المرافق العامة علي ضوء الدستور الجديد

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 165

‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫المملكة المغربية‬
‫جامعة عبدالمالك السعدي‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫‪ -‬طنجة‬

‫العنوان‪:‬‬

‫اعداد الطالب الباحث ‪ :‬ابراىيم الشافعي‬

‫تحت اشراف ‪ :‬محمد العمراني بوخبزة‬

‫لجنة المناقشة ‪:‬‬

‫رئيسا‬ ‫د‪ .‬محمد العمراني بوخبزة‬

‫عضوا‬ ‫د‪ .‬حميد أبوالس‬

‫عضوا‬ ‫د‪ .‬عبد الكبير يحيا‬

‫السنة الجامعية ‪2012-2011 :‬‬

‫‪1‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫مقدمة‬

‫لقد شكؿ المرفؽ العاـ منذ انبثاقو وظيوره‪ ،‬سجاال فكريا واسعا سواء مف حيث انو موضوع لمدراسة‬
‫(مف حيث مشكمة وجوده أصال)‪ ،‬أو مف حيث تسييره أو مف حيث وظيفتو ‪.‬‬

‫وقد ارتبط دائما مفيوـ المرفؽ العاـ بالدولة‪ ،‬وذلؾ باعتبار في نظر الكثيريف ‪ ،‬أف الدولة ما ىي‬
‫إال مجموعة مف المرافؽ العامة‪ ،‬مما يجعؿ الحديث عف المرفؽ العاـ ىو حديث عف الدولة في تطورىا‬
‫وفي نشاطيا وفي التعامؿ مع المرافؽ التي تحدثيا ‪.‬‬

‫إف الدولة عبر التاريخ كانت وال زالت محط اىتماـ الباحثيف باختالؼ أطيافيـ وتوجياتيـ المعرفية‬
‫‪ :‬فالسفة‪ ،‬اقتصاديوف‪ ،‬عمماء الساسة‪ ،...‬فتطورىا وتطور مجريات التاريخ وتسارع وثيرة الزمف بفضؿ‬
‫وسائؿ االتصاؿ‪ ،‬أفضى بتزايد وتنامي مستمر لحاجيات المواطنيف‪ ،‬مما جعميا ال تستقر في نشاطيا‬
‫ودورىا الكالسيكي الذي ىيمف عمييا منذ انبثاؽ مفيومو‪ .‬وشيد المغرب مرحمتيف أساسيتيف لتطور وظائؼ‬
‫الدولة ‪.‬‬

‫مرحمة االستقالؿ إلى حدود سنوات الثمانينيات ‪ :‬عرفت ىذه الفترة مف تاريخ المغرب حضور قوي‬
‫لمدولة قصد توجيو االقتصاد والقضاء عمى الموروث االستعماري وبناء اقتصاد قوي قادر عمى تحريؾ‬
‫عجمة التنمية‪ ،‬فشيد المغرب أكبر نسبة ارتفاع لمقطاع العاـ حتى صعب حصره وتعداده ‪.‬‬

‫مرحمة ما بعد الثمانينيات ‪ :‬ىذه المرحمة عرفت تراجعا في دور الدولة االقتصادي بسبب أزمة‬
‫التمويؿ‪ ،‬فالتفرغ الكبير في عدد المرافؽ العامة ولد سوء التسيير وعدـ التنظيـ وارتفاع تكمفة النفقات وقمة‬
‫المردودية‪ ،‬بحيث أصبح القطاع العاـ يشكؿ عبئا عمى ميزانية الدولة ‪.‬‬

‫إف ىذا التطور الذي شيدتو الدولة‪ ،‬كاف لو تأثير عمى المرافؽ العامة بالمغرب‪ ،‬فالحاجة إلى‬
‫اقتصاد قوي قادر عمى امتصاص الوضعية االجتماعية المزرية لممجتمع مف جية‪ ،‬وكذا سوء التخطيط‬
‫وغياب البعد التدبيري التوقعي لمنشاط العمومي مف جية ثانية‪ ،‬انتج ما يصطمح عميو بأزمة المرفؽ العاـ ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وأماـ ىذه الوضعية‪ ،‬يظير أنو وفي إطار إعادة تقييـ لمنشاط العمومي الذي يسمى بالقطاع العاـ‪،‬‬
‫فإف األزمة وسوء التدبير ليست أمو ار حتمية يستحيؿ تجاوزىا‪ ،1‬فيناؾ إذف عدة طرؽ لتجاوز األزمة‪ ،‬تقوـ‬
‫عمى التحديث واعادة الييكمة لممرفؽ العاـ في إطار ما يسمى بالتدبير العمومي الجديد ينطمؽ مف فكرة‬
‫محورية مفادىا أف اساليب التدبير المعتمدة بالقطاع الخاص يمكف نقميا وتعدييا ثـ تطبيقيا بالقطاع العاـ‬
‫وفؽ خصوصيات القطاع العاـ ويتعمؽ األمر باتجاىيف متوازييف ‪:‬‬

‫‪ -‬االتجاه االوؿ ‪ :‬يسير في منحى تقميص التدبير المباشر أماـ تعاظـ المجوء الى التدبير المستقؿ ‪.‬‬

‫‪ -‬االتجاه الثاني ‪ :‬يتعمؽ بالمجوء المكثؼ لطرؽ التدبير الخاصة‪ ،‬حيث اختمفت الصيغ القانونية لتواجد‬
‫مثؿ ىذه المرافؽ العمومية مما سيشكؿ اإلطار الذي مف خاللو ستجد الدولة والجماعات الترابية مخرجات‬
‫لبعض ىموميا المتعمقة بالتدبير الترابي ‪.‬‬

‫غير أف ىذه التحوالت لـ تقؼ عند ىذا الحد بؿ إف تطور نشاط المرافؽ العامة جعؿ مف الصعب‬
‫التسميـ بثبات النظاـ القانوني المطبؽ عمييا‪ ،‬حيث يتبيف لنا أف القانوف االداري واف كاف حتى وقت قريب‬
‫يتميز بخصوصية تميزه عف باقي فروع القوانيف األخرى‪ ،‬وكانت نقط الحدود مرسومة بشكؿ واضح‪ ،‬فاف‬
‫مجاؿ المرافؽ العامة يؤكد أف التحوالت المعاصرة قمصت مف حدة ىذه الخصوصية عبر االقتباس مف‬
‫بعض المفاىيـ الواردة في القانوف الخاص مادامت تساعد في اإلسياـ بشكؿ اكسر فاعمية ممكنة في‬
‫األنشطة الموكولة لممرافؽ العمومية ‪.‬‬

‫لكف ما يثير االنتباه بخصوص ىذه التحوالت والتطورات النظرية تمؾ الفجوة الكبيرة التي أصبحت‬
‫تفصؿ بيف مثؿ ىذه التحوالت‪ ،‬وواقع ثابت وسمبي يطبع الخدمات التي تقدميا المرافؽ العمومية ‪.‬‬

‫ونجد كذلؾ اف االنتقادات الموجية إلى المرافؽ العمومية متعددة ومتنوعة ‪ ،‬فيي متيمة بالعديد‬
‫مف المؤاخذات والنقائص كالجمود والتعقيد والبطء والروتيف في أداء الخدمات‪...‬الخ‪ ،‬األمر الذي يؤدي‬
‫إلى تعزيز القطيعة في عالقة المرافؽ العامة مع محيطيا ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد هللا حارسً‪" :‬التقرٌر التركٌبً لندوة المرفق العام فً مواجهة التحدٌات الحدٌثة" ٌومً ‪88‬و‪ 89‬أكتوبر ‪ ،1008‬المجلة المغربٌة‬
‫لإلدارة المحلٌة والتنمٌة‪ ،‬سلسلة مواضٌع الساعة‪ ،‬عدد ‪ ، 1001 ، 53‬ص ‪.871 :‬‬

‫‪3‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وعموما يمكف القوؿ اف مكانة المرافؽ العامة لدى المرتفقيف ‪ ،‬ليست بالمكانة االيجابية ‪ ،‬وىو‬
‫الوضع الذي يمكف أف نرجعو باألساس إلى استمرار المفيوـ التقميدي لممرافؽ العامة والمشبع بمفيوـ‬
‫السمطة وليس بمفيوـ الخدمة ‪.‬‬

‫وتأسيسا عمى كؿ ما سبؽ ذكره‪ ،‬يمكف القوؿ إف ىناؾ تحوالت ىامة مست نظرية المرافؽ العامة‪،‬‬
‫لكف ىذه التحوالت لـ تؤد إلى تحسيف نوعية ومستوى الخدمات المقدمة مف طرؼ المرافؽ العامة لذلؾ‬
‫فاالستمرار في االدعاء بأف ىذه التحوالت المرتبطة بالمقاربة النظرية لممرفؽ العاـ ‪،‬ستقدـ بالضرورة‬
‫الحموؿ المرجوة لكؿ اإلشكاالت الواقعية لممرافؽ العامة ىو أمر مستبعد فالوضع اكثر تعقيدا ويفرض عمينا‬
‫مف اي وقت مضى مراجعة وتكييؼ المرافؽ العامة مع ىذه التحوالت بشكؿ الذي يتجاوز تمؾ السياسات‬
‫الكالسيكية في اإلصالح‪ ،‬واعتماد مفاىيـ وآليات وتدابير حديثة ‪.‬‬

‫وال شؾ أف آليات الحكامة الجيدة قد أصبحت في الوقت الراىف‪ ،‬تشكؿ مرحمة أساسية مف مراحؿ‬
‫المبادرات اليادفة الى جعؿ المرافؽ العمومية اكثر تكيفا مع التحوالت المرتبطة بيذا األخير‪ ،‬تمؾ التحوالت‬
‫التي ال يمكف لممرافؽ العمومية اف تضؿ في منأى عنيا ‪،‬بؿ اف ضرورة تكييفيا معيا ستكوف احد الرىانات‬
‫الكبرى لمفترة المقبمة ‪.‬‬

‫وىذا ما جعميا مف أولويات اإلصالحات التي جاء بيا الدستور الجديد ‪،‬فمقد خصص الدستور‬
‫المغربي الجديد لسنة ‪ 3122‬بابا كامال لمحكامة الجيدة‪ ،‬حيث تمت دسترة مجموعة مف مبادئ ومعايير‬
‫الحكامة الجيدة والمؤسسات األساسية بغية تعزيز المواطنة والمشاركة الديمقراطية‪ ،‬كما ربط ممارسة‬
‫السمطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة‪ ،‬وىذا مف شأنو أف يساعد عمى ترسيخ ميكانيزمات‬
‫الحكامة الجيدة وتخميؽ ومحاربة الفساد في جميع أشكالو وتمظيراتو‪ .‬والشؾ أف التكريس الدستوري‬
‫لمجيوية في إطار مغرب موحد يقوـ عمى مبادئ التوازف والتضامف الوطني والجيوي سيخدـ التنمية‬
‫المندمجة ويساىـ في تجذير قيـ الديمقراطية والمشاركة الفعالة في تدبير الشأف العاـ ‪.‬‬

‫إف الوثيقة الدستورية الجديدة وما مثمتو مف طفرة نوعية عمى أكثر مف صعيد تدفعنا كباحثيف‬
‫جامعييف وميتميف إلى الوقوؼ عند مقتضيات الدستور لمتأمؿ في مختمؼ المستجدات والتعديالت التي‬
‫حمميا ىذا النص‪،‬واستيعاب الجوانب غير المسبوقة التي تضمنيا بيف طياتو ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫و دراسة المرفؽ العاـ عمى ضوء الدستور الجديد واإلحاطة بالمستجدات الدستورية‪ ،‬تكتسي‬
‫أىمية بالغة ألنيا باإلضافة إلى كونيا مرتبطة ولصيقة بالمواضيع التي يعني بيا القانوف اإلداري والعموـ‬
‫اإلدارية‪ ،‬فيي توضح التطور المعاصر الذي لحؽ وظائؼ الدولة‪ ،‬أيا كاف النظاـ االقتصادي الذي‬
‫تعتنقو‪ ،‬فيي في غالب األحياف تقوـ بنشاطيا اإلداري عف طريؽ المرافؽ العمومية عندما تقدر أف تأدية‬
‫الحاجة العامة بواسطة النشاط اإلداري متعذرة‪ 2‬بمعنى أف األجيزة اإلدارية أصبحت تمارس العديد مف‬
‫األنشطة التي كانت إلى وقت قريب محتكرة مف لدف األفراد ‪.‬‬

‫إف استعراض كؿ ىذه المعطيات يفرض عمينا إعطاء تعريؼ لممصطمحات المستعممة في ىذا‬
‫الموضوع ‪:‬‬

‫مفيوـ المرفؽ العاـ ‪ :‬إف مصطمح « المرفؽ العمومي » ليس وليد العصر الحاضر‪ ،‬فالقضاء‬
‫والفقو التقميدي استعممو في عدة مناسبات‪ .‬ومفيومو األوؿ كما طبؽ ال يمكف معرفتو إال إذا قورف بمختمؼ‬
‫المفاىيـ العامة التي كانت سائدة في ذلؾ الوقت‪ ،‬ففي تمؾ المرحمة كاف أساس تطبيؽ القانوف اإلداري‬
‫يستند إلى فكرة السمطة العمومية‪ ،‬ألف السمطة السياسية تمسؾ كؿ االمتيازات الضرورية لتمارس اإلدارة‬
‫مياميا‪ ،‬ومف ثـ كاف مف الطبيعي أف تخضع لنظاـ قانوني متميز يساعدىا عمى أداء وظيفتيا‪ ،‬والذي‬
‫ينبغي أف يتضمف شروطا وأوضاعا غير مألوفة في القانوف الخاص ‪.‬‬

‫إال أف ىذه الوضعية انتقدت مف لدف الفقو والقضاء‪ ،‬وأصبح أساس تطبيؽ القانوف اإلداري ال‬
‫يكمف في السمطة العمومية وانما في المصمحة العامة ألف الدولة لـ تعد تجسد مظير القوة فقط بؿ‬
‫أصبحت رمز التماسؾ والتضامف االجتماعي‪ ،‬وأنيا منبع الخدمات االجتماعية التي يحتاج إلييا‬
‫المواطنوف كما أنو يوجد جزء كبير مف النشاط اإلداري غريبا عف فكرة السمطة العمومية ويمكنو أف يخضع‬
‫لمقانوف الخاص‪ ،‬بمعنى أنو يوجد مفيوـ جديد بمقتضاه أصبح المرفؽ العمومي يشمؿ كؿ أنواع األنشطة‬
‫اإلدارية ولـ يعد مقتص ار عمى الفكرة الضيقة المتمثمة في السمطة العمومية ‪.‬‬

‫‪ -‬الندوة العممية ‪ :‬الدستور المغربي ‪ : 2011‬مستجدات وافاق المقتضيات الجديدة ‪ ،‬يومي ‪ 21-20‬أبريل ‪ 2012‬بكمية العموم القانونية‬
‫‪2‬‬

‫واالقتصادية واالجتماعية – وجدة‬

‫‪5‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وبذلؾ تعرض مفيوـ المرفؽ العمومي منذ ظيوره لتطورات عميقة‪ ،‬جعمت االلتباس والغموض مف‬
‫السمات المميزة ليذا المفيوـ ‪ ،‬ويعرفو األستاذ سميماف الطماوي المرفؽ العاـ بأنو "مشروع يعمؿ باطراد‬
‫وانتظاـ تحت إشراؼ رجاؿ الحكومة بقصد أداء خدمة عامة لمجميور مع خضوعو لنظاـ قانوني معيف"‪. 3‬‬

‫‪ -‬أما األستاذ محمد فؤاد مينا فيعرؼ المرافؽ العامة بأنيا "مشروعات تنشئيا الدولة أو تشرؼ عمى‬
‫إدارتيا وتعمؿ بانتظاـ واستمرار –مستعينة بسمطاف اإلدارة‪ -‬لتزويد الجميور بالحاجات العامة التي‬
‫يتطمبيا‪ ،‬ال بقصد الربح بؿ بقصد المساىمة في صيانة النظاـ وخدمة المصالح العامة في الدولة" ‪.‬‬

‫‪ -‬ويعرؼ الدكتور طعيمة الجرؼ المرفؽ العاـ‪ ،‬بأنو "نشاط تتواله اإلدارة بنفسيا أو يتواله فرد عادي تحت‬
‫توجيييا ورقابتيا واشرافيا بقصد إشباع حاجة عامة لمجميور" ‪.‬‬

‫وعمى العموـ يمكف مف خالؿ التعاريؼ السابقة أف نستخمص أف المرفؽ العاـ ىو‪" :‬النشاط‬
‫ممارسة الدولة أو األشخاص المعنوية العامة األخرى مباشرة أو تعيد بو إلى األفراد أو األشخاص‬
‫المعنوية الخاصة ليمارسوه تحت إشرافيا ومراقبتيا وتوجيييا تمبية لحاجيات ذات نفع عاـ تحقيقا لممصمحة‬
‫العامة" ‪.‬‬

‫أما الدستور‪ :‬فيو عبارة عف وثيقة أو عدة وثائؽ قانونية تصدر عف ىيئة مختصة وفقا إلجراءات‬
‫معينة وتتضمف القواعد المتصمة بنظاـ الحكـ في بمد معيف أو زمف معيف ‪.‬‬

‫إف وثيقة الدستور تطورت في الوقت الراىف بحيث أصبحت تشتمؿ عمى قواعد ومبادئ ال تتصؿ‬
‫بنظاـ الحكـ فقط بؿ تتعمؽ بالتنظيـ اإلداري والقضائي أو بأىداؼ اقتصادية واجتماعية تصبو الدولة إلى‬
‫تحقيقيا ‪ ،‬كوف الدستور ىو الذي يحدد فكرة القانوف الرسمية في الدولة عف طريؽ تحديد النظاـ السياسي‬
‫وتعييف أىدافو واتجاىاتو االجتماعية واالقتصادية والتي يتعيف أف تعيش في ظمو جؿ أوجو النشاط‬
‫الشرعي في الدوؿ لألفراد كما لمحكومات عمى السواء‪ ،‬فيو اإلطار القانوني العاـ لحياة الدولة يمزـ‬
‫السمطات عند االختيار بيف الغايات واالتجاىات التي يجب أف يسعى إلييا نشاطيا حيف يشرفوف عمى‬
‫المصالح العامة وحيف يوجيوف األفراد والجماعات ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -‬سلٌمان الطماوي‪ :‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الكتاب الثانً‪ ،‬نظرٌة المرفق العام وعمال اإلدارة ‪ ،‬دار الفكر العربً‪ ،‬الطبعة‬
‫العاشرة ‪.8979 ،‬ص ‪.161‬‬

‫‪6‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫أىمية الموضوع ‪:‬‬

‫تكمف أىمية الموضوع محط الدراسة في كوف المرفؽ العاـ بالمغرب‪ ،‬باختالؼ أنواعو‪ ،‬يمثؿ‬
‫المصدر األوؿ لتمبية حاجيات المواطنيف أماـ ضعؼ الدخؿ القومي لألفراد مف جية ‪ ،‬وضعؼ القطاع‬
‫الخاص وقصوره عف تمبية رغبات المواطنيف مف جية ثانية‪ .‬لذا فإف تحديثو وتطويره نابع مف الحاجة إلى‬
‫الرقي بالمصمحة العامة لألفراد والمصمحة العامة لمدولة والمتمثمة في تحقيؽ التنمية االقتصادية ‪.‬‬

‫فأىمية الموضوع نابعة أيضا مف كوف الدولة المغربية تدخؿ في سياؽ متغيرات دولية ومحمية‬
‫جديدة تحتـ عمييا االرتقاء بالمرفؽ العاـ عمى الفعالية واإلنتاجية العالية‪ ،‬وتعزيز قدراتيا التدبيرية أضحى‬
‫أم ار حتميا‪ ،‬ودسترة المبادئ العامة لممرفؽ العاـ والمعايير التي يخضع وتطوير وتجويد التدبير العمومي‬
‫يعتبر الدعامة األساسية لربح رىاف االندماج والتكتالت داخؿ تجمعات جيوية أو قارية‪. 4‬‬

‫ونابعة أيضا مف تنامي االىتماـ بموضوع الحكامة الجيدة كمقاربة حديثة لتدبير الشأف العاـ وفؽ‬
‫متطمبات الشفافية والمساءلة والمحاسبة ‪ ،‬وىي مستمزمات أساسية في عممية تخميؽ الحياة العامة وفي‬
‫مقدمتيا المرافؽ العمومية ‪.‬‬

‫إضافة إلى ىذا البحث األكاديمي الصرؼ تكمف في محاولة وضع مقترب لتحديد وتوضيح مفيوـ‬
‫اإلصالح الدستوري ‪ ،‬مف منطمؽ ما أعاره مف سمو لممرفؽ العاـ والحكامة الجيدة ‪.‬‬

‫فضال عف ىذا‪ ،‬ترتبط األىمية الذاتية ليذا البحث اشد االرتباط باإلشباع األكاديمي لمباحث‪ ،‬ذلؾ‬
‫أف اتخاذ القرار النيائي الختيار موضوع البحث ليس باألمر السيؿ‪ ،‬بؿ تسبقو خطوات تتراوح بيف التفكير‬
‫والتردد والمشاورات ‪...‬ألف االشتغاؿ حوؿ إشكالية معينة ىي عممية مشروطة باالستشارة القبمية لممراجع‪،‬‬
‫لألستاذ المؤطر‪...‬وألنني أؤمف دائما بأف العالقة بيف الباحث او المبحوث فيو‪ ،‬ىي اوال وقبؿ كؿ شيء‬
‫عالقة رمزية تفاعمية ونفسية قبؿ أف تكوف أكاديمية ذلؾ أف ىذه العالقة االنصيارية بيف الباحث‬

‫‪4‬‬
‫مإخرا طلب المغرب ‪ ،‬الثالثاء ‪ 80‬ماي ‪ ، 1088‬من مجلس التعاون الخلٌجً العضوٌة داخل التكتل بهدف االنفتاح والتعاون مع دول‬
‫المنطقة فً إطار ضمان تحقٌق تنمٌة اقتصادٌة واجتماعٌة وسٌاسٌة خصوصا بعدما تبٌن فشل مشروع االتحاد المغاربٌز عن موقع‬
‫‪ ،www.hespress.ma‬آخر زٌارة األربعاء ‪8‬أكتوبر ‪.2009‬‬

‫‪7‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وموضوعو مف شأنيا أف ترفع مف قيمة وجودة البحث العممي‪ ،‬إذ كمما انتفت ىذه العالقة انتفى معيا شرط‬
‫التحفيز وبالتالي غابت الرغبة في سبؿ اغناء البحث ‪.‬‬

‫أىداف البحث ‪:‬‬

‫نيدؼ مف خالؿ ىذا البحث تحقيؽ األىداؼ التالية ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫الوقوؼ عمى أىـ األسباب التي أدت إلى أزمة المرفؽ العاـ ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫رصد اإلطار الدستوري لممرفؽ العاـ ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تسميط الضوء عمى آليات الحكامة الجيدة والييئات التي تعمؿ عمى إقامة المراقبة والمحاسبة ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫البحث في مدى دور الحكامة الجيدة كآلية حديثة لتدبير العمومي في تحقيؽ رىاف تخميؽ االدارة‬ ‫‪‬‬
‫العمومية المغربية ‪.‬‬

‫ضرورة إصدار ميثاؽ خاص بتنظيـ المرافؽ العامة ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫صعوبات البحث ‪:‬‬

‫تطالعؾ صعوبة كبيرة وأنت تبحث في موضوع ييتـ بالمرفؽ العاـ ‪ ،‬نظ ار الرتباط ىذا األخير‬
‫بعدة حقوؿ عممية فيو يجمع بيف ما ىو قانوني وبيف ما ىو اقتصادي وبيف ما ىو سياسي وبيف ما ىو‬
‫اجتماعي‪ ،‬إف البحث في موضوع المرفؽ العاـ بصفة عامة و"المرفؽ العاـ عمى ضوء الدستور الجديد"‬
‫بصفة خاصة ليس باألمر الييف ‪،‬كونو جديدا عمى البحوث العممية واألكاديمية وكوف النقاش فيو ال يزاؿ‬
‫الى يومنا ىذا مطروحا في صالونات الدردشة ‪.‬‬

‫ىذه الصعوبات تتمثؿ في كوف الكتابات التي تعالج موضوع اإلطار الدستوري لممرفؽ العاـ‬
‫بالمغرب قميمة اف لـ نقؿ منعدمة ويرجع ذلؾ الى كوف الموضوع جديد وال يزاؿ قيد الدراسة ‪.‬‬

‫تحديد اإلشكالية العامة ‪:‬‬

‫في سياؽ دولي متسارع ومتغيرات محمية فرضتيا الظروؼ الراىنة‪ ،5‬بات مف الضروري إعادة‬
‫التفكير في مستوى أداء النشاط العمومي واعادة تقييمو‪ ،‬خصوصا بعد التوسع الميوؿ لمقطاع العاـ برمتو‬

‫‪5‬‬
‫اإلصالحات الدستورٌة لسنة ‪.1088‬‬

‫‪8‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫حتى يكوف في المستوى المطموب الذي تسعى إليو الدولة‪ ،‬ويعد المرفؽ العاـ‪ ،‬الوجو الحقيقي لكؿ إصالح‬
‫وتقدـ تروـ الدولة الوصوؿ إليو‪ ،‬غير أف المرفؽ العاـ‪ ،‬ضؿ مستوى أداءه محط انتقاد‪ ،‬حيث برزت عدة‬
‫مشاكؿ مرتبطة بالتسيير والتدبير والتمويؿ ‪ ،‬مما جعؿ المرفؽ العاـ ال يؤدي دوره عمى أحسف وجو‪ ،‬رغـ‬
‫اإلصالحات التي ىدفت إلى الرقي بو‪ ،‬المتمثمة في دسترة المبادئ والمعايير التي يخضع ليا‪ ،‬خمؽ‬
‫مؤسسات الحكامة الجيدة الضامنة لربط المسؤولية بالمحاسبة ‪.‬‬

‫ومف ىذا المنطمؽ‪ ،‬تبرز اإلشكالية العامة لمموضوع والمتمثمة في إلى أي حد يمكف لمدستور‬
‫الجديد أف يصبح مؤش ار وبداية إلخراج المرفؽ العاـ مف األزمة التي يعاني منيا ؟ ‪.‬‬

‫اإلشكاليات الفرعية ‪:‬‬

‫تتفرع عف ىذه اإلشكالية مجموعة مف اإلشكاليات الفرعية والتي نوجزىا كما يمي ‪:‬‬

‫ما أسباب ظيور أزمة المرفؽ العاـ‪ ،‬وما ىي تجمياتيا ؟‬ ‫‪‬‬

‫ىؿ األزمة مرتبطة بجانب ىيكمي أـ بجانب عضوي ؟ بمعنى أف األزمة ترتبط بالجانب التنظيمي‬ ‫‪‬‬
‫وطرؽ التسيير؟ أـ مرتبطة بعوامؿ خارجية كضعؼ التمويؿ‪ ،‬التمدف السريع‪ ،‬تزايد متطمبات المرفؽ‪..‬؟‬

‫لتفادي أزمة المرفؽ العاـ‪ ،‬ما ىي اإلصالحات المعتمدة التي تـ تبنييا لمخروج مف ىذه األزمة؟‬ ‫‪‬‬
‫وىؿ كانت كافية ؟‬

‫ما ىي مختمؼ الضمانات الدستورية لبناء مرفؽ عاـ يتسـ بالفعالية والتنافسية والجودة والمشاركة‬ ‫‪‬‬
‫؟‬

‫ما ىي افاؽ تدبير المرافؽ العامة عمى ضوء الدستور الجديد ؟‬ ‫‪‬‬

‫المنيج المعتمد ‪:‬‬

‫لإلجابة عف اإلشكالية العامة‪ ،‬واإلشكاليات الفرعية‪ ،‬أوجب عمينا اعتماد مقاربة منيجية متعددة‪،‬‬
‫فموضوع "المرفؽ العاـ عمى ضوء الدستور الجديد" مف المواضيع التي ال يسع لإلحاطة بيا تبني مقاربة‬
‫منيجية واحدة‪ ،‬بؿ تتداخؿ فيو عدة مناىج يكمؿ بعضيا اآلخر ‪.‬‬

‫وبناءا عمى ذلؾ‪ ،‬تـ توظيؼ المنيج االستقرائي لمجموعة مف الوثائؽ التي تـ تجميعيا مف خالؿ‬
‫البحث عف المراجع‪ ،‬والتي تتوزع ما بيف المراجع العممية التي تحيؿ عمى الموضوع‪ ،‬ومجموعة مف‬

‫‪9‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫المنشورات الرسمية الصادر عف الوزير األوؿ‪ ،‬أو بعض الييئات الوطنية أو الدولية‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫مجموعة مف النصوص القانونية ‪.‬‬

‫وكذلؾ استعنا بالمنيج التاريخي الذي يعطي لمدراسة األكاديمية أىميتيا ‪ ،‬خصوصا وأف أي‬
‫دراسة تحميمية‪ ،‬تستوجب الرجوع إلى التطور التاريخي لفيـ الخمفيات التي كانت وراء ظيورىا‪ .‬فموضوع "‬
‫المرفؽ العاـ عمى ضوء الدستور الجديد " ينطمؽ مف فترة زمنية‪ ،‬الثمانينيات تستدعي منا توظيؼ المنيج‬
‫التاريخي حتى يتسنى لنا فيـ األسباب التي أدت إلى أزمة المرفؽ العاـ وطرح حؿ اإلصالحات كجواب‬
‫عمى اإلشكالية المطروحة ‪.‬‬

‫وأخي ار‪ ،‬وجب عمينا توظيؼ بعض التقنيات المنيجية ال تدخؿ ضمف خانة المناىج العممية‪،‬‬
‫كتقنية المقابمة وتقنية تحميؿ المضموف وتقنية المقارنة‪ ،‬فتحميؿ المضموف اعتمدتو عند مقاربتنا‬
‫لمتصريحات والخطابات الرسمية‪ ،‬فيما تـ اعتماد تقنية المقابمة عند الحديث عف األسس النظرية لمتدبير‬
‫العمومي الجديد ومقابمتيا باألسس التطبيقية لمتدبير العمومي الجديد بالمغرب ‪.‬‬

‫بينما ارتأينا تطبيؽ تقنية المقارنة عند الحديث عف أىـ التجارب الرائدة في مجاؿ تطبيؽ الجودة‬
‫والفعالية والمراقبة ‪.‬‬

‫طرح التصميم ‪:‬‬

‫لقد شكؿ إيجاد تصميـ محكـ لمعالجة موضوع ىذه الرسالة‪ ،‬أحد الصعوبات المحورية‪ ،‬خصوصا‬
‫إذا عممنا أنو مف المواضيع المركبة التي يصعب معيا بيف مضامينيا سواء مف حيث الكـ أو مف حيث‬
‫المضموف‪ ،‬وسعيا منا إيجاد جواب عمى عناصر اإلشكالية األساسية أو الفرعية ارتأينا اعتماد التصميـ‬
‫الثنائي التالي ‪:‬‬

‫الفصل االول ‪ :‬تطور نظرية المرافق العامة ومضمونيا ‪.‬‬

‫‪ -‬المبحث االوؿ ‪ :‬مضموف المرافؽ العامة بيف المفيوـ والعناصر ‪.‬‬

‫‪ -‬المبحث الثاني‪ :‬النظاـ القانوني لممرافؽ العامة ‪.‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬مستجدات الدستور الجديد في مجال تدبير المرافق العامة ‪.‬‬

‫‪ -‬المبحث االوؿ ‪ :‬المبادئ والمعايير المدسترة التي تخضع ليا المرافؽ العامة ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ -‬المبحث الثاني ‪ :‬أفاؽ تدبير المرافؽ العامة عمى ضوء الد ستور الجديد ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫الفصل الول ‪:‬‬

‫تطور نظرية المرافق العامة‬


‫ومضمونيا‬

‫‪12‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫كاف مفيوـ المرفؽ العاـ يقوـ‪ ،‬في البداية أساسا‪ ،‬عمى التعبير عف النشاط اإلداري لألشخاص‬
‫العامة‪ ،‬انطالقا مف ىذا التصور نشأ معيار المرفؽ العاـ عمى فكرة بسيطة مؤداىا أنو كمما تعمؽ نشاط‬
‫اإلدارة بالمرفؽ العاـ كمما كاف القانوف الواجب التطبيؽ ىو القانوف اإلداري‪ ،‬وكاف القضاء المختص‬
‫ىو القضاء اإلداري‪ ،‬غير أف تطور الظروؼ االقتصادية‪ ،‬االجتماعية الثقافية‪ ...‬مف جية ‪،‬وتطور‬
‫احتياجات المحكوميف في الزماف والمكاف انعكس عمى مفيوـ المرفؽ العاـ بشكؿ أرغمو عمى مسايرة‬
‫مختمؼ ىذه التطورات ‪.‬‬

‫لقد انتيى ىذا التطور – خالفا لممفيوـ التقميدي لممرفؽ العاـ الذي أرست أسسو ودافعت عنو‬
‫مدرسة بوردو بزعامة "ديغي" و "جيز" – إلى إفراز أنواع جديدة ومتعددة لممرفؽ العاـ‪ ،‬ولما كاف‬
‫الغرض مف ىذه الم ارفؽ ىو تحقيؽ إشباع الحاجات العامة التي أنشئ المرفؽ العمومي مف أجميا عمى‬
‫أحسف وجو‪ ،‬فقد أصبح لزاما عمى اإلدارة أف تبحث عف أفضؿ الطرؽ لتسييرىا وادارتيا ‪.‬‬

‫وىذا التطور لـ يقؼ عند ىذا الحد‪ ،‬بػؿ أصبحنا نرى مرافؽ تػدار مف طرؼ الخواص خالفػا‬
‫لما كاف معموال بو في السابػؽ‪ ،‬حيث كاف المرفؽ العاـ حك ار عمى األشخاص العامة ليس إال ‪.‬‬

‫وىذا ما أدى إلى استحالة إعطاء تعريؼ دقيؽ وواضح لممرفؽ العاـ‪ ،‬وصعوبة تحديد المرفؽ‬
‫العاـ وتعريفو تجعمنا نشاطر رأي الفقيو "‪ " Truchet‬الذي يالحظ أف ‪" :‬غياب تعريؼ دقيؽ لمفيوـ ما‬
‫يكوف عادة بمثابة دليؿ عمى أنو محؿ تطور مستمر"‪ .‬ولعؿ الباحث الذي وجد التعابير الالئقة لوصؼ‬
‫مدى صعوبة تعريؼ مفيوـ المرفؽ العاـ ىو الفقيو "‪""Waline‬فاليف" الذي يقوؿ ‪" :‬قد يسيؿ جمع‬
‫الزئبؽ السائؿ مف المحرار القديـ المكسر في حيف يصعب إعطاء تعريؼ واضح ودقيؽ لمفيوـ المرفؽ‬
‫العاـ"‪. 6‬‬

‫وعموما ينظر إلى المرفؽ العاـ عمى أنو نشاط ييدؼ إلى تحقيؽ مصمحة عامة‪ ،‬ذىبت نية‬
‫السمطة التنظيمية أو التشريعية إلى اعتباره مرفقا عموميا‪ ،‬مع إخضاعو لسمطات اإلدارة أو مف يقوـ‬

‫‪6‬‬
‫‪ -‬إبراهٌم كومغار ‪ :‬المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث ‪ ،‬مطبعة النجاح الجدٌدة الدار البٌضاء ‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ، 1009‬ص ‪.83‬‬

‫‪13‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫مقاميا‪ ،‬وقد عرفو الدكتور سميماف الطماوي بأنو ‪" :‬مشروع يعمؿ باضطراد وانتظاـ تحت إشراؼ رجاؿ‬
‫الحكومة بقصد خدمة عامة لمجميور‪ ،‬مع خضوعو لنظاـ معيف"‪. 7‬‬

‫بالرغـ مف اختالؼ الفقياء حوؿ التعريؼ‪ ،‬فإنو يمكف استخالص ما يتفقوف حولو مف عناصر‬
‫لممرفؽ العمومي وىي ‪:‬‬

‫‪ - 1‬أف كؿ مرفؽ عمومي يقوـ عمى أساس إشباع رغبة جماعية ألداء خدمة عامة‪ ،‬تتواله اإلدارة‬
‫ألىميتو حسب منظورىا ‪.‬‬

‫‪ - 3‬تؤدي ىذه الخدمة الدولة أو ىيئاتيا التابعة ليا‪ ،‬لما تستطيعو مف استعماؿ وسائؿ القانوف العاـ‪،‬‬
‫إال أف ىذا ال يمنع مف تكميؼ أفراد بإدارة مرفؽ عمومي مع احتفاظ اإلدارة باإلشراؼ العاـ ‪.‬‬

‫‪ - 4‬تؤدى ىذه الخدمة عف طريؽ مشروع باعتبار أف كؿ مرفؽ عاـ ىو منظمة تتكوف مف مجموعة‬
‫وسائؿ وأشخاص‪ ،‬ومواد مرتبة ترتيبا إداريا يكفؿ ليا الخدمة العامة ‪.‬‬

‫وتعد فكرة المرفؽ العاـ بمثابة األساس الذي قامت عميو نظريات ومبادئ القانوف اإلداري‪،‬‬
‫مظير رئيسيا مف مظاىر تدخؿ الدولة إلشباع الحاجيات العامة لألفراد‪ ،‬فيي أوسع ىذه‬
‫ا‬ ‫لكونيا‬
‫المظاىر وأبعدىا مدى ‪.‬‬

‫ليذا يتعيف عمينا‪ ،‬ونحف بصدد حصر مضموف المرافؽ العامة‪ ،‬أف نؤصؿ لظيور فكرة‬
‫المرفؽ العاـ كأساس لتطبيؽ قواعد القانوف اإلداري والتطور الذي عرفتو ىذه الفكرة إلى أف وصمت إلى‬
‫ما ىي عميو األف‪ ،‬وذلؾ قبؿ الوقوؼ عند تحديد تعريؼ المرفؽ العاـ والعناصر التي يقوـ عمييا‪ ،‬مع‬
‫تحديد أصنافيا‪ ،‬السيما وأف توسع وتنوع مياديف تدخؿ الدولة أدى إلى ظيور أنواع متعددة مف المرافؽ‬
‫العامة التي تختمؼ حسب المعيار المعتمد في التقسيـ أو التصنيؼ (المبحث االوؿ)‪ ،‬وكذلؾ النظاـ‬
‫القانوني لممرافؽ العامة (المبحث الثاني ) ‪.‬‬

‫المبحث الول ‪ :‬مضمون المرافق العامة بين المفيوم والعناصر‬

‫‪7‬‬
‫‪ -‬سلٌمان الطماوي‪ :‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الكتاب الثانً‪ ،‬نظرٌة المرفق العام وعمال اإلدارة ‪ ،‬دار الفكر العربً‪ ،‬الطبعة‬
‫العاشرة ‪ 8979 ،‬ص‪.13‬‬

‫‪14‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫عرؼ مفيوـ المرفؽ العاـ تطورات عميقة وجذرية‪ ،‬منذ أف أسس االجتياد القضائي لنظريتو في‬
‫بداية القرف العشريف‪ ،8‬وىي مف أىـ النظريات والمبادئ التي قاـ عمييا القانوف اإلداري‪ ،‬وبالنظر ليذه‬
‫التطورات التي عرفتيا فكرة المرفؽ العاـ‪ ،‬فقد كاف مف البدييي أف يختمؼ فقياء القانوف في تعريفيـ‬
‫لممرفؽ العاـ‪ ،‬إذ بعضيـ ينظر إليو مف زاوية الشكؿ أو الييئة التي تديره‪ ،‬والبعض اآلخر يركز‬
‫اىتمامو عمى موضوع ونشاط ىذا المرفؽ‪ ،‬وىذا رغـ أف ىناؾ شبو إجماع بيف جميع الفقياء عمى‬
‫ضرورة توفر مجموعة مف العناصر الالزمة لقياـ المرفؽ العاـ ‪.‬‬

‫وفي إطار سعينا لتأطير مفيوـ المرفؽ العاـ كاف لزاما الوقوؼ عند ظيور فكرة المرفؽ العاـ‬
‫كأساس لتطبيؽ قواعد القانوف اإلداري‪ ،‬وتطورىا ؽبؿ التطرؽ لتعريؼ المرفؽ العاـ وعناصره األساسية‬
‫‪،‬وذلؾ في( المطمب االوؿ ) وأنواع المرافؽ العامة في (المطمب الثاني ) ‪.‬‬

‫المطمب ال ول ‪ :‬مفيوم المرافق العامة‬

‫في البداية ينبغي التذكير إف لفكرة المرفؽ العاـ عالقة وثيقة بالقانوف اإلداري كفرع مف فروع‬
‫القانوف‪ ،‬وىذا ما رأيناه عند دراسة أسس القانوف اإلداري‪ ،‬حيث استندت مدرسة المرفؽ العاـ ليذه الفكرة‬
‫القانونية واعتبرتيا أساسا لتحديد نطاؽ القانوف اإلداري و تطبيؽ أحكامو ‪.‬‬

‫كما اعتمد عمييا أيضا لرسـ مجاؿ اختصاص كؿ مف القضاء العادي والقضاء اإلداري‪.‬‬
‫واعتبرت مدرسة المرفؽ العاـ الدولة بمثابة جسـ خالياه المرافؽ العامة‪ ،‬ويعتبر المرفؽ العاـ أكثر‬
‫المفاىيـ القانونية غموضا واثارة لمجدؿ‪ .‬فمف الفقياء مف ارتكز عمى معيار الوظيفي‪ ،‬ومنيـ مف استند‬
‫في تعريؼ المرفؽ العاـ الى معيار العضوي ومنيـ مف مزج بيف األوؿ والثاني ‪.‬‬

‫وسنسمط الضوء عمى ظيور وتطور فكرة المرفؽ العاـ ( الفرع االوؿ )‪ ،‬وتعريؼ المرفؽ العاـ‬
‫وعناصره ( الفرع الثاني ) ‪.‬‬

‫الفرع ال ول ‪ :‬ظيور وتطور فكرة المرفق العام‬

‫‪8‬‬
‫‪ -‬عبد هللا حداد ‪ :‬الوجٌز فً قانون المرافق العمومٌة الكبرى ‪ ،‬منشورات عكاظ ‪ ،‬الرباط‪ ،‬أكتوبر ‪ ، 1008‬ص ‪.16‬‬

‫‪15‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫عند ظيور فكرة المرفؽ العاـ خالؿ القرف التاسع وبداية القرف العشريف لـ تكف عمى درجة مف‬
‫اإلبياـ والغموض كالذي نراه اآلف‪ ،‬خاصة وأف وظائؼ الدولة في تمؾ المرحمة كانت واضحة ودقيقة‬
‫وألف المرافؽ العامة في بداية األمر كانت تتسـ بارتباطيا بمظير سيادة الدولة األمر الذي جعؿ الفقياء‬
‫يجمعوف عمى خضوعيا لمقانوف العاـ‪ ،‬وعمى ضرورة توفر مجموعة مف العناصر الالزمة لقياـ المرفؽ‬
‫العاـ ‪.‬‬

‫وفي اطار سعينا لتأطير مفيوـ المرفؽ العاـ ‪،‬كاف لزما الوقوؼ عند ظيور فكرة المرفؽ العاـ‬
‫(الفقرة االولى)‪ ،‬وتطور فكرة المرفؽ العاـ ( الفقرة الثانية) ‪.‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬ظيور فكرة المرفق العام‬

‫قبؿ بزوغ فكرة المرفؽ العاـ اعتمد فقياء القرف التاسع عشر في فرنسا عمى فكرة السمطة العامة‬
‫‪ ،9 Puissance publique‬لتبرير قواعد القانوف اإلداري وانعقاد االختصاص لمقضاء اإلداري عندما‬
‫تتصرؼ اإلدارة كسمطة آمرة وناىية مستفيدة مف نظاـ قانوني متميز يقرر شروطا وأوضاعا غير‬
‫مألوفة في القانوف الخاص ال تستفيد منيا اإلدارة عندما تظير كشخص عادي تمارس أعماال تخضع‬
‫لنفس األساليب والشروط التي يمارس فييا األفراد الخواص تمؾ األعماؿ‪ ،‬لذلؾ ساىمت فكرة السمطة‬
‫العامة في إبراز قواعد القانوف اإلداري وتطبيقيا عمى عالقات اإلدارية وىي تؤدي مياـ "الدولة‬
‫الحارسة" والتي تقتصر عمى أداء وظائؼ األمف والدفاع والقضاء والتي يسيؿ تمييزىا عف باقي‬
‫األنشطة التي يؤدييا الخواص ‪.‬‬

‫تبعا لذلؾ وفي ظؿ انتشار مبادئ المذىب الحر واإليديولوجي الميبرالية كاف مفيوـ السمطة‬
‫العامة كافيا لتحديد نطاؽ القانوف اإلداري‪ ،‬بيد أنو مع تطور مياـ الدولة نتيجة انتشار المبادئ‬
‫االشتراكية واالقتصاد الموجو كاف لزاما عمى الدولة أف تتدخؿ إلشباع الحاجيات العامة الضرورية‬
‫لألفراد‪ ،‬كالتعميـ والصحة وتوزيع الماء والكيرباء‪ ،‬والنقؿ عبر السكؾ الحديدية‪ ...‬لذلؾ أنشأت الدولة‬
‫مشروعات عامة تقوـ بتسييرىا أو تشرؼ عمى تدبيرىا فظيرت مرافؽ جديدة وفي ذلؾ يقوؿ األستاذ‬
‫"موارانج ‪..." " Morange‬فمنذ عدد مف السنيف تزايد تدخؿ الدولة‪ ،‬ذلؾ التدخؿ الذي ىيأت أسبابو‬

‫‪9‬‬
‫‪ -‬إبراهٌم كومغار ‪ :‬المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬

‫‪16‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫الحرب العالمية الثانية ‪ 2:56-2:4:‬ووسعت نطاقو فولجت الدولة مياديف ما كانت ليا مف قبؿ‬
‫وألسباب مختمفة‪. 10"...‬‬

‫لذلؾ تبيف بجالء أف حاجة اإلدارة لقانوف مستقؿ ومتميز في مبادئو األساسية المختمفة عف تمؾ‬
‫التي يقوـ عمييا القانوف الخاص‪ ،‬ال تعود إلى كوف اإلدارة صاحبة سمطة أو سيادة‪ ،‬ولكف إلى‬
‫مق تضيات حسف سير المرافؽ العمومية القائمة إلشباع الحاجيات العامة تحقيقا لممنفعة العامة‪ ،‬وبالتالي‬
‫–وكما قاؿ األستاذ ميشيؿ روسي‪ -11‬يتعيف ترؾ جميع النظريات التي تركز عمى سمط الحكاـ لفائدة‬
‫النظريات‪ ،‬التي بالمقابؿ تركز عمى الواجبات الممقاة عمى ىؤالء ‪.‬‬

‫مف ىنا ظيرت فكرة المرفؽ العاـ كأساس جديد لتحديد مجاؿ القانوف والقضاء اإلدارييف تقوـ‬
‫عمى التمييز بيف ما يتعمؽ بمرفؽ عمومي وما ال يتعمؽ بو‪ ،‬وبعبارة أخرى فإف ما يتعمؽ بنشاط المرفؽ‬
‫العاـ يتصؿ بالقانوف اإلداري فيخضع الختصاص القضاء اإلداري‪ ،‬وما ال يتعمؽ بنشاط المرفؽ العاـ‬
‫يتصؿ بالقانوف الخاص فيخضع الختصاص القضاء العادي ‪.‬‬

‫ولقد تأكدت فكرة المرفؽ العاـ منذ أواخر القرف التاسع عشر عبر سمسمة مف أحكاـ مجمس‬
‫الدولة الفرنسي ومحكمة التنازع بفرنسا وعمى رأسيا الحكـ الشيير في قضية بالنكو ‪Blanco12‬‬
‫الصادر في ‪ 9‬فبراير‪ ،‬وحكـ مجمس الدولة في "قضية تريي ‪ Terrier‬الصادر في ‪ 7‬فبراير ‪،2:14‬‬
‫وسارت عمى نفس المنواؿ أحكاـ قضائية أخرى كحكـ فوتري ‪ Feutry‬الصادر بتاريخ ‪ 3:‬فبراير‬
‫‪ ،2:19‬وكذلؾ حكـ تيروف‪ Théron‬الصادر بتاريخ ‪ 5‬مارس ‪. 2:21‬‬

‫‪10‬‬
‫‪- Michel rousset :Le service public au Maroc , éditions la porte,2002,p , 26 .‬‬
‫‪11‬‬
‫‪ -‬مٌشٌل روسً‪،‬القانون اإلداري المغربً‪ ،‬الترجمة العربٌة‪ ،‬المطبعة الملكٌة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ، 8988 ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪12‬‬
‫‪ -‬وٌمكن تلخٌص هذه القضٌة فً ان السٌد بالنكو قد اقام دعوى تعوٌض عن إصابة ابنته من جراء حادث سببته عربة تابعة لمصنع تبغ‬
‫مملوك للدولة ‪ ،‬وطالب السٌد بالنكو الحكم على الدولة بالتعوٌض ‪ ،‬باعتبارها مسإولة مدنٌا عن األخطاء التً ٌرتكبها عمال المصنع‬
‫المذكور وذلك أمام المحكمة المدنٌة التً قضت بعدم اختصاصها ‪ ،‬ولما وصل االمر إلى محكمة التنازع الفرنسٌة لكً تفصل فً مسؤلة‬
‫االختصاص بٌن جهتً القضاء االداري و العادي ‪ ،‬أي تحدد الجهة القضائٌة المختصة والقانون الواجب التطبٌق ‪ ،‬فقضت محكمة التنازع‬
‫بؤنه (‪ ...‬مسإولٌة الدولة عن االضرار التً تسببها االدارة بفعل األشخاص الذٌن تسخدمهم فً المرفق العام ال ٌمكن ان تحكمها المبادئ‬
‫التً ٌقررها التقنٌن المدنً لتنظٌم الروابط بٌن األفراد بعضهم ببعض ‪ ،‬وأن هذه المسإولٌة الدولة لٌست عامة وال مطلقة ‪،‬بل لها قواعدها‬
‫الخاصة التً تتغٌر تبعا لحاجات المرفق ولضرورة التوفٌق بٌن حقوق الدولة والحقوق الخاصة ‪ )...‬وانتهت محكمة التنازع إلى تؤٌٌد‬
‫اختصاص القضاء االداري اي مجلس الدولة الفرنسً ووجوب تطبٌق قواعد المسإولٌة االدارٌة دون المسإولٌة المدنٌة‪ .‬للمزٌد من‬
‫التفاصٌل ٌراجع فً هذا الشؤن المرجع السابق‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫ولقد تحمس أشير الفقياء الفرنسييف لفكرة المرفؽ العاـ ومف بينيـ ديجي ‪ Duguit‬وبونار‬
‫‪ Bonnard‬وجيز ‪ Jeze‬حتى سميت مدرستيـ "بمدرسة المرفؽ العاـ" بحيث نسب ىؤالء جميع‬
‫نظريات القانوف اإلداري إلى فكرة المرفؽ العاـ‪ ،‬فالقانوف اإلداري حسب بونار ‪ Bonnard‬يعرؼ‬
‫بقانوف المرافؽ العامة‪ ،‬واألمواؿ العامة ىي األمواؿ المخصصة لممرفؽ العاـ حسب ديجي‪Duguit‬‬
‫واألشغاؿ العمومية ىي األشغاؿ المنجزة لصالح المرفؽ العاـ حسب جيز ‪ ،Jeze‬وقد بالغ أنصار‬
‫المرفؽ العاـ كثي ار في إعطاء معيار المرفؽ العاـ أكثر مما يستحؽ‪ ،‬إذ أروا فيو مخرجا إليجاد معيار‬
‫واضح لتطبيؽ القانوف اإلداري وايجاد حؿ إلشكالية التمييز بيف الجيتيف القضائيتيف‪ :‬القضاء اإلداري‬
‫والقضاء العادي‪. 13‬‬

‫تبعا لذلؾ يتضح أف فكرة المرفؽ العاـ تمكنت مف تحديد نطاؽ القانوف اإلداري يجعؿ كؿ عمؿ‬
‫متعمؽ بسير المرفؽ العمومي داخال في حكـ األعماؿ اإلدارية التي تخضع لمقانوف اإلداري وتكوف‬
‫منازعاتيا مف اختصاص المحاكـ اإلدارية‪ ،‬بيد أف تطور الحياة اإلدارية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫دفعت بالدوؿ إلى ارتياد مجاالت جديدة وتمبية حاجيات عامة عجزت المبادرة الخاصة عف تأمينيا‬
‫وبذلؾ لـ يعد دور الدولة يقتصر عمى إحداث وتدبير المرافؽ التقميدية (الدفاع األمف‪ ،‬القضاء‪،‬‬
‫الخارجية‪ ،‬المالية‪ )..‬بؿ ظيرت مرافؽ عامة صناعية وتجارية تطبؽ في سبيؿ حسف سيرىا مزيجا مف‬
‫أساليب القانوف العاـ والخاص‪ ،‬كما تولى األفراد والشركات الخاصة تدبير بعض المرافؽ العامة عبر‬
‫أسموب االمتياز أو االلتزاـ عالوة عمى ظيور المشروعات الخاصة القائمة لحقيؽ منافع عامة التي‬
‫اعترفت بيا الدولة ومكنتيا مف استعماؿ وسائؿ القانوف العاـ تحت إشرافيا ورقابتيا‪. 14‬‬

‫ىكذا لـ يعد وجود مرفؽ عمومي متالزـ مع وجود ىيئة عامة وتطبيؽ قواعد القانوف اإلداري‬
‫ما داـ أف قواعد القانوف الخاص دخمت إلى الكثير مف المرافؽ الصناعية والتجارية والمينية وغيرىا‪،‬‬
‫وتـ تمديد تطبيؽ القانوف العاـ ليغطي جانبا مف نشاط المشروعات الخاصة ذات النفع العاـ‪ ،‬لذلؾ‬
‫سنتعرض فكرة المرفؽ العاـ لالضطراب وسيشكؾ الفقياء في قيمتيا كوسيمة ومعيار لتحديد نطاؽ‬
‫القانوف اإلداري مما أدى إلى ما عرؼ "بأزمة المرفؽ العاـ" بحيث تشعبت فكرة المرفؽ العاـ واكتنفيا‬

‫‪13‬‬
‫‪ -‬عبد هللا حداد ‪ :‬الوجٌز فً قانون المرافق العمومٌة الكبرى ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪14‬‬
‫‪ -‬عبد القادر باٌنة ‪ :‬المختصر فً القانون االداري المغربً ‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،8983 ،‬ص‪. 99‬‬

‫‪18‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫اإلبياـ والغموض‪ ،‬وتعذر تعريفيا تعريفا دقيقا‪ ،‬وبات مف العسير تحددي ما يقصد بالمرفؽ العاـ‪ ،‬ىؿ‬
‫يقصد بو المعنى الشكمي الذي يرتكز عمى الشخص الذي يتولى النشاط أـ يقصد بو المعنى المادي‬
‫المتجسد في نشاط المرفؽ ذاتو‪ ،‬مما حتـ ضرورة تطوير المفيوـ التقميدي لممرفؽ العاـ إلى مفيوـ حديث‬
‫يتالئـ مع التغي ارت الطارئة في مياـ ووظائؼ الدولة ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تطور فكرة المرفق العام‬

‫لقد ساىمت عدة عوامؿ في غموض المفيوـ القديـ لنظرية المرفؽ العاـ وأدت إلى األخذ بمفيوـ‬
‫حديث يواكب ويستوعب التغيرات اليامة مع وظائؼ الدولة‪ ،‬ىذه األخيرة التي وجدت نفسيا مضطرة إلى‬
‫التدخؿ إلشباع حاجيات عامة متطورة لصالح المواطنيف كتوزيع الماء والكيرباء‪ ،‬الياتؼ‪ ،‬التمدرس‪...‬‬
‫وىذا ما أدى إلى كثرة وتنوع المرافؽ العامة التي تديرىا اإلدارة مباشرة أو تشرؾ األفراد الخواص في تدبيرىا‬
‫تحقيقا لمصالح العاـ‪ ،‬وكاف تدخؿ الخواص في تدبير المرافؽ العامة يتمظير كالتالي ‪:‬‬

‫‪ -‬تدبير مرافؽ عامة مينية مف لدف أشخاص مف بيف أعضاء مينة معينة (نقابة األطباء‪ ،‬نقابة المحاميف‪،‬‬
‫نقابة الصيادلة‪. )...‬‬

‫‪ -‬تولي فرد أو شركة تدبير إحدى المرافؽ العامة عبر أسموب االمتياز أو االلتزاـ أو بطريقة االستغالؿ‬
‫غير المباشر أو شركة المساىمة ‪.‬‬

‫‪ -‬إشراؼ الخواص عمى مشروعات خاصة ذات النفع العاـ والتي تستفيد مف امتيازات القانوف العاـ نظ ار‬
‫لقياميا عمى تحقيؽ المصمحة العامة ‪.‬‬

‫بالمقابؿ تنوعت صور تدخؿ الدولة في إدارة المرافؽ العاـ بحيث خضعت بعض األنشطة‬
‫الحتكار اإلدارة وتـ تقاسـ أنشطة أخرى مع الخواص والمشاركة معيـ فييا‪ ،‬أو االكتفاء فقط بمراقبة‬
‫وتنظيـ أنشطة معينة‪. 15‬‬

‫ولقد أثرت ىذه التطورات في الجوىر األصمي لنظرية المرفؽ العاـ الكامف في ارتباط تطبيؽ‬
‫القانوف العاـ والقانوف اإلداري بمفيوـ المرفؽ العاـ واستبعاد تطبيؽ قواعد القانوف الخاص عمى العالقة‬

‫‪15‬‬
‫‪ -‬محمد نشطاوي ‪ ،‬المرافق العامة الكبرى ‪،‬المطبعة و الوراقة الوطنٌة ‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ، 1001‬ص ‪. 18‬‬

‫‪19‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫القانونية المرتبطة بالمرفؽ العاـ‪ ،‬ىذه الصورة التي لـ تصمد أماـ اتساع نشاط اإلدارة ونشاط األفراد‬
‫ومباشرة كؿ منيما لنفس النشاط الذي يتواله اآلخر في سبيؿ تحقيؽ النفع العاـ‪ ،‬لذلؾ توارت معالـ المرفؽ‬
‫العاـ في معناه التقميدي وطفت عمى السطح معالـ جديدة تجمت كالتالي ‪:‬‬

‫‪ -‬غمبت المضموف المادي (طبيعة النشاط الذي يقوـ بو المرفؽ العاـ) عف المضموف العضوي (الييئة‬
‫العامة التي تدير النشاط لتحقيؽ المصمحة العامة والخاضعة لمقانوف والقضاء اإلدارييف) وعدـ تطابقيما‪.‬‬

‫‪ -‬اتساع مفيوـ المصمحة العامة بتنامي الحاجيات العامة التي بات يطالب األفراد بتمبيتيا مثؿ التعميـ‪،‬‬
‫النقؿ‪ ،‬الصحة‪ ...‬مما دفع بالخواص إلى القياـ بمشروعات ال تقوـ أساسا عمى تحقيؽ الربح بقدر ما تقوـ‬
‫عمى خدمة المنفعة العامة لذلؾ لـ يعد المرفؽ العمومي خاضعا بالضرورة لمسمطة اإلدارية التي أحدثتو ‪.‬‬

‫‪ -‬تجاوز قاعدة القانوف اإلداري ىو قانوف المرافؽ العامة‪ ،‬ما داـ أف المرافؽ العامة التجارية والصناعية‬
‫أضحت في حاجة إلى قواعد القانوف الخاص أكثر مف قواعد القانوف العاـ‪ ،‬وتحريرىا مف قيود القانوف‬
‫اإلداري سيجعميا تؤدي ميمة تمبية المنافع العامة عمى أحسف وجو‪ ،‬وبذلؾ لـ يعد المرفؽ العمومي يتميز‬
‫بتطبيؽ قواعد القانوف اإلداري عميو‪ ،‬بؿ يمكف أف يخضع لمزيج مف القانوف العاـ والقانوف الخاص‪،‬‬
‫ويختمؼ ذلؾ بحسب طبيعة المرافؽ العامة اإلدارية تخضع لمقانوف العاـ واستثناءا لمقانوف الخاص‪،‬‬
‫وعكس ذلؾ ينطبؽ أصال عمى المرافؽ العامة االقتصادية واالجتماعية‪. 16‬‬

‫ومف خالؿ ىذا التطور المرتبط بمفيوـ المرفؽ العاـ تنبثؽ شروط أساسية لوجوده أىميا قيامو‬
‫لتمبية حاجيات عامة ذات منفعة عامة أوال‪ ،‬وخضوعو كميا أو جزئيا لمقانوف اإلداري أو القانوف الخاص‬
‫حسب الحاجة واألوضاع ثانيا‪ ،‬وارتباطو بسمطة عامة تريد إشباع حاجيات عامة بأسموب المرفؽ العاـ‬
‫ثالثا ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تعريف المرفق العام وعناصره‬

‫‪16‬‬
‫‪ -‬عبد الخالق الوهابً‪ :‬المرافق العامة والجودة ‪،‬رسالة لنٌل دبلوم دراسات العلٌا المعمقة ‪ ،‬كلٌة الحقوق طنجة ‪،1006 ،‬ص ‪.83‬‬

‫‪20‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫تتجو محاوالت تعريؼ المرفؽ العاـ في اتجاىيف أساسييف‪،‬اتجاه يركز تعريفو لممرفؽ العاـ عمى‬
‫الجانب العضوي أو الشكمي‪،‬و االتجاه الثاني يركز عمى الجانب المادي أو الموضوعي وىناؾ اتجاه ثالث‬
‫يجمع بيف الجانبيف العضوي و المادي لفكرة المرفؽ العاـ‪ .‬سنقسـ الفرع الى فقرتيف تعريؼ المرفؽ العاـ‬
‫(الفقرة االولى) ‪،‬العناصر التي يقوـ عمييا المرفؽ العاـ ( الفقرة الثانية ) ‪.‬‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬تعريف المرفق العام‬

‫لقد تجاذب اصطالح المرفؽ العاـ معنييف ‪ :‬األوؿ شكمي أو عضوي والثاني مادي أو موضوعي‪،‬‬
‫فالمعنى األوؿ يفيد الييئة العامة التي تدير النشاط القائـ إلشباع الحاجيات العامة‪ ،‬أما المعنى الثاني‬
‫فيرتكز عمى النشاط المؤدى لتحقيؽ النفع العاـ بمعزؿ عف طبيعة الييئة التي تؤديو‪ ،‬فعندما يدار المشروع‬
‫بواسطة سمطة عامة تكوف أماـ مرفؽ عضوي ومف أمثمة ذلؾ الوزارات والمصالح الحكومية والمستشفيات‬
‫والجامعات‪ ...‬بحيث ينسحب مدلوؿ المرفؽ العضوي عمى الجياز اإلداري القائـ لتمبية أنشطة ذات منفعة‬
‫عامة‪ ،‬أما حينما تتولى إدارة المشروع ىيئة خاصة كما ىو الشأف في أسموب االمتياز أو االلتزاـ نكوف‬
‫أماـ مرفؽ مادي‪ ،‬حيث ينسحب معنى المرفؽ العاـ عمى النشاط المؤدى المتصؿ بالمصالح العاـ‬
‫(التعميـ‪ ،‬الصحة‪ ،‬توزيع الماء والكيرباء‪ )..‬دوف الييئة الخاصة التي تؤديو ‪.‬‬

‫وينعكس التمييز بيف نوعي المرافؽ (عضوي أو موضوعي) عمى مسألة الخضوع ألحكاـ أي مف‬
‫القانونيف العاـ أو الخاص ‪.‬‬

‫ففي حالة المرفؽ العضوي يتـ خضوع الييئة العامة والنشاط الذي تؤديو لقواعد العاـ بحيث تشمؿ‬
‫سمطة الدولة الييئة المرفقية مف حيث تنظيميا وموظفييا وأمواليا‪ ،‬والنشاط المؤدى مف لدنيا ‪.‬‬

‫وفي حالة المرفؽ المادي فإف نشاط المرفؽ ىو الذي يخضع ألحكاـ القانوف العاـ دوف الييئة التي‬
‫تدير النشاط التي تبقى خاضعة لقواعد القانوف الخاص ‪.‬‬

‫أما إذا اجتمعت ىيئتيف في تدبير المرفؽ إحداىما عامة واألخرى خاصة‪ ،‬فإنو يتـ تطبيؽ‬
‫‪17‬‬
‫دوف أف ننسى أف اختالؼ طبيعة النشاط المرفقي (إداري‪ ،‬اقتصادي‪،‬‬ ‫القانونيف العاـ والخاص معا‬
‫ميني‪ )...‬بغض النظر عف الييئة التي تؤديو يستدعي بالضرورة اختالؼ القواعد المنظمة لو‪ ،‬وتظير‬

