كتاب في دقائق المستقبل أسرع مما تتصور كيف يحول تزاوج التكنولوجيا أعمالنا وصناعاتنا وحياتنا

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 12

‫ديسمبر‬

‫تتصور!‬
‫َّ‬ ‫مما‬
‫المستقبل أسرع َّ‬
‫وصناعاتنا وحياتَ نا‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫أعمالنا‬ ‫تزاو ُج التكنولوجيا‬
‫حول ُ‬
‫كيف ُي ِّ‬
‫َ‬
‫الـعدد‬
‫‪223‬‬

‫بيتر ديامانديس‬
‫وستيفن كوتلر‬

‫نقطة االلتقاء‬
‫جـوانـب مضــيئة وأخرى ُمظلمة‬
‫مجاالت ُّ‬
‫التأثر‬
‫َّ‬
‫السكاني‬ ‫والتكدس‬
‫ُّ‬ ‫الشيخوخة‬

‫ﻣﺒﺎدرات وﻣﺸﺎرﻳﻊ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ آل ﻣﻜﺘﻮم ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ‬

‫ورش اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻟﺸﺒﺎب اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻛﺎﻓﺔ‬ ‫ﺣﻘﻖ وﺳﻢ ‪#‬ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻲ ‪ 3.5‬ﻣﻠﻴﺎرات ﻣﺸﺎﻫﺪة‬

‫‪www.mbrf.ae‬‬
‫يتغير العالم بوتيرة متسارعة‬ ‫َّ‬
‫يختلف‬
‫ُ‬ ‫وخطى ثابتة‪ ،‬فما نشهده اليوم‬
‫ً‬
‫عما عايشناه باألمس‪ ،‬وما سيكون عليه في الغد‪،‬‬
‫ويعزى هذا التغيير إلى التكنولوجيا المتنامية أكثر‬ ‫ُ‬ ‫أكثر ما أعجبني‬
‫التغيرات شتَّ ى مجاالت‬ ‫ُّ‬ ‫أي شيء آخر‪ ،‬وتجتاح‬ ‫من ِّ‬
‫تصوره‪ ،‬األمر الذي‬ ‫ُّ‬ ‫الحياة بشكل يعجز العقل عن‬ ‫في كتاب‬
‫مجاال للتراخي والتسويف! فقد آن األوان‬ ‫ً‬ ‫ال يدع‬ ‫«بيتــر ديامانديــس» و«ســتيفن كوتلــر» ‪-‬وهمــا كاتبــان فــي‬
‫ونتأهب لما هو‬ ‫َّ‬ ‫تفرجين‬‫الم ِّ‬ ‫نغادر صفوف ُ‬ ‫ُ‬ ‫لكي‬ ‫ينبهــان لهــا‬ ‫المحوريــة التــي ِّ‬ ‫َّ‬ ‫صحيفــة نيويــورك تايمــز‪ -‬تلــك الفكــرة‬
‫أن الضغــوط التــي يفرضهــا علينــا‬ ‫ومؤداهــا َّ‬ ‫َّ‬ ‫ويتفــاءالن بســببها‪،‬‬
‫أتم استعداد الستقباله‪ ،‬وال‬ ‫قادم‪ ،‬فنكون على ِّ‬ ‫المتغيــرات‪،‬‬ ‫التغييــر ويحتِّ مهــا المســتقبل ليســت ناتجــة عــن تســارع‬
‫ِّ‬
‫تؤرقنا التقلُّ بات المركَّ بة‬ ‫نتخلَّ ف عن الركب‪ ،‬وقد ِّ‬ ‫ومفاجــآت التقـ ُّـدم العلمــي‪ ،‬واألزمــات المتواتــرة مــن حولنــا فقــط‬
‫والمربكة التي تجتاح حياتنا من دون استئذان‪،‬‬ ‫تتحقــق‬ ‫َّ‬ ‫ألن مواكبــة َّتيــارات الغــد التــي تتداعــى علــى عالمنــا لــن‬ ‫َّ‬
‫بإتقــان مهنــة‪ ،‬أو االحتــراف فــي صناعــة‪ ،‬بــل تتطلَّ ــب فهــم نتائــج‬
‫مستقبال في‬
‫ً‬ ‫التنبؤ بما سيحدث‬ ‫ليشق علينا ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫حتَّ ى‬
‫تــزاوج العلــوم وتقــارب التقنيــات وتشــابك الصناعــات‪ ،‬حيــث بــات‬
‫ظل السرعة التي تتواتر بها األحداث‪ ،‬وحتَّ ى إن‬ ‫ِّ‬ ‫ويتأثــر بــه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ويؤثــر فــي اآلخــر‬ ‫ِّ‬ ‫كل منهــا يمتـ ُّـد‬ ‫ٌّ‬
‫توقع ما سيحدث على مدى خمس أو‬ ‫استطعنا ُّ‬ ‫مــن دواعــي التفــاؤل أيضــاً أن صــار اإلبــداع فــي الحيــاة أمــراً حتميــاً ‪،‬‬
‫عشر سنوات قادمة‪ ،‬فستأتي مرحلة نعجز فيها‬ ‫أن النمـ َّـو يمكــن أن‬ ‫المؤسســات وعمــوم النــاس َّ‬ ‫َّ‬ ‫إذ تعتقــد بعــض‬
‫يتحقــق بتطويــر تقنيــات ومنتجــات جديــدة‪ ،‬وهــذا ليــس صحيحــاً‬ ‫َّ‬
‫قطار التغيير‪.‬‬
‫ُ‬ ‫عن المواكبة‪ ،‬فيفوتنا‬ ‫حقيقيــة وغيــر مفتعلــة‬ ‫نمــو‬ ‫طفــرات‬ ‫فإحــداث‬ ‫إطالقــه‪،‬‬ ‫علــى‬
‫َّ‬ ‫ٍّ‬
‫ــب مــا قبلهــا‪ ،‬وتزعــزع‬ ‫تج ُّ‬ ‫يتطلَّ ــب حقــن ابتكاراتنــا بنمــاذج أعمــال ُ‬
‫كل مــن المؤلِّ فيــن‪« :‬بيتــر ديامانديــس»‬ ‫يرســم ٌّ‬ ‫فعــا يوميــاً ‪ ،‬ال خيــاراً‬ ‫ً‬ ‫الصناعــات القائمــة‪ ،‬مــا يجعــل مــن االبتــكار‬
‫اقتصاديــاً فحســب‪.‬‬
‫صــورة‬
‫ً‬ ‫لخــص‬ ‫الم َّ‬
‫و«ســتيفن كوتلــر» فــي هــذا ُ‬
‫المعضــات األخــرى فــي صنــع المســتقبل أن معظــم‬ ‫مــن ُ‬
‫متفائلـ ًـة لمــا يمكــن أن يحــدث‪ ،‬ثـ َّـم يقترحــان األدوات‬ ‫صممــة لتســتقر ال لتتغيــر‪.‬‬ ‫الحكوميــة والخاصــة ُم َّ‬ ‫َّ‬ ‫المؤسســات‬ ‫َّ‬
‫الالزمــة لنعــي مــا يــدور حولنــا‪ ،‬ونعيــد اكتشــاف‬ ‫للمؤسســات فقــد تمــت‬ ‫َّ‬ ‫بالنســبة‬ ‫االســتقرار‬ ‫ــة‬ ‫ألهمي‬
‫َّ‬ ‫ونظــراً‬
‫أنفســنا‪ ،‬ورؤيــة العالــم مــن حولنــا‪ .‬صرنــا اليــوم نســمع‬ ‫هيكلتهــا لتقــاوم التغييــر‪ .‬حتــى أن كاتبــاً مرموقــاً مثــل «جيــم‬
‫وكأن البقــاء‬ ‫َّ‬ ‫«بنِ َيــت لتبقــى»‪،‬‬ ‫كولنــز» اختــار ألحــد كتبــه عنــوان ُ‬
‫المعــزَّ ز‬
‫بالــذكاء االصطناعــي والروبوتــات والواقــع ُ‬ ‫مؤسســات اليــوم‬ ‫أن معظــم‬
‫َّ‬ ‫ـتراتيجية‪ ،‬مــا يعنــي َّ‬ ‫َّ‬ ‫والرســوخ ميــزة اسـ‬
‫ثالثيــة األبعــاد‪ ،‬ومــع ذلــك يظـ ُّـل الســؤال‬
‫َّ‬ ‫والطباعــة‬ ‫صمــم لتواكــب التغييــر الجــذري والســريع‪ .‬وفــي هــذا يقــول‬ ‫لــم تُ َّ‬
‫الــذي يــدور فــي أذهــان الجميــع مطروحــاً ‪ ،‬وهــو‪:‬‬ ‫الدكتــور «ريتشــارد فوســتر» مــن جامعــة «ييــل»‪ 40« :‬فــي المائــة‬
‫مؤسســات «فورتشــن» الخمســمائة الكبــرى ســتختفي خــال‬ ‫َّ‬ ‫مــن‬
‫ِّ‬
‫ستؤثر هذه األدوات والتقنيات في حياتنا؟‬ ‫كيف‬ ‫مؤسســات ناشــئة لــم تـ َـر النــور بعد‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ـتحل مكانهــا‬ ‫عشــر ســنوات‪ ،‬وسـ ُّ‬
‫أهــم مــن أن نكــون قادريــن علــى‬ ‫ُّ‬ ‫اليــوم‬ ‫عالمنــا‬ ‫نعــم‪ ،‬ليــس فــي‬
‫للتكيــف مــع‬ ‫ُّ‬ ‫رؤيــة مــا يحملــه الغــد‪ ،‬وأن نكــون رشــيقين بمــا يكفــي‬
‫أن التهديدات‬ ‫وكل مــا تحملــه مــن مفاجــآت‪ ،‬ولكن رغــم َّ‬ ‫ِّ‬ ‫المتغيــرات‬‫ِّ‬
‫ـإن الحلــول التــي بتنــا نمتلكهــا ال تقـ ُّـل‬ ‫التــي تواجهنــا تبــدو رهيبــة‪ ،‬فـ َّ‬
‫قـ َّـو ًة ونجاعــة‪.‬‬
‫كل الصعوبــات نواجــه‬ ‫ـنظل رغــم ِّ‬ ‫علينــا أن نتحلَّ ــى بالتفــاؤل ألنَّ نــا سـ ُّ‬
‫البيئيــة‪ ،‬واإلرهــاب‪ ،‬واإلفــراط فــي فــرض‬ ‫َّ‬ ‫األوبئــة‪ ،‬والكــوارث‬
‫وكل هــذا ُيحتِّ ــم علينــا‬ ‫ُّ‬ ‫المعقــدة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫التنظيميــة‬
‫َّ‬ ‫القواعــد والسياســات‬
‫للتصــدي لهــا‪ ،‬ومواجهــة‬ ‫ِّ‬ ‫الالزمــة‬ ‫بــاألدوات‬ ‫أن نبقــى ُم َســلَّ حين‬
‫مســتقبلنا بشــجاعة وذكاء وحكمــة‪.‬‬
‫المتميــز فــي فلســفة العلــوم‬ ‫ِّ‬ ‫وكمــا يقــول مؤلِّ فــا هــذا الكتــاب‬
‫وقــراءة المســتقبل‪« :‬ســيكون المســتقبل عظيمــاً ال محالــة؛ فقــط‬
‫النيــة فــي العمــل»‪.‬‬ ‫علينــا أن نتســلَّ ح باألمــل وإخــاص َّ‬
‫جمال بن حويرب‬
‫المدير التنفيذي‬
‫مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬

