‬
‫وتتفرع عن هذه اإلشكالية جملة من التساؤالت الفرعية‪:‬‬
‫‪ ‬مالمقصود بالبيئة المائية؟‬
‫‪ ‬ما المقصود بالتلوث المائي وماهي مسبباته؟‬
‫‪ ‬كيف يؤثر التلوث المائي على جودة الحياة؟‬
‫‪ ‬ما طبيعة النصوص المكرسة لحماية البيئة المائية من التلوث؟‬
‫‪ ‬ماهي اآلليات التي وضعت ألجل تفعيل الحماية القانونية للبيئة المائية من التلوث؟‬
‫‪ /6‬مناهج الدراسة‪:‬‬
‫إن اإلجابة على اإلشكالية السابقة تقتضي منا االعتماد على المنهجين الوصفي والتحليلي‪ ،‬األول في‬
‫استعراض المفاهيم الالزمة لفهم هذه الظاهرة ومسبباتها وهو ما يظهر بشكل واضح في الفصل األول من‬
‫الدراسة‪ ،‬والثاني في الجزء الثاني من الدراسة والذي يتضمن النصوص القانونية المنظم لهذا الموضوع سواء‬
‫كانت مواثيق أو إعالنات أو اتفاقيات عامة أو خاصة وما تضمنته من أحكام ومضامين‪ ،‬وتجدر اإلشارة أيضا‬
‫إلى االعتماد على بعض األدوات في أجزاء فرعية متفرقة كأداة اإلحصاء مثال من خالل مجموعة التقارير‬
‫والدراسات اإلحصائية التي تتضمن باألرقام تفاقم هذه الظاهرة وتوقعات تطورها في المستقبل بناء على األوضاع‬
‫الحالية في التعامل معها‪.‬‬

‫د‬
‫مقدمة‬

‫‪ /7‬الدراسات السابقة‪:‬‬
‫لم تكن هذه الدراسة هي الوحيدة بل سبقتها العديد من الدراسات المشابهة لعنوان أطروحتنا و التي تناولت‬
‫موضوع التلوث البيئي بصفة عامة و لم يتم التطرق لدراسة تلوث البيئة المائية بالتحديد ‪ ،‬و كانت بين أيدينا‬
‫دراستين ترتبط بالموضوع هي ‪:‬‬
‫‪ .1‬أقوجيل ليدية ـــ عبد المؤمن حياة ‪ ،‬حماية البيئة البحرية من مختلف مصادر التلوث ‪ ،‬مذكرة لنيل‬
‫شهادة الماستر فرع قانون عام تخصص قانون البيئة ‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو ‪2015 ،‬‬
‫‪ :‬تطرقت في موضوعها إلى مصادر تلوث البيئة البحرية باإلضافة إلى اآلليات المحلية و الدولية‬
‫لحمايتها في ظل القوانين و الجهود و االتفاقيات الدولية ‪ ،‬ولم تتعرض بشكل أساسي إلى مشكلة تلوث‬
‫البيئة المائية وآثارها وأسبابها وطرق معالجته وهذا ما نحن بصدد دراسته‪.‬‬
‫‪ .2‬مكيكة مريم ‪ ،‬الثروة المائية العذبة و أثرها على النزاعات المسلحة ‪ ،‬اطروحة مقدمة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه في العلوم القانونية ‪ ،‬تخصص قانون البيئة ‪ ،‬جامعة الجيللي لياس ‪ ،‬سيدي بلعباس ‪،‬‬
‫‪ : 2019‬حيث تعرضت إلى دراسة بيئة المياه العذبة ومشكلة تلوثها أثناء النزاعات المسلحة‪ ،‬ولم‬
‫تتعرض في بحثها إلى مشكلة تلوثها في فترة السلم ‪ ،‬وكذلك اآلليات القانونية والمؤسساتية لحماية بيئة‬
‫المياه العذبة أثناء فترة السلم وهذا ما ركزنا عليه لضمان التكامل بين الدراسات‪.‬‬
‫فمجمل الدراسات السابقة تتحدث إما عن بيئة المياه العذبة أو البيئة البحرية كل على حدا ‪ ،‬و نحن‬
‫هنا بصدد دراسة البيئة المائية بصفة عامة‬
‫‪ /8‬خطة البحث‪:‬‬
‫تقتضي دراسة هذا الموضوع تقسيمه إلى فصلين رئيسيين على النحو التالي‪:‬‬

‫الفصل اْلول‪ :‬يتضمن مفهوم التلوث المائي و آثاره في مبحثين‪ :‬يتناول األول ماهية البيئة المائية و‬
‫التلوث المائي‪ .‬أما المبحث الثاني فيتضمن دراسة مصادر تلوث البيئة المائية و اثارها على الكائنات الحية‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬خصص لدراسة األسس واآلليات الدولية لحماية البيئة المائية من التلوث‪ ،‬وقسم بدوره إلى‬
‫مبحثين‪ :‬األول خاص بحماية البيئة المائية في النصوص القانونية والثاني تضمن آليات الرقابة على التزام‬
‫الدول بحماية البيئة‪.‬‬

‫ه‬
‫الفصل األول‬
‫مفهوم التلوث المائي‬
‫مصادره وآثاره‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫بعد مرحلة طويلة قضاها اإلنسان في تدمير بيئته سعيا نحو إشباع رغباته‪ ،‬أيقن متأخ ار‬
‫بأن استغالله الالعقالني والراشد للموارد الطبيعية على هذا الكوكب قد حوله من مستفيد من هذه‬
‫الموارد إلى متضرر من مخلفاتها عليه‪ ،‬وأن نشاطاته اإلنمائية التي لم يراع فيها االعتبارات البيئية‬
‫ر على توازن عناصر ومكونات النظام البيئي الذي يعيش فيه‪ ،‬وتنامي هذا الوعي‬
‫قد خلفت أض ار ا‬
‫في أعقاب التدهور الشديد الذي أصاب البيئة العالمية على األرض وفي الماء والهواء على مدى القرنين‬
‫الماضيين‪ ،‬لتسيطر مشكلة التلوث على اهتمام الدول وتقفز مواجهتها إلى هرم التحديات التي تي تقع على‬
‫عاتقها‪.‬‬

‫وألن الماء هو أساس الحياة على هذا الكوكب وهو الشريان الذي تتغذى منه كافة الكائنات التي تعيش‬
‫فيه‪ ،‬فإن تلوث البيئة المائية يؤثر على كافة مقومات الحياة من مناخ وغذاء وصحة‪ ،‬وعليه فإن دراسة موضوع‬
‫الحماية الدولية للبيئة المائية من التلوث لن يتم إال من خالل الوقوف على المفاهيم المكونة لهذا الموضوع بدءا‬
‫بالبيئة المائية ثم التلوث‪ ،‬ليمكن التطرق بعدها إلى مصادر هذا التلوث وآثاره وعليه يستم تقسيم هذا الفصل‬
‫إلى مبحثين على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -‬المبحث اْلول‪ :‬البيئة المائية والتلوث المائي‬


‫‪ -‬المبحث الثاني‪ :‬مصادر تلوث البيئة المائية وأثره على الكائنات الحية‬

‫‪7‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫المبحث اْلول‪ :‬البيئة المائية والتلوث المائي‬

‫الماء جزء من كل شيء حي في هذا الكون‪ ،‬فهو يشكل مابين ‪ 70‬إلى ‪ 80‬في المائة من جسم اإلنسان‬
‫وهي النسبة نفسها تقريبا من أوراق وجذور وثمار األشجار والنباتات‪ ،‬والنسبة أيضا التي تغطيها المياه من‬
‫سطح األرض‪ ،‬والنسبة التي تحتاجها كافة الكائنات للحياة‪ ،‬فلو أصاب المياه خطب ما أثر على وجودها أو‬
‫نقائها فال مجال للحديث عن أي مشكلة أخرى طالما أن أساس الحياة على هذا الكون قد تعرض للخطر‪ ،‬وعلى‬
‫هذا األساس فإن البيئة المائية وما قد يصيبها من تلوث هي أولوية بالنسبة للمجتمع الدولي ال تقبل التفاوض‬
‫وال المساومة‪ ،‬وما نشهده اليوم من اهتمام بالغ بحماية البيئة المائية من التلوث ليس إال نتيجة للشعور بخطر‬
‫حقيقي يهدد وجود اإلنسان الذي جعله تجاهله الدائم لموضوع التلوث البيئي ومخاطره ضحية اليوم آلثار هذا‬
‫الموضوع من تغيرات مناخية واحتباس حراري وارتفاع لدرجات الح اررة‪ ،....‬وهي كلها مشاكل كبرى كان لتلوث‬
‫البيئة المائية دور مباشر في حدوثها‪.‬‬

‫وألن الجانب المفاهيمي هو مفتاح الولوج إلى كافة المواضيع المعرفية‪ ،‬فقد كان لزاما قبل الخوض في‬
‫سبل حماية البيئة المائية من التلوث أن نقف على المفاهيم المتصلة بهما‪ ،‬ليتم تقسم هذا المبحث إلى مطلبين‬
‫على النحو التالي‪:‬‬

‫المطلب اْلول‪ :‬مفهوم البيئة المائية وعناصرها‬

‫البيئة هي الوسط الذي يمارس فيه ومن خالله الكائن الحي نشاطه‪ ،‬فيستمد منه مقومات حياته ويتفاعل‬
‫تأثي ار وتأث ار مع النظام البيئي الذي يتشاركه مع بقية الكائنات الحية كالحيوان والنبات والغير حية مثل الماء‬
‫والتربة‪ ،‬وتختلف هذه الكائنات في تكوينها والوسط الذي تعيش فيه فمنها ما يعيش في الماء ومنها ما يعيش‬
‫في اليابسة‪ ،‬ورغم اختالف الوسطين عن بعضهما إال أن كالهما ضروري لوجود اآلخر وتوازن الوسط البيئي‬
‫يقتضي المحافظة على جميع عناصره دون تفضيل أحدها عن اآلخر‪ ،‬وذلك من خالل ضبط وتنظيم نشاط‬
‫اإلنسان وحمله على احترام حق بقية الكائنات في الحياة تماما مثلما يحرص هو على استغالل هذا الوسط‬
‫إلشباع حاجاته‪.‬‬

‫الفرع اْلول‪ :‬مفهوم البيئة‬

‫يقتضي تعريف البيئة المائية أن نتعرض أوال لتعريف البيئة بصفة عامة باعتبار أن األولى هي جزء‬
‫من الثانية وعنصر من عناصرها‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫أوال‪ :‬تعريف البيئة‬

‫‪ .1‬البيئة في اللغة‬

‫تتفق معظم المعاجم اللغوية على أن كلمة "بيئة" مشتقة من الجذر "بوأ" ‪ ،‬والذي اشتق من الفعل "باء"‬
‫ولهذا الفعل في اللغة عدة معاني منها‪:‬‬

‫‪ ‬المنزل‪ :‬فيقال "أباءه منزال" أي هيأه له‪ ،‬وورد في معجم لسان العرب البن منظور "بوأتك بيتا" أي‬
‫ين تََب َّو ُءوا َّ‬
‫الد َار‬ ‫َِّ‬ ‫‪1‬‬
‫اتخذت لك بيتا و"تبوأ" أي أقام ونزل ‪ ،‬وقد ورد بهذا المعنى في قوله تعالى‪َ " :‬والذ َ‬
‫اإليمان ِمن قَإبلِ ِهم ي ِحبُّون من هاجر إِلَإي ِهم وَال ي ِج ُد ِ‬
‫ون َعلَ ٰى‬ ‫اجةً ِّم َّما أُوتُوا َوُي إؤثُِر َ‬ ‫ورِه إم َح َ‬
‫ص ُد ِ‬
‫ون في ُ‬ ‫إ َ َ َ‬ ‫إ ُ َ َ إ َ ََ‬ ‫َو إِ َ َ‬
‫ض‬‫اء ِمن َب إعِد َع ٍاد وَب َّوأَ ُك إم ِفي إاأل إَر ِ‬‫اصةٌ " ‪ ،‬وفي قوله‪َ " :‬وا إذ ُك ُروا إِ إذ َج َعلَ ُك إم ُخلَفَ َ‬
‫‪2‬‬
‫ص َ‬ ‫ان بِ ِه إم َخ َ‬
‫ِ‬
‫أَنفُس ِه إم َولَ إو َك َ‬
‫َ‬
‫‪3‬‬
‫ين"‪.‬‬ ‫آالء اللَّ ِه وَال تَعثَوا ِفي إاألَر ِ ِ ِ‬ ‫ون اإل ِج َب َ‬ ‫تَتَّ ِخ ُذون ِمن سهولِها قُص ا ِ‬
‫ض ُم إفسد َ‬ ‫إ‬ ‫َ إإ‬ ‫ال ُبُيوتًا ۖ فَا إذ ُك ُروا َ َ‬ ‫ور َوتَإنحتُ َ‬
‫ُُ َ ُ ً‬ ‫َ‬
‫الن ِار‬
‫اب َّ‬ ‫َص َح ِ‬ ‫يد أَن تَبوء بِِإثإ ِمي وِاثإ ِم َك فَتَ ُك ِ‬ ‫‪ ‬الرجوع‪ :‬وقد ورد بهذا المعنى في قوله تعالى‪ ":‬إِِّني أ ُِر ُ‬
‫ون م إن أ إ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ين"‪،4‬‬ ‫و َٰذلِ َك ج َز َّ ِ ِ‬
‫اء الظالم َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫وعلى ذلك فالبيئة في اللغة العربية هي المنزل أو المحيط الذي يعيش فيه الكائن الحي‪ ،‬ومحيطه أو منزله‬
‫‪5‬‬
‫يتكامالن‪ ،‬يؤثر كل منهما في األخر ويتأثر به‪.‬‬

‫أما تعريف البيئة باللغة الفرنسية (‪ )environnement‬فقد ورد في المعجم الشهير "‪ "La Rousse‬بأنها‪":‬‬
‫العناصر الطبيعية والصناعية التي تمارس فيها الحياة اإلنسانية‪ ،‬فالبيئة من هذا المنطلق هي المحيط الذي‬
‫‪6‬‬
‫يعيش فيه الكائن الحي‪ ،‬وهي مجموعة العناصر الطبيعية وكذلك العناصر الكيميائية‪.‬‬

‫‪1‬محمد مرسي‪ ،‬اإلسالم والبيئة‪ ،‬اكادمية نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض‪ ،‬السعودية‪ ،‬ط‪ ،1999 ،1‬ص‪18‬‬
‫‪2‬سورة الحشر االية ‪6‬‬
‫سورة األعراف االية ‪74‬‬ ‫‪3‬‬

‫سورة المائدة االية ‪29‬‬ ‫‪4‬‬

‫نصر اهلل سناء‪ ،‬الحماية القانونية للبيئة من التلوث في ضوء القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير‪ ،‬كلية‬ ‫‪5‬‬

‫الحقوق‪ ،‬جامعة باجي مختار‪ ،‬عنابة‪ ،‬ص‪9‬‬


‫‪ 6‬د‪.‬معمر رتيب عبد الحافظ‪ ،‬القانون الدولي للبيئة وظاهرة التلوث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،2007 ،‬ص‪14‬‬
‫‪- l’environnement : « ensemble des élements naturels artificiel qui entourent individu humain‬‬
‫‪animal ou végétal. Ou une éspéce » le petite la rousse illustré. Paris. 1990. P337‬‬

‫‪9‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .2‬البيئة في الفقه‪:‬‬

‫ال يختلف المفهوم االصطالحي للبيئة عن ذلك اللغوي إال في التفاصيل المتعلقة بمكونات البيئة وعناصرها‪،‬‬
‫حيث عرفها الفقيه (بولبيتس) مثال بأنها‪ ":‬الوسط المحيط باإلنسان والذي يشمل كافة الجوانب المادية وغير‬
‫المادية‪ ،‬البشرية منها وغير البشرية‪ ،‬فالبيئة تعني كل ما هو خارج كيان اإلنسان أو كل ما يحيط به من‬
‫موجودات كالهواء الذي يتنفسه اإلنسان والماء الذي يشربه واألرض التي يسير عليها"‪ ،1‬وعرفها مؤتمر‬
‫األمم المتحدة المبرم في ستوكهولم ‪ 1976‬بأنها‪ ":‬رصيد الموارد المادية واالجتماعية والمناخية في وقت‬
‫‪2‬‬
‫ومكان ما إلشباع حاجات اإلنسان"‪.‬‬

‫‪ .3‬البيئة في القانون‪:‬‬

‫بالرغم من كثرة النصوص القانونية والوطنية والتي تناولت موضوع البيئة من هذا الجانب‪ ،‬وبالرغم من‬
‫توالي المؤتمرات الدولية البيئية التي استقطبت معظم فقهاء القانون الدولي‪ ،‬إال انه ال يوجد تعريف موحد قانوني‬
‫للبيئة‪ ،3‬وبالعودة إلى التشريعات الدولية نجد أن بعض األنظمة القانونية يسلك فيها المشرع مسلكا ضيقا في‬
‫تحديد مفهوم البيئة بقصرها على العناصر الطبيعية المكونة للوسط الطبيعي التي ال دخل لإلنسان في وجودها‬
‫كالماء والهواء والتربة‪ ،4‬ومن التعريفات التشريعية للبيئة نذكر‪:‬‬

‫‪ ‬التعريف المصري‪:‬‬

‫تعتبر مصر رائدة في المجال القانوني البيئي وذلك بسبب تواجدها في موقع استراتيجي عالمي ما بين‬
‫قارتين‪ ،‬ونظ ار لكثرة فقهاء القانون في هاته الدولة‪ ،‬فقد حاولت إيجاد تعاريف قانونية شاملة في مجال‬
‫البيئة تبعا لما جاء به الفقه الدولي‪ ،‬فاعتبرتها في قانون البيئة رقم ‪ 04‬لسنة ‪" 1994‬المحيط الذي‬
‫يشمل الكائنات الحية وما يحتويه من مواد وما يحيط بها من هواء وتربة وما يشيده اإلنسان من‬
‫‪5‬‬
‫منشآت"‪.‬‬

‫‪1‬محمد خالد كمال رستم‪ ،‬التنظيم القانوني للبيئة في العالم‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،2006 ،‬ص‪2‬‬
‫مفتاح عبد الجليل‪ ،‬التعاون في مجال حماية البيئة‪ ،‬مجلة الفكر‪ ،‬العدد ‪ ،12‬بدون سنة نشر‪ ،‬ص‪256‬‬ ‫‪2‬‬

‫د‪ .‬عبد الفتاح مراد‪ ،‬شرح تشريعات البيئة في مصر وفي الدول العربية‪ ،‬محليا ودوليا‪ ،‬دار نشر الكتاب والوثائق المصرية‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫القاهرة‪ ،‬مصر ‪ ،1996‬ص‪726‬‬


‫نصر اهلل سناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪12‬‬ ‫‪4‬‬

‫تم تعديل هذا القانون بموجب القانون رقم ‪ 09‬لسنة ‪ ،2009‬اين ابقى المشرع المصري على نفس التعاريف‪ ،‬التي جاءت في‬ ‫‪5‬‬

‫القوانين السابقة‬

‫‪10‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ ‬التعريف الفرنسي‪:‬‬

‫وفقا للقانون الصادر عام ‪ 1970‬وطبقا ألحكامه فان البيئة وفقا للمشرع الفرنسي تشمل ثالث عناصر‬
‫وهي‪:‬‬

‫‪ -‬الطبيعة ‪( La nature‬مجاالت حيوانية‪ ،‬نباتية‪ ،‬توازن بيئي)‬


‫‪ -‬الموارد الطبيعية ‪( les sources naturelles‬ماء‪ ،‬هواء‪ ،‬ارض‪ ،‬مناجم)‬
‫‪ -‬األماكن والمواقع الطبيعية السياحية ‪les site et Les paysages‬‬

‫والجدير بالذكر أن المشرع الفرنسي في تشريعاته تبنى المفهوم الضيق تارة والمفهوم الموسع تارة أخرى‪ ،‬وقد‬
‫‪1‬‬
‫أضفى بذلك على مصطلح البيئة غموضا وتعقيدا أكثر من الناحية القانونية‪.‬‬

‫‪ ‬التعريف الجزائري‪:‬‬

‫تتكون البيئة و فقا لمنظور المشرع الجزائري من الموارد الطبيعية الالحيوية والحيوية كالهواء والجو‬
‫والماء واألرض وباطن األرض والنباتات والحيوان بما في ذلك التراث الوراثي وأشكال التفاعل في هذه الموارد‬
‫‪2‬‬
‫وكذلك األماكن والمناظر والمعالم الطبيعية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعريف وأهمية البيئة المائية ‪aquatique écologie‬‬

‫‪ .1‬تعريف البيئة المائية‬

‫تعرف البيئة المائية بأنها‪ ":‬معرفة العالقات الموجودة بين األحياء المائية مع بعضهما البعض من جهة‬
‫ومكونات المحيط المائي األحيائية المختلفة من جهة أخرى"‪ ،‬وتعرف أيضا على أنها "كل مساحات المياه التي‬
‫‪3‬‬
‫تمثل كتلة متصلة ببعضها البعض متالحمة األجزاء سواء كان اتصالها طبيعيا أو صناعيا"‪.‬‬

‫وهي تتكون بصفة عامة من بيئتين بارزتين هما بيئة المياه العذبة ‪ Rash water habitat‬أي الصالحة‬
‫للشرب والتي تتشكل من المياه السطحية المتواجدة باألنهار والبحيرات وتمثل نسبة ‪ %20‬فقط من سطح‬
‫األرض‪ ،‬وبيئة المياه المالحة ‪ Marine habitat‬التي تمثل ما يقارب ‪ %97.5‬من مجموع مياه الكتلة‬
‫‪4‬‬
‫األرضية‪.‬‬

‫د‪ .‬عادل ماهر االلفي‪ ،‬الحماية الجنائية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2009 ،‬ص ‪117-116‬‬ ‫‪1‬‬

‫القانون رقم ‪ 10/03‬المتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية المستدامة‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ ،‬المادة ‪ ،04‬ص‪10‬‬ ‫‪2‬‬

‫كاظم المقداري وعلي عبد اهلل الهواش‪ ،‬حماية البيئة البحرية‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز الكتاب االكاديمي‪ ،‬عمان األردن‪ 2015 ،‬ص ‪51‬‬ ‫‪3‬‬

‫المرجع السابق والصفحة‬ ‫‪4‬‬

‫‪11‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫وألهمية المياه بالنسبة للحياة البشرية وغير البشرية فقد أحاطها باالهتمام والعناية البالغة تعريفا وتنظيما‬
‫لتمكين اإلنسان من استغاللها بشكل يكفي احتياجاته ويضمن عدم التعدي على احتياجات غيره من الكائنات‬
‫القانون‪ ،‬ومن القوانين التي فصلت بشكل كبير في هذا الموضوع نجد قانون صحة البيئة السوداني لسنة ‪1975‬‬
‫كبير من مصادر مياه الشرب‪ ،‬وركز القانون على هذا النوع من المياه ألنه تناول موضوع‬
‫الذي استعرض عددا ا‬
‫‪1‬‬
‫المياه من زاوية صحية بحتة‪.‬‬

‫ويالحظ أن المشرع قد قسم مصادر المياه إلى عامة وخاصة‪ ،‬وهذا التقسيم ربما جاء ليتواءم مع أهداف‬
‫ومرامي القانون المذكور وهي ‪ :‬مورد المياه‪ ،‬ترع الري‪ ،‬ترع الري بواسطة المجاري المعالجة‪ ،‬وترع الري‬
‫المختلطة‪ ،2‬وباستعراض موارد المياه التي عددها القانون نالحظ أن هذه الموارد (المصادر) التي تعتبر فرعية‪،‬‬
‫حيث تناول موردين فقط من موارد المياه هما‪:‬‬

‫‪ -‬األنهار‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المياه الجوفية‪.‬‬
‫‪ .2‬أهمية البيئة المائية‬

‫لقد درس اإلنسان ومنذ وقت طويل البيئة السياسية قبل تناوله البيئة المائية‪ ،‬وذلك لتوفر اإلمكانات المتاحة‬
‫وسهولة الوصول إلى أي مكان في اليابسة‪ ،‬لكن تعلق اإلنسان وتعطشه الكثير لإللمام بخبايا البحار والمحيطات‬
‫وثرواتها التي ظلت تتحدى المعرفة اإلنسانية على مدى التاريخ سواء خوفا منها أو قصو ار في الوسائل الكفيلة‬
‫‪4‬‬
‫للوصول إليها‪ ،‬ضاعف رغبته في معرفة المزيد من بيئته المائية‪.‬‬

‫وتعتبر المياه مصد ار هاما لغذاء اإلنسان وحياته‪ ،‬ومن مظاهر أهمية الماء نذكر‪:‬‬

‫‪ -‬ضروري للحياة لكل الكائنات الحية‪.‬‬


‫‪ -‬يدخل في كل أعمال النظافة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬يدخل في الزراعة‪.‬‬
‫‪ -‬يعتبر موطنا لكثير من األحياء البحرية التي يتغذى عليها اإلنسان مثل الثروة السمكية‪.‬‬
‫‪ -‬للماء دور أساسي في عمليات الصناعة‪.‬‬