‫‪17‬‬
‫‪ -‬عبد القادر باٌنة ‪ :‬المختصر فً القانون االداري المغربً‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.91‬‬

‫‪21‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫أىمية التفرقة بيف المرافؽ المادية والمرافؽ العضو ية حينما تباشر النشاط المرفقي ىيئة عامة‪ ،‬حيث يكوف‬
‫ىنا بصدد مرفؽ مادي يتمثؿ في النشاط الذي يشبع الحاجيات العامة‪ ،‬وآخر عضوي يكمف في الييئة التي‬
‫تدير ىذا النشاط‪ ،‬أما إذا كانت الييئة التي تباشر النشاط ىيئة خاصة‪ ،‬فإننا نكوف أماـ مرفؽ مادي‬
‫فحسب وىو النشاط األمر الذي يحصر سمطة الحكومة إزاء تمؾ المرافؽ في النشاط المذكور‪. 18‬‬

‫وبالرجوع إلى دور القضاء والفقو في تعريؼ المرفؽ العاـ‪ ،‬يالحظ بالنسبة لمقضاء أنو تبنى في‬
‫البداية المعنى العضوي قبؿ أف تتطور أحكامو نحو الجمع بيف المعنييف العضوي والمادي ألف نشاط‬
‫المرفؽ العاـ غالبا ما يكوف منظما في إطار جياز إداري خاص بو‪ ،‬لكف فيما بعد بات القضاء يفصؿ بيف‬
‫التعريفيف العضوي والمادي لممرفؽ العاـ حينما أعطى األولوية لمعنصر المادي السيما عندما تنامت‬
‫األنشطة ذات النفع العاـ التي يديرىا أفراد أو ىيئا خاصة‪ ،‬ىكذا نجد مجمس الدولة الفرنسي سيعترؼ‬
‫لممرافؽ االقتصادية والتجارية بصفة المرفؽ العاـ‪ ،‬وأطمب ىذه الصفة كذلؾ عمى بعض المشروعات‬
‫الخاصة ذات النفع العاـ التي تخضع لترخيص إداري مفيد ببعض الشروط‪ ،‬وفؽ ما يعرؼ بفكرة المرافؽ‬
‫العامة الفعمية وىذا ما كشؼ عنو مجمس الدولة الفرنسي في حكمو بتاريخ ‪ 2:64-16-24‬بخصوص ما‬
‫يسمى بالصناديؽ األولية لممساعدة والحماية‪ ،‬حيث يقوؿ إف مرفؽ التأمينات االجتماعية ىو مرفؽ عاـ‬
‫عيد بإدارتو إلى ىذه الصناديؽ األولية التي ىي ىيئات خاصة بحكـ النصوص التي أنشأىا‪ ،19‬لذلؾ‬
‫استقر القضاء اإلداري عمى تعريؼ المرفؽ العاـ بأنو النشاط الذي تتواله الدولة أو األشخاص العامة‬
‫األخرى مباشرة أو تعيد بيو آلخريف كاألفراد أو األشخاص المعنوية الخاصة‪ ،‬ولكف تحت إشرافيا‬
‫ومراقبتيا وتوجيييا وذلؾ إلشباع حاجات ذات نفع عاـ تحقيقا لمصالح العاـ‪.‬أما بالنسبة لمفقو فقد اختمفت‬
‫تعريفات الفقياء لممرفؽ العاـ‪ ،‬فالبعض يأخذ بالتعريؼ العضوي والبعض اآلخر يأخذ بالتعريؼ المادي‬
‫ومنيـ مف يجمع بيف العنصريف المادي والعضوي معا في تعريؼ واحد ‪.‬‬

‫‪ -‬في الفقو الفرنسي ‪:‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -‬سلٌمان الطماوي‪ :‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪19‬‬
‫‪ -‬محمد نشطاوي ‪ ،‬المرافق العامة الكبرى ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.89‬‬

‫‪22‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ -‬يعرؼ األستاذ موريس ىوريو ‪ MAURICE HAURIOU‬المرفؽ العاـ انطالقا مف العنصر العضوي‪ ،‬الذي‬
‫يعد في نظره "منظمة عامة تممؾ سمطات واختصاصات وتستخدميا لتكفؿ تقديـ خدمة معينة تسدييا‬
‫لمجميوري بانتظاـ واطراد" ‪.‬‬

‫‪ -‬أما الفقيي ديجي ‪ DUGUI‬فيركز عمى العنصر المادي في تعريفو لممرفؽ العاـ الذي يعتبره "نشاط يجب‬
‫أف يتواله الحكاـ‪ ،‬إذ أف اضطالع الحكاـ بيذا النشاط يؤدي إلى تحقيؽ التضامف االجتماعي عمى أفضؿ‬
‫وجو" ‪.‬‬

‫‪ -‬في حيف يذىب األستاذ دوليو بادير ‪ DE LAUBADÈRE‬إلى أف المرفؽ العاـ ىو "النشاط الذي تباشره‬
‫‪20‬‬
‫وىو في تعريفو يستند إلى موقؼ القضاء‬ ‫سمطة عامة بقصد الوفاء بحاجة عامة ذات مرفؽ عاـ"‬
‫اإلداري الفرنسي ‪.‬‬

‫‪ -‬أما األستاذ رفيرو ‪ RIVIRO21‬فيتبنى التعريؼ المادي لممرفؽ العاـ الذي في نظره يعد "نشاؾ ييدؼ إلى‬
‫تحقيؽ االصمح العاـ" ‪.‬‬

‫‪ -‬في الفقو العربي ‪:‬‬

‫‪ -‬يعرؼ األستاذ سميماف الطماوي المرفؽ العاـ بأنو "مشروع يعمؿ باطراد وانتظاـ تحت إشراؼ رجاؿ‬
‫الحكومة بقصد أداء خدمة عامة لمجميور مع خضوعو لنظاـ قانوني معيف"‪. 22‬‬

‫‪ -‬أما األستاذ محمد فؤاد مينا فيعرؼ المرافؽ العامة بأنيا "مشروعات تنشئيا الدولة أو تشرؼ عمى‬
‫إدارتيا وتعمؿ بانتظاـ واستمرار –مستعينة بسمطاف اإلدارة‪ -‬لتزويد الجميور بالحاجات العامة التي‬
‫يتطمبيا‪ ،‬ال يفصد الربح بؿ بقصد المساىمة في صيانة النظاـ وخدمة المصالح العامة في الدولة" ‪.‬‬

‫‪ -‬ويعرؼ الدكتور طعيمة الجرؼ المرفؽ العاـ‪ ،‬بأنو "نشاط تتواله اإلدارة بنفسيا أو يتواله فرد عادي تحت‬
‫توجيييا ورقابتيا واشرافيا بقصد إشباع حاجة عامة لمجميور" ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -‬عبد الخالق الوهابً‪ :‬المرافق العامة والجودة ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.15‬‬
‫‪21‬‬
‫‪- Rivero, précies de droit administratif , paris 1970 , p 447.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ -‬سلٌمان الطماوي‪ :‬مبادئ القانون اإلداري ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 161‬‬

‫‪23‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وعمى العموـ يمكف مف خالؿ التعاريؼ السابقة أف نستخمص أف المرفؽ العاـ ىو‪" :‬النشاط‬
‫ممارسة الدولة أو األشخاص المعنوية العامة األخرى مباشرة أو تعيد بيو إلى األف ارد أو األشخاص‬
‫المعنوية الخاصة ليمارسوه تحت إشرافيا ومراقبتيا وتوجيييا تمبية لحاجيات ذات نفع عاـ تحقيقا لممصمحة‬
‫العامة" ‪.‬‬

‫ومف خالؿ التعريؼ السابؽ يتبيف أف المرفؽ العاـ يقوـ عمى العناصر األساسية التي سنتطرؽ‬
‫إلييا في الفقرة الثانية ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬العناصر التي يقوم عمييا المرفق العام‬

‫‪ -‬المرفؽ العاـ ىو نشاط‪ :‬لقد كاف مدلوؿ المرفؽ العاـ في السابؽ ينسحب عمى الجياز اإلداري الذي‬
‫أحدثو لتمبية حاجيات ذات نفع عاـ‪ ،‬وبذلؾ كاف نشاط المرفؽ يقترف عادة بوجود ىيئة أو منظمة تشرؼ‬
‫عمى تنظيمو‪ ،‬وبيذه الصورة يتحدد المرفؽ العاـ الذي ينظر إليو كجياز إذ ال أىمية لمنشاط في تحديد‬
‫مدلولو‪ ،‬إال أنو مع ظيور أنشطة متنوعة قائمة عمى حاجيات عامة يديرىا أفراد أو ىيئات خاصة‪ ،‬بات‬
‫المدلوؿ الحديث لممرفؽ العاـ يرتكز عمى النشاط المؤدى بغض النظر عف الييئة التي تؤديو ‪.‬‬

‫‪ -‬تمارسو الدولة واألشخاص المعنوية األخرى‪ :‬لقد كاف إحداث المرافؽ العامة في ظؿ "الدولة الحارسة"‬
‫‪ L’ÉTAT GENDARME‬يقتصر عمى مياديف األمف والمحافظة عمى النظاـ والدفاع عف سالمة الدولة داخميا‬
‫وخارجيا‪ ....‬لذلؾ كانت المرافؽ العامة في ىذه المرحمة مرتبطة بأنشطة الدولة البعيدة عف قواعد السوؽ‬
‫والعرض والطمب‪ ،‬بيد أنو مع تطور المجتمعات وظيور حاجيات لـ يكف األفراد يطالبوف بيا في السابؽ‬
‫جعؿ الدولة تتدخؿ لتأميف تمؾ الحاجيات مثؿ توزيع الماء والكيرباء‪ ،‬الصحة‪ ،‬التعميـ النقؿ‪ ....‬لذلؾ‬
‫تعددت المرافؽ العامة المنشئة مف قبؿ الدولة وباقي الييئات العامة والتي تطبؽ قواعد القانوف العاـ إلى‬
‫جانب قواعد القانوف الخاص‪ ،‬السيما تمؾ التي تمارس أنشطة مشابية ألنشطة الخواص‪. 23‬‬

‫‪ -‬تمتع الدولة بحؽ اإلشراؼ عميو ‪ :‬يعد خضوع المرفؽ العاـ إلشراؼ الدولة أو أحد الييئات العامة‬
‫التابعة ليا أحد العناصر األساسية لوجود المرفؽ العاـ ذاتو‪ ،‬حيث يعود لمدولة تقدير المياديف والمجاالت‬
‫التي مف الضروري التدخؿ فييا لتمبية حاجيات عامة‪ ،‬غير أف درجة خضوع تمؾ المرافؽ لرقابة الدولة‬

‫‪23‬‬
‫‪ -‬إبراهٌم كومغار ‪ :‬المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪11‬‬

‫‪24‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫تختمؼ حسب األسموب الذي اختارت اإلدارة إدارة المرفؽ العاـ بو‪ ،‬ففي حالة إدارة المرفؽ باألسموب‬
‫المباشر مف لدف الدولة فإف إدارة المرفؽ العاـ يكوف باستخداـ األمواؿ العامة المخصصة لتمويؿ النشاط‬
‫والموظفيف العمومييف كما أف نشاط المرفؽ غالبا ما يخضع كميا لقواعد القانوف العاـ‪ ،‬أما في حالة إدارة‬
‫المرفؽ العاـ بأسموب المؤسسة العمومية فإف تدبير المرفؽ يبقى خاضعا لوصاية السمطات اإلدارية رغـ‬
‫تمتع الشخص المعنوي العاـ المكمؼ بإدارتو باالستقالؿ اإلداري والمالي‪ ،‬في حيف أنو في حالة إدارة‬
‫‪24‬‬
‫– ‪LA‬‬ ‫المرفؽ مف لدف األشخاص الخاصة معنوية أو طبيعية كما ىو الحاؿ في أسموب االمتياز‬
‫‪ CONCESSION‬فإف الدولة تظؿ محتفظة باإلشراؼ المطمؽ عمى المرافؽ المدارة بيذا األسموب‪ ،‬وذلؾ‬
‫بالتدخؿ في كيفية إدارتيا وتنظيميا والقياـ بالتعديالت أو التغييرات فييا كمما اقتضت المصمحة العامة‬
‫ذلؾ‪ ،‬إال أف سمطة الدولة تقتصر عمى تنظيـ النشاط المرفقي دوف الييئة التي تقوـ بإدارتو وبصفة عامة ال‬
‫يمكف أف نتصور وجود مرفؽ عمومي بدوف تواجد الدولة واشرافيا ميما كانت درجة وأىمية ىذا التواجد أو‬
‫اإلشراؼ ‪.‬‬

‫‪ -‬تمبية حاجيات ذات منفعة عامة ‪ :‬يمكف اعتبار عنصر المنفعة العامة التي يرمي نشاط المرفؽ العاـ‬
‫إلى تحقيقيا أحد العناصر الجوىرية في المرفؽ العاـ‪ ،‬وتتحقؽ المنفعة العامة بإشباع حاجيات عامة تعجز‬
‫المبادرة الخاصة عف تأمينيا وىي حاجيات مادية كتوفير الماء والكيرباء والتطيير السائؿ والنظافة‬
‫وحماية البيئة ووسائؿ المواصالت‪ ،‬والخدمات الياتفية وأخرى معنوية كتوفير األمف بعنصريو الداخمي‬
‫والخارجي ونشر التعميـ ومحاربة األمية‪ ..‬بالمقابؿ إذا فقد النشاط صبغة المنفعة العامة فإننا ال نكوف أماـ‬
‫مرفؽ عاـ حتى عندما تدبر الدولة ذلؾ النشاط وتشرؼ عميو‪ ،‬إذ ال ينبغي أف يكوف اليدؼ األساسي‬
‫لمنشاط ىو تحقيؽ الربح‪ ،‬وىذا رغـ أف تشابو نشاط المرافؽ العامة الصناعية والتجارية مع نشاط األفراد‬
‫والشركات الخاصة قد يؤدي إلى إمكانية تحقيؽ المرافؽ العامة االقتصادية لمربح‪ ،‬إال أف ذلؾ ال يؤثر في‬
‫عنصر المنفعة العامة التي تعمؿ عمى تحقيقيا تمؾ المرافؽ بحيث أنو يتعيف عمييا أف تستمر في أداء‬
‫مياميا حتى عندما ال تحقؽ أرباحا‪ ،‬واألصؿ في الخدمات ذات النفع العاـ المقدمة لألفراد أنيا مجانية إال‬
‫أنو مف الجائز أف تفرض الدولة رسوما مقابؿ االنتفاع مف بعض خدمات المرافؽ العامة كرسوـ تسجيؿ‬
‫الممكية والرسوـ القضائية‪ ....‬والتي ال تغير مف طبيعة مجانية المرفؽ العاـ ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ -‬سعٌد نكاوي ‪ :‬التدبٌر المفوض فً المغرب على ضوء قانون ‪، 03,31‬مطبعة االمنٌة الرباط ‪ ، 1080،‬ص ‪,88‬‬

‫‪25‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ -‬تحقيؽ المصمحة العامة ‪ :‬يركز المرفؽ العاـ عمى اليدؼ األساسي مف إنشائو والذي يكمف في تحقيؽ‬
‫المصمحة العامة مف خالؿ إسداء حاجيات عامة نافعة لممجتمع‪ ،‬بالمقابؿ ال يعتبر مرفقا عاما نشاط‬
‫األشخاص المعنوية العامة الذي ال يستيدؼ تحقيؽ المصمحة العامة والتي تعد المحور األساسي لفكرة‬
‫المرفؽ العاـ ‪.‬‬

‫المطمب الثاني ‪ :‬أنواع المرافق العامة‬

‫لقد أدى توسيع وتنوع مياديف تدخؿ الدولة إلى ظيور أنواع متعددة مف المرافؽ العمومية التي‬
‫تختمؼ حسب المعيار المعتمد في التقسيـ‪ ،‬الذي قد يكوف ىو موضوع نشاطيا الذي يؤدي إلى التمييز بيف‬
‫مرافؽ عامة إدارية أو اقتصادية أو اجتماعية أو مينية في حيف أف معيار نطاؽ نشاط المرافؽ العمومية‬
‫يؤدي إلى تقسيميا إلى مرافؽ عامة وطنية ومرافؽ عامة محمية (الفرع األوؿ)‪ ،‬وكذلؾ نقسـ المرافؽ‬
‫العمومية حسب اكتسابيا لمشخصية المعنوية مف عدميا إلى مرافؽ عامة متمتعة بالشخصية المعنوية‬
‫ومرافؽ غير متمتعة بالشخصية المعنوية أو حسب سمطة الدولة في إنشائيا إلى مرافؽ عامة اختياري‬
‫وأخرى إجبارية (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع الول‪ :‬معياري النشاط والنطاق الترابي‬

‫ال تأخذ المرافؽ العمومية صورة واحدة بؿ تتعدد أنواعيا لمزاوية التي ينظر منيا إلييا‪ ،‬فمف زاوية‬
‫النشاط الذي تزاولو إلى مرافؽ عمومية إدارية‪ ،‬مرافؽ اقتصادية‪ ،‬مرافؽ عمومية اجتماعية ومرافؽ عمومية‬
‫مينية (الفقرة األولى) وتصنؼ المرافؽ العمومية بحسب النطاؽ الجغرافي إلى المرافؽ العمومية الوطنية‬
‫والمرافؽ العمومية المحمية (الفقرة الثانية) ‪.‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬معيار النشاط الممارس‬

‫تصنؼ المرافؽ العامة حسب نوعية أو طبيعة النشاط الذي تمارسو إلى ثالثة أنواع ‪ :‬مرافؽ‬
‫عمومية إدارية ومرافؽ عمومية اقتصادية ومرافؽ عمومية اجتماعية ومرافؽ عمومية مينية‪. 25‬‬

‫أوال ‪ :‬المرافق العمومية اإلدارية‬

‫‪25‬‬
‫‪ -‬ثرٌة لعٌونً ‪ ،‬نظرٌة المرافق العامة ‪ ،‬كلٌة الحقوق سال ‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ، 1003 ،‬ص ‪. 19‬‬

‫‪26‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫تحيؿ المرافؽ العمومية اإلدارية عمى المرافؽ التقميدية التي شكمت أساس القانوف اإلداري واكتسب‬
‫صبغة المرفؽ في األصؿ‪ ،‬وتتولى الدولة إدارتيا بأسموب مباشر بصفتيا صاحبة السيادة والسمطة إلشباع‬
‫حاجيات عامة مرتبطة بسالمة الدولة داخميا وخارجيا‪ ،‬عمى اعتبار أف ىذه المرافؽ تؤدي الخدمات‬
‫المرفقية التقميدية التي ال زمت الدولة منذ زمف طويؿ مثؿ مرفؽ الدفاع‪ ،‬األمف‪ ،‬القضاء‪ ،‬الصحة‬
‫‪26‬‬
‫األمر الذي‬ ‫والتعميـ‪ ...‬الرتباط ىذه النماذج مف المرافؽ العمومية اإلدارية بالجانب السيادي لمدولة‬
‫يفرض قياميا بيذه النشاطات وأف ال تعيد بيا األفراد بما في ذلؾ مف خطورة كبيرة ‪.‬‬

‫ويترتب ىف ىذه العناصر مجموعة مف اآلثار التي تجعؿ المرفؽ العمومي اإلداري يخضع لقواعد‬
‫القانوف اإلداري‪ ،‬ألف إدارتيا توكؿ إلى الدولة بشكؿ مباشر بواسطة األمواؿ العامة والموظفيف العمومييف‪،‬‬
‫إلى جانب ذلؾ فإف الق اررات الصادرة عنيا‪ ،‬تعتبر ق اررات إدارية والعقود التي تبرميا عقودا إداريا‪ ،‬في حيف‬
‫أف المنازعات المترتبة عف نشاطيا منازعات إدارية تخضع الختصاص القضاء اإلداري‪ ،‬كما أف طبيعة‬
‫خدمات المرافؽ العمومية اإلدارية الموجية إلى المواطنيف تؤدي بشكؿ مجاني رغـ أف بعضيا يشترط أداء‬
‫رسوـ مقابؿ االنتفاع ببعض الخدمات األمر الذي يؤثر في الصبغة المجانية لخدماتيا‪ ،‬وىو أمر يجعميا‬
‫تعتمد في تسيرىا عمى وسائؿ القانوف العاـ أصال وال تمجأ إلى وسائؿ القانوف الخاص إال استثناءا وفي‬
‫حاال معينة‪ ،‬كأف تكتري مف أحد األشخاص الخواص إقامة لنوازؿ فييا نشاطيا أو تبرـ عقدا مع بعض‬
‫األعواف في نطاؽ القانوف الخاص أو حينما تدخؿ بعض أمواليا في نطاؽ األمالؾ الخاصة وتخضع‬
‫لمقتضيات القانوف الخاص ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المرافق العمومية االقتصادية‬

‫عمى إثر تزايد تدخؿ الدولة لتأميف حاجيات عامة جديدة‪ ،‬ظيرت مرافؽ عمومية اقتصادية التي‬
‫يقصد بيا المرافؽ التي تقوـ بأنشطة اقتصادية ذات صبغة صناعية وتجارية ومالية مشابية لألنشطة التي‬
‫يزاوليا الخواص‪ ،‬وتعمؿ في أوضاع مماثمة ألوضاع المشروعات واألنشطة الخاصة مع احتفاظيا‬
‫بالصفة المرفقية الستيدافيا تحقيؽ المصمحة العامة‪ ،‬كما ىو الشأف بالنسبة لمرافؽ البريد والمواصالت‬
‫والنقؿ‪ ،‬ومرافؽ توزيع الماء والكيرباء والتطيير السائؿ‪ ،‬ومرافؽ مالية كاألبناؾ وشركات التأميف العامة‪...‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ -‬محمد نشطاوي ‪ ،‬المرافق العامة الكبرى ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 78‬‬

‫‪27‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫عمى أف تظؿ ىذه المرافؽ خاضعة ألحكاـ مختمطة تجمع بيف القانوف العاـ والقانوف الخاص كؿ في نطاؽ‬
‫محدد‪ ،‬واف كانت تتحرر كثي ار مف وسائؿ القانوف العاـ‪ ،‬وما تتضمنو مف سمبيات التعقيد والبطء وتعتمد في‬
‫الغالب في تدبيرىا وادارتيا عمى وسائؿ القانوف الخاص حتى تتمكف مف الصمود أماـ السمطة الخاصة‬
‫المنافسة ‪.‬‬

‫ويعود أصؿ ظيور ىذا النوع مف المرافؽ العمومية إلى قضية سفينة إيموكا ‪D’ELOCA27BAC‬‬
‫والتي صدر بصددىا حكـ محكمة التنازع الفرنسية عاـ ‪ ،2:32‬الذي قضى بخضوع المرافؽ العمومية‬
‫الصناعية والتجارية في الشطر األكبر مف نشاطيا ألحكاـ القانوف الخاص والختصاص القضاء العادي‪،‬‬
‫حيث تفككت بذلؾ العالقة القائمة بيف المرفؽ العمومي والقانوف العاـ وأضحت المرافؽ العامة االقتصادية‬
‫تعتبر مف قبيؿ المرافؽ العامة المسيرة بأساليب اإلدارة الخاصة ‪.‬‬

‫وىناؾ أسباب مختمفة تدفع الدولة لتولي ىذا النوع مف المرافؽ منيا ما يتعمؽ بالرغبة وتحصيؿ‬
‫الموارد المالية‪ ،‬أو ما يخص عزوؼ الخواص عف القياـ ببعض المشروعات التي تحتاج إلى مبالغ ضخمة‬
‫مما يجعؿ الدولة تتدخؿ إلحداثيا تمبية لممنفعة العامة‪ ،‬عمى أف طرؽ تدبير الدولة ليذا النوع مف المرافؽ‬
‫العمومية قد تختمؼ تبعا لما يالئـ طبيعة النشاط االقتصادي لممرفؽ‪ ،‬ووفقا لألسموب المجدي الذي تريد‬
‫الدولة أف تتبعو في تدبيره سعيا لتحقيؽ المنفعة العامة الذي قد يكوف ىو أسموب اإلدارة المباشرة أو أسموب‬
‫المؤسسة العمومية أو االمتياز أو التدبير‪.‬‬

‫لقد أدت االزدواجية في النظاـ القانوني المطبؽ عمى مثؿ ىذا النوع مف المرافؽ إلى ظيور‬
‫إشكالية أساسية‪ ،‬تتمثؿ في معيار تمييز المرافؽ العمومية االقتصادية عف المرافؽ العمومية اإلدارية‪،‬‬
‫بحيث اختمؼ فقياء القانوف اإلداري في ذلؾ بيف أربعة توجيات رئيسية ‪ :‬يركز التوجو األوؿ عمى معيار‬
‫القانوف الواجب التطبيؽ في التمييز بينيما‪ ،‬الذي يكمف في أف النوع األوؿ مف المرافؽ يخضع لمقانوف‬
‫الخاص بحكـ ممارسة لنشاط مماثؿ لمذي يقوـ بيو األفراد‪ ،‬خالفا لمنوع الثاني الذي يخضع كميا لمقانوف‬
‫العاـ ويؤخذ عمى ىذا الرأي العديد مف النقاط منيا‪: 28‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ -‬محمد األعراج ‪ ،‬القانون االداري المغربً الجزء األول ‪ ، REMALD ،‬سلسلة مواضٌع الساعة‪ ،‬عدد‪ ،1009 ، 68‬ص ‪. 511‬‬
‫‪28‬‬
‫‪ -‬أحمد بوعشٌق ‪ :‬المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ‪ ،‬دار النشر المغربٌة ‪ ، 1001 ،‬ص ‪. 61‬‬

‫‪28‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ -‬أف ىذا المعيار غير سميـ وال يتفؽ مع المنطؽ ألف المطموب ىو تحديد نوع المرفؽ العمومي قبؿ‬
‫إخضاعو لنظاـ قانوني معيف‪ ،‬وليس العكس أي خضوع المرفؽ العمومي االقتصادي لقواعد القانوف‬
‫الخاص إنما ىو نتيجة طبيعة ترتبت عمى االعتراؼ بالطابع اإلداري واالقتصادي لممرفؽ ‪.‬‬

‫‪ -‬إف خضوع المرافؽ العمومية االقتصادية لمقانوف الخاص ىو مجرد قرينة عمى أف ىذا المرفؽ ذو صفة‬
‫اقتصادية‪ ،‬ولكف ال يمكف االعتماد عمييا بثبوت ىذه الصفة قطعا ‪.‬‬

‫ويرتبط التوجو الثاني بمعيار الغاية‪ ،29‬ذلؾ أف الضابط في التمييز بيف المرافؽ العمومية‬
‫االقتصادية عف المرافؽ العمومية اإلدارية‪ ،‬يكمف الغرض مف وراء النوع األوؿ في تحقيؽ الربح مثميا‬
‫الحاؿ في المشروعات الخاصة‪ ،‬في حيف ال يسعى النوع الثاني إلى تحقيؽ الربح بؿ تحقيؽ المنفعة العامة‬
‫واشباع حاجات األفراد‪ ،‬غير أف ىذا المعيار يتسـ –ىو اآلخر‪ -‬بنوع مف القصور المتمثؿ في ‪:‬‬

‫‪ -‬أف الربح الذي تحققو المرافؽ العمومية االقتصادية ليس الغرض مف إنشائيا بؿ ىو أثر مف آثار‬
‫الطبيعة الصناعية أو التجارية التي تمارسيا‪ ،‬فيي تستيدؼ أساسا إلى تحقيؽ المنفعة العامة ‪.‬‬

‫‪ -‬يمكف لممرافؽ العمومية اإلدارية أف تحقؽ ربحا مف جراء تتقاضاه مف رسوـ تقوـ بتحصيميا مقابؿ‬
‫الخدمات التي تقدميا ‪.‬‬

‫أما التوجو الثالث في التمييز بيف المرافؽ العمومية االقتصادية عف المرافؽ اإلدارية‪ ،‬فيعتمد عمى‬
‫أساس شكؿ المشروع أو مظير الخارجي‪ ،‬فإذا اتخذ المشروع شكؿ المشروعات الخاصة كما لو تمت‬
‫إدارتو بواسطة شركة فإنو مرفؽ عمومي اقتصادي ويعكس ذلؾ لو تمت إدارتو مف بواسطة اإلدارة تحت‬
‫رقابتيا أو إشرافيا وباستخداـ أساليب السمطة العامة فيو مرفؽ عمومي إداري‪ ،‬ويستند التوجو الرابع –‬
‫وىو أرجح التوجيات الفقيية ‪ -‬عمى معيار النشاط الذي يعتبر المرفؽ العمومي اقتصاديا إذا كاف النشاط‬
‫الذي يقوـ بو نشاطا تجاريا بطبيعتو طبقا لموضوعات القانوف التجاري ويعتبر المرفؽ العمومي إداريا إذا‬
‫كاف النشاط الذي يمارسو نشاطا إداريا‪ ،‬مما يدخمو في نطاؽ القانوف اإلداري‪.30‬‬

‫ثالثا ‪ :‬المرافق العمومية االجتماعية‬

‫‪29‬‬
‫‪ -‬ملٌكة الصروخ ‪:‬نظرٌة المرافق العامة الكبرى دراسة مقارنة ‪ ،‬مطبعة النجاح الجدٌدة ‪ ، 8991 ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪30‬‬
‫‪ -‬أحمد بوعشٌق ‪ ،‬المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 63‬‬

‫‪29‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫مجموع‬ ‫‪DE LAUBADÈRE‬‬ ‫تعتبر المرافؽ العمومية االجتماعية عند الفقيو الفرنسي دولويادير‬
‫الييآت التي تيدؼ إلى تقديـ خدمات اجتماعية لممستفيديف منيا ىذه الخدمات التي تسعى إلى توفير‬
‫ضمانات لبعض المواطنيف ذوي الدخؿ المحدود ضد المخاطر الناجمة عف ظروفيـ االجتماعية‪ ،‬ويعود‬
‫أصؿ الحديث عف ىذا النوع مف المرافؽ كمرافؽ متميزة عف غيرىا مف المرافؽ العمومية األخرى‪ ،‬إلى‬
‫الحكـ الذي أصدرتو محكمة التنازع الفرنسية في قضية نالياتو والذي خمصت فيو بأف تنظيـ المخيمات‬
‫لصالح أطفاؿ العامميف في اإلدارات المختمقة‪ ،‬يستجيب لحاجة اجتماعية ويبرر إنشاء مرفؽ عمومي‪،‬‬
‫وىو بذلؾ يعمد إلى تكييؼ نطاؽ المرافؽ العمومية االجتماعية مع المفيوـ القديـ لممرافؽ العمومية‬
‫التجارية والصناعية‪. 31‬‬

‫تردد الفقو والقضاء في األخذ بالمبادئ التي جاء بيا حكـ نالياتو ‪ NALIATO‬السيما وأف محكمة‬
‫التنازع نفسيا أشارت في الحكـ المذكور بأف تنظيـ المخيمات ال يتميز مف حيث العالقات بيف اإلدارة‬
‫والمستفيديف بأية خصوصية بشكؿ يفرض تمييزه قانونيا عف المنظمات المشابية في القانوف الخاص‪،‬‬
‫عمى أف محكمة التنازع الفرنسية حسمت األمر ووضعت حدا لمتردد الذي أحدثو االجتياد القضائي في‬
‫حكـ نالياتو وذلؾ بمقتضى حكميا في قضية كابيني ‪ CALMBINI‬التي تدور حوؿ إحداث قرية لمعطؿ مف‬
‫لدف مدينة بيطو ‪ PUTEAUX‬لذلؾ بات القضاء يحكـ وفقا لألوضاع المختمفة‪ ،‬وبالتالي فالمرافؽ‬
‫االجتماعية ال تشكؿ صنؼ متميز مف المرافؽ العمومية‪. 32‬‬

‫لقد أدى تنامي الحاجيات االجتماعية التي برزت بعد الحربيف العالميتيف إلى انتشار ىذا النوع مف‬
‫المرافؽ التي اىتمت بتقديـ خدمات اجتماعية كما ىو الشأف بالنسبة لمضماف االجتماعي‪ ،‬التعويضات‬
‫العائمية المخيمات الصيفية السالمة االجتماعية ومحاربة بعض األمراض المزمنة‪ ...‬ويخضع ىذا النوع‬
‫مف المرافؽ إلى نظاـ قانوني مختمط يجمع بيف القانونيف العاـ والخاص‪ ،‬إذ يتـ تنظيـ بعضيا بأساليب‬
‫القانوف العاـ وتؤوؿ منازعاتيا الختصاص القضاء اإلداري‪ ،‬في حيف أف بعضيا اآلخر يتـ تسييره‬
‫بأساليب القانوف الخاص فتطبؽ عمييا قواعد القانوف الخاص وتؤوؿ منازعاتيا الختصاص القضاء العاـ‬

‫‪31‬‬
‫‪ -‬مٌشٌل روسً واألخرون ‪ ،‬القانون االداري المغربً ‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ،‬المطبعة الملكٌة الرباط ‪، 8988 ،‬ص ‪. 13‬‬
‫‪32‬‬
‫‪ -‬ملٌكة الصروخ ‪ ،‬نظرٌة المرافق العامة الكبرى دراسة مقارنة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 59‬‬

‫‪30‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وتدار معظـ المرافؽ مف ىذا النوع بالمغرب عف طريؽ المؤسسة العمومية مثؿ الصندوؽ الوطني لمضماف‬
‫االجتماعي ومكتب تنمية التعاوف ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬المرافق العمومية المينية‬

‫تحيؿ المرافؽ العمومية المينية عمى مجموع الييئات التي تتولى تنظيـ وتوجيو مينة معينة مف‬
‫لدف أعضائيا أنفسيـ‪ ،‬مع تمتع الييئات التي تضطمع بإدارتيا ببعض امتيازات وسمطات القانوف العاـ‪،‬‬
‫ومف أىـ أمثمتيا نجد ‪ :‬الغرؼ المينية‪ ،‬والييئات النقابية المينية كنقابة األطباء‪ ،‬ونقابة الميندسيف‪ ،‬ونقابة‬
‫الصيادلة‪ ،‬ونقابة المحاميف وغيرىا مف النقابات المينية األخرى‪ ،‬ويعود أوؿ ظيور ليذا النوع مف المرافؽ‬
‫في فرنسا عقب أحداث الحرب العالمية الثانية‪ ،‬إذ لمواجية األزمة االقتصادية التي عرفيا ىذا البمد في‬
‫تمؾ المرحمة عمدت حكومة فيشي إلى إنشاء نظاـ اقتصادي موجو بتنظيـ اإلنتاج‪ ،‬وتوزيع المواد األولية‬
‫والتمويف في المجاليف الصناعي والزراعي‪ ،‬فقامت بإنشاء منظمات مكمفة بتنظيـ ميف مع إعطائيا‬
‫صالحية اتخاذ الق اررات في ىذا المجاؿ‪ ،‬والتي سميت بالمجاف أو ىيئات التنظيـ والتي استبدلت فييا بعد‬
‫بالمكاتب المينية وىذا النوع مف المرافؽ العامة المينية الذي اختفى بداية مف سنة ‪. 2:57‬‬

‫وفي ظؿ ىذا التطور‪ ،‬أقر مجمس الدولة الفرنسي‪ ،‬بواسطة حكـ مانيور ‪ MONPEUR‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 4‬يوليو ‪ ،2:53‬حينما اعتبر المجاف المكمفة بتنظيـ اإلنتاج الصناعي واستغالؿ أفضؿ لمموارد‬
‫وتحسيف اليد العاممة‪ ،‬بمثابة ىيئات نقابية مكمفة بتسيير مرفؽ عاـ‪ ،‬وأف ق ارراتيا التنظيمية والفردية تعتبر‬
‫ق اررات إدارية تدخؿ في اختصاص القضاء اإلداري أما النوع الثاني مف تمؾ المرافؽ فيي مرافؽ التنظيـ‬
‫الميني التي اعتبرىا مجمس الدولة الفرنسي كذلؾ مف قبيؿ المرافؽ العمومية فيي تقوـ عمى إدارة مينة‬
‫معينة مف لدف نقابة مركبة مف أبناء المينة‪ ،‬وبالتالي فيي تيد أشخاصا معينة تتولى تدبير مرافؽ عمومية‬
‫إذ تقوـ عمى اسس تمييزىا أىميا ‪:‬‬

‫‪ -‬تتخذ شكال نقابيا‪ ،‬يشرؼ عمى إدارتيا مجالس منتخبة مف أبناء الميف نفسيا ‪.‬‬

‫‪ -‬إف االنضماـ إلييا يعتبر إجباريا وليس اختياريا‪ ،‬لذلؾ يمتزـ كؿ مف يريد مزاولة المينة الخاصة بيا‬
‫(الصيدلية المحاماة اليندسة‪ )...‬بالقيد في جدوؿ النقابة وااللتزاـ بق ارراتيا‪. 33‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ -‬ثرٌة لعٌونً ‪ ،‬نظرٌة المرافق العامة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.55‬‬

‫‪31‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ -‬تقوـ النقابات بميمة مزدوجة فيي مف ناحية تمثؿ المينة لدى الدولة وغيرىا مف الييئات العامة‪،‬‬
‫ومف ناحية ثانية تعمؿ عمى اإلشراؼ عمى النظاـ الداخمي لممينة ‪.‬‬

‫‪ -‬يعطييا القانوف حؽ إصدار أوامر ممزمة لجميع المنتميف لممينة لكي تتمكف مف أداء واجبيا‪ ،‬ىذه‬
‫األوامر قد تكوف تنظيمية يمتزـ األعضاء بمراعاتيا في تصرفاتيـ‪ ،‬أي أنيا أوامر مرتبطة بقواعد سموؾ‬
‫المينة التي يجب عمى أعضاء المينة االلتزاـ بيا‪ ،‬وقد تكوف أوامر فردية خاصة بعضو معيف وتيـ‬
‫ىذه األوامر مثال ما يخص مراقبة القيد بجداوليا عف طريؽ التحقؽ مف توافر الشروط المنصوص‬
‫عمييا في طمب القيد لذلؾ يعد قرارىا –سواء بقبوؿ القيد أو رفضو‪ -‬ق ار ار إداريا فرديا‪ ،‬وىذه السمطة‬
‫اآلمرة ىي التي تميز ىذه النقابات وتستتبع بالتالي خضوعيا لمقانوف العاـ‪. 34‬‬

‫‪ -‬إف لمنقابة سمطة تأديبية عمى أعضائيا‪ ،‬إذ مف حقيا إصدار ق اررات تأديبية ضد األعضاء الذيف‬
‫يخالفوف القوانيف والق ار ارت التي تضعيا النقابة لتنظيـ ممارسة المينة‪ ،‬بحيث تتبع النقابة في حؽ‬
‫المخالفيف إجراءات تأديبية مماثمة لإلجراءات المتبعة في حالة تأديب الموظفيف العمومييف ‪.‬‬

‫وتخضع النقابات المينية لنظاـ قانوني مختمؼ يجمع بيف القانونيف العاـ والخاص رغـ أف‬
‫الشطر الياـ مف نشاطيا يحكمو القانوف الخاص السيما ما يتعمؽ بممارسة أعماليا المدنية‪ ،‬ودعاوى‬
‫المسؤولية عف األضرار الناجمة عف نشاطيا إزاء األغيار وما يخص المحاسبة ومواردىا المالية مف‬
‫ناحية أخرى وتخضع النقابات المينية لمقانوف العاـ باعتبارىا مرافؽ عامة‪ ،‬إذ المنازعات المتصمة‬
‫بمظاىر نشاطيا كمرفؽ عاـ وممارستيا المتيازات السمطة العامة‪ ،‬تدخؿ في اختصاص القضاء‬
‫اإلداري وبالرغـ مف استخداميا ألساليب القانوف العاـ فيي ال تدخؿ في نطاؽ األشخاص المعنوية‬
‫العامة وال تعتبر مؤسسات عمومية‪. 35‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬معيار النطاق الترابي‬

‫‪34‬‬
‫‪ -‬ملٌكة الصروخ ‪ ،‬نظرٌة المرافق العامة الكبرى دراسة مقارنة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 18‬‬
‫‪35‬‬
‫‪ -‬إبراهٌم كومغار ‪ :‬المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 11‬‬

‫‪32‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫تنقسـ المرافؽ العمومية بحسب النطاؽ الترابي لنشاطو إلى مرافؽ عمومية وطنية يشمؿ‬
‫نشاطيا مجموع التراب الوطني‪ ،‬ومرافؽ عامة محمية ينحصر نشاطيا عمى جزء محدد مف إقميـ الدولة‬
‫‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬المرافق العمومية الوطنية‬

‫يقصد بالمرافؽ العمومية الوطنية تمؾ المرافؽ التي يتسع نشاطيا ليشمؿ كؿ أجزاء التراب‬
‫الوطني‪ ،‬بحيث تقوـ بتمبية حاجيات جميع سكاف إقميـ الدولة‪ ،‬ومف أمثمتيا مرافؽ الدفاع واألمف‬
‫والقضاء والتعميـ والصحة‪ ،‬وىذه المرافؽ تتولى تسييرىا الدولة أو السمطات المركزية في العاصمة‬
‫وفروعيا في األقاليـ ضمانا لألداء الجيد لخدماتيا عمى الصعيد الوطني‪ ،‬كما تتحمؿ الدولة المسؤولية‬
‫عف األضرار التي تتسبب فييا‪ ،‬أما فيما يخص إحداث ىذا النوع مف المرافؽ فإف الدستور المغربي لـ‬
‫ينص صراحة عمى اختصاص السمطة التشريعية في إحداث المرافؽ العمومية الوطنية باستثناء ما جاء‬
‫في المادة ‪ 51‬فيما يخص إحداث المؤسسات العمومية التي تقوـ بنشاطيا عمى الصعيد الوطني‬
‫كالمكتب الوطني لمكيرباء والمكتب الوطني لمنقؿ‪...‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المرافق العمومية المحمية‬

‫يحيؿ مفيوـ المرفؽ العمومي المحمي عند جانب مف الفقو عمى مشروع يقوـ عمى تقديـ خدمة‬
‫ذات طبيعة محمية تيـ سكاف جزء مف إقميـ الدولة وتقوـ بأدائيا ىيئة محمية تحت رقابة السمطة‬
‫المركزية‪ ،36‬بينما يحصره اتجاه فقيي ثاف في مشروع يقوـ عمى تقديـ خدمة ذات مضموف محمي تيـ‬
‫سكاف جزء مف إقميـ الدولة بصفة خاصة وال تيـ باقي أجزاء إقميـ الدولة بيذه الصفة وتقوـ بأدائيا‬
‫السمطة المحمية تحت رقابة السمطة المركزية‪ ،‬وىو نفس التوجيو يحيؿ عميو تيار ثالث الذي يرى فيو‬
‫مشروع يتولى تقديـ خدمة محمية تيـ سكاف الجماعات وتقوـ بأدائيا الييئات المنتخبة تحت إشراؼ‬
‫سمطات الوصاية ‪.‬‬

‫ىذا التحديد جعؿ المرفؽ العمومي المحمي يقوـ عمى أربعة عناصر أساسية يتحدد األوؿ في‬
‫ضرورة وجود مشروع تمارسو مجموعة بشرية تستعيف بوسائؿ مادية وبشرية في نفس الوقت مف أجؿ‬

‫‪36‬‬
‫‪ -‬أحمد بوعشٌق ‪ ،‬المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 78‬‬

‫‪33‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫ىدؼ معيف أداء حاجة أو خدمة لفائدة الجماعة المحمية وسد حاجياتيا‪ ،‬وىو معطى جعؿ مف العنصر‬
‫الثاني يقوـ عمى الطابع المحمي لمخدمات المقدمة‪ ،‬بحيث تؤدي عمى الصعيد المحمي لتمبية حاجيات‬
‫متنوعة قد تكوف مادية أو معنوية (التعميـ‪ ،‬الثقافة‪ )...‬أو رياضية أو نظامية (السالمة والصحة العامة‬
‫والسكينة العامة‪ )...‬يتمثؿ العنصر الثالث في أداء خدمات المرفؽ العمومي المحمي مف لدف ىيئة‬
‫محمية تمثؿ اإلدارة الحقيقية لسكاف الجماعة المحمية أي أف تكوف ىيئة منتخبة تعكس تطمعات ىؤالء‬
‫السكاف في تدبير الشؤوف الممحية‪ ،‬عمى أف يخضع ىذا المرفؽ لرقابة السمطة المركزية في عنصر‬
‫رابع‪. 37‬‬

‫وترتيبا عمى ذلؾ‪ ،‬يمكف إجماؿ المرافؽ العمومية المحمية في مجموع التي يمتد نشاطيا عمى‬
‫رقعة جغرافية محددة مف إقميـ الدولة بحيث يستفيد مف خدماتيا –كالتطيير والنظافة وتوزيع الماء‬
‫والكيرباء والنقؿ الحضري‪ ،‬سكاف الوحدة المحمية الترابية سواء كانت جية أو إقميما أو جماعة حضرية‬
‫أو قروية‪ ،‬وىو معطى يمكننا مف تقسيـ المرافؽ العامة المحمية التي يتـ إحداثيا بواسطة ىذه‬
‫الجماعات إلى مرافؽ عامة جيوية يشمؿ نشاطيا جية معينة ومرافؽ عامة جيوية يشمؿ نشاطيا جية‬
‫معينة‪ ،‬ومرافؽ عامة إقميمية يشمؿ نشاطيا إقميـ معيف كما ىو الحاؿ بالنسبة لممرافؽ التي تحدثيا‬
‫مجالس العماالت واألقاليـ‪ ،‬ومرافؽ عامة جماعية تنشئيا مجالي الجماعات الحضرية والقروية ‪.‬‬

‫إذا كاف تمييز المرافؽ العمومية المحمية عف المرافؽ العمومية الوطنية يتـ بالنظر إلى الجية‬
‫التي تقوـ بالنشاط سواء كانت وطنية او محمية‪ ،‬فإف ىذا التمييز ال يمكف الفصؿ التماـ بيف المرافؽ‬
‫العمومية المحمية والمرافؽ العمومية الوطنية إذ يظؿ التداخؿ قائما بينيا‪ ،‬سواء مف حيث التعاوف إذ تمد‬
‫السمطات المركزية السمطات المحمية بموظفي المرافؽ العمومية الوطنية ذوي الخبرة لمعاونتيا في إدارة‬
‫وتسيير المرافؽ العمومية المحمية مع إمدادىا بإعانات مالية لمساعدتيا في القياـ بأعباء إدارة المرافؽ‬
‫العمومية المحمية‪ ،‬كما أف السمطات الالمركزية خاضعة لنظاـ الوصاية اإلدارية مف لدف األجيزة‬
‫المركزية مما يجعؿ تدبير وتسيير المرفؽ المحمي ال ييرب مف رقابتيا ووصايتيا ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ -‬إبراهٌم كومغار ‪،‬المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 30‬‬

‫‪34‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬معياري الشخصية المعنوية وسمطة اإلنشاء‬

‫تستيدؼ المرافؽ العمومية تحقيؽ المصمحة العامة دوف قصد لربح أو كسب مادي‪ ،‬ألنيا أداة‬
‫اإلدارات العمومية في نشاطيا لتحقيؽ الصالح العاـ‪ ،38‬وىو عنصر يوجو تدخالتيا في تمبية الحاجيات‬
‫ا لعامة لممواطنيف‪ ،‬األمر الذي يمكف التمييز بيف مختمؼ أنواعيا تبعا لطبيعة المعيار المعتمد في ذلؾ‪،‬‬
‫بحيث ينظر إلى جزء مف ىذه المرافؽ بحسب تمتعيا بالشخصية المعنوية (الفقرة األولى) أو بحسب‬
‫السمطة المكمفة بإنشاء ىذا النوع مف المرافؽ (الفقرة الثانية) ‪.‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬معيار الشخصية المعنوية‬

‫تنقسـ المرافؽ العمومية مف حيث مدى اعتراؼ سمطة الدولة بالشخصية المعنوية أو عدـ‬
‫االعتراؼ ليا بذلؾ إلى مرافؽ عمومية ذات شخصية معنوية ومرافؽ غير ذات الشخصية المعنوية‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬المرافق المتمتعة بالشخصية المعنوية‬

‫إف المشرع وحده ىو الذي يمنح الشخصية المعنوية لمشخص المعنوي‪ ،‬ىو الذي يحدد أىميتو‬
‫القانونية‪ ،‬يضيؽ حقوقو‪ ،‬أو يوسع فييا‪ ،‬ولو أيضا الحؽ أف يجرد الشخص المعنوي مف شخصيتو‪،‬‬
‫عمميا الشخص المعنوي يستمد شخصيتو مف ضرورة وجوده قبؿ أف يعترؼ بو القانوف‪ ،‬كما ال يجب‬
‫أف يتحكـ القانوف في وجود الشخص المعنوي وفي سمبو أىميتو‪ ،‬فالشخصية المعنوية ضرورة اجتماعية‬
‫ال يستطيع القانوف إال أف يسمـ بيا ‪.‬‬

‫مثاؿ ‪ :‬األشخاص الذيف يتمتعوف بالشخصية المعنوية العامة ىـ‪ :‬الدولة‪ ،‬الجماعات المحمية‬
‫والمؤسسات العمومية ‪.‬‬

‫ويترتب عمى منح الشخصية المعنوية النتائج التالية‪: 39‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ -‬للمزٌد من التفاصٌل ٌرجع فً هذا الشؤن‪ :‬إبراهٌم كومغار ‪ ،‬المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪. 31‬‬
‫‪39‬‬
‫‪ -‬للمزٌد من التفاصٌل ٌرجع فً هذا الشؤن‪ :‬أحمد بوعشٌق ‪ ،‬المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬‬
‫ص ‪. 86‬‬

‫‪35‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ -‬يستقؿ الشخص المعنوي بذمة مالية متميزة عف ذمة غيره مف األشخاص ‪.‬‬

‫‪ -‬يتمتع الشخص المعنوي بأىمية التعاقد ‪.‬‬

‫‪ -‬يتمتع الشخص المعنوي بأىمية التقاضي‪ ،‬فترفع الدعوى باسـ ممثؿ ىذا الشخص ‪.‬‬

‫‪ -‬الشخص المعنوي يتحمؿ المسؤولية عف األضرار التي قد تحدثيا أعمالو ‪.‬‬

‫تمنح الشخصية المعنوية بقانوف أو بناء عمى قانوف‪ ،‬واف تمتع المرفؽ العاـ بالشخصية‬
‫المعنوية يعطيو قد ار مف االستقالؿ المالي واإلداري مما يجعمو في وضع يمكنو مف تحقيؽ أىدافو‪،‬‬
‫خالفا لممرفؽ الذي ال يتمتع بالشخصية المعنوية والذي يكوف خاضعا خضوعا تاما إلشراؼ وتوجيو‬
‫السمطات العمومية المركزية أو المحمية ‪.‬‬

‫و تتمثؿ المرافؽ العمومية المتمتعة بالشخصية المعنوية في مجموع الييئات التي تتمتع‬
‫باالستقالؿ اإلداري والمالي في مباشرة نشاطيا‪ ،‬مع خضوعيا لمرقابة والوصاية اإلدارية مف لدف‬
‫السمطات المركزية‪ ،‬ويأتي إحداث ىذا النوع مف المرافؽ العمومية بغرض تفادي سمبيات اإلدارة المباشرة‬
‫لبعض األنشطة العامة المتمثمة في البطء والتعقيد والروتيف‪ ،...‬ألف المصمحة العامة تقتضي تمتيع‬
‫بعض المرافؽ العمومية بالشخصية المعنوية بغية تحسيف أداء خدماتيا وىذه المرافؽ تعرؼ في المغرب‬
‫بالمؤسسات العمومية وتحمؿ عدة أسماء منيا‪ :‬المكاتب الوطنية والصناديؽ الوطنية‪ ،‬والمراكز‬
‫والوكاالت‪ ،‬وىي كميا تتمتع باالستقالؿ اإلداري والمالي وتكوف ليا أىمية التقاضي وموطف مستقؿ‬
‫وأمواؿ خاصة بيا‪. 40‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المرافق غير المتمتعة بالشخصية المعنوية‬

‫ترتبط معظـ المرافؽ العمومية التي ال تتمتع بالشخصية المعنوية باألجيزة والمؤسسات التي ال‬
‫تمارس نشاطيا بدرجة مف االستقالؿ اإلداري والمالي‪ ،‬تظؿ مرتبطة مباشرة باألشخاص اإلدارية‬
‫المنشئة ليا‪ ،‬بحيث أف المرافؽ العمومية الوطنية تتولى الدولة إدارتيا مباشرة بأمواليا وموظفييا‪ ،‬وىي‬
‫تمؾ المرافؽ التي ليا أىمية بالنسبة لمجموع سكاف إقميـ الدولة كمرافؽ العدؿ واألمف والصحة والتعميـ‬

‫‪40‬‬
‫‪ -‬كرٌم لحرش ‪ ،‬القانون االداري المغربً ‪ ،‬منشورات سلسلة الال مركزٌة واإلدارة المحلٌة ‪ ،‬عدد مزدوج ‪ 81‬و ‪ ، 83‬الطبعة الثانٌة‬
‫‪ ، 1081‬ص ‪. 197‬‬

‫‪36‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وتسير الدولة عمى حسف أدائيا لفائدتيـ ‪ ،‬أما باقي المرافؽ العمومية المحمية فيي تتبع مباشرة‬
‫الشخص المعنوي المحمي المحدث ليا والذي يختص باإلشراؼ المباشر عمييا‪. 41‬‬

‫وفي ىذا الصدد‪ ،‬نميز بيف االستغالؿ المباشر ومرافؽ الدولة المسيرة بصورة مستقمة ‪.‬‬

‫‪ - 2‬االستغالؿ المباشر‬

‫تفترض ىذه الطريقة إدارة المرفؽ العاـ مباشرة بواسطة الدولة وفروعيا كالو ازرات أو بواسطة‬
‫أحد أشخاص القانوف العاـ األخرى كالعماالت واألقاليـ‪ ،‬إلخ ‪.‬‬

‫أي أف الدولة ىي التي تدير المرفؽ العاـ بموظفييا وأمواليا وأجيزتيا وأساليبيا وفقا لقواعد‬
‫القانوف العاـ‪ ،‬وتمجأ الدولة إلدارة المرافؽ العامة اإلدارية أو التقميدية بصورة مباشرة كمرافؽ الدفاع‬
‫واألمف والقضاء والتعميـ‪ ...‬إلخ‪ ،‬المنتفع مف خدمات ىذا النوع مف المرافؽ يكوف دائما في مركز‬
‫قانوني تحكمو القوانيف المتعمقة بتمؾ المرافؽ‪ ،‬ويترتب عمى المركز القانوني حؽ المنتفع في مطالبة‬
‫المرفؽ باقتضاء الخدمة تطبيقا لمبدأ المساواة بيف األفراد أماـ المرفؽ العاـ‪ ،‬واذا امتنعت الوكالة‬
‫المباشرة عف تقديـ خدماتيا إليو‪ ،‬جاز لو الطعف في ق ارراتيا باإللغاء فضال عف حقو في رفع دعوى‬
‫تعويض ضد السمطة اإلدارية المصدرة لمقرار غير المشروع ‪.‬‬

‫يتميز االستغالؿ المباشر بعدة خصائص ىي ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬المرافؽ التي تدار عف طريؽ االستغالؿ المباشر ال تتميز عف الشخص العاـ الذي أنشئيا وتطبيقا‬
‫لذلؾ تبرـ العقود مع الشخص العاـ وىو الذي يكوف أيضا مسؤوال عف المرفؽ ‪.‬‬

‫ب ‪-‬عمى مستوى التنظيـ‪ ،‬االستغالؿ المباشر ال يتبع مباشرة الشخص العاـ الذي أنشئو مثاؿ المرافؽ‬
‫التابعة لمو ازرات تخضع رئاسيا لموزراء ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬االعتمادات المالية الضرورية لتسيير االستغالؿ المباشر ترد في الميزانية العامة لنفقات الشخص‬
‫العاـ ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ -‬أحمد بوعشٌق ‪ ،‬المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 87‬‬

‫‪37‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫د ‪ -‬تطبيقات ىذه الطريقة المباشرة في مجاؿ المرافؽ االقتصادية نادرة واستثنائية ويرجع ذلؾ إلى‬
‫القيود اإلدارية المعقدة التي ال تتناسب مع طبيعة المرافؽ الصناعية والتجارية التي تتميز بالمرونة ‪.‬‬

‫‪ - 3‬المرافؽ المسيرة بصورة مستقمة‬

‫مف حيث طبيعة نشاطيا‪ ،‬فإف مرافؽ الدولة المسيرة بصورة مستقمة يمكف أف تكوف مرافؽ عامة‬
‫إدارية كالمركز الوطني لمتوثيؽ‪ ،‬أو مرافؽ عامة صناعية وتجارية كمصمحة تقييـ المنتوجات الغابوية‪،‬‬
‫أو مرافؽ عامة اجتماعية كالمراكز االستشفائية أو مرافؽ عامة تكوينية كالمدرسة الوطنية لإلدارة‪ ،‬أو‬
‫مرافؽ عامة ثقافية كمسرح محمد الخامس‪ ،‬الخ ‪.‬‬

‫أما مف حيث النطاؽ الترابي لنشاط مرافؽ الدولة المسيرة بالطريقة المستقمة فقد تتسع دائرة‬
‫الطرؽ أو المراكز الجيوية‬ ‫نشاطيا لتشمؿ مجموع التراب الوطني كمديرية سالمية النقؿ عبر‬
‫لالستثمار‪ ،‬وقد ينحصر نشاطيا في منطقة معينة كالحديقة الوطنية لمحيوانات ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬معيار سمطة اإلنشاء‬

‫تنقسـ المرافؽ العمومية مف حيث مدى التزاـ الدولة في إنشائيا إلى مرافؽ عمومية إجبارية‬
‫ومرافؽ عمومية اختيارية‪. 42‬‬

‫أوال ‪ :‬المرافق العمومية اإلجبارية‬

‫األصؿ أف لمدولة وباقي األشخاص المعنوية العامة الترابية السمطة التقديرية في إحداث‬
‫المرافؽ العمومية‪ ،‬حينما يظير ليا ضرورة إشباع إحدى الحاجات الجماعية بواسطة ىذا المرفؽ وال‬
‫يممؾ األفراد إلزاميا بذلؾ‪ ،‬وعميو‪ ،‬يمكف إحداث ىذا النوع مف المرافؽ‪: 43‬‬

‫‪42‬‬
‫‪ -‬محمد األعراج ‪ ،‬القانون االداري المغربً الجزء األول‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 516‬‬
‫‪43‬‬
‫‪ -‬أحمد بوعشٌق ‪ ،‬المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 83‬‬

‫‪38‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ -‬عند التزاـ اإلدارة بإحداث المرافؽ العمومية بصفة إجبارية إذ ال تممؾ الحرية واالختيار في إنشائيا‬
‫أو عدـ إنشائيا‪ ،‬ألنيا مرافؽ تتعمؽ بممارسة الوظائؼ األساسية لمدولة كمرافؽ الدفاع والقضاء واألمف‬
‫والتعميـ ‪.‬‬

‫‪ -‬عندما يمزـ نص قانوني اإلدارة بإنشائيا‪ ،‬فإذا نص الدستور عمى إجبارية التعميـ‪ ،‬فإف اإلدارة تكوف‬
‫ممزمة بإنشاء مؤسسات تعميمية في جميع المستويات ‪.‬‬

‫‪ -‬يمكف أف تحدث مرافؽ عمومية بشكؿ إجباري نتيجة معاىدة دولية كمعاىدة المالحة الدولية التي‬
‫تمزـ بإنشاء محطات لقيادة الطائرات ‪.‬‬

‫‪ -‬قد يمزـ القانوف الييئات الالمركزية بإنشاء بعض المرافؽ العمومية المحمية وىي التي يطمؽ عمييا‬
‫المرافؽ العمومية اإلجبارية إذ يتـ إحداثيا بموجب قانوف‪ ،‬كما يحؽ لألفراد إلزاـ اإلدارة بإنشاء المرافؽ‬
‫العمومية اإلجبارية وفي حالة رفض القياـ بذلؾ جاز ليـ مقاضاتيا‪ ،‬وىو أمر ينطبؽ عمى سمطة‬
‫الوصاية‪ ،‬التي ليا الحؽ في إجبار الييئة الالمركزية بإنشاء المرفؽ المحمي اإلجباري في حالة الرفض‬
‫حؽ ليا الحموؿ محميا والقياـ بإنشائو ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المرافق العمومية االختيارية‬

‫األصؿ ىو أف اإلدارة تتمتع بسمطة تقديرية في إنشاء المرفؽ العاـ‪ ،‬وفي اختيار وقتو ومكانو‪،‬‬
‫كما يترؾ لتقديرىا اختيار نوع المرفؽ وشكمو‪ ،‬وتحديد الطريقة المناسبة إلدارتو واستغاللو‪ ،‬وىي حرة‬
‫كذلؾ في تعديؿ ىذه الطريقة وفي إلغاء المرفؽ في أي وقت تشاء‪ ،‬ميتدية في كؿ ذلؾ بما يقتضيو‬
‫الصالح العاـ في نظرىا وتقديرىا ‪.‬‬

‫والنتيجة اليامة التي ترتب عف ىذا اإلجراء ىي أف األفراد ال يستطيعوف إجبار اإلدارة عمى‬
‫إنشاء المرافؽ العمومية االختيارية‪ ،‬ولو كانت تمؾ المرافؽ ميمة ومفيدة ليـ‪ ،‬كذلؾ ال يممكوف الوسائؿ‬
‫القانونية التي تمكنيـ مف حمميا عمى إحداث تمؾ المرافؽ إذ ليس ليـ الحؽ في رفع دعوى إلغاء القرار‬
‫اإلداري القاضي برفض اإلدارة إنشاء المرافؽ‪ ،‬أو المطالبة بتعويض الضرر الذي لحقيـ مف جراء‬
‫تقاعس اإلدارة عف اإلنشاء‪ ،‬ىكذا فالقاعدة العامة أف اإلدارة ليا كامؿ السمطة التقديرية في اختيار وقت‬
‫وسكاف المرفؽ ونوع النشاط الذي يزاولو وأسموب إدارتو وتدبيره ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬النظام القانوني لممرافق العامة‬

‫مف بيف الظواىر التي صاحبت القرف العشريف ظاىرة تطور القانوف اإلداري بصورة سريعة‪،‬‬
‫الناتج أساسا عف تطور الدور الذي أصبحت تمعبو اإلدارة في حياة المواطنيف ‪.‬‬

‫إف مختمؼ مظاىر ىذا التطور‪ ،‬جعمت الباحث والميتـ بيذا الحقؿ المعرفي يؤمف باستحالة‬
‫وجود نظاـ قانوني واحد تخضع لو كؿ المرافؽ العمومية عمى اختالؼ أنواعيا وطرؽ إدارتيا ‪ ...‬غير‬
‫أنو إذا تـ الجزـ بيذه النتيجة التي كانت وراء فشؿ أطروحات مدرسة "بوردو"‪ ،‬فإنو نظ ار ألىمية المرافؽ‬
‫العامة كاف مف الطبيعي أف تخضع في إدارتيا وأثناء سيرىا لجممة مف القواعد والمبادئ‪ ،‬وتنفرد بنظاـ‬
‫قانوني يميزىا عف نشاط األفراد‪ ،‬والذي يتجمى في مجموعة القواعد الضرورية إلنشائيا والغائيا ‪،‬‬
‫وطرؽ تدبيرىا باإلضافة الى مبادئيا التي تضمف ليا تحقيؽ الغرض المرجو منيا عمى أتـ وجو‪.‬‬
‫وسنقتصر عمى دراسة األحكاـ المتعمقة بإنشاء المرافؽ العمومية وتنظيميا والغاءىا (المطمب االوؿ )‪،‬‬
‫والمبادئ األساسية الضابطة لسيرىا (المطمب الثاني) ‪.‬‬

‫المطمب الول ‪ :‬إنشاء وإلغاء المرافق العامة‬

‫أكيد أف مف تجميات عنصر السمطة العامة الذي يتميز بيو المرفؽ العاـ‪ ،‬ما يخص تكويف‬
‫المرفؽ العاـ ذاتو أي كيفية إنشائو والغائو والتي ترتبط دائما بغاية المصمحة العامة ‪.‬‬

‫لتوضيح كيفية إنشاء المرافؽ العامة بالمغرب‪ ،‬يتعيف التمييز بيف المرافؽ العامة الوطنية مف‬
‫ناحية والمرافؽ العامة الجيوية واإلقميمية والجماعية مف ناحية أخرى‪ ،‬عمى اعتبار أف لكؿ نوع مف ىذه‬
‫المرافؽ طريقة في اإلنشاء ‪.‬‬

‫يعود االختصاص في إنشاء المرافؽ العامة (الفرع االوؿ) إلى الجيات التي حددىا الدستور‬
‫والقانوف‪ ،‬والتي تكوف مؤىمة في نفس الوقت لالضطالع بميمة تنظيميا‪ ،‬والغاءىا (الفرع الثاني )‪.‬‬