‫‪2‬‬
‫ألن طريقــة المســار الواحــد قد‬ ‫تتخلَّ ــف عــن الركــب ؛ َّ‬
‫ولَّ ــى عهدهــا ولــم تعــد تؤتي أكُ لَ ها‪ ،‬فنحن اآلن في‬
‫نقطة االلتقاء‬
‫رواد األعمــال يعرفــون‬ ‫أن َّ‬
‫يعتقــد بعــض النــاس َّ‬
‫ـس الحاجــة إلــى اإلبــداع الــذي لــن يتأتَّ ــى لنــا إال‬ ‫أمـ ِّ‬
‫كل مــا يحتاجــون إلــى معرفتــه بشــأن‬ ‫حتَّ ــى اآلن َّ‬
‫بدمــج عـ َّـدة أدوات ليخــرج مــن قلبهــا شــيء جديــد‬
‫ثالثيــة‬
‫َّ‬ ‫الــذكاء االصطناعــي والروبوتــات والطباعــة‬
‫بــدال مــن صنــع أشــياء قديمــة ومتهالكــة‪ ،‬وخيــر‬ ‫ً‬
‫األبعــاد وغيرهــا‪ ،‬وهــذا صحيــح‪ ،‬وأيضــاً هــذه‬
‫مؤسســة «‪Relativity‬‬ ‫َّ‬ ‫مثــال علــى ذلــك هــو تجربــة‬
‫المعرفــة كانــت ُمجديــة فيمــا مضــى‪َّ ،‬أمــا اآلن فلــم‬
‫‪ »Space‬والتــي تهــدف إلــى بنــاء وإطــاق صــاروخ‬
‫يعــد كافيــاً أن نستكشــف إحــدى هــذه األدوات‬
‫ثالثيــة األبعــاد‪ ،‬إذ تســتخدم‬ ‫َّ‬ ‫مطبــوع بتكنولوجيــا‬
‫والتقنيــات وندرســها منفــردة وبمعزل عن التقنيات‬
‫ثالثيــة األبعــاد لصناعــة الصواريــخ وعندمــا‬ ‫َّ‬ ‫طابعــات‬
‫أن هــذه الخطــوط والتطـ ُّـورات‬ ‫األخــرى؛ نظــراً إلــى َّ‬
‫ينتهــون منهــا ويجــدون أنَّ هــا بحاجــة إلــى التعديــل‪،‬‬
‫التكنولوجيــة التــي كانــت مســتقلَّ ة ســابقاً ‪ ،‬أصبحــت‬
‫َّ‬
‫ـكل مــا عليهــم فعلــه هــو تعديل تصميــم الطابعة‬ ‫فـ ُّ‬
‫ً‬
‫ومتنافســة أيضــاً ‪،‬‬ ‫ً‬
‫ومتشــابكة ومتزاوجــة‬ ‫ً‬
‫متقاربــة‬
‫فحســب‪ ،‬وفــي غضــون أســابيع يكــون الشــكل‬
‫إذ تتصــادم تكنولوجيــا الــذكاء االصطناعــي مــع‬
‫الجديــد جاهــزاً مــن دون الحاجــة إلــى إضافــة أدوات‬
‫الروبوتــات‪ ،‬وهكــذا فــإن كان االكتفــاء بمعرفــة‬
‫مورديــن آخريــن‪،‬‬ ‫أخــرى‪ ،‬أو االســتثمار فــي توظيــف ِّ‬
‫إحداهمــا فقــط مالئمــاً فيمــا مضــى‪ ،‬فهــو لــم يعــد‬
‫المؤسســة مــع اآلخريــن‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وإذا قارنَّ ــا مــا تفعلــه هــذه‬
‫كافيــاً اآلن؛ ألنَّ نــا إذا مــا ركَّ زنــا دراســاتنا وجهودنــا‬
‫العمليــة تبــدأ مــن الصفــر‪ ،‬فنــدرك‬ ‫َّ‬ ‫أن‬
‫سنكتشــف َّ‬
‫علــى مجــال واحــد فقــط‪ ،‬فســتكون معرفتنــا باآلخــر‬
‫علــى الفــور مــن سـ ُـيحلِّ ق فــي الفضــاء قريبــاً ومــن‬
‫منقوصــة ال محالــة‪ ،‬وعلــى األرجــح ســنحتاج إلــى‬
‫ـيظل عالقــاً فــي تالبيــب أســاليبه العتيقــة وبيــن‬ ‫ُّ‬ ‫سـ‬
‫اســتخدام كليهمــا معــاً فــي مرحلــة مــا‪ ،‬وألســباب‬
‫تعقيداتهــا‪.‬‬
‫نعــرف بعضهــا اآلن‪ ،‬ونجهــل معظمهــا أيضــاً ‪،‬‬
‫فهــي لــم تعــد تقنيــات ُمســتقلَّ ة كمــا كانــت مــن‬
‫كونــة مــن‬ ‫قبــل؛ وإنَّ مــا هــي أشــبه بنمــاذج أعمــال ُم َّ‬
‫مزيــج مــن هــذه التقنيــات التــي تتفاعــل وتتنافــس‬
‫ويكمــل بعضهــا بعضــاً ‪ ،‬ومثــال علــى ذلــك تطبيــق‬
‫أسســه «تشــاد هارلــي»‬ ‫«يوتيــوب»؛ فعندمــا َّ‬
‫الرقميــة‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ـحابية‪ ،‬والكاميــرات‬
‫اســتخدم الذاكــرة السـ َّ‬
‫قويــة لتحريــر الفيديوهــات‪ ،‬وغيــر‬ ‫وأجهــزة حاســوب َّ‬
‫ذلــك مــن تقنيــات‪ ،‬وهــذا المزيــج هــو مــا صنــع فارقــاً‬
‫حقيقيــاً ‪.‬‬

‫سوف نشهد ما يساوي عشرين ألف عام من‬


‫التغيير التكنولوجي في مائة عام‪ .‬هذا يعني‬
‫أننا ال نعيش اليوم في عصر التسارع‪ ،‬بل‬
‫دخلنا عصر تسارع التسارع‪.‬‬

