Professional Documents
Culture Documents
أركان العقد في القانون المغربي
أركان العقد في القانون المغربي
fb.com/Elkanounia.Ma twitter.com/ElkanouniaMa
ماستر :المهن القانونية والقضائية جامعة عبد المالك السعدي
الفوج الثالث الكلية المتعددة التخصصات
مرتيل -تطوان
التقليدية العقيمة بين العقد واالتفاق وليس كما فعل الفقيه الفرنسي ''جاستان'' عندما
عرف العقد على أنه" :تعهد أو تطابق اإلرادات من أجل إنتاج آثار قانونية" ،ويرى
بعض الباحثين والفقهاء على أن ليس هنالك ضرورة للتفرقة بين المصطلحين
لكونهما يعبران عن نفس المعنى .2إن عناصر العقد تشمل كل من توفر إرادتين،
توافق اإلرادتين وهدف التوافق وأيضا مجال التوافق .3والعقد يصنف تصنيفات
كثيرة تبعا للواجهة التي ينظر منها للعقد وأهم هذه التصنيفات ،العقود المسماة
والغير المسماة وعقود تبادلية وعقود غير تبادلية وعقود المعاوضة وعقود
التبرع...
وكل هذه العقود لقيامها أفرد لها المشرع أركان خاصة كالتراضي واألهلية
والمحل والسبب وركن الشكل في العقود الشكلية وركن التسليم في العقود العينية،
لكي يقع العقد صحيحا ،وتخلف واحد من هذه الشروط تعني إمكانية إبطال العقد أو
بطالنه في كثير من الحاالت ،وبالتالي فسخ العقد وعدم اكتسابه الصفة القانونية
وانعدام آثاره.
- 1د .العرعاري عبد القادر ،مصادر االلتزامات ،الكتاب األول ،نظرية العقد ،الطبعة الثانية.2005 ،
- 2ذ .مصطفى حتيتي /عبد الرحمن أسامة ،النظرية العامة لاللتزامات ،أنواع االلتزامات ،مصادر االلتزامات،
.2004
- 3مصطفى حتيتي .مرجع سابق ،ص.42 :
1
إذن فما المقصود باألهلية والمحل والسبب كأركان لصحة العقد؟ وكيف
يمكن تمييز محل وسبب العقد عن محل وسبب االلتزام؟ وماذا يمكن القول عن
ركن الشكلية في العقود الشكلية وركن التسليم في العقود العينية؟
إذن ما سوف نعالجه في هذا البحث هو األهلية والمحل والسبب في
(المبحث األول) ،وشكل العقد في العقود الشكلية والتسليم في العقود العينية
(المبحث الثاني).
المبحث األول :األهلية والمحل والسبب.
المطلب األول :األهلية.
www.elkanounia.com
2
الفقرة األولى :األصل في الشخص كمال األهلية:
ورد في قانون االلتزامات والعقود وبالضبط في الفقرة الثانية من الفصل :3
"كل شخص أهل لإللزام وااللتزام ما لم يصرح قانون أحواله الشخصية بغير ذلك".
وانطالقا من هذا الفصل يتضح أن األصل في اإلنسان كمال األهلية ومن يدعي
على الغير غير ذلك أن يبين ما يدعيه.
وقد يلجأ ناقص األهلية إلخفاء أهليته بطرق احتيالية لكن في هذه الحالة
يكون مسؤوال عن التعويض للغش الذي صدر منه ،مع أن يطلب إبطال العقد،7
لكن قد يرى القاضي أن أفضل تعويض للمتضرر هو إبقاء على العقد ،لكن يجب
www.elkanounia.com
على المتضرر أن يثبت الطرق االحتيالية التي استعملها القاصر ناقص األهلية كأن
يقدم شهادة ميالد مزورة التي استعملها القاصر.8
الفقرة الثانية :أثر فقدان األهلية على التصرفات.
حسب المادة 217من مدونة األسرة الجديدة جاء فيها:
يعتبر عديم أهلية األداء :أوال :الصغير الذي لم يبلغ سن التميز
ثانيا :المجنون وفاقد العقل.
وانطالقا من هذه المادة يتضح أن هناك ثالث حاالت يعتبر فيها الشخص
فاقد األهلية:
أ /حالة الصغير الغير المميز :فالصغير الغير المميز هو الصغير الذي لم
يتم الثانية عشرة من عمره حسب المادة 214من مدونة األسرة التي تتحدث عن
الصغير المميز .9والمادة 224تقول تصرفات عديم األهلية باطلة وال تنتج أي أثر.
وإن الصغير الغير المميز يمنع عليه مباشرة حقوقه المدنية والتصرف في أمواله
وكل تصرف يقدم عليه يعتبر باطال.
3
ب /حالة المجنون وفاقد العقل :لم تتطرق مدونة األسرة لتعريف
المجنون ،10والمجنون يعتبر عديم األهلية ولذلك فإن كل تصرفاته تقع باطلة وال
تنتج أي أثر ،والذي يمكن القول أن فاقد العقل أنه جنونه متقطع بحيث أنه غير
مستقر على وضعية معينة ،وحكمه أنه عندما يعود له عقله يباشر حقوقه المدينة
بشكل طبيعي وعند فقدانه للعقل تقع كل التصرفات التي يجريها باطلة ويتم حجر
التصرفات التي يجريها المجنون ولو بصفة رجعية أو قبل جنونه.11
الفقرة الثالثة :نقصان األهلية وأثره على التصرفات.
أوال :تعريف ناقص األهلية:
www.elkanounia.com
-10د .عبد اللطيف البغيل ،نظرية العقد ،الطبعة األولى ،2004ص.127 :
- 11ذ .مأمون الكزبري ،مصادر االلتزامات ،الجزء األول ،ص ،141 :الطبعة األولى ،1968بيروت.
- 12المادة 219من مدونة األسرة.
- 13المادة 215من مدونة األسرة.
4
ويخضع كل من المعتوه والسفيه ،والصغير المميز كفاقد األهلية ألحكام
النيابة الشرعية في إطار المؤسسة الوالئية "أب ،أم"أو الوصائية أو التقديم ،الذين
يتولوا إجراء تصرفاتهم المشروعة في إطار يسمح به القانون.
ثانيا :أثر نقصان األهلية على التصرفات.
