Professional Documents
Culture Documents
إشكالية تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضد
إشكالية تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضد
للجماعات الترابية
وحدة :سوسيولوجيا اإلدارة المحلية
عرض تحت عنوان:
الجامعية2020/2019 :
1
السنة
مقدمة
تعتبر رقابة القضاء اإلداري أفضل نوع رقابي على أعمال اإلدارة وضمان حقيقة لحماية حقوق األفراد
في مواجهتها ،باعتباره حكما في نزاع بين طرفين غير متساويين ،اإلدارة بما تملكه من سلطات
و امتيازات التنفيذ المباشر ،تستطيع أن تنفيذ ما يصدر لصالحها ،أو تمتنع عن تنفيذ ما يصدر ضدها من
أحكام ،وفقا لما تقرره " قاعدة عدم جواز استخدام طرق التنفيذ الجبري في مواجهتها" ،فتشكل بذلك
خطرا على النظام القانوني لحقوق األفراد وحري اتهم ،بينما ال يجد الطرف المتعامل معها سوى اللجوء
إلى القضاء إلرجاع حقه.
وعلى هذا األساس إذا كانت دولة الحق والقانون تقوم على أساس خضوعها للقانون ،وسيادة مبدأ
المشروعية ،فإن هذا األخير ال قيمة له ما لم يقترن بمبدأ آخر مضمونه احترام األحكام القضائية وضمان
تنفيذها ،إذ أن اإلخالل بهذا المبدأ يصير بمبدأ المشروعية إلى العدم ،فال حماية قضائية إال بكفالة تنفيذ
األحكام الصادرة عن السلطة القضائية ،وال قيمة للقانون بغير تنفيذ مقتضاه.1
وبالتالي فإن ما يصدر عن الدولة من قرارات وأعمال ال يكون صحيحا ،وال نافذا وال ملزما في
مواجهة المحكومين ،إال إذا كان مغلفا بالقانون روحا وتطبيقا ،أما تلك القرارات التي تصدر خارج هذا
اإلطار ،فتكون قرارات غير مشروعة ،يتصدى لها القضاء اما بإلغائها أو بوقف تنفيذها ،أو بتعويض
الضرر الناتج عنها وذلك حسب االختيار الذي أقدم عليه صاحب الحق.
والتنفيذ هو ثمرة الحكم ،وهو تمظهر أساسي وجوهري لقيام وترسيخ دولة الحق والقانون ،وقد ورد
في خطاب الملك الحسن الثاني المؤرخ في 21مارس 1982بمنتسبة استقباله بالقصر الملكي العامر
ألغضاء الحكومة وكبار رجال القضاء والمحامين والعدول ... "..ومسؤولية التنفيذ هي في اعتقادي
الشخصي أكبر المسؤوليات ...فعدم التنفيذ أو التماطل في التنفيذ يجر المرء إلى تفكير أخر هو انحالل
الدولة ،"...وما يؤكد األهمية القصوى للتنفيذ هو التنصيص الدستوري عليه وذلك في المادة 124التي
تنص على أنه " :تصدر األحكام وتنفذ باسم جاللة الملك وطبقا للقانون" ،والمادة 126التي تنص على
أن " :األحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع".2
كما أن مواقف كافة الحكومات المغر بية المتعاقبة قد أجمعت على خطورة هذه المسؤولية واندراجها
ضمن الواجبات الرئيسة الملقاة على اإلدارة بصفة عامة ،وحثت على تنفيذ األحكام والقرارات النهائية
سواء عبر الدوريات أو المناشر أو التصريحات الصادرة عنها ،باإلضافة إلى المادة 32من القانون
المحدث لمؤسسة الوسيط التي تنص على ما يلي" إذا اتضح أن االمتناع عن تنفيذ حكم قضائي نهائي
صادر في مواجهة اإلدارة ناجم عن موقف غير مبرر لمسؤول أو موظف أو عون تابع لإلدارة المعنية
أو اخالله بالقيام بالواجب المطلوب منه ،من أجل تنفيذ الحكم المذكور ،قام الوسيط برفع تقرير خاص في
الموضوع إلى ال وزير األول ،بعد إبالغ الوزير المسؤول أو رئيس اإلدارة المعنية التخاذ ما يلزم من
جزاءات الزمة ومن إجراءات في حق المعني باألمر ،كما يمكنه أن يوجه إلى اإلدارة المعنية توصية
بتحريك مسطرة المتابعة التأديبية ،وإن اقتضى الحال توصية بإحالة الملف على النيابة العامة ال تخاذ
-1نجاة حجراوي :إشكالية تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في مواجهة اإلدارة ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،جامعة
الحسن األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سطات ،السنة الجامعية ،2010/2009 ،ص .03
-2الدستور الجديد للمملكة المغربية ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،1.11.91بتاريخ 29يوليوز ،2011منشور بالجريدة
الرسمية عدد 5952في 17يونيو - .2011
2
اإلجراءات المنصوص عليها في القانون ،في حق المسؤول أو الموظف أو العون الذي تأكد أنه المسؤول
عن األفعال المذكورة ،وفي هذه الحالة ،يخبر الوسيط الوزير األول بذلك.3
على الرغم من جرأة االجتهاد القضائي بخصوص اجبار اإلدارة المعنية أو المسؤول اإلداري بصفة
شخصية على تنفيذ االحكام القضائية فإن ذلك لم يضع حدا لتعسف اإلدارة ،وهذا ما جعل كل وسائل التي
وظفها القضاء اإلداري وإن بدت وسائل مشجعة فإن فعاليتها تبقى محدودة فضل القاضي اإلداري وهو
يصدر حكما قضائيا ضد اإلدارة فاقدا لكل السلطات التي تمكنه من تنفيذ هذا الحكم ،وظلت إشكالية التنفيذ
تمثل نقطة الضعف في القانون اإلداري ،طالما أن األمر يتوقف في النهاية على حسن نية اإلدارة ورغبتها
في التنفيذ.
إن أهمية الموضوع تكمن في كونه يندرج في إطار الوعي بالتالزم الحاصل بين مبدأ المشروعية وتنفيذ
األحكام القضائية الصادرة ضد اإلدارة من جهة ،وكيفية اسهام الوسيط في تطوير هذا الترابط عن طريق
المحافظة على مبدأ المشروعية من خالل مساهمته في تنفيذ األحكام اإلدارية .ومن ناحية أخرى ،فإن
مسؤولية الموظفين عن تنفيذ االحكام اإلدارية ،أصبحت تفرض وجود هيئات مستقلة متخصصة في هذا
المجال ،تعمل على تتبع تصرفاتهم وجبرهم على تنفيذها.
إن معالجتنا لموضوع تنفيذ االحكام القضائية الصادرة ضد اإلدارة ،ينبغي أن يمر من خالل الوساطة
المؤسساتية وعبر التوفيق بين امتيازات اإلدارة وحقوق المتظلم ،والضغوط والوسائل القانونية التي
يفرضها ا لقاضي اإلداري على اإلدارة من أجل تنفيذها لألحكام الصادرة في مواجهتا ،وبهذا فقد كانت
إشكالية الموضوع على الشكل التالي:
آية فعالية للوسائل البديلة التي يضعها القاضي اإلداري في مواجهة اإلدارة على تنفيذ
األحكام القضائية الصادرة ضدها في ظل الصعوبة التي يعرفها هذا التنفيذ واالمتيازات التي
تتمتع بها اإلدارة؟
وفي إطار هذه اإلشكالية يمكن طرح بعض األسئلة الفرعية:
ما هي األسباب التي تتدرع بها اإلدارة عن إيقاف تنفيذ االحكام اإلدارية؟
أين تتجلى الصعوبات التي تحيل دون تنفيذ اإلدارة لألحكام القضائية الصادرة ضدها؟
ما هي أساليب الضغط التي يضعها كل من المشرع المقارن والمغربي في دفع اإلدارة لتنفيذ
االحكام اإلدارية؟ وأية فعالية لهذ األساليب؟
ما هو دور مؤسسة الوسيط في تنفيذ االحكام اإلدارية؟
في سياق إشكالية العرض والتساؤالت السابقة ،والنتائج الوخيمة التي قد تنتج عن امتناع اإلدارة عن
تنفيذ االحكام القضائية الصادرة ضدها وللحقوق والحريات العامة والخاصة التي يمس بها هذا األمر،
سيمثل المنهجين الوظيفي والبنيوي الموجه األساسي لهذا الموضوع.
- 3تم إحداث مؤسسة الوسيط بموجب الظهير الشريف رقم 1.11.25الصادر في 17مارس ،2011الجريدة الرسمية عدد
.5926
3
وعلى هذا األساس ستكون خطة العرض على الشكل التالي:
المبحث األول :األسباب الكامنة وراء امتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام اإلدارية وصور
هذا االمتناع
المبحث الثاني :أساليب الضغط لوقف صعوبة تنفيذ األحكام اإلدارية
4
المبحث األول :األسباب الكامنة وراء امتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام اإلدارية
وصور هذا االمتناع
إذا كان مبدأ المشروعية يقصد به أن جميع تصرفات اإلدارة يجب أن تكون خاضعة للقانون ،فإنه من
الضروري أن يقترن بمبدأ آخر وهو احترام أحكام القضاء وضرورة تنفيذها ،ألن الغاية أو الهدف الذي
يسعى إليه كل متقاض من استصدار حكم لصالحه هو الوصول به إلى مرحلة تنفيذه وترجمته على أرض
الواقع ،إال أن هناك مجموعة من األسباب والمشاكل تؤدي في العديد من األحيان إلى التأخر في تنفيذ
الحكم القضائي الصادر ضد اإلدارة (المطلب األول) ،وفي بعض الحاالت تمتنع عن التنفيذ ألسباب ذاتية
تتعلق أساسا بالدوافع الشخصية واالعتبارات السياسية (المطلب الثاني).
المطلب األول :األسباب الكامنة وراء امتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام اإلدارية
إذا كان الفصل ،4126من الدستور ينص على أن األحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة
للجميع ،وأضاف على أن السلطات العمومية يجب عليها تقديم المساعدة الالزمة لتنفيذ األحكام القضائية،
فإن اإلدارة ملزمة باحترام الدستور الذي يعتبر أسمى قانون ،زيادة على أن تنفيذ األحكام القضائية مرتبط
في جوهره بسيادة القانون ومبدأ حرمة القضاء ومصداقية الدولة ،إال أن األمر في الواقع يطرح إشكالية
عويصة تضيع فيها حقوق المواطنين ومصالح المقاوالت ،فعندما تأتي مرحلة التنفيذ تتعنت اإلدارة بأسباب
ومبررات عديدة بالرغم من كون األحكام القضائية ملزمة للجميع حسب الدستور وفي بعض األحيان
تكون هذه األسباب والمبررات حقيقية كالنظام العام أو نقص االعتمادات أو غياب وسائل التنفيذ الخاصة
ضد أشخاص القانون العام ،إال أنه في حاالت أخرى تكون أسباب متعلقة باإلدارة نفسها تدخل فيها
االعتبارات الشخصية والسياسية ،وتظهر النية السيئة لإلدارة وتمتنع عن التنفيذ وتتمسك بأسباب خفية
لتعطيل تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضدا .
وعموما هناك أسباب موضوعية (الفقرة األولى) ،تتعلق بالنظام العام وأسباب وصعوبات قانونية ومادية
وأسباب ذاتية (الفقرة الثانية) ،متصلة بالدوافع الشخصية واالعتبارات السياسية.
الفقرة األولى :األسباب الموضوعية
تتمثل هذه األسباب في النظام العام (أوال) ،والصعوبات المادية (ثانيا) ،والقانونية(ثالثا).
أوال :أسباب تتعلق بالحفاظ على األمن والنظام العام
في البداية ال بد من اإلشارة إلى أن مفهوم النظام العام واسع ونسبي يختلف من مكان آلخر ومن زمن
آلخر ،ومن مجتمع آلخر ،ويعرف النظام العام بأنه األسلوب المستخدم في تنظيم الحياة االجتماعية في
المجتمع الواحد عن طريق فرض سلطة القانون التي تمنح لألفراد حقوقهم ،وتعرفهم بالواجبات القانونية
الملزمة لهم ،وعلى اعتبار أن من أهم أسباب وجود اإلدارة هو المحافظة على النظام العام ،بصوره
- 4ينص الفصل 26من الدستور الجديد للمملكة على ما يلي" األحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع.
يجب على السلطات العمومية تقديم المساعدة الالزمة أثناء المحاكمة ،إذا صدر األمر إليها بذلك ويجب عليها تقديم المساعدة
على تنفيذ األحكام".
5
الثالث ( الصحة العامة ،السكينة األمة واألمن العام) فإذا كان تنفيذ الحكم القضائي من شأنه المساس
باألمن العام ووقوع خلل بالمصالح اإلدارية والمرفق العام فإنه ال يتم تنفيذه .5
بعبارة أخرى فبالرغم من كون األحكام القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به تعتبر أصال من
أصول القانون وتهدف إلى تحقيق الطمأنينة العامة واالستقرار في الحقوق والروابط االجتماعية واألمن
القضائي ،إال أنه في حالة وجود ظروف معينة تستوجب الحفاظ على سالمة الدولة ومن شأن التنفيذ أن
يعرض ا لنظام العام لالضطراب والتوتر فإن للسلطة التنفيذية حق تأخير أو تعطيل تنفيذ الحكم ،وهنا
يتم تقديم الصالح العام على الصالح الخاص .
وفي هذا اإلطار نجد أن القضاء اإلداري المغربي بدوره يتجه نحو التأكيد على جواز تعطيل تنفيذ
األحكام القضائية في حاالت استثنائية ،وقد عملت المحاكم اإلدارية على تحديد هذه الحاالت االستثنائية
في احتمال وقوع اضطرابات جماعية تهدد المجتمع وتشكل خطرا على األمن والنظام العام.
وما دام لفظ النظام العام يتميز بالعمومية والتجريد ،فإنه يجب أن يحدد بدقة حتى ال تتخذه اإلدارة
كحجة في كل مرة ارتأت التملص من تنفيذ الحكم القضائي الصادر ضدها ،ففي العديد من الحاالت نجد
اإلدارة تستعمل عبارة النظام العام وتتحجج بعدم تنفيذها لألحكام القضائية بالمصلحة العامة وضمان
حسي سير المرفق العام ،حيث أصبح من أهم المبررات لتملص اإلدارة من تنفيذ األحكام القضائية
الصادرة ضدها ،ففي ظل ال سلطة التقديرية الواسعة التي تتمتع بها اإلدارة في تحديد مفهوم النظام العام
فإنه يصعب معها إثبات انحرافها أو تجاوزها للسلطة .6
وبالتالي فإن امتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام اإلدارية الصادرة في حقها ،وإن كان يمليه واجب الحفاظ
على النظام ا لعام ،فإنه ال يعدو أن يكون مجرد إجراء استثنائي ال يتوسع في تفسيره على حساب مبدأ
القوة الملزمة للشيء المقضي به ،ألن اإلدارة التي تتنصل من التزاماتها بتنفيذ األحكام الصادرة ضدها
بدعوى أن هذا التنفيذ يتعارض مع المصلحة العامة ،يجب أن تضع في الحسبان أن هناك مصلحة أعلى
تتمثل في وجوب احترام القانون ،والذي يدخل في سياقه الخضوع ألحكام القضاء ،وإعطاء المصداقية
لجهاز القضاء .7
- 5حميد أمالل :إشكالية تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في مواجهة اإلدارة ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في
القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويسي الرباط ،السنة الجامعية
،2009/2008ص.2.3
- 6محمد سقلي حسيني :إشكالية توجيه األوامر لإلدارة في مجال تنفيذ االحكام اإلدارية بالمغرب ،منشورات مجلة القضاء والقانون،
العدد 157سنة ،2010ص.90
- 7محمد العلوي :المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد ،49/95سنة ،2010ص .65
6
ترجع إلى تجاهل اإلدارة لمبدأ حجية الشيء المقضي به وإنما إلى وجود صعوبات تعترضها أثناء تنفيذ
تلك األحكام ومن أهمها وأكثرها نقص االعتمادات المالية .8
فإن نقص االعتمادات المالية يتعلق أساسا بمبدأ سنوية الميزانية المعمول به في المغرب ،ومعناه أنه
ميزانية المؤسسات اإلدارية يتم تخصيصها سنويا ،وبالتالي فإنه عند صدور حكم يقضي على اإلدارة
بأداء مبلغ مالي فإن تنفيذ هذا الحكم يصطدم بغياب اعتمادات مخصصة لهذا الغرض داخل الميزانية،
ويتم تبعا لذلك انتظار برمجة االعتمادات المناسبة خالل السنة المالية الموالية ،باستثناء بعض المؤسسات
القليلة التي تنهج سياسة استباقية وتعمل على برمجة االعتمادات في الباب المخصصة بميزانيتها السنوية
لتنفيذ األحكام القضائية وذلك بشكل مسبق .9
عموما إن فلسفة إعداد الميزانية تفرض توقع النفقات ،وبالتالي فاإلدارة العمومية ينبغي أن تقوم
بتنظيم الميزانية السنوية بناء ع لى دراسة ما ستسفر عنه أحكام القضاء من مبالغ مالية ،أي إعداد
دراسات توقعية بشكل سنوي تأخذ بعين االعتبار عدد األحكام النهائية الصادرة ،باإلضافة إلى توقع
األحكام التي ستصدر وحجم المبالغ المحكوم بها من أجل تدبير تنفيذ األحكام الصادرة ضدها.
