قصة موسى -عليه السلام- وفضل يوم عاشوراء للشيخ عبدالرزاق البدر

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 10

‫قصة مقسك وفضؾ يقم طاشقراء‬

‫خطبة جؿعة بتاريخ ‪ 1424-1-4 /‬هـ‬


‫لؾشقخ طبدالرزاق بـ طبدالؿحسـ البدر –حػظف اهلل تعالك‪-‬‬
‫إن الحؿد هلل كحؿده وكستعقـف وكستغػره وكتقب إلقف ‪ ،‬وكعقذ باهلل مـ شرور أكػسـا وسقئات‬
‫أطؿالـا ‪ ،‬مـ يفده اهلل فال مضؾ لف ومـ يضؾؾ فال هادي لف ‪ ،‬وأشفد أن ٓ إلف إٓ اهلل وحده‬
‫ٓ شريؽ لف ‪ ،‬وأشفد أن محؿد ًا طبده ورسقلف وصػقف وخؾقؾف ومبؾغ الـاس شرطف ‪٪‬‬
‫فصؾقات اهلل وسالمف طؾقف وطؾك آلف وأصحابف أجؿعقـ وسؾؿ تسؾقؿا كثقرا ‪.‬‬

‫أما بعد أيفا الؿممـقن طباد اهلل ‪ :‬أوصقؽؿ وكػسل بتؼقى اهلل ‪ ٪‬فنن مـ اتؼك اهلل وقاه وأرشده‬
‫إلك خقر أمقر ديـف ودكقاه ‪ ،‬وتؼقى اهلل جؾ وطال هل خقر ٍ‬
‫زاد يب ِّؾغ إلك رضقان اهلل ‪ .‬جعؾـل‬
‫اهلل وإياكؿ مـ طباد الؿتؼقـ ‪.‬‬
‫طباد اهلل ‪ :‬إن اهلل طز وجؾ ذو حؽؿة ٍ‬
‫بالغة يف خؾؼف يخؾؼ ما يشاء ويختار ‪ ٪‬يصطػل مـ‬
‫ُ‬
‫فالخؾؼ خؾؼ‬ ‫ٍ‬
‫وحجة سابغة ‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫حؽؿة بالغة‬ ‫ويػضؾ بعضفؿ طؾك بعض طـ‬
‫ِّ‬ ‫خؾؼف ما يشاء‬
‫اهلل وإمر أمره ّ‬
‫جؾ وطال ‪.‬‬