من مدونة األسرة تنقسم تصرفات ناقصي األهلية إلى 14
حسب المادة 225
ثالثة أقسام :تصرفات نافعة نفعا محضا ،وتصرفات ضارة ضررا محضا،
وتصرفات تدور بين النفع والضرر.
أ /حكم التصرفات النافعة نفعا محضا:
www.elkanounia.com
ويقصد بالتصرفات النافعة نفعا محضا بأنها تصرفات التي تثري المتصرف
أو تبرئ ذمته من التزام دون تحمله مقابل ذلك بأي تكليف كقبول الهبة بال عوض
أو براءة من دين عالق بالذمة...
وتعتبر هذه التصرفات نافدة في حق ناقص األهلية (المادة 225م أ)
ب /حكم التصرفات الضارة ضررا محضا.
وهي التصرفات التي يتحمل المتصرف تكاليفها دون أي كسب أو نفع يجنيه
بالمقابل ،15وهذه التصرفات تقع باطلة إذا باشرها ناقص األهلية بنفسه أو بإذن من
النائب الشرعي.
ج /حكم التصرفات الدائرة بين النفع والضرر.
ويقصد بها تلك التصرفات التي تدور بين النفع والضرر وتحتمل الربح
والخسارة كالتجارة ،فمثل هذه التصرفات يتوقف نفاذها على إجازة النائب الشرعي
- 14المادة " 225تخضع تصرفات الصغير المميز لألحكام التالية /1 ،تكون نافذة إذا كانت ناقصة له نفعا
محضا /2 .تكون باطلة إذا كانت مضره به /3 .يتوقف نفاذها إذا كانت دائرة بين النفع والضرر على إيجاز
النائب الشرعي حسب المصلحة القائمة للمجوز وفي حدود االختصاصات المخولة لكل نائب شرعي.
- 15المادة 225من مدونة األسرة فقرة .........-1" : 3
................-2
-3يتوقف نفاذها على إنجاز نائب شرعي"...
5
للقاصر ،حسب المصلحة الراجحة للمحجور ،وفي الحدود المخولة الختصاصات
كل نائب شرعي (المادة 225ف.16)3.
الفقرة الرابعة :حكم الصبي المميز المأذون:
أوال :تعريف بالمميز المأذون:
هو ذلك الصغير الذي تجاوز السنة الثانية عشر من عمره ولم يبلغ سن
الرشد ،فهذا الصغير له الحق أن يتسلم جزء من أمواله ولو قبل بلوغ سن الرشد أو
قبل ترشيده ،وهذا كرغبة من المشرع ليفسح المجال لتمرن الصغار وتنمية خبرتهم
المالية قصد التجربة.
www.elkanounia.com
6
المطلب الثاني :المحل:
يعتبر محل االلتزام التعاقدي شرطا ضروريا لقيام العقد ،وسنحاول في هذا
المطلب أن نعطي تعريفا لركن المحل (الفقرة األولى) ،ثم التميزي بين محل العقد
ومحل االلتزام (الفقرة الثانية) ،باإلضافة إلى الشروط الواجب توافرها في المحل
(الفقرة الثالثة).
الفقرة األولى :تعريف المحل.
المحل باعتباره الشيء الذي يلتزم المدين بإعطائه أو بعمله أو باالمتناع عن
عمله بتمثل ركنا في االلتزام ،ومع ذلك فهو ليس غريب عن العقد ،إذ أنه يعتبر
www.elkanounia.com
أيضا ركنا في العقد ،وإن كان ذلك بطريق غير مباشر ،فالعقد يولد االلتزام .فما
يعتبر محال مباشرا لاللتزام يعتبر في نفس الوقت محال غير مباشر للعقد الذي
يولده ،من أجل ذلك درج الفقهاء على أن يتناولوا محل االلتزام باعتباره ركنا في
العقد ،فالغاية من العقد إنشاء االلتزام ،فإن لم يقم االلتزام لسبب يمس محله ،فإن
العقد يقع باطال بدوره ،وهكذا يؤثر محل االلتزام في كيان العقد الذي يولده
(المادتان 59 :و 60من ق.ل.ع).
وقد أخذت نصوص قانون االلتزامات والعقود المغربي (المواد 57إلى )61
باعتبار المحل من أركان االلتزام ،وصياغتها تعتبر صدى لرأي الفقه الحديث.
وهكذا فإن قانون االلتزامات والعقود لم يكتف بما ذكره في (المادة الثانية)
من أن االلتزامات الناشئة عن التعاقد يتطلب وجودها شيئا محققا يصلح ألن يكون
محال لاللتزام ،بل هو عندما يجب في المحل في الفرع الثالث من الباب األول جعل
عنوان البحث :محل االلتزامات التعاقدية ،إال أنه يالحظ بالرغم من كل ذلك أن
قانون االلتزامات والعقود درج على تناول محل االلتزام باعتباره ركنا في العقد،
و ليس في ذلك عيب ،ذلك أن المشرع غير حينما يستلزم أن يكون محل االلتزام
7
مشروعا غير مخالف للنظام العام وحسن اآلداب فهو يقصد في الحقيقة محل العقد
ال محل االلتزام (المادة .20)59
الفقرة الثانية :التمييز بين محل العقد ومحل االلتزام:
يؤخذ على القانون المدني الفرنسي أنه يخلط بين محل العقد وبين محل
االلتزام الناشئ عن العقد مع أنه يجب التفريق بين هذا المحل وذاك.
فمحل العقد هو دوما وأبدا إنشاء االلتزام أو أكثر يقع على أحد المتعاقدين
دون اآلخر في العقود غير التبادلية كما في الوديعة ،أو يقع على كل من المتعاقدين
في العقود التبادلية كما في البيع.
www.elkanounia.com
أما محل االلتزام فهو األداء الذي يجب على المدين أن يقوم به لصالح
الدائن .وهذا األداء يكون إما من قبيل إعطاء شيء أي نقل الملكية أو أي حق عيني
آخر ،وإما من قبيل القيام بعمل بما فيه تسليم الشيء دون نقل ملكيته وإما من قبيل
االمتناع عن القيام بعمل.
فمحل االلتزام ،على ما يتبين ،قد يكون إيجابيا كما في إعطاء شيء أو القيام
بعمل ،وقد يكون سلبيا كما في االمتناع عن القيام بعمل.
