Professional Documents
Culture Documents
المرافق العامة علي ضوء الدستور الجديد
المرافق العامة علي ضوء الدستور الجديد
المرافق العامة علي ضوء الدستور الجديد
المملكة المغربية
جامعة عبدالمالك السعدي
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية
-طنجة
العنوان:
1
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
مقدمة
لقد شكؿ المرفؽ العاـ منذ انبثاقو وظيوره ،سجاال فكريا واسعا سواء مف حيث انو موضوع لمدراسة
(مف حيث مشكمة وجوده أصال) ،أو مف حيث تسييره أو مف حيث وظيفتو .
وقد ارتبط دائما مفيوـ المرفؽ العاـ بالدولة ،وذلؾ باعتبار في نظر الكثيريف ،أف الدولة ما ىي
إال مجموعة مف المرافؽ العامة ،مما يجعؿ الحديث عف المرفؽ العاـ ىو حديث عف الدولة في تطورىا
وفي نشاطيا وفي التعامؿ مع المرافؽ التي تحدثيا .
إف الدولة عبر التاريخ كانت وال زالت محط اىتماـ الباحثيف باختالؼ أطيافيـ وتوجياتيـ المعرفية
:فالسفة ،اقتصاديوف ،عمماء الساسة ،...فتطورىا وتطور مجريات التاريخ وتسارع وثيرة الزمف بفضؿ
وسائؿ االتصاؿ ،أفضى بتزايد وتنامي مستمر لحاجيات المواطنيف ،مما جعميا ال تستقر في نشاطيا
ودورىا الكالسيكي الذي ىيمف عمييا منذ انبثاؽ مفيومو .وشيد المغرب مرحمتيف أساسيتيف لتطور وظائؼ
الدولة .
مرحمة االستقالؿ إلى حدود سنوات الثمانينيات :عرفت ىذه الفترة مف تاريخ المغرب حضور قوي
لمدولة قصد توجيو االقتصاد والقضاء عمى الموروث االستعماري وبناء اقتصاد قوي قادر عمى تحريؾ
عجمة التنمية ،فشيد المغرب أكبر نسبة ارتفاع لمقطاع العاـ حتى صعب حصره وتعداده .
مرحمة ما بعد الثمانينيات :ىذه المرحمة عرفت تراجعا في دور الدولة االقتصادي بسبب أزمة
التمويؿ ،فالتفرغ الكبير في عدد المرافؽ العامة ولد سوء التسيير وعدـ التنظيـ وارتفاع تكمفة النفقات وقمة
المردودية ،بحيث أصبح القطاع العاـ يشكؿ عبئا عمى ميزانية الدولة .
إف ىذا التطور الذي شيدتو الدولة ،كاف لو تأثير عمى المرافؽ العامة بالمغرب ،فالحاجة إلى
اقتصاد قوي قادر عمى امتصاص الوضعية االجتماعية المزرية لممجتمع مف جية ،وكذا سوء التخطيط
وغياب البعد التدبيري التوقعي لمنشاط العمومي مف جية ثانية ،انتج ما يصطمح عميو بأزمة المرفؽ العاـ .
2
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وأماـ ىذه الوضعية ،يظير أنو وفي إطار إعادة تقييـ لمنشاط العمومي الذي يسمى بالقطاع العاـ،
فإف األزمة وسوء التدبير ليست أمو ار حتمية يستحيؿ تجاوزىا ،1فيناؾ إذف عدة طرؽ لتجاوز األزمة ،تقوـ
عمى التحديث واعادة الييكمة لممرفؽ العاـ في إطار ما يسمى بالتدبير العمومي الجديد ينطمؽ مف فكرة
محورية مفادىا أف اساليب التدبير المعتمدة بالقطاع الخاص يمكف نقميا وتعدييا ثـ تطبيقيا بالقطاع العاـ
وفؽ خصوصيات القطاع العاـ ويتعمؽ األمر باتجاىيف متوازييف :
-االتجاه االوؿ :يسير في منحى تقميص التدبير المباشر أماـ تعاظـ المجوء الى التدبير المستقؿ .
-االتجاه الثاني :يتعمؽ بالمجوء المكثؼ لطرؽ التدبير الخاصة ،حيث اختمفت الصيغ القانونية لتواجد
مثؿ ىذه المرافؽ العمومية مما سيشكؿ اإلطار الذي مف خاللو ستجد الدولة والجماعات الترابية مخرجات
لبعض ىموميا المتعمقة بالتدبير الترابي .
غير أف ىذه التحوالت لـ تقؼ عند ىذا الحد بؿ إف تطور نشاط المرافؽ العامة جعؿ مف الصعب
التسميـ بثبات النظاـ القانوني المطبؽ عمييا ،حيث يتبيف لنا أف القانوف االداري واف كاف حتى وقت قريب
يتميز بخصوصية تميزه عف باقي فروع القوانيف األخرى ،وكانت نقط الحدود مرسومة بشكؿ واضح ،فاف
مجاؿ المرافؽ العامة يؤكد أف التحوالت المعاصرة قمصت مف حدة ىذه الخصوصية عبر االقتباس مف
بعض المفاىيـ الواردة في القانوف الخاص مادامت تساعد في اإلسياـ بشكؿ اكسر فاعمية ممكنة في
األنشطة الموكولة لممرافؽ العمومية .
لكف ما يثير االنتباه بخصوص ىذه التحوالت والتطورات النظرية تمؾ الفجوة الكبيرة التي أصبحت
تفصؿ بيف مثؿ ىذه التحوالت ،وواقع ثابت وسمبي يطبع الخدمات التي تقدميا المرافؽ العمومية .
ونجد كذلؾ اف االنتقادات الموجية إلى المرافؽ العمومية متعددة ومتنوعة ،فيي متيمة بالعديد
مف المؤاخذات والنقائص كالجمود والتعقيد والبطء والروتيف في أداء الخدمات...الخ ،األمر الذي يؤدي
إلى تعزيز القطيعة في عالقة المرافؽ العامة مع محيطيا .
1
عبد هللا حارسً" :التقرٌر التركٌبً لندوة المرفق العام فً مواجهة التحدٌات الحدٌثة" ٌومً 88و 89أكتوبر ،1008المجلة المغربٌة
لإلدارة المحلٌة والتنمٌة ،سلسلة مواضٌع الساعة ،عدد ، 1001 ، 53ص .871 :
3
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وعموما يمكف القوؿ اف مكانة المرافؽ العامة لدى المرتفقيف ،ليست بالمكانة االيجابية ،وىو
الوضع الذي يمكف أف نرجعو باألساس إلى استمرار المفيوـ التقميدي لممرافؽ العامة والمشبع بمفيوـ
السمطة وليس بمفيوـ الخدمة .
وتأسيسا عمى كؿ ما سبؽ ذكره ،يمكف القوؿ إف ىناؾ تحوالت ىامة مست نظرية المرافؽ العامة،
لكف ىذه التحوالت لـ تؤد إلى تحسيف نوعية ومستوى الخدمات المقدمة مف طرؼ المرافؽ العامة لذلؾ
فاالستمرار في االدعاء بأف ىذه التحوالت المرتبطة بالمقاربة النظرية لممرفؽ العاـ ،ستقدـ بالضرورة
الحموؿ المرجوة لكؿ اإلشكاالت الواقعية لممرافؽ العامة ىو أمر مستبعد فالوضع اكثر تعقيدا ويفرض عمينا
مف اي وقت مضى مراجعة وتكييؼ المرافؽ العامة مع ىذه التحوالت بشكؿ الذي يتجاوز تمؾ السياسات
الكالسيكية في اإلصالح ،واعتماد مفاىيـ وآليات وتدابير حديثة .
وال شؾ أف آليات الحكامة الجيدة قد أصبحت في الوقت الراىف ،تشكؿ مرحمة أساسية مف مراحؿ
المبادرات اليادفة الى جعؿ المرافؽ العمومية اكثر تكيفا مع التحوالت المرتبطة بيذا األخير ،تمؾ التحوالت
التي ال يمكف لممرافؽ العمومية اف تضؿ في منأى عنيا ،بؿ اف ضرورة تكييفيا معيا ستكوف احد الرىانات
الكبرى لمفترة المقبمة .
وىذا ما جعميا مف أولويات اإلصالحات التي جاء بيا الدستور الجديد ،فمقد خصص الدستور
المغربي الجديد لسنة 3122بابا كامال لمحكامة الجيدة ،حيث تمت دسترة مجموعة مف مبادئ ومعايير
الحكامة الجيدة والمؤسسات األساسية بغية تعزيز المواطنة والمشاركة الديمقراطية ،كما ربط ممارسة
السمطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة ،وىذا مف شأنو أف يساعد عمى ترسيخ ميكانيزمات
الحكامة الجيدة وتخميؽ ومحاربة الفساد في جميع أشكالو وتمظيراتو .والشؾ أف التكريس الدستوري
لمجيوية في إطار مغرب موحد يقوـ عمى مبادئ التوازف والتضامف الوطني والجيوي سيخدـ التنمية
المندمجة ويساىـ في تجذير قيـ الديمقراطية والمشاركة الفعالة في تدبير الشأف العاـ .
إف الوثيقة الدستورية الجديدة وما مثمتو مف طفرة نوعية عمى أكثر مف صعيد تدفعنا كباحثيف
جامعييف وميتميف إلى الوقوؼ عند مقتضيات الدستور لمتأمؿ في مختمؼ المستجدات والتعديالت التي
حمميا ىذا النص،واستيعاب الجوانب غير المسبوقة التي تضمنيا بيف طياتو .
4
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
و دراسة المرفؽ العاـ عمى ضوء الدستور الجديد واإلحاطة بالمستجدات الدستورية ،تكتسي
أىمية بالغة ألنيا باإلضافة إلى كونيا مرتبطة ولصيقة بالمواضيع التي يعني بيا القانوف اإلداري والعموـ
اإلدارية ،فيي توضح التطور المعاصر الذي لحؽ وظائؼ الدولة ،أيا كاف النظاـ االقتصادي الذي
تعتنقو ،فيي في غالب األحياف تقوـ بنشاطيا اإلداري عف طريؽ المرافؽ العمومية عندما تقدر أف تأدية
الحاجة العامة بواسطة النشاط اإلداري متعذرة 2بمعنى أف األجيزة اإلدارية أصبحت تمارس العديد مف
األنشطة التي كانت إلى وقت قريب محتكرة مف لدف األفراد .
إف استعراض كؿ ىذه المعطيات يفرض عمينا إعطاء تعريؼ لممصطمحات المستعممة في ىذا
الموضوع :
مفيوـ المرفؽ العاـ :إف مصطمح « المرفؽ العمومي » ليس وليد العصر الحاضر ،فالقضاء
والفقو التقميدي استعممو في عدة مناسبات .ومفيومو األوؿ كما طبؽ ال يمكف معرفتو إال إذا قورف بمختمؼ
المفاىيـ العامة التي كانت سائدة في ذلؾ الوقت ،ففي تمؾ المرحمة كاف أساس تطبيؽ القانوف اإلداري
يستند إلى فكرة السمطة العمومية ،ألف السمطة السياسية تمسؾ كؿ االمتيازات الضرورية لتمارس اإلدارة
مياميا ،ومف ثـ كاف مف الطبيعي أف تخضع لنظاـ قانوني متميز يساعدىا عمى أداء وظيفتيا ،والذي
ينبغي أف يتضمف شروطا وأوضاعا غير مألوفة في القانوف الخاص .
إال أف ىذه الوضعية انتقدت مف لدف الفقو والقضاء ،وأصبح أساس تطبيؽ القانوف اإلداري ال
يكمف في السمطة العمومية وانما في المصمحة العامة ألف الدولة لـ تعد تجسد مظير القوة فقط بؿ
أصبحت رمز التماسؾ والتضامف االجتماعي ،وأنيا منبع الخدمات االجتماعية التي يحتاج إلييا
المواطنوف كما أنو يوجد جزء كبير مف النشاط اإلداري غريبا عف فكرة السمطة العمومية ويمكنو أف يخضع
لمقانوف الخاص ،بمعنى أنو يوجد مفيوـ جديد بمقتضاه أصبح المرفؽ العمومي يشمؿ كؿ أنواع األنشطة
اإلدارية ولـ يعد مقتص ار عمى الفكرة الضيقة المتمثمة في السمطة العمومية .
-الندوة العممية :الدستور المغربي : 2011مستجدات وافاق المقتضيات الجديدة ،يومي 21-20أبريل 2012بكمية العموم القانونية
2
5
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وبذلؾ تعرض مفيوـ المرفؽ العمومي منذ ظيوره لتطورات عميقة ،جعمت االلتباس والغموض مف
السمات المميزة ليذا المفيوـ ،ويعرفو األستاذ سميماف الطماوي المرفؽ العاـ بأنو "مشروع يعمؿ باطراد
وانتظاـ تحت إشراؼ رجاؿ الحكومة بقصد أداء خدمة عامة لمجميور مع خضوعو لنظاـ قانوني معيف". 3
-أما األستاذ محمد فؤاد مينا فيعرؼ المرافؽ العامة بأنيا "مشروعات تنشئيا الدولة أو تشرؼ عمى
إدارتيا وتعمؿ بانتظاـ واستمرار –مستعينة بسمطاف اإلدارة -لتزويد الجميور بالحاجات العامة التي
يتطمبيا ،ال بقصد الربح بؿ بقصد المساىمة في صيانة النظاـ وخدمة المصالح العامة في الدولة" .
-ويعرؼ الدكتور طعيمة الجرؼ المرفؽ العاـ ،بأنو "نشاط تتواله اإلدارة بنفسيا أو يتواله فرد عادي تحت
توجيييا ورقابتيا واشرافيا بقصد إشباع حاجة عامة لمجميور" .
وعمى العموـ يمكف مف خالؿ التعاريؼ السابقة أف نستخمص أف المرفؽ العاـ ىو" :النشاط
ممارسة الدولة أو األشخاص المعنوية العامة األخرى مباشرة أو تعيد بو إلى األفراد أو األشخاص
المعنوية الخاصة ليمارسوه تحت إشرافيا ومراقبتيا وتوجيييا تمبية لحاجيات ذات نفع عاـ تحقيقا لممصمحة
العامة" .
أما الدستور :فيو عبارة عف وثيقة أو عدة وثائؽ قانونية تصدر عف ىيئة مختصة وفقا إلجراءات
معينة وتتضمف القواعد المتصمة بنظاـ الحكـ في بمد معيف أو زمف معيف .
إف وثيقة الدستور تطورت في الوقت الراىف بحيث أصبحت تشتمؿ عمى قواعد ومبادئ ال تتصؿ
بنظاـ الحكـ فقط بؿ تتعمؽ بالتنظيـ اإلداري والقضائي أو بأىداؼ اقتصادية واجتماعية تصبو الدولة إلى
تحقيقيا ،كوف الدستور ىو الذي يحدد فكرة القانوف الرسمية في الدولة عف طريؽ تحديد النظاـ السياسي
وتعييف أىدافو واتجاىاتو االجتماعية واالقتصادية والتي يتعيف أف تعيش في ظمو جؿ أوجو النشاط
الشرعي في الدوؿ لألفراد كما لمحكومات عمى السواء ،فيو اإلطار القانوني العاـ لحياة الدولة يمزـ
السمطات عند االختيار بيف الغايات واالتجاىات التي يجب أف يسعى إلييا نشاطيا حيف يشرفوف عمى
المصالح العامة وحيف يوجيوف األفراد والجماعات .
3
-سلٌمان الطماوي :مبادئ القانون اإلداري ،دراسة مقارنة ،الكتاب الثانً ،نظرٌة المرفق العام وعمال اإلدارة ،دار الفكر العربً ،الطبعة
العاشرة .8979 ،ص .161
6
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
تكمف أىمية الموضوع محط الدراسة في كوف المرفؽ العاـ بالمغرب ،باختالؼ أنواعو ،يمثؿ
المصدر األوؿ لتمبية حاجيات المواطنيف أماـ ضعؼ الدخؿ القومي لألفراد مف جية ،وضعؼ القطاع
الخاص وقصوره عف تمبية رغبات المواطنيف مف جية ثانية .لذا فإف تحديثو وتطويره نابع مف الحاجة إلى
الرقي بالمصمحة العامة لألفراد والمصمحة العامة لمدولة والمتمثمة في تحقيؽ التنمية االقتصادية .
فأىمية الموضوع نابعة أيضا مف كوف الدولة المغربية تدخؿ في سياؽ متغيرات دولية ومحمية
جديدة تحتـ عمييا االرتقاء بالمرفؽ العاـ عمى الفعالية واإلنتاجية العالية ،وتعزيز قدراتيا التدبيرية أضحى
أم ار حتميا ،ودسترة المبادئ العامة لممرفؽ العاـ والمعايير التي يخضع وتطوير وتجويد التدبير العمومي
يعتبر الدعامة األساسية لربح رىاف االندماج والتكتالت داخؿ تجمعات جيوية أو قارية. 4
ونابعة أيضا مف تنامي االىتماـ بموضوع الحكامة الجيدة كمقاربة حديثة لتدبير الشأف العاـ وفؽ
متطمبات الشفافية والمساءلة والمحاسبة ،وىي مستمزمات أساسية في عممية تخميؽ الحياة العامة وفي
مقدمتيا المرافؽ العمومية .
إضافة إلى ىذا البحث األكاديمي الصرؼ تكمف في محاولة وضع مقترب لتحديد وتوضيح مفيوـ
اإلصالح الدستوري ،مف منطمؽ ما أعاره مف سمو لممرفؽ العاـ والحكامة الجيدة .
فضال عف ىذا ،ترتبط األىمية الذاتية ليذا البحث اشد االرتباط باإلشباع األكاديمي لمباحث ،ذلؾ
أف اتخاذ القرار النيائي الختيار موضوع البحث ليس باألمر السيؿ ،بؿ تسبقو خطوات تتراوح بيف التفكير
والتردد والمشاورات ...ألف االشتغاؿ حوؿ إشكالية معينة ىي عممية مشروطة باالستشارة القبمية لممراجع،
لألستاذ المؤطر...وألنني أؤمف دائما بأف العالقة بيف الباحث او المبحوث فيو ،ىي اوال وقبؿ كؿ شيء
عالقة رمزية تفاعمية ونفسية قبؿ أف تكوف أكاديمية ذلؾ أف ىذه العالقة االنصيارية بيف الباحث
4
مإخرا طلب المغرب ،الثالثاء 80ماي ، 1088من مجلس التعاون الخلٌجً العضوٌة داخل التكتل بهدف االنفتاح والتعاون مع دول
المنطقة فً إطار ضمان تحقٌق تنمٌة اقتصادٌة واجتماعٌة وسٌاسٌة خصوصا بعدما تبٌن فشل مشروع االتحاد المغاربٌز عن موقع
،www.hespress.maآخر زٌارة األربعاء 8أكتوبر .2009
7
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وموضوعو مف شأنيا أف ترفع مف قيمة وجودة البحث العممي ،إذ كمما انتفت ىذه العالقة انتفى معيا شرط
التحفيز وبالتالي غابت الرغبة في سبؿ اغناء البحث .
الوقوؼ عمى أىـ األسباب التي أدت إلى أزمة المرفؽ العاـ .
تسميط الضوء عمى آليات الحكامة الجيدة والييئات التي تعمؿ عمى إقامة المراقبة والمحاسبة .
البحث في مدى دور الحكامة الجيدة كآلية حديثة لتدبير العمومي في تحقيؽ رىاف تخميؽ االدارة
العمومية المغربية .
تطالعؾ صعوبة كبيرة وأنت تبحث في موضوع ييتـ بالمرفؽ العاـ ،نظ ار الرتباط ىذا األخير
بعدة حقوؿ عممية فيو يجمع بيف ما ىو قانوني وبيف ما ىو اقتصادي وبيف ما ىو سياسي وبيف ما ىو
اجتماعي ،إف البحث في موضوع المرفؽ العاـ بصفة عامة و"المرفؽ العاـ عمى ضوء الدستور الجديد"
بصفة خاصة ليس باألمر الييف ،كونو جديدا عمى البحوث العممية واألكاديمية وكوف النقاش فيو ال يزاؿ
الى يومنا ىذا مطروحا في صالونات الدردشة .
ىذه الصعوبات تتمثؿ في كوف الكتابات التي تعالج موضوع اإلطار الدستوري لممرفؽ العاـ
بالمغرب قميمة اف لـ نقؿ منعدمة ويرجع ذلؾ الى كوف الموضوع جديد وال يزاؿ قيد الدراسة .
في سياؽ دولي متسارع ومتغيرات محمية فرضتيا الظروؼ الراىنة ،5بات مف الضروري إعادة
التفكير في مستوى أداء النشاط العمومي واعادة تقييمو ،خصوصا بعد التوسع الميوؿ لمقطاع العاـ برمتو
5
اإلصالحات الدستورٌة لسنة .1088
8
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
حتى يكوف في المستوى المطموب الذي تسعى إليو الدولة ،ويعد المرفؽ العاـ ،الوجو الحقيقي لكؿ إصالح
وتقدـ تروـ الدولة الوصوؿ إليو ،غير أف المرفؽ العاـ ،ضؿ مستوى أداءه محط انتقاد ،حيث برزت عدة
مشاكؿ مرتبطة بالتسيير والتدبير والتمويؿ ،مما جعؿ المرفؽ العاـ ال يؤدي دوره عمى أحسف وجو ،رغـ
اإلصالحات التي ىدفت إلى الرقي بو ،المتمثمة في دسترة المبادئ والمعايير التي يخضع ليا ،خمؽ
مؤسسات الحكامة الجيدة الضامنة لربط المسؤولية بالمحاسبة .
ومف ىذا المنطمؽ ،تبرز اإلشكالية العامة لمموضوع والمتمثمة في إلى أي حد يمكف لمدستور
الجديد أف يصبح مؤش ار وبداية إلخراج المرفؽ العاـ مف األزمة التي يعاني منيا ؟ .
تتفرع عف ىذه اإلشكالية مجموعة مف اإلشكاليات الفرعية والتي نوجزىا كما يمي :
ىؿ األزمة مرتبطة بجانب ىيكمي أـ بجانب عضوي ؟ بمعنى أف األزمة ترتبط بالجانب التنظيمي
وطرؽ التسيير؟ أـ مرتبطة بعوامؿ خارجية كضعؼ التمويؿ ،التمدف السريع ،تزايد متطمبات المرفؽ..؟
لتفادي أزمة المرفؽ العاـ ،ما ىي اإلصالحات المعتمدة التي تـ تبنييا لمخروج مف ىذه األزمة؟
وىؿ كانت كافية ؟
ما ىي مختمؼ الضمانات الدستورية لبناء مرفؽ عاـ يتسـ بالفعالية والتنافسية والجودة والمشاركة
؟
ما ىي افاؽ تدبير المرافؽ العامة عمى ضوء الدستور الجديد ؟
لإلجابة عف اإلشكالية العامة ،واإلشكاليات الفرعية ،أوجب عمينا اعتماد مقاربة منيجية متعددة،
فموضوع "المرفؽ العاـ عمى ضوء الدستور الجديد" مف المواضيع التي ال يسع لإلحاطة بيا تبني مقاربة
منيجية واحدة ،بؿ تتداخؿ فيو عدة مناىج يكمؿ بعضيا اآلخر .
وبناءا عمى ذلؾ ،تـ توظيؼ المنيج االستقرائي لمجموعة مف الوثائؽ التي تـ تجميعيا مف خالؿ
البحث عف المراجع ،والتي تتوزع ما بيف المراجع العممية التي تحيؿ عمى الموضوع ،ومجموعة مف
9
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
المنشورات الرسمية الصادر عف الوزير األوؿ ،أو بعض الييئات الوطنية أو الدولية ،باإلضافة إلى
مجموعة مف النصوص القانونية .
وكذلؾ استعنا بالمنيج التاريخي الذي يعطي لمدراسة األكاديمية أىميتيا ،خصوصا وأف أي
دراسة تحميمية ،تستوجب الرجوع إلى التطور التاريخي لفيـ الخمفيات التي كانت وراء ظيورىا .فموضوع "
المرفؽ العاـ عمى ضوء الدستور الجديد " ينطمؽ مف فترة زمنية ،الثمانينيات تستدعي منا توظيؼ المنيج
التاريخي حتى يتسنى لنا فيـ األسباب التي أدت إلى أزمة المرفؽ العاـ وطرح حؿ اإلصالحات كجواب
عمى اإلشكالية المطروحة .
وأخي ار ،وجب عمينا توظيؼ بعض التقنيات المنيجية ال تدخؿ ضمف خانة المناىج العممية،
كتقنية المقابمة وتقنية تحميؿ المضموف وتقنية المقارنة ،فتحميؿ المضموف اعتمدتو عند مقاربتنا
لمتصريحات والخطابات الرسمية ،فيما تـ اعتماد تقنية المقابمة عند الحديث عف األسس النظرية لمتدبير
العمومي الجديد ومقابمتيا باألسس التطبيقية لمتدبير العمومي الجديد بالمغرب .
بينما ارتأينا تطبيؽ تقنية المقارنة عند الحديث عف أىـ التجارب الرائدة في مجاؿ تطبيؽ الجودة
والفعالية والمراقبة .
لقد شكؿ إيجاد تصميـ محكـ لمعالجة موضوع ىذه الرسالة ،أحد الصعوبات المحورية ،خصوصا
إذا عممنا أنو مف المواضيع المركبة التي يصعب معيا بيف مضامينيا سواء مف حيث الكـ أو مف حيث
المضموف ،وسعيا منا إيجاد جواب عمى عناصر اإلشكالية األساسية أو الفرعية ارتأينا اعتماد التصميـ
الثنائي التالي :
الفصل الثاني :مستجدات الدستور الجديد في مجال تدبير المرافق العامة .
-المبحث االوؿ :المبادئ والمعايير المدسترة التي تخضع ليا المرافؽ العامة .
10
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
-المبحث الثاني :أفاؽ تدبير المرافؽ العامة عمى ضوء الد ستور الجديد .
11
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
12
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
كاف مفيوـ المرفؽ العاـ يقوـ ،في البداية أساسا ،عمى التعبير عف النشاط اإلداري لألشخاص
العامة ،انطالقا مف ىذا التصور نشأ معيار المرفؽ العاـ عمى فكرة بسيطة مؤداىا أنو كمما تعمؽ نشاط
اإلدارة بالمرفؽ العاـ كمما كاف القانوف الواجب التطبيؽ ىو القانوف اإلداري ،وكاف القضاء المختص
ىو القضاء اإلداري ،غير أف تطور الظروؼ االقتصادية ،االجتماعية الثقافية ...مف جية ،وتطور
احتياجات المحكوميف في الزماف والمكاف انعكس عمى مفيوـ المرفؽ العاـ بشكؿ أرغمو عمى مسايرة
مختمؼ ىذه التطورات .
لقد انتيى ىذا التطور – خالفا لممفيوـ التقميدي لممرفؽ العاـ الذي أرست أسسو ودافعت عنو
مدرسة بوردو بزعامة "ديغي" و "جيز" – إلى إفراز أنواع جديدة ومتعددة لممرفؽ العاـ ،ولما كاف
الغرض مف ىذه الم ارفؽ ىو تحقيؽ إشباع الحاجات العامة التي أنشئ المرفؽ العمومي مف أجميا عمى
أحسف وجو ،فقد أصبح لزاما عمى اإلدارة أف تبحث عف أفضؿ الطرؽ لتسييرىا وادارتيا .
وىذا التطور لـ يقؼ عند ىذا الحد ،بػؿ أصبحنا نرى مرافؽ تػدار مف طرؼ الخواص خالفػا
لما كاف معموال بو في السابػؽ ،حيث كاف المرفؽ العاـ حك ار عمى األشخاص العامة ليس إال .
وىذا ما أدى إلى استحالة إعطاء تعريؼ دقيؽ وواضح لممرفؽ العاـ ،وصعوبة تحديد المرفؽ
العاـ وتعريفو تجعمنا نشاطر رأي الفقيو " " Truchetالذي يالحظ أف " :غياب تعريؼ دقيؽ لمفيوـ ما
يكوف عادة بمثابة دليؿ عمى أنو محؿ تطور مستمر" .ولعؿ الباحث الذي وجد التعابير الالئقة لوصؼ
مدى صعوبة تعريؼ مفيوـ المرفؽ العاـ ىو الفقيو """Walineفاليف" الذي يقوؿ " :قد يسيؿ جمع
الزئبؽ السائؿ مف المحرار القديـ المكسر في حيف يصعب إعطاء تعريؼ واضح ودقيؽ لمفيوـ المرفؽ
العاـ". 6
وعموما ينظر إلى المرفؽ العاـ عمى أنو نشاط ييدؼ إلى تحقيؽ مصمحة عامة ،ذىبت نية
السمطة التنظيمية أو التشريعية إلى اعتباره مرفقا عموميا ،مع إخضاعو لسمطات اإلدارة أو مف يقوـ
6
-إبراهٌم كومغار :المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث ،مطبعة النجاح الجدٌدة الدار البٌضاء ،الطبعة االولى ، 1009ص .83
13
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
مقاميا ،وقد عرفو الدكتور سميماف الطماوي بأنو " :مشروع يعمؿ باضطراد وانتظاـ تحت إشراؼ رجاؿ
الحكومة بقصد خدمة عامة لمجميور ،مع خضوعو لنظاـ معيف". 7
بالرغـ مف اختالؼ الفقياء حوؿ التعريؼ ،فإنو يمكف استخالص ما يتفقوف حولو مف عناصر
لممرفؽ العمومي وىي :
- 1أف كؿ مرفؽ عمومي يقوـ عمى أساس إشباع رغبة جماعية ألداء خدمة عامة ،تتواله اإلدارة
ألىميتو حسب منظورىا .
- 3تؤدي ىذه الخدمة الدولة أو ىيئاتيا التابعة ليا ،لما تستطيعو مف استعماؿ وسائؿ القانوف العاـ،
إال أف ىذا ال يمنع مف تكميؼ أفراد بإدارة مرفؽ عمومي مع احتفاظ اإلدارة باإلشراؼ العاـ .
- 4تؤدى ىذه الخدمة عف طريؽ مشروع باعتبار أف كؿ مرفؽ عاـ ىو منظمة تتكوف مف مجموعة
وسائؿ وأشخاص ،ومواد مرتبة ترتيبا إداريا يكفؿ ليا الخدمة العامة .
وتعد فكرة المرفؽ العاـ بمثابة األساس الذي قامت عميو نظريات ومبادئ القانوف اإلداري،
مظير رئيسيا مف مظاىر تدخؿ الدولة إلشباع الحاجيات العامة لألفراد ،فيي أوسع ىذه
ا لكونيا
المظاىر وأبعدىا مدى .
ليذا يتعيف عمينا ،ونحف بصدد حصر مضموف المرافؽ العامة ،أف نؤصؿ لظيور فكرة
المرفؽ العاـ كأساس لتطبيؽ قواعد القانوف اإلداري والتطور الذي عرفتو ىذه الفكرة إلى أف وصمت إلى
ما ىي عميو األف ،وذلؾ قبؿ الوقوؼ عند تحديد تعريؼ المرفؽ العاـ والعناصر التي يقوـ عمييا ،مع
تحديد أصنافيا ،السيما وأف توسع وتنوع مياديف تدخؿ الدولة أدى إلى ظيور أنواع متعددة مف المرافؽ
العامة التي تختمؼ حسب المعيار المعتمد في التقسيـ أو التصنيؼ (المبحث االوؿ) ،وكذلؾ النظاـ
القانوني لممرافؽ العامة (المبحث الثاني ) .
7
-سلٌمان الطماوي :مبادئ القانون اإلداري ،دراسة مقارنة ،الكتاب الثانً ،نظرٌة المرفق العام وعمال اإلدارة ،دار الفكر العربً ،الطبعة
العاشرة 8979 ،ص.13
14
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
عرؼ مفيوـ المرفؽ العاـ تطورات عميقة وجذرية ،منذ أف أسس االجتياد القضائي لنظريتو في
بداية القرف العشريف ،8وىي مف أىـ النظريات والمبادئ التي قاـ عمييا القانوف اإلداري ،وبالنظر ليذه
التطورات التي عرفتيا فكرة المرفؽ العاـ ،فقد كاف مف البدييي أف يختمؼ فقياء القانوف في تعريفيـ
لممرفؽ العاـ ،إذ بعضيـ ينظر إليو مف زاوية الشكؿ أو الييئة التي تديره ،والبعض اآلخر يركز
اىتمامو عمى موضوع ونشاط ىذا المرفؽ ،وىذا رغـ أف ىناؾ شبو إجماع بيف جميع الفقياء عمى
ضرورة توفر مجموعة مف العناصر الالزمة لقياـ المرفؽ العاـ .
وفي إطار سعينا لتأطير مفيوـ المرفؽ العاـ كاف لزاما الوقوؼ عند ظيور فكرة المرفؽ العاـ
كأساس لتطبيؽ قواعد القانوف اإلداري ،وتطورىا ؽبؿ التطرؽ لتعريؼ المرفؽ العاـ وعناصره األساسية
،وذلؾ في( المطمب االوؿ ) وأنواع المرافؽ العامة في (المطمب الثاني ) .
في البداية ينبغي التذكير إف لفكرة المرفؽ العاـ عالقة وثيقة بالقانوف اإلداري كفرع مف فروع
القانوف ،وىذا ما رأيناه عند دراسة أسس القانوف اإلداري ،حيث استندت مدرسة المرفؽ العاـ ليذه الفكرة
القانونية واعتبرتيا أساسا لتحديد نطاؽ القانوف اإلداري و تطبيؽ أحكامو .
كما اعتمد عمييا أيضا لرسـ مجاؿ اختصاص كؿ مف القضاء العادي والقضاء اإلداري.
واعتبرت مدرسة المرفؽ العاـ الدولة بمثابة جسـ خالياه المرافؽ العامة ،ويعتبر المرفؽ العاـ أكثر
المفاىيـ القانونية غموضا واثارة لمجدؿ .فمف الفقياء مف ارتكز عمى معيار الوظيفي ،ومنيـ مف استند
في تعريؼ المرفؽ العاـ الى معيار العضوي ومنيـ مف مزج بيف األوؿ والثاني .
وسنسمط الضوء عمى ظيور وتطور فكرة المرفؽ العاـ ( الفرع االوؿ ) ،وتعريؼ المرفؽ العاـ
وعناصره ( الفرع الثاني ) .
8
-عبد هللا حداد :الوجٌز فً قانون المرافق العمومٌة الكبرى ،منشورات عكاظ ،الرباط ،أكتوبر ، 1008ص .16
15
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
عند ظيور فكرة المرفؽ العاـ خالؿ القرف التاسع وبداية القرف العشريف لـ تكف عمى درجة مف
اإلبياـ والغموض كالذي نراه اآلف ،خاصة وأف وظائؼ الدولة في تمؾ المرحمة كانت واضحة ودقيقة
وألف المرافؽ العامة في بداية األمر كانت تتسـ بارتباطيا بمظير سيادة الدولة األمر الذي جعؿ الفقياء
يجمعوف عمى خضوعيا لمقانوف العاـ ،وعمى ضرورة توفر مجموعة مف العناصر الالزمة لقياـ المرفؽ
العاـ .
وفي اطار سعينا لتأطير مفيوـ المرفؽ العاـ ،كاف لزما الوقوؼ عند ظيور فكرة المرفؽ العاـ
(الفقرة االولى) ،وتطور فكرة المرفؽ العاـ ( الفقرة الثانية) .
قبؿ بزوغ فكرة المرفؽ العاـ اعتمد فقياء القرف التاسع عشر في فرنسا عمى فكرة السمطة العامة
،9 Puissance publiqueلتبرير قواعد القانوف اإلداري وانعقاد االختصاص لمقضاء اإلداري عندما
تتصرؼ اإلدارة كسمطة آمرة وناىية مستفيدة مف نظاـ قانوني متميز يقرر شروطا وأوضاعا غير
مألوفة في القانوف الخاص ال تستفيد منيا اإلدارة عندما تظير كشخص عادي تمارس أعماال تخضع
لنفس األساليب والشروط التي يمارس فييا األفراد الخواص تمؾ األعماؿ ،لذلؾ ساىمت فكرة السمطة
العامة في إبراز قواعد القانوف اإلداري وتطبيقيا عمى عالقات اإلدارية وىي تؤدي مياـ "الدولة
الحارسة" والتي تقتصر عمى أداء وظائؼ األمف والدفاع والقضاء والتي يسيؿ تمييزىا عف باقي
األنشطة التي يؤدييا الخواص .
تبعا لذلؾ وفي ظؿ انتشار مبادئ المذىب الحر واإليديولوجي الميبرالية كاف مفيوـ السمطة
العامة كافيا لتحديد نطاؽ القانوف اإلداري ،بيد أنو مع تطور مياـ الدولة نتيجة انتشار المبادئ
االشتراكية واالقتصاد الموجو كاف لزاما عمى الدولة أف تتدخؿ إلشباع الحاجيات العامة الضرورية
لألفراد ،كالتعميـ والصحة وتوزيع الماء والكيرباء ،والنقؿ عبر السكؾ الحديدية ...لذلؾ أنشأت الدولة
مشروعات عامة تقوـ بتسييرىا أو تشرؼ عمى تدبيرىا فظيرت مرافؽ جديدة وفي ذلؾ يقوؿ األستاذ
"موارانج ..." " Morangeفمنذ عدد مف السنيف تزايد تدخؿ الدولة ،ذلؾ التدخؿ الذي ىيأت أسبابو
9
-إبراهٌم كومغار :المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث ،مرجع سابق ،ص .81
16
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
الحرب العالمية الثانية 2:56-2:4:ووسعت نطاقو فولجت الدولة مياديف ما كانت ليا مف قبؿ
وألسباب مختمفة. 10"...
لذلؾ تبيف بجالء أف حاجة اإلدارة لقانوف مستقؿ ومتميز في مبادئو األساسية المختمفة عف تمؾ
التي يقوـ عمييا القانوف الخاص ،ال تعود إلى كوف اإلدارة صاحبة سمطة أو سيادة ،ولكف إلى
مق تضيات حسف سير المرافؽ العمومية القائمة إلشباع الحاجيات العامة تحقيقا لممنفعة العامة ،وبالتالي
–وكما قاؿ األستاذ ميشيؿ روسي -11يتعيف ترؾ جميع النظريات التي تركز عمى سمط الحكاـ لفائدة
النظريات ،التي بالمقابؿ تركز عمى الواجبات الممقاة عمى ىؤالء .
مف ىنا ظيرت فكرة المرفؽ العاـ كأساس جديد لتحديد مجاؿ القانوف والقضاء اإلدارييف تقوـ
عمى التمييز بيف ما يتعمؽ بمرفؽ عمومي وما ال يتعمؽ بو ،وبعبارة أخرى فإف ما يتعمؽ بنشاط المرفؽ
العاـ يتصؿ بالقانوف اإلداري فيخضع الختصاص القضاء اإلداري ،وما ال يتعمؽ بنشاط المرفؽ العاـ
يتصؿ بالقانوف الخاص فيخضع الختصاص القضاء العادي .
ولقد تأكدت فكرة المرفؽ العاـ منذ أواخر القرف التاسع عشر عبر سمسمة مف أحكاـ مجمس
الدولة الفرنسي ومحكمة التنازع بفرنسا وعمى رأسيا الحكـ الشيير في قضية بالنكو Blanco12
الصادر في 9فبراير ،وحكـ مجمس الدولة في "قضية تريي Terrierالصادر في 7فبراير ،2:14
وسارت عمى نفس المنواؿ أحكاـ قضائية أخرى كحكـ فوتري Feutryالصادر بتاريخ 3:فبراير
،2:19وكذلؾ حكـ تيروف Théronالصادر بتاريخ 5مارس . 2:21
10
- Michel rousset :Le service public au Maroc , éditions la porte,2002,p , 26 .
11
-مٌشٌل روسً،القانون اإلداري المغربً ،الترجمة العربٌة ،المطبعة الملكٌة ،الطبعة األولى ، 8988 ،ص .10
12
-وٌمكن تلخٌص هذه القضٌة فً ان السٌد بالنكو قد اقام دعوى تعوٌض عن إصابة ابنته من جراء حادث سببته عربة تابعة لمصنع تبغ
مملوك للدولة ،وطالب السٌد بالنكو الحكم على الدولة بالتعوٌض ،باعتبارها مسإولة مدنٌا عن األخطاء التً ٌرتكبها عمال المصنع
المذكور وذلك أمام المحكمة المدنٌة التً قضت بعدم اختصاصها ،ولما وصل االمر إلى محكمة التنازع الفرنسٌة لكً تفصل فً مسؤلة
االختصاص بٌن جهتً القضاء االداري و العادي ،أي تحدد الجهة القضائٌة المختصة والقانون الواجب التطبٌق ،فقضت محكمة التنازع
بؤنه ( ...مسإولٌة الدولة عن االضرار التً تسببها االدارة بفعل األشخاص الذٌن تسخدمهم فً المرفق العام ال ٌمكن ان تحكمها المبادئ
التً ٌقررها التقنٌن المدنً لتنظٌم الروابط بٌن األفراد بعضهم ببعض ،وأن هذه المسإولٌة الدولة لٌست عامة وال مطلقة ،بل لها قواعدها
الخاصة التً تتغٌر تبعا لحاجات المرفق ولضرورة التوفٌق بٌن حقوق الدولة والحقوق الخاصة )...وانتهت محكمة التنازع إلى تؤٌٌد
اختصاص القضاء االداري اي مجلس الدولة الفرنسً ووجوب تطبٌق قواعد المسإولٌة االدارٌة دون المسإولٌة المدنٌة .للمزٌد من
التفاصٌل ٌراجع فً هذا الشؤن المرجع السابق.
17
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
ولقد تحمس أشير الفقياء الفرنسييف لفكرة المرفؽ العاـ ومف بينيـ ديجي Duguitوبونار
Bonnardوجيز Jezeحتى سميت مدرستيـ "بمدرسة المرفؽ العاـ" بحيث نسب ىؤالء جميع
نظريات القانوف اإلداري إلى فكرة المرفؽ العاـ ،فالقانوف اإلداري حسب بونار Bonnardيعرؼ
بقانوف المرافؽ العامة ،واألمواؿ العامة ىي األمواؿ المخصصة لممرفؽ العاـ حسب ديجيDuguit
واألشغاؿ العمومية ىي األشغاؿ المنجزة لصالح المرفؽ العاـ حسب جيز ،Jezeوقد بالغ أنصار
المرفؽ العاـ كثي ار في إعطاء معيار المرفؽ العاـ أكثر مما يستحؽ ،إذ أروا فيو مخرجا إليجاد معيار
واضح لتطبيؽ القانوف اإلداري وايجاد حؿ إلشكالية التمييز بيف الجيتيف القضائيتيف :القضاء اإلداري
والقضاء العادي. 13
تبعا لذلؾ يتضح أف فكرة المرفؽ العاـ تمكنت مف تحديد نطاؽ القانوف اإلداري يجعؿ كؿ عمؿ
متعمؽ بسير المرفؽ العمومي داخال في حكـ األعماؿ اإلدارية التي تخضع لمقانوف اإلداري وتكوف
منازعاتيا مف اختصاص المحاكـ اإلدارية ،بيد أف تطور الحياة اإلدارية واالقتصادية واالجتماعية
دفعت بالدوؿ إلى ارتياد مجاالت جديدة وتمبية حاجيات عامة عجزت المبادرة الخاصة عف تأمينيا
وبذلؾ لـ يعد دور الدولة يقتصر عمى إحداث وتدبير المرافؽ التقميدية (الدفاع األمف ،القضاء،
الخارجية ،المالية )..بؿ ظيرت مرافؽ عامة صناعية وتجارية تطبؽ في سبيؿ حسف سيرىا مزيجا مف
أساليب القانوف العاـ والخاص ،كما تولى األفراد والشركات الخاصة تدبير بعض المرافؽ العامة عبر
أسموب االمتياز أو االلتزاـ عالوة عمى ظيور المشروعات الخاصة القائمة لحقيؽ منافع عامة التي
اعترفت بيا الدولة ومكنتيا مف استعماؿ وسائؿ القانوف العاـ تحت إشرافيا ورقابتيا. 14
ىكذا لـ يعد وجود مرفؽ عمومي متالزـ مع وجود ىيئة عامة وتطبيؽ قواعد القانوف اإلداري
ما داـ أف قواعد القانوف الخاص دخمت إلى الكثير مف المرافؽ الصناعية والتجارية والمينية وغيرىا،
وتـ تمديد تطبيؽ القانوف العاـ ليغطي جانبا مف نشاط المشروعات الخاصة ذات النفع العاـ ،لذلؾ
سنتعرض فكرة المرفؽ العاـ لالضطراب وسيشكؾ الفقياء في قيمتيا كوسيمة ومعيار لتحديد نطاؽ
القانوف اإلداري مما أدى إلى ما عرؼ "بأزمة المرفؽ العاـ" بحيث تشعبت فكرة المرفؽ العاـ واكتنفيا
13
-عبد هللا حداد :الوجٌز فً قانون المرافق العمومٌة الكبرى ،مرجع سابق ،ص .16
14
-عبد القادر باٌنة :المختصر فً القانون االداري المغربً ،الطبعة االولى ،8983 ،ص. 99
18
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
اإلبياـ والغموض ،وتعذر تعريفيا تعريفا دقيقا ،وبات مف العسير تحددي ما يقصد بالمرفؽ العاـ ،ىؿ
يقصد بو المعنى الشكمي الذي يرتكز عمى الشخص الذي يتولى النشاط أـ يقصد بو المعنى المادي
المتجسد في نشاط المرفؽ ذاتو ،مما حتـ ضرورة تطوير المفيوـ التقميدي لممرفؽ العاـ إلى مفيوـ حديث
يتالئـ مع التغي ارت الطارئة في مياـ ووظائؼ الدولة .
لقد ساىمت عدة عوامؿ في غموض المفيوـ القديـ لنظرية المرفؽ العاـ وأدت إلى األخذ بمفيوـ
حديث يواكب ويستوعب التغيرات اليامة مع وظائؼ الدولة ،ىذه األخيرة التي وجدت نفسيا مضطرة إلى
التدخؿ إلشباع حاجيات عامة متطورة لصالح المواطنيف كتوزيع الماء والكيرباء ،الياتؼ ،التمدرس...
وىذا ما أدى إلى كثرة وتنوع المرافؽ العامة التي تديرىا اإلدارة مباشرة أو تشرؾ األفراد الخواص في تدبيرىا
تحقيقا لمصالح العاـ ،وكاف تدخؿ الخواص في تدبير المرافؽ العامة يتمظير كالتالي :
-تدبير مرافؽ عامة مينية مف لدف أشخاص مف بيف أعضاء مينة معينة (نقابة األطباء ،نقابة المحاميف،
نقابة الصيادلة. )...
-تولي فرد أو شركة تدبير إحدى المرافؽ العامة عبر أسموب االمتياز أو االلتزاـ أو بطريقة االستغالؿ
غير المباشر أو شركة المساىمة .
-إشراؼ الخواص عمى مشروعات خاصة ذات النفع العاـ والتي تستفيد مف امتيازات القانوف العاـ نظ ار
لقياميا عمى تحقيؽ المصمحة العامة .
بالمقابؿ تنوعت صور تدخؿ الدولة في إدارة المرافؽ العاـ بحيث خضعت بعض األنشطة
الحتكار اإلدارة وتـ تقاسـ أنشطة أخرى مع الخواص والمشاركة معيـ فييا ،أو االكتفاء فقط بمراقبة
وتنظيـ أنشطة معينة. 15
ولقد أثرت ىذه التطورات في الجوىر األصمي لنظرية المرفؽ العاـ الكامف في ارتباط تطبيؽ
القانوف العاـ والقانوف اإلداري بمفيوـ المرفؽ العاـ واستبعاد تطبيؽ قواعد القانوف الخاص عمى العالقة
15
-محمد نشطاوي ،المرافق العامة الكبرى ،المطبعة و الوراقة الوطنٌة ،الطبعة االولى ، 1001ص . 18
19
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
القانونية المرتبطة بالمرفؽ العاـ ،ىذه الصورة التي لـ تصمد أماـ اتساع نشاط اإلدارة ونشاط األفراد
ومباشرة كؿ منيما لنفس النشاط الذي يتواله اآلخر في سبيؿ تحقيؽ النفع العاـ ،لذلؾ توارت معالـ المرفؽ
العاـ في معناه التقميدي وطفت عمى السطح معالـ جديدة تجمت كالتالي :
-غمبت المضموف المادي (طبيعة النشاط الذي يقوـ بو المرفؽ العاـ) عف المضموف العضوي (الييئة
العامة التي تدير النشاط لتحقيؽ المصمحة العامة والخاضعة لمقانوف والقضاء اإلدارييف) وعدـ تطابقيما.
-اتساع مفيوـ المصمحة العامة بتنامي الحاجيات العامة التي بات يطالب األفراد بتمبيتيا مثؿ التعميـ،
النقؿ ،الصحة ...مما دفع بالخواص إلى القياـ بمشروعات ال تقوـ أساسا عمى تحقيؽ الربح بقدر ما تقوـ
عمى خدمة المنفعة العامة لذلؾ لـ يعد المرفؽ العمومي خاضعا بالضرورة لمسمطة اإلدارية التي أحدثتو .
-تجاوز قاعدة القانوف اإلداري ىو قانوف المرافؽ العامة ،ما داـ أف المرافؽ العامة التجارية والصناعية
أضحت في حاجة إلى قواعد القانوف الخاص أكثر مف قواعد القانوف العاـ ،وتحريرىا مف قيود القانوف
اإلداري سيجعميا تؤدي ميمة تمبية المنافع العامة عمى أحسف وجو ،وبذلؾ لـ يعد المرفؽ العمومي يتميز
بتطبيؽ قواعد القانوف اإلداري عميو ،بؿ يمكف أف يخضع لمزيج مف القانوف العاـ والقانوف الخاص،
ويختمؼ ذلؾ بحسب طبيعة المرافؽ العامة اإلدارية تخضع لمقانوف العاـ واستثناءا لمقانوف الخاص،
وعكس ذلؾ ينطبؽ أصال عمى المرافؽ العامة االقتصادية واالجتماعية. 16
ومف خالؿ ىذا التطور المرتبط بمفيوـ المرفؽ العاـ تنبثؽ شروط أساسية لوجوده أىميا قيامو
لتمبية حاجيات عامة ذات منفعة عامة أوال ،وخضوعو كميا أو جزئيا لمقانوف اإلداري أو القانوف الخاص
حسب الحاجة واألوضاع ثانيا ،وارتباطو بسمطة عامة تريد إشباع حاجيات عامة بأسموب المرفؽ العاـ
ثالثا .
16
-عبد الخالق الوهابً :المرافق العامة والجودة ،رسالة لنٌل دبلوم دراسات العلٌا المعمقة ،كلٌة الحقوق طنجة ،1006 ،ص .83
20
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
تتجو محاوالت تعريؼ المرفؽ العاـ في اتجاىيف أساسييف،اتجاه يركز تعريفو لممرفؽ العاـ عمى
الجانب العضوي أو الشكمي،و االتجاه الثاني يركز عمى الجانب المادي أو الموضوعي وىناؾ اتجاه ثالث
يجمع بيف الجانبيف العضوي و المادي لفكرة المرفؽ العاـ .سنقسـ الفرع الى فقرتيف تعريؼ المرفؽ العاـ
(الفقرة االولى) ،العناصر التي يقوـ عمييا المرفؽ العاـ ( الفقرة الثانية ) .
لقد تجاذب اصطالح المرفؽ العاـ معنييف :األوؿ شكمي أو عضوي والثاني مادي أو موضوعي،
فالمعنى األوؿ يفيد الييئة العامة التي تدير النشاط القائـ إلشباع الحاجيات العامة ،أما المعنى الثاني
فيرتكز عمى النشاط المؤدى لتحقيؽ النفع العاـ بمعزؿ عف طبيعة الييئة التي تؤديو ،فعندما يدار المشروع
بواسطة سمطة عامة تكوف أماـ مرفؽ عضوي ومف أمثمة ذلؾ الوزارات والمصالح الحكومية والمستشفيات
والجامعات ...بحيث ينسحب مدلوؿ المرفؽ العضوي عمى الجياز اإلداري القائـ لتمبية أنشطة ذات منفعة
عامة ،أما حينما تتولى إدارة المشروع ىيئة خاصة كما ىو الشأف في أسموب االمتياز أو االلتزاـ نكوف
أماـ مرفؽ مادي ،حيث ينسحب معنى المرفؽ العاـ عمى النشاط المؤدى المتصؿ بالمصالح العاـ
(التعميـ ،الصحة ،توزيع الماء والكيرباء )..دوف الييئة الخاصة التي تؤديو .