‫فضؾ سبحاكف وتعالك مـ إشخاص محؿد ًا صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ففق سقد ولد‬
‫طباد اهلل ‪ّ :‬‬
‫آدم ‪ ،‬وفضؾ الرسؾ طؾك إكبقاء ‪ ،‬وفضؾ إكبقاء طؾك سائر البشر ‪ ،‬وفضؾ يف إمؽـة مؽة‬
‫الؿؽرمة ثؿ الؿديـة الـبقية الؿـقرة ‪ ،‬وفضؾ يف إوقات أوقاتًا طديد ًة وأزمـ ًة فاضؾة ‪ ٪‬فػل‬
‫فضؾ الؾقالل إخقرة مـ‬
‫فضؾ جؾ وطال شفر رمضان ‪ ،‬ويف الؾقالل ّ‬
‫الشفقر ‪ -‬طباد اهلل ‪ّ -‬‬
‫شفر رمضان ولقؾة الؼدر خقر مـ ألػ شفر ‪ ،‬ويف إيام ‪ -‬طباد اهلل ‪ -‬يقم طرفة خقر إيام‬
‫وسقدها ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫طباد اهلل ‪ :‬وإن مـ إيام العظقؿة الػاضؾة يقم طاشقراء ‪ ٪‬الققم العاشر مـ شفر اهلل الؿحرم‬
‫‪ ٪‬طباد اهلل ‪ :‬إكف يقم صالح طظقؿ جاء يف فضؾف أحاديث طـ الـبل الؽريؿ طؾقف الصالة‬
‫ّ‬
‫وحث صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ طؾك صقامف ورغب يف ذلؽ وصامف طؾقف الصالة‬ ‫والسالم‬
‫والسالم وصامف صحابتف إخقار ‪ ،‬جاء يف الحديث طـ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أكف قال ‪:‬‬
‫ب َط َؾك اهلل ِ َأ ْن ُي َؽ ِّػ َر السـَ َة التِل َق ْب َؾ ُف )) ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قرا َء َأ ْحتَس ُ‬ ‫(( ِص َقا ُم َي ْق ِم َط ُ‬
‫اش َ‬
‫طباد اهلل ‪ :‬إن يقم طاشقراء يقم طظقؿ حدث لؾـاس فقف كعؿ ٌة طظقؿة ومـة جسقؿ ٌة جؾقؾة أٓ‬
‫وهل ‪ -‬طباد اهلل ‪ -‬أن اهلل تبارك وتعالك يف هذا الققم العظقؿ أكجك مقسك ومـ معف وأغرق‬
‫فرطقن ومـ معف ‪ ٪‬لؿا ِ‬
‫قدم الـبل طؾقف الصالة والسالم الؿديـة رأى القفقد يصقمقن يقم‬
‫طاشقراء فؼال ما هذا ؟ قالقا هذا يقم صالح ‪ ،‬ويف رواية قالقا هذا يقم طظقؿ كجك اهلل فقف‬
‫مقسك ومـ معف وأغرق فقف فرطقن ومـ معف فصامف مقسك شؽرا هلل طز وجؾ فـحـ‬
‫كصقمف لذلؽ ‪ ،‬فؼال صؾقات وسالمف طؾقف ‪ :‬كحـ ّ‬
‫أحؼ وأولك بؿقسك مـؽؿ فصامف طؾقف‬
‫الصالة والسالم وأمر الصحابة الؽرام بصقامف ‪.‬‬
‫ثؿ إن صقام يقم طاشقراء كان يف بداية اإلسالم فرضًا ٓزما ‪ ،‬وواجبًا محتؿا ‪ ،‬ثؿ إكف لؿا‬
‫كزلت فريضة الصقام ‪ -‬صقام شفر رمضان ‪ -‬أصبح صقامف أمر ًا مستحبا فؼال طؾقف الصالة‬
‫قرا َء َي ْق ٌم ِم ْـ َأيا ِم اهلل ِ َف َؿ ْـ َشا َء َص َام ُف َو َم ْـ َشا َء ت ََر َك ُف)) ‪ ٪‬فصقام هذا الققم‬ ‫والسالم (( إِن َط ُ‬
‫اش َ‬
‫يقم طاشقراء مستحب لؾؿسؾؿقـ ‪ -‬طبا َد اهلل ‪ -‬شؽر ًا هلل جؾ وطال طؾك تؾؽ الـعؿة‬
‫العظقؿة والؿـة الجسقؿة وصؾبًا لعظقؿ مقطقده سبحاكف الذي أطده لؾصائؿقـ لفذا الققم‬
‫ب َط َؾك اهلل ِ َأ ْن ُي َؽ ِّػ َر السـَ َة التِل َق ْب َؾ ُف )) ‪ .‬ثؿ إن‬ ‫ِ‬
‫حقث قال طؾقف الصالة والسالم (( َأ ْحتَس ُ‬
‫الصقام طباد اهلل صاطة طظقؿة وطبادة جؾقؾة ثقابفا طـد اهلل طظقؿ ‪ ،‬وقد ثبت يف الحديث طـ‬

‫‪2‬‬
‫قؾ اهلل ِ َبا َطدَ اهللُ َو ْج َف ُف َط ْـ الـ ِ‬
‫ار‬ ‫الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أكف قال (( َم ْـ َصا َم َي ْق ًما فِل َسبِ ِ‬