‫‪1‬د‪.‬احمد ال شيخ‪ ،‬القوانين واالتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الموارد المائية والتلوث البيئي‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬ص‪32‬‬
‫المرجع نفسه ص‪33-32‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬المرجع نفسه ص ‪33‬‬


‫‪ 4‬ا‪.‬د‪ .‬حسين علي السعدي‪ ،‬البيئة المائية دار اليازوزي العلمية للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،2009 ،‬ص‪11‬‬

‫‪12‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬الماء ضروري جدا في عمليات استغالل واستخراج البترول وتكريره‪.‬‬

‫و تحتوي المحيطات على حوالي ‪ 150‬ألف نوعا من األحياء المائية‪ ،‬يستخدم منها أكثر من ألفي‬
‫‪ 2000‬نوع كغذاء لإلنسان كاألسماك التي تمثل حوالي ‪ %90‬من هذه األنواع‪ ،‬والحيتان بحوالي ‪ %01‬كما‬
‫تضم أيضا النواعم والقشريات بنسبة ‪ 7‬إلى ‪ ،%8‬وتمثل األعشاب البحرية نسبة ضئيلة في غذاء اإلنسان اقل‬
‫‪2‬‬
‫من ‪ ، %1‬في حين تمثل النباتات البرية ‪ %80‬في بعض أنحاء العالم‪.‬‬

‫كما تحتوي مياه البحار على العديد من العناصر المعدنية‪ ،‬فهي تحتوي على أكثر من خمسين عنص ار‬
‫مثل الصوديوم والمغنيزيوم والبروم والكلور‪ ....‬وغيرها‪ ،‬كما أن هناك محاوالت قائمة الستخراج المعادن الثقيلة‬
‫كالتيتانيوم والنحاس والذهب وغيرها‪ ،‬وهناك بعض االختبارات في تعدين المنغنيز في المحيط األطلسي والهادي‬
‫وكذلك الحال بالنسبة للنحاس والنيكل‪ ،‬و يمتاز قاع البحر أيضا بغناه بالترسبات الملحية فضال عن النفط‬
‫‪3‬‬
‫الخام‪ ،‬وتسعى بعض الدول كاليابان إلى إجراء تجارب الستعمال التيارات البحرية في توليد الطاقة الكهربائية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬عناصر البيئة المائية‬

‫تعد البيئة المائية من أهم األوساط التي توجد في األرض و أكثرها تنوعا ‪ ،‬وهناك تعيش المجموعات‬
‫الحيوية التي تعتمد في العيش على بعضها البعض وعلى ما تحتويه بيئتها من غذاء‪ ،‬وعند الحديث عن المياه‬
‫فإننا نميز بين العذبة منها والمالحة إذ يتكونا النظام البيئي المائي من بيئتين رئيسيتين هما‪ :‬البيئة البحرية‬
‫وبيئة المياه العذبة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬البيئة البحرية‬

‫تعتبر البيئة البحرية من االهتمامات الحديثة على الصعيد الدولي واإلقليمي‪ ،‬و تشمل كل ما يحيط باإلنسان‬
‫من مياه فهو يؤثر فيها ويتأثر بها‪ ،‬وتعتبر البيئة البحرية المحيط المائي الذي يمثل جزءا من المحيط البيئي‪.‬‬

‫د‪ .‬احمد الشيخ ‪ ،‬القوانين واالتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الموارد المائية والتلوث البيئي‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬ص‪30‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬د‪ .‬حسين علي السعدي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬صفحة ‪12‬‬


‫‪3‬المرجع نفسه ص‪15‬‬

‫‪13‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .1‬التعريف اللغوي واالصطلحي للبيئة البحرية‪:‬‬

‫إن مصطلح البيئة البحرية ليس بجديد على اللغة العربية‪ ،‬فالبيئة البحرية لغة ‪ :‬هي المنازل إلى الماء‪،1‬‬
‫والبحر لغة‪ :‬هو الماء الكثير مالحا كان أو عذبا‪ ،‬وهو خالف البر‪ ،‬و يسمى البحر بح ار لسعته وانبساطه وقد‬
‫‪2‬‬
‫غلب استعماله في الماء المالح‪.‬‬

‫وقد ورد ما يؤكد في القران الكريم أن لفظ البحر يطلق على الماء المالح والعذب لقوله تعالى‪َ " :‬و َما‬
‫ون ِحإل َيةً‬ ‫اج ۖ َو ِمن ُك ٍّل تَإأ ُكلُ َ‬
‫ون لَ إح ًما طَ ِريًّا َوتَ إستَ إخ ِرُج َ‬ ‫ُج ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ب فُر ٌ ِ‬
‫ات َسائغٌ َش َرُابهُ َو َٰه َذا مإل ٌح أ َ‬ ‫َي إستَِوي اإل َب إحر ِ ٰ‬
‫ان َه َذا َع إذ ٌ َ‬ ‫َ‬
‫ون" ‪ ،‬وهو نفس المعنى الذي أورده (المعجم‬ ‫‪3‬‬ ‫اخر لِتَإبتَ ُغوا ِمن فَ إ ِ ِ َّ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ضله َولَ َعل ُك إم تَ إش ُك ُر َ‬ ‫ونهَا ۖ َوتََرى اإل ُفإل َك فيه َم َو َ‬‫تَإل َب ُس َ‬
‫الوسيط) حيث اعتبر في لفظ البحر الداللة على" الماء الواسع الكثير ويغلب فيه الملح"‪ ،‬أما معجم (لسان‬
‫‪4‬‬
‫العرب) فقد اعتبر البحر هو "الماء الكثير أجاجا كان أم فراقا"‬

‫وعلى ذلك فان البيئة البحرية في االصطالح تعتبر ملوحة البحر هي المميز الرئيسي للبحر مع أن كل‬
‫‪5‬‬
‫المياه الصالحة تعتبر بح ار جغرافيا‪.‬‬

‫‪ .2‬التعريف القانوني للبيئة البحرية‪:‬‬

‫يعتبر مصطلح البيئة البحرية من المصطلحات الحديثة نسبيا في فقه القانون الدولي‪ ،‬فقد درج هذا األخير‬
‫على استعمال مصطلح (البحر) للداللة على تلك المساحات من الكرة األرضية المعمورة بالماء المالح‪ ،‬المتصلة‬
‫فيما بينها دون عوائق‪ ،‬وعرف البحر بأنه‪" :‬مسطحات المياه المالحة التي تجمعها وحدة واحدة متكاملة في الكرة‬
‫‪6‬‬
‫األرضية جمعاء"‪.‬‬

‫د‪ .‬محمد السعيد عبد اهلل الحميدي‪ ،‬المسؤولية المدنية الناشئة عن تلوث البيئة البحرية والطرق القانونية لحمايتها وفقا لقانون‬ ‫‪1‬‬

‫دولة االمارات العربية المتحدة (دراسة مقارنة مع القانون المصري وبعض القوانين العربية)‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬اال ازريطة‪ ،2008 ،‬ص‪75‬‬
‫د‪ .‬عمر سعد اهلل‪ ،‬المطول في القانون الدولي للحدود (عالمية القانون الدولي للحدود)‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ديوان المطبوعات‬ ‫‪2‬‬

‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ص‪2003‬‬


‫‪3‬سورة فاطر االية ‪12‬‬
‫‪ 4‬عبد اهلل عبد الجليل عبد الوارث‪ ،‬حماية البيئة البحرية من التلوث في التشريعات الدولية والداخلية‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،2006 ،‬ص‪23-22‬‬
‫د‪ .‬محمد سعيد عبد الحميدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪75‬‬ ‫‪5‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪76‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪14‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫وقد ظل المفهوم التقليدي للبحار سائدا حتى أعمال الدورة السابعة لمؤتمر األمم المتحدة الثالث لقانون‬
‫البحار‪ ،1‬والذي تمخضت عنه اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار عام ‪ 1982‬التي صاغت هذا المفهوم‬
‫الحديث للبيئة البحرية ليصبح عالمة بارزة في الفكر القانوني الدولي‪ ،2‬ونظرت هذه االتفاقية إلى البيئة البحرية‬
‫على أنها‪ ":‬نظام بيئي أو مجموعة من األنظمة البيئية في المفهوم العلمي المعاصر للنظام البيئي‪ ،‬ينصرف‬
‫إلى دراسة وحدة معينة في الزمان والمكان بكل ما تنطوي عليه من كائنات حية في ظل الظروف المادية‬
‫‪3‬‬
‫والمناخية‪ ،‬وكذلك العالقات بين تلك الكائنات ببعضها البعض وعالقاتها بالظروف المادية المحيطة بها"‪.‬‬

‫ورغم الوضوح الذي اتسم به هذا المفهوم البيئي الذي عبرت عنه اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار‪ ،‬إال‬
‫أن بعض القصور قد شاب هذا التعريف‪ 4،‬حيث أدى اتساعه إلى الخلط بين مفهومي البيئة البحرة والبيئة‬
‫المائية بشكل عام‪ ،‬ولذلك فقد عرفت البيئة البحرية في مبادئ مونتلاير التوجيهية لحماية البيئة من التلوث من‬
‫مصادر البر بأنها‪" :‬المنطقة البحرية التي تمتد في حالة مجاري المياه إلى حدود المياه العذبة‪ ،‬بما في ذلك‬
‫‪5‬‬
‫مناطق تداخل أمواج المد والمياه المالحة"‪.‬‬

‫‪3‬ـ أهمية البيئة البحرية‪:‬‬

‫ين َكفَُروا أ َّ‬


‫َن‬ ‫َِّ‬
‫لم يعبر في أي نص عن أهمية الماء بالوصف الذي ورد في قوله تعالى‪ " :‬أ َولَ إم َي َر الذ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬
‫ون"‪ ، 6‬حيث اقترنت حياة‬ ‫اه َما ۖ َو َج َعإل َنا م َن اإل َماء ُك َّل َش إيء َح ٍّي ۖ أَفَ َال ُي إؤ ِمُن َ‬
‫ض َك َانتَا َرتإقًا فَفَتَ إق َن ُ‬
‫َّم َاوات َو إاأل إَر َ‬
‫َ‬
‫كل شيء بوجود الماء‪ ،‬و تتأثر هذه الحياة بوضعية المياه من ناحية الكم والنوع ‪ ،‬وألن البيئة البحرية قد طالتها‬
‫مشاكل التلوث التي أثرت سلبا على حياة الكثير من المخلوقات البحرة والبرية على حد سواء‪ ،‬فقد قفزت إلى‬
‫هرم اهتمامات المجتمع الدولي الذي أوالها عناية كبرى بسبب هذه األهمية‪ ،‬وشهدت مؤخ ار اهتماما كبي ار ونشاط‬
‫واسعا بموضوعات تلك البيئة سواء من الحكومات والجهات العلمية‪.‬‬

‫وتظهر أهمية البيئة البحرية من الناحية الحيوية واالقتصادية واإلستراتيجية على النحو التالي‪:‬‬

‫محمد سعادي‪ ،‬سيادة الدولة على البحر في القانون الدولي العام‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬مصر‪ ،2010 ،‬ب‪.‬ط‪ ،‬ص‪14‬‬ ‫‪1‬‬

‫د‪ .‬محمد سعيد عبد الحميدي‪ .‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪76‬‬ ‫‪2‬‬

‫بيطار وليد‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات‪ ،‬بيروت‪ ،2008 ،‬ص‪933‬‬ ‫‪3‬‬

‫د‪ .‬محمد سعيد عبد اهلل الحميدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬نفس الصفحة ‪76‬‬ ‫‪4‬‬

‫د‪ .‬سميحة حامد الجمال‪ ،‬الحماية القانونية للبيئة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2007 ،‬ص‪228‬‬ ‫‪5‬‬

‫سورة األنبياء‪ ،‬اآلية ‪.30‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪15‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ ‬اْلهمية الحيوية‬

‫تلعب البيئة البحرية دو ار هاما في النظام البيئي من الناحية الحيوية‪ ،‬فهي تمتاز باتصال أجزائها اتصاال‬
‫ح ار طبيعيا يتبع التفاعل والتأثير بين أرجائها‪ ،1‬وتظهر أهمية البيئة البحرية من خالل تحقيق التوازن المناخي‬
‫حيث تتسم البحار والمحيطات بارتفاع درجة ح اررتها النوعية‪ ،‬مما يتيح لها امتصاص كميات كبيرة من الح اررة‬
‫التي تصل إليها من الطاقة الشمسية‪ ،‬وهذا التعرض لألشعة الشمسية ودرجات الح اررة المرتفعة يؤدي إلى تبخر‬
‫مياه البحار وارتفاع ذراتها إلى األعلى بفعل الرياح الصاعدة‪ ،‬حيث تتجمع على هيئة سحب تندفع إلى اليابسة‬
‫‪2‬‬
‫تحت تأثير الرياح والعوامل الجوية األخرى مكونة المطار مصدر الماء العذب‪.‬‬

‫كما أن للبحار والمحيطات القدرة على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫عملية التمثيل الكلورفيلي التي تقوم بها النباتات البحرية فتحول ذرات الكربون إلى أكسجين‪ ،‬وينطلق غاز‬
‫‪3‬‬
‫األكسجين ليذوب في الماء ويتيح إمكانية التنفس للكائنات الحية في البيئة البحرية‪.‬‬

‫‪ ‬اْلهمية اإلستراتيجية‪:‬‬

‫تعتبر البحار الطريق األول للمواصالت الدولية‪ ،‬وكانت وال تزال أهم وسائل االتصال بين الشعوب‪،‬‬
‫حيث كانت إلى وقت قريب الوسيلة الوحيدة لالتصال بالنسبة للكثير من بلدان العالم‪ ،4‬وباإلضافة إلى اعتبار‬
‫البحار وسيلة اتصاالت‪ ،‬فهي أيضا وسيلة لنقل البضائع وتبادل السلع‪ ،‬حيث يعتبر النقل البحري من أفضل‬
‫وسائل النقل وأكثرها أمانا‪ ،‬حيث مثلت المواصالت البحرية العالمية سنة ‪ 1990‬ما يقارب ‪ 4.2‬مليار طن وهذا‬
‫ما جعل النظرة للبحر تتغير عما كانت عليه من قبل وذلك عن طريق تفعيل قواعد قانونية تحميه وتساعد على‬
‫‪5‬‬
‫الحفاظ عليه‪.‬‬

‫‪ ‬اْلهمية االقتصادية للبيئة البحرية‪:‬‬

‫بقي اإلنسان لفترة طويلة يعتبر البحر فقط مصد ار للغذاء وسبيال للمواصالت‪ ،‬إلى أن أتاح له العلم اكتشاف‬
‫كنوزه وثرواته وأتاح له إمكانية استغاللها واالنتفاع منها اقتصاديا‪ ،‬ومنذ ذلك الحين ظهرت األهمية االقتصادية‬
‫للبيئة البحرية المتمثلة في‪:‬‬

‫د‪ .‬عبد الجليل عبد الوارث‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪23‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبده عبد الجليل عبد الوارث‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪23‬‬ ‫‪2‬‬

‫د‪ .‬محمد سعيد عبد اهلل الحميدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪75‬‬ ‫‪3‬‬

‫د‪ .‬محمد سعيد عبد اهلل الحميدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪75‬‬ ‫‪4‬‬

‫علي صادق او هيف‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬منشاة المعارف‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬ص‪325‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪16‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ /1‬البيئة البحرية كمصدر الغذاء‪:‬‬

‫في البحار والمحيطات كميات هائلة من أنواع مختلفة من األحياء البحرية وذات قيمة غذائية عالية‬
‫(األسماك)‪ ،‬وفي ظل األزمة العالمية للغذاء يزداد اللجوء إلى البيئة البحرية للحصول على تلك العناصر الغذائية‬
‫الهامة ‪ ،1‬وأيقن المجتمع الدولي بأن البحار أصبحت المالذ الذي تلجأ إليه البشرية لتجد فيه الثروة الغذائية‬
‫‪2‬‬
‫والمعدنية وغيرها من مصادر الغذاء التي عجزت اليابسة عن توفيرها‪.‬‬

‫‪ /2‬دور البيئة البحرية كمصدر للثروات الهامة‪:‬‬

‫تزخر البحار بكميات هائلة من الثروات المعدنية والبترول‪ ،‬والتي تعادل بتفوق ظاهر الموجود منها على‬
‫اليابسة كمناجم الفحم الموجودة في أعماق مياه بريطانيا واليابان‪ ،‬والقصدير الموجود في مياه شواطئ تايالند‬
‫وماليزيا‪ ،‬واأللماس الموجود وفي مياه جنوب إفريقيا‪ ،‬واالستثمار المتزايد في هذه الموارد اثبت في العام ‪1965‬‬
‫‪3‬‬
‫أن ‪ %16‬من إجمالي بترول العالم هو من المحيطات‪ ،‬وفي ‪ 1980‬تضاعف اإلنتاج البحري للبترول‪.‬‬

‫‪ /3‬دور البيئة البحرية في الملحة البحرية‪:‬‬

‫بالرغم من اختراع الطائرات وما وفرته من سرعة في النقل واالقتصاد في الوقت ذاته‪ ،‬إال أن الغلبة ظلت‬
‫للبحر وناقالته بسبب قلة التكاليف وامكانية نقل الحموالت الكبيرة واألوزان الثقيلة التي تعجز عن حملها‬
‫الطائرات‪ ،‬وبنمو حركة التجارة الدولية أخذت هذه األهمية التي تكنسيها البحار تزداد يوما بعد كطريق‬
‫‪4‬‬
‫للمواصالت‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬بيئة المياه العذبة‬

‫تعتبر المياه العذبة مصدر الحياة لجميع الكائنات الحية‪ ،‬وذات أهمية أساسية للجميع وخاصة البلدان‬
‫التي تعاني نقصا في المياه بسبب الجفاف‪ ،‬لذا فقد عملت على الحفاظ عليها وصيانتها من خالل بناء السدود‬
‫والقنوات ألجل تحويل مجرى الجداول واألنهار وتوزيعها بنظام مرسوم‪ ،‬ومع ذلك فإن مفهوم المياه العذبة تحت‬
‫"مصطلح المجاري المائية الدولية" لم يكن معروفا نظ ار لتأخر االتفاق الدولي‪ ،‬لكن ذلك لم يمنع من وجود العديد‬
‫من المصطلحات التي عبرت عن المياه العذبة‪.‬‬

‫د‪ .‬محمد سعيد عبد اهلل الحميدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪82‬‬ ‫‪1‬‬

‫د‪ .‬محمد احمد منشاوي‪ ،‬الحماية الجنائية للبيئة البحرية (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪127‬‬ ‫‪2‬‬

‫احمد السروي‪ ،‬أهمية البيئة البحرية ‪ www.knolgoogl.com‬ص‪( 01‬مقال)‬ ‫‪3‬‬

‫د‪ .‬محمد سعيد عبد اهلل الحميدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪83-82‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪17‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .1‬التعريف العلمي للمياه العذبة‪:‬‬

‫من المعروف أن الماء هو مركب كيميائي سائل شفاف ال لون وال رائحة وال طعم له‪ ،‬يغلى عند درجة‬
‫‪ 100‬م ويتجمد عند درجة الصفر‪ ،‬يتركب من ذريتين هيدروجين وذرة اكسجين‪ ،‬رمزه الكيميائي ‪ ،1H2O‬ويعتبر‬
‫الماء مركبا كيميائيا ثابتا‪ ،‬فالكميات الموجودة منه على ظهر األرض هي نفسها منذ مئات السنين‪ ،‬ويقدر‬
‫الحجم الكلي للماء بحوالي ‪ 1360‬مليار متر مكعب‪ %97 ،‬من هذا الحجم موجود في البحار والمحيطات‪،‬‬
‫و‪ %2‬مجمدة في الطبقات الجليدية حيث تمثل كمية المياه العذبة نسبة مجمدة في الطبقات الجليدية‪ 2،‬و تمثل‬
‫كمية المياه العذبة نسبة ‪ 2.5%‬فقط‪ ،‬أما الجزء المتاح فهو محدود جدا‪ ،‬وقدر ب ‪ %20‬من إجمالي المياه‬
‫العذبة أي حوالي ‪ %0.5‬من إجمالي مياه الكرة األرضية‪ ،‬كما أن المياه المالحة هي المصدر الرئيسي للمياه‬
‫‪3‬‬
‫العذبة وذلك عن طريق الدورة الهيدرولوجية للماء‪.‬‬

‫وهناك نوعان من موارد المياه العذبة وهي‪ :‬المياه العذبة في التخزين والمياه العذبة في العبور حيث‪ :‬تشمل‬
‫موارد المياه العذبة في التخزين ال ثابت المياه العذبة في شكل األنهار الجليدية التي تتجدد بشكل كلي على مد‬
‫السنين‪ ،‬أما موارد المياه العذبة في العبور فهي تلك الجزيئات المائية التي تتحرك بنشاط من خالل دورة المياه‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫وكال النوعين يتم تجديدهما خالل الدورة الهيدرولوجية‪.‬‬

‫و يدرس علم الهيدرولوجيا ‪ 5hydrologie‬دورة المياه العامة في الكرة األرضية والتيارات المائية واألنهار‬
‫والبحيرات ‪ ،‬ويقصد به العلم الذي يهتم بدراسة المياه السطحية والمجاري المائية والبحيرات والمياه الباطنية ذات‬
‫‪6‬‬
‫العمق القليل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Dictionnaire le nouveau petit Robet (j.rey- deboveit.A.REYOLI). paris. Le robet. 22 edition‬‬
‫‪2009. P799-800‬‬
‫‪Quilleve- mazjoub : aqui apprartinnent les nuages (essai de définition d’un statut des nuage‬‬
‫‪2‬‬

‫‪en droit interenational public). Annuouiefrancais de droit international. 2004. P 653‬‬


‫سامر مخيمر وخالد حجازي‪ ،‬ازمة المياه في المنطقة العربية والبدائل الممكنة‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬طبعة ‪ ،1996‬ص‪7‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Law for water managment : a guide to concepts and effective approachs. Rao.‬‬
‫‪4‬‬

‫‪Legislativestudyrome 2009.p27‬‬
‫تفرع من هذا العلم علوم خاصة بكل نوع وهي‪ :‬البوتامولوجي يهتم بدراسة المجاري المائية‪ ،‬اللمونولوجي يهتم بدراسة البحيرات‬ ‫‪5‬‬

‫والمستنقعات الكربولوجي يهتم بدراسة الجليد‪ ،‬هيدرولوجي يهتم بدراسة المياه الجوفية العماق كبيرة من سطح األرض‪ ،‬حسن أبو‬
‫سمور وحامد الخطيب‪ ،‬جغرافية الموارد المائية‪ ،‬دار صفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان األردن‪ ،‬الطبعة األولى ‪ -1999‬ص‪12‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬نفس الصفحة‬ ‫‪6‬‬

‫‪18‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .2‬مصادر المياه العذبة‪:‬‬

‫تعتبر مياه األمطار والمياه السطحية والمياه الجوفية‪ ،‬األنواع الرئيسية لمصادر المياه العذبة المتاحة‬
‫لالستخدام البشري باإلضافة إلى البحار وجبال الجليد والمحيطات‪:‬‬

‫‪ ‬اْلمطار‪:‬‬

‫تعد األمطار من أهم مصادر المياه العذبة‪ ،‬حيث تعد هذه الظاهرة نتيجة لجميع العوامل التي تنتج‬
‫عنها أشكال المياه التي تسقط من الغالف الجوي إلى األرض‪ ،‬والعوامل التي تشارك في هذه العملية هي‬
‫‪1‬‬
‫الرطوبة وارتفاع الماء الرطب والتجمد والتكثيف‪ ،‬وهذه العوامل مجتمعة تنشأ منها قطرات المطر‪.‬‬

‫ويتكون الهطول إلى حد كبير من األمطار والثلوج‪ ،‬مما يؤدي إلى رطوبة التربة التي تساهم في تغذي‬
‫النباتات والحيوانات‪ ،‬ويقدر أن ‪ 60‬إلى ‪ %70‬من اإلنتاج العالمي من األغذية من الزراعة البعلية‪ ،2‬وان ‪%90‬‬
‫من التبخير أو بخار الماء األخضر يرتبط بإنتاج النبات في األرض‪.‬‬

‫‪ ‬المياه السطحية‪:‬‬

‫هي تلك المياه المتواجدة على سطح األرض في شكل سائل أو صلب‪ ،‬جارية أو راكدة‪ ،‬تتميز بتوزيعها‬
‫‪3‬‬
‫الجغرافي و خصائصها الطبيعية‪ ،‬إال أن كمية هذه الموارد تبقى محدودة مقارنة بالمياه الجوفية‪.‬‬

‫وتشمل كل من األنهار والجداول والبحيرات والقنوات والبرك‪ ،‬غير أن المياه العذبة في األنهار والبحيرات‬
‫ال تمثل سوى ‪ %0.3‬من المياه العذبة على وجه األرض‪ ،‬وتعد األكثر وصوال إلى البشر والنظم االيكولوجية‬
‫للمياه العذبة‪ ،‬فاألنهار تحمل المياه على طول السنة‪ ،‬وتتدفق بشكل متقطع وغير منتظم إال في فترات هطول‬
‫‪4‬‬
‫األمطار الغزيرة‪.‬‬