‫يكتــف «هارلــي» بتقنيــة واحــدة وإنَّ مــا صنــع‬


‫ِ‬ ‫لــم‬
‫مطــوري‬
‫ِّ‬ ‫المزيــج الصحيــح‪ ،‬وهــو مــا حــدث مــع‬
‫«أوبــر» و«‪ »Airbnb‬وكان الســبب فــي نجــاح هــذه‬
‫التطبيقــات‪ ،‬فــإن تشـ َّـبثت بمســار واحــد فقــط‪ ،‬فقــد‬

‫‪3‬‬
‫بالطبــع كلهــا اختراعــات عظيمــة ومــا زال العمــل بهــا‬
‫قائمــاً حتــى يومنــا هــذا‪ .‬ولكــن قارنهــا بمــا ســاعدتنا‬
‫جوانب مضيئة‬
‫التقنيــات الحديثــة علــى تحقيقــه فــي الســنوات‬
‫العشر أو العشرين األخيرة! بفضل التقنيات الحديثة‬
‫وأخرى ُمظلمة‬
‫انخفــض معـ َّـدل وفيــات األطفــال‪ ،‬وتضاءلــت نســب‬ ‫فــي تســعينيات القــرن الماضــي‪ ،‬انقســم النــاس‬
‫الفقــر علــى مســتوى العالــم‪ ،‬وتضاعفــت طاقــة‬ ‫مؤيــد لإلنترنــت ‪ -‬باعتبارهــا أداة خــاص‬ ‫ِّ‬ ‫مــا بيــن‬
‫الشمســية‪ ،‬وازداد الناتــج المحلِّ ــي‬ ‫الريــاح والطاقــة‬ ‫ومعــارض لهــا – باعتبارهــا ســاحاً مدمــراً ‪ ،‬ومــا‬ ‫– ُ‬
‫َّ‬
‫اإلجمالــي‪ ،‬وتقلَّ صــت أعــداد الوفيــات الناتجــة عــن‬ ‫زالــت هــذه المشــاعر المتضاربــة قائمــة اليــوم تجــاه‬
‫المجاعــات ســنوياً ‪.‬‬ ‫غيــرت حياتنــا‬ ‫أن اإلنترنــت َّ‬ ‫التقنيــات الحديثــة‪ .‬صحيــح َّ‬
‫ـاح كثيــرة‪ ،‬لكنَّ نــا ال ننكــر أنَّ هــا‬ ‫إلــى األحســن فــي منـ ٍ‬
‫قــد خلَّ فــت بعــض اآلثــار الســلبية أيضــاً – ويمكــن‬
‫فــي القــرن القادم‪ ،‬سيكتســي كوكب‬
‫توقــع نفــس الشــيء مــن التقنيــات الحديثــة‪ ،‬فعلــى‬ ‫ُّ‬
‫بحلَّ ــة مــن الكهربــاء مفيــدة‬
‫األرض ُ‬ ‫التحديــات التــي ســيكون‬ ‫ِّ‬ ‫األرجــح ســنواجه بعــض‬
‫ـارة معــاً ‪.‬‬
‫وضـ َّ‬ ‫اإليجابيــة‪،‬‬
‫َّ‬ ‫علينــا تجاوزهــا والتركيــز علــى النتائــج‬
‫عام ًة بشــأن الجوانب‬ ‫ومهمــا جــادل الخبــراء والنــاس َّ‬
‫كل ذلــك بمــا اعتدنــا تحقيقــه فيمــا‬ ‫عندمــا نقــارن َّ‬ ‫أن أحــداً ال يجــرؤ علــى إنــكار‬ ‫ـلبية لإلنترنــت‪ ،‬إال َّ‬ ‫السـ َّ‬
‫مضــى ونقيــس قيمتــه مقارنـ ًـة بالجوانــب السـ َّ‬
‫ـلبية‪،‬‬ ‫اإليجابيــات أهـ ُّـم وأعظــم بكثيــر‪ ،‬وإلثبــات ذلــك‬ ‫َّ‬ ‫أن‬
‫َّ‬
‫ممــا‬
‫أن التكنولوجيــا أفــادت أكثــر َّ‬
‫ســنتفق جميعــاً َّ‬ ‫يعــود بنــا المؤلِّ فــان مائــة عــام إلــى الــوراء‪ ،‬وتحديــداً‬
‫ممــا أخــذت‪ ،‬ولوالهــا لكانــت‬
‫أضـ َّـرت‪ ،‬وأعطــت أكثــر َّ‬ ‫ـرينيات القــرن الماضــي التــي شــهدت بــزوغ‬ ‫إلــى عشـ َّ‬
‫أن بعــض‬‫لكــن المشــكلة َّ‬
‫َّ‬ ‫حياتنــا أســوأ بكثيــر‪،‬‬ ‫أربعــة ابتــكارات فريــدة مــن نوعهــا‪ ،‬وهــي‪:‬‬
‫المختصيــن ومعظــم النــاس يضعــون الماضــي‬‫ِّ‬ ‫تجارية‪.‬‬
‫َّ‬ ‫محطة إذاعة‬ ‫َّ‬ ‫‪ .‬أول‬
‫فــي قالــب «عاطفــي» ويحنُّ ــون إليــه أكثــر مــن‬ ‫األولية‪.‬‬
‫َّ‬ ‫‪ .‬اختراع اإلسعافات‬
‫يــرددون «كــم كانــت‬
‫الــازم‪ ،‬فتجــد أغلــب النــاس ِّ‬ ‫جفف الشعر المحمول‪.‬‬ ‫‪ُ .‬م ِّ‬
‫الحيــاة أســهل وأبســط قبــل اإلنترنــت!»‪ ،‬ولكــن إذا‬ ‫الضوئية‪.‬‬
‫َّ‬ ‫‪ .‬وأخيراً إشارات المرور‬
‫تأملنــا األمــر مــن منظــور عقالنــي‪ ،‬فســوف نــرى‬
‫َّ‬
‫قــرن‬
‫ٍ‬ ‫قســوة الماضــي واضحــة كالشــمس‪ ،‬فقبــل‬
‫مضــى أصابــت الجوائــح العالــم‪ ،‬ومــات مــا بيــن ‪50‬‬
‫و‪ 100‬مليــون إنســان‪ ،‬وفــي جائحــة القــرن الحــادي‬
‫والعشــرين‪ ،‬أصيــب حتَّ ــى اآلن أكثــر مــن مائــة مليــون‬
‫قليــا‪ .‬لقــد جــاءت‬
‫ً‬ ‫يمــت إال مليونــان أو أكثــر‬
‫ولــم ُ‬
‫التكنولوجيــا لتخلــق الوفــرة فــي وجــه النــدرة التــي‬
‫ذقنــا ويالتهــا لعصــور‪ ،‬ولهــذا نحــن مدينــون لهــا‬
‫متغيــرات‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫تقبلهــا بمــا تحملــه مــن‬
‫وعلينــا ُّ‬

‫تقنين االستخدام‬
‫مــن أكبــر المشــكالت التــي يواجههــا العالــم اليــوم‬
‫بســبب التكنولوجيــا االســتخدام المفــرط الــذي‬