فالمشرع الفرنسي مثال لحل هذا اإلشكال ،تدخل بإصدار القانون 539.80الذي يلزم اإلدارة بتوفير
االعتماد من أجل تنفيذ الحكم القضائي في أجل محدد أقصاه 4أشهر من الحكم الحائز لقوة الشيء
المقضي به.
ف في كثير من الحاالت التي تكون فيها أحكام قضائية تتعلق بالتعويض أو فرض غرامة مالية تختبئ
اإلدارة وراء انعدام أو قلة الموارد المالية الكفيلة بتنفيذ الحكم القضائي .وال بد من اإلشارة إلى أن هذا
المبرر المتمثل في نقص االعتمادات المالية اعتبره جانب من القضاء بأنه شطط في استعمال السلطة
ويستوجب التعويض ،باإلضافة إلى أن الدولة يفترض فيها مألة الذمة .
وهذا ما يحاول المشرع تجاوزه من خالل مشروع قانون المسطرة المدنية الذي ينص فيه بشكل صريح
على إلزامية اإلدارة بضرورة وضع هذه االعتمادات وتنفيذ الحكم داخل أجل 6أشهر من تاريخ
المصادقة على الميزانية في السنة الموالية.10
- 8أعبيرة عبد الغني :التحديث اإلداري بالمغرب ،دار النشر بالرباط ،الطبعة األولى سنة ،2010ص .85
- 9محمد سقلي حسيني :إشكالية توجيه األوامر لإلدارة في مجال تنفيذ االحكام اإلدارية بالمغرب ،مرجع سابق ،ص.97
- 10حسن صحيب :القضاء اإلداري المغربي ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد ،80دار النشر المغربي
الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،2008ص .595
- 11حسن صحيب :القضاء اإلداري المغربي ،مرجع سابق ،ص .595
7
وتتمثل الصعوبات القانونية في غياب مسطرة خاصة بتنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضد اإلدارة،
فبالرجوع للقانون 90.41المحدث اإلدارية نجد أنه لم ينص على أية مسطرة لتنفيذ األحكام الصادرة
ضد هاته المحاكم اإلدارية ،حيث اكتفى في المادة 49بالتنصيص على أن التنفيذ يتم بواسطة كتابة
ضبط المحكمة اإلدارية التي أصدرت الحكم ،والمادة 7نصت على أنه تطبق أمام المحاكم اإلدارية
القواعد المنصوص عليها في ق.م.م .ما لم ينص القانون على خالف ذلك.12
ويرغب المشرع في تجاوز هذا الوضع من خالل تنصيصه في مشروع قانون المسطرة المدنية الذي
سيتضمن بابا مستقال يتعلق بتنفيذ األحكام القضائية ضد أشخاص القانون العام ،ويتضمن هذا المشروع
مقتضيات جديدة ومهمة بعضها اجتهاد من واضعي هذا المشروع واآلخر مأخوذ من االجتهاد القضائي .
وهناك صعوبات قانونية أخرى تتمثل أساسا في صعوبة تفسير الحكم القضائي أو فهم مقصوده ،إال
أن هذه الصعوبة ال تعطي لإلدارة الحق في التملص من التزاماتها بتنفيذ الحكم تنفيذا كامال وصحيحا،
ألنها تملك إمكانية اللجوء إلى الجهة القضائية المصدرة للحكم لتستفسرها عن كيفية تنفيذ أحكامها ،حين
يكون هناك ما يدعو للشك في تفسيرها .13
وللحد من هذه الصعوبات القانونية التي تؤدي إلى عدم تنفيذ االحكام القضائية ،ينبغي أن يكون منطوق
الحكم واضحا ،ال يتحمل عدة تفسيرات من طرف اإلدارة ،وأن يعمل القاضي اإلداري على تحديد كيفية
تنفيذه وتعليله تعليال سليما ،حتى يسهل على اإلدارة متابعة إجراءات تنفيذه من جهة وال يتم فسح المجال
لإلدارة لالمتناع عن التنفيذ لعلة وضوح منطوق الحكم أو صعوبة تفسيره من جهة ثانية .14
وإذا كانت هذه الصعوبات المادية والقانونية تحول دون تنفيذ األحكام اإلدارية أو تكون سببا في تأخير
تنفيذها فإن هناك حاالت أخرى من امتناع اإلدارة عن تنفيذ لألحكام الصادرة ضدها ،لكن هذه المرة
سببها راجع إلى تقاعس اإلدارة وتعنتها اعتقادا منها أن إقدامها على تنفيذ األحكام هو بمثابة ضعف،
وضرب في العمق المتيازاتها واستقالليتها تجاه القضاء .
- 12لكريمي مصلي :غياب مسطرة التنفيذ لألحكام اإلدارية ،جريدة الصباح ،عدد 2969بتاريخ ،2014/10/27ص.12
- 13حميد أمالل :إشكالية تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في مواجهة اإلدارة ،مرجع سابق ،ص .24
- 14نجاة حجراوي :إشكالية تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في مواجهة اإلدارة ،مرجع سابق ،ص .52.53
8
أوال :الدوافع الشخصية
هناك مجموعة من الممارسات واألفكار والمبادئ السلبية لدى بعض رجال اإلدارة تؤثر بشكل واضح
في عمل هذه األخيرة ،وفي بعض األحيان تكون من األسباب األساسية لعدم تنفيذ الحكم القضائي الصادر
عن المحاكم اإلدارية والحائز لقوة الشيء المقضي به ،بعض العقليات المتواجدة في اإلدارة التي تعتبر
أن أحكام القضاء هي مجرد توصيات وال تكون ملزمة لها إال إذا كان الحكم يصب في صالح اإلدارة
وليس ضدها ،ويفسرون تعديل تنفيذ األحكام القضائية بكونهم هم وحدهم العارفون بتقنيات اإلدارة ،على
اعتبار أن القضاة ال يمكنهم معرفة مشاكلها الداخلية ،وهذا كله يجعل رجل اإلدارة المسؤول عن التنفيذ،
يعتقد بأن التراجع عن قراره والخضوع للحكم القضائي الصادر في حق اإلدارات سيكشف للمواطن
عن سوء وسلبية تسييره اإلداري مما يؤدي إلى فقدان الثقة في اإلدارة هذا من جهة ،ومن جهة أخرى
هناك بعض األفكار التي تعشش في رؤوس بعض المسؤولين الكبار باإلدارة تتمثل في أن الموظف أو
المواطن الذي يقاضي اإلدارة ،إنما يقاضي المسؤول عن اتخاذ القرار وليس اإلدارة ،ويعتبر هذا األمر
خروجا عن القانون وفيه خطر يهدد الدولة والمجتمع ،ألنه يؤدي إلى فقدان الثقة في األحكام القضائية.15
قد يخفي رجل اإلدارة المسؤول عن التنفيذ دوافعه الشخصية وراء المفهوم المطلق لمبدأ الفصل بين
السلطات ،باعتبار هذا المبدأ يحول دون إجبار اإلدارة أو أعوانها المسؤولين عن االنصياع لتنفيذ أحكام
القضاء ،إال أن استقالل القضاء عن اإلدارة ال يعني أن يتجاهل كل منهما قرارات اآلخر ،ألن ذلك
سيترتب عنه فوضى واضطراب في النظام العام.16
وقد يبرر بعض رجال اإلدارة عدم التنفيذ إلى مضمون الفصل 25من قانون المسطرة المدنية الذي
يمنع على المحاكم عرقلة أعمال السلطة العمومية ،وقد يتذرع في بعض األحيان بتبريرات ذات طابع
شكلي كوجود عيب في الشكل أو عدم االختصاص ،وذلك كلما رغب في التملص من تنفيذ األحكام
اإلدارية الصادرة في حق اإلدارة .
ثانيا :االعتبارات السياسية
باإلضافة إلى الدوافع الشخصية للموقف المسؤول عن التنفيذ ،هناك اعتبارات سياسية تساهم بدوره
في عرقلة عملية تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في حق اإلدارة ،خصوصا إذا علمنا أن أكثر الجهات
امتناعا عن تنفيذ األحكام القضائية هي الهيئات المحلية ،حيث تكون المنازعات القضائية نتيجة لوجود
خالفات شخصية أو حزبية مما يجعل عملية التنفيذ معقدة ،حيث يكون التنفيذ منوطا بموظفين غير
محايدين وحساسيتهم تجاه القانون أضعف ،مما يؤدي إلى انتهاك مبدأ المشروعية وسيادة القانون،
وبالتالي يعمدون إلى وضع عقبات مادية وقانونية في وجه تنفيذ األحكام اإلدارية الصادرة في مواجهة
إدارتهم.17
- 15سعيد حموش :إشكالية تنفيذ االحكام القضائية في مواجهة اإلدارة المغربية ،منشورات مختبر البحث في قانون العقار والتعمير
بالكلية المتعددة التخصصات الناظور ،الطبعة األولى ،2019ص .25
- 16حميد أمالل :إشكالية تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في مواجهة اإلدارة ،مرجع سابق ،ص .27
-17أسماء مقاس :تحديث اإلدارة ال قضائية بين اكراهات الواقع ورهانات اإلصالح ،رسالة لنيل ديبلوم الماستر في القانون العام
،2010/2009جماعة الحسن األول كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سطات ،ص .61
9
فكل هذه األسباب الذاتية تظل أسبابا خفية تخلقها اإلدارة لتبرير امتناعها عن التنفيذ ،مما يصعب المهمة
على القاضي اإلداري الذي يجب عليه الوقوف على النوايا الخفية لإلدارة الممتنعة عن التنفيذ.
الثاني :يتعلق بضرورة مراجعة جميع المراكز القانونية التي قد تترتب عن القرار الملغى ،خاصة
خالل الفترة الفاصلة بين صدوره وإلغائه ،خصوصا إذا تعلق األمر بتنفيذ أحكام اإللغاء وما تتطلبه من
وقت لرد الحقوق والمزايا التي يكون القرار الملغى قد مس بها ،وهو نفس الشيء بالنسبة ألحكام القضاء
الشامل ،عندما يتعلق األمر بمنح تعويض للمتضرر ،حيث قد تتمسك اإلدارة بمنحها الوقت للتنفيذ،
لكونها ال تتوفر على اعتمادات مالية مخصصة للتنفيذ.20
- 18قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى عدد 272بتاريخ ( ،2000/03/02قرار منشور بمجلة القضاء والقانون العدد ،157
سنة .)2010
- 19أمر استعجالي صادر عدد 1206بتاريخ ،1985/12/16منشور بالمجلة المغربية للقانون والسياسة واالقتصاد عدد 4سنة
،1986ص .243
- 20محمد سقلي حسيني :إشكالية توجيه األوامر لإلدارة في مجال تنفيذ االحكام اإلدارية بالمغرب ،مرجع سابق ،ص .90
10
وال يكفي في هذا المجال تحرير محضر االمتناع عن التنفيذ من طرف عون التنفيذ أو مأمور التنفيذ،
حتى نقول إ ن اإلدارة ممتنعة عن التنفيذ ،بل ال بد من معرفة ما إذا كانت التصريحات الواردة على
لسان اإلدارة المنسوبة إليها تشير إلى امتناعها الصريح وغير المبرر في التنفيذ أم تتضمن إشارة إلى
اتخاذها إلجراءات من اإلجراءات التي تبرر إرجاء التنفيذ ،ألن الجهة المخولة بتكييف تصريحات
اإلدارة وإعطائها المدلول القانوني السليم هو القاضي وليس مأمور التنفيذ.21
غير أنه أصبح في اآلونة األخيرة يعتد بمحضر االمتناع فقط الذي يحرره مأمور التنفيذ فقط دون
التأكد من نوايا اإلدارة.
حيث جاء في قرار محكمة النقض " لكن حيث إن الطلب كما هو واضح من أوراق الملف ومستنداته
أنما يهدف إلى استصدار أمر الغرامة التهديدية التي لم يشترط لها الفصل 448من ق.م.م سوى التأكد
من االمتناع عن تنفيذ حكم قابل للتنفيذ سواء كان عدم التنفيذ كليا أو جزئيا ولم يقارن المقتضى القانوني
المذكور الحكم بالغرامة من التأكد من نوايا المحكوم عليه وما إذا كان يتعمد اإلضرار بخصمه أو كان
عدم التنفيذ ناتجا عن أمور خارجة عن إرادته ".22
وما تجدر اإلشارة إليه ،أن القانون الفرنسي قد حمل مسؤولية التأخير في التنفيذ إلى الشخص المشرف
ع لى تسيير اإلدارة التي تصدره ضدها األحكام ،ولذلك أعطى الصالحية لمجلس الدولة من تحديد
الغرامة التي تفرض على الشخص المعنوي العام الذي ال يحترم تنفيذ أحكام القضاء.23
ثانيا :التنفيذ الناقص أو الجزئي
بمقتضى السلطة الممنوحة لإلدارة فإنها قد تقوم بتنفيذ الحكم لكن ظاهرا فقط حتى ال تقع في تماطل
أو التأخير جراء الضغوطات التي تمارس عليها ،لكن هذا التنفيذ ال يكون بشكل حرفي ،بل تقوم بتنفيذه
تنفيذا ناقصا ومبتورا بما يتوافق مع رغبتها .ألنها استخدمت سلطتها في تنفيذ الحكم القضائي النهائي
على غير ما كان عليه ،فكان ذلك مظهرا من المظاهر التي تلجأ إليها اإلدارة.24
فالواجب على اإلدارة أن تنفذ الحكم تنفيذا صحيحا كامال ،مراعية في ذلك ما جاء في منطوقه ،وما
ارتبط بهذا المنطوق من أسباب جوهرية .وعند لجوء اإلدارة إلى هذه الصورة من صور االمتناع فإنها
تتخذها بديال للرفض الصريح أو التأخير في التنفيذ فتقوم بالتنفيذ الناقص لكي تتخلص من تبعات الحكم
التي ال تتوافق مع إرادتها.25
- 21محمد قصري :الغرامة التهديدية والحجز في مواجهة اإلدارة الممتنعة عن تنفيذ أحكام وقرارات القضاء اإلداري ،منشورات
مجلة المحاكم اإلدارية ،عدد ،5إصدار خاص -يناير ،2007ص .197
- 22قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى عدد ،295بتاريخ ( .2003/05/08منشورات مجلة القضاء والقانون ،ص .)91
- 23كريم الشكاري :تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية على ضوء مقتضيات الدستور المغربي الجديد ،منشور
بموقع العلوم القانونية ،بتاريخ .25.12.2017
- 24محمد سقلي حسيني :إشكالية توجيه األوامر لإلدارة في مجال تنفيذ االحكام اإلدارية بالمغرب ،مرجع سابق ،ص .91
- 25قض ية الشريفي مصطفى الذي رغم إلغاء قرار عزله لم يتم إرجاعه إلى عمله إال بعد ثالث سنوات وخاللها طالب بإرجاعه
إلى وظيفته مع الحكم لفائدته بالتعويض ونفذ جانب الحكم المتعلق باإلرجاع دون التعويض انظر :عبد هللا حداد "ظاهرة عدم امتثال
اإلدارة ألحكام القضاء" ،المجلة المغربية للقانون والسياسة واالقتصاد ،العدد 18سنة ،1985أما في فرنسا فإن قضية السيد الذي
أصدر رئيس بلدية قرار بعزله وتم إلغاء هذا القرار من طرف مجاس الدولة تم أعاد رئيس البلدية إصدار قرار جديد بالعزل فتم
إلغائه ثانية من طرف مجلس الدولة وتكرر اإلصدار واإللغاء ليصل إلى 12مرة.