‫قـ َخرِي ًػا )) ‪.‬‬ ‫ِ‬


‫َس ْبع َ‬
‫طباد اهلل ‪ :‬والسـة يف صقام طاشقراء أن يصقم الؿسؾؿ يقمًا قبؾف ٕكف ثبت يف الحديث‬
‫الصحقح أن الصحابة رضل اهلل طـفؿ قالقا لؾـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ إن القفقد يصقمقن‬ ‫ّ‬
‫هذا الققم ويتخذوكف طقدا ويعظؿقكف ؟ فؼال طؾقف الصالة والسالم ‪َ (( :‬لئِ ْـ َب ِؼ ُ‬
‫قت إِ َلك َقابِ ٍؾ‬
‫اس َع )) أي مضافا ومضؿقما إلك العاشر ‪ .‬فالسـة ‪ -‬طباد اهلل‪ -‬أن يصقم‬ ‫ََٕصقمـ الت ِ‬
‫ُ َ‬
‫الؿسؾؿ يقم طاشقراء صؾبًا لفذا إجر العظقؿ وأن يصقم معف الققم التاسع مخالػ ًة لؾقفقد‬
‫واقتدا ًء بـبقـا الؽريؿ طؾقف الصالة والسالم ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫حدث طظقؿ جؾقؾ فقف طبرة بالغة وحجة ضاهرة‬ ‫طباد اهلل ‪ :‬حدث يف هذا الققم كؿا تؼدم‬
‫وآية باهرة تدل طؾك كؿال قدرة اهلل وطظقؿ اكتؼامف وشدة بطشف جؾ وطال ‪ ٪‬يف هذا الققم‬
‫مػصؾ ًة يف مقاضع‬ ‫َ‬
‫أغرق اهلل جؾ وطال فرطقن وققمف ‪ ،‬وقد ذكر طز وجؾ قصة فرطقن ّ‬
‫طديدة مـ الؼرآن وأخبر جؾ وطال أن فرطقن طال يف إرض واشتد بطشف وزاد إسرافف‬
‫يسري‬
‫َ‬ ‫وإفساده وتعالقف طؾك طباد اهلل ‪ ،‬ثؿ إن اهلل طز وجؾ أ ِذن َ‬
‫وأمر مقسك ومـ معف أن‬
‫بؼقمف إلك حقث جفة البحر إحؿر ‪ ،‬فاكطؾؼ مقسك بؼقمف مـ بـل إسرائقؾ إلك جفة البحر‬
‫ٍ‬
‫لحؽؿة يريدها وأمرٍ طظق ٍؿ يريده‬ ‫إحؿر لقال ‪ ،‬ثؿ إن اهلل طز وجؾ أخرج مقسك ومـ معف‬
‫فرطقن بخروجف أرسؾ يف الؿدائـ حاشريـ يجؿعقن‬
‫ُ‬ ‫جؾ وطال ‪ ،‬فؾؿا خرج مقسك وطؾؿ‬
‫وتلمؾ هذا السقاق الؽريؿ حقث يبقـ لـا جؾ وطال هذا‬
‫لف جـقده ويج ِّقشقن لف جققشف ‪ّ ،‬‬
‫الحدث العظقؿ ‪:‬‬

‫يؼقل جؾ وطال‪ ﴿ :‬وَؤَوْحَُْنَب إِىًَ ٍُىسًَ ؤَُْ ؤَسْشِ بِعِبَبدٌِ إَِّّنٌُْ ٍُحَّبَعُىَُ (‪)52‬‬
‫‪3‬‬
‫فَإَسْسَوَ فِشْعَىُُْ فٍِ اىََْذَائِِِ حَبشِشََِِ (‪ )53‬إَُِّ هَؤُىَبءِ ىَشِشْرٍَِةٌ قَيُِيُىَُ (‪)54‬‬

‫وَإَِّّهٌُْ ىَنَب ىَغَبئِظُىَُ (‪ )55‬وَإَِّّب ىَجََُِعٌ حَبرِسُوَُ (‪ )56‬فَإَخْشَجْنَبهٌُْ ٍِِْ جَنَّبتٍ وَعُُُىٍُ‬

‫(‪ )57‬وَمُنُىصٍ وٍََقَبًٍ مَشٌٍَِ (‪ )58‬مَزَىِلَ وَؤَوْسَثْنَبهَب بَنٍِ إِسْشَائُِوَ (‪ )59‬فَإَجْبَعُىهٌُْ ٍُشْشِقِنيَ (‪ )60‬فَيَََّب‬

‫جَشَاءَي اىْجََْعَبُِ قَبهَ ؤَصْحَبةُ ٍُىسًَ إَِّّب ىََُذْسَمُىَُ ﴾ [الشعراء‪ ٪ ]٦1–٢٥:‬البحر‬


‫مـ أمامـا فنن خضـاه غرقـا ‪ ،‬وفرطقن وجـقده قد بؾغـا فنن وقػـا أهؾؽـا ‪ ،‬فؼال مقسك‬
‫وقؾب مطؿئـ ٍ‬
‫وثؼة باهلل العظقؿ ﴿ مَيَّب ﴾ أي أكفؿ لـ يدركقكـا ﴿ مَيَّب إَُِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بنيؿان ثابت‬