وجدير بالذكر ،في هذا الخصوص ،أن قانون االلتزامات والعقود المغربي،
لم يكتف بما ذكره في المادة الثانية من أن االلتزامات الناشئة عن التعاقد يتطلب
وجودها شيئا محقا يصلح ألن يكون محال لاللتزام ،بل هو ،عندما بحث في المحل،
جعل عنوان البحث "محل االلتزامات التعاقدية".21
وهكذا يمكن القول أن قانون االلتزامات والعقود اعتبر المحل ركنا في
االلتزام وليس في العقد ،وهذا ما نستخلصه من قراءة الفصل الثاني من ق.ل.ع.
- 20د .عبد اللطيف البغيل ،نظرية العقد ،الطبعة األولى ،2004ص.137 :
- 21ذ .مأمون الكزبري ،نظرية االلتزامات والعقود في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي ،الجزء
األول ،الطبعة الثانية ،1972 ،ص.152 :
8
الفقرة الثالثة :الشروط الواجب توافرها في المحل.
بالرجوع إلى الفصول 57إلى 61من ق.ل.ع يتضح أن المشرع يشترط
في محل االلتزام أن يكون:
-مشروعا.
-معينا أو قابال للتعيين.
-ممكنا ال مستحيال.
يجب أن يكون محل االلتزام مشروعا ،وحتى يكون كذلك يجب أن يكون
مما يجوز التعامل فيه وأن ال يكون مخالفا للنظام العام أو اآلداب العامة.22
يجب أن يكون المحل مما يجوز التعامل فيه ،وقد استهل قانون االلتزامات
والعقود البحث في المحل بالنص على هذه الناحية في الفصل 57من ق.ل.ع الذي
ينص على أن" :األشياء واألفعال والحقوق المعنوية الداخلة في دائرة التعامل
تصلح وحدها ألن تكون محال لاللتزام ،ويدخل في دائرة التعامل جميع األشياء التي
ال يحرم القانون صراحة التعامل بشأنها".
من خالل هذا الفصل يتبين لنا أن األشياء الخارجة عن التعامل ال يصح أن
تكون محال لاللتزام.
واألشياء الخارجة عن التعامل تقسيم تقليديا إلى قسمين :أشياء خارجة عن
التعامل بطبيعتها وأشياء خارج عن التعامل بحكم القانون.
فاألشياء الخارجة عن التعامل بطبيعتها هي التي ال يستطيع أحد أن يستأثر
بحيازتها كأشعة الشمس والهواء ماء البحر.
9
أما األشياء الخارجية عن التعامل بحكم القانون فهي التي ال يجيز القانون أن
تكون محال للحقوق المالية ،كالمواد المخدرة (من حشيش وأفيون وما شابه ذلك) أو
كاألمالك العامة ،إال فيما يسمح به القانون استثناء.23
يجب أن ال يكون المحل مخالفا للنظام العام أو اآلداب العامة ،والنظام العام
هو مجموعة القواعد التي يقصد بها تحقيق مصلحة عامة سياسية أو اجتماعية أو
اقتصادية ،وتتعلق بنظام المجتمع األعلى وتعلو على مصلحة األفراد ،فيجب عليهم
مراعاتها وعدم مناهضتها باتفاقات مضادة ،لذلك فإن كل اتفاق على ما يخالف
النظام العام يعد باطال.
www.elkanounia.com
أما اآلداب العامة فهي القدر الالزم احترامه قانونا من قواعد األخالق
المحافظة على كيان الدولة الخلقي ولمراعاة الشعور العام لألفراد.24
وهذا ولقد قضى المجلس األعلى في قراره عدد 539الصادر بتاريخ
،2006/02/15أن األشياء التي تخرج عن التعامل بحكم القانون فهي التي ال يجيز
القانون أن تكون محال لاللتزام كالمخدرات أو الملك العمومي أو جسم اإلنسان أو
25
عوض من أعضائه.
ب – أن يكون المحل معينا أو قابال للتعيين.
ينص الفصل 58من ق.ل.ع على أن" :الشيء الذي هو محل االلتزام يجب
أن يكون معينا على األقل بالنسبة إلى نوعه ،ويسوغ أن يكون الشيء غير محدد إذا
كان قابال للتحديد فيما بعد".
وبذلك فإن محل االلتزام يجب أن يكون معينا سواء كان شيئا أو عمال أو
امتناعا عن عمل ،من خالل تحديده تحديدا كافيا بين عناصره ومضمونه ويبعد عنه
كل إبهام أو التباس.
10
فإذا كان محل االلتزام عمال أو امتناعا عن عمل فإنه يجب تعيين طبيعة هذا
العمل ،وذلك ببيان العمل المطلوب ،كأن يكون وضع الصميم منزل أو مدرسة ،أو
بناء هذا المنزل ،عالج مريض أو صنع شيء معين ،أو رسم لوحة...إلخ.
وبعد تعيين العمل يجب تحديده ببيان مواصفاته بكل وضوح ودقة .فإذا كان
العمل هو بناء منزل فيجب تحديد العمليات التي يتضمنها مثل تحديد عمق و
ألساسات وارتفاع الحيطان وسمكها ومساحتها ونوعية المواد المستعملة وغيرها...
إال أن نص المشرع على ضرورة تعيين محل االلتزام ال يعني بالضرورة
أن يكون معينا تعيينا دقيقا وقت إبرام العقد .وإنما يكفي أن يكون قابال للتعيين في
www.elkanounia.com
المستقبل على أن يتضمن العقد العناصر الالزمة لهذا التحديد وإال اعتبر العمل
باطال.26
ج – أن يكون المحل ممكنا:
يقصد ب هذا الشرط أن ال يكون المحل مستحيال ،وهذا شرط طبيعي
تقتضيه طبيعة األمور ،فمن العبث أن يلتزم الشخص بفعل المستحيل ،وهكذا إذا
كان محل االلتزام إعطاء شيء فيجب أن يكون هذا الشيء موجودا أو قابال
للوجود ،وأن يكون إعطاؤه ممكنا ،وإال لم ينعقد طبقا للفصل 59من ق.ل.ع الذي
ينص على ما يلي" :يبطل االلتزام الذي يكون محله شيئا أو عمال مستحيال ،إما
بحسب طبيعته أو بحكم القانون".
فإذا التزم شخص بنقل ملكية شيء معين فورا فيجب أن يكون هذا الشيء
موجود وأن يكون نقل ملكيته ممكنا ،فإذا كان وقت االلتزام غير موجود لسبق تلفه
أو كان موجودا لكنه ليس في ملكية الملتزم فإن االلتزام يكون غير ممكن والعقد
الذي يتضمنه باطال.
