Professional Documents
Culture Documents
2. الفصل الثاني - توحيد المسؤولية
2. الفصل الثاني - توحيد المسؤولية
يف مقدمــة هــذا التخطيــط ضــان مــكان للعيــش فيــه .ومتــى ســركز يف هــذا الفصــل عــى تأثــر الرشيعــة يف منــاذج
اســتقر الفــرد كغــره مــن األفــراد اســتقر املجتمــع وازدهــر املســؤولية يف البيئــة التقليديــة باســتثناء مبــدأ الــرر الــذي
لفاعليــة أفــراده يف بنــاء املجتمــع يف شــتى املجــاالت االقتصاديــة ســ ُيرشح يف الفصــل الســادس والســابع ،وباســتثناء الوراثــة
ال مــن بنــاء جمتمــع مشــلول والصناعيــة والعمرانيــة بــد ً والشــفعة واللتــان ســترشحان يف الفصــل الثامــن إن شــاء اللــه.
األطــراف .ومــن جهــة ثانيــة ،فــإن اهتــام النــاس مبــا ميلكــون واملقصــود بالبيئــة التقليديــة يف هــذا الكتــاب هــي البيئــة التــي
ــدون ال يقــارن باهتاممهــم مبــا ال ميلكــون ،فتجــد النــاس ِ
جي ّ ُبنيــت بالرجــوع إىل الرشيعــة اإلســامية واألعــراف املحليــة.
يف صيانــة منازهلــم وطرقهــم وحمالهتــم أكــر مــن اهتاممهــم ومل أســتخدم عبــارة البيئــة اإلســامية حتــى ال يفهــم منهــا أن
بأمــاك الغــر ،وهلــذا فشــلت االشــراكية ،فهــي افرتضــت أن البيئــة املعــارصة غــر إســامية .وســرون كيــف أن الرشيعــة
إقنــاع وإرغــام النــاس عــى تقديــم التكافــل االجتامعــي عــى وضعــت األعيــان بــكل الوســائل يف اإلذعــاين املتحــد ،وإن مل
مصلحــة ومصــر الفــرد أمــر ممكــن التطبيــق يف كل مســتويات تفعــل فقــد دفعتــه إىل ذلــك بتوحيــد املســؤولية بطريقــة أو
املجتمــع .لذلــك ،إذا كانــت معظــم أعيــان البيئــة يف اإلذعــاين أخــرى يف الفريــق املســتخدم أو املســيطر أو املالــك.
املتحــد فنتوقــع أن تكــون البيئــة يف أفضــل وضــع ممكــن هلــا
مــن حيــث اهتــام النــاس هبــا ،وبذلــك تقــل نفقــات املجتمــع
عــى صيانــة أعيانــه وادخــار تلــك النفقــات يف بنــاء أعيــان النموذج اإلذعاين املتحد
أخــرى .ومــن جهــة ثالثــة ،فــإن وضــع األعيــان يف منــاذج غــر لعلكــم تســألون :ملــاذا تدفــع الرشيعــة األعيــان لإلذعــاين
اإلذعــاين املتحــد يتطلــب الكثــر مــن اجلهــد والتنســيق بــن املتحــد؟ واإلجابــة ســهلة ومنطقيــة ،فــكل مــا عليــك فعلــه هــو
الفــرق ،فتصــوري أختــي القارئــة وأخــي القــارئ أنــك تســكن ســؤال نفســك ،ملــاذا حيــاول النــاس امتــاك منــزل خــاص هبــم؟
ا ،فــإذا أردت فعــل أي يف منــزل متلكــه مؤسســة حكوميــة مث ـ ً فتكــون اإلجابــة :ليســتقروا ولريتــاح باهلــم مــن خطــر بقائهــم
يشء يف املنــزل عليــك أن تأخــذ موافقــة تلــك املؤسســة والتــي وأبنائهــم مــن غــر ســقف جيمعهــم ،وهبــذا يأمنــون عــى
قــد ترفــض طلبــك ،هــذا إذا مل تصــدر لــك املؤسســة أنظمــة أنفســهم .فاالســتقرار واألمــن مهــا مــن أساســيات احلضــارة.
لتتبعهــا ،وهبــذا قــد ال جتــد راحــة يف العيــش حتــت ظــل فعمــوم النــاس خيططــون ملســتقبلهم ومســتقبل أبنائهــم ،ويــأيت
63
ال يبــاع» 8.وقــد هــو حــق متعلــق باهلــواء ،وليــس اهلــواء مــا ً لو كمثال
ملكية ال ُع ّ شــبكة ألجــل الصيــد )2النقــل بعــد ثبــوت امللكيــة :مثــل البيــع تلــك األنظمــة ،وهــذا قــد يضطــر بعــض الســكان ملخالفتــه،
وافقهــم يف ذلــك الشــافعية ،ففــي الفــروق للجرجــاين (ت :)482 واهلبــة )3اإلبقــاء :مثــل الوراثــة 2.ومــن هــذه اآلراء يتضــح أن ويضطــر املؤسســة إلجيــاد جهــاز ملراقبــة أولئــك الســكان .أي
لنأخــذ اآلن ملكيــة العلــو كمثــال لتوضيــح أمهيــة هاتــن
«إذا نشــزت أغصــان شــجرة يف داره إىل دار جــاره كان جلــاره الطريقــة الثانيــة والثالثــة تــأيت بعــد األوىل ،وهــي االســتيالء أو متــى خرجــت األعيــان عــن اإلذعــاين املتحــد كــرت املعامــات
القاعدتــن وكيفيــة اســتخدامهام مــن قبــل العلــاء لتحديــد مــا
منعــه منهــا ،فــإن صاحلــه عنهــا بعــوض عــى أن يرتكهــا يف هــواء اإلثبــات ،لذلــك ســركز عليهــا. الورقيــة ،والشــكاوي واملرافعــات وقضايــا املحاكــم ومــا إىل
ـداء .ولنبــدأ باحلاجــة :هنــاك خــاف يف ُيــرع فيــه امللــك إبتـ ً
داره ،مل جيــز ،ألنــه أخــذ العــوض عــن جمــرد اهلــواء ،وذلــك ال ذلــك مــن مســائل جتلــب الضغينــة وتضيــع الكثــر مــن املــال
حكــم مــن ميلــك أرض ـاً أو مبــى هــل ميلــك مــا حتتهــا؟ يقــول ماهــي القواعــد التــي حتكــم امللكيــة؟ إن موضــوع
جيــوز» .وجــاء يف املحــى يف املذهــب الظاهــري« :وال حيــل بيــع ا .وهــذاواملجهــود والوقــت يف مســائل مل تكــن لتوجــد أصــ ً
القــرايف (ت )684إن فقهــاء املذهــب املالــي مل خيتلفــوا يف ملــك امللكيــة متشــعب يف الرشيعــة اإلســامية واجتهــادات العلــاء
ا ،كمــن بــاع مــا عــى ســقفه وجدرانــه للبنــاء عــى اهلــواء أصـ ً املثــل ال ينطبــق عــى املنــزل فقــط ،ولكــن عــى مجيــع أماكــن
مــا فــوق البنــاء مــن اهلــواء ولكــن يف الســفل؛ وحلاجــة النــاس أدت إىل آراء خمتلفــة ومتعارضــة أحيان ـاً يف بعــض االجتهــادات،
ذلــك ،فهــذا باطــل مــردود أبــدا ،ألن اهلــواء ال يســتقر فيضبــط وخطــط وأعيــان البيئــة .ولقــد اكتفيــت هنــا بذكر مثــال املنزل
للعلــو يف األبنيــة لالســترساف والنظــر إىل املواضــع البعيــدة مــن ولكــن برغــم اختــاف هــذه اآلراء إال أهنــا مجيعــاً تــؤدي إىل
مبلــك أبــدا ،إمنــا هــو متمــوج ميــي منــه يشء ويــأيت آخــر لوضوحــه مقارنــة باألمثلــة األخــرى كــا ســرى بإذنــه تعــاىل.
األهنــار ومواضــع الفــرح والتنــزه ،وحلاجــة النــاس لالحتجــاب النمــوذج اإلذعــاين املتحــد .ولتوضيــح ذلــك ســنأخذ قاعدتــن
أبــدا .فــكان بيعــه أكل مــال بالباطــل ،ألنــه بــاع مــا ال ميلــك هــذه بعــض مزايــا اإلذعــاين املتحــد ،وســنمر عــى الكثــر منهــا
عــن غريهــم بعلــو بنائهــم ،وغــر ذلــك مــن املقاصــد التــي ال رئيســتني إلثبــات امللكيــة ،وكلتامهــا خالفيتــن يف نتائجهــا بــن
وال يقــدر عــى إمســاكه ،فهــو بيــع غــرر ،وبيــع مــا ال ميلــك، التــي يصعــب رشحهــا اآلن بإذنــه تعــاىل.
تتوفــر دواعيهــم يف بطــن األرض عــى أكــر ممــا يستمســك بــه الفقهــاء :األوىل هــي احلاجــة ،والثانيــة هــي الســيطرة.
وبيــع جمهــول .فــإن قيــل :إمنــا بيــع املــكان ال اهلــواء ،قلنــا :ليس
البنــاء مــن األساســات ،وحيــث إن الــرع لــه قاعــدة «وهــو عنــد دراســة النــاذج اإلذعانيــة ملعرفــة حالــة العــن،
ا غــر اهلــواء ،فلــو كان مــا قلتــم لــكان مل هنــاك مــكان أص ـ ً بالنســبة للحاجــة :يقــول القــرايف رمحــه اللــه (ت)684
إمنــا ميلــك ألجــل احلاجــة ،ومــا ال حاجــة فيــه ال يــرع فيــه نركــز يف العــادة عــى العالقــات بــن الفــرق املشــركة يف
ا ،ألنــه عــدم ،فهــو آكل مــال بالباطــل حقــا .فان يبــع شــيئا أصـ ً أن «الــرع لــه قاعــدة وهــو إمنــا ميلــك ألجــل احلاجــة ،ومــا
امللــك ،فلذلــك مل ُيلــك مــا حتــت األبنيــة مــن ختــوم األرض مســؤولية تلــك العــن .ولكــن هــذا ال ينطبــق عــى النمــوذج
قيــل :إمنــا بــاع ســطح ســقفه وجدرانــه ،قلنــا :هــذا باطــل هــو ال حاجــة فيــه ال يــرع فيــه امللــك» ،فاجلنــن ملــا كان ميتــاً ِ
بخــاف اهلــواء إىل عنــان الســاء» .وقــد رد ابــن الشــاط (ت ـرق مشــركة يف العــن؛ اإلذعــاين املتحــد ،وذلــك لعــدم وجــود فـ َ
أيض ـاً ،ألنــه رشط ليــس يف كتــاب اللــه تعــاىل فهــو باطــل»9. رشع ـاً ،وهــو بصــدد احلاجــة العامــة يف حياتــه ملــك األمــوال
)723بقولــه« :إذا كانــت القاعــدة الرشعيــة أن ال ميلــك إال مــا إمنــا هــو فريــق واحــد ميلــك ويســيطر ويســتخدم .لذلــك،
أمــا املالكيــة ومجهــور احلنابلــة فقــد أجــازوا بيــع اهلــواء ملــن باإلمجــاع ،وامليــت بعــد احليــاة مل تبــق لــه حاجــة عامــة فلــم
فيــه احلاجــة ،وأي حاجــة يف البلــوغ إىل عنــان الســاء؛ وإذا عنــد دراســة اإلذعــاين املتحــد ســركز عــى عالقــة هــذا الفريق
ينتفــع بــه؛ ففــي هتذيــب الفــروق« :وأمــا األهويــة فقــد اتفقــوا ميلــك 3.وقاعــدة احلاجــة هــذه جيــب أن ال تتعــارض مــع حديــث
كانــت القاعــدة أنــه ميلــك ممــا فيــه احلاجــة ،فــا املانــع مــن الرســول صــى اللــه عليــه وســلم «ال رضر وال رضار»4. ا،
الواحــد مــع الفــرق األخــرى لألعيــان املجــاورة .فمثــ ً
(أي فقهــاء املالكيــة) فيهــا عــى قاعــدة أن حكمهــا تابــع حلكــم
ملــك مــا حتــت البنــاء حلفــر بــر يعمقهــا حافرهــا مــا شــاء». الســاكن يف منزلــه ليســت لــه عالقــة مــع فــرق أخــرى يف نفــس
األبنيــة ،فهــواء الوقــف وقــف ،وهــواء الطلــق طلــق ،وهــواء والقاعــدة الثانيــة هــي الســيطرة :فالرشيعــة تســتثمر
ويشــر ابــن الشــاط أن «مــن أراد أن حيفــر مطمــورة حتــت العقــار ولكــن مــع جريانــه واملجتمــع ككل ،وســيناقش هــذا يف
املــوات مــوات ،وهــواء اململــوك مملــوك ...بــل قــد نــص الســيطرة يف املالــك .فاألعيــان إذا مل ُينتفــع هبــا بــأن ُتصــان
ملــك غــره يتوصــل إليهــا مــن ملــك نفســه مينــع مــن ذلــك بــا فصــول قادمــة 1.أمــا يف هــذا الفصــل فســنعرض املبــادئ التــي
أصحابنــا عــى بيــع اهلــواء ملــن ينتفــع بــه»10.
وتــدم ،فلــن تكــون مفيــدة ملســتخدميها .أي أن ُوتعــدل وتبــى ُ ســاعدت عــى انتشــار األعيــان يف اإلذعــاين املتحــد يف البيئــة
ريــب» 6.وجــاء يف القواعــد للزركــي (ت )794مــن املذهــب ِ
ولقــد اتفقــت آراء مجيــع املذاهــب أن بإمــكان املالــك أن أي عــن البــد وأن ُيســيطر عليهــا فريــق لــه االنتفــاع والترصف ّ التقليديــة .فأغلــب عنــارص البيئــة التقليديــة وفراغاهتــا ،مثــل
الشــافعي بأنــه «ينبغــي أن ال ميلــك (أي األرض) مــن قــراره إال
يبيــع أي جــزء مــن مبنــاه كالــدور الثــاين إذا كان مبنيـاً ،حيــث الســائغ رشع ـاً ال ينازعــه فيــه منــازع ألن االنتفــاع ال يكتمــل الطــرق النافــذة وغــر النافــذة والســاحات واألفنيــة ،وضعــت
مــا تدعــوا احلاجــة إليــه دون مــا ســفل إىل ســبع أرضــن ،إذ ال
إن هــذا اجلــزء حمــدد ومعلــوم ،أي مســيطر عليــه ،لذلــك فهــم بالتنــازع بــن النــاس .ومعظــم تعاريــف امللكيــة ،تذكــر يف اإلذعــاين املتحــد ،هــذا يف املناطــق العامــة (وهــو موضــوع
حاجــة لــه 7.»..إن هــذه األمثلــة الســابقة مــا هــي إال إشــارة
يقــرون مــا هــو معــروف مبلكيــة الطبقــات .وإذا اهنــدم العلــو الســيطرة أو حــق التــرف أو املقــدرة عــى التــرف كــرط الفصــل الســابع) ،أمــا بالنســبة للعقــارات اخلاصــة كاملنــازل
لتوضيــح دور احلاجــة يف حتديــد امللكيــة.
فــإن صاحبــه يظــل مالــكاً هلوائــه ،ويف هــذا يقــول ابــن رجــب للملكيــة .فقــد عــرف ابــن تيميــة (ت )728مــن املذهــب والشــوارع :فــإن مبــادئ الرشيعــة اإلســامية أدت إىل كــرة
أمــا بالنســبة للســيطرة لتحديــد مــا يــرع فيــه امللــك، احلنبــي امللكيــة بقولــه« :هــو القــدرة الرشعيــة عــى التــرف
احلنبــي (ت ) 795يف قواعــده« :إن صاحــب الســفل ال جيــر عىل العقــارات يف اإلذعــاين املتحــد .للوصــول هلــذه النتيجــة ،البــد
فــا خــاف هنــاك يف أحقيــة مالــك األرض أو املبــى يف تعليــة أو يف الرقبــة» ،وعرفــه القــايض حســن بــن حممــد املــروذي (ت
البنــاء ألجــل صاحــب العلــو ،لكــن صاحــب العلــو لــه أن يبــي مــن توضيــح العالقــة بــن بعــض قواعــد امللكيــة ونظــام إحيــاء
تعميــق مبنــاه ألنــه سيســيطر عــى مــا ســيبنيه .ولكــن اختلــف )462مــن املذهــب الشــافعي بأنــه «اختصــاص يقتــي إطــاق
احليطــان ويســقف عليهــا ومينــع صاحــب الســفل مــن االنتفــاع األرض واإلقطــاع يف الرشيعــة.
الفقهــاء يف جــواز بيــع الفــراغ فــوق ســطح املبــى ،أو جــواز بيع االنتفــاع والتــرف» ،وعرفــه ابــن اهلــام (ت )861مــن
بــه حتــى يعطيــه مــا بــى بــه الســفل» 11.بينــا يقــول الشــافعي
حــق التعــي ألن هــذا الفــراغ ال يســيطر عليــه املالــك .فذهــب
(ت « :)204وإن ســقط البيــت مل جيــر صاحــب الســفل عــى املذهــب احلنفــي بقولــه« :امللــك هــو قــدرة يثبتهــا الشــارع امل ِ ِ
لك ّية
احلنفيــة بعــدم اجلــواز ،فيقــول ابــن عابديــن (ت )1252بأنــه ـداء عــى التــرف» .ومــن هــذا يســتنتج العلــاء أن هنــاك ابتـ ً
البنــاء ،وإن تطــوع صاحــب العلــو بــأن يبــي الســفل كــا كان،
«إذا كان الســفل لرجــل وعلــوه آلخــر فســقطا أو ســقط العلــو أشــياء ال متلــك الســتحالة الســيطرة عليهــا ،مثــل أشــعة الشــمس لقــد وحــدت الرشيعــة املســؤولية يف فريــق واحــد
ويبــي علــوه كــا كان ،فذلــك لــه وليــس لــه أن مينــع صاحــب
وحــده فبــاع صاحــب العلــو علــوه مل جيــز ،ألن املبيــع حينئــذ وطبقــات اهلــواء؛ وأشــياء ال متلــك لصعوبــة الســيطرة عليهــا، وذلــك باســتثامر الســيطرة وامللكيــة يف املســتخدم؛ فكيــف تــم
الســفل مــن ســكنه ونقــض اجلــدران لــه متــى شــاء أن هيدمهــا،
ليــس إال حــق التعــي ،وحــق التعــي ليــس مبــال ،ألن املــال عــن مثــل الســمك يف البحــر 5.أي أن قاعــديت احلاجــة والســيطرة دون هــذا؟ إن مجهــور الفقهــاء يــرون أن امللكيــة تــأيت مــن ثــاث
ومتــى جــاءه صاحــب الســفل بقيمــة بنائــه كان لــه أن يأخــذه
ميكــن إحرازهــا وإمســاكها ،وال هــو حــق متعلــق باملــال ،بــل اإلرضار باآلخريــن مهــا مدخــان البتــداء امللكيــة. طــرق )1 :االســتيالء أو اإلثبــات :مثــل إحيــاء األرض أو وضــع
منــه ويصــر البنــاء لصاحــب الســفل ،إال أن خيتــار الــذي بــى
65 64
1.2 لقـد كــان اإلحيـاء مـن أهم الـوســائل البتـداء املـلكيـة يف الرشيعـة تطلــب اتســاع رقعتهــا .لذلــك ،فقــد حظــي موضــوع إحيــاء أن هيــدم بنــاءه فيكــون ذلــك لــه 12.»...ومــن البدهــي أن هذين
اإلسالمية .ففي الصورة اجلـوية رقم 2.1من Google Earthخارج مكة الرأيــن هلــا تأثــران خمتلفــان عــى البيئــة13.
األرض باهتــام كبــر ودراســة مســتفيضة مــن العلــاء؛ وكانــت
املكرمـة نرى قيام السكان بإحياء األرايض رغم أن ذلك خمـالف لألنـظمـة.
األرايض غــر اململوكــة وغــر املســتخدمة تســمى باملــوات .كام
ال ثـم بنـوا الغـرف الحظ كيف ٔان معظم النـاس سـوروا أراضيهم ٔاو ً أختــي القارئــة وأخــي القــارئ :إذا قــرأت مــا ذكرتــه
والـبيــوت داخلهـا بطريقة كانت فيها املساحات املسـورة أكرب مما حيتـاجه كانــت هنــاك مبــادئ وأعــراف متبعــة المتــاك هــذه األرايض
هنــا عــن ملكيــة العلــو واضعــاً يف ذهنــك مبــدأي احلاجــة
السكان وذلـك حتسبـاً للمـستقبل إذ أن لألرض قيـمة رشائية مرتفعة يف ا بحديــث الرســول صــى اللــه عليــه وســلم« :مــن أحيــا عم ـ ً
أيـامنـا هذه ،وهـذا مل يكن احلـال يف البيئة التقلـيديـة كام سرنى إن شاء والســيطرة يف حتديــد امللكيــة فســتدرك دورمهــا لتحديــد مــا
أرض ـاً موات ـاً فهــي لــه».
الله ذلك أن اإلحياء حيارب االحتكار ما يزيد التنمية. يصــح لألفــراد أن يتملكــوه .وهنــاك اســتنتاجات أخــرى كثــرة
هنــاك خــاف بــن املذاهــب يف تعريــف األرض املــوات لتأثريمهــا عــى البيئــة ،وقــد اســتخدمت ملكيــة العلــو كمثــال
وهــذا االســتنتاج مهــم للنمــوذج اإلذعــاين املتحــد كــا ســيتضح وبالتــايل يف احلكــم عليهــا .فلقــد عرفهــا احلنفيــة أهنــا األرض توضيحــي فقــط .ومــن هــذا املثــال ميكــن القيــاس والقــول
بإذنــه تعــاىل. التــي مل يكــن فيهــا أثــر زراعــة ،وال بنــاء ألحــد ،وليســت بــأن األرايض غــر اململوكــة كالصحــاري واملــوات ليســت
ملــكا ألحــد ،ومل تكــن مــن مرافــق البلــد كأن تكــون حمتطبـاً ملــكاً ألحــد؛ وهــذا االســتنتاج ناتــج عــن ســؤالني .األول :هــل
وأمهيــة موضــوع اإلحيــاء بالنســبة لنــا هــو يف أن الســيطرة
ألهــل قريــة مــا أو مرعــى دواهبــم ومــا شــابه ذلــك ،وأن بإمــكان أحــد الســيطرة عــى الصحــراء؟ والثــاين :هــل حيتــاج
كانــت الدولــة تعــرف مبلكيــة أولئــك الذيــن أحيــوا املــوات. عــى األرض املوات واســتخدامها أدت إىل ملكيــة األرض للفريق
تكــون خارجــة عــن البلــد بحيــث إذا وقــف عــى أدناهــا مــن إليهــا هــذا الــذي حيــاول الســيطرة عليهــا كائنـاً مــن كان؟ فــإذا
ففــي كتــاب األمــوال أن حكيــم بــن رزيــق قــال :قــرأت الــذي اســتخدمها وســيطر عليهــا .أي أن األرايض املحيــاة كانت العامــر منـ ٍ
ـاد بأعــى صوتــه مل يســمعه أقــرب النــاس إليهــا مــن اســتخدمنا قاعــديت احلاجــة والســيطرة لتحديــد امللــك ،نصــل
كتــاب عمــر بــن عبــد العزيــز إىل أيب (يأمــره) «إن مــن أحيــا يف النمــوذج اإلذعــاين املتحــد؛ فهنــاك الكثــر مــن األدلــة مــن
العامــر 14.ومــن الواضــح أن هــذا التعريف خيــرج كل األرايض إىل نتيجــة أساســية وهــي أن األرايض غــر اململوكــة كاملــوات
أرضــاً ميتــة ببنيــان أو حــرث ،مــا مل تكــن مــن أمــوال قــوم أفعــال الرســول صــى اللــه عليــه وســلم واخللفــاء وبعــض
ابتاعوهــا مــن أمواهلــم ،أو أحيــوا بعضـاً وتركــوا بعضـاًِ ، املحيطــة بالعامــر مــن اإلحيــاء ألهنــا ال تعتــر مواتـاً يف املذهــب ليســت ملــكاً ألحــد ،وال حتــى الدولــة .لقــد تناقشــت مــع زميــل
فأجــز احلــكام وآراء الفقهــاء التــي تؤكــد أن زراعــة أو بنــاء األرض
احلنفــي ،فــاألرايض املتامخــة ألرض معمــورة كمزرعــة ال ميكــن يل وقلــت لــه :إن أي دولــة أو مؤسســة ال ميكــن هلــا أن متتلــك
للقــوم إحياءهــم الــذي أحيــوا ببنيــان أو حــرث» .وذكــر ابــن جلبــت امللكيــة ملحيــي األرض املــوات.