‫ٍَعٍَِ سَبٍِّ سََُهْذَِِِ ﴾ ‪ ٪‬فلذن اهلل طز وجؾ وأوحك إلك كؾقؿف مقسك طؾقف السالم أن‬
‫يضرب بعصاه البحر ‪ ،‬فضرب بعصاه البحر فاكػؾؼ البحر قطعًا طديدة ‪ ٪‬اثـا طشر قطعة كؾ‬
‫قطعة مـفا أصبحت كالطقد العظقؿ أي كالجبؾ الؽبقر ‪.‬‬

‫تلمؾ رطاك اهلل ‪ ،‬تلمؾ قدرة اهلل جؾ وطال ‪ ٪‬الؿاء السقال وقػ وققف الجبال !! إكفا حجة‬
‫بالغة وآية ضاهرة طؾك كؿال قدرة اهلل جؾ وطال ‪ ،‬الؿاء السقال وقػ وققف الجبال ‪ ،‬ثؿ إن‬

‫أرض وحؾ وزلؼ أذن اهلل طز وجؾ لفا فقبست ﴿فَبضْشِةْ‬


‫إرض التل كان طؾقفا الؿاء وهل ٌ‬

‫ىَهٌُْ طَشَِقًب فٍِ اىْبَحْشِ َبَسًب ىَب جَخَبفُ دَسَمًب وَىَب جَخْشًَ ﴾ [صف‪ ، ]٧٧:‬تػتحت الطرق وجاء‬
‫ٍ‬
‫بلمان مسرطقـ مع هذه الػجاج‬ ‫الػرج حقث حصؾت شدة الؽرب ومضك مقسك ومـ معف‬
‫التل يسرها اهلل لفؿ مـ خالل البحر ومـ بقـ الؿقاه ‪ ،‬فؿضقا والؿقاه إلك جـبتقفؿ قائؿة‬
‫طؾك أرض يابسة ‪.‬‬

‫فؿا أطظؿفا مـ آية !! ولؿا وصؾ فرطقن وجـقده إلك البحر وخرج مقسك ومـ معف إلك‬
‫الطرف أخر أراد مقسك طؾقف السالم أن يضرب بعصاه البحر لئال يدخؾ فرطقن فقصؾ‬
‫‪4‬‬
‫إلقف فؼال اهلل طز وجؾ‪ ﴿ :‬وَاجْشُكِ اىْبَحْشَ سَهْىًا إَِّّهٌُْ جُنْذٌ ٍُغْشَقُىَُ ﴾ [الدخان‪ ٪ ]٥٢:‬لؿا وصؾ‬
‫ٍ‬
‫بؽبرياء وتعاضؿ ‪:‬‬ ‫فرطقن البحر ازداد يف كبريائف وطتقه وتعالقف والتػت إلك ققمف وقال لفؿ‬
‫إكـل أكا الذي أمسؽت الؿاء ٕدرك هذه الشرذمة الؼؾقؾة والػئة الخارجة ‪ ،‬فلضؾ ققمف‬
‫فاتبعقه فدخؾ البحر وتبعف ققمف معف ‪ ،‬وقد ُذكِر يف كتب التاريخ أن طدد الخقؾ التل كاكت‬
‫معفؿ تصؾ إلك مائة ألػ ‪ ،‬فدخؾقا أجؿعقـ داخؾ البحر فؾؿا تؽامؾقا دخقًٓ مـ أولفؿ‬
‫إلك آخرهؿ ارتطؿ طؾقفؿ الؿاء فغرققا أجؿعقـ مـ أولفؿ إلك آخرهؿ بؿا فقفؿ طدو اهلل‬
‫فرطقن ‪ ،‬وكان هذا الؿـظر طؾك مرأى مـ ققم مقسك لقؽقن ذلؽ أقر ٕطقـفؿ وأشػك‬
‫لصدورهؿ ‪.‬‬

‫ثؿ إن فرطقن لؿا طايـ الؿقت قال‪ ﴿ :‬آٍَنْثُ ؤََّّهُ ىَب إِىَهَ إِىَّب اىَّزٌِ آٍَنَثْ بِهِ بَنُى إِسْشَائُِوَ وَؤََّب ٍَِِ‬

‫اىَُْسْيَِِنيَ ﴾ [يقكس‪ ]٩٩:‬فؼال اهلل جؾ وطال ‪ ﴿ :‬آىْأَُ وَقَذْ عَصَُْثَ قَبْوُ وَمُنْثَ ٍَِِ‬