‫الفرع االول ‪ :‬إنشاء المرافق العامة‬

‫لتوضيح كيفية إنشاء المرافؽ العامة بالمغرب‪ ،‬يتعيف التمييز بيف المرافؽ العامة الوطنية‬
‫والجيوية (الفقرة األولى) مف ناحية والمرافؽ العامة اإلقميمية والجماعية مف ناحية أخرى (الفقرة الثانية)‪،‬‬
‫عمى اعتبار أف لكؿ نوع مف ىذه المرافؽ طريقتو في اإلنشاء ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬إنشاء المرافق العامة الوطنية والجيوية‪.‬‬

‫مف اجؿ تسييؿ تسمسؿ المعمومات اقترحنا جمع المرافؽ العامة الوطنية والجيوية ضمف فقرة‬
‫واحدة ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬إنشاء المرافق العامة الوطنية‬

‫المبدأ العاـ المسمـ بو ىو أف إنشاء المرافؽ العامة يكوف بقانوف أو بناء عمى قانوف ويترتب‬
‫عف ىذا الوضع القانوني‪ ،‬استبعادا ما يسمى بالمرافؽ العامة الفعمية‪ ،‬أو الواقعية أو االفتراضية مف‬
‫دائرة المرافؽ الذي يتدخؿ المشرع في إنشائيا حيث يتـ إحداثيا بواسطة األفراد بعد أخذ تصريح مف‬
‫اإلدارة‪ ،‬مقابؿ أف تقيده ببعض الشروط التي تراىا ضرورية لتحقيؽ المصمحة العامة‪ ،‬ويمكنيا أف توقؼ‬
‫نشاطيا إذا الحظت أنو مرىؽ لالقتصاد الوطني ويمكف مساءلة اإلدارة عف األضرار التي تنتج مف‬
‫جراء القياـ بيذا النشاط ‪.‬‬

‫ويعرؼ المرفؽ العاـ الفعمي عبارة عف مشروع فردي يستيدؼ إشباع مصمحة عامة شريطة أف‬
‫يكوف النشاط المدار مما ال يمكف ممارستو إال بتصريح سابؽ مف اإلدارة‪ ،‬مثاؿ الصيدليات‪ ،‬سيارة‬
‫األجرة مدارس التعميـ الحر ‪.‬‬

‫في فرنسا أصبح إنشاء المرافؽ العامة الوطنية منذ دستور ‪ 2:69‬تابعا بمقتضى المادة ‪48‬‬
‫مف الدستور لمسمطة التنظيمية باستثناء المرافؽ التي تمثؿ مساسا بالضمانات األساسية لمحريات‬
‫العامة‪ ،‬كإنشاء مرفؽ يتمتع باالحتكار أو تأميـ مؤسسة خاصة أو خوصصة ممتمكات القطاع العاـ‪،‬‬
‫يعود االختصاص فييا إلى السمطة التشريعية بمقتضى المادة ‪ 45‬مف الدستور التي تجعؿ البرلماف‬
‫مشرعا استثنائيا‪ ،‬ويؤكد الفقيو جيز ىذا الموقؼ بقولو إف البرلماف ىو الذي ينبغي أف يضطمع وحده في‬
‫األمور التي تناؿ مف حقوؽ وحريات األفراد ‪.‬‬

‫في المغرب‪ ،‬قبؿ عيد الدساتير‪ ،‬كاف إنشاء المرافؽ العامة‪ ،‬مف اختصاص السمطة التشريعية‬
‫الممارسة مف طرؼ الممؾ الممثؿ األسمى لألمة بحكـ تجمع السمط وىكذا أنشئت معظـ المرافؽ العامة‬
‫بمقتضى ظيائر نظ ار لتمتعيا بامتيازات السمطة العامة وأف إحداثيا يتناقض مع حؽ الممكية الخاصة‪،‬‬
‫غير أف بعض المرافؽ العامة التي ليا مساس بسمطة الممؾ الدنية كانت تفوض لموزراء‪ ،‬ألف الممؾ ال‬

‫‪41‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫يستطيع التدخؿ في تمؾ المجاالت العتبارات إسالمية‪ ،‬وىكذا فقد أنشئ مكتب الخمور والكحوؿ‬
‫بمقتضى القرار الوزاري المؤرخ في ‪ 27‬يوليو ‪. 2:49‬‬

‫وبعد مجيء عيد الدساتير لـ يدرج دستور ‪ 2:73‬و‪ 2:81‬إنشاء المرافؽ العامة ضمف الفصؿ‬
‫‪ 59‬المخصص لمجاؿ القانوف‪ ،‬وقد افترض بعض الفقياء بأف ىذا االختصاص يعود لممشرع نظ ار‬
‫لدستورية حؽ الممكية الخاصة وما يتبعيا مف حرية التجارة والصناعة المنصوص عمييا في الباب‬
‫األوؿ مف الدستور المتعمؽ بالمبادئ العامة ‪.‬‬

‫دستور ‪ 2:83‬تدارؾ األمر عندما جعؿ إنشاء المؤسسات العمومية الوطنية‪ ،‬خوصصتيا‪،‬‬
‫وتأميـ المنشآت الخاصة‪ ،‬مف اختصاص السمطة التشريعية بمقتضى الفصؿ ‪ 56‬مف الدستور‪ ،‬وأكدت‬
‫الغرفة اإلدارية لممجمس األعمى في قرار صادر في ‪ 31‬دجنبر ‪ 2:89‬عمى أف السمطة التشريعية ىي‬
‫السمطة المختصة إلنشاء المؤسسات العمومية‪. 44‬‬

‫الدستور المراجع لسنة ‪ 2::3‬لـ يأت جديد في ىذا المجاؿ جاعال البرلماف مشرعا عاديا‬
‫والحكومة مشرعا استثنائيا‪ ،‬حيث يمكف ليذه األخيرة أف تصدر خالؿ الفترة الفاصمة بيف الدورات‬
‫وبارتفاؽ مع المجاف التي يعنييا األمر في مجمس النواب مراسـ قوانيف يجب عرضيا بقصد المصادقة‬
‫عمييا أثناء الدورة العادية التالية لمجمس النواب ‪.‬‬

‫الفصل ‪ 78‬من دستور فـاتح يوليوز ‪ 1088‬منح االختصاص لمبرلماف المكوف مف مجمسيف‪:‬‬
‫مجمس النواب ومجمس المستشاريف‪ ،‬بالتشريع في إحداث المؤسسات العمومية‪ ،‬تأميـ المنشآت ونقميا‬
‫مف القطاع العاـ إلى القطاع الخاص ‪.‬‬

‫الدستور الجديد خوؿ مجمس النواب وكذا مجمس المستشاريف سمطات سياسية وتشريعية ىامة‪،‬‬
‫عمى مستوى التشريع فإف مجمس المستشاريف لو الصالحية في اقتراح قوانيف في التصويت عمى‬
‫القانوف‪ ،‬وقانوف األذف‪ ،‬والقانوف المالي والقوانيف اإلطار‪ ،‬والمصادقة عمى مراسيـ القوانيف التي تصدر‬
‫الحكومة خالؿ الفترة الفاصمة بيف الدورات ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬إنشاء المرافق العامة الجيوية‬

‫‪44‬‬
‫‪ -‬محمد كرامً ‪ :‬القانون اإلداري ‪ ،‬مطبعة النجاح الجدٌدة الدار البٌضاء ‪ ،‬الطبعة الثانٌة ‪.1005‬ص ‪.190‬‬

‫‪42‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫في ظؿ التقسيـ الجيوي المحدث بظيير ‪ 27‬يونيو ‪ 2:82‬والقائـ عمى أساس اقتصادي‪ ،‬لـ‬
‫تكف الجيات تتمتع بالشخصية المعنوية‪ ،‬مع عدـ توفرىا عمى أجيزة تنفيذية وتقريرية‪ ،‬لذلؾ فإف إنشاء‬
‫المرافؽ العامة الجيوية أنذاؾ بقي داخال في نطاؽ اختصاصات السمطة التنظيمية‪ ،‬دوف المؤسسات‬
‫العمومية ذات الصبغة الجيوية والمتمتعة بالشخصية المعنوية التي يختص بإحداثيا البرلماف بقوانيف‬
‫طبقا لممادة ‪ 82‬مف دستور فاتح يوليوز ‪.‬‬

‫وبعد االرتقاء بالجية إلى مستوى جماعة محمية تتمتع باالستقالؿ اإلداري والمالي‪ ،‬وبموجب‬
‫المادة السابعة مف قانوف ‪ 58.:7‬المتعمؽ بالتنظيـ الجيوي‪ ،45‬فإف المجمس الجيوي بات بإمكانو البت‬
‫في شأف مساىمة الجية في مقاوالت االقتصاد المختمط ذات الفائدة الجيوية أو المشتركة بيف الجيات‪،‬‬
‫كما يختص كذلؾ بإقامة مناطؽ صناعية ومناطؽ لألنشطة االقتصادية‪ ،‬وبمقتضى المادة التاسعة وفي‬
‫إطار االختصاصات االستشارية لممجس الجيوي‪ ،‬يمكف ليذا األخير أف يقترح إحداث المرافؽ العامة‬
‫الجيوية وطرؽ تنظيميا وتدبير شؤونيا وخاصة عف طريؽ الوكالة المباشرة أو الوكالة المستقمة واما‬
‫عف طريؽ االمتياز ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬إنشاء المرافق العامة اإلقميمية والجماعية‬

‫سنتطرؽ مف خالؿ ىذه الفقرة الى مف خوليـ القانوف حؽ انشاء المرافؽ العامة االقميمية‬
‫والجماعية ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬إنشاء المرافق العامة اإلقميمية‬

‫يمارس مجمس العمالة أو اإلقميـ اختصاصات أساسية فيما يخص إنشاء المرافؽ العامة‬
‫اإلقميمية‪ ،‬إذ بموجب المادة ‪ 47‬مف القانوف ‪ 8:.11‬المتعمؽ بتنظيـ العماالت واألقاليـ‪ ،46‬فإف مجمس‬

‫‪45‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 17.96‬المتعلق بالتنظٌم الجهوي‪ ،‬الصادر بتنفٌذه الظهٌر الشرٌف رقم ‪ 1.97.84‬بتارٌخ ‪ 1‬أبرٌل ‪8997‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 79.00‬المتعلق بتنظٌم العماالت واألقالٌم‪ ،‬الصادر بتنفٌذه الظهٌر الشرٌف رقم ‪ 8.01.169‬بتارٌخ ‪ 5‬أكتوبر ‪.1001‬‬

‫‪43‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫العمالة أو اإلقميـ ىو الذي يقرر في إحداث المرافؽ العمومية لمعمالة أو اإلقميـ وتحديد طرؽ تدبيرىا‪،‬‬
‫كما يبت في شأف إحداث مقاوالت وشركات االقتصاد المختمط ذات الفائدة لمعمالة أو اإلقميـ أو‬
‫المساىمة فييا‪ ،‬وفي إحداث المرفؽ العمومي لمنقؿ بيف الجماعات ويحدد طرؽ تدبيره‪ ،‬فضال عف ذلؾ‬
‫يبت مجمس العمالة أو اإلقميـ في إبراـ كؿ اتفاقية لمتعاوف أو الشراكة الرامية إلى إنعاش التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية ويحدد الشروط إلنجاز األعماؿ التي تنفذىا العمالة أو اإلقميـ بتعاوف أو‬
‫بشراكة مع اإلدارات العمومية والجماعات المحمية والييئات العمومية أو الخاصة والفاعميف االجتماعييف‬
‫‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬إنشاء المرافق العامة الجماعية‬

‫إف المبدأ العاـ ىو أف المجالس الجماعية تتمتع بسمطة تقديرية في إحداث المرافؽ العامة‬
‫الجماعية‪ ،‬عندما تظير حاجات عامة محمية يتعيف تمبيتيا مع عجز المبادرة الخاصة عف القياـ بذلؾ‪،‬‬
‫ىكذا وطبقا لممادة ‪ 4:‬مف قانوف ‪ 89.11‬المتعمؽ بالتنظيـ الجماعي‪ ،47‬يقرر المجمس الجماعي إحداث‬
‫وتدبير المرافؽ العمومية الجماعية خاصة في القطاعات التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬التزود بالماء الصالح لمشرب وتوزيعو ‪.‬‬

‫‪ -‬توزيع الطاقة الكيربائية ‪.‬‬

‫‪ -‬التطيير السائؿ ‪.‬‬

‫‪ -‬جمع الفضالت المنزلية والنفايات المشابية ونقميا وايداعيا بالمطر العمومي ومعالجتيا ‪.‬‬

‫‪ -‬اإلنارة العمومية ‪.‬‬

‫‪ -‬النقؿ العمومي الحضري ‪.‬‬

‫‪ -‬السير والجوالف وتشوير الطرؽ العمومية ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 78.00‬المتعلق بالتنظٌم الجماعً كما تم تعدٌله وتتمٌمه بموجب القانون رقم ‪ 87.08‬والصادر فً ‪ 88‬فبراٌر ‪.1009‬‬

‫‪44‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ -‬نقؿ المرضى والجرحى ‪.‬‬

‫‪ -‬الذبح نقؿ المحوـ واالسماؾ ‪.‬‬

‫‪ -‬المقابر ومرفؽ نقؿ الجثث ‪.‬‬

‫في طرؽ تدبير المرافؽ العمومية الجماعية عف طريؽ الوكالة المباشرة‬ ‫ويقرر المجمس‬
‫والوكالة المستقمة واالمتياز وكؿ طريقة أخرى مف طرؽ التدبير المفوض لممرافؽ العمومية طبقا لمقوانيف‬
‫واألنظمة المعموؿ بيا‪ ،‬وبالنظر لألىمية التي تكتسييا المرافؽ العامة الجماعية فقد أضحى المجمس‬
‫الجماعي طبقا لمقانوف رقـ ‪ 28.19‬يحدث ضمف لجانو الدائمة لجنة مكمفة بالمرافؽ العمومية بالنسبة‬
‫لمجماعات التي يفوؽ عدد أعضاء مجمسيا ‪ 46‬عضوا‪ ،‬ولجنة مكمفة بالتعمير واعداد التراب والبيئة‬
‫والمرافؽ العمومية بالنسبة لمجماعات التي يتراوح عدد أعضاء مجمسيا بيف ‪ 36‬و‪ 46‬عضوا‪. 48‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬إلغاء المرافق العامة‬

‫بصدد إلغاء المرافؽ العامة تثور مشكمة متعمقة باالختصاص‪ ،‬حيث أف القاعدة العامة تقر أف‬
‫السمطة المختصة باإلنشاء ىي التي تممؾ اإللغاء‪( ،‬الفقرة األولى) تـ التطرؽ الى ما يعرؼ المرفؽ‬
‫الفعمي أو الحكمي أو الواقعي( الفقرة الثانية) ‪.‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬إلغاء المرافق العامة‬

‫يعتبر إلغاء المرافؽ العامة أم ار تقديريا لمسمطة العامة‪ ،‬ويقصد بو وضع حد نيائي لنشاط‬
‫المرفؽ العاـ إما بسحب الشخصية المعنوية مف الشخص المعنوي المستقؿ واما بتفويتو إلى الخواص‬
‫سواء عف طريؽ الخوصصة أو التدبير المفوض‪ ،‬واما يحذفو نيائيا ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 78.00‬المتعلق بالتنظٌم الجماعً كما تم تعدٌله وتتمٌمه بموجب القانون رقم ‪ 87.08‬والصادر فً ‪ 88‬فبراٌر ‪.1009‬‬

‫‪45‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫ويقصد بإلغاء المرافؽ العامة إنياء نشاطيا ووضع حد لو‪ ،‬وكقاعدة عامة فإف السمطة العامة‬
‫التي تممؾ حؽ إنشاء المرافؽ العامة تممؾ حؽ إلغائيا متى رأت أف وجودىا لـ يعد ضروريا‪ ،‬ويكوف‬
‫اإللغاء بنفس الوسيمة المتبعة في اإلنشاء تبعا "لمبدأ توازي الشكميات ‪Le Parallélisme des‬‬
‫‪ " formes‬فإذا كاف المرفؽ العاـ قد أنشئ بقانوف‪ ،‬فإف إلغاؤه يكوف بقانوف أو بناء عمى قانوف اي‬
‫بموجب تفويض مف المشرع أما إذا كاف اإلنشاء بغير قانوف‪ ،‬فإف اإللغاء يكوف بنفس الطريقة المتبعة‬
‫في اإلنشاء‪. 49‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬المرفق الفعمي أو الواقعي‬

‫المرفؽ الفعمي أو الحكمي أو الواقعي ىو "كؿ مشروع فردي يستيدؼ أداء خدمة عامة‪ ،‬ولو‬
‫قدر مف األىمية‪ ،‬بشرط أال يكوف مزاولة ىذا النشاط إال بعد الحصوؿ عمى تصريح سابؽ مف اإلدارة"‬
‫‪.‬‬

‫فيذه المرافؽ العامة ال تنشئيا الدولة بؿ يتـ إنشاؤىا مف قبؿ األفراد بناء عمى ترخيص مف‬
‫اإلدارة‪ ،‬بشرط أف يستيدؼ نشاطيا تحقيؽ النفع العاـ‪ ،‬ولقد اعترؼ مجمس الدولة الفرنسي بيذا النوع‬
‫نظر لما تكتسيو مف أىمية حيث تقدـ خدمات أساسية لفائدة الجميور‪ ،‬وىناؾ مجموعة‬
‫مف المرافؽ‪ ،‬ا‬
‫مف اآلثار المترتبة عمى قياـ ىذا النوع مف المرافؽ ومنيا ‪:‬‬

‫‪ -‬لإلدارة أف تشترط ما تراه ألداء الخدمة العامة عمى أحسف وجو‪ ،‬كما ليا الحؽ في تحديد مقابؿ‬
‫االنتفاع مف الخدمة العامة‪ ،‬الذي يتمقاه الفرد المزاوؿ لمنشاط مف المنتفعيف ‪.‬‬

‫‪ -‬لإلدارة الحؽ في إنياء نشاط المرفؽ‪ ،‬إذ ما قدرت أف اعتبارات المصمحة العامة تقتضي ذلؾ ‪.‬‬

‫‪ -‬تحمؿ اإلدارة لممسؤولية عف األض ارر التي يمحقيا المرفؽ بالغير‪ ،‬مما يترتب عنو أداء التعويض عف‬
‫تمؾ األضرار مف لدف اإلدارة التي منحت الترخيص ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ -‬للمزٌد من التفاصٌل ٌرجع فً هذا الشؤن‪ :‬أحمد بوعشٌق ‪ ،‬المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬‬
‫ص ‪. 86‬‬

‫‪46‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫ولقد انتقد غالبية الفقياء ىذا النوع مف المرافؽ‪ ،‬عمى اعتبار أنيا فكرة تحكمية تؤدي باإلدارة‬
‫إلى االعتداء عمى حرية العمؿ‪ ،‬ولكوف اإلدارة تمنح تراخيص إلنشاء ىذا النوع مف المرافؽ في حيف أف‬
‫المشرع لـ يمنحيا حؽ القياـ بذلؾ‪ ،‬كما أف أداء اإلدارة لمتعويضات بسبب األضرار التي تسببيا تمؾ‬
‫المرافؽ لمغير يكمؼ الخزينة العامة لمدولة‪. 50‬‬

‫المطمب الثاني ‪ :‬طرق تدبير المرافق العامة‬

‫ال جداؿ أف تعدد أنواع المرافؽ العمومية يؤدي حتما إلى اختالؼ األساليب المتبعة في‬
‫تدبيرىا‪ ،‬والتي تأخذ بعيف االعتبار طبيعة ونوع النشاط الذي يؤديو المرفؽ‪ ،‬فيناؾ مف المرافؽ التي‬
‫تقتضي تدخؿ الدولة لإلشراؼ بنفسيا مباشرة عمى تسييرىا بأمواؿ عامة وموظفيف عمومييف‪ ،‬وبالتالي‬
‫ال تترؾ لمخواص ألنيا تمس الدولة في كيانيا‪ ،‬وىذا ىو حاؿ المرافؽ التي تيـ مجاالت األمف والدفاع‬
‫والقضاء (الفرع األوؿ)‪ ،‬وىناؾ مف المرافؽ التي تحتاج في تدبيرىا إلى أساليب أكثر مرونة مف‬
‫األساليب المتبعة في تدبير المرافؽ العمومية اإلدارية‪ ،51‬تتالءـ مع طبيعة الخدمات التي تؤدييا إلى‬
‫المواطنيف‪ ،‬وىذا ىو حاؿ المرافؽ العمومية االقتصادية التي يتـ تدبيرىا‪ ،‬إما مف لدف أحد األشخاص‬
‫المعنوية الذي يتولى إدارة المرفؽ باستقالؿ إداري ومالي غير مطمؽ عف الدولة‪ ،‬واما مف لدف الخواص‬
‫الذيف تعيد إلييـ الدولة بتسيير أحد المرافؽ العمومية تحت إشرافيا عبر إبراـ عقود إدارية معيـ كعقد‬
‫االمتياز أو االلتزاـ أو عقد التدبير المفوض (الفرع الثاني) ‪.‬‬

‫الفرع الول ‪ :‬الساليب العامة‬

‫‪50‬‬
‫‪ -‬للمزٌد من التفاصٌل ٌرجع فً هذا الشؤن‪ :‬إبراهٌم كومغار ‪ :‬المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪51‬‬
‫‪ -‬محمد كرامً ‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.191‬‬

‫‪47‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫يظير تسيير المرافؽ العمومية بأساليب التدبير العامة‪ ،‬حينما تتدخؿ الدولة أحد أشخاص‬
‫القانوف العاـ األخرى لتدبير المرفؽ العمومي بشكؿ مباشر بواسطة أمواليا‪ ،‬واعتمادا عمى امتيازات‬
‫السمطة العامة باستخداـ طريقة االستغالؿ المباشر والتدبير المستقؿ‪ ،‬وقد تكتفي بسمطة الوصاية وتمنح‬
‫ىيئة عامة سمطة التدبير وىو ما يعرؼ بالمؤسسة العامة أو بطريقة مستقمة كما ىو الحاؿ بالنسبة‬
‫لتدبير مرافؽ الدولة بصورة مستقمة ‪.‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬تدبير المرافق باالستغالل المباشر وبالصورة المستقمة‬

‫سنتطرؽ الى طريقة التدبير المرافؽ العمومية باالستغالؿ المباشر او ما يعرؼ بالوكالة‬
‫المباشرة و تدبير مرافؽ الدولة بصورة مستقمة ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬االستغالل المباشر أو الوكالة المباشرة‬

‫يقصد باالستغالؿ المباشر قياـ الدولة أو إحدى السمطات اإلدارية المحمية بتدبير المرفؽ‬
‫العمومي بنفسيا مباشرة بوسائميا المالية والبشرية وباستخداـ وسائؿ وامتيازات القانوف العاـ‪ ،‬مع تحمميا‬
‫لممسؤوليات ولممخاطر المترتبة عف تدبير ذلؾ المرفؽ‪ ،‬وأسموب االستغالؿ المباشر ىو األسموب‬
‫المعتمد في تدبير المرافؽ العمومية التقميدية التي يقدـ عمييا الخواص‪ ،‬مثؿ مرافؽ الدفاع‪ ،‬األمف‬
‫والقضاء‪ ...‬ويعتمد ىذا األسموب كذلؾ مف لدف الجماعات المحمية كمرافؽ الحالة المدنية‪ ،‬تدبير‬
‫النفايات واإلنارة العمومية‪ ،52...‬ويالحظ بذلؾ أف ىذه الطريقة تسير بيا الدولة أو الجماعات المحمية‬
‫المرفؽ العمومي مباشرة‪ ،‬دوف أف يتوسط بينيا وبيف المرفؽ ىيئة مستقمة‪ ،‬ىكذا يبقى العامموف في‬
‫المرفؽ المسير بأسموب اإلدارة المباشرة مف الموظفيف العمومييف وأموالو مف األمواؿ العامة التي‬
‫تخضع لمقواعد التي تحكـ ميزانية الدولة‪ ،‬وق ارراتو مف الق اررات اإلدارية‪ ،‬وتمجأ السمطات اإلدارية‬
‫المركزية إلى تدبير المرافؽ العمومية اإلدارية بيذا األسموب‪. 53‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ -‬محمد األعراج ‪ ،‬القانون االداري المغربً الجزء األول ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 517‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ٌ -‬رجع ذلك الى االعتبارات التالٌة ‪:‬‬

‫* عدم قٌام الخواص بتدبٌر المرافق المسٌرة بهذا االسلوب ‪ ،‬ألنها مرافق مرتبطة اساسا بكٌان الدولة وال ٌمكن تركها للخواص ‪،‬‬
‫الذٌن هم اٌضا ال ٌقبلون علٌها الن نشاطها ال ٌحقق ارباحا ومكاسب مادٌة لهم‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وال ينحصر أسموب االستغالؿ المباشر أو اإلدارة المباشرة في تدبير المرافؽ العمومية اإلدارية‪،‬‬
‫بؿ قد يستخدـ حتى في تدبير المرافؽ العمومية الصناعية أو التجارية التي تخضع وفقا ليذا األسموب‬
‫لقواعد القانوف العاـ مف حيث ىيكميا وتسييرىا‪ ،‬ورغـ أف ىذا النوع مف المرافؽ ينفر عادة مف ىذا‬
‫األسموب لما يترتب عميو مف سمبيات تكمف في تعقيد اإلجراءات والبطء والروتيف تؤثر عمى نشاط ىذه‬
‫المرافؽ التي تحتاج إلى تمكينيا مف الحرية والمرونة لضماف تطورىا وازدىارىا‪ ،‬رغـ أف التدبير‬
‫المباشر لممرافؽ العمومية الصناعية والتجارية يؤدي إلى خضوعيا لقواعد القانوف اإلداري فإف ذلؾ ال‬
‫يبعد تطبيؽ قواعد القانوف الخاص السيما فيما يخص عالقات تمؾ المرافؽ مع المنتفعيف‪. 54‬‬

‫يمكف أيضا استخداـ أسموب االستغالؿ المباشر في تدبير المرافؽ المحمية‪ ،‬حيث لجأت إليو‬
‫المجالس الجماعية في دوؿ كثيرة وبالخصوص فرنسا منذ أواخر القرف الماضي‪ ،‬حيث بدأت تتغمغؿ‬
‫في تدخميا في مختمؼ نواحي الحياة االقتصادية‪ ،‬رغـ أف القاعدة العامة التي أقرىا القضاء اإلداري‬
‫الفرنسي‪ ،‬ىي عدـ جواز قياـ البمديات بإنشاء وادارة المرافؽ العامة التجارية والصناعية بيذا األسموب‪،‬‬
‫معمال ذلؾ باألسباب التالية‪: 55‬‬

‫‪ -‬تأثير ذلؾ عمى المنافسة‪ ،‬ألف الخواص بوسائميـ المحدودة قد ال يستطيعوف منافسة الجماعات‬
‫المحمية ‪.‬‬

‫‪ -‬األضرار التي قد تمحؽ المشروعات الخاصة‪ ،‬السيما بالنسبة لألسعار التي قد تخفضيا الجماعات‬
‫المحمية فيما يخص الخدمات التي تقدميا‪ ،‬ألف ليا وسائؿ أخرى كالرسوـ والضرائب لتدارؾ الفرؽ‪...‬‬

‫* المرافق العمومٌة المسٌرة بهذا االسلوب ‪ٌ ،‬حسن تدبٌرها بوسائل القانون العام واسالٌب الشرطة اإلدارٌة ‪ ،‬وبذلك تترك للتدبٌر‬
‫المباشر من لدن االدارة ‪.‬‬

‫*عجز الخواص عن تدبٌر بعض المرافق العمومٌة اإلدارٌة ‪ ،‬النها تحتاج الى أجهزة ادارٌة ضخمة ووسائل مالٌة كبٌرة‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫‪ -‬ان ما ٌعاب على استخدام هذا االسلوب فً فً تدبٌر المرافق العمومٌة االقتصادٌة ‪،‬انه ٌخضع هذا األخٌرة لكثٌر من القواعد القانونٌة‬
‫التً تحد من نشاطها ‪ ،‬كما ٌلتزم موظفو هذه المرافق الى باتباع اال سالٌب و األجراءات االدارٌة الروتٌنة وٌبتعدون عن التجدٌد او ابتداع‬
‫حلول اخرى خشٌة تعرضهم للمساءلة ‪ ،‬كما أن خضوعهم لإلجراءات المشددة فً االنفاق المالً ٌعوق هذه المرافق عن التقدم والتطور ـ‬
‫مما ٌدفع أغلب الدول إلى اعتماد أسالٌب اخرى للتدبٌر المرفقً ‪.‬لتفصٌل ف ً الموضوع انظر ‪ :‬كرٌم لحرش ‪ ،‬القانون االداري المغربً‬
‫‪،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ -‬محمد األعراج ‪ :‬القانون االداري المغربً الجزء األول ‪،‬مرجع سابق ‪.‬ص ‪. 517‬‬

‫‪49‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ -‬تدخؿ الجماعات في تدبير المرافؽ التجارية أو الصناعية يتناقض مع قاعدة التخصص‪ ،‬ألف‬
‫اختصاص الجماعات ىو ممارسة السمطات اإلدارية وليس مف حقيا ممارسة النشاط التجاري أو‬
‫الصناعي‪...‬‬

‫ورغـ ذلؾ فإف مجمس الدولة الفرنسي‪ ،‬أجاز لممجالس الجماعية التدخؿ في المجاالت‬
‫االقتصادية‪ ،‬في حاالت معيف بحيث إذا كانت ىناؾ ظروؼ استثنائية أو إذا كانت القوانيف تسمح‬
‫بذلؾ‪ ،‬أو إذا كاف ذلؾ مف أجؿ إدارة مرفؽ قصد أداء خدمة أفضؿ أو إذا كاف ذلؾ لمواجية الغالء‬
‫الفاحش أو إذا كاف ذلؾ لغرض ثقافي ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تدبير مرافق الدولة بصورة مستقمة‬

‫تعبر مرافؽ الدولة المسيرة بصورة مستقمة عمى المصالح التي ال تتمتع بالشخصية المعنوية‬
‫وتتوفر عمى ميزانية مستقمة يتـ العمؿ بيا خارج إطار الميزانية العامة لمدولة‪ ،‬وعمى الرغـ مف‬
‫المعطيات التي جاء بيا المرسوـ الممكي المتعمؽ بنظاـ المحاسبة العمومية لتحديد مدلوؿ ىذه المرافؽ‪،‬‬
‫إال أنو لـ يتمكف مف حسف األمر فيما يخص اإلبياـ والغموض المرتبط بيا‪ ،‬السيما وأنيا تظؿ في‬
‫منزلة وسطى بيف المرافؽ التي تدار بأسموب اإلدارة بأسموب المؤسسة العمومية وال يمكف إدراجيا‬
‫ضمف أحد ىاتيف األسموبيف‪ 56‬إال أف القانوف التنظيمي رقـ ‪ 25.11‬القاضي بتغيير وتتميـ القانوف‬
‫التنظيمي رقـ ‪ 8.:9‬لقانوف المالية‪ ،‬عمؿ عمى تحديد مفيوميا بدقة في كؿ مصالح الدولة غير‬
‫المتمتعة بالشخصية المعنوية والتي تغطي بموارد ذاتية بعض نفقاتيا غير المتقطعة مف االعتمادات‬
‫المقيدة في الميزانية العامة‪ ،‬ويجب أف ييدؼ نشاط المصالح المذكورة أساسا إلى إنتاج سمع وتقديـ‬
‫خدمات مقابؿ أجر ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫‪ٌ -‬وسف تلهٌمت ‪ ،‬مدخل لدراسة مرافق الدولة المسٌرة بصورة مستقلة ‪ ،REMALD ،‬سلسلة مواضٌع الساعة‪ ،‬عدد ‪، 1001 ، 53‬‬
‫ص ‪.816‬‬

‫‪50‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫ويمكف التأكيد عمى أف مرافؽ الدولة المسيرة بصورة مستقمة تتميز بالعديد مف الخصائص‬
‫يمكف أف نجمميا في العناصر التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬تحدث مرافؽ الدولة المسيرة بصورة مستقمة بموجب المادة ‪ 27‬مكررة بمقتضى قانوف المالية الذي‬
‫تقدر فيو مداخيميا ويحدد بو المبمغ األقصى لمنفقات التي يمكف اقتطاعيا مف ميزانيتيا ‪.‬‬

‫‪ -‬تمغى مرافؽ الدولة المسيرة بصورة مستقمة بموجب قانوف المالية‪ ،‬حيث نصت الفقرة السابعة مف‬
‫المادة ‪ 27‬المكررة مرتيف عمى أنو‪" :‬يدرج في باب المداخيؿ بالميزانية العامة رصيد مرافؽ الدولة‬
‫المسيرة بصورة مستقمة والمحذوفة بموجب قانوف المالية‪.57‬‬

‫‪ -‬عدـ تمتع مرافؽ الدولة المسيرة بصورة مستقمة بالشخصية المعنوية‪ ،‬وىو ما يعني أنيا تظؿ تابعة‬
‫لمدولة وتخضع بالتالي لمسمطة الرئاسية لموزير المعني بالقطاع الذي تتبع لو تمؾ المرافؽ‪ ،‬إال أنيا تبقى‬
‫محتفظة باستقالليا شبو المطمؽ السيما وأف المسؤوؿ اإلداري فيما يعيف آم ار بالصرؼ بمرسوـ يتخذه‬
‫الوزير األوؿ‪ ،‬أو آم ار بالصرؼ مساعدا بقرار يؤشر عميو وزير المالية ‪.‬‬

‫‪ -‬تمتع مرافؽ الدولة المسيرة بصورة مستقمة باستقالؿ مالي جزئي يتجسد في تغطية بعض نفقاتيا‪،‬‬
‫غير المقتطعة مف االعتمادات المقيدة في الميزانية العامة لمدولة بموارد ذاتية‪ ،‬كما استثنيت ىذه‬
‫المرافؽ مف قاعدة عدـ تخصيص إيرادات لوجو مف أوجو االتفاؽ‪ ،‬والذي يكمف تبريره بالميمة الخاصة‬
‫التي تضطمع بيا ىذه المرافؽ والمتمثمة أساسا في إنتاج وتقديـ خدمات مقابؿ دفع أجر عالوة عمى‬
‫تحقيؽ عجز الميزانيات‪. 58‬‬

‫‪ -‬تشكؿ مرافؽ الدولة المسيرة بصورة مستقمة تطو ار نوعيا ألسموب اإلدارة المباشرة أو االستغالؿ‬
‫المباشر‪ ،‬ألنيا جسدت التطور الممموس لمتمركز اإلداري المتمثؿ في تعزيز وتطوير استقاللية تدبير‬
‫بعض المرافؽ التي تمبي عف قرب حاجيات أساسية لمسكاف عمى الصعيد المحمي ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ -‬القانون التنظٌمً لقانون المالٌة رقم ‪ ، 81.00‬الصادر بتنفٌذه الظهٌر الشرٌف رقم ‪ 8-98-858‬صادر فً ‪ 7‬شعبان ‪26 (8189‬‬
‫نوفمبر ‪.)8998‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ -‬كرٌم لحرش ‪ ،‬القانون االداري المغربً ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 587‬‬

‫‪51‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وعمى أساس ىذه العناصر‪ ،‬يمكننا اإلقرار إلى أف اعتماد ىذا األسموب في تدبير المرافؽ‬
‫العمومية يتـ عف الرغبة األكيدة في تحسيف المرفؽ العمومي وتحديثو‪ ،‬في اتجاه تحقيؽ الفاعمية‬
‫اإلدارية والمردودية والمالية مف ناحية‪ ،‬وتعزيز ولوج الخدمات ودعـ البنيات التحتية األساسية وانعاش‬
‫االستثمار والتشغيؿ محميا تحقيقا لمتنمية االقتصادية واالجتماعية مف ناحية أخرى‪ ،‬لذلؾ تعددت‬
‫وتنوعت أنشطتيا التي شممت مجموعة مف المجاالت يمكف أف نمخصيا في الجدوؿ التالي ‪:‬‬

‫نماذج مف المرافؽ المسيرة بطرؽ مستقمة‬

‫النماذج‬ ‫المجاؿ‬

‫‪ -‬المركز الوطني لمتوثيؽ‬ ‫المجاؿ اإلداري‬

‫‪ -‬المدرسة الوطنية لإلدارة التابعة لو ازرة تحديث القطاعات العامة‬

‫‪ -‬معاىد التكنولوجيا الفندقية والسياحية التابعة لمو ازرة المكمفة بالسياحة‬ ‫المجاؿ‬

‫‪ -‬المدرسة التطبيقية لممعادف بتويست بوجدة‬ ‫الصناعي‬

‫‪ -‬مدرسة المعادف بمراكش‬ ‫والسياحي والمعدني‬

‫‪ -‬المراكز اإلقميمية االستشفائية التابعة لو ازرة الصحة‬ ‫المجاؿ‬

‫‪ -‬المركز الوطني لتحاقف الدـ بالرباط‬ ‫االجتماعي‬

‫‪ -‬المعيد الوطني لمصحة‪ ،‬المركز الوطني لموقاية مف األشعة‬

‫‪52‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ -‬مصمحة االستقباؿ والمساعدة وتقسيـ البرامج التابعة لو ازرة التنمية‬


‫االجتماعية‬

‫‪ -‬المدرسة الفالحية بتمارة‬ ‫المجاؿ الفالحي‬

‫‪ -‬قسـ المحافظة عمى الثروات السمكية‬ ‫والغابوي‬

‫‪ -‬مصمحة تقييـ المنتوجات الغابوية‬

‫‪ -‬المنتزه الوطني لسوس ماسة‬

‫‪ -‬مرفؽ الدولة المسير بصورة مستقمة المكمفة بالخوصصة‬ ‫المجاؿ المالي‬

‫‪ -‬الخزينة العامة لممممكة‬

‫‪ -‬مطبعة دار المناىؿ‬ ‫المجاؿ الثقافي‬

‫‪ -‬قسـ التعاوف بو ازرة التربية الوطنية والتعميـ العالي وتكويف األطر‬ ‫والتعميمي‬
‫والبحث العممي‬

‫‪ -‬المركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء‬ ‫المجاؿ الرياضي‬

‫‪ -‬المركب الرياضي األمير موالي عبد اهلل بالرباط‬

‫‪ -‬مديرية المراقبة والدراسات والتنسيؽ التابعة لكتابة الدولة المكمفة بالبيئة‬ ‫المجاؿ البيئي‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬المؤسسة العمومية‬

‫‪53‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫يعد أسموب المؤسسة العمومية مف األساليب الفاعمة في تدبير المرافؽ العمومية لما ينطوي‬
‫عميو مف مرونة كبيرة في تسيير النشاط المرفقي‪ ،‬ولما يترتب عميو مف نتائج مالية في االستغالؿ‪،‬‬
‫باعتباره األسموب األنسب في إدارة المرافؽ العمومية الصناعية أو التجارية‪ ،‬لذلؾ عرؼ انتشا ار‬
‫ممحوظا في العديد مف دوؿ العالـ بالنظر لفوائده الكثيرة ومردوديتو المالية‪ ،‬ىكذا اعتمده المغرب في‬
‫تدبير الكثير مف المرافؽ العمومية التي كانت تسير بأسموب االستغالؿ المباشر‪ ،‬حيث ظيرت عدة‬
‫أنواع مف المؤسسات العمومية في مختمؼ القطاعات اإلدارية والتجارية والصناعية والمالية والعممية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬عمى شكؿ مكاتب وم اركز وصناديؽ وطنية ووكاالت مستقمة ‪.‬‬

‫وعميو تعتبر المؤسسة العمومية إحدى األدوات التي تسعى الدولة مف خالليا إلى تخفيؼ لعبئ‬
‫عف اإلدارة المركزية‪ ،‬مف يمنح بعض المرافؽ صفة المؤسسة العمومية ذلؾ أف المشرع لـ يمنح تعريؼ‬
‫محدد ليذه األخيرة‪ ،‬فاتحا المجاؿ لفقياء القانوف اإلداري الذي قدموا تعاريؼ متعددة تتفؽ في الجوىر‬
‫واألسس العامة‪ ،‬لكنيا تختمؼ في مسائؿ ثانوية وعرضية‪ ،59‬حيث اعتبر جانب مف الفقو المؤسسة‬
‫العمومية مرفؽ عمومي منح الشخصية المعنوية لتمكينو مف االستقالؿ في إدارتو وذمتو المالية عف‬
‫السمطة اإلدارية التي تبعيا‪ ،‬مع خضوعو إلشراؼ ىذه السمطة ورقابتيا‪ ،60‬ويعرفيا البعض اآلخر عمى‬
‫أنيا مرفؽ عمومي يدار عف طريؽ منظمة عمومية ويتمتع بالشخصية المعنوية ‪.‬‬

‫مما ال شؾ فيو أف امتداد نشاط المؤسسات العمومية أدى إلى تعدد أصنافيا‪ ،‬فيي تصنؼ مف‬
‫حيث النطاؽ اإلقميمي إلى مؤسسات عامة وطنية تؤدي نشاطيا عمى الصعيد الوطني كما ىو الحاؿ‬
‫بالنسبة لمختمؼ المكاتب والصناديؽ الوطنية التجارية والصناعية والمالية‪ ،‬والى مؤسسات عامة محمية‬
‫تؤدي نشاطيا عمى الصعيد المحمي كالوكاالت المستقمة لتوزيع الماء والكيرباء‪ ،‬كما تصنؼ تبعا‬
‫لطبيعة نشاطيا إلى مؤسسات عامة إدارية تدير مرافؽ عامة ذات طبيعة إدارية والى مؤسسات عامة‬
‫اقتصادية تقوـ بأنشطة تجارية وصناعية‪. 61‬‬

‫‪59‬‬
‫‪ -‬كرٌم لحرش ‪ ،‬القانون االداري المغربً ‪ ،‬منشورات سلسلة الال مركزٌة واإلدارة المحلٌة ‪ ،‬عدد مزدوج ‪ 81‬و ‪ ، 83‬الطبعة الثانٌة‬
‫‪ ، 1081‬ص ‪588‬‬

‫‪60 - Michel Rousset, Jean Garagnon : Droit administratif, Marocain, Editions la porte, 6 ème édition ,‬‬
‫‪2003 , P 342.‬‬
‫‪61‬‬
‫‪ -‬مروان محًٌ الدٌن القطب ‪ :‬طرق خصخصة المرافق العامة ‪ ،‬منشورات الحلبً الحقوقٌة الطبعة األولى ‪ ،1009‬ص ‪.68‬‬

‫‪54‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫مف خالؿ ما سبؽ يكوف مف الجزـ عمينا التطرؽ الى خصائص المؤسسة العمومية‪ ،‬والتعرؼ‬
‫الى إدارة المؤسسة العامة ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬خصائص المؤسسة العمومية ‪:‬‬

‫التمتع بالشخصية المعنوية العامة ‪:‬‬

‫ويترتب عمى ذلؾ استقالؿ المؤسسة مف الناحية المالية واإلدارية‪ ،‬فمكؿ مؤسسة عامة أنظمتيا‬
‫اإلدارية والمالية‪ ،‬كما ليا ميزانية مستقمة عف ميزاف الدولة‪ ،‬فتستقؿ بإيراداتيا ونفقاتيا‪ ،62‬كما ليا حؽ‬
‫التقاضي وأىمية التعاقد وتتحمؿ المسؤولية عف أعماليا وتصرفاتيا‪ .‬ويستقؿ موظفوىا عف غيرىـ مف‬
‫موظفي الدولة ‪ ،‬بحيث يجوز أف توضع ليـ أنظمة خاصة بيـ تختمؼ عف األنظمة المتبعة بالنسبة‬
‫لبقية موظفي الدولة‪ ،‬إضافة إلى تمتعيا بامتياز السمطة العامة‪. 63‬‬

‫الخضوع لموصاية اإلدارية ‪:‬‬

‫تخضع المؤسسات العامة لموصاية مف طرؼ الجية التي أنشأتيا‪ ،‬شأنيا في ذلؾ شأف باقي‬
‫األشخاص العامة األخرى وذلؾ بيدؼ التأكد مف عدـ خروجيا عف القواعد والضوابط المحددة ليا‬
‫بواسطة قانونيا األساسي أو القوانيف ذات الصمة بو‪ .‬وتتجمى ىذه الوصاية في خضوع بعض مقررات‬
‫مجمس إدارة المؤسسة العامة لتصديؽ سمطة الوصاية‪ ،‬واشراؾ مفوض الحكومة كممثؿ لسمطة الوصاية‬
‫في مجمس إدارة المؤسسة العامة‪ ،‬إضافة إلى الرقابة المالية التي تمارسيا وزارة المالية والمجمس‬
‫األعمى لمقضاء ‪.‬‬

‫الخضوع لمبدأ التخصص ‪ :‬والذي يعني تحديد ميمة المؤسسة العامة عند إنشائيا ػ وحصر‬
‫اختصاصيا ضمف نطاؽ ىذه الميمة‪ ،‬بحيث ال يحؽ لممؤسسة القياـ بنشاط خارج ىذا النطاؽ‪ .‬إال أف‬
‫ىناؾ بعض االستثناءات لممؤسسات العامة االقتصادية ػ والتي تستطيع ممارسة أنشطة أخرى غير‬

‫‪62‬‬
‫‪ -‬مٌشٌل روسً ‪ ،‬القانون اإلداري المغربً‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 880‬و ‪. 131‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ -‬إبراهٌم كومغار ‪ :‬المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث ‪ ،‬ص ‪. 883‬‬

‫‪55‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫نشاطيا الرئيسي‪ ،‬شرط أف يكوف ىذا النشاط مكمال لمنشاط التجاري أو التقني لممؤسسة وأف ييدؼ إلى‬
‫تحقيؽ المصمحة العامة ويكوف لو فائدة مباشرة‪. 64‬‬

‫ثانيا ‪ :‬إدارة المؤسسة العامة‬

‫‪ -‬مجمس اإلدارة ‪ :‬السمطة التقريرية‪ ،‬وىو السمطة العميا المييمنة عمى شؤوف المؤسسة العامة‪ ،‬وىو‬
‫صاحب االختصاص في اتخاذ الق اررات المتعمقة بمختمؼ شؤوف المؤسسة بيدؼ تحقيؽ الغاية مف‬
‫إنشائيا وحسف سير العمؿ فييا‪ ،‬وذلؾ ضمف حدود القوانيف واألنظمة النافدة‪ ،‬وفي جميع الحاالت‪ ،‬فإف‬
‫طريقة تشكيؿ المجالس اإلدارية بالمؤسسات العمومية يتـ التنصيص عمييا في قانوف إنشائيا‪ ،‬ويتـ‬
‫تعييف أعضاء المجمس اإلداري مف طرؼ السمطة الوصية مع مراعاة اقتراح الييئات المعنية‪.‬‬

‫‪ -‬المدير‪ :‬يعيف بظيير باقتراح سمطة الوصاية‪ ،‬وىو السمطة التنفيذية‪ ،‬إذ يؤمف اإلدارة اليومية‬
‫لممؤسسة‪ ،‬وينفذ ق اررات مجمس اإلدارة والموازنة العامة‪ ،‬ويأمر بصرؼ النفقات وقبض اإليرادات‪ ،‬ويمثؿ‬
‫المؤسسة أماـ المحاكـ ويبرـ العقود ويعيف الموظفيف‪( .‬ويمكف الجمع بيف صفتيف المدير ورئيس مجمس‬
‫اإلدارة)‪ .‬ورغـ أف سمطات المدير تكوف محددة بالقانوف المنشئ لممؤسسة‪ ،‬فإف عدـ اجتماع المجمس‬
‫اإلداري إال ناد ار يجعمو يتمتع بحرية أكبر في تسيير المؤسسة وتدبير شؤونيا مما يجعؿ نجاح‬
‫المؤسسة مرىونا في غالب األحياف بشخصو ومدى كفاءتو‪. 65‬‬

‫‪ -‬المجنة التقنية ‪ :‬تتولى إنجاز المياـ التي يعيد بيا إلييا المجمس اإلداري لممؤسسة‪ ،‬خاصة في الفترة‬
‫بيف دورات ىذا األخير‪ ،‬وغالبا ما تكوف مشكمة مف عدد محدود مف األعضاء الذيف ينتموف في ذات‬
‫الوقت لممجمس‪ ،‬وتجتمع كمما دعت الضرورة لذلؾ أو في فترات دورية يتولى قانوف المؤسسة تحديدىا‪.‬‬
‫أما رئاستيا فتعود في الغالب األعـ لمو ازرة الوصية أو المدير‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في األخير إلى أنو يمكف تصنيؼ المؤسسات العامة تبعا لتخصصيا والمياـ‬
‫المنوطة بيا إلى مؤسسات اقتصادية‪ ،‬عممية‪ ،‬مينية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬إدارية وأخرى مختمطة (إدارية‬
‫واقتصادية) ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫‪ -‬مروان محًٌ الدٌن القطب ‪ :‬طرق خصخصة المرافق العامة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.65‬‬
‫‪65‬‬
‫‪ -‬محمد نشطاوي ‪ :‬المرافق العامة الكبرى‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.800‬‬

‫‪56‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫ثالثا ‪ :‬تقييم طريقة المؤسسة العامة‬

‫أكيد أف أسموب المؤسسة العمومية في تدبير المرافؽ العامة‪ ،‬تضمف العديد مف المحاسف التي‬
‫مكنت المؤسسات العامة مف إبراز دورىا التنموي السيما في المجاالت التجارية والصناعية‪ ،66‬بيد أف‬
‫التطبيؽ شابو العديد مف السمبيات التي حالت دوف قدرتيا عمى تحقيؽ أىدافيا‪ .‬فمـ تعتمد المؤسسات‬
‫العامة أنظمة مرنة مستوحاة مف أساليب العمؿ في القطاع الخاص‪ ،‬بؿ جاءت أنظمتيا نسخة معدلة‬
‫عف أنظمة اإلدارة العامة‪ ،‬فاألنظمة المالية تتقارب إلى حد التطابؽ مع قانوف المحاسبة العامة‪ ،‬وأنظمة‬
‫المستخدميف تكرر أحكاـ النظاـ العاـ لمموظفيف‪ ،‬وأنظمة االستثمار مكبمة بالقيود والتعقيدات ‪.‬‬

‫كما أف السمطة المركزية لـ تدع المؤسسات العامة تمارس استقالليا المالي واإلداري‪ ،‬إذ‬
‫امتدت صالحياتيا الرقابية لتشمؿ قسما كبي ار مف ق ارراتيا‪ ،‬كما شاركت في صنع القرار مف خالؿ ممثؿ‬
‫دائـ ليا في مجالس اإلدارة الذي يشارؾ في التصويت عمى ق اررات ىذه األخيرة ‪.‬‬

‫ىذا عدا الفساد اإلداري الذي لـ يقتصر عمى اإلدارة المركزية‪ ،‬بؿ امتد إلى المؤسسات العامة‬
‫التي عجزت عف تحقيؽ اإلنتاجية الالزمة‪ ،‬وعف تأميف التوازف المالي بيف إيراداتيا ونفقاتيا‪ ،‬فأصبحت‬
‫عبئا عمى المالية العامة‪ ،‬ألنيا ال يمكف أف تستمر إال بدعـ مالي مف الدولة‪ .‬لذلؾ ىناؾ توجو نحو‬
‫خوصصة المؤسسات العامة الصناعية والتجارية أو تحويميا إلى شركات مساىمة ممموكة كميا مف قبؿ‬
‫الدولة واخضاع جميع أعماليا ألحكاـ قانوف التجارة‪. 67‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬الساليب الخاصة‬

‫تحيؿ األساليب الخاصة في تدبير المرافؽ العمومية عمى تولي األشخاص الخواص‪ ،‬سواء‬
‫تعمؽ األمر باألشخاص الطبيعييف أو المعنوييف‪ ،‬التي غالبا ما نكتسي طابعا اقتصاديا واجتماعيا‪،‬‬
‫باالعتماد أساسا عمى وسائؿ القانوف الخاص مع االستفادة مف االمتيازات التي يتيحيا القانوف العاـ‪،‬‬

‫‪66‬‬
‫‪ -‬إبراهٌم كومغار ‪ ،‬المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 817‬‬
‫‪67‬‬
‫‪ -‬مروان محًٌ الدٌن القطب ‪ ،‬طرق خصخصة المرافق العامة ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 61‬‬

‫‪57‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وتتخذ ىذه األساليب عدة صور تختمؼ تبعا لطبيعة عالقة اإلدارة بالمرفؽ العمومي ذو التسيير‬
‫الخاص والتي تتجمى في ‪:‬‬

‫‪ -‬أسموب االستغالؿ غبر المباشر أو اإلنابة‪ ،‬الذي تكمؼ فيو السمطة العامة أحد الخواص بتدبير أحد‬
‫المرافؽ التابعة لياال مقابؿ حصولو عمى تعويض عف ذلؾ ‪.‬‬

‫‪ -‬أسموب االمتياز أو االلتزاـ الذي تقؿ فيو درجة رقابة الدولة وينفرد فيو الخواص بحؽ تمويمو وتدبيره‬
‫‪.‬‬

‫‪ -‬أسموب التدبير المفوض كأسموب حديث‪ ،‬توخى تفعيؿ األساليب الخاصة لتدبير المرافؽ العمومية‬
‫المحمية باالستفادة مف القدرات المالية والتنظيمية والموجستيكية المتوفرة لدى الخواص في إدارة تمؾ‬
‫المرافؽ ‪.‬‬

‫‪ -‬قد تختار اإلدارة إدارة المرافؽ العمومية بأسموب شركة المساىمة الخاضعة لمقانوف الخاص والتي‬
‫تمتمؾ كؿ رأسماليا والمسماة بالشركات العامة الوطنية أو التشارؾ مع الخواص في ذلؾ‪ ،‬مف خالؿ‬
‫مساىمتيا في رأسماؿ شركات االقتصاد المختمط ‪.‬‬

‫وسنحاوؿ دراسة مختمؼ األساليب الخاصة في تدبير المرافؽ العمومية عمى الشكؿ التالي ‪:‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬االستغالل غير المباشر وشركات االقتصاد المختمط‬

‫يقصد بيذه الطرؽ أف يتولى األشخاص الخواص‪ ،68‬سواء تعمؽ األمر باألشخاص الطبيعييف‬
‫أو المعنوييف‪ ،‬تدبير المرافؽ العامة‪ ،‬التي غالبا ما تكتسي طابعا اقتصاديا واجتماعيا‪ ،‬باالعتماد أساسا‬
‫عمى وسائؿ القانوف الخاص مع االستفادة مف االمتيازات التي يتيحيا القانوف العاـ‪ .‬وتتخذ أساليب‬
‫تدبير المرافؽ العامة مف لدف الخواص عدة صور تختمؼ تبعا لطبيعة عالقة اإلدارة بالمرفؽ العاـ ذو‬
‫التسيير الخاص‪ .‬ورغـ اختالؼ وتعدد األساليب الخاصة فإنيا ال تخرج عف مبادئ المرفؽ العاـ‪،‬‬
‫السيما ما يخص تواجد الدولة واشرافيا عمى مختمؼ األنشطة المدارة بتمؾ األساليب والتي تستيدؼ‬

‫‪68‬‬ ‫‪ème‬‬
‫‪- Michel Rousset, Jean Garagnon : Droit administratif, Marocain, Editions la porte, 6‬‬ ‫‪édition , 2003 ,‬‬
‫‪P 342‬‬

‫‪58‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫تحقيؽ المنفعة العامة‪،‬وسنتطرؽ ضمف ىذه الفقرة االستغالؿ غير المباشر وشركات االقتصاد المختمط‬
‫‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬االستغالل غير المباشر أو اإلنابة‬

‫يقصد باالستغالؿ غير المباشر أو اإلنابة تعيد اإلدارة بمقتضى عقد ألحد الخواص (فردا أو‬
‫شركة) بتسيير أحد المرافؽ العمومية ذات الطبيعة االقتصادية‪ ،‬مع قياـ اإلدارة المتعاقدة بتوفير األمواؿ‬
‫الالزمة لسير المرافؽ واستفادتيا مف األرباح التي يحققيا وتحمميا لمخسائر المالية التي يتعرض ليا‬
‫والمسؤولية عف األضرار التي يمحقيا بالغير‪ ،‬أما الشخص الخاص فيتقاضى عوضا ماليا لقاء قيامو‬
‫بتسيير المرافؽ‪ ،‬ويأخذ ىذا العوض ويتكوف العوض مف عنصريف عنصر ثابت يتجمى في مبمغ مالي‬
‫محدد يتمقاه الشخص الخاص فصميا أو سنويا‪ ،‬بغض النظر عف فشؿ المرفؽ أو نجاحو‪ ،‬وعنصر‬
‫إضافي يتكوف مف مبالغ مالية تشجيعية وتحفيزية‪ ،‬تؤدى لمشخص الخاص لتحفيزه عمى مضاعفة‬
‫جيوده في سبيؿ حسف تسيير المرافؽ واستغاللو الجيد تحقيقا لألىداؼ المتوخاة مف إحداثو‪. 69‬‬

‫ويضطمع الشخص الخاص بمجموعة مف الصالحيات داخمة في نطاؽ اختصاصو المباشر‬


‫عمى تسيير المرفؽ العمومي‪ ،‬والتي تجعمو يقوـ بكؿ األعماؿ التي تضمف أداء المرفؽ لخدماتو‬
‫ونشاطو في أحسف الظروؼ ووفقا لما تتطمبو المصمحة العامة‪ ،‬بحيث يكوف لو الحؽ في إصدار‬
‫التعميمات وتحديد الضوابط الكفيمة بتدبير المرفؽ‪ ،‬توجيو المستخدميف وحثيـ عمى استغالؿ المرفؽ‬
‫بشكؿ جيد وحثيـ عمى استقالؿ المرفؽ بشكؿ جيد الحرص عمى أداء المرفؽ لخدماتو بانتظاـ‬
‫وباستمرار‪ ...‬غير أف الشخص العمومي قد يتدخؿ في تسيير المرفؽ مف خالؿ تشديد الرقابة عميو‪،‬‬
‫وتحديد أجور المستخدميف‪ ،‬وادخاؿ اإلصالحات والتعديالت الضرورية عميو‪ ،‬وذلؾ تفاديا لمنتائج‬
‫السمبية التي قد يتعرض ليا المرفؽ‪ ،‬والتي يتحمميا الشخص العاـ بمفرده‪ ،‬دوف الشخص الخاص الذي‬

‫‪69 - Jean François Tribillon: Gestion des services publics en France : les différentes modalités juridiques,‬‬
‫‪2005. www.base.citego.info‬‬

‫‪59‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫قد يجرـ‪ ،‬نتيجة المرفؽ وسوء تدبيره‪ ،‬مف المكافأة التشجيعية فقط‪ ،‬أما العوض المالي عف التدبير فيو‬
‫مضموف بالنسبة إليو كيفما كانت الوضعية االقتصادية لممرفؽ سواء رابحة أـ خاسرة ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬طريقة شركات االقتصاد المختمط‬

‫تمثؿ شركات االقتصاد المختمط (شركة مساىمة) نوعا مف أنواع المقاوالت العمومية ترتكز‬
‫عمى اكتتاب الدولة‪ ،‬الجماعات المحمية المؤسسات العمومية إلى جانب الخواص في رأسماليا لتدبير‬
‫مرفؽ عممي يكتسي طبيعة اقتصادية صناعية أو تجارية‪ ،‬يمجأ إلييا لإلسراع بالتنمية االقتصادية‪،70‬‬
‫مف خالؿ االستفادة مف التمويؿ المشترؾ لمقطاعيف‪ ،‬العاـ والخاص‪ ،‬كما أنيا تعد مف البدائؿ الفاعمة‬
‫في تدبير بعض القطاعات االقتصادية الخاصة وانقاذىا مف فشميا المالي‪ ،‬عبر مساىمة الدولة في‬
‫رأسماليا‪ ،‬وعموما فيو أسموب يجمع بيف مزايا اإلدارة المباشرة ومزايا االمتياز في تدبير المرافؽ‬
‫العمومية ‪.‬‬

‫‪ - 2‬النظاـ القانوني لشركات االقتصاد المختمط ‪:‬‬

‫إذا كاف شركات االقتصاد المختمط مف األشخاص المعنوية الخاصة التي تخضع لقواعد‬
‫القانوف التجاري‪،‬فإف مساىمة السمطات العمومية في رأسماليا يجعميا تتميز بمجموعة مف الخصائص‬
‫األساسية‪ ،‬تتمخص أوالىا في أنو عمى الرغـ مف خضوع شركة االقتصاد المختمط لمقانوف التجاري‪ ،‬فإف‬
‫مساىمة السمطات العمومية في جزء مف رأسماليا‪ ،‬سواء قؿ أو كثر‪ ،‬إلى جانب الخواص‪ ،‬يجعميا‬
‫شركة مساىمة غير عادية بالنظر لوجود مساىـ عمومي متميز كالدولة أو أحد األشخاص المعنوية‬
‫العمومية األخرى يحرص عمى االحتفاظ بأغمبية األسيـ في الشركة لكي يضمف استم اررية رقابتو‬

‫‪70‬‬
‫‪ -‬نوال الهناوي ‪ ،‬التدبٌر العمومً الجدٌد‪ ،‬اط روحة لنٌل الدكتوراه فً القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس ‪ ،‬الرباط اكدال سنة ‪-1008‬‬
‫‪. 1009‬ص ‪.51‬‬

‫‪60‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫عمييا‪ ،‬نظ ار الرتباطيا بوجود مرفؽ عمومي‪ ،‬بؿ يالحظ في بعض الحاالت أف السمطات التي يتمتع‬
‫بيا الشخص العمومي داخؿ الشركة ال تتوافؽ مع النسبة الضئيمة لمرأسماؿ التي يمتمكيا فييا‪. 71‬‬

‫وتكمف الخاصية الثانية في أف مساىمة الشخص العمومي في شركة االقتصاد المختمط‪ ،‬تجعمو‬
‫يتمتع بحؽ تسيير الشركة طبقا لقواعد القانوف التجاري‪ ،‬لكف ارتباط مساىمة الشخص العمومي في‬
‫رأسماؿ الشركة بوجود مرفؽ عمومي‪ ،‬يتيح لو ممارسة سمطاف ميمة ضمانا لممصمحة العمومية كتعييف‬
‫المدير وأعضاء مجمس اإلدارة وممثميو في المجمس اإلداري لمشركة‪ ،‬استخداـ حؽ االعتراض التوفيقي‬
‫أو المطمؽ عمى ق اررات الجمعية العامة لممساىميف أو المجمس اإلداري التي تتنافى مع مقتضيات سير‬
‫المرفؽ العمومي ‪.‬‬

‫عمى الرغـ مف أف الخاصية الثالثة تحرر شركة االقتصاد المختمؼ مف إجراءات المالية‬
‫العمومية لخضوعيا لمقواعد المفروضة عمى الشركات التجارية (كالقيد في السجؿ التجاري أو مسؾ‬
‫الدفاتر التجارية أو خضوعيا لمضريبة عمى األرباح واختصاص القضاء التجاري في بعض المنازعات‬
‫المترتبة عف نشاطيا)‪ ،‬فإنيا مع ذلؾ تخضعيا لممراقبة المالية مف لدف المجمس األعمى والمجالس‬
‫الجيوية لمحسابات طبقا لمقتضيات مدونة المحاكـ المالية ‪.‬‬

‫واستنادا إلى ىذه الخصائص التوجييية يمكف اإلقرار أف شركات االقتصاد المختمط قد تنشأ‬
‫بأحد الطرؽ الممخصة في النقاط التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬تنشأ مف لدف الشخص المعنوي في أوؿ األمر‪ ،‬ثـ يبيع أسيمو بعد ذلؾ لمخواص‪ ،‬فتنتقؿ الشركة‬
‫العامة بذلؾ مف شركة يتممؾ الشخص العمومي كؿ رأسماليا إلى شركة اقتصاد مختمط ‪.‬‬

‫‪ -‬تنشأ بمبادرة مف الشخص العمومي بعد االتفاؽ مع المساىميف الخواص كما ىو الحاؿ بالنسبة لمبنؾ‬
‫المغربي لمتجارية الخارجية ‪.‬‬

‫‪ -‬تنشأ عف طريؽ مساىمة الشخص العمومي في رأسماؿ شركة خاصة كانت قائمة مف قبؿ كالشركة‬
‫الغربية لمنقؿ لخطوط وطنية ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ -‬عبد هللا حداد ‪ :‬الوجٌز فً قانون المرافق العمومٌة الكبرى ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.850‬‬

‫‪61‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ -‬تنشأ بعد تحويؿ طريقة تدبير مرفؽ عمومي موجود مف قبؿ وذلؾ في حالة تدخؿ الشخص العمومي‬
‫لممساىمة في رأسماؿ مرفؽ عاـ يسير بأسموب االمتياز أو تحوؿ أسموب تدبير مرفؽ العمومي مؤسسة‬
‫عامة تجارية أو صناعية إلى شركة اقتصاد مختمط ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬أسموب االمتياز والتدبير المفوض‬