11
والتنفيذ الناقص لألحكام القضائية من قبل اإلدارة يظهر جليا من خالل إغفال اإلدارة لبعض اآلثار
القانونية والمادية التي قد يرتبها الحكم عند تنفيذه مثال ،كالعمل على إعادة موظف اتخذ قرار العزل في
حقه وتم إلغاءه بحكم قضائي إلى وظيفته أو منصب أقل ،غير الذي كان يشغله في السابق ،أو حرمانه
من حقه في التعويض أو في الترقية .وهذا النوع من التنفيذ يعد بمثابة عقاب تمارسه اإلدارة في حق
المدعي الذي تجرأ وخاصمها أمام القضاء.26
ثالثا :الرفض الصريح للتنفيذ
تعد هذه الصورة أقل الصور التي تلجا إليها اإلدارة ،لكونها غالبا ما تحاول تجنب المواجهة مع
القضاء .كما أنها تتحاشى أن يقال عنها إنها إدارة غير ديمقراطية وغير متحضرة تخرق القانون بشكل
علني ،برفضها السافر ألحكام القضاء ،حتى وإن لجأت اإلدارة إلى هذه الصورة ،فإنها تلجأ إليها دون
إصدار قرار صريح بالرفض ،لهذا نجد رفضها غالبا يتخذ شكل قرار سلبي ،وفي حالة حدوثه ،ليس
أمام صاحب المصلحة في هذه الحالة إال اللجوء إلى القضاء من جديد إللغاء قرار االمتناع السلبي أو
حتى طلب التعويض عن الضرر عند اللزوم.27
كما أن اإلدارة قد تمتنع عن تنفيذ الحكم حتى قبل صدوره كما حصل في قضية مطبعة طنجة ضد
بلدية القصر الكبير " ،بحيث تقدم المدعي بطلب يرمي إلى الحكم له بأداء دين ناتج عن عقد توريد
أبرمه مع البلدية ،ولما أمرت المحكمة بإجراء معاينة صحبة خبير ،استمع المستشار المقرر إلى رئيس
المجلس الب لدي الذي صرح له بصفة واضحة بأن ما تم توريده إلى الجماعة كان بأمر من الرئيس
السابق ،وأن هذا األخير هو الذي يجب مطالبته بالتعويض ،وبأنه حتى في حالة الحكم على البلدية فإنه
لن ينفذ ما قد يحكم به عليها ،وذلك ألنه لم يكن هو رئيس البلدية وقت توريد السلعة المذكورة ،مع أن
هذا الرئيس لم ينازع في تسلم البلدية للسلعة موضوع الدين المتنازع بشأنه".28
- 26ثائرة نزال ،إشكالية تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضد اإلدارة ،منشورات مجلة مسالك في الفكر والسياسة واالقتصاد،
العدد ،30-29السنة ،2015ص.175
- 27قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى عدد 1003بتاريخ ( .2004/10/06قرار أشار إليه محمد صقلي حسيني في مقاله
تحت عنوان إشكالية توجيه األوامر لإلدارة في مجال تنفيذ االحكام اإلدارية بالمغرب ،السابق اإلشارة إليه ،ص .)92
- 28قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى عدد 1535بتاريخ .2000/11/19قرار منشور بمجلة القضاء والقانون ،عدد 157
سنة ،2010ص .92
12
للطعن باإللغاء على اعتبار أنه قرار مستمر في أثاره ،وأن الطعن فيه يظل مفتوحا طالما تستمر حالة
االمتناع من جانب اإلدارة المصدرة له سواء كان قرارا صريحا أو قرار ضمنيا بالرفض".
القرار الضمني الصادر عن وزير العدل القاضي برفض إرجاع الطاعن لخطة العدالة يجعل هذا
الرفض مستمرا في أثاره مما يظل الطعن فيه باإللغاء مفتوحا وغير مقيد بأجل 60يوم المحدد لدعوى
اإللغاء.29
أما القرار اإلداري اإليجابي فيظهر من خالل اتخاذ اإلدارة لنفس مضمون القرار الملغى السابق لكن
دون السقوط في العيوب التي أدت إلى إلغائه ،وذلك إلضفاء نوع من المشروعية عليه ،وخاصة عند
عدم احترام شكلية معينة في إصدار القرار.30
ولعل امتناع اإلدارة وتعنتها في االمتناع عن التنفيذ يبقي صاحب المصلحة في دوامة مفرغة وطويلة
ومكلفة ،وإن كان يحق له طلب التعويض عن الضرر بسبب تجاوز السلطة.
ويعتبر حكم " فابريكي" من األحكام الشهيرة التي تعبر بشكل واضح عن هذه الوضعية ،إذ صدر
قرار من مجلس الدولة الفرنسي بإلغاء قرار عزل السيد فابريكي من عمله كحارس في البلدية إال أن
العمدة ام تنع عن التنفيذ بإصدار قرار صريح بعدم التنفيذ تحت طائلة استحالة إرجاع الموظف لحالته
األصلية ،ليتولى بعد ذلك مجلس الدولة من جديد إلغاء القرار .وقد تكرر األمر 7مرات.
وفي المغرب نعرض لقضية ابو القاسم العلوي التي استمرت من سنة 1965إلى سنة ،1981الذي
كان يعمل خليفة ،فصدر قرار بعزله من عمله ،فطعن فيه باإللغاء ،فأصدر المجلس األعلى قرار بإلغائه،
إال أن وزير الداخلية امتنع عن تنفيذ الحكم .فطعن من جديد في قرار عدم تنفيذ الحكم ،فصدر من جديد
المجلس األعلى قرار بإلغاء قرار وزير الداخلية ،غير أن هذه األخير امتنع مرة أخرى عن تنفيذ الحكم
الثاني ،فتوجه المتضرر إلى المحكمة اإلقليمية بالرباط مطالبا بالتعويض عما لحقه من أضرار ،فصدر
الحكم لصالحه.31
- 29حكم صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط رقم ،2400بتاريخ ،27-6- 2013ملف رقم 74-5-2013منشور بموقع العلوم
القانونية. www.marocdroit.com،
- 30حميد أمالل ،إشكالية تنفيذ األحكام اإلدارية الصادرة في مواجهة اإلدارة ،مرجع سابق ،ص .39
- 31حكم منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد 95/94سنة ،2010ص .74
- 32أسماء مقاس :تحديث اإلدارة القضائية بين اكراهات الواقع ورهانات اإلصالح ،مرجع سابق ،ص .80
13
فمثال قد تلجأ اإلدارة إلى إضافة بعض الشروط الجديدة للولوج إلى إحدى الوظائف أو المباريات حتى
تحرم المحكوم له من وظيفته بعلة عدم استيفاءه للشروط المنصوص عليها في نظامها الداخلي.
ولعل تعنت اإلدارة وامتناعها عن التنفيذ ستترتب عنه أثار سلبية ليس فقط على حساب المتضرر الذي
تضيع حقوقه ،بل أيضا على حساب العدالة التي تصبح أحكامها غير ذات معنى بسبب خرق مبدأ حجية
األمر المقضي به.33
- 33ثائرة نزال ،إشكالية تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضد اإلدارة ،مرجع سابق ،ص .182
14
المبحث الثاني :أساليب الضغط لوقف صعوبة تنفيذ األحكام اإلدارية
لحث اإلدارة على تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضدها ،نظرا للحقوق والحريات التي تنتجها لصالح
االفراد تدخل القاضي اإلداري لوضع أساليب قانونية لذلك ،رغم االختالف الذي عرفته هذه الوسائل من
قاضي اداري إلى أخر (المطلب الثاني) ،وذلك أمام الصعوبة التي يعرفها هذا التنفيذ (المطلب األول).
المطلب األول :صعوبة تنفيذ أحكام القضاء الصادرة ضد اإلدارة
إن هذا الوضع يمكن أن يفسر بغياب مسطرة دقيقة تلزم اإلدارة بالخضوع ألحكام القضاء (الفقرة
األولى) ،ويترتب عن هذا الوضع توقف القاضي عند حد النطق بالحكم ،بدعوى عدم توفره على الوسائل
القانونية والمادية للقيام بالتنفيذ ،مما يجعل دوره محدودا في حمل اإلدارة على تنفيذ أحكام القضاء (الفقرة
الثانية).
الفقرة األولى :انعدام مسطرة خاصة لتنفيذ األحكام الصادرة ضد اإلدارة
إن خضوع اإلدارة والخواص على حد سواء ألحكام القضاء كما هو مسطر في النظام األنكلوسكسوني،
يجعل مشكلة تنفيذ األحكام ال تكتسي طابعا بارزا كما هو الشأن في نظام القضاء المزدوج.
ففضال عن االمتيازات التي تتمتع بها اإلدارة باعتبارها تمثل الصالح العام ،وغياب مسطرة دقيقة
ومحددة بتنفيذ األحكام القضائية ا لصادرة ضدها ،فإن القاضي ال يملك سلطة توجيه األوامر إلى اإلدارة،
ولعل هذا الوضع الذي تشكل منذ ظهير 1913من خالل فصله الثامن ،قد تم تكريسه من خالل الفصل
25من ق .م .م لسنة ،1974هذا الفصل الذي تمت المحافظة على فقرته الثانية بعد إحداث المحاكم
اإلدارية من خالل منطوق المادة 50من قانون ، 90/41بحيث يمنع عن المحاكم أن تبث في كل ما من
شأنه أن يعرقل نشاط اإلدارات العمومية ،احتراما لمبدأ فصل الوظيفة القضائية عن التنفيذية ،وحتى ال
تعتبر قرارات القضاء تدخال في شؤون اإلدارة وفرض اتجاهات معينة على سلوكها.34
وإذا كان مشكل عدم تنفيذ االحكام القضائية يثير عدة أسئلة حول مصداقية قوة الشيء المحكوم به ،وعدم
اإلسراع في التنفيذ بالنسبة لألحكام الصادرة عن المحاكم ضد الخواص ،خصوصا وأن قانون المسطرة
المدنية تناول مسألة التنفيذ في الفصول من 428إلى ،510فإن االمر يصبح أكثر تعقيدا حينما يتعلق األمر
باألحكام الصادرة ضد األشخاص المعنوية العامة ،ال سيما وأن القانون المنظم للمحاكم اإلدارية لم يخصص
لمسألة التنفيذ إال مادة واحدة هي المادة .3549
من خالل االطالع على ما جاء في تقرير لجنة العدل والتشريع والوظيفة العمومية المتعلق بمناقشة
مشروع القانون رقم ، 90/41يتضح أن االتجاه كان يسير نحو الحفاظ على وحدة النظام القضائي ببالدنا،
وكذا وحدة المحاكم ،والدليل على هذا هو ما جاء في جواب السيد وزير العدل على تساؤالت ،واقتراحات
السادة النواب ،حيث قال ... " :بأن المحاكم اإلدارية تعتبر محاكم عادية مندرجة في التنظيم القضائي
- 34حداد عبد هللا :ظاهرة عدم امتثال اإلدارة ألحكام القضاء ،المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية ،عدد ،18دجنبر ،1985
ص ..111
- 35تنص المادة 49من القانون المحدث للمحاكم اإلدارية على ما يلي" يتم التنفيذ بواسطة كتابة ضبط المحكمة اإلدارية التي أصدرت
الحكم ،ويمكن للمجلس األعلى أن يعهد بتنفيذ قرارته إلى محكمة إدارية".
15
للمملكة مع تخصصها في المادة اإلدارية "...إلى أن قال " ...أما بالنسبة لتنفيذ االحكام الصادرة عن المحاكم
اإلدارية ،فقد أحال المشروع على المقتضيات العامة للتنفيذ كما وردت في قانون المسطرة المدنية.36"...
وفعال وعند خروج القانون المذكور إلى حيز الوجود ،جاءتنا المادة السابعة منه التي تنص على ما يلي:
" تطبق أمام المحاكم اإلدارية القواعد في قانون المسطرة المدنية ،ما لم ينص قانون على خالف ذلك".
وجاءتنا المادة الفريدة التي تتحدث عن التنفيذ ،وهي المادة 49التي تنص على أنه يتم التنفيذ بواسطة كتابة
ضبط المحكمة اإلدارية التي أصدرت الحكم ويمكن للمجلس األعلى أن يعهد بتنفيذ قرارته إلى محكمة
إدارية".37
لذا يتعين طرح التساؤلين التاليين:
هل إن قواعد المسطرة المدنية التي أحال إليها القانون المحدث للمحاكم اإلدارية تنسجم مع خصوصيات
األحكام اإلدارية أم ال؟.
هل المادة 49المشار إ لى بيانها أعاله من شأنها حل بعض اإلشكاليات المتعلقة بتنفيذ األحكام الصادرة
في المادة اإلدارية أم أنها قد زادت في األمر تعقيدا؟
إن الجواب عن هذين التساؤلين يقتضي منا استقراء القواعد العامة بشأن التنفيذ الجبري لألحكام
المنصوص عليها في الباب الثالث من قانون المسطرة المدنية فنخلص في األخير إلى النتائج التالية:
-عدم إمكانية إعمال الفقرة األخيرة من الفصل 434من ق.م.م والتي تنص على مباشرة التنفيذ الجبري
في حالة رفض المحكوم عليه الوفاء بتعهداته ،أو بما التزم به في إطار التنفيذ االختياري؛
-عدم إمكانية اعمال الفقرة األخيرة من الفصل 440من قانون المسطرة المدنية التي تنص على أن عون
التنفيذ يبلغ إلى الطرف المحكوم عليه الحكم المكلف بتنفيذه ويعذره بأن يفي بما قضى به الحكم حاال أو
بتعريفه بنواياه ،وإذا رفض المدين الوفاء أو صرح بعجزه عن ذلك اتخذ العون اإلجراءات المقررة في
الباب المتعلق بطرق التنفيذ؛
إن المقتضيات الواردة في هذه الفقرة تتعلق بااللتزامات المالية ،لذلك فإن الحكم اإلداري الصادر في
دعوى اإللغاء ال يمكن منطقيا تنفيذه عن طريق التنفيذ الجبري ،ألنه يتعلق بإلغاء قرار إداري ال غير،
دون أن يتضمن ذلك اصدار امر إلى اإلدارة بأداء مبلغ مالي.38
وحتى إذا كان الحكم اإل داري ينص على أداء تعويض مثال ،وهو التزام مادي من جانب اإلدارة ،فإن
امتناع هذه األخيرة عن تنفيذه ال يمكن من سلوك طرق التنفيذ المشار إليها في حقها ،بحيث ال يمكن مباشرة
مسطرة الحجوز عليها كيفما كان نوعها :تحفظيا كان هذا الحجز أو تنفيذيا ،أو حجزا بين يدي الغير ،ما
دامت أموال الدولة هي أموال عمومية ،وهي بهذه الصفة غير قابلة للحجز عليها ،وإذا كانت هذه األموال
- 36مصطفى تراب :المرجع العلمي في القضاء والقانون ،طبعة ،2013مطبعة صوم ديل ،ص .237
- 37مصطفى تراب :المرجع العلمي في القضاء والقانون ،مرجع سابق ،ص .238.239
- 38قد يحمل الحكم باإللغاء في طياته بعض األثار القانونية التي تعمل اإلدارة عند التنفيذ ترتيبها على هذا الحكم ،وتكون هذه اآلثار
ذات صيغة مادية كصرف راتب موظف موقوف الذي ألغي القرار اإلداري القاضي بعزله مثال.