‫اىَُْفْسِذََِِ (‪ )91‬فَبىَُْىًَْ ُّنَجُِّلَ بِبَذَِّلَ ىِحَنُىَُ ىََِِْ خَيْفَلَ آ َةً وَإَُِّ مَثِريًا ٍَِِ اىنَّبسِ‬

‫عَِْ آََبجِنَب ىَغَبفِيُىَُ ﴾ [يقكس‪ ]٩٥–9١:‬آمـ حقث ٓ يـػع اإليؿان ‪ ،‬يؼقل اهلل تعالك ‪:‬‬

‫﴿ وىَُْسَثِ اىحَّىْبَةُ ىِيَّزََِِ َعََْيُىَُ اىسَُِّّئَبتِ حَحًَّ إِرَا حَضَشَ ؤَحَذَهٌُُ اىََْىْتُ قَبهَ إٍِِّّ جُبْثُ‬

‫اىْأَُ﴾ [الـساء‪ ، ]١٨:‬ويؼقل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ((إِن اهللَ َي ْؼ َب ُؾ ت َْق َب َة ا ْل َع ْب ِد َما َل ْؿ‬
‫ُيغ َْر ِغ ْر)) ‪ ٪‬آمـ حقث ٓ يـػع اإليؿان ‪ .‬ثؿ إن اهلل طز وجؾ كجك بدكف فلخرجف لبـل إسرائقؾ‬
‫لقروا هذه أية العظقؿة الدالة طؾك كؿال اهلل وطظقؿ قدرتف سبحاكف ‪.‬‬

‫إن مقسك طؾقف السالم صام هذا الققم ‪ -‬يقم طاشقراء ‪ -‬شؽر ًا هلل طؾك هذه الـعؿة العظقؿة‪،‬‬
‫وكحـ ّأم َة اإلسالم كصقم هذا الققم شؽر ًا هلل طز وجؾ طؾك كعؿتف العظقؿة ‪ ،‬وكسللف جؾ‬

‫‪5‬‬
‫وطال الؿزيد مـ فضؾف ‪ ،‬وكسللف سبحاكف كصره وطقكف وتقفقؼف ‪ ٪‬فإمقر بقد اهلل ومؼالقد‬
‫السؿاوات وإرض بقده يؼؾبفا كقػ يشاء ويؼضل فقفا بؿا يريد ٓ را ّد لحؽؿف وٓ معؼب‬
‫لؼضائف ‪.‬‬

‫أققل ما تسؿعقن وأستغػر اهلل لل ولؽؿ ولسائر الؿسؾؿقـ مـ كؾ ذكب فاستغػروه يغػر‬
‫لؽؿ إكف هق الغػقر الرحقؿ‬

‫الخطبة الثاكقة ‪:‬‬


‫الحؿد هلل طظقؿ اإلحسان واسع الػضؾ والجقد وآمتـان ‪ ،‬وأشفد أن ٓ إلف إٓ اهلل وحده‬
‫ٓ شريؽ لف ‪ ،‬وأشفد أن محؿد ًا طبده ورسقلف ‪ ٪‬صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وأصحابف أجؿعقـ‬
‫وسؾؿ تسؾقؿًا كثقرا ‪.‬أما بعد طباد اهلل ‪ :‬اتؼقا اهلل تعالك ‪.‬‬

‫طباد اهلل ‪ :‬لؼد طرفـا مـ خالل ما سبؼ ما يشرع لؾؿسؾؿقـ فعؾف يف يقم طاشقراء ‪ ،‬وأن السـة‬
‫يف هذا الققم صقامف شؽر ًا هلل وتحريًا لعظقؿ مقطقده لؾصائؿقـ ‪ ،‬وأطظؿ الـاس أجر ًا يف‬
‫الصقام أكثرهؿ فقف ذكر ًا هلل طز وجؾ ‪ ٪‬هذه هل السـة يف يقم طاشقراء ‪.‬‬

‫طباد اهلل ‪ :‬وقد شاء اهلل جؾ وطال أن يؼع يف هذا الققم حدث طظقؿ وذلؽ يف سـة واحد‬
‫وستقـ لؾفجرة حقث إكف يف هذا الققم ُقتؾ الحسقـ بـ طؾل رضل اهلل طـف ‪ُ ٪‬قتؾ رضل اهلل‬
‫وج ْقرا وطدواكا ‪ ،‬وإن ق ْتؾف يعدّ ه أهؾ اإليؿان مصقبة طظقؿة ورزية كبقرة ‪ ،‬ولؽـ‬
‫طـف ضؾؿًا َ‬
‫يػقض‬
‫الؿسؾؿ ملمقر بالؿصاب ‪ -‬أي مصاب كان ‪ -‬أن يصبر ويحتسب وأن يسترجع وأن ّ‬