‫‪1‬مكيكة مريم‪ ،‬الثروة المائية العذبة واثرها على النزاعات الدولية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم‪ ،‬فرع قانون البيئة‪،‬‬
‫جامعة الجياللي ليابس بسيدي بلعباس‪ ،2019/2018 ،‬ص‪14‬‬
‫الزراعة البعلية‪ ،‬احد أنواع الزراعة وتعتمد على مياه االمطار وذلك لتزويد المحاصيل باحتياجاتها المائية‪ ،‬على عكس‬ ‫‪2‬‬

‫الزراعة المروبة التي تعتمد على المياه الجوفية‬


‫‪Adeelkindien. Le droit relatif aux utilisations des cours d’eau internationaux a des fins autres‬‬
‫‪3‬‬

‫‪que la navigation. Etude a propos des cours d’eau internationaux dans le monde arabe.‬‬
‫‪These. Universitéstrasbourg 3- robertschuman. 2008. P78‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Law for water managment : a gruide to concepts and effective appropachcs. Op. cit p30‬‬

‫‪19‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫أما البحيرات فتمثل مكانا أجوفا في سطح األرض‪ ،‬حيث تكون المياه ثابتة نسبيا وتخزن لفترة طويلة‪،‬‬
‫وتزود بالمياه من خالل هطول األمطار مباشرة على سطح البحيرة‪ ،‬أو من خالل الجريان السطحي عن طريق‬
‫‪1‬‬
‫تصريف المياه الجوفية‪.‬‬

‫‪ ‬المياه الجوفية‪:‬‬

‫تتشكل المياه الجوفية من تسرب مياه األمطار والمسطحات المائية إلى باطن األرض‪ ،‬فتتبلل الطبقات‬
‫‪2‬‬
‫وبالتالي تتراكم المياه وتمال أي فراغ‪ ،‬وهناك يتشكل خزان مائي يسمى خزان المياه الجوفية‪.‬‬

‫وتشكل المياه الجوفية ما يقارب من ‪ 30%‬من مجموع المياه العذبة‪ ،‬وتعتبر لها أهمية بالغة في بعض‬
‫المناطق التي تعاني ندرة في المياه السطحية‪ ،‬وذلك ان المياه الجوفية تعاني من إشكالية النظام القانوني الذي‬
‫‪3‬‬
‫يضبط استعماالت واستخدامات هذا المورد الطبيعي‪ ،‬وعالقته بالمياه السطحية‪.‬‬

‫‪ ‬الجليد‪:‬‬

‫يعتبر الجليد من أهم موارد للمياه العذبة على كوكب األرض‪ ،‬وتجدر اإلشارة عند الحديث عن هذا‬
‫المصطلح إلى ثالث فئات من األنهار الجليدية‪ :‬األنهار الجليدية القارية‪ ،‬الكتل الجليدية األلبانية‪ ،‬وجميع أشكال‬
‫ثلج المحيطات والمناطق المحيطة بها‪ ،‬ورغم أهمية التكوينات الجليدية كمستودع للمياه العذبة‪ ،‬إال أن النظام‬
‫‪4‬‬
‫القانوني المعمول به في هذا المجال ال يزال غامضا‪.‬‬

‫‪ ‬البحار والمحيطات‪:‬‬

‫تشغل البحار والمحيطات حوالي ‪ 367.2‬مليون كم‪ 2‬أي ما يعادل ‪ %71‬من مساحة الكرة األرضية‪ ،‬وتضم‬
‫مياه البحار والمحيطات ما يعادل ‪ %97.3‬من حجم مياه الكرة األرضية البالغة قرابة ‪ 1385‬كم‪5 3‬وتعرف‬
‫المحيطات بأنها مسطح مائي ساكن نسبيا يحتل حوضا معينا من سطح األرض‪ ،‬وتلعب دو ار هاما في دورة‬
‫المياه العذبة من خالل التبخر‪ ،‬وال يمكن استغاللها إال بعد تحليلها‪ ،‬وتعد هذه العملية باهظة الثمن عموما‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Law for water managment : a gruide to concepts and effective appropachcs. Op.cit p31‬‬
‫‪2‬مكيكة مريم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪16‬‬
‫‪3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪16‬‬
‫المرجع نفسه ص‪17‬‬ ‫‪4‬‬

‫حسن أبو سمور وحامد الخطيب‪ ،‬المرجع السابق ص‪199‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪20‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫وفي هذا الصدد هناك العديد من الدول التي تخصص ميزانيات كبيرة لتحلية مياه البحر مثل دول الخليج العربي‬
‫‪1‬‬
‫والسعودية‪.‬‬

‫‪ .3‬التعريف القانوني للمياه العذبة‪:‬‬

‫ما يهم في هذه الدراسة هي المياه العذبة التي تخضع الختصاص أكثر من دولة‪ ،‬أو ما يسمى بالمياه‬
‫المشتركة‪ ،‬والتي تتكون أساسا من المياه السطحية أو األنهار والبحيرات الدولية والمياه الجوفية‪ ،2‬وفي إطار‬
‫القانون الدولي للمياه تبرز عدة مفاهيم للمياه العذبة‪ ،‬ومن هذه المفاهيم نجد‪ :‬النهر الدولي‪ ،‬فكرة مجاري المياه‬
‫ذات الفائدة الدولية‪ ،‬مصطلح حوض الصرف الدولي والشبكة المائية‪...‬الخ‪.‬‬

‫وقد تمركز االهتمام الدولي بالمياه العذبة على األنهار الدولية‪ ،‬فوردت أول إشارة للفظ "النهر الدولي" في‬
‫معاهدة باريس للسالم عام ‪ ،1814‬عندما أشارت إلى الحاجة الستخدام األنهار الصالحة للمالحة في النقل‬
‫‪3‬‬
‫الدولي‪.‬‬

‫ويعرف النهر بمفهومه التقليدي على أ نه ذلك النهر الذي يشق مجراه بين دولتين متجاورتين أو يمر عبر‬
‫أقاليم أكثر من دولة‪ ،‬ويالحظ أن هذا التعريف فانه يحتوي على عنصر سياسي‪ ،‬أال وهو عبوره أو مجاورته‬
‫إلقليم أكثر من دولة‪ ،‬ويخضع تماما لقوانين الدولة وسيادتها‪ ،4‬كما أن التعريف التقليدي لألنهار الدولية اقتصر‬
‫على مجرى النهر وروافده‪ ،‬ويخرج عن نطاق هذا التعريف البحيرات والمياه الجوفية‪.‬‬

‫وتعد معاهدة برشلونة الخاصة بالنظام المالحي للطرق المائية الدولية االنطالقة األولى لالتفاقيات المتعلقة‬
‫باألنهار الدولية بوجه عام‪ ،‬وترتكز على مبدأ عام مفاده أن النهر الدولي محكوم بموجب قواعد قانونية دولية‪،‬‬
‫ومع ظهور معالم النهضة األوربية ازدادت أهمية مياه األنهار الدولية في غير الشؤون المالحية‪ ،‬وتبعا لذلك‬
‫ظهر المفهوم الحديث للنهر الدولي‪ ،‬وقد ثبتت لجنة القانون الدولي مفهوم الشبكة المائية الدولية للمجرى في‬

‫‪1‬مكيكة مريم‪ ،‬المرجع السابق ص‪16‬‬


‫المقصود بالنهر لغة هو الماء العذب الذي يستمد من المنابع الطبيعية للمسيالت او االدوية‪ ،‬مختار صحاح‪ ،‬دار المنار‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪308‬‬
‫منصور العادلي‪ ،‬موارد المياه في الشرق األوسط صراع ام تعاون في ظل قواعد القانون الدولي‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫القاهرة‪ ،‬طبعة ‪ ،1996‬ص‪03‬‬


‫‪4‬مكيكة مريم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪37‬‬

‫‪21‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫مشروعها النهائي عام ‪ 1994‬بشأن إعداد االتفاقية اإلطارية الستخدامات المجاري المائية في غير األغراض‬
‫‪1‬‬
‫المالحية لعام ‪.1997‬‬

‫ويعرف النهر الدولي وفقا لهذا المفهوم بأنه‪" :‬شبكة المياه السطحية والجوفية التي تشكل بحكم عالقتهما‬
‫الطبيعية ببعضها البعض وتتدفق صوب نقطة وصول مشتركة"‪ ،2‬وثبتت اتفاقية األمم المتحدة المعنية بالمجاري‬
‫المائية لسنة ‪ 1997‬هذا المصطلح ونصت عليه في مادتها الثانية منها على أن المجرى المائي هو‪ ":‬شبكة‬
‫المياه ا لسطحية والمياه الجوفية التي تشكل بحكم عالقاتها الطبيعية‪ ،‬بعضها ببعض كال واحدا وتتدفق نحو‬
‫نقطة وصول واحدة"‪ ،‬وبهذا التعريف تخلت االتفاقية عن مفهوم النهر الدولي الذي تبنته سابقا‪ ،‬وهذا للداللة‬
‫‪3‬‬
‫على المفهوم المعاصر لألنهار الدولية كمورد طبيعي مشترك‪.‬‬

‫وخالصة القول وبالنظر إلى تعدد المصطلحات الدالة على األنهار الدولية والمياه العذبة باختالف‬
‫أنواعها‪ ،‬فان استعمال مصطلح الموارد الطبيعية المشتركة يعتبر جامعا ويغطي جميع المشكالت بين أي‬
‫مصطلح سابق‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم التلوث المائي وبيان عناصره‬

‫تلوث البيئة المائية هو ظاهرة تتعلق بحياة اإلنسان وبقية الكائنات الحية الموجودة بها‪ ،‬فالتأثير السلبي‬
‫على البيئة المائية يقلل من قيمتها ويشوه من طبيعتها ويستنزف مواردها وخيراتها‪ ،‬كما يضر بالكائنات الحية‬
‫الموجودة بها‪ ،‬فقد أصبحت اليوم البحار مستودعا للقاذورات ومختلف النفايات وأصبحت في حالة يرثى لها‬
‫اليوم‪.‬‬

‫ويعتبر التلوث من المواضيع ذات األهمية الكبيرة التي تشغل بال الكثير من العلماء وأصحاب القرار‬
‫في البلدان المتقدمة ودول العالم الثالث والمنظومات الدولية واإلقليمية بشكل عام‪ ،‬وذلك بسبب تفاقم المخاطر‬
‫الناتجة عن هذا التلوث والتي أصبحت تشكل تهديدا جديا وملحا لحياة اإلنسان وجل الكائنات التي تتقاسم معه‬
‫الحياة على هذا الكوكب الذي بدأت مظاهر اختالل التوازن البيئي فيه تؤثر على جودة الحياة فيه‪ ،‬وسنحاول‬
‫في هذا المطلب دراسة مفهوم التلوث البيئي المائي انطالقا من تعريف التلوث بشكل عام ثم عناصره‪.‬‬

‫ايمان فريد الديب‪ ،‬الطبيعة القانونية للمعاهدات الخاصة باالنتفاع بمياه األنهار الدولية‪ ،‬المجاري المائية الدولية في غير‬ ‫‪1‬‬

‫األغراض المالحية مع دراسة تطبيقية لالتفاقيات المتعلقة بنهر النيل‪ ،‬رسالة مقدمة لكلية الحقوق جامعة القاهرة لنيل درجة‬
‫الدكتوراه‪ ،‬سنة ‪ ،2007‬ص‪24‬‬
‫منصور العادلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪08‬‬ ‫‪2‬‬

‫منصور العادلي‪ ،‬قانون المياه‪ ،‬اتفاقية األمم المتحدة لسنة ‪ 1997‬بشان قانون استخدام المجاري المائية الدولية في األغراض‬ ‫‪3‬‬

‫غير المالحية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1999 ،‬ص‪9‬‬

‫‪22‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫الفرع اْلول‪ :‬مفهوم التلوث‬

‫يعتبر التلوث من أهم المشكالت التي تواجه اإلنسان في اآلونة األخيرة بمختلف أنواعه‪ ،‬وبالرغم من‬
‫أن التلوث هو ليس الخطر الوحيد الذي يهدد الوجود اإلنساني‪ ،‬إال انه األهم واألشد بل والمرتبط بشكل مباشر‬
‫أو غير مباشر بجميع األخطار األخرى التي تهدد البشرية كندرة الغذاء وتراجع المستويات الصحية وظهور‬
‫األوبئة واألمراض وحدوث الكوارث المناخية والطبيعية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التلوث في اللغة‬

‫"التلوث" لغة هو خلط الشيء بما هو خارج عنه‪ ،‬ويقال لوث الشيء في التراب أي لطخه‪ ،‬ولوث الماء‬
‫أي كدره وخلطه بمواد غريبة ضارة‪ ،1‬والتلوث يعني أيضا التلطيخ فيقال لوث ثيابه بالطين أي لطخها‪ ،‬وقد ورد‬
‫الفعل يلوث في اللغة الفرنسية في قاموس ‪ ROBERT‬بلفظ ‪ ،polluer‬لوث الشيء أي رده خط ار وجعله غير‬
‫‪2‬‬
‫سليم‪ ،‬ولوث الماء أو الهواء إذ جعله معيبا‪ ،‬وهو عكس ينقي أو يصفي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التلوث في االصطلح‬

‫رغم تعدد التعريفات االصطالحية للتلوث إال أنها جميعها رغم اختالف الصياغة تدور حول الحالة القائمة‬
‫في البيئة الناتجة عن التغيرات المستحدثة بها‪ ،‬والتي تسبب لإلنسان اإلزعاج أو اإلضرار أو األمراض بطريقة‬
‫‪3‬‬
‫مباشرة أو غير مباشرة عن طريق اإلخالل باألنظمة البيئية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التلوث في الفقه‬

‫التلوث فقها يعني إدخال أي مادة أو طاقة في البيئة الطبيعية‪ ،‬بغير كيفيتها أو في غير مكانها أو‬
‫زمانها‪ ،‬مما يؤدي إلى اإلضرار باإلنسان في أمنه وصحته وراحته‪ ،‬وهو بتعبير آخر عبارة عن تغيير معتمد‬
‫‪4‬‬
‫في شكل البيئة الناتج عن مخلفات اإلنسان‪.‬‬

‫ومن التعريفات الفقهية للتلوث نذكر ما أورده الفقيه (جولدي)‪ ،‬حيث اعتبره ‪" :‬إضافة اإلنسان لمواد أو‬
‫طاقة إلى البيئة بكميات يمكن أن تؤدي إلى إحداث نتائج ضارة ينجم عنها إلحاق األذى بالمواد الحية‪ ،‬أو‬
‫بصحة اإلنسان‪ ،‬أو تعوق أوجه النشاط االقتصادي مثل الزراعة والصيد‪ ،‬أو تؤثر على الهواء أو األمطار‪ ،‬أو‬

‫اسالم محمد عبد الصمد‪ ،‬الحماية الدولية للبيئة من التلوث‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنضر‪ ،‬اإلسكندرية‪ 2016 ،‬ص‪29‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪29‬‬ ‫‪2‬‬

‫لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،12‬دار احياء التراث العربي‪ ،1999 ،‬ص‪352‬‬ ‫‪3‬‬

‫ماجد راغب الحلو‪ ،‬قانون حماية البيئة في ضوء الشريعة دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2004 ،‬ص‪41‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪23‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫الضباب الطبيعي‪ ،‬أو المناطق الجليدية واألنهار والبحيرات‪ ،‬أوالتربة والبحار‪ ،‬أو تعوق االستخدامات المشروعة‬
‫‪1‬‬
‫للبيئة أو تقلل من إمكانياتها‪.‬‬

‫وعرفه األستاذ (أرناووط) بأنه‪" :‬الحالة القائمة في البيئة الناتجة عن التغيرات المستحدثة فيها والتي‬
‫تسبب لإلنسان اإلزعاج أو األضرار أو األمراض أو الوباء بطريقة مباشرة أو عن طريق اإلخالل باألنظمة‬
‫‪2‬‬
‫البيئية‪ ،‬وتعرف مسببات التلوث من بيكربونات أو غازات أو مواد صلبة أو سائلة وغيرها من الملوثات"‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬التلوث في القانون‬

‫تضمنت االتفاقيات والجهود الدولية لمعالجة التلوث العديد من التعريفات التي تهدف إلى تحديد مالمح‬
‫ظاهرة التلوث وأبعادها وعناصرها‪ ،‬لتتمكن فيما بعد من ضبط آليات التحكم في مسبباتها والحد من آثارها‪ ،‬ومن‬
‫ضمن هذه الجهود نذكر‪:‬‬

‫‪ .1‬التقرير الذي أعده المجلس االقتصادي واالجتماعي التابع لألمم المتحدة عام ‪ 1965‬حول تلوث الوسط‬
‫والتدابير المتخذة لمكافحته"‪ ،‬حيث عرف التلوث بأنه‪ :‬التغير الذي يحدث بفعل التأثير المباشر وغير‬
‫المباشر لألنشطة في تكوين أو حالة الوسط على نحو يخل ببعض االستعماالت واألنشطة التي كان‬
‫‪3‬‬
‫من المستطاع القيام بها في الحالة الطبيعية في ذلك الوسط‪.‬‬
‫‪ .2‬عرفته منظمة التعاون والتنمية االقتصادية األوروبية (‪ )O.C.D.E‬سنة ‪ 1992‬بأنه‪ " :‬قيام اإلنسان‬
‫بطرق مباشرة أو غير مباشرة بإضافة مواد أو طاقة إلى البيئة‪ ،‬تترتب عليها آثار ضارة يمكن أن‬
‫تعرض صحة اإلنسان للخطر أو تمس المواد البيولوجية أو األنظمة البيئية على نحو يؤدي إلى تأثير‬
‫‪4‬‬
‫ضار على أوجه االستخدام المشروع للبيئة "‬
‫‪ .3‬وأشار مؤتمر ستوكهولم عام ‪ 1972‬في المبدأ السادس منه إلى ضرورة التخلص من المواد السامة‬
‫حتى ال تؤدي إلى إلحاق األضرار الشديدة بالموارد الطبيعية والكائنات الحية مع تشجيع جميع الشعوب‬
‫‪5‬‬
‫على ضرورة مكافحتها‪.‬‬

‫نصر اهلل سناء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪30‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬رمضان عبد الحميد الطنطاوي‪ ،‬التربية البيئية تربية حتمية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،2008 ،‬ص‬
‫‪.43‬‬
‫‪Alanderkiss. Droit international de l’environnement pedone. Paris. 1989. P68‬‬
‫‪3‬‬

‫صافية زيد المال‪ ،‬حماية البيئة في اطار التنمية المستدامة على ضوء احكام القانون الدولي‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة مولود‬ ‫‪4‬‬

‫معمري‪ ،‬تيزي ورز‪ ،2013 ،‬ص‪03‬‬


‫الدكتور يوسف محمد اعطاري‪ ،‬الجوانب القانونية لتلوث البيئة البحرية بالنفط‪ ،‬رسالة الستكمال درجة الماجستير في القانون‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫كلية الحقوق جامعة الشرق األوسط‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2010-1431 ،‬ص‪27‬‬

‫‪24‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .4‬عرفت قواعد مونتلاير الدولية المطبقة على التلوث العابر للحدود والتي اعتمدتها رابطة القانون الدولي‬
‫في مؤتمرها الستين عام ‪ 1982‬التلوث في الفقرة األولى من المادة الثانية بأنه‪" :‬كل ما يدخله اإلنسان‬
‫على نحو مباشر أو غير مباشر من مواد تعرض صحة اإلنسان للخطر‪ ،‬وتلحق الضرر بالمواد الحية‬
‫والنظم اإليكولوجية والممتلكات المادية‪ ،‬وتفسد المنافع أو تتعارض مع االستخدامات المشروعة األخرى‬
‫‪1‬‬
‫للبيئة"‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مفهوم التلوث المائي‬

‫إن ظاهرة التلوث المائي ظاهرة حديثة صاحبت التطور التكنولوجي الحديث وباتت تهدد اإلنسان في‬
‫محيطه الضيق وفي بيئته الواسعة على حد سواء‪ ،‬لذلك فان تحديد مفهوم التلوث البيئي المائي في صورة دقيقة‬
‫ومحددة هو بال شك نقطة البداية ألي معالجة قانونية لهذه المشكلة ‪ ،‬وهو أيضا جوهر أي حماية يمكن تقريرها‬
‫‪2‬‬
‫للبيئة المائية في مواجهة أهم مشاكلها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف التلوث المائي‬

‫الماء هو ثاني ضروريات الحياة بعد الهواء‪ ،‬ورغم أنه ضروري الستمرار الحياة إال أنه قد يكون كذلك‬
‫سببا في القضاء عليها‪ ،‬فإذا استعمل ملوثا بالجراثيم فقد يكون السبب األول للكثير من األمراض التي تنتقل‬
‫عن طريقه كالتيفويد‪ ،‬الكوليرا‪ ،‬البلهارسيا‪ ...‬وغيرها من األمراض الفتاكة‪ ،‬كما أن نقص العناصر الكيميائية في‬
‫الماء أو زيادتها بسبب التلوث قد يكون سببا في أنواع أخرى من األمراض ال تختلف شدة عن سابقتها كتورم‬
‫الغدة الدرقية‪ ،‬تسوس األسنان وتآكلها‪ ،‬أمراض الكبد واالضطرابات المعدية والمعوية‪...‬‬

‫فالتلوث المائي هو التغير في طبيعته وخواصه وفي مصادره الطبيعية المختلفة‪ ،‬حيث يصبح غير‬
‫صالح للكائنات الحية التي تعتمد عليه في استمرار بقائها‪ ،3‬وعليه فإن أي تغيير في مكونات الماء أو في حالته‬
‫يعتبر تلوثا‪ ،‬وينتج تلوث الماء عادة عن النشاطات التي يمكن تصنيفها الى ملوثات سائلة كمياه المصانع ‪،‬‬
‫المياه العادمة‪ ،‬وكذلك الملوثات الصلبة من مخلفات الحديد‪ ،‬الملوثات الح اررية‪ ،‬أو التلوث بالحركة مثل حركة‬
‫‪4‬‬
‫السفن والنشاطات البحرية‪.‬‬

‫صافية زيد المال‪ ،‬حماية البيئة في اطار التنمية المستدامة على ضوء احكام القانون الدولي‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة مولود‬ ‫‪1‬‬

‫معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،2013 ،‬ص‪03‬‬


‫د‪ .‬محمد‪ .‬احمد منشاوي‪ ،‬الحماية الجنائية للبيئة البحرية (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2005 ،‬ص‪38‬‬ ‫‪2‬‬

‫فاطمة الزهراء زرواط‪ ،‬إشكالية تسيير النفايات واثرها على التوازن االقتصادي والبيئي‪ ،‬أطروحة دكتوراه في العلوم‬ ‫‪3‬‬

‫االقتصادية‪ ،‬فرع القياس االقتصادي‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،2006-2005 ،‬ص‪35‬‬


‫‪4‬محاضرات في مشكالت البيئة وسبل حمايتها‪ ،‬الفصل الثالث‪ ،‬ص‪44‬‬

‫‪25‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫ويقصد بتلوث المياه أيضا إحداث إتالف أو فساد في نوعية المياه مما يؤدي إلى تدهور نظامها‬
‫االيكولوجي بصورة أو بأخرى لدرجة تؤدي إلى خلق نتائج مؤدية من استخدام المياه‪ ،‬وهو بذلك كل تغير‬
‫فيزيائي مباشر أو غير مباشر أو حراري أو بيولوجي‪ ،‬أو أي نشاط إشعاعي في خصائص كل جزء من أجزاء‬
‫‪1‬‬
‫البيئة البحرية بطريقة ينتج عنها مخاطر فعالة تؤثر على صحة الكائنات المائية أو غيرها‪.‬‬

‫ولعل أهم أنواع تلوث البيئة المائية هو التلوث البحري الذي يعد األكثر شيوعا‪ ،‬حيث عرف هذا النوع‬
‫من التلوث في الماضي البعيد بالفساد كفساد الطعام‪ ،‬وفساد المياه‪...‬الخ‪ ،‬ومن الدالئل التاريخية ما جاء في‬
‫الكتب المقدسة كالتوراة التي ورد فيها القول بــ‪" :‬تحول مياه نهر النيل إلى دم"‪ ،‬والقرآن الكريم عندما قال اهلل‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬ ‫الن ِ ِ ِ‬
‫ت أ إَيِدي َّ‬
‫اد ِفي اإل َبِّر َواإل َب إح ِر بِ َما َك َس َب إ‬
‫ض الذي َعملُوا لَ َعلهُ إم َي إرِج ُع َ‬
‫‪2‬‬
‫ون"‪.‬‬ ‫اس لُيذيقَهُم َب إع َ‬ ‫ظهَ َر اإلفَ َس ُ‬
‫تعالى‪َ " :‬‬

‫ثانيا‪ :‬التعريف الفقهي للتلوث البحري‬

‫تستعمل كلمة التلوث للداللة عن الضرر البيئي الحاصل نتيجة إلقاء النفايات والفضالت في البحر‪،‬‬
‫ويفرق الفقيه كالرك بين مصطلحي (‪ )contamination‬و (‪ )pollution‬فيعني األول تواجد مواد مركزة في‬
‫الماء تتجاوز المستوى المطلوب أو المستوى الطبيعي في الوسط‪ ،‬أما الثاني فيعني إدخال مواد يترتب عنها‬
‫‪3‬‬
‫تأثيرات ضارة كإلحاق األذى بالموارد الحية وبالتالي إعاقة األنشطة البحرية بما في ذلك الصيد‪.‬‬