وينعكس التمييز بيف نوعي المرافؽ (عضوي أو موضوعي) عمى مسألة الخضوع ألحكاـ أي مف
القانونيف العاـ أو الخاص .
ففي حالة المرفؽ العضوي يتـ خضوع الييئة العامة والنشاط الذي تؤديو لقواعد العاـ بحيث تشمؿ
سمطة الدولة الييئة المرفقية مف حيث تنظيميا وموظفييا وأمواليا ،والنشاط المؤدى مف لدنيا .
وفي حالة المرفؽ المادي فإف نشاط المرفؽ ىو الذي يخضع ألحكاـ القانوف العاـ دوف الييئة التي
تدير النشاط التي تبقى خاضعة لقواعد القانوف الخاص .
أما إذا اجتمعت ىيئتيف في تدبير المرفؽ إحداىما عامة واألخرى خاصة ،فإنو يتـ تطبيؽ
17
دوف أف ننسى أف اختالؼ طبيعة النشاط المرفقي (إداري ،اقتصادي، القانونيف العاـ والخاص معا
ميني )...بغض النظر عف الييئة التي تؤديو يستدعي بالضرورة اختالؼ القواعد المنظمة لو ،وتظير
17
-عبد القادر باٌنة :المختصر فً القانون االداري المغربً ،مرجع سابق ،ص .91
21
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
أىمية التفرقة بيف المرافؽ المادية والمرافؽ العضو ية حينما تباشر النشاط المرفقي ىيئة عامة ،حيث يكوف
ىنا بصدد مرفؽ مادي يتمثؿ في النشاط الذي يشبع الحاجيات العامة ،وآخر عضوي يكمف في الييئة التي
تدير ىذا النشاط ،أما إذا كانت الييئة التي تباشر النشاط ىيئة خاصة ،فإننا نكوف أماـ مرفؽ مادي
فحسب وىو النشاط األمر الذي يحصر سمطة الحكومة إزاء تمؾ المرافؽ في النشاط المذكور. 18
وبالرجوع إلى دور القضاء والفقو في تعريؼ المرفؽ العاـ ،يالحظ بالنسبة لمقضاء أنو تبنى في
البداية المعنى العضوي قبؿ أف تتطور أحكامو نحو الجمع بيف المعنييف العضوي والمادي ألف نشاط
المرفؽ العاـ غالبا ما يكوف منظما في إطار جياز إداري خاص بو ،لكف فيما بعد بات القضاء يفصؿ بيف
التعريفيف العضوي والمادي لممرفؽ العاـ حينما أعطى األولوية لمعنصر المادي السيما عندما تنامت
األنشطة ذات النفع العاـ التي يديرىا أفراد أو ىيئا خاصة ،ىكذا نجد مجمس الدولة الفرنسي سيعترؼ
لممرافؽ االقتصادية والتجارية بصفة المرفؽ العاـ ،وأطمب ىذه الصفة كذلؾ عمى بعض المشروعات
الخاصة ذات النفع العاـ التي تخضع لترخيص إداري مفيد ببعض الشروط ،وفؽ ما يعرؼ بفكرة المرافؽ
العامة الفعمية وىذا ما كشؼ عنو مجمس الدولة الفرنسي في حكمو بتاريخ 2:64-16-24بخصوص ما
يسمى بالصناديؽ األولية لممساعدة والحماية ،حيث يقوؿ إف مرفؽ التأمينات االجتماعية ىو مرفؽ عاـ
عيد بإدارتو إلى ىذه الصناديؽ األولية التي ىي ىيئات خاصة بحكـ النصوص التي أنشأىا ،19لذلؾ
استقر القضاء اإلداري عمى تعريؼ المرفؽ العاـ بأنو النشاط الذي تتواله الدولة أو األشخاص العامة
األخرى مباشرة أو تعيد بيو آلخريف كاألفراد أو األشخاص المعنوية الخاصة ،ولكف تحت إشرافيا
ومراقبتيا وتوجيييا وذلؾ إلشباع حاجات ذات نفع عاـ تحقيقا لمصالح العاـ.أما بالنسبة لمفقو فقد اختمفت
تعريفات الفقياء لممرفؽ العاـ ،فالبعض يأخذ بالتعريؼ العضوي والبعض اآلخر يأخذ بالتعريؼ المادي
ومنيـ مف يجمع بيف العنصريف المادي والعضوي معا في تعريؼ واحد .
18
-سلٌمان الطماوي :مبادئ القانون اإلداري ،دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص .81
19
-محمد نشطاوي ،المرافق العامة الكبرى ،مرجع سابق ،ص .89
22
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
-يعرؼ األستاذ موريس ىوريو MAURICE HAURIOUالمرفؽ العاـ انطالقا مف العنصر العضوي ،الذي
يعد في نظره "منظمة عامة تممؾ سمطات واختصاصات وتستخدميا لتكفؿ تقديـ خدمة معينة تسدييا
لمجميوري بانتظاـ واطراد" .
-أما الفقيي ديجي DUGUIفيركز عمى العنصر المادي في تعريفو لممرفؽ العاـ الذي يعتبره "نشاط يجب
أف يتواله الحكاـ ،إذ أف اضطالع الحكاـ بيذا النشاط يؤدي إلى تحقيؽ التضامف االجتماعي عمى أفضؿ
وجو" .
-في حيف يذىب األستاذ دوليو بادير DE LAUBADÈREإلى أف المرفؽ العاـ ىو "النشاط الذي تباشره
20
وىو في تعريفو يستند إلى موقؼ القضاء سمطة عامة بقصد الوفاء بحاجة عامة ذات مرفؽ عاـ"
اإلداري الفرنسي .
-أما األستاذ رفيرو RIVIRO21فيتبنى التعريؼ المادي لممرفؽ العاـ الذي في نظره يعد "نشاؾ ييدؼ إلى
تحقيؽ االصمح العاـ" .
-يعرؼ األستاذ سميماف الطماوي المرفؽ العاـ بأنو "مشروع يعمؿ باطراد وانتظاـ تحت إشراؼ رجاؿ
الحكومة بقصد أداء خدمة عامة لمجميور مع خضوعو لنظاـ قانوني معيف". 22
-أما األستاذ محمد فؤاد مينا فيعرؼ المرافؽ العامة بأنيا "مشروعات تنشئيا الدولة أو تشرؼ عمى
إدارتيا وتعمؿ بانتظاـ واستمرار –مستعينة بسمطاف اإلدارة -لتزويد الجميور بالحاجات العامة التي
يتطمبيا ،ال يفصد الربح بؿ بقصد المساىمة في صيانة النظاـ وخدمة المصالح العامة في الدولة" .
-ويعرؼ الدكتور طعيمة الجرؼ المرفؽ العاـ ،بأنو "نشاط تتواله اإلدارة بنفسيا أو يتواله فرد عادي تحت
توجيييا ورقابتيا واشرافيا بقصد إشباع حاجة عامة لمجميور" .
20
-عبد الخالق الوهابً :المرافق العامة والجودة ،مرجع سابق ،ص.15
21
- Rivero, précies de droit administratif , paris 1970 , p 447.
22
-سلٌمان الطماوي :مبادئ القانون اإلداري ،مرجع سابق ،ص . 161
23
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وعمى العموـ يمكف مف خالؿ التعاريؼ السابقة أف نستخمص أف المرفؽ العاـ ىو" :النشاط
ممارسة الدولة أو األشخاص المعنوية العامة األخرى مباشرة أو تعيد بيو إلى األف ارد أو األشخاص
المعنوية الخاصة ليمارسوه تحت إشرافيا ومراقبتيا وتوجيييا تمبية لحاجيات ذات نفع عاـ تحقيقا لممصمحة
العامة" .
ومف خالؿ التعريؼ السابؽ يتبيف أف المرفؽ العاـ يقوـ عمى العناصر األساسية التي سنتطرؽ
إلييا في الفقرة الثانية .
-المرفؽ العاـ ىو نشاط :لقد كاف مدلوؿ المرفؽ العاـ في السابؽ ينسحب عمى الجياز اإلداري الذي
أحدثو لتمبية حاجيات ذات نفع عاـ ،وبذلؾ كاف نشاط المرفؽ يقترف عادة بوجود ىيئة أو منظمة تشرؼ
عمى تنظيمو ،وبيذه الصورة يتحدد المرفؽ العاـ الذي ينظر إليو كجياز إذ ال أىمية لمنشاط في تحديد
مدلولو ،إال أنو مع ظيور أنشطة متنوعة قائمة عمى حاجيات عامة يديرىا أفراد أو ىيئات خاصة ،بات
المدلوؿ الحديث لممرفؽ العاـ يرتكز عمى النشاط المؤدى بغض النظر عف الييئة التي تؤديو .
-تمارسو الدولة واألشخاص المعنوية األخرى :لقد كاف إحداث المرافؽ العامة في ظؿ "الدولة الحارسة"
L’ÉTAT GENDARMEيقتصر عمى مياديف األمف والمحافظة عمى النظاـ والدفاع عف سالمة الدولة داخميا
وخارجيا ....لذلؾ كانت المرافؽ العامة في ىذه المرحمة مرتبطة بأنشطة الدولة البعيدة عف قواعد السوؽ
والعرض والطمب ،بيد أنو مع تطور المجتمعات وظيور حاجيات لـ يكف األفراد يطالبوف بيا في السابؽ
جعؿ الدولة تتدخؿ لتأميف تمؾ الحاجيات مثؿ توزيع الماء والكيرباء ،الصحة ،التعميـ النقؿ ....لذلؾ
تعددت المرافؽ العامة المنشئة مف قبؿ الدولة وباقي الييئات العامة والتي تطبؽ قواعد القانوف العاـ إلى
جانب قواعد القانوف الخاص ،السيما تمؾ التي تمارس أنشطة مشابية ألنشطة الخواص. 23
-تمتع الدولة بحؽ اإلشراؼ عميو :يعد خضوع المرفؽ العاـ إلشراؼ الدولة أو أحد الييئات العامة
التابعة ليا أحد العناصر األساسية لوجود المرفؽ العاـ ذاتو ،حيث يعود لمدولة تقدير المياديف والمجاالت
التي مف الضروري التدخؿ فييا لتمبية حاجيات عامة ،غير أف درجة خضوع تمؾ المرافؽ لرقابة الدولة
23
-إبراهٌم كومغار :المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث ،مرجع سابق ،ص 11
24
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
تختمؼ حسب األسموب الذي اختارت اإلدارة إدارة المرفؽ العاـ بو ،ففي حالة إدارة المرفؽ باألسموب
المباشر مف لدف الدولة فإف إدارة المرفؽ العاـ يكوف باستخداـ األمواؿ العامة المخصصة لتمويؿ النشاط
والموظفيف العمومييف كما أف نشاط المرفؽ غالبا ما يخضع كميا لقواعد القانوف العاـ ،أما في حالة إدارة
المرفؽ العاـ بأسموب المؤسسة العمومية فإف تدبير المرفؽ يبقى خاضعا لوصاية السمطات اإلدارية رغـ
تمتع الشخص المعنوي العاـ المكمؼ بإدارتو باالستقالؿ اإلداري والمالي ،في حيف أنو في حالة إدارة
24
– LA المرفؽ مف لدف األشخاص الخاصة معنوية أو طبيعية كما ىو الحاؿ في أسموب االمتياز
CONCESSIONفإف الدولة تظؿ محتفظة باإلشراؼ المطمؽ عمى المرافؽ المدارة بيذا األسموب ،وذلؾ
بالتدخؿ في كيفية إدارتيا وتنظيميا والقياـ بالتعديالت أو التغييرات فييا كمما اقتضت المصمحة العامة
ذلؾ ،إال أف سمطة الدولة تقتصر عمى تنظيـ النشاط المرفقي دوف الييئة التي تقوـ بإدارتو وبصفة عامة ال
يمكف أف نتصور وجود مرفؽ عمومي بدوف تواجد الدولة واشرافيا ميما كانت درجة وأىمية ىذا التواجد أو
اإلشراؼ .
-تمبية حاجيات ذات منفعة عامة :يمكف اعتبار عنصر المنفعة العامة التي يرمي نشاط المرفؽ العاـ
إلى تحقيقيا أحد العناصر الجوىرية في المرفؽ العاـ ،وتتحقؽ المنفعة العامة بإشباع حاجيات عامة تعجز
المبادرة الخاصة عف تأمينيا وىي حاجيات مادية كتوفير الماء والكيرباء والتطيير السائؿ والنظافة
وحماية البيئة ووسائؿ المواصالت ،والخدمات الياتفية وأخرى معنوية كتوفير األمف بعنصريو الداخمي
والخارجي ونشر التعميـ ومحاربة األمية ..بالمقابؿ إذا فقد النشاط صبغة المنفعة العامة فإننا ال نكوف أماـ
مرفؽ عاـ حتى عندما تدبر الدولة ذلؾ النشاط وتشرؼ عميو ،إذ ال ينبغي أف يكوف اليدؼ األساسي
لمنشاط ىو تحقيؽ الربح ،وىذا رغـ أف تشابو نشاط المرافؽ العامة الصناعية والتجارية مع نشاط األفراد
والشركات الخاصة قد يؤدي إلى إمكانية تحقيؽ المرافؽ العامة االقتصادية لمربح ،إال أف ذلؾ ال يؤثر في
عنصر المنفعة العامة التي تعمؿ عمى تحقيقيا تمؾ المرافؽ بحيث أنو يتعيف عمييا أف تستمر في أداء
مياميا حتى عندما ال تحقؽ أرباحا ،واألصؿ في الخدمات ذات النفع العاـ المقدمة لألفراد أنيا مجانية إال
أنو مف الجائز أف تفرض الدولة رسوما مقابؿ االنتفاع مف بعض خدمات المرافؽ العامة كرسوـ تسجيؿ
الممكية والرسوـ القضائية ....والتي ال تغير مف طبيعة مجانية المرفؽ العاـ .
24
-سعٌد نكاوي :التدبٌر المفوض فً المغرب على ضوء قانون ، 03,31مطبعة االمنٌة الرباط ، 1080،ص ,88
25
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
-تحقيؽ المصمحة العامة :يركز المرفؽ العاـ عمى اليدؼ األساسي مف إنشائو والذي يكمف في تحقيؽ
المصمحة العامة مف خالؿ إسداء حاجيات عامة نافعة لممجتمع ،بالمقابؿ ال يعتبر مرفقا عاما نشاط
األشخاص المعنوية العامة الذي ال يستيدؼ تحقيؽ المصمحة العامة والتي تعد المحور األساسي لفكرة
المرفؽ العاـ .
لقد أدى توسيع وتنوع مياديف تدخؿ الدولة إلى ظيور أنواع متعددة مف المرافؽ العمومية التي
تختمؼ حسب المعيار المعتمد في التقسيـ ،الذي قد يكوف ىو موضوع نشاطيا الذي يؤدي إلى التمييز بيف
مرافؽ عامة إدارية أو اقتصادية أو اجتماعية أو مينية في حيف أف معيار نطاؽ نشاط المرافؽ العمومية
يؤدي إلى تقسيميا إلى مرافؽ عامة وطنية ومرافؽ عامة محمية (الفرع األوؿ) ،وكذلؾ نقسـ المرافؽ
العمومية حسب اكتسابيا لمشخصية المعنوية مف عدميا إلى مرافؽ عامة متمتعة بالشخصية المعنوية
ومرافؽ غير متمتعة بالشخصية المعنوية أو حسب سمطة الدولة في إنشائيا إلى مرافؽ عامة اختياري
وأخرى إجبارية (الفرع الثاني).
ال تأخذ المرافؽ العمومية صورة واحدة بؿ تتعدد أنواعيا لمزاوية التي ينظر منيا إلييا ،فمف زاوية
النشاط الذي تزاولو إلى مرافؽ عمومية إدارية ،مرافؽ اقتصادية ،مرافؽ عمومية اجتماعية ومرافؽ عمومية
مينية (الفقرة األولى) وتصنؼ المرافؽ العمومية بحسب النطاؽ الجغرافي إلى المرافؽ العمومية الوطنية
والمرافؽ العمومية المحمية (الفقرة الثانية) .
تصنؼ المرافؽ العامة حسب نوعية أو طبيعة النشاط الذي تمارسو إلى ثالثة أنواع :مرافؽ
عمومية إدارية ومرافؽ عمومية اقتصادية ومرافؽ عمومية اجتماعية ومرافؽ عمومية مينية. 25
25
-ثرٌة لعٌونً ،نظرٌة المرافق العامة ،كلٌة الحقوق سال ،الطبعة االولى ، 1003 ،ص . 19
26
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
تحيؿ المرافؽ العمومية اإلدارية عمى المرافؽ التقميدية التي شكمت أساس القانوف اإلداري واكتسب
صبغة المرفؽ في األصؿ ،وتتولى الدولة إدارتيا بأسموب مباشر بصفتيا صاحبة السيادة والسمطة إلشباع
حاجيات عامة مرتبطة بسالمة الدولة داخميا وخارجيا ،عمى اعتبار أف ىذه المرافؽ تؤدي الخدمات
المرفقية التقميدية التي ال زمت الدولة منذ زمف طويؿ مثؿ مرفؽ الدفاع ،األمف ،القضاء ،الصحة
26
األمر الذي والتعميـ ...الرتباط ىذه النماذج مف المرافؽ العمومية اإلدارية بالجانب السيادي لمدولة
يفرض قياميا بيذه النشاطات وأف ال تعيد بيا األفراد بما في ذلؾ مف خطورة كبيرة .
ويترتب ىف ىذه العناصر مجموعة مف اآلثار التي تجعؿ المرفؽ العمومي اإلداري يخضع لقواعد
القانوف اإلداري ،ألف إدارتيا توكؿ إلى الدولة بشكؿ مباشر بواسطة األمواؿ العامة والموظفيف العمومييف،
إلى جانب ذلؾ فإف الق اررات الصادرة عنيا ،تعتبر ق اررات إدارية والعقود التي تبرميا عقودا إداريا ،في حيف
أف المنازعات المترتبة عف نشاطيا منازعات إدارية تخضع الختصاص القضاء اإلداري ،كما أف طبيعة
خدمات المرافؽ العمومية اإلدارية الموجية إلى المواطنيف تؤدي بشكؿ مجاني رغـ أف بعضيا يشترط أداء
رسوـ مقابؿ االنتفاع ببعض الخدمات األمر الذي يؤثر في الصبغة المجانية لخدماتيا ،وىو أمر يجعميا
تعتمد في تسيرىا عمى وسائؿ القانوف العاـ أصال وال تمجأ إلى وسائؿ القانوف الخاص إال استثناءا وفي
حاال معينة ،كأف تكتري مف أحد األشخاص الخواص إقامة لنوازؿ فييا نشاطيا أو تبرـ عقدا مع بعض
األعواف في نطاؽ القانوف الخاص أو حينما تدخؿ بعض أمواليا في نطاؽ األمالؾ الخاصة وتخضع
لمقتضيات القانوف الخاص .
عمى إثر تزايد تدخؿ الدولة لتأميف حاجيات عامة جديدة ،ظيرت مرافؽ عمومية اقتصادية التي
يقصد بيا المرافؽ التي تقوـ بأنشطة اقتصادية ذات صبغة صناعية وتجارية ومالية مشابية لألنشطة التي
يزاوليا الخواص ،وتعمؿ في أوضاع مماثمة ألوضاع المشروعات واألنشطة الخاصة مع احتفاظيا
بالصفة المرفقية الستيدافيا تحقيؽ المصمحة العامة ،كما ىو الشأف بالنسبة لمرافؽ البريد والمواصالت
والنقؿ ،ومرافؽ توزيع الماء والكيرباء والتطيير السائؿ ،ومرافؽ مالية كاألبناؾ وشركات التأميف العامة...
26
-محمد نشطاوي ،المرافق العامة الكبرى ،مرجع سابق ،ص . 78
27
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
عمى أف تظؿ ىذه المرافؽ خاضعة ألحكاـ مختمطة تجمع بيف القانوف العاـ والقانوف الخاص كؿ في نطاؽ
محدد ،واف كانت تتحرر كثي ار مف وسائؿ القانوف العاـ ،وما تتضمنو مف سمبيات التعقيد والبطء وتعتمد في
الغالب في تدبيرىا وادارتيا عمى وسائؿ القانوف الخاص حتى تتمكف مف الصمود أماـ السمطة الخاصة
المنافسة .
ويعود أصؿ ظيور ىذا النوع مف المرافؽ العمومية إلى قضية سفينة إيموكا D’ELOCA27BAC
والتي صدر بصددىا حكـ محكمة التنازع الفرنسية عاـ ،2:32الذي قضى بخضوع المرافؽ العمومية
الصناعية والتجارية في الشطر األكبر مف نشاطيا ألحكاـ القانوف الخاص والختصاص القضاء العادي،
حيث تفككت بذلؾ العالقة القائمة بيف المرفؽ العمومي والقانوف العاـ وأضحت المرافؽ العامة االقتصادية
تعتبر مف قبيؿ المرافؽ العامة المسيرة بأساليب اإلدارة الخاصة .
وىناؾ أسباب مختمفة تدفع الدولة لتولي ىذا النوع مف المرافؽ منيا ما يتعمؽ بالرغبة وتحصيؿ
الموارد المالية ،أو ما يخص عزوؼ الخواص عف القياـ ببعض المشروعات التي تحتاج إلى مبالغ ضخمة
مما يجعؿ الدولة تتدخؿ إلحداثيا تمبية لممنفعة العامة ،عمى أف طرؽ تدبير الدولة ليذا النوع مف المرافؽ
العمومية قد تختمؼ تبعا لما يالئـ طبيعة النشاط االقتصادي لممرفؽ ،ووفقا لألسموب المجدي الذي تريد
الدولة أف تتبعو في تدبيره سعيا لتحقيؽ المنفعة العامة الذي قد يكوف ىو أسموب اإلدارة المباشرة أو أسموب
المؤسسة العمومية أو االمتياز أو التدبير.
لقد أدت االزدواجية في النظاـ القانوني المطبؽ عمى مثؿ ىذا النوع مف المرافؽ إلى ظيور
إشكالية أساسية ،تتمثؿ في معيار تمييز المرافؽ العمومية االقتصادية عف المرافؽ العمومية اإلدارية،
بحيث اختمؼ فقياء القانوف اإلداري في ذلؾ بيف أربعة توجيات رئيسية :يركز التوجو األوؿ عمى معيار
القانوف الواجب التطبيؽ في التمييز بينيما ،الذي يكمف في أف النوع األوؿ مف المرافؽ يخضع لمقانوف
الخاص بحكـ ممارسة لنشاط مماثؿ لمذي يقوـ بيو األفراد ،خالفا لمنوع الثاني الذي يخضع كميا لمقانوف
العاـ ويؤخذ عمى ىذا الرأي العديد مف النقاط منيا: 28
27
-محمد األعراج ،القانون االداري المغربً الجزء األول ، REMALD ،سلسلة مواضٌع الساعة ،عدد ،1009 ، 68ص . 511
28
-أحمد بوعشٌق :المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ،دار النشر المغربٌة ، 1001 ،ص . 61
28
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
-أف ىذا المعيار غير سميـ وال يتفؽ مع المنطؽ ألف المطموب ىو تحديد نوع المرفؽ العمومي قبؿ
إخضاعو لنظاـ قانوني معيف ،وليس العكس أي خضوع المرفؽ العمومي االقتصادي لقواعد القانوف
الخاص إنما ىو نتيجة طبيعة ترتبت عمى االعتراؼ بالطابع اإلداري واالقتصادي لممرفؽ .
-إف خضوع المرافؽ العمومية االقتصادية لمقانوف الخاص ىو مجرد قرينة عمى أف ىذا المرفؽ ذو صفة
اقتصادية ،ولكف ال يمكف االعتماد عمييا بثبوت ىذه الصفة قطعا .
ويرتبط التوجو الثاني بمعيار الغاية ،29ذلؾ أف الضابط في التمييز بيف المرافؽ العمومية
االقتصادية عف المرافؽ العمومية اإلدارية ،يكمف الغرض مف وراء النوع األوؿ في تحقيؽ الربح مثميا
الحاؿ في المشروعات الخاصة ،في حيف ال يسعى النوع الثاني إلى تحقيؽ الربح بؿ تحقيؽ المنفعة العامة
واشباع حاجات األفراد ،غير أف ىذا المعيار يتسـ –ىو اآلخر -بنوع مف القصور المتمثؿ في :
-أف الربح الذي تحققو المرافؽ العمومية االقتصادية ليس الغرض مف إنشائيا بؿ ىو أثر مف آثار
الطبيعة الصناعية أو التجارية التي تمارسيا ،فيي تستيدؼ أساسا إلى تحقيؽ المنفعة العامة .
-يمكف لممرافؽ العمومية اإلدارية أف تحقؽ ربحا مف جراء تتقاضاه مف رسوـ تقوـ بتحصيميا مقابؿ
الخدمات التي تقدميا .
أما التوجو الثالث في التمييز بيف المرافؽ العمومية االقتصادية عف المرافؽ اإلدارية ،فيعتمد عمى
أساس شكؿ المشروع أو مظير الخارجي ،فإذا اتخذ المشروع شكؿ المشروعات الخاصة كما لو تمت
إدارتو بواسطة شركة فإنو مرفؽ عمومي اقتصادي ويعكس ذلؾ لو تمت إدارتو مف بواسطة اإلدارة تحت
رقابتيا أو إشرافيا وباستخداـ أساليب السمطة العامة فيو مرفؽ عمومي إداري ،ويستند التوجو الرابع –
وىو أرجح التوجيات الفقيية -عمى معيار النشاط الذي يعتبر المرفؽ العمومي اقتصاديا إذا كاف النشاط
الذي يقوـ بو نشاطا تجاريا بطبيعتو طبقا لموضوعات القانوف التجاري ويعتبر المرفؽ العمومي إداريا إذا
كاف النشاط الذي يمارسو نشاطا إداريا ،مما يدخمو في نطاؽ القانوف اإلداري.30
29
-ملٌكة الصروخ :نظرٌة المرافق العامة الكبرى دراسة مقارنة ،مطبعة النجاح الجدٌدة ، 8991 ،ص .57
30
-أحمد بوعشٌق ،المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ،مرجع سابق ص . 63
29
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
مجموع DE LAUBADÈRE تعتبر المرافؽ العمومية االجتماعية عند الفقيو الفرنسي دولويادير
الييآت التي تيدؼ إلى تقديـ خدمات اجتماعية لممستفيديف منيا ىذه الخدمات التي تسعى إلى توفير
ضمانات لبعض المواطنيف ذوي الدخؿ المحدود ضد المخاطر الناجمة عف ظروفيـ االجتماعية ،ويعود
أصؿ الحديث عف ىذا النوع مف المرافؽ كمرافؽ متميزة عف غيرىا مف المرافؽ العمومية األخرى ،إلى
الحكـ الذي أصدرتو محكمة التنازع الفرنسية في قضية نالياتو والذي خمصت فيو بأف تنظيـ المخيمات
لصالح أطفاؿ العامميف في اإلدارات المختمقة ،يستجيب لحاجة اجتماعية ويبرر إنشاء مرفؽ عمومي،
وىو بذلؾ يعمد إلى تكييؼ نطاؽ المرافؽ العمومية االجتماعية مع المفيوـ القديـ لممرافؽ العمومية
التجارية والصناعية. 31
تردد الفقو والقضاء في األخذ بالمبادئ التي جاء بيا حكـ نالياتو NALIATOالسيما وأف محكمة
التنازع نفسيا أشارت في الحكـ المذكور بأف تنظيـ المخيمات ال يتميز مف حيث العالقات بيف اإلدارة
والمستفيديف بأية خصوصية بشكؿ يفرض تمييزه قانونيا عف المنظمات المشابية في القانوف الخاص،
عمى أف محكمة التنازع الفرنسية حسمت األمر ووضعت حدا لمتردد الذي أحدثو االجتياد القضائي في
حكـ نالياتو وذلؾ بمقتضى حكميا في قضية كابيني CALMBINIالتي تدور حوؿ إحداث قرية لمعطؿ مف
لدف مدينة بيطو PUTEAUXلذلؾ بات القضاء يحكـ وفقا لألوضاع المختمفة ،وبالتالي فالمرافؽ
االجتماعية ال تشكؿ صنؼ متميز مف المرافؽ العمومية. 32
لقد أدى تنامي الحاجيات االجتماعية التي برزت بعد الحربيف العالميتيف إلى انتشار ىذا النوع مف
المرافؽ التي اىتمت بتقديـ خدمات اجتماعية كما ىو الشأف بالنسبة لمضماف االجتماعي ،التعويضات
العائمية المخيمات الصيفية السالمة االجتماعية ومحاربة بعض األمراض المزمنة ...ويخضع ىذا النوع
مف المرافؽ إلى نظاـ قانوني مختمط يجمع بيف القانونيف العاـ والخاص ،إذ يتـ تنظيـ بعضيا بأساليب
القانوف العاـ وتؤوؿ منازعاتيا الختصاص القضاء اإلداري ،في حيف أف بعضيا اآلخر يتـ تسييره
بأساليب القانوف الخاص فتطبؽ عمييا قواعد القانوف الخاص وتؤوؿ منازعاتيا الختصاص القضاء العاـ
31
-مٌشٌل روسً واألخرون ،القانون االداري المغربً ،الطبعة االولى ،المطبعة الملكٌة الرباط ، 8988 ،ص . 13
32
-ملٌكة الصروخ ،نظرٌة المرافق العامة الكبرى دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص . 59
30
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وتدار معظـ المرافؽ مف ىذا النوع بالمغرب عف طريؽ المؤسسة العمومية مثؿ الصندوؽ الوطني لمضماف
االجتماعي ومكتب تنمية التعاوف .
تحيؿ المرافؽ العمومية المينية عمى مجموع الييئات التي تتولى تنظيـ وتوجيو مينة معينة مف
لدف أعضائيا أنفسيـ ،مع تمتع الييئات التي تضطمع بإدارتيا ببعض امتيازات وسمطات القانوف العاـ،
ومف أىـ أمثمتيا نجد :الغرؼ المينية ،والييئات النقابية المينية كنقابة األطباء ،ونقابة الميندسيف ،ونقابة
الصيادلة ،ونقابة المحاميف وغيرىا مف النقابات المينية األخرى ،ويعود أوؿ ظيور ليذا النوع مف المرافؽ
في فرنسا عقب أحداث الحرب العالمية الثانية ،إذ لمواجية األزمة االقتصادية التي عرفيا ىذا البمد في
تمؾ المرحمة عمدت حكومة فيشي إلى إنشاء نظاـ اقتصادي موجو بتنظيـ اإلنتاج ،وتوزيع المواد األولية
والتمويف في المجاليف الصناعي والزراعي ،فقامت بإنشاء منظمات مكمفة بتنظيـ ميف مع إعطائيا
صالحية اتخاذ الق اررات في ىذا المجاؿ ،والتي سميت بالمجاف أو ىيئات التنظيـ والتي استبدلت فييا بعد
بالمكاتب المينية وىذا النوع مف المرافؽ العامة المينية الذي اختفى بداية مف سنة . 2:57
وفي ظؿ ىذا التطور ،أقر مجمس الدولة الفرنسي ،بواسطة حكـ مانيور MONPEURالصادر
بتاريخ 4يوليو ،2:53حينما اعتبر المجاف المكمفة بتنظيـ اإلنتاج الصناعي واستغالؿ أفضؿ لمموارد
وتحسيف اليد العاممة ،بمثابة ىيئات نقابية مكمفة بتسيير مرفؽ عاـ ،وأف ق ارراتيا التنظيمية والفردية تعتبر
ق اررات إدارية تدخؿ في اختصاص القضاء اإلداري أما النوع الثاني مف تمؾ المرافؽ فيي مرافؽ التنظيـ
الميني التي اعتبرىا مجمس الدولة الفرنسي كذلؾ مف قبيؿ المرافؽ العمومية فيي تقوـ عمى إدارة مينة
معينة مف لدف نقابة مركبة مف أبناء المينة ،وبالتالي فيي تيد أشخاصا معينة تتولى تدبير مرافؽ عمومية
إذ تقوـ عمى اسس تمييزىا أىميا :
-تتخذ شكال نقابيا ،يشرؼ عمى إدارتيا مجالس منتخبة مف أبناء الميف نفسيا .
-إف االنضماـ إلييا يعتبر إجباريا وليس اختياريا ،لذلؾ يمتزـ كؿ مف يريد مزاولة المينة الخاصة بيا
(الصيدلية المحاماة اليندسة )...بالقيد في جدوؿ النقابة وااللتزاـ بق ارراتيا. 33
33
-ثرٌة لعٌونً ،نظرٌة المرافق العامة ،مرجع سابق ،ص .55
31
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
-تقوـ النقابات بميمة مزدوجة فيي مف ناحية تمثؿ المينة لدى الدولة وغيرىا مف الييئات العامة،
ومف ناحية ثانية تعمؿ عمى اإلشراؼ عمى النظاـ الداخمي لممينة .
-يعطييا القانوف حؽ إصدار أوامر ممزمة لجميع المنتميف لممينة لكي تتمكف مف أداء واجبيا ،ىذه
األوامر قد تكوف تنظيمية يمتزـ األعضاء بمراعاتيا في تصرفاتيـ ،أي أنيا أوامر مرتبطة بقواعد سموؾ
المينة التي يجب عمى أعضاء المينة االلتزاـ بيا ،وقد تكوف أوامر فردية خاصة بعضو معيف وتيـ
ىذه األوامر مثال ما يخص مراقبة القيد بجداوليا عف طريؽ التحقؽ مف توافر الشروط المنصوص
عمييا في طمب القيد لذلؾ يعد قرارىا –سواء بقبوؿ القيد أو رفضو -ق ار ار إداريا فرديا ،وىذه السمطة
اآلمرة ىي التي تميز ىذه النقابات وتستتبع بالتالي خضوعيا لمقانوف العاـ. 34
-إف لمنقابة سمطة تأديبية عمى أعضائيا ،إذ مف حقيا إصدار ق اررات تأديبية ضد األعضاء الذيف
يخالفوف القوانيف والق ار ارت التي تضعيا النقابة لتنظيـ ممارسة المينة ،بحيث تتبع النقابة في حؽ
المخالفيف إجراءات تأديبية مماثمة لإلجراءات المتبعة في حالة تأديب الموظفيف العمومييف .
وتخضع النقابات المينية لنظاـ قانوني مختمؼ يجمع بيف القانونيف العاـ والخاص رغـ أف
الشطر الياـ مف نشاطيا يحكمو القانوف الخاص السيما ما يتعمؽ بممارسة أعماليا المدنية ،ودعاوى
المسؤولية عف األضرار الناجمة عف نشاطيا إزاء األغيار وما يخص المحاسبة ومواردىا المالية مف
ناحية أخرى وتخضع النقابات المينية لمقانوف العاـ باعتبارىا مرافؽ عامة ،إذ المنازعات المتصمة
بمظاىر نشاطيا كمرفؽ عاـ وممارستيا المتيازات السمطة العامة ،تدخؿ في اختصاص القضاء
اإلداري وبالرغـ مف استخداميا ألساليب القانوف العاـ فيي ال تدخؿ في نطاؽ األشخاص المعنوية
العامة وال تعتبر مؤسسات عمومية. 35
34
-ملٌكة الصروخ ،نظرٌة المرافق العامة الكبرى دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص . 18
35
-إبراهٌم كومغار :المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث ،مرجع سابق ،ص . 11
32
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
تنقسـ المرافؽ العمومية بحسب النطاؽ الترابي لنشاطو إلى مرافؽ عمومية وطنية يشمؿ
نشاطيا مجموع التراب الوطني ،ومرافؽ عامة محمية ينحصر نشاطيا عمى جزء محدد مف إقميـ الدولة
.
يقصد بالمرافؽ العمومية الوطنية تمؾ المرافؽ التي يتسع نشاطيا ليشمؿ كؿ أجزاء التراب
الوطني ،بحيث تقوـ بتمبية حاجيات جميع سكاف إقميـ الدولة ،ومف أمثمتيا مرافؽ الدفاع واألمف
والقضاء والتعميـ والصحة ،وىذه المرافؽ تتولى تسييرىا الدولة أو السمطات المركزية في العاصمة
وفروعيا في األقاليـ ضمانا لألداء الجيد لخدماتيا عمى الصعيد الوطني ،كما تتحمؿ الدولة المسؤولية
عف األضرار التي تتسبب فييا ،أما فيما يخص إحداث ىذا النوع مف المرافؽ فإف الدستور المغربي لـ
ينص صراحة عمى اختصاص السمطة التشريعية في إحداث المرافؽ العمومية الوطنية باستثناء ما جاء
في المادة 51فيما يخص إحداث المؤسسات العمومية التي تقوـ بنشاطيا عمى الصعيد الوطني
كالمكتب الوطني لمكيرباء والمكتب الوطني لمنقؿ...
يحيؿ مفيوـ المرفؽ العمومي المحمي عند جانب مف الفقو عمى مشروع يقوـ عمى تقديـ خدمة
ذات طبيعة محمية تيـ سكاف جزء مف إقميـ الدولة وتقوـ بأدائيا ىيئة محمية تحت رقابة السمطة
المركزية ،36بينما يحصره اتجاه فقيي ثاف في مشروع يقوـ عمى تقديـ خدمة ذات مضموف محمي تيـ
سكاف جزء مف إقميـ الدولة بصفة خاصة وال تيـ باقي أجزاء إقميـ الدولة بيذه الصفة وتقوـ بأدائيا
السمطة المحمية تحت رقابة السمطة المركزية ،وىو نفس التوجيو يحيؿ عميو تيار ثالث الذي يرى فيو
مشروع يتولى تقديـ خدمة محمية تيـ سكاف الجماعات وتقوـ بأدائيا الييئات المنتخبة تحت إشراؼ
سمطات الوصاية .
ىذا التحديد جعؿ المرفؽ العمومي المحمي يقوـ عمى أربعة عناصر أساسية يتحدد األوؿ في
ضرورة وجود مشروع تمارسو مجموعة بشرية تستعيف بوسائؿ مادية وبشرية في نفس الوقت مف أجؿ
36
-أحمد بوعشٌق ،المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ،مرجع سابق ،ص . 78
33
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
ىدؼ معيف أداء حاجة أو خدمة لفائدة الجماعة المحمية وسد حاجياتيا ،وىو معطى جعؿ مف العنصر
الثاني يقوـ عمى الطابع المحمي لمخدمات المقدمة ،بحيث تؤدي عمى الصعيد المحمي لتمبية حاجيات
متنوعة قد تكوف مادية أو معنوية (التعميـ ،الثقافة )...أو رياضية أو نظامية (السالمة والصحة العامة
والسكينة العامة )...يتمثؿ العنصر الثالث في أداء خدمات المرفؽ العمومي المحمي مف لدف ىيئة
محمية تمثؿ اإلدارة الحقيقية لسكاف الجماعة المحمية أي أف تكوف ىيئة منتخبة تعكس تطمعات ىؤالء
السكاف في تدبير الشؤوف الممحية ،عمى أف يخضع ىذا المرفؽ لرقابة السمطة المركزية في عنصر
رابع. 37
وترتيبا عمى ذلؾ ،يمكف إجماؿ المرافؽ العمومية المحمية في مجموع التي يمتد نشاطيا عمى
رقعة جغرافية محددة مف إقميـ الدولة بحيث يستفيد مف خدماتيا –كالتطيير والنظافة وتوزيع الماء
والكيرباء والنقؿ الحضري ،سكاف الوحدة المحمية الترابية سواء كانت جية أو إقميما أو جماعة حضرية
أو قروية ،وىو معطى يمكننا مف تقسيـ المرافؽ العامة المحمية التي يتـ إحداثيا بواسطة ىذه
الجماعات إلى مرافؽ عامة جيوية يشمؿ نشاطيا جية معينة ومرافؽ عامة جيوية يشمؿ نشاطيا جية
معينة ،ومرافؽ عامة إقميمية يشمؿ نشاطيا إقميـ معيف كما ىو الحاؿ بالنسبة لممرافؽ التي تحدثيا
مجالس العماالت واألقاليـ ،ومرافؽ عامة جماعية تنشئيا مجالي الجماعات الحضرية والقروية .
إذا كاف تمييز المرافؽ العمومية المحمية عف المرافؽ العمومية الوطنية يتـ بالنظر إلى الجية
التي تقوـ بالنشاط سواء كانت وطنية او محمية ،فإف ىذا التمييز ال يمكف الفصؿ التماـ بيف المرافؽ
العمومية المحمية والمرافؽ العمومية الوطنية إذ يظؿ التداخؿ قائما بينيا ،سواء مف حيث التعاوف إذ تمد
السمطات المركزية السمطات المحمية بموظفي المرافؽ العمومية الوطنية ذوي الخبرة لمعاونتيا في إدارة
وتسيير المرافؽ العمومية المحمية مع إمدادىا بإعانات مالية لمساعدتيا في القياـ بأعباء إدارة المرافؽ
العمومية المحمية ،كما أف السمطات الالمركزية خاضعة لنظاـ الوصاية اإلدارية مف لدف األجيزة
المركزية مما يجعؿ تدبير وتسيير المرفؽ المحمي ال ييرب مف رقابتيا ووصايتيا .
37
-إبراهٌم كومغار ،المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث ،مرجع سابق ،ص . 30
34
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
تستيدؼ المرافؽ العمومية تحقيؽ المصمحة العامة دوف قصد لربح أو كسب مادي ،ألنيا أداة
اإلدارات العمومية في نشاطيا لتحقيؽ الصالح العاـ ،38وىو عنصر يوجو تدخالتيا في تمبية الحاجيات
ا لعامة لممواطنيف ،األمر الذي يمكف التمييز بيف مختمؼ أنواعيا تبعا لطبيعة المعيار المعتمد في ذلؾ،
بحيث ينظر إلى جزء مف ىذه المرافؽ بحسب تمتعيا بالشخصية المعنوية (الفقرة األولى) أو بحسب
السمطة المكمفة بإنشاء ىذا النوع مف المرافؽ (الفقرة الثانية) .
تنقسـ المرافؽ العمومية مف حيث مدى اعتراؼ سمطة الدولة بالشخصية المعنوية أو عدـ
االعتراؼ ليا بذلؾ إلى مرافؽ عمومية ذات شخصية معنوية ومرافؽ غير ذات الشخصية المعنوية.
إف المشرع وحده ىو الذي يمنح الشخصية المعنوية لمشخص المعنوي ،ىو الذي يحدد أىميتو
القانونية ،يضيؽ حقوقو ،أو يوسع فييا ،ولو أيضا الحؽ أف يجرد الشخص المعنوي مف شخصيتو،
عمميا الشخص المعنوي يستمد شخصيتو مف ضرورة وجوده قبؿ أف يعترؼ بو القانوف ،كما ال يجب
أف يتحكـ القانوف في وجود الشخص المعنوي وفي سمبو أىميتو ،فالشخصية المعنوية ضرورة اجتماعية
ال يستطيع القانوف إال أف يسمـ بيا .
مثاؿ :األشخاص الذيف يتمتعوف بالشخصية المعنوية العامة ىـ :الدولة ،الجماعات المحمية
والمؤسسات العمومية .
38
-للمزٌد من التفاصٌل ٌرجع فً هذا الشؤن :إبراهٌم كومغار ،المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث ،مرجع سابق ،ص. 31
39
-للمزٌد من التفاصٌل ٌرجع فً هذا الشؤن :أحمد بوعشٌق ،المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ،مرجع سابق ،
ص . 86
35
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
-يستقؿ الشخص المعنوي بذمة مالية متميزة عف ذمة غيره مف األشخاص .
-يتمتع الشخص المعنوي بأىمية التقاضي ،فترفع الدعوى باسـ ممثؿ ىذا الشخص .
تمنح الشخصية المعنوية بقانوف أو بناء عمى قانوف ،واف تمتع المرفؽ العاـ بالشخصية
المعنوية يعطيو قد ار مف االستقالؿ المالي واإلداري مما يجعمو في وضع يمكنو مف تحقيؽ أىدافو،
خالفا لممرفؽ الذي ال يتمتع بالشخصية المعنوية والذي يكوف خاضعا خضوعا تاما إلشراؼ وتوجيو
السمطات العمومية المركزية أو المحمية .
و تتمثؿ المرافؽ العمومية المتمتعة بالشخصية المعنوية في مجموع الييئات التي تتمتع
باالستقالؿ اإلداري والمالي في مباشرة نشاطيا ،مع خضوعيا لمرقابة والوصاية اإلدارية مف لدف
السمطات المركزية ،ويأتي إحداث ىذا النوع مف المرافؽ العمومية بغرض تفادي سمبيات اإلدارة المباشرة
لبعض األنشطة العامة المتمثمة في البطء والتعقيد والروتيف ،...ألف المصمحة العامة تقتضي تمتيع
بعض المرافؽ العمومية بالشخصية المعنوية بغية تحسيف أداء خدماتيا وىذه المرافؽ تعرؼ في المغرب
بالمؤسسات العمومية وتحمؿ عدة أسماء منيا :المكاتب الوطنية والصناديؽ الوطنية ،والمراكز
والوكاالت ،وىي كميا تتمتع باالستقالؿ اإلداري والمالي وتكوف ليا أىمية التقاضي وموطف مستقؿ
وأمواؿ خاصة بيا. 40
ترتبط معظـ المرافؽ العمومية التي ال تتمتع بالشخصية المعنوية باألجيزة والمؤسسات التي ال
تمارس نشاطيا بدرجة مف االستقالؿ اإلداري والمالي ،تظؿ مرتبطة مباشرة باألشخاص اإلدارية
المنشئة ليا ،بحيث أف المرافؽ العمومية الوطنية تتولى الدولة إدارتيا مباشرة بأمواليا وموظفييا ،وىي
تمؾ المرافؽ التي ليا أىمية بالنسبة لمجموع سكاف إقميـ الدولة كمرافؽ العدؿ واألمف والصحة والتعميـ
40
-كرٌم لحرش ،القانون االداري المغربً ،منشورات سلسلة الال مركزٌة واإلدارة المحلٌة ،عدد مزدوج 81و ، 83الطبعة الثانٌة
، 1081ص . 197
36
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وتسير الدولة عمى حسف أدائيا لفائدتيـ ،أما باقي المرافؽ العمومية المحمية فيي تتبع مباشرة
الشخص المعنوي المحمي المحدث ليا والذي يختص باإلشراؼ المباشر عمييا. 41
وفي ىذا الصدد ،نميز بيف االستغالؿ المباشر ومرافؽ الدولة المسيرة بصورة مستقمة .
- 2االستغالؿ المباشر
تفترض ىذه الطريقة إدارة المرفؽ العاـ مباشرة بواسطة الدولة وفروعيا كالو ازرات أو بواسطة
أحد أشخاص القانوف العاـ األخرى كالعماالت واألقاليـ ،إلخ .
أي أف الدولة ىي التي تدير المرفؽ العاـ بموظفييا وأمواليا وأجيزتيا وأساليبيا وفقا لقواعد
القانوف العاـ ،وتمجأ الدولة إلدارة المرافؽ العامة اإلدارية أو التقميدية بصورة مباشرة كمرافؽ الدفاع
واألمف والقضاء والتعميـ ...إلخ ،المنتفع مف خدمات ىذا النوع مف المرافؽ يكوف دائما في مركز
قانوني تحكمو القوانيف المتعمقة بتمؾ المرافؽ ،ويترتب عمى المركز القانوني حؽ المنتفع في مطالبة
المرفؽ باقتضاء الخدمة تطبيقا لمبدأ المساواة بيف األفراد أماـ المرفؽ العاـ ،واذا امتنعت الوكالة
المباشرة عف تقديـ خدماتيا إليو ،جاز لو الطعف في ق ارراتيا باإللغاء فضال عف حقو في رفع دعوى
تعويض ضد السمطة اإلدارية المصدرة لمقرار غير المشروع .
أ -المرافؽ التي تدار عف طريؽ االستغالؿ المباشر ال تتميز عف الشخص العاـ الذي أنشئيا وتطبيقا
لذلؾ تبرـ العقود مع الشخص العاـ وىو الذي يكوف أيضا مسؤوال عف المرفؽ .
ب -عمى مستوى التنظيـ ،االستغالؿ المباشر ال يتبع مباشرة الشخص العاـ الذي أنشئو مثاؿ المرافؽ
التابعة لمو ازرات تخضع رئاسيا لموزراء .
ج -االعتمادات المالية الضرورية لتسيير االستغالؿ المباشر ترد في الميزانية العامة لنفقات الشخص
العاـ .
41
-أحمد بوعشٌق ،المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ،مرجع سابق ،ص . 87
37
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
د -تطبيقات ىذه الطريقة المباشرة في مجاؿ المرافؽ االقتصادية نادرة واستثنائية ويرجع ذلؾ إلى
القيود اإلدارية المعقدة التي ال تتناسب مع طبيعة المرافؽ الصناعية والتجارية التي تتميز بالمرونة .
مف حيث طبيعة نشاطيا ،فإف مرافؽ الدولة المسيرة بصورة مستقمة يمكف أف تكوف مرافؽ عامة
إدارية كالمركز الوطني لمتوثيؽ ،أو مرافؽ عامة صناعية وتجارية كمصمحة تقييـ المنتوجات الغابوية،
أو مرافؽ عامة اجتماعية كالمراكز االستشفائية أو مرافؽ عامة تكوينية كالمدرسة الوطنية لإلدارة ،أو
مرافؽ عامة ثقافية كمسرح محمد الخامس ،الخ .
أما مف حيث النطاؽ الترابي لنشاط مرافؽ الدولة المسيرة بالطريقة المستقمة فقد تتسع دائرة
الطرؽ أو المراكز الجيوية نشاطيا لتشمؿ مجموع التراب الوطني كمديرية سالمية النقؿ عبر
لالستثمار ،وقد ينحصر نشاطيا في منطقة معينة كالحديقة الوطنية لمحيوانات .
تنقسـ المرافؽ العمومية مف حيث مدى التزاـ الدولة في إنشائيا إلى مرافؽ عمومية إجبارية
ومرافؽ عمومية اختيارية. 42
األصؿ أف لمدولة وباقي األشخاص المعنوية العامة الترابية السمطة التقديرية في إحداث
المرافؽ العمومية ،حينما يظير ليا ضرورة إشباع إحدى الحاجات الجماعية بواسطة ىذا المرفؽ وال
يممؾ األفراد إلزاميا بذلؾ ،وعميو ،يمكف إحداث ىذا النوع مف المرافؽ: 43
42
-محمد األعراج ،القانون االداري المغربً الجزء األول ،مرجع سابق ،ص . 516
43
-أحمد بوعشٌق ،المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ،مرجع سابق ،ص . 83
38
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
-عند التزاـ اإلدارة بإحداث المرافؽ العمومية بصفة إجبارية إذ ال تممؾ الحرية واالختيار في إنشائيا
أو عدـ إنشائيا ،ألنيا مرافؽ تتعمؽ بممارسة الوظائؼ األساسية لمدولة كمرافؽ الدفاع والقضاء واألمف
والتعميـ .
-عندما يمزـ نص قانوني اإلدارة بإنشائيا ،فإذا نص الدستور عمى إجبارية التعميـ ،فإف اإلدارة تكوف
ممزمة بإنشاء مؤسسات تعميمية في جميع المستويات .
-يمكف أف تحدث مرافؽ عمومية بشكؿ إجباري نتيجة معاىدة دولية كمعاىدة المالحة الدولية التي
تمزـ بإنشاء محطات لقيادة الطائرات .
-قد يمزـ القانوف الييئات الالمركزية بإنشاء بعض المرافؽ العمومية المحمية وىي التي يطمؽ عمييا
المرافؽ العمومية اإلجبارية إذ يتـ إحداثيا بموجب قانوف ،كما يحؽ لألفراد إلزاـ اإلدارة بإنشاء المرافؽ
العمومية اإلجبارية وفي حالة رفض القياـ بذلؾ جاز ليـ مقاضاتيا ،وىو أمر ينطبؽ عمى سمطة
الوصاية ،التي ليا الحؽ في إجبار الييئة الالمركزية بإنشاء المرفؽ المحمي اإلجباري في حالة الرفض
حؽ ليا الحموؿ محميا والقياـ بإنشائو .