‫أمره إلك اهلل ‪ ،‬قال اهلل طز وجؾ‪ ﴿ :‬وَبَشِّشِ اىصَّببِشََِِ (‪ )155‬اىَّزََِِ إِرَا ؤَصَببَحْهٌُْ ٍُصُِبَةٌ قَبىُىا إَِّّب‬

‫‪6‬‬
‫ىِيَّهِ وَإَِّّب إِىَُْهِ سَاجِعُىَُ ﴾ [البؼرة‪ ، ]١٢٦-١٢٢:‬وقد ُقتؾ قبؾ الحسقـ مـ هؿ أفضؾ مـف ‪٪‬‬
‫ُقتؾ والده طؾل بـ أبل صالب ‪ ،‬و ُقتؾ طثؿان بـ طػان ‪ ،‬و ُقتؾ طؿر بـ الخطاب ‪ ،‬وقتؾ مـ‬
‫هق أفضؾ مـ همٓء فؼتؾ أكبقاء هلل طز وجؾ ولقس ُيطؾب مـ الـاس يف الؿصائب سقى‬
‫آسترجاع والصبر طؾك الؿصاب ورجاء مقطقد اهلل جؾ وطال لؾصابريـ ‪ ،‬إٓ أكف حصؾ‬
‫أن وجد مذهبان مـحرفان طؾك إثر هذا الحدث ‪:‬‬

‫الؿذهب إول ‪ :‬اتخذ يقم مؼتؾ الحسقـ ملتؿا يظفرون فقف الحزن والبؽاء والـقاحة ولطؿ‬
‫الخدود وشؼ الجققب وكؾ هذه إطؿال لقست مـ أطؿال اإلسالم ولقست مـ ديـ اهلل ‪٪‬‬
‫بؾ جاء ديـ اهلل بالتحذير مـفا ‪ ،‬جاء يف الحديث طـ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أكف قال ‪:‬‬
‫اب َوالط ْع ُـ فِل ْإَك َْس ِ‬
‫اب‬ ‫اه ِؾق ِة َٓ َيت ُْركُقك َُفـ ‪ :‬ا ْل َػخْ ُر فِل ْإَ ْح َس ِ‬ ‫(( َأربع فِل ُأمتِل ِمـ َأمرِ ا ْلج ِ‬
‫ْ ْ َ‬ ‫ٌَْ‬
‫ُب َق ْب َؾ َم ْقتِ َفا ُت َؼا ُم َي ْق َم ا ْل ِؼ َق َام ِة َو َط َؾ ْق َفا‬ ‫ِ‬
‫اح ُة ‪َ ،‬والـائ َح ُة إِ َذا َل ْؿ َتت ْ‬
‫ِ‬
‫َو ْآ ْست ْس َؼا ُء بِالـ ُُّجق ِم َوالـِّ َق َ‬
‫ب)) ‪ ،‬وجاء يف الحديث أخر أن الـبل صؾك اهلل طؾقف‬ ‫ان َودِ ْر ٌع ِم ْـ َج َر ٍ‬
‫ِس ْر َب ٌال ِم ْـ َقطِ َر ٍ‬

‫اه ِؾق ِة )) ‪ ،‬وثبت‬ ‫وسؾؿ قال ‪َ (( :‬لقس ِمـا مـ لَ َطؿ ا ْلخُ دُ ود و َشؼ ا ْلجققب ودطا بِدَ طقى ا ْلج ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ َ َ ََ َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ْ َ‬
‫قل اهلل ِ َصؾك اهللُ َط َؾ ْق ِف َو َسؾ َؿ َبرِئَ ِم ْـ الصالِ َؼ ِة َوا ْل َحالِ َؼ ِة َوالشاق ِة))‬
‫يف صحقح مسؾؿ ((إِن َر ُس َ‬
‫والصالؼة طباد اهلل ‪ :‬التل ترفع صقتفا بالبؽاء والـحقب طـد الؿصقبة ‪ ،‬والحالؼة ‪ :‬التل‬
‫تحؾؼ شعرها وتؼطع شعرها طـد الؿصقبة ‪ ،‬والشاقة ‪ :‬التل تشؼ ثقبفا طـد الؿصقبة ‪.‬‬
‫والحؽؿ يتـاول الرجال والـساء ولؽـ ذكر طؾقف الصالة والسالم الـساء ٕن هذا هق الغالب‬
‫فقفـ ‪.‬‬
‫وأما الؿذهب أخر ‪ :‬ففق مذهب طؾك الـؼقض لفذا الؿذهب ‪ ٪‬وهق مذهب مـ يـاصبقن‬
‫يقسعقن فقف طؾك‬ ‫ٍ‬
‫آل البقت العداء ‪ ،‬فاتخذوا هذا الققم يقم فرحٍ وسرور ‪ ،‬ويقم طقد وحبقر ِّ‬
‫‪7‬‬
‫إوٓد ويتبادلقن فقف الفدايا ويصـعقن فقف أكقاطًا مـ إصعؿة مخصقصة ويجعؾقكف يقم‬
‫فرحٍ وسرور ‪.‬‬