لكن القول بوجود المحل ال يعني بالضرورة أن يكون موجودا وقت نشوء
االلتزام ،وإنما يمكن التعاقد على شيء مستقبلي على أن يكون وجوده في المستقبل
- 26ذ .نزهة الخلدي ،الموجز في النظرية العامة لاللتزامات ،الطبعة األولى ،2013ص.86 :
11
شيئا محققا ،وهذا ما يقره الفصل 61من ق.ل.ع الذي ينص على ما يلي" :يجوز
أن يكون محل االلتزام شيئا مستقبال أو غير محقق فيما عدا االستثناءات المقررة
بمقتضى القانون .ومع ذلك ال يجوز التنازل عن ترك إنسان على قيد الحياة وال
إجراء أي تعامل فيها أو في شيء مما تشتمل عليه ولو حصل برضاه ،وكل
تصرف مما سبق يقع باطال بطالنا مطلقا".27
وفي هذا الصدد يتعين التمييز بين نوعين من االستحالة ،االستحالة المطلقة
واالستحالة النسبية.
فاالستحالة المطلقة هي التي ال تقوم بالنظر إلى شخص المدين فحسب بل
www.elkanounia.com
بالنسبة للكافة ،أو بعبارة أخرى هي االستحالة الموضوعية التي ترجع إلى االلتزام
في حد ذاته ،وهي إما قانونية ،كالتزام محامي باستئناف حكم ال يقبل الطعن
باالستئناف بحكم القانون ،فتعمده هذا مستحيل استحالة قانونية ،أو طبيعية كالتزام
شخص بيع كمية من البضائع سبق أن سرقت ،أو االلتزام ببيع منزل انهدم من قبل،
أو االلتزام ببيع شيء يستحيل بيعه بحكم طبيعته كالطريق العمومية مثال.
واالستحالة المطلق تجعل العقد باطال بطالنا مطلقا على أن تكون سابقة أو
مزامنة لنشوء االلتزام .أما إذا كان العمل المتعهد به ممكنا وقت نشوء االلتزام ثم
صار مستحيال بعد ذلك فال ينتفي شرط اإلمكان ،ويكون التعهد صحيحا.
أما االستحالة النسبية فتتحقق عندما يكون تنفيذ محل االلتزام أمرا مستحيال
بالنسبة للمدين فقط .بحيث يمكن لشخص آخر غيره إذا وجد في نفس ظروف
الملتزم القيام بما لم يستطع هذا األخير القيام به ،لذلك فهي ال تمنع قيام العقد ،كأن
يلتزم شخص بنقل ملكية شيء أو حق معين يملكه شخص آخر ،ففي هذا المثال
يستحيل على المدين أو الملتزم نفسه تنفيذ تعهده.28
- 27ذ .نزهة الخلدي ،الموجز في النظرية العامة لاللتزامات ،الطبعة األولى ،2013ص.87 :
- 28ذ .نزهة الخلدي ،الموجز في النظرية العامة لاللتزامات ،الطبعة األولى ،2013ص.88 :
12
المطلب الثالث :ركن السبب:
إن فكرة السبب فكرة قانونية معقدة تضاربت بشأنها آراء الفقهاء واجتهاد
المحاكم ،ذلك أنه إذا كان البعض أنكر وجود السبب من جهة فإن الخالف قد ثار
حول تحديد المقصود من السبب من جهة أخرى ،وبالتالي لمعرفة المقصود من
السبب سنقسم هذا المطلب إلى ثالثة فقرات :سنخصص الفقرة األولى لتعريف
السبب ،ثم الفقرة الثانية شروط السبب في القانون المغربي ،وأخيرا الفقرة الثالثة
جزاء تخلف شرطي السبب في القانون المغربي.
الفقرة األولى :تعريف السبب
www.elkanounia.com
لقد ترعرعت فكرة السبب بين نظريتين :النظرية التقليدية والنظرية الحديثة.
يقصد بالسبب في النظرية التقليدية هو السبب القصدي أي الغرض المباشر
الذي يرمي الملتزم تحقيقه.
بمعنى أن السبهو الغرض المباشر الذي يقصد الملتزم الوصول إليه من
وراء التزامه وهو ما يعرف بسبب االلتزام والذي يعد واحدا في كل العقود إذ هو
ال يتغير من عد آلخر ففي البيع سبب االلتزام هو الحصول على الثمن وفي اإليجار
هو الحصول على األجرة.
أما السبب بالنسبة إلى النظرية الحديثة:
إن األصل في السبب بمدلول القصد والباعث حديث رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم" :إنما األعمال بالنيات" والسبب في النظرية الوضعية الحديثة هو
الباعث الذي دفع إلى عملية ا لتعاقد ،وقولنا بأن المقصود بالسبب هو الباعث يعني
أن السبب يتحكم فيه معيار ذاتي يختلف باختالف عقد من عقد آلخر ،ومن متعاقد
لمتعاقد آخر.
وبالتالي فاسبب حسب هذه النظرية يعني الباعث الدافع للتعاقد أي الغاية
البعيدة التي أراد المتعاقد تحقيقها من وراء العقد وهو يعرف بسبب العقد والذي
يتغير من عقد آلخر ،بل هو ليس ولحد ،حتى في العقد الواحد فمن يبيع غايته
13
القريبة الحصول على الثمن ،أما الغايات البعيدة (البواعث) تتعدد فقد يشتري بجزء
من الثمن شيئا آخر ،ويهب الجزء المتبقي للغير.29
بالتالي هل المشرع المغرب يأخذ بالنظرية التقليدية أم النظرية الحديثة
للسبب؟
خصصت مدونة االلتزامات والعقود المغربية للسبب فصوال أربعة هي
الفصول ( 30)65 ،64 ،63 ،62من قانون االلتزامات والعقود.
إذا لجأنا إلى مدونة االلتزامات والعقود المغربية نبحث في الفصول
المخصصة لسبب ،فإن هذه الفصول ال تسعفنا بالجواب الذي يقنعنا في الموضوع،
www.elkanounia.com
ذلك أننا ال نجد تعريفا للسبب المقصود ،وال إشارة صريحة إلى أن المقصود هو
السبب القصدي فقط ،أو أنه كل من السبب القصدي والباعث الدافع إلى التعاقد،
وكل ما يمكننا استخالصه من دراسة هذه النصوص هو أنها تشير إلى السبب
القصدي ،أي يأخذ بالنظري التقليدية في السبب وهذا واضح في الفصل ،62من
قانون االلتزامات والعقود" ،االلتزام الذي ال سبب له أو المبني على سبب غير
مشروع يعد كأن لم يكن".