األصؿ ىو أف اإلدارة تتمتع بسمطة تقديرية في إنشاء المرفؽ العاـ ،وفي اختيار وقتو ومكانو،
كما يترؾ لتقديرىا اختيار نوع المرفؽ وشكمو ،وتحديد الطريقة المناسبة إلدارتو واستغاللو ،وىي حرة
كذلؾ في تعديؿ ىذه الطريقة وفي إلغاء المرفؽ في أي وقت تشاء ،ميتدية في كؿ ذلؾ بما يقتضيو
الصالح العاـ في نظرىا وتقديرىا .
والنتيجة اليامة التي ترتب عف ىذا اإلجراء ىي أف األفراد ال يستطيعوف إجبار اإلدارة عمى
إنشاء المرافؽ العمومية االختيارية ،ولو كانت تمؾ المرافؽ ميمة ومفيدة ليـ ،كذلؾ ال يممكوف الوسائؿ
القانونية التي تمكنيـ مف حمميا عمى إحداث تمؾ المرافؽ إذ ليس ليـ الحؽ في رفع دعوى إلغاء القرار
اإلداري القاضي برفض اإلدارة إنشاء المرافؽ ،أو المطالبة بتعويض الضرر الذي لحقيـ مف جراء
تقاعس اإلدارة عف اإلنشاء ،ىكذا فالقاعدة العامة أف اإلدارة ليا كامؿ السمطة التقديرية في اختيار وقت
وسكاف المرفؽ ونوع النشاط الذي يزاولو وأسموب إدارتو وتدبيره .
39
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
مف بيف الظواىر التي صاحبت القرف العشريف ظاىرة تطور القانوف اإلداري بصورة سريعة،
الناتج أساسا عف تطور الدور الذي أصبحت تمعبو اإلدارة في حياة المواطنيف .
إف مختمؼ مظاىر ىذا التطور ،جعمت الباحث والميتـ بيذا الحقؿ المعرفي يؤمف باستحالة
وجود نظاـ قانوني واحد تخضع لو كؿ المرافؽ العمومية عمى اختالؼ أنواعيا وطرؽ إدارتيا ...غير
أنو إذا تـ الجزـ بيذه النتيجة التي كانت وراء فشؿ أطروحات مدرسة "بوردو" ،فإنو نظ ار ألىمية المرافؽ
العامة كاف مف الطبيعي أف تخضع في إدارتيا وأثناء سيرىا لجممة مف القواعد والمبادئ ،وتنفرد بنظاـ
قانوني يميزىا عف نشاط األفراد ،والذي يتجمى في مجموعة القواعد الضرورية إلنشائيا والغائيا ،
وطرؽ تدبيرىا باإلضافة الى مبادئيا التي تضمف ليا تحقيؽ الغرض المرجو منيا عمى أتـ وجو.
وسنقتصر عمى دراسة األحكاـ المتعمقة بإنشاء المرافؽ العمومية وتنظيميا والغاءىا (المطمب االوؿ )،
والمبادئ األساسية الضابطة لسيرىا (المطمب الثاني) .
أكيد أف مف تجميات عنصر السمطة العامة الذي يتميز بيو المرفؽ العاـ ،ما يخص تكويف
المرفؽ العاـ ذاتو أي كيفية إنشائو والغائو والتي ترتبط دائما بغاية المصمحة العامة .
لتوضيح كيفية إنشاء المرافؽ العامة بالمغرب ،يتعيف التمييز بيف المرافؽ العامة الوطنية مف
ناحية والمرافؽ العامة الجيوية واإلقميمية والجماعية مف ناحية أخرى ،عمى اعتبار أف لكؿ نوع مف ىذه
المرافؽ طريقة في اإلنشاء .
يعود االختصاص في إنشاء المرافؽ العامة (الفرع االوؿ) إلى الجيات التي حددىا الدستور
والقانوف ،والتي تكوف مؤىمة في نفس الوقت لالضطالع بميمة تنظيميا ،والغاءىا (الفرع الثاني ).
لتوضيح كيفية إنشاء المرافؽ العامة بالمغرب ،يتعيف التمييز بيف المرافؽ العامة الوطنية
والجيوية (الفقرة األولى) مف ناحية والمرافؽ العامة اإلقميمية والجماعية مف ناحية أخرى (الفقرة الثانية)،
عمى اعتبار أف لكؿ نوع مف ىذه المرافؽ طريقتو في اإلنشاء .
40
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
مف اجؿ تسييؿ تسمسؿ المعمومات اقترحنا جمع المرافؽ العامة الوطنية والجيوية ضمف فقرة
واحدة .
المبدأ العاـ المسمـ بو ىو أف إنشاء المرافؽ العامة يكوف بقانوف أو بناء عمى قانوف ويترتب
عف ىذا الوضع القانوني ،استبعادا ما يسمى بالمرافؽ العامة الفعمية ،أو الواقعية أو االفتراضية مف
دائرة المرافؽ الذي يتدخؿ المشرع في إنشائيا حيث يتـ إحداثيا بواسطة األفراد بعد أخذ تصريح مف
اإلدارة ،مقابؿ أف تقيده ببعض الشروط التي تراىا ضرورية لتحقيؽ المصمحة العامة ،ويمكنيا أف توقؼ
نشاطيا إذا الحظت أنو مرىؽ لالقتصاد الوطني ويمكف مساءلة اإلدارة عف األضرار التي تنتج مف
جراء القياـ بيذا النشاط .
ويعرؼ المرفؽ العاـ الفعمي عبارة عف مشروع فردي يستيدؼ إشباع مصمحة عامة شريطة أف
يكوف النشاط المدار مما ال يمكف ممارستو إال بتصريح سابؽ مف اإلدارة ،مثاؿ الصيدليات ،سيارة
األجرة مدارس التعميـ الحر .
في فرنسا أصبح إنشاء المرافؽ العامة الوطنية منذ دستور 2:69تابعا بمقتضى المادة 48
مف الدستور لمسمطة التنظيمية باستثناء المرافؽ التي تمثؿ مساسا بالضمانات األساسية لمحريات
العامة ،كإنشاء مرفؽ يتمتع باالحتكار أو تأميـ مؤسسة خاصة أو خوصصة ممتمكات القطاع العاـ،
يعود االختصاص فييا إلى السمطة التشريعية بمقتضى المادة 45مف الدستور التي تجعؿ البرلماف
مشرعا استثنائيا ،ويؤكد الفقيو جيز ىذا الموقؼ بقولو إف البرلماف ىو الذي ينبغي أف يضطمع وحده في
األمور التي تناؿ مف حقوؽ وحريات األفراد .
في المغرب ،قبؿ عيد الدساتير ،كاف إنشاء المرافؽ العامة ،مف اختصاص السمطة التشريعية
الممارسة مف طرؼ الممؾ الممثؿ األسمى لألمة بحكـ تجمع السمط وىكذا أنشئت معظـ المرافؽ العامة
بمقتضى ظيائر نظ ار لتمتعيا بامتيازات السمطة العامة وأف إحداثيا يتناقض مع حؽ الممكية الخاصة،
غير أف بعض المرافؽ العامة التي ليا مساس بسمطة الممؾ الدنية كانت تفوض لموزراء ،ألف الممؾ ال
41
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
يستطيع التدخؿ في تمؾ المجاالت العتبارات إسالمية ،وىكذا فقد أنشئ مكتب الخمور والكحوؿ
بمقتضى القرار الوزاري المؤرخ في 27يوليو . 2:49
وبعد مجيء عيد الدساتير لـ يدرج دستور 2:73و 2:81إنشاء المرافؽ العامة ضمف الفصؿ
59المخصص لمجاؿ القانوف ،وقد افترض بعض الفقياء بأف ىذا االختصاص يعود لممشرع نظ ار
لدستورية حؽ الممكية الخاصة وما يتبعيا مف حرية التجارة والصناعة المنصوص عمييا في الباب
األوؿ مف الدستور المتعمؽ بالمبادئ العامة .
دستور 2:83تدارؾ األمر عندما جعؿ إنشاء المؤسسات العمومية الوطنية ،خوصصتيا،
وتأميـ المنشآت الخاصة ،مف اختصاص السمطة التشريعية بمقتضى الفصؿ 56مف الدستور ،وأكدت
الغرفة اإلدارية لممجمس األعمى في قرار صادر في 31دجنبر 2:89عمى أف السمطة التشريعية ىي
السمطة المختصة إلنشاء المؤسسات العمومية. 44
الدستور المراجع لسنة 2::3لـ يأت جديد في ىذا المجاؿ جاعال البرلماف مشرعا عاديا
والحكومة مشرعا استثنائيا ،حيث يمكف ليذه األخيرة أف تصدر خالؿ الفترة الفاصمة بيف الدورات
وبارتفاؽ مع المجاف التي يعنييا األمر في مجمس النواب مراسـ قوانيف يجب عرضيا بقصد المصادقة
عمييا أثناء الدورة العادية التالية لمجمس النواب .
الفصل 78من دستور فـاتح يوليوز 1088منح االختصاص لمبرلماف المكوف مف مجمسيف:
مجمس النواب ومجمس المستشاريف ،بالتشريع في إحداث المؤسسات العمومية ،تأميـ المنشآت ونقميا
مف القطاع العاـ إلى القطاع الخاص .
الدستور الجديد خوؿ مجمس النواب وكذا مجمس المستشاريف سمطات سياسية وتشريعية ىامة،
عمى مستوى التشريع فإف مجمس المستشاريف لو الصالحية في اقتراح قوانيف في التصويت عمى
القانوف ،وقانوف األذف ،والقانوف المالي والقوانيف اإلطار ،والمصادقة عمى مراسيـ القوانيف التي تصدر
الحكومة خالؿ الفترة الفاصمة بيف الدورات .
44
-محمد كرامً :القانون اإلداري ،مطبعة النجاح الجدٌدة الدار البٌضاء ،الطبعة الثانٌة .1005ص .190
42
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
في ظؿ التقسيـ الجيوي المحدث بظيير 27يونيو 2:82والقائـ عمى أساس اقتصادي ،لـ
تكف الجيات تتمتع بالشخصية المعنوية ،مع عدـ توفرىا عمى أجيزة تنفيذية وتقريرية ،لذلؾ فإف إنشاء
المرافؽ العامة الجيوية أنذاؾ بقي داخال في نطاؽ اختصاصات السمطة التنظيمية ،دوف المؤسسات
العمومية ذات الصبغة الجيوية والمتمتعة بالشخصية المعنوية التي يختص بإحداثيا البرلماف بقوانيف
طبقا لممادة 82مف دستور فاتح يوليوز .
وبعد االرتقاء بالجية إلى مستوى جماعة محمية تتمتع باالستقالؿ اإلداري والمالي ،وبموجب
المادة السابعة مف قانوف 58.:7المتعمؽ بالتنظيـ الجيوي ،45فإف المجمس الجيوي بات بإمكانو البت
في شأف مساىمة الجية في مقاوالت االقتصاد المختمط ذات الفائدة الجيوية أو المشتركة بيف الجيات،
كما يختص كذلؾ بإقامة مناطؽ صناعية ومناطؽ لألنشطة االقتصادية ،وبمقتضى المادة التاسعة وفي
إطار االختصاصات االستشارية لممجس الجيوي ،يمكف ليذا األخير أف يقترح إحداث المرافؽ العامة
الجيوية وطرؽ تنظيميا وتدبير شؤونيا وخاصة عف طريؽ الوكالة المباشرة أو الوكالة المستقمة واما
عف طريؽ االمتياز .
سنتطرؽ مف خالؿ ىذه الفقرة الى مف خوليـ القانوف حؽ انشاء المرافؽ العامة االقميمية
والجماعية .
يمارس مجمس العمالة أو اإلقميـ اختصاصات أساسية فيما يخص إنشاء المرافؽ العامة
اإلقميمية ،إذ بموجب المادة 47مف القانوف 8:.11المتعمؽ بتنظيـ العماالت واألقاليـ ،46فإف مجمس
45
-القانون رقم 17.96المتعلق بالتنظٌم الجهوي ،الصادر بتنفٌذه الظهٌر الشرٌف رقم 1.97.84بتارٌخ 1أبرٌل 8997
46
-القانون رقم 79.00المتعلق بتنظٌم العماالت واألقالٌم ،الصادر بتنفٌذه الظهٌر الشرٌف رقم 8.01.169بتارٌخ 5أكتوبر .1001
43
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
العمالة أو اإلقميـ ىو الذي يقرر في إحداث المرافؽ العمومية لمعمالة أو اإلقميـ وتحديد طرؽ تدبيرىا،
كما يبت في شأف إحداث مقاوالت وشركات االقتصاد المختمط ذات الفائدة لمعمالة أو اإلقميـ أو
المساىمة فييا ،وفي إحداث المرفؽ العمومي لمنقؿ بيف الجماعات ويحدد طرؽ تدبيره ،فضال عف ذلؾ
يبت مجمس العمالة أو اإلقميـ في إبراـ كؿ اتفاقية لمتعاوف أو الشراكة الرامية إلى إنعاش التنمية
االقتصادية واالجتماعية ويحدد الشروط إلنجاز األعماؿ التي تنفذىا العمالة أو اإلقميـ بتعاوف أو
بشراكة مع اإلدارات العمومية والجماعات المحمية والييئات العمومية أو الخاصة والفاعميف االجتماعييف
.
إف المبدأ العاـ ىو أف المجالس الجماعية تتمتع بسمطة تقديرية في إحداث المرافؽ العامة
الجماعية ،عندما تظير حاجات عامة محمية يتعيف تمبيتيا مع عجز المبادرة الخاصة عف القياـ بذلؾ،
ىكذا وطبقا لممادة 4:مف قانوف 89.11المتعمؽ بالتنظيـ الجماعي ،47يقرر المجمس الجماعي إحداث
وتدبير المرافؽ العمومية الجماعية خاصة في القطاعات التالية :
-جمع الفضالت المنزلية والنفايات المشابية ونقميا وايداعيا بالمطر العمومي ومعالجتيا .
47
-القانون رقم 78.00المتعلق بالتنظٌم الجماعً كما تم تعدٌله وتتمٌمه بموجب القانون رقم 87.08والصادر فً 88فبراٌر .1009
44
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
في طرؽ تدبير المرافؽ العمومية الجماعية عف طريؽ الوكالة المباشرة ويقرر المجمس
والوكالة المستقمة واالمتياز وكؿ طريقة أخرى مف طرؽ التدبير المفوض لممرافؽ العمومية طبقا لمقوانيف
واألنظمة المعموؿ بيا ،وبالنظر لألىمية التي تكتسييا المرافؽ العامة الجماعية فقد أضحى المجمس
الجماعي طبقا لمقانوف رقـ 28.19يحدث ضمف لجانو الدائمة لجنة مكمفة بالمرافؽ العمومية بالنسبة
لمجماعات التي يفوؽ عدد أعضاء مجمسيا 46عضوا ،ولجنة مكمفة بالتعمير واعداد التراب والبيئة
والمرافؽ العمومية بالنسبة لمجماعات التي يتراوح عدد أعضاء مجمسيا بيف 36و 46عضوا. 48
بصدد إلغاء المرافؽ العامة تثور مشكمة متعمقة باالختصاص ،حيث أف القاعدة العامة تقر أف
السمطة المختصة باإلنشاء ىي التي تممؾ اإللغاء( ،الفقرة األولى) تـ التطرؽ الى ما يعرؼ المرفؽ
الفعمي أو الحكمي أو الواقعي( الفقرة الثانية) .
يعتبر إلغاء المرافؽ العامة أم ار تقديريا لمسمطة العامة ،ويقصد بو وضع حد نيائي لنشاط
المرفؽ العاـ إما بسحب الشخصية المعنوية مف الشخص المعنوي المستقؿ واما بتفويتو إلى الخواص
سواء عف طريؽ الخوصصة أو التدبير المفوض ،واما يحذفو نيائيا .
48
-القانون رقم 78.00المتعلق بالتنظٌم الجماعً كما تم تعدٌله وتتمٌمه بموجب القانون رقم 87.08والصادر فً 88فبراٌر .1009
45
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
ويقصد بإلغاء المرافؽ العامة إنياء نشاطيا ووضع حد لو ،وكقاعدة عامة فإف السمطة العامة
التي تممؾ حؽ إنشاء المرافؽ العامة تممؾ حؽ إلغائيا متى رأت أف وجودىا لـ يعد ضروريا ،ويكوف
اإللغاء بنفس الوسيمة المتبعة في اإلنشاء تبعا "لمبدأ توازي الشكميات Le Parallélisme des
" formesفإذا كاف المرفؽ العاـ قد أنشئ بقانوف ،فإف إلغاؤه يكوف بقانوف أو بناء عمى قانوف اي
بموجب تفويض مف المشرع أما إذا كاف اإلنشاء بغير قانوف ،فإف اإللغاء يكوف بنفس الطريقة المتبعة
في اإلنشاء. 49
المرفؽ الفعمي أو الحكمي أو الواقعي ىو "كؿ مشروع فردي يستيدؼ أداء خدمة عامة ،ولو
قدر مف األىمية ،بشرط أال يكوف مزاولة ىذا النشاط إال بعد الحصوؿ عمى تصريح سابؽ مف اإلدارة"
.
فيذه المرافؽ العامة ال تنشئيا الدولة بؿ يتـ إنشاؤىا مف قبؿ األفراد بناء عمى ترخيص مف
اإلدارة ،بشرط أف يستيدؼ نشاطيا تحقيؽ النفع العاـ ،ولقد اعترؼ مجمس الدولة الفرنسي بيذا النوع
نظر لما تكتسيو مف أىمية حيث تقدـ خدمات أساسية لفائدة الجميور ،وىناؾ مجموعة
مف المرافؽ ،ا
مف اآلثار المترتبة عمى قياـ ىذا النوع مف المرافؽ ومنيا :
-لإلدارة أف تشترط ما تراه ألداء الخدمة العامة عمى أحسف وجو ،كما ليا الحؽ في تحديد مقابؿ
االنتفاع مف الخدمة العامة ،الذي يتمقاه الفرد المزاوؿ لمنشاط مف المنتفعيف .
-لإلدارة الحؽ في إنياء نشاط المرفؽ ،إذ ما قدرت أف اعتبارات المصمحة العامة تقتضي ذلؾ .
-تحمؿ اإلدارة لممسؤولية عف األض ارر التي يمحقيا المرفؽ بالغير ،مما يترتب عنو أداء التعويض عف
تمؾ األضرار مف لدف اإلدارة التي منحت الترخيص .
49
-للمزٌد من التفاصٌل ٌرجع فً هذا الشؤن :أحمد بوعشٌق ،المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ،مرجع سابق ،
ص . 86
46
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
ولقد انتقد غالبية الفقياء ىذا النوع مف المرافؽ ،عمى اعتبار أنيا فكرة تحكمية تؤدي باإلدارة
إلى االعتداء عمى حرية العمؿ ،ولكوف اإلدارة تمنح تراخيص إلنشاء ىذا النوع مف المرافؽ في حيف أف
المشرع لـ يمنحيا حؽ القياـ بذلؾ ،كما أف أداء اإلدارة لمتعويضات بسبب األضرار التي تسببيا تمؾ
المرافؽ لمغير يكمؼ الخزينة العامة لمدولة. 50
ال جداؿ أف تعدد أنواع المرافؽ العمومية يؤدي حتما إلى اختالؼ األساليب المتبعة في
تدبيرىا ،والتي تأخذ بعيف االعتبار طبيعة ونوع النشاط الذي يؤديو المرفؽ ،فيناؾ مف المرافؽ التي
تقتضي تدخؿ الدولة لإلشراؼ بنفسيا مباشرة عمى تسييرىا بأمواؿ عامة وموظفيف عمومييف ،وبالتالي
ال تترؾ لمخواص ألنيا تمس الدولة في كيانيا ،وىذا ىو حاؿ المرافؽ التي تيـ مجاالت األمف والدفاع
والقضاء (الفرع األوؿ) ،وىناؾ مف المرافؽ التي تحتاج في تدبيرىا إلى أساليب أكثر مرونة مف
األساليب المتبعة في تدبير المرافؽ العمومية اإلدارية ،51تتالءـ مع طبيعة الخدمات التي تؤدييا إلى
المواطنيف ،وىذا ىو حاؿ المرافؽ العمومية االقتصادية التي يتـ تدبيرىا ،إما مف لدف أحد األشخاص
المعنوية الذي يتولى إدارة المرفؽ باستقالؿ إداري ومالي غير مطمؽ عف الدولة ،واما مف لدف الخواص
الذيف تعيد إلييـ الدولة بتسيير أحد المرافؽ العمومية تحت إشرافيا عبر إبراـ عقود إدارية معيـ كعقد
االمتياز أو االلتزاـ أو عقد التدبير المفوض (الفرع الثاني) .
50
-للمزٌد من التفاصٌل ٌرجع فً هذا الشؤن :إبراهٌم كومغار :المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث ،مرجع سابق ،ص .66
51
-محمد كرامً :القانون اإلداري ،مرجع سابق ،ص .191
47
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
يظير تسيير المرافؽ العمومية بأساليب التدبير العامة ،حينما تتدخؿ الدولة أحد أشخاص
القانوف العاـ األخرى لتدبير المرفؽ العمومي بشكؿ مباشر بواسطة أمواليا ،واعتمادا عمى امتيازات
السمطة العامة باستخداـ طريقة االستغالؿ المباشر والتدبير المستقؿ ،وقد تكتفي بسمطة الوصاية وتمنح
ىيئة عامة سمطة التدبير وىو ما يعرؼ بالمؤسسة العامة أو بطريقة مستقمة كما ىو الحاؿ بالنسبة
لتدبير مرافؽ الدولة بصورة مستقمة .
سنتطرؽ الى طريقة التدبير المرافؽ العمومية باالستغالؿ المباشر او ما يعرؼ بالوكالة
المباشرة و تدبير مرافؽ الدولة بصورة مستقمة .
يقصد باالستغالؿ المباشر قياـ الدولة أو إحدى السمطات اإلدارية المحمية بتدبير المرفؽ
العمومي بنفسيا مباشرة بوسائميا المالية والبشرية وباستخداـ وسائؿ وامتيازات القانوف العاـ ،مع تحمميا
لممسؤوليات ولممخاطر المترتبة عف تدبير ذلؾ المرفؽ ،وأسموب االستغالؿ المباشر ىو األسموب
المعتمد في تدبير المرافؽ العمومية التقميدية التي يقدـ عمييا الخواص ،مثؿ مرافؽ الدفاع ،األمف
والقضاء ...ويعتمد ىذا األسموب كذلؾ مف لدف الجماعات المحمية كمرافؽ الحالة المدنية ،تدبير
النفايات واإلنارة العمومية ،52...ويالحظ بذلؾ أف ىذه الطريقة تسير بيا الدولة أو الجماعات المحمية
المرفؽ العمومي مباشرة ،دوف أف يتوسط بينيا وبيف المرفؽ ىيئة مستقمة ،ىكذا يبقى العامموف في
المرفؽ المسير بأسموب اإلدارة المباشرة مف الموظفيف العمومييف وأموالو مف األمواؿ العامة التي
تخضع لمقواعد التي تحكـ ميزانية الدولة ،وق ارراتو مف الق اررات اإلدارية ،وتمجأ السمطات اإلدارية
المركزية إلى تدبير المرافؽ العمومية اإلدارية بيذا األسموب. 53
52
-محمد األعراج ،القانون االداري المغربً الجزء األول ،مرجع سابق ،ص . 517
53
ٌ -رجع ذلك الى االعتبارات التالٌة :
* عدم قٌام الخواص بتدبٌر المرافق المسٌرة بهذا االسلوب ،ألنها مرافق مرتبطة اساسا بكٌان الدولة وال ٌمكن تركها للخواص ،
الذٌن هم اٌضا ال ٌقبلون علٌها الن نشاطها ال ٌحقق ارباحا ومكاسب مادٌة لهم.
48
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وال ينحصر أسموب االستغالؿ المباشر أو اإلدارة المباشرة في تدبير المرافؽ العمومية اإلدارية،
بؿ قد يستخدـ حتى في تدبير المرافؽ العمومية الصناعية أو التجارية التي تخضع وفقا ليذا األسموب
لقواعد القانوف العاـ مف حيث ىيكميا وتسييرىا ،ورغـ أف ىذا النوع مف المرافؽ ينفر عادة مف ىذا
األسموب لما يترتب عميو مف سمبيات تكمف في تعقيد اإلجراءات والبطء والروتيف تؤثر عمى نشاط ىذه
المرافؽ التي تحتاج إلى تمكينيا مف الحرية والمرونة لضماف تطورىا وازدىارىا ،رغـ أف التدبير
المباشر لممرافؽ العمومية الصناعية والتجارية يؤدي إلى خضوعيا لقواعد القانوف اإلداري فإف ذلؾ ال
يبعد تطبيؽ قواعد القانوف الخاص السيما فيما يخص عالقات تمؾ المرافؽ مع المنتفعيف. 54
يمكف أيضا استخداـ أسموب االستغالؿ المباشر في تدبير المرافؽ المحمية ،حيث لجأت إليو
المجالس الجماعية في دوؿ كثيرة وبالخصوص فرنسا منذ أواخر القرف الماضي ،حيث بدأت تتغمغؿ
في تدخميا في مختمؼ نواحي الحياة االقتصادية ،رغـ أف القاعدة العامة التي أقرىا القضاء اإلداري
الفرنسي ،ىي عدـ جواز قياـ البمديات بإنشاء وادارة المرافؽ العامة التجارية والصناعية بيذا األسموب،
معمال ذلؾ باألسباب التالية: 55
-تأثير ذلؾ عمى المنافسة ،ألف الخواص بوسائميـ المحدودة قد ال يستطيعوف منافسة الجماعات
المحمية .
-األضرار التي قد تمحؽ المشروعات الخاصة ،السيما بالنسبة لألسعار التي قد تخفضيا الجماعات
المحمية فيما يخص الخدمات التي تقدميا ،ألف ليا وسائؿ أخرى كالرسوـ والضرائب لتدارؾ الفرؽ...
* المرافق العمومٌة المسٌرة بهذا االسلوب ٌ ،حسن تدبٌرها بوسائل القانون العام واسالٌب الشرطة اإلدارٌة ،وبذلك تترك للتدبٌر
المباشر من لدن االدارة .
*عجز الخواص عن تدبٌر بعض المرافق العمومٌة اإلدارٌة ،النها تحتاج الى أجهزة ادارٌة ضخمة ووسائل مالٌة كبٌرة.
54
-ان ما ٌعاب على استخدام هذا االسلوب فً فً تدبٌر المرافق العمومٌة االقتصادٌة ،انه ٌخضع هذا األخٌرة لكثٌر من القواعد القانونٌة
التً تحد من نشاطها ،كما ٌلتزم موظفو هذه المرافق الى باتباع اال سالٌب و األجراءات االدارٌة الروتٌنة وٌبتعدون عن التجدٌد او ابتداع
حلول اخرى خشٌة تعرضهم للمساءلة ،كما أن خضوعهم لإلجراءات المشددة فً االنفاق المالً ٌعوق هذه المرافق عن التقدم والتطور ـ
مما ٌدفع أغلب الدول إلى اعتماد أسالٌب اخرى للتدبٌر المرفقً .لتفصٌل ف ً الموضوع انظر :كرٌم لحرش ،القانون االداري المغربً
،مرجع سابق.
55
-محمد األعراج :القانون االداري المغربً الجزء األول ،مرجع سابق .ص . 517
49
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
-تدخؿ الجماعات في تدبير المرافؽ التجارية أو الصناعية يتناقض مع قاعدة التخصص ،ألف
اختصاص الجماعات ىو ممارسة السمطات اإلدارية وليس مف حقيا ممارسة النشاط التجاري أو
الصناعي...
ورغـ ذلؾ فإف مجمس الدولة الفرنسي ،أجاز لممجالس الجماعية التدخؿ في المجاالت
االقتصادية ،في حاالت معيف بحيث إذا كانت ىناؾ ظروؼ استثنائية أو إذا كانت القوانيف تسمح
بذلؾ ،أو إذا كاف ذلؾ مف أجؿ إدارة مرفؽ قصد أداء خدمة أفضؿ أو إذا كاف ذلؾ لمواجية الغالء
الفاحش أو إذا كاف ذلؾ لغرض ثقافي .
تعبر مرافؽ الدولة المسيرة بصورة مستقمة عمى المصالح التي ال تتمتع بالشخصية المعنوية
وتتوفر عمى ميزانية مستقمة يتـ العمؿ بيا خارج إطار الميزانية العامة لمدولة ،وعمى الرغـ مف
المعطيات التي جاء بيا المرسوـ الممكي المتعمؽ بنظاـ المحاسبة العمومية لتحديد مدلوؿ ىذه المرافؽ،
إال أنو لـ يتمكف مف حسف األمر فيما يخص اإلبياـ والغموض المرتبط بيا ،السيما وأنيا تظؿ في
منزلة وسطى بيف المرافؽ التي تدار بأسموب اإلدارة بأسموب المؤسسة العمومية وال يمكف إدراجيا
ضمف أحد ىاتيف األسموبيف 56إال أف القانوف التنظيمي رقـ 25.11القاضي بتغيير وتتميـ القانوف
التنظيمي رقـ 8.:9لقانوف المالية ،عمؿ عمى تحديد مفيوميا بدقة في كؿ مصالح الدولة غير
المتمتعة بالشخصية المعنوية والتي تغطي بموارد ذاتية بعض نفقاتيا غير المتقطعة مف االعتمادات
المقيدة في الميزانية العامة ،ويجب أف ييدؼ نشاط المصالح المذكورة أساسا إلى إنتاج سمع وتقديـ
خدمات مقابؿ أجر .
56
ٌ -وسف تلهٌمت ،مدخل لدراسة مرافق الدولة المسٌرة بصورة مستقلة ،REMALD ،سلسلة مواضٌع الساعة ،عدد ، 1001 ، 53
ص .816
50
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
ويمكف التأكيد عمى أف مرافؽ الدولة المسيرة بصورة مستقمة تتميز بالعديد مف الخصائص
يمكف أف نجمميا في العناصر التالية :
-تحدث مرافؽ الدولة المسيرة بصورة مستقمة بموجب المادة 27مكررة بمقتضى قانوف المالية الذي
تقدر فيو مداخيميا ويحدد بو المبمغ األقصى لمنفقات التي يمكف اقتطاعيا مف ميزانيتيا .
-تمغى مرافؽ الدولة المسيرة بصورة مستقمة بموجب قانوف المالية ،حيث نصت الفقرة السابعة مف
المادة 27المكررة مرتيف عمى أنو" :يدرج في باب المداخيؿ بالميزانية العامة رصيد مرافؽ الدولة
المسيرة بصورة مستقمة والمحذوفة بموجب قانوف المالية.57
-عدـ تمتع مرافؽ الدولة المسيرة بصورة مستقمة بالشخصية المعنوية ،وىو ما يعني أنيا تظؿ تابعة
لمدولة وتخضع بالتالي لمسمطة الرئاسية لموزير المعني بالقطاع الذي تتبع لو تمؾ المرافؽ ،إال أنيا تبقى
محتفظة باستقالليا شبو المطمؽ السيما وأف المسؤوؿ اإلداري فيما يعيف آم ار بالصرؼ بمرسوـ يتخذه
الوزير األوؿ ،أو آم ار بالصرؼ مساعدا بقرار يؤشر عميو وزير المالية .
-تمتع مرافؽ الدولة المسيرة بصورة مستقمة باستقالؿ مالي جزئي يتجسد في تغطية بعض نفقاتيا،
غير المقتطعة مف االعتمادات المقيدة في الميزانية العامة لمدولة بموارد ذاتية ،كما استثنيت ىذه
المرافؽ مف قاعدة عدـ تخصيص إيرادات لوجو مف أوجو االتفاؽ ،والذي يكمف تبريره بالميمة الخاصة
التي تضطمع بيا ىذه المرافؽ والمتمثمة أساسا في إنتاج وتقديـ خدمات مقابؿ دفع أجر عالوة عمى
تحقيؽ عجز الميزانيات. 58
-تشكؿ مرافؽ الدولة المسيرة بصورة مستقمة تطو ار نوعيا ألسموب اإلدارة المباشرة أو االستغالؿ
المباشر ،ألنيا جسدت التطور الممموس لمتمركز اإلداري المتمثؿ في تعزيز وتطوير استقاللية تدبير
بعض المرافؽ التي تمبي عف قرب حاجيات أساسية لمسكاف عمى الصعيد المحمي .
57
-القانون التنظٌمً لقانون المالٌة رقم ، 81.00الصادر بتنفٌذه الظهٌر الشرٌف رقم 8-98-858صادر فً 7شعبان 26 (8189
نوفمبر .)8998
58
-كرٌم لحرش ،القانون االداري المغربً ،مرجع سابق ،ص . 587
51
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وعمى أساس ىذه العناصر ،يمكننا اإلقرار إلى أف اعتماد ىذا األسموب في تدبير المرافؽ
العمومية يتـ عف الرغبة األكيدة في تحسيف المرفؽ العمومي وتحديثو ،في اتجاه تحقيؽ الفاعمية
اإلدارية والمردودية والمالية مف ناحية ،وتعزيز ولوج الخدمات ودعـ البنيات التحتية األساسية وانعاش
االستثمار والتشغيؿ محميا تحقيقا لمتنمية االقتصادية واالجتماعية مف ناحية أخرى ،لذلؾ تعددت
وتنوعت أنشطتيا التي شممت مجموعة مف المجاالت يمكف أف نمخصيا في الجدوؿ التالي :
النماذج المجاؿ
-معاىد التكنولوجيا الفندقية والسياحية التابعة لمو ازرة المكمفة بالسياحة المجاؿ
52
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
-قسـ التعاوف بو ازرة التربية الوطنية والتعميـ العالي وتكويف األطر والتعميمي
والبحث العممي
-مديرية المراقبة والدراسات والتنسيؽ التابعة لكتابة الدولة المكمفة بالبيئة المجاؿ البيئي
53
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
يعد أسموب المؤسسة العمومية مف األساليب الفاعمة في تدبير المرافؽ العمومية لما ينطوي
عميو مف مرونة كبيرة في تسيير النشاط المرفقي ،ولما يترتب عميو مف نتائج مالية في االستغالؿ،
باعتباره األسموب األنسب في إدارة المرافؽ العمومية الصناعية أو التجارية ،لذلؾ عرؼ انتشا ار
ممحوظا في العديد مف دوؿ العالـ بالنظر لفوائده الكثيرة ومردوديتو المالية ،ىكذا اعتمده المغرب في
تدبير الكثير مف المرافؽ العمومية التي كانت تسير بأسموب االستغالؿ المباشر ،حيث ظيرت عدة
أنواع مف المؤسسات العمومية في مختمؼ القطاعات اإلدارية والتجارية والصناعية والمالية والعممية
واالجتماعية ،عمى شكؿ مكاتب وم اركز وصناديؽ وطنية ووكاالت مستقمة .
وعميو تعتبر المؤسسة العمومية إحدى األدوات التي تسعى الدولة مف خالليا إلى تخفيؼ لعبئ
عف اإلدارة المركزية ،مف يمنح بعض المرافؽ صفة المؤسسة العمومية ذلؾ أف المشرع لـ يمنح تعريؼ
محدد ليذه األخيرة ،فاتحا المجاؿ لفقياء القانوف اإلداري الذي قدموا تعاريؼ متعددة تتفؽ في الجوىر
واألسس العامة ،لكنيا تختمؼ في مسائؿ ثانوية وعرضية ،59حيث اعتبر جانب مف الفقو المؤسسة
العمومية مرفؽ عمومي منح الشخصية المعنوية لتمكينو مف االستقالؿ في إدارتو وذمتو المالية عف
السمطة اإلدارية التي تبعيا ،مع خضوعو إلشراؼ ىذه السمطة ورقابتيا ،60ويعرفيا البعض اآلخر عمى
أنيا مرفؽ عمومي يدار عف طريؽ منظمة عمومية ويتمتع بالشخصية المعنوية .
مما ال شؾ فيو أف امتداد نشاط المؤسسات العمومية أدى إلى تعدد أصنافيا ،فيي تصنؼ مف
حيث النطاؽ اإلقميمي إلى مؤسسات عامة وطنية تؤدي نشاطيا عمى الصعيد الوطني كما ىو الحاؿ
بالنسبة لمختمؼ المكاتب والصناديؽ الوطنية التجارية والصناعية والمالية ،والى مؤسسات عامة محمية
تؤدي نشاطيا عمى الصعيد المحمي كالوكاالت المستقمة لتوزيع الماء والكيرباء ،كما تصنؼ تبعا
لطبيعة نشاطيا إلى مؤسسات عامة إدارية تدير مرافؽ عامة ذات طبيعة إدارية والى مؤسسات عامة
اقتصادية تقوـ بأنشطة تجارية وصناعية. 61
59
-كرٌم لحرش ،القانون االداري المغربً ،منشورات سلسلة الال مركزٌة واإلدارة المحلٌة ،عدد مزدوج 81و ، 83الطبعة الثانٌة
، 1081ص 588
60 - Michel Rousset, Jean Garagnon : Droit administratif, Marocain, Editions la porte, 6 ème édition ,
2003 , P 342.
61
-مروان محًٌ الدٌن القطب :طرق خصخصة المرافق العامة ،منشورات الحلبً الحقوقٌة الطبعة األولى ،1009ص .68
54
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
مف خالؿ ما سبؽ يكوف مف الجزـ عمينا التطرؽ الى خصائص المؤسسة العمومية ،والتعرؼ
الى إدارة المؤسسة العامة .
ويترتب عمى ذلؾ استقالؿ المؤسسة مف الناحية المالية واإلدارية ،فمكؿ مؤسسة عامة أنظمتيا
اإلدارية والمالية ،كما ليا ميزانية مستقمة عف ميزاف الدولة ،فتستقؿ بإيراداتيا ونفقاتيا ،62كما ليا حؽ
التقاضي وأىمية التعاقد وتتحمؿ المسؤولية عف أعماليا وتصرفاتيا .ويستقؿ موظفوىا عف غيرىـ مف
موظفي الدولة ،بحيث يجوز أف توضع ليـ أنظمة خاصة بيـ تختمؼ عف األنظمة المتبعة بالنسبة
لبقية موظفي الدولة ،إضافة إلى تمتعيا بامتياز السمطة العامة. 63
تخضع المؤسسات العامة لموصاية مف طرؼ الجية التي أنشأتيا ،شأنيا في ذلؾ شأف باقي
األشخاص العامة األخرى وذلؾ بيدؼ التأكد مف عدـ خروجيا عف القواعد والضوابط المحددة ليا
بواسطة قانونيا األساسي أو القوانيف ذات الصمة بو .وتتجمى ىذه الوصاية في خضوع بعض مقررات
مجمس إدارة المؤسسة العامة لتصديؽ سمطة الوصاية ،واشراؾ مفوض الحكومة كممثؿ لسمطة الوصاية
في مجمس إدارة المؤسسة العامة ،إضافة إلى الرقابة المالية التي تمارسيا وزارة المالية والمجمس
األعمى لمقضاء .
الخضوع لمبدأ التخصص :والذي يعني تحديد ميمة المؤسسة العامة عند إنشائيا ػ وحصر
اختصاصيا ضمف نطاؽ ىذه الميمة ،بحيث ال يحؽ لممؤسسة القياـ بنشاط خارج ىذا النطاؽ .إال أف
ىناؾ بعض االستثناءات لممؤسسات العامة االقتصادية ػ والتي تستطيع ممارسة أنشطة أخرى غير
62
-مٌشٌل روسً ،القانون اإلداري المغربً ،مرجع سابق ،ص 880و . 131
63
-إبراهٌم كومغار :المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث ،ص . 883
55
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
نشاطيا الرئيسي ،شرط أف يكوف ىذا النشاط مكمال لمنشاط التجاري أو التقني لممؤسسة وأف ييدؼ إلى
تحقيؽ المصمحة العامة ويكوف لو فائدة مباشرة. 64
-مجمس اإلدارة :السمطة التقريرية ،وىو السمطة العميا المييمنة عمى شؤوف المؤسسة العامة ،وىو
صاحب االختصاص في اتخاذ الق اررات المتعمقة بمختمؼ شؤوف المؤسسة بيدؼ تحقيؽ الغاية مف
إنشائيا وحسف سير العمؿ فييا ،وذلؾ ضمف حدود القوانيف واألنظمة النافدة ،وفي جميع الحاالت ،فإف
طريقة تشكيؿ المجالس اإلدارية بالمؤسسات العمومية يتـ التنصيص عمييا في قانوف إنشائيا ،ويتـ
تعييف أعضاء المجمس اإلداري مف طرؼ السمطة الوصية مع مراعاة اقتراح الييئات المعنية.
-المدير :يعيف بظيير باقتراح سمطة الوصاية ،وىو السمطة التنفيذية ،إذ يؤمف اإلدارة اليومية
لممؤسسة ،وينفذ ق اررات مجمس اإلدارة والموازنة العامة ،ويأمر بصرؼ النفقات وقبض اإليرادات ،ويمثؿ
المؤسسة أماـ المحاكـ ويبرـ العقود ويعيف الموظفيف( .ويمكف الجمع بيف صفتيف المدير ورئيس مجمس
اإلدارة) .ورغـ أف سمطات المدير تكوف محددة بالقانوف المنشئ لممؤسسة ،فإف عدـ اجتماع المجمس
اإلداري إال ناد ار يجعمو يتمتع بحرية أكبر في تسيير المؤسسة وتدبير شؤونيا مما يجعؿ نجاح
المؤسسة مرىونا في غالب األحياف بشخصو ومدى كفاءتو. 65
-المجنة التقنية :تتولى إنجاز المياـ التي يعيد بيا إلييا المجمس اإلداري لممؤسسة ،خاصة في الفترة
بيف دورات ىذا األخير ،وغالبا ما تكوف مشكمة مف عدد محدود مف األعضاء الذيف ينتموف في ذات
الوقت لممجمس ،وتجتمع كمما دعت الضرورة لذلؾ أو في فترات دورية يتولى قانوف المؤسسة تحديدىا.
أما رئاستيا فتعود في الغالب األعـ لمو ازرة الوصية أو المدير.
وتجدر اإلشارة في األخير إلى أنو يمكف تصنيؼ المؤسسات العامة تبعا لتخصصيا والمياـ
المنوطة بيا إلى مؤسسات اقتصادية ،عممية ،مينية ،اجتماعية ،إدارية وأخرى مختمطة (إدارية
واقتصادية) .
64
-مروان محًٌ الدٌن القطب :طرق خصخصة المرافق العامة ،مرجع سابق ،ص .65
65
-محمد نشطاوي :المرافق العامة الكبرى ،مرجع سابق ،ص.800
56
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
أكيد أف أسموب المؤسسة العمومية في تدبير المرافؽ العامة ،تضمف العديد مف المحاسف التي
مكنت المؤسسات العامة مف إبراز دورىا التنموي السيما في المجاالت التجارية والصناعية ،66بيد أف
التطبيؽ شابو العديد مف السمبيات التي حالت دوف قدرتيا عمى تحقيؽ أىدافيا .فمـ تعتمد المؤسسات
العامة أنظمة مرنة مستوحاة مف أساليب العمؿ في القطاع الخاص ،بؿ جاءت أنظمتيا نسخة معدلة
عف أنظمة اإلدارة العامة ،فاألنظمة المالية تتقارب إلى حد التطابؽ مع قانوف المحاسبة العامة ،وأنظمة
المستخدميف تكرر أحكاـ النظاـ العاـ لمموظفيف ،وأنظمة االستثمار مكبمة بالقيود والتعقيدات .
كما أف السمطة المركزية لـ تدع المؤسسات العامة تمارس استقالليا المالي واإلداري ،إذ
امتدت صالحياتيا الرقابية لتشمؿ قسما كبي ار مف ق ارراتيا ،كما شاركت في صنع القرار مف خالؿ ممثؿ
دائـ ليا في مجالس اإلدارة الذي يشارؾ في التصويت عمى ق اررات ىذه األخيرة .
ىذا عدا الفساد اإلداري الذي لـ يقتصر عمى اإلدارة المركزية ،بؿ امتد إلى المؤسسات العامة
التي عجزت عف تحقيؽ اإلنتاجية الالزمة ،وعف تأميف التوازف المالي بيف إيراداتيا ونفقاتيا ،فأصبحت
عبئا عمى المالية العامة ،ألنيا ال يمكف أف تستمر إال بدعـ مالي مف الدولة .لذلؾ ىناؾ توجو نحو
خوصصة المؤسسات العامة الصناعية والتجارية أو تحويميا إلى شركات مساىمة ممموكة كميا مف قبؿ
الدولة واخضاع جميع أعماليا ألحكاـ قانوف التجارة. 67
تحيؿ األساليب الخاصة في تدبير المرافؽ العمومية عمى تولي األشخاص الخواص ،سواء
تعمؽ األمر باألشخاص الطبيعييف أو المعنوييف ،التي غالبا ما نكتسي طابعا اقتصاديا واجتماعيا،
باالعتماد أساسا عمى وسائؿ القانوف الخاص مع االستفادة مف االمتيازات التي يتيحيا القانوف العاـ،
66
-إبراهٌم كومغار ،المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث ،مرجع سابق ،ص . 817
67
-مروان محًٌ الدٌن القطب ،طرق خصخصة المرافق العامة ،مرجع سابق ص . 61
57
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وتتخذ ىذه األساليب عدة صور تختمؼ تبعا لطبيعة عالقة اإلدارة بالمرفؽ العمومي ذو التسيير
الخاص والتي تتجمى في :
-أسموب االستغالؿ غبر المباشر أو اإلنابة ،الذي تكمؼ فيو السمطة العامة أحد الخواص بتدبير أحد
المرافؽ التابعة لياال مقابؿ حصولو عمى تعويض عف ذلؾ .
-أسموب االمتياز أو االلتزاـ الذي تقؿ فيو درجة رقابة الدولة وينفرد فيو الخواص بحؽ تمويمو وتدبيره
.
-أسموب التدبير المفوض كأسموب حديث ،توخى تفعيؿ األساليب الخاصة لتدبير المرافؽ العمومية
المحمية باالستفادة مف القدرات المالية والتنظيمية والموجستيكية المتوفرة لدى الخواص في إدارة تمؾ
المرافؽ .
-قد تختار اإلدارة إدارة المرافؽ العمومية بأسموب شركة المساىمة الخاضعة لمقانوف الخاص والتي
تمتمؾ كؿ رأسماليا والمسماة بالشركات العامة الوطنية أو التشارؾ مع الخواص في ذلؾ ،مف خالؿ
مساىمتيا في رأسماؿ شركات االقتصاد المختمط .
وسنحاوؿ دراسة مختمؼ األساليب الخاصة في تدبير المرافؽ العمومية عمى الشكؿ التالي :
يقصد بيذه الطرؽ أف يتولى األشخاص الخواص ،68سواء تعمؽ األمر باألشخاص الطبيعييف
أو المعنوييف ،تدبير المرافؽ العامة ،التي غالبا ما تكتسي طابعا اقتصاديا واجتماعيا ،باالعتماد أساسا
عمى وسائؿ القانوف الخاص مع االستفادة مف االمتيازات التي يتيحيا القانوف العاـ .وتتخذ أساليب
تدبير المرافؽ العامة مف لدف الخواص عدة صور تختمؼ تبعا لطبيعة عالقة اإلدارة بالمرفؽ العاـ ذو
التسيير الخاص .ورغـ اختالؼ وتعدد األساليب الخاصة فإنيا ال تخرج عف مبادئ المرفؽ العاـ،
السيما ما يخص تواجد الدولة واشرافيا عمى مختمؼ األنشطة المدارة بتمؾ األساليب والتي تستيدؼ
68 ème
- Michel Rousset, Jean Garagnon : Droit administratif, Marocain, Editions la porte, 6 édition , 2003 ,
P 342
58
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
تحقيؽ المنفعة العامة،وسنتطرؽ ضمف ىذه الفقرة االستغالؿ غير المباشر وشركات االقتصاد المختمط
.
يقصد باالستغالؿ غير المباشر أو اإلنابة تعيد اإلدارة بمقتضى عقد ألحد الخواص (فردا أو
شركة) بتسيير أحد المرافؽ العمومية ذات الطبيعة االقتصادية ،مع قياـ اإلدارة المتعاقدة بتوفير األمواؿ
الالزمة لسير المرافؽ واستفادتيا مف األرباح التي يحققيا وتحمميا لمخسائر المالية التي يتعرض ليا
والمسؤولية عف األضرار التي يمحقيا بالغير ،أما الشخص الخاص فيتقاضى عوضا ماليا لقاء قيامو
بتسيير المرافؽ ،ويأخذ ىذا العوض ويتكوف العوض مف عنصريف عنصر ثابت يتجمى في مبمغ مالي
محدد يتمقاه الشخص الخاص فصميا أو سنويا ،بغض النظر عف فشؿ المرفؽ أو نجاحو ،وعنصر
إضافي يتكوف مف مبالغ مالية تشجيعية وتحفيزية ،تؤدى لمشخص الخاص لتحفيزه عمى مضاعفة
جيوده في سبيؿ حسف تسيير المرافؽ واستغاللو الجيد تحقيقا لألىداؼ المتوخاة مف إحداثو. 69
69 - Jean François Tribillon: Gestion des services publics en France : les différentes modalités juridiques,
2005. www.base.citego.info
59
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
قد يجرـ ،نتيجة المرفؽ وسوء تدبيره ،مف المكافأة التشجيعية فقط ،أما العوض المالي عف التدبير فيو
مضموف بالنسبة إليو كيفما كانت الوضعية االقتصادية لممرفؽ سواء رابحة أـ خاسرة .
تمثؿ شركات االقتصاد المختمط (شركة مساىمة) نوعا مف أنواع المقاوالت العمومية ترتكز
عمى اكتتاب الدولة ،الجماعات المحمية المؤسسات العمومية إلى جانب الخواص في رأسماليا لتدبير
مرفؽ عممي يكتسي طبيعة اقتصادية صناعية أو تجارية ،يمجأ إلييا لإلسراع بالتنمية االقتصادية،70
مف خالؿ االستفادة مف التمويؿ المشترؾ لمقطاعيف ،العاـ والخاص ،كما أنيا تعد مف البدائؿ الفاعمة
في تدبير بعض القطاعات االقتصادية الخاصة وانقاذىا مف فشميا المالي ،عبر مساىمة الدولة في
رأسماليا ،وعموما فيو أسموب يجمع بيف مزايا اإلدارة المباشرة ومزايا االمتياز في تدبير المرافؽ
العمومية .
إذا كاف شركات االقتصاد المختمط مف األشخاص المعنوية الخاصة التي تخضع لقواعد
القانوف التجاري،فإف مساىمة السمطات العمومية في رأسماليا يجعميا تتميز بمجموعة مف الخصائص
األساسية ،تتمخص أوالىا في أنو عمى الرغـ مف خضوع شركة االقتصاد المختمط لمقانوف التجاري ،فإف
مساىمة السمطات العمومية في جزء مف رأسماليا ،سواء قؿ أو كثر ،إلى جانب الخواص ،يجعميا
شركة مساىمة غير عادية بالنظر لوجود مساىـ عمومي متميز كالدولة أو أحد األشخاص المعنوية
العمومية األخرى يحرص عمى االحتفاظ بأغمبية األسيـ في الشركة لكي يضمف استم اررية رقابتو
70
-نوال الهناوي ،التدبٌر العمومً الجدٌد ،اط روحة لنٌل الدكتوراه فً القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،الرباط اكدال سنة -1008
. 1009ص .51
60
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
عمييا ،نظ ار الرتباطيا بوجود مرفؽ عمومي ،بؿ يالحظ في بعض الحاالت أف السمطات التي يتمتع
بيا الشخص العمومي داخؿ الشركة ال تتوافؽ مع النسبة الضئيمة لمرأسماؿ التي يمتمكيا فييا. 71
وتكمف الخاصية الثانية في أف مساىمة الشخص العمومي في شركة االقتصاد المختمط ،تجعمو
يتمتع بحؽ تسيير الشركة طبقا لقواعد القانوف التجاري ،لكف ارتباط مساىمة الشخص العمومي في
رأسماؿ الشركة بوجود مرفؽ عمومي ،يتيح لو ممارسة سمطاف ميمة ضمانا لممصمحة العمومية كتعييف
المدير وأعضاء مجمس اإلدارة وممثميو في المجمس اإلداري لمشركة ،استخداـ حؽ االعتراض التوفيقي
أو المطمؽ عمى ق اررات الجمعية العامة لممساىميف أو المجمس اإلداري التي تتنافى مع مقتضيات سير
المرفؽ العمومي .