‫باإلضافة الى االستغالؿ غير المباشر وشركات االقتصاد المختمط ‪ ،‬ىناؾ اسموب االمتياز‬
‫والتدبير المفوض ‪ ،‬مف أساليب تدبير المرافؽ العامة ‪،‬ورغـ اختالؼ وتعدد األساليب الخاصة فإنيا ال‬
‫تخرج عف مبادئ المرفؽ العاـ‪ ،‬السيما ما يخص تواجد الدولة واشرافيا عمى مختمؼ األنشطة المدارة‬
‫بتمؾ األساليب والتي تستيدؼ تحقيؽ المنفعة العامة‪ ،‬مع أف غاية الخواص مف وراء تمؾ األنشطة‬
‫تكمف في تحقيؽ الربح ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬أسموب االمتياز‬

‫لعب عقد االمتياز أو االلتزاـ دو ار ىاما في تدبير شؤوف المرافؽ العمومية – في تاريخ المغرب‬
‫‪ -‬ابتداء مف توقيعو اتفاقية الجزيرة الخضراء ‪ ،2:17‬التي عممت بموجبيا السمطات العمومية عمى‬
‫منح االمتيازات المرفقة إلى األجانب مع توقيع معاىدة الحماية في ‪ 41‬مارس ‪ 2:23‬فقدت الحكومة‬
‫المغربية سمطتيا في إبراـ عقود االمتياز المتعمقة بتسيير المرافؽ العمومية‪ ،‬حيث ال يمكف ليا باي‬
‫شكؿ مف األشكاؿ إبراـ عقد االمتياز دوف طمب ترخيص مف الحكومة الفرنسية‪ ،‬وىكذا‪ ،‬استعمؿ‬
‫االمتياز بشكؿ واسع في مياديف الطاقة والنقؿ السكؾ واستغالؿ الموانئ‪ ...‬إلخ‪ ،‬لكوف وبعد االستقالؿ‬
‫قامت السمطات المغربية باسترجاع مختمؼ االمتيازات التي كانت في حوزة األجانب‪ ،‬كما قررت‬
‫التخمي عف أسموب االمتياز إلى غاية ‪ 2:96‬عندما تقرر السماح لمقطاع الخاص بتسيير بعض‬
‫االمتيازات المرفقية المتعمقة بالنقؿ الحضري لمتخفيؼ مف حدة األزمة التي يعرفيا قطاع النقؿ وخاصة‬
‫في المدف الكبرى‪. 72‬‬

‫ويقصد بأسموب االمتياز أو االلتزاـ في تدبير المرافؽ العمومية عمى تعيد اإلدارية مانحة‬
‫االمتياز‪ ،‬بموجب عقد إداري إلى أحد األفراد الخواص أو أحد األشخاص المعنوية الخاصة أو‬

‫‪72‬‬
‫‪ -‬أحمد بوعشٌق ‪ ،‬المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪875‬‬

‫‪62‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫العمومية بتدبير مرفؽ عاـ غالبا ما يكوف تجاريا أو صناعيا خالؿ مدة محددة‪ ،‬عمى نفقتو ولحسابو‬
‫وتحت مسؤوليتو مقابؿ تقاضي رسوـ مف المنتفعيف مف خدمات المرفؽ‪ ،‬وىو تحديد يحيؿ عمى تمكف‬
‫اإلدارة‪ ،‬مف خالؿ إبراـ عقود االمتياز أو االلتزاـ‪ ،‬مف ترؾ المبادرة لألشخاص الطبيعييف أو المعنوييف‬
‫قصد تحمؿ مسؤولية تدبير المرافؽ العمومية ذات الطبيعة االقتصادية (النقؿ‪ ،‬توزيع الماء والكيرباء‬
‫الياتؼ‪ )...‬بأمواليـ وعماليـ‪ ،‬عمى أف تكوف األرباح المحققة في المرفؽ لحسابيـ‪ ،‬مع احتفاظ اإلدارة‬
‫مانحة االمتياز‪ ،‬بحقيا في مراقبة مدى التزاـ الخواص باألداء الجيد لألنشطة المرفقية وبشكؿ منظـ‬
‫ومستمر‪ ،‬ما داـ أف تمؾ األنشطة تستيدؼ بالدرجة األولى تحقيؽ المنفعة العامة‪ ،‬مما يجعؿ أيضا‬
‫ىؤالء الخواص يستفيدوف مف بعض امتيازات السمطة العامة كشغؿ الدوميف العاـ أو نزع الممكية ألجؿ‬
‫المنفعة العامة‪. 73‬‬

‫‪ - 2‬المميزات القانونية لعقد االمتياز ‪:‬‬

‫إف تدبير األشخاص الخواص لممرافؽ العمومية يجعؿ أسموب االمتياز يتميز بمجموعة مف‬
‫الخصائص القانونية يمكف إجماليا في العناصر التالية ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬االمتياز عقد إداري‬

‫تحيؿ ىذه الخاصة عمى الطبيعة العقدية لالمتياز باعتباره عقد إداري يبرـ بيف سمطة إدارية‬
‫مركزية أو محمية وبيف أشخاص مف القانوف الخاص (أفراد أو شركات خاصة) بيد أنو يمكف أف يبرـ‬
‫مع شخص مف أشخاص القانوف العاـ‪ ،‬ويمكف التمييز ىنا بيف الممتزـ ومانح االمتياز‪ ،‬ويتضمف‬
‫موضوع العقد وعناصره االساسية وكذلؾ طرؽ تمويمو الخاصة‪ ،‬ويتضمف الثاني دفتر التحمالت والذي‬
‫يحدد القواعد العامة لالمتياز‪ ،‬وطرؽ إقامة المنشآت وقواعد االستغالؿ والمبادئ التي يتـ عمى أساسيا‬
‫حؿ النزاعات المحتممة بيف الطرفيف المتعاقديف‪. 74‬‬

‫ب ‪ -‬االمتياز عقد مركب‬

‫‪73‬‬
‫‪ -‬إبراهٌم كومغار ‪ ،‬المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 859‬‬
‫‪74‬‬
‫‪ -‬محمد األعراج ‪ ،‬القانون االداري المغربً الجزء األول ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 586‬‬

‫‪63‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫اختمؼ الفقو اإلداري في طبيعة عقد االمتياز بيف اتجاه أوؿ يقوـ بأنو مجرد قرار إداري تصدره‬
‫اإلدارة لمممتزـ بيا تتمتع بو مف امتيازات السمطة العامة وىو توجو ظير في ألمانيا‪ ،‬أعطى سمطة‬
‫واسعة لإلدارة دوف مراعاة حقوؽ الممتزـ بينما أف ىنا اتجاه ثاف يعتبر االلتزاـ مجرد عقد –وىو توجو‬
‫ظير في فرنسا‪ -‬كاف يدافع عف الممتزـ في مواجية اإلدارة‪ ،‬وفي نفس الوقت كاف يؤخذ عميو أنو يبالغ‬
‫في منع اإلدارة مف تعديؿ بنود العقد الشيء الذي قد يحد مف امتيازاتيا التي تتمتع بيا كسمطة عامة‬
‫لمدفاع عف المصمحة العامة ‪.‬‬

‫وىناؾ اتجاه ثالث بتزعمو الفقيو ديجي‪ ،‬يسند الطبيعة المركبة أو المختمطة لعقد االمتياز الذي‬
‫يتضمف مقتضيات ذات طبيعة تعاقدية وأخرى ذات طبيعة تنظيمية‪. 75‬‬

‫‪ -‬يتحدد النوع األوؿ في االلتزامات المتبادلة بيف اإلدارة مانحة االمتياز مف ناحية والممتزـ أو صاحب‬
‫االمتياز مف ناحية أخر‪ ،‬وىي مقتضيات ال تيـ المنتفعيف مباشرة كمدة االلتزاـ وكيفية استرداده‪ ،‬وباقي‬
‫المزايا المالية األخرى التي تكفؿ لصاحب االمتياز‪ ،‬كضماف حد أدنى مف األرباح‪ ،‬التوازف المالي‬
‫لمعقد‪ ،‬إعفاءات ضريبية‪ ...‬ذلؾ أف األصؿ في ىذا النوع مف المقتضيات ال يعطي اإلدارة الحؽ في‬
‫تعديميا بإرادتيا المنفردة إال بعد الحصوؿ عمى موافقة صاحب االمتياز‪ ،‬ويجد ىذا التوجو الفقيي‬
‫أساسو في االجتياد القضائي المغربي مف خالؿ ما أكدتو الغرفة اإلدارية بالمجمس األعمى في حكـ ليا‬
‫مؤرخ في ‪ 23‬ماي ‪ 2:78‬الذي جاء فيو أنو ‪" :‬إذا كانت اإلدارة تممؾ حؽ التعديؿ بصفة انفرادية فيما‬
‫يخص االمتيازات المتعمقة بسير المرفؽ العاـ والخدمة التي يؤدييا أصحابيا إلى الجميور فإنيا ال‬
‫تممؾ ىذا الحؽ بالنسبة لممزايا المالية التي يتمتع بيا ىؤالء ألنيا تدخؿ في نطاؽ البنود التعاقدية"‪. 76‬‬

‫‪ -‬يمتد النوع الثاني مف ىذه المقتضيات إلى المنتفعيف مف المرفؽ وال ينحصر أثرىا عمى صاحب‬
‫االمتياز واإلدارة مانحة االمتياز وتيـ أساسا تنظيـ المرفؽ العمومي وسيره‪ ،‬كما ىو الحاؿ بالنسبة‬
‫لتحديد الرسوـ التي تمقاىا الممتزـ مف المنتفعيف والشروط والقواعد المرتبطة باستغالؿ المرفؽ‪ ...‬وىي‬

‫‪75‬‬
‫‪ -‬اخذ بهذا التكٌٌف الفقٌه " ‪ " DUGUIT‬الذي اعتبر االلتزام ذو طبٌعة مزدوجة‪ .‬وقد سار القضاء عل ى هذا النحو كذلك ومنه القضاء‬
‫المغربً ٌتجلى ذلك من خالل القرار عدد ‪ 66‬المإرخ ب‪ 81‬ماٌو ‪. 8967‬وكذلك القرار رقم ‪ 50‬الصادر بتارٌخ ‪ٌ 5‬ولٌوز ‪. 8968‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ -‬القرار عدد ‪ 66‬المإرخ ب‪ 81‬ماٌو ‪ 8967‬بٌن الشركة الكهربائٌة المغربٌة (الكتراس ماروكٌس) ووزٌر األشغال العمومٌة‪ ،‬قرارات‬
‫المجلس األعلى‪ ،‬الغرفة اإلدارٌة‪ ،8970 – 8966 ،‬الطبعة األولى‪ ،8985 ،‬ص ‪.79‬‬

‫‪64‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫المقتضيات التي تنفرد اإلدارة بحؽ تعديميا دوف موافقة صاحب االمتياز‪ ،‬ألنيا تدخؿ في نطاؽ‬
‫اختصاصيا ما دامت تتعمؽ بتنظيـ المرفؽ وفقا لمقتضيات المصمحة العامة‪ ،‬مع وجوب تعويض‬
‫الممتزـ عف األضرار التي لحقتو نتيجة ىذا التعديؿ الذي أخؿ بالتوازف المالي لمعقد‪ ،‬وفي ىذا االتجاه‬
‫قضت الغرفة اإلدارية بالمجمس األعمى في حكـ بيا بتاريخ ‪ 4‬يوليوز ‪ 2:79‬في قضية شركة الكتراس‬
‫ماروكيس بما يمي ‪" :‬تممؾ اإلدارة حؽ تعديؿ الشروط التنظيمية لمرفؽ عاـ دوف حاجة لموافقة صاحب‬
‫االمتياز‪ ،‬ألنيا تستمد ىذه السمطة مف طبيعة المرفؽ ومف وجوب الحرص عمى انتظاـ سيره"‪. 77‬‬

‫إف التمييز بيف المقتضيات التعاقدية والمقتضيات التنظيمية في عقد االمتياز‪ ،‬اعتمادا عمى أف‬
‫المقتضيات األولى يمكف االستغناء عنيا لو أف المرفؽ أدير بأسموب اإلدارة المباشرة في حيف أف‬
‫المقتضيات التنظيمية تبقى قائمة كيفما كاف األسموب المتبع في تدبير المرفؽ ألنيا تختص تنظيـ‬
‫المرفؽ العمومي وسيره ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬االمتياز يمنح مف لدف سمطة مختصة‬

‫إذا كاف عقد االمتياز ييـ استغالؿ ثروات وطنية وتدبير مرافؽ عمومية حيوية‪ ،‬وبالنظر لتدخؿ‬
‫شركات أجنبية في تدبير ىذه المرافؽ بواسطة ىذا النوع مف العقود‪ ،‬األمر الذي تترتب عنو آثار‬
‫سياسية واقتصادية‪ ،‬فإنو تـ ربط منح االمتياز بموافقة سمطة مختصة بحيث ال يكفي لمنح االمتياز‬
‫االتفاؽ فقط بيف اإلدارة والمتعاقد‪ ،‬ذلؾ أف الدستور المغربي لـ ينص عمى السمطة المختصة بمنح‬
‫امتياز المرافؽ العمومية‪ ،‬بحيث ال يوجد ضمف الئحة االختصاصات الواردة في المادة ‪ ،57‬مما يؤكد‬
‫أف ىذه االختصاصات تتواله السمطة التنظيمية التي يمارسيا الوزير األوؿ بمراسيـ إذا تعمؽ األمر‬
‫بمنح امتياز لتدبير المرافؽ العمومية الوطنية ‪.‬‬

‫أما بالنسبة لمسمطة المختصة بمنح امتياز المرافؽ العمومية المحمية‪ ،‬فقد حددىا القانوف في‬
‫المجالس المحمية المنتخبة‪ ،‬وىكذا تتحدد السمطة المختصة المرافؽ العمومية الجيوية مف خالؿ‬
‫اإلمكانيات المخولة لممجمس الجيوي تقديـ اقتراحات وابداء آراء وليذه الغاية‪ :‬يقترح إحداث المرافؽ‬
‫العامة الجيوية وطرؽ تنظيميا وتدبير شؤونيا وخاصة عف طريؽ الوكالة المباشرة أو الوكالة المستقمة‬

‫‪77‬‬
‫‪ -‬ملٌكة الصروخ ‪ ،‬نظرٌة المرافق العامة الكبرى دراسة مقارنة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 95‬‬

‫‪65‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫واما عف طريؽ االمتياز‪ ..‬يقوـ عامؿ العمالة أو اإلقميـ مركز الجية بتوجيو االقتراحات واآلراء إلى‬
‫السمطات الحكومية المختصة ‪.‬‬

‫ويتـ منح امتياز المرافؽ العمومية اإلقميمية إلى مجمس العمالة أو اإلقميـ ويحدد طرؽ تدبيرىا‬
‫إما عف طريؽ الوكالة المباشرة أو الوكالة المستقمة أو االمتياز أو أي طريقة أخرى مف طرؽ التدبير‬
‫المفوض لممرافؽ العمومية طبقا لمقوانيف واألنظمة المعموؿ بيا‪ ،‬وال يكوف المقرر قابال لمتنفيذ إال إذا‬
‫صادقت عميو سمطة الوصاية وفقا لمقتضيات المادة ‪ 6:‬مف نفس القانوف‪ ،‬وبخصوص امتياز المرافؽ‬
‫العمومية الجماعية‪ ،‬فإف المجالس الجماعية ىي التي تقرر في طرؽ تدبير المرافؽ العمومية الجماعية‬
‫عف طريؽ الوكالة المباشرة والوكالة المستقمة واالمتياز وكؿ طريقة أخرى مف طرؽ التدبير المفوض‬
‫لممرافؽ العمومية طبقا لمقوانيف واألنظمة المعموؿ بيا‪. 78‬‬

‫د ‪ -‬االمتياز لمدة معقولة‬

‫ينحصر استغالؿ االلتزاـ مف طرؼ الممتزـ في مدة زمنية محددة ذلؾ أف منحو مف طرؼ‬
‫الدولة ليس مداوما بؿ محدودا في فترة معينة‪ ،‬غير أف ىذه األخير غالبا ما تكوف طويمة المدى –والتي‬
‫يتـ تحديدىا في أغمب التشريعات المقارنة في ثالثيف سنة‪ -‬لتمكيف الممتزـ مف المصاريؼ التي‬
‫استثمرىا في المشروع وتحقيؽ قدر مف األرباح‪. 79‬‬

‫إف ما ينبغي اإلشارة في ىذا السياؽ‪ ،‬أنو يترتب عف انتياء مدة االمتياز انتياء عقد االمتياز‪،‬‬
‫وبالتالي تسترجع اإلدارة مانحة االمتياز المرفؽ العاـ التي قد تختار تدبيره بأسموب آخر‪ ،‬عمى أنو‬
‫يمكف لإلدارة أف تنيي االمتياز بإرادتيا المنفردة قبؿ انتياء مدتو‪ ،‬مع التزاميا بتعويض الممتزـ عف‬
‫األضرار التي قد تمحقو نتيجة ذلؾ‪ ،‬ومف جانب آخر يتـ إنياء االمتياز ألسباب غير انتياء مدة‬
‫االمتياز‪ ،‬كاإلنياء مف لدف اإلدارة‪ ،‬وفي حالة عقوبة ارتكاب صاحب االمتياز ألخطار جسيمة‬
‫وتقصيره في تنفيذ التزاماتو‪ ،‬أو حدوث قوة قاىرة بحيث يستحيؿ معيا عمى صاحب الوفاء بالتزاماتو أو‬
‫إذا ما قررت اإلدارة شراء االمتياز أو تأميمو ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫‪ -‬محمد األعراج ‪ ،‬القانون االداري المغربً الجزء األول ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 883‬‬
‫‪79‬‬
‫‪ -‬نوال الهناوي ‪ ،‬التدبٌر العمومً الجدٌد‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.68‬‬

‫‪66‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ - 3‬تقييـ طريقة االمتياز‬

‫تمتاز طريقة االمتياز بعدة مزايا مف بينيا‪ ،‬تحرر المسير إلى حد كبير مف التعقيدات اإلدارية‬
‫وال روتيف‪ ،‬وتتسـ مقابؿ ذلؾ بالمرونة في القياـ بميامو نظ ار الستعمالو لقواعد القانوف الخاص التي‬
‫تتفؽ وطبيعة المرافؽ االقتصادية‪ .‬كما أنيا تعفي اإلدارة مف أعباء تشغيؿ المرفؽ وادارتو لتتفرغ لغيره‬
‫مف المرافؽ اإلدارية‪ ،‬وبرفع النفقات الالزمة إلدارة ىذا المشروع عف مي ازنية الدولة‪ .‬إال أنو بالرغـ مف‬
‫المزايا العديدة ليذه الطريقة‪ ،‬فإف الكثير مف الدوؿ بدأت تتراجع في اعتمادىا نظ ار لبعض العيوب منيا‬
‫عمى سبيؿ المثاؿ‪ :‬أف الممتزـ فردا كاف أو شركة يسعى باألساس إلى تحقيؽ الربح‪ .‬مف ىذا المنطمؽ‬
‫قد يمجأ عمى تحقيؽ ىذا اليدؼ مستعمال شتى الوسائؿ كرفع قيمة الرسوـ مثال وتخفيض قيمة الخدمة‬
‫التي يؤدييا في المقابؿ ‪.‬‬

‫‪ -‬صحيح أف لإلدارة حؽ التدخؿ إلجبار الممتزـ عمى االلتزاـ بالحد األقصى لمرسوـ وتنفيذ التزاماتو‬
‫وفقا لما تضمنو العقد‪ ،‬غير أف ىذا األمر ال يتحقؽ دائما خاصة إذا كاف الممتزـ شركة ضخمة ليا مف‬
‫النفوذ ورؤوس األمواؿ ما يمكنيا مف التأثير عمى اإلدارة حتى تغض الطرؼ أو تتراجع عنيا ‪.‬‬

‫‪ -‬إف صاحب االمتياز يستفيد وحده مف الربح‪ ،‬في حيف إذا وقع مف الظروؼ الطارئة تعوضو اإلدارة‬
‫عما لحقو مف خسارة مما يكمؼ ميزانية الدولة ويؤثر عمييا‪. 80‬‬

‫ومع ذلؾ فإف ىذه العيوب ال ترقى إلى مستوى االيجابيات التي تعود عمى الدولة بالعديد مف‬
‫المزايا التي تمعب دو ار حيويا في تطوير االقتصاد وتنشيطو ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬التدبير المفوض‬

‫باالطالع عمى أغمب التعريفات المتعمقة بموضوع التدبير المفوض لممرافؽ العامة‪ ،‬يمكننا‬
‫مالحظة ما يمي‪ ،‬الغموض والتناقضات التي تشوب تحديد ماىية ىذا األسموب‪ ،‬فمعظميا تدرج في‬
‫إطار التسيير المفوض مختمؼ األشكاؿ التقميدية المعروفة كاالمتياز والعقود األخرى المستقمة عنو‪،‬‬
‫وذلؾ أسوة بالنموذج الفرنسي الذي يعتبر أحد المراجع األساسية‪ ،‬لتدبير المرافؽ العامة في القانوف‬

‫‪80‬‬
‫‪ -‬محمد العمرانً بوخبزة‪ :‬محاضرات فً مادة المرافق العمومٌة المحلٌة ‪ ،‬السنة الثانٌة ‪ ،‬ماستر الشؤن العام المحلً ‪ ،‬كلٌة الحقوق‬
‫طنجة ‪ ،‬السنة الجامعٌة ‪.1081 – 1088‬‬

‫‪67‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫اإلداري المغربي‪ ،81‬وليذا فإف القراءة األولية ليذه التعريفات قد تقود إلى الوقوع في مجموعة مف‬
‫المغالطات الناتجة عف تعريؼ التسيير المفوض وفؽ التصور الفرنسي‪ ،‬وذلؾ ألف التسيير المفوض‬
‫بالمغرب لو مدلوؿ خاص‪ ،‬واف كانت الكتابات واآلراء الفقيية بيذا الخصوص تتسـ بعدـ الوضوح‪.‬‬

‫عمما أف القانوف الجماعي الجديد لـ يمغ أشكاال ليذا التسيير ولذلؾ نجد حديثا عف االمتياز‪،‬‬
‫الوكالة‪ ...‬وذلؾ عمى غرار التسيير المفوض الفرنسي‪. 82‬‬

‫كما يالحظ عمى أف ىذتا التطبيؽ جاء فقط مف أجؿ تدعيـ المنافسة وتكريس الشفافية في‬
‫إسناد عقود التسيير المفوض ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة كذلؾ إلى أف التدبير المفوض بفرنسا ليس شكال جديدا مف أشكاؿ التسيير‪ ،‬بؿ‬
‫إف مختمؼ األشكاؿ التقميدية تدخؿ ضمف مكوناتو األساسية‪ ،‬لكف ىذه المالحظة ال تنطبؽ عمى‬
‫النموذج المغربي ألف التسيير المفوض ىو بالفعؿ شكؿ جديد يتميز عف االشكاؿ القديمة مف خالؿ‬
‫بعض العناصر األساسية التي حددتيا عقود التسيير المفوض ‪.‬‬

‫لذا فإف البحث في عناصر التمييز بيف التدبير المفوض واألشكاؿ التقميدية المعروفة يرتبط‬
‫ارتباطا وثيقا بالمشاكؿ التي كانت تطرحيا ىذه األساليب عمى المستوييف النظري والعممي ‪.‬‬

‫واضافة إلى ذلؾ‪ ،‬فإف الغموض الذي يشوب ىذه األساليب التقميدية ىو مرتبط بالمرفؽ العاـ‬
‫في حد ذاتو‪ ،‬فمفيوـ المرفؽ العاـ ىو نفسو ينتابو الغموض أيضا‪ ،‬كما أنو يتميز بطبيعتو المتغيرة ‪.‬‬

‫وىكذا فإف غموض مفيوـ المرفؽ العاـ وطبيعتو المتغيرة ىما السبباف األساسياف في غياب‬
‫التعريؼ الدقيؽ والوضاح لألشكاؿ التقميدية لمتسيير ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫‪ -‬محمد األعراج ‪ ،‬القانون االداري المغربً الجزء األول ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 108‬‬
‫‪82‬‬
‫‪ -‬لم ٌقم المشرع الفرنسً بتعرٌف التدبٌر المفوض للمرفق العام ‪ ،‬فتصدى فقهاء القانون االداري وقضاة مجلس الدولة الفرنسً‬
‫والمحاكم اإلدارٌة لتحدٌد مكوناته والتً ٌلخصهاالفقهاء فً اربعة شروط ‪:‬‬

‫‪ٌ -‬جب ان تتعاقد االدارة بشؤن مرفق عام‪.‬‬

‫‪ٌ -‬جب ان ٌتم تفوٌض هذا المرفق العام‪.‬‬

‫‪ٌ -‬جب ان تقوم الهٌئة المفوضة إلٌها بالمشاركة واالستثمار بصفة فعلٌة فً تسٌر المرفق العام‪.‬‬

‫‪ -‬التفوٌض الذي ٌحصل علٌه المفوض إلٌه ٌتم من خالل نتائج االستثمارات التً ٌقوم بها ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫كؿ ىذه المشاكؿ والصعوبات ىي التي تفسر رغبة واضعي عقود التسيير المفوض لممرافؽ‬
‫العامة ذات الطبيعة الصناعية والتجارية التابعة لمجماعات المحمية في وضع صيغة جديدة "لمتسيير‬
‫المفوض" مف أجؿ تجاوز المشاكؿ التي كانت تطرح لكف كيؼ يتـ التمييز بيف ىذا التسيير ومختمؼ‬
‫األشكاؿ التقميدية المعروفة ؟‬

‫في الواقع فإف تساؤال كيذا يتطمب في البداية تحديد التعريفات ثـ إبراز خصائص مختمؼ ىذه‬
‫األساليب حتى يسيؿ فيـ "التسيير المفوض" ومميزاتو‪ ،‬بعدىا محاولة تقييمو ‪.‬‬

‫‪ - 2‬تعريؼ التدبير المفوض‬

‫قبؿ صدور قانوف رقـ ‪ 65.16‬بتاريخ ‪ 25‬فبراير ‪ 3117‬لـ يكف ىناؾ أي تعريؼ لمتدبير‬
‫‪83‬‬
‫غير أف ىناؾ محاوالت لمجموعة مف أساتذة القانوف اإلداري‬ ‫المفوض مف قبؿ المشرع المغربي‬
‫لتحديد مدلوؿ ىذا األسموب في تدبير المرافؽ العامة ‪.‬‬

‫‪ -‬عرفو االستاذ أحمد بوعشيؽ ‪ :‬عقد إداري تعيد السمطة المفوض لو‪ ،‬داخؿ المجاؿ الترابي المحدد‬
‫في مدار التفويض باستغاللو وتدبير المرفؽ العاـ الصناعي والتجاري المحمي لمدة محددة تنتيي‬
‫بانقضاء مدة العقد‪. 84‬‬

‫‪ -‬عرفو األستاذ محمد اليعقوبي ‪ :‬كؿ تدبير لمرفؽ عاـ بواسطة شخص معنوي خاص‪ ،‬وغالبا ما يوكؿ‬
‫تفويض تدبير لمرافؽ لمخواص والتدبير المفوض يعطي مختمؼ طرؽ التسيير التقميدية مثؿ عقود‬
‫االمتياز والوكالة ومختمؼ اتفاقيات التفويض الذي يختمؼ مداه بيف حد أقصى وحد أدنى ‪.‬‬

‫‪ -‬واذا كاف ىناؾ اتجاه يحاوؿ تعريفو مف خالؿ نظاـ االمتياز‪ ،‬فقد اعتبر األستاذ آماؿ المشرفي ‪:‬‬
‫"إنو مف غير المنطقي تعريؼ التدبير المفوض مف خالؿ أسموب االمتياز‪ ،‬الذي يعاني صعوبات في‬
‫تعريفو‪ ،‬خصوصا وأنو ال يتوفر عمى إطار قانوني واضح‪ ،‬وأوضح بالنسبة لمتوجو الفقيي الذي يعطي‬

‫‪83‬‬
‫‪ -‬باستثناء ما تم التنصٌص علٌه فً المادة ‪ 59‬من المٌثاق الجماعً ‪ 78-00‬المغٌر والمتمم بقانون ‪ 87-08‬التً نصت على ما ٌلً ‪:‬‬
‫(‪...‬وٌقرر المجلس فً طرق تدبٌر المرافق العمومٌة الجماعٌة عن طرٌق الوكالة المباشرة والوكالة المستقلة واالمتٌاز وكل طرٌقة أخرى‬
‫من طرق التدبٌر المفوض للمرافق العمومٌة طبقا للقوانٌن واالنظمة المعمول بها )‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫‪ -‬أحمد بوعشٌق ‪ ،‬المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 888‬‬

‫‪69‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫لمتدبير المفوض مفيوـ أشمؿ يجمع بيف جميع أشكاؿ استغالؿ المرفؽ العاـ‪" ،‬بأف ىذا التوجو قد‬
‫ينطبؽ عمى النموذج الفرنسي وفي حدود معينة‪ ،‬ولكف ال يمكف تطبيقو عمى التجربة المغربية‪ ،‬ألف‬
‫مفيوـ تفويض تدبير المرفؽ العاـ كما ورد في التشريع والقضاء والفقو الفرنسي مختمؼ عف مفيوـ‬
‫التدبير المفوض كما ىو مطبؽ بالمغرب ‪.‬‬

‫فوجود التدبير المفوض في المغرب أممتو اعتبارات مصمحيو‪ ،‬ويخمص أف الميـ ىو النظاـ‬
‫المطبؽ أي أف الوجود أكثر أىمية مف المفيوـ‪. 85‬‬

‫‪ -‬اعتبره األستاذ عبد اهلل حداد ‪ :‬طريقة جديدة مف بيف المعتمدة لتسيير المرافؽ العامة‪ ،‬تتشابو مع عقد‬
‫االمتياز‪ ،‬وتختمؼ عنو ألف المدة الزمنية لعقد االمتياز تكوف أطوؿ‪ ،‬كما أف الممتزـ يتعيد بتوفير‬
‫األمواؿ والمستخدميف بينما في التدبير المفوض تبقى التجييزات في ممكية اإلدارة كما يحتفظ المفوض‬
‫لو بالمستخدميف مع مراعاة حقوقيـ‪. 86‬‬

‫‪ -‬نفس التوجو لألستاذ عبد السالـ البقالي الذي اعتبر أف التدبير المفوض يجد أصولو في أسموب‬
‫االمتياز لكف يختمؼ عف ىذا األخير واف كاف بمثابة اإلصالح الضمني لو‪ ،‬لخصوصيات معينة ذكرىا‬
‫‪.‬‬

‫وبخصوص المشرع فقد عرفتو المادة ‪ 3‬مف القانوف رقـ ‪ 65.16‬كما يمي ‪" :‬يعتبر التدبير‬
‫المفوض عقدا بموجبو يفوض شخص معنوي خاص لمقانوف العاـ يسمى المفوض لمدة محددة‪ ،‬تدبير‬
‫مرفؽ عاـ يتولى مسؤوليتو إلى شخص معنوي خاضع لمقانوف العاـ أو الخاص يسمى "المفوض إليو"‬
‫يخوؿ لو حؽ تحصيؿ أجرة مف المرتفقيف أو تحقيؽ أرباح مف التدبير المذكور أو ىما معا" ‪.‬‬

‫‪ - 3‬عناصر تمييز التدبير المفوض‬

‫‪85 - Elyaakoubi (M.) : le concept de la gestion déléguée, REMALD, série thèmes actuels, n° 30,p, 149.‬‬
‫‪86‬‬
‫‪ -‬عبد هللا حداد ‪ :‬الوجٌز فً قانون المرافق العمومٌة الكبرى ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 831‬‬

‫‪70‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫لتمييز ىذا األسموب‪ ،‬البد مف التذكير بما يمي ‪ :‬في إطار االمتياز‪ ،‬يتكمؼ الممتزـ بإنجاز كؿ‬
‫أو جزء مف األشغاؿ التي يتطمبيا سير المرفؽ‪ ،‬ويموؿ االستثمارات التي تتطمبيا عممية االنطالقة‪،‬‬
‫وىو ما يفسر طوؿ مدة ىذا العقد التي تتراوح بيف ‪ 41‬سنة و‪ ::‬سنة‪ ،‬إضافة إلى أنو يتحمؿ خسائر‬
‫ومخاطر المشروع‪ ،‬ويحصؿ عمى مقابؿ أتعابو مباشرة مف المنتفعيف‪ ،‬ىذا مع العمـ بأف التجييزات تعود‬
‫جزئيا إلى الشخص العاـ مجانا وفي البعض اآلخر مقابؿ عنو‪. 87‬‬

‫وفي إطار االستئجار‪ ،‬ال يتكمؼ المستأجر بالقياـ باألشغاؿ األولى لالنطالقة كما ىو الشأف‬
‫بالنسبة لمممتزـ‪ ،‬وال يتكمؼ باآلليات واألدوات الالزمة لذلؾ‪ ،‬بؿ إنو يستمميا مف الشخص العاـ‪ ،‬ولكنو‬
‫يتكمؼ بأشغاؿ اإلصالح والتجديد‪ ،‬إضافة إلى أف المستأجر يقوـ باستخالص المقابؿ مباشرة مف‬
‫المنتفعيف بدؿ الجماعة‪ ،‬وكما ىو الشأف بالنسبة لالمتياز فإف عقد االستئجار يجدد شروط تسيير‬
‫المرفؽ ونظاـ التعريفة‪ ،‬وفي إطاره يتحمؿ المستأجر مخاطر وخسائر المشروع‪. 88‬‬

‫أما عقد اإلنابة‪ ،‬فإنو عمى غرار االستئجار ال يشمؿ إال استغالؿ المرفؽ‪ ،‬أما التجييزات فتكوف‬
‫موجودة مف قبؿ‪ ،‬سواء أوجدتيا الدولة أو الجماعة أو ممتزـ سابؽ‪ ،‬وبالتالي ال نجد في عقد اإلنابة‬
‫مقتضيات تتعمؽ بأشغاؿ اإلنابة لكف خالفا لالستئجار فإف النائب ال يتحمؿ كميا مخاطر وخسائر‬
‫المشروع‪ ،‬وتقوـ الدولة أو الجماعة باستيفاء المقابؿ مف المنتفعيف رغـ أو الفواتير تصدر باسـ النائب‪،‬‬
‫ىذا األخير يحصؿ عمى مقابؿ يكوف شكمو في أغمب األحياف محددا في العقد بشكؿ مسبؽ (جزافي)‬
‫بمردودية النائب‪،‬‬ ‫وتتكمؼ الدولة أو الجماعة بأدائو‪ ،‬لكف مع ذلؾ فإف ىذا المقابؿ يبقى مرتبط‬
‫عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬وفيما يتعمؽ بمرفؽ توزيع الماء‪ ،‬فإف المقابؿ الذي يحصؿ عميو النائب بحسب عمى‬
‫أساس حجـ اإلنتاج أو رقـ األعماؿ الذي تـ تحقيقو‪ ،‬الخ‪ ،‬لكف الجماعة تبقى مبدئيا المسؤولية عف‬
‫المرفؽ عمما بأف النائب يقدـ لمجماعة خدمة فقط ‪.‬‬

‫‪87 - M. BERHIM/ « l’expérience municipale de délégation des service publics urbains marchands‬‬
‫‪REMALD « thème actuels » n° 30,p 17.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ -‬محمد األعراج ‪ ،‬القانون االداري المغربً الجزء األول ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 181‬‬

‫‪71‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫كؿ ىذا سمح بمالحظة التقارب بيف اإلنابة واالستئجار‪ ،‬فرغـ أف النائب يعمؿ بمقابؿ يحدد‬
‫سمفا في العقد‪ ،‬فإنو مع ذلؾ يتحمؿ نسبة مف المخاطر والخسائر ‪.‬‬

‫إذا حدد المقابؿ عمى أساس عدد األمتار المكعبة (ـ ‪( )4‬فيما يتعمؽ بمرفؽ الماء مثال) التي‬
‫تـ استيالكيا مف طرؼ المنتفعيف‪ ،‬فإف ذلؾ يجعؿ المقابؿ الذي يحصؿ عميو النائب مشابيا لممقابؿ‬
‫الذي يحصؿ عميو المستأجر واألكثر مف ىذا القوؿ بأف النائب يحصؿ عمى المقابؿ مف الجماعة‬
‫وليس مف المنتف ع مباشرة كما ىو الشأف بالنسبة لممستأجر‪ ،‬ال يتطابؽ مع ما يتـ مف الناحية العممية ما‬
‫داـ أف النائب ىو الذي يصدر الفواتير‪ ،‬ويقوـ باستخالصيا مف المنخرطيف‪ ،‬ويحافظ عمييا إلى حيف‬
‫التصفية السنوية لمحسابات مع الجماعة‪ ،‬وبالتالي فيو يحصؿ عمى نسبة يؤدييا المنتفع في آخر‬
‫المطاؼ ‪.‬‬

‫إف المسؤولية اتجاه المنتفعيف تتحمميا الجماعة‪ ،‬مف الناحية النظرية ألف النائب يبقى مسئوال‬
‫مف الناحية المحاسبية عف أخطائو اتجاه الشخص العاـ وبذلؾ فيو يضمف عممية األداء إذا قاـ أحد‬
‫المنتفعيف برفع دعوى أما مشاطرة االستغالؿ فميا طابع خاص‪ ،‬وتوجد في موقع وسط بيف االستئجار‬
‫والوكالة المباشرة‪. 89‬‬

‫ويتميز ىذا األسموب بالخصائص التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬تتحمؿ الجماعة مخاطر المشروع ‪.‬‬

‫‪ -‬يتحمؿ الوكيؿ التسيير العادي لممرفؽ حيث يقوـ بوظائفو كاممة لكف مع خضوعو لرقابة ‪.‬‬

‫‪ -‬ال يتحمؿ لموكيؿ العجز‪ ،‬لكنو يبقى معينا باألرباح المحققة ‪.‬‬

‫أما بخصوص التسيير المفوض أو التدبير المفوض‪ ،‬ىو أسموب قانوني تعاقدي بيف طرفي أو‬
‫عدة أطراؼ ييدؼ إلى خوصصة أسموب تدبير المرفؽ العاـ مف قبؿ شركة خاصة لمدة محدودة وذلؾ‬

‫‪89‬‬
‫‪ٌ -‬تعلق االمر بوكالة مباشرة ( ‪ ) regie directe‬كلما قامت السلطة او الهٌئة العامة بتسٌٌر المرفق بواسطة موظفٌها وأموالها‬
‫الخاصة ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫تحت مراقبة السمطات المانحة لمتدبير‪ ،‬قصد تحقيؽ ىدؼ عاـ يتجمى في تقديـ الخدمات واشباع‬
‫الحاجات العامة‪ ،‬ووفؽ شروط تضمف الجودة والفعالة وحسف التدبير ‪.‬‬

‫مف ىنا يمكف تعريؼ عقد تدبير المرفؽ العامة مف خالؿ مميزاتو‪ ،‬باعتباره أسموب جديد‬
‫لخوصصة المرافؽ العامة‪ ،‬وبمعنى آخر ىو أسموب جديد لتدبير المرافؽ العامة عف طريؽ تفويتيا‬
‫لمخواص ‪.‬‬

‫‪ - 4‬خصوصيات عقد التدبير المفوض‬

‫التدبير المفوض‪ ،‬عقد اداري تعيد بمقتضاه السمطة العامة المفوضة لو داخؿ المجاؿ الترابي‬
‫المحدد في مدار التفويض‪ ،‬باستغالؿ وتدبير المرفؽ العاـ لمدة محددة تنتيي بانتياء مدة العقد مع‬
‫امكانية تجديد مدتو‪. 90‬‬

‫ولتحديد خصوصيات عقد التدبير المفوض‪ ،‬ال بد من استعراض ما يمي ‪:‬‬

‫طرؽ ابراـ العقد‬ ‫‪‬‬

‫اذا كاف عقد االمتياز يتـ إبرامو بحرية‪ ،‬دوف المجوء أحيانا إلى مسطرة اإلشيار واإلعالف عف‬
‫المنافسة‪ ،‬فإف إبراـ عقد التدبير المفوض يتـ بطرؽ متعددة ‪ :‬فيو اما يتـ بحرية عف طريؽ االتفاؽ‬
‫المباشر‪ ،‬أو يتـ عف طريؽ المباراة أو طمب العروض حسب اآلحواؿ‪ ،‬ووفقا لممقتضيات التشريعية‬
‫والتنظيمية الجاري بيا العمؿ في مجاؿ الصفقات العمومية ‪.‬‬

‫مدة العقد‬ ‫‪‬‬

‫وفؽ المادة ‪ 24‬مف القانوف المتعمؽ بالتدبير المفوض فإف (مدة العقد يجب اف تكوف محددة‬
‫تأخد بعيف االعتبار المدة الطبيعية لألعماؿ المطموبة‪ ،‬وال يمكف التمديد إال عندما يكوف المفوض إليو‬
‫ممزما مف اجؿ حسف تنفيذ الخدمة)‪ ،‬و إلنياء عقود التدبير المفوض‪ ،‬فاف إنياؤىا يكوف إما بانتياء‬
‫مدة العقد‪ ،‬وبالتالي فيذه الطريقة طبيعية‪ ،‬و إما باسترداد المرفؽ قبؿ انتياء مدة العقد‪ ،‬وتجسدت ىذه‬
‫الطريقة األخيرة عمميا في الفصؿ ‪ 57‬مف عقد التدبير المفوض مع الليونيز دي زو الدار البيضاء‪ ،‬و‬

‫‪90‬‬
‫‪ -‬أحمد بوعشٌق ‪ ،‬المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ‪ ،‬مرجع سابق ـ ص ‪. 888‬‬

‫‪73‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫الفصؿ ‪ 81‬مف عقد التدبير المفوض لريضاؿ الرباط‪ ،‬وعميو‪ ،‬فإنياء عقد التدبير المفوض يتـ تحديده‬
‫التحمالت ودفتر الشروط‬
‫ّ‬ ‫بموجب بنود االتفاقية بيف السمطة المفوضة والمفوض لو‪ ،‬حيث أف دفتر‬
‫العامة و الخاصة و المالحؽ توضح العالقة بيف الطرفيف ‪.‬‬

‫شكؿ الرقابة‬ ‫‪‬‬

‫نوع الرقابة المطبقة‪ ،‬تبرز في خضوع عقود التدبير المفوض إلى رقابة المجمس األعمى‬
‫لمحسابات والمجالس الجيوية ولجاف الضبط وآلليات اإلفتحاص الخارجي والتدقيؽ بمبادرة مف وزيري‬
‫الداخمية والمالية‪ ،‬عكس األشكاؿ التقميدية لتدبير المرافؽ العامة كاالمتياز التي تخضع مف حيث‬
‫مراقبتيا لمقتضيات ظيير ‪ 25‬ابريؿ ‪ 2:71‬الخاص بالرقابة المالية لمدولة عمى المؤسسات العامة‬
‫والشركات ذات االمتياز‪ ،‬والييئات المستفيدة مف الدعـ العمومي المالي‪ ،‬وىذا الشكؿ مف التدبير‬
‫الحديثة تعطي لو المؤسسات المالية واالقتصادية الدولية (قنوات التبعية) أىمية خاصة عف طريؽ‬
‫الدعـ الالمشروط‪ ،‬كالبنؾ الدولي وصندوؽ النقد الدولي ‪.‬‬

‫‪ -5‬تقييـ أسموب التدبير المفوض‬

‫شكؿ أسموب التدبير المفوض أحد الحموؿ الفاعمة المعتمدة في عصرنة تدبير بعض المرافؽ‬
‫العامة الحيوية كتوزيع الماء والكيرباء‪ ،‬السيما أف تدبير ىذه المرافؽ بأسموب اإلدارة العمومية لـ يحقؽ‬
‫في أغمب الحاالت النتائج المرجوة ال مف حيث حسف التدبير وال مف حيث جودة الخدمات المقدمة‪،‬‬
‫ووفقا لذلؾ أصبح التدبير المفوض آلية أساسية إليجاد الحموؿ لمعديد مف اإلشكاليات المستعصية‪،‬‬
‫والتدبير األمثؿ لمعديد مف القطاعات اإلستراتيجية عمى المستوى المحمي‪ ،‬الذي باتت تنسجـ وتوصيات‬
‫المؤسسات العالمية المالية‪ ،‬ذلؾ أف التدبير المفوض لممرفؽ العمومي يندرج في إطار التصور الميبرالي‬
‫الدولي وينسجـ مع األىداؼ التي رسمتيا السمطات العميا في إطار برنامج اإلصالحات االقتصادية‬
‫واالجتماعية وانفتاحا عمى المزايا التي يوفرىا القطاع الخاص‪ ،‬والذي ال يخمو مف سمبيات‪. 91‬‬

‫‪91‬‬
‫‪ -‬محمد العمرانً بوخبزة‪ :‬محاضرات فً ما دة المرافق العمومٌة المحلٌة ‪ ،‬السنة الثانٌة ‪ ،‬ماستر الشؤن العام المحلً ‪،‬مرجع سابق ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫خاتمة الفصل االول ‪:‬‬

‫لقد تـ الحديث في ىذا الفصؿ المعنوف تطور نظرية الم ارفؽ العامة ومضمونيا‪ ،‬عف‬
‫ظيور فكرة المرفؽ العاـ وتطور ىذه الفكرة بكؿ محتوياتيا مف تعريؼ وعناصر‪ ،‬وخمصنا بناء عمى‬
‫تعريؼ الفقياء بالرغـ مف اختالؼ تعريفيـ‪ ،‬انو يمكف استخالص ما يتفقوف حولو مف عناصر لممرفؽ‬
‫العمومي وىي ‪:‬‬

‫‪ - 2‬أف كؿ مرفؽ عمومي يقوـ عمى أساس إشباع رغبة جماعية ألداء خدمة عامة‪ ،‬تتواله اإلدارة‬
‫ألىميتو حسب منظورىا ‪.‬‬

‫‪ - 3‬تؤدي ىذه الخدمة الدولة أو ىيئاتيا التابعة ليا‪ ،‬لما تستطيعو مف استعماؿ وسائؿ القانوف العاـ‪،‬‬
‫إال أف ىذا ال يمنع مف تكميؼ أفراد بإدارة مرفؽ عمومي مع احتفاظ اإلدارة باإلشراؼ العاـ ‪.‬‬

‫‪ - 4‬تؤدى ىذه الخدمة عف طريؽ مشروع باعتبار أف كؿ مرفؽ عاـ ىو منظمة تتكوف مف مجموعة‬
‫وسائؿ وأشخاص‪ ،‬ومواد مرتبة ترتيبا إداريا يكفؿ ليا الخدمة العامة ‪.‬‬

‫مما يجعؿ المرفؽ العاـ ىو الوسيمة األساسية لتحقيؽ وتمبية الحاجيات العمومية‪ ،‬إال أنيا‬
‫أصبحت رىينة تجادبات صعبة تقؼ وراءىا األزمات المختمفة والتحديات المتجددة عمى حد السواء‬
‫وذلؾ بسبب اىتزاز السياسات االقتصادية‪ ،‬وحتى االجتماعية وما رافؽ ذلؾ مف تطورات متالحقة‬
‫مست بوظائؼ الدولة واألنظمة القانونية ‪.‬‬

‫االمر الذي تطمب حؿ واقعي ونظري حيت يتمتع بالمرونة‪ ،‬وبناء عميو تـ تغير دور الدولة‬
‫مف دولة متدخمة إلى دولة منسحبة فنجدىا أحيانا عاجزة وأحيانا متعاجزة‪ ،‬إال اف ىذا التحوؿ لـ يكف‬
‫الحؿ األمثؿ‪ ،‬فمازالت المرافؽ العامة تعاني ازمة االىماؿ خاصة المرافؽ االجتماعية ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وبالتالي فإف االستمرار في مسمسؿ إىماؿ المرافؽ العمومية – خاصة االجتماعية‪ -‬وتقميص‬
‫الدعـ عنيا‪ ،‬واألخذ في المقابؿ بالخوصصة إلى المدى البعيد دوف إستراتيجية جماعية لمف شأنو‬
‫تقميص مؤشراتنا في التنمية‪ ،‬إال أف تعزيز المرفؽ العمومي بمبادرات إصالحية حقيقية وحؿ إشكاالتيا‬
‫عمى المستوى القانوني وتخميقيا ومحاربة كؿ أشكاؿ التسيب فييا‪ ،‬وكذا إعادة النظر في است ارتيجيتيا‪،‬‬
‫سيعزز ال محالة الثقة لدى المواطف الذي لديو انتظارات بحجـ كرة الثمج ويثوؽ كؿ يوـ إلى رؤية‬
‫مغرب أفضؿ ‪.‬‬

‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫مستجدات الدستور الجديد في‬


‫مجال تدبير المرافق العامة‬

‫‪76‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫لقد عرؼ المغرب خالؿ السنوات القميمة الماضية‪ ،‬وبالضبط مع مطمع التسعينات مف القرف‬
‫الماضي جممة مف اإلصالحات الدستورية والسياسية ىمت مجاالت مختمفة بغية استكماؿ بناء دولة‬
‫الحؽ وترسيخ أسس الديمقراطية الحية‪ ،‬ومنذ وصوؿ الممؾ محمد السادس إلى الحكـ في ‪ 32‬يوليوز‬
‫‪ 9111‬تكثفت وتيرة ورش اإلصالحات وتوجت باإلعالف عف إصالح دستوري شامؿ ييدؼ إلى‬
‫تحديث وتأىيؿ ىياكؿ الدولة المغربية ‪.‬‬

‫وقد مثمت سنة ‪ ،3199‬دوف أدنى شؾ‪ ،‬منعطفا تاريخيا فاصال ونتاجا لسنوات مف العمؿ‬
‫المتواصؿ المتمثؿ في مختمؼ األوراش اإلصالحية والمبادرات التحديثية المتتالية في سياؽ تاريخي‬
‫دولي دقيؽ‪ ،‬وفي خضـ األحداث التي كاف العالـ العربي وما يزاؿ مسرحا ليا‪ ،‬توج اإلصالح بالمغرب‬
‫بالخطاب الممكي لتاسع مارس ‪ 3199‬ليعمف عف المبادرة الممكية الداعية إلى إجراء تعديالت دستورية‬
‫عميقة وشاممة أقؿ ما يقاؿ عنيا أنيا غير مسبوقة ‪.‬‬

‫وقصد أجرأة ىذه المبادرة ذات الداللة القوية‪ ،‬قرر الممؾ إحداث آليتيف سياسيتيف‪ ،‬ميمتيا‬
‫التشاور والمتابعة‪ ،‬وتبادؿ الرأي بشأف اإلصالح المقترح‪ ،‬تضماف بصفة خاصة متخصصيف في‬
‫‪92‬‬
‫‪.‬‬ ‫المجاالت الدستورية والسياسية‪ ،‬ورؤساء الييئات السياسية والنقابية‬

‫‪ -‬الخطاب الممكي بتاريخ ‪ 80‬مارس ‪ 1088‬بمناسبة تنصيب المجنة االستشارية لمراجعة الدستور‪.‬‬
‫‪92‬‬

‫‪77‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وبعد عدة أسابيع مف الحوار والمناقشة‪ ،‬خمصت المجنة إلى صياغة مشروع الدستور أبرز‬
‫جاللة الممؾ أىـ مضامينو في ‪ 91‬يونيو ‪ 3199‬وعرض عمى االستفتاء الشعبي يوـ فاتح يوليوز مف‬
‫نفس السنة‪ .‬عمى الرغـ مف بعض الدعوات الرامية إلى مقاطعة االستفتاء‪ ،‬فإف الشعب المغربي عبر‬
‫عف إرادتو بكثافة ورضي بالوثيقة الدستورية الجديدة بأغمبية ساحقة‪ ،‬وىو ما خمؼ أيضا صدى طيبا‬
‫في األوساط الدولية عبر التنويو بدخوؿ المغرب مرحمة جديدة مف تاريخو السياسي والدستوري‪ ،‬وال أدؿ‬
‫عمى ذلؾ مف منح الجمعية البرلمانية لمجمس أوروبا لممغرب وضع الشريؾ مف أجؿ الديمقراطية (‪39‬‬
‫يونيو ‪. )3199‬‬

‫إف استعراض كؿ ىذه المعطيات يفرض عمينا إعطاء تعريؼ لموثيقة الدستورية ‪:‬‬
‫الوثيقة الدستورية عبارة عف وثيقة أو عدة وثائؽ قانونية تصدر عف ىيئة مختصة وفقا إلجراءات معينة‬
‫وتتضمف القواعد المتصمة بنظاـ الحكـ في بمد معيف أو زمف معيف ‪.‬‬

‫إف وثيقة الدستور تطورت في الوقت الراىف بحيث أصبحت تشتمؿ عمى قواعد ومبادئ ال‬
‫تتصؿ بنظاـ الحكـ فقط بؿ تتعمؽ بالتنظيـ اإلداري والقضائي أو بأىداؼ اقتصادية واجتماعية تصبو‬
‫الدولة إلى تحقيقيا ‪.‬‬

‫ولقد عمؿ الدستور الجديد عمى تقوية‪ 93‬آليات تخميؽ الحياة العامة عبر دسترة مجموعة مف‬
‫المؤسسات األساسية بغية تعزيز المواطنة والمشاركة الديمقراطية‪ ،‬كما ربط ممارسة السمطة والمسؤولية‬
‫العمومية بالمراقبة والمحاسبة‪ ،‬وىذا مف شأنو أف يساعد عمى ترسيخ ميكانيزمات الحكامة الجيدة‬
‫وتخميؽ ومحاربة الفساد في جميع أشكالو وتمظيراتو‪ ،‬والشؾ أف التكريس الدستوري لمجيوية في إطار‬
‫مغرب موحد يقوـ عمى مبادئ التوازف والتضامف الوطني والجيوي سيخدـ التنمية المندمجة ويساىـ في‬
‫تجذير قيـ الديمقراطية والمشاركة الفعالة في تدبير الشأف العاـ ‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫‪ -‬النواف بٌالل ‪ :‬اإلصالحات الدستورٌة ورهان االنتقال الدٌمقراطً بالمغرب دستور ‪ 1088‬نموذج ‪،‬جامعة الحسن الثانً ‪ ،‬كلٌة العلوم‬
‫القانونٌة واالقتصادٌة واالجتماعٌة ـ السطات ‪ ،‬سنة ‪، 1088 -1080‬ص ‪.30‬‬

‫‪78‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫إف الوثيقة الدستورية الجديدة وما مثمتو مف طفرة نوعية عمى أكثر مف صعيد تدفعنا كباحثيف‬
‫جامعييف وميتميف إلى الوقوؼ عند مقتضيات الدستور لمتأمؿ في مختمؼ المستجدات والتعديالت التي‬
‫حمميا ىذا النص‪ ،‬واستيعاب الجوانب غير المسبوقة التي تضمنيا بيف طياتو ‪.‬‬

‫ودراسة المرفؽ العاـ عمى ضوء الدستور الجديد واإلحاطة بالمستجدات الدستورية‪ ،‬تكتسي‬
‫أىمية بالغة ألنيا باإلضافة إلى كونيا مرتبطة ولصيقة بالمواضيع التي يعني بيا القانوف اإلداري‬
‫والعموـ اإلدارية‪ ،‬فيي توضح التطور المعاصر الذي لحؽ وظائؼ الدولة‪ ،‬أيا كاف النظاـ االقتصادي‬
‫الذي تعتنقو‪ ،‬فيي في غالب األحياف تقوـ بنشاطيا اإلداري عف طريؽ المرافؽ العمومية عندما تقدر‬
‫‪94‬‬
‫بمعنى أف األجيزة اإلدارية أصبحت تمارس‬ ‫أف تأدية الحاجة العامة بواسطة النشاط اإلداري متعذرة‬
‫العديد مف األنشطة التي كانت إلى وقت قريب محتكرة مف لدف األفراد ‪.‬‬

‫وتبعا لذلؾ‪ ،‬فإف السؤاؿ الذي يطرح نفسو ىو كيفية تعاطي الدستور المغربي الجديد مع تدبير‬
‫المرافؽ العامة وأي آفاؽ يمكننا استشرافيا لتدبير المرافؽ العامة فما ىي مستجدات الدستور المغربي‬
‫الجديد في مجاؿ تدبير المرافؽ العامة وما ىي اآلفاؽ التي يمكننا استشرافيا لتدبير المرافؽ العامة ‪.‬‬

‫مما سبؽ‪ ،‬فقد تقرر تقسيـ الفصؿ الثاني‪ ،‬الى المبادئ والمعايير المدسترة التي تخضع ليا‬
‫المرافؽ العامة (المبحث األوؿ)‪ ،‬وأفاؽ تدبير المرافؽ العامة عمى ضوء الدستور الجديد (المبحث الثاني‬
‫)‪.‬‬

‫المبحث ال ول ‪ :‬المبادئ والمعايير المدسترة التي تخضع ليا المرافق العامة‬

‫نيج المغرب خالؿ السنوات االخيرة مجموعة مف اإلصالحات ىمت في جوىرىا تحقيؽ‬
‫المصالحة مع المواطف‪،‬إال أف ىده اإلصالحات كانت ال تتقاطع مع مصالح بعض لوبيات الفساد‪ ،‬مما‬
‫كاف يجعؿ تحقيؽ األىداؼ المسطرة ام أر مستحيال ‪.‬‬

‫‪ -‬الندوة العممية ‪ :‬الدستور المغربي ‪ : 2011‬مستجدات وافاق المقتضيات الجديدة ‪ ،‬يومي ‪ 21-20‬أبريل ‪ 2012‬بكمية العموم القانونية‬
‫‪94‬‬

‫واالقتصادية واالجتماعية – وجدة‬

‫‪79‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وقد أخد مفيوـ اإلصالح والتغيير حي از كبير مف خطب اعمى سمطة في البالد وفي مناسبات‬
‫عدة ‪ ،‬إذ نستشؼ مف خالؿ ذلؾ تأكيده ‪ ،‬عمى وجوب تخميؽ الحياة العامة‪،‬والضرب بيد مف حديد في‬
‫حؽ كؿ مف سولت لو نفسو التالعب بمصالح المواطنيف والموطنات‪ ،‬وذلؾ بمحاربة كؿ أشكاؿ الرشوة‬
‫ونيب الماؿ العاـ واستغالؿ النفوذ والسمطة‪ ،‬حيث اعتبر أف أي «استغالؿ لمنفوذ والسمطة يعتبر إجراما‬
‫في حؽ الوطف‪ ،‬ال يقؿ شناعة عف المس بحرماتو»‪ ،‬داعيا إلى ضرورة االلتزاـ بروح المسؤولية‬
‫والشفافية والمراقبة والمحاسبة والتقويـ‪ ،‬في ظؿ سيادة القانوف وسمطة القضاء‪ ،‬بما ىو جدير بو مف‬
‫استقالؿ ونزاىة وفعالية‪ ،‬لقد جاء اإلعالف عف ضرورة مواصمة اإلصالح الدستوري في المغرب كنتيجة‬
‫لمجموعة مف سياسات التقويـ واإلصالح التي عرفتيا بالدنا في مجموعة مف المياديف‪ ،‬وبخاصة تمؾ‬
‫المرتبطة باالحتياجات اليومية لممواطنيف‪ ،‬وىكذا يمكننا اعتبار دستور ‪ 3199‬بمثابة ثمرة لمجيودات‬
‫اإلصالح التي عرفتيا بالدنا دوف غيرىا مف البمداف العربية األخرى وكنتيجة لمجموعة مف التراكمات‬
‫والمتغيرات التي عرفيا المجتمع المغربي مف بينيا اإلصالح الدستوري الجديد ‪ 3199‬والذي جاء‬
‫بمجموعة مف األساسيات‪،‬منيا ما تمثؿ في التقنيات الجديدة لمتدبير اإلداري الحديث بفعؿ التطورات‬
‫التي طرأت عمي األدوار والمياـ المنوطة باإلدارة باعتبارىا الدعامة األساسية لمتغيير بكؿ أشكالو‪،‬‬
‫السياسي واالقتصادي واالجتماعي في إطار التحديث العميؽ لمدولة مف خالؿ إستراتيجيات تشمؿ‬
‫مجموع المكونات والفعاليات والمؤىالت بيدؼ وضع الوسائؿ الكفيمة لتكييؼ اإلدارة مع التحوالت التي‬
‫يعرفيا المجتمع ‪ ,‬وكذا إعطاء مظي ار قطاعيا أو تقنيا في حالة ما إذا كاف التغيير محدثا مف طرؼ‬
‫اإلدارة في إطار مسمسؿ لمتكييؼ الذاتي ينطمؽ مف الجياز اإلداري نفسو وكذا نجد أف مف بيف‬
‫اإلصالحات التي جاء بيا الدستور الجديد ما يخص آليات الحكامة الجيدة‪ ،‬فمقد خصص الدستور‬
‫المغربي الجديد لسنة ‪ 3199‬بابا كامال لمحكامة الجيدة‪ ،‬حيث تمت دسترة المبادئ األساسية التالية ‪:‬‬

‫يتـ تنظيـ المرافؽ العمومية عمى أساس المساواة بيف المواطنات والمواطنيف في الولوج إلييا‪،‬‬
‫واإلنصاؼ في تغطية التراب الوطني‪ ،‬واالستم اررية في أداء الخدمات ‪.‬‬

‫إخضاع تسيير المرافؽ العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية والمبادئ‬
‫والقيـ والديمقراطية ‪.‬‬

‫الزاـ أعواف المرافؽ العمومية بممارسة وظائفيـ وفقا لمبادئ احتراـ القانوف والحياد والشفافية‬
‫والنزاىة والمصمحة العامة وتأميف تتبع مالحظات واقتراحات وتظممات المرتفقيف ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫الزاـ المرافؽ العمومية بتقديـ الحساب عف تدبيرىا لألمواؿ العمومية مع خضوعيا لممراقبة‬
‫والتقييـ طبقا لمقوانيف الجاري بيا العمؿ ‪.‬‬

‫الزاـ كؿ شخص منتخب أو معيف يمارس مسؤولية عمومية‪ ،‬بتقديـ تصريح كتابي بالممتمكات‬
‫‪95‬‬
‫‪.‬‬ ‫واألصوؿ التي حيازتو بمجرد تسممو لميامو‪ ،‬وخالؿ ممارستيا وعند انتيائو‬

‫استنادا ليذه المعطيات‪ ،‬فسوؼ نتناوؿ ىذا المبحث وفؽ المطمبيف المبادئ التي تحكـ المرفؽ‬
‫العاـ عمى ضوء الدستور الجديد ( المطمب األوؿ)‪ ،‬المعايير التي تخضع ليا المرافؽ العامة عمى‬
‫ضوء الدستور الجديد (المطمب الثاني) ‪.‬‬

‫المطمب الول ‪ :‬المبادئ التي تحكم المرفق العام عمى ضوء الدستور الجديد‬

‫مف المبادئ العامة التي استقر عمييا الدستور الجديد والتي تضمف استمرار عمؿ ىذه المرافؽ‬
‫وأدائيا لوظيفتيا في إشباع حاجات األفراد‪ ،‬جاء في الفقرة االولى مف الفصؿ ‪( 951‬يتـ تنظيـ المرافؽ‬
‫العمومية عمى أساس المساواة بيف المواطنات والمواطنيف في الولوج إلييا‪ ،‬واإلنصاؼ في تغطية التراب‬
‫الوطني‪ ،‬واالستم اررية في أداء الخدمات ) مف الفقرة يتبيف اف المبادئ تنحصر في مبدأ المساواة‬
‫واإلنصاؼ ومبدأ االستم اررية‪ ،‬دسترة ىذه المبادئ جاءت لتخطي ظاىرة األزمة التي يعرفيا تدبير‬
‫المرافؽ العمومية في الوقت الراىف‪ ،‬سواء عمى المستوى الوطني أو المحمي‪ ،‬والتي اعتبرت مف أىـ‬
‫اإلشكاالت التي فرضت القياـ ببعض االصالحات الفكرية والعممية قصد الرقي بتدبير المرافؽ العمومية‬
‫إلى مستوى التدبير الجيد ‪.‬‬

‫مما سبؽ‪ ،‬فقد تقرر تناوؿ المطمب الى مبدئي المساواة واإلنصاؼ (الفرع األوؿ)‪ ،‬ومبدأ‬
‫االستم اررية (الفرع الثاني) ‪.‬‬

‫الفرع االول ‪ :‬مبدئي المساواة واإلنصاف‬

‫‪95‬‬
‫‪ -‬الشكاري كرٌم‪ :‬تد بٌر المرافق العمومٌة المحلٌة على ضوء مقتضٌات الدستور المغربً الجدٌد ‪ ،‬باحث فً مٌدان الجماعات الترابٌة‬