إحياؤهــا ،وكذلــك األرايض التــي هــي خــارج أســوار املــدن ـاء عــى قاعــديت احلاجــة والســيطرة، األرايض غــر اململوكــة بنـ ً
قدامــة (ت )620بــأن عــروة قــال« :قــى بذلــك (يعــي اإلحياء) قــال الرســول صــى اللــه عليــه وســلم« :العبــاد عبــاد اللــه، ا .ويقــول املــاوردي يف هــذا منتقــداً (ت )450رأي املذهــب مثـ ً ولكــن عليهــا محايــة هــذه األرايض مــن األعــداء .فأجــاب :إن
عمــر بــن اخلطــاب يف خالفتــه وعامــة فقهــاء األمصــار عــى أن والبــاد بــاد اللــه ،ومــن أحيــا أرضــاً ميتــة فهــي لــه»؛ ويف احلنفــي« :وهــذان القــوالن (يعــي قــول أيب حنيفــة وأيب يوســف، الدولــة متثــل عمــوم املســلمني ،كــا أن أي دولــة البــد وأن حتتاج
املــوات ميلــك باإلحيــاء وإن اختلفــوا يف رشوطــه» 19.ومــا ذكــر حديــث آخــر يف املوطــأ قــال صــى اللــه عليــه وســلم« :مــن أحيا ت )182خيرجــان عــن املعهــود يف اتصــال العامرات ويســتوي يف ا.
ال كبنــاء مطــار مث ـ ً
إىل الكثــر مــن األرايض ملنشــآهتا مســتقب ً
ســابقاً مــا هــو إال القليــل للتأكيــد عــى أن أولئــك الذيــن أحيــوا أرضــاً فهــي لــه ،وليــس لعــرق ظــامل حــق» ،وأضــاف مالــك إحيــاء املــوات جريانــه واألباعــد» .فكــا تعلــم أخــي القــارئ قلــت :يف تلــك احلالــة عــى الدولــة أن حتــدد بعــض املناطــق
املــوات أصبحــوا مــاكاً هلــا. (ت « :)179وعــى ذلــك األمــر عندنــا» .ويف حديــث ثالــث فــإن مبــاين وعقــارات البيئــة التقليديــة متالصقــة .فكيــف ال لتمتلكهــا؛ فــاألرض ملــك لعموم التــي قــد حتتــاج إليهــا مســتقب ً
واآلن ســأذكر بعــض مبــادئ اإلحيــاء التــي قــد ال تبــدو ام (ت )224 ذكــره اإلمــام احلافــظ أيب عبيــد القاســم بــن ســ ّ تكــون متالصقــة إذا مل تكــن أراضيهــا مواتــاً ثــم أحييــت؟ ا :ولكــن مــن يعلــماملســلمني كــا هــو معــروف .فأجــاب قائـ ً
متعلقــة مبوضوعنــا (اإلذعــاين املتحــد) ،ولكــن ســتظهر العالقــة قــال صلــوات اللــه وســامه عليــه« :مــن أحيــا أرضـاً ميتــة فهــي وهــذا مــا قصــده املــاوردي ،واللــه أعلــم ،بقولــه «خيرجــان عــن أيــن ومتــى ســتقرر الدولــة إنشــاء مطــار أو مدينــة حديثــة أو
عنــد التعليــق عليهــا جمتمعــة فيــا بعــد. لــه .ومــا أكلــت العافيــة منهــا فهــي لــه صدقــة» .ويف صحيــح املعهــود يف اتصــال العــارات» .أمــا املذاهــب الثالثــة األخــرى مينــاء بحــري؟ وهنــا رشحــت لــه اآليت مــن إحيــاء املــوات.
البخــاري أن الرســول صــى اللــه عليــه وســلم قــال« :مــن أعمــر فــا تتفــق مــع املذهــب احلنفــي يف اشــراط ال ُبعــد عــن العامــر.
يتفــق الفقهــاء يف أن األرايض اململوكــة وغــر العامــرة ال
أرضـاً ليســت ألحــد فهــو أحــق» 17.ويف الواقــع ،فــإن أحاديــث فاملــوات عنــد الشــافعية كــا عرفــه املــاوردي :هــو كل مــا مل
متلــك باإلحيــاء؛ ولكــن االختــاف يف مــا كان عامــراً مــن أرايض اإلحياء
اإلحيــاء كثــرة جــد ًا ومرويــة بطــرق خمتلفــة ومثبتــة األســانيد. ا بعامــر .وقــال يكــن عامــراً وال حرمي ـاً لعامــر وإن كان متص ـ ً
ا عــى ثالثــة أقــوال: املســلمني فخــرب وصــار مواتــاً عاطــ ً
فعــى ســبيل املثــال ال احلــر ،ذكرهــا محيــد بــن زنجويــه (ت الشــافعي رمحــه اللــه (ت« :)204بــاد املســلمني شــيئان :عامــر إن اإلحيــاء هــو البــذرة التــي جعلــت مــن املدينــة
قــال مالــك :ميلــك باإلحيــاء ســواء ُعــرف أربابــه أو مل يعرفــوا،
)125يف كتــاب األمــوال ســت مــرات ،وذكرهــا حييــى بــن آدم ومــوات ،فالعامــر ألهلــه كل مــا صلــح بــه العامــر إن كان التقليديــة حديقــة تعــج باألعيــان ذات اإلذعــاين املتحــد.
ألن أصــل هــذه األرض مبــاح ،فــإذا تركــت حتــى تصــر موات ـاً
القــريش (ت )203يف كتــاب اخلــراج أكــر مــن ثــاث عــرة مرفقــاً ألهلــه مــن طريــق وفنــاء ومســيل مــاء أو غــره فهــو ولعــل قــراءة الصفحــات التاليــة قــد تكــون مملــة بعــض الــيء
مــاء مــن هنــر ورده فيــه.
ً عــادت إىل اإلباحــة ،كمــن أخــذ
مــرة وبأســانيد وألفــاظ خمتلفــة داللــة عــى تأكيــد تطبيقاهتــا. كالعامــر يف أن ال ميلــك عــى أهلــه إال بإذهنــم ،اهـــ .واملــوات ملصطلحاهتــا الفقهيــة ،ولكــن البــد لنــا مــن ذلــك لنــدرك غــرس
وقــال الشــافعي بأنــه ال ميلــك باإلحيــاء ســواء ُعــرف أربابــه أو
ا ،قــال صــى اللــه عليــه وســلم« :مــن أحــاط حائط ـاً عــى مث ـ ً هــو األرض اخلــراب الدارســة 15.»...وعنــد املالكيــة املــوات الرشيعــة لبــذرة اإلحيــاء يف البيئــة التقليديــة .ولعــل اإلحيــاء
مل يعرفــوا .أمــا أبــو حنيفــة فقــال إن ُعــرف أربابــه مل ميلــك
وتمــعباإلحيــاء ،وإن مل يعرفــوا ملــك باإلحيــاء بــإذن اإلمــامُ .
ا
وي مــن أن رجـ ً يشء فهــو لــه» 18.ومــن هــذه التطبيقــات مــا ُر َ هــو األرض التــي ال مالــك هلــا وال ينتفــع هبــا .وعرفهــا احلنابلــة: هــو أهــم مــا مييــز املدينــة التقليديــة عــن غريهــا مــن املــدن.
جــاء إىل عــي ريض اللــه عنــه فقــال« :أتيــت ارضـاً قــد خربــت بأهنــا كل أرض بائــرة مل يعلــم أهنــا ملكــت أو ملكهــا مــن ال
املذاهــب األربعــة أن مــا كان عامــراً مــن أرايض غــر املســلمني إن االســتيالء عــى األرايض كان أمــراً شــائعاً يف القــرون
وعجــز عنهــا أهلهــا ،فكريــت أهنــار ًا وزرعتهــا .قــال :كل عصمــة لــه 16.وكــا هــو مالحــظ فــإن مجيــع هــذه التعاريــف
ا فهــي كاملــوات ،كالــذي مل يثبــت فخــرب وصــار مواتـاً عاطـ ً األوىل لإلســام ،حيــث أنشــئت املــدن يف املناطــق املفتوحــة أو
فيــه عــارة ،فيجــوز إحيــاؤه20. هنيئ ـاً وأنــت مصلــح غــر مفســد ،معمــر غــر خمــرب» .ولقــد وغريهــا ال تقحــم احلاكــم أو الدولــة كاملــك لــأرض املــوات،
التــي أســلم أهلهــا وعاشــت هــذه املــدن ازدهــارا مفاجئ ـاً ممــا
67 66
ديــوان اجليــش .أمــا األرايض املعطــاة لبيــت املــال مــن النــاس، املدينــة صنفــن أحدمهــا معمــور ببنــاء وحفــر وغــراس وزرع، واآلجــر والطــن واجلــص إن كانــت عادهتــم ذلــك ،أو القصــب ولكــن ماهــي األعــال املطلوبــة لإلحيــاء واملؤديــة
فكــا حــدث يف املدينــة عندمــا أعطــى األنصــار األرايض التــي واآلخــر خــارج مــن ذلــك ،فأقطــع رســول اللــه صــى اللــه أو اخلشــب إن كانــت عادهتــم ذلــك ،ويســقف وينصــب عليــه مللكيــة األرض؟ هــي كل مــا لــزم مــن األعــال للوظيفــة املحيــاة
مل يتمكنــوا مــن اســتصالحها إىل رســول اللــه صــى اللــه عليــه عليــه وســلم اخلــارج مــن ذلــك مــن الصحــراء اســتدللنا عــى أن البــاب ألنــه ال يصلــح للســكىن مبــا دون ذلــك ،فــإن أراد مراحـاً بنــاء عــى عــرف أهــل املنطقــة التــي هبــا
ً مــن أجلهــا األرض
وســلم 27.ومــن هــذا يتضــح بــأن أكــر اإلقطاعــات البــد وأن الصحــراء وإن كانــت منســوبة إىل حــي بأعياهنــم ليســت ملــكا للغنــم أو احلظــرة للشــوك واحلطــب بــى احلائــط ونصــب عليــه األرض املــوات .ويف هــذا يقــول املــاوردى« :وصفــة اإلحيــاء
تكــون مــن األرايض املــوات ،والقليــل جــداً مــن بيــت مــال هلــم كملــك مــا أحيــوا .»...فــإذا ُملكــت األرايض املــوات البــاب ،ألنــه ال يصــر مراح ـاً وحظــرة مبــا دون ذلــك 21.»... معتــرة بالعــرف فيــا يــراد لــه اإلحيــاء ،ألن رســول اللــه صــى
املســلمني إذا مــا قورنــت باملــوات. لبيــت املــال ،لــكان التــرف هبــا يف أيــدي احلــكام وأهوائهــم، ومــن هــذا يتضــح أن األعــراف هــي التــي حتــدد معــى اإلحيــاء. اللــه عليــه وســلم أطلــق ذكــره إحالــة عــى العــرف املعهــود
وهــذه كارثــة كــا ســرى .ويقــول اإلمــام حممــد أبــو زهــرة يف وســنعلق عــى اإلحيــاء بعــد توضيــح اإلقطــاع الشــراكهام يف فيــه ،فــإن أراد إحيــاء املــوات للســكىن كان إحيــاؤه بالبنــاء
ثــم يــأيت الســؤال :إذا كان للنــاس إحيــاء املــوات دون
أهــواء احلــكام« :وقــد رأينــا بعــض الذيــن يكتبــون يف املســائل بعــض اخلصائــص. والتســقيف ،ألنــه أول كــال العــارة التــي ميكــن ســكناها».
إذن اإلمــام؛ فلــاذا اإلقطــاع مــن األرايض املــوات؟ أي إذا كان
اإلســامية يقــول :إن امللكيــة وظيفــة اجتامعيــة وال نــرى ويظهــر أنــه الختــاف األعــراف مــن منطقــة إىل أخــرى
للنــاس اإلحيــاء مــن املــوات ،فلــاذا يذهبــون للســلطان أو
مانعـاً مــن اســتعامل هــذا التعبــر ،ولكــن جيــب أن يعــرف أهنــا ا،اختلفــت آراء الفقهــاء يف حتديــد املطلــوب لإلحيــاء .فمثــ ً
ينتظرونــه ليقطعهــم؟ فبإمكاهنــم اإلحيــاء ! واإلجابــة هــي أن
بتوظيــف اللــه تعــاىل ال بتوظيــف احلــكام؛ ألن احلــكام ليســوا
اإلقطاع ال يشــرط أبــو يعــى احلنبــي (ت )458التســقيف لإلحيــاء
اســتخدام اإلقطــاع تركــز أكــر يف حالــة بنــاء املــدن اجلديــدة
دامئــا عادلــن ،فلــو كانــوا عادلــن دامئــا كعمــر بــن اخلطــاب أو املســ َت ْقطَع (أي
اإلقطــاع هــو إقطــاع اإلمــام (احلاكــم) ْ للســكىن مثــل املــاوردي ،فيقــول« :وصفــة اإلحيــاء فيــا يــراد
كبغــداد .وهــذا واضــح مــن كــرة مــا ُد ّون مــن اإلقطاعــات يف
عثــان بــن عفــان أو الصديــق أو عــي أو عمــر بــن عبــد العزيز الشــخص الــذي ســيأخذ األرض) قــدر مــا يته َّيــأ لــه عامرتــه، للســكىن حيازهتــا ببنــاء حائــط ،وال يشــرط فيــه تســقيف
ا يفكتــب التاريــخ .فلقــد اســتخدمها البــاذري (ت )279مث ـ ً
لقلنــا :إن التوظيــف منهــم ســيكون دامئـاً يف دائــرة العــدل واحلق كأن يعطــي احلاكــم أرض ـاً لرجــل يف منطقــة مــا ليعمرهــا كــا البنــاء»؛ أمــا بالنســبة للزراعــة فيقــول« :وفيــا يــراد للــزرع
كتابــه فتــوح البلــدان يف أكــر مــن مخســن موضعـاً .ويف أحــد
ال فســنجد غــره ومــا رشعــه اللــه تعــاىل ،ولكــن إذا صادفنــا عــاد ً هــو احلــال يف أيامنــا هــذه ،وهــي مــا تعــرف بـــ «أرايض املنــح» والغــرس أحــد شــيئني :إمــا حيازهتــا بحائــط ،أو ســوق املــاء
هــذه املواضــع يقــول« :ثــم اســتخلف أمــر املؤمنــن جعفــر
املتــوكل عــى اللــه ،رمحــه اللــه ،يف ذي احلجــة ســنة إثنــن
مــراراً .»...ويقــول ابــن رجــب احلنبــي يف اســتيالء امللــوك يف بــاد احلرمــن 22.وبالطبــع ال يكــون للســلطان إقطــاع مــا إليهــا إن كانــت يبســاً ،أو حبســه عنهــا إن كانــت بطائــح (
عــى ســواد العــراق واســتقطاعهم واســتصفاؤهم ألنفســهم كان مملــوكاً ألحــد ،ولكــن لــه أن يقطــع مــن املــوات ،أو ممــا ســاحل البطيحــة وهــي األرض ذات املــاء املســتنقع) ،ألن إحيــاء
ـاء كثــر ًا وأقطــع
وثالثــن ومائتــن ،فأقــام باهلــاروين وبــى بنـ ً
وأعواهنــم« :وهلــذا كان أهــل الــورع الدقيــق مــن العلــاء متلكــه الدولــة (بيــت املــال) .واإلقطــاع نوعــان :إقطــاع متليــك اليبــس بســوق املــاء إليــه ،وإحيــاء البطائــح بحبــس املــاء عنهــا
النــاس يف ظهــر رس مــن رأى باحلائــر الــذي كان املعتصــم
باللــه احتجــره هبــا قطائــع ،فاتســعوا هبــا وبــى مســجداً جامعـاً
كابــن ســرين والثــوري وأمحــد يتشــددون يف قطائــع األمــراء الـــم ْقطَ َعة إىل
ُ وإقطــاع اســتغالل .وقــد قســم العلــاء األرض حتــى ميكــن زرعهــا وغرســها» .وإحيــاء قريــة يف الصحــراء
كبــراً وأعظــم النفقــة عليــه وأمــر برفــع منارتــه لتعلــو أصــوات
وصوافهــم ألنفســهم وأعواهنــم ،وال يــرون الســكىن فيهــا وال ثالثــة أقســام :مــوات وعامــر ومعــادن 23.وســركز هنــا عــى يكــون ،كــا يقــول الشــيخ حممــد ابــو زهــرة «بتســوية أرضهــا،
األكل مــن زرعهــا ألهنــا يف أيدهيــم كالغصــب ،ألهنــا مــن مــال املــوات والــذي ق ُّســم أيضـاً إىل نوعــن :األول هــي األرض التــي وبنــاء جــدر حوهلــا وتقســيمها بيوتــاً ودوراً وحوانيتــاً ونحــو
املؤذنــن فيهــا حتــى نظــر إليهــا مــن فراســخ ،فجمــع النــاس
الفــيء ،وهــم مســتولون عليهــا بغــر حــق وال يعطــون املســلمني كانــت وال تــزال موات ـاً ،ملــا روى وائــل بــن حجــر «أن رســول ذلــك» .وال يشــرط مللكيــة األرض املحيــاة بــأن تســكن أو
فيــه وتركــوا املســجد األول ،ثــم أنــه أحــدث مدينــة ســاها
بخــراج وال غــره»26. اللــه صــى اللــه عليــه وســلم أقطعــه أرضــاً فأرســل معاويــة تــزرع ،إمنــا هتيئتهــا فقــط للزراعــة أو الســكن .ويف هــذا
املتوكليــة وعمرهــا وأقــام هبــا وأقطــع النــاس القطائــع»28.
وإذا مل تكــن األرايض غــر اململوكــة ملــكاً لبيــت مــال أن أعطــه إيــاه أو أعلمــه إيــاه» 24.والنــوع الثــاين هــي األرض يقــول املــاوردي (وهــو شــافعي املذهــب)« :وغلــط بعــض
وكل مــا أريــد أن أخلــص إليــه مــن الســابق ،هــو أن التــي كانــت عامــرة وخربــت فصــارت مواتــاً .وهــذا النــوع أصحــاب الشــافعي فقــال :ال ميلكــه (أي األرض املحيــاة) حتــى
املســلمني ،فالســؤال يف هــذه احلالــة هــو :ماهــي األرايض
األرايض غــر العامــرة مل تكــن مملوكــة ال ألفــراد وال لبيــت مــال جيــوز للحاكــم إقطــاع مــا كان معمــور ًا منــه بغــر املســلمني، يزرعــه أو يغرســه ،وهــذا فاســد ألنــه مبنزلــة الســكىن التــي ال
العامــرة والتــي ميلكهــا بيــت املــال ،و ُي ْق ِطــع منهــا الســلطان
املســلمني ،وأن هــذه األرايض كانــت تعتــر مواتـاً ،وأن اإلحيــاء واختلــف الفقهــاء يف حكــم مــا إذا كانــت بيــد املســلمني قبل أن تعتــر يف متلــك املســكون» .ويف توضيــح صفــة احلائــط املــراد
لألفــراد إضافــة إىل األرايض املــوات؟ وال أقصــد يف هــذا الســؤال
واإلقطــاع مهــا الوســيلتان األساســيتان البتــداء امللكيــة يف أي تصــر خرابـاً؛ وأقواهلــم هــي نفــس األقــوال بشــأن اإلحيــاء25. حتويــط األرض هبــا إلحيــاء األرض يقــول ابــن قدامــة« :والبــد
األرايض التــي هبــا املعــادن ،ولكــن األرايض الصاحلــة لإلعــار
منطقــة عامــرة .وأن إقطــاع األرايض كان أمــر ًا شــائعاً وعمــل به أن يكــون احلائــط منيع ـاً مينــع مــا وراءه ويكــون ممــا جــرت
مــن ســكن أو زرع أو اســتثامر للــال أو املجهــود مثــل إنشــاء ولكــن تذكــر أخــي القــارئ أنــه اســتناد ًا إىل مــا ُشح يف
الكثــر مــن احلــكام؛ وهذا معنــاه أن األرايض املــوات يف الغالب، العــادة مبثلــه وخيتلــف باختــاف البلــدان فلــو كان ممــا جــرت
مصنــع أو مزرعــة .ويف هــذا نحتــاج إىل بحــث شــامل لتحديــد امللكيــة عــن احلاجــة والســيطرة ،فــإن بيــت مــال املســلمني ال
واألرايض اململوكــة لبيــت املــال أحيان ـاً ،متلــك باإلحيــاء (كــا عادهتــم باحلجــارة وحدهــا كأهــل حــوران وفلســطني أو بالطــن
طــرق ورود األرايض العامــرة لبيــت مــال املســلمني .والظاهر يل ميلــك األرض غــر اململوكة ســواء كانــت لألفــراد أو للجامعات،
ســرى يف الفصــل اخلامــس) .أي أنــه مل يكــن هنــاك أي عائــق كالفطائــر ألهــل غوطــة دمشــق أو باخلشــب أو بالقصــب
اآلن هــو أن مــن أهــم هــذه الطــرق :الصــوايف واألرايض املعطــاة أي أن الدولــة ال متلــك األرض غــر اململوكــة كاملــوات؛ وهــذا
أمــام مــن أراد أن يعمــل ليمتلــك قطعــة مــن األرض؛ والــكل كأهــل الغــور كان ذلــك إحيــاء» .ويف املجمــوع« :واإلحيــاء
يعلــم أن هــذه هــي العقبــة األوىل يف أيامنــا هــذه .والســؤال
لبيــت املــال مــن النــاس والغنائــم .وكل هــذه املصــادر نــادرة يف مــن ِحكْمــة الشــارع :فــاألرض أرض اللــه والعبــاد عبــاد اللــه.
الــذي ميلــك بــه أن يعمــر األرض ملــا يريــده ،ويرجــع يف ذلــك
أيامنــا هــذه .فالصــوايف هــي مــا أصطفــاه اإلمــام لبيت املــال من ويف هــذا يقــول الشــافعي بعــد ذكــر حديثــن لإلحيــاء« :ففــي
ل ال يتنافــس األفــراد ،وبالــذات البدهــي يف هــذه احلالــة هــوَ ِ : إىل العــرف ،ألن النبــي صــى اللــه عليــه وســلم أطلــق اإلحيــاء
فتــوح البــاد :كأمــوال احلــكام وأهليهــم أو أمــوال رجــل قتــل هذيــن احلديثــن وغريمهــا الداللــة عــى أن املــوات ليــس ملــكا
املحتاجــون منهــم ،يف إحيــاء األرض وإعامرهــا إذا علمــوا أن ومل يبــن فحمــل عــى املتعــارف ،فــإن كان يريــده للســكىن
يف احلــرب أو مــا هــرب عنــه أربابــه ،ومثــال لذلــك مــا أصطفــاه ألحــد بعينــه ...واملدينــة بــن البتــن تنســب إىل أهلهــا مــن
كل أرض مــوات متلــك بالعمــل ،وأن أي قطعــة أرض ال مالــك فــأن (كــذا ،وقــد تكــون كأن) يبــي ســور الــدار مــن اللــن
عمــر بــن اخلطــاب ريض اللــه عنــه مــن أرض الســواد ووضــع األوس واخلــزرج ومــن فيــه مــن العــرب والعجــم ،فلــا كانــت
هلــا تعتــر موات ـاً ؟ ألــف نعــم :ســيعملون وحييــون املــوات.
69 68
أيضـاً عــى الظاهــر مــن املذهــب الشــافعي ،وجــوزه كثــر مــن ففــي حاشــية الباجــوري (ت « :)1277فــإن طالــت عرفــا مــدة
استثامر املجهودات أصحــاب الشــافعي .ولقــد كان بعــض احلــكام يأخــذون األرض حتجــره بــا عــذر قــال لــه اإلمــام :احيــي أو اتــرك» 32.ومــن قواعد اإلحياء واإلقطاع
التــي ِ
عجــز عــن عامرهتــا امل ُ ْقطَــع لــه لتعطــى لغــره .فيذكــر كل هــذا يتضــح أن األرض املحتجــره ال تعتــر مملوكــة عــى رأي
كــا الحظنــا فالبــد للمحيــي أو املقطعــة لــه األرض مــن البــاذري بــأن زيــاداً «كان يقطــع الرجــل القطيعــة ويدعــه أكــر الفقهــاء ،وال جيــوز بيعهــا إذا مل حتيــى :ويف هــذا يقــول ليســت مبــادئ امللكيــة (الســيطرة واالســتخدام) هــي
وضــع بعــض املجهــود مــن عــارة أو زراعــة ليمتلــك األرض. ســنتني فــإن عمرهــا وإال أخذهــا منــه ،فكانــت اجلمــوم أليب أبــو يعــى احلنبــي« :فلــو أراد املحتجــر عــى األرض بيعهــا قبــل التــي حثــت النــاس عــى العمــل إلمتــاك عقــار فقــط ،بــل
وحتــى لإلحتجــار ،فالبــد للشــخص مــن بــذل بعــض املجهــود بكــر ثــم صــارت لعبــد الرمحــن ابــن أيب بكــرة 33.»...ويظهــر إحيائهــا مل جيــز عــى ظاهــر كالم أمحــد » ...؛ ومل جيــز بيعهــا أغلــب قواعــد اإلحيــاء واإلقطــاع ،إن مل تكــن مجيعهــا،
ا .أي أن للحصــول عــى حــق االختصــاص مثــل بنــاء حائــط مثـ ً أن مبــدأ اســرجاع األرض املقطعــة ممــن ال يقــدر عــى إحيائهــا شــجعت األفــراد ودفعتهــم للمبــادرة والعمــل المتــاك أرض َّ
مبــدأ امللكيــة باســتثامر بعــض املــال أو املجهــود قــد يــؤدي إىل بــدأت بفعــل عمــر بــن اخلطــاب ريض اللــه عنــه عندمــا أخــذ مــا ووضعهــا يف اإلذعــاين املتحــد ،وســأذكر بعــض هــذه القواعــد
2.2
التشــاح (النــزاع) بــن النــاس .فقــد يقــوم شــخص مــا بإحيــاء مل يتمكــن بــال بــن احلــارث مــن إحيائــه مــن األرض املقطعــة (االحتجــار واإلمهــال واســتثامر املجهــودات وإذن اإلمــام أو
أرض ميلكهــا آخــر ظنــاً منــه أهنــا مــوات ،أو حتــى عمــد ًا ٍ لــه مــن رســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم34. الســلطات) ثــم أعلــق عليهــا جمتمعــة.