عمى الرغـ مف أف الخاصية الثالثة تحرر شركة االقتصاد المختمؼ مف إجراءات المالية
العمومية لخضوعيا لمقواعد المفروضة عمى الشركات التجارية (كالقيد في السجؿ التجاري أو مسؾ
الدفاتر التجارية أو خضوعيا لمضريبة عمى األرباح واختصاص القضاء التجاري في بعض المنازعات
المترتبة عف نشاطيا) ،فإنيا مع ذلؾ تخضعيا لممراقبة المالية مف لدف المجمس األعمى والمجالس
الجيوية لمحسابات طبقا لمقتضيات مدونة المحاكـ المالية .
واستنادا إلى ىذه الخصائص التوجييية يمكف اإلقرار أف شركات االقتصاد المختمط قد تنشأ
بأحد الطرؽ الممخصة في النقاط التالية :
-تنشأ مف لدف الشخص المعنوي في أوؿ األمر ،ثـ يبيع أسيمو بعد ذلؾ لمخواص ،فتنتقؿ الشركة
العامة بذلؾ مف شركة يتممؾ الشخص العمومي كؿ رأسماليا إلى شركة اقتصاد مختمط .
-تنشأ بمبادرة مف الشخص العمومي بعد االتفاؽ مع المساىميف الخواص كما ىو الحاؿ بالنسبة لمبنؾ
المغربي لمتجارية الخارجية .
-تنشأ عف طريؽ مساىمة الشخص العمومي في رأسماؿ شركة خاصة كانت قائمة مف قبؿ كالشركة
الغربية لمنقؿ لخطوط وطنية .
71
-عبد هللا حداد :الوجٌز فً قانون المرافق العمومٌة الكبرى ،مرجع سابق ،ص .850
61
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
-تنشأ بعد تحويؿ طريقة تدبير مرفؽ عمومي موجود مف قبؿ وذلؾ في حالة تدخؿ الشخص العمومي
لممساىمة في رأسماؿ مرفؽ عاـ يسير بأسموب االمتياز أو تحوؿ أسموب تدبير مرفؽ العمومي مؤسسة
عامة تجارية أو صناعية إلى شركة اقتصاد مختمط .
باإلضافة الى االستغالؿ غير المباشر وشركات االقتصاد المختمط ،ىناؾ اسموب االمتياز
والتدبير المفوض ،مف أساليب تدبير المرافؽ العامة ،ورغـ اختالؼ وتعدد األساليب الخاصة فإنيا ال
تخرج عف مبادئ المرفؽ العاـ ،السيما ما يخص تواجد الدولة واشرافيا عمى مختمؼ األنشطة المدارة
بتمؾ األساليب والتي تستيدؼ تحقيؽ المنفعة العامة ،مع أف غاية الخواص مف وراء تمؾ األنشطة
تكمف في تحقيؽ الربح .
لعب عقد االمتياز أو االلتزاـ دو ار ىاما في تدبير شؤوف المرافؽ العمومية – في تاريخ المغرب
-ابتداء مف توقيعو اتفاقية الجزيرة الخضراء ،2:17التي عممت بموجبيا السمطات العمومية عمى
منح االمتيازات المرفقة إلى األجانب مع توقيع معاىدة الحماية في 41مارس 2:23فقدت الحكومة
المغربية سمطتيا في إبراـ عقود االمتياز المتعمقة بتسيير المرافؽ العمومية ،حيث ال يمكف ليا باي
شكؿ مف األشكاؿ إبراـ عقد االمتياز دوف طمب ترخيص مف الحكومة الفرنسية ،وىكذا ،استعمؿ
االمتياز بشكؿ واسع في مياديف الطاقة والنقؿ السكؾ واستغالؿ الموانئ ...إلخ ،لكوف وبعد االستقالؿ
قامت السمطات المغربية باسترجاع مختمؼ االمتيازات التي كانت في حوزة األجانب ،كما قررت
التخمي عف أسموب االمتياز إلى غاية 2:96عندما تقرر السماح لمقطاع الخاص بتسيير بعض
االمتيازات المرفقية المتعمقة بالنقؿ الحضري لمتخفيؼ مف حدة األزمة التي يعرفيا قطاع النقؿ وخاصة
في المدف الكبرى. 72
ويقصد بأسموب االمتياز أو االلتزاـ في تدبير المرافؽ العمومية عمى تعيد اإلدارية مانحة
االمتياز ،بموجب عقد إداري إلى أحد األفراد الخواص أو أحد األشخاص المعنوية الخاصة أو
72
-أحمد بوعشٌق ،المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ،مرجع سابق ،ص 875
62
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
العمومية بتدبير مرفؽ عاـ غالبا ما يكوف تجاريا أو صناعيا خالؿ مدة محددة ،عمى نفقتو ولحسابو
وتحت مسؤوليتو مقابؿ تقاضي رسوـ مف المنتفعيف مف خدمات المرفؽ ،وىو تحديد يحيؿ عمى تمكف
اإلدارة ،مف خالؿ إبراـ عقود االمتياز أو االلتزاـ ،مف ترؾ المبادرة لألشخاص الطبيعييف أو المعنوييف
قصد تحمؿ مسؤولية تدبير المرافؽ العمومية ذات الطبيعة االقتصادية (النقؿ ،توزيع الماء والكيرباء
الياتؼ )...بأمواليـ وعماليـ ،عمى أف تكوف األرباح المحققة في المرفؽ لحسابيـ ،مع احتفاظ اإلدارة
مانحة االمتياز ،بحقيا في مراقبة مدى التزاـ الخواص باألداء الجيد لألنشطة المرفقية وبشكؿ منظـ
ومستمر ،ما داـ أف تمؾ األنشطة تستيدؼ بالدرجة األولى تحقيؽ المنفعة العامة ،مما يجعؿ أيضا
ىؤالء الخواص يستفيدوف مف بعض امتيازات السمطة العامة كشغؿ الدوميف العاـ أو نزع الممكية ألجؿ
المنفعة العامة. 73
إف تدبير األشخاص الخواص لممرافؽ العمومية يجعؿ أسموب االمتياز يتميز بمجموعة مف
الخصائص القانونية يمكف إجماليا في العناصر التالية :
تحيؿ ىذه الخاصة عمى الطبيعة العقدية لالمتياز باعتباره عقد إداري يبرـ بيف سمطة إدارية
مركزية أو محمية وبيف أشخاص مف القانوف الخاص (أفراد أو شركات خاصة) بيد أنو يمكف أف يبرـ
مع شخص مف أشخاص القانوف العاـ ،ويمكف التمييز ىنا بيف الممتزـ ومانح االمتياز ،ويتضمف
موضوع العقد وعناصره االساسية وكذلؾ طرؽ تمويمو الخاصة ،ويتضمف الثاني دفتر التحمالت والذي
يحدد القواعد العامة لالمتياز ،وطرؽ إقامة المنشآت وقواعد االستغالؿ والمبادئ التي يتـ عمى أساسيا
حؿ النزاعات المحتممة بيف الطرفيف المتعاقديف. 74
73
-إبراهٌم كومغار ،المرافق العامة الكبرى على نهج التحدٌث ،مرجع سابق ،ص . 859
74
-محمد األعراج ،القانون االداري المغربً الجزء األول ،مرجع سابق ،ص . 586
63
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
اختمؼ الفقو اإلداري في طبيعة عقد االمتياز بيف اتجاه أوؿ يقوـ بأنو مجرد قرار إداري تصدره
اإلدارة لمممتزـ بيا تتمتع بو مف امتيازات السمطة العامة وىو توجو ظير في ألمانيا ،أعطى سمطة
واسعة لإلدارة دوف مراعاة حقوؽ الممتزـ بينما أف ىنا اتجاه ثاف يعتبر االلتزاـ مجرد عقد –وىو توجو
ظير في فرنسا -كاف يدافع عف الممتزـ في مواجية اإلدارة ،وفي نفس الوقت كاف يؤخذ عميو أنو يبالغ
في منع اإلدارة مف تعديؿ بنود العقد الشيء الذي قد يحد مف امتيازاتيا التي تتمتع بيا كسمطة عامة
لمدفاع عف المصمحة العامة .
وىناؾ اتجاه ثالث بتزعمو الفقيو ديجي ،يسند الطبيعة المركبة أو المختمطة لعقد االمتياز الذي
يتضمف مقتضيات ذات طبيعة تعاقدية وأخرى ذات طبيعة تنظيمية. 75
-يتحدد النوع األوؿ في االلتزامات المتبادلة بيف اإلدارة مانحة االمتياز مف ناحية والممتزـ أو صاحب
االمتياز مف ناحية أخر ،وىي مقتضيات ال تيـ المنتفعيف مباشرة كمدة االلتزاـ وكيفية استرداده ،وباقي
المزايا المالية األخرى التي تكفؿ لصاحب االمتياز ،كضماف حد أدنى مف األرباح ،التوازف المالي
لمعقد ،إعفاءات ضريبية ...ذلؾ أف األصؿ في ىذا النوع مف المقتضيات ال يعطي اإلدارة الحؽ في
تعديميا بإرادتيا المنفردة إال بعد الحصوؿ عمى موافقة صاحب االمتياز ،ويجد ىذا التوجو الفقيي
أساسو في االجتياد القضائي المغربي مف خالؿ ما أكدتو الغرفة اإلدارية بالمجمس األعمى في حكـ ليا
مؤرخ في 23ماي 2:78الذي جاء فيو أنو " :إذا كانت اإلدارة تممؾ حؽ التعديؿ بصفة انفرادية فيما
يخص االمتيازات المتعمقة بسير المرفؽ العاـ والخدمة التي يؤدييا أصحابيا إلى الجميور فإنيا ال
تممؾ ىذا الحؽ بالنسبة لممزايا المالية التي يتمتع بيا ىؤالء ألنيا تدخؿ في نطاؽ البنود التعاقدية". 76
-يمتد النوع الثاني مف ىذه المقتضيات إلى المنتفعيف مف المرفؽ وال ينحصر أثرىا عمى صاحب
االمتياز واإلدارة مانحة االمتياز وتيـ أساسا تنظيـ المرفؽ العمومي وسيره ،كما ىو الحاؿ بالنسبة
لتحديد الرسوـ التي تمقاىا الممتزـ مف المنتفعيف والشروط والقواعد المرتبطة باستغالؿ المرفؽ ...وىي
75
-اخذ بهذا التكٌٌف الفقٌه " " DUGUITالذي اعتبر االلتزام ذو طبٌعة مزدوجة .وقد سار القضاء عل ى هذا النحو كذلك ومنه القضاء
المغربً ٌتجلى ذلك من خالل القرار عدد 66المإرخ ب 81ماٌو . 8967وكذلك القرار رقم 50الصادر بتارٌخ ٌ 5ولٌوز . 8968
76
-القرار عدد 66المإرخ ب 81ماٌو 8967بٌن الشركة الكهربائٌة المغربٌة (الكتراس ماروكٌس) ووزٌر األشغال العمومٌة ،قرارات
المجلس األعلى ،الغرفة اإلدارٌة ،8970 – 8966 ،الطبعة األولى ،8985 ،ص .79
64
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
المقتضيات التي تنفرد اإلدارة بحؽ تعديميا دوف موافقة صاحب االمتياز ،ألنيا تدخؿ في نطاؽ
اختصاصيا ما دامت تتعمؽ بتنظيـ المرفؽ وفقا لمقتضيات المصمحة العامة ،مع وجوب تعويض
الممتزـ عف األضرار التي لحقتو نتيجة ىذا التعديؿ الذي أخؿ بالتوازف المالي لمعقد ،وفي ىذا االتجاه
قضت الغرفة اإلدارية بالمجمس األعمى في حكـ بيا بتاريخ 4يوليوز 2:79في قضية شركة الكتراس
ماروكيس بما يمي " :تممؾ اإلدارة حؽ تعديؿ الشروط التنظيمية لمرفؽ عاـ دوف حاجة لموافقة صاحب
االمتياز ،ألنيا تستمد ىذه السمطة مف طبيعة المرفؽ ومف وجوب الحرص عمى انتظاـ سيره". 77
إف التمييز بيف المقتضيات التعاقدية والمقتضيات التنظيمية في عقد االمتياز ،اعتمادا عمى أف
المقتضيات األولى يمكف االستغناء عنيا لو أف المرفؽ أدير بأسموب اإلدارة المباشرة في حيف أف
المقتضيات التنظيمية تبقى قائمة كيفما كاف األسموب المتبع في تدبير المرفؽ ألنيا تختص تنظيـ
المرفؽ العمومي وسيره .
إذا كاف عقد االمتياز ييـ استغالؿ ثروات وطنية وتدبير مرافؽ عمومية حيوية ،وبالنظر لتدخؿ
شركات أجنبية في تدبير ىذه المرافؽ بواسطة ىذا النوع مف العقود ،األمر الذي تترتب عنو آثار
سياسية واقتصادية ،فإنو تـ ربط منح االمتياز بموافقة سمطة مختصة بحيث ال يكفي لمنح االمتياز
االتفاؽ فقط بيف اإلدارة والمتعاقد ،ذلؾ أف الدستور المغربي لـ ينص عمى السمطة المختصة بمنح
امتياز المرافؽ العمومية ،بحيث ال يوجد ضمف الئحة االختصاصات الواردة في المادة ،57مما يؤكد
أف ىذه االختصاصات تتواله السمطة التنظيمية التي يمارسيا الوزير األوؿ بمراسيـ إذا تعمؽ األمر
بمنح امتياز لتدبير المرافؽ العمومية الوطنية .
أما بالنسبة لمسمطة المختصة بمنح امتياز المرافؽ العمومية المحمية ،فقد حددىا القانوف في
المجالس المحمية المنتخبة ،وىكذا تتحدد السمطة المختصة المرافؽ العمومية الجيوية مف خالؿ
اإلمكانيات المخولة لممجمس الجيوي تقديـ اقتراحات وابداء آراء وليذه الغاية :يقترح إحداث المرافؽ
العامة الجيوية وطرؽ تنظيميا وتدبير شؤونيا وخاصة عف طريؽ الوكالة المباشرة أو الوكالة المستقمة
77
-ملٌكة الصروخ ،نظرٌة المرافق العامة الكبرى دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص . 95
65
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
واما عف طريؽ االمتياز ..يقوـ عامؿ العمالة أو اإلقميـ مركز الجية بتوجيو االقتراحات واآلراء إلى
السمطات الحكومية المختصة .
ويتـ منح امتياز المرافؽ العمومية اإلقميمية إلى مجمس العمالة أو اإلقميـ ويحدد طرؽ تدبيرىا
إما عف طريؽ الوكالة المباشرة أو الوكالة المستقمة أو االمتياز أو أي طريقة أخرى مف طرؽ التدبير
المفوض لممرافؽ العمومية طبقا لمقوانيف واألنظمة المعموؿ بيا ،وال يكوف المقرر قابال لمتنفيذ إال إذا
صادقت عميو سمطة الوصاية وفقا لمقتضيات المادة 6:مف نفس القانوف ،وبخصوص امتياز المرافؽ
العمومية الجماعية ،فإف المجالس الجماعية ىي التي تقرر في طرؽ تدبير المرافؽ العمومية الجماعية
عف طريؽ الوكالة المباشرة والوكالة المستقمة واالمتياز وكؿ طريقة أخرى مف طرؽ التدبير المفوض
لممرافؽ العمومية طبقا لمقوانيف واألنظمة المعموؿ بيا. 78
ينحصر استغالؿ االلتزاـ مف طرؼ الممتزـ في مدة زمنية محددة ذلؾ أف منحو مف طرؼ
الدولة ليس مداوما بؿ محدودا في فترة معينة ،غير أف ىذه األخير غالبا ما تكوف طويمة المدى –والتي
يتـ تحديدىا في أغمب التشريعات المقارنة في ثالثيف سنة -لتمكيف الممتزـ مف المصاريؼ التي
استثمرىا في المشروع وتحقيؽ قدر مف األرباح. 79
إف ما ينبغي اإلشارة في ىذا السياؽ ،أنو يترتب عف انتياء مدة االمتياز انتياء عقد االمتياز،
وبالتالي تسترجع اإلدارة مانحة االمتياز المرفؽ العاـ التي قد تختار تدبيره بأسموب آخر ،عمى أنو
يمكف لإلدارة أف تنيي االمتياز بإرادتيا المنفردة قبؿ انتياء مدتو ،مع التزاميا بتعويض الممتزـ عف
األضرار التي قد تمحقو نتيجة ذلؾ ،ومف جانب آخر يتـ إنياء االمتياز ألسباب غير انتياء مدة
االمتياز ،كاإلنياء مف لدف اإلدارة ،وفي حالة عقوبة ارتكاب صاحب االمتياز ألخطار جسيمة
وتقصيره في تنفيذ التزاماتو ،أو حدوث قوة قاىرة بحيث يستحيؿ معيا عمى صاحب الوفاء بالتزاماتو أو
إذا ما قررت اإلدارة شراء االمتياز أو تأميمو .
78
-محمد األعراج ،القانون االداري المغربً الجزء األول ،مرجع سابق ،ص . 883
79
-نوال الهناوي ،التدبٌر العمومً الجدٌد ،مرجع سابق ،ص .68
66
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
تمتاز طريقة االمتياز بعدة مزايا مف بينيا ،تحرر المسير إلى حد كبير مف التعقيدات اإلدارية
وال روتيف ،وتتسـ مقابؿ ذلؾ بالمرونة في القياـ بميامو نظ ار الستعمالو لقواعد القانوف الخاص التي
تتفؽ وطبيعة المرافؽ االقتصادية .كما أنيا تعفي اإلدارة مف أعباء تشغيؿ المرفؽ وادارتو لتتفرغ لغيره
مف المرافؽ اإلدارية ،وبرفع النفقات الالزمة إلدارة ىذا المشروع عف مي ازنية الدولة .إال أنو بالرغـ مف
المزايا العديدة ليذه الطريقة ،فإف الكثير مف الدوؿ بدأت تتراجع في اعتمادىا نظ ار لبعض العيوب منيا
عمى سبيؿ المثاؿ :أف الممتزـ فردا كاف أو شركة يسعى باألساس إلى تحقيؽ الربح .مف ىذا المنطمؽ
قد يمجأ عمى تحقيؽ ىذا اليدؼ مستعمال شتى الوسائؿ كرفع قيمة الرسوـ مثال وتخفيض قيمة الخدمة
التي يؤدييا في المقابؿ .
-صحيح أف لإلدارة حؽ التدخؿ إلجبار الممتزـ عمى االلتزاـ بالحد األقصى لمرسوـ وتنفيذ التزاماتو
وفقا لما تضمنو العقد ،غير أف ىذا األمر ال يتحقؽ دائما خاصة إذا كاف الممتزـ شركة ضخمة ليا مف
النفوذ ورؤوس األمواؿ ما يمكنيا مف التأثير عمى اإلدارة حتى تغض الطرؼ أو تتراجع عنيا .
-إف صاحب االمتياز يستفيد وحده مف الربح ،في حيف إذا وقع مف الظروؼ الطارئة تعوضو اإلدارة
عما لحقو مف خسارة مما يكمؼ ميزانية الدولة ويؤثر عمييا. 80
ومع ذلؾ فإف ىذه العيوب ال ترقى إلى مستوى االيجابيات التي تعود عمى الدولة بالعديد مف
المزايا التي تمعب دو ار حيويا في تطوير االقتصاد وتنشيطو .
باالطالع عمى أغمب التعريفات المتعمقة بموضوع التدبير المفوض لممرافؽ العامة ،يمكننا
مالحظة ما يمي ،الغموض والتناقضات التي تشوب تحديد ماىية ىذا األسموب ،فمعظميا تدرج في
إطار التسيير المفوض مختمؼ األشكاؿ التقميدية المعروفة كاالمتياز والعقود األخرى المستقمة عنو،
وذلؾ أسوة بالنموذج الفرنسي الذي يعتبر أحد المراجع األساسية ،لتدبير المرافؽ العامة في القانوف
80
-محمد العمرانً بوخبزة :محاضرات فً مادة المرافق العمومٌة المحلٌة ،السنة الثانٌة ،ماستر الشؤن العام المحلً ،كلٌة الحقوق
طنجة ،السنة الجامعٌة .1081 – 1088
67
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
اإلداري المغربي ،81وليذا فإف القراءة األولية ليذه التعريفات قد تقود إلى الوقوع في مجموعة مف
المغالطات الناتجة عف تعريؼ التسيير المفوض وفؽ التصور الفرنسي ،وذلؾ ألف التسيير المفوض
بالمغرب لو مدلوؿ خاص ،واف كانت الكتابات واآلراء الفقيية بيذا الخصوص تتسـ بعدـ الوضوح.
عمما أف القانوف الجماعي الجديد لـ يمغ أشكاال ليذا التسيير ولذلؾ نجد حديثا عف االمتياز،
الوكالة ...وذلؾ عمى غرار التسيير المفوض الفرنسي. 82
كما يالحظ عمى أف ىذتا التطبيؽ جاء فقط مف أجؿ تدعيـ المنافسة وتكريس الشفافية في
إسناد عقود التسيير المفوض .
وتجدر اإلشارة كذلؾ إلى أف التدبير المفوض بفرنسا ليس شكال جديدا مف أشكاؿ التسيير ،بؿ
إف مختمؼ األشكاؿ التقميدية تدخؿ ضمف مكوناتو األساسية ،لكف ىذه المالحظة ال تنطبؽ عمى
النموذج المغربي ألف التسيير المفوض ىو بالفعؿ شكؿ جديد يتميز عف االشكاؿ القديمة مف خالؿ
بعض العناصر األساسية التي حددتيا عقود التسيير المفوض .
لذا فإف البحث في عناصر التمييز بيف التدبير المفوض واألشكاؿ التقميدية المعروفة يرتبط
ارتباطا وثيقا بالمشاكؿ التي كانت تطرحيا ىذه األساليب عمى المستوييف النظري والعممي .
واضافة إلى ذلؾ ،فإف الغموض الذي يشوب ىذه األساليب التقميدية ىو مرتبط بالمرفؽ العاـ
في حد ذاتو ،فمفيوـ المرفؽ العاـ ىو نفسو ينتابو الغموض أيضا ،كما أنو يتميز بطبيعتو المتغيرة .
وىكذا فإف غموض مفيوـ المرفؽ العاـ وطبيعتو المتغيرة ىما السبباف األساسياف في غياب
التعريؼ الدقيؽ والوضاح لألشكاؿ التقميدية لمتسيير .
81
-محمد األعراج ،القانون االداري المغربً الجزء األول ،مرجع سابق ،ص . 108
82
-لم ٌقم المشرع الفرنسً بتعرٌف التدبٌر المفوض للمرفق العام ،فتصدى فقهاء القانون االداري وقضاة مجلس الدولة الفرنسً
والمحاكم اإلدارٌة لتحدٌد مكوناته والتً ٌلخصهاالفقهاء فً اربعة شروط :
ٌ -جب ان تقوم الهٌئة المفوضة إلٌها بالمشاركة واالستثمار بصفة فعلٌة فً تسٌر المرفق العام.
-التفوٌض الذي ٌحصل علٌه المفوض إلٌه ٌتم من خالل نتائج االستثمارات التً ٌقوم بها .
68
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
كؿ ىذه المشاكؿ والصعوبات ىي التي تفسر رغبة واضعي عقود التسيير المفوض لممرافؽ
العامة ذات الطبيعة الصناعية والتجارية التابعة لمجماعات المحمية في وضع صيغة جديدة "لمتسيير
المفوض" مف أجؿ تجاوز المشاكؿ التي كانت تطرح لكف كيؼ يتـ التمييز بيف ىذا التسيير ومختمؼ
األشكاؿ التقميدية المعروفة ؟
في الواقع فإف تساؤال كيذا يتطمب في البداية تحديد التعريفات ثـ إبراز خصائص مختمؼ ىذه
األساليب حتى يسيؿ فيـ "التسيير المفوض" ومميزاتو ،بعدىا محاولة تقييمو .
قبؿ صدور قانوف رقـ 65.16بتاريخ 25فبراير 3117لـ يكف ىناؾ أي تعريؼ لمتدبير
83
غير أف ىناؾ محاوالت لمجموعة مف أساتذة القانوف اإلداري المفوض مف قبؿ المشرع المغربي
لتحديد مدلوؿ ىذا األسموب في تدبير المرافؽ العامة .
-عرفو االستاذ أحمد بوعشيؽ :عقد إداري تعيد السمطة المفوض لو ،داخؿ المجاؿ الترابي المحدد
في مدار التفويض باستغاللو وتدبير المرفؽ العاـ الصناعي والتجاري المحمي لمدة محددة تنتيي
بانقضاء مدة العقد. 84
-عرفو األستاذ محمد اليعقوبي :كؿ تدبير لمرفؽ عاـ بواسطة شخص معنوي خاص ،وغالبا ما يوكؿ
تفويض تدبير لمرافؽ لمخواص والتدبير المفوض يعطي مختمؼ طرؽ التسيير التقميدية مثؿ عقود
االمتياز والوكالة ومختمؼ اتفاقيات التفويض الذي يختمؼ مداه بيف حد أقصى وحد أدنى .
-واذا كاف ىناؾ اتجاه يحاوؿ تعريفو مف خالؿ نظاـ االمتياز ،فقد اعتبر األستاذ آماؿ المشرفي :
"إنو مف غير المنطقي تعريؼ التدبير المفوض مف خالؿ أسموب االمتياز ،الذي يعاني صعوبات في
تعريفو ،خصوصا وأنو ال يتوفر عمى إطار قانوني واضح ،وأوضح بالنسبة لمتوجو الفقيي الذي يعطي
83
-باستثناء ما تم التنصٌص علٌه فً المادة 59من المٌثاق الجماعً 78-00المغٌر والمتمم بقانون 87-08التً نصت على ما ٌلً :
(...وٌقرر المجلس فً طرق تدبٌر المرافق العمومٌة الجماعٌة عن طرٌق الوكالة المباشرة والوكالة المستقلة واالمتٌاز وكل طرٌقة أخرى
من طرق التدبٌر المفوض للمرافق العمومٌة طبقا للقوانٌن واالنظمة المعمول بها ).
84
-أحمد بوعشٌق ،المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ،مرجع سابق ،ص . 888
69
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
لمتدبير المفوض مفيوـ أشمؿ يجمع بيف جميع أشكاؿ استغالؿ المرفؽ العاـ" ،بأف ىذا التوجو قد
ينطبؽ عمى النموذج الفرنسي وفي حدود معينة ،ولكف ال يمكف تطبيقو عمى التجربة المغربية ،ألف
مفيوـ تفويض تدبير المرفؽ العاـ كما ورد في التشريع والقضاء والفقو الفرنسي مختمؼ عف مفيوـ
التدبير المفوض كما ىو مطبؽ بالمغرب .
فوجود التدبير المفوض في المغرب أممتو اعتبارات مصمحيو ،ويخمص أف الميـ ىو النظاـ
المطبؽ أي أف الوجود أكثر أىمية مف المفيوـ. 85
-اعتبره األستاذ عبد اهلل حداد :طريقة جديدة مف بيف المعتمدة لتسيير المرافؽ العامة ،تتشابو مع عقد
االمتياز ،وتختمؼ عنو ألف المدة الزمنية لعقد االمتياز تكوف أطوؿ ،كما أف الممتزـ يتعيد بتوفير
األمواؿ والمستخدميف بينما في التدبير المفوض تبقى التجييزات في ممكية اإلدارة كما يحتفظ المفوض
لو بالمستخدميف مع مراعاة حقوقيـ. 86
-نفس التوجو لألستاذ عبد السالـ البقالي الذي اعتبر أف التدبير المفوض يجد أصولو في أسموب
االمتياز لكف يختمؼ عف ىذا األخير واف كاف بمثابة اإلصالح الضمني لو ،لخصوصيات معينة ذكرىا
.
وبخصوص المشرع فقد عرفتو المادة 3مف القانوف رقـ 65.16كما يمي " :يعتبر التدبير
المفوض عقدا بموجبو يفوض شخص معنوي خاص لمقانوف العاـ يسمى المفوض لمدة محددة ،تدبير
مرفؽ عاـ يتولى مسؤوليتو إلى شخص معنوي خاضع لمقانوف العاـ أو الخاص يسمى "المفوض إليو"
يخوؿ لو حؽ تحصيؿ أجرة مف المرتفقيف أو تحقيؽ أرباح مف التدبير المذكور أو ىما معا" .
85 - Elyaakoubi (M.) : le concept de la gestion déléguée, REMALD, série thèmes actuels, n° 30,p, 149.
86
-عبد هللا حداد :الوجٌز فً قانون المرافق العمومٌة الكبرى ،مرجع سابق ،ص . 831
70
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
لتمييز ىذا األسموب ،البد مف التذكير بما يمي :في إطار االمتياز ،يتكمؼ الممتزـ بإنجاز كؿ
أو جزء مف األشغاؿ التي يتطمبيا سير المرفؽ ،ويموؿ االستثمارات التي تتطمبيا عممية االنطالقة،
وىو ما يفسر طوؿ مدة ىذا العقد التي تتراوح بيف 41سنة و ::سنة ،إضافة إلى أنو يتحمؿ خسائر
ومخاطر المشروع ،ويحصؿ عمى مقابؿ أتعابو مباشرة مف المنتفعيف ،ىذا مع العمـ بأف التجييزات تعود
جزئيا إلى الشخص العاـ مجانا وفي البعض اآلخر مقابؿ عنو. 87
وفي إطار االستئجار ،ال يتكمؼ المستأجر بالقياـ باألشغاؿ األولى لالنطالقة كما ىو الشأف
بالنسبة لمممتزـ ،وال يتكمؼ باآلليات واألدوات الالزمة لذلؾ ،بؿ إنو يستمميا مف الشخص العاـ ،ولكنو
يتكمؼ بأشغاؿ اإلصالح والتجديد ،إضافة إلى أف المستأجر يقوـ باستخالص المقابؿ مباشرة مف
المنتفعيف بدؿ الجماعة ،وكما ىو الشأف بالنسبة لالمتياز فإف عقد االستئجار يجدد شروط تسيير
المرفؽ ونظاـ التعريفة ،وفي إطاره يتحمؿ المستأجر مخاطر وخسائر المشروع. 88
أما عقد اإلنابة ،فإنو عمى غرار االستئجار ال يشمؿ إال استغالؿ المرفؽ ،أما التجييزات فتكوف
موجودة مف قبؿ ،سواء أوجدتيا الدولة أو الجماعة أو ممتزـ سابؽ ،وبالتالي ال نجد في عقد اإلنابة
مقتضيات تتعمؽ بأشغاؿ اإلنابة لكف خالفا لالستئجار فإف النائب ال يتحمؿ كميا مخاطر وخسائر
المشروع ،وتقوـ الدولة أو الجماعة باستيفاء المقابؿ مف المنتفعيف رغـ أو الفواتير تصدر باسـ النائب،
ىذا األخير يحصؿ عمى مقابؿ يكوف شكمو في أغمب األحياف محددا في العقد بشكؿ مسبؽ (جزافي)
بمردودية النائب، وتتكمؼ الدولة أو الجماعة بأدائو ،لكف مع ذلؾ فإف ىذا المقابؿ يبقى مرتبط
عمى سبيؿ المثاؿ ،وفيما يتعمؽ بمرفؽ توزيع الماء ،فإف المقابؿ الذي يحصؿ عميو النائب بحسب عمى
أساس حجـ اإلنتاج أو رقـ األعماؿ الذي تـ تحقيقو ،الخ ،لكف الجماعة تبقى مبدئيا المسؤولية عف
المرفؽ عمما بأف النائب يقدـ لمجماعة خدمة فقط .
87 - M. BERHIM/ « l’expérience municipale de délégation des service publics urbains marchands
REMALD « thème actuels » n° 30,p 17.
88
-محمد األعراج ،القانون االداري المغربً الجزء األول ،مرجع سابق ،ص . 181
71
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
كؿ ىذا سمح بمالحظة التقارب بيف اإلنابة واالستئجار ،فرغـ أف النائب يعمؿ بمقابؿ يحدد
سمفا في العقد ،فإنو مع ذلؾ يتحمؿ نسبة مف المخاطر والخسائر .
إذا حدد المقابؿ عمى أساس عدد األمتار المكعبة (ـ ( )4فيما يتعمؽ بمرفؽ الماء مثال) التي
تـ استيالكيا مف طرؼ المنتفعيف ،فإف ذلؾ يجعؿ المقابؿ الذي يحصؿ عميو النائب مشابيا لممقابؿ
الذي يحصؿ عميو المستأجر واألكثر مف ىذا القوؿ بأف النائب يحصؿ عمى المقابؿ مف الجماعة
وليس مف المنتف ع مباشرة كما ىو الشأف بالنسبة لممستأجر ،ال يتطابؽ مع ما يتـ مف الناحية العممية ما
داـ أف النائب ىو الذي يصدر الفواتير ،ويقوـ باستخالصيا مف المنخرطيف ،ويحافظ عمييا إلى حيف
التصفية السنوية لمحسابات مع الجماعة ،وبالتالي فيو يحصؿ عمى نسبة يؤدييا المنتفع في آخر
المطاؼ .
إف المسؤولية اتجاه المنتفعيف تتحمميا الجماعة ،مف الناحية النظرية ألف النائب يبقى مسئوال
مف الناحية المحاسبية عف أخطائو اتجاه الشخص العاـ وبذلؾ فيو يضمف عممية األداء إذا قاـ أحد
المنتفعيف برفع دعوى أما مشاطرة االستغالؿ فميا طابع خاص ،وتوجد في موقع وسط بيف االستئجار
والوكالة المباشرة. 89
-يتحمؿ الوكيؿ التسيير العادي لممرفؽ حيث يقوـ بوظائفو كاممة لكف مع خضوعو لرقابة .
-ال يتحمؿ لموكيؿ العجز ،لكنو يبقى معينا باألرباح المحققة .
أما بخصوص التسيير المفوض أو التدبير المفوض ،ىو أسموب قانوني تعاقدي بيف طرفي أو
عدة أطراؼ ييدؼ إلى خوصصة أسموب تدبير المرفؽ العاـ مف قبؿ شركة خاصة لمدة محدودة وذلؾ
89
ٌ -تعلق االمر بوكالة مباشرة ( ) regie directeكلما قامت السلطة او الهٌئة العامة بتسٌٌر المرفق بواسطة موظفٌها وأموالها
الخاصة .
72
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
تحت مراقبة السمطات المانحة لمتدبير ،قصد تحقيؽ ىدؼ عاـ يتجمى في تقديـ الخدمات واشباع
الحاجات العامة ،ووفؽ شروط تضمف الجودة والفعالة وحسف التدبير .
مف ىنا يمكف تعريؼ عقد تدبير المرفؽ العامة مف خالؿ مميزاتو ،باعتباره أسموب جديد
لخوصصة المرافؽ العامة ،وبمعنى آخر ىو أسموب جديد لتدبير المرافؽ العامة عف طريؽ تفويتيا
لمخواص .
التدبير المفوض ،عقد اداري تعيد بمقتضاه السمطة العامة المفوضة لو داخؿ المجاؿ الترابي
المحدد في مدار التفويض ،باستغالؿ وتدبير المرفؽ العاـ لمدة محددة تنتيي بانتياء مدة العقد مع
امكانية تجديد مدتو. 90
اذا كاف عقد االمتياز يتـ إبرامو بحرية ،دوف المجوء أحيانا إلى مسطرة اإلشيار واإلعالف عف
المنافسة ،فإف إبراـ عقد التدبير المفوض يتـ بطرؽ متعددة :فيو اما يتـ بحرية عف طريؽ االتفاؽ
المباشر ،أو يتـ عف طريؽ المباراة أو طمب العروض حسب اآلحواؿ ،ووفقا لممقتضيات التشريعية
والتنظيمية الجاري بيا العمؿ في مجاؿ الصفقات العمومية .
وفؽ المادة 24مف القانوف المتعمؽ بالتدبير المفوض فإف (مدة العقد يجب اف تكوف محددة
تأخد بعيف االعتبار المدة الطبيعية لألعماؿ المطموبة ،وال يمكف التمديد إال عندما يكوف المفوض إليو
ممزما مف اجؿ حسف تنفيذ الخدمة) ،و إلنياء عقود التدبير المفوض ،فاف إنياؤىا يكوف إما بانتياء
مدة العقد ،وبالتالي فيذه الطريقة طبيعية ،و إما باسترداد المرفؽ قبؿ انتياء مدة العقد ،وتجسدت ىذه
الطريقة األخيرة عمميا في الفصؿ 57مف عقد التدبير المفوض مع الليونيز دي زو الدار البيضاء ،و
90
-أحمد بوعشٌق ،المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة ،مرجع سابق ـ ص . 888
73
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
الفصؿ 81مف عقد التدبير المفوض لريضاؿ الرباط ،وعميو ،فإنياء عقد التدبير المفوض يتـ تحديده
التحمالت ودفتر الشروط
ّ بموجب بنود االتفاقية بيف السمطة المفوضة والمفوض لو ،حيث أف دفتر
العامة و الخاصة و المالحؽ توضح العالقة بيف الطرفيف .
نوع الرقابة المطبقة ،تبرز في خضوع عقود التدبير المفوض إلى رقابة المجمس األعمى
لمحسابات والمجالس الجيوية ولجاف الضبط وآلليات اإلفتحاص الخارجي والتدقيؽ بمبادرة مف وزيري
الداخمية والمالية ،عكس األشكاؿ التقميدية لتدبير المرافؽ العامة كاالمتياز التي تخضع مف حيث
مراقبتيا لمقتضيات ظيير 25ابريؿ 2:71الخاص بالرقابة المالية لمدولة عمى المؤسسات العامة
والشركات ذات االمتياز ،والييئات المستفيدة مف الدعـ العمومي المالي ،وىذا الشكؿ مف التدبير
الحديثة تعطي لو المؤسسات المالية واالقتصادية الدولية (قنوات التبعية) أىمية خاصة عف طريؽ
الدعـ الالمشروط ،كالبنؾ الدولي وصندوؽ النقد الدولي .
شكؿ أسموب التدبير المفوض أحد الحموؿ الفاعمة المعتمدة في عصرنة تدبير بعض المرافؽ
العامة الحيوية كتوزيع الماء والكيرباء ،السيما أف تدبير ىذه المرافؽ بأسموب اإلدارة العمومية لـ يحقؽ
في أغمب الحاالت النتائج المرجوة ال مف حيث حسف التدبير وال مف حيث جودة الخدمات المقدمة،
ووفقا لذلؾ أصبح التدبير المفوض آلية أساسية إليجاد الحموؿ لمعديد مف اإلشكاليات المستعصية،
والتدبير األمثؿ لمعديد مف القطاعات اإلستراتيجية عمى المستوى المحمي ،الذي باتت تنسجـ وتوصيات
المؤسسات العالمية المالية ،ذلؾ أف التدبير المفوض لممرفؽ العمومي يندرج في إطار التصور الميبرالي
الدولي وينسجـ مع األىداؼ التي رسمتيا السمطات العميا في إطار برنامج اإلصالحات االقتصادية
واالجتماعية وانفتاحا عمى المزايا التي يوفرىا القطاع الخاص ،والذي ال يخمو مف سمبيات. 91
91
-محمد العمرانً بوخبزة :محاضرات فً ما دة المرافق العمومٌة المحلٌة ،السنة الثانٌة ،ماستر الشؤن العام المحلً ،مرجع سابق .
74
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
لقد تـ الحديث في ىذا الفصؿ المعنوف تطور نظرية الم ارفؽ العامة ومضمونيا ،عف
ظيور فكرة المرفؽ العاـ وتطور ىذه الفكرة بكؿ محتوياتيا مف تعريؼ وعناصر ،وخمصنا بناء عمى
تعريؼ الفقياء بالرغـ مف اختالؼ تعريفيـ ،انو يمكف استخالص ما يتفقوف حولو مف عناصر لممرفؽ
العمومي وىي :
- 2أف كؿ مرفؽ عمومي يقوـ عمى أساس إشباع رغبة جماعية ألداء خدمة عامة ،تتواله اإلدارة
ألىميتو حسب منظورىا .
- 3تؤدي ىذه الخدمة الدولة أو ىيئاتيا التابعة ليا ،لما تستطيعو مف استعماؿ وسائؿ القانوف العاـ،
إال أف ىذا ال يمنع مف تكميؼ أفراد بإدارة مرفؽ عمومي مع احتفاظ اإلدارة باإلشراؼ العاـ .
- 4تؤدى ىذه الخدمة عف طريؽ مشروع باعتبار أف كؿ مرفؽ عاـ ىو منظمة تتكوف مف مجموعة
وسائؿ وأشخاص ،ومواد مرتبة ترتيبا إداريا يكفؿ ليا الخدمة العامة .
مما يجعؿ المرفؽ العاـ ىو الوسيمة األساسية لتحقيؽ وتمبية الحاجيات العمومية ،إال أنيا
أصبحت رىينة تجادبات صعبة تقؼ وراءىا األزمات المختمفة والتحديات المتجددة عمى حد السواء
وذلؾ بسبب اىتزاز السياسات االقتصادية ،وحتى االجتماعية وما رافؽ ذلؾ مف تطورات متالحقة
مست بوظائؼ الدولة واألنظمة القانونية .
االمر الذي تطمب حؿ واقعي ونظري حيت يتمتع بالمرونة ،وبناء عميو تـ تغير دور الدولة
مف دولة متدخمة إلى دولة منسحبة فنجدىا أحيانا عاجزة وأحيانا متعاجزة ،إال اف ىذا التحوؿ لـ يكف
الحؿ األمثؿ ،فمازالت المرافؽ العامة تعاني ازمة االىماؿ خاصة المرافؽ االجتماعية .
75
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وبالتالي فإف االستمرار في مسمسؿ إىماؿ المرافؽ العمومية – خاصة االجتماعية -وتقميص
الدعـ عنيا ،واألخذ في المقابؿ بالخوصصة إلى المدى البعيد دوف إستراتيجية جماعية لمف شأنو
تقميص مؤشراتنا في التنمية ،إال أف تعزيز المرفؽ العمومي بمبادرات إصالحية حقيقية وحؿ إشكاالتيا
عمى المستوى القانوني وتخميقيا ومحاربة كؿ أشكاؿ التسيب فييا ،وكذا إعادة النظر في است ارتيجيتيا،
سيعزز ال محالة الثقة لدى المواطف الذي لديو انتظارات بحجـ كرة الثمج ويثوؽ كؿ يوـ إلى رؤية
مغرب أفضؿ .
76
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
لقد عرؼ المغرب خالؿ السنوات القميمة الماضية ،وبالضبط مع مطمع التسعينات مف القرف
الماضي جممة مف اإلصالحات الدستورية والسياسية ىمت مجاالت مختمفة بغية استكماؿ بناء دولة
الحؽ وترسيخ أسس الديمقراطية الحية ،ومنذ وصوؿ الممؾ محمد السادس إلى الحكـ في 32يوليوز
9111تكثفت وتيرة ورش اإلصالحات وتوجت باإلعالف عف إصالح دستوري شامؿ ييدؼ إلى
تحديث وتأىيؿ ىياكؿ الدولة المغربية .
وقد مثمت سنة ،3199دوف أدنى شؾ ،منعطفا تاريخيا فاصال ونتاجا لسنوات مف العمؿ
المتواصؿ المتمثؿ في مختمؼ األوراش اإلصالحية والمبادرات التحديثية المتتالية في سياؽ تاريخي
دولي دقيؽ ،وفي خضـ األحداث التي كاف العالـ العربي وما يزاؿ مسرحا ليا ،توج اإلصالح بالمغرب
بالخطاب الممكي لتاسع مارس 3199ليعمف عف المبادرة الممكية الداعية إلى إجراء تعديالت دستورية
عميقة وشاممة أقؿ ما يقاؿ عنيا أنيا غير مسبوقة .
وقصد أجرأة ىذه المبادرة ذات الداللة القوية ،قرر الممؾ إحداث آليتيف سياسيتيف ،ميمتيا
التشاور والمتابعة ،وتبادؿ الرأي بشأف اإلصالح المقترح ،تضماف بصفة خاصة متخصصيف في
92
. المجاالت الدستورية والسياسية ،ورؤساء الييئات السياسية والنقابية
-الخطاب الممكي بتاريخ 80مارس 1088بمناسبة تنصيب المجنة االستشارية لمراجعة الدستور.
92
77
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وبعد عدة أسابيع مف الحوار والمناقشة ،خمصت المجنة إلى صياغة مشروع الدستور أبرز
جاللة الممؾ أىـ مضامينو في 91يونيو 3199وعرض عمى االستفتاء الشعبي يوـ فاتح يوليوز مف
نفس السنة .عمى الرغـ مف بعض الدعوات الرامية إلى مقاطعة االستفتاء ،فإف الشعب المغربي عبر
عف إرادتو بكثافة ورضي بالوثيقة الدستورية الجديدة بأغمبية ساحقة ،وىو ما خمؼ أيضا صدى طيبا
في األوساط الدولية عبر التنويو بدخوؿ المغرب مرحمة جديدة مف تاريخو السياسي والدستوري ،وال أدؿ
عمى ذلؾ مف منح الجمعية البرلمانية لمجمس أوروبا لممغرب وضع الشريؾ مف أجؿ الديمقراطية (39
يونيو . )3199
إف استعراض كؿ ىذه المعطيات يفرض عمينا إعطاء تعريؼ لموثيقة الدستورية :
الوثيقة الدستورية عبارة عف وثيقة أو عدة وثائؽ قانونية تصدر عف ىيئة مختصة وفقا إلجراءات معينة
وتتضمف القواعد المتصمة بنظاـ الحكـ في بمد معيف أو زمف معيف .
إف وثيقة الدستور تطورت في الوقت الراىف بحيث أصبحت تشتمؿ عمى قواعد ومبادئ ال
تتصؿ بنظاـ الحكـ فقط بؿ تتعمؽ بالتنظيـ اإلداري والقضائي أو بأىداؼ اقتصادية واجتماعية تصبو
الدولة إلى تحقيقيا .
ولقد عمؿ الدستور الجديد عمى تقوية 93آليات تخميؽ الحياة العامة عبر دسترة مجموعة مف
المؤسسات األساسية بغية تعزيز المواطنة والمشاركة الديمقراطية ،كما ربط ممارسة السمطة والمسؤولية
العمومية بالمراقبة والمحاسبة ،وىذا مف شأنو أف يساعد عمى ترسيخ ميكانيزمات الحكامة الجيدة
وتخميؽ ومحاربة الفساد في جميع أشكالو وتمظيراتو ،والشؾ أف التكريس الدستوري لمجيوية في إطار
مغرب موحد يقوـ عمى مبادئ التوازف والتضامف الوطني والجيوي سيخدـ التنمية المندمجة ويساىـ في
تجذير قيـ الديمقراطية والمشاركة الفعالة في تدبير الشأف العاـ .
93
-النواف بٌالل :اإلصالحات الدستورٌة ورهان االنتقال الدٌمقراطً بالمغرب دستور 1088نموذج ،جامعة الحسن الثانً ،كلٌة العلوم
القانونٌة واالقتصادٌة واالجتماعٌة ـ السطات ،سنة ، 1088 -1080ص .30
78
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
إف الوثيقة الدستورية الجديدة وما مثمتو مف طفرة نوعية عمى أكثر مف صعيد تدفعنا كباحثيف
جامعييف وميتميف إلى الوقوؼ عند مقتضيات الدستور لمتأمؿ في مختمؼ المستجدات والتعديالت التي
حمميا ىذا النص ،واستيعاب الجوانب غير المسبوقة التي تضمنيا بيف طياتو .
ودراسة المرفؽ العاـ عمى ضوء الدستور الجديد واإلحاطة بالمستجدات الدستورية ،تكتسي
أىمية بالغة ألنيا باإلضافة إلى كونيا مرتبطة ولصيقة بالمواضيع التي يعني بيا القانوف اإلداري
والعموـ اإلدارية ،فيي توضح التطور المعاصر الذي لحؽ وظائؼ الدولة ،أيا كاف النظاـ االقتصادي
الذي تعتنقو ،فيي في غالب األحياف تقوـ بنشاطيا اإلداري عف طريؽ المرافؽ العمومية عندما تقدر
94
بمعنى أف األجيزة اإلدارية أصبحت تمارس أف تأدية الحاجة العامة بواسطة النشاط اإلداري متعذرة
العديد مف األنشطة التي كانت إلى وقت قريب محتكرة مف لدف األفراد .
وتبعا لذلؾ ،فإف السؤاؿ الذي يطرح نفسو ىو كيفية تعاطي الدستور المغربي الجديد مع تدبير
المرافؽ العامة وأي آفاؽ يمكننا استشرافيا لتدبير المرافؽ العامة فما ىي مستجدات الدستور المغربي
الجديد في مجاؿ تدبير المرافؽ العامة وما ىي اآلفاؽ التي يمكننا استشرافيا لتدبير المرافؽ العامة .
مما سبؽ ،فقد تقرر تقسيـ الفصؿ الثاني ،الى المبادئ والمعايير المدسترة التي تخضع ليا
المرافؽ العامة (المبحث األوؿ) ،وأفاؽ تدبير المرافؽ العامة عمى ضوء الدستور الجديد (المبحث الثاني
).
نيج المغرب خالؿ السنوات االخيرة مجموعة مف اإلصالحات ىمت في جوىرىا تحقيؽ
المصالحة مع المواطف،إال أف ىده اإلصالحات كانت ال تتقاطع مع مصالح بعض لوبيات الفساد ،مما
كاف يجعؿ تحقيؽ األىداؼ المسطرة ام أر مستحيال .
-الندوة العممية :الدستور المغربي : 2011مستجدات وافاق المقتضيات الجديدة ،يومي 21-20أبريل 2012بكمية العموم القانونية
94
79
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وقد أخد مفيوـ اإلصالح والتغيير حي از كبير مف خطب اعمى سمطة في البالد وفي مناسبات
عدة ،إذ نستشؼ مف خالؿ ذلؾ تأكيده ،عمى وجوب تخميؽ الحياة العامة،والضرب بيد مف حديد في
حؽ كؿ مف سولت لو نفسو التالعب بمصالح المواطنيف والموطنات ،وذلؾ بمحاربة كؿ أشكاؿ الرشوة
ونيب الماؿ العاـ واستغالؿ النفوذ والسمطة ،حيث اعتبر أف أي «استغالؿ لمنفوذ والسمطة يعتبر إجراما
في حؽ الوطف ،ال يقؿ شناعة عف المس بحرماتو» ،داعيا إلى ضرورة االلتزاـ بروح المسؤولية
والشفافية والمراقبة والمحاسبة والتقويـ ،في ظؿ سيادة القانوف وسمطة القضاء ،بما ىو جدير بو مف
استقالؿ ونزاىة وفعالية ،لقد جاء اإلعالف عف ضرورة مواصمة اإلصالح الدستوري في المغرب كنتيجة
لمجموعة مف سياسات التقويـ واإلصالح التي عرفتيا بالدنا في مجموعة مف المياديف ،وبخاصة تمؾ
المرتبطة باالحتياجات اليومية لممواطنيف ،وىكذا يمكننا اعتبار دستور 3199بمثابة ثمرة لمجيودات
اإلصالح التي عرفتيا بالدنا دوف غيرىا مف البمداف العربية األخرى وكنتيجة لمجموعة مف التراكمات
والمتغيرات التي عرفيا المجتمع المغربي مف بينيا اإلصالح الدستوري الجديد 3199والذي جاء
بمجموعة مف األساسيات،منيا ما تمثؿ في التقنيات الجديدة لمتدبير اإلداري الحديث بفعؿ التطورات
التي طرأت عمي األدوار والمياـ المنوطة باإلدارة باعتبارىا الدعامة األساسية لمتغيير بكؿ أشكالو،
السياسي واالقتصادي واالجتماعي في إطار التحديث العميؽ لمدولة مف خالؿ إستراتيجيات تشمؿ
مجموع المكونات والفعاليات والمؤىالت بيدؼ وضع الوسائؿ الكفيمة لتكييؼ اإلدارة مع التحوالت التي
يعرفيا المجتمع ,وكذا إعطاء مظي ار قطاعيا أو تقنيا في حالة ما إذا كاف التغيير محدثا مف طرؼ
اإلدارة في إطار مسمسؿ لمتكييؼ الذاتي ينطمؽ مف الجياز اإلداري نفسو وكذا نجد أف مف بيف
اإلصالحات التي جاء بيا الدستور الجديد ما يخص آليات الحكامة الجيدة ،فمقد خصص الدستور
المغربي الجديد لسنة 3199بابا كامال لمحكامة الجيدة ،حيث تمت دسترة المبادئ األساسية التالية :
يتـ تنظيـ المرافؽ العمومية عمى أساس المساواة بيف المواطنات والمواطنيف في الولوج إلييا،
واإلنصاؼ في تغطية التراب الوطني ،واالستم اررية في أداء الخدمات .