حيث ترى النظرية التقليدية أن كل التزام يجب أن يتوفر على سبب وهذا ما
نصت عليه الفقرة األولى من الفصل 62من قانون االلتزامات والعقود بقولها:
"االلتزم الذي ال سبب له أو المبني على سبب غير مشروع يعد كأن لم يكن".
والمراد بالسب غير الموجود أن يكون المتعاقدان على بينة من أنه غير
موجود ولكن كيف يقبل أطراف العالقة القانونية على التعاقد لسبب غير موجود.
- 29المختار بن أحمد عطار ،النظرية العامة لاللتزامات في ضوء القانون المغربي ،الطبعة األولى ،سنة
،2011دار النشر مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،ص2012-207 :
- 30الفصل 62م ن قانون التزامات والعقود" :االلتزام الذي ال سبب له أو المبني على سبب غير مشروع يعد
كأن لم يكن.
يكون السبب غير مشروع إذا كان مخالفا لألخالق الحميدة أو للنظام العام".
الفصل 63من قانون االلتزامات والعقود" :يفترض في كل التزام أن له سببا حقيقيا مشروعا ولو لم يذكر".
الفصل 64من قانون االلتزامات والعقود" :يفترض أن السبب المذكور هو ا لسبب الحقيقي حتى يثبت العكس".
الفصل 65من قانون االلتزامات والعقود" :إذا ثبت أن السبب المذكور غير حقيقي أو غير مشروع ،كان على
من يدعي أن لاللتزام سببا آخر مشروعا أن يقيم دليال عليه".
قانون االلتزامات والعقود ،ظهير 9رمضان 12( 1331أغسطس )1913سنة ،2011ص.16 :
14
ترى النظرية التقليدية أن هذا الغرض قد يتحقق قبل التعاقد وبعده.
أن يكره أحد المتعاقدين على إمضاء إقرار ومن أمثلة عند التعاقد:
بالمديونية وهو غير مدين أي أن السبب غير موجود أصال ،فيكون متعاقد على
ب ينة من أن سبب المديونية غير موجود ،فيكون العقد الذي أقر فيه المتعاقد المكره
بمديونيته باطال لعدم وجود سبب.
ومن أمثلة انعدام السبب بعد التعاقد ،إذا لم يقوم أحد المتعاقدين في العقود
الملزمة للجانبين بتنفيذ التزامه أو استحال عليه التنفيذ لقوة قاهرة ،فإن سبب
االلتزام المتعاقد اآلخر يصبح غير موجود بعد أن كان موجودا عند التعاقد ،وانعدام
www.elkanounia.com
السبب هنا هو ا لذي يبرر نظرية الدفع بعدم التنفيذ والفسخ وتحمل التبعة.
وبالتالي من خالل ما سبق يتضح بأن المشرع المغربي يأخذ بالنظرية
التقليدية ،ويرى البعض وجوب تفسير السبب في النظرية العامة لاللتزامات في
ضوء النظرية الحديثة للسبب ،لتشمل هذه النصوص إلى جانب السبب في المفهوم
الموضوعي ،السبب في المفهوم الشخصي.
وعليه فإنه لكي يعتد بااللتزام ال يكفي فقط بالغرض المباشر الذي يرمي إليه
الملتزم بل يعتد كذلك بالباعث الشخصي الذي حمل الملتزم على التعاقد.
الفقرة الثانية :شروط السبب في القانون المغربي:
ينص الفصل 62من قانون االلتزامات والعقود على أن االلتزام الذي ال
سبب له أو المبني على سبب غير مشروع كأن لم يكن ،ويستخلص من هذا الفصل،
أن المشرع يشترط في السبب شرطين هما:
)1أن يكون موجودا.
)2أن يكون مشروعا.
ولم يتعرض هذا الفصل الشتراط أن يكون حقيقيا ،مع أن النص الفرنسي
المقابل وهو المادة 1131يقول" :االلتزام يبقى مجردا من أي أثر إذا لم يكن مبنيا
15
على سبب غير حقيقي ،أو على سبب غير مشروع .فهو يشترط – كما رأينا – أن
يكون السبب حقيقيا ،إلى جانب الشرطين السابقين.
ولعل المشرع قد حذف هذا الشرط ،أنه يمكن االستغناء عنه بالشرطين
اآلخرين ،وذلك ألن السبب إذا لم يكن حقيقيا فإما أن يكون موهوما ال وجود له في
الحق يقة ،دخل في السبب المعدوم ،وكذلك إذا كان السبب صوريا .وكانت الصورية
مطلقة ،بحيث كان السبب الظاهر يخفي سببا آخر ،فإن كان هذا السبب الحقيقي
مشروعا ،فالعقد صحيح ،وإن كان غير مشروع فالعقد باطل لعدم مشروعية السبب
الحقيقي.
www.elkanounia.com
نستعرض فيما يلي بإيجاز كال من الشرطين :الشرط األول ،أن يكون السبب
موجودا ،وقد نص الفصل 62من قانون االلتزامات والعقود على هذا الشرط بقوله
"االلتزام الذي ال سبب له أو المبني على سبب غير مشروع يعد كأن لمن يكن"،
وعلى هذا فإذا انعدم السبب عنه تكون العقد فإنه باطال النعدام ركنه ،وكذلك يبطل
العقد إذا توفر سببه عند تكوين العقد ولكنه انعدم عند تنفيذه.
والواقع أنه كلما تتحقق في الواقع فرضية انتفاء السبب ،ألنه من النادر أن
يقدم إنسان على التعاقد من غير سبب يدفعه إليه ،ولكن مع ذلك يكن أن يتحقق هذا
الغرض ،إذا كان القانون يشترط أن يكون السبب موجودا فليس معنى هذا أنه يجب
أن يذكر في العقد ،بل إنما يشترط وجوده في الواقع ونفس األمر ،فإذا توفر هذا
الشرط فالعقد صحيح ولو لم يذكر السبب في صلب العقد ،وإذا لم يتوفر فإن العقد
يكون باطال ولو ذكر السبب في العقد مادام قد ثبت أنه غير موجود في الحقيقة
وبهذا يظهر أن ذكر السبب في العقد ال يكفي لتصحيحه ،إال إذا لم يثبت أنه غير
موجود في الواقع .كما أن عدم ذكره في العقد ال يؤدي إل بطالن هذا العقد إال إذا
ثبت أنه غير موجود حقيقة ،مثال عندما يتحقق فيها انعدام السبب .أن يعقد شخص
مع آخر عقدا ملزما للجانبين كبيع ،ويتوفر سبب االلتزام لكل منهما ،ثم عند تنفيذه
16
ينعدم السبب ،كأن يمتنع أحد الطرفين عن تنفيذ التزامه ،أو يستحيل عليه هذا التنفيذ
لقوة قاهرة.