‫‪http://www.marocdroit.com/% html‬‬ ‫تم التصفح بتارٌخ ‪.5 /06 /1081‬‬

‫‪81‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫يعتبر مبدأ المساواة (الفقرة االولى ) مف المبادئ األساسية التي تحكـ تدبير المرافؽ العامة‪.96‬‬
‫إف ىذا المبدأ يستند عمى أف المرتفقيف المستفيديف مف المرفؽ العاـ يجب أف يعامموا بنفس الطريقة‬
‫ماداموا يتوفروف عمى الشروط القانونية لولوج المرفؽ‪ ،‬وىو مبدأ تقميدي لممرفؽ العاـ بالمغرب‪ ،‬اما‬
‫المستجد في ىذا الفرع ىو مبدأ اإلنصاؼ (الفقرة الثانية) ويقصد بو االنصاؼ في تغطية التراب‬
‫الوطني ‪.‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬مبدأ المساواة‬

‫يعتبر مبدأ المساواة مف المبادئ األساسية التي تحكـ تدبير المرافؽ العمومية ‪ ،‬ويستند عمى أف‬
‫المرتفقيف المستفيديف مف المرفؽ العاـ يجب أف يعامموا بنفس الطريقة ماداموا يتوفروف عمى الشروط‬
‫القانونية لولوج المرفؽ ‪.‬‬

‫فالمرفؽ العاـ أحدث إلشباع حاجة جماعية ال يستطيع النشاط الفردي إشباعيا عمى الوجو‬
‫األكمؿ‪ ،‬فيو ييدؼ لتحقيؽ صالح المجموع بدوف استثناء‪ ،‬ودوف أي تمييز بسبب األصؿ أو المغة أو‬
‫الديف أو االنتماء السياسي أو الجنس ‪.‬‬

‫كما أف التمييز بيف المستفديف مف خدمات المرفؽ العاـ يجافي العدالة‪ ،‬واذا كاف ضرر ذلؾ‬
‫محدودا في الييئات الخاصة التي تسودىا المنافسة الحرة فإنو يكوف واسعا أماـ المرافؽ العمومية التي‬
‫تعمؿ‪ -‬غالبا‪ -‬في ظروؼ احتكارية ال يجد المتضرر مف التمييز ممجأ آخر‪ ،‬لذلؾ فقد قرر القضاء‬
‫اإلداري اعتبار مبدأ المساواة مف القواعد األساسية التي تحكـ سائر المرافؽ العامة ‪.‬‬

‫وال يقتصر مبدأ المساواة بيف المنتفعيف بؿ يمتد كذلؾ إلى المرشحيف لالنتفاع متى توفرت‬
‫لدييـ شروط االنتفاع‪ ،‬كما ال يقتصر عمى المرافؽ االقتصادية واالجتماعية والمينية‪ ،‬أيا كانت الطريقة‬
‫التي يدار بواسطتيا المرفؽ العاـ ‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫‪ -‬ملٌكة الصروخ ‪ :‬القانون االداري‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.531‬‬

‫‪82‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫إف التكريس الدستوري لمبدأ المساواة في تدبير المرافؽ العمومية المحمية جاء لتعزيز بناء دولة‬
‫ديمقراطية يسودىا الحؽ والقانوف‪ ،‬ومرتكزة عمى الحكامة الجيدة ‪.97‬‬

‫ىذه الحكامة الجيدة تنبني عمى صالحيات الييئة المنتخبة في اتخاذ الق اررات الجيدة والمالئمة‬
‫ألجؿ التدبير المحمي السميـ ‪.‬‬

‫ىذه المساواة مف شأنيا ترسيخ فرص متساوية لالستفادة مف الخدمات التي توفرىا جماعاتنا‬
‫الترابية في إطار اختصاصاتيا ‪.‬‬

‫أكيد أف مبدأ المساواة أماـ المرافؽ العمومية ال يقصد بو المساواة المطمقة‪ ،‬حيث يجوز لكؿ‬
‫فرد في المجتمع أف يستفيد مف خدمات المرفؽ العمومي دوف قيد أو شرط‪ ،‬وانما يقصد بو المساواة بيف‬
‫جميع األفراد الذيف تتحقؽ فييـ الشروط التي فرضيا المرفؽ العاـ لالستفادة مف خدماتو‪ ،‬لذلؾ ليس‬
‫ىناؾ أي تناقض مع مبدأ المساواة حينما تضع اإلدارة شروطا عامة يتعيف استيفاءىا مف لدف‬
‫األشخاص الذيف يريدوف االستفادة مف خدماتيا‪ ،‬كاشتراط التوفر عمى شيادة أو دبموـ لمف يريد‬
‫استكماؿ التعميـ الجامعي‪ ،‬أو اشتراط التوفر عمى مستوى تعميمي قصد ولوج إحدى الوظائؼ العمومية‪،‬‬
‫أو دفع رسوـ نظير االستفادة مف خدمات المرافؽ العمومية ‪.‬‬

‫وتبعا لذلؾ‪ ،‬فمبدأ المساواة بالنسبة لممرتفقيف الموجوديف في نفس المركز وفي نفس الظروؼ‬
‫والذيف تطبؽ عمييـ نفس األنظمة القانونية الخاصة باالستفادة مف إحدى خدمات المرافؽ العمومية‪،‬‬
‫وبالتالي فإف مبدأ المساواة ال يتناقض مع تعامؿ المرفؽ العمومي تعامال مختمفا مع فئات متباينة مع‬
‫المترفقيف‪ ،‬في حيف يت نافي مع التمييز بيف فئة مف المرتفقيف تتوفر عمى نفس الشروط لالستفادة مف‬
‫الخدمة المقدمة مف لدف المرفؽ‪ ،‬ونشير كذلؾ إلى أف مبدأ المساواة ال يتعارض مع استفادة بعض‬
‫الفئات االجتماعية مف بعض المزايا دوف غيرىـ‪ ،‬وذلؾ بصفة استثنائية استنادا إلى نصوص قانونية‬
‫عامة ولغرض المصمحة العامة‪ ،‬بالنظر لمحالة االجتماعية لتمؾ الفئات ؾ ‪:‬‬

‫‪ -‬اإلعفاء مف الرسوـ القضائية ‪.‬‬

‫‪ -‬اإلعفاء مف الرسوـ الدراسية بالنسبة لمطمبة المحتاجيف‪.‬‬

‫‪ -‬الندوة العممية ‪ :‬الدستور المغربي ‪ : 2011‬مستجدات وافاق المقتضيات الجديدة ‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫‪97‬‬

‫‪83‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ -‬إعفاء الطمبة المتفوقيف مف بعض الرسوـ أو إعطائيـ منح تشجيعية‪ ...‬أو تخفيض رسوـ النقؿ‬
‫بالنسبة لمموظفيف والطمبة أو السماح لممتقاعديف باالنتفاع مف بعض الخدمات مجانا‪...‬‬

‫إف اإلخالؿ بمبدأ المساواة مف لدف الجية اإلدارية المنوط بيا تدبير المرفؽ سواء كانت سمطة‬
‫إدارية أو شركة أو فرد‪ ،‬وميزت بيف المنتفعيف مف خدمات المرفؽ‪ ،‬فإف ليؤالء الحؽ‪ ،‬في حالة تسيير‬
‫المرفؽ بأسموب االمتياز‪ ،‬أف يطالبوا اإلدارة مانحة االمتياز بالتدخؿ إلجبار الممتزـ أو صاحب االمتياز‬
‫عمى احتراـ النصوص القانونية‪ ،‬فإذا امتنعت اإلدارة عف االستجابة لطمبيـ أو كاف المرفؽ يدار‬
‫بأسموب االستغالؿ المباشر أو أسموب المؤسسة العمومية‪ ،‬فإنو مف حؽ األفراد المجوء إلى القضاء‬
‫لممطالبة بإلغاء القرار الذي أخؿ بمبدأ المساواة بيف المنتفعيف‪ ،‬واذا لحقيـ ضرر مف جراء القرار فميـ‬
‫الحؽ في طمب التعويض المالئـ ‪.‬‬

‫إضافة إلى دسترة مبدأ المساواة في تدبير المرافؽ العمومية المحمية‪ ،‬فقد تـ التنصيص دستوريا‬
‫عمى مبدأ آخر يشكؿ دعامة قوية لتعزيز دعائـ دولة الحؽ والقانوف أال وىو مبدأ اإلنصاؼ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مبدأ اإلنصاف‬

‫ينص الفصؿ ‪ 951‬في فقرتو االولى (يتـ تنظيـ المرافؽ العمومية عمى أساس المساواة بيف‬
‫المواطنات والمواطنيف في الولوج إلييا‪ ،‬واإلنصاؼ في تغطية التراب الوطني‪ ،‬واالستم اررية في أداء‬
‫الخدمات ‪. )...،‬‬
‫‪،98‬‬
‫ألف اإلدارة ال يمكنيا‬ ‫ويتمثؿ مبدأ اإلنصاؼ في إدخاؿ القيـ واألشكاؿ الجديدة التخاذ القرار‬
‫أف تبقى في منئ عف المستجدات التقنية التي ما فتئت وتيرتيا تتسارع‪ ،‬وأف تتجاىؿ تنامي تكنولوجيا‬
‫اإلعالـ التي تحوؿ شروط ممارسة السمطة‪ ،‬خاصة وأف مسار مسمسؿ التحديث اإلداري يتحدد‬
‫بالمقارنة مع درجة استعماؿ أدوات المساعدة عمى اتخاذ القرار التي بإمكانيا تغيير التنظيـ اإلداري‬
‫التقميدي بعمؽ عف طريؽ تسييؿ اتخاذ المبادرات وتشجيع إمكانيات التجديد‪ ،‬ويتناسب ذلؾ مع إصالح‬
‫عميؽ يترجـ باالنتقاؿ مف إدارة المساطير نحو إدارة المسؤوليات‪ ،‬وبعبارة أخرى بالقطيعة مع النموذج‬

‫‪ - 98‬الندوة العممية ‪ :‬الدستور المغربي ‪ : 2011‬مستجدات وافاق المقتضيات الجديدة ‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫اإلداري التقميدي مف النمط البيروقراطي‪ ،‬مما سيؤدي ال محالة إلى تغيير الروابط التي تجمع اإلدارة‬
‫بمرتفقييا في اتجاه األفضؿ ‪.‬‬

‫إف اإلنصاؼ في تغطية التراب الوطني بخصوص المرافؽ العمومية‪ ،‬وانتشارىا عمى كؿ‬
‫المجاؿ الترابي الوطني‪ ،‬يبرر أوال مف خالؿ ترسيخ مبدأ أساسي تقوـ عميو كؿ إدارة‪ ،‬والمتمثؿ في‬
‫المساواة ما بيف المرتفقيف في االستفادة مف خدمات المرفؽ العمومي‪ .‬ذلؾ أـ كؿ مرتفؽ أينما كاف‬
‫يحؽ لو أف يستفيد مف خدمات المرفؽ العمومي في نفس الشروط ونفس الظروؼ ككؿ المواطنيف‪.‬‬
‫لذلؾ فإف الفوارؽ التي ما تزاؿ قائمة في مجاؿ البنيات التحتية بيف جيات المممكة‪ ،‬ال مبرر ليا أف‬
‫تدوـ أو تتفاقـ ‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫وذلؾ‬ ‫وبناء عمى ذلؾ‪ ،‬فعمى الدولة اف تخمؽ ىيئات متخصصة في تحقيؽ مبدأ اإلنصاؼ‬
‫عبر التفكير في توزيع منصؼ منسجـ وعقالني لممصالح اإلدارية في مجموع التراب الوطني بغية‬
‫تقريب اإلدارة عضويا مف المواطنيف‪ ،‬وخمؽ القوى المنعشة لالقتصاد‪ ،‬مما سيساىـ بشكؿ أو بآخر في‬
‫إدماج الجيات البعيدة في مسار التنمية االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية الذي تعيشو البالد‪ .‬ومف ثـ ضرورة‬
‫وضع أسس إستراتيجية فعالة لتييئة التراب الوطني يكوف اليدؼ منيا تحرير الطاقات المحمية وجعؿ‬
‫في متناوليـ إدارة محمية ىي بدورىا بسيطة ومرنة‪ .‬لذا‪ ،‬فإف إصالح الخريطة اإلدارية باعتباره محور‬
‫‪100‬‬
‫‪ ascendante l’Administration‬يجب أف يكوف مرتبطا‬ ‫أساسيا لإلدارة المتجية نحو األسفؿ‬
‫بشكؿ وثيؽ باالمتداد الجغرافي لمتراب الوطني‪ ،‬ألف تعدد وتقوية أنشطة اإلدارة يتطمب بالتبعية تدعيـ‬
‫إمكانيات البنية التحتية اإلدارية وتكييؼ الجياز اإلداري الترابي مع المحيط االجتماعي الذي ىو‬
‫مطالب بخدمتو ‪.‬‬

‫وقد شعرت السمطات العمومية بيذا الياجس منذ وقت طويؿ‪ ،‬وىذا ما تمت ترجمتو بزرع‬
‫بنيات إدارية ترابية لمواجية الحاجات المتعددة لجميور عريض مترامي األطراؼ بيف القرى والمدف‪ ،‬ما‬

‫‪ -99‬محمد العمراني بوخبزة‪ :‬محاضرات في مادة الحكامة المحمية‪ ،‬السنة االولى ‪ ،‬ماستر عموم االدارية لتنمية ‪ ،‬كمية الحقوق طنجة ‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪.2012 – 2011‬‬

‫‪- AL BAYANE , du 10 /11/1995 , p 3 .‬‬


‫‪100‬‬

‫‪85‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫انفكت كثافتو الديمغرافية تزداد مع مرور األياـ‪ ،‬ومعيا تتعدد متطمباتو المعيشية‪ .‬واذا كانت بعض‬
‫المناطؽ ال زالت تشكو حاليا مف نقص كبير مف حيث التغطية في المرافؽ العمومية )خاصة في‬
‫الوسط القروي( ‪ ،‬فألف تحقيؽ ذلؾ كاف يصطدـ دائما بعراقيؿ متعددة منيا ما ىو تاريخي‪ ،‬ومنيا ما‬
‫‪101‬‬
‫‪.‬‬ ‫ىو مرتبط بالتحوالت المستمرة التي عرفيا المجتمع المغربي‬

‫إضافة إلى ذلؾ‪ ،‬يجد مبدأ اإلنصاؼ تبري ار آخر يتمثؿ في التزايد السكاني‪ ،‬الذي يجب أف‬
‫يصطحب بتزايد في اإلدارات المقربة إلى الجميور إذ أف تطوير اإلدارة المقربة يفيد شتى الشرائح‬
‫االجتماعية التي تبقى في حاجة ماسة إلى أبسط الخدمات االجتماعية الضرورية كالتعميـ والصحة‬
‫والطرؽ والقضاء واألمف إلى غير ذلؾ مف الخدمات األساسية والحيوية لكؿ تجمع بشري منظـ ‪.‬‬

‫إذا ما الحظنا افتقار جؿ البوادي والجباؿ والمراكز البعيدة عف الحواضر إلى تمؾ الخدمات‬
‫األساسية‪ ،‬مع أنيا تشيد قفزات ديمغرافية ميولة‪ ،‬يتضح لنا كـ ىو ضروري وعاجؿ إقامة سياسية‬
‫‪102‬‬
‫‪.‬‬ ‫منصفة محكمة تقوـ عمى التقريب المادي والبشري لميياكؿ واألطر اإلدارية‬

‫في ىذا اإلطار نعتقد أف انتشار مفوضيات األمر والمحاكـ مف شأنو الحفاظ عمى أمف‬
‫واس تقرار المواطنيف أينما كانوا‪ ،‬وبالتالي دفعيـ إلى المشاركة اإليجابية في مجيودات التنمية‬
‫االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬كما أف المواطف لو الحؽ في المطالبة بالتأطير الالئؽ في مجاؿ التربية‬
‫والثقافة والرياضة إلى غير ذلؾ مف مجاالت التكويف والترفيو‪ .‬إف ذلؾ يتطمب إقامة بنيات تحتية‬
‫متنوعة ومتعددة‪ ،‬وعدـ تركيزىا أساسا في الحواضر والمدف الكبيرة‪ ،‬بؿ يجب أف يستفيد منيا كؿ‬
‫المواطنيف أينما كانت محالت إقامتيـ‪ ،‬كيفما كاف مستواىـ االقتصادي واالجتماعي ‪.‬‬

‫‪ -‬وىو ما يميز عادة الدول النامية التي خضعت لالستعمار الفرنسي ‪ ،‬والنتيجة المنطقية لذلك ىي تركيز لمسمطات اكثر مما قد يكون‬
‫‪101‬‬

‫عميو الوضع في النموذج االصمي ‪.‬‬

‫‪ -‬راجع في ىذا الموضوع الدارسة الميمة التي نشرت في مجمة ال ألف عدد ‪.1982-133‬‬
‫‪102‬‬

‫‪86‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫في نفس السياؽ‪ ،‬مف المؤكد أف اإلنصاؼ في تغطية التراب الوطني يساىـ في مجيودات‬
‫التنمي ة االقتصادية حيث أف الدولة عف طريؽ المرافؽ العامة الوطنية او الجماعية ػ تشارؾ بؿ تدفع‬
‫بالتنمية االجتماعية واالقتصادية إلى األماـ‪ ،‬سيما في المناطؽ التي الزالت تفتقر إلى المؤىالت‬
‫البشرية والتقنية والمالية الضرورية‪ ،103‬ألجؿ ذلؾ يكوف حضور الدولة عف طريؽ المرافؽ العامة‬
‫ضروريا والزما‪ ،‬كمحرؾ وقاطرة تدفع المرتفقيف نحو االنصيار في مجيودات التنمية المحمية وذلؾ عف‬
‫طريؽ ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬تكثيف مجاالت اإلنصاف‬

‫إف التكثيؼ مف مجاالت اإلنصاؼ يدعـ االنتشار الجغرافي لممرافؽ العمومية‪ ،‬وذلؾ قصد‬
‫التوزيع المنصؼ لمبنيات التحتية اإلدارية عبر كؿ مناطؽ التراب الوطني‪ ،‬الشيء الذي يجب تحقيقو‬
‫عف طريؽ االمتداد األفقي والعمودي والتوزيع المنصؼ لممرافؽ العمومية ‪.‬‬

‫ىذا االمتداد يجب أف يميد لسياسة ال مركزية أكثر جرأة وأكثر تعميقا‪ ،‬وأكثر انتشا ار أو أكثر‬
‫‪104‬‬
‫‪.‬‬ ‫تنوعا في المجاالت االقتصادية واالجتماعية‬

‫في المرحم ة الراىنة‪ ،‬قد يكوف مف األليؽ تعميؽ وتطوير مبدأ االنصاؼ في المجاالت الحيوية‬
‫‪105‬‬
‫والشباب والرياضة والسكف والفالحة‪ ،‬وذلؾ أف االستثبات الممنيج والمبرمج‬ ‫كالتعميـ والصحة‬
‫لممصالح اإلدارية‪ ،‬يعتبر وسيمة ضرورية لإلقالع االقتصادي واالجتماعي المحمي‪.‬فالحالة الراىنة لكثير‬
‫مف الوحدات الترابية الثابتة‪ ،‬تفيد أف ىناؾ نقص في التأطير اإلداري الكمي والكيفي ‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫‪ -‬عبد الجلٌل عمرانة " رسالة لنٌل دبلوم الدراسات العلٌا المعمقة " وحد القانون اإلداري وعلم اإلدارة ‪ -‬جامعة محمد الخامس كلٌة‬
‫العلوم القانونٌة واالقتصادٌو واالجتماعٌة – أكدال‪ -‬الرباط ‪،1005 _1001‬ص ‪.98‬‬

‫‪104‬‬
‫‪ -‬تطرق المجلس األعلى للوظٌفة العمومٌة إلى هذا الموضوع فً التقرٌر الذي تبناه المجلس فً ‪ٌ 10‬ولٌوز ‪.8979‬‬

‫‪105‬‬
‫‪ -‬عبد السالم أبو درار‪ ،‬محاضرة حول الهٌئة المركزٌة للوقاٌة من الفساد ورهان مكافحة الفساد نظمتها جمعٌة سال المستقبل بالخزانة‬
‫العلمٌة الصبٌحٌة‪ ،‬األربعاء ‪ 11‬دجنبر ‪.1080‬‬

‫‪87‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫إف تكثيؼ البنيات التحتية اإلدارية واالقتصادية واالجتماعية يعد مف األولويات الممحة‪ .‬وكما‬
‫أكد عمى ذلؾ تقرير المجمس األعمى لموظيفة العمومية يجب خمؽ مصالح خارجية لتمديد خدمات‬
‫‪106‬‬
‫‪.‬‬ ‫األجيزة المركزية ووصوليا إلى أبعد نقطة في القرى والمداشر والجباؿ‬

‫فإذا أخذنا عمى سبيؿ المثاؿ و ازرة الفالحة نجد أف الفصؿ ‪ 31‬مف المرسوـ المنظـ ليا يتحدث‬
‫عف كوف المصالح الخارجية ليذه الو ازرة تتجمع في مندوبيات إقميمية مكمفة بتطبيؽ السياسة الفالحية‬
‫"المدراء اإلقميمييف يتكمفوف بتنشيط‬ ‫الوطنية عمى صعيد األقاليـ والعماالت‪ .‬يضيؼ الفصؿ ‪39‬‬
‫‪107‬‬
‫‪.‬‬ ‫ومراقبة وتنسيؽ أنشطة كؿ المرافؽ الخارجية المتواجدة تحت سمطتيا "‬

‫إف مندوبيات و ازرة الفالحة تعد طريقة جيدة تمكف مف تطبيؽ سياسة منصفة مف حيت‬
‫االختصاصات‪ ،‬منظمة اليياكؿ‪ ،‬سيمة المراقبة والتنسيؽ‪ ،‬إذف وجب تعميميا عمى الو ازرات األخرى‬
‫‪108‬‬
‫‪.‬‬ ‫التي ليا امتدادات متعددة ومتنوعة في العماالت واألقاليـ‬

‫مثال إذا أخذنا و ازرة المالية والتي ليا ارتباط يومي وائـ مع المرتفقيف والممزميف فإنيا ال تتوفر‬
‫حسب النصوص المنظمة ليا عمى بنيات إقميمية جامعة ومنسقة ومراقبة لنشاطاتيما‪.109‬‬

‫وأخي ار نشير إلى و ازرة تحديث القطاع العمومي‪ ،‬التي كانت إلى زمف قريب و ازرة الوظيفة‬
‫‪110‬‬
‫أو و ازرة الشؤوف اإلدارية واإلصالح اإلداري‪ ،‬بؿ أحيانا كانت و ازرة‬ ‫العمومية واإلصالح اإلداري‬

‫‪106‬‬
‫‪ -‬تقرٌر المجلس األعلى للوظٌفة العمومٌة‪ ،‬لجنة اإلصالح اإلداري ‪ٌ 10‬ولٌوز ‪.8979‬‬

‫‪107‬‬
‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ (19/9/8977 ) -637-77-1‬المتعلق بتنظٌم وتحدٌد اختصاصات وزارة الفالحة والجرٌدة الرسمٌة عدد ‪ 5155‬فً‬
‫‪ 86/8/8978‬ص‪.878 :‬‬

‫‪108‬‬
‫‪ -‬مثال ٌمكن اإلشارة إلى المندوبٌات اإلقلٌمٌة لوزارة التربٌة الوطنٌة وإلى المندربٌات اإلقلٌمٌة لوزارة الصحة العمومٌة‪.‬‬

‫‪ - 109‬مرسوم رقم ‪ 539/78/2‬بتاريخ ‪ 22‬نونبر ‪ 1978‬المتعمق باختصاصات وتنظيم وزارة المالية الجريدة الرسمية رقم ‪ 3450‬بتاريخ‬
‫‪ 13‬دجمبر ‪ 1978‬ص‪.1306 :‬‬

‫‪ -110‬في تقرير لجنة االصالح اإلداري بتاريخ ‪ 1979/07/20‬نجد التركيز عمى االنتشار المعقمن والمنصف لمموارد البشرية التقنية‬
‫واإلدارية‪ ،‬وذلك لمتغطية الشاممة لكل القميم المغربية‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫مستقمة بذاتيا‪ ،‬وأحينا و ازرة منتدبة تابعة لمو ازرة األولى‪ ،‬وتارة أخرى مجرد كتابة الدولة‪ .‬فيذه الو ازرة‬
‫كيفما كانت تسميتيا وكيفما كاف ارتباطيا بو ازرات أخرى عمييا أف تسعى إلى تمديد صالحياتيا إلى‬
‫األقاليـ والعماالت‪ ،‬كي تخفؼ مف أعباء المصالح المركزية‪ ،‬وتقرب خدماتيا إلى كافة الشرائح‬
‫المستيدفة في أعباء المصالح المركزية‪ ،‬وتقرب خدماتيا إلى كافة الشرائح المستيدفة في الجماعات‬
‫الترابية ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬مبدأ االستمرارية‬

‫يعد مبدأ استم اررية المرافؽ العمومية في أدائيا لنشاطيا بانتظاـ واضطراد‪ ،111‬مف أوؿ المبادئ‬
‫التي تحكـ سيرىا بمختمؼ أنواعيا‪ ،‬يقتضي أف يقوـ المرفؽ العمومي بميامو ونشاطو وتقديـ خدماتو‬
‫عمى سبيؿ الدواـ واالستمرار دوف انقطاع‪ ،‬أيا كانت الظروؼ التي يواجييا في مشواره‪ ،‬وتـ تتويجو اذ‬
‫تمت دسترتو في الفصؿ ‪ 951‬مف الدستور الجديد مما يعرفو ىذا المبدأ مف اىمية ‪،‬ال سيما وأف تحقيؽ‬
‫المصمحة العامة تقترف باالستم اررية وبالدواـ ألف توقؼ سير المرافؽ العمومية أو تعطميا عف العمؿ‬
‫ولو كاف عرضيا يكوف لو نتائج سيئة عمى المرتفقيف الرتباط تمؾ المرافؽ بمصالحيـ اليومية‪ .‬ويترتب‬
‫عمى تطبيؽ ىذا المبدأ عدة نتائج‪ ،‬يمكف تحميميا في النقاط نظرية الظروؼ الطارئة و نظرية الموظؼ‬
‫الفعمي (الفقرة األولى) وتنظيـ االستقالة و تحريـ الحجز عمى أمواؿ المرافؽ العمومية (الفقرة الثانية)‪،‬‬
‫وتحريـ االضراب ىذه النقطة عرفت جداؿ مؤخ ار ‪ ،‬لما نص عميو الفصؿ ‪ 31‬بأف حؽ االضراب‬
‫مضموف ‪.‬‬

‫الفقرة ال ولى ‪ :‬نظرية الظروف الطارئة و نظرية الموظف الفعمي‬

‫أوال ‪ :‬نظرية الظروف الطارئة‬

‫ظيرت نظرية الظروؼ الطارئة في أحكاـ مجمس الدولة الفرنسي‪ ،112‬الذي أقرىا خروجا عف‬
‫المبدأ في عقود القانوف الخاص التي تقوـ عمى قاعدة شريعة المتعاقديف ضمانا الستمرار سير المرافؽ‬

‫‪111‬‬
‫‪- Jean de Soto : Grands Services Publics et Entreprises Nationales, Editions Montchrestien , Paris, P 34.‬‬

‫‪112‬‬
‫‪ -‬قرار مجلس الدولة الفرنسً فً قضٌة ‪ Winkell‬الصادر بتارٌخ ‪.8909/09/07‬‬

‫‪89‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫العمومية ولمحيمولة دوف توقؼ المتعاقد‪ ،‬مع اإلدارة عف تنفيذ التزاماتو وتعطيؿ المرافؽ العمومية‪.‬‬
‫وتحيؿ ىذه النظرية في معناىا العاـ عمى حوادث أو ظروؼ استثنائية لـ تكف في الحسباف أو غير‬
‫متوقعة حيف إبراميف وخارجة عف إرادة طرفي العقد‪ ،‬مما يخؿ بالتوازف المالي لمعقد اإلداري نتيجة‬
‫األعباء المالية غير المتوقعة التي بات يتحمميا المتعاقد مع اإلدارة‪ ،‬األمر الذي جعؿ تنفيذه اللتزاماتو‬
‫التعاقدية أم ار مرىقا ومتعذرا‪ ،‬فإنو مف حؽ المتعاقد المتضرر أف يطالب مف اإلدارة المشاركة معو في‬
‫تحمؿ تمؾ األعباء الجديدة الطارئة إما مف خالؿ تعويضو جزئيا عف الخسائر التي لحقتو مف جراء‬
‫الظروؼ الطارئة‪ ،‬واما عف طريؽ تعديؿ شروط العقد ليتمكف المتعاقد مف االستمرار في تنفيذ التزاماتيا‬
‫ضمانا لدواـ سير المرفؽ العاـ الذي يرتبط بو العقد بانتظاـ واضطراد ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬نظرية الموظف الفعمي أو الواقعي‬

‫تعد نظرية الموظؼ الفعمي أو الواقعي مف النظريات التي تنبثؽ عف مبدأ دواـ سير المرافؽ‬
‫العمومية بانتظاـ واضطراد‪ ،‬فإذا كاف الموظؼ الرسمي ىو الشخص الذي عيف تعيينا صحيحا وفقا‬
‫لألصوؿ القانونية‪ ،‬فإف الموظؼ الفعمي أو الواقعي ىو ذلؾ الشخص الذي يقر القضاء بصحة‬
‫ومشروعية بعض األعماؿ والتصرفات التي قد يأتييا وىو مزاوؿ لموظيفة المرتبطة بسير المرفؽ‬
‫العمومي‪ ،‬دوف أف يكوف معينا وفقا لألصوؿ القانونية بأف عيف تعيينا معيبا أو لـ يصدر قرار بتعينو‬
‫أصال‪ .‬وبالرغـ مف أف األصؿ العاـ يفرض بطالف األعماؿ الصادرة عف الموظؼ الفعمي أو‬
‫الواقعي‪ ،113‬باعتبارىا أعماؿ صادرة مف غير مختص أو مغتصب أو منتحؿ لموظيفة‪ ،‬فإف القضاء أكد‬
‫سالمة وصحة تمؾ األعماؿ ضمانا الستقرار سير المرافؽ العامة‪ ،‬ويرتبط تطبيؽ نظرية الموظؼ‬
‫الفعمي أو الواقعي باعتبارات مختمؼ حسب الظروؼ التي قد تكوف ظروفا استثنائية كما ىو الحاؿ‬
‫بالنسبة لحاالت الحرب‪ ،‬الثورة والكوارث الطبيعية أو ظروفا عادية ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تنظيم االستقالة و تحريم الحجز عمى أموال المرافق العمومية‬

‫‪113‬‬
‫‪ -‬طبق مجلس الدولة الفرنس ً هذه النظرٌة ألول مرة فً قراره المتعلق فً قضٌة غاز بوردو بتارٌخ ‪ 50‬مار ‪ ،8986‬قبل أن ٌتوسع‬
‫فً تطبٌقها على قضاٌا أخرى مماثلة‪ ،‬للمزٌد من التفاصٌل أنظر كتاب األستاذ أحمد سنٌهجً‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫أوال ‪ - :‬تنظيم االستقالة‬

‫يقصد باالستقالة ترؾ الموظؼ لوظيفتو بحريتو بصفة نيائية‪ ،114‬فيي عبارة عف عمؿ إرادي‬
‫مف جانب الموظؼ‪ ،‬يفصح فيو عف رغبتو في ترؾ الخدمة نيائيا قبؿ بموغ السف القانونية المقررة‬
‫لتركيا‪ .‬فيكذا فاالستقالة ىي رغبة اختيارية لمموظؼ في إنياء عالقتو مع الوظيفة التي يشغميا‪ ،‬واذا‬
‫كاف مف البدييي أنو ال يمكف إجبار الموظؼ عمى البقاء فييا رغما عف إرادتو‪ ،‬إذ أف االعتبارات‬
‫اإلنسانية والمفاىيـ الحضارية تقتضي احتراـ رغبة الموظؼ في ترؾ وظيفتو‪ ،‬فإف اعتبارات المصمحة‬
‫العامة وضرورة سير المرافؽ العامة بانتظاـ واضطراد‪ ،‬تجعؿ المشرع يحرص عند تنظيـ االستقالة‪،‬‬
‫عمى التوفيؽ بيـ حؽ الموظؼ في التمتع بيذا الحؽ‪ ،‬وحؽ المجتمع في الحصوؿ عمى الخدمات‬
‫العامة التي يتـ تمبيتيا بواسطة المرافؽ العامة‪ ،‬بحيث ال تنقطع عالقة الموظؼ بالوظيفة التي يشغميا‪،‬‬
‫حتى يتـ قبوؿ استقالتو قبوال تاما مف الناحية القانونية‪ ،‬كمبدأ عاـ يسري عمى جميع موظفي الدولة ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تحريم الحجز عمى أموال المرافق العمومية‬

‫إف تطبيؽ مبدأ دواـ استم اررية المرفؽ العمومي بانتظاـ واضطراد يقتضي عدـ الحجز عمى‬
‫أموالو‪ -‬إذ خالفا لمقاعدة العامة التي تبيح الحجز عمى ممتمكات المديف الذي يمتنع عف الوفاء بديونو‪-‬‬
‫‪ ،‬ال يمكف الحجز عمى أمواؿ المرافؽ العمومية التي تعتمد عمييا في تمبية الحاجيات العامة ذات‬
‫المنفعة العامة‪ ،‬ألنيا تخضع لنظاـ قانوني يحمييا‪ ،‬يجعميا غير قابمة لمتفويت والتممؾ بالتقادـ وغر‬
‫قابمة لفرض تأميف عيني عمييا كالرىف مثال‪ ،‬كما يمنع الحجز عمييا‪ ،‬ألف في الحجز عمى أمواؿ‬
‫أشخاص القانوف العاـ تعطيؿ لخدمات المرافؽ العمومية وتيديد ليا بالتوقؼ واالنقطاع وىذا ما يناقض‬
‫مبدأ استم اررية المرافؽ العمومية ‪.‬‬

‫والواقع أف تحريـ الحجز عمى أمواؿ المرافؽ العمومية‪ ،‬تيـ مف حيث المبدأ المرافؽ التي تدار‬
‫بأسموب االستغالؿ المباشر أو أسموب المؤسسة العمومية التي تكتسي أمواليا صفة األمواؿ العامة أو‬
‫أمواؿ الدوميف العاـ التي ال يجوز الحجز عمييا‪ ،‬أما أمواؿ التي تدار بأسموب االمتياز‪ ،‬فيي واف كانت‬
‫ستؤوؿ في نياية األمر إلى اإلدارة مانحة االمتياز‪ ،‬إال أف حؽ الممتزـ عمييا ظاىر خالؿ مدة‬

‫‪114‬‬
‫‪ -‬ملٌكة الصروخ ‪ :‬القانون االداري‪ ،‬دراسة مقارنة ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.531‬‬

‫‪91‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫االمتياز‪ ،‬فيي واف كانت ستؤوؿ في نياية األمر إلى اإلدارة مانحة االمتياز‪ ،‬إال أف حؽ الممتزـ عمييا‬
‫ظاىر خالؿ مدى االمتياز‪ ،‬بميؿ أنو يستطيع أف يتصرؼ فييا بالبيع‪ ،‬باعتبارىا أمواؿ ممموكة لو‪ ،‬وما‬
‫داـ أنيا أمواؿ ممموكة ألحد األشخاص الخواص فيؿ يجوز الحجز عمييا لتسديد ما بذمة الممتزـ مف‬
‫ديوف ؟‪ ،‬ىذا ما طالب بو األفراد‪ ،‬بيد أف القضاء والتشريع رفضا تطبيؽ الحجز عمى أمواؿ المرافؽ‬
‫العامة التي تدار بأسموب االمتياز‪ ،‬استنادا لمبدأ دواـ سير المرافؽ العمومية بانتظاـ واضطراد ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬تعارض االضراب واستمرارية المرفق العام ‪:‬‬

‫يحيؿ مصطمح اإلضراب عمى امتناع الموظفيف في المرافؽ عف تأدية أعماليـ لفترة معينة‬
‫وبصفة مؤقتة‪ ،‬دوف أف تتجو نيتيـ إلى التخمي عف وظائفيـ بشكؿ نيائي‪ ،115‬لذلؾ اعتبر مف أخطر‬
‫اإلجراءات التي تتعارض مع مبدأ دواـ سير المرفؽ العمومية بانتظاـ واضطراد‪ ،‬إذ قد يشؿ حركتيا‬
‫ويعرقؿ سيرىا‪ ،‬كما أف اإلضراب قد يحرـ المرتفقيف مف االستفادة مف الخدمات المرفقية الضرورية‬
‫طيمة القياـ باإلضراب كمرافؽ النقؿ والتعميـ وتوزيع الماء والكيرباء تدبير النفايات المنزلية‬
‫والصحية‪ ،...‬وىي خدمات ال يمكف االستغناء عنيا ولو لفترة قصيرة جدا‪ ،‬ال سيما وأف الكثير مف تمؾ‬
‫الخدمات المرفقية تؤدي بشكؿ احتكاري أو شبو احتكاري بخالؼ القطاع الخاص الذي يعمؿ في ظؿ‬
‫المنافسة‪ ،‬لذلؾ لإلضراب أثر خطير عمى مبدأ استم اررية المرافؽ العمومية في أدائيا لخدماتيا بانتظاـ‬
‫واضطراد‪ ،‬ال سيما وأف اإلضراب يكوف مبعثو أحينا اعتبارات سياسية‪ ،‬وال عالقة ليا بتحقيؽ مطالب‬
‫مينية ‪.‬‬

‫ىكذا وتبعا ليذه االعتبارات‪ ،‬أجمع الفقو والقضاء عمى تحريـ اإلضراب في المرافؽ العامة‬
‫ضمانا الستم اررية خدمتيا‪ ،‬وعمدت معظـ الدوؿ عمى التضييؽ مف نطاقو أو تنظيمو بشكؿ يحوؿ دوف‬

‫‪115‬‬
‫‪ -‬قرار الغ رفة اإلدارٌة بالمجلس األعلى‪ ،‬قضٌة محمد الحٌحً ضد وزٌر التربٌة الوطنٌة والشبٌبة والرٌاضة‪ 87 ،‬أبرٌل ‪.8968‬‬

‫‪92‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫تأثيره السيئ عمى الحياة االقتصادية واالجتماعية‪ ،116‬إال اف الفقرة الثانية مف الفصؿ ‪ 31‬مف الدستور‬
‫(حؽ االضراب مضموف‪ ،‬ويحدد قانوف تنظيمي شروط وكيفيات ممارستو)‪ ،‬تستوجب التأمؿ في تحريـ‬
‫االضراب في المرافؽ العامة المغربية ‪.‬‬

‫باإلضافة الى مبادئ المرفؽ العاـ جاء الفصؿ ‪ 951‬في فقرتو الثانية بالمعاير التي تخضع ليا‬
‫المرافؽ العامة ‪.‬‬

‫المطمب الثاني ‪ :‬المعايير التي تخضع ليا المرافق العامة عمى ضوء الدستور الجديد‬

‫لطالما شكؿ ربط المسؤولية بالمحاسبة إحدى المطالب األساسية لمشارع المغربي وكانت‬
‫االستجابة بتخصيص الدستور المغربي الجديد لسنة ‪ 3122‬الفقرة الثانية مف الفصؿ ‪( 265‬إخضاع‬
‫تسيير المرافؽ العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية والمبادئ والقيـ‬
‫والديمقراطية‪ )...‬لتحديد المعايير التي تخصع ليا المرافؽ العامة ‪،‬والتي تعتبر حجر الزاوية في تعزيز‬
‫دعائـ دولة الحؽ والقانوف اف كاف الجودة و الشفافية والمسؤولية وربطيا بالمحاسبة‪ ،‬كمفيوـ جديد‬
‫يصؿ إلى الدستور المغربي‪ ،‬ليفتح أبوابا عديدة مف أجؿ تحريؾ المتابعات في حؽ المفسديف‪.‬‬

‫اليوـ يمكف القوؿ بأف مفيوـ المحاسبة تقوى مف خالؿ الدستور الجديد‪ ،117‬كما أف عددا مف‬
‫البنود تحرص عمى المحاسبة‪ ،‬وحتى المؤسسات التي ستحاسب ىي موجودة أساسا ‪ ،‬ويعتبر ىذا‬
‫تكريسا لدولة القانوف المرتكزة عمى المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة والتضامف ‪.‬‬

‫مما سبؽ‪ ،‬فقد تقرر تناوؿ المعايير التي تحضع ليا المرافؽ العامة عمى ضوء الدستور عبر‬
‫مبدئي الجودة والشفافية (الفرع االوؿ)‪ ،‬ومبدئي المحاسبة والمسؤولية (الفرع الثاني) ‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫‪ -‬وفً هذا االتجاه أكده مجلس الدولة الفرنسً تحرٌمه لإلضراب بالنسبة لجمٌع العاملٌن فً المرافق العامة‪ ،‬بغض النظر عن الطرٌقة‬
‫التً تدار بها هذه المرافق‪ ،‬وذلك فً حكمه الصادر بتارٌخ ‪ 7‬غشت ‪ 8909‬فً قضٌة ‪ Winkell‬المشهورة‪ ،‬بصدد إضراب موظفً البرٌد‬
‫حٌث قال‪ " :‬ومن حٌث أن الموظف بقوبله للوظٌفة التً أسندت إلٌه‪ ،‬قد أخضع نفسه االلتزامات المترتبة على ضرورة سٌر المرافق العامة‬
‫وتنازله عن كل ما من شؤنه أن ٌتعارض مع االستمرار األساسً للحٌاة الوطنٌة "‪.‬‬
‫‪117‬‬
‫‪ -‬النواف بٌالل ‪ :‬اإلصالحات الدستورٌة ورهان االنتقال الدٌمقراطً بالمغرب دستور ‪ 1088‬نموذج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪70‬‬

‫‪93‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫الفرع االول ‪ :‬معياري الجودة والشفافية‬

‫األكيد أف الدور الحيوي لممرافؽ العمومية داخؿ المجتمع جعميا تخضع في تدبيرىا لمجموعة‬
‫مف المعايير األساسية والضابطة عند أدائيا لممياـ المرتبطة بإشباع الحاجات العامة‪ .‬ومف بيف‬
‫المعايير الجودة (الفقرة االولى) ‪،‬كقدرة عمى إشباع متطمبات الزبوف التي تعرؼ التطور باستمرار‪ ،‬وىي‬
‫ال تعتبر كظاىرة لموضى سريعة الزواؿ ولكف كضرورة دائمة‪ ،‬كجزء ال يتج أر مف مظاىر الحكامة‬
‫الجيدة ‪ ،‬والشفافية (الفقرة الثانية)‪ ،‬كوف ىذه األخيرة تعمؿ باإلضافة إلى تحقيؽ ىوية المرافؽ العمومية‬
‫عبر جعميا منفتحة عمى المرتفقيف ‪.‬‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬معيار الجودة‬

‫دخؿ المغرب في برنامج واسع مف اإلصالحات‪ ،‬السياسية‪ ،‬الدستورية‪ ،‬االقتصادية‬


‫واالجتماعية‪ .‬ىذه اإلصالحات ترمي إلى اعتماد مقاربة جديدة لمتدبير والتنمية عف طريؽ مرفؽ‬
‫عمومي نشيط‪ ،‬يخضع لمعايير الحكامة الجيدة‪ ،‬ومف ضمف العناصر األساسية لتمؾ اإلصالحات‪:‬‬
‫إعطاء قيمة لمموارد البشرية التنمية االجتماعية‪ ،‬العقمنة‪ ،‬الترشيد‪ ،‬ربط المسؤولية بالمحاسبة ‪،‬الشفافية‪،‬‬
‫والتخطيط عمى أساس جودة الخدمات ‪.‬‬

‫ويشكؿ العنصر األخير محو ار أساسيا لإلصالح والتغيير في سبيؿ رفع مستوى أداء أجيزة‬
‫القطاع العاـ بالمغرب ‪ .118‬لكف في الواقع‪ ،‬فإلى حد اآلف‪ ،‬ال نجد برنامج ومخططات شاممة لتبني‬
‫تدبير الجودة كأسموب إداري داخؿ المنظمات العمومية عمى اختالفيا‪ .‬ومع ذلؾ‪ ،‬فيناؾ بعض‬
‫المحاوالت‪ ،‬واف كانت عمى مستوى قطاعي‪ ،‬إال أنيا تعكس الرغبة في التغيير‪ ،‬تغيير شكؿ وأنماط‬

‫‪- 118‬‬
‫نوال الهناوي " تدبٌر الجودة الكلٌة بالقطاع العام " رسالة دبلوم الدراسات العلٌا المعقمة " وحدة القانون اإلداري وعلم اإلدارة ‪:‬‬
‫جامعة محمد الخامس كلٌة العلوم القانونٌة واالقتصادٌة واالجتماعٌة أكدال الرباط‪ .‬السنة الجامعٌة ‪.1008-1000‬ص ‪. 98‬‬

‫‪94‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫عمؿ بعض المرافؽ األساسية بالنسبة لمجميور عمى المستوى االجتماعية واالقتصادي‪ .‬وفي ىذا‬
‫اإلطار فقد تـ مف قبؿ احداث مديرية متخصصة في مجاؿ الجودة‪ ،‬تابعة لو ازرة التجارة والصناعة‪،‬‬
‫وىي مديرية المواصفات وانعاش‪ 119‬الجودة ‪.‬‬

‫وتعد الجودة أحد المفاىيـ المتطورة باستمرار في مجاؿ تدبير المرافؽ العامة‪ ،‬تتغير حسب‬
‫طبيعة ىذه األخيرة وحسب تطور نشاطاتيا والظروؼ البيئية المحيطة بيا‪ ،‬وىو ما جعؿ مف الصعب‬
‫حصر تعريؼ واحد ليا ‪ ،‬وسنحاوؿ تسميط الضوء عمى بعض التعاريؼ ليا ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مفيوم الجودة‬

‫لقد تعددت وتباينت التعريفات التي أوردىا الكتاب الميتموف بموضوع الجودة‪ ،‬لوضع تعريؼ‬
‫محدد لمعناىا ومضمونيا‪ ،‬وكذا أبعادىا المختمفة‪ .‬ومف الصعب أف نجد تعريفا بسيطا يصفيا ويعرفيا‬
‫‪120‬‬
‫‪.‬‬ ‫تعريفا شامال قاطعا‪ ،‬بسبب تعدد جوانبيا‬

‫وتبعا لذلؾ‪ ،‬فمف المستحسف البدء بعرض مختمؼ التعريفات التي أعطاىا رواد الجودة‪ ،‬حتى‬
‫تمـ أكثر بيذا المفيوـ‪. 121‬‬

‫» ‪ « P.Crospy‬بأنيا " التوافؽ مع المتطمبات " أما " » ‪ « E.Deming‬فيي "‬ ‫يعرفيا‬
‫المك ونات الكمية لممنتوج أو الخدمة التي تشبع متطمبات الزبوف‪ ،‬وساء كانت تمؾ المتطمبات ظاىرة أو‬
‫‪ K.Ishikawa‬بأنيا " ضماف قدرة‬ ‫ضمنية مجردة أو غير مجردة "‪ .‬ومف وجية نظر يابانية‪ ،‬عرفيا‬
‫منتوج عمى إرضاء متطمبات الزبوف " ‪ .‬وبإيجاز عرفيا ‪ JURAN‬بأنيا " المالئمة لمغرض واالستخداـ‬
‫‪122‬‬
‫‪.‬‬ ‫"‬

‫وحسب المواصفة القياسية ‪ ISO 9513‬تعرؼ الجودة كالتالي ‪:‬‬

‫‪119 -‬‬
‫‪Fatima Zohra Rajah : la démarche qualité dans l’entreprise : cas du central laitiére DESA 2000-Rabat‬‬
‫‪Agdal p 17‬‬
‫‪120‬‬
‫‪ -‬فرٌد عبد الفتاح زٌ ن الدٌن‪ " :‬إدارة الجودة الشاملة فً المإسسات العربٌة‪ ،‬المنهج العامً للتطبٌق " ‪ 8966‬ص ‪.9‬‬
‫‪121‬‬
‫‪- Fatima Zohra Rajah : la démarche qualité dans l’entreprise : cas du central laitiére DESA 2000-Rabat‬‬
‫‪Agdal p ,86.‬‬
‫‪122‬‬
‫‪ -‬مجلة البحوث اإلدارٌة – العدد الرابع شتنبر ‪ 8998‬ص ‪.88‬‬

‫‪95‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫مجموع خصائص أو مميزات كياف ما‪ ،‬بصورة تكنو مف تمبية احتياجات ومتطمبات معبر أو‬
‫‪123‬‬
‫‪.‬‬ ‫ضمنية "‬

‫فالكياف يمكف أف يكوف نشاطا منتوجا‪ ،‬خدمة مؤسسة‪ ،‬نظاما‪ ،‬شخصيا ذاتيا أو تركيبة مما‬
‫‪124‬‬
‫‪.‬‬ ‫سبؽ‬

‫االحتياجات ‪ :‬ضرورات أو رغبات معبر عنيا مف طرؼ مستعمؿ ما وتترجـ عادة إلى مميزات‬
‫مع مقياس محددة‪ .‬ويمكف االحتياجات أف تضـ‪ ،‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬جوانب متعمقة بالمؤىالت‪ ،‬بسيولة‬
‫االستعماؿ‪ ،‬بالسالمة إلخ‪..‬‬

‫يظير مف خالؿ كؿ التعريفات السابقة‪ ،‬أف مفيوـ الجودة يتغير حسب المعنييف بيا‪ ،125‬بالنسبة لمزبوف‬
‫أو المستفيد‪ ،‬فجودة منتوج أو خدمة ىي قدرتو عمى تمبية حاجياتو ‪ .‬بالنسبة لممنتجيف‪ :‬فجودة اإلنتاج‬
‫ىي قدرة ىذا األخير عمى التحقؽ بأقؿ تكمفة مع تمبية احتياجات المستفيديف منو ‪ .‬بالنسبة لممنظمة‪،‬‬
‫فإف الجودة كمية‪ ،‬إذا كانت تيدؼ إلى وضع سياسة تعسى لمتعبئة المتواصمة لكؿ العامميف‪ ،‬مف أجؿ‬
‫تحسيف جودة المنتوج أو الخدمة‪ ،‬ومف أجؿ فعالية نمط العمؿ ‪ .‬بالنسبة لممجتمع ‪ :‬فيي تتصؿ‬
‫باألخالقيات واآلداب‪ ،‬فجودة منظمة ما‪ ،‬تقوـ أساسا عمى قدرتيا عمى التجديد وخمؽ قيـ مضافة‪ ،‬وعمى‬
‫التشارؾ مع مختمؼ الجيات المعنية مع احتراـ أو الحفاظ عمى البيئة المادية المحيطة‪.‬‬

‫فالجودة إذف ىي قدرة اإلدارة عمى الوفاء بمطالب كؿ المتعامميف معيا‪ ،‬ىي القدرة عمى تحقيؽ‬
‫تمؾ المتطمبات بالشكؿ الذي يتفؽ مع توقعاتيـ‪ ،‬وتحقؽ رضاىـ التاـ عف الخدمة التي قدمت ليـ‬
‫وبذلؾ فقد عرؼ ‪ parton‬و ‪ Marson‬الجودة بأنيا معرفة ماذا يريد المستفيد‪ ،‬وتحقيؽ تمؾ الرغبة‬
‫بشكؿ صحيح يخمو مف النقائص والعيوب ومف أوؿ وىمة‪ ،‬بحيث ال يضطر المستفيد إلى العودة إلى‬

‫‪123‬‬
‫‪- Yve Lavina- Erick Perruche « Maintenance et assurance de la qualité ( guide pratique ) les ed :‬‬
‫‪d’organisation- 1998 p 17.‬‬
‫‪124‬‬
‫‪ -‬منشورات وزارة التجارة والصناعة ‪.‬‬

‫‪http://www.invest.gov.ma/?Id=23&lang=ar‬‬ ‫تم التصفح بتارٌخ ‪1081-01-89‬‬

‫‪125‬‬
‫‪- YVE Lavina- Erick Perruche : Op cit P : 18.‬‬

‫‪96‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫الموظؼ أو العامؿ لتعديؿ خطأ أو قصور‪ ،‬ىذا باإلضافة إلى تحقيؽ االستم اررية في جودة الخدمة‬
‫‪126‬‬
‫‪.‬‬ ‫وتحسيف األداء‬

‫‪ H.Seriyx‬في أحد مقاالتو‪ ،‬بأنيا " اإلنصات الدائـ لمزبوف‪ ،‬ووضعو في قمب‬ ‫كما يصفيا‬
‫اىتمامات المنظمة كمحور مبادراتيا وتوجياتيا "‪. 127‬‬

‫وفي المغرب‪ ،‬فقد قدمت عدة محاوالت لتعريؼ الجودة‪ ،‬نذكر منيا‪ ،‬تعريؼ " يوسؼ بريكة "‬
‫‪128‬الذي عرؼ الجودة بأنيا " القدرة عمى إشباع متطمبات الزبوف التي تعرؼ التطور باستمرار‪ ،‬وىي ال‬
‫تعتبر كظاىرة لموضى سريعة الزواؿ ولكف كضرورة دائمة‪ ،‬كجزء ال يتج أر مف اإلستراتيجية الشاممة‬
‫لممنظمة " ‪.‬‬

‫أما األستاذ " عبد الحميد سكوري " فالجودة تعني بالنسبة لو‪ ،‬أف تتـ العمميات اإلدارية دوف أي‬
‫خطأ أو عيب أو تقص‪ ،‬ومف أوؿ محاولة‪ ،‬وأف تشبع رضا المستفيديف مف المنتوج أو الخدمة‪ ،‬فيي‬
‫إذف ‪:‬‬

‫‪ -‬فمسفة لمتدبير ‪.‬‬

‫‪ -‬طريقة جديدة لمتفكير ‪.‬‬

‫‪ -‬نظاـ بنيوي يساعد عمى حؿ مشاكؿ الزبوف أو المستفيد ‪.‬‬

‫ونعتقد أف الجودة ىي‪ " :‬أسموب تدبيري‪ ،‬ونمط لمعمؿ‪ ،‬ييـ كؿ أجزاء المنظمة‪ ،‬وييدؼ إلى‬
‫إشراؾ كؿ الفاعميف عمى كافة المستويات‪ ،‬في عمميات التحسيف المستمرة ألدائيا ونشاطيا‪ ،‬حتى‬
‫تتوافؽ وتستجيب لمتطمبات وبنائنا الداخمييف والخارجييف " ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تدبير الجودة الكمية كمدخل لمحكامة الجيدة‬

‫‪126‬‬
‫‪ -‬فرٌد عبد الفتاح زٌن الدٌن‪ " :‬إدارة الجودة الشاملة فً المإسسات العربٌة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.80‬‬

‫‪127‬‬
‫‪ -‬نوال الهناوي " تدبٌر الجودة الكلٌة بالقطاع العام "‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.88‬‬

‫‪128‬‬
‫‪- Youssef Briga : l’audit de la qualité dans le secteur public , pourquoi... comment?RMD : n° 6-7 p :35 .‬‬

‫‪97‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫إف المدخؿ التقميدي لتدبير الجودة بمراحمو المختمفة‪ ،‬أصبح غير قادر‪ ،‬بسماتو وخصائصو‬
‫عمى التصدي لتمؾ التحديات التي تواجو المنظمات ‪.‬‬

‫ومف ىنا ظير فكر فمسفي جديد أطمؽ عميو‪ ،‬تدبير الجودة الكمية‪،qualité management total‬‬
‫يقوـ عمى اإليماف بأف الجودة العالية لممنتوج أو الخدمة وما يرتبط بيا مف إرضاء المستيمؾ‪ ،‬يمثؿ‬
‫مفتاح النجاح ألي منظمة‪ ،‬حيث أف طبيعة المنافسة العالمية والواسعة والشاممة‪ ،‬تتطمب بصفة عامة‬
‫‪129‬‬
‫‪:‬‬ ‫مف أي منظمة بعض الخصائص ىي‬

‫‪ -‬مجاراة في النواحي التكنولوجية والسياسية واالجتماعية ‪.‬‬

‫‪ -‬توقع احتياجات المستيمؾ في الفترات الزمنية المستقبمية ‪.‬‬

‫وعمى الرغـ مف وجود محاوالت عديدة لتعريؼ تدبير الجودة الكمية‪ ،‬ووصؼ أسسيا ومبادئيا‬
‫الرئيسية‪ ،‬مع ذلؾ ال نجد ىناؾ تعريفا موحدا إال أف ىناؾ بعض التعريفات التي فرضت نفسيا في‬
‫الفكر اإلداري‪ ،‬لما تتصؼ بو مف موضوعية‪ ،‬وشموؿ نسبي في تناوليا ‪.‬‬

‫‪ Sechter‬تدبير الجودة الكمية بأنيا " خمؽ ثقافة متميزة في األداء‪ ،‬حيث يعمؿ‬ ‫يعرؼ‬
‫ويكافح المديروف والموظفوف بشكؿ مستمر ودؤوب لتحقيؽ توقعات المستفيد‪ ،‬وأداء العمؿ الصحيح‬
‫‪130‬‬
‫‪.‬‬ ‫بشكؿ صحيح‪ ،‬منذ البداية مع تحقيؽ الجودة بشكؿ أفضؿ وبفاعمية عالية‪ ،‬وفي وقت أقصر"‬

‫فتدبير الجودة الكمية إذف‪ ،‬ىي خمؽ نظاـ مف األداء الممتاز الذي يفي باحتياجات وتوقعات‬
‫المستفيد دائما ويتفوؽ عمييا وقد جاءت صفة الشمولية‪ ،‬لتشمؿ كؿ مف اإلدارة والجودة معا عمى حد‬
‫سواء‪ ،‬أي أنيا تنطوي عمى إدارة شاممة وجودة شاممة ‪.‬‬

‫كما أنيا تحوؿ جذري في الممارسات اإلدارية التقميدية لنختمؼ أوجو المنظمة ؼ ‪ODGERS‬‬
‫يعتبرىا أكثر مف مجرد عمميات لإلدارة‪ ،‬إنيا ثقافة‪ ،‬طريقة حياة‪ ،‬مف خالليا وعف طريقيا تيدؼ‬

‫‪129‬‬
‫‪- YVE Lavina- Erick Perruche : Op cit P : 10.‬‬

‫‪130‬‬
‫‪ -‬فرٌد عبد الفتاح زٌن الدٌن‪ " :‬إدارة الجودة الشاملة فً المإسسات العربٌة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.85‬‬

‫‪98‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫المنظمات إلى إحداث تغيرات أساسية في طريقة كؿ األفراد‪ ،‬كؿ المديريف كؿ الموظفيف‪ ،‬في األداء‬
‫والتصرؼ السميـ في المنظمة ‪.‬‬
‫‪131‬‬
‫شكؿ تعاني لألداء األعماؿ‪ ،‬بتعبئة‬ ‫أما أحد الكتاب الباحثيف في مجاؿ الجودة‪ ،‬فيرى أنيا‬
‫المواىب والقدرات لكؿ مف العامميف واإلدارة‪ ،‬لتحسيف اإلنتاجية والجودة‪ ،‬بشكؿ مستمر‪ ،‬مستخدمة فرؽ‬
‫العمؿ " ‪.‬‬

‫ويرى كذلؾ بأف ىذا التعريؼ الذي أورده‪ ،‬يتضمف المقومات األساسية الثالثة لتدبير الجودة‬
‫الكمية والتي تكفؿ نجاحو في أي منظمة وىي ‪:‬‬

‫‪ -‬التدبير التشاركي‬

‫‪ -‬التحسيف المستمر لمعمميات‬

‫‪ -‬استخداـ فرؽ العمؿ‬

‫ويتضح مف خالؿ كؿ ما سبؽ‪ ،‬أف تدبير الجودة الكمية ‪ TQM‬خطوة متقدمة في طريؽ‬
‫تحسيف الجودة واإلنتاجية‪ ،‬وأف ليا مف الخصائص والمقومات ما يميزىا عف مداخؿ الجودة التقميدية‪،‬‬
‫فمقد اتسع مضمونيا ونطاؽ شموليا والفمسفة التي ترتكز عمييا مما جعميا تنفرد بسمات متميزة عف ما‬
‫سبقيا مف مداخؿ الجودة‪ ،‬وقد امتدت لتغطي كؿ العمميات داخؿ المنظمة‪ ،‬مستيدفة مقابمة احتياجات‬
‫المستيمؾ " المستفيد " في الوقت الحاضر والمستقبؿ‪ ،‬إذ تعمؿ حسب توجيياتو بمرونة واستجابة سريعة‬
‫وتحسف مستقر وثابت لمجودة ‪.132‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬معيار الشفافية‬

‫إذا سممنا بأف سرية المرفؽ العاـ تقود إلى نوع مف االستنكار والرفض لدى المرتفقيف والرأي‬
‫العاـ بكيفية عامة‪ ،‬فإف شفافية ىذا األخير ستؤدي إلى إعادة االعتبار لممرافؽ العمومية عبر انفتاحيا‬

‫‪131‬‬
‫‪ -‬نوال الهناوي " تدبٌر الجودة الكلٌة بالقطاع العام "‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪132‬‬
‫‪ -‬محمد الداودي ‪ :‬مقاربة إلشكالٌة تحدٌث المرفق العمومً الصحً بالمغرب ‪ ،‬اطروحة لنٌل الدكتوراه فً القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس كلٌة العلوم القانونٌة واالقتصادٌة واالجتماعٌة السوٌسً الرباط ‪ ،1008 _1007 ،‬ص ‪. 63‬‬

‫‪99‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫عمى محيطيا مف جية وتوفير مصادر جديدة لممعمومات يمكف أف يستفيد منيا المرتفقيف في حياتيـ‬
‫اليومية ‪.‬‬

‫وتظير بوضوح األىمية التي تكتسييا شفافية المرافؽ العمومية‪ ،‬في كوف ىذه األخيرة تعمؿ‬
‫باإلضافة إلى تحقيؽ ىوية المرافؽ العمومية عبر جعميا منفتحة عمى المرتفقيف‪ ،‬تحقيؽ مشروعية ىذا‬
‫األخير عبر خمؽ التوافؽ حوؿ نشاطاتيا‪.‬‬

‫ولعؿ دسترة ىذا المبدأ دليؿ عمى أىميتو ‪ ،‬حيث يصنؼ ىذا األخير مف بيف المعايير التي‬
‫تخضع ليا المرافؽ العامة ‪ ،‬والتي ينبغي عمى جميع المرافؽ أف تمتزـ بيا في عالقتيا مع المرتفقيف‪.‬‬

‫وبتالزـ مع ذلؾ‪ ،‬فإف مسألة تواجد المعمومات والوثائؽ لدى المرفؽ العمومية‪ ،‬ال تكفي لوصؼ‬
‫ىذا األخير بصفة " الشفافية "‪ ،‬بؿ ينبغي كذلؾ أف يعمؿ ىذه األخيرة ألجؿ توفير الوسائؿ الالزمة‬
‫لحصوؿ المرفؽ عمى الخدمات المرتبطة باإلعالـ‪ ،‬خصوصا وأف الحؽ في اإلعالـ أصبح يمزـ‬
‫باإلضافة إلى مسؤولية المرافؽ العمومية في توفير الوسائؿ الالزمة لتكوف أكثر وضوحا وشفافية‪،‬‬
‫قياميا كذلؾ بتسييؿ عممية الحصوؿ عمييا ‪،‬ولتحقيؽ ىذه الغاية‪ ،‬ينبغي أف تتوفر إرادة حقيقية‬
‫وصارمة‪ ،‬تكوف مبنية عمى أسس تواصمية وضمانات قانونية ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬متطمبات الشفافية‬

‫إذا كاف مف األكيد أف السرية تشكؿ العمود الفقري لكؿ عممية تروـ إلى وضع األقنعة عمى‬
‫األعماؿ التي تقوـ بيا المرافؽ العمومية‪ ،‬فإف شفافية ىذه األخيرة ستشكؿ الضمانة التي بموجبيا ستتبع‬
‫قناعة مفادىا أو السرية تاركة المجاؿ لإلعالـ والشفافية ‪.‬‬

‫وبالتالي‪ ،‬فإف مثؿ ىذا االتجاه‪ ،‬البد أف يمر عبر إقرار الحؽ في اإلعالـ باعتباره ترجمة‬
‫واضحة لمجيؿ الثالث لحقوؽ اإلنساف‪ ،‬وال يمكف تحقيؽ ىذا المبتغى إال بتضافر الجيود عبر‬
‫مستوييف‪ ،‬فإلى جانب ضرورة حدوث تطور نوعي عمى المستوى التواصمي في االتجاه نحو ىذا الحؽ‪،‬‬
‫ينبغي " بكيفية موازية ‪ :‬اتخاذ تدابير تشريعية متواصمة إلى غاية التنصيص عمى الحؽ في اإلعالـ‬
‫كحتمية أصبحت تفرض نفسيا لموصوؿ إلى شفافية حقيقية لممرافؽ العمومية ويتضح ذلؾ في الفصؿ‬
‫‪ 277‬حيث أكد الدستور عمى أف الييئة العميا لالتصاؿ السمعي البصري تتولى السير عمى احتراـ‬