إخضاع تسيير المرافؽ العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية والمبادئ
والقيـ والديمقراطية .
الزاـ أعواف المرافؽ العمومية بممارسة وظائفيـ وفقا لمبادئ احتراـ القانوف والحياد والشفافية
والنزاىة والمصمحة العامة وتأميف تتبع مالحظات واقتراحات وتظممات المرتفقيف .
80
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
الزاـ المرافؽ العمومية بتقديـ الحساب عف تدبيرىا لألمواؿ العمومية مع خضوعيا لممراقبة
والتقييـ طبقا لمقوانيف الجاري بيا العمؿ .
الزاـ كؿ شخص منتخب أو معيف يمارس مسؤولية عمومية ،بتقديـ تصريح كتابي بالممتمكات
95
. واألصوؿ التي حيازتو بمجرد تسممو لميامو ،وخالؿ ممارستيا وعند انتيائو
استنادا ليذه المعطيات ،فسوؼ نتناوؿ ىذا المبحث وفؽ المطمبيف المبادئ التي تحكـ المرفؽ
العاـ عمى ضوء الدستور الجديد ( المطمب األوؿ) ،المعايير التي تخضع ليا المرافؽ العامة عمى
ضوء الدستور الجديد (المطمب الثاني) .
المطمب الول :المبادئ التي تحكم المرفق العام عمى ضوء الدستور الجديد
مف المبادئ العامة التي استقر عمييا الدستور الجديد والتي تضمف استمرار عمؿ ىذه المرافؽ
وأدائيا لوظيفتيا في إشباع حاجات األفراد ،جاء في الفقرة االولى مف الفصؿ ( 951يتـ تنظيـ المرافؽ
العمومية عمى أساس المساواة بيف المواطنات والمواطنيف في الولوج إلييا ،واإلنصاؼ في تغطية التراب
الوطني ،واالستم اررية في أداء الخدمات ) مف الفقرة يتبيف اف المبادئ تنحصر في مبدأ المساواة
واإلنصاؼ ومبدأ االستم اررية ،دسترة ىذه المبادئ جاءت لتخطي ظاىرة األزمة التي يعرفيا تدبير
المرافؽ العمومية في الوقت الراىف ،سواء عمى المستوى الوطني أو المحمي ،والتي اعتبرت مف أىـ
اإلشكاالت التي فرضت القياـ ببعض االصالحات الفكرية والعممية قصد الرقي بتدبير المرافؽ العمومية
إلى مستوى التدبير الجيد .
مما سبؽ ،فقد تقرر تناوؿ المطمب الى مبدئي المساواة واإلنصاؼ (الفرع األوؿ) ،ومبدأ
االستم اررية (الفرع الثاني) .
95
-الشكاري كرٌم :تد بٌر المرافق العمومٌة المحلٌة على ضوء مقتضٌات الدستور المغربً الجدٌد ،باحث فً مٌدان الجماعات الترابٌة
81
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
يعتبر مبدأ المساواة (الفقرة االولى ) مف المبادئ األساسية التي تحكـ تدبير المرافؽ العامة.96
إف ىذا المبدأ يستند عمى أف المرتفقيف المستفيديف مف المرفؽ العاـ يجب أف يعامموا بنفس الطريقة
ماداموا يتوفروف عمى الشروط القانونية لولوج المرفؽ ،وىو مبدأ تقميدي لممرفؽ العاـ بالمغرب ،اما
المستجد في ىذا الفرع ىو مبدأ اإلنصاؼ (الفقرة الثانية) ويقصد بو االنصاؼ في تغطية التراب
الوطني .
يعتبر مبدأ المساواة مف المبادئ األساسية التي تحكـ تدبير المرافؽ العمومية ،ويستند عمى أف
المرتفقيف المستفيديف مف المرفؽ العاـ يجب أف يعامموا بنفس الطريقة ماداموا يتوفروف عمى الشروط
القانونية لولوج المرفؽ .
فالمرفؽ العاـ أحدث إلشباع حاجة جماعية ال يستطيع النشاط الفردي إشباعيا عمى الوجو
األكمؿ ،فيو ييدؼ لتحقيؽ صالح المجموع بدوف استثناء ،ودوف أي تمييز بسبب األصؿ أو المغة أو
الديف أو االنتماء السياسي أو الجنس .
كما أف التمييز بيف المستفديف مف خدمات المرفؽ العاـ يجافي العدالة ،واذا كاف ضرر ذلؾ
محدودا في الييئات الخاصة التي تسودىا المنافسة الحرة فإنو يكوف واسعا أماـ المرافؽ العمومية التي
تعمؿ -غالبا -في ظروؼ احتكارية ال يجد المتضرر مف التمييز ممجأ آخر ،لذلؾ فقد قرر القضاء
اإلداري اعتبار مبدأ المساواة مف القواعد األساسية التي تحكـ سائر المرافؽ العامة .
وال يقتصر مبدأ المساواة بيف المنتفعيف بؿ يمتد كذلؾ إلى المرشحيف لالنتفاع متى توفرت
لدييـ شروط االنتفاع ،كما ال يقتصر عمى المرافؽ االقتصادية واالجتماعية والمينية ،أيا كانت الطريقة
التي يدار بواسطتيا المرفؽ العاـ .
96
-ملٌكة الصروخ :القانون االداري ،مرجع سابق ،ص .531
82
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
إف التكريس الدستوري لمبدأ المساواة في تدبير المرافؽ العمومية المحمية جاء لتعزيز بناء دولة
ديمقراطية يسودىا الحؽ والقانوف ،ومرتكزة عمى الحكامة الجيدة .97
ىذه الحكامة الجيدة تنبني عمى صالحيات الييئة المنتخبة في اتخاذ الق اررات الجيدة والمالئمة
ألجؿ التدبير المحمي السميـ .
ىذه المساواة مف شأنيا ترسيخ فرص متساوية لالستفادة مف الخدمات التي توفرىا جماعاتنا
الترابية في إطار اختصاصاتيا .
أكيد أف مبدأ المساواة أماـ المرافؽ العمومية ال يقصد بو المساواة المطمقة ،حيث يجوز لكؿ
فرد في المجتمع أف يستفيد مف خدمات المرفؽ العمومي دوف قيد أو شرط ،وانما يقصد بو المساواة بيف
جميع األفراد الذيف تتحقؽ فييـ الشروط التي فرضيا المرفؽ العاـ لالستفادة مف خدماتو ،لذلؾ ليس
ىناؾ أي تناقض مع مبدأ المساواة حينما تضع اإلدارة شروطا عامة يتعيف استيفاءىا مف لدف
األشخاص الذيف يريدوف االستفادة مف خدماتيا ،كاشتراط التوفر عمى شيادة أو دبموـ لمف يريد
استكماؿ التعميـ الجامعي ،أو اشتراط التوفر عمى مستوى تعميمي قصد ولوج إحدى الوظائؼ العمومية،
أو دفع رسوـ نظير االستفادة مف خدمات المرافؽ العمومية .
وتبعا لذلؾ ،فمبدأ المساواة بالنسبة لممرتفقيف الموجوديف في نفس المركز وفي نفس الظروؼ
والذيف تطبؽ عمييـ نفس األنظمة القانونية الخاصة باالستفادة مف إحدى خدمات المرافؽ العمومية،
وبالتالي فإف مبدأ المساواة ال يتناقض مع تعامؿ المرفؽ العمومي تعامال مختمفا مع فئات متباينة مع
المترفقيف ،في حيف يت نافي مع التمييز بيف فئة مف المرتفقيف تتوفر عمى نفس الشروط لالستفادة مف
الخدمة المقدمة مف لدف المرفؽ ،ونشير كذلؾ إلى أف مبدأ المساواة ال يتعارض مع استفادة بعض
الفئات االجتماعية مف بعض المزايا دوف غيرىـ ،وذلؾ بصفة استثنائية استنادا إلى نصوص قانونية
عامة ولغرض المصمحة العامة ،بالنظر لمحالة االجتماعية لتمؾ الفئات ؾ :
-الندوة العممية :الدستور المغربي : 2011مستجدات وافاق المقتضيات الجديدة ،مرجع سابق .
97
83
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
-إعفاء الطمبة المتفوقيف مف بعض الرسوـ أو إعطائيـ منح تشجيعية ...أو تخفيض رسوـ النقؿ
بالنسبة لمموظفيف والطمبة أو السماح لممتقاعديف باالنتفاع مف بعض الخدمات مجانا...
إف اإلخالؿ بمبدأ المساواة مف لدف الجية اإلدارية المنوط بيا تدبير المرفؽ سواء كانت سمطة
إدارية أو شركة أو فرد ،وميزت بيف المنتفعيف مف خدمات المرفؽ ،فإف ليؤالء الحؽ ،في حالة تسيير
المرفؽ بأسموب االمتياز ،أف يطالبوا اإلدارة مانحة االمتياز بالتدخؿ إلجبار الممتزـ أو صاحب االمتياز
عمى احتراـ النصوص القانونية ،فإذا امتنعت اإلدارة عف االستجابة لطمبيـ أو كاف المرفؽ يدار
بأسموب االستغالؿ المباشر أو أسموب المؤسسة العمومية ،فإنو مف حؽ األفراد المجوء إلى القضاء
لممطالبة بإلغاء القرار الذي أخؿ بمبدأ المساواة بيف المنتفعيف ،واذا لحقيـ ضرر مف جراء القرار فميـ
الحؽ في طمب التعويض المالئـ .
إضافة إلى دسترة مبدأ المساواة في تدبير المرافؽ العمومية المحمية ،فقد تـ التنصيص دستوريا
عمى مبدأ آخر يشكؿ دعامة قوية لتعزيز دعائـ دولة الحؽ والقانوف أال وىو مبدأ اإلنصاؼ.
ينص الفصؿ 951في فقرتو االولى (يتـ تنظيـ المرافؽ العمومية عمى أساس المساواة بيف
المواطنات والمواطنيف في الولوج إلييا ،واإلنصاؼ في تغطية التراب الوطني ،واالستم اررية في أداء
الخدمات . )...،
،98
ألف اإلدارة ال يمكنيا ويتمثؿ مبدأ اإلنصاؼ في إدخاؿ القيـ واألشكاؿ الجديدة التخاذ القرار
أف تبقى في منئ عف المستجدات التقنية التي ما فتئت وتيرتيا تتسارع ،وأف تتجاىؿ تنامي تكنولوجيا
اإلعالـ التي تحوؿ شروط ممارسة السمطة ،خاصة وأف مسار مسمسؿ التحديث اإلداري يتحدد
بالمقارنة مع درجة استعماؿ أدوات المساعدة عمى اتخاذ القرار التي بإمكانيا تغيير التنظيـ اإلداري
التقميدي بعمؽ عف طريؽ تسييؿ اتخاذ المبادرات وتشجيع إمكانيات التجديد ،ويتناسب ذلؾ مع إصالح
عميؽ يترجـ باالنتقاؿ مف إدارة المساطير نحو إدارة المسؤوليات ،وبعبارة أخرى بالقطيعة مع النموذج
- 98الندوة العممية :الدستور المغربي : 2011مستجدات وافاق المقتضيات الجديدة ،مرجع سابق .
84
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
اإلداري التقميدي مف النمط البيروقراطي ،مما سيؤدي ال محالة إلى تغيير الروابط التي تجمع اإلدارة
بمرتفقييا في اتجاه األفضؿ .
إف اإلنصاؼ في تغطية التراب الوطني بخصوص المرافؽ العمومية ،وانتشارىا عمى كؿ
المجاؿ الترابي الوطني ،يبرر أوال مف خالؿ ترسيخ مبدأ أساسي تقوـ عميو كؿ إدارة ،والمتمثؿ في
المساواة ما بيف المرتفقيف في االستفادة مف خدمات المرفؽ العمومي .ذلؾ أـ كؿ مرتفؽ أينما كاف
يحؽ لو أف يستفيد مف خدمات المرفؽ العمومي في نفس الشروط ونفس الظروؼ ككؿ المواطنيف.
لذلؾ فإف الفوارؽ التي ما تزاؿ قائمة في مجاؿ البنيات التحتية بيف جيات المممكة ،ال مبرر ليا أف
تدوـ أو تتفاقـ .
99
وذلؾ وبناء عمى ذلؾ ،فعمى الدولة اف تخمؽ ىيئات متخصصة في تحقيؽ مبدأ اإلنصاؼ
عبر التفكير في توزيع منصؼ منسجـ وعقالني لممصالح اإلدارية في مجموع التراب الوطني بغية
تقريب اإلدارة عضويا مف المواطنيف ،وخمؽ القوى المنعشة لالقتصاد ،مما سيساىـ بشكؿ أو بآخر في
إدماج الجيات البعيدة في مسار التنمية االقتصادية ،واالجتماعية الذي تعيشو البالد .ومف ثـ ضرورة
وضع أسس إستراتيجية فعالة لتييئة التراب الوطني يكوف اليدؼ منيا تحرير الطاقات المحمية وجعؿ
في متناوليـ إدارة محمية ىي بدورىا بسيطة ومرنة .لذا ،فإف إصالح الخريطة اإلدارية باعتباره محور
100
ascendante l’Administrationيجب أف يكوف مرتبطا أساسيا لإلدارة المتجية نحو األسفؿ
بشكؿ وثيؽ باالمتداد الجغرافي لمتراب الوطني ،ألف تعدد وتقوية أنشطة اإلدارة يتطمب بالتبعية تدعيـ
إمكانيات البنية التحتية اإلدارية وتكييؼ الجياز اإلداري الترابي مع المحيط االجتماعي الذي ىو
مطالب بخدمتو .
وقد شعرت السمطات العمومية بيذا الياجس منذ وقت طويؿ ،وىذا ما تمت ترجمتو بزرع
بنيات إدارية ترابية لمواجية الحاجات المتعددة لجميور عريض مترامي األطراؼ بيف القرى والمدف ،ما
-99محمد العمراني بوخبزة :محاضرات في مادة الحكامة المحمية ،السنة االولى ،ماستر عموم االدارية لتنمية ،كمية الحقوق طنجة ،
السنة الجامعية .2012 – 2011
85
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
انفكت كثافتو الديمغرافية تزداد مع مرور األياـ ،ومعيا تتعدد متطمباتو المعيشية .واذا كانت بعض
المناطؽ ال زالت تشكو حاليا مف نقص كبير مف حيث التغطية في المرافؽ العمومية )خاصة في
الوسط القروي( ،فألف تحقيؽ ذلؾ كاف يصطدـ دائما بعراقيؿ متعددة منيا ما ىو تاريخي ،ومنيا ما
101
. ىو مرتبط بالتحوالت المستمرة التي عرفيا المجتمع المغربي
إضافة إلى ذلؾ ،يجد مبدأ اإلنصاؼ تبري ار آخر يتمثؿ في التزايد السكاني ،الذي يجب أف
يصطحب بتزايد في اإلدارات المقربة إلى الجميور إذ أف تطوير اإلدارة المقربة يفيد شتى الشرائح
االجتماعية التي تبقى في حاجة ماسة إلى أبسط الخدمات االجتماعية الضرورية كالتعميـ والصحة
والطرؽ والقضاء واألمف إلى غير ذلؾ مف الخدمات األساسية والحيوية لكؿ تجمع بشري منظـ .
إذا ما الحظنا افتقار جؿ البوادي والجباؿ والمراكز البعيدة عف الحواضر إلى تمؾ الخدمات
األساسية ،مع أنيا تشيد قفزات ديمغرافية ميولة ،يتضح لنا كـ ىو ضروري وعاجؿ إقامة سياسية
102
. منصفة محكمة تقوـ عمى التقريب المادي والبشري لميياكؿ واألطر اإلدارية
في ىذا اإلطار نعتقد أف انتشار مفوضيات األمر والمحاكـ مف شأنو الحفاظ عمى أمف
واس تقرار المواطنيف أينما كانوا ،وبالتالي دفعيـ إلى المشاركة اإليجابية في مجيودات التنمية
االجتماعية واالقتصادية ،كما أف المواطف لو الحؽ في المطالبة بالتأطير الالئؽ في مجاؿ التربية
والثقافة والرياضة إلى غير ذلؾ مف مجاالت التكويف والترفيو .إف ذلؾ يتطمب إقامة بنيات تحتية
متنوعة ومتعددة ،وعدـ تركيزىا أساسا في الحواضر والمدف الكبيرة ،بؿ يجب أف يستفيد منيا كؿ
المواطنيف أينما كانت محالت إقامتيـ ،كيفما كاف مستواىـ االقتصادي واالجتماعي .
-وىو ما يميز عادة الدول النامية التي خضعت لالستعمار الفرنسي ،والنتيجة المنطقية لذلك ىي تركيز لمسمطات اكثر مما قد يكون
101
-راجع في ىذا الموضوع الدارسة الميمة التي نشرت في مجمة ال ألف عدد .1982-133
102
86
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
في نفس السياؽ ،مف المؤكد أف اإلنصاؼ في تغطية التراب الوطني يساىـ في مجيودات
التنمي ة االقتصادية حيث أف الدولة عف طريؽ المرافؽ العامة الوطنية او الجماعية ػ تشارؾ بؿ تدفع
بالتنمية االجتماعية واالقتصادية إلى األماـ ،سيما في المناطؽ التي الزالت تفتقر إلى المؤىالت
البشرية والتقنية والمالية الضرورية ،103ألجؿ ذلؾ يكوف حضور الدولة عف طريؽ المرافؽ العامة
ضروريا والزما ،كمحرؾ وقاطرة تدفع المرتفقيف نحو االنصيار في مجيودات التنمية المحمية وذلؾ عف
طريؽ :
إف التكثيؼ مف مجاالت اإلنصاؼ يدعـ االنتشار الجغرافي لممرافؽ العمومية ،وذلؾ قصد
التوزيع المنصؼ لمبنيات التحتية اإلدارية عبر كؿ مناطؽ التراب الوطني ،الشيء الذي يجب تحقيقو
عف طريؽ االمتداد األفقي والعمودي والتوزيع المنصؼ لممرافؽ العمومية .
ىذا االمتداد يجب أف يميد لسياسة ال مركزية أكثر جرأة وأكثر تعميقا ،وأكثر انتشا ار أو أكثر
104
. تنوعا في المجاالت االقتصادية واالجتماعية
في المرحم ة الراىنة ،قد يكوف مف األليؽ تعميؽ وتطوير مبدأ االنصاؼ في المجاالت الحيوية
105
والشباب والرياضة والسكف والفالحة ،وذلؾ أف االستثبات الممنيج والمبرمج كالتعميـ والصحة
لممصالح اإلدارية ،يعتبر وسيمة ضرورية لإلقالع االقتصادي واالجتماعي المحمي.فالحالة الراىنة لكثير
مف الوحدات الترابية الثابتة ،تفيد أف ىناؾ نقص في التأطير اإلداري الكمي والكيفي .
103
-عبد الجلٌل عمرانة " رسالة لنٌل دبلوم الدراسات العلٌا المعمقة " وحد القانون اإلداري وعلم اإلدارة -جامعة محمد الخامس كلٌة
العلوم القانونٌة واالقتصادٌو واالجتماعٌة – أكدال -الرباط ،1005 _1001ص .98
104
-تطرق المجلس األعلى للوظٌفة العمومٌة إلى هذا الموضوع فً التقرٌر الذي تبناه المجلس فً ٌ 10ولٌوز .8979
105
-عبد السالم أبو درار ،محاضرة حول الهٌئة المركزٌة للوقاٌة من الفساد ورهان مكافحة الفساد نظمتها جمعٌة سال المستقبل بالخزانة
العلمٌة الصبٌحٌة ،األربعاء 11دجنبر .1080
87
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
إف تكثيؼ البنيات التحتية اإلدارية واالقتصادية واالجتماعية يعد مف األولويات الممحة .وكما
أكد عمى ذلؾ تقرير المجمس األعمى لموظيفة العمومية يجب خمؽ مصالح خارجية لتمديد خدمات
106
. األجيزة المركزية ووصوليا إلى أبعد نقطة في القرى والمداشر والجباؿ
فإذا أخذنا عمى سبيؿ المثاؿ و ازرة الفالحة نجد أف الفصؿ 31مف المرسوـ المنظـ ليا يتحدث
عف كوف المصالح الخارجية ليذه الو ازرة تتجمع في مندوبيات إقميمية مكمفة بتطبيؽ السياسة الفالحية
"المدراء اإلقميمييف يتكمفوف بتنشيط الوطنية عمى صعيد األقاليـ والعماالت .يضيؼ الفصؿ 39
107
. ومراقبة وتنسيؽ أنشطة كؿ المرافؽ الخارجية المتواجدة تحت سمطتيا "
إف مندوبيات و ازرة الفالحة تعد طريقة جيدة تمكف مف تطبيؽ سياسة منصفة مف حيت
االختصاصات ،منظمة اليياكؿ ،سيمة المراقبة والتنسيؽ ،إذف وجب تعميميا عمى الو ازرات األخرى
108
. التي ليا امتدادات متعددة ومتنوعة في العماالت واألقاليـ
مثال إذا أخذنا و ازرة المالية والتي ليا ارتباط يومي وائـ مع المرتفقيف والممزميف فإنيا ال تتوفر
حسب النصوص المنظمة ليا عمى بنيات إقميمية جامعة ومنسقة ومراقبة لنشاطاتيما.109
وأخي ار نشير إلى و ازرة تحديث القطاع العمومي ،التي كانت إلى زمف قريب و ازرة الوظيفة
110
أو و ازرة الشؤوف اإلدارية واإلصالح اإلداري ،بؿ أحيانا كانت و ازرة العمومية واإلصالح اإلداري
106
-تقرٌر المجلس األعلى للوظٌفة العمومٌة ،لجنة اإلصالح اإلداري ٌ 10ولٌوز .8979
107
-مرسوم رقم (19/9/8977 ) -637-77-1المتعلق بتنظٌم وتحدٌد اختصاصات وزارة الفالحة والجرٌدة الرسمٌة عدد 5155فً
86/8/8978ص.878 :
108
-مثال ٌمكن اإلشارة إلى المندوبٌات اإلقلٌمٌة لوزارة التربٌة الوطنٌة وإلى المندربٌات اإلقلٌمٌة لوزارة الصحة العمومٌة.
- 109مرسوم رقم 539/78/2بتاريخ 22نونبر 1978المتعمق باختصاصات وتنظيم وزارة المالية الجريدة الرسمية رقم 3450بتاريخ
13دجمبر 1978ص.1306 :
-110في تقرير لجنة االصالح اإلداري بتاريخ 1979/07/20نجد التركيز عمى االنتشار المعقمن والمنصف لمموارد البشرية التقنية
واإلدارية ،وذلك لمتغطية الشاممة لكل القميم المغربية.
88
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
مستقمة بذاتيا ،وأحينا و ازرة منتدبة تابعة لمو ازرة األولى ،وتارة أخرى مجرد كتابة الدولة .فيذه الو ازرة
كيفما كانت تسميتيا وكيفما كاف ارتباطيا بو ازرات أخرى عمييا أف تسعى إلى تمديد صالحياتيا إلى
األقاليـ والعماالت ،كي تخفؼ مف أعباء المصالح المركزية ،وتقرب خدماتيا إلى كافة الشرائح
المستيدفة في أعباء المصالح المركزية ،وتقرب خدماتيا إلى كافة الشرائح المستيدفة في الجماعات
الترابية .
يعد مبدأ استم اررية المرافؽ العمومية في أدائيا لنشاطيا بانتظاـ واضطراد ،111مف أوؿ المبادئ
التي تحكـ سيرىا بمختمؼ أنواعيا ،يقتضي أف يقوـ المرفؽ العمومي بميامو ونشاطو وتقديـ خدماتو
عمى سبيؿ الدواـ واالستمرار دوف انقطاع ،أيا كانت الظروؼ التي يواجييا في مشواره ،وتـ تتويجو اذ
تمت دسترتو في الفصؿ 951مف الدستور الجديد مما يعرفو ىذا المبدأ مف اىمية ،ال سيما وأف تحقيؽ
المصمحة العامة تقترف باالستم اررية وبالدواـ ألف توقؼ سير المرافؽ العمومية أو تعطميا عف العمؿ
ولو كاف عرضيا يكوف لو نتائج سيئة عمى المرتفقيف الرتباط تمؾ المرافؽ بمصالحيـ اليومية .ويترتب
عمى تطبيؽ ىذا المبدأ عدة نتائج ،يمكف تحميميا في النقاط نظرية الظروؼ الطارئة و نظرية الموظؼ
الفعمي (الفقرة األولى) وتنظيـ االستقالة و تحريـ الحجز عمى أمواؿ المرافؽ العمومية (الفقرة الثانية)،
وتحريـ االضراب ىذه النقطة عرفت جداؿ مؤخ ار ،لما نص عميو الفصؿ 31بأف حؽ االضراب
مضموف .
ظيرت نظرية الظروؼ الطارئة في أحكاـ مجمس الدولة الفرنسي ،112الذي أقرىا خروجا عف
المبدأ في عقود القانوف الخاص التي تقوـ عمى قاعدة شريعة المتعاقديف ضمانا الستمرار سير المرافؽ
111
- Jean de Soto : Grands Services Publics et Entreprises Nationales, Editions Montchrestien , Paris, P 34.
112
-قرار مجلس الدولة الفرنسً فً قضٌة Winkellالصادر بتارٌخ .8909/09/07
89
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
العمومية ولمحيمولة دوف توقؼ المتعاقد ،مع اإلدارة عف تنفيذ التزاماتو وتعطيؿ المرافؽ العمومية.
وتحيؿ ىذه النظرية في معناىا العاـ عمى حوادث أو ظروؼ استثنائية لـ تكف في الحسباف أو غير
متوقعة حيف إبراميف وخارجة عف إرادة طرفي العقد ،مما يخؿ بالتوازف المالي لمعقد اإلداري نتيجة
األعباء المالية غير المتوقعة التي بات يتحمميا المتعاقد مع اإلدارة ،األمر الذي جعؿ تنفيذه اللتزاماتو
التعاقدية أم ار مرىقا ومتعذرا ،فإنو مف حؽ المتعاقد المتضرر أف يطالب مف اإلدارة المشاركة معو في
تحمؿ تمؾ األعباء الجديدة الطارئة إما مف خالؿ تعويضو جزئيا عف الخسائر التي لحقتو مف جراء
الظروؼ الطارئة ،واما عف طريؽ تعديؿ شروط العقد ليتمكف المتعاقد مف االستمرار في تنفيذ التزاماتيا
ضمانا لدواـ سير المرفؽ العاـ الذي يرتبط بو العقد بانتظاـ واضطراد .
تعد نظرية الموظؼ الفعمي أو الواقعي مف النظريات التي تنبثؽ عف مبدأ دواـ سير المرافؽ
العمومية بانتظاـ واضطراد ،فإذا كاف الموظؼ الرسمي ىو الشخص الذي عيف تعيينا صحيحا وفقا
لألصوؿ القانونية ،فإف الموظؼ الفعمي أو الواقعي ىو ذلؾ الشخص الذي يقر القضاء بصحة
ومشروعية بعض األعماؿ والتصرفات التي قد يأتييا وىو مزاوؿ لموظيفة المرتبطة بسير المرفؽ
العمومي ،دوف أف يكوف معينا وفقا لألصوؿ القانونية بأف عيف تعيينا معيبا أو لـ يصدر قرار بتعينو
أصال .وبالرغـ مف أف األصؿ العاـ يفرض بطالف األعماؿ الصادرة عف الموظؼ الفعمي أو
الواقعي ،113باعتبارىا أعماؿ صادرة مف غير مختص أو مغتصب أو منتحؿ لموظيفة ،فإف القضاء أكد
سالمة وصحة تمؾ األعماؿ ضمانا الستقرار سير المرافؽ العامة ،ويرتبط تطبيؽ نظرية الموظؼ
الفعمي أو الواقعي باعتبارات مختمؼ حسب الظروؼ التي قد تكوف ظروفا استثنائية كما ىو الحاؿ
بالنسبة لحاالت الحرب ،الثورة والكوارث الطبيعية أو ظروفا عادية .
الفقرة الثانية :تنظيم االستقالة و تحريم الحجز عمى أموال المرافق العمومية
113
-طبق مجلس الدولة الفرنس ً هذه النظرٌة ألول مرة فً قراره المتعلق فً قضٌة غاز بوردو بتارٌخ 50مار ،8986قبل أن ٌتوسع
فً تطبٌقها على قضاٌا أخرى مماثلة ،للمزٌد من التفاصٌل أنظر كتاب األستاذ أحمد سنٌهجً.
90
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
يقصد باالستقالة ترؾ الموظؼ لوظيفتو بحريتو بصفة نيائية ،114فيي عبارة عف عمؿ إرادي
مف جانب الموظؼ ،يفصح فيو عف رغبتو في ترؾ الخدمة نيائيا قبؿ بموغ السف القانونية المقررة
لتركيا .فيكذا فاالستقالة ىي رغبة اختيارية لمموظؼ في إنياء عالقتو مع الوظيفة التي يشغميا ،واذا
كاف مف البدييي أنو ال يمكف إجبار الموظؼ عمى البقاء فييا رغما عف إرادتو ،إذ أف االعتبارات
اإلنسانية والمفاىيـ الحضارية تقتضي احتراـ رغبة الموظؼ في ترؾ وظيفتو ،فإف اعتبارات المصمحة
العامة وضرورة سير المرافؽ العامة بانتظاـ واضطراد ،تجعؿ المشرع يحرص عند تنظيـ االستقالة،
عمى التوفيؽ بيـ حؽ الموظؼ في التمتع بيذا الحؽ ،وحؽ المجتمع في الحصوؿ عمى الخدمات
العامة التي يتـ تمبيتيا بواسطة المرافؽ العامة ،بحيث ال تنقطع عالقة الموظؼ بالوظيفة التي يشغميا،
حتى يتـ قبوؿ استقالتو قبوال تاما مف الناحية القانونية ،كمبدأ عاـ يسري عمى جميع موظفي الدولة .
إف تطبيؽ مبدأ دواـ استم اررية المرفؽ العمومي بانتظاـ واضطراد يقتضي عدـ الحجز عمى
أموالو -إذ خالفا لمقاعدة العامة التي تبيح الحجز عمى ممتمكات المديف الذي يمتنع عف الوفاء بديونو-
،ال يمكف الحجز عمى أمواؿ المرافؽ العمومية التي تعتمد عمييا في تمبية الحاجيات العامة ذات
المنفعة العامة ،ألنيا تخضع لنظاـ قانوني يحمييا ،يجعميا غير قابمة لمتفويت والتممؾ بالتقادـ وغر
قابمة لفرض تأميف عيني عمييا كالرىف مثال ،كما يمنع الحجز عمييا ،ألف في الحجز عمى أمواؿ
أشخاص القانوف العاـ تعطيؿ لخدمات المرافؽ العمومية وتيديد ليا بالتوقؼ واالنقطاع وىذا ما يناقض
مبدأ استم اررية المرافؽ العمومية .
والواقع أف تحريـ الحجز عمى أمواؿ المرافؽ العمومية ،تيـ مف حيث المبدأ المرافؽ التي تدار
بأسموب االستغالؿ المباشر أو أسموب المؤسسة العمومية التي تكتسي أمواليا صفة األمواؿ العامة أو
أمواؿ الدوميف العاـ التي ال يجوز الحجز عمييا ،أما أمواؿ التي تدار بأسموب االمتياز ،فيي واف كانت
ستؤوؿ في نياية األمر إلى اإلدارة مانحة االمتياز ،إال أف حؽ الممتزـ عمييا ظاىر خالؿ مدة
114
-ملٌكة الصروخ :القانون االداري ،دراسة مقارنة ،مرجع سابق ص .531
91
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
االمتياز ،فيي واف كانت ستؤوؿ في نياية األمر إلى اإلدارة مانحة االمتياز ،إال أف حؽ الممتزـ عمييا
ظاىر خالؿ مدى االمتياز ،بميؿ أنو يستطيع أف يتصرؼ فييا بالبيع ،باعتبارىا أمواؿ ممموكة لو ،وما
داـ أنيا أمواؿ ممموكة ألحد األشخاص الخواص فيؿ يجوز الحجز عمييا لتسديد ما بذمة الممتزـ مف
ديوف ؟ ،ىذا ما طالب بو األفراد ،بيد أف القضاء والتشريع رفضا تطبيؽ الحجز عمى أمواؿ المرافؽ
العامة التي تدار بأسموب االمتياز ،استنادا لمبدأ دواـ سير المرافؽ العمومية بانتظاـ واضطراد .
يحيؿ مصطمح اإلضراب عمى امتناع الموظفيف في المرافؽ عف تأدية أعماليـ لفترة معينة
وبصفة مؤقتة ،دوف أف تتجو نيتيـ إلى التخمي عف وظائفيـ بشكؿ نيائي ،115لذلؾ اعتبر مف أخطر
اإلجراءات التي تتعارض مع مبدأ دواـ سير المرفؽ العمومية بانتظاـ واضطراد ،إذ قد يشؿ حركتيا
ويعرقؿ سيرىا ،كما أف اإلضراب قد يحرـ المرتفقيف مف االستفادة مف الخدمات المرفقية الضرورية
طيمة القياـ باإلضراب كمرافؽ النقؿ والتعميـ وتوزيع الماء والكيرباء تدبير النفايات المنزلية
والصحية ،...وىي خدمات ال يمكف االستغناء عنيا ولو لفترة قصيرة جدا ،ال سيما وأف الكثير مف تمؾ
الخدمات المرفقية تؤدي بشكؿ احتكاري أو شبو احتكاري بخالؼ القطاع الخاص الذي يعمؿ في ظؿ
المنافسة ،لذلؾ لإلضراب أثر خطير عمى مبدأ استم اررية المرافؽ العمومية في أدائيا لخدماتيا بانتظاـ
واضطراد ،ال سيما وأف اإلضراب يكوف مبعثو أحينا اعتبارات سياسية ،وال عالقة ليا بتحقيؽ مطالب
مينية .
ىكذا وتبعا ليذه االعتبارات ،أجمع الفقو والقضاء عمى تحريـ اإلضراب في المرافؽ العامة
ضمانا الستم اررية خدمتيا ،وعمدت معظـ الدوؿ عمى التضييؽ مف نطاقو أو تنظيمو بشكؿ يحوؿ دوف
115
-قرار الغ رفة اإلدارٌة بالمجلس األعلى ،قضٌة محمد الحٌحً ضد وزٌر التربٌة الوطنٌة والشبٌبة والرٌاضة 87 ،أبرٌل .8968
92
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
تأثيره السيئ عمى الحياة االقتصادية واالجتماعية ،116إال اف الفقرة الثانية مف الفصؿ 31مف الدستور
(حؽ االضراب مضموف ،ويحدد قانوف تنظيمي شروط وكيفيات ممارستو) ،تستوجب التأمؿ في تحريـ
االضراب في المرافؽ العامة المغربية .
باإلضافة الى مبادئ المرفؽ العاـ جاء الفصؿ 951في فقرتو الثانية بالمعاير التي تخضع ليا
المرافؽ العامة .
المطمب الثاني :المعايير التي تخضع ليا المرافق العامة عمى ضوء الدستور الجديد
لطالما شكؿ ربط المسؤولية بالمحاسبة إحدى المطالب األساسية لمشارع المغربي وكانت
االستجابة بتخصيص الدستور المغربي الجديد لسنة 3122الفقرة الثانية مف الفصؿ ( 265إخضاع
تسيير المرافؽ العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية والمبادئ والقيـ
والديمقراطية )...لتحديد المعايير التي تخصع ليا المرافؽ العامة ،والتي تعتبر حجر الزاوية في تعزيز
دعائـ دولة الحؽ والقانوف اف كاف الجودة و الشفافية والمسؤولية وربطيا بالمحاسبة ،كمفيوـ جديد
يصؿ إلى الدستور المغربي ،ليفتح أبوابا عديدة مف أجؿ تحريؾ المتابعات في حؽ المفسديف.
اليوـ يمكف القوؿ بأف مفيوـ المحاسبة تقوى مف خالؿ الدستور الجديد ،117كما أف عددا مف
البنود تحرص عمى المحاسبة ،وحتى المؤسسات التي ستحاسب ىي موجودة أساسا ،ويعتبر ىذا
تكريسا لدولة القانوف المرتكزة عمى المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة والتضامف .
مما سبؽ ،فقد تقرر تناوؿ المعايير التي تحضع ليا المرافؽ العامة عمى ضوء الدستور عبر
مبدئي الجودة والشفافية (الفرع االوؿ) ،ومبدئي المحاسبة والمسؤولية (الفرع الثاني) .
116
-وفً هذا االتجاه أكده مجلس الدولة الفرنسً تحرٌمه لإلضراب بالنسبة لجمٌع العاملٌن فً المرافق العامة ،بغض النظر عن الطرٌقة
التً تدار بها هذه المرافق ،وذلك فً حكمه الصادر بتارٌخ 7غشت 8909فً قضٌة Winkellالمشهورة ،بصدد إضراب موظفً البرٌد
حٌث قال " :ومن حٌث أن الموظف بقوبله للوظٌفة التً أسندت إلٌه ،قد أخضع نفسه االلتزامات المترتبة على ضرورة سٌر المرافق العامة
وتنازله عن كل ما من شؤنه أن ٌتعارض مع االستمرار األساسً للحٌاة الوطنٌة ".
117
-النواف بٌالل :اإلصالحات الدستورٌة ورهان االنتقال الدٌمقراطً بالمغرب دستور 1088نموذج ،مرجع سابق ،ص 70
93
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
األكيد أف الدور الحيوي لممرافؽ العمومية داخؿ المجتمع جعميا تخضع في تدبيرىا لمجموعة
مف المعايير األساسية والضابطة عند أدائيا لممياـ المرتبطة بإشباع الحاجات العامة .ومف بيف
المعايير الجودة (الفقرة االولى) ،كقدرة عمى إشباع متطمبات الزبوف التي تعرؼ التطور باستمرار ،وىي
ال تعتبر كظاىرة لموضى سريعة الزواؿ ولكف كضرورة دائمة ،كجزء ال يتج أر مف مظاىر الحكامة
الجيدة ،والشفافية (الفقرة الثانية) ،كوف ىذه األخيرة تعمؿ باإلضافة إلى تحقيؽ ىوية المرافؽ العمومية
عبر جعميا منفتحة عمى المرتفقيف .
ويشكؿ العنصر األخير محو ار أساسيا لإلصالح والتغيير في سبيؿ رفع مستوى أداء أجيزة
القطاع العاـ بالمغرب .118لكف في الواقع ،فإلى حد اآلف ،ال نجد برنامج ومخططات شاممة لتبني
تدبير الجودة كأسموب إداري داخؿ المنظمات العمومية عمى اختالفيا .ومع ذلؾ ،فيناؾ بعض
المحاوالت ،واف كانت عمى مستوى قطاعي ،إال أنيا تعكس الرغبة في التغيير ،تغيير شكؿ وأنماط
- 118
نوال الهناوي " تدبٌر الجودة الكلٌة بالقطاع العام " رسالة دبلوم الدراسات العلٌا المعقمة " وحدة القانون اإلداري وعلم اإلدارة :
جامعة محمد الخامس كلٌة العلوم القانونٌة واالقتصادٌة واالجتماعٌة أكدال الرباط .السنة الجامعٌة .1008-1000ص . 98
94
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
عمؿ بعض المرافؽ األساسية بالنسبة لمجميور عمى المستوى االجتماعية واالقتصادي .وفي ىذا
اإلطار فقد تـ مف قبؿ احداث مديرية متخصصة في مجاؿ الجودة ،تابعة لو ازرة التجارة والصناعة،
وىي مديرية المواصفات وانعاش 119الجودة .
وتعد الجودة أحد المفاىيـ المتطورة باستمرار في مجاؿ تدبير المرافؽ العامة ،تتغير حسب
طبيعة ىذه األخيرة وحسب تطور نشاطاتيا والظروؼ البيئية المحيطة بيا ،وىو ما جعؿ مف الصعب
حصر تعريؼ واحد ليا ،وسنحاوؿ تسميط الضوء عمى بعض التعاريؼ ليا .
لقد تعددت وتباينت التعريفات التي أوردىا الكتاب الميتموف بموضوع الجودة ،لوضع تعريؼ
محدد لمعناىا ومضمونيا ،وكذا أبعادىا المختمفة .ومف الصعب أف نجد تعريفا بسيطا يصفيا ويعرفيا
120
. تعريفا شامال قاطعا ،بسبب تعدد جوانبيا
وتبعا لذلؾ ،فمف المستحسف البدء بعرض مختمؼ التعريفات التي أعطاىا رواد الجودة ،حتى
تمـ أكثر بيذا المفيوـ. 121
» « P.Crospyبأنيا " التوافؽ مع المتطمبات " أما " » « E.Demingفيي " يعرفيا
المك ونات الكمية لممنتوج أو الخدمة التي تشبع متطمبات الزبوف ،وساء كانت تمؾ المتطمبات ظاىرة أو
K.Ishikawaبأنيا " ضماف قدرة ضمنية مجردة أو غير مجردة " .ومف وجية نظر يابانية ،عرفيا
منتوج عمى إرضاء متطمبات الزبوف " .وبإيجاز عرفيا JURANبأنيا " المالئمة لمغرض واالستخداـ
122
. "
119 -
Fatima Zohra Rajah : la démarche qualité dans l’entreprise : cas du central laitiére DESA 2000-Rabat
Agdal p 17
120
-فرٌد عبد الفتاح زٌ ن الدٌن " :إدارة الجودة الشاملة فً المإسسات العربٌة ،المنهج العامً للتطبٌق " 8966ص .9
121
- Fatima Zohra Rajah : la démarche qualité dans l’entreprise : cas du central laitiére DESA 2000-Rabat
Agdal p ,86.
122
-مجلة البحوث اإلدارٌة – العدد الرابع شتنبر 8998ص .88
95
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
مجموع خصائص أو مميزات كياف ما ،بصورة تكنو مف تمبية احتياجات ومتطمبات معبر أو
123
. ضمنية "
فالكياف يمكف أف يكوف نشاطا منتوجا ،خدمة مؤسسة ،نظاما ،شخصيا ذاتيا أو تركيبة مما
124
. سبؽ
االحتياجات :ضرورات أو رغبات معبر عنيا مف طرؼ مستعمؿ ما وتترجـ عادة إلى مميزات
مع مقياس محددة .ويمكف االحتياجات أف تضـ ،عمى سبيؿ المثاؿ ،جوانب متعمقة بالمؤىالت ،بسيولة
االستعماؿ ،بالسالمة إلخ..
يظير مف خالؿ كؿ التعريفات السابقة ،أف مفيوـ الجودة يتغير حسب المعنييف بيا ،125بالنسبة لمزبوف
أو المستفيد ،فجودة منتوج أو خدمة ىي قدرتو عمى تمبية حاجياتو .بالنسبة لممنتجيف :فجودة اإلنتاج
ىي قدرة ىذا األخير عمى التحقؽ بأقؿ تكمفة مع تمبية احتياجات المستفيديف منو .بالنسبة لممنظمة،
فإف الجودة كمية ،إذا كانت تيدؼ إلى وضع سياسة تعسى لمتعبئة المتواصمة لكؿ العامميف ،مف أجؿ
تحسيف جودة المنتوج أو الخدمة ،ومف أجؿ فعالية نمط العمؿ .بالنسبة لممجتمع :فيي تتصؿ
باألخالقيات واآلداب ،فجودة منظمة ما ،تقوـ أساسا عمى قدرتيا عمى التجديد وخمؽ قيـ مضافة ،وعمى
التشارؾ مع مختمؼ الجيات المعنية مع احتراـ أو الحفاظ عمى البيئة المادية المحيطة.
فالجودة إذف ىي قدرة اإلدارة عمى الوفاء بمطالب كؿ المتعامميف معيا ،ىي القدرة عمى تحقيؽ
تمؾ المتطمبات بالشكؿ الذي يتفؽ مع توقعاتيـ ،وتحقؽ رضاىـ التاـ عف الخدمة التي قدمت ليـ
وبذلؾ فقد عرؼ partonو Marsonالجودة بأنيا معرفة ماذا يريد المستفيد ،وتحقيؽ تمؾ الرغبة
بشكؿ صحيح يخمو مف النقائص والعيوب ومف أوؿ وىمة ،بحيث ال يضطر المستفيد إلى العودة إلى
123
- Yve Lavina- Erick Perruche « Maintenance et assurance de la qualité ( guide pratique ) les ed :
d’organisation- 1998 p 17.
124
-منشورات وزارة التجارة والصناعة .
125
- YVE Lavina- Erick Perruche : Op cit P : 18.
96
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
الموظؼ أو العامؿ لتعديؿ خطأ أو قصور ،ىذا باإلضافة إلى تحقيؽ االستم اررية في جودة الخدمة
126
. وتحسيف األداء
H.Seriyxفي أحد مقاالتو ،بأنيا " اإلنصات الدائـ لمزبوف ،ووضعو في قمب كما يصفيا
اىتمامات المنظمة كمحور مبادراتيا وتوجياتيا ". 127
وفي المغرب ،فقد قدمت عدة محاوالت لتعريؼ الجودة ،نذكر منيا ،تعريؼ " يوسؼ بريكة "
128الذي عرؼ الجودة بأنيا " القدرة عمى إشباع متطمبات الزبوف التي تعرؼ التطور باستمرار ،وىي ال
تعتبر كظاىرة لموضى سريعة الزواؿ ولكف كضرورة دائمة ،كجزء ال يتج أر مف اإلستراتيجية الشاممة
لممنظمة " .
أما األستاذ " عبد الحميد سكوري " فالجودة تعني بالنسبة لو ،أف تتـ العمميات اإلدارية دوف أي
خطأ أو عيب أو تقص ،ومف أوؿ محاولة ،وأف تشبع رضا المستفيديف مف المنتوج أو الخدمة ،فيي
إذف :
ونعتقد أف الجودة ىي " :أسموب تدبيري ،ونمط لمعمؿ ،ييـ كؿ أجزاء المنظمة ،وييدؼ إلى
إشراؾ كؿ الفاعميف عمى كافة المستويات ،في عمميات التحسيف المستمرة ألدائيا ونشاطيا ،حتى
تتوافؽ وتستجيب لمتطمبات وبنائنا الداخمييف والخارجييف " .
126
-فرٌد عبد الفتاح زٌن الدٌن " :إدارة الجودة الشاملة فً المإسسات العربٌة ،مرجع سابق ،ص .80
127
-نوال الهناوي " تدبٌر الجودة الكلٌة بالقطاع العام " ،مرجع سابق ،ص .88
128
- Youssef Briga : l’audit de la qualité dans le secteur public , pourquoi... comment?RMD : n° 6-7 p :35 .
97
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
إف المدخؿ التقميدي لتدبير الجودة بمراحمو المختمفة ،أصبح غير قادر ،بسماتو وخصائصو
عمى التصدي لتمؾ التحديات التي تواجو المنظمات .
ومف ىنا ظير فكر فمسفي جديد أطمؽ عميو ،تدبير الجودة الكمية،qualité management total
يقوـ عمى اإليماف بأف الجودة العالية لممنتوج أو الخدمة وما يرتبط بيا مف إرضاء المستيمؾ ،يمثؿ
مفتاح النجاح ألي منظمة ،حيث أف طبيعة المنافسة العالمية والواسعة والشاممة ،تتطمب بصفة عامة
129
: مف أي منظمة بعض الخصائص ىي
وعمى الرغـ مف وجود محاوالت عديدة لتعريؼ تدبير الجودة الكمية ،ووصؼ أسسيا ومبادئيا
الرئيسية ،مع ذلؾ ال نجد ىناؾ تعريفا موحدا إال أف ىناؾ بعض التعريفات التي فرضت نفسيا في
الفكر اإلداري ،لما تتصؼ بو مف موضوعية ،وشموؿ نسبي في تناوليا .
Sechterتدبير الجودة الكمية بأنيا " خمؽ ثقافة متميزة في األداء ،حيث يعمؿ يعرؼ
ويكافح المديروف والموظفوف بشكؿ مستمر ودؤوب لتحقيؽ توقعات المستفيد ،وأداء العمؿ الصحيح
130
. بشكؿ صحيح ،منذ البداية مع تحقيؽ الجودة بشكؿ أفضؿ وبفاعمية عالية ،وفي وقت أقصر"
فتدبير الجودة الكمية إذف ،ىي خمؽ نظاـ مف األداء الممتاز الذي يفي باحتياجات وتوقعات
المستفيد دائما ويتفوؽ عمييا وقد جاءت صفة الشمولية ،لتشمؿ كؿ مف اإلدارة والجودة معا عمى حد
سواء ،أي أنيا تنطوي عمى إدارة شاممة وجودة شاممة .
كما أنيا تحوؿ جذري في الممارسات اإلدارية التقميدية لنختمؼ أوجو المنظمة ؼ ODGERS
يعتبرىا أكثر مف مجرد عمميات لإلدارة ،إنيا ثقافة ،طريقة حياة ،مف خالليا وعف طريقيا تيدؼ
129
- YVE Lavina- Erick Perruche : Op cit P : 10.
130
-فرٌد عبد الفتاح زٌن الدٌن " :إدارة الجودة الشاملة فً المإسسات العربٌة ،مرجع سابق ،ص .85
98
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
المنظمات إلى إحداث تغيرات أساسية في طريقة كؿ األفراد ،كؿ المديريف كؿ الموظفيف ،في األداء
والتصرؼ السميـ في المنظمة .
131
شكؿ تعاني لألداء األعماؿ ،بتعبئة أما أحد الكتاب الباحثيف في مجاؿ الجودة ،فيرى أنيا
المواىب والقدرات لكؿ مف العامميف واإلدارة ،لتحسيف اإلنتاجية والجودة ،بشكؿ مستمر ،مستخدمة فرؽ
العمؿ " .
ويرى كذلؾ بأف ىذا التعريؼ الذي أورده ،يتضمف المقومات األساسية الثالثة لتدبير الجودة
الكمية والتي تكفؿ نجاحو في أي منظمة وىي :
-التدبير التشاركي
ويتضح مف خالؿ كؿ ما سبؽ ،أف تدبير الجودة الكمية TQMخطوة متقدمة في طريؽ
تحسيف الجودة واإلنتاجية ،وأف ليا مف الخصائص والمقومات ما يميزىا عف مداخؿ الجودة التقميدية،
فمقد اتسع مضمونيا ونطاؽ شموليا والفمسفة التي ترتكز عمييا مما جعميا تنفرد بسمات متميزة عف ما
سبقيا مف مداخؿ الجودة ،وقد امتدت لتغطي كؿ العمميات داخؿ المنظمة ،مستيدفة مقابمة احتياجات
المستيمؾ " المستفيد " في الوقت الحاضر والمستقبؿ ،إذ تعمؿ حسب توجيياتو بمرونة واستجابة سريعة
وتحسف مستقر وثابت لمجودة .132
إذا سممنا بأف سرية المرفؽ العاـ تقود إلى نوع مف االستنكار والرفض لدى المرتفقيف والرأي
العاـ بكيفية عامة ،فإف شفافية ىذا األخير ستؤدي إلى إعادة االعتبار لممرافؽ العمومية عبر انفتاحيا
131
-نوال الهناوي " تدبٌر الجودة الكلٌة بالقطاع العام " ،مرجع سابق ،ص .10
132
-محمد الداودي :مقاربة إلشكالٌة تحدٌث المرفق العمومً الصحً بالمغرب ،اطروحة لنٌل الدكتوراه فً القانون العام ،جامعة محمد
الخامس كلٌة العلوم القانونٌة واالقتصادٌة واالجتماعٌة السوٌسً الرباط ،1008 _1007 ،ص . 63
99
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
عمى محيطيا مف جية وتوفير مصادر جديدة لممعمومات يمكف أف يستفيد منيا المرتفقيف في حياتيـ
اليومية .