لــإرضار بــه .ويف هــذه احلالــة ،فــإن جمهــودات هــذا الــذي
اســتثمر يف أرض غــره ال تضيــع .فكيــف هــذا؟
اإلمهال االحتجار
قــال صلــوات اللــه وســامه عليــه« :مــن زرع يف أرض
قــوم بغــر إذهنــم فلــه نفقتــه ،وليــس لــه مــن الــزرع يشء». لقــد قــال مجهــور الفقهــاء إن امللــك ال يكــون مرهونــاً االحتجــار هــو تعليــم األرض املــوات أو األرض امل ُ ْقطعــة
ا أحيــا أرض ـاً موات ـاً؟ فغــرس فيهــا ،وعمــر، بوقــت معــن عنــد ثبوتــه ،أي ال يكــون كملكيــة املنافــع لفــرة ُبغيــة البــدء يف إحيائهــا؛ وقــد يكــون التعليــم بوضــع عالمــات
وقــد ورد أن «رج ـ ً
فأقــام رجــل البينــة أهنــا لــه ،فاختصــا إىل عمــر بــن اخلطــاب، معلومــة مثــل املســتأجر للمنــزل أو احلانــوت أو كملكيــة مــن احلجــارة أو الــراب أو غــرس أخشــاب أو تســوير األرض
3.2 بحائــط أو شــوك أو ماشــابه ذلــك ،ل ُيســتدل عــى حدودهــا
قومنــا عليــك مــا أحــدث فقــال لصاحــب األرض :إن شــئت ّ شــخص لــدار أو مزرعــة لفــرة طويلــة معلومة كتســع وتســعني
هــذا ،فأعطيتــه إيــاه ،وإن شــئت أن يعطيــك قيمــة أرضــك ســنة .بــل إن ملكيــة األعيــان يف الرشيعــة هــي ملكيــة مؤبــدة (الصورتــان 2.2و .)3.2وقــد ورد أن رســول اللــه صــى اللــه
أعطــاك» 38.أمــا إذا أىب صاحــب األرض أن يعطــي العامــر قيمــة مــا مل يكــن هنــاك ســبب ناقــل للملــك مثــل البيــع .لذلــك ـادي األرض للــه وللرســول ثــم لكــم مــن
عليــه وســلم قــال« :عـ ّ
عامرتــه ،فيقــول ابــن الرامــي (وهــو ب ّنــاء وفقيــه مــن املذهــب يــأيت الســؤال :هــل يــزول امللــك باإلعــراض عــن اململــوك أو بعــد ،فمــن أحيــا أرض ـاً ميتــة فهــي لــه ،وليــس ملحتجــر حــق
املالــي وتــويف يف منتصــف القــرن الثامــن اهلجــري)« :تكــون ــك مــن األعيــان إمهالــه؟ اتفــق مجهــور الفقهــاء بــأن مــا ام ُتلِ َ بعــد ثــاث ســنني» ،وقــال عمــر بــن اخلطــاب ريض اللــه عنــه:
(أي األرض) رشكــة بينهــا ،رب األرض بقيمــة أرضــه براحــاً، ال يقبــل اإلســقاط؛ كمــن أطلــق دابتــه وأخذهــا آخــر ،فــإن «مــن أحيــا أرض ـاً ميتــة فهــي لــه ،وليــس ملحتجــر حــق بعــد
والعامــر بقيمــة عامرتــه ،وال جيــر العامــر أن يعطــي لــرب اآلخــر ال ميلكهــا؛ وكذلــك األرض املشــراه أو املعطــاه ،ال ال كانــوا حيتجــرون مــن األرض ثــاث ســنني» ،وذلــك ألن رجــا ً
األرض قيمــة أرضــه وخيرجــه منهــا» 39.ويف كتــاب األمــوال: تــزول ملكيتهــا بإمهــال مالكهــا حتــى وإن صــارت خراب ـاً35. مــا ال يعملــون فيهــا .ويضيــف ابــو يوســف (ت « :)182فــإن مل
«مــن ابتــى يف أرض قــوم ،وهــم شــهود ،فــإن مل ينكــروا فهــم ولكــن هنــاك اســتثناءات هلــذه القاعــدة36. حيييهــا (أي املحتجــر) بعــد ثــاث ســنني فهــو يف ذلــك والنــاس
ضامنــون لقيمــة بنائــه .وإن هــم أنكــروا فلــه نقضــه ،وعليــه رشع واحــد ،فــا يكــون أحــق بــه بعــد ثــاث ســنني» 29.وأمــا
ومــاذا عــن األرض املحيــاة ،هــل تســقط ملكيتهــا
مــا أحــدث يف أرضهــم» 40.كــا أن هنــاك مبــدأ مأخــوذاً بــه يف
الشكل بالنســبة لالحتجــار كخطــوة أوىل لإلحيــاء فــإن املذهــب احلنفي
باإلمهــال؟ هنــاك قــول بــأن مــا ُملــك باإلحيــاء ثــم تــرك حتــى 1.2
أكــر األقــوال وهــو أن املحيــي أحــق مــن املتحجــر ،أي أنــه يعتــر املحتجــر «أحــق بــاألرض مــن غــره حتــى مل يكــن
عــاد موات ـاً فهــو كالــذي قبلــه ســواء .فقــال مالــك (ت :)179
إذا حتجــر شــخص أرضـاً فعطلهــا فجــاء آخــر فعمرهــا فاملحيــي لغــره أن يزعجــه ألنــه ســبقت يــده إليــه والســبق مــن أســباب
«ميلــك هــذا لعمــوم قولــه :مــن أحيــا أرضــاً ميتــة فهــي لــه،
أحــق هبــا 41.وأخــراً ،هنــاك الكثــر مــن النــوازل (احلــاالت الرتجيــح ...وال يقطعهــا اإلمــام غــره» 30.ويعتــر الشــافعية
وألن أصــل هــذه األرض مبــاح ،فــإذا تركــت حتــى تصــر مواتـاً
القضائيــة) املدونــة مــن القــرن األول والتــي يتضــح فيهــا بجــاء املحتجــر أحــق مــن غــره اختصاصــاً ال ملــكاً .ففــي هنايــة
ـاء مــن هنــر ثــم رده فيــه».
عــادت إىل اإلباحــة كمــن أخــذ مـ ً
تصــادم املجهــودات ،ومجيــع هــذه النــوازل ،والتــي اســتخدمها املحتــاج« :مــن رشع يف عمــل إحيــاء مل يتمــه كحفــر األســاس
وذهــب بعــض احلنفيــة إىل قــول مشــابه ،ألهنــم اعتــروا اإلحياء
ضيــع جمهــود مــن عمــل يف الفقهــاء الســتنباط األحــكام ،ال ُت إن فكـرة اإلحيـاء بعـد االحتجـار ال تزال متـارس يف بعض أو علــم عــى بقعــة بنصــب أحجــار ...فمتحجــر عليــه ،أي
ُ إثبــات مللــك االســتغالل وليــس الرقبــة .ولكــن هــذا الــرأي
املواقع من العـامل اإلسالمي والتي مل تـصل إليها الـسلطات مانــع لغــره منــه مبــا فعلــه ،وحينئــذ هــو أحــق بــه مــن غــره،
األرض إال إذا كان متعديـاً؛ ويف هــذه احلالــة فللمتعــدي مــا بــذل خيالفــه مجهــور احلنفيــة والشــافعية واحلنابلــة ،فيقــول ابــن بعد .فـالصورة 2.2من هجـرة الدغيميـة برشق بالد احلرمني اختصاصــاً ال ملــكاً»31.
يف األرض منقوضــاً42.
قدامــة« :ولنــا :أن هــذه األرض (يعــي األرض املحيــاة) يعــرف تريك احتجـار أرض بـأعمـدة خـشبيــة ثم البــدء يف البنـاء.
مالكهــا ،فلــم متلــك باإلحيــاء كالتــي ملكــت بــراء أو عطيــة بـينام تــوضح الـصــورة 3.2أرض حمـتجــرة بـــأعمــدة وقــد تــرك بعــض فقهــاء الشــافعية واحلنابلــة مــدة
ٕ
...وألن ســائر األمــوال ال يــزول امللــك عنهــا بالــرك 37.»... حياوها .الحظ مواقع األعمدة يف الشكل 1.2 وقـــد تم ا ٔ االحتجــار لــرأي اإلمــام وللعــرف ومل يقيدوهــا بثــاث ســنني،
71 70
حتــى إذا توفــرت لــك قطعــة مــن األرض فمــن أيــن لــك املــال الفريــق أن األرض التــي وهبــت لــه كإقطــاع إذا مل ُتع ّمــر يف ثــم التفــت إىل عــروة بــن الزبــر قــال فقــال :مــا تقــول؟ قــال:
لبنــاء املنــزل؟» فأجاب«:ســأبدأ ببنــاء غرفــة مــن أي مــواد فــرة معلومــة (ثــاث ســنوات يف الغالــب) فسـ ُتأخذ منــه فالبــد أقــول إن أبعــد الثالثــة مــن هــذه األرض أمــر املؤمنــن ،قــال: إذن اإلمام أو السلطات
بنائيــة أجدهــا ملقــاة خــارج أحــد املبــاين مــن طــوب أو آجــر لــه مــن العمــل .وإذا علــم الفريــق بــأن األرض التــي احتجرهــا ومل؟ قــال :ألن رســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم قــال« :العباد
أو خشــب أو صفائــح معدنيــة ،ويف كل ســنة ســأضيف غرفــة أو التــي أخذهــا كإقطــاع ال تعتــر ملــكاً لــه ،وقــد حيييهــا عبــاد اللــه والبــاد بــاد اللــه ومــن أحيــا أرضـاً ميتــة فهــي لــه». هنــاك خــاف بــن الفقهــاء يف احلاجــة إىل إذن اإلمــام
أو حتــى حائط ـاً» قلــت لــه« :ولكــن منظــر املدينــة ســيكون آخــرون ويأخذوهنــا منــه ،ألن املحيــي أحــق مــن املحتجــر يف قــال فقــال عبــد امللــك :أنظــروا إىل هــذا يشــهد عــى رســول لإلحيــاء ،فجمهــور العلــاء باســتثناء اإلمــام أيب حنيفــة وبعــض
قبيحــا هبــذه الطريقــة !» فأجــاب« :أهيــا أهــم :منظــر املدينــة ملكيــة األرض ،فســيثابر للعمــل إلثبــات إعامرهــا ليمتلكهــا. اللــه صــى اللــه عليــه وســلم مبــا مل يســمع منــه .قــال عــروة: فقهــاء املذهــب احلنفــي قالــوا إن مــن أحيــى مواتــاً ملكــه
بالنســبة لــك أم ســر أهــي؟ ومــن قــال لــك أنــي لــن أقــوم ـان أو غــرس يضعــه وإذا علــم فريــق مــا أن أي اســتثامر مــن مبـ ٍ أفأُ ك ّفــر أو أكــذّ ب ممــا مل أســمع منــه ،أســمعته يقــول :الظهــر حتــى وإن كان ذلــك مــن غــر إذن اإلمــام 43.والظاهــر هــو
بتشــطيب ودهــان املنــزل مســتقبال؟ ولكــن هنــاك أولويــات، يف أرض مــوات ثــم يتضــح بأهنــا مملوكــة لقــوم آخريــن ،فــإن أربــع والعــر كــذا واملغــرب كــذا ،إن الذيــن جاؤنــا هبــذا هــم أن هــذا اخلــاف نتــج مــن عــدة أمــور منهــا :حماولــة جتنيــب
النــاس التشــاح وهــو ســبب اشــراط أيب حنيفــة إلذن اإلمــام44،
فبعــد بنــاء املنــزل مــن الداخــل ســأقوم بالدهــان اخلارجــي .يــا ـاء بــل سـ ُي ْدف َُع لــه مــا بذلــه يف األرض أو جاؤنــا هبــذا»49.
اســتثامره لــن يضيــع هبـ ً
حــرة املهنــدس :حــاول أن تفهــم بأنــي مــن غــر دار أمتلكهــا يصبــح رشيــكاً ملالــك األرض فإنــه بالتأكيــد ســيفكر يف العمــل. ومنهــا الرجــوع إىل حديــث الرســول صــى اللــه عليــه وســلم:
فأنــا مهمــوم وكأنــي عضــو مشــلول يف هــذا املجتمــع ،ولقــد «ليــس ألحــد إال مــا طابــت بــه نفــس إمامــه» 45،ومنهــا األخــذ
ســمعت عــن الكثــر مــن الشــباب الذيــن قبلــوا الرشــاوي
أرأيتــم كيــف أن الرشيعــة دفعــت النــاس للعمــل احلث عىل العمل بحديــث اإلحيــاء نفســه ،هــل قالــه الرســول صــى اللــه عليــه
وامتــاك األرض دون أي عقبــة .فــإذا قــرأت مــا كتبتــه ســابقاً وســلم باعتبــاره إمام ـاً حاك ـاً أو مرشع ـاً 46.وقــد فــرق اإلمــام
وتنازلــوا عــن مبادئهــم ال لــيء إال حلاجتهــم للمســكن، واآلن لنلخــص قواعــد اإلحيــاء واإلقطــاع ومــا تعنيــه
عــن اإلحيــاء واإلقطــاع ورشوطهــا وقواعدمهــا فســتدرك أن مالــك بــن األرايض املجــاورة للعامــر واألرايض البعيــدة عنــه،
حــاول أن تفهــم بــأن املجتمــع لــن يســر قدم ـاً وفيــه أعضــاء هــذه القواعــد لألفــراد .مــن كل مــا ســبق تتضــح لنــا حقيقــة
هــدف الرشيعــة هــو إزالــة العقبــات أمــام مــن أراد العمــل واشــرط إذن اإلمــام للمجــاور للعامــر .47غــر أن الــذي
مشــلولون مثــي ومثــل أولئــك املرتشــن» .فقلــت يف نفــي :يــا ثابتــة وهــي أن األرض مل تكــن هلــا قيمــة رشائيــة ،ومل تقــم
ومــن ثــم امتــاك األرض .وهنــاك نتيجــة هامــة :وهــي أن حــق طبــق يف البيئــة التقليديــة يف الغالــب هــو رأي مجهــور األمئــة
حلكمــة الرشيعــة .وأذكــرك مــرة أخــرى أخــي القــارئ ،فــإذا الدولــة قــط أو أي مؤسســة حكوميــة ببيعهــا ،ولكــن كانــت
االســتخدام وحــق الســيطرة معـاً جيلبــان للفريــق العامــل حــق مثــل الشــافعي وأمحــد بــن حنبــل وأيب يوســف وغريهــم (كــا
ا
قــرأت مــا ذكرتــه عــن اإلحيــاء واإلقطــاع مــرة أخــرى متأمـ ً امللكيــة؛ وهبــذا تتحــول األرايض املــوات إىل ٍ مــن نصيــب أولئــك الذيــن يعملــون هبــا مقابــل إعامرهــا .وهــذه
أراض عامــرة يف ســيتضح يف الفصــل اخلامــس) ألهنــم رأو أن أحاديــث اإلحيــاء
النقــاط التــي أرشت إليهــا يف «احلــث عــى العمــل» فســتدرك احلقيقــة ،وبرغــم بســاطتها ،تعــي الكثــر بالنســبة للبيئــة:
ـاء عليــه فــإن غالبيــة العقــارات اململوكــة
اإلذعــاين املتحــد .وبنـ ً واضحــة وجيــب أن ال ُيشــرط إذن اإلمــام المتــاك األرض
عظــم الرشيعــة يف تســهيل أمــور مــن أراد إعــار األرض برغــم ــرق وحثهــم عــى العمــل .أي أن ِ
يف البيئــة التقليديــة يف اإلذعــاين املتحــد .والنتيجــة األخــرى ال حتفيــز الف َ
فهــي تعــي أو ً
اختــاف الفقهــاء. قــوي للشــافعي عــى أولئــك الذيــن ُ املحيــاة .ويف «األم» رد
هــي أن األرايض غــر العامــرة ليســت ذات قيمــة رشائيــة ألهنــا ـداء مــن الرشيعــة للفــرق املســتخدمة لــي تســتخدم هنــاك نـ ً
قالــوا بــرورة إذن اإلمــام وقــد وضعتــه يف احلاشــية 48.ورغــم
لقــد صــدق يف كل مــا قالــه هــذا املســكني يف مــر :إن يف متنــاول اجلميــع كاملــاء يف النهــر ،فبإمــكان اجلميــع األخــذ األرض غــر اململوكــة لتســيطر عليهــا وبالتــايل متتلكهــا .فــإذا
أن أكــر احلــكام أخــذوا بــرأي اإلمــام أيب حنيفــة إال أنــه مل
ـل تيقــن أي فريــق أن بإمكانــه امتــاك أرض دون إذن احلاكــم،
مــن أكــر العقبــات التــي تعيــق املجتمــع عــن املــي قدمـاً َشـ ُّ مــن مــاء النهــر ،وكذلــك األرض ،فبإمــكان مــن أراد الســكن أو تكــن لدهيــم املقــدرة اإلداريــة عــى تنفيــذ ذلــك لعــدم وجــود
أفــراده بالوقــوف أمامهــم إليــواء أنفســهم .هــل علمــت أن بعض االســتثامر األخــذ منهــا ألهنــا ليســت ملــكاً لكائــن مــن كان. فإنــه بالتأكيــد ســيحيي األرض التــي ســيحتاج إليهــا وخاصــة إذا
جهــات تنظيميــة كالبلديــات يف أيامنــا هــذه يف ذلــك الوقــت
املحتاجــن اضطــروا للســكىن يف املقابــر؟ هــذا مــا حــدث أمــا األرايض العامــرة فقيمتهــا تكمــن فيــا عليهــا مــن أعيــان كان مــن الفقــراء أو املســتثمرين .وإذا تيقــن املؤمــن املحتــاج
لتمنــع النــاس مــن اإلحيــاء .إي أن رأي اجلمهــور هــو الــذي
ا (الصورتــان 4.2و .)5.2وللرشيعــة حكمــة بــأن إحيــاءه لــأرض ال يــؤدي إىل امتالكــه لــأرض فقــط،
يف القاهــرة مثــ ً كاملبــاين والنخــل ومــا شــابه ،وهــذا االســتنتاج منطقــي إال إذا طبــق يف البيئــة باســتثناء بعــض املــدن الرئيســية ،وســنفصل هــذا
كبــرة يف مســألة اإلحيــاء :فهنــاك غريــزة قويــة لــدى البــر مل أصبحــت األرض بفعــل منــو املدينــة يف موقــع مرغــوب فيــه، ولكــن أيض ـاً إىل نيــل الثــواب مــن اللــه عــز وجــل لقولــه صــى
يف حينــه.
يــدرك أمهيتهــا املخططــون ومتخــذو القــرارات :وهــي املثابــرة بذلــك تكــون هلــا قيمــة رشائيــة ،وهــذا مل حيــدث إال نــادراً يف اللــه عليــه وســلم« :مــن أحيــا أرضــاً ميتــة فلــه فيهــا أجــر،
والعمــل اجلــاد الســتصالح مــا ميلكــون ال لســبب إال ألنــه هلــم، البيئــة التقليديــة .وهــذا معاكــس حلالنــا اليــوم ،فــاألرض ذات ومــا أكلــه العــوايف منهــا فهــو لــه صدقــة» 50،فإنــه ســيعمل وليــس للمســلم اإلحيــاء مــن غــر إذن اإلمــام فقــط ،ولكن
وألبنائهــم مــن بعدهــم .فبإمــكان أي فــرد البنــاء إذا توفــرت قيمــة رشائيــة مرتفعــة (ســنوضح هــذا يف الفصل التاســع إن شــاء ال حمالــة .وإذا علــم املســلم بــأن األرايض غــر العامــرة تعتــر عــى اإلمــام أيضـاً التســليم بحــق امللكيــة ملــن أحيــا أرضـاً مواتاً
لــه قطعــة األرض حتــى وإن كان معدمــاً .فالعقبــة األوىل اللــه). مواتــاً بالنســبة لبعــض املذاهــب ،أو تعتــر موافقــة مبدئيــة مــن غــر إذنــه .ويف هــذا يقــول أبــو األعــى املــودودي رمحــه
والكــرى هــي قطعــة األرض ،والعقبــة الثانيــة واألســهل هــي بنــاء
ً بعــد
مــن أصحاهبــا إلحيائهــا ألن أصحاهبــا مل ميتلكوهــا ُ اللــه« :فــا يتوقــف حــق العامــل يف ملكيــة أرضــه عــى إذن
لقــد قــال يل أحــد الفقــراء املحتاجــون إىل قطعــة أرض عــى رأي بعــض املذاهــب األخــرى ،فإنــه ســيعمل .وإذا علــم احلكومــة ،وهــو يصبــح مالــكاً ألرضــه عــى مــا قــد خولــه اللــه
بنــاء الغرفــة األوىل ،ويتــم ذلــك بطــرق عــدة بقــدر إمكانيــة
يبــي عليهــا ولــو غرفــة واحــدة إليــواء أهلــه بــدل أن يدفــع فريــق أن األرض املحيــاة التــي أمهلهــا ُميوهــا ســتعود مواتــاً ورسـوله مــن احلــق .وللحكومــة أن تســلم بحقــه وتقــره عليــه إذا
الســاكن :فمنهــم مــن يتمكــن مــن بنــاء الغرفــة فقــط ودورة
قســطاً كبــراً مــن دخلــه كإجيــار« :ليــس هنــاك ظلــم يقرتفــه يف رأي بعــض املذاهــب ،وإنــه ســيمتلكها بإعامرهــا ،فســيفكر ُرفــع إليهــا األمــر عنــد النــزاع» .وذكــر حيــى بــن آدم القــريش
امليــاه ،وهــم األكــر؛ ومنهــم مــن ال ميتلــك حتــى قيمــة طوبــة
جمتمــع عــى الفــرد أشــنع عــى وجــه األرض مــن منــع مســلم بالتأكيــد بالعمــل .وإذا أدرك الفريــق املحيــي لــأرض أن أرضــه ا حتجــر عــى أرض ثــم (ت )224يف كتابــه اخلــراج« :أن رجــ ً
واحــدة ،وهــم نــادرون .وهــذا املعــدم ســيقوم بالتقــاط بعــض
أراد ســر أهلــه واســتقرارهم يف دار ميتلكوهنــا؛ هــا هــي ذي التــي أحياهــا إذا مل يســتمر يف إعامرهــا قــد تعــود موات ـاً ومــن عطلهــا ،فجــاء آخــر فأحياهــا ،فأختصــا إىل عبــد امللــك،
احلجــارة والطــوب واخلشــب مــن فضــات املبــاين األخــرى،
الصحــاري غــر املســتغلة يف بــادي التــي متنعــي مــن البنــاء، ثــم قــد حيييهــا اآلخــرون فإنــه ســيجد بالعمــل .وإذا علــم فقــال :مــا أرى أحــداً أحــق هبــذه األرض مــن أمــر املؤمنــن.
وإحضارهــا ملوقــع بنائــه ،أو قــد يقــوم بالتقاطهــا مــن مناطــق
لقــد ضاقــت علينــا األرض مبــا رحبــت !» .قلــت لــه« :ولكــن
73 72
إال فائــض عــن حاجــة اآلخريــن ،وهــذا ال ينطبــق فقــط عــى بعيــدة وخيزهنــا عنــد أحــد معارفــه يف تلــك املنطقــة ،ثــم يقنــع 4.2
األحجــار والطــوب ولكــن عــى األثــاث واألبــواب ومــا شــابه ال ثم بـناء
ونرى يف الصورتني 7.2و 8.2شخصني قاما ببناء سور خارجي أو ً صديقــه مثــا مبعاونتــه وحتميــل هــذه املــواد عــى عربتــه
ذلــك ،أي أن هنــاك إعــادة الســتخدام مــوارد األمــة بــدل أن املنزل من الـداخل ،فحال هذان الشخصان أفضل اقتـصادياً من حال بـاين وإحضــار مــا قــد مجعــه مــن مــواد بنــاء مقابــل خدمــة يقدمهــا
تلقــى (الصــور 18.2إىل .)24.2 الغرفة يف الصورة 6.2الحـظ أن السـور يف الصــورة 7.2يكلف القلـيل من لــه كأن يســاعده يف حتميــل عربتــه يومـاً آخــر وهكــذا .وهنــاك
املـال ألنه صـنع من بــراميل زيـت تم فـردهـا وحلـامهـا مع بـعضهـا .فهـذه
الكثــر مــن القصــص عــن تبــادل الفقــراء املســاعدات فيــا
وممــا ســاعد هــؤالء الفقــراء عــى احلصــول عــى حاجتهــم الربامـيل متـوفــرة بكثـرة يف مـدينــة ابقيق رشق بالد احلرمني بــالقــرب
بينهــم إلنجــاز أعــال بعضهــم البعــض دون مــا حتصيــل مــادي.