‫‪4‬‬
‫للخصوصية!‬
‫َّ‬ ‫وداعاً‬ ‫يبلــغ حـ َّـد اإلدمــان‪ ،‬فقــد خــرج األمــر عــن الســيطرة‬
‫نتيجــة لجهلنــا بحجــم «الدوباميــن» الــذي ُينتجــه‬
‫الخصوصيــة مزايــا وعيــوب‪ ،‬فنحــن‬ ‫َّ‬ ‫للتخلِّ ــي عــن‬ ‫اســتخدام هــذه األجهــزة فــي أجســامنا‪ ،‬ومــن خــال‬
‫نتقـ َّـدم بخطــى ثابتــة نحــو حيــاة نســتطيع فيهــا أن‬ ‫تفاعــات الباحثيــن مــع أفــراد مــن مختلــف الدرجــات‬
‫أي شيء‪ ،‬وقتما وأينما نشاء‪،‬‬ ‫كل شيء عن ِّ‬ ‫نعرف َّ‬ ‫الموظــف العــادي وحتَّ ــى المديــر‬ ‫َّ‬ ‫الوظيفيــة – مــن‬
‫َّ‬
‫والوصــول إلــى المعلومــات لــم يكــن يومــاً أســهل‬ ‫توصلنــا‬ ‫أن الســبب فــي عــدم ُّ‬ ‫التنفيــذي – اتضــح َّ‬
‫ممــا هــو عليــه اآلن‪ ،‬إذ يمكنــك أن تســأل هاتفــك‬ ‫َّ‬ ‫حــل لهــذه المشــكلة حتَّ ــى اآلن هــو عــزوف‬ ‫إلــى ٍّ‬
‫أي دولــة‪ ،‬وســتجد اإلجابــات‬ ‫عــن نســبة الفقــر فــي ِّ‬ ‫النــاس عــن التحـ ُّـدث فــي األمــر؛ بمعنــى أن ال أحــد‬
‫ثمــة أشــياء ال يقــوى‬ ‫ـوان معــدودات‪ ،‬ولكــن َّ‬ ‫فــي ثـ ٍ‬ ‫يرغــب فــي االعتــراف بمــدى ســيطرة األجهــزة عليــه‬
‫هاتفــك علــى اإلجابــة عنهــا؛ مثـ ًـا يمكنــك أن تســأل‬ ‫خشــية أن يبدو ضعيفاً ‪ ،‬أو ألنَّ ه ال يشــعر بالمشــكلة‬
‫صطفــة‬
‫َّ‬ ‫الم‬
‫الســيارات الســوداء ُ‬ ‫َّ‬ ‫وتبحــث عــن عــدد‬ ‫وتأثيــر إدمــان التكنولوجيــا فيــه مــن األســاس! ولكــن‬
‫فــي شــارعك فــي هــذه اللحظــة ولكنَّ ــه لــن يجيبــك‬ ‫ال يمكننــا االســتمرار فــي اإلنــكار إلــى األبــد‪ ،‬وإال‬
‫هــذه المـ َّـرة‪ ،‬ال لنقــص البيانــات – فهــي موجــودة‬ ‫ازداد الوضــع ســوءاً ‪ ،‬فقــد فقدنــا بالفعــل‪ ،‬وفقــاً‬
‫ألن األدوات الالزمــة لمنــح هــذه‬ ‫بالفعــل ‪ -‬وإنَّ مــا َّ‬ ‫كامــا بســبب التكنولوجيــا ألنَّ نــا‬ ‫ً‬ ‫جيــا‬
‫ً‬ ‫للمؤلِّ َفيــن‪،‬‬
‫البيانــات غيــر ُمســتخدمة أو متاحــة علــى هاتفــك‬ ‫نتوقع التغيير المصاحب‬ ‫َّ‬ ‫لم نســتعد الســتقبالها أو‬
‫اآلن‪ ،‬بينمــا احتاجهــا ويســتخدمها آخــرون‪ ،‬ولكــن‬ ‫وللمضــي قدمــاً علينــا أن نتغلَّ ــب علــى هــذه‬ ‫ِّ‬ ‫لهــا‪،‬‬
‫فــي المســتقبل القريــب ســتجد إجابــة عــن ســؤالك‬ ‫المشــكلة مــن خــال االتفــاق علــى ماهيــة إدمــان‬
‫كل مكان؛ ســواء‬ ‫هذا بعد أن تنتشــر الكاميرات في ِّ‬ ‫توخــي الحــذر عنــد‬ ‫ِّ‬ ‫كيفيــة‬
‫َّ‬ ‫التكنولوجيــا وتعلُّ ــم‬
‫المــزودة بالكاميــرات أو‬
‫َّ‬ ‫ذاتيــة القيــادة‬ ‫َّ‬ ‫الســيارات‬
‫َّ‬ ‫اســتخدامها‪ .‬لقــد بــات األمــر واقعــاً نعايشــه ولــم‬
‫األقمــار الصناعيــة وغيرهــا مــن التقنيــات‪ .‬ســيصبح‬ ‫نوظــف‬ ‫يعــد يحتمــل التجاهــل‪ ،‬ومــن هنــا علينــا أن ِّ‬
‫كل شــيء حرفيــاً ‪ ،‬وقــد تكــون‬ ‫بمقــدورك أن تعــرف َّ‬ ‫األدوات الالزمــة لتقنينــه وكبــح جماحــه‪.‬‬
‫أن‬‫هــذه الفكــرة ُمفزعــة لــدى بعــض النــاس‪ ،‬إال َّ‬
‫لهــا منظــوراً إيجابيــاً ال يمكــن تجاهلــه‪ ،‬وهــذا مــا‬
‫سنناقشــه تباعــاً‪.‬‬

‫يتصرفــون بشــكل مختلــف‬ ‫َّ‬ ‫أن البشــر‬ ‫مــن المعــروف َّ‬


‫عندمــا يدركــون أنَّ هــم يخضعــون للمراقبــة‪ ،‬فــإن‬
‫مثبتــة علــى لوحــة القيــادة فــي‬ ‫كانــت هنــاك كاميــرا َّ‬
‫يتصــرف رجــال‬
‫َّ‬ ‫المتوقــع أن‬
‫َّ‬ ‫ســيارة الشــرطة‪ ،‬فمــن‬ ‫َّ‬
‫ألن هنــاك مــن يراقبهــم‬ ‫الشــرطة بشــكل مختلــف َّ‬
‫عــن كثــب‪ ،‬وعليــه تتضــاءل احتمــاالت تجاوزهــم أو‬
‫اســتخدام ســلطتهم بشــكل غيــر قانونــي‪ ،‬واألمــر‬
‫والمعلِّ ــم‪ ،‬والقاضــي‪ ،‬إلــخ؛‬ ‫ُ‬ ‫يســتوي مــع المحامــي‪،‬‬
‫تصــرف األفــراد‬
‫ُّ‬ ‫الخصوصيــة يقابلــه‬
‫َّ‬ ‫إن فقــدان‬ ‫أي َّ‬
‫ـيؤثر األمــر فيــك‬‫ـانية‪ ،‬وبالطبــع سـ ِّ‬ ‫بطريقــة أكثــر إنسـ َّ‬
‫راقبــاً أنــت اآلخــر‪،‬‬
‫يؤثــر فيهــم ألنَّ ــك ســتكون ُم َ‬ ‫كمــا ِّ‬
‫ولكــن مــا المشــكلة فــي ذلــك؟ لــم تكــن مســألة‬
‫الخصوصيــة شــائعة فيمــا مضــى كمــا هــي عليــه‬ ‫َّ‬

‫‪5‬‬
‫تتخيــل نفســك جالســاً‬
‫َّ‬ ‫قــد ينتابــك الخــوف عندمــا‬ ‫اآلن‪ ،‬فهــي مفهــوم مســتحدث نســبياً وال يجــد‬
‫اإللكترونيــة‬
‫َّ‬ ‫تتفحــص رســائلك‬
‫َّ‬ ‫ســيارة‬
‫بمفــردك فــي َّ‬ ‫ـتقبليون ضــرراً فــي التخلِّ ــي عنهــا‬
‫ُّ‬ ‫المختصــون والمسـ‬
‫ُّ‬
‫ذاتيــة‬
‫الســيارة َّ‬
‫َّ‬ ‫توصلــك‬
‫وتتبــادل المحادثــات بينمــا ِّ‬ ‫كل اإليجابيــات التــي ســنجنيها فــي المقابــل‪.‬‬
‫مقابــل ِّ‬
‫القيــادة إلــى وجهتــك بأمــان‪ ،‬وعلــى األرجــح ســتقضي‬
‫وترقــب لمــا قــد يحــدث لــو خرجــت‬
‫ُّ‬ ‫رحلتــك فــي توتُّ ــر‬ ‫األلفيــة‬
‫َّ‬ ‫ـا‪ ،‬يتخلَّ ــى معظــم أبنــاء جيــل‬ ‫فــي الصيــن مثـ ً‬
‫األمــور عــن الســيطرة؛ فهــذا ســيناريو جديــد كليــاً‬ ‫خصوصيتهــم بمحــض إرادتهــم مقابــل المنافــع‬ ‫َّ‬ ‫عــن‬
‫كل تفاصيــل حياتهــم‬ ‫يبثــون َّ‬ ‫المكتســبة‪ ،‬فهــم ُّ‬
‫علينــا ونحــن ال نثــق بــاآلالت بهــذا القــدر حتَّ ــى هــذه‬
‫بالمعنــى الحرفــي للكلمــة مقابــل المــال أو الشــهرة‪،‬‬
‫اللحظــة‪ ،‬ولكــن فــي العقــد القــادم‪ ،‬ســيكون هــذا‬
‫فمــاذا لــو فعلنــا األمــر ذاتــه نظيــر الحصــول علــى‬
‫الســيناريو هــو المعيــار الجديــد‪ ،‬فمثـ ًـا إن لــم تحصــل‬
‫ومصداقيــة؟ لقــد‬
‫َّ‬ ‫مجتمــع أفضــل وأكثــر شــفافية‬
‫ليــا‪ ،‬فســتتمكَّ ن مــن‬
‫كاف مــن النــوم ً‬
‫قســط ٍ‬
‫ٍ‬ ‫علــى‬
‫بدأنــا بالفعــل فــي اتخــاذ الخطــوات األولــى علــى‬
‫ســيارتك وهــي تنقلــك‬
‫أخــذ قيلولــة ســريعة داخــل َّ‬
‫المتوقــع فــي العقــد التالــي‬‫َّ‬ ‫هــذا الطريــق‪ ،‬ومــن‬
‫مهماتــك‬
‫َّ‬ ‫إلــى عملــك‪ ،‬وإذا كنــت متأخــراً عــن بعــض‬
‫برمجيــات ذكاء اصطناعــي تكــون‬ ‫َّ‬ ‫أن نمتلــك جميعــاً‬
‫ســيتأهب مكتبــك الســتقبالك وإنهــاء‬
‫َّ‬ ‫الوظيفيــة‪،‬‬
‫َّ‬ ‫علــى اطــاع كامــل علــى المكالمــات‪ ،‬ورســائل‬
‫مهماتــك كــي تصــل إلــى االجتمــاع وأنــت علــى أتـ ِّـم‬
‫َّ‬ ‫البريــد اإللكترونــي‪ ،‬واختبــارات الــدم‪ ،‬والوجبــات‬
‫اســتعداد‪.‬‬ ‫ـص حياتــك مــن شــؤون كبيــرة‬ ‫وكل مــا يخـ ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫اليوميــة‪،‬‬
‫َّ‬
‫البرمجيــات‬
‫َّ‬ ‫وصغيــرة‪ ،‬وفــي المقابــل ســتكون هــذه‬
‫«طيــارات أوبر»‪ ،‬فهي ليســت‬
‫َّ‬ ‫ينطبــق هــذا أيضــاً علــى‬ ‫قــادرة علــى إخبــارك بمــا تحتــاج إلــى أكلــه‪ ،‬وتواريــخ‬
‫مجــرد طائــرة هليكوبتــر تنقلــك مــن مــكان إلــى آخــر‬ ‫ميــاد أوالدك‪ ،‬ومــا يجــب عليــك تجنُّ بــه‪ ،‬وعلينــا‬
‫كنــوع مــن الرحــات الفارهــة‪ ،‬فاألمــر أكبــر مــن ذلــك‬ ‫بالتأكيــد أن نســمح بحــدوث ذلــك فــي ســبيل أن‬
‫بكثيــر؛ إذ سـ ِّ‬
‫ـيؤثر هــذا االبتــكار العظيــم فــي المجتمــع‬ ‫ـا مقابــل الحصــول‬ ‫نقايــض شــيئاً صغيــراً وثمنــاً قليـ ً‬
‫تخيــل أن يكــون فــي متناولنــا طائــرات «أوبــر»‬
‫ككل‪َّ .‬‬ ‫علــى مــا هــو أكبــر وأعظــم‪.‬‬
‫ســتغير‬
‫ِّ‬ ‫ميــا فــي الســاعة!‬
‫ً‬ ‫تســتطيع أن تطيــر ‪150‬‬