وتظير بوضوح األىمية التي تكتسييا شفافية المرافؽ العمومية ،في كوف ىذه األخيرة تعمؿ
باإلضافة إلى تحقيؽ ىوية المرافؽ العمومية عبر جعميا منفتحة عمى المرتفقيف ،تحقيؽ مشروعية ىذا
األخير عبر خمؽ التوافؽ حوؿ نشاطاتيا.
ولعؿ دسترة ىذا المبدأ دليؿ عمى أىميتو ،حيث يصنؼ ىذا األخير مف بيف المعايير التي
تخضع ليا المرافؽ العامة ،والتي ينبغي عمى جميع المرافؽ أف تمتزـ بيا في عالقتيا مع المرتفقيف.
وبتالزـ مع ذلؾ ،فإف مسألة تواجد المعمومات والوثائؽ لدى المرفؽ العمومية ،ال تكفي لوصؼ
ىذا األخير بصفة " الشفافية " ،بؿ ينبغي كذلؾ أف يعمؿ ىذه األخيرة ألجؿ توفير الوسائؿ الالزمة
لحصوؿ المرفؽ عمى الخدمات المرتبطة باإلعالـ ،خصوصا وأف الحؽ في اإلعالـ أصبح يمزـ
باإلضافة إلى مسؤولية المرافؽ العمومية في توفير الوسائؿ الالزمة لتكوف أكثر وضوحا وشفافية،
قياميا كذلؾ بتسييؿ عممية الحصوؿ عمييا ،ولتحقيؽ ىذه الغاية ،ينبغي أف تتوفر إرادة حقيقية
وصارمة ،تكوف مبنية عمى أسس تواصمية وضمانات قانونية .
إذا كاف مف األكيد أف السرية تشكؿ العمود الفقري لكؿ عممية تروـ إلى وضع األقنعة عمى
األعماؿ التي تقوـ بيا المرافؽ العمومية ،فإف شفافية ىذه األخيرة ستشكؿ الضمانة التي بموجبيا ستتبع
قناعة مفادىا أو السرية تاركة المجاؿ لإلعالـ والشفافية .
وبالتالي ،فإف مثؿ ىذا االتجاه ،البد أف يمر عبر إقرار الحؽ في اإلعالـ باعتباره ترجمة
واضحة لمجيؿ الثالث لحقوؽ اإلنساف ،وال يمكف تحقيؽ ىذا المبتغى إال بتضافر الجيود عبر
مستوييف ،فإلى جانب ضرورة حدوث تطور نوعي عمى المستوى التواصمي في االتجاه نحو ىذا الحؽ،
ينبغي " بكيفية موازية :اتخاذ تدابير تشريعية متواصمة إلى غاية التنصيص عمى الحؽ في اإلعالـ
كحتمية أصبحت تفرض نفسيا لموصوؿ إلى شفافية حقيقية لممرافؽ العمومية ويتضح ذلؾ في الفصؿ
277حيث أكد الدستور عمى أف الييئة العميا لالتصاؿ السمعي البصري تتولى السير عمى احتراـ
100
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
التعبير التعددي لتيارات الرأي والفكر ،والحؽ في المعمومة في الميداف السمعي البصري ،وذلؾ في
إطار احتراـ القيـ الحضارية األساسية وقوانيف المممكة .
يبدو مف الطبيعي أف أي إستراتيجية حقيقية لشفافية المرافؽ العمومية تفترض مقدما نيج
سياسة متواصمة لإلعالـ واالتصاؿ باعتبارىا عامال إيجابيا لجعؿ أنشطة المرافؽ العمومية تبتعد عف
كؿ ما ىو معتـ ،لذا نجد بعض الدوؿ )بمجيكا ،فرنسا ،البرتغاؿ ،انجمت ار( ،التي اختارت لمرافقيا ميثاؽ
المواطف ،عممت عمى تبني بعض القنوات إلعالـ المرتفؽ .
واذا كاف يمكف تعريؼ االتصاؿ بشكؿ رسمي مثؿ أي عممية يتـ بموجبيا نقؿ المعمومات
والحيثيات المتعمقة بالق اررات مف المرسؿ إلى المرسؿ إليو بطرؽ االتصاؿ المختمؼ ،فإف مقدرة أي
منظمة عمى المحافظة عمى نمط نشاط معقد ،ومعتمد داخميا عمى بعضو البعض بدرجة عالية يحددىا
جزئيا مقدرتيا عمى معالجة االتصاؿ الالزـ ،ذلؾ أنو كمما زادت كفاءة االتصاؿ داخؿ المنظمة ،زاد
133
. تحمؿ اعتماد المتداخؿ والمتبادؿ
والحالة الوحيدة التي ال يوجد فييا مشكمة اتصاؿ ىي عندما يكوف الشخص الذي يجب أف ينفذ
القرار ىو أيضا أنسب شخص التخاذ القرار ،وليس ىنا بطبيعة الحاؿ داع في ىذه الحالة االستثنائية
لوجود منظمة التي تتطمب مجموعة مف التدفقات بغرض نقؿ البيانات والمعمومات .
وبعبارة أخرى ،إف إمكانية السماح لشخص معيف باتخاذ قرار ،سيعتمد دائما عمى ما إذا كاف
يمكف أف يتـ نقؿ المعمومات التي يحتاج إلييا التخاذ قرار حكيـ ،حيث يتمكف مف وضع اليد عمى
مختمؼ المشاكؿ التي يجب حميا ،134وما إذا كاف ىو أيضا بالتالي سيكوف قاد ار عمى نقؿ ق ارره إلى
أعضاء المنظمة اآلخريف الذيف مف المفروض أف يؤثر عمى سموكيـ مف خالؿ العالنية التي تشفي
المشروعية عمى أعماؿ المرافؽ العمومية وتؤدي إلى ترسيخ اإلجماع حوؿ نشاطيا ،وتقوي االنسجاـ
133
-جٌمس جً ،مارش وهٌربرت اي -ساٌمون "المنظمات" (ترجمة عبد الرحمن بن احمد هٌجان)،االدارة العامة للطباعة والنشر ،
معهد االدارة العامة ، 1008ص .177
134
-جٌمس جً ،مارش وهٌربرت اٌه-ساٌمون "المنظمات" (ترجمة عبد الرحمن بن احمد هٌجان)،مرجع سابق ،ص . 178
101
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
بيف العامميف في نطاقيا ،كما تتيح لممرتفقيف إمكانية اإلطالع عمى األنظمة والتشريعات التي تحدد
حقوقيـ وواجباتيـ .
وعميو ،فإذا كاف التواصؿ داخؿ المرافؽ العمومية يجري بكيفية منسجمة ومتنافسة ،فإف ىذا
األخير ينعكس عمى المرافؽ العمومية بالمرتفقيف ،ومف تـ ينبغي أف تكوف االتصاالت داخؿ المرافؽ
العمومية بنغمات عاطفية مناسبة لكؿ منسوبييا ،ويجب كذلؾ أف توفر معمومات دقيقة 135سواء كاف
ىذا االتصاؿ في االتجاه الصاعد ) عممية النقؿ إلى مركز القرار( ،أو اليابط ) نقؿ الق اررات التي تـ
التوصؿ إلييا مف مركز اتخاذ القرار إلى األجزاء األخرى( .
لذلؾ ،فقد أصبح مف بيف األولويات إقرار تواصؿ يساعد عمى ترسيخ الشفافية كيفما كاف تدخؿ
المرافؽ العمومية وغاياتيا وطرؽ تدبيرىا ،خصوصا وأف أغمب المرافؽ اإلدارية أصبحت تبدي اىتماما
قويا لمبحث عف المشروعية ليس فقط لدى المتعامميف معيا ،بؿ كذلؾ لدى الرأي العاـ.
ومف ىذا المنطمؽ ،إذا كاف " برنادر " يرى أنو في أي نظرية كمية لتنظيـ ما ،يحتؿ االتصاؿ
مكانا مركزيا ،نظ ار ألف الييكؿ والشمولية والمجاؿ كميا عوامؿ محكومة كميا بآليات االتصاؿ فإف تعدد
وتنوع المتعامميف مع المرافؽ العمومية يفرض عمييا امتالؾ العدد الكافي مف المعمومات المتعمقة
بمختمؼ الشرائح المطالبة بتقديـ الخدمات إلييا نظ ار ألف تعدد وتنوع أصنا المتعاليف مع العمومية
يقابمو وضعيات ومشاكؿ مختمفة ومتنوعة أيضا .
واألكيد أنو حيثما تيتـ المرافؽ العمومية بإعالـ المرتفقيف ،فإف جزاءا ىاما مف المعمومات
اإلدارية الموجية نحو األسفؿ ينبغي أف ينتصب حوؿ المساطر واجراءات تقديـ الخدمات لممترفقيف،
وذلؾ لكي يتمكف العامموف بالمرافؽ العمومية إطالع المرتفقيف عمى تمؾ اإلجراءات والوصوؿ إلى
درجة عالية مف شفافيتيا .
وفي ىذا االتجاه ،يبدو أف تدخؿ المرافؽ العمومية إلعالـ المرتفقيف ينبغي أف يتخذ أشكاال
مختمفة ،حيث يمكف مثال نشر معمومات تتعمؽ بإجراءات متخذة مف قبؿ الحكومة ،رغـ عدـ ارتباط
135
-عبد الفتاح أعبٌس" :حكامة تدبٌر المرافق العمومٌة من الحدود إلى التحدٌات الوكالة الحضرٌة لسطات نموذجا "،مرجع سابق ،
ص . 76
102
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
اإلعالـ الحكومي بأشكاؿ التواصؿ المتعمقة بالمرافؽ العمومية ،إضافة إلى ضرورة التدخؿ مف أجؿ
تحسيس المرتفقيف بأىمية الحؽ في اإلعالـ واإلطالع عمى مجريات حياة المرافؽ العمومية عف طريؽ
136
وتوعيتيـ بأىمية حقيـ في اإلعالـ ،وذلؾ إقناعيـ بضرورة العمـ بكؿ ما يتعمؽ بالمرافؽ العمومية
لدفعيـ وتحفيزىـ لممارسة ىذا الحؽ ضمف الشروط واألنظمة الجاري بيا العمؿ .
ومما يزيد مف قيمة مثؿ ىذه المبادرات قياـ الباحثيف أنفسيـ بالمبادرة والسير نحو استكشاؼ
خبايا المرافؽ العمومية إلى حيف القياـ بإصالح تشريعي يدفع في اتجاه قمب العالقات الحالية والمبنية
عمى السرية والالشفافية .
لما كانت الحاجة إلى اإلعالـ والشفافية تكتسي طابعا حيويا وضروريا لدى معظـ الدوؿ
والمنظمات واالتفاقيات الدولية ،فإف تكريس ىذا الحؽ عمى الصعيد الوطني سيكوف لو انعكاسات ميمة
عمى المرافؽ العمومية ،حيث سيساعد ىذا الحؽ بتركيب جديد لمعالقة التي تربط بيف المرافؽ العمومية
والمواطف في مجاؿ اإلعالـ وفؽ مفيوـ جديد يرتكز عمى اإلنصات وتجاوز االنغالؽ والسرية ،كما
سوؼ يؤدي إلى فتح الممفات والوثائؽ لإلطالع عمييا مف قبؿ المواطنيف ،كما سيدفع نحو إرغاـ
المرافؽ العمومية بإبراز الحيثيات والدوافع التي كانت وراء الق اررات الصادرة عنيا .
ولقد شكمت مثؿ ىذه المزايا حاف از لتدخؿ المشرع في دسترة معيار الشفافية ،ومف المترقب اف
تصبح الوثائؽ الرسمية في متناوؿ مف يريد اإلطالع عمييا كما ىو الحاؿ في بعض الدوؿ كفنمندا "
ما عاد في بعض الحاالت االستثنائية التي يحددىا القانوف " بمقتضى قانوف ،2:62وقد تبنت كذلؾ
مثؿ ىذا القانوف كؿ مف الدانمارؾ في القانوف الصادر في 21يوليوز 2:81والنرويج مف خالؿ
القانوف الصادر في 22يوليوز . 2:48
136
-محمد براو :الشفافٌة والمساءلة والرقابة العلٌا على المال العام فً سٌاق الحكامة الرشٌدة ،سلسلة الرقابة على المال العام
والمنازعات المالٌة ،دار القلم – الرباط ، 1080ص .89
103
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وفي نفس االتجاه ،عمؿ المشرع البمجيكي عمى إقرار حؽ المرتفؽ في الشفافية اإلدارية مف
خالؿ حؽ اإلعالـ وحؽ تعميؿ الق اررات اإلدارية )قانوف 3:يناير .137(2::2كما أقر المشرع
الفرنسي ذلؾ بسنو لقانوف 7يناير 2:89المتعمؽ بحؽ اإلطالع عمى المعمومات المتضمنة في
البطاقات المعموماتية وقانوف 28يوليوز 2:89المتعمؽ بمبدأ االطالع عمى المعمومات والوثائؽ
اإلدارية ،ثـ قانوف 22يوليوز 2:8:المتعمؽ بتعميؿ الق اررات اإلدارية.
وكما ىو الشأف بالنسبة لمقانوف الفرنسي المتعمؽ بالتعميؿ وتحسيف عالقة اإلدارة بالجميور،
فإف القانوف المغربي عمى الرغـ مف االنتقادات التي وجيت إليو ،قد عبر خطوة ميمة في االتجاه نحو
إحالؿ عالقات يطبعيا التفاىـ والتعاوف والوضوح محؿ العالقات المشوبة بالشطط والغموض.
كثي ار ما تعتقد المرافؽ العمومية أف دورىا يتوقؼ حينما يكوف سموؾ المستعمميف مرتبطا بالنشر
الرسمي لمنص ،بناءا عمى المبدأ القائؿ :ال يعذر أحد بجيمو القانوف ،لكف إعماؿ ىذا المبدأ ينبغي أال
يعفي المرافؽ العمومية مف التزاماتيا اإلضافية والتي ال تضطمع بيا حاليا ،إذ يجب أف يكوف دورىا
متمثؿ في تيسير معرفة النصوص وتقبميا ،وتأسيسا عمى ذلؾ ،فإف نشر المعمومات وتعميميا يفترض
البث المباشر لممعمومات التي يتـ تداوليا مف دوف وسيط مف المرافؽ العمومية نحو المتمقي ليا ،كما
يتطمب وساطة ىيئات معينة بذلؾ أيضا ،وتتوفر بذاتيا عمى قنواتيا الخاصة لإلعالـ .
ويتـ تدعيـ واستكماؿ نظاـ اإلعالـ الرسمي " قنوات ووسائؿ االتصاؿ التي يتـ إنشائيا عف
وعي وعف عمد " مف خالؿ شبكة اتصاالت غير رسمية ميمة عمى قدـ المساواة بالمقارنة مع الوسائؿ
138
. الرسمية
137
-عبد الفتاح أعبٌس" :حكامة تدبٌر المرافق العمومٌة من الحدود إلى التحدٌات الوكالة الحضرٌة لسطات نموذجا "،مرجع سابق ،
ص .78
138
-هٌربرت اي ساٌمون ":السلوك االداري لعملٌات اتخاد القرار فً المنظمات االدارٌة" (ترجمة عبد الرحمن بن احمد هٌجان)،االدارة
العامة للطباعة والنشر ،معهد االدارة العامة ، 1008ص . 581
104
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
واذا كاف النشر الرسمي مف أىـ العناصر التي يمكف مف خالليا تدعيـ شفافية المرافؽ
العمومية ،فإنو مف بيف الوظائؼ اليامة التي تقوـ بيا ىذه الوسيمة تمؾ المتعمقة بإلماـ التشريعات داخؿ
اإلدارات العمومية ،وفي عالقتيا بالمواطنيف ،مع العمـ أف التطور الحديث لممنظمات أصبح يؤثر عمى
139
. أىمية ىذه الوسيمة
ومف أجؿ القياـ بالمياـ الموكولة لمختمؼ الموظفيف عمى أحسف وجو ،ينبغي إمداد وىؤالء
بمصالح لمتوثيؽ مكمفة بجمع الوثائؽ الرسمية داخؿ مختمؼ المرافؽ ،كما يمكف إنشاء مصمحة مشتركة
الوزرات ،ممحقة بالوزير األوؿ تيتـ بالتوثيؽ لصالح الموظفيف والمواطنيف كما ىو موجود بفرنسا .
بيف ا
وىكذا فبغض النظر عف مدى إعداد نظاـ لإلعالـ والشفافية مف قبؿ المرافؽ العمومية ،فإف
ىذا النظاـ سيظؿ مدعوما دائما مف قبؿ قنوات وسيطة ،فمف خالؿ ىذه القنوات الخارجية ،سوؼ
تنساب المعمومات وتحؿ الشفافية محؿ السرية واالنغالؽ .
وختما لما سبؽ ،ينبغي مف اآلف فصاعدا اعتبار الشفافية كصيرورة ،نحوىا يجب أف تتوجو
القواعد القانونية والضوابط السموكية ،مع إلزامية تكييؼ ىذه العناصر مع التغيرات الطارئة عمى مبدأ
الشفافية باعتباره مبدأ متحركا في الزماف ومختمفا بالمكاف .
وبارتكاز المرافؽ العمومية عمى مبدأ الشفافية ،فإنيا ستسير في اتجاه تحقيؽ المبادئ األخرى
لمحكامة ،إذ ال يمكف مثال أف نتصور تحقيؽ مبدأ المسؤولية ومبدأ المراقبة الحقيقية دوف تحقيؽ مبدأ
الشفافية ،كما أنو مف خالؿ ىذا المبدأ ،يمكف أف ينتعش مبدأ المشاركة الذي يقود -مف بيف ما يقود
إليو -إلى دمقرطة المرفؽ العاـ .
المحاسبة والمسؤولية جزءاف ال يتجزءاف مف منظومة الحكامة الجيدة ،وحمقتاف جوىريتاف في
سياؽ التطور الديمقراطي وبناء دولة القانوف ،ولقد أعطى دستور ،3122إشارات واضحة عمى أنو
يشكؿ قطيعة مع كؿ الممارسات التي كانت تسقـ جسـ اإلدارة المغربية مند فجر االستقالؿ ،حيث
تمت صياغتو انطالقا مف مجموعة مف المرتكزات اليدؼ منيا القطع مع سياسة الماضي ،مف خالؿ
139
-جٌمس جً ،مارش وهٌربرت اٌه-ساٌمون "المنظمات" (ترجمة عبد الرحمن بن احمد هٌجان)،مرجع سابق ،ص . 178
105
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
ىذا الفرع سوؼ نحاوؿ أف نتطرؽ إلى تجميات المحاسبة ( الفقرة االولى) ،والمسؤولية في الدستور
الجديد .
وحسب منظمة التعاوف االقتصادي والتنمية ( )OECD , OCDEفإف المحاسبة تنطوي عمى
141
. المساءلة أي واجب أصحاب المسؤوليات في تقديـ الحساب والجواب عف تنفيذ تمؾ المسؤوليات
وبالرجوع الى اليدؼ األساسي لوجود المرافؽ العمومية ؟ نجد الجواب ىو خدمة الصالح
العاـ ،إال أف ىده الخدمة قد تعترضيا بعض الصعوبات الرتباطيا بالمسؤولية،لدلؾ فقد نص دستور
،3122في مجموعة مف فصولو عمى مسألة تحمؿ المسؤولية مف طرؼ القيميف عمى اإلدارة
العمومية،حيث نص الدستور المغربي لسنة ،3122في فصمو ،265عمى أف المرافؽ العمومية يجب
أف تخضع لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة وربطيا بالمسؤولية ،عمى اعتبار أف ىده المرافؽ تقوـ
بأداء وظيفتيا بواسطة أشخاص طبيعييف وىو ما يحتـ تحمي ىده األشخاص بالمسؤولية أماـ اإلدارة
مف جية ،وأماـ المر تفيقيف مف جية أخرى،وقد عمؿ الدستور الجديد بإحاطة ىده المسؤولية بمجموعة
مف القواعد والضوابط،حيث نص في فصمو 266أف أعواف المرافؽ العمومية يمارسوف وظائفيـ وفؽ
مبادئ احتراـ القانوف والحياد والشفافية والنزاىة والمصمحة العامة .
كما أعطى دستور ،3122إشارات واضحة عندما نص عمى دسترة مجموعة مف المؤسسات
ألوؿ مرة،والرقي بأخرى إلى مصاؼ المؤسسات الدستورية واعطائيا مجموعة مف الصالحيات حتى
تتمكف مف القياـ بمياميا عمى أكمؿ وجو ،وىكذا فقد تـ تغيير األمريف بالصرؼ عمى مستوى الجيات
140
-محمد براو :الشفافٌة والمساءلة والرقابة العلٌا على المال العام فً سٌاق الحكامة الرشٌدة ،مرجع سابق ،ص .89
141
- OECD public sector Modernising accountability and control policy brief OECD April 2005 ,p 2 .
106
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
واألقاليـ،فبعدما كاف الوالي عمى مستوى الجية أمي ار بالصرؼ أصبح وبموجب الدستور الجديد رئيس
مجمس الجية ىو األمير بالصرؼ،بينما أصبح رئيس المجمس اإلقميمي أمير بالصرؼ عوض
العامؿ،وتـ أيضا تعديؿ نمط اختيار ممثمي الجية،فبعدما كاف اختيار ممثمي الجيات يتـ بطريقة غير
مباشرة أصبح اليوـ بموجب دستور ،3122أمر اختيارىـ بيد المواطنيف في انتخابات شفافة ونزيية،ىدا
التغيير باإلضافة الى امكانية تقديـ المرتفقيف لمالحظاتيـ وتظمماتيـ لإلدارة مف شأنو أف يساىـ في
تحديث وتخميؽ االدارة في عالقاتيا بالمواطنيف .
اليوـ يمكف القوؿ بأف مفيوـ المحاسبة تقوى مف خالؿ الدستور الجديد ،كما أف عددا مف
البنود تحرص عمى المحاسبة ،وحتى المؤسسات التي ستحاسب ىي موجودة أساسا ،كما ىو الحاؿ
بالنسبة لممجمس األعمى لمحسابات وجميع فروعو الجيوية” ،يقوؿ محمؿ اقتصادي في اتصاؿ
لػ”األحداث المغربية” ،قبؿ أف يضيؼ “ما كاف يحدث ىو أف المحاسبة ال يتـ استكماليا عمى النحو
األمثؿ ،فبعد القياـ بضبط ووصؼ المخالفات ،يتـ توقيؼ المحاسبة في ىذه المرحمة ،فيما أسباب ذلؾ
ال تبتعد كثي ار عف عدـ وجود اآلليات التي ستساعد عمى المرور إلى المرحمة الموالية ،ألنو كاف ىناؾ
تداخال في السمطات ،كما ىو الحاؿ بالنسبة الرتباط و ازرة العدؿ بالجياز الحكومي ،لكف اليوـ ىناؾ
142
واستقاللية المجمس األعمى لمحسابات . استقاللية القضاء
لكف ما السبيؿ لتجاوز اإلشكاؿ السابؽ؟ بالنسبة لممراقبيف فإف ما يجب القياـ بو ىو تفعيؿ
المتاب عات إلى أف تصؿ إلى رؤوس لـ نكف نقو عمى المساس بيا في وقت سابؽ ،اآلف ما ينقصنا ىو
أف يتحوؿ المجمس األعمى لمحسابات مف ميمة ضبط المخالفات ،التي تعد دوره األساسي ،إلى تفعيؿ
المتابعات مف خالؿ ارتباط مع الجياز القضائي بتكوينو الجديد الذي يؤكد استقاللية القضاء .
المقتضيات الجديدة ستساعد ،عمى ما يبدو ،في نظر المرقبيف ،لتسريع الممفات المفتوحة
حاليا ،فاألمؿ اليوـ ىو أف نتجاوز المرحمة التي كاف في السابؽ يتوقؼ عندىا المجمس األعمى
142
-تضمن الدستور المعد ل مجموعة من المستجدات التً تدعم هذه االستقاللٌة مالٌا وإدارٌا؛ فعالوة عن استبدال مصطلح القضاء
بالسلطة القضائٌة فً الباب السابع منه؛ والتأكٌد على استقاللٌة هذه السلطة عن باقً السلط األخرى(الفصل )107؛ تم استبدال المجلس
األعلى للقضاء بالمجلس األعلى للسلطة القضائٌة الذي أصبحت تشكٌلته منفتحة على مجموعة من الهٌئات المستقلة خاصة منها المجلس
الوطنً لحقوق اإلنسان ،ومؤسسة الوسٌط..
107
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
لمحسابات مثال ،الذي كاف يقؼ عمى المخالفات وضبطيا ،لكف كاف ىناؾ غياب آلليات المتابعة .ىذه
ا لحواجز التي تقؼ في وجو استكماؿ المتابعات ،زالت حسب الوثيقة الدستورية ،بعد إقرار استقاللية
القضاء واستقاللية المجمس األعمى لمحسابات ومجموعة مف الضوابط التي ستمكننا مف تفعيؿ
المتابعات ،لكف التخوؼ ىو إلى أي مستوى سنكوف قادريف عمى تفعيؿ الدستور الجديد في جميع
أبوابو ،ىذا ىو اإلشكاؿ الموجود .
في ىذا الوقت يبدو مف الضروري تفعيؿ مجموعة مف اآلليات ،مف قبيؿ (المجمس األعمى
لمقضاء وىيئة محاربة تبذير الماؿ العاـ وىيئة الوقاية مف الرشوة ومجمس المنافسة ومؤسسة الوسيط
143
اليوـ الترسانة القانونية مف خالؿ الوثيقة الدستورية باتت موجودة ،ما ينقصنا ،حسب المحمميف، )...
ىو كيفية تشغيؿ الميكانيزمات المرتبطة بيذا الدستور ،كما أنو بات مف الالزـ تفعيؿ المتابعات ليظير
لممواطف المغربي بأف الماؿ العاـ بات بعيدا عف التالعب ،وبأف المعبة االقتصادية سترفض كؿ أشكاؿ
التجاوزات السابقة .
إف اعتماد الدستور الجديد محطة متميزة في مسار البناء الديمقراطي ببالدنا .بخصوص
المساءلة واعطاء الحساب كركيزة أساسية لمحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة .
بينما يؤكد بعض الفقو أف ىناؾ عالقة وثيقة بيف المسؤولية واألداء الجيد ،حيث يعتبرىا
مصد ار قويا لحث العامميف بالمرافؽ العامة عمى الخمؽ واإلبداع والرغبة في مواجية التحديات ،يحاوؿ
البعض اآلخر تمييز وتحديد مفيوميا في القياـ بعمؿ يرى القائـ بو أنو صواب ويتحمؿ العتاب أو الموـ
األخالقي ألي ضرر أو أذى ينتج عف القياـ بذلؾ العمؿ .
وتأسيسا عمى ذلؾ ،يمكف أف نعتبر المسؤولية نوع مف أنواع الرقابة أو االلتزاـ الذاتي
واألخالقي لمعامميف بالمرافؽ العمومية عند استخداـ حرية التصرؼ ،والشؾ أف ىذا االلتزاـ األخالقي ال
يمكف أف يتحقؽ إال بتخميؽ المرافؽ العمومية )ثانيا( ،نظ ار لالرتباط الوثيؽ بيف المسؤولية وتخميؽ
المرافؽ العمومية )أوال( .
- 143سٌتم التطرق الى بعض هٌئات الحكامة بالتفصٌل فً المطلب االول من المبحث الثانً من هذا الفصل .
108
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
تعتبر المرافؽ العمومية بمثابة العمود الفقري لمدولة الديمقراطية وأداة لتطبيؽ إستراتجية التنمية
وتنفيذ البرامج الحكومية ،وانطالقا مف ىذا الدور الرئيسيف فإف الدولة تتوقع مف ىذه المرافؽ درجة
عالية مف المينية والقيـ األخالقية نظ ار لدور ىذه القيـ في تعزيز مبدأ المسؤولية .
وبالتالي ،ينبغي النظر إلى األخالؽ كمقاربة لمتسيير عبر التأكيد عمى تفادي كؿ السموكيات
الغير قانونية والغير أخالقية مف جية ،وضرورة تشجيع ومكافأة السموكيات الممتزمة بالقيـ األخالقية
وروح المسؤولية مف جية أخرى .
ولقد أضحى البعد األخالقي بالمرافؽ العمومية ىاجسا رئيسيا سواء في البمداف المتقدمة أو
النامية ،وذلؾ لمجموعة مف األسباب ،144أدت إلى تصاعد االىتماـ الدولي خالؿ السنوات األخيرة
بمشكمة الفساد بالمرافؽ العمومية ،حيث حاولت األمـ المتحدة في ىذا المجاؿ ،جمب اىتماـ الدوؿ نحو
العالقة الضرورية بيف أداء المرافؽ العمومية ومستوى المينية واألخالؽ بيا ،وقد حثت الدوؿ عمى
تنظيـ مؤتمرات جيوية ووطنية حوؿ ىذا الموضوع .
وعمى المستوى القاري ،دعا إعالف الرباط المنبثؽ عف المؤتمر اإلفريقي الثاني لوزراء الوظيفة
العمومية خالؿ شير دجنبر ،2::9إلى إعداد ميثاؽ أخالقي لموظيفة العمومية اإلفريقية ،ويشكؿ ىذا
145
الميثاؽ لبنة أساسية في مجاؿ مناىضة مظاىر الفساد في المرافؽ العمومية بالقارة اإلفريقية
خصوصا وأف مجموعة مف الدوؿ اإلفريقية تعيش صراعات متنوعة ،وتعرؼ سقوطا ميوال في النظاـ
والقانوف ،وىو ما يستمزـ ضرورة قياـ المينية واألخالؽ بالمرافؽ العمومية قصد التخفيؼ مف حدة
االنتكاسات التي تعاني منيا ىذه الدوؿ .
144
-عبد هللا انغوان " :دعم األخالقٌات بالمرفق العام" مجلة طنجٌس العدد االول ، 1008 ،ص . 881 – 888
145
-عبد هللا انغوان " :دعم األخالقٌات بالمرفق العام" مرجع سابق ،ص . 881
109
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وعمى الصعيد المحمي ،فإف تثبيت األخالقيات في المرافؽ العمومية ال يعد فقط مطمب تمميو
اإلكراىات الحالية فقط ،بؿ ىو أيضا واجب تحض عميو التعاليـ السمحة لديننا الحنيؼ ،146وخيا ار
رسميا يجد أساسو في التوجييات الممكية الموجية لممشاركيف في الندوة الوطنية التي نظمتيا و ازرة
الوظيفة العمومية واإلصالح اإلداري خالؿ يومي 3:و 41أكتوبر 2:::حوؿ دعـ األخالقيات
بالمرافؽ العمومية ،والتي أكدت عمى أف أوؿ واجبات المرافؽ العمومية عي أف تمتزـ باألخالؽ الحميدة،
ولعؿ في ىذه التوجييات لخير دليؿ عمى العالقة الوطيدة بيف مبدأ المسؤولية وتخميؽ المرافؽ العمومية
إلى درجة تدفعنا إلى محاولة إيجاد بعض المداخيؿ لمقاربة العممية المرتبطة بتخميؽ المرافؽ العمومية
.
ال شؾ أف الفساد يضعؼ أداء وفعالية المؤسسات ،واألكيد أيضا أف الفشؿ في التحكـ في
الفساد قد يؤدي إلى انعكاسات خطيرة ليس فقط عمى مستوى أداء المرافؽ العمومية ،بؿ أيضا عمى
المستويات االقتصادية واالجتماعية والسياسية داخؿ الدولة .
وتفاديا ليذه االنعكاسات ،ينبغي استنياض شتى اإلمكانات ،حيث أنو بموازاة مع المدخؿ
الوقائي اليادؼ إلى توفير اإلطار القانوني والتنظيمي لتخميؽ المرافؽ العمومية عبر إصدار قوانيف
تضـ مقتضيات مف شأنيا مكافحة الفساد ونظاـ المصالح مف جية ،وتنمية شروط المسؤولية واألخالؽ
في ممارسات المرافؽ العمومية مف جية أخرى ،عمى المسؤوليف اعتماد مداخؿ التحسيس والرقابة قصد
إقرار مبدأ سيادة األخالؽ كجسر أساسي لقياـ رىاف المسؤولية داخؿ المرافؽ العمومية .
وعميو ،فإذا كاف المدخؿ الوقائي يحتؿ جانبا ىاما في محاربة مظاىر الفساد بالمرافؽ
العمومية ،فإف لممدخؿ التحسيسي دو ار فعاال في تفويض الكثير مف مظاىر االنحراؼ ،147وفي ىذا
اإلطار قامت لجنة و ازرية بمعية الوزير المكمؼ بالشؤوف العامة لمحكومة ،حيث بادرت ىذه الو ازرة
بتنسيؽ مع و ازرة التربية الوطنية بتنظيـ تظاىرات تحسيسية بالمؤسسات التعميمية ضد الرشوة ومخاطرىا
146
.اسماعٌل الشطً " :الدٌمقراطٌة كآلٌة لمكافحة الفساد والتمكٌن للحكم الصالح" ،مجلة المستقبل العربً ،مركز دراسات الوحدة
العربٌة ،العدد ، 580-1001ص . 75
147
-عبد هللا انغوان " :دعم األخالقٌات بالمرفق العام" مرجع سابق ،ص .886
110
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وعميو ،أضحى مف الضروري دعـ وتثبت األخالقيات بالمرافؽ العمومية ،وتفعيؿ دور المجتمع
المدني في تخميؽ المرافؽ العمومية مف خالؿ االعتراؼ بو كفاعؿ أساسي في مكافحة السموكيات
المشينة واشراكو في العمميات المتعمقة بتثبيت األخالؽ بالمرافؽ العمومية .
ىذا باإلضافة إلى ضرورة إشراؾ العامميف أنفسيـ في عممية القضاء عمى مثؿ ىذه األمراض
ومعاقبة كؿ المخطئيف .
وتأسيسا عمى ذلؾ ،فتطوير المينية بالمرافؽ العمومية ،يستدعي باإلضافة إلى الكفاءة التقنية
قيما أخرى ،تحدد كيفية تنفيذ الممارسات وتضـ مجموعة مف القيـ كاإلخالص ،الموضوعية ،الشفافية،
االنضباط الفعالية ،العدالة ،المساواة وقيـ أخرى قد تختمؼ حسب خصوصية كؿ دولة .
وتجرد اإلشارة إلى أنو ال يمكف تطوير المينية إال باتخاذ إجراءات تيـ دعـ التكويف المستمر،
وتوفير المحيط الناسب لتدريب العامميف بالمرافؽ العمومية عمى مالحظة المعايير لالنضباط ،والتوجو
نحو منطؽ المسؤولية .
غير أف عممية التخميؽ ،ينبغي أال تقؼ عند الجانب المتعمؽ بالتحسيس ،بؿ يقتضي األمر
كذلؾ اندماج الجياز الرقابي في ىذا المسمسؿ المرتبط بمنع الفساد ،وذلؾ عف طريؽ التحري
واالستخبار والتفتيش والحكامة .
المبحث الثاني :افاق تدبير المرافق العامة عمى ضوء الد ستور الجديد
يتوفر المغرب عمى منظومة متكاممة مف أجيزة ومؤسسات الرقابة والتقيـ والتتبع ،وتختمؼ
وتتكامؿ أدوارىا ومياميا وآليات عمميا ،وتتكوف بالخصوص مف برلماف منتخب ،وىيئات قضائية،
وىيئات لممراقبة والتدقيؽ ،وىيئات لموساطة ،وىيئات لمتنسيؽ والتقييـ ...إلخ .
وتحرص السمطات العممية عمى تعزيز وتحديث ىذه المؤسسات ،بما يجعميا متساوية مع
حاجيات التنمية المستدامة ،ومتطمبات الحكامة الجيدة ،إذ ال يخفى عمى أحد مدى الصمة بيف اإلدارة
111
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
العمومية ،والحكامة الجيد والتنمية المستدامة ،فيذا الثالوث يرتبط ببغضو ارتباط السبب بالنتيجة،
فنجاح اإلدارة مرىوف بمدى التزاميا بمبادئ الحكامة ،وىذه األخيرة ىي المدخؿ إلى التنمية .
وىذا يتطمب مف ضمف ما يتطمبو تعزيز آليات وميكانيزمات الحكامة الجيدة ،التي تتطمب
وجود منظومة متكاممة لمراقبة عمى تدبير الشأف العاـ ،وذلؾ لضماف شروط النزاىة والشفافية ،ومكافحة
الفساد وفي ىذا اإلطار يتوفر المغرب عمى منظومة قانونية ومؤسساتية متكاممة لمرقابة :اإلدارية،
والمالية ،باإلضافة إلى أشكاؿ الرقابة األخرى .
فباإلضافة إلى المفتشيات العامة لمو ازرات ،التي تزاوؿ ميمة المراقبة والتدقيؽ منذ عدة سنوات،
148
مف مستوى عاؿ حددت ميامو بمقتضى قانوف والمفتشية العامة لممالية التي تعتبر جيا از لمرقابة
،2:71واصمت السمطات العمومية تعزيز وتطوير اإلطار المؤسساتي لمحكامة ،وذلؾ بإلغاء وتطوير
واحداث بعض الييئات والمؤسسات اليادفة إلى توطيد أركاف الحكامة ،وفي ىذا اإلطار تـ تطوير
المجمس األعمى لمحسابات واحداث المجالس الجيوية (قانوف رقـ 73-::بمثابة مدونة لممحاكـ المالية
الصادر بتاريخ 24يونيو ،)3114حيث تـ تدقيؽ اختصاصات المجمس األعمى والمجالس الجيوية،
والنظاـ االساسي لقضاة المحاكـ المالية الذي يوفر عدة آليات أساسية لتمكيف ىذه المحاكـ مف أف
تضطمع بدورىا بفعالية ويتعمؽ األمر عمى الخصوص بػ :
-شمولية المراقبة وتنوع مياميا التي تشمؿ مجاالت التدقيؽ والبت في الحسابات ،التأديب المتعمقة
بالمزيانية والشؤوف المالية ،مراقبة التسيير واستعماؿ األعماؿ ،تتبع وفحص التصاريح بالمممتكات
واستئناؼ أحكاـ المجالس الجيوية ،كما أنيا تيتـ الييئات العمومية وىيئات االحتياط االجتماعي
والجمعيات التي تتمقي مساعدات وتمتد ىذه الصالحيات لتمكف المجمس مف االستجابة مف جية
لطمبات التوضيح الصادرة عف البرلماف بمناسبة مناقشة التقرير المتعمؽ بتنفيذ قانوف المالية والتصريح
العاـ بمناسبة مناقشة التقرير المتعمؽ بتنفيذ قانوف المالية والتصريح العاـ بالمطابقة ،ومف جية أخرى،
لطمب الوزير األوؿ بإدراج مياـ تقييـ المشاريع العمومية ومراقبة تدبير الييئات الخاضعة لممراقبة
ضمف برامج المجمس .
148
-محمد براو :الشفافٌة والمساءلة والرقابة العلٌا على المال العام فً سٌاق الحكامة الرشٌدة ،مرجع سابق ص 10
112
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وبموا ازة مع ىذه اإلجراء تـ إلغاء محكمة العدؿ الخاصة ،149وبالرغـ مف أىمية ىذه المحكمة
مف حيث دورىا في تخميؽ اإلدارة العمومية ومراقبة الماؿ العاـ ،فإنيا في المقابؿ أثارت تحفظات
وانتقادات كثيرة في الداخؿ والخارج ،ليس بسبب طريقتيا في العمؿ التي ظمت توجو المتابعات ضد
األطر الصغيرة والمتوسطة وعمى نسبة أقؿ مف رجاؿ السمطة فحسب ،ولكف أساسا إلى كونيا تشكؿ
قضاء استثائيا ،حيث تضعؼ في ظمو شروط المحاكمة العادلة وفؽ ما ينص عميو قانوف المسطرة
الجنائية ،وكذا بعض المقتضيات الدولية المتعمقة بحقوؽ اإلنساف ،وخاصة المادة 25مف العيد الدولي
المتعمؽ بحقوؽ اإلنساف .
لذلؾ ولتجاوز ىذه المؤاخذات واستجابة لمطمب إلغاء القضاء االستثنائي ،تـ حذؼ محكمة
العدؿ الخاصة ،واسناد اختصاصاتيا إلى المحاكـ االستئناؼ ،150ويندرج ىذا القرار في إطار مساعي
السمطات العمومية لمواكبة متطمبات الحكامة الجيدة ،واالستجابة اللتزاماتو في مجاؿ تدعيـ حقوؽ
اإلنساف ومكافحة الفساد.
وضمف نفس المسعى قاـ المغرب بدسترة مجموعة مف الييئات والمؤسسات التي تندرج في
سياؽ تعزيز اإلطار المؤسساتي لمحكامة الجيدة ومف ذلؾ عمى سبيؿ المثاؿ دسترة :
المجمس الوطني لحقوؽ اإلنساف كمؤسسة وطنية تعددية ومستقمة ،تتولى النظر في جميع
القضايا المتعمقة بالدفاع عف حقوؽ اإلنساف والحريات وحمايتيا ،وبضماف ممارستيا الكاممة ،والنيوض
بيا وبصيانة كرامة وحقوؽ وحريات المواطنيف ،أفرادا وجماعات ،وذلؾ في نطاؽ الحرص التاـ عمى
المرجعيات الوطنية .
الوسيط كمؤسسة وطنية مستقمة ومتخصصة ،ميمتيا الدفاع عف الحقوؽ في نطاؽ العالقات
بيف اإلدارة والمرتفقيف ،واإلسياـ في ترسيخ سيادة القانوف ،واشاعة مبادئ العدؿ واإلنصاؼ ،وقيـ
149
-أحدثت المحكمة الخاصة للعدل بموجب القانون رقم 611بتارٌخ 10مارس 8963كما وقع تغٌٌره وتتمٌمه بالمرسوم الملكً بإحداث
قانون رقم 63.361بتارٌخ 88دجنبر 8963وبالظهٌر بمثابة قانون رقم 837-71-8بتارٌخ 6أكتوبر 8971الذي عهد إلٌه بمهمة الزجر
عن جناٌات الغدر والرشوة واستغالل النفوذ واالختالس .
150
-أنظر فً هذا اإلطار مإلف عبد هللا الشرقاوي ،قضاٌا اختالس المال العام بالمغرب ،حٌث ٌتضمن ملفا شامال عن حذف محكمة العدل
الخاصة ،وتوزٌع تركتها على محاكم االستئناف.
113
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
التخميؽ والشفافية في تدبير اإلدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الت اربية والييئات التي تمارس
صالحيات السمطة العمومية .
مجمس المنافسة كييأة مستقمة ،مكمفة في إطار تنظيـ منافسة حرة ومشروعة بضماف الشفافية
واإلنصاؼ في العالقات االقتصادية ،خاصة مف خالؿ تحميؿ وضبط وضعية المنافسة في األسواؽ،
ومراقبة الممارسات المنافية ليا والممارسات التجارية غير المشروعة وعمميات التركيز االقتصادي
واالحتكار .
الييأة الوطنية لمنزاىة والوقاية مف الرشوة التي تتولى مياـ المبادرة والتنسيؽ واإلشراؼ وضماف
تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد ،وتمقي ونشر المعمومات في ىذا المجاؿ ،والمساىمة في تخميؽ
الحياة العامة ،وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة ،وثقافة المرفؽ العاـ ،وقيـ المواطنة المسؤولة .
لقد عرؼ التدبير اإلداري في ظؿ دسترة ىيئات ومؤسسات الحكامة الجيدة مجموعة مف
المستجدات ىمت في جوىرىا العمؿ عمى تحديث آليات اإلدارة العمومية وجعميا تستجيب لمرىانات
التي تفرضيا الظرفية الحالية،لكي تكوف إدارة منفتحة في ظؿ زمف العولمة،حيث نصت الدستور
الجديد عمى مجموعة مف الضمانات لتحقيؽ ىدا اليدؼ .
لقد عمؿ الدستور الجديد عمى إحداث مجموعة مف المؤسسات والييئات الدستورية وتحديث
ىيئات ومؤسسات كانت موجودة في ظؿ دستور ،2::7حيث عمؿ عمى إلغاء ديواف المظالـ
وتعويضو بمؤسسة الوسيط التي تعمؿ عمى إنصاؼ المواطنيف في عالقتيـ باإلدارة العمومية،كما تـ
االرتقاء بالمجمس االستشاري لحقوؽ االنساف الى المجمس الوطني لحقوؽ اإلنساف،حيث كاف دوره دو ار
استشاريا فيما اصب حدوه في ظؿ الدستور الجديد دو ار تقريريا ،كما تمت دسترة ىيئة المناصفة والتي
تقطع مع كؿ أشكاؿ التمييز ما بيف الرجؿ المرأة،باإلضافة إلى دسترة مجمس المنافسة كييئة مستقمة
مكمفة في إطار تنظيـ منافسة حرة ومشروعة لضماف الشفافية واإلنصاؼ في العالقات االقتصادية،
وقد تمت أيضا دسترة الييئة الوطنية لمنزاىة والوقاية مف الرشوة ومحاربتيا ،التي تصير عمى حماية
مصالح المواطنيف وتمنع كؿ األشكاؿ التي مف شأنيا أف تخؿ بمبادئ الشفافية والمصداقية التي يجب
114
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
أف تسود دخؿ اإلدارة العمومية .ىذه المؤسسات ستؤوؿ ال محالة عمى ممارسة أفضؿ لمسمطة،
وخاصتا انيا آليات لتكريس قاعدة تالزـ ممارسة المسؤوليات والوظائؼ العمومية بالمحاسبة .
وأثارت مؤسسات الحكامة في المغرب نقاشات واسعة حوؿ دسترتيا ،واف كاف ىذا األمر ال
يثير جدال فيما يتعمؽ مثال بمؤسسة الوسيط والمجمس الوطني لحقوؽ اإلنساف مع الحرص عمى ضبط
تعيينيا بالنسبة لمؤسسة الوسيط مف قبؿ الجياز التنفيذي وانتخابيا بالنسبة لممجمس الوطني ،فإف
مؤسستيف أثير إسميما ضمف المؤسسات التي يجب دسترتيا وىما مجمس المنافسة ولجنة الوقاية مف
151
. الرشوة ،يستوجباف وقفة لمتأمؿ
استنادا ليذه المعطيات ،فسوؼ نتناوؿ ىذاالمطمب وفؽ الفرعيف اآلتييف :
الفرع الول :االطار الدستوري لممجمس الوطني لحقوق االنسان ومؤسسة الوسيط
حرص نص الدستور الجديد لممممكة المغربية الذي تـ إق ارره خالؿ استفتاء الفاتح مف يوليوز
3122عمى تكريس حماية حقوؽ اإلنساف والنيوض بيا وحماية الحقوؽ والحريات والحكامة الجيدة
والتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية ،وذلؾ مف خالؿ إحداث أو دسترة عدد مف
المؤسسات الوطنية منيا المجمس الوطني لحقوؽ اإلنساف ( الفقرة االولى ) ،كمؤسسة وطنية تعددية
ومستقمة ،تتولى النظر في جميع القضايا المتعمقة بالدفاع عف حقوؽ اإلنساف والحريات وحمايتيا،
وبضماف ممارستيا الكاممة ،والنيوض بيا وبصيانة كرامة وحقوؽ وحريات المواطنيف ،أفرادا وجماعات،
وذلؾ في نطاؽ الحرص التاـ عمى المرجعيات الوطنية والكونية في ىذا المجاؿ.
والوسيط كمؤسسة وطنية مستقمة ومتخصصة(الفقرة الثانية) ،ميمتيا الدفاع عف الحقوؽ في نطاؽ
العالقات بيف اإلدارة والمرتفقيف ،واإلسياـ في ترسيخ سيادة القانوف ،واشاعة مبادئ العدؿ واإلنصاؼ،
وقيـ التخميؽ والشفافية في تدبير اإلدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والييئات التي
تمارس صالحيات السمطة العمومية .
-151
اكتفٌنا بهذه الهٌئات كنموذج لهٌئات الحكامة الجٌدة نظرا لصلتها المباشرة بموضوع البحث ،وكذا االمتثال لمقتضٌات منهجٌةـ ،وإال
فإن هناك هٌئات أخرى للحكامة ال ٌقل دورها أهمٌة عن هذه الهٌئات كا لهٌؤة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جمٌع أشكال التمٌٌز والمجلس
األعلى للتربٌة والتكوٌن والبحث العلمً والمجلس االستشاري لألسرة والطفولة والمجلس االستشاري للشباب والعمل ..إلخ وكلها
مإسسات دستورٌة تعمل على تعزٌز النزاهة والشفافٌة والمساءلة ،أنظر الفصول المدرجة تحت الباب الثانً عشر من الدستور.
115
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
لقد تـ دسترة المجمس الوطني لحقوؽ اإلنساف الذي تـ إحداثو مؤخ ار لتعويض المجمس
االستشاري لحقوؽ اإلنساف ،ولقد خصو الدستور الجديد بالفصؿ 272الباب الثاني عشر ،وعيد إليو
الدفاع عف حقوؽ اإلنساف والحريات وحمايتيا ،وضماف ممارستيا الكاممة ،والنيوض بيا وبصيانة
كرامة وحقوؽ وحريات المواطنيف ،أفرادا وجماعات ،وذلؾ وفقا لممرجعيات الوطنية والكونية في ىذا
المجاؿ .
وبناء عميو سنسمط الضوء عمى المجمس الوطني لحقوؽ االنساف كمؤسسة وطنية تعددية
ومستقمة بيف المفيوـ واالختصاص (أوال) ،ومستقبؿ حقوؽ اإلنساف بالمغرب في ضوء اإلصالح
الدستوري(ثانيا) .
لقد تـ إحداث المؤسسة لتكريس مسمسؿ تعزيز دولة الحؽ والقانوف والمؤسسات ،وليحؿ محؿ
المجمس االستشاري لحقوؽ اإلنساف ،الذي تـ إنشائو في ظؿ التحوؿ السياسي الذي شيده المغرب سنة
،2::1ليكوف إحدى المؤسسات الرئيسية المساىمة في عممية االنتقاؿ الديمقراطي بالمممكة ،خاصة
152
. 3113 في مجاؿ تسوية ماضي االنتياكات الجسيمة لحقوؽ اإلنساف بعد إعادة تنظيمو سنة
وباعتبار اإلنجازات التي حققيا المجمس االستشاري لحقوؽ اإلنساف في مجاؿ تعزيز الحقوؽ
والحريات وتسوية ماضي االنتياكات وتحقيؽ األىداؼ اإلستراتيجية لمتجربة المغربية في مجاؿ العدالة
االنتقالية ومف أجؿ تعزيز عمؿ واالرتقاء بمينية المجمس وتعزيز استقالليتو وضماف أف يكوف جزءا مف
دينامية الجيوية المتقدمة ،تـ إنشاء المجمس الوطني لحقوؽ اإلنساف ،مؤسسة وطنية لحماية حقوؽ
اإلنساف والحريات بالمغرب تتوافؽ نصوصيا التنظيمية لمبادئ باريس الناظمة لممؤسسات الوطنية
لحقوؽ اإلنساف .ويتوفر المجمس الوطني عمى اختصاصات أوسع ،سواء عمى المستوى الوطني أو
152
- Présentation du Conseil consultatif des Droits de l’Homme (CCDH),
http://www.ccdh.org.ma/spip.php?article4881 . 2012/6/3.
116
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
الجيوي ،الشيء الذي يضمف لممجمس مزيدا مف االستقاللية والتأثير في مجاؿ حماية حقوؽ اإلنساف
والدفاع عنيا .
-رصد االنتياكات ،مع إمكانية إجراء التحقيقات والتحريات الالزمة واعداد تقارير تتضمف خالصات
ونتائج الرصد والتحقيقات ورفعيا إلى الجيات المختصة مشفوعة بتوصيات لمعالجة االنتياكات التي
تـ رصدىا .