‫وعرفه مجموعة من الخبراء في منظمة ‪ GESAMP4‬بالقول أنه‪" :‬إضافة مواد أو طاقة بطريقة مباشرة‬
‫أو غير مباشرة بفعل اإلنسان للبيئة البحرية يكون لها آثار ضارة على الموارد الحية‪ ،‬أو صحة اإلنسان‪ ،‬أو من‬
‫شانه أن يعيق األنشطة البحرية بما في ذلك الصيد أو التأثير في خواص استخدام مياه البحر وخوض االستفادة‬
‫‪5‬‬
‫منها"‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التعريف القانوني للتلوث البحري‬

‫تعددت التعريفات القانونية للتلوث البحري‪ ،‬سواء في النصوص واالتفاقيات الدولية أو في القوانين الداخلية‪،‬‬
‫وفيما يلي بعض هذه التعريفات‪:‬‬

‫خالد مصطفى فهمي‪ ،‬الجوانب القانونية لحماية البيئة من التلوث‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪ ،2011 ،‬بدون طبعة‪ ،‬ص‪76‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة الروم‪ ،‬االية ‪41‬‬ ‫‪2‬‬

‫محاضرات ملقات على طلبة السنة أولى ماستر تخصص قانون البيئة‪ ،‬بعنوان حماية البيئة البحرية من التلوث‪ ،‬جامعة محمد‬ ‫‪3‬‬

‫لمين‪ ،‬سطيف‪ ،2020-2019 ،‬ص‪15‬‬


‫‪ GESAMP4‬مكونة من المنظمة االستشارية البحرية ومنظمة األغذية الزراعية ومنظمة اليونسكو والمنظمة العالمية لالرصاد‬
‫الجوية واألمم المتحدة‬
‫المرجع نفسه‬ ‫‪5‬‬

‫‪26‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ ‬عرفه إعالن ستوكهولم لسنة ‪ 1972‬بأنه‪" :‬إدخال اإلنسان بطريق مباشر أو غير مباشر لمواد أو طاقة‬
‫في البيئة البحرية تكون لها آثار ضارة كاألضرار التي تلحق بالموارد الحية او تعرض صحة اإلنسان‬
‫للمخاطر أو تعيق األنشطة البحرية‪ ،‬بما فيها الصيد وافساد خواص مياه البحر من وجهة نظر استخدامه‬
‫‪1‬‬
‫واإلقالل من منافعه"‪.‬‬
‫‪ ‬عرفته اتفاقية حماية البحر األبيض المتوسط من التلوث عام ‪ 1970‬في فقرتها األولى من المادة الثانية‬
‫على انه‪ " :‬قيام اإلنسان سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بإدخال أي مواد أو صنوف من الطاقة‬
‫إلى البيئة البحرية‪ ،‬مما يسبب أثار مؤذية‪ ،‬كإلحاق الضرر بالموارد الحية‪ ،‬أو أن تكون مصدر خطر‬
‫على الصحة البشرية وعائق للنشاطات البحرية بما في ذلك صيد األسماك وافساد نوعية حياة البحر‬
‫‪2‬‬
‫المستخدمة وانقاص لمدى التمتع بها"‪.‬‬
‫‪ ‬عرفته اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار عام ‪ 1982‬في الفقرة الرابعة من المادة األولى بأنه‪" " :‬إدخال‬
‫اإلنسان في البيئة البحرية بما في ذلك مصاب األنهار مباشرة أو شكل غير مباشر‪ ،‬مواد او طاقة‬
‫تنجم عنها او يحتمل ان تنجم عنها آثار مواد مؤذية‪ ،‬مثل اإلضرار بالمواد الحية والحياة البحرية‪،‬‬
‫وتعريض الصحة البشرية لألخطار‪ ،‬واعاقة األنشطة البحرية"‪ ،3‬وهذا األخير يتوافق مع التعريفات‬
‫السابقة و يكاد يكون مطابقا لتعريف إعالن ستوكهولم‪.‬‬

‫اما في التشريعات الوطنية فنجد‪:‬‬

‫‪ -‬تعريف المشرع الجزائري في القانون ‪ 10/03‬المتعلقة بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة الذي‬
‫اعتبر التلوث المائي في لفقرة العاشرة من المادة الرابعة بأنه‪ " :‬إدخال أية مادة في الوسط المائي من‬
‫شانها أن تغير الخصائص الفيزيائية أو الكيميائية أو البيولوجية للماء‪ ،‬وتتسبب في مخاطر على صحة‬
‫اإلنسان‪ ،‬وتضر بالحيوانات أو النباتات البرية والمائية وتمس بجمال المواقع أو تعرقل أي استعمال‬
‫‪4‬‬
‫طبيعي آخر للمياه"‪.‬‬
‫‪ -‬تعريف المشرع المصري في القانون رقم ‪ 04‬لسنة ‪ 1994‬المتضمن حماية البيئة‪ ،‬حيث نص في فقرته‬
‫الثانية من المادة ‪ 01‬على أن التلوث المائي هو‪" :‬إدخال أي مواد أو طاقة في البيئة المائية بطريقة‬

‫احمد محمود الجمل‪ ،‬حماية البيئة البحرية من التلوث في ضوء التشريعات الوطنية واالتفاقيات اإلقليمية والمعاهدات الدولية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫منشاة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1998 ،‬ص‪30‬‬


‫ا‪ .‬د مصطفى سالمة حسين‪ ،‬د‪ .‬موس فالح الرشيدي‪ ،‬القانون الدولي للبيئة‪ ،‬لجنة التاليف والتعريب والنشر الطبعة األولى‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫الكويت‪ ،2007 ،‬ص‪232-231‬‬


‫د‪ .‬سعيد عبد اهلل الحميدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪109‬‬ ‫‪3‬‬

‫د‪ .‬منصور مجاجي‪ ،‬المدلول العلمي والمفهوم القانوني للتلوث البيئي‪ ،‬مجلة الفكر‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬جامعة محمد خيضر‬ ‫‪4‬‬

‫بسكرة‪ ،‬دون سنة النشر‪ ،‬ص‪110‬‬

‫‪27‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫إرادية أو غير إرادية مباشرة أو غير مباشرة ينتج عنها ضرر بالمواد الحية أو الغير حية‪ ،‬أو يهدد‬
‫صحة اإلنسان أو يعوق األنشطة المائية بما في ذلك صيد األسماك واألنشطة السياحية‪ ،‬أو يفسد‬
‫‪1‬‬
‫صالحية مياه البحر لالستعمال‪ ،‬أو ينقص من التمتع بها أو يغير من خواصها"‪.‬‬

‫فالتلوث البحري وفقا لما سبق قد يتم نتيجة عمل إرادي بتدخل اإلنسان بصفة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬وقد‬
‫يكون نتيجة أعمال غير إرادية مثل الظواهر الطبيعية‪ ،‬ويترتب عليه التغيير في استخدام اإلنسان للبحر‪ ،‬ويمكن‬
‫تعريفه أيضا بأنه‪ " :‬تغير في الخواص الطبيعية للمياه البحرية نتيجة لمواد ملوثة بغض النظر عن طبيعة هذه‬
‫‪2‬‬
‫المواد ومصدرها‪ ،‬وأهميتها بما يضر بالحياة البحرية واإلنسان والحيوان والنبات"‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مصادر تلوث البيئة المائية وأثرها على الكائنات الحية‬

‫تعتبر مشكلة التلوث البيئي المائي من المشاكل التي شغلت بال اإلنسان في اآلونة األخيرة‪ ،‬وقد كانت‬
‫أسباب ومصادر هذا التلوث متعددة وناتجة عن ممارسات و أنشطة مختلفة‪ ،‬ويمكن نسبة تلوث البيئة المائية‬
‫(البحرية) إلى عدة عوامل‪ ،‬لعل أبرزها افتقاد المواطن للوعي حول األهمية الكبرى التي تلعبها البيئة البحرية‬
‫في كل مجاالت الحياة تقريبا‪ ،‬سواء كونها موردا لتوليد الطاقة الكهربائية أو لكونها مصد ار أساسيا لتغذية‬
‫اإلنسان‪ ،‬إذ دأب هذا األخير خالل القرون التي عاشها على هذا الكوكب على تغليب مصالحه واحتياجاته‬
‫على متطلبات نظافة بيئته وتوازن عناصرها‪ ،‬مما سبب آثا ار خطيرة بدأت تظهر بشكل جلي في العقود األخيرة‪،‬‬
‫وتراجعت نظافة البحار والمحيطات واألنهار ومنابع المياه بشكل عام نتيجة الممارسات الالمسؤولة‪ ،‬وبدأنا نشهد‬
‫انقراض الكثير من الكائنات البحرية التي كانت تلعب دو ار هاما في توازن البيئة‪ ،‬كما ظهرت الكوارث الطبيعية‬
‫كالزالزل والبراكين وارتفعت درجات الح اررة مما أدى إلى ذوبان الجبال الجليدية وارتفاع منسوب المياه في البحار‬
‫والمحيطات التي لم تعد نتيجة لهذه الظواهر صالحة للعيش بالنسبة للكثير من الكائنات التي يعتمد عليها‬
‫اإلنسان في غذائه‪ ،‬وباختصار فنحن اليوم أمام مرحلة حاسمة يجب أن يتحمل فيها الجميع مسؤولياته ألن‬
‫التهديد لم يعد قابال للتجاهل كما كان في فترات خلت‪.‬‬

‫المطلب اْلول‪ :‬مصادر تلوث البيئة المائية‬

‫تتلوث البحار والمحيطات ومنابع المياه بطريقتين‪ ،‬إما مباشرة عن طريق النفايات و المخلفات التي‬
‫تلقى في المجاري المصانع والمدن المقامة على سواحل البحار والمحيطات‪ ،‬أو البترول الذي يسكب مباشرة‬

‫د‪ .‬صالح محمد سليمة‪ ،‬تامين المسؤولية المدنية عن اضرار التلوث البحري ودور نوادي الحماية والتعويض‪ ،‬دار الفكر‬ ‫‪1‬‬

‫الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2007 ،‬ص‪446‬‬


‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪447‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪28‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫من الناقالت الضخمة في البحار او البترول المتسرب‪ ،1‬واما بشكل غير مباشر عن طريق ما تحمله المجاري‬
‫و األنهار من ملوثات تقذف بها في البحار والمحيطات‪.‬‬

‫الفرع اْلول‪ :‬الملوثات الصناعية‬

‫يقصد بالملوثات الصناعية ما تخلفه أنشطة اإلنسان من نفايات وفضالت ذات طابع كيميائي في‬
‫الغالب‪ ،‬وهذا النوع من الملوثات هو األكثر ضررا‪ ،‬إذ تبرز آثاره مباشرة بعد إلقاء المصانع الشاطئية المقامة‬
‫على األنهار بمخلفاتها في البحار‪ ،‬وكذلك مخلفات المصانع األخرى بطريقة غير شرعية‪ ،2‬كما أن ناقالت‬
‫النفط و مشتقاته وما يترتب عن نشاطها من حوادث الغرق أو االصطدام بالسفن األخرى‪ ،‬وتسرب النفط من‬
‫‪3‬‬
‫اآلبار المحاذية للشواطئ ومن أنابيب نقل النفط التالفة‪ ،‬هي كلها أسباب للتلوث الضار بالمخلوقات البحرية‪.‬‬

‫وقد ذكر في تقرير برنامج األمم المتحدة للبيئة عام ‪ 1991‬بأن حوالي ‪ %4‬من مناطق صيد األسماك‬
‫بالبحر فقط تحتوي على اسماك صالحة لالستهالك اآلدمي‪ ،‬و لم تعد الكثير من المناطق الشاطئية صالحة‬
‫لعيش كثير من الكائنات الحية‪ ،‬ولم تعد تلك الشواطئ أيضا صالحة لالستجمام وقضاء اإلجازات فيها‪ ،‬و‬
‫ينصح ا لعلماء نتيجة لهذا التلوث بعدم أكل اسماك البحر أكثر من ثالث مرات أسبوعيا مع االمتناع عن أكل‬
‫‪4‬‬
‫األسماك والمحار في المناطق الملوثة بالزئبق‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الصرف الصحي‬

‫تعتبر البحار مرك از طبيعيا لتفريغ الفضالت اإلنسانية‪ ،‬وذلك لما لها من القدرة التقنية على التخلص‬
‫من هذه الفضالت‪ ،‬ولكن ونتيجة لزيادة هذه الفضالت في المدن والسواحل بسبب زيادة عدد سكانها‪ ،‬تحولت‬
‫الشواطئ إلى مركز لنمو الفيروسات والبكتيريا الضارة وارتفعت نسبة التلوث في البحار بسبب ذلك‪.‬‬

‫وما زاد من حدة تلوث البحار الزيادة الكبيرة في نسبة النمو السكاني للمدن الواقعة على الشواطئ وزيادة‬
‫أعداد السياح‪ ،‬وكثرة بناء المصايف والقرى السياحية‪ ،‬هذا وأشار برنامج األمم المتحدة للبيئة ‪ UNEP‬عام‬
‫‪ ،1990‬أن عدد المدن الواقعة على شواطئ البحر المتوسط يبلغ ‪ 120‬مدينة يقطنها ‪ 100‬مليون نسمة‪ ،‬ويزداد‬
‫‪5‬‬
‫هذا العدد صيفا تقريبا بنسبة ‪ 50‬في المائة أي ‪ 150‬مليون نسمة‪.‬‬

‫د‪ .‬عبد السالم الشيوي‪ ،‬التعويض عن االضرار البيئية في نطاق القانون الدولي العام‪ ،‬دار الكتب القانونية‪2001 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫المجلة العلمية لقطاع كليات التجارة‪ ،‬جامعة االزهار‪ ،‬العدد العاشر‪ ،‬يناير ‪ ،2013‬ص‪12‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬احمد محمود الجمل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪49‬ص‪.45‬‬


‫المرجع السابق ص ‪50‬‬ ‫‪4‬‬

‫طلعت إبراهيم االعوج‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬ص‪79‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪29‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫وقد شرع مؤخ ار في بناء محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي في مختلف الدول األوروبية‪ ،‬ففي‬
‫اسبانيا أقامت الحكومة ‪ 93‬محطة مياه لمعالجة مياه الصرف وتصل المياه المعالجة فيها حوالي ‪،%08‬‬
‫ورصدت فرنسا ميزانية ضخمة لبناء محطات معالجة المياه‪ ،‬ويجري اآلن تنفيذ مشروع الصرف الصحي بمدينة‬
‫‪1‬‬
‫اإلسكندرية المصرية ‪ ،‬ويجري حاليا أيضا تنفيذ حوالي ‪ 116‬مشروع خاص لمراقبة ومكافحة التلوث بالبحار‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الملوثات البترولية‬

‫يعتبر البترول المسبب األول للتلوث المائي في العالم‪ ،‬إذ ال تخلو عمليات النقل من الحوادث والتسربات التي‬
‫تؤدي بشكل مباشر إلى تلويث البيئة المائية‪ ،‬كما يساهم اإلنسان إراديا بتلويث البحار والمحيطات بهذه المواد‬
‫الكيميائية عن طريق ما يطرحه من زيوت وفضالت بترولية في البحار‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مصادر تلوث البحار بزيت البترول‬

‫تطرح السفن بقايا زيت البترول ومشتقاته في معظم بحار العالم‪ ،‬وهذا التصرف يسمى بـ ـ ـ ـ "التلوث‬
‫التشغيلي للبيئة البحرية"‪ ،‬ويقصد به ذلك التلوث الذي يمس المياه البحرية بسبب يرجع أصال إلى تدخل دراية‬
‫اإلنسان وعلمه‪ ،‬رغم أن لهذا األخير إمكانية اتخاذ إجراءات الحيطة لمنع حدوث ذلك التسرب البترولي‪ ،‬ومع‬
‫‪2‬‬
‫ذلك لم يقم باتخاذها‪.‬‬

‫وعليه وألثره المباشر والسريع فإن تعرض البيئة البحرية لمشكلة تلوث بزيت البترول يعتبر من أخطر‬
‫أنواع التلوث التي قد تصيبها‪ ،‬و قد شهدت البيئة البحرية مجموعة من حوادث السفن التي أدت بالضرورة إلى‬
‫تلوثها وحدوث اختالل بتوازنها‪ ،‬فقد تسببت بعض هذه الحوادث في تلوث مياه البحار والمحيطات‪ ،‬ويتناسب‬
‫هذا التلوث مع حجم الناقلة التي وقع لها الحادث‪ ،‬ويرتكز هذا التلوث عادة في منطقة محددة ولكنه يكون شديد‬
‫التأثير في منطقة الحادث التي يستقر فيها ويحدث أض ار ار شديدة لمختلف الكائنات الحية التي تعيش بها‪،3‬‬
‫ومن أهم هذه الحوادث نذكر‪:‬‬

‫‪ .1‬حادثة السفينة "توري كانيون" التي وقعت بتاريخ ‪ 1967/03/18‬بالقرب من السواحل اإلنجليزية‪ ،‬وقد‬
‫تسربت منها أكثر من ‪ 8‬أالف طن من زيوت البترول إلى البحر‪ ،‬مما خلف هالك اآلالف من الطيور‬
‫‪4‬‬
‫ونفوق كميات معتبرة من األسماك‪.‬‬

‫سحر مصطفى حافظ‪ ،‬الماء بين الندرة والتلوث‪ ،‬دار التاليف‪ ،‬تقرير جهاز شؤون البيئة الثانوي‪2009 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد البزاز‪ ،‬حماية البيئة البحرية (دراسة في القانون الدولي)‪ ،‬منشاة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2006 ،‬ص‪01‬‬ ‫‪2‬‬

‫المجلة العلمية لقطاع كليات التجارة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪13‬‬ ‫‪3‬‬

‫احمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬دراسة تاصيلة في األنظمة الوطنية واالتفاقية‪ ،‬جامعة الملك السعود‪ ،‬الرياض‪ ،1997 ،‬ص‪97‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪30‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ .2‬غرق الناقلة العمالقة (أموكوكاديز) ‪ AMONACIDS 1978‬بالقرب من الشواطئ الفرنسية‪ ،‬وكانت‬


‫حمولتها من زيت البترول (قرابة ‪ 2220.000‬طن)‪ ،‬بحيث تدفق أغلب ما في هذه الناقلة من زيت‬
‫ليغطي مياه البحر‪ ،‬وامتد هذا التلوث بفعل الرياح واألمواج البحرية العاتية ليغطي مساحات هائلة من‬
‫‪1‬‬
‫سطح البحر المحاذي للشواطئ الفرنسية‪.‬‬
‫‪ .3‬غرق ناقلة البترول (أكسون فالديز) ‪ AXON VALDES‬وذلك في ‪ 24‬مارس ‪ 1979‬نتيجة اصطدامها‬
‫بالصخور المرجانية أمام خليج "برنس ويليام" بأالسكا عندما كانت تتفادى االرتطام بأحد جبال الجليد‬
‫العائمة‪ ،‬وتسرب منها ‪ 40.000‬طن من زيت البترول وانتشر عن مسافة نحو ألف ميل أمام شواطئ‬
‫‪2‬‬
‫المنطقة والمنطقة المجاورة لها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مصادر تلوث البحار بالنفط‬

‫النفط بشكل عام هو سائل كثيف متواجد في الطبقة العليا من القشرة األرضية‪ ،‬ويختلف مصدره في‬
‫تركيبه بحسب مكان استخراجه‪ ،‬ويستخدم في العديد من الحاالت إلنتاج منتجات كيماوية‪ ،‬إال أن في حالة‬
‫تسربه إلى البحر يصبح مباشرة مصد ار أوليا لتلوث المياه البحرية في تلك المنطقة وذلك راجع لتركيبته المختلطة‬
‫من الهيدروكربونات‪ ،3‬وال تنحصر آثار التلوث بالنفط عادة في المناطق الساحلية فقط بل تمتد لتصل إلى سطح‬
‫مياه المحيطات الطبقات العميقة من المياه‪.‬‬

‫والجزائر واحدة من الدول النفطية التي تعاني من خطر تسربات النفط كونها تعتبر من الدول المنتجة‬
‫له بكميات هائلة‪ ،‬يكون فيها تركيز النفط عال بشكل خاص في المناطق الساحلية‪ ،4‬وتعتبر المملكة السعودية‬
‫أيضا من أهم الدول في مجال إنتاج النفط وتصنيعه‪ ،‬وهي بذلك أيضا عرضة لألخطار الناتجة عن تسرباته‬
‫وحوادثه‪،5‬‬

‫ومن البديهي أن أي سفينة وقع منها الخطأ تلزم بتعويض األضرار الناشئة عن الحادثة‪ ،‬فبمجرد تسرب‬
‫لتر واحد من النفط إلى البحر يغطي ما يزيد عن ‪ 4000‬متر مربع من المياه السطحية‪ ،‬وللحد من الحوادث‬
‫البحرية يقع على ربابين السفن وناقالت النفط واجب اتخاذ كامل التدابير واإلجراءات الوقائية قبل االنتقال من‬

‫عبد السالم الشيوي‪ ،‬التعويض عن االضرار البيئية في نطاق القانون الدولي العام‪ ،‬دار الكتب القانونية‪2001 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫يسرى دعبس‪ ،‬تلوث المياه وتحديات الوجود‪ ،‬المجلة العلمية لقطاع كليات التجارة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪14‬‬ ‫‪2‬‬

‫اسعد عياش المسي ب‪ ،‬أساليب الحماية من تسربات النفط في المنشات النفطية للحد من التلوث البيئي‪ ،‬بحث متقدم استكماال‬ ‫‪3‬‬

‫لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في الحماية المدنية‪ ،‬جامعة تايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض‪ ،2005 ،‬ص‪12‬‬
‫جمال وعلي‪ ،‬الحماية القانونية للبيئة البحرية من اخطار التلوث‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة ابي‬ ‫‪4‬‬

‫بكر بلقايد تلمسان‪ ،‬ص ‪.3‬‬


‫اسعد عياش المسيب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.4‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪31‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫منطقة إلى أخرى‪ ،‬وكذا مراقبة األحوال الجوية لتلك الفترة التي يتم فيها التنقل‪ ،1‬ويتدرب العاملون في مجال‬
‫التعامل مع خطر التسربات النفطية في حالة وجود ثقب في المنشآت عن طريق التهيأة والصيانة‪.‬‬

‫ويطلق على هذا النوع من التلوث بالنفط تسمية "القاتل الصامت" نظ ار لطريقة الموت التي تنتج عنه‬
‫بمجرد استنشاق الكائنات الحية للمواد السامة التي يحتويها‪ ،2‬وبجانب البترول والنفط كمصادر أساسية لتلوث‬
‫مياه البحر‪ ،‬نجد مصادر أخرى تتسبب في حدوث ذلك التلوث‪ ،‬فالمصدر األول يتمثل في تصريف النفايات‬
‫واخراجها في المياه البحرية‪ ،‬أما المصدر الثاني الثانوي لتلويث المياه البحرية فيتمثل في استغالل المياه قاع‬
‫البحار بمختلف اآلالت واألجهزة الضخمة من قبل البشرية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التلوث الناجم عن تصريف النفايات في البحر‬

‫توجه كل مستشفيات العالم تقريبا نفاياتها الناتجة عن األنشطة العالجية إلى البحار‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة‬
‫لمختلف المصانع الكبرى التي تأسس مشاريعها في القرب من الشواطئ‪ ،‬ويرجع هذا الفعل إلى عدم احترام‬
‫‪3‬‬
‫القواعد القانونية المبرمة في مجال حماية البيئة البحرية وعدم تطبيقها تطبيقا فعليا‪.‬‬

‫فنجد مثال في سنة ‪ 1993‬بمدينة ميناماتا اليابانية تسربت مادة الزئبق من أحد المصانع إلى البحر‪ ،‬وأدى‬
‫هذا الحادث إلى وفاة العشرات من األشخاص‪ ،‬وظهرت بعده والدات حديثة مشوهة بسبب انتقال سموم تلك‬
‫‪4‬‬
‫المادة من األسماك إلى األشخاص الذين اتخذوها كوجبة غذائية لهم‪.‬‬

‫وبسبب هذه المخاطر فإن أي مشروع بالقرب من السواحل البحرية البد له من مراعاة شروط معينة فالمادة‬
‫‪ 114‬من قانون البلدية الجزائري رقم ‪ 10-11‬تنص على أنه‪ ":‬يقتضي أي مشروع يحتمل األضرار بالبيئة‬
‫وبالصحة العمومية على إقليم البلدية موافقة المجلس الشعبي البلدي باستثناء المشاريع ذات المنفعة الوطنية‬
‫التي تخضع لألحكام المتعلقة بحماية البيئة"‪ ،5‬وتنص المادة ‪ 124‬من نفس القانون على أن‪" :‬تكفل البلدية في‬

‫مصطفى كمال طه‪ ،‬القانون البحري (مقدمة السفينة‪ ،‬اشخاص المالحة البحرية‪ ،‬النقل البحري‪ ،‬الحوادث البحرية‪ ،‬التامين‬ ‫‪1‬‬