‫ُّ‬
‫التأثر‬ ‫مجاالت‬
‫التعليميــة لتصبــح‬
‫َّ‬ ‫هــذه الطفــرة مفهــوم المنطقــة‬
‫أكبــر وأوســع نطاقــاً ؛ بمعنــى أنَّ ــه ســيصبح بإمكانــك‬
‫أن تنقــل أوالدك إلــى مدرســة فــي مدينــة أخــرى فــي‬ ‫سـ ِّ‬
‫ـتؤثر التقنيــات الحديثــة فــي نطاقات عديدة‬
‫غضــون دقائــق إذا لــم تعجبــك المــدارس المحيطــة‬ ‫تأتــي علــى رأســها المجاالت الثالثــة التالية‪:‬‬
‫فــي مــكان ســكنك‪ ،‬هــذا طبعــاً علــى افتــراض أنَّ ــك‬
‫مضطـ ٌّـر إلــى إرســال ابنــك إلــى المدرســة‪ ،‬فــي الوقــت‬ ‫النقل والمواصالت‬
‫ـكل معلِّ ميهــا‬
‫الــذي تجــيء فيــه المــدارس إلــى بيوتنــا بـ ِّ‬
‫ذاتيــة القيــادة فــي طريقهــا إلينــا اآلن‪،‬‬
‫الســيارات َّ‬‫َّ‬
‫نتوقــع‪ ،‬وإن كنــت‬
‫َّ‬ ‫ممــا كنَّ ــا‬
‫ودروســها وبتكلفــة أقــل َّ‬ ‫وعلــى الرغــم مــن أنَّ ــه كان مــن المفتــرض أن تكــون‬
‫تفضــل أن تســكن‬
‫تحلــم بوظيفــة فــي المدينــة بينمــا ِّ‬ ‫فــي متنــاول الجميــع بحلــول هــذا الوقــت‪ ،‬ورغــم‬
‫مــع عائلتــك فــي الريــف‪ ،‬فســيغدو ذلــك ممكنــاً‬ ‫متوقعاً ‪ ،‬فإنَّ ها‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫مقارنة بما كان‬ ‫حرز‬
‫الم َ‬
‫التقدم ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ضآلة‬
‫كل مــا عليــك فعلــه أن تســتخدم طائــرات‬
‫أيضــاً ؛ ُّ‬ ‫قادمة ال محالة – واألمر يســتوي بشــأن السـ َّـيارات‬
‫وتوفــر الكثيــر مــن‬
‫ِّ‬ ‫لتتنقــل بيــن منزلــك وعملــك‬
‫َّ‬ ‫أوبــر‬ ‫ـردد علــى مســامعنا مشــروعات قيــد‬ ‫الطائــرة‪ ،‬إذ تتـ َّ‬
‫أحبائــك‪ ،‬أي َّإن‬
‫المهــدر لتنعــم بــه وســط َّ‬
‫الوقــت ُ‬ ‫التنفيــذ مثــل «طائــرات أوبــر» و«روبــو تاكســي»‬
‫الحيــاة ســتصبح أســهل وأكثــر راحــة‪.‬‬ ‫نتأهــب لهــذا التغييــر العجيــب والوشــيك‪.‬‬ ‫وعلينــا أن َّ‬

‫‪6‬‬
‫وكيفيــة العمــل‬
‫َّ‬ ‫التعاطــف‪ ،‬ومهــارات التواصــل‪،‬‬
‫فــي فريــق‪ ،‬ومهــارات تقديــم العــروض‪ ،‬والتفكيــر‬
‫وكل المهــارات التــي ينتفعــون بهــا‬ ‫ِّ‬ ‫االســتراتيجي‪،‬‬
‫بمجــرد مغادرتهــم المدرســة‪ .‬كذلــك لــن يحتــاج‬
‫األطفــال إلــى الجلــوس لثمانــي ســاعات متواصلــة‬
‫فــي المدرســة متبوعــة بســاعتين علــى األقــل‬
‫نغيــر األنظمــة‬ ‫المنزليــة‪ ،‬وعلينــا أن ِّ‬
‫َّ‬ ‫إلنهــاء الواجبــات‬
‫تشــجع المــدارس األطفــال علــى اكتشــاف‬ ‫ِّ‬ ‫بحيــث‬
‫مواطــن شــغفهم فــي الحيــاة وتمهيــد الطريــق‬
‫للوصــول إليهــا‪ ،‬وأن نُ علِّ ــم األطفــال كيــف يطرحــون‬
‫أســئلة عظيمــة ألنَّ ــه فــي الحقبــة القادمــة‪،‬‬
‫كل الفــارق‬‫ستشــكِّ ل جــودة األســئلة المطروحــة َّ‬
‫ذاتيــة ومســتقلَّ ة‪،‬‬
‫عمليــة َّ‬
‫َّ‬ ‫أن التعليــم ســيصبح‬ ‫بمــا َّ‬
‫وبالتالــي ستســاعدهم األســئلة الصحيحــة علــى‬
‫إيجــاد اإلجابــات التــي يحتاجونهــا أو ُيفتِّ شــون عنهــا‪.‬‬