16
غير قابلة للحجز فهي غير قابلة للبيع القضائي ،أمواال منقولة كانت أو عقارية ،وبالتالي فال يمكن تطبيق
مقتضيات الفصول 459و ما يليه إلى الفصل 487من ق.م.م.39
-إن الحكم الصادر في دعوى اإللغاء على افتراض أنه من نوع االلتزام بالقيام بعمل ،أو باالمتناع عن
القيام بعمل ،وبالتالي يمكن تطبيق مقتضيات الفصل 448من قانون المسطرة المدنية ،المتعلق بالغرامة
التهديدية في حق االدارة الممتنعة عن التنفيذ ،فإن هذه الغرامة ستنقلب عند تصفيتها إلى تعويض أي إلى
أداء مبلغ مالي ،وإذا ما استمرت اإل دارة في امتناعها حتى عن تنفيذ هذا االلتزام المالي ،فإنه ال يمكن
مباشرة طرق التنفيذ الجبري في مواجهتها حسب ما تم بيانه اعاله ،أي اننا سنبقى نضور في حلقة مفرغة
النهاية لها؛
-ال يمكن تطبيق مسطرة االكراه البدني في حق اإلدارة الممتنعة عن التنفيذ ،ألن اإلدارة شخصية اعتبارية،
وال يتصور بالتالي سواء بالمنطق القانوني أو المجرد سلوك هذه المسطرة في مثل هذه الحالة.
وثمة أنواع أخرى من طرق التنفيذ يصعب ممارستها اتجاه اإلدارة كاإلفالس والتصفية القضائية
والمق اصة ،وكذلك الدفع بعدم التنفيذ كقاعدة مقررة في العقود التبادلية التي ولو ورد النص عليها ضمن
الفصل 235من قانون االلتزامات والعقود ألن تطبيق الفصل في هذه المسألة التعاقدية مع اإلدارة غير
ممكن ،ألن الخواص ال يمكنهم الدفع بهذه القاعدة أثناء تعاقدهم مع اإلدارة.
أمام غياب نص قانوني يصلح كأساس يطبق في حق اإلدارة الممتنعة عن تنفيذ حكم قضائي صدر في
مواجهتها ،وحائز لقوة الشيء المحكوم به ،فإن اإلحالة إلى قواعد المسطرة المدنية في مجال التنفيذ ضد
اإلدارة ال تحل المشكلة لذلك اقترح بعض الفقه احداث قسم لتنفيذ بالمحكمة اإلدارة حتى تكون هذه األخيرة
هي المسؤولة على تنفيذ االحكام الصادرة عنها ،وكذا القرارات التي عهد المجلس األعلى بتنفيذها لديها
فيما اقترح البعض األخر إقرار المسؤولية الشخصية للموظف الممتنع عن التنفيذ أو الذي يساهم في عرقلة
التنفيذ.40
وعلى الرغم من القيود المفروضة على القاضي اإلداري وهو يبث في المادة اإلدارية ،فإن االجتهاد
القضائي ساهم في سد بعض أوجه الفراغ التشريعي في مجال التنفيذ بابتكاره لوسائل بديلة لضمان تنفيذ
االحكام الصادرة ضد اإلدارة.
وإذا كانت مختلف األحكام القضائية قد أكدت تجاهل السلطات اإلدارية لمبدأ حجية الشيء المحكوم ،فإن
القاضي اإلداري لم يقف عند هذا الحد ،بل اتخذ موقفا إيجابيا حينما صرح بأنه " :ال يوجد أي نص قانوني
يستثني الدولة من التنفيذ ،بل إن مبدأ المشروعية الذي يعتبر من أقدس المبادئ التي اقراها الدستور يجعل
تصرفات الدولة خاضعة لمراقبة القانون ".
ونأتي اآلن لإلجابة عن التساؤل الثاني المتعلق بالفائدة التي يمكن جنيها من مقتضيات المادة الفريدة
المحدثة عن التنفيذ في القانون ( ،90/41المادة )49والتي تعتبر نقال كامال لما ورد في الفقرة الثانية من
الفصل 429من ق.م.م التي تنص على ما يلي " :يرجع التنفيذ للمحكمة التي أصدرت الحكم غير أنه يمكن
- 39مصطفى تراب :المرجع العلمي في القضاء والقانون ،مرجع سابق ،ص .240
- 40أسماء مقاس :تحديث اإلدارة القضائية بين اكراهات الواقع ورهانات اإلصالح ،مرجع سابق ،ص .90
17
لمحكمة االستئناف أن تعهد بتنفيذ قراراته إلى محكمة ابتدائية" ،كلما هناك أنه تم تغيير (المحكمة االبتدائية)
بالمحكمة اإلدارية عند صياغة المادة 49من القانون المذكور.
وبهذا يمكن القول أن صياغة هذه المادة الفريدة من قبل المشرع سعى من وراء ذلك الحث على وجوب
إحداث قسم للتنفيذ بالمحكمة اإلدارية حتى تكون هذه األخيرة هي المسؤولة عن تنفيذ االحكام الصادرة
عنها ،وكذا القرارات التي يعهد المجلس األعلى بتنفيذها لديها ،وأيضا على وجوب الرجوع إلى المادة 7
من نفس القانون فيما يتعلق بقواعد وإجراءات التنفيذ ما دامت ال توجد أية مقتضيات أخرى تتعلق بالتنفيذ
منصوص عليها في هذا القانون ،ومنه للتأكيد على اإلبقاء على وحدة القضاء ومن خالل توحيد مسطرة
التقاضي ،ومن بينها مسطرة تنفيذ األحكام.
لكن برجوعنا إلى القواعد واإلجراءات المتعلقة بالتنفيذ الجبري المنصوص عليها في قانون المسطرة
المدنية وجدناها ال تنسجم كلية مع خصوصيات األحكام الصادرة ضد اإلدارة كما ذكرنا آنفا ،سواء كانت
هذه االحكام متعلقة باإللغاء أو التعويض.41
إذن ما الفائدة من المادة 49هل إلحداث قسم التنفيذ بالمحكمة اإلدارية فقط؟ وما فائدة وجود هذا القسم
بهذه المحكمة إذا عجز عن إيجاد السبيل إلجبار اإلدارة عن التنفيذ في حالة عزوفها عنه ،مادام ال يتوفر
على نصوص يهتدي إليها عند وقوفه على مثل هذه الحالة؟.
في نظرنا فإن هذه المادة رغم أنها جاءت هي الوحيدة المتحدثة عن التنفيذ في القانون المحدث للمحاكم
اإلدارية ،فهي مع ذلك قادرة على خلق عدة إشكاليات قانونية نذكر منها ما يلي:42
إن المادة المذكورة تقتضي بأن المحكمة اإلدارية هي التي تنفذ االحكام الصادرة عنها أو الصادرة عن
الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى ،ولكن انطالقا من الحالة الراهنة ،فالمحاكم اإلدارية متواجدة فقط بالمناطق
السبع االقتصادية ،إذا كيف يمكن تنفيذ حكم صدر عن المحكمة اإلدارية بالرباط في حق اإلدارة المحكوم
عليها المتواجدة بطنجة التي ال تتوفر على مح كمة إدارية بل إن هذه المدينة تدخل في دائرة نفوذ المحكمة
اإلدارية بالرباط؟ فإذا اخذنا بالنص الحرفي للمادة المذكورة ،فهذا يقتضي بأن يتوجه عون التنفيذ بالمحكمة
اإلدارية بالرباط إلى مدينة طنجة ليقوم بإجراء التنفيذ وهذا شيء صعب المنال ،وإذا طبقنا المادة السابعة
من نفس القانون التي تحلنا على قواعد المسطرة المدنية ،سنجد إمكانية توجيه إنابة قضائية إلى محكمة
أخرى ،فإذا كان األمر يتعلق بمحكمة إدارية فهذا ال يثير أي إشكال بينما إذا كان األمر يتعلق بمحكمة
ابتدائية كابتدائية طنجة في المثال الذي سقناه سابقا ،فهل لهذه المحكمة أن تنفذ حكما إداريا ،والحال أن
المادة 49تؤكد على أن يتم التنفيذ بواسطة كتابة ضبط المحكمة اإلدارية؟.
- 41مصطفى تراب :المرجع العلمي في القضاء والقانون ،مرجع سابق ،ص .242
- 42محمد العلوي :المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،مرجع سابق ،ص .72
18
الفقرة الثانية :محدودية سلطة القاضي اإلداري في مجال التنفيذ
ينص الفصل 82من دستور 431996على أن ":القضاء مستقل عن السلطة التشريعية وعن السلطة
التنفيذية" ،وفي السياق نفسه ذهب الفصل 107من دستور ،442011على اعتبار السلطة القضائية سلطة
مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية وليس مجرد وظيفة تتوالها المحاكم استنادا إلى مبدأ فصل
السلطات ،إنما هو مستمد من طبيعة العمل القضائي الذي يتجلى في حسم المنازعات بتطبيق القانون ،وهذا
يقتضي أن ال يمارس هذا العمل سوى سلطة مستقلة تتميز بتشكل خاص وتطبق إجراءات معينة لضمان
سيادة حكم القانون في المجتمع.
واالستقالل القاضي في أداء الوظيفة القضائية ،مسألة ترتبط بالوعي والمحيط ،وهذا يجب أن يعني
االستعداد للتجرد من االختيارات الفلسفية واالنتماءات الدينية والسياسية والنقابية أو إلى طبقة اجتماعية.
وهذا بالطبع يجب أن يرتبط بالضمانات التنظيمية المحيطة بالقضاة.
لكن هذا االمر سيتعزز أكثر في تجاوز المعوقات المرتبطة بالقضاء والقاضي شخصيا ،والمتمثلة في
القيود المفروضة عليه سواء من خالل التزامه بعدم عرقلة عمل اإلدارات العمومية أو من خالل احتكار
هذه األخيرة لسلطة االكراه بحكم مبدأ فصل السلط .فكيف إذن يمكن لهذا القاضي أن يلزم اإلدارة على
تنفيذ حكم قضائي صدر ضدها ،أو الزامها على تسخير قواتها من أجل العمل على تنفيذ حكم قضائي في
مواجهتها ،إذا كيف يمكن إكراه من يحتكر سلطة اإلكراه.
وقد رفضت اإلدارة استخدام القوة العمومية لتنفيذ حكم قضائي بإفراغ أرض يملكها السيد طيبول جان
موريس احتلها أشخاص بدون سند ،وصرح المجلس األعلى بما يلي " :وحيث إن تجاوز السلطات اإلدارية
لألحكام النافذة المفعول والمذيلة بصيغة التنفيذ يشكل ماعدا في ظروف استثنائية شططا في استعمال
السلطة ،لخرقه القواعد األساسية للتنظيم واإلجراءات القضائية التي باحترامها يحترم النظام العام ...وحيث
إن وزارة الداخلية دو ن االحتجاج بوجود أي ظرف استثنائي رفضت منح استعمال القوة العمومية لتنفيذ
الحكم المشار إليه أعاله رغم أنه حائز لقوة الشيء المقضي به ومذيل بصيغة التنفيذ".45
في مقابل إصرار اإلدارة على عدم تنفيذ االحكام القضائية الصادرة ضدها في إيقاف االحتالل غير
المشروع أو األشغال غير المشروعة أو إرجاع األشياء إلى ما كانت عليه ،فإن القاضي اإلداري لم يتوقف
عند إبداء موقفه من أجل حمل األشخاص المعنوية العامة على تنفيذ أحكام القضاء الصادرة في مواجهتها،
بحيث صرح قاضي المستعجالت بأنه " :ال يوجد نص قانوني يستثني الدولة من التنفيذ.46"...
- 43دستور المملكة المغربية لسنة ،1996الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،1.96.157صادر في 23من جمادى األولى
7( 1417أكتوبر ،)1996بتنفيذ نص الدستور المراجع ،الجريدة الرسمية عدد 4420من جمادي األولى 10( 1417أكتوبر
،)1996ص .2281
- 44ينص الفصل 107من دستور 2011على أن " السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية".
- 45قرار المجلس األعلى عدد 8بتاريخ 29يناير ،1969ملف 28/78مجموعة قرارات المجلس األعلى ،1970 -1966ص
( ،173قرار أدرجه األستاذ حسن صحيب في مؤلفه القضاء اإلداري المغربي السابق اإلشارة إليه ص .)619
في نفس السياق قرار الغرفة اإلدارية عدد 132بتاريخ 27يونيو ،1979ملف عدد ،55297مجلة المحاكم المغربية عدد 41
يناير فبراير 1986ص.92 ،
- 46المحكمة اإلدارية بالرباط ،حكم رقم ،134بتاريخ 6مارس ،ورثة عبد القادر العشيري( ،حكم منشور في م.م.د.م.ت ،عدد
20-21سنة ،1997ص .179
19
إن المبادئ التي رسخها هذا الحكم فتحت االفاق أمام المتقاضين بطرق أبواب المحاكم ،إال أن ذلك لن
يعرف مداه وشموليته إال بتقوية دولة الحق والقانون من خالل خضوع اإلدارة فعليا للقانون.
وأمام محدودية دور القاضي الذي ال يملك النطق في مواجهة اإلدارة بجميع أنواع االحكام كالتي يصدرها
ضد الخواص ،وإنه يكتفي فقط بإلغاء القرارات اإلدارية غير المشروعة والحكم بالتعويض المالي عن
االضرار التي تلحق االفراد بسبب تصرفات اإلدارة بإصدار قرار جديد يحل محل القرار القديم الذي تم
الغاؤه .كما أنه ال يستطيع أن يجبر اإلدارة على فعل الشيء أو االمتناع عن فعل شيء ،ويفسر هذا الوضع
من الناحية القانونية من خالل مقتضيات الفصل 25من قانون المسطرة المدنية الذي يمنع عن المحاكم أن
تتخذ أي قرار من شأنه عرقلة نشاط اإلدارات العمومية أو توجيه أوامر أو تعليمات إليها .ويفسر من
الناحية العملية بعدم تساوي مركز اإلدارة باعتبارها تحمي الصالح العام ،مع مراكز االفراد بحيث تكون
اإلدارة في غالب األحيان غير ملزمة باللجوء إلى القضاء القتضاء حقها ،بل تصدر قرارا بما تدعيه وال
تنتظر حتى يحكم القضاء لها به.47
إننا نعتقد أن القاضي اإلداري بدر إلى اقتراح حلول خالقة في مجال التنفيذ على اعتبار أن تنفيذ االحكام
القضائية من طرف اإلدارة يعد دعامة أساسية الستكمال بناء دولة الحق والقانون ،فإذا أصبح باإلمكان
مواجهة الدولة بالغرامة التهديدية لتنفيذ االحكام الصادرة ضدها كما هو الشأن في حكم العشيري ،فإن هذا
االلتزام تجاوز مجرد فرض الغرامة إلى حجز أموال المؤسسات العمومية باعتبارها أشخاص معنوية
خصوصية لها كيان ذاتي خصوصي وتستقل تماما عن ميزانية الدولة ،وأنها قادرة على الوفاء بالديون
التي تلزمها .وبذلك صرحت المحكمة بأنه ":ال يوجد أي نص قانوني يعفي أي محكوم عليه من تنفيذ
االحكام القضائية سواء كانت مؤسسة عمومية أو غيرها مادامت تلك االحكام مذيلة بالصيغة التنفيذية"،
كم ا أنه " ال يوجد أي نص صريح يمنع الحجز على أموال المؤسسات العمومية".48
وبهذا يمكن القول أن هذه البداية التي دشنها القضاء اإلداري والتي تنطلق من الرغبة الملحة في جعله
حامال حقيقيا ل لحقوق وحريات المواطنين ،بدأت بحكم للمجلس األعلى بتاريخ 6مارس 1995في قضية
أزواغ موح امعنان التي طرحت إمكانية مواجهة الدولة بغرامة تهديدية لتنفيذ االحكام الصادرة ضدها.49
وقد صرحت الغرفة االدارية بما يلي:
" لكن حيث إن الغرامة التهديدية ال تصبح واجبة األداء اال بعد تصفيتها من طرف المحكمة على ضوء
ثبوت امتناع غير مبرر عن التنفيذ ،وال عالقة لتحديد الغرامة المذكورة بمالئمة ذمة اإلدارة وال شيء يمنع
من االمر بإيقاف تلك الغرامة في مواجهتها".