‫وذاك الؿذهب باصؾ وهذا الؿذهب باصؾ ‪ ،‬وديـ اهلل وسط بقـ الغؾق والجػاء واإلفراط‬
‫والتػريط ‪ .‬والقاجب طباد اهلل أن كعرف ٔل البقت حؼفؿ ولؽـ دون غؾق وجػاء ودون‬
‫إفراط وتػريط ‪ .‬رحؿ اهلل الحسقـ ورضل طـف وأسؽـف الجـة‪ ،‬وهق وأخقه الحسـ سقدا‬
‫شباب الجـة كؿا جاء ذلؽ يف الحديث الصحقح طـ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ .‬وكسلل‬
‫اهلل جؾ وطال بلسؿائف الحسـك وصػاتف العؾك أن يجؿعـا وإياكؿ وإياه يف جـات كعقؿ مع‬
‫إكبقاء والصحابة وآل البقت والتابعقـ ‪ ،‬وأن يفديـا وإياكؿ سقاء السبقؾ ‪ ،‬وأن يرزقـا‬
‫التؿسؽ بالسـة والسقر طؾك وفؼفا ‪ ،‬وأن يجـبـا البدع وأن يعقذكا مـفا ‪.‬‬

‫وصؾقا رطاكؿ اهلل طؾك محؿد بـ طبد اهلل كؿا أمركؿ اهلل بذلؽ يف كتابف‪ ﴿ :‬إَُِّ اىيَّهَ‬

‫وٍََيَبئِنَحَهُ َُصَيُّىَُ عَيًَ اىنَّبٍِِّ ََب ؤَُّهَب اىَّزََِِ آٍَنُىا صَيُّىا عَيَُْهِ وَسَيَُِّىا جَسْيَُِبً ﴾‬
‫[إحزاب‪ ، ]٢٦:‬وقال صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪َ (( :‬م ْـ َصؾك َط َؾل َصال ًة َصؾك اهللُ َط َؾ ْق ِف بِ َفا‬
‫َط ْش ًرا)) ‪.‬‬

‫الؾفؿ صؾ طؾك محؿد وطؾك آل محؿد كؿا صؾقت طؾك إبراهقؿ وطؾك آل إبراهقؿ إكؽ‬
‫حؿقد مجقد ‪ ،‬وبارك طؾك محؿد وطؾك آل محؿد كؿا باركت طؾك إبراهقؿ وطؾك آل‬
‫إبراهقؿ إكؽ حؿقد مجقد ‪ .‬وارض الؾفؿ طؾك الخؾػاء الراشديـ إئؿة الؿفديـ ‪ ٪‬أبل بؽر‬
‫الصديؼ وطؿر الػاروق وطثؿان ذي الـقريـ وأبل السبطقـ طؾل ‪ ،‬وارض الؾفؿ طـ‬
‫الصحابة أجؿعقـ وطـ التابعقـ ومـ اتبعفؿ بنحسان إلك يقم الديـ ‪ ،‬وطـا معفؿ بؿـؽ‬