‫‪100‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫التعبير التعددي لتيارات الرأي والفكر‪ ،‬والحؽ في المعمومة في الميداف السمعي البصري‪ ،‬وذلؾ في‬
‫إطار احتراـ القيـ الحضارية األساسية وقوانيف المممكة ‪.‬‬

‫أ ‪ -‬عمى المستوى التواصمي‬

‫يبدو مف الطبيعي أف أي إستراتيجية حقيقية لشفافية المرافؽ العمومية تفترض مقدما نيج‬
‫سياسة متواصمة لإلعالـ واالتصاؿ باعتبارىا عامال إيجابيا لجعؿ أنشطة المرافؽ العمومية تبتعد عف‬
‫كؿ ما ىو معتـ‪ ،‬لذا نجد بعض الدوؿ )بمجيكا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬البرتغاؿ‪ ،‬انجمت ار(‪ ،‬التي اختارت لمرافقيا ميثاؽ‬
‫المواطف‪ ،‬عممت عمى تبني بعض القنوات إلعالـ المرتفؽ ‪.‬‬

‫واذا كاف يمكف تعريؼ االتصاؿ بشكؿ رسمي مثؿ أي عممية يتـ بموجبيا نقؿ المعمومات‬
‫والحيثيات المتعمقة بالق اررات مف المرسؿ إلى المرسؿ إليو بطرؽ االتصاؿ المختمؼ‪ ،‬فإف مقدرة أي‬
‫منظمة عمى المحافظة عمى نمط نشاط معقد‪ ،‬ومعتمد داخميا عمى بعضو البعض بدرجة عالية يحددىا‬
‫جزئيا مقدرتيا عمى معالجة االتصاؿ الالزـ‪ ،‬ذلؾ أنو كمما زادت كفاءة االتصاؿ داخؿ المنظمة‪ ،‬زاد‬
‫‪133‬‬
‫‪.‬‬ ‫تحمؿ اعتماد المتداخؿ والمتبادؿ‬

‫والحالة الوحيدة التي ال يوجد فييا مشكمة اتصاؿ ىي عندما يكوف الشخص الذي يجب أف ينفذ‬
‫القرار ىو أيضا أنسب شخص التخاذ القرار‪ ،‬وليس ىنا بطبيعة الحاؿ داع في ىذه الحالة االستثنائية‬
‫لوجود منظمة التي تتطمب مجموعة مف التدفقات بغرض نقؿ البيانات والمعمومات ‪.‬‬

‫وبعبارة أخرى‪ ،‬إف إمكانية السماح لشخص معيف باتخاذ قرار‪ ،‬سيعتمد دائما عمى ما إذا كاف‬
‫يمكف أف يتـ نقؿ المعمومات التي يحتاج إلييا التخاذ قرار حكيـ‪ ،‬حيث يتمكف مف وضع اليد عمى‬
‫مختمؼ المشاكؿ التي يجب حميا‪ ،134‬وما إذا كاف ىو أيضا بالتالي سيكوف قاد ار عمى نقؿ ق ارره إلى‬
‫أعضاء المنظمة اآلخريف الذيف مف المفروض أف يؤثر عمى سموكيـ مف خالؿ العالنية التي تشفي‬
‫المشروعية عمى أعماؿ المرافؽ العمومية وتؤدي إلى ترسيخ اإلجماع حوؿ نشاطيا‪ ،‬وتقوي االنسجاـ‬

‫‪133‬‬
‫‪ -‬جٌمس جً ‪ ،‬مارش وهٌربرت اي ‪ -‬ساٌمون "المنظمات" (ترجمة عبد الرحمن بن احمد هٌجان)‪،‬االدارة العامة للطباعة والنشر ‪،‬‬
‫معهد االدارة العامة ‪ ، 1008‬ص ‪.177‬‬

‫‪134‬‬
‫‪ -‬جٌمس جً ‪ ،‬مارش وهٌربرت اٌه‪-‬ساٌمون "المنظمات" (ترجمة عبد الرحمن بن احمد هٌجان)‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 178‬‬

‫‪101‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫بيف العامميف في نطاقيا‪ ،‬كما تتيح لممرتفقيف إمكانية اإلطالع عمى األنظمة والتشريعات التي تحدد‬
‫حقوقيـ وواجباتيـ ‪.‬‬

‫وعميو‪ ،‬فإذا كاف التواصؿ داخؿ المرافؽ العمومية يجري بكيفية منسجمة ومتنافسة‪ ،‬فإف ىذا‬
‫األخير ينعكس عمى المرافؽ العمومية بالمرتفقيف‪ ،‬ومف تـ ينبغي أف تكوف االتصاالت داخؿ المرافؽ‬
‫العمومية بنغمات عاطفية مناسبة لكؿ منسوبييا‪ ،‬ويجب كذلؾ أف توفر معمومات دقيقة‪ 135‬سواء كاف‬
‫ىذا االتصاؿ في االتجاه الصاعد ) عممية النقؿ إلى مركز القرار(‪ ،‬أو اليابط ) نقؿ الق اررات التي تـ‬
‫التوصؿ إلييا مف مركز اتخاذ القرار إلى األجزاء األخرى( ‪.‬‬

‫لذلؾ‪ ،‬فقد أصبح مف بيف األولويات إقرار تواصؿ يساعد عمى ترسيخ الشفافية كيفما كاف تدخؿ‬
‫المرافؽ العمومية وغاياتيا وطرؽ تدبيرىا‪ ،‬خصوصا وأف أغمب المرافؽ اإلدارية أصبحت تبدي اىتماما‬
‫قويا لمبحث عف المشروعية ليس فقط لدى المتعامميف معيا‪ ،‬بؿ كذلؾ لدى الرأي العاـ‪.‬‬

‫ومف ىذا المنطمؽ‪ ،‬إذا كاف " برنادر " يرى أنو في أي نظرية كمية لتنظيـ ما‪ ،‬يحتؿ االتصاؿ‬
‫مكانا مركزيا‪ ،‬نظ ار ألف الييكؿ والشمولية والمجاؿ كميا عوامؿ محكومة كميا بآليات االتصاؿ فإف تعدد‬
‫وتنوع المتعامميف مع المرافؽ العمومية يفرض عمييا امتالؾ العدد الكافي مف المعمومات المتعمقة‬
‫بمختمؼ الشرائح المطالبة بتقديـ الخدمات إلييا نظ ار ألف تعدد وتنوع أصنا المتعاليف مع العمومية‬
‫يقابمو وضعيات ومشاكؿ مختمفة ومتنوعة أيضا ‪.‬‬

‫واألكيد أنو حيثما تيتـ المرافؽ العمومية بإعالـ المرتفقيف‪ ،‬فإف جزاءا ىاما مف المعمومات‬
‫اإلدارية الموجية نحو األسفؿ ينبغي أف ينتصب حوؿ المساطر واجراءات تقديـ الخدمات لممترفقيف‪،‬‬
‫وذلؾ لكي يتمكف العامموف بالمرافؽ العمومية إطالع المرتفقيف عمى تمؾ اإلجراءات والوصوؿ إلى‬
‫درجة عالية مف شفافيتيا ‪.‬‬

‫وفي ىذا االتجاه‪ ،‬يبدو أف تدخؿ المرافؽ العمومية إلعالـ المرتفقيف ينبغي أف يتخذ أشكاال‬
‫مختمفة‪ ،‬حيث يمكف مثال نشر معمومات تتعمؽ بإجراءات متخذة مف قبؿ الحكومة‪ ،‬رغـ عدـ ارتباط‬

‫‪135‬‬
‫‪ -‬عبد الفتاح أعبٌس‪" :‬حكامة تدبٌر المرافق العمومٌة من الحدود إلى التحدٌات الوكالة الحضرٌة لسطات نموذجا "‪،‬مرجع سابق ‪،‬‬
‫ص ‪. 76‬‬

‫‪102‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫اإلعالـ الحكومي بأشكاؿ التواصؿ المتعمقة بالمرافؽ العمومية‪ ،‬إضافة إلى ضرورة التدخؿ مف أجؿ‬
‫تحسيس المرتفقيف بأىمية الحؽ في اإلعالـ واإلطالع عمى مجريات حياة المرافؽ العمومية عف طريؽ‬
‫‪136‬‬
‫وتوعيتيـ بأىمية حقيـ في اإلعالـ‪ ،‬وذلؾ‬ ‫إقناعيـ بضرورة العمـ بكؿ ما يتعمؽ بالمرافؽ العمومية‬
‫لدفعيـ وتحفيزىـ لممارسة ىذا الحؽ ضمف الشروط واألنظمة الجاري بيا العمؿ ‪.‬‬

‫ومما يزيد مف قيمة مثؿ ىذه المبادرات قياـ الباحثيف أنفسيـ بالمبادرة والسير نحو استكشاؼ‬
‫خبايا المرافؽ العمومية إلى حيف القياـ بإصالح تشريعي يدفع في اتجاه قمب العالقات الحالية والمبنية‬
‫عمى السرية والالشفافية ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬عمى المستوى التشريعي ‪:‬‬

‫لما كانت الحاجة إلى اإلعالـ والشفافية تكتسي طابعا حيويا وضروريا لدى معظـ الدوؿ‬
‫والمنظمات واالتفاقيات الدولية‪ ،‬فإف تكريس ىذا الحؽ عمى الصعيد الوطني سيكوف لو انعكاسات ميمة‬
‫عمى المرافؽ العمومية‪ ،‬حيث سيساعد ىذا الحؽ بتركيب جديد لمعالقة التي تربط بيف المرافؽ العمومية‬
‫والمواطف في مجاؿ اإلعالـ وفؽ مفيوـ جديد يرتكز عمى اإلنصات وتجاوز االنغالؽ والسرية‪ ،‬كما‬
‫سوؼ يؤدي إلى فتح الممفات والوثائؽ لإلطالع عمييا مف قبؿ المواطنيف‪ ،‬كما سيدفع نحو إرغاـ‬
‫المرافؽ العمومية بإبراز الحيثيات والدوافع التي كانت وراء الق اررات الصادرة عنيا ‪.‬‬

‫ولقد شكمت مثؿ ىذه المزايا حاف از لتدخؿ المشرع في دسترة معيار الشفافية ‪ ،‬ومف المترقب اف‬
‫تصبح الوثائؽ الرسمية في متناوؿ مف يريد اإلطالع عمييا كما ىو الحاؿ في بعض الدوؿ كفنمندا "‬
‫ما عاد في بعض الحاالت االستثنائية التي يحددىا القانوف " بمقتضى قانوف ‪ ،2:62‬وقد تبنت كذلؾ‬
‫مثؿ ىذا القانوف كؿ مف الدانمارؾ في القانوف الصادر في ‪ 21‬يوليوز ‪ 2:81‬والنرويج مف خالؿ‬
‫القانوف الصادر في ‪ 22‬يوليوز ‪. 2:48‬‬

‫‪136‬‬
‫‪ -‬محمد براو ‪ :‬الشفافٌة والمساءلة والرقابة العلٌا على المال العام فً سٌاق الحكامة الرشٌدة ‪ ،‬سلسلة الرقابة على المال العام‬
‫والمنازعات المالٌة ‪ ،‬دار القلم – الرباط ‪ ، 1080‬ص ‪.89‬‬

‫‪103‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وفي نفس االتجاه‪ ،‬عمؿ المشرع البمجيكي عمى إقرار حؽ المرتفؽ في الشفافية اإلدارية مف‬
‫خالؿ حؽ اإلعالـ وحؽ تعميؿ الق اررات اإلدارية )قانوف ‪ 3:‬يناير ‪ .137(2::2‬كما أقر المشرع‬
‫الفرنسي ذلؾ بسنو لقانوف ‪ 7‬يناير ‪ 2:89‬المتعمؽ بحؽ اإلطالع عمى المعمومات المتضمنة في‬
‫البطاقات المعموماتية وقانوف ‪ 28‬يوليوز ‪ 2:89‬المتعمؽ بمبدأ االطالع عمى المعمومات والوثائؽ‬
‫اإلدارية‪ ،‬ثـ قانوف ‪ 22‬يوليوز ‪ 2:8:‬المتعمؽ بتعميؿ الق اررات اإلدارية‪.‬‬

‫وكما ىو الشأف بالنسبة لمقانوف الفرنسي المتعمؽ بالتعميؿ وتحسيف عالقة اإلدارة بالجميور‪،‬‬
‫فإف القانوف المغربي عمى الرغـ مف االنتقادات التي وجيت إليو‪ ،‬قد عبر خطوة ميمة في االتجاه نحو‬
‫إحالؿ عالقات يطبعيا التفاىـ والتعاوف والوضوح محؿ العالقات المشوبة بالشطط والغموض‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬وسائل الشفافية‬

‫كثي ار ما تعتقد المرافؽ العمومية أف دورىا يتوقؼ حينما يكوف سموؾ المستعمميف مرتبطا بالنشر‬
‫الرسمي لمنص‪ ،‬بناءا عمى المبدأ القائؿ ‪ :‬ال يعذر أحد بجيمو القانوف‪ ،‬لكف إعماؿ ىذا المبدأ ينبغي أال‬
‫يعفي المرافؽ العمومية مف التزاماتيا اإلضافية والتي ال تضطمع بيا حاليا‪ ،‬إذ يجب أف يكوف دورىا‬
‫متمثؿ في تيسير معرفة النصوص وتقبميا‪ ،‬وتأسيسا عمى ذلؾ‪ ،‬فإف نشر المعمومات وتعميميا يفترض‬
‫البث المباشر لممعمومات التي يتـ تداوليا مف دوف وسيط مف المرافؽ العمومية نحو المتمقي ليا ‪،‬كما‬
‫يتطمب وساطة ىيئات معينة بذلؾ أيضا‪ ،‬وتتوفر بذاتيا عمى قنواتيا الخاصة لإلعالـ ‪.‬‬

‫ويتـ تدعيـ واستكماؿ نظاـ اإلعالـ الرسمي " قنوات ووسائؿ االتصاؿ التي يتـ إنشائيا عف‬
‫وعي وعف عمد " مف خالؿ شبكة اتصاالت غير رسمية ميمة عمى قدـ المساواة بالمقارنة مع الوسائؿ‬
‫‪138‬‬
‫‪.‬‬ ‫الرسمية‬

‫‪137‬‬
‫‪ -‬عبد الفتاح أعبٌس‪" :‬حكامة تدبٌر المرافق العمومٌة من الحدود إلى التحدٌات الوكالة الحضرٌة لسطات نموذجا "‪،‬مرجع سابق ‪،‬‬
‫ص ‪.78‬‬
‫‪138‬‬
‫‪ -‬هٌربرت اي ساٌمون ‪":‬السلوك االداري لعملٌات اتخاد القرار فً المنظمات االدارٌة" (ترجمة عبد الرحمن بن احمد هٌجان)‪،‬االدارة‬
‫العامة للطباعة والنشر ‪ ،‬معهد االدارة العامة ‪ ، 1008‬ص ‪. 581‬‬

‫‪104‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫واذا كاف النشر الرسمي مف أىـ العناصر التي يمكف مف خالليا تدعيـ شفافية المرافؽ‬
‫العمومية‪ ،‬فإنو مف بيف الوظائؼ اليامة التي تقوـ بيا ىذه الوسيمة تمؾ المتعمقة بإلماـ التشريعات داخؿ‬
‫اإلدارات العمومية‪ ،‬وفي عالقتيا بالمواطنيف‪ ،‬مع العمـ أف التطور الحديث لممنظمات أصبح يؤثر عمى‬
‫‪139‬‬
‫‪.‬‬ ‫أىمية ىذه الوسيمة‬

‫ومف أجؿ القياـ بالمياـ الموكولة لمختمؼ الموظفيف عمى أحسف وجو‪ ،‬ينبغي إمداد وىؤالء‬
‫بمصالح لمتوثيؽ مكمفة بجمع الوثائؽ الرسمية داخؿ مختمؼ المرافؽ‪ ،‬كما يمكف إنشاء مصمحة مشتركة‬
‫الوزرات‪ ،‬ممحقة بالوزير األوؿ تيتـ بالتوثيؽ لصالح الموظفيف والمواطنيف كما ىو موجود بفرنسا ‪.‬‬
‫بيف ا‬

‫وىكذا فبغض النظر عف مدى إعداد نظاـ لإلعالـ والشفافية مف قبؿ المرافؽ العمومية‪ ،‬فإف‬
‫ىذا النظاـ سيظؿ مدعوما دائما مف قبؿ قنوات وسيطة‪ ،‬فمف خالؿ ىذه القنوات الخارجية‪ ،‬سوؼ‬
‫تنساب المعمومات وتحؿ الشفافية محؿ السرية واالنغالؽ ‪.‬‬

‫وختما لما سبؽ‪ ،‬ينبغي مف اآلف فصاعدا اعتبار الشفافية كصيرورة‪ ،‬نحوىا يجب أف تتوجو‬
‫القواعد القانونية والضوابط السموكية‪ ،‬مع إلزامية تكييؼ ىذه العناصر مع التغيرات الطارئة عمى مبدأ‬
‫الشفافية باعتباره مبدأ متحركا في الزماف ومختمفا بالمكاف ‪.‬‬

‫وبارتكاز المرافؽ العمومية عمى مبدأ الشفافية‪ ،‬فإنيا ستسير في اتجاه تحقيؽ المبادئ األخرى‬
‫لمحكامة‪ ،‬إذ ال يمكف مثال أف نتصور تحقيؽ مبدأ المسؤولية ومبدأ المراقبة الحقيقية دوف تحقيؽ مبدأ‬
‫الشفافية‪ ،‬كما أنو مف خالؿ ىذا المبدأ‪ ،‬يمكف أف ينتعش مبدأ المشاركة الذي يقود‪ -‬مف بيف ما يقود‬
‫إليو‪ -‬إلى دمقرطة المرفؽ العاـ ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬معياري المحاسبة والمسؤولية‬

‫المحاسبة والمسؤولية جزءاف ال يتجزءاف مف منظومة الحكامة الجيدة‪ ،‬وحمقتاف جوىريتاف في‬
‫سياؽ التطور الديمقراطي وبناء دولة القانوف ‪،‬ولقد أعطى دستور ‪،3122‬إشارات واضحة عمى أنو‬
‫يشكؿ قطيعة مع كؿ الممارسات التي كانت تسقـ جسـ اإلدارة المغربية مند فجر االستقالؿ‪ ،‬حيث‬
‫تمت صياغتو انطالقا مف مجموعة مف المرتكزات اليدؼ منيا القطع مع سياسة الماضي‪ ،‬مف خالؿ‬

‫‪139‬‬
‫‪ -‬جٌمس جً ‪ ،‬مارش وهٌربرت اٌه‪-‬ساٌمون "المنظمات" (ترجمة عبد الرحمن بن احمد هٌجان)‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 178‬‬

‫‪105‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫ىذا الفرع سوؼ نحاوؿ أف نتطرؽ إلى تجميات المحاسبة ( الفقرة االولى)‪ ،‬والمسؤولية في الدستور‬
‫الجديد ‪.‬‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬المحاسبة‬

‫يمكف تعريؼ المحاسبة ‪ accountability‬بوصفيا مرادفا لممراقبة ومكمال ليا في آف واحد‪،‬‬


‫أي انيا عبارة عف مسمسؿ لوضع االنجازات رىف اشارة مف يممكوف القدرة عمى تقويميا والحكـ عمى‬
‫‪140‬‬
‫ويتـ اقتراف المحاسبة بالمساءلة عندما تنصرؼ المحاسبة الى ابعد مف مجرد‬ ‫مدى صحتيا ودقتيا‬
‫(تقديـ الحساب) اي عندما ينطوي عمى معنى المسؤولية عمى االعماؿ التي يقوـ بيا اصحاب القرار ‪.‬‬

‫وحسب منظمة التعاوف االقتصادي والتنمية (‪ )OECD , OCDE‬فإف المحاسبة تنطوي عمى‬
‫‪141‬‬
‫‪.‬‬ ‫المساءلة أي واجب أصحاب المسؤوليات في تقديـ الحساب والجواب عف تنفيذ تمؾ المسؤوليات‬

‫وبالرجوع الى اليدؼ األساسي لوجود المرافؽ العمومية ؟ نجد الجواب ىو خدمة الصالح‬
‫العاـ‪ ،‬إال أف ىده الخدمة قد تعترضيا بعض الصعوبات الرتباطيا بالمسؤولية‪،‬لدلؾ فقد نص دستور‬
‫‪ ،3122‬في مجموعة مف فصولو عمى مسألة تحمؿ المسؤولية مف طرؼ القيميف عمى اإلدارة‬
‫العمومية‪،‬حيث نص الدستور المغربي لسنة ‪ ،3122‬في فصمو ‪ ،265‬عمى أف المرافؽ العمومية يجب‬
‫أف تخضع لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة وربطيا بالمسؤولية‪ ،‬عمى اعتبار أف ىده المرافؽ تقوـ‬
‫بأداء وظيفتيا بواسطة أشخاص طبيعييف وىو ما يحتـ تحمي ىده األشخاص بالمسؤولية أماـ اإلدارة‬
‫مف جية‪ ،‬وأماـ المر تفيقيف مف جية أخرى‪،‬وقد عمؿ الدستور الجديد بإحاطة ىده المسؤولية بمجموعة‬
‫مف القواعد والضوابط‪،‬حيث نص في فصمو ‪ 266‬أف أعواف المرافؽ العمومية يمارسوف وظائفيـ وفؽ‬
‫مبادئ احتراـ القانوف والحياد والشفافية والنزاىة والمصمحة العامة ‪.‬‬

‫كما أعطى دستور ‪،3122‬إشارات واضحة عندما نص عمى دسترة مجموعة مف المؤسسات‬
‫ألوؿ مرة‪،‬والرقي بأخرى إلى مصاؼ المؤسسات الدستورية واعطائيا مجموعة مف الصالحيات حتى‬
‫تتمكف مف القياـ بمياميا عمى أكمؿ وجو‪ ،‬وىكذا فقد تـ تغيير األمريف بالصرؼ عمى مستوى الجيات‬

‫‪140‬‬
‫‪ -‬محمد براو ‪ :‬الشفافٌة والمساءلة والرقابة العلٌا على المال العام فً سٌاق الحكامة الرشٌدة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫‪141‬‬
‫‪- OECD public sector Modernising accountability and control policy brief OECD April 2005 ,p 2 .‬‬

‫‪106‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫واألقاليـ‪،‬فبعدما كاف الوالي عمى مستوى الجية أمي ار بالصرؼ أصبح وبموجب الدستور الجديد رئيس‬
‫مجمس الجية ىو األمير بالصرؼ‪،‬بينما أصبح رئيس المجمس اإلقميمي أمير بالصرؼ عوض‬
‫العامؿ‪،‬وتـ أيضا تعديؿ نمط اختيار ممثمي الجية‪،‬فبعدما كاف اختيار ممثمي الجيات يتـ بطريقة غير‬
‫مباشرة أصبح اليوـ بموجب دستور ‪،3122‬أمر اختيارىـ بيد المواطنيف في انتخابات شفافة ونزيية‪،‬ىدا‬
‫التغيير باإلضافة الى امكانية تقديـ المرتفقيف لمالحظاتيـ وتظمماتيـ لإلدارة مف شأنو أف يساىـ في‬
‫تحديث وتخميؽ االدارة في عالقاتيا بالمواطنيف ‪.‬‬

‫اليوـ يمكف القوؿ بأف مفيوـ المحاسبة تقوى مف خالؿ الدستور الجديد‪ ،‬كما أف عددا مف‬
‫البنود تحرص عمى المحاسبة‪ ،‬وحتى المؤسسات التي ستحاسب ىي موجودة أساسا‪ ،‬كما ىو الحاؿ‬
‫بالنسبة لممجمس األعمى لمحسابات وجميع فروعو الجيوية”‪ ،‬يقوؿ محمؿ اقتصادي في اتصاؿ‬
‫لػ”األحداث المغربية”‪ ،‬قبؿ أف يضيؼ “ما كاف يحدث ىو أف المحاسبة ال يتـ استكماليا عمى النحو‬
‫األمثؿ‪ ،‬فبعد القياـ بضبط ووصؼ المخالفات‪ ،‬يتـ توقيؼ المحاسبة في ىذه المرحمة‪ ،‬فيما أسباب ذلؾ‬
‫ال تبتعد كثي ار عف عدـ وجود اآلليات التي ستساعد عمى المرور إلى المرحمة الموالية‪ ،‬ألنو كاف ىناؾ‬
‫تداخال في السمطات‪ ،‬كما ىو الحاؿ بالنسبة الرتباط و ازرة العدؿ بالجياز الحكومي‪ ،‬لكف اليوـ ىناؾ‬
‫‪142‬‬
‫واستقاللية المجمس األعمى لمحسابات ‪.‬‬ ‫استقاللية القضاء‬

‫لكف ما السبيؿ لتجاوز اإلشكاؿ السابؽ؟ بالنسبة لممراقبيف فإف ما يجب القياـ بو ىو تفعيؿ‬
‫المتاب عات إلى أف تصؿ إلى رؤوس لـ نكف نقو عمى المساس بيا في وقت سابؽ‪ ،‬اآلف ما ينقصنا ىو‬
‫أف يتحوؿ المجمس األعمى لمحسابات مف ميمة ضبط المخالفات‪ ،‬التي تعد دوره األساسي‪ ،‬إلى تفعيؿ‬
‫المتابعات مف خالؿ ارتباط مع الجياز القضائي بتكوينو الجديد الذي يؤكد استقاللية القضاء ‪.‬‬

‫المقتضيات الجديدة ستساعد‪ ،‬عمى ما يبدو‪ ،‬في نظر المرقبيف‪ ،‬لتسريع الممفات المفتوحة‬
‫حاليا‪ ،‬فاألمؿ اليوـ ىو أف نتجاوز المرحمة التي كاف في السابؽ يتوقؼ عندىا المجمس األعمى‬

‫‪142‬‬
‫‪ -‬تضمن الدستور المعد ل مجموعة من المستجدات التً تدعم هذه االستقاللٌة مالٌا وإدارٌا؛ فعالوة عن استبدال مصطلح القضاء‬
‫بالسلطة القضائٌة فً الباب السابع منه؛ والتأكٌد على استقاللٌة هذه السلطة عن باقً السلط األخرى(الفصل ‪)107‬؛ تم استبدال المجلس‬
‫األعلى للقضاء بالمجلس األعلى للسلطة القضائٌة الذي أصبحت تشكٌلته منفتحة على مجموعة من الهٌئات المستقلة خاصة منها المجلس‬
‫الوطنً لحقوق اإلنسان‪ ،‬ومؤسسة الوسٌط‪..‬‬

‫‪107‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫لمحسابات مثال‪ ،‬الذي كاف يقؼ عمى المخالفات وضبطيا‪ ،‬لكف كاف ىناؾ غياب آلليات المتابعة‪ .‬ىذه‬
‫ا لحواجز التي تقؼ في وجو استكماؿ المتابعات‪ ،‬زالت حسب الوثيقة الدستورية‪ ،‬بعد إقرار استقاللية‬
‫القضاء واستقاللية المجمس األعمى لمحسابات ومجموعة مف الضوابط التي ستمكننا مف تفعيؿ‬
‫المتابعات‪ ،‬لكف التخوؼ ىو إلى أي مستوى سنكوف قادريف عمى تفعيؿ الدستور الجديد في جميع‬
‫أبوابو‪ ،‬ىذا ىو اإلشكاؿ الموجود ‪.‬‬

‫في ىذا الوقت يبدو مف الضروري تفعيؿ مجموعة مف اآلليات‪ ،‬مف قبيؿ (المجمس األعمى‬
‫لمقضاء وىيئة محاربة تبذير الماؿ العاـ وىيئة الوقاية مف الرشوة ومجمس المنافسة ومؤسسة الوسيط‬
‫‪143‬‬
‫اليوـ الترسانة القانونية مف خالؿ الوثيقة الدستورية باتت موجودة‪ ،‬ما ينقصنا‪ ،‬حسب المحمميف‪،‬‬ ‫‪)...‬‬
‫ىو كيفية تشغيؿ الميكانيزمات المرتبطة بيذا الدستور‪ ،‬كما أنو بات مف الالزـ تفعيؿ المتابعات ليظير‬
‫لممواطف المغربي بأف الماؿ العاـ بات بعيدا عف التالعب‪ ،‬وبأف المعبة االقتصادية سترفض كؿ أشكاؿ‬
‫التجاوزات السابقة ‪.‬‬

‫إف اعتماد الدستور الجديد محطة متميزة في مسار البناء الديمقراطي ببالدنا‪ .‬بخصوص‬
‫المساءلة واعطاء الحساب كركيزة أساسية لمحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬معيار المسؤولية‬

‫بينما يؤكد بعض الفقو أف ىناؾ عالقة وثيقة بيف المسؤولية واألداء الجيد‪ ،‬حيث يعتبرىا‬
‫مصد ار قويا لحث العامميف بالمرافؽ العامة عمى الخمؽ واإلبداع والرغبة في مواجية التحديات‪ ،‬يحاوؿ‬
‫البعض اآلخر تمييز وتحديد مفيوميا في القياـ بعمؿ يرى القائـ بو أنو صواب ويتحمؿ العتاب أو الموـ‬
‫األخالقي ألي ضرر أو أذى ينتج عف القياـ بذلؾ العمؿ ‪.‬‬

‫وتأسيسا عمى ذلؾ‪ ،‬يمكف أف نعتبر المسؤولية نوع مف أنواع الرقابة أو االلتزاـ الذاتي‬
‫واألخالقي لمعامميف بالمرافؽ العمومية عند استخداـ حرية التصرؼ‪ ،‬والشؾ أف ىذا االلتزاـ األخالقي ال‬
‫يمكف أف يتحقؽ إال بتخميؽ المرافؽ العمومية )ثانيا(‪ ،‬نظ ار لالرتباط الوثيؽ بيف المسؤولية وتخميؽ‬
‫المرافؽ العمومية )أوال( ‪.‬‬

‫‪ - 143‬سٌتم التطرق الى بعض هٌئات الحكامة بالتفصٌل فً المطلب االول من المبحث الثانً من هذا الفصل ‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫أوال ‪ :‬ارتباط مبدأ المسؤولية بتخميق المرافق العمومية‬

‫تعتبر المرافؽ العمومية بمثابة العمود الفقري لمدولة الديمقراطية وأداة لتطبيؽ إستراتجية التنمية‬
‫وتنفيذ البرامج الحكومية‪ ،‬وانطالقا مف ىذا الدور الرئيسيف فإف الدولة تتوقع مف ىذه المرافؽ درجة‬
‫عالية مف المينية والقيـ األخالقية نظ ار لدور ىذه القيـ في تعزيز مبدأ المسؤولية ‪.‬‬

‫وبالتالي‪ ،‬ينبغي النظر إلى األخالؽ كمقاربة لمتسيير عبر التأكيد عمى تفادي كؿ السموكيات‬
‫الغير قانونية والغير أخالقية مف جية‪ ،‬وضرورة تشجيع ومكافأة السموكيات الممتزمة بالقيـ األخالقية‬
‫وروح المسؤولية مف جية أخرى ‪.‬‬

‫ولقد أضحى البعد األخالقي بالمرافؽ العمومية ىاجسا رئيسيا سواء في البمداف المتقدمة أو‬
‫النامية‪ ،‬وذلؾ لمجموعة مف األسباب‪ ،144‬أدت إلى تصاعد االىتماـ الدولي خالؿ السنوات األخيرة‬
‫بمشكمة الفساد بالمرافؽ العمومية‪ ،‬حيث حاولت األمـ المتحدة في ىذا المجاؿ‪ ،‬جمب اىتماـ الدوؿ نحو‬
‫العالقة الضرورية بيف أداء المرافؽ العمومية ومستوى المينية واألخالؽ بيا‪ ،‬وقد حثت الدوؿ عمى‬
‫تنظيـ مؤتمرات جيوية ووطنية حوؿ ىذا الموضوع ‪.‬‬

‫وعمى المستوى القاري‪ ،‬دعا إعالف الرباط المنبثؽ عف المؤتمر اإلفريقي الثاني لوزراء الوظيفة‬
‫العمومية خالؿ شير دجنبر ‪ ،2::9‬إلى إعداد ميثاؽ أخالقي لموظيفة العمومية اإلفريقية‪ ،‬ويشكؿ ىذا‬
‫‪145‬‬
‫الميثاؽ لبنة أساسية في مجاؿ مناىضة مظاىر الفساد في المرافؽ العمومية بالقارة اإلفريقية‬
‫خصوصا وأف مجموعة مف الدوؿ اإلفريقية تعيش صراعات متنوعة ‪ ،‬وتعرؼ سقوطا ميوال في النظاـ‬
‫والقانوف‪ ،‬وىو ما يستمزـ ضرورة قياـ المينية واألخالؽ بالمرافؽ العمومية قصد التخفيؼ مف حدة‬
‫االنتكاسات التي تعاني منيا ىذه الدوؿ ‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫‪ -‬عبد هللا انغوان ‪" :‬دعم األخالقٌات بالمرفق العام" مجلة طنجٌس العدد االول ‪ ، 1008 ،‬ص ‪. 881 – 888‬‬
‫‪145‬‬
‫‪ -‬عبد هللا انغوان ‪" :‬دعم األخالقٌات بالمرفق العام" مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 881‬‬

‫‪109‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وعمى الصعيد المحمي‪ ،‬فإف تثبيت األخالقيات في المرافؽ العمومية ال يعد فقط مطمب تمميو‬
‫اإلكراىات الحالية فقط‪ ،‬بؿ ىو أيضا واجب تحض عميو التعاليـ السمحة لديننا الحنيؼ‪ ،146‬وخيا ار‬
‫رسميا يجد أساسو في التوجييات الممكية الموجية لممشاركيف في الندوة الوطنية التي نظمتيا و ازرة‬
‫الوظيفة العمومية واإلصالح اإلداري خالؿ يومي ‪ 3:‬و ‪ 41‬أكتوبر ‪ 2:::‬حوؿ دعـ األخالقيات‬
‫بالمرافؽ العمومية‪ ،‬والتي أكدت عمى أف أوؿ واجبات المرافؽ العمومية عي أف تمتزـ باألخالؽ الحميدة‪،‬‬
‫ولعؿ في ىذه التوجييات لخير دليؿ عمى العالقة الوطيدة بيف مبدأ المسؤولية وتخميؽ المرافؽ العمومية‬
‫إلى درجة تدفعنا إلى محاولة إيجاد بعض المداخيؿ لمقاربة العممية المرتبطة بتخميؽ المرافؽ العمومية‬
‫‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مداخل تخميق المرافق العمومية‬

‫ال شؾ أف الفساد يضعؼ أداء وفعالية المؤسسات‪ ،‬واألكيد أيضا أف الفشؿ في التحكـ في‬
‫الفساد قد يؤدي إلى انعكاسات خطيرة ليس فقط عمى مستوى أداء المرافؽ العمومية‪ ،‬بؿ أيضا عمى‬
‫المستويات االقتصادية واالجتماعية والسياسية داخؿ الدولة ‪.‬‬

‫وتفاديا ليذه االنعكاسات‪ ،‬ينبغي استنياض شتى اإلمكانات‪ ،‬حيث أنو بموازاة مع المدخؿ‬
‫الوقائي اليادؼ إلى توفير اإلطار القانوني والتنظيمي لتخميؽ المرافؽ العمومية عبر إصدار قوانيف‬
‫تضـ مقتضيات مف شأنيا مكافحة الفساد ونظاـ المصالح مف جية‪ ،‬وتنمية شروط المسؤولية واألخالؽ‬
‫في ممارسات المرافؽ العمومية مف جية أخرى‪ ،‬عمى المسؤوليف اعتماد مداخؿ التحسيس والرقابة قصد‬
‫إقرار مبدأ سيادة األخالؽ كجسر أساسي لقياـ رىاف المسؤولية داخؿ المرافؽ العمومية ‪.‬‬

‫وعميو‪ ،‬فإذا كاف المدخؿ الوقائي يحتؿ جانبا ىاما في محاربة مظاىر الفساد بالمرافؽ‬
‫العمومية‪ ،‬فإف لممدخؿ التحسيسي دو ار فعاال في تفويض الكثير مف مظاىر االنحراؼ‪ ،147‬وفي ىذا‬
‫اإلطار قامت لجنة و ازرية بمعية الوزير المكمؼ بالشؤوف العامة لمحكومة‪ ،‬حيث بادرت ىذه الو ازرة‬
‫بتنسيؽ مع و ازرة التربية الوطنية بتنظيـ تظاىرات تحسيسية بالمؤسسات التعميمية ضد الرشوة ومخاطرىا‬

‫‪146‬‬
‫‪ .‬اسماعٌل الشطً ‪" :‬الدٌمقراطٌة كآلٌة لمكافحة الفساد والتمكٌن للحكم الصالح"‪ ،‬مجلة المستقبل العربً ‪ ،‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربٌة ‪ ،‬العدد ‪ ، 580-1001‬ص ‪. 75‬‬
‫‪147‬‬
‫‪ -‬عبد هللا انغوان ‪" :‬دعم األخالقٌات بالمرفق العام" مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.886‬‬

‫‪110‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وعميو‪ ،‬أضحى مف الضروري دعـ وتثبت األخالقيات بالمرافؽ العمومية‪ ،‬وتفعيؿ دور المجتمع‬
‫المدني في تخميؽ المرافؽ العمومية مف خالؿ االعتراؼ بو كفاعؿ أساسي في مكافحة السموكيات‬
‫المشينة واشراكو في العمميات المتعمقة بتثبيت األخالؽ بالمرافؽ العمومية ‪.‬‬

‫ىذا باإلضافة إلى ضرورة إشراؾ العامميف أنفسيـ في عممية القضاء عمى مثؿ ىذه األمراض‬
‫ومعاقبة كؿ المخطئيف ‪.‬‬

‫وتأسيسا عمى ذلؾ‪ ،‬فتطوير المينية بالمرافؽ العمومية‪ ،‬يستدعي باإلضافة إلى الكفاءة التقنية‬
‫قيما أخرى‪ ،‬تحدد كيفية تنفيذ الممارسات وتضـ مجموعة مف القيـ كاإلخالص‪ ،‬الموضوعية‪ ،‬الشفافية‪،‬‬
‫االنضباط الفعالية‪ ،‬العدالة‪ ،‬المساواة وقيـ أخرى قد تختمؼ حسب خصوصية كؿ دولة ‪.‬‬

‫وتجرد اإلشارة إلى أنو ال يمكف تطوير المينية إال باتخاذ إجراءات تيـ دعـ التكويف المستمر‪،‬‬
‫وتوفير المحيط الناسب لتدريب العامميف بالمرافؽ العمومية عمى مالحظة المعايير لالنضباط‪ ،‬والتوجو‬
‫نحو منطؽ المسؤولية ‪.‬‬

‫غير أف عممية التخميؽ‪ ،‬ينبغي أال تقؼ عند الجانب المتعمؽ بالتحسيس‪ ،‬بؿ يقتضي األمر‬
‫كذلؾ اندماج الجياز الرقابي في ىذا المسمسؿ المرتبط بمنع الفساد‪ ،‬وذلؾ عف طريؽ التحري‬
‫واالستخبار والتفتيش والحكامة ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬افاق تدبير المرافق العامة عمى ضوء الد ستور الجديد‬

‫يتوفر المغرب عمى منظومة متكاممة مف أجيزة ومؤسسات الرقابة والتقيـ والتتبع‪ ،‬وتختمؼ‬
‫وتتكامؿ أدوارىا ومياميا وآليات عمميا‪ ،‬وتتكوف بالخصوص مف برلماف منتخب‪ ،‬وىيئات قضائية‪،‬‬
‫وىيئات لممراقبة والتدقيؽ‪ ،‬وىيئات لموساطة‪ ،‬وىيئات لمتنسيؽ والتقييـ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬

‫وتحرص السمطات العممية عمى تعزيز وتحديث ىذه المؤسسات‪ ،‬بما يجعميا متساوية مع‬
‫حاجيات التنمية المستدامة‪ ،‬ومتطمبات الحكامة الجيدة‪ ،‬إذ ال يخفى عمى أحد مدى الصمة بيف اإلدارة‬

‫‪111‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫العمومية‪ ،‬والحكامة الجيد والتنمية المستدامة‪ ،‬فيذا الثالوث يرتبط ببغضو ارتباط السبب بالنتيجة‪،‬‬
‫فنجاح اإلدارة مرىوف بمدى التزاميا بمبادئ الحكامة‪ ،‬وىذه األخيرة ىي المدخؿ إلى التنمية ‪.‬‬

‫وىذا يتطمب مف ضمف ما يتطمبو تعزيز آليات وميكانيزمات الحكامة الجيدة‪ ،‬التي تتطمب‬
‫وجود منظومة متكاممة لمراقبة عمى تدبير الشأف العاـ‪ ،‬وذلؾ لضماف شروط النزاىة والشفافية‪ ،‬ومكافحة‬
‫الفساد وفي ىذا اإلطار يتوفر المغرب عمى منظومة قانونية ومؤسساتية متكاممة لمرقابة ‪ :‬اإلدارية‪،‬‬
‫والمالية‪ ،‬باإلضافة إلى أشكاؿ الرقابة األخرى ‪.‬‬

‫فباإلضافة إلى المفتشيات العامة لمو ازرات‪ ،‬التي تزاوؿ ميمة المراقبة والتدقيؽ منذ عدة سنوات‪،‬‬
‫‪148‬‬
‫مف مستوى عاؿ حددت ميامو بمقتضى قانوف‬ ‫والمفتشية العامة لممالية التي تعتبر جيا از لمرقابة‬
‫‪ ،2:71‬واصمت السمطات العمومية تعزيز وتطوير اإلطار المؤسساتي لمحكامة‪ ،‬وذلؾ بإلغاء وتطوير‬
‫واحداث بعض الييئات والمؤسسات اليادفة إلى توطيد أركاف الحكامة‪ ،‬وفي ىذا اإلطار تـ تطوير‬
‫المجمس األعمى لمحسابات واحداث المجالس الجيوية (قانوف رقـ ‪ 73-::‬بمثابة مدونة لممحاكـ المالية‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 24‬يونيو ‪ ،)3114‬حيث تـ تدقيؽ اختصاصات المجمس األعمى والمجالس الجيوية‪،‬‬
‫والنظاـ االساسي لقضاة المحاكـ المالية الذي يوفر عدة آليات أساسية لتمكيف ىذه المحاكـ مف أف‬
‫تضطمع بدورىا بفعالية ويتعمؽ األمر عمى الخصوص بػ ‪:‬‬

‫‪ -‬شمولية المراقبة وتنوع مياميا التي تشمؿ مجاالت التدقيؽ والبت في الحسابات‪ ،‬التأديب المتعمقة‬
‫بالمزيانية والشؤوف المالية‪ ،‬مراقبة التسيير واستعماؿ األعماؿ‪ ،‬تتبع وفحص التصاريح بالمممتكات‬
‫واستئناؼ أحكاـ المجالس الجيوية‪ ،‬كما أنيا تيتـ الييئات العمومية وىيئات االحتياط االجتماعي‬
‫والجمعيات التي تتمقي مساعدات وتمتد ىذه الصالحيات لتمكف المجمس مف االستجابة مف جية‬
‫لطمبات التوضيح الصادرة عف البرلماف بمناسبة مناقشة التقرير المتعمؽ بتنفيذ قانوف المالية والتصريح‬
‫العاـ بمناسبة مناقشة التقرير المتعمؽ بتنفيذ قانوف المالية والتصريح العاـ بالمطابقة‪ ،‬ومف جية أخرى‪،‬‬
‫لطمب الوزير األوؿ بإدراج مياـ تقييـ المشاريع العمومية ومراقبة تدبير الييئات الخاضعة لممراقبة‬
‫ضمف برامج المجمس ‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫‪ -‬محمد براو ‪ :‬الشفافٌة والمساءلة والرقابة العلٌا على المال العام فً سٌاق الحكامة الرشٌدة ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪10‬‬

‫‪112‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وبموا ازة مع ىذه اإلجراء تـ إلغاء محكمة العدؿ الخاصة‪ ،149‬وبالرغـ مف أىمية ىذه المحكمة‬
‫مف حيث دورىا في تخميؽ اإلدارة العمومية ومراقبة الماؿ العاـ‪ ،‬فإنيا في المقابؿ أثارت تحفظات‬
‫وانتقادات كثيرة في الداخؿ والخارج‪ ،‬ليس بسبب طريقتيا في العمؿ التي ظمت توجو المتابعات ضد‬
‫األطر الصغيرة والمتوسطة وعمى نسبة أقؿ مف رجاؿ السمطة فحسب‪ ،‬ولكف أساسا إلى كونيا تشكؿ‬
‫قضاء استثائيا‪ ،‬حيث تضعؼ في ظمو شروط المحاكمة العادلة وفؽ ما ينص عميو قانوف المسطرة‬
‫الجنائية‪ ،‬وكذا بعض المقتضيات الدولية المتعمقة بحقوؽ اإلنساف‪ ،‬وخاصة المادة ‪ 25‬مف العيد الدولي‬
‫المتعمؽ بحقوؽ اإلنساف ‪.‬‬

‫لذلؾ ولتجاوز ىذه المؤاخذات واستجابة لمطمب إلغاء القضاء االستثنائي‪ ،‬تـ حذؼ محكمة‬
‫العدؿ الخاصة‪ ،‬واسناد اختصاصاتيا إلى المحاكـ االستئناؼ‪ ،150‬ويندرج ىذا القرار في إطار مساعي‬
‫السمطات العمومية لمواكبة متطمبات الحكامة الجيدة‪ ،‬واالستجابة اللتزاماتو في مجاؿ تدعيـ حقوؽ‬
‫اإلنساف ومكافحة الفساد‪.‬‬

‫وضمف نفس المسعى قاـ المغرب بدسترة مجموعة مف الييئات والمؤسسات التي تندرج في‬
‫سياؽ تعزيز اإلطار المؤسساتي لمحكامة الجيدة ومف ذلؾ عمى سبيؿ المثاؿ دسترة ‪:‬‬

‫المجمس الوطني لحقوؽ اإلنساف كمؤسسة وطنية تعددية ومستقمة‪ ،‬تتولى النظر في جميع‬
‫القضايا المتعمقة بالدفاع عف حقوؽ اإلنساف والحريات وحمايتيا‪ ،‬وبضماف ممارستيا الكاممة‪ ،‬والنيوض‬
‫بيا وبصيانة كرامة وحقوؽ وحريات المواطنيف‪ ،‬أفرادا وجماعات‪ ،‬وذلؾ في نطاؽ الحرص التاـ عمى‬
‫المرجعيات الوطنية ‪.‬‬

‫الوسيط كمؤسسة وطنية مستقمة ومتخصصة‪ ،‬ميمتيا الدفاع عف الحقوؽ في نطاؽ العالقات‬
‫بيف اإلدارة والمرتفقيف‪ ،‬واإلسياـ في ترسيخ سيادة القانوف‪ ،‬واشاعة مبادئ العدؿ واإلنصاؼ‪ ،‬وقيـ‬

‫‪149‬‬
‫‪ -‬أحدثت المحكمة الخاصة للعدل بموجب القانون رقم ‪ 611‬بتارٌخ ‪ 10‬مارس ‪ 8963‬كما وقع تغٌٌره وتتمٌمه بالمرسوم الملكً بإحداث‬
‫قانون رقم ‪ 63.361‬بتارٌخ ‪ 88‬دجنبر ‪ 8963‬وبالظهٌر بمثابة قانون رقم ‪ 837-71-8‬بتارٌخ ‪ 6‬أكتوبر ‪ 8971‬الذي عهد إلٌه بمهمة الزجر‬
‫عن جناٌات الغدر والرشوة واستغالل النفوذ واالختالس ‪.‬‬
‫‪150‬‬
‫‪ -‬أنظر فً هذا اإلطار مإلف عبد هللا الشرقاوي‪ ،‬قضاٌا اختالس المال العام بالمغرب‪ ،‬حٌث ٌتضمن ملفا شامال عن حذف محكمة العدل‬
‫الخاصة‪ ،‬وتوزٌع تركتها على محاكم االستئناف‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫التخميؽ والشفافية في تدبير اإلدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الت اربية والييئات التي تمارس‬
‫صالحيات السمطة العمومية ‪.‬‬

‫مجمس المنافسة كييأة مستقمة‪ ،‬مكمفة في إطار تنظيـ منافسة حرة ومشروعة بضماف الشفافية‬
‫واإلنصاؼ في العالقات االقتصادية‪ ،‬خاصة مف خالؿ تحميؿ وضبط وضعية المنافسة في األسواؽ‪،‬‬
‫ومراقبة الممارسات المنافية ليا والممارسات التجارية غير المشروعة وعمميات التركيز االقتصادي‬
‫واالحتكار ‪.‬‬

‫الييأة الوطنية لمنزاىة والوقاية مف الرشوة التي تتولى مياـ المبادرة والتنسيؽ واإلشراؼ وضماف‬
‫تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد‪ ،‬وتمقي ونشر المعمومات في ىذا المجاؿ‪ ،‬والمساىمة في تخميؽ‬
‫الحياة العامة‪ ،‬وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة‪ ،‬وثقافة المرفؽ العاـ‪ ،‬وقيـ المواطنة المسؤولة ‪.‬‬

‫المطمب ال ول ‪ :‬ربط تدبير المرافق العامة بالمحاسبة‬

‫لقد عرؼ التدبير اإلداري في ظؿ دسترة ىيئات ومؤسسات الحكامة الجيدة مجموعة مف‬
‫المستجدات ىمت في جوىرىا العمؿ عمى تحديث آليات اإلدارة العمومية وجعميا تستجيب لمرىانات‬
‫التي تفرضيا الظرفية الحالية‪،‬لكي تكوف إدارة منفتحة في ظؿ زمف العولمة‪،‬حيث نصت الدستور‬
‫الجديد عمى مجموعة مف الضمانات لتحقيؽ ىدا اليدؼ ‪.‬‬

‫لقد عمؿ الدستور الجديد عمى إحداث مجموعة مف المؤسسات والييئات الدستورية وتحديث‬
‫ىيئات ومؤسسات كانت موجودة في ظؿ دستور ‪ ،2::7‬حيث عمؿ عمى إلغاء ديواف المظالـ‬
‫وتعويضو بمؤسسة الوسيط التي تعمؿ عمى إنصاؼ المواطنيف في عالقتيـ باإلدارة العمومية‪،‬كما تـ‬
‫االرتقاء بالمجمس االستشاري لحقوؽ االنساف الى المجمس الوطني لحقوؽ اإلنساف‪،‬حيث كاف دوره دو ار‬
‫استشاريا فيما اصب حدوه في ظؿ الدستور الجديد دو ار تقريريا‪ ،‬كما تمت دسترة ىيئة المناصفة والتي‬
‫تقطع مع كؿ أشكاؿ التمييز ما بيف الرجؿ المرأة‪،‬باإلضافة إلى دسترة مجمس المنافسة كييئة مستقمة‬
‫مكمفة في إطار تنظيـ منافسة حرة ومشروعة لضماف الشفافية واإلنصاؼ في العالقات االقتصادية‪،‬‬
‫وقد تمت أيضا دسترة الييئة الوطنية لمنزاىة والوقاية مف الرشوة ومحاربتيا‪ ،‬التي تصير عمى حماية‬
‫مصالح المواطنيف وتمنع كؿ األشكاؿ التي مف شأنيا أف تخؿ بمبادئ الشفافية والمصداقية التي يجب‬

‫‪114‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫أف تسود دخؿ اإلدارة العمومية‪ .‬ىذه المؤسسات ستؤوؿ ال محالة عمى ممارسة أفضؿ لمسمطة‪،‬‬
‫وخاصتا انيا آليات لتكريس قاعدة تالزـ ممارسة المسؤوليات والوظائؼ العمومية بالمحاسبة ‪.‬‬

‫وأثارت مؤسسات الحكامة في المغرب نقاشات واسعة حوؿ دسترتيا‪ ،‬واف كاف ىذا األمر ال‬
‫يثير جدال فيما يتعمؽ مثال بمؤسسة الوسيط والمجمس الوطني لحقوؽ اإلنساف مع الحرص عمى ضبط‬
‫تعيينيا بالنسبة لمؤسسة الوسيط مف قبؿ الجياز التنفيذي وانتخابيا بالنسبة لممجمس الوطني‪ ،‬فإف‬
‫مؤسستيف أثير إسميما ضمف المؤسسات التي يجب دسترتيا وىما مجمس المنافسة ولجنة الوقاية مف‬
‫‪151‬‬
‫‪.‬‬ ‫الرشوة‪ ،‬يستوجباف وقفة لمتأمؿ‬

‫استنادا ليذه المعطيات‪ ،‬فسوؼ نتناوؿ ىذاالمطمب وفؽ الفرعيف اآلتييف ‪:‬‬

‫الفرع الول ‪ :‬االطار الدستوري لممجمس الوطني لحقوق االنسان ومؤسسة الوسيط‬

‫حرص نص الدستور الجديد لممممكة المغربية الذي تـ إق ارره خالؿ استفتاء الفاتح مف يوليوز‬
‫‪ 3122‬عمى تكريس حماية حقوؽ اإلنساف والنيوض بيا وحماية الحقوؽ والحريات والحكامة الجيدة‬
‫والتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية‪ ،‬وذلؾ مف خالؿ إحداث أو دسترة عدد مف‬
‫المؤسسات الوطنية منيا المجمس الوطني لحقوؽ اإلنساف ( الفقرة االولى )‪ ،‬كمؤسسة وطنية تعددية‬
‫ومستقمة‪ ،‬تتولى النظر في جميع القضايا المتعمقة بالدفاع عف حقوؽ اإلنساف والحريات وحمايتيا‪،‬‬
‫وبضماف ممارستيا الكاممة‪ ،‬والنيوض بيا وبصيانة كرامة وحقوؽ وحريات المواطنيف‪ ،‬أفرادا وجماعات‪،‬‬
‫وذلؾ في نطاؽ الحرص التاـ عمى المرجعيات الوطنية والكونية في ىذا المجاؿ‪.‬‬
‫والوسيط كمؤسسة وطنية مستقمة ومتخصصة(الفقرة الثانية)‪ ،‬ميمتيا الدفاع عف الحقوؽ في نطاؽ‬
‫العالقات بيف اإلدارة والمرتفقيف‪ ،‬واإلسياـ في ترسيخ سيادة القانوف‪ ،‬واشاعة مبادئ العدؿ واإلنصاؼ‪،‬‬
‫وقيـ التخميؽ والشفافية في تدبير اإلدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والييئات التي‬
‫تمارس صالحيات السمطة العمومية ‪.‬‬

‫‪-151‬‬
‫اكتفٌنا بهذه الهٌئات كنموذج لهٌئات الحكامة الجٌدة نظرا لصلتها المباشرة بموضوع البحث‪ ،‬وكذا االمتثال لمقتضٌات منهجٌةـ‪ ،‬وإال‬
‫فإن هناك هٌئات أخرى للحكامة ال ٌقل دورها أهمٌة عن هذه الهٌئات كا لهٌؤة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جمٌع أشكال التمٌٌز والمجلس‬
‫األعلى للتربٌة والتكوٌن والبحث العلمً والمجلس االستشاري لألسرة والطفولة والمجلس االستشاري للشباب والعمل ‪..‬إلخ وكلها‬
‫مإسسات دستورٌة تعمل على تعزٌز النزاهة والشفافٌة والمساءلة‪ ،‬أنظر الفصول المدرجة تحت الباب الثانً عشر من الدستور‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬المجمس الوطني لحقوق اإلنسان‬

‫لقد تـ دسترة المجمس الوطني لحقوؽ اإلنساف الذي تـ إحداثو مؤخ ار لتعويض المجمس‬
‫االستشاري لحقوؽ اإلنساف ‪ ،‬ولقد خصو الدستور الجديد بالفصؿ ‪ 272‬الباب الثاني عشر‪ ،‬وعيد إليو‬
‫الدفاع عف حقوؽ اإلنساف والحريات وحمايتيا‪ ،‬وضماف ممارستيا الكاممة‪ ،‬والنيوض بيا وبصيانة‬
‫كرامة وحقوؽ وحريات المواطنيف‪ ،‬أفرادا وجماعات‪ ،‬وذلؾ وفقا لممرجعيات الوطنية والكونية في ىذا‬
‫المجاؿ ‪.‬‬

‫وبناء عميو سنسمط الضوء عمى المجمس الوطني لحقوؽ االنساف كمؤسسة وطنية تعددية‬
‫ومستقمة بيف المفيوـ واالختصاص (أوال)‪ ،‬ومستقبؿ حقوؽ اإلنساف بالمغرب في ضوء اإلصالح‬
‫الدستوري(ثانيا) ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬المجمس الوطني لحقوق االنسان بين المفيوم واالختصاص‬

‫لقد تـ إحداث المؤسسة لتكريس مسمسؿ تعزيز دولة الحؽ والقانوف والمؤسسات‪ ،‬وليحؿ محؿ‬
‫المجمس االستشاري لحقوؽ اإلنساف‪ ،‬الذي تـ إنشائو في ظؿ التحوؿ السياسي الذي شيده المغرب سنة‬
‫‪ ،2::1‬ليكوف إحدى المؤسسات الرئيسية المساىمة في عممية االنتقاؿ الديمقراطي بالمممكة‪ ،‬خاصة‬
‫‪152‬‬
‫‪. 3113‬‬ ‫في مجاؿ تسوية ماضي االنتياكات الجسيمة لحقوؽ اإلنساف بعد إعادة تنظيمو سنة‬

‫وباعتبار اإلنجازات التي حققيا المجمس االستشاري لحقوؽ اإلنساف في مجاؿ تعزيز الحقوؽ‬
‫والحريات وتسوية ماضي االنتياكات وتحقيؽ األىداؼ اإلستراتيجية لمتجربة المغربية في مجاؿ العدالة‬
‫االنتقالية ومف أجؿ تعزيز عمؿ واالرتقاء بمينية المجمس وتعزيز استقالليتو وضماف أف يكوف جزءا مف‬
‫دينامية الجيوية المتقدمة‪ ،‬تـ إنشاء المجمس الوطني لحقوؽ اإلنساف‪ ،‬مؤسسة وطنية لحماية حقوؽ‬
‫اإلنساف والحريات بالمغرب تتوافؽ نصوصيا التنظيمية لمبادئ باريس الناظمة لممؤسسات الوطنية‬
‫لحقوؽ اإلنساف‪ .‬ويتوفر المجمس الوطني عمى اختصاصات أوسع‪ ،‬سواء عمى المستوى الوطني أو‬

‫‪152‬‬
‫‪- Présentation du Conseil consultatif des Droits de l’Homme (CCDH),‬‬

‫‪http://www.ccdh.org.ma/spip.php?article4881 . 2012/6/3.‬‬

‫‪116‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫الجيوي‪ ،‬الشيء الذي يضمف لممجمس مزيدا مف االستقاللية والتأثير في مجاؿ حماية حقوؽ اإلنساف‬
‫والدفاع عنيا ‪.‬‬

‫ومف بيف اختصاصات المجمس في مجال حماية حقوق اإلنسان ‪:‬‬

‫‪ -‬رصد االنتياكات‪ ،‬مع إمكانية إجراء التحقيقات والتحريات الالزمة واعداد تقارير تتضمف خالصات‬
‫ونتائج الرصد والتحقيقات ورفعيا إلى الجيات المختصة مشفوعة بتوصيات لمعالجة االنتياكات التي‬
‫تـ رصدىا ‪.‬‬

‫‪ -‬تمقي الشكايات ودراستيا ومعالجتيا وتتبعيا وتقديـ توصيات بشأنيا واحالتيا عند االقتضاء إلى‬
‫الجيات المختصة واخبار المشتكيف المعنييف بذلؾ ‪.‬‬

‫‪ -‬التدخؿ بكيفية استباقية وعاجمة كمما تعمؽ األمر بحالة مف حاالت التوتر التي قد تفضي إلى انتياؾ‬
‫حؽ مف حقوؽ اإلنساف بصفة فردية أو جماعية‪ ،‬في إطار المياـ المسندة إليو‪ ،‬وبتنسيؽ مع السمطات‬
‫العمومية المعنية ‪.‬‬

‫‪ -‬المساىمة في تفعيؿ اآلليات المنصوص عمييا في المعاىدات الدولية المتعمقة بحقوؽ اإلنساف التي‬
‫صادقت عمييا المممكة أو انضمت إلييا ‪.‬‬

‫‪ -‬زيارة أماكف االعتقاؿ والمؤسسات السجنية ومراكز حماية األطفاؿ واعادة اإلدماج والمؤسسات‬
‫االستشفائية الخاصة بمعالجة األمراض العقمية والنفسية وأماكف االحتفاظ باألجانب في وضعية غير‬
‫‪153‬‬
‫‪.‬‬ ‫قانونية واعداد تقارير عف الزيارات ويرفعيا إلى السمطات المختصة‬

‫‪ -‬بحث ودراسة مالئمة النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بيا العمؿ مع المعاىدات الدولية‬
‫ا لمتعمقة بحقوؽ اإلنساف وبالقانوف الدولي اإلنساني ويقترح التوصيات التي يراىا مناسبة في ىذا الشأف‬
‫ويرفعيا إلى السمطات الحكومية المختصة‪ ،‬المساىمة في إعداد التقارير التي تقدميا الحكومة ألجيزة‬
‫المعاىدات ‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫‪- Présentation du Conseil consultatif des Droits de l’Homme (CCDH).‬‬

‫‪117‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ -‬تقديـ المساعدة والمشورة إلى البرلماف والحكومة‪ ،‬بناء عمى طمبيا‪ ،‬في مجاؿ مالئمة مشاريع‬
‫ومقترحات القوانيف مع المعاىدات الدولية ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مستقبل حقوق اإلنسان بالمغرب في ضوء اإلصالح الدستوري‬

‫خمّؼ اإلصالح الدستوري ردود فعؿ إيجابية في أوساط عدد مف المنظمات الحقوقية والفعاليات‬
‫السياسية واألكاديمية والمدنية الوطنية والدولية؛ التي أقرت بأىمية المقتضيات الجديدة في ترسيخ حقوؽ‬
‫اإلنساف والمساىمة تطويرىا بالمغرب ‪.‬‬

‫غير أف ذلؾ لـ يمنع مف بروز بعض المواقؼ السياسية والحقوقية التي أشارت إلى بعض‬
‫المعدؿ مع المواثيؽ الدولية ذات الصمة بقضايا‬
‫ّ‬ ‫اإلشكاالت المرتبطة بمدى انسجاـ مقتضيات الدستور‬
‫‪154‬‬
‫‪.‬‬ ‫حقوؽ اإلنساف؛ أو ربط المسؤولية بالمحاسبة أو ضماف بعض الحقوؽ االجتماعية‬

‫ذلؾ أف التأكيد الدستوري عمى سمو االتفاقيات الدولية كما صادؽ عمييا المغرب مع وجود‬
‫‪155‬‬
‫‪.‬‬ ‫اشتراطات معينة تفرغ السمو مف أي معنى بحسب عدد مف المراقبيف والمنظمات الحقوقية‬

‫كما أف الكثير مف الحقوؽ المشار إلييا تظؿ مرتبطة بصدور قانوف منظـ‪ ،‬وىو األمر الذي‬
‫يفرغيا مف محتواىا الحقيقي غياب تنزيؿ ىذه النصوص القانونية عمى وجو ّبناء وسميـ ‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫‪ -‬هناك من ٌشٌر إلى أن الدستور المعدل ٌإكد على سالمة السكن ولكنه ال ٌضمن السكن ذاته‪.‬‬

‫‪-155‬‬
‫اعتبرت الجمعٌة المغربٌة لحقوق اإلنسان ضمن تصرٌحها الصادر بتارٌخ ‪ 80‬دجنبر ‪1088‬؛ أن التزام المغرب بحقوق اإلنسان كما هً‬
‫متعارف علٌها عالمٌا ٌفرض علٌه المصادقة على كافة االتفاقٌات الدولٌة فً هذا المجال‪ ،‬ورفع التحفظات عن االتفاقٌات المصادق علٌها‪،‬‬
‫وإقرار الدستور لسمو المواثٌق الدولٌة بالنسبة للقوانٌن المغربٌة‪ ،‬ومالءمة التشرٌعات المحلٌة مع االتفاقٌات المصادق علٌها وتنفٌذ‬
‫توصٌات اللجن األممٌة‪ ،‬واحترام حقوق اإلنسان فً الواقع‪.‬‬

‫‪http://www.amdh.org.ma/ar/reports/declaration-10-decembre-‬‬ ‫انظر ذلك ضمن الموقع اإللكترونً للجمعٌة‪:‬‬


‫‪2011‬‬

‫‪118‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫ينطوي المدخؿ الدستوري عمى أىمية كبرى مف حيث دوره في ضماف وترسيخ حقوؽ اإلنساف‪،‬‬
‫غير أف ذلؾ يظؿ بحاجة إلى مجموعة مف الشروط المواكبة التي تسيـ في تنزيؿ المقتضيات‬
‫الدستورية وترجمتيا إلى واقع ميداني‪ ،‬وتتمخص ىذه الشروط في ‪:‬‬