بل إن محكمة النقض ذهبت ابعاد من ذلك لما اعتبرت أن الغرامة التهديدية باعتبارها وسيلة إلجبار
المنفذ عليه على تنفيذ التزامه والحكم بما يؤول حين تصف يتها إلى تعويض يحكم به لفائدة المستفيد من
- 47وفي أحوال أخرى تلجأ إلى التنفيذ اإلداري أو التنفيذ المباشر .لذلك فإن دخول أحكام القانون 90/41حيز التنفيذ جعل القاضي
اإلداري يتخذ مواقف إيجابية ترمي إلى حماية مختلف الحقوق والحريات .وفي هذا اإلطار صدر عن المحكمة اإلدارية بالرباط
حكما اعتبرت فيه أنه " :ال يوجد أي نص قانوني يستثني اإلدارة من فرض غرامة تهديدية عليها في حالة امتناعها ن تنفيذ حكم
قضائي صدر في مواجهتها يتعلق بااللتزام بالقيام بعمل أو باالمتناع عن القيام بعمل"(المحكمة اإلدارية بالرباط حكم 134بتاريخ
6مارس ،1997ص .)179
- 48حسن صحيب :القضاء اإلداري المغربي ،مرجع سابق ،ص .620
- 49الغرفة اإلدارية ،قرار عدد ،127بتاريخ 6مارس ،1995أزواغ موح أمعنان ،قرار المجلس األعلى الغرفة اإلدارية -1958
،1997ص ،301قرار أشار إليه حسن صحيب في مرجعه القضاء اإلداري ،ص .621
20
التنفيذ ،وإنما ترتكز في تحديدها على تعويض" ال يشمل فقط الضرر الناتج عن عدم التنفيذ أو التأخر في
ذلك والذي يمكن المطالبة به في اطار القواعد العامة للمسؤولية دون حاجة إلى المرور عبر مسطرة تحديد
الغرامة التهديدية بل كذلك يجب االخذ بعين االعتبار مبلغ الغرامة المحدد في الحكم األمر بها والتعسف
المنفذ عليه وتعنته في التنفيذ ،شريطة أن ال يكون من شأن تصفية الغرامة التهديدية بشكل كامل أي يضرب
قيمته في عدد أيام االمتناع اطراء من المنفذ له على حساب المنفذ عليه" .وبذلك تكون محكمة النقض قد
ركزت في قرارها هذا على عناصر التقدير المحددة للغرامة التهديدية.50
إن الدور الذي يلعبه القاضي وهو يطبق القانون ال يقف عند حدود انصاف المظلومين بل يتجاوز ذلك
إلى وضع مبادئ وخلق قواعد جديدة تساهم في تطوير القانون اإلداري .واضطالع القانون بهذا الدور
الخالق يجب أن يبدأ من ضرورة تجاوزه لجوانب النقص التي تتضمنها بعض القوانين التي يطبقها على
مختلف المنازعات اإلدارية ،وذلك أ خدا بعين االعتبار التطورات االقتصادية واالجتماعية التي يعرفها
المجتمع.51
كما أن إحداث المحاكم اإلدارية ،52كأجهزة متخصصة للبث في المادة اإلدارية ،إن كان سيساعد على
تطوير العمل القاضي وتوجيه العمل اإلداري ،إال أن مساهمته في الحفاظ على الحقوق والحريات ،وبالتالي
تحقيق دولة الحق والقانون بشكل أكثر فعالية يستلزم من جهة تخويل القاضي اإلداري استقالل كافيا لجعله
يقوم بمهامه على أحسن وجه ،ويمارس بالتالي دوره اإلبداعي من خالل تطبيقه لروح القانون بدل التشبث
بحرفية النصوص .ومن جهة ثانية اصدار نصوص قانونية لتدارك مختلف جوانب النقص التي تتضمنها
بعض القوانين التي يطبقها القاضي.
المطلب الثاني :وسائل حمل اإلدارة على تنفيذ االحكام الصادرة في مواجهتها
لقد تنوعت الوسائل وأساليب الضغط التي تنهجها الدول من أجل حمل اإلدارة على تنفيذ األحكام
الصادرة ضدها ،حيث يختلف األمر فقط بين كل من فرنسا ومصر (الفقرة االولى) ،في الوقت الذي ينهج
المغرب أساليب أخرى مختلفة للتجارب السابقة (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :وسائل حمل اإلدارة على التنفيذ بمصر وفرنسا
إن المتتبع للوسائل واألليات التي توضع أمام المتقاضي الصادر لمصلحته حكم في مواجهة اإلدارة
سيسجل اختالف بين كل من التجربتين الفرنسية (أوال) ،والمصرية (ثانيا).
أوال :وسائل حمل اإلدارة على تنفيذ األحكام الصادرة ضدها في فرنسا
لقد مر موضوع تنفيذ األحكام القضائية من طرف اإلدارة في فرنسا بعدة مراحل ابتدأت بإحداث لجنة
التقرير والدراسات بمقتضى مرسوم 30يوليوز 1963الذي عدل بعدة مراسيم بعد ذلك .وتسهر هذه
- 50قرار محكمة النقض عدد ،537بتاريخ فاتح نونبر /2012ملف إداري عدد ،774بتاريخ 4فبراير .2011
- 51حسن صحيب :القضاء اإلداري المغربي ،مرجع سابق ،ص .622
- 52لقد تم إحداث المحاكم اإلدارية بموجب الظهير الشريف رقم ،1.91.225صادر في 22من ربيع األول 1414الموافق ل
10سبتمبر ،1993بتنفيذ القانون رقم 41.90المحدث بموجبه المحاكم اإلدارية ،الجريدة الرسمية عدد 4227بتاريخ 18جمادي
األولى 3( 1414نوفمبر ،)1993ص .2168
21
اللجنة على تنفيذ االحكام الصادرة عن مجلس الدولة ،وذلك بتقديم اإلرشادات إلى اإلدارة بقصد مساعدتها
على تنفيذ األحكام ،ويتم ذلك اما بطلب من اإلدارة نفسها أو بطلب من الشخص الذي صدر الحكم لفائدته.
وتجدر المالحظة أن هذه اللجنة رغم الدور الذي قامت به في حل عدة مشاكل تتعلق بالتنفيذ ،فإنها ال
تتوفر على وسائل الضغط القانونية اتجاه اإلدارة ،بحيث تكتفي بتوجيه المراسالت إلى اإلدارة أو تقوم
باتصاالت شخصية مع رؤساء اإلدارات.53
وفي إطار حماية حقوق وحريات األفراد من تعسف اإلدارة فقد اتخذ المشرع الفرنسي خطوة هامة تتمثل
في توجيه أوامر لإلدارة قصد تنفيذ بعض األحكام التي امتنعت عن تنفيذها أو عرقلت هذا التنفيذ ،وقد تم
ذلك من خالل نظام الوسيط الذي أسس بقانون 3يناير 1973والذي عدل بقانون بتاريخ 24دجنبر .1976
قد وضع المشرع في فرنسا أمام المتقاضي الصادر لفائدته حكم ضد اإلدارة بقي بدون تنفيذ:54
• يمكن للمحكوم لفائدته اللجوء إلى ما يعرف بوسيط الجمهورية الذي يقوم بعد اجرائه البحث الالزم
بمحاولة إقناع اإلدارة المعنية بضرورة الخضوع إلى حجية األمر المقضي ،داخل أجل يحدده ،وإذ
لم يلق أمره هذا أي استجابة ،فإن عدم التنفيذ يكون موضوع تقرير خاص ينشر في الجريدة الرسمية،
كما يتم اإلعالن عنه للعموم .وهذه الطريقة ناذرا ما يتم اللجوء اليها؛
• إ ن عدم تنفيذ حكم من طرف الشخص العام سلطة إدارية كانت او مؤسسة عمومية ،أو جماعة
محلية ،يمكن أن يؤدي إلى فرض غرامة تهديدية عليها ،محددة بمبلغ مالي عن كل يوم أو أسبوع
أو شهر تمتنع فيه عند التنفيذ .وهذه الغرامة التهديدية إما تفرض بمقتضى حكم صادر عن مجلس
الدولة ،أو بمقتضى أمر صادر عن رئيس قسم المنازعات ،كما يمكن أن تفرض تلقائيا من طرف
رئيس العالقات والدراسات بنفس المجلس ،أو من طرف رئيس محكمة االستئناف اإلدارية بالنسبة
للقرارات الصادرة عن محكمته ،كما يمكن أن تفرض بناء على طلب المستفيد من الحكم يقدمه إلى
مجلس الدولة ،ويبث فيه داخل آجال أقصاه 6أشهر ،إال في حالة االستعجال حيث يتم البت تبعا
لهذه الحالة.
• في حالة ما إذا كان الحكم غير المنفذ يتعلق بأداء مبلغ معين فإن األمر ال يخلو :
55
-إما أن يكون هذا الحكم صادر ضد دولة ،فإن المستفيد يقدم هذا الحكم إلى " أمين الحساب العام المختص"؛
الذي يقوم بتأدية المبلغ المحكوم به لهذا المستفيد بمجرد االطالع على الحكم كما لو تعلق االمر بحوالة؛
-وإما أن يكون الحكم صادر في مواجهة جماعة محلية فإن السلطة الوصية تحرر أمرا رسميا بصرف
المبلغ المحكوم به؛ بعد تقييد هذا المبلغ عند االقتضاء " تقييدا تلقائيا" في جدول ميزانية المصاريف.
ومن جهة أخرى قد حمل القانون مسؤولية التأخير في التنفيذ إلى الشخص المشرف على تسير اإلدارة
التي تصدر ضدها األحكام ،ولذلك أعطى الصالحية لمجلس الدولة من أجل تحديد مبلغ الغرامة التهديدية
التي تفرض على الشخص المعنوي العام الذي ال يحترم تنفيذ أحكام القضاء.
- 53محمد صقلي حسيني :إشكالية توجيه األوامر لإلدارة في مجال تنفيذ األحكام اإلدارية بالمغرب ،مجلة القضاء والقانون ،عدد 157
سنة ،2010ص .89
- 54مصطفى تراب :المرجع العلمي في القضاء والقانون ،مرجع سابق ،ص .243
- 55نجاة حجراوي :إشكالية تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في مواجهة اإلدارة ،مرجع سابق ،ص .33
22
كما أن الموظف الذي يعرقل أو يعطل تنفيذ الحكم يتحمل مسؤولية تأديبية ومالية باعتباره هو المتسبب
في الحكم على اإلدارة بغرامة تهديدية لعدم تنفيذ الحكم .وبذلك يقدم إلى محكمة التأديب والمحاسبة والمالية،
أو توقع عليه غرامة يتراوح قدرها بين 500فرانك فرنسي ومبلغ راتبه السنوي الصافي الذي يكون قد
تقضاه منذ تاريخ تبليغ الحكم لإلدارة المعنية.56
ثانيا :وسائل حمل اإلدارة على تنفيذ األحكام الصادرة ضدها في مصر
في مصر هناك عدة جزاءات يمكن ترتيبها على اإلدارة الممتنعة عن التنفيذ نذكر من بينها:57
الطعن باإللغاء :ويكون ذلك ضد قرارات اإلدارة المتصلة بتنفيذ األحكام ،أو االمتناع عنه بوصفها مخالفة
للقانون لخروجها عن مبدأ حجية األحكام وقوة األمر المقتضى به " وهذا الجزاء يمكن اللجوء إليه حتى
في بالدنا كما سيأتي".
تقرير المسؤولية اإلدارية :وذلك على أساس عدم تنفيذ حكم يعدو تصرفا غير مشروع ،ويشكل خطأ من
جانب اإلدارة الذي يستلزم التعويض عنه لفائدة المتضرر ،فضال عن تقرير المسؤولية الشخصية للموظف
الممتنع عن التنفيذ ،على اعتبار أن قراره هذا هو" قرار سلبي خاطئ" كما وصفه مجلس الدولة المصري.
والشيء الطريف في هذا الموضوع ،هو أن قسم الرأي بمجلس الدولة بمصر أفتى بما ملخصه أن الوزير
شخصيا هو" المدين األصيل" باعتباره محدثا للضرر ،أما الحكومة فإنها مدينة بصفة تبعية أو احتياطية
إلهمالها في الرقابة واالشراف ،وذلك في إطار مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه " فإن دفعت الحكومة
المدينة اال حتياطية تعويض المطلوب ،يتعين عليها أن ترجع به على الوزير شخصيا " المدين األصلي"
وعليها في سبيل الحصول على هذا الدين خصم ربع من رتب معاليه أو معاشه بطريق المقاصة ،ألن الدين
يستحق بسبب يتعلق بأداء وظيفته.
تقرير المسؤولية الجنائية للموظف المختص :ينص الدستور المصري على تجريم االمتناع عن تنفيذ
األحكام ،حيث أتى بقاعدة دستورية ِمدها أن األحكام تصدر وتنفذ باسم الشعب ،ويكون االمتناع عن تنفيذها،
أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين جريمة يعاقب عليها القانون ،فعال فقد رتب قانون العقوبات
المصري جزاء جنائيا على الموظف يصل إلى حد الحبس والعزل فيما إذا استعمل سلطة وظيفته لوقف أو
تعطيل تنفيذ حكم صادر عن المحكمة أو امتنع عمدا عن تنفيذه.58
وهذا يؤكد صرامة المشرع المصري في تعامله مع تنفيذ األحكام القضائية سواء منها الصادرة ضد
األفراد أو تلك الصادرة ضد اإلدارة.
إثارة المسؤولية السياسية لإلدارة أمام رئيس مجلس الوزراء :ذلك أن "رئيس مجلس الدولة يقدم إلى
هذا األخير سنويا ،وكلما رأى ضرورة لذلك ،تقريرا يتضمن ما أظهرته األحكام أو البحوث من نقص في
التشريع القائم أو غموض فيه أو حاالت إساءة استعمال السلطة ،"...وقد اعتبر الفقهاء في مصر بأن
- 56محمد العلوي :المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،مرجع سابق ،ص.80 ،
- 57محمد كرامي :إشكالية تنفيذ االحكام القضائية الصادرة ضد اإلدارة ،مجلة المحاكم المغربية ،عدد 126ماي – يونيو .2010ص
.65
- 58حسن صحيب :القضاء اإلداري المغربي ،سلسلة دراسات وأبحاث في اإلدارة والقانون ،الطبعة الثانية ماي ،2019دون دكر
المطبعة ،ص .612
23
االمتناع عن تنفيذ األحكام ،أو تنفيذها على نحو معيب أو التحايل على ذلك من قبيل إساءة استعمال السلطة
" التي يوضحها رئيس مجلس الدولة في تقريره".
الفقرة الثانية :أساليب الضغط الممكنة على اإلدارة المغربية
إن أساليب الضغط على اإلدارة تتمظهر لنا من خالل التقنيات التي قد يلجأ إليها المتضرر الذي صدر
الحكم لصالحه ،سواء تعلق األ مر باللجوء إلى السلطة الرئاسية العمومية أو القضاء ،أو من خالل الدور
الذي يمارسه القاضي في مواجهته لإلدارة ،أو تحميل هذه األخيرة المسؤولية عن عدم التنفيذ.
ويمكن للمتضرر أيضا أن يطالب بتوقيع جزاءات على الموظف الممتنع عن التنفيذ.