الشرط الثاني أن يكون مشروعا ،وقد نص الفصل 62على هذا الشرط
بقوله" :االلتزام الذي ال سبب له أو المبني على سبب غير مشروع يعتبر كأن لم
يكن" ،وبينت الفقرة الثانية من نفس الفصل متى يكون السبب غير مشروع ،فقالت:
"يكون السبب غير مشروع إذا كان مخالفا لألخالق الحميدة ،أو للنظام العام ،أو
للقانون".
ويتبين من الفقرة المذكورة أن السبب لكي يكون مشروع يجب أن يكون
www.elkanounia.com
غير مخ الف لألخالق الحميدة ،أو للنظام العام أو القانون .فإن خالف أحدها كان
غير مشروع ،وكان العقد باطال تبعا لذلك.
وقد تعمد المشرع وضع هذا العبارات المرنة ليسهل على القضاء مهمة
تكييف عدم مشروعية السبب تبعا لحاجيات العصر وأخالقه وحسب نظرة الناس
إلى الحياة وإلى األمور.
ذلك أن األخالق الحميدة والنظام العام يتمتعان بمرونة تجعلهما غير
جامدين ،ولذلك نراهما يتغيران بتغير الظروف المحيطة بالمجتمع ،الشيء الذي
يتعسر معه وضع الئحة لما يعتبر مخالفا للنظام العام واألخالق ا لحميدة ،تمكن
القاضي بمجرد الرجوع إلى هذه الالئحة من معرفة ما إذا كان السبب معين مخالفا
لألخالق الحميدة أو النظام العام .أو ليس مخالفا لهما ،ويرجع ذلك إلى أن مفهومهما
يتطور ويتبدل بتأثير عوامل الحضارة والثقافة والمذهب السائد ،فما يكون من
األخالق الحميدة أو النظام العام في وقت أو في أمة قد ال يعتبر كذلك في وقت
آخر ،أو في أمة أخرى .مثال الزواج بأكثر من واحدة ال يخالف النظام في البالد
اإلسالمية ،وهو يخالفه في أوربا مثال ،والتأمين على الحياة كان مخالفا لآلداب،
فأصبح ال يخالفها وهكذا.
17
الفقرة الثالثة :جزاء تخلف شرطي السبب في القانون المغربي:
عرفنا من الفصل السابق أن ظهير االلتزامات والعقود يشترط في السبب أن
يكون موجودا وأن يكون مشروعا.
فإذا لم يتوفر أحدهما بأن كان السبب غير موجود أو غير مشروع كان العقد
باطال ،وهذا ا لبطالن هو البطالن المطلق الذي يجوز التمسك به لكل من له
مصلحة .وللمحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها ،ولما كان العقد الباطل ال يترتب
عليه أي أثر مما يترتب على العقد الصحيح ،لذلك ال سبيل ألحد من المتعاقدين إلى
أن يلزم اآلخر بتنفيذ العقد الباطل إذا كان لم ينفذه بعد .أما إذا كان قد نفذ بعضه أو
www.elkanounia.com
كله ،يجب إعادة المتعاقدين إلى حالتهما التي كانا عليها قبل التعاقد.
وهكذا ،ففي عقد البيع ،إذا كان قد نفذ وكان سببه غير مشروع ،فيحق للبائع
أن يسترد المبيع ،وللمشتري أن يسترد الثمن.31
وهذا ما أشار إليه الفصل 306من قانون االلتزامات والعقود بقوله:
"االلتزام الباطل بقوة القانون ال يمكن أن ينتج أي أثر ،إال استرداد ما دفع بغير حق
تنفيذا له".
وقال أيضا في الفقرة الثانية من نفس الفصل ويكون االلتزام باطال بقوة
القانون:
-1إذا كان ينقصه أحد األركان الالزمة لقيامه.
-2إذا قرر القانون في حالة خاصة بطالنه".32
18
المبحث الثاني :ركن الشكلية وركن التسليم
• رضائية العقود:
األصل في العقود أنها رضائية بمعنى أن المتعاقدين بمجرد أن يقع رضاهما
السليم على محل ،ويحمل على سبب مشروع يصالن إلى إبرام العقد الذي كانا
ينويان عقده .دونما االلتزام باتباع شكل معين ليكون تعاقدهما صحيحا ،حيث يمكن
أن ينعقد العقد مشافهة أو بالمراسلة أو بالهاتف ،فتظل آثاره كما هي وال تتغير أيا
كان الشكل الذي ورد فيه العقد.
• استثناء القاعدة السابقة:
www.elkanounia.com
لكن واستثناء لقاعدة رضائية العقود توجد هناك فئة قليلة من التصرفات التي
تتميز بأن مجرد الرضاء بها ال يكفي لقيامها وإنما يلزم لذلك أن يجيء هذا الرضاء
في شكل محدد يرسمه القانون .33وتسمى هذه التصرفات بالتصرفات الشكلية
تمييزا لها عن التصرفات الرضائية.
ويستثنى كذلك من القاعدة السابقة أن يشترط في تمام تصرف من التصرفات
أني قع تسليم المعقود عليه فيها وهذا ما يسمى بالعقد العيني.
المطلب األول :ركن الشكلية:
الفقرة األولى :العقد الشكلي"Contrats formels" :
إن السمة البارزة في التصرفات الشكلية هي كون الشكل ركن الزم
النعقادها ،بحيث أنها إذا لم تبرم في الشكل المحدد قانونا تقع باطلة بطالنا مطلقا،
وال ينتج عنها أي أثر قانوني .ولكن هذا ال يعني أن الشكل يغني فيها عن اإلرادة
بل يجب لقيامها توافر األمرين معا أي الرضاء والشكلية دون تخلف أحدهما.