مــن مــواد البنــاء بالتقاطهــا مــن أماكــن متعــددة وجتميعهــا لبنــاء ال
من مــوقع هــذا املنــزل (هجـرة الدغيمـية) .وترون يف الصورة 9.2منـز ً
خلف السور وقد بين من مواد بنـاء بالية .فاملـك هذه الدار بدأ بـسور بسيط وهكــذا ،حتــى بنــاء الغرفــة األوىل ،وعندهــا ينتقــل إليهــا هــذا
منــزل متواضــع يف البيئــة التقليديــة هــو ،واللــه أعلــم ،مبــدأ
متـاماً كام بدأ صاحب الـدار يف الصورة ، 8.2وبالتدريج إىل أن بنـى داره، املعــدم ويكــون قــد ارتــاح نفســياً واكتســب خــرة بنائيــة
اللقطــة يف الرشيعــة .ويف هــذا نحتــاج إىل بحــث مســتفيض، ولـديه اآلن سيـارة تـراهـا واقفـة أمـام داره .الحظ اهتاممه بسيارته املغطـاة
متكنــه مــن مواصلــة املســر وإكــال املنــزل (الصــور 6.2إىل
فأيــن هــم علــاء الرشيعــة؟ فعــى العمــوم ،وكــا ذكــرت ســابقاً ليحميها من أشعة الشمس.
5.2
.)17.2وقــد تكــون هــذه الغرفــة غــر الئقــة معامريــاً وهبــا
أن هنــاك اســتثناءات لقاعــدة مــا أمتلــك مــن األعيــان وال يقبــل
بعــض املســاوئ مثــل تــرب ميــاه األمطــار إىل داخلهــا ،ولكــن
اإلســقاط باإلمهــال أو األعــراض :ومــن هــذه االســتثناءات 7.2
ُ كــا أثبتــت الدراســات ،فــإن هــذا أمــر مقبــول ألي إنســان
يكــر املحقــرات وهــي مــا يغلــب الظــن عــى أن فاقــده ال
حمتــاج ألن هــذه الغرفــة ملــكاً لــه ،فهــو متيقــن بأنــه ســيتغلب
أســفه عــى مــا فقــد مثــل كــرة اخلبــز .وهــذه املحقــرات
عــى مثــل هــذه املســاوئ يومــا مــا ،فــا هــي إال مســألة وقــت
جيــوز التقاطهــا وملكيتهــا 52.أمــا مــا كانــت ذات قيمــة فتملــك
بالنســبة لــه51.
بعــد تعريفهــا ســنة يف أكــر أقــوال الفقهــاء لقولــه صــى اللــه
عليــه وســلم يف اللقطــة (وهــي املــال الضائــع مــن ربــه يلتقطــه فاألمــل بــأن يكــون لذلــك الفقــر أو أي إنســان مســكن
غــره)« :أعــرف عفاصهــا ووكاءهــا ثــم عرفهــا ســنة فــإن جــاء خــاص بــه جيعلــه يتحمــل مجيــع املصاعــب ويدفعــه إىل املثابــرة
خــص لنــا صاحبهــا وإال فشــأنك هبــا» 53.وعــن جابــر قــال« :ر ّ والبنــاء .أي واللــه ،إنــه األمــل الــذي لــواله مــا غــرس غــارس
والســوط واحلبــلرســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم يف العصــا ّ شــجرة وال أرضعــت أم ولدهــا ،إنــه األمــل الــذي وضعــه اللــه 6.2
وأشــباهه يلتقطــه الرجــل ينتفــع بــه» 54.واملهــم بالنســبة لنــا ســبحانه وتعــاىل فينــا ووضــع معهــا الطريــق الســتثامر ذلــك
8.2
هــو مــواد البنــاء :فمــن ذلــك اعتبــار احلجــارة امللقــاة بــن األمــل ليصبــح احللــم حقيقــة .حقيقــة بنــاء فــرد ميتلــك عقــار ًا
األزقــة لقطــة .أمــا إذا تســاقطت مــن مبــى مــا ،ومل يعلــم هبــا ٍ
إجيــار فيــا إذا كان هــذا يأويــه ويــأوي أهلــه بــدل دفــع
املالــك فــا حيــل أخذهــا؛ وكذلــك إذا كانــت مــن ملــك يتيــم الفقــر مســتأجراً .فبعــد بنائــه للغرفــة التــي ميتلكهــا سيســتثمر
أو وقــف 55.والظاهــر هــو أن النــاس كانــوا يلتقطــون مــا هيمــل يف عقــاره ببنــاء منزلــه غرفــة تلــو األخــرى حتــى يكتمــل
لفــرة طويلــة مــن مــواد البنــاء حلاجتهــم إليهــا واســتفادهتم املنــزل ،ثــم يبــدأ يف تشــطيبه ودهانــه .وهنــا مســألتان هامتــان:
منهــا؛ ويتعاملــون معهــا وكأهنــا لقطــة دون الرجــوع إىل الفقهاء األوىل نفســية والثانيــة اقتصاديــة .فمــن الناحيــة النفســية:
أحيان ـاً .ومثــال ذلــك هــو ماذكــره البــاذري بــأن زيــاداً ابتــى فــإن شــعور هــذا املالــك بالعــزة والفخــر مبــا قــام بــه بــدل أن
دار اإلمــارة بالبــرة ،فــأراد أن يزيــل إســمه عنهــا؛ ويظهــر أن ا يف جمتمعــه فقــراً يف كيانــه منحطــاً يف نفســيته، يكــون ذليــ ً
ـم ببنائهــا
املبــى كان قــد عــرف بــدار زيــاد أو مبــى زيــاد «فهـ ّ ال منتج ـاً ملجتمعــه .فكــا فاإلحيــاء ســيجعل منــه عضــو ًا ف ّعــا ً الـصورتـان 4.2و 5.2من القـاهرة وتـشريان إىل التـكدس السكـاين .فرتى
9.2
بجــص وآجــر فقيــل لــه إمنــا تزيــد اســمه ثباتـاً وتوكــداً ،فهدمها متكــن مــن بنــاء املنــزل ســيتمكن مــن بنــاء أرستــه ويســاهم يف يف الصـورة 4.2عائلة قد سكـنت يف أحد القـبور .الحـظ املنطقـة املرتفعـة
خلف العمـود ،فرتى عىل ميني العمود بجانـب احلائط رأس القرب .وترى يف
وتركهــا ،فبنيــت عامــة الــدور حوهلــا مــن طينهــا ولبنهــا وأبواهبا بنــاء جمتمعــه الــذي يعيــش فيــه .وشــتان بــن جمتمعــن أحدمهــا
الصورة 5.2عـائلـة تــسكن يف سـطح أحــد املنـازل ،وهـذا مـنظـر مألوف
،»...وهنــاك أمثلــة أخــرى .وحتــى إذا اغتصــب شــخص قطعــة أفــراده أعــزاء واآلخــر أذالءُ .تــذل الشــعوب مبذلــة أفرادهــا جداً لكرثته .إن الصور 6.2إىل ( 11.2من رشق بالد احلرمني) تـريك منـو
واســتخدمها يف بنائــه ،واســتناد ًا للقاعــدة الرشعيــة «الــرر ال وترتفــع مكانتهــا بــن األمــم بعــزة أفرادهــا .وقــد تقــول أخــي املنـزل من ال يشء إىل دار مـكتملـة .دققوا يف الصـورة 6.2فـسـتلحظون أن
يــزال بالــرر» يقــول ابــن نجيــم« :لــو غصــب ســاجة ،أي املهنــدس واملخطــط :ولكــن ســتصبح البيئــة فــوىض إذا قــام كل الذي بنـاها بذل أقـىص ما بـوسعه بجمع ما ألـقاه اآلخرون من حـبال وأقمشـة
وألواح خشبـية وما شـابه ذلك من مواد بنـاء وذلك لفقـره ،أي أنه بنـى غرفـة
خشــبة ،وأدخلهــا يف بنائــه ،فــإن كانــت قيمــة البنــاء أكــر شــخص بإحيــاء مــا يناســبه ! أقــول :ال ،وســأوضح لــك هــذا يف من ال يشء .فهو هبذا قبل أن يبىن مسكنا بىن نفسه كإنسان عزيز.
ميلكهــا صاحبــه بالقيمــة .وإن كانــت قيمتهــا أكــر مــن قيمتــه، الفصلــن اخلامــس والتاســع .أمــا مــن الناحيــة االقتصاديــة :فــإن
مل ينقطــع حــق املالــك عنهــا» .كــا أن الرشيعــة تراعــي مــا مجعــه هــذا املحتــاج واســتخدمه يف مبنــاه مــا هــو يف الواقــع
75 74
10.2
17.2 16.2
13.2
77 76
هريــرة عــن النبــي صــى اللــه عليــه وســلم أنــه قــال« :ملعــون 25.2 20.2 19.2
مــن غــر حــدود األرض ملعــون مــن تــوىل غــر مواليــه»57.
انتزعهــا مــن أيدهيــم ،قــال ابــن عابديــن« :فقــام عليــه (أي املتزايــدة بزيــادة مســاحة أرضهــا كمحاولــة األخــذ مــن قديم بعـد قصه وطالئه ليقوم مقام اجلدار لـبرئ املاء .والصورتان األخريتان (يف الصفحة السابقة) تـرينـا رجل من املـغرب يـبيع أدوات معـدنيـة
تريـنا منظر ًا مألوفاً يف ٔاكرث املناطق وهـو استخدام النـاس لألرشعة يف قديـمة كـاألقفـال ومقـابض األبـواب ،وكـان قــد مجعهــا ليــشرتهيــا
عــى الظاهــر بيــرس) شــيخ اإلســام اإلمــام النــووي (ت )676 ا .وعندهــا تتصــادم الفــرق اجلــار أو مــن الطريــق العــام مث ـ ً
املـوقتة .ففي الصـورة 23.2من القـاهـرة نـرى تغـطيـة سـوق الـوظائف ٔ النــاس ويعيـدوا استخـدامها يف مبانيهم ومعـداهتم .أما الصور الثالث يف
رمحــه اللــه تعــاىل ،وأعلمــه بــأن ذلــك غايــة اجلهــل والعنــاد وأنه مــع بعضهــا البعــض ،فقــد خيتلــف اجلــاران يف أحقيــة قطعــة بـمختلف األرشعة ،فقد قام كل بائع بـتغطية مكانه .والصورة 24.2 هذه الصفحة (19.2إىل )21.2من أفغـانـستـان فرتينـا إعـادة استخـدام
ال حيــل عنــد أحــد مــن علــاء املســلمني ،بــل مــن يف يــده يشء أرض واقعــة بينهــا .وهلــذا قــال رســول اللــه صــى اللــه عليــه من دكا ببنجالدش تريـنا مطعامً مفتـوحاً عىل الطريـق .الحظ طريقة األلـواح اخلـشـبيـة لـصنــاديق األسلحــة .فنـرى يف الـصـورة 19.2
فهــو ملكــه ،ال حيــل ألحــد االعــراض عليــه ،وال يكلــف إثباتــه ســف بــه
َ خ
وســلم« :مــن أخــذ مــن األرض شــيئاً بغــر حقــه ُ استخدام األرشعة البالية وباقي األعيان األخرى. الصنـاديق الفارغـة املكومـة ،ويف الصورة 20.2نـرى ٔاحد الصنـاديق وقد
اسـتخدم كنـافذة .فبعـد تطيني هـذه الكوة من مجيع اجلهات ستبدو وكأن
ببينــة؛ وال زال النــووي رمحــه اللــه تعــاىل يشــنع عــى الســلطان، يــوم القيامــة إىل ســبع أرضــن» .وأخــرج البيهقــي عــن أيب
79 78
27.2 مــكان آلخــر باجتــاه واحــد ،مثــل شــبكات امليــاه والــرف ويعظــه إىل أن كــف عــن ذلــك ،فهــذا احلــر الــذي اتفقــت
الصحــي .فالفريــق املســيطر عــى الطــرف األعــى ســيهيمن عىل النموذج اإلذعاين الرتخييص علــاء املذاهــب عــى قبــول نقلــه واالعــراف بتحقيقــه وفضلــه
الفريــق املســيطر عــى الطــرف األدىن كــا يف املــزارع إذ أن ا باليــد الظاهــر نقــل العلــاء عــى عــدم املطالبــة مبســتند عم ـ ً
ال قــد هييمــن عــى جريانــه البــد يل هنــا مــن التوقــف قبــل رشح اإلذعــاين الرتخيــي فيهــا أهنــا وضعــت بحــق» 58.ولقــد كان العــرف مرجع ـاً أيض ـاً
الفريــق الــذي متــر املــاء يف أرضــه أو ً
إذا مــا قــرر إيقــاف املــاء عنهــم (الصــور 27.2إىل .)29.2كــا وتوضيــح خاصيــة بيئيــة سأســتخدمها مــراراً يف هــذا الكتــاب يف اخلالفــات بــن اجلــران يف حالــة غيــاب البينــة .فيقــول
أن املصلحــة املســؤولة عــن توزيــع امليــاه يف مدننــا املعــارصة وستســهم يف فهــم حركيــة البيئــة ،وهــي خاصيــة «املســتويات عــز الديــن بــن عبــد الســام (ت )660يف قواعــد األحــكام:
هتيمــن عــى املســتهلكني ،فــإذا قــررت املصلحــة تغيــر موضــع يف البيئــة العمرانيــة» .فمــن خــال ظاهــرة التغـ ّـر التــي حتدثنــا «وجــود األجنحــة املرشعــة املطلــة عــى ملــك اجلــار وعــى
قنواهتــا فــإن ذلــك قــد يؤثــر عــى املســتهلكني ،والعكــس عنهــا يف املقدمــة ميكننــا التمييــز بــن «املســتويات املختلفــة» الــدروب املشــركة فإهنــا دالــة عــى أهنــا وضعــت باســتحقاق،
غــر صحيــح .ومتــى تقــرر إصــاح شــبكة الــرف الصحــي يف بيئتنــا العمرانيــة .فاحلائــط كعــن يف «مســتوى أعــى» مــن وكذلــك القنــوات املدفونــة حتــت األمــاك واجلــداول واألهنــار
تأثــر أولئــك الذيــن يرصفــون فضالهتــم مــن خــال الشــبكة، األثــاث ،وذلــك ألن تغيــر موضــع األثــاث بنقلــه مــن مــكان اجلاريــة يف أمــاك النــاس دالــة عــى اســتحقاقها ألربــاب امليــاه
والعكــس أيض ـاً غــر صحيــح. آلخــر داخــل الغرفــة لــن يؤثــر عــى حوائــط الغرفــة ،أمــا تغيري ألن صورهــا دالــة عــى أهنــا وضعــت باســتحقاق» 59.وعــى
إن من أهم مــا مييـز الـبيئـة الـتقليـديـة تـواجـد عقـاراهتـا الـواحدة
تلو األخـرى بطريقة قـد ال تبدو منظـمة للباحث العابر كام سـرنى موضــع أي حائــط فالبــد وأن يؤثــر عــى توزيــع األثــاث .لذلك ذلــك ،فيمكننــا القــول بــأن تدخــل الدولــة كان نــادراً يف تعليــم
إن شاء الله ألهنـا نتـجت من اإلحيـاء ،أي أهنا مل ختطط .فقد ميـر ماء
أي أن االحتــواء واجلــذب واالنســياب خــواص البــد وأن نقــول بــأن احلائــط يف مســتوى أعــى .وإذا مــا ســيطر عــى حــدود العقــارات ،وأن هــذه احلــدود تكونــت بفعــل املحاورات
مزرعة يف عـدة مزارع أخرى قبل أن يصل إليهـا ،وهو مـا يعرف بحق تــؤدي إىل هيمنــة فريــق يف البيئــة عــى آخــر إذا مــا اتصلــت كل مــن احلوائــط واألثــاث فريقــان خمتلفــان ،كــا حيــدث يف وبالتــايل االتفاقــات بــن ِ
الفــرق املالكــة ،وهــذا أدى إىل ظهــور
املجـرى وهو أحـد أنواع حقوق االرتفـاق .ففي الصورتني 27.2و 28.2 أعياهنــم .ومجيــع العالقــات بــن فــرق األعيــان واألمكنــة ا أو الشــقق املؤجــرة ،فــإن الفريــق املســيطر عىل الــوكاالت مثـ ً
من بسكرة باجلزائر ترى املاء جيري يف قنوات يف الطريق ويدخل منه وهيمنــة األعــراف يف حتديــد امللكيــات .أمــا يف البيئــة املعارصة،
املتداخلــة يف البيئــة البــد وأن تكــون مــن خــال واحــدة أو احلوائــط البــد وأن هييمــن عــى الفريــق املســيطر عــى األثاث،
إىل مزارع لـيسقيـها ثم قـد يذهـب بعد ذلك ملـزارع خلفها ليسقيها. فلقــد تدخلــت الســلطات وظهــر مــا يســمى بالشــهر العقــاري
ال بعضوهـذا الوضع قد يعطي أصحاب املزارع التي مير فيها املـاء أو ً
أكــر مــن هــذه العالقــات الثــاث .وعندهــا نقــول أن األعيــان وذلــك ألن احلوائــط حتيــط أو حتــوي األثــاث؛ ولنســمي هــذه وتعقــدت األمــور وســاءت (وســنوضحه يف الفصــل الثالــث).
اهليمـنة عىل أولئك الذين مـن بعدهم ،وهلـذا وجدت حـقوق االرتـفاق. (مثــل احلائــط واألثــاث) أو األماكــن (مثــل املنــزل والطريــق) اخلاصيــة بـــ «االحتوائيــة» .فالفريــق املســيطر عــى األعيــان هــذه النتيجــة (وهــي دور املحــاورات واألعــراف يف حتديــد
وهـذا ينطـبق ٔايضـاً عىل الـطريق .فقـد يكون لـرجل املرور بـأرض يف مســتويات خمتلفــة .أمــا بالنســبة لعينــن ال تربطهــا عالقــة احلاويــة هــو املهيمــن يف الغالــب .ومــن أمثلــة ذلــك املنــزل
غريه للـوصول ملــزرعته ،فـرتى يف الصـورة 29.2طـريقــاً للمـشـاة امللكيــات) ذات أمهيــة كــرى بالنســبة لنــا يف تأثــر املســؤولية
بنائيــة كمنزلــن متجاوريــن ،فنقــول بأهنــا يف نفــس املســتوى. والطريــق :فالفريــق املســيطر عــى الطريــق كاملســؤولني
بـأحـد املواقع بشامل أفريقية وحياذيه جمرى املاء. عــى حالــة العنــر أو النــاذج اإلذعانيــة كــا ســنوضح بإذنــه
ومتــى كانــت هنــاك حاجــة إىل أيــة عالقــة بــن عنرصيــن يف البلديــة هييمنــون عــى أولئــك املســيطرين عــى العقــارات تعــاىل يف الفصــل التاســع.
املحويــة مثــل املنــازل واملــدارس ،وذلــك ألســباب كثــرة منهــا
29.2 28.2 ا أهنــم إذا َمنعــوا دخــول أي يشء إىل املناطــق العامة فســتمنعمثـ ً لقــد حتدثنــا عــن األرايض ،ولكــن مــاذا عــن األعيــان
بالتــايل يف املناطــق املحويــة ،وهكــذا .ولقــد اســتخدمت كلمــة األخــرى كاألشــجار والبنيــان؟ أقــول ،إن األرض هــي البــذرة،
«هيمنــة» ألميزهــا عــن «ســيطرة» .فالســيطرة هــي عالقــة بــن والشــجرة تتبــع البــذرة يف خصائصهــا .فــإذا كانــت األرض يف
فريــق وعــن ،أمــا اهليمنــة فهــي عالقــة بــن فريقــن يســيطران اإلذعــاين املتحــد ،فقــد تبعتهــا األعيــان األخــرى .فــإذا أدى
عــى عينــن يف مســتويني خمتلفــن. اإلحيــاء واإلقطــاع إىل أمــاك أو أراض يف اإلذعــاين املتحــد،
فمــن املنطــق أن تكــون األعيــان التــي عــى تلــك األرايض،
باإلضافــة إىل االحتوائيــة ،وهــي عالقــة فراغيــة ،فهنــاك كاحلوائــط واألثــاث والشــجر ،يف اإلذعــاين املتحــد أيضــاً،
خاصيتــان أخريتــان ليســتا فراغيتــن وتؤديــان إىل ظاهــرة وذلــك ألن مالــك األرض غالبـاً مــا ميلــك مــا عليهــا مــن أعيــان؛
اهليمنــة بــن فــرق املســتويات املختلفــة لألعيــان .أحدامهــا وبذلــك فأغلــب األعيــان يف البيئــة التقليديــة يف اإلذعــاين
«اجلاذبيــة» :وأبســط مثــال لذلــك الشــجرة ،فالفريــق املســيطر املتحــد .ولكــن مــاذا حيــدث إذا أجــر مالــك مــا داره لشــخص
عــى جــذع الشــجرة ســيهيمن عــى الفريــق الــذي يســيطر آخر؟اإلجابــة هــي أن الفريــق املســتخدم ســيكون غــر
عــى األغصــان ،وذلــك ألن اجلــذوع حتمــل األغصــان .وباملثــل، الفريــق املالــك ،وبذلــك ختــرج العــن مــن اإلذعــاين املتحــد
الفريــق املســيطر عــى أعمــدة الــدور األول البــد وأن هييمــن إىل اإلذعــاين الرتخيــي ،وهــو موضوعنــا القــادم .ولكــن تذكــر
عــى الفريــق الــذي يســيطر عــى الــدور الثــاين يف عــارة أخــي القــارئ أن القواعــد الســابقة أعطــت مجيــع الســكان
ســكنية ،وهكــذا .وأمــا اخلاصيــة األخــرة فهــي «االنســيابية»: فرصــة اإلعــار ،وبذلــك تقــل العقــارات املؤجــرة التــي تنقــل
فمــن املعــروف أن الســوائل والغــازات والكهربــاء تنســاب مــن األعيــان إىل اإلذعــاين الرتخيــي.
81 80
الشكل املســتأجر ،أو الطريــق الــذي يرتفــق اجلــار بــه ،أو كاملــكان ا ،فــإن الوضــعمــن نفــس املســتوى كاملنزلــن املتجاوريــن مثـ ً
2.2 يف املســجد .وقــد تكــون العــن صغــرة يف مســاحتها كبقعــة ســيكون حساسـاً النعــدام اهليمنــة؛ وهنــا قــد يتدخــل القانــون
30.2 يف احلائــط املشــرك حيــث ير ِ
ـز أحــد اجلاريــن خشــبه عــى كـ ُ ُ ا لتنظيــم العالقة ،أو ســيتم كــا حيــدث يف حقــوق االرتفــاق مثـ ً
حائــط جــاره ،أو قــد تكــون كبــرة كالعــارة املؤجــرة .وقــد إجيــاد عنــر ذي مســتوى أعــى كاحلائــط املشــرك الســتحداث
تكــون العــن آلــة مثــل املنشــار املعــار أو قــد تكــون موقعــاً عالقــة اهليمنــة .ففــي احلائــط املشــرك يف ملكيتــه بــن اجلارين
كالغرفــة يف الفنــدق .أي أن بإمــكان أي شــخص تقســيم هــذا ا عالقــة هيمنــة ،وهــي أن احلائــط املشــرك يف مســتوى مثــ ً
النمــوذج (والنــاذج األخــرى) إىل أنــواع خمتلفــة حســب ا
أعــى .فــا يســتطيع أحــد اجلاريــن تغيــر موقــع احلائــط مث ـ ً
اهتاممــه .ولكــن برغــم هــذه التنوعــات مــن حيــث األعيــان ـون اجلــاران
أو هدمــه دون موافقــة جــاره ،ويف هــذه احلالــة ُيكـ ّ
يف اإلذعــاين الرتخيــي ،إال أن هنــاك شــقني أساســيني كان معــاً فريقــاً واحــداً يســيطر عــى احلائــط املشــرك ،وبذلــك
الشكل 2.2مـن تونـس العتيقـة وهو مـسقط أفقـي للدور األريض هلــا تأثــر كبــر يف حالــة األعيــان يف البيئــة التقليديــة ،ومهــا هييمــن اجلــاران مع ـاً كفريــق واحــد عــى نفســيهام كفريقــن
لعـدة منـازل .الحـظ أن عىل سكـان الـدار (ب) أن ميـروا خالل االرتفــاق واإلجــارة. متجاوريــن ،أي نفســيهام منفرديــن60.