✓ الضغط الذي يمارسه المتضرر:
يمكن للشخص الذي صدر الحكم لفائدته وامتنعت اإلدارة عن تنفيذه ،أن يلجأ إلى السلطة الرئاسية العليا
التي تعلو السلطة المصدرة للقرار ،أو يلجأ للسلطة التي تمارس عليها الوصاية إذا كانت تتمتع بالشخصية
المعنوية العامة .إال أن فعالية هذه الوسيلة تبقى رهينة بتبسيط تقنيات العمل اإلداري ،والعمل على تجاوز
التعطيل الذي تعرفه المراسالت ،وضرورة اإلسراع في اإلجراءات.59
أمام غياب الحلول التشريعية ال يوجد إال حل بديل ،وهو الحل القضائي الذي اقره المجلس األعلى في
عدة قرارات خصوصا منها القرار المتعلق بقضية السيد أبو القاسم العلوي والذي جاء فيه " :إن عدم اعتبار
اإلدارة لألحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به ،والمختومة بصيغة االمر بالتنفيذ يعدو – ما عدا في
ظروف استثنائية -خرقا لقوانين التنظيم األساسية واإلجراءات القضائية التي باحترامها يحترم النظام العام،
وأن خرقا من هذا النوع يمكن أن يكون أساس لطلب اإللغاء ،وطلب التعويض معا طبقا للقواعد الخاصة
بكل منهما.60"...
واعتبارا لهذا القرار فإن لصاحب الشأن الذي بين يديه حكم لم تنفيذه اإلدارة ،أن يختار بين مسلكين:
فإما أن يختار مسلك دعوى الغاء المقرر اإلداري الذي امتنعت بمقتضاه اإلدارة عن تنفيذ الحكم الصدر
في مواجهتها ،أو أنها نفذته لكن بطريقة معيبة وغير مرضية ،كاإلدارة التي تتظاهر بتنفيذ الحكم القاضي
بإلغاء قرارها بعزل موظف ،حيث تعمل في إطار تنفيذ هذا الحكم على سحب هذا القرار ،فترجع الموظف
المعزول إلى عمله لكن مع نقله إلى منطقة نائية تحت ستار المصلحة العامة.61
وسواء كان امتناع اإلدارة عن التنفيذ امتناعا صريحا أو ضمنيا ،فيمكن لصاحب الشأن الطعن عن
طريق دعوى اإللغاء في هذا القرار اإلداري " السلبي" بسبب تجاوز السلطة ،نظرا للعيب في القانون الذي
شابه ،والمتمثل في الخروج عن مبدأ حجية األحكام ،وقوة األمر المقضي به ،فضال عما يشوب هذا القرار
من تعسف في استعمال السلطة.
24
واما أن يختار صاحب ال شأن مسلك المسؤولية اإلدارية على اعتبار أن عدم تنفيذ األحكام يعد من
التصرفات غير المشروعة ،ويشكل من جانب اإلدارة التي تسأل عنه بتعويض الضرر لفائدة المتضرر
وهو صاحب الحكم غير المنفذ.
وعلى الرغم من هذه اإلمكانيات المتاحة للمحكوم له إال أنها تبقى مع ذلك جد محدودة ،ألن جوهر المشكل
يظل قائما وهو عدم رغبة اإلدارة في تنفيذ األحكام ،أو تنفيذها حسب ما تقتضيه أوضاعها ويتماشى مع
رغبتها.
وإذا كان بإمكان اإلدارة و المتضرر اللجوء إلى التراضي من أجل إيجاد حل للمشكل عدم تنفيذ اإلدارة
لألحكام الصادرة ضدها والذي يتوقف في أحيان كثيرة على درجة و طبيعة العالقات التي تربط اإلدارة
والطاعن ،فإن الدور الذي يمكن أن تمارسه الصحافة كوسيلة من وسائل الضغط على اإلدارة يعتبر ذا
أهمية بالغة ،ال سيما الصحافة كجزء م ن وسائل اإلعالم تعتبر سلطة رابعة لها تأثيرها القوي في الرأي
العام وعلى السل طة القضائية نفسها بما تواجهه من انتقادات وما تمارسه من ضغط ،إنها عمود من أعمدة
الديموقراطية وإحدى ركائزها األساسية.
✓ -الضغط الذي يمارسه القاضي:
بما أن اإلدارات المغربية بصفة عامة ،ال تنفذ األحكام ضدها إال بمحض إرادتها ،وحسب الحاالت
والظروف التي تالئمها فإن القاضي اإلداري المغربي يتحتم عليها استعمال أسلوب الضغط المالي على
اإلدارة ،خاصة في هذه الظروف التي ينعدم فيها تواجد نص قانوني يلزم اإلدارة بتنفيذ أحكام القضاء
اتجاهها كلما امتنعت أو تماطلت في هذا التنفيذ ،لذلك فإن االجتهاد القضائي المغربي حاول من خالل
مجموعة أحكام ممارسة ضغوط على اإلدارة من أجل تنفيذها على األحكام الصادرة في مواجهتها ،سواء
عن طريق الحجز على أموالها أو من خالل نهج أسلوب الغرامة التهديدية.62
ـ الحجز على األموال العمومية
يعتبر الحجز على األموال أحد أنواع التنفيذ الجبري التي تطبق في إطار القانون الخاص والتي يتعذر
ممارستها في مواجهة اإلدارة إال إذا تعلق األمر بالملك الخاص لهذه األخيرة.
ومعلوم أن الحجز لدى الغير يجري إما بناء على سند تنفيذي أو بأمر يصدره رئيس المحكمة طبقا
للفصل 491من ق.م.م.
وهكذا وبعد أن امتنعت إحدى المؤسسات العمومية (الوكالة الوطنية لمحاربة السكن غير الالئق) عن
تنفيذ الحكم الصادر في مواجهتها القاضي عليها بأداء تعويضات في إطار نزع الملكية المنزوعة ملكيتها
(شركة حي هللا) ،قام مأمور التنفيذ التابع للمحكمة اإلدارية بالرباط بتحرير محضر االمتناع عن التنفيذ،
ثم بعد ذلك قام بإيقاع حجز لدى الغير على أموال المطلوبة في التنفيذ (الوكالة المذكورة) المودعة في
حسابها لدى الخزينة العامة ،وبعد إجراءات تبليغ محضر الحجز إلى األطراف و إنجاز مسطرة المصادقة
على الحجز ،أصدر رئيس المحكمة اإلدارية بصفته هاته أمرا بتاريخ 1997/4/23تحت عدد 99قضي
فيه بالمصادقة على الحجز لدى الغير و بأمر المحجوز بين يديها بإيداع الرصيد المتوفر لديها من حساب
- 62محمد سقلي حسيني :إشكالية توجيه األوامر لإلدارة في مجال تنفيذ االحكام اإلدارية بالمغرب ،مرجع سابق ،ص .112
25
المحجوز عليها بكتابة الضبط حتى تقوم بتوزيعه عن طريق المحاصة على طالبي الحجز (نظرا لعدم كفاية
المبلغ المحجوز) مع النفاذ المعجل.
هذا وقد تقدمت المحجوز عليها بعدة دفوع أثناء جريان الدعوى ،منها أن عون التنفيذ التابع للمحكمة
اإلدارية بالرباط غير مؤهل إلنجاز محضر الحجز لدى الغير ما دامت المحكمة المكلفة بالتنفيذ هي المحكمة
اإلدارية بمكناس ،وبالتالي تبقى تلك المحكمة غير مختصة بإجراء مسطرة المحاصة ،فكان جواب المحكمة
على هذا الدفع كما يلي" :أن الحكم موضوع التنفيذ أحيل من المحكمة اإلدارية بمكناس إلى المحكمة اإلدارية
بالرباط في إطار إنابة قضائية ،وما دامت المحكمة المنابة (محكمة التنفيذ) يمكنها ممارسة جميع إجراءات
التنفيذ الممكنة طبقا لمقتضيات الفصل 439من ق.م.م ،وما دامت مسطرة التوزيع والمصادقة تدخل في
إطار إجراءات التنفيذ المكملة لمسطرة الحجز لدى الغير ،والمحكمة المنيبة تباشر إجراءات المصادقة
عليه".
كما دفعت المحجوز عليها بأنها تعتبر مؤسسة عمومية ،وأنه ال يجوز الحجز على أموالها ،فكان جواب
المحكمة على هذا الدفع بمثابة قاعدة نعتبرها من إحدى الضمانات التي من شأنها صيانة حقوق أصحاب
األراضي المنزوعة ملكيته من لدن بعض المؤسسات العمومية التي تمتنع عن تعويض هؤالء رغم أنها
هي التي حركت مسطرة نزع الملكية ،وهذه القاعدة هي كالتالي" :إن األموال التي يتشكل منها رأس مال
المحجوز عليها على افتراض أنها أموال عمومية ،فإن جزء منها قد رصد أصال لتسديد مستحقات أصحاب
األراضي المنزوعة ملكيتهم ،وهذا الحجز يشكل ضمانة بالنسبة لهؤالء وال ضرر فيه للمصلحة المحجوز
عليها".
ومما زاد في نجاعة هذا األمر القضائي وفعاليته قد سارت في نفس االتجاه تقريبا في قرارها الصادر
بتاريخ 1997/5/22تحت عدد .556
وتجدر اإلشارة إلى أنه من بين المساطر التي أصبح اللجوء إليها متداوال هو لجوء المحكوم له مباشرة
إلى الحجز على حساب الخزينة العامة للمملكة المفتوح لدى بنك المغرب بعلة عدم تنفيذ الخزينة العام
لألحكام القضائية بتصحيح الحجز .63وغالبا ما يكون هذا الحجز مترتبا على حكم سابق بالمصادقة على
الحجز لدى الغير بين يدي الخزينة ،بمعنى أن الحكم األصلي سند الحجز كان هو الحكم الذي صدر في
مواجهة اإلدارة واعتبرت ممتنعة عن تنفيذه ،فبشرت في حقها مسطرة الحجز لدى الغير بين يدي الخزينة،
ولما لم ينفذ الحكم األول القاضي بالمصادقة على الحجز أضحت الخزينة هي المخاطبة بالحجز الثاني الذي
يتم ايقاعه لدى بنك المغرب. 64
وإذا كان االجتهاد القضائي من خالل نهج أسلوب الحجز على األموال العمومية كسبيل إلجبار اإلدارة
على التنفيذ يهدف إلى إعطاء مدلول حقيقي وفعال لمبدأ قوة الشيء المحكوم به ،فإن هذا التطبيق إلجبار
اإلدارة على التنفيذ إنما يتمشى واألسلوب الذي ينهجه القاضي عادة عندما يلتزم تجديد قضائه في مسألة
حساسة ،كألية تتعلق بعدم تنفيذ االحكام القضائية من قبل اإلدارة.
- 63سعيد حموش :إشكالية تنفيذ االحكام القضائية في مواجهة اإلدارة المغربية ،مرجع سابق ،ص .55
- 64من القرارات الصادرة بهذا الشأن القرار االستئنافي الصادر عن إدارية الرباط بتاريخ 21نونبر ،2016والذي أقر بالحجز على
حساب الخزينة العامة للمملكة المفتوح لدى بنك المغرب بسبب رفضها تنفيذ الحجز على رئاسة الحكومة المتناعها عن تنفيذ الحكم
القضائي الصادر ضدها.
26
ومع ذلك فإن االعتماد على مسألة مالئمة ذمة المؤسسة العمومية المحكوم عليها كما ورد في حكم إدارية
الرباط إلقرار عدم الحجز على أموالها أمر غير مجدي ،ألن ذلك سيجرد الحكم من فعاليته ويجعل بالتالي
تنفيذه رهنا برغبة المؤسسة بنزاوته الشخصية .لذلك أجاز القاضي اإلداري اللجوء إلى مسطرة الحجز
لدى الغير المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية في الفصول من 488إلى ،469كوسيلة لجعل
اإلدارة تعمل على تنفيذ الحكم الصادر ضده.
-الغرامة التهديدية
لم يقف القاضي اإلداري عند هذا الحد (الحجز على األموال العمومية) ،بل استطاع فرض الغرامة
التهديدية في مواجهة المسؤول عن عدم تنفيذ الحكم القضائي ،وأول مبادر جريئة وشجاعة في هذا الشأن
هي الحكم الصادر عن إدارية مكناس بتاريخ 3أبريل 1998في قضية العطاوي ضد رئيس جماعة تونفيت
الذي يتعلق برفض رئيس المجلس تنفيذ حكم الغاء قرار عزل السيد (محمد عطاوي ) من وظيفة جماعية،
ومن التخلي عن القرار الملغى ،وارجاع الطاعن إلى وظيفته وتسوية وضعيته اإلدارية ،وبالتالي تم فرض
الغرامة التهديدية ضد رئيس الجماعة شخصيا بكونه ساهم في عرقلة التنفيذ معتمدا على فكرة المسؤولية
65
الشخصية للموظف الممتنع عن التنفيذ.
وعلى الرغم من كون القاضي اإلداري االستعجالي قد خطى خطوات مهمة نحو اجبار اإلدارة على تنفيذ
األحكام الصادرة ضدها ،سواء بإصداره أوامر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ، 66أو بفرض غرامة
تهديدية عليها ،67أو على المسؤول اإلداري بصفة شخصية ،68فإن ذلك لن يضع حدا لتعنت اإلدارة التي
ترفض أداء الغرامة التهديدية.
وبالتالي فالقاضي في هذه الحالة ال يتوفر على أية وسيلة أخرى ال جبارها على التنفيذ ال سيما وأنه ال
يجوز له سلوك طرق التنفيذ الجبري األخرى أو مسطرة الحجز بدعوى أن األموال العمومية غير قابلة
للحجز الستفاء حق المتضرر.
إن اتخاد هذه الوسيلة أو تلك من طرف القاضي كإجراء لضغط على االدارة لم يغير من الواقع شيئا أمام
انعدام الرغبة الصريحة من طرف اإلدارة على احترام احكام القضاء ،وأمام انعدام مسطرة دقيقة ووضيحة
تلزم اإلدارة على التنفيذ وإن اقتضى الحال تحملها المسؤولية بمختلف أنواعها أمام هذا الوضع فإن تمت
وسالئل أخرى يمكن اللجوء إليها لمواجهة اإلشكالية ،من ذلك احداث جهاز أو مؤسسة تكون وسيطا بين
- 65ومن األمثلة األخرى في هذا الجانب نجد القرارات التالية:
-األمر عدد 2251الصادر ضد السيد الحسين الوردي وزير الصحة سابقا بتاريخ .1/09/2015
-األمر عدد 2165الصدر بتاريخ 11/08/2015ضد السد فتح هللا ولعلو رئيس المجلس الجماعي لرباط.
-األمر عدد 3262الصادر بتاريخ 30/08/2016ضد السيد رشيد بن لمختار بن عبد هللا بصفته الشخصية
وق د جاء في هذه األوامر أن تحديد الغرامة التهديدية إلجبار على تنفيذ االحكام الصادرة ضد اإلدارة يكون في مواجهة الممتنع عن التنفيذ
والذي اسماه الفصل 448من ق.م.م بالمنفذ عليه وليس المحكوم عليه وهي عبارة يتجاوز معها الشخص هذا ال خير لتتسع لكل من
يقوم مقامه في التنفيذ ويندرج ضمن هذا المفهوم ممثل الشخص المعنوي العام المحكوم عليه ،شرط أن يكومن امتناعه غير مبرر كما
أن االختصاص في تحديد الغرامة يبقى لرئيس المحكمة اإلدارية طالما أنه المشرف على التنفيذ.
- 66المحكمة اإلدارية بفاس ،امر استعجالي عدد 299/97بتاريخ 23شتنبر ،1997الحاج محمد ضد رئيس الجماعة الحضرية
ألكدال ،م.م.د.م.ت عدد 23أبريل يونيو ،1998ص.136
- 67المحكمة اإلدارية بالرباط حكم بتاريخ 6مارس ،1997ورثة العشيري( .أورده حسن صحيب في مؤلفه القضاء اإلداري
المغربي).