-تمقي الشكايات ودراستيا ومعالجتيا وتتبعيا وتقديـ توصيات بشأنيا واحالتيا عند االقتضاء إلى
الجيات المختصة واخبار المشتكيف المعنييف بذلؾ .
-التدخؿ بكيفية استباقية وعاجمة كمما تعمؽ األمر بحالة مف حاالت التوتر التي قد تفضي إلى انتياؾ
حؽ مف حقوؽ اإلنساف بصفة فردية أو جماعية ،في إطار المياـ المسندة إليو ،وبتنسيؽ مع السمطات
العمومية المعنية .
-المساىمة في تفعيؿ اآلليات المنصوص عمييا في المعاىدات الدولية المتعمقة بحقوؽ اإلنساف التي
صادقت عمييا المممكة أو انضمت إلييا .
-زيارة أماكف االعتقاؿ والمؤسسات السجنية ومراكز حماية األطفاؿ واعادة اإلدماج والمؤسسات
االستشفائية الخاصة بمعالجة األمراض العقمية والنفسية وأماكف االحتفاظ باألجانب في وضعية غير
153
. قانونية واعداد تقارير عف الزيارات ويرفعيا إلى السمطات المختصة
-بحث ودراسة مالئمة النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بيا العمؿ مع المعاىدات الدولية
ا لمتعمقة بحقوؽ اإلنساف وبالقانوف الدولي اإلنساني ويقترح التوصيات التي يراىا مناسبة في ىذا الشأف
ويرفعيا إلى السمطات الحكومية المختصة ،المساىمة في إعداد التقارير التي تقدميا الحكومة ألجيزة
المعاىدات .
153
- Présentation du Conseil consultatif des Droits de l’Homme (CCDH).
117
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
-تقديـ المساعدة والمشورة إلى البرلماف والحكومة ،بناء عمى طمبيا ،في مجاؿ مالئمة مشاريع
ومقترحات القوانيف مع المعاىدات الدولية .
خمّؼ اإلصالح الدستوري ردود فعؿ إيجابية في أوساط عدد مف المنظمات الحقوقية والفعاليات
السياسية واألكاديمية والمدنية الوطنية والدولية؛ التي أقرت بأىمية المقتضيات الجديدة في ترسيخ حقوؽ
اإلنساف والمساىمة تطويرىا بالمغرب .
غير أف ذلؾ لـ يمنع مف بروز بعض المواقؼ السياسية والحقوقية التي أشارت إلى بعض
المعدؿ مع المواثيؽ الدولية ذات الصمة بقضايا
ّ اإلشكاالت المرتبطة بمدى انسجاـ مقتضيات الدستور
154
. حقوؽ اإلنساف؛ أو ربط المسؤولية بالمحاسبة أو ضماف بعض الحقوؽ االجتماعية
ذلؾ أف التأكيد الدستوري عمى سمو االتفاقيات الدولية كما صادؽ عمييا المغرب مع وجود
155
. اشتراطات معينة تفرغ السمو مف أي معنى بحسب عدد مف المراقبيف والمنظمات الحقوقية
كما أف الكثير مف الحقوؽ المشار إلييا تظؿ مرتبطة بصدور قانوف منظـ ،وىو األمر الذي
يفرغيا مف محتواىا الحقيقي غياب تنزيؿ ىذه النصوص القانونية عمى وجو ّبناء وسميـ .
154
-هناك من ٌشٌر إلى أن الدستور المعدل ٌإكد على سالمة السكن ولكنه ال ٌضمن السكن ذاته.
-155
اعتبرت الجمعٌة المغربٌة لحقوق اإلنسان ضمن تصرٌحها الصادر بتارٌخ 80دجنبر 1088؛ أن التزام المغرب بحقوق اإلنسان كما هً
متعارف علٌها عالمٌا ٌفرض علٌه المصادقة على كافة االتفاقٌات الدولٌة فً هذا المجال ،ورفع التحفظات عن االتفاقٌات المصادق علٌها،
وإقرار الدستور لسمو المواثٌق الدولٌة بالنسبة للقوانٌن المغربٌة ،ومالءمة التشرٌعات المحلٌة مع االتفاقٌات المصادق علٌها وتنفٌذ
توصٌات اللجن األممٌة ،واحترام حقوق اإلنسان فً الواقع.
118
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
ينطوي المدخؿ الدستوري عمى أىمية كبرى مف حيث دوره في ضماف وترسيخ حقوؽ اإلنساف،
غير أف ذلؾ يظؿ بحاجة إلى مجموعة مف الشروط المواكبة التي تسيـ في تنزيؿ المقتضيات
الدستورية وترجمتيا إلى واقع ميداني ،وتتمخص ىذه الشروط في :
السمط .
-تعزيز التوازف بيف ّ
-إرساء ضمانات قانونية وميدانية تكفؿ احتراـ الحريات األساسية وتحفظ الكرامة اإلنسانية ضد أي
تعسؼ كيفما كاف نوعو أو مصدره .
-اإلقرار ميدانيا بالمساواة أماـ القانوف وعدـ التمييز بيف المواطنيف .
-إرساء دولة المؤسسات والحؽ القانوف ،والقضاء عمى مختمؼ مظاىر الفساد واستغالؿ النفوذ أو
االستيتار بالقانوف وترسيخ مبادئ المساءلة والمسؤولية وعدـ اإلفالت مف العقاب .
تـ دسترة مؤسسة الوسيط التي عوضت ديواف المظالـ والذي أسندت مياـ رئاستو لممحامي
بف زاكور ،ووفقا لمفصؿ 273الذي فإف ىذه الييئة أسندت إلييا ميمة "الدفاع عف الحقوؽ قي نطاؽ
العالقات بيف اإلدارة والمرتفقيف ،واإلسياـ في ترسيخ سيادة القانوف ،واشاعة مبادئ العدؿ واإلنصاؼ،
وقيـ التخميؽ والشفافية في تدبير اإلدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والييئات التي
تمارس صالحيات السمطة العمومية .
156
منظومة لمراقبة اإلدارات تعد مؤسسة الوسيط – بصفة عامة -في مفيوميا الراىف
والمؤسسات العمومية ،أو المؤسسات التي تساىـ الدولة في رأسماليا أو تسمح بإدارتيا بواسطة
157
وذلؾ عف طريؽ تمكيف المرتفقيف مف التظمـ والتشكي مف ق اررات اإلدارات والمؤسسات االمتياز
156
-كان إنشاء مإسسة الوسٌط فً السوٌد سنة 8809ولٌد صراع سٌاسً ،هدف إلى الحد من السلطات المطلقة للملك آنذاك.
157
ٌ -متد اختصاص الوسٌط إلى مراقبة القضاء كما هو حال السوٌد وفلندا ،أو مراقبة العسكري كما هو معمول به فً السوٌد .
119
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
ال مذكورة خارج مسطرة الطعوف المتعارؼ عمييا ،وكذلؾ إمكانية سمطة الوسيط تقديـ توصيات تتضمف
حموؿ مرضية لمطرفية ،تحمؿ اإلدارة عمى مراجعة وتدارؾ األخطاء التي يمكف أف تقع فييا ،وتحوؿ
دوف لجوء المتضرر إلى القضاء .
واذا كنا سنعمد إلى تقديـ اختصاصات الوسيط مف خالؿ مقارنة التجاري التي اعتمدت ىاتو
المؤسسة لحؿ نزاعات اإلدارة مع المواطف خارج دائرة القضاء ،فإف ذلؾ ال يمكنو بأية حاؿ إخفاء
خصوصيات كؿ تجربة عمى حدى ،واختالؼ االختصاصات الموكولة لكؿ واحدة منيا ،وال حتى
النتائج التي حققتيا .
وإلعطاء نظرة شمولية عف مؤسسة الوسيط ،ستتمحور ىاتو الورقة حوؿ خمس نقاط :
أوال :االختصاصات
- 2وظيفة تواصمية :حيث يعتبر الوسيط حمقة وصؿ بيف ثالثة فاعميف ،المواطنيف واإلدارة والجية
التي يرفع إلييا تقاريره السنوية (برلماف ،رئاسة حكومة ،رئاسة دولة. )..
فال وسيط يتمقى تظممات مف طرؼ المواطنيف أو اية وجية أخرى تعطاىا ىاتو اإلمكانية وفي بعض
األحياف يحرؾ المسطرة تمقائيا ،ويقوـ بالتحري والتحقيؽ بشأنيا مع اجيات المتظمـ منيا ،ويبمغ
المعنييف باألمر بمآؿ تظمميـ والتوصيات المقدمة بشأنيا قبؿ أف يرفع تقريره السنوي إلى الجية محددة
.
ففي ىاتو يقوـ الوسيط بتعزيز ميكانيزمات الحوار والتشاور بيف اإلدارة والمواطنيف ييدؼ تحسيف
المردودية والفعالية .
- 3وظيفة التصحيح :يقوـ الوسيط بدور إصالحي حيث ييدؼ إلى حماية المواطف مف تعسؼ أو
شطط السمطات العمومية ،عف طريؽ التوصيات الموجية لإلدارة عندما يتأكد بأف ىناؾ انحراؼ أو
عدـ احتراـ القانوف في ممارستيا ،ومطالبتو ليا بإعادة األمور إلى نصابيا وانصاؼ المتضرر .
120
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
- 4وظيفة وقائية :قد يكوف لمجرد حضور مؤسسة الوسيط داخؿ اإلدارة ،كعامؿ غير مباشر لحثيا
عمى التمسؾ بالقوانيف واألنظمة في تعامميا مع الوافديف عمييا ،وبالتالي سيادة مناخ يشعر فيو الجميع
أف ال شيء غير شرعي يفمت مف العقاب .
كما أف نشر تقارير وتوصيات الوسيط عمى نطاؽ واسع ،سيدعـ ىذا المنحى إذ ال ترغب أية إدارة أو
مرفؽ عمومي أف يسجؿ اسمو في الئحة سوداء .
- 5وظيفة "تقويـ" التشريع إلى جانب السمطات الموكولة ليا حؽ سف وتعديؿ القوانيف يكمف لموسيط
أف يشكؿ قوة اقتراحية لمالءمة بعض النصوص القانونية ،أو مطابقتيا مع الواقع ،وذلؾ مف خالؿ
التفسيرات التي يعطييا لمقتضيات بعض النصوص ،أو انتقاداتو ألعماؿ اإلدارة ،ومحاولتو اقتراح
حموؿ بديمة سواء إلصالح الضرر الحاصؿ أو لتعديؿ القوانيف القائمة ،حتى يتـ تفادي تكرار نفس
158
. األخطاء واستمرار سوء التفاىـ بيف اإلدارة والمتعامميف معيا
باإلضافة إلى شرطي المروءة والكفاءة العالية الواجب توفرىما في الوسيط والفريؽ العامؿ معو،
البد لنجاح ىاتو المؤسسة مف توفر شروط أخرى ،ومنيا عمى سبيؿ المثاؿ :
-االستعداد التاـ والقرب مف المواطف ،فإذا أخذنا وضعية بالدنا ،نجد أف أحد أىـ مشاكؿ المواطف مع
المرافؽ العمومية ،ىو شعور المواطف بيوة تفصمو عف وعدـ اىتماـ ىذا األخير بتظمماتو .
-سيولة الوصوؿ أف المجوء إلى الوسيط وذلؾ مف خالؿ تبسيط مسطرة تمقي الشكايات وتنوع
المتدخميف (المتضرر البرلماف ،التحريؾ المباشر مف طرؼ الوسيط ،أو المنظمات غير الحكومة) .
-االنفتاح عمى جميع مكونات المجتمع ،والعمؿ عمى تعزيز التواصؿ معيا ،ييدؼ تسييؿ ميماتو
ودرئ سوء التفاىـ المحتمؿ حدودثو في حالة التقوقع واالبتعاد عف محيط المؤسسة .
-سمطة واسعة لمتحقيؽ في االدعاءات التي تتضمنيا التظممات التي يتوصؿ بيا ،عف طريؽ تسييؿ
مأمورية باإلدارة والمرافؽ المنتظـ منيا .
158
-ادرٌس بلماحً :دراسة مقارنة فً اختصاصات مإسسة الوسٌط ، REMALD ،سلسلة مواضٌع الساعة ،عدد ، 1000، 10
ص. 816
121
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
-استقاللية الوسيط 159عف جميع مكونات المجتمع (اإلدارة والجية رافعة التظمـ ،والجية التي يرفع
إليو التقرير السنوي) .
أوؿ عممية يجب استيعابيا بخصوص مؤسسة الوسيط ،وافياميا لجميع المتعامميف معو ،ىي
أف الوسيط ليس منافسا لإلدارة وال بديال عف القضاء .
فبخصوص العالقة األولى ،مف الواجب نسج عالقة قائمة عمى ثقة متبادلة بيف الوسيط
واإلدارة ،مف أجؿ التوصؿ إلى الحموؿ المبنية عمى سيادة القانوف ومبادئ العدؿ واإلنصاؼ .
أما بشأف العالقة مع القضاء فالوساطة ال تمغي وال تحؿ محؿ المساطر المتبعة في حؿ
النزاعات اإلدارية ،ولكنيا تؤسس لثقافة الحوار بيف المرفؽ والمرتفؽ ،وتضع حذا لمعبة القطيعة
والصداـ بينيما ،وايجاد حموؿ حبية وسريعة في احتراـ تاـ لمقانوف بعيدا عف تعقد وبطء المساطر
القضائية ،وفي ذلؾ ربح وفائدة لكال الطرفيف .
-عف طريؽ اإلقناع :وذلؾ بواسطة حث اإلدارة عمى األخذ بتوصياتو ومالحظاتو والتراجع عما كاف
سببا في التظمـ ،وفي ىذا الباب يحتاج إلى عمؿ دؤوب عمى صعيد العقميات ،وىنا تظير أىمية
السمطة المعنوية لموسيط مف خالؿ حنكتو وكفاءتو والمامو بالمجاؿ المتدخؿ فيو ،واستقاللية وحيادة،
وتمسكو بمبادئ العدالة ،ألنو يمثؿ في ىذه الحالة دور السمطة المعنوية التي لمطبيب عمى المريض
مف خالؿ تشخيص المرض ووصؼ العالج .
ويبقى نجاح مسعى اإلقناع رىيف بمدى تفتح وتعاوف اإلدارات والمرافؽ المعنية بالوساطة مع الوسيط .
159
-وتضمن استقاللٌة الوسٌط :طرٌقة ومسطرة التعٌٌن (بواسطة البرلمان وبعض التجارب تشترط حصول المرشح لمنصب الوسٌط
على موافقة ثلثً أعضاء البرلمان ،أو تعٌٌن بواسطة مجلس وزراء)-.ضمانات عدم العزل أو المتابعة بمناسبة أدائه لمهامه -توفٌر وسائل
عمل مادٌة وبشرٌة للوسٌط والفرٌق العامل معه -دقة تحدٌد المهام حتى تتفادى تداخل أو تنازع االختصاصات -مدة محددة غٌر قابلة
للتجدٌد فً ممارسة المهمة -عدم ممارسة أٌة وظٌفة أو مهمة حرة انتخابٌة خالل الوالٌة المحددة.
122
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
-عف طريؽ الردع ،وىي وسيمة غير محبذة ألنيا ستكوف مصدر صراع بيف الوسيط واإلدارة المتنازع
معيا ،وقد تمارس عف طريؽ النشر الواسع لتقارير الوسيط ،وبالتالي تشكيؿ قوة ضعؼ مف طرؼ
الرأي العاـ عمى اإلدارة التي يشار إلى عدـ تعاونيا مع الوسيط .
وكما سبقت اإلشارة ال ترغب أية مؤسسة في أف تسجؿ في صفحات سوداء مف جية أخرى ال يجب
أف يكوف مصدر التوصيات والحموؿ المقترحة مف طرؼ الوسيط ،الشقة أو اإلحساف أو إرضاء
لمخواطر .
وبالرغـ مف اإلصرار عمى قدسية استقالؿ القضاء ،فمف يكوف ىناؾ أسي تأثير إذا ما تدخؿ
الوسيط في حالتيف- :حالة عدـ تنفيذ األحكاـ القائية او -حالة بطء المسطرة .
وتجدر اإلشارة في ىذا الباب إلى التساؤؿ حوؿ الطبيعة القانوينة لموسيط ىؿ ىو سمطة إدارة
أـ ال ؟
كاف الجواب مجمس الدولة الفرنسي في قرار لو في 42يوليوز 2:92بأف لموسيط طابع سمطة
إدارية » ،« le médiateur a le caractère d’une autorité administrativeاألمر الذي
يفتح المجاؿ لمطعف أماـ المحاكـ المختصة في الق اررات التي يمكف أف يتخذىا الوسيط ،غير أف قرار
مجمس الدولة المذكورة اعتبر أجوبة الوسيط ال تكتسي طابع الق اررات اإلدارية ،وبالتالي فيي غير قابمة
لمطعف .
160
-ال تعد مإسسة الوساطة حكرا على الحضارة الغربٌة بال عرفت الحقب التارٌخٌة المتقدمة على اإلسالم ممارسة ما ٌعرف بـ عقد الحلق
لرد المظالم وفً صدر اإلسالم عرفت مإسسة والٌة المظالم كانت لها مرتبة أعلى حتى من القضاء.
123
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
ويبقى ذلؾ منطقيا ألف الوسيط ال يصدر إال توصيات ،وحتى في حالة مطالبتو بمتابعة تأديبية
لموظؼ ،فإف ما يمكف الطعف فيو ىو القرار الذي ستتخذه اإلدارة تنفيذا لمتوصية .
غير أنو بتفحص الفصؿ 21مف القانوف المحدث لموسيط بفرنسا ،فإننا نجد أف بإمكاف الوسيط
اتخاذ إجراءات تأديبية أو تحريؾ دعوى أماـ المحكمة الزجرية في حالة عدـ وجود سمطة مختصة واذا
ما حدث ذلؾ يكوف الوسيط قد انتقؿ مف مجاؿ التوصية غير القابمة لمطعف إلى مجاؿ الق اررات
161
. اإلدارية
كما أنو في اآلونة األخيرة بدأ التفكير جديا في تفعيؿ ىذا الجياز ،لما في تحريؾ آليات الرقابة
162
. الداخمية مف انعكاسات إيجابية عمى المرفؽ ومحيطو معا
الفرع الثاني :االطار الدستوري لمجمس المنافسة والييأة الوطنية لمنزاىة والوقاية من
الرشوة
نص القانوف األسمى عمى أف مجمس المنافسة (الفقرة االولى) ىيئة مستقمة" ،مكمفة في إطار
تنظيـ منافسة حرة ومشروعة بضماف الشفافية واإلنصاؼ في العالقات االقتصادية ،خاصة مف خالؿ
تحميؿ وضبط وضعية المنافسة في األسواؽ ،ومراقبة الممارسات المنافية ليا والممارسات التجارية غير
المشروعة وعمميات التركيز االقتصادي واالحتكار" .
وبخصوص الييئة الوطنية لمنزاىة والوقاية مف الرشوة ومحاربتيا (الفقرة الثانية) ،أكد الدستور
عمى أف ىذه الييئة تتولى ،عمى الخصوص" ،مياـ المبادرة والتنسيؽ واإلشراؼ وضماف تتبع تنفيذ
161
-تمت الصٌاغة باالعتماد على المرجعٌات التالٌة:
أوال :القوانٌن المنظمة لمإ سسة الوسٌط فً كل من السوٌد وفلندة والدانمارك وفرنسا وبرٌطانٌا وكندا
-162
ندوات وزارة الوظٌفة العمومٌة واإلصالح ودعوى وزٌر العدل عقب إعالن نتائج المجلس األعلى للقضاء ٌوم 7مارس 1000إلى
ضرورة إصالح المفتشٌة العامة وإعطاءها دورا أكبر.
124
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
سياسات محاربة الفساد ،وتمقي ونشر المعمومات في ىذا المجاؿ ،والمساىمة في تخميؽ الحياة العامة،
وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة ،وثقافة المرفؽ العاـ ،وقيـ المواطنة المسؤولة .
أصبح مجمس المنافسة مؤسسة دستورية بمقتضى الدستور الجديد ،الذي خولو سمطات في ما
يتعمؽ بالمنافسة وضماف احتراـ شروطيا ،ومتعو باالستقاللية ،إذ ينص الفصؿ 277عمى أف المجمس
ىيأة مستقمة ،مكمفة في إطار تنظيـ منافسة حرة ومشروعة بضماف الشفافية واإلنصاؼ في العالقات
االقتصادية ،خاصة مف خالؿ تحميؿ وضبط وضعية المنافسة في األسواؽ ،ومراقبة الممارسات
163
. المنافية ليا
والممارسات التجارية غير المشروعة وعمميات التركيز االقتصادي واالحتكار .وأشار الفصؿ
282إلى أنو ستحدد صالحياتو وتشكيمتو وتنظيمو وقواعد تسييره بمقتضى قانوف أساسي.
وتجدر اإلشارة إلى أف مشروع القانوف المتعمؽ بيذه المؤسسة يوجد حاليا في األمانة العامة لمحكومة
بعد إحالتو مف طرؼ و ازرة الشؤوف االقتصادية والعامة ،إذ عرؼ إعداده العديد مف المشاورات بيف
مختمؼ المعنييف بيذا المجاؿ .ويمكف أف تشكؿ ىذه المؤسسة بعد المصادقة عمى قانونيا األساسي
آلية ردع لكؿ أشكاؿ الريع ووضعيات االحتكار والممارسات المخمة بقواعد المنافسة الحرة والنزيية،
سيما أنو يمنح ليا سمطات واسعة في ىذا المجاؿ .
وأشارت مصادر إلى أف المشروع المعروض ،حاليا ،عمى األمانة العامة لمحكومة ،خوؿ
سمطات واسعة ليذه المؤسسة في ما يتعمؽ بمراقبة مدى احتراـ المتدخميف في السوؽ لشروط المنافسة،
خاصة بعد أف أصبح المجمس مؤسسة دستورية في الدستور الجديد .ومف بيف التعديالت التي أدخمت
في مشروع القانوف الجديد تدعيـ استقاللية المؤسسة تجاه السمط األخرى ،إذ نص عمى االستقاللية
اإلدارية والمالية ،إذ لف يصبح المجمس ،بعد المصادقة عمى المشروع ،تابعا لمو ازرة األولى في ما يتعمؽ
بميزانية تسييره ،كما ىو الوضع حاليا ،ما يمثؿ تبعية لمسمطة التنفيذية ويتنافى مع مبدأ االستقاللية
163
-محمد الزرقتً العٌادي :مجلس المنافسة والهٌاكل المكلفة بتطبٌق القانون ،مجلة طنجٌس ،العدد الثالث ، 1005ص .803
125
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
المعتمد في البمداف الديمقراطية بالنسبة إلى مثؿ ىذه المؤسسات .وفي ىذا اإلطار نص المشروع عمى
تخصيص ميزانية مستقمة لممجمس .كما أصبح يتمتع ،في إطار المشروع الجديد ،بسمطات تقريرية في
ما يتعمؽ بمراقبة واحتراـ شروط ومعايير المنافسة .
وتجدر اإلشارة كذلؾ إلى أف ميمة المجمس ،في ظؿ قانونو األساسي الحالي ،164تقتصر عمى
دور استشاري ،وال يمكنو مباشرة مراقبة أو تحقيؽ دوف أف يتوصؿ بطمب بذلؾ مف طرؼ الجيات
المخولة بمقتضى النصوص القانونية المعموؿ بيا حاليا ،والمتمثمة في الييآت المينية والمجف البرلمانية
وغرؼ التجارة والصناعة والخدمات ،إذ ،إضافة إلى عدـ إمكانيتو فتح تحقيؽ مف تمقاء ذاتو ،كاف عدد
الجيات المخوؿ ليا المجوء إلى المجمس محدودا .لكف المشروع الحالي يعطي لممؤسسة إمكانية إجراء
تحقيؽ كمما تبيف ليا أف ىناؾ خرقا لشروط المنافسة الشرعية .ويمزـ المشروع المقاوالت واألشخاص
الذاتييف والفاعميف المعنييف بمجاالت تدخؿ المجمس أف يمدوا المؤسسة بالمعطيات التي تحتاجيا في
بحثيا .كما يتيح المشروع أف يباشر المجمس بنفسو التحقيؽ ،في حيف أف ىذه الميمة مخولة بمقتضى
القانوف الحالي إلى مديرية األسعار والمنافسة التابعة لو ازرة الشؤوف االقتصادية والعامة .
ويمكف لممجمس ،في ظؿ القانوف المقبؿ ،أف يحدد العقوبات في حؽ المخالفيف لقواعد
المنافسة ،165ويمكف أف تصؿ العقوبات المالية إلى 311مميوف سنتيـ بالنسبة إلى األشخاص الذاتييف،
و 8في المائة مف رقـ المعامالت دوف احتساب الرسوـ بالنسبة إلى المقاوالت ،كما يتيح لو المشروع
إمكانية المجوء إلى القضاء إذا كانت المخالفات ذات طابع جنائي .
لكف قبؿ الوصوؿ إلى القضاء ،فإف المسطرة تقتضي تمكيف الجية المعنية مف نتائج بحث
المجمس مف أجؿ التمكف مف الرد عمييا داخؿ أجؿ شيريف ،قبؿ إصدار الق اررات ،ويظؿ لممعنييف بيا
حؽ االستئناؼ ،إذ ستنشأ غرؼ خاصة بمحاكـ االستئناؼ التجارية مف أجؿ النظر في ىذه القضايا .
164
-مرسوم رقم 1.00.831الصادر فً 87شتنبر 1008لتطبٌق قانون ،06.99المتعلق بحرٌة االسعار والمنافسة.
165
-واجه مجلس المنافسة مجموعة من الصعوبات المرتبطة بطبٌعة المهام التً ٌقوم بها والعالقات التً تربطه بالسلطات العمومٌة
والقضاء ،خاصة وأن المجلس ال ٌتوفر على إمكانٌة اإلحالة الذاتٌة وال على آلٌات للتحقٌق فً القضاٌا المرتبطة بخلق الشروط.
126
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وأدخؿ مشروع القانوف المعروض عمى األمانة العامة لمحكومة تعديالت عمى ىيكمة مكتب
المجمس مع الحفاظ عمى عدد األعضاء نفسو ،166وسيضـ ثالثة قضاة ،وثالثة خبراء في المياديف
االقتصادية وقضايا المنافسة ،وخبيريف في الشؤوف القانونية ،وممثميف عف رجاؿ األعماؿ ،كما يضمف
المشروع تمثيمية جمعيات حماية المستيمكيف في المكتب .
إف لمجمس المنافسة دور ميـ في ترسيخ مفيوـ دولة الحؽ والقانوف ببالدنا ،وتحقيؽ المنافسة
الشريفة والنزاىة في دعـ التنمية االقتصادية والعدالة االجتماعية وتحسيف مناخ األعماؿ واالستثمار،
سواء فيما يتعمؽ بالبث في القضايا المعروضة عميو أو في مجاؿ المبادرات التواصمية والتحسيسية التي
قاـ بيا مع مختمؼ الجيات ذات العالقة أو فيما يخص الدراسات التي أشرؼ عمييا ،وكذا العديد مف
العالقات التي استطاع أف ينسجيا مع الييآت والمنظمات الدولية المماثمة ،وىو ما مف شأنو أف يساىـ
في تحسيف مناخ العمؿ وجذب االستثمار والمساىمة في تقوية الدينامية االقتصادية المطردة التي
مافتئ يشيدىا المغرب في السنوات األخيرة ومرافقة الحراؾ الحالي الذي أنتجو دسترة ىيئات الحكامة
الجيدة .
لقد أناط المرسوـ المحدث لمييأة المركزية لموقابة مف الرشوة سابقا ،والييأة الوطنية لمنزاىة
والوقاية مف الرشوة ومحاربتيا حسب وصؼ الدستور الجديد ليا بيذه الييأة اختصاصات محددة مف
خالؿ المادة الثانية مف المرسوـ إياه ،يمكف إجماليا في المحاور التالية :التشخيص ،التقييـ ،االستشارة،
االقتراح ،التعاوف ،التواصؿ وتمقي الشكايات ،وفي ىذا اإلطار تقوـ الييأة في نفس الوقت بػ :
-166
حسب القانون الحالً المجلس ٌتكون من 85عضوا بمن فٌهم الرئٌس:
-ستة أعضاء ٌمثلون اإلدارة (ممثل عن الوزٌر المكلف بالعدل ممثل عن الوزٌر المكلف بالداخلٌة ،ممثل عن الوزٌر المكلف بالمالٌة ،ممثل
عن األمٌن العام للحكومة ،ممثل عن الوزٌر المكلف بالشإون العامة للحكومة ،ممثل عن الوزٌر المكلف بالتخطٌط)؛
-ثالثة أعضاء ٌتم اختٌارهم بعد توافرهم على الشروط الضرورٌة من خبرة ودراٌة فً مجال القانون واالقتصاد والمنافسة واالستهالك؛
-وثالثة أعضاء ٌزاولون أو سبق لهم مزاولة نشاطهم فً مجاالت أو قطاعات اإلنتاج والتوزٌع والخدمات.
إذن ٌالحظ غٌاب أي تمثٌلٌة للمقاوالت وللفاعلٌن االقتصادٌٌن داخل مجلس المنافسة ،مع العلم أنهم ٌشكلون الحلقة األساسٌة والركٌزة
الصلبة فً االقتصاد الوطنً وأنهم المعنٌٌون األولون بالمنافسة وتنظٌمها. .
127
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
-اقتراح التوجيات الكبرى لسياسة الوقاية مف الرشوة عمى الحكومة ،والسيما فيما يتمعؽ بالتعاوف بيف
القطاع العاـ والخاص لمكافحة الرشوة .
-اقتراح التدابير الرامية إلى تحسيس الرأي العاـ وتنظيـ حمالت إعالمية ليذا الغرض .
-التعاوف مع اإلدارات والمنظمات المعنية في تنمية التعاوف الدولي في مجاؿ الوقاية مف الرشوة .
-تتبع وتقييـ التدابير المتخذة لتنفيذ سياسة الحكومة في ىذا المجاؿ وتوجيو توصيات إلى اإلدارات
والييئات العمومية والمقاوالت الخاصة .
-إخبار السمطة القضائية المختصة بجميع األفعاؿ التي تبمغ إلى عمميا بمناسبة مزاولة مياميا ،والتي
167
وتضفي ىذه االختصاصات المسندة إلى الييأة الوطنية تعتبرىا أفعاال مف شأنيا أف تشكؿ رشوة
لمنزاىة والوقاية وتضفي ىذه االختصاصات المسندة إلى الييأة الوطنية لمنزاىة والوقاية مف الرشوة
ومحاربتيا خصوصيات معينة يمكف إجماليا كما يمي :
تتجمى في توفرىا عمى ىياكؿ منفتحة عمى مختمؼ مكونات المجتمع ،وتتكوف مف :
-جمع عاـ مف 56عضوا يتولى مياـ التصور واالقتراح ويتوفر عمى تمثيمية متنوعة ومتوازنة
لمختمؼ الييئات الو ازرية المعنية بمسألة مكافحة الرشوة ( )27والييئات المينية والنقابية ()25
وفعاليات المجتمع المدني والوسط األكاديمي ( ،)24باإلضافة إلى رئيس الييئة ووالي المظالـ (تـ
إلغاء والية المظالـ واستبداليا بمؤسسة الوسيط) .
مكونة مف :أعضاء تتولى تتبع الق اررات والتوصيات مستمدة مف نفس التمثيمية المتوعة لمجمع العاـ،
وتتوخى ىذه التمثيمية لممقاربة الجماعية والتشاركية في مجاؿ الوقاية مف الرشوة .
167
ٌ -نتظر أن ٌصدر قانون جدٌد عن البرلمان ٌدقق اختصاصات الهٌؤة وٌعززها باتجاه توسٌعها وخاصة فً مجال اإلحالة المباشرة على
القضاء بالنسبة لألفعال التً تٌبلغ إلى عمله أثناء مزاولة مهامه والتً من شؤنها أن تشكل رشوة.
128
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
ويبدو ذلؾ مف خالؿ اإلطار التنظيمي الذي ينص عمى تعييف ممثمي القطاعات الو ازرة داخؿ الييأة
بصفة شخصية ،ويمزـ باعتماد أغمبية أصوات األعضاء الحاضريف في اتخاذ ق اررات وتوصيات الجمع
العاـ .
وتتعزز ىذه االستقاللية مف خالؿ اقتصار مصادقة الوزير األوؿ عمى النظاـ الداخمي ،في حيف أف
168
ويعطي المرسوـ جميع مداوالت وق اررات الجمع العاـ والمجنة التنفيذية ال تستدعي أية مصادقة
المؤسس لمييئة إمكانية االرتقاء بتوصياتيا مف مستوى االقتراح إلى مستوى ممارسة السمطة المعنية
عبر التتبع والمواكبة ،خصوصا بتخوليا صالحية إصدار تقرير سنوي يرفع إلى الوزير األوؿ ووزير
العدؿ ،والعمؿ عمى نشره وتوزيعو ،ويتأسس ىذا التقرير عمى المادة 7المرسوـ المنشئ لمييأة وتمكف
ىذه الخصائص العامة التي تتميز بيا الييأة المركزية لمنزاىة والوقاية مف الرشوة مف االضطالع بدور
ىاـ في مكافحة الفساد وتخميؽ الحياة العامة ،وفي مقدمتيا اإلدارة العمومية ،وخاصة إذا وفرت ليا
اإلمكانيات والوسائؿ ،حسبما تنص عمى ذلؾ الماجة السادسة مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الفساد
.
قامت الييأة الوطنية لمنزاىة والوقاية مف الرشوة سابقا ،في إطار اختصاصاتيا اليادفة إلى محاربة
الرشوة والمساىمة في تخميؽ الحياة ،كخطوة أولى عقب تأسيسيا ،تمثمت في تشخيص ظاىرة الرشوة
بالمغرب استنادا عمى التقارير الوطنية والدولية فتأكد ليا تغوؿ الظاىرة واكتساحيا لمختمؼ البنيات
المؤسساتية واالقتصادية والسياسية والتربوية ،فتقدمت في إطار البنيات المؤسساتية واالقتصادية
والسياسية والتربوية ،فتقدمت في إطار تفعيؿ دورىا االقتراحي إلى السمطات العمومية بثمانية توجيات
استراتيجة ترجمت إلى 36اقتراحا تـ تصريفيا في 224إجراء ميداني ،ىمت بشكؿ عاـ اآلليات
الزجرية ،واصالح منظومة الصفقات ،والقطاعييف العاـ والخاص ،واإلعالـ والتواصؿ ،وفيما يتعمؽ
بميمة التعاوف والتنسيؽ ،شاركت الييأة في إحداث مرصد لألخالقيات في المجاؿ الجمركي ،كما
-168
عبد السالم أبو درار ،محاضرة حول الهٌئة المركزٌة للو قاٌة من الفساد ورهان مكافحة الفساد نظمتها جمعٌة سال المستقبل بالخزانة
العلمٌة الصبٌحٌة ،األربعاء 11دجنبر .1080
129
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وضعت بوابة مشتركة لمتبميغ عف ممارسات الرشوة مف طرؼ المقاوالت الصغرى والمتوسطة ،169مثمما
فتحت المجاؿ أماـ المواطنيف لتمقي شكاياتيـ والتبميغ عف أفعاؿ الفساد ،وعمى مستوى دورىا
االستشاري قدمت الييأة تصورىا حوؿ مشروع إصالح القضاء بما يؤدي إلى تعزيز اإلجراءات
170
. الزجرية ،ومشروع إصالح الصفقات العمومية
وفي إطار تقييميا لمجيودات الدولة لمحاربة الفساد وتخميؽ الحياة العامة خمصت الييئة إلى
المالحظات األساسية :
-ةخمو البعد االستراتيجي لمكافحة الفساد مف رؤية شمولية وجدولة زمنية وآليات لمتتبع والتنسيؽ
والتقييـ .
-وجود ترسانة قانونية واسعة ومالئمة لكنيا غير كافية عمى مستوى .
-اآلليات الزجرية حيث يالحظ عمى سبيؿ المثاؿ غياب تجريـ المحاولة عدـ التنصيص عمى األغيار
الوسطاء والموظفيف العمومييف واألشخاص المعنوييف وانعداـ الحماية القانونية لممبمغيف في عممية
الرشوة تجدر اإلشارة غمى أنو قد صدر مؤخ ار قانوف يحمي الممغيف والشيود في عممية الرشوة) .
-اآلليات الوقائية حيث يالحظ غياب تشريع يكفؿ الولوج إلى المعمومات ،ضعؼ فعالية تطبيؽ
المقتضيات المتعمقة بتعميؿ الق اررات اإلدارية ومنع الجمع بيف الوظائؼ وتضارب المصالح ،إضافة إلى
وجود ثغرات تيـ كؿ مف القوانيف المتعمقة بالتصريح بالممتمكات واالنتخابات والصفقات...
-ضعؼ المراق بة البرلمانية المتجمي عمى الخصوص في عدـ إيداع قانوف التصفية وفي عدـ تسميـ
تقارير المجنة البرلمانية لتقصي الحقائؽ إلى العدالة .
-محدودية فعالية المحاكـ المالية نظ ار لضعؼ الموارد البشرية وعدد الحسابات المدلى بو وضآلة
القررات المبمغة ومحدودية المتابعات .
ا
-169
إطالق البوابة اإللكترونٌة أوقفو الرشوة www.stopcorruption.ma
170
-أنظر تفاصٌل وافٌة عن دور الهٌؤة المركزٌة للوقابة من الرشوة فً تقرٌرها السنوي برسم .1009
130
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
-تذبذب الجياز القضائي حيث ال وجود لقضاء متخصص ويتـ إخضاع المتابعات لمبدأ
171
. المالئمة....إلخ
إف الدسترة ىي بداية الطريؽ وتسميط الضوء ينبغي أف يتبع بآلية التحكـ في الجسـ المسمط،
وفعالية آلية التحكـ مقرونة بطريقة تشكؿ ىذه المؤسسات المدسترة ،والطريقة مرىونة بالنظاـ العاـ
المتبع في تشكيؿ مثؿ ىذه المؤسسات ،ويجب التأكيد اف الديمقراطية أداة لتحقيؽ مناط اإلشراؾ الفعمي
لممجتمع في االختيار والتقرير والتقويـ ،وبالتالي فدمقرطة ىذه المؤسسات يقتضي أف يسري عمييا مبدأ
االختيار الحر الذي يعبر عمى رضا المجتمع عمييا باعتبارىا مؤسسات وطنية عميا تسير عمى خدمة
المصالح الكبرى لممجتمع .
لقد جاء دستور ،3122بمجموعة مف الضمانات مف أجؿ تدعيـ القيـ الديمقراطية وترسيخ
دولة القانوف ،التي شكمت اليدؼ األساسي لكؿ السياسات التي نيجيا المغرب مند حصولو عمى
االستقالؿ ،بإقامة دولة الحكامة الديمقراطية في إطار سيادة القانوف واحتراـ حقوؽ اإلنساف كتعبير عف
الفمسفة العامة التي أسسيا مف أجؿ إحداث التغيير المنشود والحد مف االختالالت وسوء التدبير الذي
تعاني منو مؤسسات الدولة ،والسعي نحو حكامة البعد التدبيري لممرافؽ العامة وعميو فقد نص دستور
3122عمى مبدأ الديمقراطية كخيار استراتيجي لتحقيؽ التنمية في مجاؿ التدبير اإلداري باعتبارىا
إحدى ركائز الدولة الحديثة ،ومبادئ الحكامة الرشيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة باعتبارىما الطريؽ
الوحيد إلحداث التغيير العميؽ ألساليب التدبير اإلداري القائـ عمى إرس ػػاء ثقافػػة التدبػير المرتكػز عمى
النتائػػج و الفعاليػػة ،واعتماد مقاربة تشاركية متجددة تشكؿ قطيعة مع المنيجيات التقميدية طبعت تاريخ
171
-أنظر تقٌٌم الهٌؤة المركزٌة للوقاٌة من الرشوة للمإسسات والقوانٌن الوطنٌة ذات الصلة بمحاربة الرشوة ،فً تقرٌر الهٌؤة المركزٌة
برسم . 1009
131
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
االدارة المغربية،كما تـ التنصيص عمى مجموعة مف المبادئ منيا مبدأ خضوع اإلدارات العمومية
ومرافؽ الدولة والجماعات الترابية في تدبيرىا اإلداري لممبادئ الديمقراطية والعقالنية واألخالقية،
وترسيخ الفعالية والتنافسية ( الفرع األوؿ) الحكامة التدبيرية (الفرع الثاني) .المتمثمة في المراقبة
والمشاركة والممحة في ضرورة اصدار ميثاؽ المرافؽ العامة ووضع ميثاؽ اخالقي .
وعميو فبعدما كاف احتراـ القانوف يمثؿ عنص ار أساسي ومكونا لعقالنية ومشروعية أعماؿ
المرافؽ العمومية ،أصبح حاليا أداة في خدمة الفعالية والتنافسية وأصبحت ىذه المبادئ ىي التي
تؤسس أعماؿ ىذه األخيرة ،وتقوي رأسماؿ مشروعيتيا ،حيث أصبحت المرافؽ العمومية تخضع لمبدأ
الفعالية )الفقرة األولى( ،بالمعنى االقتصادي لمكممة ،أي تحقيؽ أكبر مردودية بأقؿ تكمفة وفي أسرع
وقت ممكف ،باإلضافة إلى مبدأ التنافسية )الفقرة الثانية( الذي سيساعد المرافؽ العمومية العمومية عمى
اكتساب القوة الضرورية بغية مسايرة القوة التنافسية ،وما بات يعرؼ باألسواؽ المفتوحة المحمية
172
. واألجنبية
172
-عبد الفتاح أعبٌس" :حكامة تدبٌر المرافق العمومٌة من الحدود إلى التحدٌات " مرجع سابق ،ص .17
173
-مزٌن عادل " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري " رسالة لنٌل دبلوم الدراسات العلٌا المعمقة .وحدة القانون اإلداري وعلم
اإلدارة ،جامعة محمد الخامس ،كلٌة العلوم القانونٌة واالقتصادٌة واالجتماعٌة أكدال ،الرباط 1001-1008 .ص .36 -33
- 174
عبد العالً قرقوري " :بٌن المرفق العام وظله " .م.م .ا.م.ت سلسلة مواضٌع الساعة ،العدد 1001 ،53ص .61 - 888
132
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وبموازاة مع ذلؾ ،يسجؿ حدوث تحوؿ آخر عمى مستوى التدبير ،حيث يمكف الحديث عف
أسس جديدة إلى درجة يمكف معيا المجازفة بالقوؿ بتراجع إيديولوجية المصمحة العامة )أوال( لصالح
175
)ثانيا( . إيديولوجية الفعالية
مثؿ جميع اإليديولوجيات ،تمارس المصمحة العامة وظيفة مزدوجة ،فباإلضافة إلى اعتبارىا
مبدأ لممشروعية حيث تقوي مف انخراط المواطنيف في األنشطة ،وتشكؿ آلية ىامة لمعامميف بالمرافؽ
العمومية تساعد عمى تجاوزىـ لمصراعات وتكويف ىويتيـ الجماعية ،مما يشكؿ عامال ميما لحركية
المرافؽ العمومية ،نظ ار لمتالزـ الحاصؿ بيف التمسؾ بإيديولوجية الصالح العاـ وفعالية ىذه األخيرة.
والواقع أف ىذا المفيوـ استعمؿ ذريعة لتبرير تصرفات المرافؽ العمومية ،واكساب المشروعية
المتيازاتيا ،ويمكف أف تبرىـ عمى ىذا بشكؿ جزئي مف خالؿ استعماؿ قرينة اتساع اليامش التقديري
الذي يخوؿ السمطات العمومية وحدىا حؽ تحديد وتسمية ما يعتبر مصمحة عامة وما ليس كذلؾ،176
ومف تـ فكؿ أعماؿ المرافؽ العمومية التي ال تستند إلى نص قانوني يمكف أف تجد مشروعيتيا مف
خالؿ خدمتيا لممصمحة العامة .
وال شؾ أف اعتبار المرافؽ العمومية وحدىا الضامف لممصمحة العامة سيساعد العالميف فييا
عمى السيطرة عمى المصالح الخاصة عبر إلزاميا باالختباء وراء المصمحة العامة التي يعتبرنيا ممكا
177
. ليـ بدؿ السعي إليجاد توافؽ بيف المصمحة العامة والمصمحة الخاصة
وعميو ،فباإلضافة إلى االعتبارات السالفة الذكر ،والمتعمقة أساسا بعدـ كفاية المصمحة العامة
لتأطير أنشطة المرافؽ العمومية وتأسيس مشروعيتيا ،تجدر اإلشارة في ىذا المجاؿ إلى أنو ال يمكف
- 175
المرجع االخٌر السابق ،ص .881
- 176
عبد العالً قرقوري " ،بٌن المرفق العام وظله " م.م.إ.م.ت سلسلة مواضٌع الساعة ،العدد ،53ص .888
177 -
CHEVALIER (J), DRAI (R), RANGEON (F) « La communication administration administré » PUF , p 25.
133
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
لممرافؽ العمومية أف تظؿ بعيدة عف التيار الذي يدفع المنظمات ) العامة والخاصة( في اتجاه تنمية
اإلنتاج وتحسيف التقدـ والسعي بإلحاح نحو الفاعمية. 178
إذا كاف البعض يرى أف المرافؽ العمومية " كالمقاوالت الخاصة " مطالبة باستمرار بتحسيف
النتائج وتخفيض األثماف ،فإف ذلؾ " في رأينا " ىو ما دفع البعض اآلخر إلى التشديد عمى ضرورة أف
يصير مبدأ الفعالية واحدا مف مبادئ المرافؽ العمومية األخرى )االستم اررية ،المساواة ،(...ال أف يكوف
خاصية اختيارية لعمؿ المرافؽ العمومية .
وتجدر اإلشارة إلى أف العقالنية القانونية ،ال تتجاىؿ مفيوـ الفعالية ،لكنيا تعتبره مرتبطا بمبدأ
régularitéبشكؿ دائـ وغير قابؿ لمتفكيؾ ،ىذا االرتباط يمكف أف يتخذ عدة أشكاؿ ،لكف في كؿ
األحواؿ فإف العقالنية القانونية ترى في قانونياىا شرطا في حدذاتو لمفعالية ،179وىو الوضع الذي أدى
إلى تراجع األسس التقميدية لمشروعية المرافؽ العمومية والقائمة أساسا عمى مدى قانونية أعمالو
وتصرفاتو ،وتسرب خطاب تدبيري جديد يقوـ عمى الفعالية واإلنتاجية ويدفع في اتجاه المبادئ
واألساليب المقاوالتية في إدارة المرفؽ العاـ .
وتأسيسا عمى ذلؾ ،فإذا كانت مشروعية تدخالت السمطة العامة في السابؽ ،تقوـ باألساس في
جزء كبير منيا عمى قانونية أعماليا وتصرفاتيا ،فإنو في الوقت الراىف ،أصبح ىناؾ اقتناع عاـ بأف
الفعالية ومالئمة الوسائؿ مع األىداؼ بمثابة عناصر رئيسية في نشاط المرافؽ العمومية ،وبالتالي
أصبحت المصداقية ال تتوقؼ فقط عمى قانونية الممارسات ،ولكف أيضا عمى قدرة المرافؽ العمومية
عمى تطوير أدائيا وفعاليتيا .
178
- BENLETAIEF (M) « Le mutation des services public, R.E.G ? n°4 ? 1991, p 72.
179
-مزٌن عادل " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري " مرجع سابق ،ص .11
134
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
ولقد عبر الفقيو Michel Massenetعف ىذا التحوؿ بقولو :إف الدولة كانت تعتبر نفسيا
بمثابة ىيكؿ أو نظاـ يقوـ عمى ىرمية وتسمسؿ قواعد القانوف ،ولكف بعد ذلؾ ،وبعدما أصبحت تتدخؿ
في المجاالت االقتصادية واالجتماعية ،تـ تعويض وتعديؿ ىذا المفيوـ التقميدي .
بياجس اليدؼ الذ ي يقوـ عمى إمكانية تقييـ عمؿ المرافؽ العمومية انطالقا مف النتائج
180
. المحصؿ عمييا
وتجرد اإلشارة إلى أف فعالية األداء تؤدي إلى رضى أكبر مف طرؼ المرتفؽ ،وبالتالي إلى ثقة
أكبر في المرافؽ العمومية ،نظ ار النكشافيا عبر النتائج التي تعمؿ عمى تحقيقيا ،وبالتالي فأداء المرافؽ
العمومية ينبغي أف يكوف عمى شكؿ مسار يتجو نحو الموتفؽ ،وتعمؿ مف أجؿ إرضائو .
ولكف التحقيؽ ليذا المبتغى عمى أرض الواقع ،يقتضي التحسيس والتعبئة الدائمة لمعامميف
181
مف جية ،والعمؿ عمى تثبيت مبدأ حديث بالمرافؽ العمومية مف أجؿ ترسيخ " وعي بموغ األىداؼ "
لممراقبة يركز عمى تقييـ عناصر الفعالية والمردودية في إطار مف التنافسية مف جيرة أخرى.
مف المسمـ أف المرافؽ العمومية تعرضت النتقادات عديدة وىجمات متنوعة منذ ظيورىا،
والشؾ أف ىذه االنتقادات ازدادت حدتيا مع التحوالت الراىنة حيث أصبحنا نشاىد تدويال االقتصاد أثر
بشكؿ مباشر عمى الدولة الوطنية التي حاولت بناء سوؽ مفتوحة عمى المنافسة ،بما في ذلؾ قطاعات
كانت تحتكرىا المرافؽ العمومية .
وتأسيسا عمى ذلؾ ،فإذا كاف مف الالزـ االنفتاح عمى المنافسة ،أو بصيغة أصح إذا كاف مف
الصعب في الوقت الراىف حماية المرافؽ العمومية مف المنافسة في بعض القطاعات )أوال( فيؿ ىذا
يعني أف ىذه المنافسة تستطيع توفير بعض الخدمات العامة مثؿ التعميـ والصحة ،وفؽ آليات السوؽ
180
-مزٌن عادل " أسس ووسا ئل عقلنة التدبٌر اإلداري " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري " مرجع سابق ،ص .50
181
-BEN LETAIEF (M) “ Le mutation des services public, R.F.G .n°, 8998, p 78.
135
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وقانوف العرض والطمب ؟ أو بمعنى آخر ،ىؿ تستطيع المنافسة توفير مثؿ ىذه الخدمات حتى نسمـ
ونسمح لمم ارفؽ العمومية بالمنافسة بشأف ىذه الخدمات )ثانيا( .
مف المسمـ أف المناداة بتخمي أو تنازؿ الدولة عف المجاؿ االقتصادي لضماف دورىا الخاص
بالضبط في المجاؿ السياسي ،االقتصادي ،االجتماعي والثقافي ،سيكوف لو أبمغ األثر عمى المرافؽ
العمومية وحدود تدخالتيا .
فعمى المستوى األوربي ،أدت االنتقادات التي وجيت إلى المرافؽ العمومية ،إلى محاولة المجنة
األوربية بناء سوؽ مفتوح عمى المنافسة بما في ذلؾ في القطاعات التي تسيطر عمييا المرافؽ
العمومية ،182حيث أصبح مف الصعب في الوقت الراىف حماية المرافؽ العمومية مف المنافسة .
أما عمى المستوى الوطني فمـ تسمـ بعض القطاعات مف آلية المنافسة كما ىو الشأف بالنسبة
لقطاع االتصاالت بالمغرب ،حيث بعدما تراجع التصور الكالسيكي لممرافؽ العمومية والقائـ عمى
احتكار الدولة لبعض القطاعات ،183عممت ىذه األخيرة عمى إدماج قطاع االتصاالت في إطار
المنافسة ،بعدما تـ التأكيد عمى صعوبة استمرار القطاع في ظؿ االحتكار العاـ .