31.2 الـدار (أ) لـيصلـوا إىل دارهم( .أعيدت الرسمة من خرائط مركـز
احلفاظ عىل املـدينـة بتـونس ،وقـد رفعت سنة 1968م). وظاهــرة اهليمنــة هــذه هــي الوضــع الســائد يف البيئــة
االرتفاق احلاليــة .فأينــا نظــرت جتــد هــذه العالقــة :فالبلديــة التــي
تســيطر عــى الشــارع الــذي حيــوي املنــازل هتيمــن عــى
32.2 إن غالبيــة عقــارات املــدن والقــرى يف العــامل اإلســامي أصحــاب املنــازل مــن خــال خاصيــة االحتوائيــة ،لذلــك
متالصقــة ،أي أن ملكيــات الفــرق متجــاورة بطريقــة متالصقــة جتدهــا تصــدر القوانــن .واملؤسســات التــي تغــذي املنــازل
مــع بعضهــا البعــض مــع قلــة يف املناطــق العامــة كالشــوارع باملــاء وتســيطر عــى شــبكاته يف املدينــة هتيمــن عــى الســكان
مقارنــة باملــدن احلديثــة .وإذا مــا كانــت هــذه األمــاك مبنيــة مــن خــال خاصيــة االنســيابية .كــا أن هنــاك عالقــات هيمنــة
فــإن الناتــج هــو بيئــة متالصقــة بنائيـاً ( compactأنظــر للصــور بــن املؤسســات نفســها ،فاملؤسســة التــي تســيطر عــى الطريــق
40و 41و 84إىل 88يف املقدمــة) .وهــذا معنــاه وجــود بعــض (البلديــة) هتيمــن عــى املؤسســات التــي تســيطر عــى شــبكات
العقــارات التــي يصعــب الوصــول إليهــا مــن الطريــق العــام، الكهربــاء واهلاتــف اآليل ،وهكــذا .فــا يوجــد فريــق يف
33.2
والتــي ال ميكــن الوصــول إليهــا إال مــن خــال املــرور يف أمــاك البيئــة املعــارصة إال وهنــاك عــرات الفــرق التــي هتيمــن عليــه
الغــر (شــكل ،)2.2أي الوصــول إليهــا مــن عقــارات يف نفــس هبــذه اخلــواص .فطبيعــة وجــود األعيــان واألماكــن تفــرض
املســتوى .ويف مثــل هــذه احلــاالت تتبلــور احلاجــة إىل نظــام هــذه اهليمنــة .وســرى يف الفصــل الســابع والتاســع كيــف أن
يســمح ألولئــك الســاكنني يف العقــارات الداخليــة للمــرور الرشيعــة متكنــت مــن حتويــل هــذه اهليمنــة التــي البد منهــا إىل
خــال العقــارات اخلارجيــة لتخفيــف هيمنــة مــن هــم يف عالقــات إنســانية ُتــري البيئــة ،هــذا إن وجــدت؛ ويف الوقــت
ـرق؛ ألن اهليمنــة هنــا بــن فريقــن لعقاريــن ِ
اخلــارج مــن الفـ َ ذاتــه أنتجــت الرشيعــة بيئــة تقــل فيهــا عالقــات اهليمنــة بــن
ا ،قــد يكــون هنــاك حــق لســكان مــن نفــس املســتوى .فمث ـ ً الفــرق لدرجــة ال ميكــن ألي خمطــط أو مهنــدس القيــام بذلــك
دار يف املــرور مــن خــال املنــزل املجــاور لدارهــم ،أو أن إال باتبــاع الرشيعــة .فإزالــة العالقــات ذات اهليمنــة بــن الفــرق
لســكان منــزل مــا حــق مســيل ميــاه األمطــار خــال دار اجلــار مســألة مهمــة إذا مل يكــن هلــا داع ،ألن هــذه العالقــات تعطــي
(الصــور 30.2إىل .)33.2أي أن أجــزاء بعــض املبــاين يشــرك بعــض أفــراد املجتمــع الســلطان لالســتبداد بالبعــض اآلخــر،
حق إجراء ماء الفضالت مثل ماء الغسيل والطبخ (أي املياه غري النجسة). إن مسيل املاء هو أحد حقوق االرتفاق يف املدينة التقليـدية للتعامل مع يف االســتفادة منهــا أكــر مــن فريــق .والعالقــة هنــا أدت إىل وهبــذا تظهــر الكثــر مــن األمــراض بــن الفــرق كالرشــاوي
فرتى يف الصورة 32.2من كواالالمبور مباليزيا ،ويف الـصــورة 33.2من ترصيف مياه األمطـار .فقد كان الغيث يسيل من سطح مبىن آلخر. هيمنــة أحدهــم عــى اآلخــر بحكــم خاصيتــي االنســيابية
دكــا ببـنجـالدش قنـاتـان لـلامء يف الطـريق والتي تصب فيهام قنوات فرتى يف الصورتني 30.2و 31.2من تـونس قنـوات انسـياب امليـاه .الحظ والظلــم والشــكاوي واملحاكــم والقوانــن شــاغلة بذلــك
واالحتوائيــة أو إحدامهــا. ـداء .واآلن لنعــد إىل اإلذعــاين
املـباين .فقد مير ماء دار يف قناة خالل دار أخـرى قبل أن يصـل هلذه القنـاة األنبـوبة التي تأيت من الدور الثاين يف الـصورة 30.2ليصب املاء منها عىل املســلمني فيــا ميكــن جتنبــه ابتـ ً
يودي إيل هيـمنة الفـريق اخلارجي عىل التي عىل الطـريق ،وهذا قـد ٔ سـطح الــدور األول ومن ثـم ينـســاب من الـفتحـة إىل املبـىن املجـاور. ولكــن كيــف نشــأت هــذه التداخــات بــن العقــارات الرتخيــي.
الفريق الداخيل إذا ما حاول إيقاف املاء .هلذا حولت الرشيعة هذه اهليمنة مـاوها خالل دار أخرى يقال إن هلا فمـتى كـان لدار احلق يف أن يـسيل ٔ
املحتملة إىل حقوق .لكن لنتذكر أن ما نراه من بؤس اآلن كام يف بنجالدش حق املسيل .وترى يف الصورة 31.2ثـالثة مواقع ينـساب منها املـاء من
التــي هــي مــن نفــس املســتوى؟ اإلجابــة مــن خــال ثــاث يشــرك يف هــذا النمــوذج مــن املســؤولية فريقــان يف
هو بسبب فقدان السكان حلق السيطرة يف وضع حمتكر حمليا ودوليا. تودي إىل هيمنـة فريق عىل آخر سطح آلخر .ومن احلقوق أيضاً التـي قد ٔ طــرق هــي :التقســيم والنمــو واملعاوضــات .فــاألوىل هــي العــن ،أحدمهــا ميلــك ويســيطر واآلخــر يســتخدم :كاملنــزل
83 82
املناطــق العامــة هبــا حتــى ال تتبــدد ثــروات املســلمني يف صيانــة التقســيم :وتنتــج عــن اهلبــة أو الوراثــة أو بيــع جــزء مــن
ـداء .ومــن جهــة
ورصــف وإضــاءة مناطــق مل يكــن هلــا داع ابتـ ً الشكل ا بحيــث املنــزل ومــا شــابه .فقــد يقســم عقــار بــن الورثــة مثـ ً
الشكل
أخــرى فــإن أعيــان حقــوق االرتفــاق تــكاد تكــون األعيــان 4.2 إن عــى ســكان جــزء مــن العقــار أن ميــروا مــن خــال جــزء
3.2
الوحيــدة يف البيئــة التقليديــة التــي تــؤدي إىل اهليمنــة املتوقعــة آخــر للوصــول إىل الطريــق العــام .وهــذا التقســيم قــد يــؤدي
بــن عقاريــن ،وقــد عاجلتهــا الرشيعــة بحكمــة ،أمــا البيئــة إىل النــزاع بــن الورثــة .ولــرب مثــل لذلــك :فقــد ســئل الفقيــه
املعــارصة ،فكــا قلنــا :مليئــة هبــذه العالقــات والتــي ختبطــت املالــي إبراهيــم بــن عبــد اللــه اليزناســي عــن أخويــن اقتســا
فيهــا األنظمــة املعــارصة. أرضـاً ورثاهــا عــن أبيهــا (شــكل )3.2ولــأرض طريــق قديــم
متصــل هبــا فصــار يف نصيــب أحدمهــا (النصيــب أ) القســمة
باختصــار ،إن االنســيابية واالحتوائيــة واجلاذبيــة التــي
املتصلــة بالطريــق ،وأمــا القســمة األخــرى (ب) فــا مدخــل
تــؤدي إىل هيمنــة فريــق عــى اآلخــر دفعــت املجتمعــات
ال مــن قســمة أخيــه املتصلــة بالطريــق .ومل يذكــرا حــن هلــا إ ّ
املعــارصة إىل تركيبــة بيئيــة تالفــت فيهــا هــذه املجتمعــات
القســم أن ميــر األخ يف قســمة أخيــه وال منعــه مــن ذلــك .وعندما
هــذه العالقــة بزيــادة مســاحة األماكــن العامــة ،وبزيــادة هــذه
أراد صاحــب القســمة التــي ال مدخــل هلــا (ب) املرور يف قســمة
ا ،بينام
املســاحة ظهــرت عالقــات هيمنــة أخــرى مل توجد أصـ ً
أخيــه منعــه مــن ذلــك أخــوه .فهــل يصــح القســم ويكــون لــه
عاجلــت الرشيعــة هــذه املســألة بحكمــة .فكيــف تــم ذلــك؟
املــرور يف قســمة أخيــه أم لــه منعــه حتــى يعــاد القســم؟ وهناك
لقــد قســم الفقهــاء امللــك إىل تــام وناقــص .وامللــك الناقص الشكل إجابــات متعــددة هلــذه النازلــة (يف الفصــل الثامــن ســركز
كــا عرفــه أمحــد إبراهيــم (أحــد علــاء مــر هــذا القــرن ت 5.2 عــى التقســيم وتأثــره يف منــاذج املســؤولية) ومجيعهــا تــؤدي إىل
« :)1364هــو عبــارة عــن بعــض مــا يقبلــه املــال مــن احلقــوق رضورة االتفــاق بــن الطرفــن .وإذا مل يتــم ذلــك فــإن احلــل
اجلائــزة رشعــاً ،وهــو إمــا أن يكــون قــارصاً عــى الرقبــة ،أو ســيفرض عليهــا بحيــث أن لصاحــب القســمة الداخلــة املــرور
قــارصاً عــى املنفعــة .وملــك املنفعــة أو حــق االنتفاع ينقســم إىل يف القســمة اخلارجــة للوصــول إىل الطريــق العــام تالفيـاً للــرر
قســمني :شــخيص وعيــي .فــاألول يتعلــق بالشــخص ،ويســمى بصاحــب القســمة الداخلــة61.
حــق انتفــاع أو ملــك منفعــة ،والثــاين يتعلــق بالعــن العقاريــة
الطريقــة الثانيــة لنشــوء هــذه التداخــات بــن العقــارات
ويســمى حــق ارتفــاق» 62.ولقــد عــرف الشــيخ مصطفــى
هــي النمــو املســتمر incremental growthمثــل اإلحيــاء .فبعــد
أمحــد الزرقــاء حــق االرتفــاق بأنــه «منفعــة مقــررة لعقــار عــى
إحيــاء قطعــة مــن األرض ســيكون هلــذه األرض حريــم مثــل
عقــار آخــر مملــوك لغــر األول كالــرب واملســيل لــأرايض،
الطريــق املــؤدي إليهــا ومســيل مائهــا ،فيرتتــب عــى أولئــك
وكاملــرور والتعــي .وحــق االرتفــاق يف نظــر الفقهــاء مــن قبيــل
الذيــن ســيحيون األرايض املجــاورة احــرام طريــق ومســيل
ملــك املنفعــة .وهــي منفعــة بــن عقاريــن تابعــة هلــا عــى
مــاء األرض األوىل (وســنناقش هــذا يف الفصــل اخلامــس إن شــاء
الــدوام مهــا انتقلــت ملكيتهــا ،وأن مالــك هــذه املنفعــة هــو
مســاحة العقــارات اخلاصــة ،وهــذا معنــاه تقليــل تكلفــة إنشــاء مــن ميزانيــة مرصوفــات البلديــات أو أمانــات املــدن .ولكــن اللــه) .وأمــا الطريقــة الثالثــة فهــي املعاوضــات :فقــد يقــوم فرد
مالــك العقــار املنتفــع ...وحــق االرتفــاق هــذا هــو يف احلقيقــة
ال إذا مــا طبقــتوصيانــة املناطــق العامــة يف املدينــة إمجــا ً املدينــة أيضـاً بحاجــة إىل هــذه املناطــق العامــة لتســهيل حركــة ببيــع حــق املــرور يف عقــاره جلــاره .وهــذه الطــرق الثــاث أدت
منفعــة منتقصــة مــن ملكيــة العقــار املرتفــق بــه (اخلــادم)
الفكــرة يف املدينــة ككل ،باإلضافــة إىل أبعــاد اجتامعيــة إجيابية مــرور الســاكنني .فهــل هنــاك وســيلة للتقليــل مــن مســاحات إىل مــا هــو معــروف يف الرشيعــة والقانــون بحقــوق االرتفــاق.
ملصلحــة العقــار املرتفــق (املخــدوم) .وبســبب هــذه التبعيــة
ال حــر هلــا مــن إجيــاد التعــارف والتداخــل بــن اجلــران املناطــق العامــة دون التأثــر عــى حركــة املــرور؟ إن حقــوق ودراســة هــذه احلقــوق ونوازهلــا ستســاعدنا عــى فهــم املدينــة
العقاريــة فيهــا مل تكــن مؤقتــة بوقــت حمــدود كغريهــا مــن
(والتــي ســتناقش يف الفصــل التاســع) .ولكــن قــد تظهــر هنــا االرتفــاق هــي أحــد هــذه الوســائل .ففــي الشــكل 4.2املنطقــة اإلســامية مــن حيــث الرتكيــب اخلطــي .territorial structure
منافــع ،بــل تبقــى مــا بقــي العقــار إىل أن يتنــازل عنهــا املالــك
بطريــق مــروع»63. مشــكلة :وهــي أن مــاك العقــارات اخلارجيــة قــد هييمنــون (أ) حتولــت مــن شــارع عــام إىل منــازل ســكنية يف الشــكل .5.2 وهــو مــا ســنتطرق إليــه يف الفصــل التاســع .ولكــن ميكــن أن
عــى ســكان العقــارات الداخليــة ،فالفريــق «ن» قــد هييمــن ولكــن عــى ســكان املنــازل الداخليــة (ب ،ج ،د) يف الشــكل نكتفــي هنــا بالقــول أن كــرة املناطــق العامــة كالشــوارع
وينــدرج حتــت حــق االرتفــاق حــق املجــرى واملســيل والســاحات يف أي مدينــة تــؤدي إىل اســتنزاف مــوارد األمــة ،ألن
عــى الفريــق «ب» يف الشــكل 5.2ألنــه حيويــه أو حائــل بينــه 5.2املــرور يف أمــاك جرياهنــم للوصــول إىل الطريــق العــام
واملــرور .والفــرق بــن حــق املجــرى واملســيل هــو أن يف حــق إنشــاء وصيانــة املناطــق العامــة تكلــف الكثــر مقارنــة باملناطق
وبــن الطريــق العــام ،وهنــا تظهــر حكمــة الرشيعــة يف التعامل كاملــرور يف حديقــة اجلــار أو كبنــاء ممــر يف العقــار اخلارجــي
املجــرى يكــون لإلنســان إجــراء املــاء يف ملــك جــاره مللــك اخلاصــة .فهــي حتتــاج ملــن يزرعهــا ويرصفهــا ويضيؤهــا
مــع هــذه املســألة حتــى تتــاىش هــذه اهليمنــة ،لذلــك انتــرت ليتمكــن ســكان العقــار الداخــي مــن املــرور .والــذي حــدث
نفســه .أمــا حــق املســيل فهــو حــق ترصيــف امليــاه الزائــدة وينظفهــا ومــا إىل ذلــك مــن مصاريــف باهظــة .وهــذا واضــح
فكــرة تداخــل العقــارات يف املدينــة التقليديــة لتنخفــض نســبة يف الشــكل 5.2هــو تقليــل مســاحة األماكــن العامــة مــع زيــادة
85 84
بالنســبة حلــق االرتفــاق املثبــت ســلفاً والناتــج عــن اإلحيــاء أو ا بيــع حــق اســتخدام جــزء مــن عقــاره إىل جــاره املالــك مثــ ً اخلــادم .يقــول ابــن الرامــي إنــه عندمــا ســئل مالــك «عمــن لــه مــن ملكــه خــال ملــك جــاره .وتعاريــف حقــوق االرتفــاق
ال مــن الفريقني ســيحاول ا .ومــن البدهــي ،فــإن ك ًالتقســيم مثـ ً ليســتخدمه كطريــق ،أو إلمــرار مائــه ،أو حتــى ســاقية ممــر يف حائــط (مزرعــة) إىل ملــك لــه وراء ذلــك احلائــط ومل تشــر إىل حقيقــة حتميــة يف البيئــة :وهــي أن حــق االرتفــاق
تــايف التدخــل اخلارجــي .فالفريــق املهيمــن يعلــم متام ـاً بــأن مــاء مــن خــال مزرعتــه طاملــا اتفــق الطرفــان عــى موقــع يكــن حمظــوراً (أي ال جــدار حولــه) ،فــأراد صاحــب احلائــط ال يكــون إال بوجــود ثــاث مناطــق :األوىل هــي العقــار
الرشيعــة ســتقف مــع صاحــب حــق االرتفــاق إن هــو حــاول املمــر وســعته ومــا إىل ذلــك .العكــس أيض ـاً جائــز .فبإمــكان أن حيظــر حائطــه وجيعــل عليــه بابــا؟» ،قــال مالــك« :ال أرى الــذي حيتـــاج إىل االرتفــاق أو العقــار املخــدوم .والثانيــة هــي
منعــه مــن املــرور .بينــا خيــاف الفريــق املالــك حلــق االرتفــاق املالــك بيــع ممــر يف داره (رقبــة الطريــق) جلــاره ،بينــا حيتفــظ ذلــك لــه إال أن يــرىض الــذي لــه املمــر يف احلائــط ،ألنــه إذا املر َت َفــق بــه أو العقــار اخلــادم؛ والثالثــة هــي املنطقــة
العقـــار ْ
مــن املضايقــات التــي قــد حيدثهــا الفريــق املهيمــن مــن قفــل لنفســه بحــق املــرور 68.ولكــن هنــاك اختــاف بــن املذاهــب كان حمظــور ًا مل ميكــن أن يدخــل الــذي لــه املمــر يف احلائــط املشــركة بــن العقاريــن مــن حيــث املســؤولية والتــي ختضــع
البــاب أو حتويــل جمــرى املــاء أو تضييقــه ومــا إىل ذلــك .أي يف إمكانيــة بيــع حــق االرتفــاق لفريــق آخــر ثالــث ،وذلــك ا فــا يفتــح لــه ويقــال لــه:متــى شــاء ،ويوشــك أن يــأيت لي ـ ً لإلذعــاين الرتخيــي .وحيــث إن مالــي العقاريــن املتجاوريــن
أن الفريقــن بحاجــة إىل االتفــاق يف حقــوق االرتفــاق إذا كان الختالفهــم يف ماليــة حقــوق االرتفــاق .فــإذا كان للفريــق (أ) مثــل هــذه الســاعة ال يفتــح ألحــد .قيــل لــه :أرأيــت إن حظــر يف الغالــب فريقــان خمتلفــان يف نفــس املســتوى ،فــإن العالقــة
العقــاران يف نفــس املســتوى .واالتفــاق يف صالــح العنــر ،ألنــه ا حــق املــرور يف عقــار الفريــق (ب) ،فهــل حيــق للفريــق مث ـ ً ومل جيعــل عــى احلائــط باب ـاً ،قــال :يوشــك أن يــأيت مــن يريــد بينهــا قــد متيــل إىل نــوع مــن اهليمنــة .فالفريــق اخلــادم قــد
كلــا ازداد االتفــاق بــن الطرفــن كلــا أمكــن اعتبارمهــا فريق ا وليــس (ب)؟ (أ) بيــع حــق املــرور لفريــق خارجــي (ج) مث ـ ً املــرور إىل حائــط هــذا الــذي لــه املمــر ممــن كان ميــر فيــه مينــع الفريــق الداخــل مــن املــرور أو قــد مينعــه مــن اســتخدام
واحــد ،وبالــذات إذا كانــت مصاحلهــم مشــركة .فقــد يتفــق يســتنتج العبــادي (أحــد الفقهــاء املعارصيــن الذيــن كتبــوا ويأتيــه منــه ،فــإذا رأى احلائــط حمظــوراً مل جيــز ،ويوشــك مســيل املــاء .وهنــاك الكثــر مــن األمثلــة عــى ذلــك يف البيئــة.
طرفــان ولكــن دون اشــراكهام يف املصلحــة ،وهــذا أفضــل مــن يف امللكيــة) فيقــول« :ذهــب احلنفيــة والزيديــة إىل أن هــذه أن يطــول ذلــك فيســتحق هــذا وجيعــل عليــه بابــاً ،ويقــال فالونرشيــي (فقيــه مالــي مجــع الكثــر مــن النــوازل يف كتابــه
االختــاف ولكنــه ليــس كاشــراك املصلحــة .وعنــد اشــراك احلقــوق ليســت مبــال ،ألهنــا أمــور ال ميكــن حيازهتــا .وبنــوا للــذي لــه املمــر قــد جــاز عليــك» 66.وعندمــا ســأل ســحنون ت )914يذكــر نازلــة يف رجــل ميلــك داراً وســطحها وجمــرى
املصلحــة ســيقوم الطرفــان باالهتــام بالعــن وصيانتهــا وصيانــة ال،
عــى ذلــك أن هــذه احلقــوق ال جيــوز بيعهــا وهبتهــا اســتقال ً (ت )240الفقيــه ابــن القاســم« :فلــو أن دار ًا يف جــوف دار، مائهــا لناحيــة ،وال جمــرى هلــا إال مــن تلــك الناحيــة؛ فبــاع
مــا هبــا مــن أعيــان أخــرى أصغــر منهــا كبــاب الطريــق ولياســة ال ،ولكــن جيــوز ألن حمــل البيــع واهلبــة جيــب أن يكــون مــا ً الــدار الداخلــة لقــوم واخلارجــة لقــوم آخريــن ،وألهــل الــدار صاحــب الــدار الناحيــة التــي عليهــا املجــرى ،فمنعــه املشــري
املجــرى .أمــا إذا تشاكســا فســيهمالن العــن وسيســوء حاهلــا. بيعهــا تبعــاً لألمــوال التــي تتعلــق هبــا ،كبيــع الــدار واألرض، الداخلــة املمــر يف اخلارجــة ،فــأراد أهــل اخلارجــة أن حيولــوا فحكــم فيهــا أنــه
مــن جــري املــاء عليــه .وال بيــان يف التبايــعُ .
أي أن األعيــان اخلاضعــة حلــق االرتفــاق يف الرشيعــة اإلســامية مــع مــا يتعلــق هبــا مــن حقــوق ،مثــل حــق املــرور وحــق باهبــم يف موضــع ســوى املوضــع الــذي كان فيــه ،وأىب عليهــم ال تلــك الناحيــة واملشــري عــامل بذلــك إن كان ال مصــب هلــا إ ّ
ــت لإلذعــاين املتحــد برغــم وجودهــا يف اإلذعــاين ِ قبــل البيــع فــا مقــال لــه ،وإال فلــه الــرد ألنــه عيــب64.
قــد ُدف َع ْ املســيل وحــق الــرب ...وذهــب مجهــور الفقهــاء (املالكيــة أهــل الــدار الداخلــة ذلــك ،أيكــون ذلــك هلــم؟» أجــاب ابــن ّ
الرتخيــي نتيجــة لالتفــاق بــن الفــرق .وهــذا يف صالــح حالــة والشــافعية واحلنابلــة واإلماميــة) إىل أن هــذه احلقــوق تعتــر القاســم« :ال أحفــظ مــن مالــك يف هــذا شــيئاً ،وأرى إن كانــوا
والبــد لنــا هنــا مــن التمييــز بــن حالتــن خمتلفتــن متام ـاً.
األعيــان وبالتــايل البيئــة .وهــذه هــي النتيجــة املهمــة بالنســبة مــن قبيــل األمــوال ،لذلــك جــاز عندهــم بيعهــا وهبتهــا»69. أرادوا أن حيولــوه إىل جنــب بــاب الــدار الــذي كان ،وليــس يف
فقــد يكــون لشــخص مــا حــق املــرور يف ملــك جــاره دون
ملوضوعنــا. وبالطبــع فــإن الرأيــن هلــا تأثرييــن خمتلفــن يف البيئــة (كــا ذلــك رضر عــى أهــل الــدار الداخلــة ،رأيــت أن ال مينعــوا مــن
أن ميلــك رقبــة الطريــق ،وهــذه مــن حقــوق االرتفــاق ،وهــي
ســرى بــإذن اللــه). ذلــك؛ وإن أرادوا أن حيولــوا باهبــم إىل ناحيــة مــن الــدار ليــس
ختتلــف عــا إذا ملــك هــذا اإلنســان رقبــة الطريــق وكان هــو
يف قــرب املوضــع الــذي كان فيــه بــاب الــدار ،فليــس هلــم ذلــك
اإلجارة واملهــم هنــا هــو أن مجيــع حقــوق االرتفــاق املســتحدثة
إن أىب عليهــم أهــل الــدار الداخلــة»67.
نفســه املســتخدم الوحيــد ،فعندهــا يكــون الطريــق يف اإلذعاين
ال تتــم إال مبوافقــة املالــك .ففــي نازلــة ذكرهــا الونرشيــي يف املتحــد ،أي أن الطريــق ليــس إال عقــاراً وجــد يف أمــاك الغــر.
أمــا الشــق الثــاين مــن اإلذعــاين الرتخيــي ،والــذي أثّــر «قــوم فســد عليهــم جمــرى مائهــم ومل يقــدروا عــى إجرائــه أخــي القــارئ ،إن مــا ذكرتــه ســابقاً دليــل عــى أن أي تغيري أمــا إذا اشــرك اجلــار يف الســيطرة عــى الطريــق فســيكون
يف حالــة األعيــان يف البيئــة التقليديــة ،فهــو اإلجــارة والتــي وأرادوا جــري املــاء يف أرض جــار هلــم بثمــن أو بغــر مثــن، يف العقــار اخلــادم ال ميكــن أن يتــم إال مبوافقــة املســتخدمني الطريــق يف منــوذج إذعــاين خمتلــف ،وســيناقش يف حينــه.