- 68المحكمة اإلدارية بمكناس حكم بتاريخ 23يونيو ،1993إسماعيل العلوي أستاذ رئيس المجلس البلدي ،م.م.د.م.ت ،عدد 27سنة
.1999
27
القضاء واإلدارة تسعى إلى السهر على تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضد اإلدارة ،حيث يسلك هذا
الوسيط مسلكا أخالقيا وحضريا وسليما ،69ما دام اللجوء إلى الطرق الجبرية في مواجهة اإلدارة مسألة
أصبحت متجاوزة وغير ممكنة عمليا .ومن جهة ثانية يمكن انشاء خلية للبحث والدراسة وتجميع كافة
المعطيات بغية رصد جميع المعيقات القانونية والواقعية التي تقف أمام تنفيذ األحكام الصادرة ضد اإلدارة،
وفي نفس الوقت يتعين تفعيل دور مختلف المصالح المكلفة بالمنازعات الموجودة على مستوى أغلب
الوزارات والمؤسسات العمومية.
-ربط مسألة عدم التنفيذ بمسؤولية اإلدارة
تجد مسؤولية اإلدارة وموظفيها أساسا انطالقا من الفصلين 79و 80من قانون االلتزامات والعقود.
وإذا كانت هده المسؤولية كقاعدة عامة تنعقد على أساس وجود خطأ وضرر وعالقة سببية بينهما أو تنعقد
بدون خطأ ،فأين تتجلى لنا مسؤولية اإلدارة فيما يتعلق بعدم تنفيذ أحكام القضاء لصادرة ضدها؟.
إن امتناع اإلدارة أو تماطلها في تنفيذ الحكم القضائي الصدر ضدها بدون وجود مبرر مقبول ، 70يعتبر
خطأ من جانبها.
و تحقق مسؤولية اإلدارة يتالزم مع الضرر المحقق الوقوع الذي يمس بحق ثابت للمتضرر ماديا أو
معنويا ،وينبغي أن يكون امتناع اإلدارة هذا ،أو تعنتها والسبب في حدوث األضرار التي لحقت بالمحكوم
له.
وإذا كانت األخطاء التي تتسبب فيها المرافق العامة تطرح إشكاال قانونيا ،من خالل تحليل مقتضيات
الفصلين 79و 80من قانون االلتزامات والعقود ،ذلك أن بعض الفقه حاول تأسيس مبدأ المسؤولية
ا لشخصية للموظف المتسبب في عدم تنفيذ الحكم القضائي على قرينة أن قيام الموظفين بالمهام الموكلة
إليهم من طرف اإلدارة ينبغي أن يقترن بتحميلهم المسؤولية شخصيا ،على اعتبار أن االمتناع عن التنفيذ
هو نتيجة لهذه اإلرادة البشرية التي تستخدمها اإلدارة .71
وقد ذهبت المحكمة اإلداري بمكناس في قضية لها بتاريخ 23يونيو 1998على حد فرض الغرامة
التهديدية على المسؤول اإلداري بصفة شخصية باعتباره المتسبب المباشر في عدم تنفيذ حكم القضاء.
و إذا كان هذا الحكم قد ارتكز على مقتضيات المادة السابعة من قانون 41-90التي تحيل إلى قواعد
المسطرة المدنية والفصل 448من قانون المسطرة المدنية ،كأساس لفرض الغرامة التهديدية ،فإن تحميل
المسؤولية الشخصية لرئيس المجلس يجد سنده القانوني من خالل مقتضيات الفصل 80من قانون
االلتزامات والعقود الذي يتحدث عن المسؤولية الشخصية للعون أو الموظف والناتجة عن تدليسه أو خطئه
الجسيم في ممارسته لعمله.
بيد أن تحمل المسؤولية من طرف الموظف شخصيا يجب أن ال يحجب عن أعيننا التسلسل اإلداري
الموجود داخل اإلدارة.
- 69يمكن أن نتحدث في هذا اإلطار عن مؤسسة ديوان المظالم الشبيهة بنظام الوسيط.
-70أما إذا وجد مبرر معقول لعدم تنفيذ الحكم كوجود استحالة مادية أو عدم تالءم ذلك مع سير المرفق العمومي ،فإنه يتم تعويض
المحكوم له على أساس نظرية المخاطر.
- 71حداد عبد هللا" :ظاهرة عدم تنفيذ األحكام ،"...مرجع سابق ،ص .120
28
لذلك فالموظف األعلى في التسلسل اإلداري بما يملكه من سلطات رئاسية تمكنه من تعديل أو إلغاء أو
سحب قرار مرؤوسه الذي امتنع عن التنفيذ ،هو الذي ينبغي أن يتحمل المسؤولية ،72انطالقا من ضلوعه
في هذه المسألة.
-توقيع جزاءات على الممتنع عن تنفيذ األحكام القضائية
إن الموظف الذي يمتنع عن تنفيذ حكم قضائي يضع نفسه أمام مسؤولية تترتب عنها عقوبات تأديبية وإن
اقتضى الحال عقوبات جنائية.
-1الجزاءات التأديبية:
إذا كان من بين واجبات الموظف العمل على احترام سلطة الدولة كما نص على ذلك الفصل 13من
ظهير 24فبراير 1958المتعلق بالنظام األساسي للوظيفة العمومية ،فإن احترام أحكام القضاء يعتبر
احتراما للسلطة القضائية .وعدم احترام هذه األحكام يجعل الموظف المسؤول في وضعية المخل والمخالف
لواجباته الوظيفية.
بيد أن تواجد الموظف تحت سلطة رئاسية عليا يجعل في غالب األحيان هذه األخيرة هي المسؤولة
األولى عن عدم تنفيذ أحكام القضاء.
و لذلك ينبغي أن تحمل الصيغة التنفيذية لألحكام الصادرة ضد اإلدارة أمرا لرؤساء اإلدارات قصد
التنفيذ ،واحترام هذا األمر يجد أساسه من كونه يصدر عن أعلى سلطة في البالد وهو الملك ،باعتباره
يوجد فوق كل السلطات ،وأن األحكام القضائية تصدر باسمه.
و مخالفة هذا األمر ال تعفي المسؤول المعني باألمر مهما كانت درجته في السلم اإلداري من تحمل
المسؤولية الجزائية.
وعلى هذا األساس ينبغي تجاوز تلك الصيغة التنفيذية التي ينص عليها الفصل 433من قانون المسطرة
ا لمدنية ،و التي إن كانت نتائج تطبيقها بالنسبة لألحكام العادية شبه فعالة ،فإن تطبيقها بالنسبة لألحكام
اإلدارية ال يؤثر على اإلدارات التي تصدر األحكام في مواجهتها ،على اعتبار أن الفصل السالف الذكر
ينص على أنه " و بناء على ذلك يأمر جاللة الملك جميع األعوان ويطلب منهم أن ينفذوا الحكم المذكور
القرار ،كما يأمر الوكالء العام ين للملك و وكالء الملك لدى مختلف المحاكم ،أن يمدوا يد المعونة لجميع
قواد و ضباط القوة العمومية و أن يشدوا أزرهم عندما يطلب منهم ذلك قانونا " ،و بالتالي فإن استعمال
القوة العمومية ضد اإلدارة غير ممكن عمليا ،ألن هذه األخيرة هي التي تملك هذه القوة.73
وبذلك فإصدار نص قانوني يحمل الموظف المعني المسؤولية التأديبية على غرار قانون 16يوليوز
الفرنسي سيساعد بشكل كبير على جعل اإلدارة تمتثل ألحكام القضاء ،إال أن ذلك يجب أن يأخذ بعين
االعتبار االرتباط الوثيق الموجود بين لخطأ الشخصي ومفهوم دولة الحق والقانون سواء من زاوية الجماعة
العمومية أو الموظف أو الضحية.
- 72جبران أمينة ،قاضي المنازعات اإلدارية بالمغرب وعالقته بالمحيط ،الجمعية المغربية للعلوم اإلدارية ،ص.59
- 73حسن صحيب :القضاء اإلداري المغربي ،مرجع سابق ،ص .615
29
فإذا كان الموظف العمومي يمارس وظيفته في إطار المصلحة العامة ،وأنه ال يعني أي امتياز شخصي
ومباشر من وراء ذلك ،مما يجعله عنصرا من عناصر تسيير المرفق العمومي ينبغي في أن يتوفر على
قدر من الحماية يخولها له هذا المرفق ،فإنه مقابل ذلك ال ينبغي أن تكون هذه الحماية مطلقة وشاملة بدون
حدود ،حيت يتعين في بعض الحاالت تطبيق القواعد العامة التي بمقتضاها يتحمل الموظف المتسبب في
الضرر المادي أو المعنوي المسؤولية ،ليس فقط بسبب فعله بل بسبب خطئه إذا تبين أن هذا الخطأ هو
المتسبب المباشر في الضرر.
ومهما يكن من أمر فإنه يتعين أن يستفيد المتضرر من الحماية التي تضمن له إصالح الضرر وخصوصا
في حالة إعسار الموظف المرتكب للخطأ.
- 2متابعة الموظف الممتنع عن التنفيذ جنائيا:
إن عدم تنفيذ حكم قضائي من طرف اإلدارة يعتبر بمثابة تحقير لهذا الحكم ،وبالتالي تحقير للسلطة
القضائية .وفي هذا اإلطار تعتبر الفقرة الثانية من المادة 266من القانون الجنائي «أنه يعاقب بالعقوبات
المقررة في الفقرتين 1و 3من الفصل 263على األفعال أو األقوال أو الكتابات العلنية التي يقصد منها
تحقير المقررات القضائية ،ويكون من شأنها المساس بسلطة القضاء أو استقالله».
وعليه فإذا كان عدم التنفيذ جريمة يعاقب عليها جنائيا حسب ما نصت عليه المادة 63من قانون
العقوبات المصري ،فإن تحميل الموظف الذي يمتنع عن التنفيذ المسؤولية الجنائية إما بحبسه أو حرمانه
من بعض حقوقه كالعزل ،سيجعل المسؤولين والرؤساء في اإلدارات العمومية يحترمون أحكام القضاء
الصادرة ضد اإلدارات التي يشرفون على تسييرها.
الفقرة الثالثة :اللجوء إلى مؤسسة الوسيط
تعتبر مؤسسة الوسيط ،74التي حلت محل ديوان المظالم ،75مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة تتولى،
في نطاق العالقة بين اإلدارة والمواطنين المتعاملين معها أفرادا ومقاوالت ،مهمة الدفاع عن الحقوق
واإلسهام في ترسيخ سيادة القانون وإشاعة مبادئ العدل وإنصاف ،والعمل على نشر قيم التخليق والشفافية
في تدبير المرافق العمومية ،كما تسهر هذه المؤسسة على تنمية التواصل الفعال بين األشخاص الذاتيين أو
االعتبارين ،مغاربة أو أجانب ،فرادى أو جماعات وبين اإلدارات العمومية والجماعات المحلية
والمؤسسات العمومية والهيئات التي تمارس صالحيات الساعية العمومية و باقي المنشآت والهيئات
األخرى الخاضعة للمراقبة المالية للدولة. 76
74ـ لقد حلت هذه المؤسسة محل مؤسسة ديوان المظالم الستكمال ما بدأته هذه األخيرة في إطار متابعة مسلسل اإلصالح والتغيير الذي
يعرفه المغرب في العالقات بين المواطن والمقاولة وكل أجهزة اإلدارة والدولة نشر الظهير الشريف رقم 25 - 11 - 1الصادر في
17مارس 2011بإحداث مؤسسة الوسيط بالجريدة الرسمية عدد 5026 .3القضايا التي تنحل في اختصاص المجلس الوطني لحقوق
اإلنسان.
- 75إن إحداث الديوان المظالم " بمقتضى الظهير الملكي الصادر في 9ديسمبر 2001الذي كان يتكون من والي للمظالم يعينه الملك
لمدة ست سنوات قابلة للتجديد ومن مندوبين له في كل من الوزارة األولى والقطاعات الوزارية ،ومن مندوبين جهويين يمكن تعيينهم
في المراكز الرئيسية للجهات ،كان بغرض االستجابة لمتطلبات تنمية التواصل شن كل من المواطنين .أفرادا أو جماعات وبين اإلدارات،
أو أي هيئة تمارس صالحيات السلطة العمومية ،وفي نفس الوقت يرتبط بحث اإلدارات والهيئات على االلتزام بضوابط سيدة القانون
واإلنصاف ،ظهير ملكي رقم 1 - 01 - 298بتاريخ 9دجنبر ،2001النص الكامل لهذا الظهير منشور بمجلة القانون المغربي عدد
1شتنبر ،2002ص 101 .وما بعدها.
- 76حسن صحيب :القضاء اإلداري المغربي ،مرجع سابق ،ص .633.634
30
وفي هذا اإلطار يمكن أن تشكل هذه المؤسسة وسيلة مهمة لصالح المتقاضين يمكن من خاللها دعوة
اإلدارة العمومية إلى تطبيق األحكام القضائية الصادرة في مواجهتها.
وعلى الرغم من كون هذه المؤسسة ال تتوفر على آليات زجرية إلجبار المخالفين وإخضاعهم للقانون،
فإن دورها المعنوي سيكون حتما قوي التأثير على فعالية عمل اإلدارات العمومية ،ال سيما وأن وسيط
المملكة يرفع لجاللة الملك تقريرا سنويا يتضمن حصيلة أعماله.77
كما أنها ترفع تقارير لرئيس الحكومة في إطار اختصاصاتها ،وبصفتها قوة اقتراحية لتحسين أداء
اإلدارة والرفع من جودة الخدمات العمومية التي تقدمها ،تتضمن توصيات ومقترحات تهدف إلى:78
-ترسيخ قيم الشفافية والتخليق والحكامة في تدبير المرافق العمومية ،والعمل على نشرها بين الموظفين
والمواطنين؛
-التقيد بقيم حقوق اإلنسان كما هو متعارف عليها عالميا وااللتزام بمراعاتها والنهوض بها في عالقة
اإلدارة بالمواطنين؛
-تحسين بنية االستقبال واالتصال بمرافق اإلدارة من أجل تواصل فعال مع المواطنين؛
-تبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية لتيسير و لوج المواطنين إلى الخدمات التي تقدمها اإلدارة في
أحن الظروف؛
-إصالح ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمهام اإلدارة وسائر المرافق العمومية ،من
أجل تحسين فعاليتها وتنسيق مجاالت تدخلها؛
-تحسين الخدمات العمومية وضمان جودتها وتقريبها من المواطنين.
وعموما فإن مؤسسة الوسيط تلعب دورا مهما في ترسيخ مبادئ الحكامة اإلدارية وتحسين أداء اإلدارة،
وتتمثل سلطته أو قوته المعنوية تجاه اإلدارة فيما تضمنه الفصل 32الذي ينص على أنه " :إذا اتضح أن
االمتناع عن تنفيذ حكم قضائي نهائي صادر في مواجهة اإلدارة ،ناجم عن موقف غير مبرر لمسؤول أو
موظف أو عون تابع لإلدارة المعنية ،أو إخالله بالقيام بالواجب المطلوب منه من أجل تنفيذ الحكم المذكور،
قام الوسيط برفع تقرير خاص في الموضوع إلى رئيس الحكومة ،بعد إبالغ الوزير المسؤول أو رئيس
اإلدارة المعنية التخاذ ما يلزم من إجراءات الزمة ومن إجراءات في حق المعني باألمر .كما يمكنه أن
يوجه إلى اإلدارة المعنية توصية بتحريك مسطرة المتابعة التأديبية وإن اقتضى الحال توصية بإحالة الملف
77۔ تنص المادة السابعة والثالثون سن الظهير الشريف المحدث المؤسسة الوسيط على أنه " يرفع الوسيط لجاللتنا تقريرا سنويا عن
حصيلة نشاط المؤسسة وأفاق عملها .ويتضمن التقرير على وجه الخصوص ،جردا لعدد ونوع الشكايات والتظلمات وطلبات التسوية،
وبيانا لما تم البت فيه منها ،وما قامت به المؤسسة من بحث أو تحري ،والنتائج المترتبة عليها لمعالجة الشكايات والتظلمات ،والدفاع
عن حقوق المشتكين ،ولما تم البت فيه منها بعدم االختصاص أو علم القبول أو الحفظ .كما يتضمن هذا التقرير بيانا ألوجه االختالالت
والثغرات التي تشوب عالقة اإلدارة بالمواطنين وتوصيات الوسيط ومقترحاته حول التدابير التي يتعين اتخاذها لتحصين بنية االستقبال،
وتبسيط المساطر اإلدارية وتحصين سير أجهزة اإلدارة ،وكذا لترسيخ قيم الشفافية والحكامة وتخليق المرافق العمومية وتصحيح
االختالالت التي تعاني منها ،وإصالح ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمهام اإلدارة ،ومحاور برنامج عمل المؤسسة
على المدى القصير والمتوسط وموجزا عن وضعية تدبيرها المالي واإلداري .ينشر هذا التقرير بالجري الرسمية ويتم تعميمه على
نطاق واسع ،بعد اطالع جاللتنا عليه ".