‫البحري‪ ،‬دار الجامعية)‪ ،1993 ،‬ص‪.371‬‬


‫اسعد عياش المسيب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.35‬‬ ‫‪2‬‬

‫جمال واعلي‪ ،‬الحماية القانونية للبيئة البحرية من اخطار التلوث‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة ابي‬ ‫‪3‬‬

‫بكر بلقايد تلمسان‪ ،2010 ،‬ص‪.36‬‬


‫ليلة زياد‪ ،‬مشاركة المواطنين في حماية البيئة المذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون‪ ،‬جامعة مولود معمري تيزي وزو‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫كلية الحقوق‪ ،2010/11/10 ،‬ص‪.17-16‬‬


‫قانون البلدية رقم ‪ ،10-11‬الجريدة الرسمية‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪32‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫مجال تحسين اإلطار المعيشي للمواطن وفي حدود إمكانياتها وطبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما بتهيئة‬
‫‪1‬‬
‫المساحات الخضراء ووضع العتاد الحضري وتساهم في صيانة فضاءات الترقية والشواطئ"‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬استغلل قاع البحر كمصدر لتلوث البيئة البحرية‬

‫تحتوي البحار والمحيطات على مجموعة من الكائنات الحية وغير الحية في البحار‪ ،‬وتوجد فيها أيضا‬
‫مجموعة من المواد الطبيعية التي تعتمد عليها الدول من اجل تحقيق اقتصادها‪ ،‬ففي سنة ‪ 1883‬تم ألول مرة‬
‫في إنجلت ار استخراج الفحم من قاع البحر‪ ،‬وذلك في كل من مناجم (كورن) و (باي) و (كمبر الند)‪ ،‬وبتطور‬
‫الحياة أصبح من الممكن للدول أن تستخدم منشئات بحرية عديدة ثابتة وأخرى متحركة‪.‬‬

‫لكن إفراط الدول في االعتماد على هذا األسلوب من أجل تنمية اقتصادها له آثار كبيرة على البيئة البحرية‪،‬‬
‫ويعود السبب في ذلك إلى كون المنشأة المستعملة في الكشف عن المحروقات في قاع البحر واستغالله تخلف‬
‫‪2‬‬
‫بسبب نشاطها الكثير من النفايات واألبخرة والزيوت التي تصنفها ضمن أكبر المنشآت تلويثا للبيئة البحرية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أثر تلوث المياه على الكائنات الحية‬

‫مثلما هو الحال بالنسبة لليابسة فإن البحار والمحيطات ومياه بشكل عام تعتبر موطنا لعيش عدد ال‬
‫حصر له من الكائنات‪ ،‬وعند ذكرنا للثروات البحرية فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا هو الحيتان واألسماك‬
‫باعتبارها المصدر األول الذي يعرفه اإلنسان ويشكل الغذاء األساسي لكثير من الشعوب‪ ،‬وقد كانت هذه‬
‫الكائنات عرضة لمخاطر التلوث الناجم عن الصناعة والتجارب والمفاعالت‪ ،‬وبدأت الثروة السمكية تتراجع‬
‫شيئا فشيئا بشكل الفت مما ترتب عنه مشاكل غذائية للكثير من الفئات التي تعتمد عليها اعتمادا أساسيا سواء‬
‫كمصدر دخل كما هو الحال بالنسبة للصيادين أو كغذاء بالنسبة لبقية األشخاص‪.‬‬

‫الفرع اْلول‪ :‬الصرف الصحي‬

‫الصرف الصحي هو المسؤول األول عن تفشي األمراض المعدية التي تنتقل إلى المصطافين أو سكان‬
‫السواحل عن طريق تناولهم مأكوالت بحرية من المناطق الملوثة من األسماك أو المحار‪ ،‬وقد انتشرت هذه‬
‫‪3‬‬
‫األمراض المعدية في شمال وجنوب أمريكا وفي القارة األوروبية‪.‬‬

‫قانون البلدية رقم ‪ ،10-11‬الجريدة الرسمية‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫احمد اسكندري‪ ،‬احكام حماية البيئة البحرية من التلوث في ضوء القانون الدولي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة دكتوراه في القانون معهد‬ ‫‪2‬‬

‫الحقوق والعلوم اإلدارية بن عكنون‪ ،1995 ،‬ص‪. 65‬‬


‫طلعت إبراهيم االعوج‪ ،‬التلوث المائي‪ ،‬الهيئة المصرية العامة‪ ،‬ص‪.80‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪33‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫ففي سنة ‪ 1972‬انتشر مرض الكولي ار في إيطاليا وهو وباء سريع االنتشار ‪ ،‬وثبت أن مياه الصرف‬
‫الصحي هي المسؤول األول عن انتشاره نتيجة تلوث الشواطئ وتناول بلح البحر والمحار الملوثة بالمكروبات‬
‫المسببة للمرض ‪ ،‬ونصف الحاالت المصابة بالكولي ار تتعرض إلى إخراج السوائل بكثرة من الجسم‪ ،‬وفي خالل‬
‫األسبوع يفقد المصاب نسبة كبيرة من الماء والمعادن ويصاب بالجفاف‪ ،‬وأول من اكتشف أن التلوث بمياه‬
‫‪1‬‬
‫المجاري هو السبب في انتشار الكولي ار هو الطبيب (جون سنو) عام ‪.1872‬‬

‫ومياه الصرف الصحي الملقاة في البحار تؤدي إلى زيادة نسبة الفوسفور الناتج من مساحيق الغسيل‪،‬‬
‫وزيادة نسبة النتروجين الناتج عن المخلفات البشرية‪ ،‬ونتيجة لزيادة هاتين المادتين يحدث زيادة فطرية في معدل‬
‫تكاثر الطحالب والنباتات المائية‪ ،‬مما يؤدي إلى اإلخالل بالتوازن العددي لألحياء البحرية وهذا التوازن مطلوب‬
‫‪2‬‬
‫الستمرار حياة الكائنات الحية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التلوث الكيماوي‬

‫ينتج التلوث الكيماوي عن إلقاء الكثير من المصانع الشاطئية والمقامة على األنهار مخلفاتها في المياه‪،‬‬
‫مما يؤدي إلى تسمم الكائنات البحرية واصابتها باألمراض‪ ،‬وال يعتبر خط ار حقيقيا انتقال الخاليا السرطانية من‬
‫الكائنات البحرية إلى اإلنسان‪ ،‬وانما الخطر الحقيقي يعتمد على مقدرة هذه الكائنات على تركيز المواد السامة‬
‫والتوطن في خالياها بالرغم من أن تركيزها في البحار قد ال يكون مرتفعا بدرجة ال تشكل خط ار كبيرا‪ ،‬ثم انتقال‬
‫‪3‬‬
‫هذه الكيماويات إلى اإلنسان عن طريق تلك الكائنات‪.‬‬

‫وبرزت آثار التلوث الكيماوي بشكل واضح في مياه البحيرات العظمى بأمريكا الشمالية وكذا بسبب‬
‫النفايات الصناعية‪ ،‬حيث ترتب عنها نقص عدد الحيتان من ‪ 9‬أالف عام ‪ 1900‬إلى ‪ 1200‬حوت في‬
‫الخمسينيات وأقل من ذلك بكثير حاليا‪ ،‬ونذكر ما حدث أيضا في خليج (مينامات) باليابان حيث ألقيت‬
‫فضالت تحتوي على (ميثيل الزئبق) في الخليج وتركزت هذه المادة في األسماك مما أدى إلى انتشار التسمم‬
‫بالزئبق بين السكان الذين يعيشون على هذه األسماك‪ ،4‬وتزداد درجة خطورة المركبات الكيماوية عندما تتحد‬
‫فيما بينها مشكلة مركبات مضاعفة الخطر على حياة مختلف الكائنات الحية البحرية وغير البحرية‪.‬‬

‫طلعت إبراهيم االعوج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪80.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫المجلة العلمية لقطاع كليات التجارة‪ ،‬المرجع السابق ص‪.20‬‬ ‫‪3‬‬

‫المجلة العلمية لقطاع كليات التجارة‪ ،‬المرجع السابق ص‪.21‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪34‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التسرب النفطي‬

‫بمجرد التصاق الطبقة اللزجة من طبقة النفط بأجسام وخياشيم األسماك فإنها تسد منافذ التنفس لديها‬
‫وتحرمها من األكسجين‪ ،‬مما يؤدي بالضرورة إلى هالكها أو هروبها إلى أماكن جديدة بعيدة وتكسب هذه الطبقة‬
‫‪1‬‬
‫األسماك طعما ورائحة غير مقبولة‪ ،‬وفي كل الحاالت تقضي حتميا على الثروة السمكية ‪.‬‬

‫ويختلف النفط في مصدره وفي تركيبته بحسب مكان استخراجه‪ ،‬فبالرغم انه يتكون من سلسلة من‬
‫األلكنات الثمينة التي تجعل منه مصد ار مهما للطاقة األولية يتم به تشغيل المصانع‪ ،‬ويستخدم في العديد من‬
‫الحاالت إلنتاج منتجات كيماوية‪ ،‬إال أنه وفي حالة تسربه إلى البحر يصبح مباشرة مصد ار أوليا لتلوث المياه‬
‫‪2‬‬
‫البحرية في تلك المنطقة‪ ،‬بسبب كونه مركبا من سلسلة معقدة من الهيدروكربونات‪.‬‬

‫وعليه فان التلوث النفطي يؤثر على الكائنات البحرية المختلفة حسب تأثير الهيدروكربونات السامة‪،‬‬
‫فغالبا ما تحتوي المشتقات البترولية على مواد مسرطنة مثل البنزوبيرين‪ ،‬ويزداد تركيز هذه المواد السامة داخل‬
‫الكائنات البحرية بمرور الوقت ويسبب أض ار ار لإلنسان عند تناولها‪ ،‬وتظهر خطورة التلوث النفطي على الدول‬
‫التي تعتمد على تحلية مياه البحر كما في الخليج العربي‪ ،‬فهنا التلوث النفطي يؤثر على محطات التحلية في‬
‫كل من السعودية والكويت والبحرين وقطر‪ ،‬وهي الدول التي تعتمد على تعلية مياه الخليج لسد ‪ %90‬من‬
‫‪3‬‬
‫احتياجاتها المائية‪ ،‬وتؤثر المياه الناتجة على اإلنسان والحيوان والنبات التي تعيش وتشرب منها‪.‬‬

‫كما يلوث الزيت الشواطئ بطبقة سميكة تجعلها غير صالحة للسباحة‪ ،‬وتحدث هذه الطبقة نتيجة‬
‫امتزاج الزيت مع جسيمات صلبة تغوص في المناطق الساحلية‪ ،‬ويؤثر ذلك على االستمتاع بالشواطئ‪ ،4‬وتعتبر‬
‫االضرار الناشئة عن التسربات النفطية صعبة التحكم فيها سواء في البحار أو المحيطات أو على الشواطئ‪،‬‬
‫ومنها ما يمكن السيطرة عليه ومنها من ال يقبل السيطرة أو التحكم فيه بشكل مطلق‪ ،‬وتبقى تؤثر لسنوات عديدة‬
‫على عناصر البيئية البحرية‪ ،‬وقد أكدت دراسات ميدانية انه للنفط دور أساسي في االنخفاض المتزايد للطيور‬
‫البحرية ‪ ،5‬وذلك من خالل االلتصاق بأجسامها ومنعها من الحركة‪ ،‬أو تسميم هذه الطيور بالهيدروكربونات‬
‫النفطية‪ ،‬وقد أدت هذه المشاكل إلى تراجع أعداد الطيور حيث اختفى ‪ 500‬ألف طائر من ‪ 9‬أنواع مختلفة بعد‬

‫طلعت إبراهيم االعوج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.92‬‬ ‫‪1‬‬

‫اسعد عياش المشيب‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪12‬‬ ‫‪2‬‬

‫عبد السالم الشيوي‪ ،‬التعويض عن االضرار البيئية في نطاق القانون الدولي العام‪ ،‬الكتب العالمية‪ ،2001 ،‬ص ‪.105‬‬ ‫‪3‬‬

‫طلعت إبراهيم االعرج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.95‬‬ ‫‪4‬‬

‫جمال واعلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪35‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫حادثة الباخرة (جير ماسك) عام ‪ 1965‬حيث تسرب منها ‪ 8‬آالف طن من البترول‪ ،‬وتقدر عدد الطيور التي‬
‫‪1‬‬
‫تموت سنويا ببريطانيا مسمومة بالهيدروكربونات السامة حوالي ‪ 250‬ألف طائر‪.‬‬

‫عبد السالم الشيوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.110‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪36‬‬
‫مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬ ‫الفصل األول‬

‫خلصة الفصل اْلول‬


‫إن المعالجة القانونية لظاهرة معينة تتطلب فهما لهذه الظاهرة وأسبابها وكذا ابعادها ومصادرها‪ ،‬وألن مشكلة‬
‫التلوث الذي طال البيئة المائية هي واحدة من الظواهر التي تشغل بال الساسة وأصحاب القرار على المستويات‬
‫الدولية والوطنية فقد كان لزاما أن تكون موضوعا للدراسات األكاديمية في مختلف المجاالت لفهم محتواها‬
‫ومضمونها بغية تسهيل مهمة التعامل معها والحد من مسبباتها وآثارها‪ ،‬والن هذه الدراسة تتعلق بالحماية‬
‫القانونية للبيئة المائية من التلوث فقد كان لزاما ان يخصص الجزء األول منها لإلطار المفاهيمي لفكرتي البيئة‬
‫المائية والتلوث‪ ،‬ثم أسباب ومصادر هذه المشكلة وابعادها‬

‫‪37‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫أسس وآليات الحماية‬
‫الق انونية للبيئة البحرية‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫لقد كانت البيئة في السنوات والعقود األخيرة عرضة لنشاط اإلنسان المدمر والالمسؤول نتيجة لجهله‬
‫ألسباب وجوده في األرض التي استخلفه اهلل عز وجل إلعمارها بدل تدميرها‪ ،‬وقد امتدت آثار هذا النشاط‬
‫للكثير من المكونات الرئيسية التي تضمن توازن الوسط الذي يعيش فيه‪ ،‬فمساحات شاسعة من األراضي قد‬
‫دمرت وأصناف عديدة من الحيوانات انقرضت وكثير من األنهار والمجاري المائية قد جفت وأنهار وبحار‬
‫لوثت ‪ ،‬وأدت هذه اآلثار مجتمعة إلى تراجع جودة الحياة على هذا الكوكب وظهور األمراض واألوبئة والكثير‬
‫من الظواهر التي أصحبت تهدد جديا إمكانية الحياة ليس فقط للبشر بل لجميع الكائنات الحية‪ ،‬هذا التهديد‬
‫قفز بالبيئة في العقود الخمس األخيرة إلى قمة اهتمام المجتمع الدولي وأصبحت المحافظة عليها من أبرز‬
‫القضايا الحاضرة في الساحة الدولية وفي العالقات بين الدول‪.‬‬

‫وألن البيئة البحرية هي مكون رئيسي للكوكب الذي نعيش فيه وهي على غرار غيرها من األنواع عرضة‬
‫للتلوث وآثاره‪ ،‬فقد اكتسبت أهمية كبيرة وأضحت في حاجة ماسة للحماية والعناية الالزمة‪ ،‬فالبحار والمحيطات‬
‫واألنهار تغطي ثالثة أرباع الكرة األرضية‪ ،‬وهي كما ذكرنا سابقا الوسيلة األنسب للموصالت والنقل البحري‬
‫والتجارة الدولية‪ ،‬إلى جانب ما تزخر به من ثروات مختلفة حيوانية كانت أو نباتية ومعادن ومصادر طاقوية‬
‫مختلفة‪ ،‬فاإلنسان مرتبط بها ارتباطا مباش ار‪ ،‬ورغم أن تطور البشرية مرتبط بمدى استغاللها لمواردها البيئية‪،‬‬
‫إال أن سوء استغالل البيئة البحرية وما طالها من تلوث وفر األسباب الكافية لتنبيه الحكومات إلى خطورة‬
‫مشكل تلوث البحار ولضرورة إرساء األدوات القانونية الدولية المناسبة لمواجهة هذا التحدي والتدخل لتوفير‬
‫الحماية الدولية ضد هذه األخطار‪ ،‬وشهد العام ‪ 1972‬البداية الفعلية للتحرك نحو مواجهة االنتشار الرهيب‬
‫للتلوث البيئي في شتى مجاالت‪ ،‬وكانت البيئة المائية موضوعا للعديد من هذه النصوص وهدفا للكثير من‬
‫اآلليات‪.‬‬

‫وسنحاول في هذا الجزء من الدراسة استعراض األسس القانونية واآلليات القانونية الدولية لحماية البيئة‬
‫المائية من خالل تقسيمه إلى مبحثين على النحو التالي‪:‬‬

‫المبحث اْلول‪ :‬حماية البيئة المائية في النصوص القانونية‬

‫المبحث الثاني‪ .‬آليات الرقابة على التزام الدول بحماية البيئة‬

‫‪39‬‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث اْلول‪ :‬النصوص القانونية لحماية البيئة البحرية‬

‫إن تحقق األخطار التي كان المختصون يحذرون منها سابقا‪ ،‬والتي لم تعد رفاهية اإلنسان معها ذات‬
‫أهمية مقارنة بوجوده وبقائه حيا في وسط تتوافر فيه شروط الحياة الصحية‪ ،‬أدى إلى ارتفاع الحس بالمسؤولية‬
‫لدى الدولة والشعور باألخطار والكوارث الناجمة عن التلوث البيئي بما فيه ذلك الذي يمس بالبيئة المائية‪،‬‬
‫ورضخت أخي ار لدعوات األمم المتحدة المتواصلة للجلوس على طاولة التشاور حول حلول آنية لهذه المشكلة‬
‫الملحة‪ ،‬وعقدت لهذا الغرض الندوات والمؤتمرات وصيغت النصوص واالتفاقيات التي كان لها صدا واسع في‬
‫مجال حماية البيئة المائية‪ ،‬والتي شكلت مجتمعة األساس القانون لقانون دولي للبيئة يضمن الحماية الالزمة‬
‫لعناصرها في مواجهة التطرف في استخدام الموارد الملوثة‪ ،‬ويرتقي بالعامل البيئي إلى نفس أهمية العوامل‬
‫األخرى اقتصادية أو اجتماعية‪ ،‬ألنها في النهاية تشترك في ضمان بقاء اإلنسان واستمرار نسله‪.‬‬

‫وقد تنوعت هذه النصوص إلى نصوص عالمية واقليمية‪ ،‬عامة وخاصة ‪ ،...‬ستكون جميعها موضوعا‬
‫لهذا المبحث‪:‬‬

‫المطلب اْلول‪ :‬حماية البيئة المائية من خلل النصوص العالمية العامة والخاصة‬

‫يقصد بالنصوص العالمية تلك التي ال تتقيد برقعة جغرافية معينة بقدر اهتمامها بمصير البشرية المشترك‪،‬‬
‫وتكون هذه النصوص في العادة تحت إشراف منظمة أمم المتحدة وفي إطارها في المواضيع والقضايا التي تهم‬
‫جميع الدول مهما كان شكلها أو مكانتها‪ ،‬وتختلف هذه النصوص بحسب طبيعتها إلى اتفاقيات وبحسب‬
‫موضوعها إلى اتفاقيات تتضمن أحكاما عامة في مجال معين كتلك التي تتضمن حماية البيئة اإلنسانية‬
‫بمفهومها الواسع‪ ،‬أو خاصة في جزئية أو عنصر من العناصر كتلك المتعلقة بالبيئة البحرية دون سواها‪.‬‬

‫الفرع اْلول‪ :‬حماية البيئة المائية في النصوص العامة‬

‫ألن موضوع الحماية الدولية للبيئة حديث نسبيا مقارنة بغيره من المواضيع‪ ،‬فقد صنف القانون الدولي‬
‫للبيئة ضمن ما يسمى ب ـ "القانون الرخو" الذي يعتمد أساسا على اإلعالنات والمؤتمرات لغرض إدراج البعد‬
‫البيئي ضمن اهتمامات الدول‪ ،‬قبل أن تتحول أحكامه فيما بعد إلى نصوص ملزمة تفرض التزامات على الدول‬
‫تحت طائلة المساءلة‪ ،‬وعلى هذا األساس فقد لعبت اإلعالنات العالمية دو ار أساسيا في ترسيخ الثقافة البيئية‬
‫لدى الدول والشعوب تمهيدا لفرض االلتزامات البيئية فيما بعد‪ ،‬ومن أهم النصوص نذكر‪:‬‬

‫‪40‬‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أوال‪ :‬إعلن ستوكهولم للعام ‪1972‬‬

‫سمي بإعالن ستوكهولم نسبة إلى المدينة السويدية التي عقد فيها المؤتمر الدولي األول للبيئة اإلنسانية‬
‫بتاريخ ‪ ،11972-12-15‬وقد صدر هذا اإلعالن بموجب القرار رقم ‪ 2996‬متضمنا ديباجة و‪ 26‬مبدأ‪،‬‬
‫ويعتبر أول تدخل قانوني صريح في مجال القانون الدولي للبيئة‪ ،‬حيث جاء بمجموعة من المبادئ الكافية‬
‫لتنظيم مجال البيئة‪ ،‬وشأنه شأن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ذهب البعض إلى اعتباره أحد مصادر القانون‬
‫‪2‬‬
‫الدولي للبيئة على الرغم من صفته الغير إلزامية‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ومن أهم المبادئ التي تضمنها إعالن ستوكلهم كأساس لحماية البيئة وترسيخ ثقافة احترامها ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬حق اإلنسان في اإلنسان في الحرية والمساواة وفي ظروف معيشية سليمة داخل بيئة تكفل له الكرامة‬
‫والرفاهية ويقابله التزام بحماية البيئة وضرورة المحافظة عليها لألجيال القادمة‪.‬‬
‫‪ ‬وجوب الحفاظ على البيئة وتحسينها وجميع مواردها الطبيعية بما في ذلك الهواء والمياه والتربة‪.‬‬
‫‪ ‬ضمان قدرة األرض في إنتاجية الموارد المتجددة‪.‬‬
‫‪ ‬يقع على اإلنسان واجب الحفاظ على التراث اإلنساني واألحياء البرية‪.‬‬
‫‪ ‬االستغالل العقالني للموارد الغير متجددة‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة توقيف رمي المواد السامة والكيميائية والتي من شأنها إحداث الح اررة‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة اتخاذ الدول لجميع اإلجراءات لمنع تلوث البحار‪.‬‬
‫‪ ‬رفع التنمية االقتصادية واالجتماعية لضمان بيئة مواتية للعيش‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تعزيز السياسات البيئية للدول والتي من شأنها زيادة التنمية في الحاضر والمستقبل‪.‬‬

‫إن إعالن ستوكهولم هو ميالد الهتمام العالم بالبيئة حيث انتقل إلى الجانب العملي متضمنا ‪ 26‬مبدأ‬
‫و‪ 109‬توصية جعلت منه أساس لمختلف البحوث والقوانين والمؤتمرات واالتفاقيات التي جاءت بعده وفي كافة‬
‫جوانب حماية البيئة بحرية كانت أو هوائية أو تربة‪ ..‬إلى غير ذلك‪ ،‬حيث حث على وجوب أن تلعب كل دولة‬

‫بناء على اقتراح من المجلس االقتصادي واالجتماعي لألمم المتحدة‪ ،‬عقد مؤتمر دولي حول البيئة اإلنسانية بدعوة من الجمعية‬ ‫‪1‬‬

‫العامة لألمم المتحدة في ‪ 13‬ديسمبر ‪ ،1968‬وعقد هذا المؤتمر في مدينة ستوكهولم بالسويد في الفترة الممتدة ما بين ‪ 5‬إلى‬
‫‪ 16‬يونيو ‪ 1972‬مستهدفا إرشاد الشعوب إلى حفظ البيئة البشرية وتنميتها عن طريق تحقيق رؤية ومبادئ مشتركة‪.‬‬
‫‪ 2‬علواني أمبارك‪ ،‬المسؤولية الدولية عن حماية البيئة‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،2017-2016 ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.60‬‬

‫‪41‬‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫دورها في توفير بيئة نظيفة وعلى اتخاذ جميع التدابير الالزمة لمنع التلوث والتعاون مع الدول والمنظمات‬
‫‪1‬‬
‫المتخصصة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وجاء في إعالن ستوكهولم مجموعة من التوصيات أهمها‪:‬‬

‫‪ ‬تطوير وتدوين قانون دولي للبيئة دوليا ووطنيا‪.‬‬


‫‪ ‬الرفع من وتيرة االتفاقيات لقضايا البيئة خاصة البحرية منها‪.‬‬
‫‪ ‬تضمين قانون البيئة ضمن ترسانة القوانين الوطنية وتطوير‪.‬‬

‫وأصدر مؤتمر ستوكلهم أول وثيقة دولية تعبر عن مبادئ واجراءات تتخذها الدول في إدارة القضايا‬
‫البيئية والتعامل معها سواء مع أسبابها أو مع نتائجها وأخطارها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إعلن الهاي‬