تتميــز عــن االرتفــاق بأهنــا مؤقتــة بزمــن معلــوم وليســت أبديــة هــل هلــم ذلــك؟» فــكان الــرد« :ليــس هلــم ذلــك إال بــإذن للمنطقــة التــي تشــرك فيهــا املســؤولية بــن مالــي العقاريــن
كاالرتفــاق ،وأهنــا حــق شــخيص يســتفيد منــه اإلنســان ،وأمــا وحيــث أن الفريقــن املشــركني يف حقــوق االرتفــاق
صاحــب املوضــع وإن مل يــأذن فيــه مل جيــر عليــه .»...أمــا (اخلــادم واملخــدوم) .وهــذا معنــاه أن اهليمنــة املتوقعــة بــن
حــق االرتفــاق فهــو حــق عيــي مقــرر لعقــار معــن بــرف يف نفــس املســتوى وأحدمهــا (وهــو مالــك العقــار اخلــادم)
نازلــة الضحــاك والتــي ذكرهتــا ســابقاً فــإن للضحــاك ،وكــا خ ّففــت ،هــذا إذا مل
فريقــي مكانــن مــن نفــس املســتوى قــد ُ
النظــر عــن مالكهــا ،لذلــك فــإن للفريــق املســتخدم يف اإلجــارة أصبــح مهيمنـاً بحكــم موقعــه ،فــا غرابــة يف اعتبــار الرشيعــة
يقــول الشــافعية ،حــق املــرور يف أرض مســلمة وهــو وضــع تنعــدم ،ممــا جيلــب االســتقرار لفريــق العقــار املخــدوم.
مســتوى أقــل (مثــل األثــاث) احلــق يف أن حيــر أدوات ذات لإلرتفــاق حــق لصالــح العقــار املخــدوم لتخفيــف أو إلغــاء
ً خمتلــف .ومل يأخــذ اإلمــام مالــك هبــذه النازلــة 70.أي أن حــق
عــن مســتوى العــن املســتأجرة (مثــل املنــزل) ليســتخدمها. ومــن جهــة ثانيــة :حيــث أن البيئــة متغــرة ،فالبــد مــن ا الضحــاك هــذه اهليمنــة الالمنطقيــة .فعندمــا حــاول مثــ ً
االرتفــاق املســتحدث هــو أساسـاً إتفــاق بــن الطرفــن (اخلــادم
وللرشيعــة فلســفة واضحــة يف اإلجــارة ميكــن توضيحهــا يف طريقــة لتبــادل حقــوق االرتفــاق بــن األفــراد .فقــد يقــوم بــن خليفــة إمــرار مــاء مــن خــال أرض جــاره حممــد بــن
واملخــدوم) .فالفريــق املحتــاج حلــق املــرور عليــه أن يتفــق مع
إنــاء معدنيــاً واشــرط شــخص ببنــاء أرضــه الداخلــة التــي ال طريــق هلــا إال مــن ملــك مســلمة ،ودون اإلرضار بــه ،ومنعــه مــن ذلــك حممــد وكلــم
املثــال التــايل :إذا اســتأجر شــخص مــا ً الفريــق املهيمــن حلاجتــه للمــرور يف العقــار اخلــادم .وعنــد
املالــك أن ال يســتخدم املســتأجر اإلنــاء إال يف أوقــات معينــة جريانــه كعــارة ســكنية لعــدة أدوار ،وحيتــاج إلمــرار ســكان فيــه الضحــاك عمــر بــن اخلطــاب ريض اللــه عنــه ،أمــر عمــر
ثبــوت حــق االرتفــاق فــإن عــى الفريــق املهيمــن أن يســمح
ولــرب املــاء وبنفســه فقــط ،فــإن االســتفادة مــن هــذا اإلنــاء عامرتــه املســتحدثة خــال عقــار أحــد جريانــه .لذلــك فــإن أن ميــر خليــج الضحــاك يف أرض حممــد بــن مســلمة وقــال
للفريــق املرتفــق باملــرور رغـاً عنــه ،ألن حــق االرتفــاق حــق
ســتكون حمــدودة جــداً .وأمــا إن قيــل هلــذا املســتأجر بأنــك مجيــع املذاهــب جتيــز إهــداء أو بيــع أو إجيــار حــق االرتفــاق ـر ّن بــه ولــو عــى بطنــك» 65.ويف
مجلتــه املعروفــة« :واللــه لي ُمـ ّ
تقــره الرشيعــة .أي أن عــى الفريقــن االتفــاق .ونفــس الــيء
إىل الطريــق العــام (وليــس إىل طريــق غــر نافــذ) .فيســتطيع بعــض األحيــان فــإن العقــار املخــدوم يكــون عبئـاً عــى العقــار
87 86
قــال ابــن القاســم :إن طينــه رب البيــت فالكــراء لــك الزم ،وإن فســقية (نافــورة) احلديقــة وســخانة املــاء يف أيامنــا هــذه فــا ذمــي باســتئجار دار مــن مســلم ويتخذهــا مصــى للعامــة ،أو أنــت املالــك هلــذا اإلنــاء ملــدة عقــد اإلجــارة ،ولــك مطلــق
أىب أن يطينــه كان لــك أن ختــرج إذا كان هطلــه رضر ًا بينـاً ،وال مســؤولية فيهــا لــكال الفريقــن .وكل مــا خــرج عــن هــذا ـل حائطــه خــارج داره آلخــر لالســتظالل يؤجــر شــخص مــا ِظـ ّ التــرف يف اإلنــاء عــى أن ال تــر بــه ،فــإن املســتأجر قــد
جيــر رب الــدار عــى أن يطينــه إال أن يشــاء»79. التقســيم (كل مــا هــو رضوري وكل مــا هــو مكمــل لالنتفــاع) هبــا .وفيــا عــدا مثل هــذه املســائل فــإن أهم مــا يف عقــد اإلجارة يســتخدم اإلنــاء لــرب املــاء البــارد أو الشــاي الســاخن أو
ا هنــاك اختــاف يف كان موضــع خــاف بــن الفقهــاء .فمثــ ً ا يقــولهــو اتفــاق الطرفــن وتــايف العقــد عــى املجهــول .فمثـ ً لصنــع الثلــج بتجميــد املــاء فيــه أو كمكيــال لغــرف احلبــوب
إن التمييــز املذكــور ســابقاً (أي مــا هــو رضوري لالنتفاع
اآلراء حــول الصيانــة املســتمرة ملــا جيعــل املبــى صاحلـاً لالنتفاع ابــن قدامــة يف مــدة العقــد« :وإن جعــا املــدة ســنة روميــة أو ومــا إىل ذلــك مــن اســتخدامات عديــدة .أي أن هــذا املســتأجر
ومــا هــو مكمــل لــه) ذو عالقــة واضحــة باملســتويات املختلفــة
لألعيــان .فاملالــك مســؤول عــن أعيــان ذات مسـ ٍ مثــل تنظيــف البالوعــة؛ فيقــول ابــن قدامــة« :وإن امتــأت شمســية أو فارســية أو قبطيــة وكانــا يعلــان ذلــك جــاز ...وإن اســتفاد مــن اإلنــاء اســتفادة قصــوى دون أن يــر بــه .وهــذا
ـتو أعــى مــن
(يعــي البالوعــة) بفعــل املكــري فعليــه تفريقهــا ،وهــذا قــول كان أحدمهــا جيهــل ذلــك مل يصــح» 74.ومــن مراجعــة مســائل نتــج مــن إعطــاء مزيــد مــن احلريــة يف التــرف للفريــق
ي ِضهــا املســتأجر .فاملالــك مســؤول عــن األعيــان التــي ُ ْ
الشــافعي ،وقــال أبــو ثــور :هــو عــى رب الــدار ألن بــه يتمكــن اإلجــارة ميكننــا االســتنتاج أن الفريــق املســتخدم له احلــق رشعاً املســتخدم ،وذلــك بدفــع العــن املســتأجرة إىل اإلذعــاين املتحــد
ســامة احلوائــط واألســقف والتــي ميكــن إضافــة أنابيــب
مــن االنتفــاع فأشــبه مــا لــو اكــرى وهــي مــآى .وقــال أبــو يف اســتخدام العقــار كاملالــك .ولكــن مــا هــي حــدود املســؤولية فــرة اإلجــارة .وهــذا مــا فعلتــه الرشيعــة ،فكيــف تــم هــذا؟
الــرف إليهــا ومــا شــاهبها يف أيامنــا هــذه ،واملســتأجر مســؤول
حنيفــة :القيــاس أنــه عــى املكــري واالستحســان أنــه عــى بــن الطرفــن (املالــك واملســتأجر) يف هــذه احلالــة؟ ومــا هــي
عــن اســتخدام هــذه العنــارص وصيانتهــا 80.ومــن مزايــا هــذا أســاس اإلجــارة يف الرشيعــة هــي أن املالــك يســمح
رب الــدار ألن عــادة النــاس ذلــك» 77.وذكــر ابــن الرامــي مــن حــدود املســتخدم يف التــرف (الســيطرة)؟فهل للمســتأجر
الربــط بــن املســؤولية ومســتويات األعيــان هــو وضــوح للمســتأجر أن يســتخدم عقــاره (العــن التــي ميلكهــا) مقابــل
املذهــب املالــي« :ومــن اكــرى داراً فوجــد قناهتــا مملــوءة ـتأجر إن أراد ذلــك؟
ا هــدم حائــط يف املنــزل املسـ َ مثـ ً
حــدود مســؤولية كل فريــق عنــد أي منازعــة .فعنــد انتهــاء فائــدة معينــة مبنيــة عــى اتفــاق الطرفــن .واإلجــارة معروفــة
بالثقــل والغســاالت (الفضــات الصلبــة) فنقــول :ال خيلــو إمــا
العقــد قــد يدعــي املســتأجر بأنــه أضــاف إىل املبــى بعــض مــن مراجعــة أقــوال الفقهــاء ميكننــا االســتنتاج عمومــاً يف الرشيعــة بتمليــك املنفعــة .ففــي هتذيــب الفــروق« :متليــك
أن يكــون ســد هــذه القنــاة ممــا هــو متقــدم قبــل العقــد أو بعــد
البنيــان وأن لــه نقضــه ،وقــد ينكــر ذلــك املالــك ويزعــم أن أن مســؤولية املالــك عنــد تأجــر املبــى هــي توفــر كل مــا املنفعــة عبــارة عــن اإلذن للشــخص يف أن يبــارش هــو بنفســه
مــا ســكن املكــري ،فــإن كان ســدها قبــل العقــد كان كنــس
ذلــك كلــه كان يف العقــار يــوم اســتأجرها املســتأجر .فيقــول هــو رضوري لالنتفــاع باملبــى كاحلوائــط واألبــواب؛ ألن أو ميكــن غــره مــن االنتفــاع بعــوض كاإلجــارة وبغــر عــوض
مــا يف القنــاة عــى صاحــب الــدار بــا خــاف .وإن كانــت ال
ابــن الرامــي بــأن« :القــول قــول رب الــدار (أي املالــك) فيــا هــذه تعتــر مــن الرضوريــات األساســية للســكىن .كــا أن كالعاريــة؛ كمــن اســتأجر داراً أو اســتعارها فلــه أن يؤاجرهــا
تصلــح الســكىن إال بإزالتــه أجــر صاحــب الــدار عــى إزالتــه،
كان مبنيــاً فيهــا ومبنيــاً يف قاعتهــا وجذورهــا مــن صخــرة أو عــى املالــك صيانــة هــذه الرضوريــات أثنــاء العقــد؛ فــإذا مــن غــره أو ُيســكنه بغــر عــوض ،وأن يتــرف يف هــذه املنفعة
وإن كان ســدها مــن بعــد العقــد وســكىن املكــري فقــد اختلف
خشــبة أو غــر ذلــك مــع ميينــه ،ومــا كان فيهــا مطروحــاً انقطــع املــاء مــن البــر ،أو تغــر لونــه أو طعمــه بحيــث ميتنــع تــرف املــاك يف أمالكهــم عــى جــري العــادة عــى الوجــه
يف ذلــك قــول ابــن القاســم ،فقــال يف املدونــة :كنــس الكنيــف الــذي ملكــه ...ويكــون متليــك املنفعــة كتمليــك الرقــاب»71.
وموضوع ـاً مــن صخــرة ملقــاة يف صحــن الــدار أو عمــد ملقــى الــرب والوضــوء منــه ،أو خيــف مــن ســقوط احلائــط ،فــإن
(أي املرحــاض أو مــكان جتمــع فضالهتــا) وإصــاح مــا هبــا
أو خشــبة أو آجــور أو لــن موضــوع بعضــه عــى بعــض أو بــاب عــى املالــك إصــاح ذلــك ،ألن االنتفــاع ال يتــم مــن غريمهــا. ويظهــر مــن هــذا التعريــف لتمليــك املنفعــة ،وبالــذات
مــن اجلــدار عــى صاحــب الــدار ...وروى ابــن حبيــب يف
ملقــى يف صحــن ومــا أشــبه ذلــك ،فالقــول قــول املكــري مــع فعندمــا ســقطت قطــة يف بــر دار مكــراه بقرطبــة ،حكــم بــأن مــن عبــارة «ويكــون متليــك املنفعــة كتمليــك الرقــاب» ،أن
الواضحــة عــن ابــن القاســم قــال :كناســة الــدار واملرحــاض
ميينــه» 81.أرأيــت احلكمــة أخــي القــارئ يف هــذا الربــط بــن «عــى رب الــدار إخراجهــا ،الن البــر (كــذا) مــن منافــع الــدار املســتأجر ُيعتــر مالــكاً لفــرة حمــددة .فلقــد اعتــر الفقهــاء عقد
عــى املكــري ،إشــرطه عليــه أو مل يشــرطه .قــال ابــن حبيــب:
املســؤولية ومســتويات األعيــان. فعليــه تنقيتــه ،فــإن بقيــت يف البــر أيام ـاً ســقط مــن املكــري اإلجــارة كعقــد البيــع ،ولكــن بيــع للمنفعــة وليــس بيــع للعــن.
قــال مطــرف وابــن املاجشــون :حيمــان يف ذلــك عــى عــادة
مقــدار مــا فاتــه مــن االنتفــاع مــن البــر» 75.وقــد يدخــل التيــار فيقــول القــرايف بــأن متليــك املنفعــة هــو «متليــك مطلــق يف زمــن
ومــن مزايــا الربــط أيضــاً بــن املســؤولية ومســتويات البلــد وهــو أحــب إيل .قــال عبــد امللــك :وعــادة البلــد عندنــا
الكهربــايئ يف أيامنــا هــذه يف رضوريــات االنتفــاع .واجلديــر خــاص حســبام تناولــه عقــد اإلجــارة» 72.ويوضــح ابــن قدامــة
األعيــان هــي إعطــاء الفريــق املســتخدم حريــة أكــر مــن باألندلــس أن كناســة الــدار عــى املكــري وكناســة املرحــاض
تعــرض العقــار املؤجــر لكشــف العــورة ُّ بالذكــر هــو أن اإلجــارة بقولــه« :ومجلتــه أن املســتأجر ميلــك املنافــع بالعقــد
االســتفادة مــن العقــار املســتأجر .وتــم هــذا يف الرشيعــة عــى رب الــدار»78.
(اخلصوصيــة) يعــد ممــا يــر االنتفــاع .يقــول ابــن الرامــي: كــا ميلــك املشــري املبيــع بالبيــع ،ويــزول ملــك املؤجــر عنهــا
بطريقتــن ،األوىل :هــي أن حالــة أعيــان العقــار املســتأجر
وللتلخيــص أقــول إن الظاهــر هــو أن العلــاء جلــأوا إىل «ومــن الطــرر (اســم كتــاب) البــن عــات (ت )609قــال :فــإن كــا يــزول ملــك البائــع عــن املبيــع ،فــا جيــوز لــه التــرف
ا أن عــى تقــدم عــى رشوط املالــك .فــإذا اشــرط املالــك مث ـ ً
عــرف أهــل املنطقــة يف حالــة النــزاع بــن املالــك واملســتأجر كانــت الــدار مكــراه فبــى رجــل غرفــة وفتــح كــوة يكشــف فيهــا ألهنــا صــارت مملوكــة لغــره كــا ال ميلــك البائــع التــرف
املســتأجر أن يســكن بنفســه فقــط ،فــإن هــذا الــرط ال يؤخــذ
يف فســخ العقــد يف كل مــا مل يكــن واضحـاً مــن حيــث التمييــز منهــا عــى صاحــب الــدار ،فقــال املكــري لرهبــا خاصــم عــي، يف املبيــع»73.
بــه إذا مل يثبــت الــرر عــى البنيــان .فلقــد ســأل ســحنون:
املذكــور ســابقاً (مــا هــو رضوري لالنتفــاع ومــا هــو مكمــل وقــال رهبــا ليــس ذلــك عــي ،قــال :عــى رب الــدار املكــراة
«أرأيــت إن اكرتيــت بيتــي مــن رجــل ورشطــت عليــه أن ال وحيــث أن األســاس يف عقــد البيــع االتفــاق بــن الطرفــن،
ي ِ لالنتفــاع) .ويف العمــوم ،فــإن املالــك غــر جمــر عــى إزالــة قطــع الــرر ،فــإن أىب كان للمكــري فســخ الكــراء إن أحــب،
ســكن معــه أحــد ًا فتــزوج واشــرى رقيقــاً ،أيكــون لــه أن ُ وألن اإلجــارة تعتــر بيــع للمنفعــة لوقــت معلــوم ،فــإن الفقهــاء
الــرر ،ولكــن إن مل يفعــل ذلــك فقــد يفقــد املســتأجر الــذي كــا لــو اهنــدم منهــا مــا يــره وأىب رهبــا مــن بنيانــه»76.
يســكنهم معــه إذا أىب عليــه رب البيــت ذلــك؟ قــال ابــن القاســم: اشــرطوا وضــوح مجيــع بنــود العقــد لــكال الطرفــن مــع تــايف
قــد يقــرر فســخ العقــد .فاإلجــارة عقــد ال جيــوز ألحــد الطرفني أمــا مــا ُيَ ّ
ينظــر يف ذلــك ،فــإن كان ال رضر عــى رب البيــت يف ســكىن كــن املســتأجر مــن اســتكامل املنافــع (أو مــا العقــد عــى املجهــول ألهنــا قــد تــؤدي إىل املنازعــة؛ كأن يكــون
فســخه إال إذا كان هنــاك مــرر .فلقــد ســأل ســحنون« :أرأيــت
هــؤالء معــه فــا يكــون لــه أن مينعــه ،وإن كان يكــون يف ُيك ِّمــل االنتفــاع) بالعقــار كاألثــاث وحبــل ودلــو بــر املــاء، املعقــود عليــه شــائعاً ،أو يقــوم املســتأجر بإحــداث رضر غــر
إن تكاريــت بيتــاً مــن رجــل فهطــل عــي البيــت يف الشــتاء،
ذلــك عــى رب البيــت رضر فليــس لــه أن يدخلهــم عليــه ،وقــد واملصابيــح يف أيامنــا هــذه فهــي مســؤولية املســتأجر .وبالنســبة ال.
معلــوم بعمــل حمــل لدباغــة اجللــود يف منــزل معــد للســكىن مث ً
أيكــون يل أن أخــرج أم جيــر رب الــدار عــى تطيــن البيــت؟
يكــون الرجــل يكــري الرجــل الغرفــة وحــده ويشــرط عليــه لألعيــان الرتفيهيــة (أي غــر الرضوريــة) أو الكامليــات مثــل كــا أن الفقهــاء مل جييــزوا اإلجــارة ملــا هــو حمظــور كأن يقــوم
89 88
34.2 وهــذا الوضــع مرهــق للمجتمــع اقتصاديـاً ألن هلــؤالء املوظفــن يف البيئــة التقليديــة إىل وظائــف أخــرى كمحــات للقصاريــن أن ال يســكنها معــه أحــد لضعــف خشــبه التــي حتــت الغرفــة،
الذيــن يراقبــون الســكان مصاريــف كرواتبهــم ومكاتبهــم والندافــن (نــادف القطــن أو القطــان) واحلداديــن والنجاريــن. فــإن أدخــل عليــه غــره خــي رب الغرفــة أن تنهــدم الغرفــة
ونحــوه؛ هــذا باإلضافــة إىل مرتتبــات أخــرى (وســنتعرض هلــا يف أي أن عطــاء البيئــة التقليديــة كان أكــر ،وســنفصل هــذا يف فهــذا ومــا أشــبهه ينظــر يف ذلــك» 82.ويقــول ابــن قدامــة« :وال
الفصــل التاســع) .ونظــراً ألن حــق الســيطرة يف البيئــة التقليديــة الفصــل التاســع. ا فــوق ســقف جيــوز (أي للمســتأجر) أن جيعــل فيهــا شــيئاً ثقيـ ً
كان مــع الفريــق املالــك أو كان مــع الفريــق املســتخدم، ألنــه يثقلــه ويكــر خشــبه وال جيعــل فيهــا شــيئاً يــر هبــا إال
وأخــر ًا ،وكــا رأينــا ،فــإن العالقــة بــن املالك واملســتأجر
ـل وجــوده يف البيئــة فــإن هــذا النمــوذج اإلذعــاين (املؤقــت) قـ ّ أن يشــرط ذلــك ،وهبــذا قــال الشــافعي وأصحــاب الــرأي وال
ُبنيــت عــى االتفــاق .فــكال الفريقــن حــر يف قبــول أو رفــض
التقليديــة .ومتــى وجــد فرسعــان مــا تنتقــل العــن منــه إىل نعلــم فيــه خمالفــاً 83.»...
أي بنــد مــن بنــود العقــد يف بدايتــه .فاملالــك بحاجــة اىل نقــود
منــوذج إذعــاين آخــر وذلــك بــأن تعــود الســيطرة إىل املالــك ،أو
املســتأجر ،بينــا حيتــاج املســتأجر عقــار املالــك للســكىن أو ومــن قــول ابــن قدامــة «إال أن يشــرط ذلــك» نســتنتج
أن الفريــق املســيطر يصبــح مالــكا أو مســتخدماً ،أو أن ملكيــة
العمــل .ولتحقيــق أهدافهــم املختلفــة فســيتفقان معــاً .وكــا نتيجــة أخــرى يتفــق عليهــا مجهــور العلــاء وهــي أن اشــراط
35.2 العــن تنتقــل إىل فريــق آخــر وينتقــل معهــا حــق الســيطرة
ذكرنــا ســابقاً ،فــإن االتفــاق مــن صالــح العــن املؤجــرة ،وهــذا املســتأجر يف بدايــة العقــد تقــدم عــى رضر البنيــان (األعيــان)،
إىل املالــك اجلديــد ،وهكــذا .وهــذه االنتقاليــة ميــزة عظمــى
يف احلقيقــة اســتبقاء للعــن يف اإلذعــاين املتحــد .أي أن مجيــع وهــي الطريقــة الثانيــة إلعطــاء الفريــق املســتخدم حريــة
ألي بيئــة .باختصــار ،فــإن األعيــان يف البيئــة التقليديــة يف
مبــادئ الرشيعــة يف اإلجــارة تنتهــي بإبقــاء العــن يف اإلذعــاين ا أن يســتخدم املبــى كمحــل أكــر .فبإمــكان املســتأجر مثــ ً
هــذا النمــوذج كانــت نــادرة ،ونتجــت مــن احلَ ْجــر والرهــن يف
املتحــد برغــم وجودهــا يف اإلذعــاين الرتخيــي لتغــر الفريــق للحــدادة أو النجــارة طاملــا اشــرط ذلــك يف العقــد ،وحتــى إن
الرشيعــة .ومتــى وضعــت األعيــان يف هــذا النمــوذج انتقلــت
املســتخدم .وهــذا االســتنتاج ينطبــق عــى مجيــع احلــاالت التــي كان هنــاك رضر عــى املــكان املســتأجر .فيقــول ابــن القاســم:
منــه إىل منــوذج آخــر.