‫‪8‬‬
‫وكرمؽ وإحساكؽ يا أكرم إكرمقـ ‪.‬‬

‫الؾفؿ أطز اإلسالم والؿسؾؿقـ ‪ ،‬وأذل الشرك والؿشركقـ ‪ ،‬ودمر أطداء الديـ ‪ ،‬الؾفؿ احؿ‬
‫حقزة الديـ يا رب العالؿقـ‪ .‬الؾفؿ آمـا يف أوصاكـا وأصؾح أئؿتـا ووٓة أمقركا ‪ ،‬واجعؾ‬
‫وٓيتـا فقؿـ خافؽ واتؼاك واتبع رضاك يا رب العالؿقـ ‪ .‬الؾفؿ اكصر مـ كصر الديـ ‪،‬‬
‫الؾفؿ اكصر إخقاكـا الؿجاهديـ يف كؾ مؽان ‪ ،‬الؾفؿ اكصرهؿ يف فؾسطقـ ويف كؾ مؽان ‪،‬‬
‫الؾفؿ اكصرهؿ كصر ممزرا ‪ ،‬الؾفؿ ِّأيدهؿ بتليقدك واحػظفؿ بحػظؽ يا ذا الجالل واإلكرام‬
‫‪ ،‬الؾفؿ وطؾقؽ بلطداء الديـ فنكفؿ ٓ يعجزوكؽ ‪ ،‬الؾفؿ إكا كجعؾؽ يف كحقرهؿ وكعقذ بؽ‬
‫مـ شرورهؿ الؾفؿ اكػـا إياهؿ بؿا تشاء فال حقل لـا وٓ ققة إٓ بؽ ‪.‬‬

‫الؾفؿ وفؼ ولل أمركا لؿا تحب وترضك وأطـف طؾك البر والتؼقى وسدده يف أققالف وأطؿالف‬
‫وألبسف ثقب الصحة والعافقة وارزقف البطاكة الصالحة الـاصحة ‪ .‬الؾفؿ وفؼ جؿقع وٓة أمر‬
‫الؿسؾؿقـ ‪ ،‬الؾفؿ وفؼفؿ لؿا تحب وترضك ‪ ،‬الؾفؿ سددهؿ يف أققالفؿ وأطؿالفؿ ‪ ،‬الؾفؿ‬
‫ألفؿفؿ الفداية والسداد والصقاب يا ذا الجالل واإلكرام ‪.‬‬

‫الؾفؿ آت كػقسـا تؼقاها ‪ ،‬زكفا أكت خقر مـ زكاها أكت ولقفا ومقٓها ‪ .‬الؾفؿ إكا كسللؽ‬
‫الفدى والتؼك والعػة والغـك ‪ .‬الؾفؿ أصؾح لـا ديــا الذي هق طصؿة أمركا وأصؾح لـا دكقاكا‬
‫التل فقفا معاشـا وأصؾح لـا آخرتـا التل فقفا معادكا واجعؾ الحقاة زيادة لـا يف كؾ خقر‬
‫والؿقت راحة لـا مـ كؾ شر ‪ .‬الؾفؿ أصؾح ذات بقــا وألػ بقـ قؾقبـا واهدكا سبؾ السالم‬
‫وأخرجـا مـ الظؾؿات إلك الـقر ‪ ،‬وبارك لـا يف أطؿالـا وأمقالـا وأزواجـا وذرياتـا وأوقاتـا‬
‫واجعؾـا مباركقـ أيـؿا كـا ‪.‬‬

‫الؾفؿ اغػر لـا ذكبـا كؾف دقف وج ّؾف أولف وآخره سره وطؾـف ‪ .‬الؾفؿ اغػر لـا ما قدمـا وما أخركا‬
‫‪9‬‬
‫وما أسرركا وما أطؾـا وما أكت أطؾؿ بف مـا أكت الؿؼدم وأكت الؿمخر ٓ إلف إٓ أكت ‪ .‬الؾفؿ‬
‫فرج هؿ الؿفؿقمقـ مـ الؿسؾؿقـ وكػس كرب الؿؽروبقـ واقض الديـ طـ الؿديـقـ‬
‫واشػ مرضاكا ومرضك الؿسؾؿقـ واغػر وارحؿ لؿقتك الؿسؾؿقـ يا ذا الجالل واإلكرام ‪.‬‬
‫ربـا آتـا يف الدكقا حسـة ويف أخرة حسـة وقـا طذاب الـار ‪.‬‬

‫طباد اهلل ‪ :‬اذكروا اهلل يذكركؿ ‪ ،‬واشؽروه طؾك كعؿف يزدكؿ ‪  ،‬وىَزِمْشُ اىيَّهِ ؤَمْبَشُ وَاىيَّهُ َعْيٌَُ ٍَب‬

‫جَصْنَعُىَُ‪. ‬‬

‫ـــــــــــ‬

‫‪www.al-badr.net‬‬

‫‪11‬‬

You might also like