‫التعليميــة‬
‫َّ‬ ‫المتوقــع أن تعتمــد الطفــرة‬
‫الوشــيكة علــى الــذكاء االصطناعــي وتكنولوجيــا‬
‫َّ‬ ‫مــن‬
‫التعليم‬
‫الواقــع االفتراضــي‪ ،‬إذ ســنعيش فــي عالــم إذا أردنــا‬ ‫خلــا عميقــاً ال‬ ‫ً‬ ‫الحاليــة‬
‫َّ‬ ‫تعانــي أنظمــة التعليــم‬
‫أن نتعلَّ ــم فيــه عــن اليونــان القديمــة أو أفالطــون‬ ‫ينكــره أحــد‪ ،‬فمــا يتعلَّ مــه األطفــال فــي المــدارس‬
‫ـا‪ ،‬فســنرتدي خــوذة الواقــع االفتراضــي لنلتقــي‬ ‫مثـ ً‬ ‫الصناعيــة‬
‫َّ‬ ‫صممــاً فــي األســاس للثــورة‬ ‫اليــوم كان ُم َّ‬
‫ونتحــدث إليــه‬
‫َّ‬ ‫افتراضيــة مــن أفالطــون‬
‫َّ‬ ‫بنســخة‬ ‫ويتنقــل األطفــال مــن فصــل‬ ‫َّ‬ ‫ـدق الجــرس‬ ‫األولــى‪ .‬يـ ُّ‬
‫ونطرح عليه ما نريد من أسئلة ليجيب عنها بنفسه‬ ‫إلــى آخــر ليتعلَّ مــوا أشــياء لــم تعــد تفيدهــم فــي هــذا‬
‫مــن خــال المعلومــات المخزَّ نــة فــي منظومــات‬ ‫المــرة األخيــرة‬
‫َّ‬ ‫الزمــن ســريع الــدوران! متــى كانــت‬
‫نهائيــة‪ ،‬وشــتَّ ان بيــن هــذه التجربــة‬
‫َّ‬ ‫ذاكيــة بســعات ال‬‫َّ‬ ‫طولــة؟ علــى‬ ‫الم َّ‬ ‫التــي اســتخدمت فيهــا القســمة ُ‬
‫المثمــرة وبيــن وقــوف المعلِّ م داخل الفصل ليســرد‬ ‫األرجــح لــم تســتخدمها علــى اإلطــاق‪ ،‬وقــد تظـ ُّـن‬
‫سلســلة مــن األحــداث الرتيبــة وســط أطفــال يغلــب‬ ‫إلكترونيــاً‬
‫ّ‬ ‫أنَّ ــك لــم تعــد تحتــاج إليهــا ألنَّ هــا متوافــرة‬
‫علــى بعضهــم الملــل والنعــاس‪ ،‬والبعــض اآلخــر غيــر‬ ‫وتلقائيــاً ‪ ،‬فلدينــا األجهــزة التــي تنــوب عنَّ ــا فــي ذلــك‬
‫ّ‬
‫مهتــم بالموضــوع‪ ،‬وعلــى األرجــح ينســى معظــم‬ ‫وتقــوم فــي ثانيــة أو أجــزاء مــن الثانيــة‪ ،‬فلمــاذا‬
‫كل مــا ســمعوه لحظــة خروجهــم مــن‬ ‫الطــاب َّ‬ ‫نصـ ُّـر علــى إهــدار مزيـ ٍـد مــن الوقــت فــي تدريســها‬
‫الفصــل‪ ،‬وعلــى النقيــض‪ ،‬ســيكون األطفــال فــي‬ ‫أهليتهــم لاللتحــاق بجامعــة‬ ‫َّ‬ ‫لألطفــال وتقييــم‬
‫المســتقبل مدفوعيــن بأنفســهم قائميــن علــى‬ ‫أن‬ ‫مرموقــة وفقــاً لقدرتهــم علــى تذكُّ رهــا؟ مــع َّ‬
‫شــؤون تعلُّ مهــم بذواتهــم؛ أي ســيتعلَّ مون مــا‬ ‫يتغيــر بتســارع اســتثنائي‪ ،‬فمــا زال التعليــم‬ ‫َّ‬ ‫العالــم‬
‫يريــدون فــي المجــاالت التــي تثيــر اهتمامهــم‪ ،‬ومــن‬ ‫كل هــذا‬ ‫وســيتغير ُّ‬
‫َّ‬ ‫عالقــاً بيــن تالبيــب الماضــي‪،‬‬
‫المتوقــع أن يعــزف اآلبــاء عــن إرســال أبنائهــم إلــى‬ ‫َّ‬ ‫قريبــاً ال محالــة‪.‬‬
‫التقليديــة باعتبارهــا مضيعــة للوقــت‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫المــدارس‬
‫تمثــل طــرق تفكيــر وتعليــم قــد ولَّ ــى زمانهــا‪،‬‬ ‫وألنَّ هــا ِّ‬ ‫ـدال مــن تعلُّ ــم أشــياء عقيمــة‪ ،‬ســيحتاج األطفــال‬
‫بـ ً‬
‫ـردد األفــراد‬ ‫واألمــر يســتوي مــع المكتبــات؛ فلــن يتـ َّ‬ ‫فــي المســتقبل القريــب إلــى تعلُّ ــم مشــاعر‬

‫‪7‬‬
‫ـكل المقاييــس‪ ،‬وتنفــق‬ ‫نعرفــه لدينــا اليــوم عقيــم بـ ِّ‬ ‫علــى المكتبــات بعــد ذلــك ليضيعــوا ســاعات فــي‬
‫العمليــات‬
‫َّ‬ ‫الحكومــات المليــارات ســنوياً علــى‬ ‫أمــا فــي‬
‫ً‬ ‫وتصفــح الكتــب‬
‫ُّ‬ ‫البحــث بيــن األرفــف‬
‫الطبيــة التــي ال تجــدي نفعــاً‬
‫َّ‬ ‫الجراحيــة والعالجــات‬
‫َّ‬ ‫العثــور علــى معلومــة واحــدة بإمكانهــم إيجادهــا‬
‫تســببها فــي‬
‫ُّ‬ ‫فضــا عــن‬
‫ً‬ ‫فــي معظــم الحــاالت‪،‬‬ ‫فــي لحظــات علــى «جوجــل»‪.‬‬
‫مضاعفــات للمرضــى – وهــذا مــا مــن شــأنه أن‬
‫نقســم‬‫يتغيــر‪ ،‬ولكــي نفهــم ذلــك أكثــر‪ ،‬فعلينــا أن ِّ‬ ‫َّ‬
‫النظــام إلــى ثالثــة أقســام‪:‬‬

‫‪ .‬األول هــو مــا ُيسـ َّـمى الواجهــة األماميــة حيــث‬


‫يتـ ُّـم التشــخيص‪ ،‬وقــد بدأنــا نحــرز بعــض التقـ ُّـدم فــي‬
‫هــذه المرحلــة بالفعــل؛ إذ أصبحــت لدينــا فحوصــات‬
‫التصويــر المقطعــي وغيرهــا مــن أجهــزة الــذكاء‬
‫أي‬
‫االصطناعــي التــي ترصــد المــرض أفضــل مــن ِّ‬
‫طبيــب‪.‬‬

‫الجراحيــة‬
‫َّ‬ ‫العمليــات‬
‫َّ‬ ‫‪ .‬فــي القســم الثانــي يأتــي دور‬
‫والعالجــات‪ ،‬وقــد خضــع هــذا القســم أيضــاً‬
‫لتحديثــات حيــث أصبــح لدينــا اآلن روبوتــات تُ جــري‬
‫الجراحيــة‪ ،‬وكمــا هــو معــروف فقــد بــدأ‬ ‫َّ‬ ‫العمليــات‬
‫َّ‬
‫بالعمليــات البســيطة ثـ َّـم تطـ َّـور تدريجيــاً حتَّ ــى‬
‫َّ‬ ‫األمــر‬
‫معقــدة مثــل ترميــم األنســجة‬ ‫َّ‬ ‫عمليــات‬‫َّ‬ ‫تــم إجــراء‬ ‫َّ‬
‫الرخــوة ومــا شــابهها‪ ،‬ولكــن مــا زالــت هــذه التقنيــة‬
‫مقتصــرة علــى األثريــاء لتكلفتهــا الباهظــة – ومــن‬
‫يتغيــر هــذا أيضــاً خــال الســنوات‬ ‫َّ‬ ‫المتوقــع أن‬
‫َّ‬ ‫الصحية‬
‫َّ‬ ‫الرعاية‬
‫القليلــة القادمــة‪.‬‬
‫ُيطلــق المؤلِّ فــان علــى النظــام الحالــي «الرعايــة‬
‫ألن عــاج المرضــى يبــدأ بعــد إصابتهــم‬ ‫المرضيــة» َّ‬
‫َّ‬
‫‪ .‬القســم الثالــث واألخيــر هــو اكتشــاف األدويــة‪.‬‬
‫كل‬‫الصحيــة التــي ترعــى َّ‬‫َّ‬ ‫بالمــرض‪ ،‬وليــس الرعايــة‬
‫المتبــع فــي اكتشــاف وتصنيــع‬ ‫دخــل المنهــج ُ‬
‫النــاس قبــل ظهــور األعــراض‪ ،‬وقبــل التشــخيص‬
‫األدويــة الجديــدة فــي طــور التغييــر‪ ،‬فنحــن اآلن‬
‫ســنظل نمــوت فــي‬ ‫ُّ‬ ‫بمــدة كافيــة‪ .‬بالطبــع‬ ‫َّ‬
‫ننفــق مالييــن الــدوالرات علــى التجــارب‪ ،‬ومــن بيــن‬
‫المســتقبل‪ ،‬ولكــن يكمــن الفــرق فــي جــودة‬
‫كل خمســة آالف دواء ُمختَ بــر‪ ،‬يصــل نحــو خمســة‬ ‫ِّ‬
‫الحيــاة التــي ســنحياها قبــل الممــات‪ ،‬فمــن ِمنَّ ــا‬
‫ـرية‪ ،‬فــي حيــن يصــل‬
‫فقــط إلــى مرحلــة التجــارب البشـ َّ‬
‫يريــد أن يقضــي حياتــه علــى كرسـ ٍّـي متحـ ِّـرك ويتــم‬
‫واحــد فقــط إلــى األســواق فــي نهايــة المطــاف!‬
‫إطعامــه فقــط ليبقــى علــى قيــد الحيــاة حتَّ ــى يناهــز‬
‫ثمــة إهــدار للمــال والوقــت والمــوارد أســوأ‬ ‫وهــل َّ‬
‫عمــره مائــة وخمســين عامــاً ! أي إنســان عاقــل‬
‫مؤسســات‬ ‫َّ‬ ‫مــن ذلــك؟! ومــن هنــا شــرعت بعــض‬
‫ســيختار العيــش لســبعين أو ثمانيــن عامــاً ال أكثــر‬
‫الكميــة‬
‫َّ‬ ‫األدويــة بالفعــل فــي اســتخدام الحوســبة‬
‫أتــم صحــة وعافيــة‪ ،‬وهــذا مــا نطمــح إليــه‬ ‫فــي ِّ‬
‫فاعليــة الكتشــاف األدويــة‬‫َّ‬ ‫كمنهــج بديــل وأكثــر‬
‫الصحيــة الــذي‬‫َّ‬ ‫فــي المســتقبل‪ ،‬فنظــام الرعايــة‬
‫الجديــدة‪ ،‬فصــار باإلمــكان أن نصنــع فــي شــهور مــا‬