ختضــع فيــه العــن لفريقــن ،أحدمهــا ميلــك ويســيطر واآلخــر « ...وإن كان قــد اشــرط املتــكاري عــى رب احلانــوت أن يعمل
احلجــر يف الرشيعــة هــو «منــع اإلنســان مــن التــرف ـواء كانــت مــن حقــوق االرتفــاق أو اإلجــارة أو يســتخدم ،سـ ً يف احلانــوت قصــاراً (مبيــض الثيــاب) أو حــداداً أو طحانــاً،
يف مالــه» 86.وصــور احلجــر يف الرشيعــة كثــرة أوصلهــا بعــض غــر ذلــك .وســرى يف الفصــل الثالــث أخــي القــارئ كيــف أن وكان ذلــك رضر ًا عــى البنيــان فلــه أن يعمــل ذلــك يف احلانــوت،
الفقهــاء إىل الســبعني .ولكــن ميكــن تقســيمها عمومـاً إىل نوعــن: هــذه املبــادئ تغــرت بفعــل القوانــن املعــارصة وكيــف أثــر وليــس لــرب الــدار حجــة مــن قبــل أنــه قــد أكراهــا منــه وقــد
األول حجــر ملصلحــة املحجــور عليــه كالصبــي واملجنــون ذلــك ســلبياً يف حــاالت األعيــان املؤجــرة مقللــة بذلــك مــن ســمى لــه املتــكاري مــا يعمــل فيــه وقــد ريض بذلــك» 84.وهنــاك
ترينا الصــورة 34.2من الـريـاض عـدة ارتــدادات عن
الطريق لعدة منازل .فالطريق يقع عىل ميني الصورة خلف والســفيه فــا ُيضيعــون أمواهلــم ويعبثــون هبــا 87،فبالنســبة عطــاء البيئــة. طريقــة أخــرى وهــي العــرف أو العــادة .فبإمكان املســتأجر أن
السور .أما الصـورة 35.2من الطـائف ببالد احلرمني فرتينـا للصغــر واملجنــون فــإن الرشيعــة متنعهــا مــن التــرف يف يســتخدم العقــار كمحــل حــدادة إذا كان املــكان املؤجــر بــن
البـناء دون ترك أي ارتدادات. ماهلــا وذلــك محايــة ملصلحتهــا إذ أهنــا ال حيســنان التــرف، حداديــن .ففــي البدائــع« :والظاهــر أن احلانــوت الــذي يكــون
كــا وضعــت الرشيعــة قواعــد لتضمــن هلــا حقوقهــا88. النموذج اإلذعاين املؤقت يف صــف البزازيــن أنــه ال يؤاجــر لعمــل احلــداد والقصــار
والنــوع الثــاين مــن احلجــر هــو احلجــر عــى الفــرد حلــق
ولكــن هنــاك خــاف بــن الفقهــاء يف حتديــد مــا هــو الســفه: يكــر هــذا النمــط مــن املســؤولية يف أيامنــا هــذه بينــا والطحــان ،فــا ينــرف مطلــق العقــد إليــه ،إذ املطلــق حممــول
غــره :كاحلجــر عــى املفلــس ملصلحــة غرمائــه ،أو الراهــن
هــل هــو التبذيــر فيــا ال ينبغــي كالنفقــة يف معصيــة؟ أو هــو ينــدر يف البيئــة التقليديــة .وخــر مثــال لــه االرتــدادات التــي عــى العــادة ،فــا يدخــل غــره يف العقــد إال بالتســمية أو بالرضا،
يف املرهــون ،أو املريــض مــرض املــوت ملصلحــة الدائنــن
اإلرساف فيــا ينبغــي كبنــاء مســجد ببــذخ مثــا؟ 89وبالتــايل تفرضهــا الســلطات عــى النــاس .فــإذا أراد شــخص مــا البنــاء يف حتــى لــو آجــر حانوت ـاً يف صــف احلداديــن مــن حــداد يدخــل
والورثــة 93.وإذا اســتخدم املالــك العقــار يف كلتــا احلالتــن ،فــإن
فهنــاك خــاف يف احلجــر عــى الســفيه بعــد البلــوغ .فــرى بعــض املناطــق فــإن عليــه أن يــرك مســافة معلومــة مــن أرضــه عمــل احلــدادة فيــه مــن غــر تســمية للعــادة»85.
أعيــان العقــار ســتكون يف اإلذعــاين املؤقــت وذلــك ألن الــويص
أبــو حنيفــة بأنــه ال حيجــر عليــه وإن كان مبــذراً 90.ويســتدل مــن غــر بنــاء؛ وهبــذا يصبــح املنــزل مرتــداً عــن الطريــق
هــو املســيطر 94.وال أريــد أن أطيــل يف هــذا النمــوذج لقلتــه يف ومــن كل مــا ســبق نخلــص إىل أن مبــادئ الرشيعــة
البيئــة التقليديــة ،ولكــن أُذ ّ مجهــور الفقهــاء بجملــة أدلــة تــدل عــى أنــه حيجــر عــى العــام؛ وتســمى تلــك املنطقــة ارتــداد ًا (الصورتــان 34.2و
كــر بــأن هــذا النمــوذج مؤقــت يف باعتبــار عقــد اإلجــارة كعقــد بيــع ولكــن للمنفعــة وليــس
ويرجــح العبــادي رأي مجهــور العلــاء الســفيه بعــد البلــوغ91. .)35.2أي أن هــذه املنطقــة غــر املبنيــة هــي ملــك لصاحــب
طبيعتــه :فالعقــار البــد وأن ينتقــل منــه إىل منــوذج إذعــاين آخــر، ّ للعقــار ،باإلضافــة إىل جتاهــل رشط املالــك مــا مل يكــن هنــاك
ويقــول« :كــا أن احلجــر دفــع الــرر عــن أهــل اإلســام؛ البنــاء ،فهــو يســتخدمها ولكــن ال ميكنــه البنــاء عليهــا مــن غــر
فالصبــي ســيكرب يومــاً مــا ،واملفلــس ســيخرج مــن مأزقــه أو رضر عــى البنيــان ،واعتبــار رشط املســتأجر حتــى وإن أرض
فــإن الســفيه بإتالفــه وإرسافــه يصــر مطيــة لديــون النــاس، إذن الســلطات .فهــو (املالــك) والســلطات التــي فرضــت هــذه
يفقــد عقــاره لفريــق آخــر. بالبنيــان ،كل هــذه املبــادئ دفعــت األعيــان املؤجــرة اىل
ومظنــة لوجــوب النفقــة عليــه مــن بيــت مــال املســلمني؛ فــإن القوانــن معــاً كفريــق واحــد يســيطران عــى تلــك املنطقــة اإلذعــاين املتحــد .متامــاً كاإلنــاء الــذي اســتخدمته كمثــال يف
ومــن الطبيعــي أن تتســم العالقــة بــن الفريقــن بنــوع مــن الســفهاء إذا مل حيجــروا وأرسفــوا ،تركبهــم الديــون وتضيــع املرتــدة .أي أن فريقــن يشــركان يف العــن :أحدمهــا ميلــك الســابق .وإذا مــا قيــس مثــال اإلنــاء عــى األعيــان األخــرى
احلــذر .فالفريــق املالــك املســتخدم ســيحاول إرجــاع الســيطرة ال،
أمــوال املســلمني يف ذممهــم ،ويصــرون عــى املســلمني وبــا ً ويســتخدم املنطقــة املرتــدة واآلخــر يســيطر عليهــا ،وهــو يف البيئــة فيمكننــا القــول أن اســتفادة املســلمني مــن األعيــان
لنفســه ،وقــد حيــاول الفريــق املســيطر أن يطيــل فــرة ســيطرته ال»92.
وعــى بيــت ماهلــم عيــا ً وضــع غريــب وغــر مســتقر .فقــد حيــاول املــاك البنــاء عــى املؤجــرة يف البيئــة التقليديــة أكــر منهــا يف أي بيئــة أخــرى دون
وبالــذات إذا كان مــن املســتفيدين مــن هــذه الســيطرة .فالــويص هــذه االرتــدادات ،وعــى الســلطات دوام مراقبتهــم ملنعهــم، اإلرضار باألعيــان .فهنــاك الكثــر مــن املنــازل التــي حولــت
91 90
36.2 إال أن هــذا النمــوذج مــن املســؤولية مل ينتــر بــن ســكان األمرييــة .ولكــن عندمــا ُتطابِــق ترصفــات الفريــق املســيطر عــى الســفيه قــد حيــاول متديــد فــرة ســيطرته إال أن الســفيه
املدينــة التقليديــة إال يف األماكــن والعقــارات التــي ملكتهــا رغبــات الفريــق املالــك ،وهــذا نــادر ًا مــا حيــدث ،فيمكننــا يراقــب الــويص وينتظــر عودة الســيطرة إلىــه 95.وهنــا مالحظة:
الدولــة والتــي اع ُتــرت ُم ّثلــة لعمــوم املســلمني ،كاألرايض القــول أن الفريقــن يف هــذه احلالــة (املالك واملســيطر) ليســا إال وهــي أن األعيــان يف النــاذج األخــرى قــد تنتقــل منــه لنمــوذج
الزراعيــة اخلراجيــة حيــث إن املزارعــن متتعــوا بحقــوق فريق ـاً واحــداً .وهــذا معنــاه أن هــذه العــن ال تنتمــي إىل هــذا آخــر ،فاملنــزل قــد خيــرج مــن اإلذعــاين املتحــد إىل الرتخيــي
الســيطرة ،أو مقاعــد األســواق ألن الباعــة ســيطروا عــى تلــك النمــوذج اإلذعــاين. أو املشــتت ،ولكــن هــذه ليســت خاصيــة حتميــة ،لذلــك ال
املقاعــد ،هــذا باإلضافــة إىل املناجــم .وســركز هنــا عــى مقاعــد نقــول أن النــاذج األخــرى أيضــاً مؤقتــة ،فاألعيــان يف مجيــع
أي أن مــا مييــز هــذا النمــوذج اإلذعــاين عــن غــره مــن
األســواق واألرايض الزراعيــة فقــط .فهــا اللــذان أثــرا يف البيئة النــاذج (باســتثناء املؤقــت) مســتقرة برغــم ســوء حاهلــا يف
النــاذج هــو العالقــة املتســمة بإصــدار املــاك للقوانــن .وال
العمرانيــة التقليديــة. بعــض األحيــان (كــا يف املشــتت) ،غــر أن العــن يف اإلذعــاين
أقصــد هنــا أن الفريقــن املشــركني يف حتمــل املســؤولية يف هــذا
37.2 املؤقــت حتميــة يف انتقاهلــا منــه إىل منــوذج آخــر ألن الســيطرة
النمــوذج لــن يتفقــا أبــد ًا .ولكــن االتفــاق بينهــا لــن يؤثــر عــى
مؤقتــة بيــد الفريــق املســيطر.
مقاعد األسواق حالــة العــن كتأثــر القوانــن .ومــن املنطقــي أن يكــون املــاك
ـن مالــك .فاملســؤول يف البلديــة مق ِّننــن ،ولكــن ليــس كل مق ّنـ ٍ
الظاهــر هــو أن هنــاك عرفــاً يف البيئــة التقليديــة أن
يقــوم الباعــة بحيــازة مــكان مــا لوقــت معلــوم يف األســواق أو
يصــدر القوانــن ولكنــه ال ميلــك. النموذج اإلذعاين احليازي
الســاحات العامــة أو الطــرق الواســعة للبيــع .فهــؤالء الباعــة هنــاك فــرق أســايس بــن اإلذعــاين احليــازي واإلذعــاين جــرت العــادة أن يكــون الفريــق املالــك هــو املســيطر.
يســيطرون عــى املــكان ويســتخدمونه بإحضــار قطــع مــن الرتخيــي مــن حيــث طريقــة االتفــاق .ففــي اإلذعــاين ولكــن إذا كان املالــك غــر قــادر عــى الســيطرة أو ممنوعـاً منهــا
األثــاث لوضــع ســلعهم عليهــا أو فقــط بتعليمــه بحوائجهــم، الرتخيــي (كاإلجــارة) نلحــظ أن االتفــاق هــو أســاس العالقــة أو غــر مهتــم بحقوقــه يف الســيطرة عــى العــن ،فــإن الســيطرة
ولكنهــم ال ميلكــون ذلــك املــكان (الصــور 36.2إىل .)43.2 بــن مالــك العقــار والفريــق املســتخدم؛ ويف هــذه احلالــة ،ال قــد تتحــول إىل الفريــق املســتخدم .أي سيشــرك فريقــان يف
38.2 فالشــافعي رمحــه اللــه يقــول« :فمــن قعــد يف موضــع منهــا لبيــع يتمتــع الفريــق املســتخدم بأيــة عالقــة مــع جريانــه عــدا مــا حتديــد حالــة العــن يف اإلذعــاين احليــازي ،أحدمهــا يســيطر
كان أحــق بــه بقــدر مــا يصلــح لــه ،ومتــى قــام عنــه مل يكــن تنــص عليــه الرشيعــة واألعــراف مــن حســن اجلــوار وحقوقهــا ويســتخدم واآلخــر ميلــك .ولــرب مثــل معــارص نجــد يف
لــه أن مينعــه مــن غــره ...واملقاعــد بالســوق ليــس بإحيــاء مــن معامــات ونحــوه .فاملالــك هــو املســؤول عــن االتفــاق ا أن البائــع يســتخدم ويســيطر عــى املوضــع ســوق اخلضــار مثـ ً
يعرفــون هــذا املبــدأ باالختصــاص مــع اجلــران يف كل مــا هــو متعلــق باألمــور البيئيــة كاحلائــط
مــوات» .ومجهــور الفقهــاء ّ الــذي هــو فيــه ولكــن الســلطة متلــك ذلــك املوقــع.
يعرفونــه بتمليــك 96 املشــرك ومســيل املــاء والســاباط ،وذلــك ألن املالــك هــو الــذي
أو حــق االختصــاص .وبعــض الفقهــاء ّ وتعتــر األنظمــة والقوانــن مــن أبــرز ســات هــذا
االنتفــاع وهــو خمتلــف عــن متليــك املنفعــة .والفــرق بينهــا يســيطر عــى العقــار وبالتــايل عــى حــدوده اخلارجيــة .أمــا
ــرق ِ
يف اإلذعــاين احليــازي ،وألن الفريــق املســتخدم هــو املســيطر النمــوذج اإلذعــاين .فعــدم ســيطرة املــاك ال تعطــي الف َ
هــو أن متليــك االنتفــاع يؤهــل الشــخص الســتخدام املــكان
عــى احلــدود اخلارجيــة ،فــإن عــى هــذا الفريــق املســتخدم أن املســتخدمة التــي تســيطر مطلــق احلريــة ،بــل نجــد أن
بنفســه مثــل ســكىن املــدارس والربــط واملجالــس يف اجلوامــع
ا ،قــد يكــون عــى بائــع اخلــرة الــذي املــاك ُيظهــرون وجودهــم مــن خــال مــا يصدرونــه مــن
واملســاجد ومقاعــد األســواق ،أمــا متليــك املنفعــة فيؤهــل يتفــق مــع جريانــه .فمثـ ً ِ
يأخــذ مكانـاً مــن الســاحة ليبيــع فيــه منتجاتــه أن حيــر معــه ـرق املســتخدمة للحــد مــن أنظمــة وقوانــن يفرضوهنــا عــى الفـ َ
الشــخص الســتخدام املــكان باإلضافــة إىل متكــن غــره مــن ِ
كل مــا حيتاجــه مــن أثــاث الســتخدام املــكان ،فهــو قــد ميلــك ـرق .وهــذه القوانــن التــي يصدرهــا الفريــق ســيطرة هــذه الفـ َ
لقـد اعـطت الـرشيعــة احلق ملن أراد الـبيـع يف الطـرقـات الــواسعــة أن االنتفــاع بــه ،بعــوض كاإلجــارة أو بغــر عــوض كالعاريــة.
يفـعل ذلك دون اإلرضار بــاملــارة ،وهــو مــا يعـرف بحق االخـتصـاص، ويســيطر وبالطبــع يســتخدم أثاثــه ،باإلضافــة إىل اســتخدامه املالــك (ليتبعهــا الفريــق املســيطر املســتخدم) مــا هــي إال
ولكــن يف كال احلالتــن ال يسيـــطر املســتخدم عــى احلوائــط
وهـذه إحـدى ميـزات املـدينـة التقليـدية .فرتى يف الصورة 36.2من وســيطرته عــى املــكان؛ أي أن بائــع اخلــرة يعتــر كاملســتأجر دليــل عــى وجــود نــوع مــن التضــاد يف املصالــح .فــإذا كان
اخلارجيـــة لســكىن الربــط ولكــن يســيطر عــى املــكان فقــط.
بـنزرت بتونس بعض باعـة األواين الفخاريـة يف الطـريق عىل الشـاطئ.
الــذي حيــر أثاثه ويســتخدم املنــزل .واألعيــان التــي أحرضها تــرف املســتخدمني يتمــى مــع مصالــح املــاك ،ملــا أصــدر
وترى يف الرسمة 37.2شـارعاً من شوارع مدينـة أدرنا برتكيا (رسم الـرسـام أي أن احلــدود اخلارجيــة للمــكان (احلوائــط) يف اإلذعــاين
املســتخدم يف كلتــا احلالتــن (املنــزل واملــكان يف الســاحة) مــن ا .فــكل قانــون أصــدره املالــك املــاك هــذه القوانــن أصــ ً
لـيتـش) وقـد جلـس البعـض يف الطـريق وفـردوا متاعهم وذلك ٔايـام اخلالفة الرتخيــي أو املشــتت .أمــا مقاعــد األســواق فإهنــا يف اإلذعــاين
العثامنية .أما الصورة 38.2فهي من أحد شوارع اجلزائر .الحظ جتـول نفــس املســتوى ،ولكــن الفــرق هــو أن عــى املســتخدم يف املنزل لــه قصــة تعكــس قيــام املســتخدم بترصفــات اعتربهــا املالــك
احليــازي يف حالــة عــدم وجــود حوائــط خارجيــة97.
املشرتين بني الباعة يف الطـريق .والصورة 39.2يف الصفحة التالية هي من (إذا كان يف اإلذعــاين الرتخيــي) أن يتفــق مــع املالــك وليــس خمالفــة ملصاحلــه .أي أن العالقــة بــن الفريــق املالــك والفريــق
طـنجة وهي منظـر مألوف حتـى يف أيـامنـا هـذه وهي خـروج التجـار وكــا ذكــرت فــإن الفــرق بــن اإلذعــاين احليــازي اجلــران ،ولكــن عــى البائــع (إذا كان يف اإلذعــاين احليــازي) أن «شــد
ّ املســتخدم الــذي يســيطر هــي عالقــة مشــاهبة لِلعبــة
بـبضــائعهم إىل الطـريق ٔاو إىل ٔافـنيتـهم كام يف الـشكل ٔ 6.2امـا الصـورة
والرتخيــي هــو القوانــن أو إطاعــة الفريــق املســتخدم يطيــع املالــك وأن يتفــق مــع اجلــران يف األمــور البيئيــة. احلبــل» مــن حيــث الســيطرة .وتــزداد قــوة الشــد بــن الطرفــن
40.2يف الصفحة التالية أيضا فهي مـن آسفي بـاملغـرب فـرتينـا بعـض
البـاعـة لألواين يف الـطــريق وقــد نـصبــوا خـيامً هلـم ،ومل تعـرتض عىل للاملــك؛ فعــى املستخـــدم أن يطيــع القاعــدة التــي ال تبيــح إذا كان الفريــق املســتخدم مشاكســاً أو كان الفريــق املالــك
ذلك الرشيعة طاملا اتفق الباعة فيام بينهم. لــه أن يكــري أو أن يبيــع املــكان ،كــا أن عليــه أن يطيـــع مــن البدهــي بــأن أي عني قــد توضــع يف اإلذعــاين احليازي. بعيــد ًا عــن العــن ،كــا هــو احلــال يف األرايض الزراعيــة
93 92
أمــا األماكــن املحاذيــة للدكاكــن أو األفنيــة يف األســواق ا ،حيــق األنظمــة التــي حتكــم استخـــدام ذلــك املــكان .فمث ـ ً 40.2 39.2
وأفنيــة املســاجد وأفنيــة املبــاين العامــة كمداخــل املدينــة لــه أن ُيظَلّــل املــكان لنفســه باســتخدام األرشعــة طاملــا أنــه
وأســوارها هــي أيض ـاً أماكــن يف اإلذعــاين احليــازي ويســيطر مل يــر باآلخريــن؛ ولكــن ال حيــق لــه أن يبــي أي منشــأ مــن
عليهــا املســتخدمون 99.وبذلــك فعليهــم اتبــاع القوانــن. ا .ففــي املغــي« :ومــا شــأنه أن يضيــق الطريــق كالدكــة مث ـ ً
ا مينعــون مــن زراعــة تلــك األفنيــة وبنــاء املظــات فمثــ ً كان مــن الشــوارع والطرقــات والرحــاب بــن العمــران فليــس
والفواصــل واألجنحــة هبــا إذا كان الطريــق ضيقــاً .فكتــب وســواء ضيــق
ً ســواء كان واســعاً أو ضيقــاً،
ً ألحــد إحيــاؤه
احلســبة التــي ألفهــا املحتســبون مثــل الســقطي (تــوىل احلســبة عــى النــاس أو مل يضيــق ،ألن ذلــك يشــرك فيــه املســلمون
يف أواخــر القــرن احلــادي عــر أو أوائــل القــرن الثــاين عــر وتتعلــق بــه مصلحتهــم ،فأشــبه مســاجدهم؛ وجيــوز االرتفــاق
للميــاد) تعــج مبثــل هــذه األنظمــة التــي حتــد مــن ســيطرة بالقعــود يف الواســـع مــن ذلــك للبيــع والــراء عــى وجــه ال
املســتخدمني100. يضيــق عــى أحــد ،وال يــر باملــارة التفــاق أهــل األمصــار يف إن إبـاحـة الـرشيعـة للنـاس الـبيع لـيسـت يف الطــرق فقط ولكنها يف
مجيــع األعصــار عــى إقــرار النــاس عــى ذلــك مــن غــر إنــكار السـاحات أيضاً وعىل نـطاق أوسع ،فلهم إحضار سـلع أثقل للساحة وخزن
«قــال أمحــد يف الســابق إىل دكاكــن الســوق غــدوة فهــو
(الصــور 44.2إىل ،)46.2وألنــه ارتفــاق مبــاح مــن غــر إرضار بعضهـا لوقت أطول أو عمل بعض الصـناعـات اخلفيفـة التي ال حتتـاج ملنـشأة
لــه إىل الليــل ،وكان هــذا يف ســوق املدينــة فيــا مــى 101.»...
فلــم مينــع منــه كاالجتيــاز»98. تعـيق املارة ويـمكن نقلها من الساحة .ففـي الصورة 41.2من قسنطينة الشكل
ويقــول البــاذري (ت )279يف حديثــه عــن عبــد الرمحــن بــن بـاجلـزائر تـرون سـاحـة وقــد وضع النــاس فيهــا متــاعهم وتركوه ورمبا 6.2
ذهبوا للصالة أو الراحة ،فبعض األمتعـة ملقاة وال مالك بجـانبها كام هو
45.2 44.2 مـوضح يف الـشكل 7.2ويف الصورة 42.2من سـاحة مبدينـة بسكرة بـاجلزائر
ترون عـن قرب بـعض األمتـعة كأكياس الفحم ونحوه .والـصـورة ( )43.2لـ
«يين جامع» أو اجلامع اجلـديد بـاسطنبول (رسم الـرسام بارتليت) ترينا جلوس
النـاس يف الساحـة وتـشييـد بعـض املظالت أيـام اخلالفة العثامنية .ومجيع هذه
الصور مؤرشات عىل متكني الرشيعة للناس ليضمحل الفقر .وبالتدريج تزداد
األمة عزة فريتقي العمران بتمكن الناس.
41.2
الشكل
7.2
إذا ما بنيت املـباين وعرفت حـدود الطرق فـال جيوز إحياء الـطرق وال اجللـوس
فيهـا بإحـضار أمـتعة ثقـيلة ألهنـا ملك يشرتك فـيه املسلـمون وتـتعلق به
مصـلحتهم ،ولكـن جيوز للناس القعـود فيها لوقت قصري .فرتى يف الصورة 44.2
من مـراكش جلـوس بعض البـاعة يف الـطريق كام هـو موضح بـالـرسم يف
الـشكل 8.2والـرسمتـان 45.2و ( 46.2رسم كـل من الــرســامني بــارتلـيت
وألــوم عىل الـرتتيـب) من اسطنبول مها لنفس املـوقع ،ولكن يف وقتني خمتلفني
وتريانا تغري االستخـدام للسـاحة والـطريـق وذلك يف عهد اخلالفة العثامنية.