‫جاء إعالن الهاي ليؤكد على الدول األطراف ضرورة التعاون بين الدول الصناعية والنامية في حالة‬
‫الحفاظ على الغالف الجوي حيث أن اإلعالن يربط بين البيئة وحق اإلنسان في الحياة‪ ،‬وينادي بزيادة المؤسسات‬
‫بهدف جمع معلومات واصدار ق اررات من شأنها الحفاظ على البيئة‪ ،‬حيث وقع اإلعالن من قبل ‪ 20‬دولة عام‬
‫‪ 1989‬بهولندا وتم إيداعه لدى الحكومة الهولندية‪ ،‬وكان هدفه الحفاظ على حق اإلنسان في العيش الكريم‪،‬‬
‫والذي يليه الحفاظ على البيئة بجميع أنواعها البحرية أو الجوية إلى غير ذلك وضم العديد من المبادئ أهمها‪:‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ ‬تحمل الدول الصناعية اللتزامات متعلقة بمساعدة الدول النامية المتأثرة بالتلوث الذي يط أر على‬
‫البيئة‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة التعاون بين المؤسسات المالية ومنظمات التنمية‪.‬‬
‫‪ ‬وجوب تنفيذ اإلعالن من طرف جميع الدول وليس من طرف األعضاء فقط‪.‬‬
‫‪ ‬إنشاء مؤسسات جديدة لدى األمم المتحدة تكون مسؤولة على الحفاظ على البيئة تمنح لها سلطة‬
‫إصدار القرار‪.‬‬
‫‪ ‬كما أن اإلعالن يدعو جميع الدول والمنظمات الحكومية والغير حكومية للمشاركة في الحفاظ‬
‫على البيئة‪.‬‬

‫علواني امبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.61‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.62‬‬


‫علوان امبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.62-61‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪42‬‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ثالثا‪ :‬مؤتمر اْلمم المتحدة للبيئة (قمة اْلرض) عام ‪1992‬‬

‫يعتبر هذا المؤتمر الثاني لألمم المتحدة وهو أكبر اجتماع عالمي في التاريخ في النصف األول من شهر‬
‫يونيو ‪ ،11992‬حيث عقدت اجتماعاته في مدينة (ري ودي جانيرو) عاصمة الب ارزيل وأطلق عليها مصطلح‬
‫"قمة األرض"‪ ،‬وجاء بعد ما ترسخت العالقة بين البيئة والتنمية لدى الدول حيث حضره الكثير من زعماء العالم‬
‫وممثلو القبائل اآليلة لالنقراض ما جعل منه أكبر تجمع في تاريخ البشرية ويوما عالميا للبيئة‪ ،‬ونظم هذا‬
‫المؤتمر األمم المتحدة بالتعاون مع ‪ 25‬منظمة تابعة لها بمشاركة ‪ 131‬دولة‪ ،‬إضافة إلى ‪ 171‬وفدا حكوميا‬
‫رسميا و‪ 1400‬منظمة غير حكومية‪ ،‬و كان هدفه وضع أساس للمشاركة الدولية لضمان مستقبل األرض‬
‫وجعل األمم المتحدة مسؤولة عن تنفيذ هذا األساس العالمي‪ ،‬معتمدة على جميع أجهزتها حيث اعتمد هذا‬
‫‪2‬‬
‫المؤتمر في جلسته العامة جدول أعمال القرن الواحد والعشرين وبيان المبادئ الرسمية‪.‬‬

‫وسبقت مؤتمر قمة األرض العديد من المؤتمرات التحضيرية منها مؤتمر برجين ‪ 1990‬للبلدان األوروبية‬
‫المنعقد في النرويج وكذلك مؤتمر بانكوك عام ‪ 1990‬في تايالند إضافة إلى مؤتمر مكسيكو سيتي ألمريكا‬
‫الالتينية ومنطقة بحر الكاريبي عام ‪ 1991‬وأيضا مؤتمر نيروبي عام ‪ 1991‬أين تم وضع مشروع ميثاق‬
‫األرض تزامنا مع مؤتمر ماليزيا كوااللمبور عام ‪ 1992‬أما من حيث الجهود العربية تم انعقاد عدة مؤتمرات‬
‫عربية منها إعالن القاهرة بغرض التحضير لقمة األرض حيث صدر عن مؤتمر قمة األرض الكثير من الوثائق‬
‫متضمنا ‪ 27‬مبدأ وأجندة القرن الحادي والعشرين التي تعد بمثابة خريطة للمستقبل في ظل التنمية المستدامة‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫وتمخض عن المؤتمر وثيقة غاية في األهمية وهي "إعالن ريو" المكون من ‪ 27‬مبدأ من أجل الحفاظ‬
‫على البيئة‪ ،‬ومن أهمها المبدأ الثاني منه الذي يلزم الدول بأن "تضمن أال تخلف أنشطتها أض ار ار بيئية لدول‬
‫أخرى"‪ ،4‬وأرفق اإلعالن بخطة عمل مفصلة باسم "جدول أعمال القرن ‪ ،"21‬وتحقيقا للهدف المسطر لهذا‬
‫المؤتمر والمتمثل في العمل ألجل الوصول إلى اتفاق عالمي يحترم مصالح كل طرف مع حماية االندماج‬
‫الدولي في البيئة العالمية كنظام شامل وعام‪ ،5‬فقد تمخضت عنه ثالث اتفاقيات دولية لقيت إقباال واسعا من‬

‫رياض صالح أبو العطا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.106‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬هشام بن عيسى بن عبد اهلل الداللي الشحي‪ ،‬حق التنمية المستدامة في قوام القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬رسالة ماجستير‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪ ،‬جانفي ‪ ،2017‬ص ‪.41‬‬
‫رياض صالح أبو العطا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬ ‫‪3‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.108‬‬ ‫‪4‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.107‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪43‬‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الدول لغرض التوقيع عليها‪ ،‬كانت األولى معنية بالتنوع الحيوي وحماية الكائنات الحية والحيوانية والنباتية‬
‫المهددة باالنقراض‪ ،‬والثانية تتعلق بالتغيرات المناخية ومكافحة ارتفاع درجات الح اررة عن طريق الحد من‬
‫انبعاثات الغازات الدفيئة‪ ،‬أما االتفاقية الثالثة فهي معاهدة الغابات والمساحات الخضراء‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬مؤتمر واشنطن عام ‪1926‬‬

‫حضر هذا المؤتمر كل من بلجيكا والدنمارك واسبانيا وفرنسا وايطاليا واليابان والنرويج وهولندا والبرتغال‬
‫والسويد باعتبارها دول المجتمع الدولي األكثر أهمية اقتصاديا وبحريا‪ ،‬وجاء ذلك بناءا على دعوة من طرف‬
‫الواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا‪ ،‬ويعتبر هذا المؤتمر أول خطوة لمكافحة ظاهرة تلوث البيئة البحرية‪ ،‬حيث‬
‫بحث الجوانب الفنية لتلوث البحار والمحيطات من أسبابها ومظاهرها المختلفة وخرج بالعديد من المبادئ‪،‬‬
‫صدرت في شكل اتفاقية تتضمن عددا من االلتزامات المتخذة من طرف جميع الدول في ذلك الوقت‪ ،‬وقد تم‬
‫الوصول فعال لمشروع اتفاقية تنطوي على جوانب مهمة متعلقة بمكافحة تلوث مياه البحر والمحيطات بزيت‬
‫البترول كما استلزمت مسؤولية دولية في حالة االنتهاك إال أن الدول لم تصادق على هذه االتفاقية ‪ ،1‬ومع ذلك‬
‫فقد وجه هذا المؤتمر أنظار الدول إلى خطورة تلوث البيئة البحرية والتزام اختياريا مالك السفن البريطانية ببعض‬
‫نصوص االتفاقية‪ ،‬وتتبعهم في ذلك مالك السفن في كل من الواليات المتحدة األمريكية وهولندا والسويد والنرويج‬
‫وبلجيكا‪ ،‬حيث اقترحت بريطانيا على منظمة المواصالت التابعة لعصبة األمم المتحدة أن تعد مشروع معاهدة‬
‫دولية لهذا الغرض‪ ،‬وشكلت لجنة خبراء اجتمعت في أكتوبر سنة ‪ 1934‬ووضع مؤتمر واشنطن محل بحث‬
‫‪2‬‬
‫في اتفاقية لندن لعام ‪.1934‬‬

‫خامسا‪ :‬مؤتمر جوهانسبرغ ‪2002‬‬

‫لم تنجح هذه القمة في عقد اتفاقية بيئية جديدة ولكنها مهدت المسار للدول من أجل تنفيذ المبادئ التي‬
‫تضمنتها المؤتمرات البيئية العالمية وباألخص مؤتمر (ستوكهولم) و (ريو دي جانيرو)‪ ،‬مع التركيز في ذلك‬
‫على مبادئ (ريو دي جانيرو) من أجل تحقيق التنمية المستدامة القائمة على الجانب االجتماعي واالقتصادي‬
‫وعلى جدول أعمال أو أجندة القرن الواحد والعشرين‪ ،‬مع ما أقره المؤتمر من خطة لتنفيذ نتائجه خصوصا فيما‬
‫‪3‬‬
‫يتعلق بالتنمية المستدامة التي وضعت أبعادا للتصدي لمشكلة التلوث البيئي‪.‬‬

‫‪ 1‬السيد نصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬الحماية القانونية للبيئة البحرية في القانون الدولي للبحار‪ ،‬للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬جمهورية‬
‫مصر العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2012 ،‬ص ‪.308‬‬
‫‪2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.309‬‬
‫‪ 3‬هشام بن عيسى بن عبد اهلل الداللي الشحي‪ ،‬حق التنمية المستدامة في قواعد القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬كليو الحقوق‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪ ،‬جانفي ‪ ،2017‬ص ‪.42‬‬

‫‪44‬‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وقد انعقد المؤتمر بجوهانسبرغ في جنوب إفريقيا شهر سبتمبر من العام ‪ ،2002‬وذلك بعدما تعالت‬
‫أصوات التحذيرات من خطر تزايد تخريب اإلنسان للطبيعة‪ ،‬فجاء بذلك مكمال للمؤتمرات التي عقدتها األمم‬
‫المتحدة المتعلقة بشؤون البيئة‪ ،‬وقد أشار هذا المؤتمر للتنمية المستدامة ملحا في ذلك على ضرورة القضاء‬
‫على الفقر وحماية الموارد الطبيعية وتحقيق التنمية في إطار التنمية المستدامة‪ ،‬حيث أكد في مادته السابعة‬
‫عشر على تعهد كافة الدول على مواجهة الظروف السائدة والمهددة للتنمية المستدامة ولشعوب األرض‪ ،‬وتم‬
‫فيه عرض الكثير من الوثائق والتقارير للمواضيع التي يجمعها أساس واحد أال وهو تحقيق التنمية المستدامة‬
‫وحماية الموارد الطبيعية كحق ألجيال المستقبل‪ ،‬وكرس هذا المؤتمر مفهوم التنمية المستدامة على اإلطار‬
‫الدولي والوطني وفق قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة (‪ )57/253‬الذي تبنى التنمية المستدامة وخطة العمل‬
‫‪1‬‬
‫وحث الحكومات والمنظمات اإلقليمية والدولية على تطبيقها‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬المؤتمر الثاني للبيئة والتنمية اْلمم المتحدة نيروبي ‪1982‬‬

‫بعدما مضى عقد من الزمن على انعقاد مؤتمر ستوكهولم‪ ،‬انعقد مؤتمر نيروبي عاصمة كينيا سنة‬
‫‪ ،1982‬حيث استعرض فيه الدول األعضاء كافة المشاكل المتعلقة بالبيئة والتنمية خصوصا ما يتعلق بارتفاع‬
‫عدد السكان في دول العالم الثالث‪ ،‬حيث شدد المؤتمر على ضرورة التخفيف من حدة النزاعات الدولية وعدم‬
‫توسعها وهذا راجع إلى عواقبها الخطيرة على اإلنسانية وتم التنبيه إلى سياسة السباق نحو التسلح والنفايات‬
‫‪2‬‬
‫الناتجة عنه‪.‬‬

‫وقد اتفق أطراف المؤتمر على تبني مبادئ مؤتمر ستوكهولم الذي اعتبر استم ار ار لمؤتمر نيروبي واعتباره‬
‫ال يقل أهمية ونفعا لحياة البشرية‪ ،‬وفي صورة خاصة جاء هذا التعاون في الوقت الذي كان العالم يشهد حالة‬
‫من المواجهة واالنقسام‪ ،‬وتبنى إعالن نيروبي مساعدة الدول النامية ماديا وعلميا في مشكلة التصحر والجفاف‪،‬‬
‫إضافة إلى تشجيع الزراعة ومحاربة شتى أنواع الفقر وتحسين من األوضاع البيئية حيث طالب المؤتمرون‬
‫الدول الكبرى من الحد من اإلنفاق العسكري الهائل وتحويلها إلى القطاع المدني ومساعدة الدول النامية كما‬
‫‪3‬‬
‫طالب بضرورة التعاون الدولي واإلقليمي في سبيل حماية الحقوق البيئية والحفاظ على البيئة في العالم‪.‬‬

‫هشام بن عيسى بن عبد اهلل الداللي الشحي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬علواني أمبارك‪ ،‬المسؤولية الدولية عن حماية البيئة‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،2017-2016 ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.87‬‬

‫‪45‬‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرع الثاني‪ :‬حماية البيئة المائية في النصوص الخاصة‬

‫يقصد بالنصوص الخاصة في هذا الصدد تلك التي أبرمت لغرض حماية البيئة المائية بشكل خاص‪،‬‬
‫وهي بخالف سابقتها ال تتضمن أحكام عامة للبيئة بل تنظم بشكل خاص البيئة المائية وما يطالها من ممارسات‬
‫ملوثة تؤثر على جودتها ونقائها‪ ،‬ليتم بذلك حماية الكائنات البحرية من االنقراض وضمان استمرار البحار‬
‫والمحيطات في القيام بدورها الكامل في ضمان التوازن البيئي واالعتدال المناخي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬االتفاقية الدولية المتعلقة بالتدخل في أعالي البحار في حاالت الكوارث الناجمة عن‬
‫التلوث بالنفط بروكسل سنة ‪1969‬‬

‫انعقدت هذه االتفاقية في بروكسل سنة ‪ 1969‬وجاءت بعد كارثة غرق ناقلة البترول الليبيرية (توري‬
‫كاينون) أمام شواطئ المملكة المتحدة‪ ،‬و تهدف هذه االتفاقية إلى تمكين الدول من التدابير الالزمة في أعالي‬
‫البحار في حالة التلوث النفطي‪ ،‬إضافة إلى تنظيم طرق التدخل في هذه الحاالت من إجازة للدول الساحلية في‬
‫اتخاذ اإلجراءات الكافية لحماية مصالحها وفقا لشروط محددة‪ ،‬كما ألزمت الدول الساحلية مراعاة اعتبارات‬
‫‪1‬‬
‫معينة ملزمتها في ذلك دفع تعويض عند مخالفة أحكامها‪.‬‬

‫وتسمح هذه االتفاقية باتخاذ اإلجراءات الالزمة لمنع أو تخفيض أو إزالة خطر محدق بساحل الدول بما‬
‫في ذلك من إجراء تدمير السفينة إذا اتضح أن هذا اإلجراء سيوقف اإلضرار بالشواطئ‪ ،‬وطبقا للمادة الثالثة‬
‫ينبغي على الدول الساحلية قبل اتخاذ أي إجراء أن تحظر الدولة التي ترفع السفينة علمها إضافة إلى التشاور‬
‫مع ذلك يجوز في حالة الضرورة القصوى اتخاذ التدابير فو ار‪ ،‬ولقد دخلت االتفاقية حيز النفاذ في ‪ 06‬ماي‬
‫‪ ،1975‬وهي ال تعنى فقط بالتلوث الحادث عن النفط دون غيره‪ ،‬إذ أنها تمتد إلى األنواع األخرى ذات اآلثار‬
‫الضارة على البيئة البحرية‪ ،‬وتم تخويل هذه المهمة إلى المنظمة البحرية الدولية‪ ،‬حيث تعنى عموما بالحد من‬
‫‪2‬‬
‫استخدام المواد الضارة بصحة اإلنسان والملوثات المؤذية للنباتات والحيوانات البحرية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اتفاقية لندن لعام ‪ 1973‬بشأن منع تلوث البيئة البحرية عن طريق السفن‬

‫دخلت هذه االتفاقية حيز النفاذ في ‪ 02‬أكتوبر عام ‪ 1973‬بعدما ثبت ضعف اتفاقية لندن لعام ‪1954‬‬
‫وما أدخل عليها من تعديالت في أعوام ‪ 1962‬و‪ ،1969‬حيث دعت المنظمة البحرية الدولية لعقد مؤتمر‬
‫دولي بلندن في عام ‪ 1973‬وتمخض عن هذا المؤتمر هذه االتفاقية التي تعتبر أكثر شموال من اتفاقية لندن‬

‫‪1‬عبد السالم منصور الثيوي ‪ ،‬الحماية الدولية للبيئة المائية من التلوث‪ ،‬المجلة العالمية لقطاع التجارة‪ ،‬العدد العاشر‪ ،‬جمهورية‬
‫مصر العربية‪ ،‬جانفي ‪ ،2013‬ص ‪.457‬‬
‫‪2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.458‬‬

‫‪46‬‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫لعام ‪ 1954‬لتعلقها بكافة أنواع التلوث‪ ،‬وتشتمل على بروتوكولين وخمسة مالحق تضمن القواعد واألحكام‬
‫المتعلقة بتقارير الحوادث وصالحية السفن ووسائل منع تلوث البحار إضافة إلى التلوث الناشئ عن فضالت‬
‫‪1‬‬
‫السفن‪.‬‬

‫وقد فرضت االتفاقية مجموعة من الواجبات على الدول األطراف منها تعزيز الرقابة على مصادر تلوث‬
‫البيئة البحرية واتخاذ كل الخطوات الالزمة لمنع تلوث البحار عن طريق إغراق النفايات لما لها من آثار مضرة‬
‫باإلنسان وبالموارد البحرية واعاقة االستعماالت المشروعة للبحر‪ ،‬حيث قررت االتفاقية أيضا سريان أحكامها‬
‫على السفن والطائرات المسجلة في أقاليم الدول األطراف‪ ،‬وأكدت على ضرورة التعاون في مجال صد التلوث‬
‫والبحوث العلمية والتكاتف مع المنظمات الدولية من أجل تدريب الكوادر العليا والتقنية وأضافت تحميل المسؤولية‬
‫‪2‬‬
‫الكاملة لمن يحدث تهديدا للبيئة البحرية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬االتفاقية الدولية لمنع وضع اْلسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل اْلخرى على‬
‫قاع البحار وأراضي المحيطات أو تحتها سنة ‪1972‬‬

‫جاءت هذه االتفاقية نتيجة لمجهودات لجنة االستخدام السلمي لقاع البحار وأراضي المحيطات حيث‬
‫‪3‬‬
‫فرضت العديد من االلتزامات القانونية على أطرافها ومنها‪:‬‬

‫‪ ‬التعهد بعدم زرع أو وضع أي سالح نووي أو أي نوع من أسلحة الدمار الشامل‪.‬‬
‫‪ ‬التعهد بعدم وضع أي منشآت وتجهيزات إطالق مثل هذه األسلحة على قاع البحار او الحدود‬
‫الخارجية منه‪.‬‬
‫‪ ‬التزام جميع الدول بعدم تقديم المساعدات في إتيان األنشطة المنظورة‪.‬‬

‫وحددت االتفاقية نطاقا سريانيا جغرافيا على المناطق البحرية خارج نطاق البحر اإلقليمي للدول بمعنى‬
‫أنه ال يسري هذا االتفاق داخل حدود البحار اإلقليمية للدول حيث يعتبر هذا الشرط غير مجد للنفع وينقص‬
‫من قوة هذه االتفاقية باعتبار أن المجال الجغرافي البحري ج أز ال يتج أز بطبيعته‪ ،‬وأن األضرار الواقعة في مياه‬

‫‪ 1‬السيد مصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬الحماية القانونية للبيئة البحرية في القانون الدولي للبحار‪ ،‬اشتراك للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫جمهورية مصر العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2012 ،‬ص ‪.315-314‬‬
‫‪ 2‬عبد السالم منصور الشيوي‪ ،‬الحماية الدولية للبيئة المائية من التلوث‪ ،‬المجلة العالمية لقطاع التجارة‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪،‬‬
‫جانفي ‪ ،2013‬ص ‪.464-463‬‬
‫‪3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.465-464‬‬

‫‪47‬‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫البحار اإلقليمية البد وأن تمتد إلى كافة المياه البحرية بفعل التيارات المائية‪ ،‬كما شددت االتفاقية على ضرورة‬
‫‪1‬‬
‫التكاتف والتعاون لمجابهة وتحريم هذه األنواع من التلوث‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬اتفاقية حماية البحر المتوسط من التلوث برشلونة ‪1976‬‬

‫أبرمت هذه االتفاقية من خالل مؤتمر دعت إليه األمم المتحدة عن طريق برنامج األمم المتحدة للتنمية‬
‫وذلك بمدينة برشلونة في ‪ 02‬نوفمبر عام ‪ 1976‬وتهدف هذه االتفاقية إلى مناقشة وسائل حماية بيئة البحر‬
‫األبيض المتوسط‪ ،‬وقد تم إلحاق هذه االتفاقية بأربعة بروتوكوالت وقع اثنان منها مع االتفاقية والثالث وقع في‬
‫أثينا عام ‪ 1980‬والرابع في جنيف عام ‪ ،1982‬ودخلت هذه االتفاقية حيز النفاذ عام ‪ 1979‬لتسري على‬
‫منطقة البحر األبيض المتوسط دون المياه الداخلية للدول األطراف‪ ،‬كما تنطبق على السفن والطائرات أيا كان‬
‫‪2‬‬
‫نوعها والمسجلة في أراضي أحد الدول األطراف في االتفاقية‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -‬ومن أهم ما جاءت به االتفاقية ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬اتخاذ اإلجراءات الالزمة لمنع والحد من تلوث البحر األبيض المتوسط أيا كان السبب‪.‬‬
‫‪ ‬اتخاذ التدابير لمواجهة حاالت التلوث الطارئة أيا كان السبب‪.‬‬
‫‪ ‬وضع مخطط لرصد والتحكم في الملوثات في منطقة البحر األبيض المتوسط‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد المسؤولية والتعويض عن الضرر الناشئ عن مخالفة أحكام االتفاقية‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬اتفاقية قانون البحار (مونتجو سنة ‪)1982‬‬

‫خصصت هذه االتفاقية التي أبرمت تحت إشراف األمم المتحدة لقانون البحار‪ ،‬وأفرد الجزء الثاني عشر‬
‫منها لحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها‪ ،‬وطبقا لهذا تلزم الدول منفردة أو مشتركة باتخاذ التدابير الالزمة لمنع‬
‫تلوث البيئة البحرية وخفضه والسيطرة عليه أيا كان مصدره‪ ،‬متبعة في ذلك أفضل السبل ومستخدمة ألفضل‬
‫الوسائل المتاحة‪ ،‬وتنص االتفاقية على ضرورة التعاون بين الدول على المستوى العالمي واإلقليمي من خالل‬
‫المنظمات الدولية المتخصصة لصياغة قواعد قانونية دولية واعداد خطط وتعزيز الدراسات والقيام ببرامج‬
‫‪4‬‬
‫البحث‪.‬‬

‫‪1‬عبد السالم منصور الشيوي‪ ،‬ص ‪.465‬‬


‫‪ 2‬السيد مصطفي أحمد أبو الخير‪ ،‬الحماية القانونية للبيئة البحرية في القانون الدولي للبحار‪ ،‬اشتراك للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫جمهورية مصر العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2012 ،‬ص ‪.315‬‬
‫‪3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.315‬‬
‫‪4‬عبد السالم منصور الثبوي‪ ،‬الحماسة الدولية للبيئة المائية من التلوث‪ ،‬المجلة العالمية لكلية التجارة‪ ،‬العدد العاشر‪ ،‬جمهورية‬
‫مصر العربية‪ ،‬جانفي ‪ ،2013‬ص ‪.468‬‬

‫‪48‬‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ونصت االتفاقية أيضا على ضرورة مساعدة الدول النامية في مجال حماية البيئة البحرية والحفاظ عليها‬
‫ومنع التلوث البحري عن طريق تزويدهم بالمعدات والتسهيالت الالزمة وتدريب عاملي تلك الدول في هذا‬
‫المجال وتسيير اشتراكهم في البرامج الدولية ذات الصلة بهذا الموضوع‪ ،‬كما أكدت على ضرورة مالحظة‬
‫وقياس وتقديم تحليل مخاطر تلوث البيئة البحرية وآثاره بواسطة الطرق العلمية المعترف بها وعالجت االتفاقية‬
‫بشيء من التفصيل التلوث الناتج عن السفن واإلجراءات القانونية التي تتخذ من قبل السفن التي تسهم في‬
‫‪1‬‬
‫تلويث البيئة البحرية"‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬اتفاقية جدة حول حماية البيئة البحرية للبحر اْلحمر وخليج عدن ‪ 14‬فيفري‬
‫‪1982‬‬