- 33مأمون الك زبري ،نظرية االلتزامات والعقود في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي ،الجزء األول،
مصادر االلتزامات ،الطبعة األولى ،بيروت ،1968ص.194 :
19
وبذلك يمكن تعريف العقد الشكلي بأنه العقد الذي يشترط النعقاده ،عالوة
على الشروط المتطلبة في العقود الرضائية ،توافر بعض المراسم الشكلية .34وهذه
المراسم الشكلية تتمثل في أن يفرغ العقد في شكل أو قالب يحدده القانون.35
واألشكال التي يرسمها القانون للتصرفات الشكلية ليست كلها من نوع
واحد ،وهي تتراوح في مجموعها بين الكتابة العادية ،وبين إبرام التصرف بواسطة
موظف رسمي مختص يناط به توثيق التصرفات ،وهذا ما يطلق عليه:
"الرسمية".36
وبهذا فإن الشكلية في التصرفات القانونية على نوعين:
www.elkanounia.com
النوع األول :وهي شكلية يفرضها القانون العتبارات تتعلق بالنظام العام،
وعدم مراعاتها يعني بطالن التصرف القانوني كجزاء على تخلفها كما هو الحال
بالنسبة لبيع العقار.
والنوع الثاني :وهي الشكلية االتفاقية وعدم مراعاتها يعني عدم انعقاد العقد،
ومثالها ،أن يتفق المتعاقدين على جعل عقد رضائي بطبيعته كعقد البيع عقدا شكليا،
كما إذا اتفقا على أن البيع الذي يزعمان إبرامه ال ينعقد إال إذا تم في الشكل
الرسمي أو تم في محرر مكتوب ،وبالتالي ال يعتبر للعقد قيام إال إذا جاء في الشكل
المتفق عليه ،أي أنه في هذه الحالة يعتد بإرادة المتعاقدين.
وتجدر اإلشارة إلى أنه يجب التميزي بين شكلية االنعقاد وشكلية اإلثبات،
فاألولى ضرورية إلبرام العقد أما الثانية فإنها ضرورية إلثبات وجوده وذلك في
حالة االتفاقات التي يكون من شأنها أن تنشئ أو تنقل أو تعدل االلتزامات أو العقود
التي تتجاوز قيمتها 10.000درهم والتي يتعين إثباتها كتابة.
20
الفقرة الثانية :نماذج العقود الشكلية:
من بين أهم نماذج العقود الشكلية التي يعتبر ركن الشكلية ركنا أساسيا
لقيامها نجد :البيع الوارد على العقارات أو الحقوق العقارية بحيث يشترط القانون
أن يجري كتابة في محرر ثابت التاريخ .وهذا ما نص عليه الفصل 489من
ق.ل.ع بقوله" :إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها
رهنا رسميا وجب أنيجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ .وال يكون له أثر في
مواجهة الغير إال إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون".
فقد جاء في مقرر للمجلس األعلى صادر بتاريخ 27أبريل 1983أنه" :إذا
www.elkanounia.com
كان المبيع عقارا محفظا وجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ وإذا
اختل هذا الركن الشكلي فإن البيع ال يقوم".37
والمقايضة كذلك إذا كان محلها عقارا تخضع لنفس المراسم ،حيث إن
القانون بعد أن نص في الفقرة األولى من الفصل 620من ق.ل.ع على أنه "تتم
المعاوضة بتراضي المتعاقدين".
جاءت الفقرة الثانية من نفس الفصل تقضي بأنه" :إال أنه إذا كان محل
المعاوضة عقارات أو أشياء أخرى يجوز رهنها رهنا رسميا ،وجب تطبيق أحكام
الفصل .38"489
والشركة التي يكون محلها عقارات أو غيرها من األموال مما يمكن رهنه
رهنا رسميا والتي تبرم لتستمر أكثر من ثالث سنوات ،أوجب المشرع أن يحرر
عقدها كتابة تحت طائلة البطالن ،وهو ما نص عليه الفصل 987من قانون
االلتزامات والعقود.
- 37قرار عدد 817ملف مدني عدد 90228مجلة قضاء المجلس األعلى ،عدد 32ن ص ،52 :ومجلة
المحامي ،عدد ،33-32ص.183 :
- 38عبد اللطيف البغيل ،مرجع سابق ،ص.167 :
21
المطلب الثاني :ركن التسليم في العقود العينية:
باإلضافة إلى ما سبق التطرق إليه فقد نص المشرع على ركن آخر يستلزم
في بعض العقود وهو ركن التسليم في العقود العينية ،وسنتطرق لهذا الكرنك من
خالل فقرتين سنخصص األولى لمفهوم العقد العيني ،في حين سنتطرق في الثانية
لنماذج من العقد العيني.
الفقرة األولى :مفهوم العقد العيني.
العقود العينية هي التي يشترط النعقادها عالوة على الشروط المتطلبة في
العقود الرضائية ،أن يجري تسليم الشيء المعقود عليه ،بحيث ال يتم العقد إال إذا تم
www.elkanounia.com
التسليم.
والعقد العيني هو نوع مخفف من العقد الشكلي أدى إليه تطور القانون
الروماني ،في سبيل التحلل من األوضاع واألشكال البالية التي كانت تسوده،39
ف لتخلص من الشكل الذي كان يلزم إجراؤه بالنسبة إلى العقود بشكل عام ،سمح
الرومان ،بالنسبة إلى بعض العقود االكتفاء بتسليم الشيء موضوعها.
وقد انتقل نظام العقود العينية من القانون الروماني إلى القانون الفرنسي،
ومن هذا األخير انتقل إلى القوانين التي استقت أحكامها منه.
وفي هذا اإلطار يعتبر كثير من الفقهاء الفرنسيين المعاصرين العقود العينية
كأحد مخلفات الماضي ،فهي تشكل مصدرا للعديد من التعقيدات غير المبررة .لهذا
يقترح كثير من هؤالء الفقهاء إخضاعها للقواعد العامة التي تقضي بانعقادها
بمجرد تطابق اإلرادتين طبقا لمبدأ الرضائية ،من تم ال يكون تسليم الشيء المعقود
عليه أحد أركان التعاقد .وإنما الخطوة األولى لتنفيذ العقد كما هو الشكل مثال
بالنسبة لعقد الكراء الذي ينعقد قبل تسلم المكتري العين المكتراة.40
- 39د .إدريس العلوي العبدالوي ،شرح القانون المدني ،النظرية العامة لاللتزام ،نظرية العقد ،الطبعة األولى،
،1996مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،ص.527 :
- 40د .عبد الحق صافي ،القانون المدني ،الجزء األول ،المصدر اإلرادي لاللتزامات ،العقد ،الكتاب األول،
تكوين العقد ،الطبعة األولى ،2006 ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،ص.477 :
22
وهكذا أصبحت نظرية العقود العينية في تراجع ملموس لفقدان العقد العيني
غايته .إذ أنه أصبح من شأنه أن يعرقل إبرام التصرفات ،بعد أن كان المقصود به
في األصل تيسيرها.