- 78ندكر في هذا الباب على سبيل المثال التقرير الذي رفعته هذه المؤسسة إلى جاللة الملك برسم سنة ،2017بتاريخ فاتح يونيو
.2018
31
على النيابة العامة التخاذ اإلجراءات المنصوص عليها في القانون ،في حق المسؤول أو الموظف أو العون
الذي تأكد أنه المسؤول عن األفعال المذكورة .وفي هذه الحالة ،يخبر الوسيط رئيس الحكومة بذلك ".79
وبعد نشر النظام الداخلي المؤسسة الوسيط "80فإن عمل هذه المؤسسة ،سيتعزز بالدور الذي يمكن أن
تلعبه اللجان الدائمة للتنسيق والتتبع التي تختص ب:
-السهر على تتبع مال الشكايات والتظلمات التي تعثرت تسويتها؛
-بحث سبل إيجاد الحلول الكفيلة بتذليل الصعوبات التي تعيق تسوية الملفات العالقة؛
-التسريع بإيجاد الحلول الالزمة المبنية على أسس قانونية سليمة أو المنسجمة مع مبادئ العدل
واإلنصاف للقضايا المستعصية.
ورغم كل هذه المهام الموكلة لمؤسسة الوسيط ،فإن توصياتها ومراسالتها لمختلف اإلدارات العمومية
قصد معالجة شكايات المرتفقين تظل جد محدودة ،بحيث تجد مختلف المرافق العمومية نفسها غير مجبرة
على االمتثال لتوصيات ومقترحات هذه المؤسسة ،وهذا ما أكدته محكمة النقض في قرارها بتاريخ 23
نونبر 2017حينما صرحت بأن " طابع اإللزامية ال يكون إال للقانون واألحكام الصادرة في إطاره ،ال
لمؤسسة الوسيط الذي هو مجرد قوة اقتراحيه كما عرفه بذلك القانون المحدث لمؤسسته ومن ثم فإن اإلدارة
غير ملزمة بتنفيذ توصياته كما أن رئيس الحكومة غير ملزم باتخاذ إجراءات جزائية ضد اإلدارة في حالة
امتناعها عن تنفيذ تلك التوصيات ،والمحكمة مصدرة القرار لما استنتجت عن خطاء هذه اإللزامية من
خالل قراءتها للفصلين 30و 31من القانون المؤسس المؤسسة الوسيط تكون قد خرقت القانون بتعليل
فاسد".81
- 79أسماء مقاس :تحديث اإلدارة القضائية بين اكراهات الواقع ورهانات اإلصالح ،مرجع سابق ،ص .101
- 80الجريدة الرسمية عدد 6033بتاريخ 26سنة.2012
- 81تتلخص وقائع هذه القضية في أنه بتاريخ 12فبراير 2015تقدم المطلوب في النقض بدعوى أمام المحكمة اإلدارية بالرباط يعرض
فيها أنه كان يعمل لدى شركة الخطوات الجوية الملكية وحصل على قرار اإلعفاء من الخدمة ،بسبب فقدان القدرة البدنية ،واستفاد من
جميع االمتيازات المخولة لزمالئه ،غير أنه فوجئ حسب ادعائه ،بقرار حرمانه من االستفادة من التذاكر المنخفضة السعر ،كحق
مكتسبة مما حدا به إلى مراسلة الشركة التي لم تجب ،فتوجه إلى مؤسسة وسيط المملكة ،فاستصدر توصية عليه بتاريخ 26دجنبر
2012تفيد بأحقيته في االستفادة من هذا الحق .ونظرا لعدم تمكينه من مستحقاته ،اضطر إلى اللجوء إلى المحكمة اإلدارية بالرباط،
حيث قضت بتاريخ 20أكتوبر 2015بأداء الدولة ومؤسسة الخطوط الملكية المغربية تضامنا ،تعويضا إجماليا لفائدة المطلوب في
النقض قدره 178.946.70درهما ،وقد عللت المحكمة حكمها بأنه " :نظرا للطابع اإللزامي لتوصيات الوسيط ،فإن امتناع اإلدارة عن
التقيد بها ،وتنفيذ اإلجراءات الموصي بها يشكل خطا مر فقيا يرتب مسؤوليتها " .وبعد الطعن باالستئناف ضد هذا الحكم ،قضت محكمة
االستئناف اإلدارية بالرباط بمقتضى قرارها عدد 4056بتاريخ 3غشت 2016في الملف عدد 2016 - 7206 - 158بتأييد الحكم
المستأنف فيما قضى به مع تعديله ،وذلك بجعل التعويض المحكوم به في مواجهة الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة ،مما
اضطر معه الوكيل القضائي للمملكة بصفته ،ونيابة عن الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة ،وكذا وزير التجهيز والنقل
واللوجستيك ،إلى تقديم طعن بالنقض بتاريخ 25دجنبر 2016ضد القرار أالستئنافي المذكور أمام هذه المعطيات ،يتضح أن محور
النقاش سينصب حول نقطة قانونية فريدة ؛ وهي مدى إلزامية توصيات مؤسسة الوسيط ؟ وبناء على ما تم اعتماده من وسائل للطعن
بالنقض في القرار أالستئنافي ،قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه معللة قراراها يكون عمل مؤسسة الوسيط ما هو إال
مجرد قوة اقتراحيه كما جاء في القانون المحدث لهذه المؤسسة( ،قرار محكمة النقض بتاريخ 23نونبر ،2017القرار عدد / 1296
،3الملف رقم " ،).2017 – 3 - 4 - 469قرار أورده الدكتور حسن صحيب في مؤلفه القضاء اإلداري المغربي السابق اإلشارة إليه
ص ."637
32
33
خاتمة
نخلص مما سبق إلى أن إشكالية تنفيذ األحكام الصادرة ضد اإلدارة ،تظل من القضايا المطروحة ،إلى
حد أمكن معه القول ،بنها أحد مظاهر النقص ،الذي الزالت تعاني منه اإلدارة المغربية.
فبحكم غياب تشريع واضح في هذا المجال ،وبحكم الوضعية الممتازة التي الزالت تنفرد بها اإلدارة،
فإن مسألة تنفيذ األحكام الصادرة ضد هذه األخيرة ،تضل رهينة بمدى حسن نيتها في احترام
المشروعية ،التي هي أساس مبدأ قوة الشيء المقضي به.
ولعدم توافق معظم قواعد التنفيذ الجبري المنصوص عليه في قانون المسطرة المدنية وطبيعة التنفيذ
على أشخاص القانون العام من جهة ثانية ،فإن اإلجتهاد القضائي المغربي قد عمل على استخدام منهج
االجتهاد ،وتفعيل آليته ومناهجه من استنباط وقياس وترجيح ،من أجل ملء الفراغ التشريعي في مجال
تنفيذ أحكام القضاء اإلداري ،لكن هذه المجهودات اإلبداعية التي حاول القضاء اإلداري المغربي
تكريسها تبدو ق اصرة لحسم إشكالية التنفيذ ،بما في ذلك فرض الغرامة التهديدية واللجوء إليها كوسيلة
من وسائل التنفيذ في مواجهة تعنت اإلدارة وتسلطها وامتناعها عن تنفيذ األحكام القضائية ،ولذا فإنه
أصبح من الضروري مواجهة مشكلة عدم تنفيذ األحكام القضائية من طرف أشخاص القانون العام عن
طريق إصدار نصوص تشريعية صريحة ودقيقة تلزم هؤالء األشخاص باالمتثال التام واالنصياع الكامل
ألحكام القضاء ،والعمل على تنفيذها وتحميلهم المسؤولية الشخصية إداريا ومدنيا والمسؤولية الجنائية
إن اقتضى الحال على غرار ما تعمل به القوانين المقارنة في هذا المجال وخاصة المشرع الفرنسي
والمصري.
هناك بعض االقتراحات نرى في نهاية هذا العرض ،استعراضها والتي يمكن أن تحل دون جعل
اإلدارة تمتنع عن تنفيذ االحكام الصادرة في مواجهتها ،أو في حالة وقوع االمتناع عن التنفيذ ،ترتيب
الجزاءات الممكنة والمالئمة ضد اإلدارة الممتنعة وهي على الشكل التالي:
-يتعين أن يكون التزام اإلدارة بتنفيذ االحكام الصادرة في مواجهتها التزاما قانونيا ،وألجل ذلك
يتعين أن يتدخل المشرع لجعل االحكام اإلدارية مذيلة بصيغة تنفيذية خاصة بها؛
-يتعين على المشرع أن يضمن لألحكام اإلدارية الجدوى والفعالية ،ولن يتأتى ذلك إال أذا منحت
للقاضي سلطة فعلية لتنفيذ أحكامه ،تتجلى حدودها في تخصيص قاض لكل محكمة إدارية ،تكون مهمته
مراقبة تنفيذ ا الحكام ،ويخول لقاضي التنفيذ اإلداري هذا ،سلطة االتصال بالهيئات اإلدارية سعيا وراء
التنفيذ ،كما يمكن لهذه الهيئات االتصال به أيضا في كل ما يعترضها من صعوبات أثناء التنفيذ؛
-تجريم االمتناع العمدي عن تنفيذ االحكام اإلدارية ،وكذا التراخي واإلهمال في تنفيذها ،مع متابعة
الموظف المسؤول عن هذا افعل تأديبيا بعد صيرورة الحكم الجنائي الصادر في حقه نهائيا؛
-أن يضيف المشرع إلى عقوبة االمتناع المباشر أو غير المباشر عن تنفيذ االحكام اإلدارية ،تدبيرا
آخر يتمثل في نشر وإشهار الحكم الجنائي القاضي بإدانة المسؤول اإلداري ،في جريدة أو جريدتين
وطنيتين؛
-جعل الطعن في المحاكم اإلدارية غير موقفة للتنفيذ ،كما هو الشأن في كل من فرنسا ومصر ،وذلك
حتى يضمن لهذه االحكام الفعالية والجدوى.
34
قائمة المراجع
الكتب:
• حسن صحيب :القضاء اإلداري المغربي ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية
والتنمية ،عدد ،80دار النشر المغربي الدار البيضاء ،الطبعة األولى .2008
• سعيد حموش :إشكالية تنفيذ االحكام القضائية في مواجهة اإلدارة المغربية ،منشورات مختبر
البحث في قانون العقار والتعمير بالكلية المتعددة التخصصات الناظور ،الطبعة األولى
.2019
• حسن صحيب :القضاء اإلداري المغربي ،سلسلة دراسات وأبحاث في اإلدارة والقانون،
الطبعة الثانية ماي ،2019دون دكر المطبعة.
الرسائل واالطروحات:
• نجاة حجراوي :إشكالية تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في مواجهة اإلدارة ،رسالة لنيل
دبلوم الماستر في القانون العام ،جامعة الحسن األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية سطات ،السنة الجامعية.2010/2009 ،
• حميد أمالل :إشكالية تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في مواجهة اإلدارة ،رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا المتخصصة في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية السويسي الرباط ،السنة الجامعية .2009/2008
• أسماء مقاس :تحديث اإلدارة القضائية بين اكراهات الواقع ورهانات اإلصالح ،رسالة لنيل
ديبلوم الماستر في القانون العام ،جماعة الحسن األول كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية سطات ،السنة الجامعية .2010/2009
المجالت:
محمد سقلي حسيني :إشكالية توجيه األوامر لإلدارة في مجال تنفيذ االحكام اإلدارية •
بالمغرب ،منشورات مجلة القضاء والقانون ،العدد 157سنة .2010
محمد قصري :الغرامة التهديدية والحجز في مواجهة اإلدارة الممتنعة عن تنفيذ أحكام •
وقرارات القضاء اإلداري ،منشورات مجلة المحاكم اإلدارية ،عدد ،5إصدار خاص -يناير
.2007
حداد عبد هللا :ظاهرة عدم امتثال اإلدارة ألحكام القضاء ،المجلة المغربية لقانون واقتصاد •
التنمية ،عدد ،18دجنبر .1985
ثائرة نزال ،إشكالية تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضد اإلدارة ،منشورات مجلة مسالك •
في الفكر والسياسة واالقتصاد ،العدد ،30-29السنة .2015
محمد كرامي :إشكالية تنفيذ االحكام القضائية الصادرة ضد اإلدارة ،مجلة المحاكم المغربية، •
عدد 126ماي – يونيو .2010
النصوص القانونية:
35
• دستور المملكة المغربية لسنة ،1996الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،1.96.157
صادر في 23من جمادى األولى 7( 1417أكتوبر ،)1996بتنفيذ نص الدستور المراجع،
الجريدة الرسمية عدد 4420من جمادي األولى 10( 1417أكتوبر ،)1996ص .2281
• الظهير الشريف رقم ،1.91.225صادر في 22من ربيع األول 1414الموافق ل 10
سبتمبر ،1993بتنفيذ القانون رقم 41.90المحدث بموجبه المحاكم اإلدارية ،الجريدة
الرسمية عدد 4227بتاريخ 18جمادي األولى 3( 1414نوفمبر ،)1993ص .2168
• الدستور الجديد للمملكة المغربية ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،1.11.91بتاريخ
29يوليوز ،2011منشور بالجريدة الرسمية عدد 5952في 17يونيو .2011
36
الفهرس
الصفحة العنوان
مقدمة 02................................................................................ :
المبحث األول :األسباب الكامنة وراء امتناع اإلدارة عن تنفيذ االحكام اإلدارية وصور هذا
االمتناع05...................................................................................
المطلب األول :األسباب الكامنة وراء امتناع اإلدارة عن تنفيذ االحكام اإلدارية05...
الفقرة األولى :األسباب الموضوعية05.................................................
الفقرة الثانية :األسباب الذاتية09.........................................................
المطلب الثاني :مظاهر امتناع اإلدارة عن تنفيذ االحكام اإلدارية10 ....................
الفقرة األولى :صور امتناع اإلدارة عن التنفيذ10.......................................
الفقرة الثانية :األساليب التي تعتمدها اإلدارة في االمتناع عن التنفيذ13...............
المبحث الثاني :أساليب الضغط لوقف صعوبة تنفيذ االحكام اإلدارية15................
المطلب األول :صعوبات تنفيذ أحكام القضاء الصادرة ضد اإلدارة15..................
الفقرة األولى :انعدام مسطرة خاصة لتنفيذ15...........................................
الفقرة الثانية :محدودية سلطة القاضي اإلداري في مجال التنفيذ19....................
المطلب الثاني :وسائل حمل اإلدارة على تنفيذ االحكام الصادرة في مواجهتها21......
الفقرة األولى :وسائل حمل اإلدارة على التنفيذ بمصر وفرنسا21......................
الفقرة الثانية :اساليب الضغط الممكنة على اإلدارة المغربية24........................
الفقرة الثالثة :اللجوء إلى مؤسسة الوسيط30............................................
خاتمة34.....................................................................................
قائمة المراجع35............................................................................
الفهرس37...................................................................................
37
38