‫تصنف هذه الوثيقة على أنها اتفاقية إقليمية‪ ،‬وتسري أحكامها على الدول المطلة على البحر األحمر‬
‫وخليج عدن‪ ،‬كما تسري على السفن والطائرات المسجلة في تلك الدول عدا البحرية منها وقد فرضت االتفاقية‬
‫‪2‬‬
‫على الدول األعضاء عدة التزامات نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -‬إ لزام الدول منفردة أو مشتركة باتخاذ التدابير المناسبة لمنع تلوث البيئة البحرية وخفضه أو السيطرة‬
‫عليه‪.‬‬

‫‪ -‬التعاون وفق قدرتها في حاالت التلوث الطارئة‪.‬‬

‫‪ -‬صياغة بروتوكوالت وق اررات لتطوير برامج الحماية‪.‬‬

‫‪ -‬تقييم وادارة األوضاع البيئية‪.‬‬

‫‪ -‬التعاون مع المنظمات ذات االختصاص إلعداد معايير عالمية‪.‬‬

‫‪ -‬وجوب على كل دولة بوضع اللوائح الوطنية‪.‬‬

‫‪ -‬ضرورة التنفيذ الحرفي ألحكام هذه االتفاقية‪.‬‬

‫‪1‬عبد السالم منصور الثبوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.468‬‬


‫‪2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.484-483‬‬

‫‪49‬‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور التشريعات الوطنية في حماية البيئة البحرية‬

‫ضمن السياسة البيئية العالمية التي انتهجتها األمم المتحدة منذ مؤتمر ستوكهولم‪ ،‬عملت الدول تقيدا‬
‫منها بالتزاماتها الدولية على تكييف تشريعاتها مع النصوص الدولية‪ ،‬وضمنتها أحكاما ومبادئ تضمن االهتمام‬
‫بحماية البيئة على وجه عام واالهتمام بالبيئة البحرية على شكل خاص‪،‬وسنت في ذلك قواعد قانونية من أجل‬
‫ردع المخالفين والحفاظ على النظام البيئي المائي‪.‬‬

‫الفرع اْلول‪ :‬التشريع الجزائري‬

‫لقد تناول المشرع الجزائري مشكلة حماية البيئة البحرية في المواد ‪ 48‬و‪ 66‬من القانون رقم ‪03-83‬‬
‫المؤرخ في ‪ 1983/02/05‬المتعلق بحماية البيئة حيث نصت المادة ‪ 48‬على ما يلي‪:‬‬

‫" مع مراعاة أحكام المعاهدات واالتفاقيات الدولية التي أقرتها الجزائر والمتعلقة بحماية البحر‪ ،‬يمنع أن‬
‫يصب أو تغمر أو تغرق في البحر مختلف المواد التي من شأنها‪:‬‬

‫‪ -‬اإلضرار بالصحة العمومية وبالمواد البيولوجية‪.‬‬

‫‪ -‬عرقلة األنشطة البحرية بما في ذلك المالحة والصيد البحري‪.‬‬

‫‪ -‬إفساد ماء البحر من حيث استعماله‪.‬‬

‫‪ -‬التقليل من القيمة الترفيهية للبحر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬تحدد عند االقتضاء قائمة هذه المواد بموجب نصوص قانونية"‪.‬‬

‫كما حددت المادة ‪ 66‬من نفس القانون العقوبات التي تقابل كل نشاط يضر بالبيئة البحرية‪ ،‬حيث نصت‬
‫على أن ‪" :‬يعاقب بغرامة من ‪ 50.000‬دج إلى ‪ 500.000‬دج وبالحبس من ‪ 6‬أشهر إلى سنتين أو بإحدى‬
‫العقوبتين فقط‪ ،‬وفي حالة العود بضعف هاتين العقوبتين‪ ،‬كل ربان سفينة جزائرية أو كل شخص يتولى قيادة‬
‫عمليات الغمر أو الحرق في البحر انطالقا من آليات جزائرية أو قواعد عائمة ثابتة كانت أم متحركة وخاضعة‬
‫‪2‬‬
‫للقوانين الجزائرية مرتكبا بذلك مخالفة ألحكام المادتين ‪ 48‬و‪ 49‬من هذا القانون"‪.‬‬

‫‪1‬القانون رقم ‪ 03-83‬المؤرخ في ‪ 1983/02/05‬المتعلق بحماية البيئة المعدل والمتمم بموجب القانون ‪ 10-03‬المؤرخ في‬
‫‪ 2003/07/19‬المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة‪.‬‬
‫‪2‬المصدر نفسه‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ومن المالحظ أن المواد المذكورة في القانون ‪ 10-03‬المؤرخ في ‪ 2013/07/19‬المتعلق بحماية البيئة‬


‫البحرية في إطار التنمية المستدامة من خالل المادتين ‪ 52‬و‪ 90‬جاءت لتحقيق نفس الغرض الذي تهدف إلى‬
‫تحقيقه المواد المذكورة في القانون ‪ 03/83‬المؤرخ في ‪ 1983/02/08‬المتعلق بحماية البيئة حيث تنص المادة‬
‫‪ 52‬من هذا القانون على أنه ‪" :‬مع مراعاة األحكام التشريعية المعمول بها والمتعلقة بحماية البيئة البحرية‪،‬‬
‫يمنع داخل المياه البحرية الخاضعة للقضاء الجزائري كل صب‪ ،‬أو غمر أو ترسب من شأنها‪:‬‬

‫‪ -‬اإلضرار بالصحة العمومية واألنظمة البحرية‪.‬‬

‫‪ -‬عرقلة األنشطة البحرية بما في ذلك المالحة والتربية المائية والصيد البحري‪.‬‬

‫‪ -‬إفساد نوعية المياه البحرية من حيث استعمالها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬التقليل من القيمة الترفيهية والجمالية للبحر والمناطق الساحلية والمساس بقدراتها"‪.‬‬

‫‪ -‬أما المادة ‪ 90‬من نفس القانون فقد نصت على أن ‪" :‬يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين‬
‫وبغرامة مائة ألف دينار (‪ 100.000‬دج) إلى مليون دينار (‪1.000.000‬دج) أو بإحدى هاتين العقوبتين‬
‫فقط كل ربان سفينة جزائرية أو قائد طائرة جزائرية‪ ،‬أو كل شخص يشرف على عمليات الغمر أو الترميد في‬
‫البحر على متن آليات جزائرية أو قواعد عائمة أو ثابتة في المياه الخاضعة للقضاء الجزائري‪ ،‬مرتكبا بذلك‬
‫‪2‬‬
‫مخالفة ألحكام المادتين ‪ 52‬و‪ 53‬أعاله في حالة العود تضاعف العقوبة"‪.‬‬

‫حيث يالحظ بشكل واضح مضاعفة العقوبات لما كانت عليه في القانون ‪.03-83‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تشريعات الواليات المتحدة اْلمريكية وفرنسا‬

‫أصدرت الواليات المتحدة األمريكية قانونا بشأن التلوث بالنفط في عام ‪ 1924‬وكذا قانون التلوث‬
‫النفطي لعام ‪ ،1961‬والذي صدر بعد اتفاقية لندن لسنة ‪ 1954‬وصدر في اآلونة األخيرة قانون التلوث‬
‫البترولي لعام ‪ 1990‬بعد حادثة ناقلة النفط ( ‪ ) Exxon va Idey‬في ‪ 24‬مارس ‪ 1989‬المحملة بأكثر من‬
‫مليون وربع برميل من النفط الخام بعد انشطارها وتسرب النفط منها في خليج أالسكا والحاقه ألضرار بليغة‬
‫‪3‬‬
‫بالشواطئ هناك‪.‬‬

‫‪1‬القانون رقم ‪ 10-03‬المؤرخ في ‪ 19‬جويلية ‪ 2003‬المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة‪.‬‬
‫‪2‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫‪3‬عبد السالم منصور الثيوي‪ ،‬الحماية الدولية للبيئة المائية من التلوث‪ ،‬المجلة العلمية لكلية التجارة‪ ،‬العدد العاشر‪ ،‬جمهورية‬
‫مصر العربية‪ ،‬الطبعة العاشرة‪ ،‬ص ‪.499-498‬‬

‫‪51‬‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أما بالنسبة لفرنسا فقد أصدرت القانون رقم ‪ 1245‬لعام ‪ 1964‬المتعلق بوقاية المياه من التلوث أو‬
‫صرف واغراق أيا كان طبيعة المادة في البحر بالخصوص النفايات الصناعية والنووية التي من شأنها إلحاق‬
‫‪1‬‬
‫الضرر بالصحة العامة للحيوانات والبات البحرية واإلنسان وعرقلة التنمية االقتصادية والسياحية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬البيئة البحرية في تشريعات جمهورية مصر العربية‬

‫لقد اهتمت الحكومة المصرية بالبيئة البحرية بعد صدور القانون رقم ‪ 280‬لسنة ‪ 1960‬الخاص بالقواعد‬
‫والنظم التي يعمل بها في الموانئ والمياه اإلقليمية‪" ،‬وتنفيذا للمادة األولى منه صدر قرار وزير الحربية رقم ‪56‬‬
‫لسنة ‪ 1962‬الذي نص في مادته الثانية على منع السفن الموجودة في الموانئ المصرية أو ممراتها المائية من‬
‫إلقاء مخلفات الوقود أو كسح الزيوت الخفيفة والثقيلة مثل المازوت والبنزين وغيرهما كما صدر قرار رئس‬
‫‪2‬‬
‫الجمهورية رقم ‪ 1948‬لسنة ‪ 1965‬بإنشاء اللجنة الدائمة لمنع تلوث مياه البحر بالزيت"‪.‬‬

‫وبعد انضمام مصر التفاقية لندن لعام ‪ 1954‬صدر أهم قوانين مكافحة للتلوث البحري تحت رقم ‪72‬‬
‫لسنة ‪ ،1968‬والخاص يمنع تلوث مياه البحر بالزيت‪ ،‬حيث استمد هذا القانون أحكامه من اتفاقية لندن وجعل‬
‫منها األساس إلرساء القواعد القانونية لهذا القانون‪ ،‬ولقد نصت المادة ‪ 49‬من هذا القانون على أن يحضر‬
‫على جميع السفن أيا كانت جنسيتها تصريف أو إلقاء الزيت أو المزيج الزيت في البحر اإلقليمي أو المنطقة‬
‫االقتصادية الخالصة لجمهورية مصر العربية أما بالنسبة للسفن الحربية أو القطع الحربية المساعدة التابعة‬
‫‪3‬‬
‫لمصر‪."...‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آليات حماية للبيئة البحرية‬

‫إن النصوص القانونية مهما بلغت من العناية في صياغتها وأحكامها تظل دون جدوى ما لم تفترن بآليات‬
‫تضمن وضع أحكامها موضوع التطبيق العملي‪ ،‬وعلى هذا األساس ولما كان للبيئة من أهمية في حياة اإلنسان‬
‫وبعد انعقاد العديد من المؤتمرات وما تمخض من عقد اتفاقيات عديدة كان من الالزم إنشاء على مجموعة من‬
‫اآلليات لغرض تطبيق أحكام هذه االتفاقيات على الميدان‪.‬‬

‫‪1‬عبد السالم منصور الثيوي‪ ،‬ص ‪.502‬‬


‫‪2‬عبد السالم منصور الثيوي ‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.499‬‬
‫‪3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.500‬‬

‫‪52‬‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المطلب اْلول‪ :‬اآلليات القانونية‬

‫يقصد باآلليات القانونية تلك اإلجراءات التي اتخذت لغرض توضيح طرق تطبيق أحكام االتفاقيات‬
‫المتعلقة بحماية البيئية البحرية ‪ ،‬ويبرز في هذا الصدد مجموعة من البروتوكوالت والبرامج التي اعتمدت لغرض‬
‫توضيح اإلجراءات التطبيقية لقواعد االتفاقيات واإلعالنات الدولية المتعلقة بهذا الموضوع‪.‬‬

‫الفرع اْلول‪ :‬بروتوكول قرطجانة واآلليات التي جاء بها‬

‫نصت المادة السابعة من بروتوكول قرطجانة الخاص بالتعاون لمكافحة انسكاب النفط في إقليم الكاريبي‬
‫الموقع في ‪ 24‬مارس ‪ 1973‬والملحق باتفاقية قرطجانة الموقعة في نفس التاريخ مجموعة من اآلليات الواجب‬
‫‪1‬‬
‫اتخاذها لمواجهة إلى حادث تسرب نفطي وهي كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬إجراء تقرير مفصل للحادث يشار فيه إلى نوع وحجم اآلثار الموجودة والمحتملة‪.‬‬

‫‪ -‬إذاعة المعلومات الخاصة بالحادث في أقرب اآلجال‪.‬‬

‫‪ -‬توضيح نوع المساعدات التي تكون ضرورية‪.‬‬

‫‪ -‬القيام باستشارة جميع األطراف المعنية عند الحاجة‪.‬‬

‫‪ -‬اتخاذ اإلجراءات الالزمة لخفض واستبعاد آثار التلوث‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬برنامج اْلمم المتحدة ‪UNEP‬‬

‫تم استحداث جهاز خاص بالبيئة تحت مسمى برنامج األمم المتحدة للبيئة ألحد الفروع المنبعثة عن‬
‫الجمعية العامة لألمم المتحدة بتاريخ ‪ 1982‬وهو يهتم بكافة مسائل البيئة مثل تغير المناخ وتلوث المحيطات‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫ويمكن تصنيف مجاالت العمل إلى ست مجموعات‪:‬‬

‫‪ -‬البيئة وصحة اإلنسان‪.‬‬

‫‪ -‬اإليكولوجيا‪.‬‬

‫‪1‬إسالم محمد عبد الصمد‪ ،‬الحماية الدولية للبيئة من التلوث في ضوء االتفاقيات الدولية وأحكام القانون الدولي‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة للنشر‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪ ،‬د ط‪ ،2016 ،‬ص ‪.279‬‬
‫‪2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.322‬‬

‫‪53‬‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬المحيطات‪.‬‬

‫‪ -‬البيئة والتنمية‪.‬‬

‫‪ -‬الكوارث الطبيعية‪.‬‬

‫‪ -‬حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ومن األهداف الرئيسية لبرنامج األمم المتحدد للبيئة ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬المساهمة في تطوير القانون الدولي للبيئة استنادا إلى إعالن ستوكلهم‪.‬‬

‫‪ -‬تشجيع إبرام االتفاقيات الدولية واإلقليمية الخاصة بحماية البيئة البحرية‪.‬‬

‫‪ -‬إجراء تقييمات دورية وتوقعات علمية لدعم منع القرار‪.‬‬

‫‪ -‬تحقيق المزيد من الفعالية في تنسيق الشؤون البيئية‪.‬‬

‫‪ -‬الرفع من درجة الوعي لدى الشعوب‪.‬‬

‫‪ -‬ترتيبات دولية لتعزيز حماسة البيئة البحرية‪.‬‬

‫ويقدم مجلس إدارة برنامج األمم المتحدة للبيئة للجمعية العامة لألمم المتحدة متعلقة بالشأن البيئي والتنموي‬
‫إضافة لوضعه لمبادئ موجهة غير ملزمة االستخدام إضافة إلى تقديم اآلثار البيئية فهو يعمل على تطوير‬
‫االستراتيجيات الخاصة بالبيئة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬السلطة الدولية لقانون البحار‬

‫نتيجة إلقرار المجتمع الدولي بفكرة المنطقة الدولية‪ ،‬فقد كان من الواجب إنشاء سلطة دولية تكون حارسة‬
‫على هذا اإلرث المشترك‪ ،‬وقد اتخذت في الواقع شكل منظمة دولية من نص المادة (‪ )01/157‬من اتفاقية‬
‫األمم المتحدة لقانون البحار ‪ ،1982‬ويقع مقرها ب ـ (جمايكا) جنوب القارة األمريكية ولها الحق في إنشاء مراكز‬
‫‪2‬‬
‫إقليمية وفق ما تراه مناسبا لعملها حين أنها تتمتع باالحتراف والمراكز القانونية‪.‬‬

‫‪1‬إسالم محمد عبد الصمد ‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.323‬‬


‫‪2‬بوسكرة بوعالم‪ ،‬المنطقة الدولية وفق الجزء ‪ 11‬من اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬قسم حقوق‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،2014-2013 ،‬ص ‪.97‬‬

‫‪54‬‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وتختص السلطة الدولية لقانون البحار بوظائف معينة تم النص عليها في قانون إنشائها‪ ،‬حيث تتولى‬
‫‪1‬‬
‫أموالها من أموال التي تتلقاها الدولة واألموال المقرضة والمساهمات وتتمتع بالحصانة وتتكون من عدة أجهزة‪:‬‬

‫‪ ‬الجمعية العامة‪.‬‬
‫‪ ‬المجلس المتكون من لجنة التخطيط واللجنة القانونية واللجنة التقنية‪.‬‬
‫‪ ‬األمانة العامة‪.‬‬
‫‪ ‬المؤسسة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اآلليات الفنية لحماية البيئة البحرية‬

‫إن وضع قواعد حماية البيئة المائية موضع التطبيق العملي ال يحتاج إلى آليات قانونية فقط‪ ،‬بل تبرز‬
‫بعض العقبات الفنية والتقنية التي تحتاج إلى حلول واجراءات تتولى معالجتها لتسهيل مهمة الحماية‪ ،‬وفيما يلي‬
‫عرض مختصر ألهم هذه اآلليات الوسائل‪.‬‬

‫الفرع اْلول‪ :‬الوسائل الميكانيكية‬

‫تتمثل هذه الوسائل أساسا في الحواجز الطافية‪ ،‬وهي عبارة عن حواجز توضع فوق سطح الماء باستخدام‬
‫أجهزة خاصة لحصر الملوثات العائمة ومنع انتشارها فهي تقلل من مساحة الملوثات يليها االمتصاص التربيعي‬
‫‪2‬‬
‫لهذه الملوثات وصرفها من خالل مضخات موضوعة على الشاطئ وهي أنواع‪:‬‬

‫‪ ‬حواجز طافية‪.‬‬
‫‪ ‬حواجز على شكل سياج‪.‬‬
‫‪ ‬حواجز دائرية‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى وسيلة الحواجز‪ ،‬تم اعتماد وسائل أخرى أهمها‪:‬‬

‫أ‪ .‬التجريف الذي سمي أيضا بالتكريك حيث يعتمد على أحد أنواع الحفر في الماء ويستخدم لغرض‬
‫تشتيت الملوثات‪.‬‬

‫ب‪ .‬الحزام الناقل من خالل تمرير حزام داخل الملوثات ما يلصقها به ويتم التخلص منها الحقا‪.‬‬

‫‪1‬بوسكرة بوعالم ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.121 -117 -118 -117 -112 -101 -106 -105 -99‬‬
‫‪2‬زروالي سهام‪ ،‬آلي ات حماية البيئة البحرية من التلوث بالزيت‪ ،‬المجلة العلمية لألكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،21‬الجزائر‪ ،‬جانفي ‪ ،2019‬ص ‪.133‬‬

‫‪55‬‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ج‪ .‬القاشطات‪.‬‬

‫د‪ .‬اآلالت الماصة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الوسائل الكيميائية‬


‫حيث يتم استعمال مواد كيميائية من شأنها طرد والتخلص من الملوثات البحرية ويتم ذلك عن طريق التكسير‬
‫أو التحليل البيولوجي باستخدام مذيبات ومضافات ضاحية عالية الكثافة مثل مواد سامة أو مواد مفتتة‪ ،‬إال‬
‫أن هذا العالج ال يجدي نفعا من الناحية العملية‪ ،‬إذ يعتبر ظاهريا فقط‪ ،‬فتحقيق هذه األغراض يستدعي‬
‫كميات كبيرة من هذه المنظفات الكيميائية مما يؤدي إلى زيادة في تلويث البيئة البحرية وابادة للثروة السمكية‬
‫‪1‬‬
‫إضافة إلى أن هذه المواد ال تمتد إلى التربة البحرية‪.‬‬

‫‪1‬زروالي سهام ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.134-133‬‬

‫‪56‬‬
‫أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬ ‫الفصل الثاني‬

‫خلصة الفصل الثاني‬


‫يعتبر العام ‪ 1972‬محطة االنطالق األولى لتأسيس ما يسمى بالقانون الدولي للبيئة‪ ،‬والذي‬
‫كان للبيئة المائية نصيب وافر من النصوص التي تكفل حمايتها من جميع مسببات التلوث و‬
‫أحد من آثاره‪ ،‬وقد اتسمت نصوص هذا القانون في البداية بالطابع اإلعالني الذي يسعى ترسيخ‬
‫ثقافة احترام البيئة وادراجها ضمن اولويات الدول‪ ،‬على أن تتضمن المرحلة الثانية بصياغة‬
‫نصوص واتفاقيات ذات طابع ملزم تحمل الدول على احترام البيئة تحت طائلة المساءلة‪ ،‬وقد‬
‫كانت البيئة المائية ضمن هذا القانون موضوعا لنصوص وأحكام كثيرة سواء ضمن اإلطار‬
‫العام للبيئة من خالل النصوص العامة او بشكل خاص في النصوص التي سنت لحماية البيئة‬
‫المائية دون غيرها‪ ،‬اما المرحلة الثالثة فقد تضمنت انشاء األليات التي تكفل وضع هذه األحكام‬
‫َموضع التطبيق العملي من خالل مجموعة من اإلجراءت والبرامج القانونية وكذا الوسائل الفنية‬
‫التي سعت مجتمعة لضمان بيئة مائية صحية خالية من التلوث‬

‫‪57‬‬
‫خاتمة‬
‫خاتمة‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫يطلق مصطلح "البيئة المائية" على مساحات المياه التي تمثل كتلة متصلة ببعضها البعض متالحمة‬
‫األجزاء سواء كان اتصالها طبيعيا أو اصطناعيا‪ ،‬ونتيجة لتعرض هذه المساحات إلى التلوث الذي سببه نشاط‬
‫اإلنسان المدمر لقرون طويلة من الزمن‪ ،‬وما خلفه من ملوثات سائلة أو صلبة جراء النشاطات الصناعية التي‬
‫يقوم بها مواكبة منه للتطور الحاصل في وسائل اإلنتاج والصناعة والنقل والتكنولوجيا بشكل عام‪ ،‬فقد تعرض‬
‫التوازن البيئي بسبب هذا التلوث إلى االختالل و أدى تلوث المياه إلى ظهور الكثير من األمراض الناجمة عن‬
‫نقص العناصر الكيماوية في الماء‪ ،‬وتعرضت الكثير من الكائنات البحرية لالنقراض مما أثر سلبا على غذاء‬
‫اإلنسان وحياته بسبب تراجع جودة الوسط الذي يعيش فيه وبعد أن تمت دراسة ظاهرة التلوث المائي وأسبابها‬
‫ومصادرها وكذا آثارها على الكائنات الحية‪ ،‬وكذا مجهودات المجتمع الدولي للحد من هذه الظاهرة ومواجهة‬
‫آثارها‪ ،‬تم التوصل إلى جملة من النتائج واالقتراحات نجملها في اآلتي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬النتائج‬
‫‪ ‬إن اختالف التعريفات هو دليل على غموض الفكرة‪ ،‬فالبيئة المائية كمصطلح حديث الدراسة‪ ،‬كانت‬
‫موضوعا للكثير من التعريفات التي اختلفت باختالف وجهة نظر أصحابها واختصاصاتهم‪ ،‬والتي‬
‫تتفق رغم اختالف الصياغة على أن هذا المصطلح يعبر عن مكونات المحيط المائي المختلفة عذبة‬
‫كانت أو مالحة‪ ،‬كما يعبر عن العالقات الموجودة بين األحياء المائية مع بعضها البعض‪.‬‬
‫‪ ‬يعد التلوث المائي بدوره ظاهرة مركبة ومتشعبة تدور في مضمونها حول التغير الذي يطال مكونات‬
‫الماء ويؤثر في حالته‪ ،‬فهو إحداث إتالف أو فساد في نوعية المياه مما يؤدي إلى تدهور نظامها‬
‫االيكولوجي‪ ،‬وتساهم هذه التغييرات في تراجع جودة هذا الوسط وما يلحقها من آثار سلبية على‬
‫الكائنات التي تعيش فيه‪.‬‬
‫‪ ‬رغم كثرة الظواهر الطبيعية التي تساهم في إحداث تغييرات في الوسط المائي‪ ،‬إال أن هذه التغييرات‬
‫ال ترقى إلى ما يخلفه العامل البشري الذي يعتبر السبب الرئيسي لمشكالت التلوث البيئي المائي‪.‬‬
‫‪ ‬نتيجة للتطور الصناعي والتكنولوجي الذي يعيشه العالم اآلن و الذي يفترض فيه أن يعود بالنفع على‬
‫البشرية‪ ،‬إال أنه وعلى خالف ذلك قد سبب تدهو ار كبي ار في البيئة وعرقل عملية التنمية المستدامة‪،‬‬
‫بسبب التلوث المائي الذي يعتبر واحدا من المشاكل البيئية السائدة في البلدان الصناعية وامتدت آثاره‬
‫خطر عالمي يهدد البشرية و يؤثر على‬
‫ا‬ ‫بسبب تيا ارت المياه إلى الدول غير الصناعية‪ ،‬ليصبح بذلك‬
‫الكائنات الحية‪.‬‬
‫‪ ‬اختفت مصادر التلوث باختالف طبيعة النشاط المسبب لها‪ ،‬فالنفط والبترول كان السبب األول نتيجة‬
‫حوادث النقل والتسربات ورمي النفايات النفطية في البحار‪ ،‬وألنه يتصل بشكل مباشر مع المياه‪ ،‬فإن‬
‫عملية التفاعل تتم بسرعة وتمتد آثارها بشكل مباشر إلى الكائنات البحرية التي تعجز بسبب هذا‬
‫التلوث عن التعايش مع التغيرات التي يحدثها مما يؤدي إلى نفوقها وتراجع أعدادها رغم أهميتها‬
‫‪59‬‬
‫خاتمة‬