وأمام هذا الوضع أخذت التشريعات المعاصرة تهجر نظام العقود العينية،
وهو نفس االتجاه الذي سار فيه قانون االلتزامات والعقود المغربي فقصر هذا
النظام على بعض العقود.
وتجدر اإلشارة إلى أنه وفي حالة خرق ركن التسليم في العقود العينية فإن
الجزاء المترتب عن هذا األمر يتمثل في البطالن ،لكون المشرع المغربي يتمسك
www.elkanounia.com
بالنظرية التقليدية للبطالن والتي تقضي بأن الجزاء المترتب على تخلف أحد
مقومات العقد هو البطالن.
الفقرة الثانية :نماذج من العقود العينية:
تطرق المشرع المغربي في قانون االلتزامات والعقود للعقود العينية ،ومن
بين هذه العقود نجد عقد الرهن الحيازي والوديعة وكذا عارية االستعمال وعارية
االستهالك أو القرض.
وهكذا فقد جاءت المادة 88من ق.ل.ع تقضي بأنه يتم الرهن الحيازي:
أوال :بتراضي طرفيه على إنشاء العقد.
ثانيا :وزيادة على ذلك بتسليم الشيء المرهون فعليا إلى الدائن أو إلى أحد
من الغير يتفق عليه المتعاقدون ،وإذا كان الشيء موجودا بالفعل وقت الرهن في يد
الدائن كان رضى الطرفين وحده متطلبا .وإذا وجه الشيء في يد أحد من الغير
وكان يجوزه لحساب المدين كفى أن يقوم هذا األخير بإخطار حائز الشيء بإنشاء
الرهن .وابتداء من هذا اإلخطار ،يعتبر األجنبي الحائز أنه أصبح حائزا للشيء
لحساب الدائن ولو لم يكن قد التزم مباشرة تجاهه".
إلى جانب الرهن الحيازي تطرق المشرع في المادة 781من ق.ل.ع لعقد
الوديعة ،باعتباره من العقود العينية ،إذ حسب هذه المادة فالوديعة ال تنعقد إال
23
بالتسليم ،حيث جاء فيها ما يلي" :الوديعة عقد بمقتضاه يسلم شخص شيئا منقوال
إلى شخص آخر يلتزم بحفظه وبرده بعينه".
ومن العقود العينية أيضا والتي ال تتم إال بالتسليم نجد عقد عارية االستعمال
وهو ما نصت عليه المادة 830ق.ل.ع حيث جاء في مضمون هذه المادة ما يلي:
"عارية االستعمال عقد بمقتضاه يسلم أحد طرفيه اآلخر شيئا ،لكي يستعمله خالل
أجل معين أو في غرض محدد على أن يرده ،وفي العارية يحتفظ بالمعير بملكية
الشيء المستعار ،وبحيازته قانونيا ،وليس للمستعير إال مجرد استعماله".
كما تطرق المشرع أيضا في المادة 856ق.ل.ع باإلضافة إلى ما ذكر
www.elkanounia.com
سابقا ،عقد عارية االستهالك أو القرض ،إذ حسب هذه المادة فإن هذا العقد ال يتم
إال بتسليم الشيء محل العقد.
وتجدر اإلشارة في هذا الخصوص إلى أنه وكما هو األمر بالنسبة للعقود
الشكلية ،فإنه يجوز كذلك للمتعاقدين في العقد العيني االتفاق على جعل عقد
رضائي عقدا عينيا ،بمعنى أن ال يقوم إال إذا تم القبض ،وهذا ما يحصل أحيانا في
عقد التأمين شرط أال يتم العقد إال بعد أن يدفع المؤمن له القسط األول.41
24
خاتمة:
كان هذا فيما يخص بعض أركان العقد فبدونها يكون العقد معرضا
لإلبطال في كثير من الحاالت ،لكن كان هذا دون الحديث عن ركن
الرضى الذي بدونه ال ينتج أي عقد آثاره القانونية و ال يصل إلى الغاية
التي نشأ من أجلها وال نتصور عقد بدونه فهو بمثابة العمود الفقري للعقد.
25
الئحة المراجع
-د .العرعاري عبد القادر ،مصادر االلتزامات ،الكتاب األول ،نظرية العقد ،الطبعة
الثانية.2005 ،
-ذ .مصطفى حتيتي /عبد الرحمن أسامة ،النظرية العامة لاللتزامات ،أنواع
االلتزامات ،مصادر االلتزامات.2004 ،
-ذ .نزهة الخلدي ،نظرية االلتزامات والعقود ،ص 57 :بتصرف.
-ذ .الشهبوني ،الوسيط ،270/1ف 148بتصرف.
-ذ .العبدالوي إدريس ،ص 316 :بتصرف ،النظرية العامة لاللتزام ،نظرية العقد،
www.elkanounia.com
26
الفــــــــهــــــــــرس
1 مقدمة:
2 المبحث األول :األهلية والمحل والسبب.
2 المطلب األول :األهلية.
3 الفقرة األولى :األصل في الشخص كمال األهلية.
3 الفقرة الثانية :أثر فقدان األهلية على التصرفات.
4 الفقرة الثالثة :نقصان األهلية وأثره على التصرفات.
www.elkanounia.com
27
19 المبحث الثاني :ركن الشكلية وركن التسليم.
19 المطلب األول :ركن الشكلية.
19 الفقرة األولى :العقد الشكلي.
21 الفقرة الثانية :نماذج العقود الشكلية.
22 المطلب الثاني :ركن التسليم في العقود العينية.
22 الفقرة األولى :مفهوم العقد العيني.
23 الفقرة الثانية :نماذج من العقود العينية.
www.elkanounia.com
25 خــــاتمة.
26 الئحة المراجع.
27 الفهرس.
28