‫‪ -‬بمورة تدابير وقوانيف تكفؿ العدالة واحتراـ إرادة المواطنيف ‪.‬‬

‫السمط ‪.‬‬
‫‪ -‬تعزيز التوازف بيف ّ‬
‫‪ -‬إرساء ضمانات قانونية وميدانية تكفؿ احتراـ الحريات األساسية وتحفظ الكرامة اإلنسانية ضد أي‬
‫تعسؼ كيفما كاف نوعو أو مصدره ‪.‬‬

‫‪ -‬اإلقرار ميدانيا بالمساواة أماـ القانوف وعدـ التمييز بيف المواطنيف ‪.‬‬

‫‪ -‬ترسيخ استقاللية القضاء كإطار لحماية الحقوؽ والحريات ‪.‬‬

‫‪ -‬إرساء دولة المؤسسات والحؽ القانوف‪ ،‬والقضاء عمى مختمؼ مظاىر الفساد واستغالؿ النفوذ أو‬
‫االستيتار بالقانوف وترسيخ مبادئ المساءلة والمسؤولية وعدـ اإلفالت مف العقاب ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مؤسسة الوسيط‬

‫تـ دسترة مؤسسة الوسيط التي عوضت ديواف المظالـ والذي أسندت مياـ رئاستو لممحامي‬
‫بف زاكور‪ ،‬ووفقا لمفصؿ ‪ 273‬الذي فإف ىذه الييئة أسندت إلييا ميمة "الدفاع عف الحقوؽ قي نطاؽ‬
‫العالقات بيف اإلدارة والمرتفقيف‪ ،‬واإلسياـ في ترسيخ سيادة القانوف‪ ،‬واشاعة مبادئ العدؿ واإلنصاؼ‪،‬‬
‫وقيـ التخميؽ والشفافية في تدبير اإلدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والييئات التي‬
‫تمارس صالحيات السمطة العمومية ‪.‬‬
‫‪156‬‬
‫منظومة لمراقبة اإلدارات‬ ‫تعد مؤسسة الوسيط – بصفة عامة ‪ -‬في مفيوميا الراىف‬
‫والمؤسسات العمومية‪ ،‬أو المؤسسات التي تساىـ الدولة في رأسماليا أو تسمح بإدارتيا بواسطة‬
‫‪157‬‬
‫وذلؾ عف طريؽ تمكيف المرتفقيف مف التظمـ والتشكي مف ق اررات اإلدارات والمؤسسات‬ ‫االمتياز‬

‫‪156‬‬
‫‪ -‬كان إنشاء مإسسة الوسٌط فً السوٌد سنة ‪ 8809‬ولٌد صراع سٌاسً‪ ،‬هدف إلى الحد من السلطات المطلقة للملك آنذاك‪.‬‬
‫‪157‬‬
‫‪ٌ -‬متد اختصاص الوسٌط إلى مراقبة القضاء كما هو حال السوٌد وفلندا‪ ،‬أو مراقبة العسكري كما هو معمول به فً السوٌد ‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫ال مذكورة خارج مسطرة الطعوف المتعارؼ عمييا‪ ،‬وكذلؾ إمكانية سمطة الوسيط تقديـ توصيات تتضمف‬
‫حموؿ مرضية لمطرفية‪ ،‬تحمؿ اإلدارة عمى مراجعة وتدارؾ األخطاء التي يمكف أف تقع فييا‪ ،‬وتحوؿ‬
‫دوف لجوء المتضرر إلى القضاء ‪.‬‬

‫واذا كنا سنعمد إلى تقديـ اختصاصات الوسيط مف خالؿ مقارنة التجاري التي اعتمدت ىاتو‬
‫المؤسسة لحؿ نزاعات اإلدارة مع المواطف خارج دائرة القضاء‪ ،‬فإف ذلؾ ال يمكنو بأية حاؿ إخفاء‬
‫خصوصيات كؿ تجربة عمى حدى‪ ،‬واختالؼ االختصاصات الموكولة لكؿ واحدة منيا‪ ،‬وال حتى‬
‫النتائج التي حققتيا ‪.‬‬

‫وإلعطاء نظرة شمولية عف مؤسسة الوسيط‪ ،‬ستتمحور ىاتو الورقة حوؿ خمس نقاط ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬االختصاصات‬

‫تتمحور وظائؼ الوسيط حوؿ أربعة قضايا ‪:‬‬

‫‪ - 2‬وظيفة تواصمية ‪ :‬حيث يعتبر الوسيط حمقة وصؿ بيف ثالثة فاعميف‪ ،‬المواطنيف واإلدارة والجية‬
‫التي يرفع إلييا تقاريره السنوية (برلماف‪ ،‬رئاسة حكومة‪ ،‬رئاسة دولة‪. )..‬‬

‫فال وسيط يتمقى تظممات مف طرؼ المواطنيف أو اية وجية أخرى تعطاىا ىاتو اإلمكانية وفي بعض‬
‫األحياف يحرؾ المسطرة تمقائيا‪ ،‬ويقوـ بالتحري والتحقيؽ بشأنيا مع اجيات المتظمـ منيا‪ ،‬ويبمغ‬
‫المعنييف باألمر بمآؿ تظمميـ والتوصيات المقدمة بشأنيا قبؿ أف يرفع تقريره السنوي إلى الجية محددة‬
‫‪.‬‬

‫ففي ىاتو يقوـ الوسيط بتعزيز ميكانيزمات الحوار والتشاور بيف اإلدارة والمواطنيف ييدؼ تحسيف‬
‫المردودية والفعالية ‪.‬‬

‫‪ - 3‬وظيفة التصحيح ‪ :‬يقوـ الوسيط بدور إصالحي حيث ييدؼ إلى حماية المواطف مف تعسؼ أو‬
‫شطط السمطات العمومية‪ ،‬عف طريؽ التوصيات الموجية لإلدارة عندما يتأكد بأف ىناؾ انحراؼ أو‬
‫عدـ احتراـ القانوف في ممارستيا‪ ،‬ومطالبتو ليا بإعادة األمور إلى نصابيا وانصاؼ المتضرر ‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ - 4‬وظيفة وقائية ‪ :‬قد يكوف لمجرد حضور مؤسسة الوسيط داخؿ اإلدارة‪ ،‬كعامؿ غير مباشر لحثيا‬
‫عمى التمسؾ بالقوانيف واألنظمة في تعامميا مع الوافديف عمييا‪ ،‬وبالتالي سيادة مناخ يشعر فيو الجميع‬
‫أف ال شيء غير شرعي يفمت مف العقاب ‪.‬‬

‫كما أف نشر تقارير وتوصيات الوسيط عمى نطاؽ واسع‪ ،‬سيدعـ ىذا المنحى إذ ال ترغب أية إدارة أو‬
‫مرفؽ عمومي أف يسجؿ اسمو في الئحة سوداء ‪.‬‬

‫‪ - 5‬وظيفة "تقويـ" التشريع إلى جانب السمطات الموكولة ليا حؽ سف وتعديؿ القوانيف يكمف لموسيط‬
‫أف يشكؿ قوة اقتراحية لمالءمة بعض النصوص القانونية‪ ،‬أو مطابقتيا مع الواقع‪ ،‬وذلؾ مف خالؿ‬
‫التفسيرات التي يعطييا لمقتضيات بعض النصوص‪ ،‬أو انتقاداتو ألعماؿ اإلدارة‪ ،‬ومحاولتو اقتراح‬
‫حموؿ بديمة سواء إلصالح الضرر الحاصؿ أو لتعديؿ القوانيف القائمة‪ ،‬حتى يتـ تفادي تكرار نفس‬
‫‪158‬‬
‫‪.‬‬ ‫األخطاء واستمرار سوء التفاىـ بيف اإلدارة والمتعامميف معيا‬

‫ثانيا ‪ :‬الشروط الواجب توفرىا في الوسيط‬

‫باإلضافة إلى شرطي المروءة والكفاءة العالية الواجب توفرىما في الوسيط والفريؽ العامؿ معو‪،‬‬
‫البد لنجاح ىاتو المؤسسة مف توفر شروط أخرى‪ ،‬ومنيا عمى سبيؿ المثاؿ ‪:‬‬

‫‪ -‬االستعداد التاـ والقرب مف المواطف‪ ،‬فإذا أخذنا وضعية بالدنا‪ ،‬نجد أف أحد أىـ مشاكؿ المواطف مع‬
‫المرافؽ العمومية‪ ،‬ىو شعور المواطف بيوة تفصمو عف وعدـ اىتماـ ىذا األخير بتظمماتو ‪.‬‬

‫‪ -‬سيولة الوصوؿ أف المجوء إلى الوسيط وذلؾ مف خالؿ تبسيط مسطرة تمقي الشكايات وتنوع‬
‫المتدخميف (المتضرر البرلماف‪ ،‬التحريؾ المباشر مف طرؼ الوسيط‪ ،‬أو المنظمات غير الحكومة) ‪.‬‬

‫‪ -‬االنفتاح عمى جميع مكونات المجتمع‪ ،‬والعمؿ عمى تعزيز التواصؿ معيا‪ ،‬ييدؼ تسييؿ ميماتو‬
‫ودرئ سوء التفاىـ المحتمؿ حدودثو في حالة التقوقع واالبتعاد عف محيط المؤسسة ‪.‬‬

‫‪ -‬سمطة واسعة لمتحقيؽ في االدعاءات التي تتضمنيا التظممات التي يتوصؿ بيا‪ ،‬عف طريؽ تسييؿ‬
‫مأمورية باإلدارة والمرافؽ المنتظـ منيا ‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫‪ -‬ادرٌس بلماحً‪ :‬دراسة مقارنة فً اختصاصات مإسسة الوسٌط ‪ ، REMALD ،‬سلسلة مواضٌع الساعة ‪ ،‬عدد ‪، 1000، 10‬‬
‫ص‪. 816‬‬

‫‪121‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ -‬استقاللية الوسيط ‪159‬عف جميع مكونات المجتمع (اإلدارة والجية رافعة التظمـ‪ ،‬والجية التي يرفع‬
‫إليو التقرير السنوي) ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬أشكال تدخل الوسيط‬

‫أوؿ عممية يجب استيعابيا بخصوص مؤسسة الوسيط‪ ،‬وافياميا لجميع المتعامميف معو‪ ،‬ىي‬
‫أف الوسيط ليس منافسا لإلدارة وال بديال عف القضاء ‪.‬‬

‫فبخصوص العالقة األولى‪ ،‬مف الواجب نسج عالقة قائمة عمى ثقة متبادلة بيف الوسيط‬
‫واإلدارة‪ ،‬مف أجؿ التوصؿ إلى الحموؿ المبنية عمى سيادة القانوف ومبادئ العدؿ واإلنصاؼ ‪.‬‬

‫أما بشأف العالقة مع القضاء فالوساطة ال تمغي وال تحؿ محؿ المساطر المتبعة في حؿ‬
‫النزاعات اإلدارية‪ ،‬ولكنيا تؤسس لثقافة الحوار بيف المرفؽ والمرتفؽ‪ ،‬وتضع حذا لمعبة القطيعة‬
‫والصداـ بينيما‪ ،‬وايجاد حموؿ حبية وسريعة في احتراـ تاـ لمقانوف بعيدا عف تعقد وبطء المساطر‬
‫القضائية‪ ،‬وفي ذلؾ ربح وفائدة لكال الطرفيف ‪.‬‬

‫ويتوفر الوسيط عمى طريقتيف لمتدخؿ ‪:‬‬

‫‪ -‬عف طريؽ اإلقناع ‪ :‬وذلؾ بواسطة حث اإلدارة عمى األخذ بتوصياتو ومالحظاتو والتراجع عما كاف‬
‫سببا في التظمـ‪ ،‬وفي ىذا الباب يحتاج إلى عمؿ دؤوب عمى صعيد العقميات‪ ،‬وىنا تظير أىمية‬
‫السمطة المعنوية لموسيط مف خالؿ حنكتو وكفاءتو والمامو بالمجاؿ المتدخؿ فيو‪ ،‬واستقاللية وحيادة‪،‬‬
‫وتمسكو بمبادئ العدالة‪ ،‬ألنو يمثؿ في ىذه الحالة دور السمطة المعنوية التي لمطبيب عمى المريض‬
‫مف خالؿ تشخيص المرض ووصؼ العالج ‪.‬‬

‫ويبقى نجاح مسعى اإلقناع رىيف بمدى تفتح وتعاوف اإلدارات والمرافؽ المعنية بالوساطة مع الوسيط ‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫‪ -‬وتضمن استقاللٌة الوسٌط ‪ :‬طرٌقة ومسطرة التعٌٌن (بواسطة البرلمان وبعض التجارب تشترط حصول المرشح لمنصب الوسٌط‬
‫على موافقة ثلثً أعضاء البرلمان‪ ،‬أو تعٌٌن بواسطة مجلس وزراء)‪-.‬ضمانات عدم العزل أو المتابعة بمناسبة أدائه لمهامه ‪-‬توفٌر وسائل‬
‫عمل مادٌة وبشرٌة للوسٌط والفرٌق العامل معه ‪-‬دقة تحدٌد المهام حتى تتفادى تداخل أو تنازع االختصاصات ‪-‬مدة محددة غٌر قابلة‬
‫للتجدٌد فً ممارسة المهمة ‪-‬عدم ممارسة أٌة وظٌفة أو مهمة حرة انتخابٌة خالل الوالٌة المحددة‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ -‬عف طريؽ الردع‪ ،‬وىي وسيمة غير محبذة ألنيا ستكوف مصدر صراع بيف الوسيط واإلدارة المتنازع‬
‫معيا‪ ،‬وقد تمارس عف طريؽ النشر الواسع لتقارير الوسيط‪ ،‬وبالتالي تشكيؿ قوة ضعؼ مف طرؼ‬
‫الرأي العاـ عمى اإلدارة التي يشار إلى عدـ تعاونيا مع الوسيط ‪.‬‬

‫وكما سبقت اإلشارة ال ترغب أية مؤسسة في أف تسجؿ في صفحات سوداء مف جية أخرى ال يجب‬
‫أف يكوف مصدر التوصيات والحموؿ المقترحة مف طرؼ الوسيط‪ ،‬الشقة أو اإلحساف أو إرضاء‬
‫لمخواطر ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬عالقة مؤسسة الوسيط مع القضاء‬


‫‪160‬‬
‫وممارسة رقابة‬ ‫باستثناء السويد وفمندا‪ ،‬المذاف يمكف فييما لموسيط تحريؾ الدعوى العمومية‬
‫حتى عمى اعماؿ القضاء‪ ،‬فإف باقي األنظمة التي أخذت بنظاـ الوسيط مؤسسة القضاء مف‬
‫اختصاصاتو‪ ،‬وذلؾ احتراما لمبادئ جوىرية في الممارسة الديمقراطية والمتمثمة في فصؿ السمط‪،‬‬
‫واستقاللية القضاء والتوازف الدستوري لمسمط ‪.‬‬

‫وبالرغـ مف اإلصرار عمى قدسية استقالؿ القضاء‪ ،‬فمف يكوف ىناؾ أسي تأثير إذا ما تدخؿ‬
‫الوسيط في حالتيف‪- :‬حالة عدـ تنفيذ األحكاـ القائية او ‪-‬حالة بطء المسطرة ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في ىذا الباب إلى التساؤؿ حوؿ الطبيعة القانوينة لموسيط ىؿ ىو سمطة إدارة‬
‫أـ ال ؟‬

‫كاف الجواب مجمس الدولة الفرنسي في قرار لو في ‪ 42‬يوليوز ‪ 2:92‬بأف لموسيط طابع سمطة‬
‫إدارية » ‪ ،« le médiateur a le caractère d’une autorité administrative‬األمر الذي‬
‫يفتح المجاؿ لمطعف أماـ المحاكـ المختصة في الق اررات التي يمكف أف يتخذىا الوسيط‪ ،‬غير أف قرار‬
‫مجمس الدولة المذكورة اعتبر أجوبة الوسيط ال تكتسي طابع الق اررات اإلدارية‪ ،‬وبالتالي فيي غير قابمة‬
‫لمطعف ‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫‪ -‬ال تعد مإسسة الوساطة حكرا على الحضارة الغربٌة بال عرفت الحقب التارٌخٌة المتقدمة على اإلسالم ممارسة ما ٌعرف بـ عقد الحلق‬
‫لرد المظالم وفً صدر اإلسالم عرفت مإسسة والٌة المظالم كانت لها مرتبة أعلى حتى من القضاء‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫ويبقى ذلؾ منطقيا ألف الوسيط ال يصدر إال توصيات‪ ،‬وحتى في حالة مطالبتو بمتابعة تأديبية‬
‫لموظؼ‪ ،‬فإف ما يمكف الطعف فيو ىو القرار الذي ستتخذه اإلدارة تنفيذا لمتوصية ‪.‬‬

‫غير أنو بتفحص الفصؿ ‪ 21‬مف القانوف المحدث لموسيط بفرنسا‪ ،‬فإننا نجد أف بإمكاف الوسيط‬
‫اتخاذ إجراءات تأديبية أو تحريؾ دعوى أماـ المحكمة الزجرية في حالة عدـ وجود سمطة مختصة واذا‬
‫ما حدث ذلؾ يكوف الوسيط قد انتقؿ مف مجاؿ التوصية غير القابمة لمطعف إلى مجاؿ الق اررات‬
‫‪161‬‬
‫‪.‬‬ ‫اإلدارية‬

‫كما أنو في اآلونة األخيرة بدأ التفكير جديا في تفعيؿ ىذا الجياز‪ ،‬لما في تحريؾ آليات الرقابة‬
‫‪162‬‬
‫‪.‬‬ ‫الداخمية مف انعكاسات إيجابية عمى المرفؽ ومحيطو معا‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬االطار الدستوري لمجمس المنافسة والييأة الوطنية لمنزاىة والوقاية من‬
‫الرشوة‬

‫نص القانوف األسمى عمى أف مجمس المنافسة (الفقرة االولى) ىيئة مستقمة‪" ،‬مكمفة في إطار‬
‫تنظيـ منافسة حرة ومشروعة بضماف الشفافية واإلنصاؼ في العالقات االقتصادية‪ ،‬خاصة مف خالؿ‬
‫تحميؿ وضبط وضعية المنافسة في األسواؽ‪ ،‬ومراقبة الممارسات المنافية ليا والممارسات التجارية غير‬
‫المشروعة وعمميات التركيز االقتصادي واالحتكار" ‪.‬‬

‫وبخصوص الييئة الوطنية لمنزاىة والوقاية مف الرشوة ومحاربتيا (الفقرة الثانية)‪ ،‬أكد الدستور‬
‫عمى أف ىذه الييئة تتولى‪ ،‬عمى الخصوص‪" ،‬مياـ المبادرة والتنسيؽ واإلشراؼ وضماف تتبع تنفيذ‬

‫‪161‬‬
‫‪ -‬تمت الصٌاغة باالعتماد على المرجعٌات التالٌة‪:‬‬

‫أوال‪ :‬القوانٌن المنظمة لمإ سسة الوسٌط فً كل من السوٌد وفلندة والدانمارك وفرنسا وبرٌطانٌا وكندا‬

‫‪-André legrand : l’OMBASUDMAN scandicave, études comparées sur le contrôle de l’administration.‬‬

‫‪-Nahalie Margarite Kerbber : l’ombudsman Israélien ed Pedone, 8973.‬‬

‫‪-162‬‬
‫ندوات وزارة الوظٌفة العمومٌة واإلصالح ودعوى وزٌر العدل عقب إعالن نتائج المجلس األعلى للقضاء ٌوم ‪ 7‬مارس ‪ 1000‬إلى‬
‫ضرورة إصالح المفتشٌة العامة وإعطاءها دورا أكبر‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫سياسات محاربة الفساد‪ ،‬وتمقي ونشر المعمومات في ىذا المجاؿ‪ ،‬والمساىمة في تخميؽ الحياة العامة‪،‬‬
‫وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة‪ ،‬وثقافة المرفؽ العاـ‪ ،‬وقيـ المواطنة المسؤولة ‪.‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬مجمس المنافسة‬

‫أصبح مجمس المنافسة مؤسسة دستورية بمقتضى الدستور الجديد‪ ،‬الذي خولو سمطات في ما‬
‫يتعمؽ بالمنافسة وضماف احتراـ شروطيا‪ ،‬ومتعو باالستقاللية‪ ،‬إذ ينص الفصؿ ‪ 277‬عمى أف المجمس‬
‫ىيأة مستقمة‪ ،‬مكمفة في إطار تنظيـ منافسة حرة ومشروعة بضماف الشفافية واإلنصاؼ في العالقات‬
‫االقتصادية‪ ،‬خاصة مف خالؿ تحميؿ وضبط وضعية المنافسة في األسواؽ‪ ،‬ومراقبة الممارسات‬
‫‪163‬‬
‫‪.‬‬ ‫المنافية ليا‬

‫والممارسات التجارية غير المشروعة وعمميات التركيز االقتصادي واالحتكار‪ .‬وأشار الفصؿ‬
‫‪ 282‬إلى أنو ستحدد صالحياتو وتشكيمتو وتنظيمو وقواعد تسييره بمقتضى قانوف أساسي‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أف مشروع القانوف المتعمؽ بيذه المؤسسة يوجد حاليا في األمانة العامة لمحكومة‬
‫بعد إحالتو مف طرؼ و ازرة الشؤوف االقتصادية والعامة‪ ،‬إذ عرؼ إعداده العديد مف المشاورات بيف‬
‫مختمؼ المعنييف بيذا المجاؿ‪ .‬ويمكف أف تشكؿ ىذه المؤسسة بعد المصادقة عمى قانونيا األساسي‬
‫آلية ردع لكؿ أشكاؿ الريع ووضعيات االحتكار والممارسات المخمة بقواعد المنافسة الحرة والنزيية‪،‬‬
‫سيما أنو يمنح ليا سمطات واسعة في ىذا المجاؿ ‪.‬‬

‫وأشارت مصادر إلى أف المشروع المعروض‪ ،‬حاليا‪ ،‬عمى األمانة العامة لمحكومة‪ ،‬خوؿ‬
‫سمطات واسعة ليذه المؤسسة في ما يتعمؽ بمراقبة مدى احتراـ المتدخميف في السوؽ لشروط المنافسة‪،‬‬
‫خاصة بعد أف أصبح المجمس مؤسسة دستورية في الدستور الجديد‪ .‬ومف بيف التعديالت التي أدخمت‬
‫في مشروع القانوف الجديد تدعيـ استقاللية المؤسسة تجاه السمط األخرى‪ ،‬إذ نص عمى االستقاللية‬
‫اإلدارية والمالية‪ ،‬إذ لف يصبح المجمس‪ ،‬بعد المصادقة عمى المشروع‪ ،‬تابعا لمو ازرة األولى في ما يتعمؽ‬
‫بميزانية تسييره‪ ،‬كما ىو الوضع حاليا‪ ،‬ما يمثؿ تبعية لمسمطة التنفيذية ويتنافى مع مبدأ االستقاللية‬

‫‪163‬‬
‫‪ -‬محمد الزرقتً العٌادي ‪ :‬مجلس المنافسة والهٌاكل المكلفة بتطبٌق القانون ‪ ،‬مجلة طنجٌس ‪،‬العدد الثالث ‪ ، 1005‬ص ‪.803‬‬

‫‪125‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫المعتمد في البمداف الديمقراطية بالنسبة إلى مثؿ ىذه المؤسسات‪ .‬وفي ىذا اإلطار نص المشروع عمى‬
‫تخصيص ميزانية مستقمة لممجمس‪ .‬كما أصبح يتمتع‪ ،‬في إطار المشروع الجديد‪ ،‬بسمطات تقريرية في‬
‫ما يتعمؽ بمراقبة واحتراـ شروط ومعايير المنافسة ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة كذلؾ إلى أف ميمة المجمس‪ ،‬في ظؿ قانونو األساسي الحالي‪ ،164‬تقتصر عمى‬
‫دور استشاري‪ ،‬وال يمكنو مباشرة مراقبة أو تحقيؽ دوف أف يتوصؿ بطمب بذلؾ مف طرؼ الجيات‬
‫المخولة بمقتضى النصوص القانونية المعموؿ بيا حاليا‪ ،‬والمتمثمة في الييآت المينية والمجف البرلمانية‬
‫وغرؼ التجارة والصناعة والخدمات‪ ،‬إذ‪ ،‬إضافة إلى عدـ إمكانيتو فتح تحقيؽ مف تمقاء ذاتو‪ ،‬كاف عدد‬
‫الجيات المخوؿ ليا المجوء إلى المجمس محدودا‪ .‬لكف المشروع الحالي يعطي لممؤسسة إمكانية إجراء‬
‫تحقيؽ كمما تبيف ليا أف ىناؾ خرقا لشروط المنافسة الشرعية‪ .‬ويمزـ المشروع المقاوالت واألشخاص‬
‫الذاتييف والفاعميف المعنييف بمجاالت تدخؿ المجمس أف يمدوا المؤسسة بالمعطيات التي تحتاجيا في‬
‫بحثيا‪ .‬كما يتيح المشروع أف يباشر المجمس بنفسو التحقيؽ‪ ،‬في حيف أف ىذه الميمة مخولة بمقتضى‬
‫القانوف الحالي إلى مديرية األسعار والمنافسة التابعة لو ازرة الشؤوف االقتصادية والعامة ‪.‬‬

‫ويمكف لممجمس‪ ،‬في ظؿ القانوف المقبؿ‪ ،‬أف يحدد العقوبات في حؽ المخالفيف لقواعد‬
‫المنافسة‪ ،165‬ويمكف أف تصؿ العقوبات المالية إلى ‪ 311‬مميوف سنتيـ بالنسبة إلى األشخاص الذاتييف‪،‬‬
‫و‪ 8‬في المائة مف رقـ المعامالت دوف احتساب الرسوـ بالنسبة إلى المقاوالت‪ ،‬كما يتيح لو المشروع‬
‫إمكانية المجوء إلى القضاء إذا كانت المخالفات ذات طابع جنائي ‪.‬‬

‫لكف قبؿ الوصوؿ إلى القضاء‪ ،‬فإف المسطرة تقتضي تمكيف الجية المعنية مف نتائج بحث‬
‫المجمس مف أجؿ التمكف مف الرد عمييا داخؿ أجؿ شيريف‪ ،‬قبؿ إصدار الق اررات‪ ،‬ويظؿ لممعنييف بيا‬
‫حؽ االستئناؼ‪ ،‬إذ ستنشأ غرؼ خاصة بمحاكـ االستئناؼ التجارية مف أجؿ النظر في ىذه القضايا ‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 1.00.831‬الصادر فً ‪ 87‬شتنبر ‪ 1008‬لتطبٌق قانون ‪ ،06.99‬المتعلق بحرٌة االسعار والمنافسة‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫‪ -‬واجه مجلس المنافسة مجموعة من الصعوبات المرتبطة بطبٌعة المهام التً ٌقوم بها والعالقات التً تربطه بالسلطات العمومٌة‬
‫والقضاء‪ ،‬خاصة وأن المجلس ال ٌتوفر على إمكانٌة اإلحالة الذاتٌة وال على آلٌات للتحقٌق فً القضاٌا المرتبطة بخلق الشروط‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وأدخؿ مشروع القانوف المعروض عمى األمانة العامة لمحكومة تعديالت عمى ىيكمة مكتب‬
‫المجمس مع الحفاظ عمى عدد األعضاء نفسو‪ ،166‬وسيضـ ثالثة قضاة‪ ،‬وثالثة خبراء في المياديف‬
‫االقتصادية وقضايا المنافسة‪ ،‬وخبيريف في الشؤوف القانونية‪ ،‬وممثميف عف رجاؿ األعماؿ‪ ،‬كما يضمف‬
‫المشروع تمثيمية جمعيات حماية المستيمكيف في المكتب ‪.‬‬

‫إف لمجمس المنافسة دور ميـ في ترسيخ مفيوـ دولة الحؽ والقانوف ببالدنا‪ ،‬وتحقيؽ المنافسة‬
‫الشريفة والنزاىة في دعـ التنمية االقتصادية والعدالة االجتماعية وتحسيف مناخ األعماؿ واالستثمار‪،‬‬
‫سواء فيما يتعمؽ بالبث في القضايا المعروضة عميو أو في مجاؿ المبادرات التواصمية والتحسيسية التي‬
‫قاـ بيا مع مختمؼ الجيات ذات العالقة أو فيما يخص الدراسات التي أشرؼ عمييا‪ ،‬وكذا العديد مف‬
‫العالقات التي استطاع أف ينسجيا مع الييآت والمنظمات الدولية المماثمة‪ ،‬وىو ما مف شأنو أف يساىـ‬
‫في تحسيف مناخ العمؿ وجذب االستثمار والمساىمة في تقوية الدينامية االقتصادية المطردة التي‬
‫مافتئ يشيدىا المغرب في السنوات األخيرة ومرافقة الحراؾ الحالي الذي أنتجو دسترة ىيئات الحكامة‬
‫الجيدة ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الييأة الوطنية لمنزاىة والوقاية من الرشوة ومحاربتيا‬

‫لقد أناط المرسوـ المحدث لمييأة المركزية لموقابة مف الرشوة سابقا‪ ،‬والييأة الوطنية لمنزاىة‬
‫والوقاية مف الرشوة ومحاربتيا حسب وصؼ الدستور الجديد ليا بيذه الييأة اختصاصات محددة مف‬
‫خالؿ المادة الثانية مف المرسوـ إياه‪ ،‬يمكف إجماليا في المحاور التالية‪ :‬التشخيص‪ ،‬التقييـ‪ ،‬االستشارة‪،‬‬
‫االقتراح‪ ،‬التعاوف‪ ،‬التواصؿ وتمقي الشكايات‪ ،‬وفي ىذا اإلطار تقوـ الييأة في نفس الوقت بػ ‪:‬‬

‫‪-166‬‬
‫حسب القانون الحالً المجلس ٌتكون من ‪ 85‬عضوا بمن فٌهم الرئٌس‪:‬‬

‫‪ -‬ستة أعضاء ٌمثلون اإلدارة (ممثل عن الوزٌر المكلف بالعدل ممثل عن الوزٌر المكلف بالداخلٌة‪ ،‬ممثل عن الوزٌر المكلف بالمالٌة‪ ،‬ممثل‬
‫عن األمٌن العام للحكومة‪ ،‬ممثل عن الوزٌر المكلف بالشإون العامة للحكومة‪ ،‬ممثل عن الوزٌر المكلف بالتخطٌط)؛‬

‫‪ -‬ثالثة أعضاء ٌتم اختٌارهم بعد توافرهم على الشروط الضرورٌة من خبرة ودراٌة فً مجال القانون واالقتصاد والمنافسة واالستهالك؛‬
‫‪ -‬وثالثة أعضاء ٌزاولون أو سبق لهم مزاولة نشاطهم فً مجاالت أو قطاعات اإلنتاج والتوزٌع والخدمات‪.‬‬

‫إذن ٌالحظ غٌاب أي تمثٌلٌة للمقاوالت وللفاعلٌن االقتصادٌٌن داخل مجلس المنافسة‪ ،‬مع العلم أنهم ٌشكلون الحلقة األساسٌة والركٌزة‬
‫الصلبة فً االقتصاد الوطنً وأنهم المعنٌٌون األولون بالمنافسة وتنظٌمها‪. .‬‬

‫‪127‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ -‬اقتراح التوجيات الكبرى لسياسة الوقاية مف الرشوة عمى الحكومة‪ ،‬والسيما فيما يتمعؽ بالتعاوف بيف‬
‫القطاع العاـ والخاص لمكافحة الرشوة ‪.‬‬

‫‪ -‬اقتراح التدابير الرامية إلى تحسيس الرأي العاـ وتنظيـ حمالت إعالمية ليذا الغرض ‪.‬‬

‫‪ -‬التعاوف مع اإلدارات والمنظمات المعنية في تنمية التعاوف الدولي في مجاؿ الوقاية مف الرشوة ‪.‬‬

‫‪ -‬تتبع وتقييـ التدابير المتخذة لتنفيذ سياسة الحكومة في ىذا المجاؿ وتوجيو توصيات إلى اإلدارات‬
‫والييئات العمومية والمقاوالت الخاصة ‪.‬‬

‫‪ -‬إخبار السمطة القضائية المختصة بجميع األفعاؿ التي تبمغ إلى عمميا بمناسبة مزاولة مياميا‪ ،‬والتي‬
‫‪167‬‬
‫وتضفي ىذه االختصاصات المسندة إلى الييأة الوطنية‬ ‫تعتبرىا أفعاال مف شأنيا أف تشكؿ رشوة‬
‫لمنزاىة والوقاية وتضفي ىذه االختصاصات المسندة إلى الييأة الوطنية لمنزاىة والوقاية مف الرشوة‬
‫ومحاربتيا خصوصيات معينة يمكف إجماليا كما يمي ‪:‬‬

‫‪ -‬الخصوصية األولى ‪:‬‬

‫تتجمى في توفرىا عمى ىياكؿ منفتحة عمى مختمؼ مكونات المجتمع‪ ،‬وتتكوف مف ‪:‬‬

‫‪ -‬جمع عاـ مف ‪ 56‬عضوا يتولى مياـ التصور واالقتراح ويتوفر عمى تمثيمية متنوعة ومتوازنة‬
‫لمختمؼ الييئات الو ازرية المعنية بمسألة مكافحة الرشوة (‪ )27‬والييئات المينية والنقابية (‪)25‬‬
‫وفعاليات المجتمع المدني والوسط األكاديمي (‪ ،)24‬باإلضافة إلى رئيس الييئة ووالي المظالـ (تـ‬
‫إلغاء والية المظالـ واستبداليا بمؤسسة الوسيط) ‪.‬‬

‫‪ -‬لجنة تنفيذية ‪:‬‬

‫مكونة مف ‪ :‬أعضاء تتولى تتبع الق اررات والتوصيات مستمدة مف نفس التمثيمية المتوعة لمجمع العاـ‪،‬‬
‫وتتوخى ىذه التمثيمية لممقاربة الجماعية والتشاركية في مجاؿ الوقاية مف الرشوة ‪.‬‬

‫‪ -‬الخصوصية الثانية ‪ :‬تتجمى في استقاللية الييأة ‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫‪ٌ -‬نتظر أن ٌصدر قانون جدٌد عن البرلمان ٌدقق اختصاصات الهٌؤة وٌعززها باتجاه توسٌعها وخاصة فً مجال اإلحالة المباشرة على‬
‫القضاء بالنسبة لألفعال التً تٌبلغ إلى عمله أثناء مزاولة مهامه والتً من شؤنها أن تشكل رشوة‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫ويبدو ذلؾ مف خالؿ اإلطار التنظيمي الذي ينص عمى تعييف ممثمي القطاعات الو ازرة داخؿ الييأة‬
‫بصفة شخصية‪ ،‬ويمزـ باعتماد أغمبية أصوات األعضاء الحاضريف في اتخاذ ق اررات وتوصيات الجمع‬
‫العاـ ‪.‬‬

‫وتتعزز ىذه االستقاللية مف خالؿ اقتصار مصادقة الوزير األوؿ عمى النظاـ الداخمي‪ ،‬في حيف أف‬
‫‪168‬‬
‫ويعطي المرسوـ‬ ‫جميع مداوالت وق اررات الجمع العاـ والمجنة التنفيذية ال تستدعي أية مصادقة‬
‫المؤسس لمييئة إمكانية االرتقاء بتوصياتيا مف مستوى االقتراح إلى مستوى ممارسة السمطة المعنية‬
‫عبر التتبع والمواكبة‪ ،‬خصوصا بتخوليا صالحية إصدار تقرير سنوي يرفع إلى الوزير األوؿ ووزير‬
‫العدؿ‪ ،‬والعمؿ عمى نشره وتوزيعو‪ ،‬ويتأسس ىذا التقرير عمى المادة ‪ 7‬المرسوـ المنشئ لمييأة وتمكف‬
‫ىذه الخصائص العامة التي تتميز بيا الييأة المركزية لمنزاىة والوقاية مف الرشوة مف االضطالع بدور‬
‫ىاـ في مكافحة الفساد وتخميؽ الحياة العامة‪ ،‬وفي مقدمتيا اإلدارة العمومية‪ ،‬وخاصة إذا وفرت ليا‬
‫اإلمكانيات والوسائؿ‪ ،‬حسبما تنص عمى ذلؾ الماجة السادسة مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الفساد‬
‫‪.‬‬

‫‪ -‬دور الييأة الوطنية لمنزاىة والوقاية مف في تخميؽ اإلدارة العمومية‬

‫قامت الييأة الوطنية لمنزاىة والوقاية مف الرشوة سابقا‪ ،‬في إطار اختصاصاتيا اليادفة إلى محاربة‬
‫الرشوة والمساىمة في تخميؽ الحياة‪ ،‬كخطوة أولى عقب تأسيسيا‪ ،‬تمثمت في تشخيص ظاىرة الرشوة‬
‫بالمغرب استنادا عمى التقارير الوطنية والدولية فتأكد ليا تغوؿ الظاىرة واكتساحيا لمختمؼ البنيات‬
‫المؤسساتية واالقتصادية والسياسية والتربوية‪ ،‬فتقدمت في إطار البنيات المؤسساتية واالقتصادية‬
‫والسياسية والتربوية‪ ،‬فتقدمت في إطار تفعيؿ دورىا االقتراحي إلى السمطات العمومية بثمانية توجيات‬
‫استراتيجة ترجمت إلى ‪ 36‬اقتراحا تـ تصريفيا في ‪ 224‬إجراء ميداني‪ ،‬ىمت بشكؿ عاـ اآلليات‬
‫الزجرية‪ ،‬واصالح منظومة الصفقات‪ ،‬والقطاعييف العاـ والخاص‪ ،‬واإلعالـ والتواصؿ‪ ،‬وفيما يتعمؽ‬
‫بميمة التعاوف والتنسيؽ‪ ،‬شاركت الييأة في إحداث مرصد لألخالقيات في المجاؿ الجمركي‪ ،‬كما‬

‫‪-168‬‬
‫عبد السالم أبو درار‪ ،‬محاضرة حول الهٌئة المركزٌة للو قاٌة من الفساد ورهان مكافحة الفساد نظمتها جمعٌة سال المستقبل بالخزانة‬
‫العلمٌة الصبٌحٌة‪ ،‬األربعاء ‪ 11‬دجنبر ‪.1080‬‬

‫‪129‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وضعت بوابة مشتركة لمتبميغ عف ممارسات الرشوة مف طرؼ المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،169‬مثمما‬
‫فتحت المجاؿ أماـ المواطنيف لتمقي شكاياتيـ والتبميغ عف أفعاؿ الفساد‪ ،‬وعمى مستوى دورىا‬
‫االستشاري قدمت الييأة تصورىا حوؿ مشروع إصالح القضاء بما يؤدي إلى تعزيز اإلجراءات‬
‫‪170‬‬
‫‪.‬‬ ‫الزجرية‪ ،‬ومشروع إصالح الصفقات العمومية‬

‫وفي إطار تقييميا لمجيودات الدولة لمحاربة الفساد وتخميؽ الحياة العامة خمصت الييئة إلى‬
‫المالحظات األساسية ‪:‬‬

‫‪ -‬ةخمو البعد االستراتيجي لمكافحة الفساد مف رؤية شمولية وجدولة زمنية وآليات لمتتبع والتنسيؽ‬
‫والتقييـ ‪.‬‬

‫‪ -‬وجود ترسانة قانونية واسعة ومالئمة لكنيا غير كافية عمى مستوى ‪.‬‬

‫‪ -‬اآلليات الزجرية حيث يالحظ عمى سبيؿ المثاؿ غياب تجريـ المحاولة عدـ التنصيص عمى األغيار‬
‫الوسطاء والموظفيف العمومييف واألشخاص المعنوييف وانعداـ الحماية القانونية لممبمغيف في عممية‬
‫الرشوة تجدر اإلشارة غمى أنو قد صدر مؤخ ار قانوف يحمي الممغيف والشيود في عممية الرشوة) ‪.‬‬

‫‪ -‬اآلليات الوقائية حيث يالحظ غياب تشريع يكفؿ الولوج إلى المعمومات‪ ،‬ضعؼ فعالية تطبيؽ‬
‫المقتضيات المتعمقة بتعميؿ الق اررات اإلدارية ومنع الجمع بيف الوظائؼ وتضارب المصالح‪ ،‬إضافة إلى‬
‫وجود ثغرات تيـ كؿ مف القوانيف المتعمقة بالتصريح بالممتمكات واالنتخابات والصفقات‪...‬‬

‫‪ -‬وجود إطار مؤسساتي شامؿ لكنو يفتقر لمتناسؽ بفعؿ ‪.‬‬

‫‪ -‬ضعؼ المراق بة البرلمانية المتجمي عمى الخصوص في عدـ إيداع قانوف التصفية وفي عدـ تسميـ‬
‫تقارير المجنة البرلمانية لتقصي الحقائؽ إلى العدالة ‪.‬‬

‫‪ -‬محدودية فعالية المحاكـ المالية نظ ار لضعؼ الموارد البشرية وعدد الحسابات المدلى بو وضآلة‬
‫القررات المبمغة ومحدودية المتابعات ‪.‬‬
‫ا‬

‫‪-169‬‬
‫إطالق البوابة اإللكترونٌة أوقفو الرشوة ‪www.stopcorruption.ma‬‬
‫‪170‬‬
‫‪ -‬أنظر تفاصٌل وافٌة عن دور الهٌؤة المركزٌة للوقابة من الرشوة فً تقرٌرها السنوي برسم ‪.1009‬‬

‫‪130‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪ -‬تذبذب الجياز القضائي حيث ال وجود لقضاء متخصص ويتـ إخضاع المتابعات لمبدأ‬
‫‪171‬‬
‫‪.‬‬ ‫المالئمة‪....‬إلخ‬

‫ليست الدسترة ىدفا في حد ذاتيا بؿ ىي وسيمة لضبط المؤسسات والسموكيات والصالحيات‬


‫وإلعماؿ المحاسبة عمى أساس ىذه الصالحيات‪ ،‬فالدسترة ىي مثؿ ذلؾ المسمط الضوئي الذي يوجو‬
‫أضواءه الالمعة إلى مناطؽ وأجساـ ظؿ‪ ،‬حتى يظير لمعياف مكانيا وتصرفيا ومجاؿ تحركيا‪ ،‬وبالتالي‬
‫يسيؿ متابعتيا ومسايرة فعميا وأدائيا وتحركيا ‪.‬‬

‫إف الدسترة ىي بداية الطريؽ وتسميط الضوء ينبغي أف يتبع بآلية التحكـ في الجسـ المسمط‪،‬‬
‫وفعالية آلية التحكـ مقرونة بطريقة تشكؿ ىذه المؤسسات المدسترة‪ ،‬والطريقة مرىونة بالنظاـ العاـ‬
‫المتبع في تشكيؿ مثؿ ىذه المؤسسات ‪،‬ويجب التأكيد اف الديمقراطية أداة لتحقيؽ مناط اإلشراؾ الفعمي‬
‫لممجتمع في االختيار والتقرير والتقويـ‪ ،‬وبالتالي فدمقرطة ىذه المؤسسات يقتضي أف يسري عمييا مبدأ‬
‫االختيار الحر الذي يعبر عمى رضا المجتمع عمييا باعتبارىا مؤسسات وطنية عميا تسير عمى خدمة‬
‫المصالح الكبرى لممجتمع ‪.‬‬

‫المطمب الثاني ‪ :‬حكامة البعد التدبيري لممرافق العامة‬

‫لقد جاء دستور ‪،3122‬بمجموعة مف الضمانات مف أجؿ تدعيـ القيـ الديمقراطية وترسيخ‬
‫دولة القانوف‪ ،‬التي شكمت اليدؼ األساسي لكؿ السياسات التي نيجيا المغرب مند حصولو عمى‬
‫االستقالؿ‪ ،‬بإقامة دولة الحكامة الديمقراطية في إطار سيادة القانوف واحتراـ حقوؽ اإلنساف كتعبير عف‬
‫الفمسفة العامة التي أسسيا مف أجؿ إحداث التغيير المنشود والحد مف االختالالت وسوء التدبير الذي‬
‫تعاني منو مؤسسات الدولة‪ ،‬والسعي نحو حكامة البعد التدبيري لممرافؽ العامة وعميو فقد نص دستور‬
‫‪ 3122‬عمى مبدأ الديمقراطية كخيار استراتيجي لتحقيؽ التنمية في مجاؿ التدبير اإلداري باعتبارىا‬
‫إحدى ركائز الدولة الحديثة‪ ،‬ومبادئ الحكامة الرشيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة باعتبارىما الطريؽ‬
‫الوحيد إلحداث التغيير العميؽ ألساليب التدبير اإلداري القائـ عمى إرس ػػاء ثقافػػة التدبػير المرتكػز عمى‬
‫النتائػػج و الفعاليػػة‪ ،‬واعتماد مقاربة تشاركية متجددة تشكؿ قطيعة مع المنيجيات التقميدية طبعت تاريخ‬

‫‪171‬‬
‫‪ -‬أنظر تقٌٌم الهٌؤة المركزٌة للوقاٌة من الرشوة للمإسسات والقوانٌن الوطنٌة ذات الصلة بمحاربة الرشوة‪ ،‬فً تقرٌر الهٌؤة المركزٌة‬
‫برسم ‪. 1009‬‬

‫‪131‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫االدارة المغربية‪،‬كما تـ التنصيص عمى مجموعة مف المبادئ منيا مبدأ خضوع اإلدارات العمومية‬
‫ومرافؽ الدولة والجماعات الترابية في تدبيرىا اإلداري لممبادئ الديمقراطية والعقالنية واألخالقية‪،‬‬
‫وترسيخ الفعالية والتنافسية ( الفرع األوؿ) الحكامة التدبيرية (الفرع الثاني)‪ .‬المتمثمة في المراقبة‬
‫والمشاركة والممحة في ضرورة اصدار ميثاؽ المرافؽ العامة ووضع ميثاؽ اخالقي ‪.‬‬

‫الفرع ال ول ‪ :‬ترسيخ مبدئي الفعالية والتنافسية‬

‫وعميو فبعدما كاف احتراـ القانوف يمثؿ عنص ار أساسي ومكونا لعقالنية ومشروعية أعماؿ‬
‫المرافؽ العمومية‪ ،‬أصبح حاليا أداة في خدمة الفعالية والتنافسية وأصبحت ىذه المبادئ ىي التي‬
‫تؤسس أعماؿ ىذه األخيرة‪ ،‬وتقوي رأسماؿ مشروعيتيا‪ ،‬حيث أصبحت المرافؽ العمومية تخضع لمبدأ‬
‫الفعالية )الفقرة األولى(‪ ،‬بالمعنى االقتصادي لمكممة‪ ،‬أي تحقيؽ أكبر مردودية بأقؿ تكمفة وفي أسرع‬
‫وقت ممكف‪ ،‬باإلضافة إلى مبدأ التنافسية )الفقرة الثانية( الذي سيساعد المرافؽ العمومية العمومية عمى‬
‫اكتساب القوة الضرورية بغية مسايرة القوة التنافسية‪ ،‬وما بات يعرؼ باألسواؽ المفتوحة المحمية‬
‫‪172‬‬
‫‪.‬‬ ‫واألجنبية‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬مبدأ الفعالية‬


‫‪173‬‬
‫بحيث لـ‬ ‫يسجؿ حدوث تحوؿ عميؽ عمى مستوى شرعية األطر التقميدية لممرافؽ العمومية‬
‫تعد ىذه األخيرة تقوـ عمى مقولة المصمحة العامة التي أصبحت عبارة عف مفيوـ ىالمي يستخدـ‬
‫بطريقة اعتباطية مف أجؿ أف يصمح ألي شيء‪ ،174‬وال أدؿ عمى ذبؾ كوف ىذا المفيوـ استعمؿ مثال‬
‫لزيادة سمطة اإلدارة التقميدية بالنظر إلى غموض المفيوـ‪ ،‬مما جعمو قابال الكتسابو مضاميف متعددة‬
‫عمى نحو تسيؿ استعماالتو اإليديولوجية التي تترؾ لإلدارة مجاال واسعا ‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫‪ -‬عبد الفتاح أعبٌس‪" :‬حكامة تدبٌر المرافق العمومٌة من الحدود إلى التحدٌات " مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.17‬‬

‫‪173‬‬
‫‪ -‬مزٌن عادل " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري " رسالة لنٌل دبلوم الدراسات العلٌا المعمقة‪ .‬وحدة القانون اإلداري وعلم‬
‫اإلدارة‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلٌة العلوم القانونٌة واالقتصادٌة واالجتماعٌة أكدال‪ ،‬الرباط‪ 1001-1008 .‬ص ‪.36 -33‬‬

‫‪- 174‬‬
‫عبد العالً قرقوري‪ " :‬بٌن المرفق العام وظله " ‪.‬م‪.‬م ‪.‬ا‪.‬م‪.‬ت سلسلة مواضٌع الساعة‪ ،‬العدد ‪ 1001 ،53‬ص ‪.61 - 888‬‬

‫‪132‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وبموازاة مع ذلؾ‪ ،‬يسجؿ حدوث تحوؿ آخر عمى مستوى التدبير‪ ،‬حيث يمكف الحديث عف‬
‫أسس جديدة إلى درجة يمكف معيا المجازفة بالقوؿ بتراجع إيديولوجية المصمحة العامة )أوال( لصالح‬
‫‪175‬‬
‫)ثانيا( ‪.‬‬ ‫إيديولوجية الفعالية‬

‫أوال ‪ :‬تراجع إيديولوجية المصمحة العامة‬

‫مثؿ جميع اإليديولوجيات‪ ،‬تمارس المصمحة العامة وظيفة مزدوجة‪ ،‬فباإلضافة إلى اعتبارىا‬
‫مبدأ لممشروعية حيث تقوي مف انخراط المواطنيف في األنشطة‪ ،‬وتشكؿ آلية ىامة لمعامميف بالمرافؽ‬
‫العمومية تساعد عمى تجاوزىـ لمصراعات وتكويف ىويتيـ الجماعية‪ ،‬مما يشكؿ عامال ميما لحركية‬
‫المرافؽ العمومية‪ ،‬نظ ار لمتالزـ الحاصؿ بيف التمسؾ بإيديولوجية الصالح العاـ وفعالية ىذه األخيرة‪.‬‬

‫والواقع أف ىذا المفيوـ استعمؿ ذريعة لتبرير تصرفات المرافؽ العمومية‪ ،‬واكساب المشروعية‬
‫المتيازاتيا‪ ،‬ويمكف أف تبرىـ عمى ىذا بشكؿ جزئي مف خالؿ استعماؿ قرينة اتساع اليامش التقديري‬
‫الذي يخوؿ السمطات العمومية وحدىا حؽ تحديد وتسمية ما يعتبر مصمحة عامة وما ليس كذلؾ‪،176‬‬
‫ومف تـ فكؿ أعماؿ المرافؽ العمومية التي ال تستند إلى نص قانوني يمكف أف تجد مشروعيتيا مف‬
‫خالؿ خدمتيا لممصمحة العامة ‪.‬‬

‫وال شؾ أف اعتبار المرافؽ العمومية وحدىا الضامف لممصمحة العامة سيساعد العالميف فييا‬
‫عمى السيطرة عمى المصالح الخاصة عبر إلزاميا باالختباء وراء المصمحة العامة التي يعتبرنيا ممكا‬
‫‪177‬‬
‫‪.‬‬ ‫ليـ بدؿ السعي إليجاد توافؽ بيف المصمحة العامة والمصمحة الخاصة‬

‫وعميو‪ ،‬فباإلضافة إلى االعتبارات السالفة الذكر‪ ،‬والمتعمقة أساسا بعدـ كفاية المصمحة العامة‬
‫لتأطير أنشطة المرافؽ العمومية وتأسيس مشروعيتيا‪ ،‬تجدر اإلشارة في ىذا المجاؿ إلى أنو ال يمكف‬

‫‪- 175‬‬
‫المرجع االخٌر السابق‪ ،‬ص ‪.881‬‬
‫‪- 176‬‬
‫عبد العالً قرقوري‪ " ،‬بٌن المرفق العام وظله " م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت سلسلة مواضٌع الساعة‪ ،‬العدد ‪ ،53‬ص ‪.888‬‬
‫‪177 -‬‬
‫‪CHEVALIER (J), DRAI (R), RANGEON (F) « La communication administration administré » PUF , p 25.‬‬

‫‪133‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫لممرافؽ العمومية أف تظؿ بعيدة عف التيار الذي يدفع المنظمات ) العامة والخاصة( في اتجاه تنمية‬
‫اإلنتاج وتحسيف التقدـ والسعي بإلحاح نحو الفاعمية‪. 178‬‬

‫ثانيا ‪ :‬بروز مبدأ الفعالية‬

‫إذا كاف البعض يرى أف المرافؽ العمومية " كالمقاوالت الخاصة " مطالبة باستمرار بتحسيف‬
‫النتائج وتخفيض األثماف‪ ،‬فإف ذلؾ " في رأينا " ىو ما دفع البعض اآلخر إلى التشديد عمى ضرورة أف‬
‫يصير مبدأ الفعالية واحدا مف مبادئ المرافؽ العمومية األخرى )االستم اررية‪ ،‬المساواة‪ ،(...‬ال أف يكوف‬
‫خاصية اختيارية لعمؿ المرافؽ العمومية ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أف العقالنية القانونية‪ ،‬ال تتجاىؿ مفيوـ الفعالية‪ ،‬لكنيا تعتبره مرتبطا بمبدأ‬
‫‪ régularité‬بشكؿ دائـ وغير قابؿ لمتفكيؾ‪ ،‬ىذا االرتباط يمكف أف يتخذ عدة أشكاؿ‪ ،‬لكف في كؿ‬
‫األحواؿ فإف العقالنية القانونية ترى في قانونياىا شرطا في حدذاتو لمفعالية‪ ،179‬وىو الوضع الذي أدى‬
‫إلى تراجع األسس التقميدية لمشروعية المرافؽ العمومية والقائمة أساسا عمى مدى قانونية أعمالو‬
‫وتصرفاتو‪ ،‬وتسرب خطاب تدبيري جديد يقوـ عمى الفعالية واإلنتاجية ويدفع في اتجاه المبادئ‬
‫واألساليب المقاوالتية في إدارة المرفؽ العاـ ‪.‬‬

‫وتأسيسا عمى ذلؾ‪ ،‬فإذا كانت مشروعية تدخالت السمطة العامة في السابؽ‪ ،‬تقوـ باألساس في‬
‫جزء كبير منيا عمى قانونية أعماليا وتصرفاتيا‪ ،‬فإنو في الوقت الراىف‪ ،‬أصبح ىناؾ اقتناع عاـ بأف‬
‫الفعالية ومالئمة الوسائؿ مع األىداؼ بمثابة عناصر رئيسية في نشاط المرافؽ العمومية‪ ،‬وبالتالي‬
‫أصبحت المصداقية ال تتوقؼ فقط عمى قانونية الممارسات‪ ،‬ولكف أيضا عمى قدرة المرافؽ العمومية‬
‫عمى تطوير أدائيا وفعاليتيا ‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫‪- BENLETAIEF (M) « Le mutation des services public, R.E.G ? n°4 ? 1991, p 72.‬‬
‫‪179‬‬
‫‪ -‬مزٌن عادل " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري " مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪134‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫ولقد عبر الفقيو ‪ Michel Massenet‬عف ىذا التحوؿ بقولو‪ :‬إف الدولة كانت تعتبر نفسيا‬
‫بمثابة ىيكؿ أو نظاـ يقوـ عمى ىرمية وتسمسؿ قواعد القانوف‪ ،‬ولكف بعد ذلؾ‪ ،‬وبعدما أصبحت تتدخؿ‬
‫في المجاالت االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬تـ تعويض وتعديؿ ىذا المفيوـ التقميدي ‪.‬‬

‫بياجس اليدؼ الذ ي يقوـ عمى إمكانية تقييـ عمؿ المرافؽ العمومية انطالقا مف النتائج‬
‫‪180‬‬
‫‪.‬‬ ‫المحصؿ عمييا‬

‫وتجرد اإلشارة إلى أف فعالية األداء تؤدي إلى رضى أكبر مف طرؼ المرتفؽ‪ ،‬وبالتالي إلى ثقة‬
‫أكبر في المرافؽ العمومية‪ ،‬نظ ار النكشافيا عبر النتائج التي تعمؿ عمى تحقيقيا‪ ،‬وبالتالي فأداء المرافؽ‬
‫العمومية ينبغي أف يكوف عمى شكؿ مسار يتجو نحو الموتفؽ‪ ،‬وتعمؿ مف أجؿ إرضائو ‪.‬‬

‫ولكف التحقيؽ ليذا المبتغى عمى أرض الواقع‪ ،‬يقتضي التحسيس والتعبئة الدائمة لمعامميف‬
‫‪181‬‬
‫مف جية‪ ،‬والعمؿ عمى تثبيت مبدأ حديث‬ ‫بالمرافؽ العمومية مف أجؿ ترسيخ " وعي بموغ األىداؼ "‬
‫لممراقبة يركز عمى تقييـ عناصر الفعالية والمردودية في إطار مف التنافسية مف جيرة أخرى‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مبدأ التنافسية‬

‫مف المسمـ أف المرافؽ العمومية تعرضت النتقادات عديدة وىجمات متنوعة منذ ظيورىا‪،‬‬
‫والشؾ أف ىذه االنتقادات ازدادت حدتيا مع التحوالت الراىنة حيث أصبحنا نشاىد تدويال االقتصاد أثر‬
‫بشكؿ مباشر عمى الدولة الوطنية التي حاولت بناء سوؽ مفتوحة عمى المنافسة‪ ،‬بما في ذلؾ قطاعات‬
‫كانت تحتكرىا المرافؽ العمومية ‪.‬‬

‫وتأسيسا عمى ذلؾ‪ ،‬فإذا كاف مف الالزـ االنفتاح عمى المنافسة‪ ،‬أو بصيغة أصح إذا كاف مف‬
‫الصعب في الوقت الراىف حماية المرافؽ العمومية مف المنافسة في بعض القطاعات )أوال( فيؿ ىذا‬
‫يعني أف ىذه المنافسة تستطيع توفير بعض الخدمات العامة مثؿ التعميـ والصحة‪ ،‬وفؽ آليات السوؽ‬

‫‪180‬‬
‫‪ -‬مزٌن عادل " أسس ووسا ئل عقلنة التدبٌر اإلداري " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري " مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪181‬‬
‫‪-BEN LETAIEF (M) “ Le mutation des services public, R.F.G .n°, 8998, p 78.‬‬

‫‪135‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وقانوف العرض والطمب ؟ أو بمعنى آخر‪ ،‬ىؿ تستطيع المنافسة توفير مثؿ ىذه الخدمات حتى نسمـ‬
‫ونسمح لمم ارفؽ العمومية بالمنافسة بشأف ىذه الخدمات )ثانيا( ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مبررات التدبير التنافسي‬

‫مف المسمـ أف المناداة بتخمي أو تنازؿ الدولة عف المجاؿ االقتصادي لضماف دورىا الخاص‬
‫بالضبط في المجاؿ السياسي‪ ،‬االقتصادي‪ ،‬االجتماعي والثقافي‪ ،‬سيكوف لو أبمغ األثر عمى المرافؽ‬
‫العمومية وحدود تدخالتيا ‪.‬‬

‫فعمى المستوى األوربي‪ ،‬أدت االنتقادات التي وجيت إلى المرافؽ العمومية‪ ،‬إلى محاولة المجنة‬
‫األوربية بناء سوؽ مفتوح عمى المنافسة بما في ذلؾ في القطاعات التي تسيطر عمييا المرافؽ‬
‫العمومية‪ ،182‬حيث أصبح مف الصعب في الوقت الراىف حماية المرافؽ العمومية مف المنافسة ‪.‬‬

‫أما عمى المستوى الوطني فمـ تسمـ بعض القطاعات مف آلية المنافسة كما ىو الشأف بالنسبة‬
‫لقطاع االتصاالت بالمغرب‪ ،‬حيث بعدما تراجع التصور الكالسيكي لممرافؽ العمومية والقائـ عمى‬
‫احتكار الدولة لبعض القطاعات‪ ،183‬عممت ىذه األخيرة عمى إدماج قطاع االتصاالت في إطار‬
‫المنافسة‪ ،‬بعدما تـ التأكيد عمى صعوبة استمرار القطاع في ظؿ االحتكار العاـ ‪.‬‬

‫وال شؾ أف انفتاح بعض الخدمات عمى القطاع الخاص‪ ،‬جاء كنتيجة لمحجج االقتصادية التي‬
‫تفيد حتمية فشؿ الدولة في تقديـ مثؿ ىذه الخدمات‪ ،‬وأقؿ الحجج عمومية ىي تمؾ التي تفيد أف‬
‫ا إلطار المؤسساتي الذي ظير لتطبيؽ نشاط الدولة وسياستيا يعمؿ بدوف كفاءة‪ ،‬وبأنو مف المحتـ أف‬
‫‪184‬‬
‫‪.‬‬ ‫ينطوي ذلؾ عمى التبذير‬

‫‪182‬‬
‫‪ -‬محمد آٌت المكً‪ :‬من أجل تجدٌد المرفق العام " ‪ REMALD‬سلسلة مواضٌع الساعة‪ ،‬العدد ‪ ،1001 /53‬ص ‪.11‬‬

‫‪183‬‬
‫» ‪- BOUZZAFFOUR (D) 3 Le services public des télé communications : du monopole à la concurrence‬‬
‫‪REMALD , Série Thémes actuels, n° 35, p 172-175.‬‬
‫‪184‬‬
‫‪ -‬كٌرون وواش " الخدمات العامة )المرفق العام( وآلٌات السوق " ) ترجمة محسن إبراهٌم الدستوري( اإلدارة العامة للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬معهد اإلدارة العامة ‪ ،1005‬ص ‪.59‬‬

‫‪136‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫واذا كانت ىذه الحجج ال تؤيد توفير الدولة لمخدمات االقتصادية مف خالؿ مرافؽ عامة‬
‫‪185‬‬
‫كما‬ ‫بيروقراطية‪ ،‬فإف انفتاح تدبير المرافؽ عمى المنافسة سيساىـ في تطوير بعض القطاعات ‪،‬‬
‫سيشكؿ حال وسطا يحوؿ دوف التراجع النيائي لممرافؽ العمومية عف التدخؿ في القطاعات االقتصادية‬
‫‪.‬‬

‫وتبعا لذلؾ يجب أف يكوف المرفؽ الصناعية والتجاري أداة لتحقيؽ المنافسة‪ ،‬فيشارؾ المشروع‬
‫الخاص في أداء خدمة اقتصادية عامة‪ ،‬ويجب أيضا أف يتفؽ المشروع العاـ المتمثؿ في المرفؽ‬
‫الصناعي والتجاري بصفة موجودة في المشروع الخاص والتي تتمثؿ في عدـ خضوع ىذا األخير‬
‫لييمنة السمطة العامة‪ ،‬كما وجب أف يعود االختصاص في نشاط المرافؽ الصناعية والتجارية لجية‬
‫‪186‬‬
‫‪.‬‬ ‫القضاء العادي لكي يتحرر مف القيوـ التقميدية القديمة‬

‫وعميو ‪ ،‬إف الصورة المناسبة لتدبير المرافؽ العمومية وفقا لما سبؽ‪ ،‬تتطمب تقديـ الخدمات‬
‫العامة باالعتماد عمى منافسة السوؽ‪ ،‬وما ينبغي التذكير بو في ىذا المجاؿ أنو ليس مف البساطة‬
‫المنافسة داخؿ السوؽ‪ ،187‬وبالتالي ينبغي عمى المرافؽ العمومية تبني فمسفة جديدة لمتدبير‪ ،188‬تقوـ‬
‫أساسا عمى نظاـ الجودة الذي يطبؽ بمختمؼ أنواعو لتأىيؿ المقاوالت الخاصة وضماف استم ارريتيا‬
‫وتنافسيتيا‪ ،‬ومف ثـ فانتقاؿ تطبيؽ نظاـ الجودة عمى المرافؽ العمومية سيساىـ في خمؽ ثقافة جديدة‬
‫ليذا األخيرة‪ ،‬وسيساعد عمى دعـ قدرتيا التنافسية‪ ،‬لذلؾ نجد أف العديد مف الدوؿ أدخمت ىذا النوع مف‬

‫‪185‬‬
‫» ‪- BOUZZAFFOUR (D) « Le servies public des télécommunications : du monopole à la concurrence‬‬
‫‪REMALD ,Série Thémes actuels, n° 35, 2002, p 183.‬‬

‫‪186‬‬
‫‪ -‬حسن حوات‪ " ،‬أٌة استمرارٌة للمرافق العامة الصناعٌة والتجارٌة " م‪.‬م‪.‬إ‪.‬ت‪ ،‬سلسلة مواضٌع الساعة‪ ،‬العدد ‪53‬ـ ‪ ،1001‬ص ‪93‬‬
‫– ‪.96‬‬
‫‪187‬‬
‫‪ -‬كٌرون وولش " الخدمات العامة ) المرفق العام( وآلٌات السوق " ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪188‬‬
‫‪- SKOURI (A) “ Mise à niveau des pouvoir local « RJPM ,n° 23, p 115.‬‬