وال شؾ أف انفتاح بعض الخدمات عمى القطاع الخاص ،جاء كنتيجة لمحجج االقتصادية التي
تفيد حتمية فشؿ الدولة في تقديـ مثؿ ىذه الخدمات ،وأقؿ الحجج عمومية ىي تمؾ التي تفيد أف
ا إلطار المؤسساتي الذي ظير لتطبيؽ نشاط الدولة وسياستيا يعمؿ بدوف كفاءة ،وبأنو مف المحتـ أف
184
. ينطوي ذلؾ عمى التبذير
182
-محمد آٌت المكً :من أجل تجدٌد المرفق العام " REMALDسلسلة مواضٌع الساعة ،العدد ،1001 /53ص .11
183
» - BOUZZAFFOUR (D) 3 Le services public des télé communications : du monopole à la concurrence
REMALD , Série Thémes actuels, n° 35, p 172-175.
184
-كٌرون وواش " الخدمات العامة )المرفق العام( وآلٌات السوق " ) ترجمة محسن إبراهٌم الدستوري( اإلدارة العامة للطباعة
والنشر ،معهد اإلدارة العامة ،1005ص .59
136
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
واذا كانت ىذه الحجج ال تؤيد توفير الدولة لمخدمات االقتصادية مف خالؿ مرافؽ عامة
185
كما بيروقراطية ،فإف انفتاح تدبير المرافؽ عمى المنافسة سيساىـ في تطوير بعض القطاعات ،
سيشكؿ حال وسطا يحوؿ دوف التراجع النيائي لممرافؽ العمومية عف التدخؿ في القطاعات االقتصادية
.
وتبعا لذلؾ يجب أف يكوف المرفؽ الصناعية والتجاري أداة لتحقيؽ المنافسة ،فيشارؾ المشروع
الخاص في أداء خدمة اقتصادية عامة ،ويجب أيضا أف يتفؽ المشروع العاـ المتمثؿ في المرفؽ
الصناعي والتجاري بصفة موجودة في المشروع الخاص والتي تتمثؿ في عدـ خضوع ىذا األخير
لييمنة السمطة العامة ،كما وجب أف يعود االختصاص في نشاط المرافؽ الصناعية والتجارية لجية
186
. القضاء العادي لكي يتحرر مف القيوـ التقميدية القديمة
وعميو ،إف الصورة المناسبة لتدبير المرافؽ العمومية وفقا لما سبؽ ،تتطمب تقديـ الخدمات
العامة باالعتماد عمى منافسة السوؽ ،وما ينبغي التذكير بو في ىذا المجاؿ أنو ليس مف البساطة
المنافسة داخؿ السوؽ ،187وبالتالي ينبغي عمى المرافؽ العمومية تبني فمسفة جديدة لمتدبير ،188تقوـ
أساسا عمى نظاـ الجودة الذي يطبؽ بمختمؼ أنواعو لتأىيؿ المقاوالت الخاصة وضماف استم ارريتيا
وتنافسيتيا ،ومف ثـ فانتقاؿ تطبيؽ نظاـ الجودة عمى المرافؽ العمومية سيساىـ في خمؽ ثقافة جديدة
ليذا األخيرة ،وسيساعد عمى دعـ قدرتيا التنافسية ،لذلؾ نجد أف العديد مف الدوؿ أدخمت ىذا النوع مف
185
» - BOUZZAFFOUR (D) « Le servies public des télécommunications : du monopole à la concurrence
REMALD ,Série Thémes actuels, n° 35, 2002, p 183.
186
-حسن حوات " ،أٌة استمرارٌة للمرافق العامة الصناعٌة والتجارٌة " م.م.إ.ت ،سلسلة مواضٌع الساعة ،العدد 53ـ ،1001ص 93
– .96
187
-كٌرون وولش " الخدمات العامة ) المرفق العام( وآلٌات السوق " ،مرجع سابق ،ص .19
188
- SKOURI (A) “ Mise à niveau des pouvoir local « RJPM ,n° 23, p 115.
137
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
النظاـ عمى تدبير المرافؽ العمومية 189ماداـ يفترض قياـ " تدبير دوف أي خطأ أو عيب أو نقص
190
. "
وفي تقديرنا أف أسموب " شركة االقتصاد المختمط " يمكف أف يشكؿ أسموب مناسبا القتحاـ
المرافؽ العمومية لمجاؿ المنافسة ،خصوصا وأف تجارب االقتصاد المختمط " اتصاالت المغرب مثال "
تؤكد نجاعتيا في مجاؿ إدخاؿ معايير المنافسة في تدبير المرافؽ العمومية .
لكف السؤاؿ الذي يجب أف يثير انتباىنا بعد ىذا التحميؿ يجب أف ينصب أساسا حوؿ :
أيف ينبغي أف يقؼ ىذا النوع مف التدبير التنافسي ؟ أو بمعنى آخر ما ىي القطاعات التي ال ينبغي
أف تكوف موضوعا لممنافسة وآلية السوؽ ؟
الشؾ أف محاولة اإلجابة عمى مثؿ ىذه األسئمة تفرض عمينا مالمسة الحدود التي ترد عمى
التدبير التنافسي لممرافؽ العمومية .
189
- BEN LETAIEF (M) « Le mutation des services public, R.F.G ,n° ,1991 ,P 79-80.
190
- SKOURI (A) “Mise à niveau des povoir local »RJPM , n° 1990 ? P 115.
191
-كٌرون وولش " الخدمات العامة ) المرفق العام ( وآلٌات السوق " ) ترجمة محسن إبراهٌم ( اإلدارة العامة للطباعة والنشر ،
معهد اإلدارة العامة ،1005ص .86
138
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
تعمؿ عمى توفيرىا ،وبيذا المعنى ال ينظر إلى الدولة عمى أنيا مجرد آلية لمتوزيع أو منتج لجأ إليو
192
. بوصفو حال أخي ار وانما عمى أف ليا أغراضيا الخاصة في التعبير عف الصالح العاـ وتحقيقو
لكف الصعوبات التي تواجو مثؿ ىذا الطرح ،تكمف أساسا في اإلشكالية المرتبطة بالمرافؽ
العمومية حاليا ،ىي أف ىذه األخيرة أصبحت مرتبطة بشكؿ متزايد بالتغيرات التي تط أر عمى الدوؿ
الحديثة في الوقت الراىف والمرتبطة بتدويؿ اقتصاد السوؽ .
ورب قائؿ يقوؿ بأف انتشار ثقافة السوؽ سيجعؿ مف السيادة خياال غير نافع ،ىذا باإلضافة
إلى أف ظاىرة التغير المستمر لوظائؼ الدولة سيتجو في الوقت الراىف إلى اختفاء الدولة لمصمحة
الشركات متعددة الجنسية ،والى تراجع الدولة باعتبارىا إطا ار لمتضامف االجتماعي والممؾ العاـ .
لكف ذلؾ يظؿ نسبيا ،فالدولة واف تراجعت في إطار سياسة الخوصصة عف دورىا في الخوض
في المجاؿ االقتصادي ،فإنيا الزالت تحتفظ ببعض الوظائؼ األساسية ليا ،ومنيا خصوصا السير
عمى تقديـ الخدمات العامة لألفراد ،وىذا ما يعزز مكانة المرافؽ العمومية كوسيمة إلشباع الحاجات
العامة لألفراد ،193عمى الرغـ مف احتماؿ الفقو تحوؿ دولة رفاىية إلى دولة مشاركة ومساندة لمقطاع
الخاص .
وعميو ،ينبغي أال تعتبر تأثيرات العولمة مف قبيؿ الحتميات االقتصادية والتكنولوجية الشبيية
باألحداث الطبيعية التي ال يمكف الوقوؼ في وجييا ،ومف الوىـ االعتقاد أف تشابؾ الشركات العالمية
قادر عمى النيوض بوظائؼ ومياـ الدولة ،ومف ثـ فإذا لـ يكف ىناؾ جداؿ بالنسبة لألنشطة
االقتصادية والتجارية لمدولة ،حيث أف ىذه األنشطة كانت في األصؿ تدخؿ في مجاؿ النشاط
االقتصادي لمخواص ،فإذا قدرت الدولة " نتيجة التطورات التي حصمت في وظائفيا في المجاؿ
االقتصادي " أف تتخمى عنيا لمقطاع الخاص ،فإنو األمر عمى خالؼ ذلؾ بالنسبة لباقي الخدمات
العامة ،مثؿ التعميـ والصحة ،ولذلؾ فاألثر السمبي آللية السوؽ عمى مثؿ ىذه الخدمات يستتبع
192
-كٌرون وولش " الخدمات العامة )المرفق العام ( وآلٌات السوق " ،مرجع سابق ،ص .19-18
- 193
ثورٌة لعٌونً " ،انعكاسات سٌاسٌة الخوصصة على المرفق المرق العام " ترجمة محسن حوات ،مطبعة النجاح الجدٌدةـ البٌضاء
،1008ص .86
139
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
بالضرورة عدـ قياـ المنافسة في مثؿ ىذه الخدمات حتى ولو كانت المنافسة تجري بيف مرفؽ عاـ قياـ
المنافسة في مثؿ ىذه الخدمات حتى ولو كانت المنافسة تجري بيف مرفؽ عاـ الفعالية والتنافسية،
باإلضافة إلى المراقبة والمسؤولية .
الفرع الثاني :ترسيخ المراقبة والمشاركة وضرورة اصدار ميثاق المرافق العامة
باإلضافة إلى الفعالية والتنافسية ،كشكؿ مف اشكاؿ الحكامة التدبيرية لممرافؽ العامة ،ىناؾ
ايضا المراقبة والمشاركة ( الفقرة االولى) التي يمكف لممرافؽ العمومية أف تستفيد مف جية ،مف
التقنيات التشاركية المتواجدة في القطاع الخاص " وفقا لخصوصية المرفؽ العاـ " ،فإف ىذه التقنيات
194
المرافؽ العمومية ،ومف جية اخرى محاولة تعزيز النظاـ الرقابي بآليات تقود أيضا الى دمقرطة
جديدة تساىـ باإلضافة إلى تقييـ شرعية أعماؿ المرافؽ العمومية ،باالضافة الى ضرورة إصدار
ميثاؽ لممرافؽ العمومية ( الفقرة الثانية) ،فمف شأنو أف يعزز المكاسب الدستورية التي جاء بيا الباب
الثاني عشر في ميداف الحكامة الجيدة .
إذا كاف النظاـ الرقابي المطبؽ عمى المرافؽ العمومية يتيـ باليشاشة وعدـ الفعالية ،فإف ذلؾ
يرجع أساسا إلى المنطؽ القانوني الذي يركز فقط عمى المطابقة لمقواعد القانونية ولممعايير الشكمية
دوف التحقؽ مف النتائج واألىداؼ المقررة ،أي أف الرقابة الحالية تقوـ عمى رقابة الشرعية بدؿ رقابة
المردودية ،ولعؿ االقتصار عمى األولى دوف الثانية ،سوؼ لف يساعد عمى تجنب االنحرافات
والخروقات التي تطبع سير المرافؽ العمومية في الوقت الراىف .
وعميو يجب التفكير في أنماط جديدة لمرقابة ،بشكؿ ال يعطؿ عمؿ المرافؽ العمومية وال يعيؽ
تحقيؽ أىدافيا ،وبكيفية تساىـ في تعزيز النظاـ الرقابي بآليات جديدة تساىـ باإلضافة إلى تقييـ
194
-مزٌن عادل " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري "مرجع سابق ،ص .78
140
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
شرعية أعماؿ المرافؽ العمومية ،و تقييـ عناصر الفعالية والتنافسية التي ذكرناىا انفا ،بيدؼ تطويرىا
وتحسينيا .
أصبحت تفترض مبادئ العمؿ الفعاؿ والمستمر والعادؿ ،أف تكوف المرافؽ العمومية موضوعا
لرقابة دائمة مف أجؿ التأكيد مف شرعية أعماليا وكذا مردوديتيا ،وذلؾ بعد التسميـ بعدـ فاعمية الرقابة
في جانبيا المتعمؽ برقابة المشروعية ،سواء أكانت ىذه الرقابة سابقة أو الحقة ألعماؿ المرافؽ
العمومية .
وتجدر اإلشارة إلى أف المرافؽ العمومية مطالبة باحتراـ مبدأ الشرعية ،وىو ما يفرض
خضوعيا لعدة أشكاؿ مف الرقابة يمكف حصرىا ضمف الرقابة السياسية والرقابة اإلدارية وكذا الرقابة
القضائية ،واذا كانت الرقابة السياسية يمارسيا البرلماف والرأي العاـ ،والرقابة القضائية تمارسيا الييئات
القضائية ،والرقابة اإلدارية تمارس مف قبؿ اإلدارة نفسيا ،فإف ذلؾ لـ يحد مف التجاوزات واالختالالت
التي تعرفيا المرافؽ العمومية ،وعميو فاالنسجاـ مع منطؽ العقالنية القانونية جعؿ مف الرقابة اإلدارية
القبمية والبعدية ال تتعدى مدى الرقابة الداخمية ،التي فرضت وجود آليات لممراقبة تيدؼ إلى توجيو
عمؿ المرافؽ العمومية في إطار العالقة مع القواعد القانونية دوف االمتداد إلى رقابة المردودية ،مما
أدى بيا إلى العجز في تقويـ األداء ومالمسة مكامف القوة والضعؼ.195
وتأسيسا عمى ذلؾ ،فعمى الرغـ مف تعدد األجيزة الرقابية ببالدنا ،فإف ذلؾ لـ يؤد إلى الكشؼ
عما في أجيزة المرافؽ العمومية مف خمؿ في النواحي المالية ،ولـ تستطع ىذه الرقابة بأساليبيا
ووسائميا أف تمنع إساءة استعماؿ الماؿ العاـ196ومف ثـ فاقتصار األنظمة الرقابية عمى رقابة
195
-عبد الفتاح أعبٌس" :حكام ة تدبٌر المرافق العمومٌة من الحدود إلى التحدٌات الوكالة الحضرٌة لسطات نموذجا :وحدة تدبٌر اإلدارة
المحلٌة جامعة الحسن األول كلٌة العلوم القانونٌة واالقتصادٌة واالجتماعٌة سطات السنة الجامعٌة .1009 -1080ص .63
196
-مزٌن عادل " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري "مرجع سابق ،ص .61
141
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
المشروعية دوف رقا بة المردودية ،أصبح ال يكفي لتقويـ االنحرافات واالختالالت ،ومف ثـ أصبحت
اليوـ رقابة المردودية أكثر مف أي وقت مضى ضرورة ممحة مف أجؿ تجاوز ىذه االنحرافات،
خصوصا تمؾ المتعمقة بالتالعب باألمواؿ العامة وتبذيرىا مف جية ،وكذا مف أجؿ إدخاؿ عنصر
الفعالية في أي عمؿ أو نشاط لممرافؽ العمومية مف جية أخرى .
يمكف القوؿ أف لرقابة المردودية ثالث أىداؼ تروـ إلى تحقيقيا ،يتمثؿ األوؿ في الوقوؼ عمى
االنحرافات ،أما الثاني فيتعمؽ بتشخيص األسباب التي حالت دوف تحقيؽ المرافؽ العمومية لمستوى
مرض مف المردودية والفعالية في ما تضطمع بو مف برامج وأنشطة ،أما اليدؼ الثالث فيخص
197
التي مف المفروض فييا أف تركز عمى مكامف القوة والنجاح وتتفادى أسباب الخطوات التصحيحية
الفشؿ .
وتأسيسا عمى ذلؾ ،فعكس رقابة المشروعية التي أصبحت شكال تقميدي لمرقابة ،تعتبر رقابة
المردودية بمثابة م قياس مف خاللو يمكف تحديد الفارؽ بيف النتائج المتوخاة مف طرؼ المرافؽ العمومية
والنتائج المحصؿ عمييا مف قبؿ ىذه األخيرة ،ومف ىنا تكوف األىمية لياجس االرتقاء بأعماؿ المرافؽ
العمومية نحو األفضؿ واألجود أكثر مف الياجس المحكوـ بفرض الجزاءات والعقوبات .
ولقد حاولت مختمؼ الدوؿ إدماج ىذا الشكؿ الجديد لرقابة المرافؽ العمومية حيث عممت مثال
دولة » « Burkina Fasoعمى وضع مرسوـ )رقـ (:9-483في 26شتنبر 2::9يتعمؽ بقواعد
إعداد برامج وتقارير األنشطة في المرافؽ العمومية ،ويقرر المرسوـ إلزامية إعداد تقرير في النصؼ
مف كؿ شير نونبر ،بيف األنشطة التي تـ تحقيقيا ووصؼ النتائج المحصؿ عمييا بالمقاربة مع برنامج
األنشطة التي تـ وضعيا في بداية السنة .
والبد أف يتضمف ىذا التقرير األىداؼ التي تـ تعريفيا في برنامج األنشطة ووصؼ النتائج
التي تـ الحصوؿ عمييا أثناء مدة العمؿ ،كما ينبغي أف يتـ تحديد مستوى التنفيذ والنتائج المحصؿ
- 197
محمد الٌعكوبً :الدٌمقراطٌة االدارٌة بالمغرب م.م.ن.ق.س .العدد ٌ، 3ناٌر ، 1003ص.77
142
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
عمييا بكيفية يمكف قياسيا وبطرية تسيؿ عممية الرقابة ،ىذا باإلضافة إلى وجوب تضميف التقرير
بتوصيات مناسبة لتحسيف عمؿ المرافؽ العمومية .
وعموما ،يمكف القوؿ أف األىداؼ المتعمقة برقابة المردودية ال يمكف بمورتيا وتجسيدىا عمى
أرض الواقع إال بإتباع مناىج حديثة لممراقبة ،مف أىميا رقابة التدبير والنتائج ،وال شؾ أف وضع
وارساء مثؿ ىذه الرقابة يتطمب أوال وقبؿ كؿ شيء تحديد أسسيا واختيار أدوات التقييـ والقياس التي
ستكوف مناسبة لمياـ وأنشطة المرافؽ العمومية ،حيث ال يمكف استعماؿ نفس أدوات القياس والتدابير
198
. التصحيحية المتخذة عمى مستوى القطاع الخاص
يعتبر أسموب المشاركة األسموب األكثر قبوال في تدبير المرافؽ العمومية ،ومما يؤكد مثؿ ىذا
االعتقاد كوف زيادة المشاركة سوؼ يؤدي إلى حموؿ أفضؿ لممشاكؿ والفرص والقواعد المعروفة مثؿ:
إشراؾ كؿ مف لو عالقة بالمشكمة أو الحؿ ،والدفع باتخاذ القرار في المستويات الدنيا والتعامؿ مع مف
ليـ صمة بالمشكمة كالخبراء أو الحؿ ،والدفع باتخاذ القرار في المستويات الدنيا والتعامؿ مع مف ليـ
صمة بالمشكمة كالخبراء والمتخصصيف ،ومنح نفوذا أكبر اعدد أكبر مف الناس ،كؿ ىذا يؤكد أىمية
المشاركة في تطوير المرافؽ العمومية .
والواقع أف مفيوـ المشاركة يختزؿ خطابيف متوازييف ،وذلؾ مف خالؿ التأكيد عمى فعالية العمؿ
اإلداري مف الناحية التقنية تارة ،ومف خالؿ التشديد عمى الجانب الديمقراطي المتمثؿ في دمقرطة
المرافؽ العمومية تارة أخرى ،199لذلؾ فإف االىتماـ بالمشاركة ينبع أساسا مف المزج بيف الخطابيف .
فالخطاب التقني ،الذي يدافع عنو عمماء االجتماع والميتميف بالمانجمنت العمومي ييتـ بكيفية
خاصة بالفاعمية ،حيث أف المشاركة تبقى حتمية لتحسيف العمؿ اإلداري عف طريؽ االىتماـ بتطمعات
198
-نوال الهناوي ،التدبٌر العمومً الجدٌد،مرجع سابق ،ص . 60
199
-دستور 1088بالمغرب مقاربات متعددة منشوراي مجلة الحقوق سلسلة االعداد الخاصة العدد الخامس 2012
143
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
العامميف والمرتفقيف ،ومف ثـ يصبح مف المستحيؿ العمؿ عمى زيادة رغبة األفراد في تحسيف مستوى
أدائيـ دوف األخذ بمقتضيات التدبير التشاركي وترجمة مكوناتو التي توفر مجاال ممموسا لمعامميف
لممشاركة في اتخاذ القرار والرفع مف مستوى االنتخابية .
أما الخطاب السياسي ،فيقؼ وراء دعاة الديمقراطية ويركز ىذا الخطاب عمى ضرورة تعزيز
االتصاؿ المباشر بيف المرافؽ العمومية والمرتفقيف ،نظ ار لكوف مبدأ المشاركة يشكؿ أحسف عالج
لالنحرافات البيروقراطية ،وبالتالي فتحقيؽ المبدأ الديمقراطي يفترض باإلضافة إلى المشاركة السياسية
مشاركة المواطف في األنشطة التي تقوـ بيا المرافؽ العمومية ،200خصوصا وأف الديمقراطية السياسية
واإلدارية مترابطاف ،حيث أف الثانية أصبحت تكمؿ األولى ،واألولى ال يمكف أف تزدىر بدوف الثانية،
وىذا يعني أننا لـ نعد بصدد ذلؾ التصور األحادي والمجمع لمسمطة ،بؿ صرنا نتجو نحو إرساء آليات
وىياكؿ ووسائؿ كفيمة بتحقيؽ التشاور والمشاركة .
لذا ،وجب أف تقوـ المرافؽ العمومية بتقوية األساليب التشاركية ،حيث ستمكف مثؿ ىذه
األساليب " وخصوصا عند اتجاىيا نحو المجتمع المدني عف طريؽ السماح لممثميو بالمشاركة في
تدبير شؤوف المرافؽ العمومية " بتوسيع أسس المشروعية التي تقوـ عمييا المرافؽ العمومية .
والشؾ أف المرافؽ العمومية تستطيع أف تقوـ بيذه الوظائؼ عمى أحسف وجو إذا استطاعت
التوفيؽ بيف ميكانيزمات الفعالية مف جية وتوفير الفرص المناسبة لممشاركة.
لكف تحقيؽ ىذا المبتغى يتطمب باإلضافة إلى ما تـ ذكره انفا بكؿ ما يتعمؽ بحكامة تدبير
المرافؽ العامة الى ضرورة اصدار ميثاؽ المرافؽ العامة .
200
-مزٌن عادل " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري "مرجع سابق ،ص .69
144
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
إف إصدار ميثاؽ لممرافؽ العمومية مف شأنو أف يعزز المكاسب الدستورية 201التي جاء بيا
الباب الثاني عشر في ميداف الحكامة الجيدة كأساس لترسيخ مجتمع متضامف ينعـ فيو كؿ المواطنات
والمواطنيف بالمساواة والعدالة االجتماعية ومقومات العيش الكريـ .
ىذا الميثاؽ سيكوف لو آثر ىاـ في الرقي بتدبير الشأف العاـ والمحمي حيث سيركز عمى
تحديد قواعد الحكامة الجيدة المتعمقة بتسيير الجماعات الترابية المغربية .
ولتكوف الحكامة الترابية جيدة ينبغي أف تقوـ عمى حسف التنظيـ وتوزيع المسؤوليات ،وصقؿ
القدرات ،والفعالية وجودة الخدمات ،واالعتماد عمى الرؤية اإلستراتيجية في البرامج التنموية ودعـ
التواصؿ داخؿ المجالس المحمية وخارجيا في إطار المجاالت االقتصادية واالجتماعية والثقافية .
والمبادئ والمعايير التي تـ ذكرىا في الفصؿ الثاني ىي أىـ المبادئ الواجب تضمينيا في
الميثاؽ الجديد لممرافؽ العمومية كالمشاركة ،الشفافية ،الفعالية ،المراقبة والتنافسية باإلضافة إلى
حسف االستجابة :يعني قدرة المؤسسات واآلليات عمى خدمة الجميع بدوف استثناء .التوافؽ :يعني
القدرة عمى التحكيـ بيف المصالح المتضاربة مف أجؿ الوصوؿ إلى إجماع واسع حوؿ المصمحة العامة
.الرؤية اإلستراتيجية :تستجيب لحاجيات المواطنيف وتطمعاتيـ عمى أساس إدارة عقالنية وراشدة
لمموارد أي الرؤية المنطمقة مف المعطيات الثقافية واالجتماعية اليادفة إلى تحسيف شؤوف الناس وتنمية
المجتمع والقدرات البشرية .
إف مبادئ الحكامة الجيدة تفرض إقامة تواصؿ دائـ بيف المسؤوليف والموظفيف واألعواف
المحمييف مف جية ،وبيف الرؤساء والمواطنيف مف جية أخرى .واذا كاف توسيع العالقة بيف واذا كاف
توسيع العالقة بيف المسؤوليف والموظفيف سوؼ يزيد مف دوف شؾ في مردوديتيـ و إنتاجاتيـ وذلؾ مف
خالؿ اإلطالع عمى مشاكميـ واكراىاتيـ ومف ثمة محاولة حميا ،فإف التواصؿ الخارجي سوؼ يرسخ
لثقافة جديدة سمتيا األساسية الثقة وتكريس الديمقراطية .وفي ىذا اإلطار يتوفر الرؤساء عمى عدة
201
-الشكاري كرٌم :تد بٌر المرافق العمومٌة المحلٌة على ضوء مقتضٌات الدستور المغربً الجدٌد ،باحث فً مٌدان الجماعات الترابٌة
145
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
طرؽ لمتواصؿ مع المواطنيف إما بشكؿ غير مباشر ،عبر اإلذاعة والتمفزة والجرائد والمجالت
والدوريات ،أو بطريقة مباشرة أي باالتصاؿ المباشر بالسكاف المحمييف ،إما داخؿ الجماعة أو خارجيا،
وذلؾ بتنظيـ لقاءات دورية منتظمة لتدارس مشاكؿ السكاف واكراىاتيـ والصعوبات التي يجدونيا لولوج
المرافؽ العامة ،وكذا التعرؼ عمى طموحاتيـ وتطمعاتيـ ومحاولة برمجتيا واخراجيا إلى حيز
الوجود ،إذا كاف إصدار ميثاؽ لتدبير المرافؽ العمومية سيساىـ في وضع إطار متقدـ لتعزيز حكامة
المرافؽ العمومية .
يعد وضع مدونة لألخالؽ اإلدارية مف بيف اإلجراءات العممية التي يمكف أف تؤدي إلى تخميؽ
الممارسة اإلدارية بالمرافؽ الجماعية .فالقوانيف المعموؿ بيا في العمؿ اإلداري ناد ار ما تحترـ بسبب
السموؾ السمبي السائد لدى الموظؼ والمواطف ،وسيادة نمط مف األعراؼ اإلدارية التي تمكنت مف
فرض نفسيا في دواليب اإلدارة ،ليذا يتعيف وضع ميثاؽ أخالقي باإلدارات الجماعية ومختمؼ المواقؼ
العمومية تكوف لو قوة إلزامية في احترامو واتباع مضامينو ،ويجب أف ييـ كؿ مف الموظؼ والمواطف .
يالحظ أف المشرع المغربي قد اعتبر المروءة شرطا مف شروط ولوج الوظيفية العمومية ،حيث
ينص الفصؿ 32مف النظاـ األساسي لموظيفة العمومية عمى أنو ال يمكف ألي شخص أف يعيف في
إحدى الوظائؼ العمومية إذا لـ يتوفر فيو الشروط اآلتية :
أف تكوف لو الجنسية المغربية ،أف يكوف متمتعا بالحقوؽ الوطنية وذا مروءة،.أف يكوف مستوفيا لشروط
القدرة البدنية التي يتطمبيا القياـ بالوظيفة،.إذا لـ يكف في وضعية تتفؽ ومقتضيات قانوف الخدمة
العسكرية .
202
، لكف حصر المشرع معنى المروءة في عدـ وجود إدانة جنائية يطرح أكثر مف سؤاؿ
حيث أف عد ـ إدانة المرء جنائيا ال يكفي لمتأكد مف سالمة أخالقو ،كما أف إدانة المرء جنائيا ال تكفي
202
-مزٌن عادل " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري " أسس ووسائل عقلنة التدبٌر اإلداري "مرجع سابق ،ص .30
146
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
لمداللة عمى فساد أخالقو .واذا كاف األمر ىكذا ،فإف إثبات مروءة الشخص الموظؼ تتطمب مف
اإلدارة إصدار ميثاؽ أخالقي لمموظؼ ينظـ سموكاتو ويضبط تصرفاتو ،203سواء تعمؽ األمر بموظؼ
رئيس أو مرؤوس ،لتصبح مضاميف ىذا الميثاؽ أعرافا إدارية تخدـ مصالح اإلدارة والمواطف ،وحتى
يتـ تحقيؽ ذلؾ يجب أف يتضمف الميثاؽ األخالقي األمور التالية :
-أف يخصص الموظؼ جؿ اىتماماتو لوظيفتو ،وأف يتصرؼ بعدؿ وتجرد في تعاممو مع مستعممي
مصمحتو .
ويتعيف عمى اإلدارة في إطار ضماف احتراـ ىذا الميثاؽ األخالقي ،أف تحدد بعض العقوبات
في حالة مخالفة أو عدـ التقيد بو ،كما يجب عمييا أف تمد كؿ موظؼ بنسخة مف ىذا الميثاؽ ،وأف
تجبره عمى توقيع التزاـ باحتراـ مقتضياتو ،وبالتالي يمكف ىذا األمر مف إرساء ثقافة األخالؽ في العمؿ
اإلداري الجماعية ،التي تكوف في صالح المواطنيف .
يعتبر المواطف أحد العناصر المكونة لمنسؽ اإلداري الجماعي ،حيث ال يمكف تصور اإلدارة
الجماعية بدوف مواطف ،ونظ ار لكوف ىذا األخير شديد االرتباط بيذه اإلدارة ،ولكونو عامال رئيسيا في
سيادة بعض السموطات السمبية ،فإنو يتعيف عمى اإلدارة الجماعية المغربية أف تقوـ أيضا بإصدار
ميثاؽ أخالقي خاص بالمواطف تبيف فيو األخالؽ التي يتعيف عميو أف يتحمى بيا أثناء ولوج األجيزة
اإلدارية ،وكذا المساطر التي يجب أف يتبعيا .ويمكف االقتضاء ببعض التجارب الرائدة في ىذا
204
واقتباس بعض أدبيات التعامؿ اإلداري مف ىذه التجارب التي تتناسب مع البيئة اإلدارية المجاؿ
لممجتمع المغربي .
203
-عبد الحفٌظ أدمٌنو :نظام البٌروقراطٌة اإلدارٌة بالمغرب ،أطروحة لنٌل الدكتوراه فً القانون العام ،جامعة محمد الخامس أكدال ،كلٌة
الحقوق -الرباط السنة الجامعٌة ،1001/1008ص .506
204
-تعتبر برٌطانٌا إحدى الدول الرائدة فً تثمٌن العنصر البشري فً المجتمع والوعً بمكانته ،فقد جاء مٌثاق المواطن كإحدى مبادرات
رئٌس الوزراء " جون مٌجر " فً عام ،8998لٌجعل من المواطن كزبون فً عالقته باإلدارة ،وٌعطً بذلك اهتماما كبٌرا إلدارة جودة
147
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وتكمف أىمية الميثاؽ األخالقي في تنمية وعي المواطف بمستويات الخدمات المقدمة مف
المصالح اإلدارية وتمكينو مف أساسيات المعاممة اإلدارية ،كما أنو سيشكؿ حاف از ليذه المصالح لتقديـ
خدماتيا بشكؿ فعاؿ ،وكونو سيساىـ في تحديد العالقة بيف اإلدارة والمواطف .
الخدمات اإلدارٌة ،وقد عرض هذا المٌثاق لمجموعة من األسالٌب التً ٌمكن من خاللها تحسٌن وتطوٌر جودة الخدمات اإلدارٌة .للتفصٌل
فً هذا األمر ٌراجع:
-بلقاسم بوطٌب :التواصل المحلً -دراسة فً أسس العالقة بٌن اإلدارة الجماعٌة والمواطن ،رسالة لنٌل دبلوم الماستر فً القانون العام
/مسلك تدبٌر اإلدارة المحلٌة ،جامعة الحسن األول ،كلٌة الحقوق -سطات -السنة الجامعٌة ،1008/1007ص .181
148
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
لقد تـ الحديث في ىذا الفصؿ المعنوف مستجدات الدستور الجديد في مجاؿ تدبير المرافؽ
العامة ،والذي تـ التطرؽ فيو عف جممة مف المستجدات الدستورية فيما يتعمؽ بالمرافؽ العامة ،فمقد
خصص الدستور المغربي الجديد لسنة 3122بابا كامال لمحكامة الجيدة ،حيث تمت دسترة المبادئ
األساسية التالية :تنظيـ المرافؽ العمومية عمى أساس المساواة بيف المواطنات والمواطنيف في الولوج
إلييا ،واإلنصاؼ في تغطية التراب الوطني ،واالستم اررية في أداء الخدمات.
إخضاع تسيير المرافؽ العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية والمبادئ
والقيـ والديمقراطية .
إلزاـ أعواف المرافؽ العمومية بممارسة وظائفيـ وفقا لمبادئ احتراـ القانوف والحياد والشفافية
والنزاىة والمصمحة العامة وتأميف تتبع مالحظات واقتراحات وتظممات المرتفقيف .
إلزاـ المرافؽ العمومية بتقديـ الحساب عف تدبيرىا لألمواؿ العمومية مع خضوعيا لممراقبة
والتقييـ طبقا لمقوانيف الجاري بيا العمؿ.
إلزاـ كؿ شخص منتخب أو معيف يمارس مسؤولية عمومية ،بتقديـ تصريح كتابي بالممتمكات
واألصوؿ التي حيازتو بمجرد تسممو لميامو ،وخالؿ ممارستيا وعند انتيائو .
ولقد اعتمد الدستور الجديد محطة متميزة في مسار البناء الديمقراطي ببالدنا .بخصوص
المساءلة واعطاء الحساب كركيزة أساسية لمحكامة الجيدة ،تجدر اإلشارة إلى تكريس قاعدة تالزـ
ممارسة المسؤوليات والوظائؼ العمومية بالمحاسبة.ليذه األسباب ،فقد تـ دسترة مؤسسات وىيئات
حماية الحقوؽ والحريات والحكامة الجيدة :
149
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
المجمس الوطني لحقوؽ اإلنساف كمؤسسة وطنية تعددية ومستقمة ،والوسيط كمؤسسة وطنية
مستقمة ومتخصصة ،ميمتيا الدفاع عف الحقوؽ في نطاؽ العالقات بيف اإلدارة ،مجمس المنافسة
كييأة مستقمة مف اجؿ ضماف الشفافية واإلنصاؼ ،والييأة الوطنية لمنزاىة والوقاية مف الرشوة التي
تتولى مياـ المبادرة والتنسيؽ واإلشراؼ وضماف تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد ،وتمقي ونشر
المعمومات في ىذا المجاؿ .
إال اف دسترة ىذه المبادئ والمعاير والييئات ليست ىدفا بحد ذاتيا بؿ ىي وسيمة لضبط
المؤسسات و السموكيات والصالحيات وإلعماؿ المحاسبة عمى أساس ىذه الصالحيات .يجب االسراع
في اصدار ميثاؽ المرافؽ العامة و عدـ تيميش وضع ميثاؽ أخالقي لمعمؿ اإلداري .
150
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
خاتـــمـة عــامـة
ظمت فكرة المرفؽ العاـ تشكؿ محو ار اساسيا في كالسيكيات القانوف االداري سواء تـ النظر
إلييا مف خالؿ العمؿ القضائي او مف زاوية استعراض مسار بنائيا النسقي الذي تـ بفضؿ االجتياد
الفقيي ،فإف ىناؾ مف يرى بأف فكرة المرفؽ العاـ تمثؿ أساس مختمؼ نظريات القانوف االداري ،ولعؿ
ىذا صمود نظرية المرفؽ العاـ كموضوع ال زاؿ يعري بالباحث فيو يعود أساسا إلى أنو يعتبر موضوعا
ذا بعد عممي وتطبيقي يمتزج فيو ما ىو قانوني مع ما ىو سياسي واقتصادي واجتماعي .
أما في المغرب فقد اتضحت أىمية المرافؽ العامة منذ فجر االستقالؿ عندما تبينت لسمطاتو
العمومية الحاجة الماسة لتنظيـ ىيكمو اإلداري تماشيا مع ضرورة االنتشار الجغرافي والسيادي لمدولة .
وفي ىذا االطار يمكف القوؿ بأنو مع بداية االستقالؿ شكمت المؤسسات العمومية مف ناحية
اولى األداة الحاسمة في تنفيذ النزعة التدخمية لمدولة التي تحكمت في استراتيجية التنمية المنتيجة
انذاؾ ،بعدىا تـ المجوء بشكؿ مكثؼ لطرؽ التدبير الخاصة ،حيت اختمفت الصيغ القانونية لتواجد مثؿ
ىذه الطرؽ ،وعرؼ المغرب مجموعة مف التجارب المرتبطة بالتدبير الخاص لممرافؽ العامة وبالرغـ
مف اف ىذه التجارب الزالت في ميدىا ،فإف ذلؾ ال يمنع مف رصد بعض االنحرافات والخروقات التي
ترتقي إلى درجة مؤشرات حقيقية دالة عمى تعثر بعضيا .
فالوضع اكثر تعقيدا ويفرض عمينا مف أي وقت مضى مراجعة وتكييؼ المرافؽ العامة مع ىذه
التحوالت بالشكؿ الذي تتجاوز فيو تمؾ السمبيات واالنحرافات ،وذلؾ باعتماد مفاىيـ وآليات وتدابير
حديثة .
وال شؾ اف آلية الحكامة الجيدة قد اصحبت في الوقت الراىف ،تشكؿ مرحمة اساسية مف
مراحؿ المبادرات اليادفة الى جعؿ المرافؽ العامة اكثر تكيفا مع التحوالت المرتبطة بيذا األخير ،تمؾ
التحوالت التي ال يمكف لممرافؽ العامة اف تظؿ في منأى عنيا .
151
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
وتخصيص باب كامؿ مف الدستور الجديد لمحكامة الجيدة ،يحدد المبادئ والمعايير التي تنظـ
المرافؽ العامة ،ويعمف عف ضرورة اصدار ميثاؽ المرافؽ العامة ألوؿ مرة ،باإلضافة الى دسترة ىيئات
الحكامة ،فمقد حقؽ الدستور الجديد طفرة نوعية في مجاؿ تكريس دولة الحؽ والقانوف قواميا المشاركة
والتعددية والحكامة الجيدة ،وارساء دعائـ مجتمع متضامف ،يتمتع فيو الجميع باألمف والحرية والكرامة
والمساواة .
ختاما يجب اف ليست الدسترة ىدفا في حد ذاتيا بؿ ىي وسيمة لضبط المؤسسات والسموكيات
والصالحيات وإلعماؿ المحاسبة عمى أساس ىذه الصالحيات ،فالدسترة ىي مثؿ ذلؾ المسمط الضوئي
الذي يوجو أضواءه الالمعة إلى مناطؽ وأجساـ ظؿ ،حتى يظير لمعياف مكانيا وتصرفيا ومجاؿ
تحركيا ،وبالتالي يسيؿ متابعتيا ومسايرة فعميا وأدائيا وتحركيا ،لكف ىؿ الدسترة ىي الوسيمة المأمولة
الوحيدة في مسار اإلصالحات الدستورية؟ وىؿ بدسترة مؤسسة ما يكوف قد تـ التحكـ فييا وفي
صالحياتيا واختصاصاتيا ؟ قطعا ال ،فإف الدسترة ىي بداية الطريؽ وتسميط الضوء ينبغي أف يتبع
بآلية التحكـ في الجسـ المسمط ،وفعالية آلية التحكـ مقرونة بطريقة تشكؿ ىذه المؤسسات المدسترة،
والطريقة مرىونة بالنظاـ العاـ المتبع في تشكيؿ مثؿ ىذه المؤسسات .
فالناظر إلى المؤسسات التي كانت خارج المجاؿ الدستوري المغربي ،يمحظ أف طابع التعيينات
الفوقية لتركيبتيا الزـ دائـ ليا ،ولذلؾ فإف مطمب دسترتيا مقروف عضويا بمطمب تغيير نظاـ التعيينات
بشكؿ عاـ ألنو نظاـ غير ديمقراطي ،إلى نظاـ يسود فيو االختيار الحر المرتكز عمى الكفاءة واألحقية
والخبرة الميدانية في المجاؿ المعني ،وىذا لف يتأتى في نظرنا إال بإعماؿ مبدأ الديمقراطية في طريقة
تشكميا .
فإف الديمقراطية أداة لتحقيؽ مناط اإلشراؾ الفعمي لممجتمع في االختيار والتقرير والتقويـ،
وبالتالي فدمقرطة ىذه المؤسسات يقتضي أف يسري عمييا مبدأ االختيار الحر الذي يعبر عمى رضا
المجتمع عمييا باعتبارىا مؤسسات وطنية عميا تسير عمى خدمة المصالح الكبرى لممجتمع ،ومبدأ
التعييف ينتمي إلى الدائرة النقيض لمديمقراطية حيث تحجيـ مشاركة المجتمع في االختيار والتقرير
والتقويـ ،وبالتالي تيميشو واالستفراد بالق اررات والخيارات التي تخصو والتي ىو موضوعيا بامتياز .
152
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
فالعديد مف مقترحات الييئات السياسية والنقابية والجمعوية التي قدمت لمرأي العاـ أو لمجنة
االستشارية المكمفة بمراجعة الدستور التي ركزت عمى مبدأ الدسترة لبعض المؤسسات الوطنية ،لكنيا
غضت الطرؼ عمى مبدأ دمقرطة ىذه المؤسسات ،فيا ىي مقترحات العديد مف المذكرات التي
اقترحت دسترة المجمس الوطني لحقوؽ اإلنساف لكف لـ تشر إلى دمقرطة تشكيمو إما بقانوف تنظيمي
ينظـ ذلؾ بشكؿ ديمقراطي أو باقتراح منصوص عميو دستوريا تتجسد فيو ىذه الدمقرطة عمميا ،وكذلؾ
بالنسبة لدسترة ىيئات الحكامة مف مثيؿ مجمس المنافسة أو الييئة الوطنية لمحاربة الرشوة أو الييئة
الوطنية لحماية الماؿ العاـ ،التي تغيب في غالب االقتراحات مطمب دمقرطة تشكيميا ،فالمستجدات
التي جاء بيا الدستور المغربي في مجاؿ تدبير المرافؽ العمومية اليادفة إلى تعزيز دولة الحؽ والقانوف
قواميا المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة ،تبقى ناقصة إذا لـ يتـ تفعمييا بمقتضيات قانونية مف شأنيا
االرتقاء بتدبير المرافؽ العمومية كأداة لتدعيـ الديمقراطية المحمية القائمة عمى تقريب خدمات المرافؽ
العمومية مف المواطنيف،ودمقرطة الييئات المدسترة .
تبعا لذلؾ فإف المشرع المغربي مطالب بإصدار ميثاؽ لممرافؽ العمومية مف أجؿ تعزيز
المكاسب الدستورية لممممكة في مجاؿ الحكامة الجيدة وعدـ تيميش وضع ميثاؽ اخالقي لمعمؿ
االداري وكذا .العمؿ عمى دمقرطة المؤسسات شرط في استقاللية قرارىا واالستقاللية في تدبيرىا شرط
في نجاح دمقرطتيا .
153
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
المراجع المعتمدة
إبراىيم كومغار :المرافق العامة الكبرى عمى نيج التحديث ،مطبعة النجاح الجديدة
الدار البيضاء ،الطبعة االولى . 1009
أحمد بوعشيق :المرافق العامة الكبرى عمى ضوء التحوالت المعاصرة ،دار النشر
المغربية . 1001 ،
ثرية لعيوني ،نظرية المرافق العامة ،كمية الحقوق سال ،الطبعة االولى .1003 ،
جيمس جي ،مارش وىيربرت اي -سايمون "المنظمات" (ترجمة عبد الرحمن بن
احمد ىيجان)،االدارة العامة لمطباعة والنشر ،معيد االدارة العامة . 1008
سعيد نكاوي :التدبير المفوض في المغرب عمى ضوء قانون ، 03,31مطبعة
االمنية الرباط.1080،
154
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
سميمان الطماوي :مبادئ القانون اإلداري ،دراسة مقارنة ،الكتاب الثاني ،نظرية
المرفق العام وعمال اإلدارة ،دار الفكر العربي ،الطبعة العاشرة 8979 ،
عبد اهلل حداد :الوجيز في قانون المرافق العمومية الكبرى ،منشورات عكاظ ،
الرباط ،أكتوبر . 1008
عبد القادر باينة :المختصر في القانون االداري المغربي ،الطبعة االولى. 8983 ،
كيرون وواش " الخدمات العامة )المرفق العام( وآليات السوق " ) ترجمة محسن
إبراىيم الدستوري( اإلدارة العامة لمطباعة والنشر ،معيد اإلدارة العامة . 1005
محمد براو :الشفافية والمساءلة والرقابة العميا عمى المال العام في سياق الحكامة
الرشيدة ،سمسمة الرقابة عمى المال العام والمنازعات المالية ،دار القمم – الرباط . 1080
-1محمد كرامي :القانون اإلداري ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،
الطبعة الثانية .1005
محمد نشطاوي ،المرافق العامة الكبرى ،المطبعة و الوراقة الوطنية ،الطبعة االولى
. 1001
مروان محيي الدين القطب :طرق خصخصة المرافق العامة ،منشورات الحمبي
الحقوقية الطبعة الولى . 1009
155
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
مميكة الصروخ :نظرية المرافق العامة الكبرى دراسة مقارنة،مطبعة النجاح الجديدة ،
. 8991
ميشيل روسي،القانون اإلداري المغربي ،الترجمة العربية ،المطبعة الممكية ،الطبعة
الولى.8988 ،
ىيربرت اي سايمون ":السموك االداري لعمميات اتخاد القرار في المنظمات االدارية"
(ترجمة عبد الرحمن بن احمد ىيجان)،االدارة العامة لمطباعة والنشر ،معيد االدارة العامة . 1008
النواف بيالل " :اإلصالحات الدستورية ورىان االنتقال الديمقراطي بالمغرب دستور
1088نموذج" ،رسالة لنيل دبموم الماستر في القانون العام ،جامعة الحسن الثاني ،كمية العموم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ـ السطات ،سنة . 1088 -1080
محمد الداودي " :مقاربة إلشكالية تحديث المرفق العمومي الصحي بالمغرب "،
اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس كمية العموم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية السويسي الرباط .1008 _1007 ،
نوال اليناوي " :التدبير العمومي الجديد" ،اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،
جامعة محمد الخامس ،الرباط اكدال سنة . 1009-1008
156
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
رضوان العنبي " :البيروقراطية اإلدارية ومسألة التقويم نحو منظور جديد لمتدبير
العمومي بالمغرب" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون اإلداري ،كمية العموم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية بجامعة الحسن الثاني عين الشق بالدار البيضاء.1009-1008 ،
عبد الفتاح أعبيس" :حكامة تدبير المرافق العمومية من الحدود إلى التحديات
الوكالة الحضرية لسطات نموذجا "،رسالة لنيل دبموم الماستر في القانون العام ،جامعة الحسن
الثاني ،كمية العموم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ـ السطات ،سنة .1080-1009
نوال اليناوي " تدبير الجودة الكمية بالقطاع العام " رسالة دبموم الدراسات العميا
المعقمة " وحدة القانون اإلداري وعمم اإلدارة :جامعة محمد الخامس كمية العموم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية أكدال الرباط .السنة الجامعية .1008-1000
مزين عادل " أسس ووسائل عقمنة التدبير اإلداري " رسالة لنيل دبموم الدراسات
العميا المعمقة .وحدة القانون اإلداري وعمم اإلدارة ،جامعة محمد الخامس ،كمية العموم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،الرباط.1001-1008 .
عبد الحفيظ أدمينو ":نظام البيروقراطية اإلدارية بالمغرب" ،أطروحة لنيل الدكتوراه
في القانون العام ،جامعة محمد الخامس أكدال ،كمية الحقوق -الرباط السنة الجامعية
.1001/1008
عبد الخالق الوىابي" :المرافق العامة والجودة" ،رسالة لنيل دبموم دراسات العميا
المعمقة ،كمية الحقوق طنجة .1003-1006 ،
157
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
بمقاسم بوطيب" :التواصل المحمي -دراسة في أسس العالقة بين اإلدارة الجماعية
والمواطن" ،رسالة لنيل دبموم الماستر في القانون العام /مسمك تدبير اإلدارة المحمية ،جامعة
الحسن الول ،كمية الحقوق -سطات -السنة الجامعية .1008/1007
المحاضرات :
محمد العمراني بوخبزة :محاضرات في مادة "الحكامة المحمية" ،السنة االولى ،
ماستر عموم االدارية لتنمية ،كمية الحقوق طنجة ،السنة الجامعية .2012 – 2011
محمد العمراني بوخبزة :محاضرات في مادة "المرافق العمومية المحمية" ،السنة
الثانية ،ماستر الشأن العام المحمي ،كمية الحقوق طنجة ،السنة الجامعية .1081 – 1088
الميمود بوطريكي :محاضرات في" قانون المرافق العامة" ،الكمية المتعددة
التخصصات بالناضور.1009-1008،
محمد العراج ،القانون االداري المغربي الجزء الول ، REMALD ،سمسمة
مواضيع الساعة ،عدد.1009 ، 68
محمد يحيا :قراءة نقدية لمفيوم التدبير المفوض عمى ضوء مستجدات القانون رقم
،REMALD ،31-03سمسمة دراسات عدد .1008 ،80
158
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
حسن حوات " ،أية استمرارية لممرافق العامة الصناعية والتجارية " م.م.إ.ت،
سمسمة مواضيع الساعة ،العدد 53ـ .1001
كريم لحرش ،القانون االداري المغربي ،منشورات سمسمة الال مركزية واإلدارة
المحمية ،عدد مزدوج 81و ، 83الطبعة الثانية .1081
يوسف تمييمت ،مدخل لدراسة مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقمة ،
،REMALDسمسمة مواضيع الساعة ،عدد .1001 ، 53
عبد اهلل انغوان " :دعم الخالقيات بالمرفق العام" مجمة طنجيس العدد االول ،
، 1008ص . 881 – 888
اسماعيل الشطي " :الديمقراطية كآلية لمكافحة الفساد والتمكين لمحكم الصالح"،
مجمة المستقبل العربي ،مركز دراسات الوحدة العربية ،العدد . 580-1001
ادريس بمماحي :دراسة مقارنة في اختصاصات مؤسسة الوسيط ، REMALD ،
سمسمة مواضيع الساعة ،عدد .1000، 10
محمد الزرقتي العيادي :مجمس المنافسة واليياكل المكمفة بتطبيق القانون ،مجمة
طنجيس ،العدد الثالث .1005
عبد العالي قرقوري " :بين المرفق العام وظمو " REMALD.سمسمة مواضيع
الساعة ،العدد . 1001 ،53
159
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
محمد آيت المكي :من أجل تجديد المرفق العام " REMALDسمسمة مواضيع
الساعة ،العدد . 1001 ،53
محمد اليعكوبي :الديمقراطية االدارية بالمغرب م.م.ن.ق.س .العدد ، 3يناير 1003
،ص.77
الدستور المغربي ، 2011منشورات مجمة المقال ،دار القرويين ،سمسمة مدونات
تشريعية .2011
القانون رقم 47.96المتعمق بالتنظيم الجيوي ،الصادر بتنفيذه الظيير الشريف
رقم 1.97.84بتاريخ 2أبريل .1997
160
------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد----------------------------------------
Ouvrages et Revues :
161
------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد----------------------------------------
Sites web :
162
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
Jean François Tribillon : Gestion des services publics en France : les
.différentes modalités juridiques, 2005
جميمة العيدي :التجارب المحمية والدولية الناجحة في مجال خصخصة العمال ،تجربة
بمدية الرباط في مجال خصخصة قطاع النظافة -التدبير المفوض –
الموقع اإللكتروني لجريدة العمم :شوارع الرباط تتحرر من "الصابو" اإلسباني وغموض
سيمف ما يأتي.
محمد ربيع بن سعيد تجربة التدبيمر المفوض في مدينة طنجة :نموذج شركة
أمانديس
.
163
------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد----------------------------------------
www.stopcorruption.ma
164
----------------------------------------المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد------------------------------------
165