‫كمصدر أساسي من مصادر غذاء اإلنسان‪ ،‬ومصد ار للدخل بالنسبة للكثير من الفئات التي تقتات‬
‫عن طريق الصيد وتجارة األسماك والكائنات البحرية‪.‬‬
‫‪ ‬يؤدي استخدام المياه لغرض تبريد خطوط اإلنتاج إلى إحداث ما يسمى بالتلوث الحراري للماء والذي‬
‫يؤدي إلى ارتفاع درجة ح اررة الماء وما ينتج عنه من انخفاض لذوبان األكسجين في الماء وزيادة‬
‫كمية األمالح‪ ،‬وتعجز بذلك الكائنات الحية التي تعيش في الماء عن التكيف مع ارتفاع درجة ح اررته‪،‬‬
‫كما يسبب ارتفاع درجة حرارة مياه البحار إلى تزايد نسبة البخار‪ ،‬ويتبع ذلك إعادة ضخها لألنهار‬
‫والبحيرات بطريقة غير مشروعة مما يسبب التلوث المائي بمفهومه الواسع‪.‬‬
‫‪ ‬يعتبر التلوث المائي من أخطر أنواع التلوث بالنظر لنطاقه الجغرافي‪ ،‬إذ يتعدى النطاق الجغرافي‬
‫للدولة التي يحدث فيها‪ ،‬وتتعدى آثاره الخطيرة والضارة إلى منطقة مجاورة تتصل جغرافيا بالدولة‬
‫المصدر‪ ،‬مما يشكل عقبة أمام تفعيل مبدأ المسؤولية الدولية عن هذه األضرار ومتابعة مسببيها‪.‬‬
‫‪ ‬ساهمت المؤتمرات الدولية وما تمخض عنها وعن غيرها من المبادرات‪ ،‬في سن منظومة ثرية من‬
‫النصوص العالمية واإلقليمية‪ ،‬ساهمت بدورها في نشر الوعي الدولي بخطورة المشكالت البيئية وتوحد‬
‫الرؤى نحو تعديل سياسة البيئية المائية والبحث عن أفضل السبل للحافظة عليها‪.‬‬
‫‪ ‬رغم كثرة النصوص القانونية الدولية التي تعمل على الحد من انتشار ظاهرة التلوث البيئي المائي‪،‬‬
‫إال أنه ا ال تتسم بالطابع اإللزامي‪ ،‬فأغلبها جاء في شكل إعالنات خالية من الصفة اإللزامية‪ ،‬األمر‬
‫الذي أتاح للدول إمكانية االستمرار في تحقيق مصالحها االقتصادية على حساب البيئة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التوصيات‪:‬‬
‫‪ ‬ضرورة العمل على سن قوانين دولية ذات طابع ملزم تحمل الدول مسؤولياتها في تطبيق القوانين التي‬
‫تؤكد على ضرورة حماية البيئة المائية‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة توفير الدعم المالي والتقني للدول من أجل إنشاء المزيد من وحدات معالجة النفايات في المدن‬
‫الساحلية لغرض التخفيف من مسببات التلوث والحد من آثارها‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة العمل ليس فقط في المجال السياسي بل وفي المجاالت العلمية واألكاديمية واإلعالمية على‬
‫خطورة ظاهرة التلوث المائي‪ ،‬ليس فقط بالنسبة للدول المطلة على البحار‪ ،‬بل بالنسبة لجميع الدول‬
‫بما فيها تلك الحبيسة ألن شبكة المياه الدولية متصلة ببعضها البعض وال أمان لدولة من آثار التلوث‬
‫الذي قد يصيبها مهما كان موقعها جغرافيا‪.‬‬
‫‪ ‬على الدول الكبرى زيادة الساهمة والدعم المالي للبرامج والصناديق التي أنشئت لغرض مواجهة الكوارث‬
‫البحرية التي تسببها عمليات النقل واإلنتاج‪ ،‬لغرض التعامل الفوري معها دون تماطل قد يؤدي إلى‬
‫انتشارها ومن ثمة صعوبة التحكم فيها‪.‬‬
‫وهللا ولي التوفيق‬

‫‪60‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫القرأن الكريم‬
‫أوال‪ :‬المصادر‬
‫أ‪-‬النصوص القانونية‪:‬‬
‫‪ -1‬دستور منظمة الصحة العالمية‪.‬‬
‫‪ -2‬القانون الفرنسي الصادر في ‪. 1970‬‬
‫‪ -3‬القانون المصري رقم ‪ 280‬لسنة ‪ 1960‬الخاص بالقواعد والنظم التي يعمل بها في الموانئ والمياه‬
‫اإلقليمية‪.‬‬

‫‪ -4‬القانون رقم ‪ 10/03‬المتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية المستدامة‪ ،‬الجريدة الرسمية ‪.‬‬
‫‪ -5‬قانون البلدية رقم ‪ ،10-11‬الجريدة الرسمية‪.‬‬
‫‪ -6‬قانون ‪ 03/83‬المؤرخ في ‪ 5‬فيفري ‪. 1983‬‬
‫ب‪-‬االتفاقيات المتعلقة بالقانون الدولي للبيئة المائية ‪:‬‬
‫‪ -1‬االتفاقية الدولية لمنع وضع األسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل سنة ‪.1972‬‬
‫‪ -2‬اتفاقية حماية البحر المتوسط من التلوث برشلونة ‪.1976‬‬
‫‪ -3‬اتفاقية قانون البحار (مونتجو سنة ‪.)1982‬‬
‫‪ -4‬اتفاقية جدة حول حماية البيئة البحرية للبحر األحمر وخليج‪.‬‬
‫‪ -5‬اتفاقية لندن لعام ‪ 1973‬بشأن منع تلوث البيئة البحرية ‪.‬‬
‫‪ -6‬بروتوكول قرطجانة الخاص بالتعاون لمكافحة انسكاب النفط في إقليم الكاريبي‪.‬‬
‫‪ -7‬االتفاقية الدولية المتعلقة بالتدخل في أعالي البحار سنة ‪.1969‬‬

‫ج‪-‬الوثائق اْلخرى‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -2‬الوثيقة المتضمنة إعالن جوهانسبورغ‪.‬‬
‫‪ -3‬ميثاق األمم المتحدة‪.‬‬
‫‪ -4‬إعالن الهاي ‪.‬‬
‫‪ -5‬إعالن ستوكهولم ‪.‬‬
‫‪ -6‬مؤتمر واشنطن ‪.1926‬‬
‫‪ -7‬مؤتمر االمم المتحدة ‪.1992‬‬
‫‪ -8‬مؤتمر نيروبي ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫ثانيا‪ :‬المراجع‬
‫أ‪-‬الكتب العامة‪:‬‬
‫‪ -1‬احمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬دراسة تاصيلة في األنظمة الوطنية واالتفاقية‪ ،‬جامعة الملك السعود‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫‪.1997‬‬
‫‪ -2‬اسالم محمد عبد الصمد‪ ،‬الحماية الدولية للبيئة من التلوث‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنضر‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.2016‬‬
‫‪ -3‬السيد مصطفى أحمد أبو الخير‪ ،‬الحماية القانونية للبيئة البحرية في القانون الدولي للبحار‪ ،‬للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪ -4‬بيطار وليد‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات‪ ،‬بيروت‪.2008 ،‬‬
‫‪ -5‬خالد مصطفى فهمي‪ ،‬الجوانب القانونية لحماية البيئة من التلوث‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪،2011 ،‬‬
‫بدون طبعة‪.‬‬
‫‪ -6‬عادل ماهر االلفي‪ ،‬الحماية الجنائية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2009 ،‬‬
‫‪ -7‬عبد الفتاح مراد‪ ،‬شرح تشريعات البيئة في مصر وفي الدول العربية‪ ،‬محليا ودوليا‪ ،‬دار نشر الكتاب والوثائق‬
‫المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -8‬عبد السالم الشيوي‪ ،‬التعويض عن االضرار البيئية في نطاق القانون الدولي العام‪ ،‬الكتب العالمية‪.2001 ،‬‬
‫‪ -9‬محمد مرسي‪ ،‬اإلسالم والبيئة‪ ،‬اكادمية نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض‪ ،‬السعودية‪ ،‬ط‪1999 ،1‬‬
‫‪ -10‬عمر سعد اهلل‪ ،‬المطول في القانون الدولي للحدود (عالمية القانون الدولي للحدود)‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -11‬محمد احمد منشاوي‪ ،‬الحماية الجنائية للبيئة البحرية (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -12‬معمر رتيب عبد الحافظ‪ ،‬القانون الدولي للبيئة وظاهرة التلوث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪.‬‬
‫‪ -13‬علي صادق او هيف‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬منشاة المعارف‪ ،‬بدون طبعة‪.‬‬
‫‪ -14‬رمضان عبد الحميد الطنطاوي‪ ،‬التربية البيئية تربية حتمية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪.2008 ،‬‬
‫‪ -15‬سميحة حامد الجمال‪ ،‬الحماية القانونية للبيئة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.2007 ،‬‬
‫‪ -16‬محمد خالد كمال رستم‪ ،‬التنظيم القانوني للبيئة في العالم‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.2006 ،‬‬
‫‪ -17‬مصطفى كمال طه‪ ،‬القانون البحري (مقدمة السفينة‪ ،‬اشخاص المالحة البحرية‪ ،‬النقل البحري‪ ،‬الحوادث‬
‫البحرية‪ ،‬التامين البحري‪ ،‬دار الجامعية)‪.‬‬
‫‪ -18‬مصطفى سالمة حسين‪ ،‬د‪ .‬موس فالح الرشيدي‪ ،‬القانون الدولي للبيئة‪ ،‬لجنة التأليف والتعريب والنشر‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬الكويت‪.2007 ،‬‬

‫‪63‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -19‬منصور مجاجي‪ ،‬المدلول العلمي والمفهوم القانوني للتلوث البيئي‪ ،‬مجلة الفكر‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬جامعة‬
‫محمد خيضر بسكرة‪ ،‬دون سنة النشر‪.‬‬
‫‪ -20‬مفتاح عبد الجليل‪ ،‬التعاون في مجال حماية البيئة‪ ،‬مجلة الفكر‪ ،‬العدد ‪ ،12‬بدون سنة نشر‬
‫‪ -21‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬قانون حماية البيئة في ضوء الشريعة دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.2004‬‬

‫ب‪ -‬الكتب المتخصصة‪:‬‬


‫‪ -1‬احمد الشيخ‪ ،‬القوانين واالتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الموارد المائية والتلوث البيئي‪ ،‬دار الكتاب‬
‫الحديث‪.‬‬

‫‪ -2‬احمد محمود الجمل‪ ،‬حماية البيئة البحرية من التلوث في ضوء التشريعات الوطنية واالتفاقيات اإلقليمية‬
‫والمعاهدات الدولية‪ ،‬منشاة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.1998 ،‬‬
‫‪ -3‬السيد مصطفي أحمد أبو الخير‪ ،‬الحماية القانونية للبيئة البحرية في القانون الدولي للبحار‪ ،‬اشت ارك‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪.2012 ،‬‬
‫‪ -4‬حسين علي السعدي‪ ،‬البيئة المائية دار اليازوزي العلمية للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪.2009 ،‬‬
‫‪ -5‬سامر مخيمر وخالد حجازي‪ ،‬ازمة المياه في المنطقة العربية والبدائل الممكنة‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪،‬‬
‫طبعة ‪.1996‬‬

‫‪ -6‬سحر مصطفى حافظ‪ ،‬الماء بين الندرة والتلوث‪ ،‬دار التاليف‪ ،‬تقرير جهاز شؤون البيئة الثانوي‪،‬‬
‫‪.2009‬‬
‫‪ -7‬صالح محمد سليمة‪ ،‬تامين المسؤولية المدنية عن اضرار التلوث البحري ودور نوادي الحماية‬
‫والتعويض‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪.2007 ،‬‬
‫‪ -8‬كاظم المقداري وعلي عبد اهلل الهواش‪ ،‬حماية البيئة البحرية‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز الكتاب االكاديمي‪ ،‬عمان‬
‫األردن‪.2015 ،‬‬
‫‪ -9‬محمد السعيد عبد اهلل الحميدي‪ ،‬المسؤولية المدنية الناشئة عن تلوث البيئة البحرية والطرق القانونية‬
‫لحمايتها وفقا لقانون دولة االمارات العربية المتحدة (دراسة مقارنة مع القانون المصري وبعض القوانين‬
‫العربية)‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬اال ازريطة‪.2008 ،‬‬
‫عبد اهلل عبد الجليل عبد الوارث‪ ،‬حماية البيئة البحرية من التلوث في التشريعات الدولية‬ ‫‪-10‬‬
‫والداخلية‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬
‫عبد السالم منصور الثيوي‪ ،‬الحماية الدولية للبيئة المائية من التلوث‪ ،‬المجلة العالمية لقطاع‬ ‫‪-11‬‬
‫التجارة‪ ،‬العدد العاشر‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪ ،‬جانفي‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫طلعت إبراهيم االعوج‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫محمد سعادي‪ ،‬سيادة الدولة على البحر في القانون الدولي العام‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬مصر‪،‬‬ ‫‪-13‬‬
‫‪ ،2010‬ب‪.‬ط‪.‬‬
‫من صور العادلي‪ ،‬موارد المياه في الشرق األوسط صراع ام تعاون في ظل قواعد القانون‬ ‫‪-14‬‬
‫الدولي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ‪.1996‬‬
‫محمد البزاز‪ ،‬حماية البيئة البحرية (دراسة في القانون الدولي)‪ ،‬منشاة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬ ‫‪-15‬‬
‫‪.2006‬‬

‫د‪-‬اْلبحاث اْلكاديمية‪:‬‬
‫أطروحات الدكتوراه‪:‬‬
‫‪ -1‬احمد اسكندري‪ ،‬احكام حماية البيئة البحرية من التلوث في ضوء القانون الدولي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة‬
‫دكتوراه في القانون معهد الحقوق والعلوم اإلدارية بن عكنون‪.1995 ،‬‬
‫‪ -2‬ايمان فريد الديب‪ ،‬الطبيعة القانونية للمعاهدات الخاصة باالنتفاع بمياه األنهار الدولية‪ ،‬المجاري المائية‬
‫الدولية في غير األغراض المالحية مع دراسة تطبيقية لالتفاقيات المتعلقة بنهر النيل‪ ،‬رسالة مقدمة‬
‫لكلية الحقوق جامعة القاهرة لنيل درجة الدكتوراه‪.‬‬
‫‪ -3‬بوسكرة بوعالم‪ ،‬المنطقة الدولية وفق الجزء ‪ 11‬من اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬قسم حقوق‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة قسنطينة‪.2014-2013 ،‬‬
‫‪ -4‬جمال وعلي‪ ،‬الحماية القانونية للبيئة البحرية من اخطار التلوث‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة ابي بكر بلقايد تلمسان‪.‬‬
‫‪ -5‬صافية زيد المال‪ ،‬حماية البيئة في اطار التنمية المستدامة على ضوء احكام القانون الدولي‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي ورز‪.2013 ،‬‬
‫‪ -6‬علواني أمبارك‪ ،‬المسؤولية الدولية عن حماية البيئة‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪.2017-2016 ،‬‬
‫‪ -7‬فاطمة الزهراء زرواط‪ ،‬إشكالية تسيير النفايات واثرها على التوازن االقتصادي والبيئي‪ ،‬أطروحة دكتوراه‬
‫في العلوم االقتصادية‪ ،‬فرع القياس االقتصادي‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2005 ،‬‬
‫‪ -8‬مكيكة مريم‪ ،‬الثروة المائية العذبة واثرها على النزاعات الدولية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في‬
‫العلوم‪ ،‬فرع قانون البيئة‪ ،‬جامعة الجياللي ليابس بسيدي بلعباس‪.2019/2018 ،‬‬

‫‪65‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫مذكرات الماجستير‪:‬‬

‫‪ -1‬اسعد عياش المسيب‪ ،‬أساليب الحماية من تسربات النفط في المنشات النفطية للحد من التلوث‬
‫البيئي‪ ،‬بحث متقدم استكماال لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في الحماية المدنية‪ ،‬جامعة‬
‫تايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪ -2‬ليلة زياد‪ ،‬مشاركة المواطنين في حماية البيئة المذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون‪ ،‬جامعة‬
‫مولود معمري تيزي وزو‪ ،‬كلية الحقوق‪.2010/11/10 ،‬‬
‫‪ -3‬نصر اهلل سناء‪ ،‬الحماية القانونية للبيئة من التلوث في ضوء القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬مذكرة لنيل‬
‫شهادة الماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة باجي مختار‪ ،‬عنابة‪.‬‬
‫‪ -4‬هشام بن عيسى بن عبد اهلل الداللي الشحي‪ ،‬حق التنمية المستدامة في قوام القانون الدولي لحقوق‬
‫اإلنسان‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪ ،‬جانفي ‪.2017‬‬
‫‪ -5‬يسرى دعبس‪ ،‬تلوث المياه وتحديات الوجود‪ ،‬المجلة العلمية لقطاع كليات التجارة‪ ،‬المرجع‬
‫السابق‪.‬‬
‫‪ -6‬يوسف محمد اعطاري‪ ،‬الجوانب القانونية لتلوث البيئة البحرية بالنفط‪ ،‬رسالة الستكمال درجة‬
‫الماجستير في القانون‪ ،‬كلية الحقوق جامعة الشرق األوسط‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2010-1431 ،‬‬

‫ه‪-‬الملتقيات‪:‬‬
‫‪ -1‬احمد السروي‪ ،‬أهمية البيئة البحرية (مقال)‪.‬‬
‫‪ -2‬المجلة العلمية لقطاع كليات التجارة‪ ،‬جامعة االزهار‪ ،‬العدد العاشر‪ ،‬يناير ‪.2013‬‬
‫‪ -3‬زروالي سهام‪ ،‬آليات حماية البيئة البحرية من التلوث بالزيت‪ ،‬المجلة العلمية لألكاديمية للدراسات‬
‫االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬العدد ‪ ،21‬الجزائر‪ ،‬جانفي ‪.2019‬‬
‫و‪ -‬القاموس‪:‬‬
‫‪1- Dictionnaire le nouveau petit Robet (j.rey- deboveit.A.REYOLI). paris. Le robet. 22 edition‬‬
‫‪2009.‬‬
‫‪2- Société du nouveau. Paris. 1976t.‬‬

‫ي‪-‬المواقع اإللكترونية‪:‬‬
‫‪1-‬‬ ‫‪www.knolgoogl.com‬‬
‫‪2-‬‬ ‫‪http:/www.da4essds.un.org.op.cit‬‬
‫‪3-‬‬ ‫‪Law for water managment : a guide to concepts and effective approachs. Rao.‬‬
‫‪Legislativestudyrome 2009‬‬

‫‪66‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

4- Adeelkindien. Le droit relatif aux utilisations des cours d’eau internationaux


a des fins autres que la navigation. Etude a propos des cours d’eau
internationaux dans le monde arabe. These. Universitéstrasbourg 3-
robertschuman. 2008. P78
5- Law for water managment : a gruide to concepts and effective appropachcs.
Op

67
‫فهرس المحتويات‬
‫فهرس المحتويات‬

‫فهرس المحتويات‪:‬‬

‫ص‬ ‫العنوان‬
‫شكر وعرفان‬
‫إهداء‪-2-1‬‬
‫أ‬ ‫مقدمة‬
‫الفصل اْلول‪ :‬مفهوم التلوث المائي مصادره وآثاره‬
‫‪8‬‬ ‫المبحث اْلول‪ :‬البيئة المائية والتلوث المائي‬
‫‪8‬‬ ‫المطلب اْلول‪ :‬مفهوم البيئة المائية وعناصرها‬

‫‪8‬‬ ‫الفرع اْلول‪ :‬مفهوم البيئة‬


‫‪13‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬عناصر البيئة المائية‬
‫‪22‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم التلوث المائي وبيان عناصره‬

‫‪23‬‬ ‫الفرع اْلول‪ :‬مفهوم التلوث‬

‫‪25‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬مفهوم التلوث المائي‬


‫‪28‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬مصادر تلوث البيئة المائية وأثرها على الكائنات الحية‬
‫‪28‬‬ ‫المطلب اْلول‪ :‬مصادر تلوث البيئة المائية‬
‫‪29‬‬ ‫الفرع اْلول‪ :‬الملوثات الصناعية‬
‫‪29‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الصرف الصحي‬
‫‪30‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬الملوثات البترولية‬
‫‪33‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أثر تلوث المياه على الكائنات الحية‬
‫‪33‬‬ ‫الفرع اْلول‪ :‬الصرف الصحي‬
‫‪34‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬التلوث الكيماوي‬

‫‪69‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫‪35‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬التسرب النفطي‬


‫‪37‬‬ ‫خلصة الفصل اْلول‬
‫الفصل الثاني‪ :‬أسس وآليات الحماية القانونية للبيئة البحرية‬
‫‪40‬‬
‫المبحث اْلول‪ :‬النصوص القانونية لحماية البيئة البحرية‬
‫‪40‬‬
‫المطلب اْلول‪ :‬حماية البيئة المائية من خلل النصوص العالمية العامة‬
‫والخاصة‬
‫‪40‬‬
‫الفرع اْلول‪ :‬حماية البيئة المائية في النصوص العامة‬
‫‪46‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حماية البيئة المائية في النصوص الخاصة‬
‫‪50‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دور التشريعات الوطنية في حماية البيئة البحرية‬
‫‪50‬‬
‫الفرع اْلول‪ :‬التشريع الجزائري‬
‫‪51‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تشريعات الواليات المتحدة اْلمريكية وفرنسا‬
‫‪52‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬البيئة البحرية في تشريعات جمهورية مصر العربية‬
‫‪52‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬آليات حماية البيئة‬
‫‪53‬‬
‫المطلب اْلول‪ :‬اآلليات القانونية‬
‫‪53‬‬
‫الفرع اْلول‪ :‬بروتوكول قرطجانة واآلليات التي جاء بها‬
‫‪53‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬برنامج اْلمم المتحدة ‪UNEP‬‬
‫‪54‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬السلطة الدولية لقانون البحار‬
‫‪55‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اآلليات الفنية لحماية البيئة البحرية‬

‫‪70‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫‪55‬‬
‫الفرع اْلول‪ :‬الوسائل الميكانيكية‬
‫‪56‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الوسائل الكيميائية‬
‫‪57‬‬ ‫خلصة الفصل الثاني‬
‫‪59‬‬ ‫خاتمة‬
‫‪62‬‬ ‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫‪69‬‬ ‫الفهرس‬
‫‪72‬‬

‫‪71‬‬
‫ملخص المذكرة‬
‫لم تكن الدول في البداية تأخذ على محمل الجد تلك التحذيرات التي أطلقها المختصون في اوقات‬
‫مبكرة من القرن السابق حول مشكلة عالمية على وشك الظهور والتي قد تشكل تهديدا جديا لوجود‬
‫ لكن هذه الدول جميعها أيقنت متأخرة بأن ما‬،‫اإلنسان وبقية الكائنات وحياتهم على هذا الكوكب‬
،‫تم التحذير منه لم يكن عبثا بعد أن عاينت حجم االخطار التي سببتها مشكلة التلوث البيئي‬
‫وأضحت هذه األخيرة وطرق للحد منها والتخلص من آثارها على قائمة اهتمامات المجتمع الدولي‬
‫ ولألن البيئة المائية هي جزء ال يتج أز من البيئة بشكل عام وألنها عنصر‬.‫بل األهم على اإلطالق‬
،‫اساسي في كافة التفاعالت التي تضمن التوازن على هذا الكوكب وتحفظ قابليته لحياة الكائنات‬
‫فقد حظيت بدورها باهتمام دولي بالغ نتيجة اآلثار التي امتدت إليها بسبب التلوث البيئي وأضحت‬
‫اليوم َموضوعا لمنظومة ثرية من النصوص وترسانة من اإلجراءات واآلليات التي تعمل على‬
.‫حمايتها واحد من الممارسات المسببة لتلوثها‬
:‫الكلمات المفتاحية‬
.‫البيئة المائية – حماية البيئة – التلوث‬
Abstract:
States did not initially take seriously those warnings made by specialists early in
the previous century about an emerging global problem that might pose a serious
threat to the existence and life of humans and other organisms on the planet, but all
of them had a late guess that what had been warned was not in vain after they had
seen the magnitude of the dangers caused by the problem of environmental
pollution. For now, the aquatic environment is an integral part of the environment
in general, and because it is an essential element of all the interactions that ensure
balance on the planet and preserve its viability, it has also received great
international attention as a result of the effects of environmental pollution. Today,
it has become the subject of a rich system of texts, an arsenal of procedures and
mechanisms that protect it and one of its polluting practices.
key words:
Water environment - environmental protection - pollution.

72

You might also like