‫‪8‬‬
‫خلــا فــي رصــد‬
‫ً‬ ‫الحالــي (حتَّ ــى مــع األثريــاء) يعانــي‬ ‫يتحســن يوماً‬
‫َّ‬ ‫يتم تصنيعه في ســنوات‪ ،‬واألمر‬ ‫كان ُّ‬
‫األمــراض قبــل تفاقمهــا ودخولهــا منحنــى الخطــر‪.‬‬ ‫مؤسســات‬ ‫َّ‬ ‫تلــو اآلخــر‪ ،‬ولنــا فــي نجــاح أكثــر مــن ‪5‬‬
‫كانــت تكلفــة الخضــوع للبرنامــج فــي بدايتــه ‪25‬‬ ‫حــول العالــم فــي تصنيــع لقاحــات كوفيــد‪ 19-‬فــي‬
‫ألــف دوالر للمريــض الواحــد‪ ،‬وانخفضــت اآلن إلــى‬ ‫تســعة أشــهر أو أقــل خيــر دليــل علــى ذلــك‪.‬‬
‫المتوقــع أن تنخفــض أكثــر بمرور‬‫َّ‬ ‫‪ 7‬آالف فقــط‪ ،‬ومــن‬ ‫ ‬
‫الوقــت كــي ال تكــون حكــراً علــى األثريــاء وتُ صبــح فــي‬ ‫عدة أعوام‪ ،‬سيصبح‬ ‫في غضون َّ‬
‫متنــاول الجميــع‪ ،‬فحتَّ ــى وإن بقيــت تكلفتــه باهظــة‪،‬‬ ‫يتغذى على‬
‫َّ‬ ‫أول حيوان‬ ‫اإلنسان َّ‬
‫مقارنــة بالمــال الــذي ســتنفقه إذا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ضئيلــة‬ ‫فســتظل‬
‫ُّ‬ ‫بروتينات الحيوانات األخرى من دون‬
‫الصحيــة الحقــاً ألنَّ ــك ســتجنِّ ب‬
‫َّ‬ ‫تدهــورت أوضاعــك‬ ‫أي ضرر بتلك الحيوانات‪.‬‬‫ذبح أو إلحاق ِّ‬
‫نفســك عنــاء اإلفــاس واأللــم أو المــوت المبكِّ ــر‪.‬‬

‫المؤسســات‬ ‫َّ‬ ‫مســتقبال أن تكــون‬‫ً‬ ‫المتوقــع‬


‫َّ‬ ‫ومــن‬
‫والعالجيــة هــي‬
‫َّ‬ ‫الصحيــة‬
‫َّ‬ ‫التــي تمنحنــا الخطــط‬
‫التــي تنهمــك اآلن فــي جمــع البيانــات عنَّ ــا‪ ،‬مثــل‬
‫«أمــازون» و«أبــل» و«جوجــل»‪ ،‬وســننعم بحيــاة‬
‫صحــة وســامة ألنَّ نــا لــن نحتــاج إلــى زيــارة‬ ‫َّ‬ ‫أكثــر‬
‫الع َــرض ويتفاقــم‬ ‫يشــتد َ‬
‫ُّ‬ ‫المستشــفيات إال عندمــا‬
‫مؤشــرات ُمبكِّ ــرة‬ ‫ِّ‬ ‫المــرض؛ وإنَّ مــا ســنحصل علــى‬
‫لمــا قــد يحــدث لنــا‪ .‬أي ســينتهي عهــد اللجــوء إلــى‬
‫المستشــفى بعــد فــوات األوان َّإمــا النشــغالنا أو‬
‫المؤشــرات التــي تنــذر بوجــود خطــب‬ ‫ِّ‬ ‫ألنَّ نــا أغفلنــا‬
‫مدخراتنــا فــي محاولــة‬ ‫فنضطــر إلــى إنفــاق َّ‬
‫ُّ‬ ‫مــا‪،‬‬
‫إلنقــاذ مــا يمكــن إنقــاذه‪ ،‬ونعانــي لشــهور أو‬
‫ســنوات مــن األلــم والمضاعفــات‪ ،‬وســيكون األمــر‬
‫أبســط مــن ذلــك بكثيــر‪ ،‬فقــد ظهــرت بالفعــل‬
‫الصحيــة مثــل «هيلــث نيوكلــس»‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫بعــض البرامــج‬
‫مدتهــا ثــاث‬ ‫ـنوية َّ‬‫حيــث يقــوم المواطــن بزيــارة سـ َّ‬
‫تتبــع جيناتــه وعمــل‬ ‫األطبــاء ُّ‬
‫َّ‬ ‫ســاعات يباشــر خاللهــا‬
‫كل‬
‫تصويــر رنيــن مغناطيســي كامــل للجســم لجمــع ِّ‬
‫البيانــات التــي يمكنهــم الحصــول عليهــا‪.‬‬

‫الشيخوخة‬
‫ســببات‬
‫تســاعدهم هــذه البيانــات علــى رصــد ُم ِّ‬
‫احتمــاال فــي حالتــك‪ ،‬ومــا يمكــن‬
‫ً‬ ‫الوفــاة األكثــر‬

‫والتكدس السكَّ اني‬


‫ُّ‬
‫فعلــه لمنــع ذلــك‪ ،‬وبعــد انضمــام َّأول ‪1500‬‬
‫مريــض للبرنامــج‪ ،‬جــاءت النتائــج صادمــة إذ‬
‫ُيركِّ ــز برنامــج «هيلــث نيوكلــس» دراســاته علــى‬ ‫اكتشــف جميعهــم أنَّ هــم حاملــون ألمــراض قاتلــة‬
‫مثــا‪:‬‬
‫ً‬ ‫البحريــة‬
‫َّ‬ ‫تأمــل الحيــاة‬
‫مســببات الشــيخوخة‪َّ .‬‬
‫ِّ‬ ‫لــم يكونــوا ليعلمــوا بهــا لــوال البرنامــج علــى الرغــم‬
‫تعيــش الحيتــان مائتــي عــام‪ ،‬وتعيــش أســماك‬ ‫مــن ثرائهــم الفاحــش‪ .‬نســتنتج مــن ذلــك َّأن النظــام‬

‫‪9‬‬
‫القــرش أربعمائــة عــام‪ ،‬فــي حيــن تعيــش الســاحف‬
‫معــدالت الطــاق مــع‬ ‫َّ‬ ‫لمــاذا ترتفــع‬ ‫حتَّ ــى ســبعمائة عــام‪ ،‬فلمــاذا تســتطيع هــذه‬
‫أن‬
‫تقــدم البشــرية؟ أحــد األســباب َّ‬ ‫ُّ‬ ‫كل هــذه الســنوات بينمــا‬
‫الحيوانــات أن تعيــش َّ‬
‫المنظــم قــد بــدأ قبــل أربعــة‬ ‫َّ‬ ‫الــزواج‬ ‫نعجــز نحــن عــن ذلــك؟‬