‫‪137‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫النظاـ عمى تدبير المرافؽ العمومية‪ 189‬ماداـ يفترض قياـ " تدبير دوف أي خطأ أو عيب أو نقص‬
‫‪190‬‬
‫‪.‬‬ ‫"‬

‫وفي تقديرنا أف أسموب " شركة االقتصاد المختمط " يمكف أف يشكؿ أسموب مناسبا القتحاـ‬
‫المرافؽ العمومية لمجاؿ المنافسة‪ ،‬خصوصا وأف تجارب االقتصاد المختمط " اتصاالت المغرب مثال "‬
‫تؤكد نجاعتيا في مجاؿ إدخاؿ معايير المنافسة في تدبير المرافؽ العمومية ‪.‬‬

‫لكف السؤاؿ الذي يجب أف يثير انتباىنا بعد ىذا التحميؿ يجب أف ينصب أساسا حوؿ ‪:‬‬

‫أيف ينبغي أف يقؼ ىذا النوع مف التدبير التنافسي ؟ أو بمعنى آخر ما ىي القطاعات التي ال ينبغي‬
‫أف تكوف موضوعا لممنافسة وآلية السوؽ ؟‬

‫الشؾ أف محاولة اإلجابة عمى مثؿ ىذه األسئمة تفرض عمينا مالمسة الحدود التي ترد عمى‬
‫التدبير التنافسي لممرافؽ العمومية ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الحدود الواردة عمى التدبير التنافسي‬


‫‪191‬‬
‫"‬ ‫تقوـ المرافؽ العمومية عمى أساسا أف ىناؾ بعض األنشطة ذات الطابع غير االقتصادي‬
‫مف خالؿ الغاية والمصمحة العامة التي تيدؼ إلييا " والتي ال يمكف أف تخضع لمنطؽ السوؽ والربح‪،‬‬
‫حيث باإلضافة إلى فشؿ آلية السوؽ في توفير مثؿ ىذه الخدمات نجد أف ىناؾ أنشطة معنية ليا مف‬
‫األىمية األخالقية ما يمنع أف تتولى السوؽ توفيرىا‪ ،‬ألنو ستتموث إذا ارتبطت بالتبادؿ والربح‪ ،‬وغالبا‬
‫ما تكوف تمؾ ىي الحالة بالنسبة لمخدمات المرتبطة بمرفؽ التعميـ والصحة‪ ،‬والتي ينظر إلى السوؽ‬
‫عمى أف عمييا ضغوطا سوؼ تدمر أخالقيات توفير الخدمات العامة‪ ،‬ومف ثـ ينبغي عمى الدولة أف‬

‫‪189‬‬
‫‪- BEN LETAIEF (M) « Le mutation des services public, R.F.G ,n° ,1991 ,P 79-80.‬‬
‫‪190‬‬
‫‪- SKOURI (A) “Mise à niveau des povoir local »RJPM , n° 1990 ? P 115.‬‬
‫‪191‬‬
‫‪ -‬كٌرون وولش " الخدمات العامة ) المرفق العام ( وآلٌات السوق " ) ترجمة محسن إبراهٌم ( اإلدارة العامة للطباعة والنشر ‪،‬‬
‫معهد اإلدارة العامة ‪ ،1005‬ص ‪.86‬‬

‫‪138‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫تعمؿ عمى توفيرىا‪ ،‬وبيذا المعنى ال ينظر إلى الدولة عمى أنيا مجرد آلية لمتوزيع أو منتج لجأ إليو‬
‫‪192‬‬
‫‪.‬‬ ‫بوصفو حال أخي ار وانما عمى أف ليا أغراضيا الخاصة في التعبير عف الصالح العاـ وتحقيقو‬

‫لكف الصعوبات التي تواجو مثؿ ىذا الطرح‪ ،‬تكمف أساسا في اإلشكالية المرتبطة بالمرافؽ‬
‫العمومية حاليا‪ ،‬ىي أف ىذه األخيرة أصبحت مرتبطة بشكؿ متزايد بالتغيرات التي تط أر عمى الدوؿ‬
‫الحديثة في الوقت الراىف والمرتبطة بتدويؿ اقتصاد السوؽ ‪.‬‬

‫ورب قائؿ يقوؿ بأف انتشار ثقافة السوؽ سيجعؿ مف السيادة خياال غير نافع‪ ،‬ىذا باإلضافة‬
‫إلى أف ظاىرة التغير المستمر لوظائؼ الدولة سيتجو في الوقت الراىف إلى اختفاء الدولة لمصمحة‬
‫الشركات متعددة الجنسية ‪ ،‬والى تراجع الدولة باعتبارىا إطا ار لمتضامف االجتماعي والممؾ العاـ ‪.‬‬

‫لكف ذلؾ يظؿ نسبيا‪ ،‬فالدولة واف تراجعت في إطار سياسة الخوصصة عف دورىا في الخوض‬
‫في المجاؿ االقتصادي‪ ،‬فإنيا الزالت تحتفظ ببعض الوظائؼ األساسية ليا‪ ،‬ومنيا خصوصا السير‬
‫عمى تقديـ الخدمات العامة لألفراد‪ ،‬وىذا ما يعزز مكانة المرافؽ العمومية كوسيمة إلشباع الحاجات‬
‫العامة لألفراد‪ ،193‬عمى الرغـ مف احتماؿ الفقو تحوؿ دولة رفاىية إلى دولة مشاركة ومساندة لمقطاع‬
‫الخاص ‪.‬‬

‫وعميو‪ ،‬ينبغي أال تعتبر تأثيرات العولمة مف قبيؿ الحتميات االقتصادية والتكنولوجية الشبيية‬
‫باألحداث الطبيعية التي ال يمكف الوقوؼ في وجييا‪ ،‬ومف الوىـ االعتقاد أف تشابؾ الشركات العالمية‬
‫قادر عمى النيوض بوظائؼ ومياـ الدولة‪ ،‬ومف ثـ فإذا لـ يكف ىناؾ جداؿ بالنسبة لألنشطة‬
‫االقتصادية والتجارية لمدولة‪ ،‬حيث أف ىذه األنشطة كانت في األصؿ تدخؿ في مجاؿ النشاط‬
‫االقتصادي لمخواص‪ ،‬فإذا قدرت الدولة " نتيجة التطورات التي حصمت في وظائفيا في المجاؿ‬
‫االقتصادي " أف تتخمى عنيا لمقطاع الخاص‪ ،‬فإنو األمر عمى خالؼ ذلؾ بالنسبة لباقي الخدمات‬
‫العامة‪ ،‬مثؿ التعميـ والصحة‪ ،‬ولذلؾ فاألثر السمبي آللية السوؽ عمى مثؿ ىذه الخدمات يستتبع‬

‫‪192‬‬
‫‪ -‬كٌرون وولش " الخدمات العامة )المرفق العام ( وآلٌات السوق " ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19-18‬‬
‫‪- 193‬‬
‫ثورٌة لعٌونً‪ " ،‬انعكاسات سٌاسٌة الخوصصة على المرفق المرق العام " ترجمة محسن حوات‪ ،‬مطبعة النجاح الجدٌدةـ البٌضاء‬
‫‪ ،1008‬ص ‪.86‬‬

‫‪139‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫بالضرورة عدـ قياـ المنافسة في مثؿ ىذه الخدمات حتى ولو كانت المنافسة تجري بيف مرفؽ عاـ قياـ‬
‫المنافسة في مثؿ ىذه الخدمات حتى ولو كانت المنافسة تجري بيف مرفؽ عاـ الفعالية والتنافسية‪،‬‬
‫باإلضافة إلى المراقبة والمسؤولية ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬ترسيخ المراقبة والمشاركة وضرورة اصدار ميثاق المرافق العامة‬

‫باإلضافة إلى الفعالية والتنافسية ‪،‬كشكؿ مف اشكاؿ الحكامة التدبيرية لممرافؽ العامة‪ ،‬ىناؾ‬
‫ايضا المراقبة والمشاركة ( الفقرة االولى) التي يمكف لممرافؽ العمومية أف تستفيد مف جية ‪ ،‬مف‬
‫التقنيات التشاركية المتواجدة في القطاع الخاص " وفقا لخصوصية المرفؽ العاـ "‪ ،‬فإف ىذه التقنيات‬
‫‪194‬‬
‫المرافؽ العمومية ‪ ،‬ومف جية اخرى محاولة تعزيز النظاـ الرقابي بآليات‬ ‫تقود أيضا الى دمقرطة‬
‫جديدة تساىـ باإلضافة إلى تقييـ شرعية أعماؿ المرافؽ العمومية ‪ ،‬باالضافة الى ضرورة إصدار‬
‫ميثاؽ لممرافؽ العمومية ( الفقرة الثانية)‪ ،‬فمف شأنو أف يعزز المكاسب الدستورية التي جاء بيا الباب‬
‫الثاني عشر في ميداف الحكامة الجيدة ‪.‬‬

‫الفقرة ال ولى ‪ :‬ترسيخ المراقبة والمشاركة‬

‫إذا كاف النظاـ الرقابي المطبؽ عمى المرافؽ العمومية يتيـ باليشاشة وعدـ الفعالية‪ ،‬فإف ذلؾ‬
‫يرجع أساسا إلى المنطؽ القانوني الذي يركز فقط عمى المطابقة لمقواعد القانونية ولممعايير الشكمية‬
‫دوف التحقؽ مف النتائج واألىداؼ المقررة‪ ،‬أي أف الرقابة الحالية تقوـ عمى رقابة الشرعية بدؿ رقابة‬
‫المردودية‪ ،‬ولعؿ االقتصار عمى األولى دوف الثانية‪ ،‬سوؼ لف يساعد عمى تجنب االنحرافات‬
‫والخروقات التي تطبع سير المرافؽ العمومية في الوقت الراىف ‪.‬‬

‫وعميو يجب التفكير في أنماط جديدة لمرقابة‪ ،‬بشكؿ ال يعطؿ عمؿ المرافؽ العمومية وال يعيؽ‬
‫تحقيؽ أىدافيا‪ ،‬وبكيفية تساىـ في تعزيز النظاـ الرقابي بآليات جديدة تساىـ باإلضافة إلى تقييـ‬

‫‪194‬‬
‫‪ -‬مزٌن عادل " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري "مرجع سابق ‪،‬ص ‪.78‬‬

‫‪140‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫شرعية أعماؿ المرافؽ العمومية ‪،‬و تقييـ عناصر الفعالية والتنافسية التي ذكرناىا انفا ‪ ،‬بيدؼ تطويرىا‬
‫وتحسينيا ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مبدأ المراقبة‬

‫ويمكف تقسيميا عمى الرقابة عمى المردودية والرقابة عمى المشروعية‬

‫‪ -‬تراجع الرقابة عمى المشورعية ‪:‬‬

‫أصبحت تفترض مبادئ العمؿ الفعاؿ والمستمر والعادؿ‪ ،‬أف تكوف المرافؽ العمومية موضوعا‬
‫لرقابة دائمة مف أجؿ التأكيد مف شرعية أعماليا وكذا مردوديتيا‪ ،‬وذلؾ بعد التسميـ بعدـ فاعمية الرقابة‬
‫في جانبيا المتعمؽ برقابة المشروعية‪ ،‬سواء أكانت ىذه الرقابة سابقة أو الحقة ألعماؿ المرافؽ‬
‫العمومية ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أف المرافؽ العمومية مطالبة باحتراـ مبدأ الشرعية‪ ،‬وىو ما يفرض‬
‫خضوعيا لعدة أشكاؿ مف الرقابة يمكف حصرىا ضمف الرقابة السياسية والرقابة اإلدارية وكذا الرقابة‬
‫القضائية‪ ،‬واذا كانت الرقابة السياسية يمارسيا البرلماف والرأي العاـ‪ ،‬والرقابة القضائية تمارسيا الييئات‬
‫القضائية‪ ،‬والرقابة اإلدارية تمارس مف قبؿ اإلدارة نفسيا‪ ،‬فإف ذلؾ لـ يحد مف التجاوزات واالختالالت‬
‫التي تعرفيا المرافؽ العمومية ‪،‬وعميو فاالنسجاـ مع منطؽ العقالنية القانونية جعؿ مف الرقابة اإلدارية‬
‫القبمية والبعدية ال تتعدى مدى الرقابة الداخمية‪ ،‬التي فرضت وجود آليات لممراقبة تيدؼ إلى توجيو‬
‫عمؿ المرافؽ العمومية في إطار العالقة مع القواعد القانونية دوف االمتداد إلى رقابة المردودية‪ ،‬مما‬
‫أدى بيا إلى العجز في تقويـ األداء ومالمسة مكامف القوة والضعؼ‪.195‬‬

‫وتأسيسا عمى ذلؾ‪ ،‬فعمى الرغـ مف تعدد األجيزة الرقابية ببالدنا‪ ،‬فإف ذلؾ لـ يؤد إلى الكشؼ‬
‫عما في أجيزة المرافؽ العمومية مف خمؿ في النواحي المالية‪ ،‬ولـ تستطع ىذه الرقابة بأساليبيا‬
‫ووسائميا أف تمنع إساءة استعماؿ الماؿ العاـ‪196‬ومف ثـ فاقتصار األنظمة الرقابية عمى رقابة‬

‫‪195‬‬
‫‪ -‬عبد الفتاح أعبٌس‪" :‬حكام ة تدبٌر المرافق العمومٌة من الحدود إلى التحدٌات الوكالة الحضرٌة لسطات نموذجا ‪:‬وحدة تدبٌر اإلدارة‬
‫المحلٌة جامعة الحسن األول كلٌة العلوم القانونٌة واالقتصادٌة واالجتماعٌة سطات السنة الجامعٌة ‪ .1009 -1080‬ص ‪.63‬‬

‫‪196‬‬
‫‪ -‬مزٌن عادل " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري "مرجع سابق ‪،‬ص ‪.61‬‬

‫‪141‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫المشروعية دوف رقا بة المردودية‪ ،‬أصبح ال يكفي لتقويـ االنحرافات واالختالالت‪ ،‬ومف ثـ أصبحت‬
‫اليوـ رقابة المردودية أكثر مف أي وقت مضى ضرورة ممحة مف أجؿ تجاوز ىذه االنحرافات‪،‬‬
‫خصوصا تمؾ المتعمقة بالتالعب باألمواؿ العامة وتبذيرىا مف جية‪ ،‬وكذا مف أجؿ إدخاؿ عنصر‬
‫الفعالية في أي عمؿ أو نشاط لممرافؽ العمومية مف جية أخرى ‪.‬‬

‫‪ -‬بروز رقابة المدردودية‬

‫يمكف القوؿ أف لرقابة المردودية ثالث أىداؼ تروـ إلى تحقيقيا‪ ،‬يتمثؿ األوؿ في الوقوؼ عمى‬
‫االنحرافات‪ ،‬أما الثاني فيتعمؽ بتشخيص األسباب التي حالت دوف تحقيؽ المرافؽ العمومية لمستوى‬
‫مرض مف المردودية والفعالية في ما تضطمع بو مف برامج وأنشطة‪ ،‬أما اليدؼ الثالث فيخص‬
‫‪197‬‬
‫التي مف المفروض فييا أف تركز عمى مكامف القوة والنجاح وتتفادى أسباب‬ ‫الخطوات التصحيحية‬
‫الفشؿ ‪.‬‬

‫وتأسيسا عمى ذلؾ‪ ،‬فعكس رقابة المشروعية التي أصبحت شكال تقميدي لمرقابة‪ ،‬تعتبر رقابة‬
‫المردودية بمثابة م قياس مف خاللو يمكف تحديد الفارؽ بيف النتائج المتوخاة مف طرؼ المرافؽ العمومية‬
‫والنتائج المحصؿ عمييا مف قبؿ ىذه األخيرة‪ ،‬ومف ىنا تكوف األىمية لياجس االرتقاء بأعماؿ المرافؽ‬
‫العمومية نحو األفضؿ واألجود أكثر مف الياجس المحكوـ بفرض الجزاءات والعقوبات ‪.‬‬

‫ولقد حاولت مختمؼ الدوؿ إدماج ىذا الشكؿ الجديد لرقابة المرافؽ العمومية حيث عممت مثال‬
‫دولة » ‪ « Burkina Faso‬عمى وضع مرسوـ )رقـ ‪ (:9-483‬في ‪ 26‬شتنبر ‪ 2::9‬يتعمؽ بقواعد‬
‫إعداد برامج وتقارير األنشطة في المرافؽ العمومية‪ ،‬ويقرر المرسوـ إلزامية إعداد تقرير في النصؼ‬
‫مف كؿ شير نونبر‪ ،‬بيف األنشطة التي تـ تحقيقيا ووصؼ النتائج المحصؿ عمييا بالمقاربة مع برنامج‬
‫األنشطة التي تـ وضعيا في بداية السنة ‪.‬‬

‫والبد أف يتضمف ىذا التقرير األىداؼ التي تـ تعريفيا في برنامج األنشطة ووصؼ النتائج‬
‫التي تـ الحصوؿ عمييا أثناء مدة العمؿ‪ ،‬كما ينبغي أف يتـ تحديد مستوى التنفيذ والنتائج المحصؿ‬

‫‪- 197‬‬
‫محمد الٌعكوبً ‪ :‬الدٌمقراطٌة االدارٌة بالمغرب م‪.‬م‪.‬ن‪.‬ق‪.‬س‪ .‬العدد ‪ٌ، 3‬ناٌر ‪ ، 1003‬ص‪.77‬‬

‫‪142‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫عمييا بكيفية يمكف قياسيا وبطرية تسيؿ عممية الرقابة‪ ،‬ىذا باإلضافة إلى وجوب تضميف التقرير‬
‫بتوصيات مناسبة لتحسيف عمؿ المرافؽ العمومية ‪.‬‬

‫وعموما‪ ،‬يمكف القوؿ أف األىداؼ المتعمقة برقابة المردودية ال يمكف بمورتيا وتجسيدىا عمى‬
‫أرض الواقع إال بإتباع مناىج حديثة لممراقبة‪ ،‬مف أىميا رقابة التدبير والنتائج‪ ،‬وال شؾ أف وضع‬
‫وارساء مثؿ ىذه الرقابة يتطمب أوال وقبؿ كؿ شيء تحديد أسسيا واختيار أدوات التقييـ والقياس التي‬
‫ستكوف مناسبة لمياـ وأنشطة المرافؽ العمومية‪ ،‬حيث ال يمكف استعماؿ نفس أدوات القياس والتدابير‬
‫‪198‬‬
‫‪.‬‬ ‫التصحيحية المتخذة عمى مستوى القطاع الخاص‬

‫ثانيا ‪ :‬مبدأ المشاركة‬

‫يعتبر أسموب المشاركة األسموب األكثر قبوال في تدبير المرافؽ العمومية‪ ،‬ومما يؤكد مثؿ ىذا‬
‫االعتقاد كوف زيادة المشاركة سوؼ يؤدي إلى حموؿ أفضؿ لممشاكؿ والفرص والقواعد المعروفة مثؿ‪:‬‬
‫إشراؾ كؿ مف لو عالقة بالمشكمة أو الحؿ‪ ،‬والدفع باتخاذ القرار في المستويات الدنيا والتعامؿ مع مف‬
‫ليـ صمة بالمشكمة كالخبراء أو الحؿ‪ ،‬والدفع باتخاذ القرار في المستويات الدنيا والتعامؿ مع مف ليـ‬
‫صمة بالمشكمة كالخبراء والمتخصصيف‪ ،‬ومنح نفوذا أكبر اعدد أكبر مف الناس‪ ،‬كؿ ىذا يؤكد أىمية‬
‫المشاركة في تطوير المرافؽ العمومية ‪.‬‬

‫والواقع أف مفيوـ المشاركة يختزؿ خطابيف متوازييف‪ ،‬وذلؾ مف خالؿ التأكيد عمى فعالية العمؿ‬
‫اإلداري مف الناحية التقنية تارة‪ ،‬ومف خالؿ التشديد عمى الجانب الديمقراطي المتمثؿ في دمقرطة‬
‫المرافؽ العمومية تارة أخرى‪ ،199‬لذلؾ فإف االىتماـ بالمشاركة ينبع أساسا مف المزج بيف الخطابيف ‪.‬‬

‫فالخطاب التقني‪ ،‬الذي يدافع عنو عمماء االجتماع والميتميف بالمانجمنت العمومي ييتـ بكيفية‬
‫خاصة بالفاعمية‪ ،‬حيث أف المشاركة تبقى حتمية لتحسيف العمؿ اإلداري عف طريؽ االىتماـ بتطمعات‬

‫‪198‬‬
‫‪ -‬نوال الهناوي ‪ ،‬التدبٌر العمومً الجدٌد‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 60‬‬

‫‪199‬‬
‫‪ -‬دستور ‪ 1088‬بالمغرب مقاربات متعددة منشوراي مجلة الحقوق سلسلة االعداد الخاصة العدد الخامس ‪2012‬‬

‫‪143‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫العامميف والمرتفقيف‪ ،‬ومف ثـ يصبح مف المستحيؿ العمؿ عمى زيادة رغبة األفراد في تحسيف مستوى‬
‫أدائيـ دوف األخذ بمقتضيات التدبير التشاركي وترجمة مكوناتو التي توفر مجاال ممموسا لمعامميف‬
‫لممشاركة في اتخاذ القرار والرفع مف مستوى االنتخابية ‪.‬‬

‫أما الخطاب السياسي‪ ،‬فيقؼ وراء دعاة الديمقراطية ويركز ىذا الخطاب عمى ضرورة تعزيز‬
‫االتصاؿ المباشر بيف المرافؽ العمومية والمرتفقيف‪ ،‬نظ ار لكوف مبدأ المشاركة يشكؿ أحسف عالج‬
‫لالنحرافات البيروقراطية‪ ،‬وبالتالي فتحقيؽ المبدأ الديمقراطي يفترض باإلضافة إلى المشاركة السياسية‬
‫مشاركة المواطف في األنشطة التي تقوـ بيا المرافؽ العمومية‪ ،200‬خصوصا وأف الديمقراطية السياسية‬
‫واإلدارية مترابطاف‪ ،‬حيث أف الثانية أصبحت تكمؿ األولى‪ ،‬واألولى ال يمكف أف تزدىر بدوف الثانية‪،‬‬
‫وىذا يعني أننا لـ نعد بصدد ذلؾ التصور األحادي والمجمع لمسمطة‪ ،‬بؿ صرنا نتجو نحو إرساء آليات‬
‫وىياكؿ ووسائؿ كفيمة بتحقيؽ التشاور والمشاركة ‪.‬‬

‫لذا‪ ،‬وجب أف تقوـ المرافؽ العمومية بتقوية األساليب التشاركية‪ ،‬حيث ستمكف مثؿ ىذه‬
‫األساليب " وخصوصا عند اتجاىيا نحو المجتمع المدني عف طريؽ السماح لممثميو بالمشاركة في‬
‫تدبير شؤوف المرافؽ العمومية " بتوسيع أسس المشروعية التي تقوـ عمييا المرافؽ العمومية ‪.‬‬

‫والشؾ أف المرافؽ العمومية تستطيع أف تقوـ بيذه الوظائؼ عمى أحسف وجو إذا استطاعت‬
‫التوفيؽ بيف ميكانيزمات الفعالية مف جية وتوفير الفرص المناسبة لممشاركة‪.‬‬

‫لكف تحقيؽ ىذا المبتغى يتطمب باإلضافة إلى ما تـ ذكره انفا بكؿ ما يتعمؽ بحكامة تدبير‬
‫المرافؽ العامة الى ضرورة اصدار ميثاؽ المرافؽ العامة ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬ضرورة إصدار ميثاق المرافق العامة‬

‫‪200‬‬
‫‪ -‬مزٌن عادل " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري "مرجع سابق ‪،‬ص ‪.69‬‬

‫‪144‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫إف إصدار ميثاؽ لممرافؽ العمومية مف شأنو أف يعزز المكاسب الدستورية ‪201‬التي جاء بيا‬
‫الباب الثاني عشر في ميداف الحكامة الجيدة كأساس لترسيخ مجتمع متضامف ينعـ فيو كؿ المواطنات‬
‫والمواطنيف بالمساواة والعدالة االجتماعية ومقومات العيش الكريـ ‪.‬‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬ضرورة اصدار ميثاق المرافق العامة‬

‫ىذا الميثاؽ سيكوف لو آثر ىاـ في الرقي بتدبير الشأف العاـ والمحمي حيث سيركز عمى‬
‫تحديد قواعد الحكامة الجيدة المتعمقة بتسيير الجماعات الترابية المغربية ‪.‬‬

‫ولتكوف الحكامة الترابية جيدة ينبغي أف تقوـ عمى حسف التنظيـ وتوزيع المسؤوليات‪ ،‬وصقؿ‬
‫القدرات‪ ،‬والفعالية وجودة الخدمات‪ ،‬واالعتماد عمى الرؤية اإلستراتيجية في البرامج التنموية ودعـ‬
‫التواصؿ داخؿ المجالس المحمية وخارجيا في إطار المجاالت االقتصادية واالجتماعية والثقافية ‪.‬‬

‫والمبادئ والمعايير التي تـ ذكرىا في الفصؿ الثاني ىي أىـ المبادئ الواجب تضمينيا في‬
‫الميثاؽ الجديد لممرافؽ العمومية كالمشاركة ‪ ،‬الشفافية ‪،‬الفعالية ‪،‬المراقبة والتنافسية باإلضافة إلى‬
‫حسف االستجابة ‪ :‬يعني قدرة المؤسسات واآلليات عمى خدمة الجميع بدوف استثناء ‪ .‬التوافؽ ‪ :‬يعني‬
‫القدرة عمى التحكيـ بيف المصالح المتضاربة مف أجؿ الوصوؿ إلى إجماع واسع حوؿ المصمحة العامة‬
‫‪ .‬الرؤية اإلستراتيجية ‪ :‬تستجيب لحاجيات المواطنيف وتطمعاتيـ عمى أساس إدارة عقالنية وراشدة‬
‫لمموارد أي الرؤية المنطمقة مف المعطيات الثقافية واالجتماعية اليادفة إلى تحسيف شؤوف الناس وتنمية‬
‫المجتمع والقدرات البشرية ‪.‬‬

‫إف مبادئ الحكامة الجيدة تفرض إقامة تواصؿ دائـ بيف المسؤوليف والموظفيف واألعواف‬
‫المحمييف مف جية‪ ،‬وبيف الرؤساء والمواطنيف مف جية أخرى ‪ .‬واذا كاف توسيع العالقة بيف واذا كاف‬
‫توسيع العالقة بيف المسؤوليف والموظفيف سوؼ يزيد مف دوف شؾ في مردوديتيـ و إنتاجاتيـ وذلؾ مف‬
‫خالؿ اإلطالع عمى مشاكميـ واكراىاتيـ ومف ثمة محاولة حميا‪ ،‬فإف التواصؿ الخارجي سوؼ يرسخ‬
‫لثقافة جديدة سمتيا األساسية الثقة وتكريس الديمقراطية‪ .‬وفي ىذا اإلطار يتوفر الرؤساء عمى عدة‬

‫‪201‬‬
‫‪ -‬الشكاري كرٌم‪ :‬تد بٌر المرافق العمومٌة المحلٌة على ضوء مقتضٌات الدستور المغربً الجدٌد ‪ ،‬باحث فً مٌدان الجماعات الترابٌة‬

‫‪http://www.marocdroit.com/% html‬‬ ‫تم التصفح بتارٌخ ‪.5 /06 /1081‬‬

‫‪145‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫طرؽ لمتواصؿ مع المواطنيف إما بشكؿ غير مباشر‪ ،‬عبر اإلذاعة والتمفزة والجرائد والمجالت‬
‫والدوريات‪ ،‬أو بطريقة مباشرة أي باالتصاؿ المباشر بالسكاف المحمييف‪ ،‬إما داخؿ الجماعة أو خارجيا‪،‬‬
‫وذلؾ بتنظيـ لقاءات دورية منتظمة لتدارس مشاكؿ السكاف واكراىاتيـ والصعوبات التي يجدونيا لولوج‬
‫المرافؽ العامة ‪ ،‬وكذا التعرؼ عمى طموحاتيـ وتطمعاتيـ ومحاولة برمجتيا واخراجيا إلى حيز‬
‫الوجود ‪،‬إذا كاف إصدار ميثاؽ لتدبير المرافؽ العمومية سيساىـ في وضع إطار متقدـ لتعزيز حكامة‬
‫المرافؽ العمومية ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬عدم تيميش وضع ميثاق أخالقي لمعمل اإلداري‬

‫يعد وضع مدونة لألخالؽ اإلدارية مف بيف اإلجراءات العممية التي يمكف أف تؤدي إلى تخميؽ‬
‫الممارسة اإلدارية بالمرافؽ الجماعية‪ .‬فالقوانيف المعموؿ بيا في العمؿ اإلداري ناد ار ما تحترـ بسبب‬
‫السموؾ السمبي السائد لدى الموظؼ والمواطف‪ ،‬وسيادة نمط مف األعراؼ اإلدارية التي تمكنت مف‬
‫فرض نفسيا في دواليب اإلدارة‪ ،‬ليذا يتعيف وضع ميثاؽ أخالقي باإلدارات الجماعية ومختمؼ المواقؼ‬
‫العمومية تكوف لو قوة إلزامية في احترامو واتباع مضامينو‪ ،‬ويجب أف ييـ كؿ مف الموظؼ والمواطف ‪.‬‬

‫‪ - 2‬بالنسبة لمموظؼ ‪:‬‬

‫يالحظ أف المشرع المغربي قد اعتبر المروءة شرطا مف شروط ولوج الوظيفية العمومية‪ ،‬حيث‬
‫ينص الفصؿ ‪ 32‬مف النظاـ األساسي لموظيفة العمومية عمى أنو ال يمكف ألي شخص أف يعيف في‬
‫إحدى الوظائؼ العمومية إذا لـ يتوفر فيو الشروط اآلتية ‪:‬‬

‫أف تكوف لو الجنسية المغربية‪ ،‬أف يكوف متمتعا بالحقوؽ الوطنية وذا مروءة‪،.‬أف يكوف مستوفيا لشروط‬
‫القدرة البدنية التي يتطمبيا القياـ بالوظيفة‪،.‬إذا لـ يكف في وضعية تتفؽ ومقتضيات قانوف الخدمة‬
‫العسكرية ‪.‬‬
‫‪202‬‬
‫‪،‬‬ ‫لكف حصر المشرع معنى المروءة في عدـ وجود إدانة جنائية يطرح أكثر مف سؤاؿ‬
‫حيث أف عد ـ إدانة المرء جنائيا ال يكفي لمتأكد مف سالمة أخالقو‪ ،‬كما أف إدانة المرء جنائيا ال تكفي‬

‫‪202‬‬
‫‪ -‬مزٌن عادل " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري "مرجع سابق ‪،‬ص ‪.30‬‬

‫‪146‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫لمداللة عمى فساد أخالقو‪ .‬واذا كاف األمر ىكذا‪ ،‬فإف إثبات مروءة الشخص الموظؼ تتطمب مف‬
‫اإلدارة إصدار ميثاؽ أخالقي لمموظؼ ينظـ سموكاتو ويضبط تصرفاتو‪ ،203‬سواء تعمؽ األمر بموظؼ‬
‫رئيس أو مرؤوس‪ ،‬لتصبح مضاميف ىذا الميثاؽ أعرافا إدارية تخدـ مصالح اإلدارة والمواطف‪ ،‬وحتى‬
‫يتـ تحقيؽ ذلؾ يجب أف يتضمف الميثاؽ األخالقي األمور التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬أف يخصص الموظؼ جؿ اىتماماتو لوظيفتو‪ ،‬وأف يتصرؼ بعدؿ وتجرد في تعاممو مع مستعممي‬
‫مصمحتو ‪.‬‬

‫‪ -‬أف يحترـ الوقت القانوني لخدمة مصالحو الخاصة ‪.‬‬

‫‪ -‬أف يحترـ رؤسائو ومرؤوسيو وحتى المتعامميف معو مف المرتفقيف ‪.‬‬

‫ويتعيف عمى اإلدارة في إطار ضماف احتراـ ىذا الميثاؽ األخالقي‪ ،‬أف تحدد بعض العقوبات‬
‫في حالة مخالفة أو عدـ التقيد بو‪ ،‬كما يجب عمييا أف تمد كؿ موظؼ بنسخة مف ىذا الميثاؽ‪ ،‬وأف‬
‫تجبره عمى توقيع التزاـ باحتراـ مقتضياتو‪ ،‬وبالتالي يمكف ىذا األمر مف إرساء ثقافة األخالؽ في العمؿ‬
‫اإلداري الجماعية‪ ،‬التي تكوف في صالح المواطنيف ‪.‬‬

‫‪ - 3‬بالنسبة لممواطف ‪:‬‬

‫يعتبر المواطف أحد العناصر المكونة لمنسؽ اإلداري الجماعي‪ ،‬حيث ال يمكف تصور اإلدارة‬
‫الجماعية بدوف مواطف‪ ،‬ونظ ار لكوف ىذا األخير شديد االرتباط بيذه اإلدارة‪ ،‬ولكونو عامال رئيسيا في‬
‫سيادة بعض السموطات السمبية‪ ،‬فإنو يتعيف عمى اإلدارة الجماعية المغربية أف تقوـ أيضا بإصدار‬
‫ميثاؽ أخالقي خاص بالمواطف تبيف فيو األخالؽ التي يتعيف عميو أف يتحمى بيا أثناء ولوج األجيزة‬
‫اإلدارية‪ ،‬وكذا المساطر التي يجب أف يتبعيا‪ .‬ويمكف االقتضاء ببعض التجارب الرائدة في ىذا‬
‫‪204‬‬
‫واقتباس بعض أدبيات التعامؿ اإلداري مف ىذه التجارب التي تتناسب مع البيئة اإلدارية‬ ‫المجاؿ‬
‫لممجتمع المغربي ‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫‪ -‬عبد الحفٌظ أدمٌنو‪ :‬نظام البٌروقراطٌة اإلدارٌة بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنٌل الدكتوراه فً القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال‪ ،‬كلٌة‬
‫الحقوق‪ -‬الرباط السنة الجامعٌة ‪ ،1001/1008‬ص ‪.506‬‬
‫‪204‬‬
‫‪ -‬تعتبر برٌطانٌا إحدى الدول الرائدة فً تثمٌن العنصر البشري فً المجتمع والوعً بمكانته‪ ،‬فقد جاء مٌثاق المواطن كإحدى مبادرات‬
‫رئٌس الوزراء " جون مٌجر " فً عام ‪ ،8998‬لٌجعل من المواطن كزبون فً عالقته باإلدارة‪ ،‬وٌعطً بذلك اهتماما كبٌرا إلدارة جودة‬

‫‪147‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وتكمف أىمية الميثاؽ األخالقي في تنمية وعي المواطف بمستويات الخدمات المقدمة مف‬
‫المصالح اإلدارية وتمكينو مف أساسيات المعاممة اإلدارية‪ ،‬كما أنو سيشكؿ حاف از ليذه المصالح لتقديـ‬
‫خدماتيا بشكؿ فعاؿ‪ ،‬وكونو سيساىـ في تحديد العالقة بيف اإلدارة والمواطف ‪.‬‬

‫الخدمات اإلدارٌة‪ ،‬وقد عرض هذا المٌثاق لمجموعة من األسالٌب التً ٌمكن من خاللها تحسٌن وتطوٌر جودة الخدمات اإلدارٌة‪ .‬للتفصٌل‬
‫فً هذا األمر ٌراجع‪:‬‬

‫‪ -‬بلقاسم بوطٌب‪ :‬التواصل المحلً‪ -‬دراسة فً أسس العالقة بٌن اإلدارة الجماعٌة والمواطن‪ ،‬رسالة لنٌل دبلوم الماستر فً القانون العام‬
‫‪ /‬مسلك تدبٌر اإلدارة المحلٌة‪ ،‬جامعة الحسن األول‪ ،‬كلٌة الحقوق‪ -‬سطات‪ -‬السنة الجامعٌة ‪ ،1008/1007‬ص ‪.181‬‬

‫‪148‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫خاتمة الفصل الثاني‬

‫لقد تـ الحديث في ىذا الفصؿ المعنوف مستجدات الدستور الجديد في مجاؿ تدبير المرافؽ‬
‫العامة ‪،‬والذي تـ التطرؽ فيو عف جممة مف المستجدات الدستورية فيما يتعمؽ بالمرافؽ العامة ‪،‬فمقد‬
‫خصص الدستور المغربي الجديد لسنة ‪ 3122‬بابا كامال لمحكامة الجيدة‪ ،‬حيث تمت دسترة المبادئ‬
‫األساسية التالية ‪ :‬تنظيـ المرافؽ العمومية عمى أساس المساواة بيف المواطنات والمواطنيف في الولوج‬
‫إلييا‪ ،‬واإلنصاؼ في تغطية التراب الوطني‪ ،‬واالستم اررية في أداء الخدمات‪.‬‬

‫إخضاع تسيير المرافؽ العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية والمبادئ‬
‫والقيـ والديمقراطية ‪.‬‬

‫إلزاـ أعواف المرافؽ العمومية بممارسة وظائفيـ وفقا لمبادئ احتراـ القانوف والحياد والشفافية‬
‫والنزاىة والمصمحة العامة وتأميف تتبع مالحظات واقتراحات وتظممات المرتفقيف ‪.‬‬

‫إلزاـ المرافؽ العمومية بتقديـ الحساب عف تدبيرىا لألمواؿ العمومية مع خضوعيا لممراقبة‬
‫والتقييـ طبقا لمقوانيف الجاري بيا العمؿ‪.‬‬

‫إلزاـ كؿ شخص منتخب أو معيف يمارس مسؤولية عمومية‪ ،‬بتقديـ تصريح كتابي بالممتمكات‬
‫واألصوؿ التي حيازتو بمجرد تسممو لميامو‪ ،‬وخالؿ ممارستيا وعند انتيائو ‪.‬‬

‫ولقد اعتمد الدستور الجديد محطة متميزة في مسار البناء الديمقراطي ببالدنا‪ .‬بخصوص‬
‫المساءلة واعطاء الحساب كركيزة أساسية لمحكامة الجيدة‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى تكريس قاعدة تالزـ‬
‫ممارسة المسؤوليات والوظائؼ العمومية بالمحاسبة‪.‬ليذه األسباب‪ ،‬فقد تـ دسترة مؤسسات وىيئات‬
‫حماية الحقوؽ والحريات والحكامة الجيدة ‪:‬‬

‫‪149‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫المجمس الوطني لحقوؽ اإلنساف كمؤسسة وطنية تعددية ومستقمة‪ ،‬والوسيط كمؤسسة وطنية‬
‫مستقمة ومتخصصة‪ ،‬ميمتيا الدفاع عف الحقوؽ في نطاؽ العالقات بيف اإلدارة ‪ ،‬مجمس المنافسة‬
‫كييأة مستقمة مف اجؿ ضماف الشفافية واإلنصاؼ‪ ،‬والييأة الوطنية لمنزاىة والوقاية مف الرشوة التي‬
‫تتولى مياـ المبادرة والتنسيؽ واإلشراؼ وضماف تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد‪ ،‬وتمقي ونشر‬
‫المعمومات في ىذا المجاؿ ‪.‬‬

‫إال اف دسترة ىذه المبادئ والمعاير والييئات ليست ىدفا بحد ذاتيا بؿ ىي وسيمة لضبط‬
‫المؤسسات و السموكيات والصالحيات وإلعماؿ المحاسبة عمى أساس ىذه الصالحيات ‪ .‬يجب االسراع‬
‫في اصدار ميثاؽ المرافؽ العامة و عدـ تيميش وضع ميثاؽ أخالقي لمعمؿ اإلداري ‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫خاتـــمـة عــامـة‬

‫ظمت فكرة المرفؽ العاـ تشكؿ محو ار اساسيا في كالسيكيات القانوف االداري سواء تـ النظر‬
‫إلييا مف خالؿ العمؿ القضائي او مف زاوية استعراض مسار بنائيا النسقي الذي تـ بفضؿ االجتياد‬
‫الفقيي‪ ،‬فإف ىناؾ مف يرى بأف فكرة المرفؽ العاـ تمثؿ أساس مختمؼ نظريات القانوف االداري‪ ،‬ولعؿ‬
‫ىذا صمود نظرية المرفؽ العاـ كموضوع ال زاؿ يعري بالباحث فيو يعود أساسا إلى أنو يعتبر موضوعا‬
‫ذا بعد عممي وتطبيقي يمتزج فيو ما ىو قانوني مع ما ىو سياسي واقتصادي واجتماعي ‪.‬‬

‫أما في المغرب فقد اتضحت أىمية المرافؽ العامة منذ فجر االستقالؿ عندما تبينت لسمطاتو‬
‫العمومية الحاجة الماسة لتنظيـ ىيكمو اإلداري تماشيا مع ضرورة االنتشار الجغرافي والسيادي لمدولة ‪.‬‬

‫وفي ىذا االطار يمكف القوؿ بأنو مع بداية االستقالؿ شكمت المؤسسات العمومية مف ناحية‬
‫اولى األداة الحاسمة في تنفيذ النزعة التدخمية لمدولة التي تحكمت في استراتيجية التنمية المنتيجة‬
‫انذاؾ ‪،‬بعدىا تـ المجوء بشكؿ مكثؼ لطرؽ التدبير الخاصة‪ ،‬حيت اختمفت الصيغ القانونية لتواجد مثؿ‬
‫ىذه الطرؽ ‪ ،‬وعرؼ المغرب مجموعة مف التجارب المرتبطة بالتدبير الخاص لممرافؽ العامة وبالرغـ‬
‫مف اف ىذه التجارب الزالت في ميدىا‪ ،‬فإف ذلؾ ال يمنع مف رصد بعض االنحرافات والخروقات التي‬
‫ترتقي إلى درجة مؤشرات حقيقية دالة عمى تعثر بعضيا ‪.‬‬

‫فالوضع اكثر تعقيدا ويفرض عمينا مف أي وقت مضى مراجعة وتكييؼ المرافؽ العامة مع ىذه‬
‫التحوالت بالشكؿ الذي تتجاوز فيو تمؾ السمبيات واالنحرافات ‪ ،‬وذلؾ باعتماد مفاىيـ وآليات وتدابير‬
‫حديثة ‪.‬‬

‫وال شؾ اف آلية الحكامة الجيدة قد اصحبت في الوقت الراىف ‪ ،‬تشكؿ مرحمة اساسية مف‬
‫مراحؿ المبادرات اليادفة الى جعؿ المرافؽ العامة اكثر تكيفا مع التحوالت المرتبطة بيذا األخير‪ ،‬تمؾ‬
‫التحوالت التي ال يمكف لممرافؽ العامة اف تظؿ في منأى عنيا ‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫وتخصيص باب كامؿ مف الدستور الجديد لمحكامة الجيدة‪ ،‬يحدد المبادئ والمعايير التي تنظـ‬
‫المرافؽ العامة‪ ،‬ويعمف عف ضرورة اصدار ميثاؽ المرافؽ العامة ألوؿ مرة‪ ،‬باإلضافة الى دسترة ىيئات‬
‫الحكامة‪ ،‬فمقد حقؽ الدستور الجديد طفرة نوعية في مجاؿ تكريس دولة الحؽ والقانوف قواميا المشاركة‬
‫والتعددية والحكامة الجيدة‪ ،‬وارساء دعائـ مجتمع متضامف‪ ،‬يتمتع فيو الجميع باألمف والحرية والكرامة‬
‫والمساواة ‪.‬‬

‫ختاما يجب اف ليست الدسترة ىدفا في حد ذاتيا بؿ ىي وسيمة لضبط المؤسسات والسموكيات‬
‫والصالحيات وإلعماؿ المحاسبة عمى أساس ىذه الصالحيات‪ ،‬فالدسترة ىي مثؿ ذلؾ المسمط الضوئي‬
‫الذي يوجو أضواءه الالمعة إلى مناطؽ وأجساـ ظؿ‪ ،‬حتى يظير لمعياف مكانيا وتصرفيا ومجاؿ‬
‫تحركيا‪ ،‬وبالتالي يسيؿ متابعتيا ومسايرة فعميا وأدائيا وتحركيا‪ ،‬لكف ىؿ الدسترة ىي الوسيمة المأمولة‬
‫الوحيدة في مسار اإلصالحات الدستورية؟ وىؿ بدسترة مؤسسة ما يكوف قد تـ التحكـ فييا وفي‬
‫صالحياتيا واختصاصاتيا ؟ قطعا ال‪ ،‬فإف الدسترة ىي بداية الطريؽ وتسميط الضوء ينبغي أف يتبع‬
‫بآلية التحكـ في الجسـ المسمط‪ ،‬وفعالية آلية التحكـ مقرونة بطريقة تشكؿ ىذه المؤسسات المدسترة‪،‬‬
‫والطريقة مرىونة بالنظاـ العاـ المتبع في تشكيؿ مثؿ ىذه المؤسسات ‪.‬‬

‫فالناظر إلى المؤسسات التي كانت خارج المجاؿ الدستوري المغربي‪ ،‬يمحظ أف طابع التعيينات‬
‫الفوقية لتركيبتيا الزـ دائـ ليا‪ ،‬ولذلؾ فإف مطمب دسترتيا مقروف عضويا بمطمب تغيير نظاـ التعيينات‬
‫بشكؿ عاـ ألنو نظاـ غير ديمقراطي‪ ،‬إلى نظاـ يسود فيو االختيار الحر المرتكز عمى الكفاءة واألحقية‬
‫والخبرة الميدانية في المجاؿ المعني‪ ،‬وىذا لف يتأتى في نظرنا إال بإعماؿ مبدأ الديمقراطية في طريقة‬
‫تشكميا ‪.‬‬

‫فإف الديمقراطية أداة لتحقيؽ مناط اإلشراؾ الفعمي لممجتمع في االختيار والتقرير والتقويـ‪،‬‬
‫وبالتالي فدمقرطة ىذه المؤسسات يقتضي أف يسري عمييا مبدأ االختيار الحر الذي يعبر عمى رضا‬
‫المجتمع عمييا باعتبارىا مؤسسات وطنية عميا تسير عمى خدمة المصالح الكبرى لممجتمع‪ ،‬ومبدأ‬
‫التعييف ينتمي إلى الدائرة النقيض لمديمقراطية حيث تحجيـ مشاركة المجتمع في االختيار والتقرير‬
‫والتقويـ‪ ،‬وبالتالي تيميشو واالستفراد بالق اررات والخيارات التي تخصو والتي ىو موضوعيا بامتياز ‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫فالعديد مف مقترحات الييئات السياسية والنقابية والجمعوية التي قدمت لمرأي العاـ أو لمجنة‬
‫االستشارية المكمفة بمراجعة الدستور التي ركزت عمى مبدأ الدسترة لبعض المؤسسات الوطنية‪ ،‬لكنيا‬
‫غضت الطرؼ عمى مبدأ دمقرطة ىذه المؤسسات‪ ،‬فيا ىي مقترحات العديد مف المذكرات التي‬
‫اقترحت دسترة المجمس الوطني لحقوؽ اإلنساف لكف لـ تشر إلى دمقرطة تشكيمو إما بقانوف تنظيمي‬
‫ينظـ ذلؾ بشكؿ ديمقراطي أو باقتراح منصوص عميو دستوريا تتجسد فيو ىذه الدمقرطة عمميا‪ ،‬وكذلؾ‬
‫بالنسبة لدسترة ىيئات الحكامة مف مثيؿ مجمس المنافسة أو الييئة الوطنية لمحاربة الرشوة أو الييئة‬
‫الوطنية لحماية الماؿ العاـ‪ ،‬التي تغيب في غالب االقتراحات مطمب دمقرطة تشكيميا ‪ ،‬فالمستجدات‬
‫التي جاء بيا الدستور المغربي في مجاؿ تدبير المرافؽ العمومية اليادفة إلى تعزيز دولة الحؽ والقانوف‬
‫قواميا المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة‪ ،‬تبقى ناقصة إذا لـ يتـ تفعمييا بمقتضيات قانونية مف شأنيا‬
‫االرتقاء بتدبير المرافؽ العمومية كأداة لتدعيـ الديمقراطية المحمية القائمة عمى تقريب خدمات المرافؽ‬
‫العمومية مف المواطنيف‪،‬ودمقرطة الييئات المدسترة ‪.‬‬

‫تبعا لذلؾ فإف المشرع المغربي مطالب بإصدار ميثاؽ لممرافؽ العمومية مف أجؿ تعزيز‬
‫المكاسب الدستورية لممممكة في مجاؿ الحكامة الجيدة وعدـ تيميش وضع ميثاؽ اخالقي لمعمؿ‬
‫االداري وكذا ‪ .‬العمؿ عمى دمقرطة المؤسسات شرط في استقاللية قرارىا واالستقاللية في تدبيرىا شرط‬
‫في نجاح دمقرطتيا ‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫المراجع المعتمدة‬

‫‪ ‬المؤلفات والكتب ‪:‬‬

‫إبراىيم كومغار ‪ :‬المرافق العامة الكبرى عمى نيج التحديث ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‬ ‫‪‬‬
‫الدار البيضاء ‪ ،‬الطبعة االولى ‪. 1009‬‬

‫أحمد بوعشيق ‪ :‬المرافق العامة الكبرى عمى ضوء التحوالت المعاصرة ‪ ،‬دار النشر‬ ‫‪‬‬
‫المغربية ‪. 1001 ،‬‬

‫ثرية لعيوني ‪ ،‬نظرية المرافق العامة ‪ ،‬كمية الحقوق سال ‪ ،‬الطبعة االولى ‪.1003 ،‬‬ ‫‪‬‬

‫جيمس جي ‪ ،‬مارش وىيربرت اي ‪-‬سايمون "المنظمات" (ترجمة عبد الرحمن بن‬ ‫‪‬‬
‫احمد ىيجان)‪،‬االدارة العامة لمطباعة والنشر ‪ ،‬معيد االدارة العامة ‪. 1008‬‬

‫سعيد نكاوي ‪ :‬التدبير المفوض في المغرب عمى ضوء قانون ‪، 03,31‬مطبعة‬ ‫‪‬‬
‫االمنية الرباط‪.1080،‬‬

‫‪154‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫سميمان الطماوي‪ :‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬نظرية‬ ‫‪‬‬
‫المرفق العام وعمال اإلدارة ‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬الطبعة العاشرة ‪8979 ،‬‬

‫عبد اهلل حداد ‪ :‬الوجيز في قانون المرافق العمومية الكبرى ‪ ،‬منشورات عكاظ ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫الرباط‪ ،‬أكتوبر ‪. 1008‬‬

‫عبد القادر باينة ‪ :‬المختصر في القانون االداري المغربي ‪ ،‬الطبعة االولى‪. 8983 ،‬‬ ‫‪‬‬

‫كيرون وواش " الخدمات العامة )المرفق العام( وآليات السوق " ) ترجمة محسن‬ ‫‪‬‬
‫إبراىيم الدستوري( اإلدارة العامة لمطباعة والنشر‪ ،‬معيد اإلدارة العامة ‪. 1005‬‬

‫محمد براو ‪ :‬الشفافية والمساءلة والرقابة العميا عمى المال العام في سياق الحكامة‬ ‫‪‬‬
‫الرشيدة ‪ ،‬سمسمة الرقابة عمى المال العام والمنازعات المالية ‪ ،‬دار القمم – الرباط ‪. 1080‬‬

‫‪ -1‬محمد كرامي ‪ :‬القانون اإلداري ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫الطبعة الثانية ‪.1005‬‬

‫محمد نشطاوي ‪ ،‬المرافق العامة الكبرى ‪،‬المطبعة و الوراقة الوطنية ‪ ،‬الطبعة االولى‬ ‫‪‬‬
‫‪. 1001‬‬

‫مروان محيي الدين القطب ‪ :‬طرق خصخصة المرافق العامة ‪ ،‬منشورات الحمبي‬ ‫‪‬‬
‫الحقوقية الطبعة الولى ‪. 1009‬‬

‫‪155‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫مميكة الصروخ ‪:‬نظرية المرافق العامة الكبرى دراسة مقارنة‪،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪. 8991‬‬

‫ميشيل روسي‪،‬القانون اإلداري المغربي‪ ،‬الترجمة العربية‪ ،‬المطبعة الممكية‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪‬‬
‫الولى‪.8988 ،‬‬

‫ىيربرت اي سايمون ‪":‬السموك االداري لعمميات اتخاد القرار في المنظمات االدارية"‬ ‫‪‬‬
‫(ترجمة عبد الرحمن بن احمد ىيجان)‪،‬االدارة العامة لمطباعة والنشر ‪ ،‬معيد االدارة العامة ‪. 1008‬‬

‫‪ ‬الرسائل و الطروحات ‪:‬‬

‫النواف بيالل ‪" :‬اإلصالحات الدستورية ورىان االنتقال الديمقراطي بالمغرب دستور‬ ‫‪‬‬
‫‪ 1088‬نموذج" ‪ ،‬رسالة لنيل دبموم الماستر في القانون العام ‪،‬جامعة الحسن الثاني ‪ ،‬كمية العموم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية ـ السطات ‪ ،‬سنة ‪. 1088 -1080‬‬
‫محمد الداودي ‪" :‬مقاربة إلشكالية تحديث المرفق العمومي الصحي بالمغرب "‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ‪ ،‬جامعة محمد الخامس كمية العموم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية السويسي الرباط ‪.1008 _1007 ،‬‬

‫نوال اليناوي ‪" :‬التدبير العمومي الجديد"‪ ،‬اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫جامعة محمد الخامس ‪ ،‬الرباط اكدال سنة ‪. 1009-1008‬‬

‫‪156‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫رضوان العنبي ‪" :‬البيروقراطية اإلدارية ومسألة التقويم نحو منظور جديد لمتدبير‬ ‫‪‬‬
‫العمومي بالمغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون اإلداري‪ ،‬كمية العموم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية بجامعة الحسن الثاني عين الشق بالدار البيضاء‪.1009-1008 ،‬‬

‫عبد الفتاح أعبيس‪" :‬حكامة تدبير المرافق العمومية من الحدود إلى التحديات‬ ‫‪‬‬
‫الوكالة الحضرية لسطات نموذجا "‪،‬رسالة لنيل دبموم الماستر في القانون العام ‪ ،‬جامعة الحسن‬
‫الثاني ‪ ،‬كمية العموم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ـ السطات ‪ ،‬سنة ‪.1080-1009‬‬

‫نوال اليناوي " تدبير الجودة الكمية بالقطاع العام " رسالة دبموم الدراسات العميا‬ ‫‪‬‬
‫المعقمة " وحدة القانون اإلداري وعمم اإلدارة ‪ :‬جامعة محمد الخامس كمية العموم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية أكدال الرباط‪ .‬السنة الجامعية ‪.1008-1000‬‬

‫مزين عادل " أسس ووسائل عقمنة التدبير اإلداري " رسالة لنيل دبموم الدراسات‬ ‫‪‬‬
‫العميا المعمقة‪ .‬وحدة القانون اإلداري وعمم اإلدارة‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كمية العموم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ ،‬الرباط‪.1001-1008 .‬‬

‫عبد الحفيظ أدمينو‪ ":‬نظام البيروقراطية اإلدارية بالمغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‬ ‫‪‬‬
‫في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال‪ ،‬كمية الحقوق‪ -‬الرباط السنة الجامعية‬
‫‪.1001/1008‬‬

‫عبد الخالق الوىابي‪" :‬المرافق العامة والجودة" ‪،‬رسالة لنيل دبموم دراسات العميا‬ ‫‪‬‬
‫المعمقة ‪ ،‬كمية الحقوق طنجة ‪.1003-1006 ،‬‬

‫‪157‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫بمقاسم بوطيب‪" :‬التواصل المحمي‪ -‬دراسة في أسس العالقة بين اإلدارة الجماعية‬ ‫‪‬‬
‫والمواطن"‪ ،‬رسالة لنيل دبموم الماستر في القانون العام ‪ /‬مسمك تدبير اإلدارة المحمية‪ ،‬جامعة‬
‫الحسن الول‪ ،‬كمية الحقوق‪ -‬سطات‪ -‬السنة الجامعية ‪.1008/1007‬‬

‫‪ ‬المحاضرات ‪:‬‬

‫محمد العمراني بوخبزة‪ :‬محاضرات في مادة "الحكامة المحمية"‪ ،‬السنة االولى ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ماستر عموم االدارية لتنمية ‪ ،‬كمية الحقوق طنجة ‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2012 – 2011‬‬

‫محمد العمراني بوخبزة‪ :‬محاضرات في مادة "المرافق العمومية المحمية" ‪ ،‬السنة‬ ‫‪‬‬
‫الثانية ‪ ،‬ماستر الشأن العام المحمي ‪ ،‬كمية الحقوق طنجة ‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1081 – 1088‬‬

‫الميمود بوطريكي ‪ :‬محاضرات في" قانون المرافق العامة"‪ ،‬الكمية المتعددة‬ ‫‪‬‬
‫التخصصات بالناضور‪.1009-1008،‬‬

‫‪ ‬المقاالت والمداخالت ‪:‬‬

‫محمد العراج ‪ ،‬القانون االداري المغربي الجزء الول ‪ ، REMALD ،‬سمسمة‬ ‫‪‬‬
‫مواضيع الساعة‪ ،‬عدد‪.1009 ، 68‬‬

‫محمد يحيا ‪ :‬قراءة نقدية لمفيوم التدبير المفوض عمى ضوء مستجدات القانون رقم‬ ‫‪‬‬
‫‪ ،REMALD ،31-03‬سمسمة دراسات عدد ‪.1008 ،80‬‬

‫‪158‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫حسن حوات‪ " ،‬أية استمرارية لممرافق العامة الصناعية والتجارية " م‪.‬م‪.‬إ‪.‬ت‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫سمسمة مواضيع الساعة‪ ،‬العدد ‪53‬ـ ‪.1001‬‬

‫كريم لحرش ‪ ،‬القانون االداري المغربي ‪ ،‬منشورات سمسمة الال مركزية واإلدارة‬ ‫‪‬‬
‫المحمية ‪ ،‬عدد مزدوج ‪ 81‬و ‪ ، 83‬الطبعة الثانية ‪.1081‬‬

‫يوسف تمييمت ‪ ،‬مدخل لدراسة مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقمة ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ،REMALD‬سمسمة مواضيع الساعة‪ ،‬عدد ‪.1001 ، 53‬‬

‫عبد اهلل انغوان ‪" :‬دعم الخالقيات بالمرفق العام" مجمة طنجيس العدد االول ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ، 1008‬ص ‪. 881 – 888‬‬

‫اسماعيل الشطي ‪" :‬الديمقراطية كآلية لمكافحة الفساد والتمكين لمحكم الصالح"‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫مجمة المستقبل العربي ‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية ‪ ،‬العدد ‪. 580-1001‬‬

‫ادريس بمماحي‪ :‬دراسة مقارنة في اختصاصات مؤسسة الوسيط ‪، REMALD ،‬‬ ‫‪‬‬
‫سمسمة مواضيع الساعة ‪ ،‬عدد ‪.1000، 10‬‬

‫محمد الزرقتي العيادي ‪ :‬مجمس المنافسة واليياكل المكمفة بتطبيق القانون ‪ ،‬مجمة‬ ‫‪‬‬
‫طنجيس ‪،‬العدد الثالث ‪.1005‬‬

‫عبد العالي قرقوري‪ " :‬بين المرفق العام وظمو " ‪ REMALD.‬سمسمة مواضيع‬ ‫‪‬‬
‫الساعة‪ ،‬العدد ‪. 1001 ،53‬‬

‫‪159‬‬
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫محمد آيت المكي‪ :‬من أجل تجديد المرفق العام " ‪ REMALD‬سمسمة مواضيع‬ ‫‪‬‬
‫الساعة‪ ،‬العدد ‪. 1001 ،53‬‬

‫مجمة البحوث اإلدارية – العدد الرابع شتنبر ‪.8998‬‬ ‫‪‬‬

‫محمد اليعكوبي ‪ :‬الديمقراطية االدارية بالمغرب م‪.‬م‪.‬ن‪.‬ق‪.‬س‪ .‬العدد ‪، 3‬يناير ‪1003‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ،‬ص‪.77‬‬

‫‪ ‬النصوص القانونية ‪:‬‬

‫الدستور المغربي ‪ ، 2011‬منشورات مجمة المقال ‪،‬دار القرويين ‪ ،‬سمسمة مدونات‬ ‫‪‬‬
‫تشريعية ‪.2011‬‬

‫القانون التنظيمي لقانون المالية رقم ‪ ، 14.00‬الصادر بتنفيذه الظيير‬ ‫‪‬‬


‫الشريف رقم ‪ 1-98-138‬صادر في ‪ 7‬شعبان ‪ 26 (1419‬نوفمبر ‪.)1998‬‬

‫القانون رقم ‪ 47.96‬المتعمق بالتنظيم الجيوي‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظيير الشريف‬ ‫‪‬‬
‫رقم ‪ 1.97.84‬بتاريخ ‪ 2‬أبريل ‪.1997‬‬

‫القانون رقم ‪ 00.79‬المتعمق بتنظيم العماالت والقاليم‪ ،‬الصادر بتنفيذه‬ ‫‪‬‬


‫الظيير الشريف رقم ‪ 1.02.269‬بتاريخ ‪ 3‬أكتوبر ‪.2002‬‬

‫‪160‬‬
------------------------------------‫المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‬----------------------------------------

‫ المتعمق بالتنظيم الجماعي كما تم تعديمو وتتميمو بموجب‬78.00 ‫القانون رقم‬ 


.2009 ‫ فبراير‬18 ‫ والصادر في‬17.08 ‫القانون رقم‬

‫ الصادر‬،‫ المتعمق بالتدبير المفوض لممرافق العامة‬05/54 ‫القانون رقم‬ 


‫ الجريدة‬،2006 ‫ فبراير‬14 / 1427 ‫ محرم‬15 ‫ بتاريخ‬1-06-15 ‫بتنفيذه الظيير الشريف رقم‬
.2006 ‫ مارس‬16 ‫ الصادرة يوم‬5404 ‫الرسمية رقم‬

 Ouvrages et Revues :

 Delaire ( Y.), La délégation des Services P publics Locaux,


Les indispensables, Berger-Levrautlt, 2002.

 Elyaakoubi (M.) : le concept de la gestion déléguée, REMALD,


série thèmes actuels, n° 30.

 Jean de Soto : Grands Services Publics et Entreprises


Nationales, Editions Montchrestien , Paris.

 Jean François Tribillon : Gestion des services publics en France :


les différentes modalités juridiques, 2005

161
------------------------------------‫المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‬----------------------------------------

 JEAN WALINE & JEAN RIVERO : Droit administratif, 5ème


édition 1994

 M. BERHIM/ « l’expérience municipale de délégation des


service publics urbains marchands REMALD « thème actuels » n° 30.

 M. Hauriou : Précis de droit administratif et de droit public.


Dalloz. Paris, 2002.

 Michel Rousset, Jean Garagnon : Droit administratif, Marocain,


Editions la porte, 6 ème édition , 2003.

 Michel rousset :Le service public au Maroc , éditions la


porte,2002.

 Morad sbiti : Qualité et tourisme : quelle démarche pour quelle


compétivité ? intervention à la 4 éme semaine qualité 2000 (C.C.R.S).

 Yve Lavina- Erick Perruche « Maintenance et assurance de la


qualité ( guide pratique ) les ed : d’organisation- 1998.

 Sites web :

162
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪‬‬ ‫‪www.base.citego.info :‬‬

‫‪ Jean François Tribillon : Gestion des services publics en France : les‬‬
‫‪.différentes modalités juridiques, 2005‬‬

‫‪‬‬ ‫‪www.unpan1.un.org :06-11-2010‬‬

‫‪ ‬أحمد بوعشيق ‪ :‬الساليب الحديثة لتدبير المرافق العامة بالمغرب‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪www.shatharat.net : 06-11-2010‬‬

‫‪ ‬جميمة العيدي ‪ :‬التجارب المحمية والدولية الناجحة في مجال خصخصة العمال‪ ،‬تجربة‬
‫بمدية الرباط في مجال خصخصة قطاع النظافة ‪ -‬التدبير المفوض –‬

‫‪‬‬ ‫‪http: //www.alalam.ma : 25/04/2011‬‬

‫‪ ‬الموقع اإللكتروني لجريدة العمم ‪ :‬شوارع الرباط تتحرر من "الصابو" اإلسباني وغموض‬
‫سيمف ما يأتي‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪http://masteridara.fourmmaroc.nrt/t45-topic 01/12/2010‬‬

‫‪ ‬محمد ربيع بن سعيد تجربة التدبيمر المفوض في مدينة طنجة ‪ :‬نموذج شركة‬
‫أمانديس‬
‫‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪http://www.ccdh.org.ma/spip.php?article4881 . 2012/6/3.‬‬

‫‪163‬‬
------------------------------------‫المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‬----------------------------------------

Présentation du Conseil consultatif des Droits de l’Homme 


(CCDH).

 www.stopcorruption.ma

.‫البوابة االلكترونية اوقفو الرشوة‬ 



164
‫‪----------------------------------------‬المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد‪------------------------------------‬‬

‫‪165‬‬

You might also like