‫يتــزوج‬
‫َّ‬ ‫آالف عــام حيــن كان اإلنســان‬
‫مؤسســات عديــدة بالفعــل فــي إجــراء تجــارب‬ ‫َّ‬ ‫بــدأت‬
‫ســن المراهقــة ويمــوت فــي‬ ‫ِّ‬ ‫فــي‬
‫ـريرية الكتشــاف السـ ِّـر وراء ذلــك وكيــف يمكنهــم‬ ‫سـ َّ‬
‫تصمــم‬ ‫َّ‬ ‫األربعيــن مــن العمــر‪ .‬لــم‬ ‫أن يســاعدوا البشــر لينعمــوا بحيــاة أطــول وأكثــر‬
‫لتســتمر أكثــر مــن‬
‫َّ‬ ‫مؤسســة الــزواج‬‫َّ‬ ‫صحــة‪ ،‬فــإذا نجحنــا فــي تمديــد حيــاة اإلنســان ولــو‬ ‫َّ‬
‫تقــدم الخدمــات‬ ‫ُّ‬ ‫ربــع قــرن‪ ،‬ومــع‬ ‫لعشــر ســنوات أكثــر‪ ،‬فذلــك يعنــي أنَّ نــا أضفنــا إلــى‬
‫الصحيــة وطــول العمــر‪ ،‬صــار الــزواج‬ ‫َّ‬ ‫الحيــاة عشــر ســنوات أخــرى من اإلبــداع واإلنجازات‪،‬‬
‫خضــع‬ ‫لنصــف قــرن أمــراً معتــاداً ‪ ،‬مــا ُي ِ‬ ‫وتنتشــر حالــة مــن الذعــر بيــن النــاس والسياســيين‬
‫الزوجيــن لتقلُّ بــات ومفاجــآت لــم‬ ‫التكــدس الســكاني الــذي ســيترتَّ ب علــى‬ ‫ُّ‬ ‫بســبب‬
‫يفرقهمــا‬ ‫نجاحنــا فــي تأجيــل الوفــاة‪ ،‬ولكــن يعتقــد المؤلِّ فــان‬
‫تكــن فــي الحســبان‪ ،‬إن لــم ِّ‬
‫أن هــذا لــن يحــدث مــن بــاب أنَّ ــه لــو غــدا النــاس‬ ‫َّ‬
‫المــوت مبكِّ ــراً ‪.‬‬
‫ـإن عــدد الســكَّ ان‬ ‫صحــة وتعليمــاً وثقافــة‪ ،‬فـ َّ‬ ‫أفضــل َّ‬
‫فعليــاً ‪ ،‬فمنــذ خمســين عامــاً مضــت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ســينخفض‬

‫الخوف من‬
‫تضــم ســتَّ ة أطفــال فــي‬ ‫ُّ‬ ‫كانــت األســرة الواحــدة‬
‫المتوســط مقابــل طفليــن فقــط فــي َّأيامنــا هــذه‪،‬‬ ‫ِّ‬

‫المجهول‬
‫نتوقــع‬
‫َّ‬ ‫اســتمر األمــر علــى هــذا النحــو‪ ،‬فــا‬ ‫َّ‬ ‫فــإذا‬
‫وقــت قريــب‪ ،‬بــل‬ ‫ٍ‬ ‫تكــدس ســكَّ اني فــي‬
‫ُّ‬ ‫أن يحــدث‬
‫ـث المواطنيــن علــى إنجــاب‬ ‫وربمــا ســنحتاج إلــى حـ ِّ‬ ‫َّ‬
‫نُ فكِّ ــر دائمــاً فــي المســتقبل باعتبــاره أمــراً محتومــاً‬
‫أطفــال أكثــر للتغلُّ ــب علــى نقــص الســكَّ ان‪.‬‬
‫ســنواجهه أو يواجهــه أبناؤنــا أو أحفادنــا‪ ،‬أو نــراه‬
‫وربمــا لمــن يأتــي‬‫هدفــاً بعيــد المنــال بالنســبة لجيلنــا َّ‬
‫بعدنــا‪ ،‬ولكـ َّـن الوقــت قــد حــان لنــدرك أنَّ نــا جــزء ال‬
‫ويغيــر‬
‫ِّ‬ ‫يتجــزَّ أ مــن هــذا المســتقبل الــذي أخــذ يغزونــا‬
‫حاضرنــا بالفعــل‪ ،‬ومــن المؤكَّ ــد أنَّ ــه ال منــاص لنــا مــن‬
‫أن ننضـ َّـم إلــى الركــب ألنَّ ــه لــم يتبـ َّـق أمامنــا ســوى‬
‫ســنوات معــدودة‪ .‬لقــد خضعــت صناعــات الترفيــه‬
‫وتجــارة التجزئــة إلعــادة ابتــكار فــي الســنوات‬
‫كل أو معظــم الصناعــات‬ ‫األخيــرة وســتتبعها ُّ‬
‫تدريجيــاً‪ .‬لقــد أتيــح لمستشــرفي المســتقبل‬ ‫ّ‬
‫أن يستشــعروا نســمات التغييــر فــي مقتبلهــا‪،‬‬
‫وأن ُيجــروا التعديــات الالزمــة ليواكبــوا أحــدث‬
‫غضــوا الطــرف ودخلــوا‬ ‫الصيحــات‪ ،‬علــى عكــس مــن ُّ‬
‫فــي حالــة مــن اإلنــكار لينتهــي بهــم الحــال عاطليــن‬

‫‪10‬‬
‫كتب مشابهة‪:‬‬ ‫عــن العمــل! وفــي ذلــك عبــرة لمــن يعتبــر‪ ،‬فنحــن‬
‫اقتصاد الهوى‬ ‫مفطــورون علــى الخــوف مــن المجهــول‪ ،‬ولهــذا ال‬
‫قواعد االزدهار في القرن الواحد والعشرين‬ ‫بـ َّـد مــن زيــادة وعينــا بمــا يــدور حولنــا كــي نفيــق مــن‬
‫آدم ديفيدسون‪ .‬يناير ‪2020‬‬ ‫ـكل مــا أوتينــا مــن قـ َّـوة‪.‬‬
‫آت بـ ِّ‬
‫ونتأهــب لمــا هــو ٍ‬
‫َّ‬ ‫غفلتنــا‬

‫التفكير خارج المألوف‬


‫بابتكار‬
‫ٍ‬ ‫العظماء العالم‬
‫يغير القادة ُ‬
‫كيف ّ‬
‫واحد فريد؟‬
‫ٍ‬
‫روزابيث روس كانتر‪ .‬يناير ‪2020‬‬

‫لماذا تُ خفق التحوالت الرقمية؟‬


‫المدهشة للصعود إلى القمة‬
‫القواعد ُ‬
‫والبقاء عليها‬
‫توني سالدانا‪ .‬يوليو ‪2019‬‬

‫‪214444‬‬

‫‪04 423 3444 :‬‬

‫‪pr@ mbrf.ae‬‬

‫‪36‬‬ ‫‪12‬‬ ‫كاتب مرموق في جريدة‬


‫نيويورك تايمز والرئيس التنفيذي‬
‫‪200‬‬
‫لمؤسسة «‪ »XPRIZE‬وجامعة‬
‫َّ‬
‫‪240‬‬
‫‪100‬‬ ‫«سينجوالريتي» ويحمل دكتوراه بيتر ديامانديس‬
‫الطب من جامعة «هارفارد»‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫في‬
‫‪150‬‬
‫‪250‬‬
‫‪60‬‬ ‫كاتب في جريدة نيويورك تايمز‬
‫‪40‬‬ ‫ترجمت أعماله إلى أكثر من‬
‫‪Account Title: Qindeel llC‬‬ ‫لغة‪ ،‬ومن أشهر كتبه‪« :‬سرقة ستيفن كوتلر‬
‫‪Account number: 001520069891101‬‬
‫‪IBAN: AE310240001520069891101‬‬ ‫النار» و«الوفرة» و«أرض الغد»‪.‬‬
‫‪SWIFT Code: DUIBAEADXXX‬‬

‫ؤلفين‬
‫ن الم‬
‫‪qindeel_uae‬‬ ‫ع‬
‫‪qindeel_uae‬‬

‫‪qindeel.uae‬‬

‫‪qindeel.ae‬‬

‫‪11‬‬
‫بـرنـامج‬
‫دبــي‬
‫الدولـي‬
‫للكتابــة‬

‫دورات تدريبية في شتى حقول الكتابة اإلبداعية لتطوير مهاراتـك‬


‫على أيـدي أمهـر الخبـراء والمدربيـن من كافـة أرجـاء الوطـن العربـي‪.‬‬

‫حلـــم يتحقـق‬ ‫رعايــة ومتــابعـة‬ ‫تــدريب مسـتمر‬

‫ّ‬
‫حققت الدورات التدريبية حلم العشرات من الكتاب الشباب‬
‫ّ‬
‫العـرب ووضعتهـم على بدايـة الطريــق ليكونوا كتاب الغد‪.‬‬

‫‪dipwriting‬‬ ‫‪dipwriting‬‬ ‫‪dipw@mbrf.ae‬‬

You might also like