43.2 42.2
46.2
الشكل
8.2
95 94
ـرق املتجــاورة املتنازعــة والتــي أدت بدورهــا ِ ِ
إىل احلــوار بــن الفـ َ مناســباً .فــإذا أراد شــخص مــا تعليــة بنيانــه فعليــه أن يأخــذ ا، ــرق عــن التعــدي .مثــ ً
األعــراف واللجــوء إليهــا لكــف الف َ عبيــد عــن أبيــه أنه قــال« :كنــا نغــدو إىل الســوق يف زمــن املغرية
ـرق تلــك األماكــن .أو أهنــا أدت اىل تدخــل ِ قــال مالــك« :إذا ُع ِ
إىل االتفاقــات بــن فـ َ موافقــة جريانــه ،وليــس موافقــة الســلطة ،ألن جريانــه هــم ــرف أحدهــم مبــكان وصــار بــه مشــهور ًا بــن شــعبة (ت ،50وقــد تــوىل إمــارة الكوفــة مرتــن) ،فمــن
اآلخريــن كاجلــران أو مــن هــم مــن نفــس املهنــة أو املحتســب الذيــن ســيترضرون. كان أحــق بــه مــن غــره قطعـاً للتنــازع وحسـاً للتشــاجر»105. قعــد يف موضــع كان أحــق بــه إىل الليــل ،فلــا كان زيــاد قــال:
أو الســلطة .ويف كلتــا احلالتــن فــإن االتفاقــات بكرثهتــا بلورت مــن قعــد يف موضــع كان أحــق بــه مــا دام فيــه» 102.وأغلــب
ونعــود اآلن ملقاعــد األســواق :إن مبــدأ األســبقية، مــن الواضــح أن مبــدأ األســبقية هــذا كان خــر حافــز
األعــراف كمدبــر ألمورهــم. ِ تعريفــات الفقهــاء حلــق االختصــاص تفيــد أن الســابق إىل مكان
ـرق ،أدى إىل إثــارة ســؤال فقهــي عــن وبســبب التنافــس بــن الفـ َ ألولئــك الذيــن يبحثــون عــن عمــل بتوفــر مــكان هلــم يف
مــا أحــق بــه مــن غــره .ولنســمي هــذا املبــدأ باألســبقية .أي أن
ـي إثباتــه اآلن ،ولكــن أطلــب وهــذا االســتنتاج يصعــب عـ ّ مــدى األحقيــة للســلطة يف التدخــل .هــل للحاكــم التدخــل البيئــة للعمــل وحتفيزهــم عــى حماولــة حيــازة (الســيطرة عــى)
ِ هنــاك منافســة بــن عــدة فــرق عــى نفــس املــكان؛ ويف مثــل
منــك أخــي القــارئ أن تربــط يف ذهنــك عالقــة ســتتكرر ــرق املتنافســة عــى مقاعــد األســواق بإقطاعهــم وتنظيــم الف َ تلــك األمكنــة التــي يعملــون هبــا وذلــك بتكــرار اســتخدامهم
هــذه احلــاالت قــد حيــدث نــوع مــن التشــاح بــن املتنافســن
مــراراً يف البيئــة التقليديــة :وهــي أن الالمركزيــة قــد تــؤدي إياهــا؟ هنــاك اختــاف بــن الفقهــاء يف تدخــل احلاكــم يف للمــكان ذاتــه .فلــم تقــف الرشيعــة حاجــزاً أمــام مــن أراد
ِ عــى نفــس املوضــع ،أو قــد حيــدث خــاف يف االتفــاق عــى
ــرق ،وهــذا ليــس عيبــاً بــل ميــزة ألنــه
إىل اخلالفــات بــن الف َ أفنيــة الشــوارع والطــرق ،فيقــول املــاوردي« :ويف حكــم نظــره أن ينتــج ويبــادر للعمــل .بالتأكيــد ســيكون هلــذا املبــدأ آثــار ًا
احلــدود التــي بينهــم .ومــن الواضــح أن هــذه اخلالفــات ليســت
البــد هلــذه اخلالفــات مــن حــل واتفــاق ،وإال ع ّمــت البيئــة (أي الســلطان) وجهــان :أحدمهــا أن نظــره فيــه مقصــور عــى ا (وســنتطرق هلــا يف اقتصاديــة كبــرة يف تــدين األســعار مثــ ً ِ ِ
ــرق
ــرق التــي تشــرك يف عــن واحــدة ولكنهــا بــن ف َ بــن الف َ
الفــوىض .والذيــن يأتــون بأفضــل احللــول البيئيــة هــم يف العــادة كفهــم عــن التعــدي ومنعهــم مــن اإلرضار واإلصــاح بينهــم الفصــل التاســع) .وهنــا فائــدة عمرانيــة أخــرى وهــي أن نســبة
األماكــن املتجــاورة .وألن الســلطة نــادراً مــا تدخلــت بــن
املســتخدمون للموقــع ألهنــم أدرى مبشــاكله مــن اآلخريــن عنــد التشــاجر ،وليــس لــه أن يقيــم جالسـاً وال أن يقــدم مؤخــراً املســيطرين عددي ـاً يف البيئــة ســيزداد ،وذلــك ألن بعــض أفــراد ِ ِ
ــرقــرق يف حــل هــذه اخلالفــات ،كان عــى هــذه الف َ هــذه الف َ
وســيأتون باحللــول مــن خــال االتفاقــات فيــا بينهــم ،ثــم ويكــون الســابق إىل املــكان أحــق بــه مــن املســبوق .والوجــه ال مــن اســتخدام مــكان مــا مــن غــر ســيطرة املجتمــع بــد ً
أن تتحــدث إىل بعضهــا البعــض للوصــول إىل اتفــاق وإال ع ّمــت
تتحــول االتفاقــات إىل أعــراف ،وهــذه ميــزة للبيئــة (كــا الثــاين أن نظــره فيــه نظــر جمتهــد فيــا يــراه صالحـاً يف إجــاس باســتئجاره ،أصبحــوا أفــراداً مســيطرين ،وهبــذا يــزداد عــدد
الفــوىض ،وهــذا بالتــايل أدى إىل إثــارة عــدة أســئلة فقهيــة .ومــن
ســنوضح الحقــاً) .وهــذا مــا حــدث يف الطرقــات الواســعة مــن جيلســه ومنــع مــن مينعــه وتقديــم مــن يقدمــه كــا جيتهــد األفــراد املســيطرين يف البيئــة ،وســنعلق عــى هــذه الفائــدة يف
هــذه األســئلة :هــل حيــق لفريــق مــا أن يتنــازل عــن حــق
والســاحات املســتخدمة كاألســواق. يف أمــوال بيــت املــال وإقطــاع املــوات ...وإذا تركهــم عــى الفصــل الرابــع.
االختصــاص لفريــق آخــر؟ 103وهــل حــق االختصــاص يســقط
الــرايض كان الســابق منهــا إىل املــكان أحــق بــه مــن املســبوق،
ورغــم أن الرســول صــى اللــه عليــه وســلم منــع بنــاء وهنــا البــد يل مــن توضيــح مصطلــح ســيتكرر اســتخدامه بانتهــاء النهــار أم أنــه يســتمر حتــى يرفــع الفريــق املســتخدم
فــإذا انــرف عنــه كان هــو وغــره مــن الغــد فيــه ســواء
وكــراء مقاعــد األســواق باملدينــة املنــورة ،إال أن األســواق بنيت مــراراً وهــو «املركزيــة» وعكســها «الالمركزيــة» .فعنــد متاعــه؟ 104اإلجابــة عــى مثــل هــذه األســئلة أدت إىل ظهــور
يراعــى فيــه الســابق إليــه» .وحيــث إن اإلقطــاع مــن الشــارع
تدخــل الســلطة أو احلاكــم أو مــن ينــوب عنــه مثــل موظــف
ال يــؤدي إىل امللــك ،فــإن هنــاك رأي ـاً ينــص عــى أنــه ال معــى
49.2 البلديــة يف األمــور البيئيــة :نقــول بــأن هنــاك نــوع مــن
لإلقطــاع يف الشــارع وال حيــق للحاكــم ذلــك بخــاف املــوات. 47.2
املركزيــة .وهــذا حيــدث عندمــا تقــوم الســلطة املركزيــة بتنفيذ
أي أن هنــاك اختالفـاً كبــراً بــن آراء الفقهــاء يف هــذه املســألة،
أو اإلرشاف عــى تنفيــذ املشــاريع البيئيــة مثــل إنشــاء شــبكات
وبدراســتها ميكننــا االســتنتاج أن تدخــل الســلطة يف هــذه
امليــاه ،أو عندمــا تنفــذ الســلطة املركزيــة االقرتاحــات املقدمــة
املســألة كان يف حــدود ضيقــة معقولــة ومرشوطــة مــن ِق َبــل
الفقهــاء ُت ْشـ ِ مــن املخططــن للمشــاكل البيئيــة .أمــا الالمركزيــة فتعــي أن
ـع ُر بأهنــا أمــور تنظيميــة؛ وأفضــل مثــل عــى ذلــك
املســائل البيئيــة مرتوكــة للســاكنني أو أصحــاب الشــأن مثــل
مقالــة الســيوطي (ت )911يف «البــارع يف إقطــاع الشــارع»،
اجلــران أو مــن ميثلوهنــم وعليهــم القيــام بذلــك كــا يرونــه
وخالصتهــا أن تدخــل احلاكــم مــا هــو إال لفــض النزاعــات بــن
ـرق 106.ولكــن هنــاك رأي مفــاده أن مبــادرة األفــراد تقــدم ِ
الفـ َ لقد استمـرت ظاهرة حـيازة جزء مـن الطريق أو الـساحة للبيـع يف أكرث املـدن
يف أيامنـا هذه وبـالذات يف املـدن التي تسـاهـلت فيهـا الـسلطـات مع البـاعـة
عــى املركزيــة؛ فيقــول الســبيك (ت « :)771وأمــا إذا ســبق
أو األمـاكـن التي مل تسيطر علـيها السلطات بعـد كساحات القـرى .فالسلطات
50.2 واحــد قبــل اإلقطــاع فينبغــي أن ميتنــع اإلقطــاع لغــره مــادام كام سنـرى يف الفصـول القـادمة إن شاء الله حـاولت تـنظيـم األسواق فمـنعت 48.2
حقــه باقيـاً وال يــأيت فيــه خــاف لقولــه صــى اللــه عليــه وســلم: هـوالء البـاعــة من البـيع يف الطــرق والسـاحـات ،وطالبـتهم باحلصـول عىلٔ
«مــن ســبق إىل مــا مل يســبق إليــه فهــو أحــق بــه» ،وحاصلــه أن تراخيص للـبيع ووضعت رشوطاً للحصول عىل هذه الرتاخيص .وهذا يؤدي لقفل
أبواب التمكني أمام الكثري فـالصورتان 47.2و 48.2من فـاس باملغـرب تريـانا
الســبق موجــب لألحقيــة قطع ـاً باحلديــث ،واإلقطــاع موجــب
حيـازة الباعـة لكل من الطريق والساحة للبـيع رغم حمـاولـة السلطـات ملنعهـم
لألحقيــة عــى الصحيــح؛ فــإن تعارضــا قــدم األقــدم تارخيــاً. إال أهنم يفعلـون ذلك ،وعندما تـأيت السلطات يرفعون أمتعتهم بـرسعـة عجيبة
ولــو فرضنــا أهنــا حصــا يف وقــت واحــد فينبغــي تقديــم (انظر الصور 60.9إىل 62.9صـ .)342وتـرينا الصـورة 49.2يف الصفحة املقابلة
الســبق ألنــه ثابــت بالنــص ،وإمنــا مل نقدمــه بعــد اإلقطــاع ألنّــا ساحة خمـصصة للبـيع ولتجمع الناس لعرض مهـاراهتم مبراكـش .والصورة األخرية
( )50.2من أصيلـة بـاملغـرب تـرينـا امـرأة مـسنـة وقـد وضعـت بعض األقمشة
نجعــل اإلقطــاع ســبقاً» 107.باختصــار ،فــإن مبدأ األســبقية أدى لتظلل بضاعتها عند مدخل السوق.
97 96
53.2 51.2 األيــام يف ســاحات القــرى والقليــل مــن املــدن (الصــور 47.2 وأجــرت يف العصــور الالحقــة .ففــي وفــاء الوفا للســمهودي (ت ّ
إىل 50.2يف الصفحتــن الســابقتني). )911الكثــر مــن الروايــات عــن اختيــار موقــع ســوق املدينــة
املنــورة إال أهنــا مجيعهــا تؤكــد عــى هنيــه صــى اللــه عليــه وســلم
ومــن كل هــذا نخلــص إىل أن أول تدخل للســلطة املركزية
عــن بنــاء الســوق وتأجــره .فقــد رضب الرســول صــى اللــه
يف العــامل اإلســامي يف شــؤون البيئــة كان يف األســواق ،وهــو
عليــه وســلم برجلــه أرض ســوق املدينــة وقــال« :هــذا ســوقكم؛
أول خــروج عــن الســنة النبويــة يف مســائل العمران .وقد تســأل
يرضبــن عليــه خــراج» 108.ولكــن ممــا
ّ فــا ينقــص منــه ،وال
أخــي القــارئ :ولكــن هــل ميكــن لألســواق أن تكــون مــن غــر
قالــه البــاذري مــن قــول أبــو عبيــد« :كنــا نغــدو إىل الســوق
بنــاء أو إجيــار كــا أراده رســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم
52.2 يف زمــن املغــرة بــن شــعبة ،فمــن قعــد يف موضــع كان أحــق بــه
لســوق املدينــة املنــورة وبالــذات يف أيامنــا هــذه التــي نحتــاج
إىل الليــل »..ميكــن االســتدالل عــى أن هــذه ليســت هــي حــال
فيهــا إىل الــرادات الكبــرة واملخــازن الضخمــة ومواقــف
األســواق يف الكوفــة يف حيــاة البــاذري (ت .)279وهي ليســت
الســيارات ومــا إىل ذلــك مــن متطلبــات عرصيــة؟ اإلجابــة هــي:
أيض ـاً كذلــك يف حيــاة ابــن قدامــة (ت )620مــن قولــه« :قــال
لقـد شـكلت األرايض الــزراعيـة جـزءاً كـبرياً مـن البـيئية الـتقليديـة وكانـت غالبـاً ما حتـيط نعــم .ســأحاول توضيــح ذلــك يف الفصــل التاســع.
املـسوولـية .كام أن منو املدن
ٔ باملـدن وتتخللهـا ،وهذا يعطيـها أمهيـة خاصـة يف دراسة مناذج أمحــد يف الســابق إىل دكاكــن الســوق فهــو لــه إىل الليــل وكان
ٕ
كان عىل حساب هذه املزارع ألن السكان كانوا يبنون عليها املـباين حمولينها بذلك اىل أراض هــذا يف ســوق املدينــة فيــا مــى» 109.ثــم بعــد ذلــك بنيــت
بنائية .فرتى يف الصورتـني القدميتني 51.2و 52.2إحـاطة املزارع بـمدينة فاس بـاملغرب .وتـرى
يف الصـورة 53.2نفس املـدينـة قبل أكثـر مـن مثانـني سنـة ،ثم تــرى يف الصـورة 56.2مـنظـراً
األرايض الزراعية األســواق يف الفســطاط يف عهــد عبــد امللــك (ت .)68ويف بغــداد
حـديثـاً هلـا ُصـور من فــوق نفس املـرتفع تقـريبـاً .الحظ الفرق يف املساحة البنائية وحتول (أو املدينــة املــدورة) يذكــر لنــا البــاذري أن املنصــور (ت
54.2 إن لدراســة األرايض الزراعيــة أمهيــة ملوضوعنــا وذلــك
املزارع إىل أراض بنائية .أمــا الصـورتــان 54.2و 55.2فهام مـن املنـطقـة الـرشقيـة ببالد احلرمني )158جعــل األســواق بالكــرخ بعــد أن كانــت داخــل املدينــة
ألن اهتاممنــا يركــز عــى حــاالت األعيــان يف البيئــة وأماكــن
وترى يف األوىل تسـوية أرض كانـت مزروعة بـالنخل لـتستثمر كأرض بـنائية ! والـصورة 55.2 املــدورة «وأمــر التجــار فابتنــوا احلوانيــت وألزمهــم الغلــة».
تـريك أطالل أرض زراعية ،فرتى وجود النخل املهمل ميوت بني املباين املستحدثة ! تواجدهــا ،فاألشــجار واملبــاين التــي عــى األرايض الزراعيــة
ويف عهــد املهــدي (ت ُ )169جبيــت أســواق بغــداد 110.وهكــذا
تشــكل جــزءاً كبــراً مــن تركيــب البيئــة .فقــد بــدأت
56.2 تطــورت األمــور إىل أن ملــك األفــراد األســواق .فيذكــر لنــا
احلضــارات والبيئــات العمرانيــة بالتشــكل مــع اســتقرار
املســترشق البيــدوس مــن دراســته للعــر اململــويك بــأن الكثــر
اإلنســان يف األماكــن الصاحلــة للزراعــة .أي ميكننــا القــول
مــن األســواق كانــت ملــكاً للطبقــة احلاكمــة مــن املامليــك يف
أن معظــم املــدن التقليديــة نشــأت بعــارة األرايض الزراعيــة.
ذلــك الوقــت111.
ومــن جهــة ثانيــة ،ونظــراً للزيــادة املســتمرة يف تعــداد ســكان
55.2 املــدن ،فــإن معظــم األرايض الزراعيــة املالصقــة للعامــر مــن ومــن جهــة أخــرى ،مل يكــن دور املحتســب متبلــوراً يف
املبــاين حتولــت تدرجييــاً إىل أراض بنائيــة بإقامــة املنشــآت العصــور األوىل كمراقــب لألســواق .فــكان مهــدي بــن عبــد
عليهــا (الصــور 51.2إىل .)56.2وبالتــايل فقــد تأخــذ األرض الرمحــن أول مــن محــل لقــب حمتســب يف واســط ســنة 103
البنائيــة نفــس النمــوذج اإلذعــاين التــي كانــت فيــه وهــي أرض بالتقريــب 112.ولكــن رسعــان مــا تبلــور دور املحتســب يف
زراعيــة .ومــن جهــة ثالثــة ،ونظــراً ألن دخــل معظــم الســلطات األســواق وكتبــت كتــب احلســبة التــي اهتمــت مبراقبــة التجــار
يف البيئــات التقليديــة كان مــن خــراج األرايض الزراعيــة، والصنــاع وتنظيــم أســواقهم 113.فاألســواق إذاً كعنــر عمراين
فهنــاك إمكانيــة لقيــاس املســؤولية هبــا ألن الســلطات كانــت مــن حيــث املســؤولية مــرت بعــدة منــاذج إذعانيــة ،مــن احليازي
تراقــب زيــادة ونقــص إنتاجهــا ،وبالــذات يف البيئــة املعــارصة إىل الرتخيــي وانتهــت باإلذعــاين املشــتت .ولكــن برغــم كل
ا فيهــا كــا يف املســاقاة .وال يســيطر
مســتصلح األرض عامــ ً
الفريــق املســتخدم يف املســاقاة عــى األرض وبالتايل فــإن األرض
)1األرايض التي ميتلكها أفراد مــع ظهــور القوانــن الوضعيــة .فهــذه األســباب الثالثــة أعطــت هــذا فالظاهــر هــو أن ظاهــرة حيــازة جــزء مــن الطريــق
األرايض الزراعيــة أمهيــة خاصــة لدراســتها .وميكــن تقســيم للبيــع ،وبالــذات يف الواســع منــه أو يف األســواق غــر املبينــة،
أقــرب لإلذعــاين الرتخيــي منهــا إىل احليــازي 115.واملســاقاة هــذا القســم مــن األرايض هــو عقــد بــن مالــك األرض األرايض الزراعيــة التــي كانــت يف اإلذعــاين احليــازي مــن كانــت مســتمرة حتــى العصــور املتأخــرة ،وميكــن اســتنتاج
جائــزة ،واألصــل يف جوازهــا الســنة واإلمجــاع116. ومــن أراد اســتصالحها .و ُت ْعــرف يف الرشيعــة بأنــواع كاملزارعــة حيــث امللكيــة إىل قســمني رئيســيني مهــا :أرايض ميتلكهـــا أفراد اســتمرارية هــذه الظاهــرة يف الطــرق الواســعة والســاحات
أمــا بالنســبة للمزارعــة ومــا شــاهبها مــن عقــود كاملخابــرة واملغارســة واملخابــرة واملحاقلــة واملزابنــة واملســاقاة .ومــدى وأراض لبيــت املــال. (وليــس أســواق املــدن) مــن نقــل ابــن قدامــة (ت )620لقــول
والتــي تــؤدي بــاألرايض الزراعيــة إىل اإلذعــاين احليــازي فقــد ســيطرة مســتصلح األرض (املســتخدم) ختتلــف حســب العقــد أمحــد بــن حنبــل« :مــا كان ينبغــي لنــا أن نشــري مــن هــؤالء
كانــت هــذه العقــود مســألة خالفيــة بــن الفقهــاء وذلــك ألن مــن ســيطرة قصــوى كــا يف املزارعــة إىل جمــرد أن يكــون الذيــن يبيعــون عــى الطريــق» 114،وهــذا مــا نشــاهده هــذه
99 98
اللــه عنــه بقولــه« :دعهــم يكونــون مــادة للمســلمني»؛ وأشــار الصلــح فــإن أرضيهــم بقيــت ملــكاً هلــم كــا حــدث مــع أهــل أحدمهــا والبــذور وآالت احلــرث مــن اآلخــر ومــا إىل ذلــك مــن املشــاركة يف املزارعــة بــن الفريقــن (املالــك واملســتخدم) قــد
عليــه معــاذ بــن جبــل بــأن قــال« :واللــه إذن ليكونــن مــا تكــره، نجــران ،وكان عليهــم دفــع اجلزيــة واخلــراج وإيفــاء مــا كان تفاصيــل122. تتخللهــا خماطــرة مســتصلح األرض بوضــع جمهــود دون ربــح
إنــك إن قســمتها صــار الّريــع العظيــم يف أيــدي القــوم ،ثــم قــد صاحلهــم عليــه املســلمون مــن رشوط 125.ويف هاتــن ا .وكــا هــو معلــوم فــإن الربــا حمــرم إذا هلــك الــزرع مثــ ً
ولكــن املهــم بالنســبة ملوضوعنــا (حالــة العــن) ،هــو أن يف الرشيعــة ِ
يبيــدون ،فيصــر ذلــك إىل الرجــل الواحــد أو املــرأة ،ثــم يــأيت احلالتــن ،فــإن األرايض الزراعيــة كانــت ملــكاً ألصحاهبــا؛ أي ِ ك ـ ٍم كثــرة منهــا أن املســتثمر قــد حيصــل عــى حل َ
كال الرأيــن الســابقني يف صالــح العــن وبالتــايل يف مصلحــة
يســدون مــن اإلســام مســداً ،وهــم ال جيــدون مــن بعدهــم قــوم ُ ليســت ملــكاً للدولــة وليســت بالتــايل يف اإلذعــاين احليــازي. أربــاح دومنــا أدىن خماطــرة ،هلــذا كانــت املزارعــة مســألة
البيئــة العمرانيــة .فنســتنتج مــن اآلراء التــي ال جتيــز املزارعــة
شــيئاً ،فأنظــر أمــر ًا يســع أوهلــم وآخرهــم» .وكان ممــن طالــب أمــا إذا اختــار غــر املســلمني احلــرب ومل يذعنــوا إال مكرهــن خالفيــة 117.فهنــاك أحاديــث مفادهــا أن الرســول صــى اللــه
أن االســتثامر مقصــور عــى مقــدار مــا يســتطيعه الفــرد مــن
بالقســمة بــال بــن ربــاح وعبــد الرمحــن بــن عــوف ،فــكان رد فإهنــم عوملــوا عــى ثــاث طــرق :الطريقــة األوىل هــي مــا عليــه وســلم هنــى عــن املحاقلــة واملزابنــة واملخابــرة واملزارعــة.
عمــل .وهــذا معنــاه أن األرايض الزائــدة عــن مقــدرة املــاك
عمــر عندمــا طالبــه املســلمون الذيــن فتحــوا الســواد بالقســمة: قــام بــه الرســول صــى اللــه عليــه وســلم يف مكــة ،وهــو تركــه عــن العمــل تــوزع عــى أولئــك الذيــن ال ميلكــون ٍ والــرأي الــذي ال جييــز املخابــرة يعتمــد عــى هــذه األحاديــث
أراض للعمــل
«فــا ملــن جــاء بعدكــم مــن املســلمني؟ وأخــاف إن قســمته أن صــى اللــه عليــه وســلم ألهــل مكــة أمواهلــم وبذلــك صــارت ومنهــا قــول رافــع بــن خديــج« :كنـاّ نُخابــر عــى عهــد رســول
ا بــدل أن يســيطر فــرد عــى ثــاث أراض ميلكهــا هبــا .فمثــ ً
تفاســدوا بينكــم يف امليــاه» .وبذلــك أقــر عمــر ريض اللــه عنــه أرضوهــم بعــد إســامهم عرشيــة وليســت ملــكاً لبيت املــال126. اللــه صــى اللــه عليــه وســلم ،فذكــر أن بعــض عمومتــه أتــاه
فإنــه سيســيطر عــى اثنتــن منهــا ،بينــا يســيطر مســلم آخــر
أهــل الســواد عــى أرضيهــم ورضب عــى رؤوســهم اجلزيــة والثانيــة هــي مــا فعلــه صــى اللــه عليــه وســلم يف خيــر ،وهــو ِ فقــال :هنــى رســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم عــن أمــر كان
ـرقعــى األرض الثالثــة التــي ميلكهــا األول .فهنــا زاد عــدد الفـ َ ِ
وعــى أرضيهــم اخلــراج128. تقســيم أربعــة أمخــاس الغنائــم بــن الذيــن افتتحوهــا فكانــت وطواعيــة اللــه ورسـوله أنفــع لنــا وأنفــع .قــال :قلنــا: لنــا نافعـاً،
املســيطرة مــن فريــق واحــد إىل فريقــن وذلــك بوضــع إحــدى
ملــكاً هلــم ،وهبــذا ُو ِضعــت هــذه األرايض يف اإلذعــاين املتحــد ومــا ذاك؟ قــال :قــال رســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم :مــن
ا
وهــذه املبــادرة لعمــر ريض اللــه عنــه أصبحــت مثــ ً األرايض الثــاث يف اإلذعــاين احليــازي .وهكــذا مــع باقــي
حيتــذى بــه لبعــض املناطــق األخــرى التــي فتحــت عنــوة129. أو احليــازي ،ومتــى كانــت يف احليــازي فــإن الفــرق املالكــة هــم زرعهــا أخــاه وال يكارهيــا كانــت لــه أرض فليزر ْعهــا أو فل ُي ِ
األرايض يف البيئــة ،وهبــذا تزيــد نســبة الفــرق املســيطرة يف
األفــراد الفاحتــون وليــس بيــت املــال .وأمــا اخلمــس األخــر بثلــث وال بربــع وال بطعــام مســمى» .وعــن جابــر بــن عبــد اللــه
والــذي قصــده عمــر هبــذا االجتهــاد هــو أن تعــم االســتفادة البيئــة.
فقــد بقــي يف أيــدي أهــل خيــر يعملــون هبــا ولكنهــا ملــكاً قــال« :ســمعت رســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم يقــول :مــن
مــن دخــل اخلــراج عمــوم املســلمني لفــرة أطــول ،حيــث إن
للمســلمني عــى أن يكــون مثرهــا بينهــم وبــن املســلمني ،وهــذا ونســتنتج مــن اآلراء التــي جتيــز املزارعــة أن الفريــق مل يــذر املخابــرة فليــأذن بحــرب مــن اللــه ورسـوله» 118.وهناك
الدولــة اإلســامية كانــت بحاجــة إىل األمــوال لتنظيــم العســكر
اخلمــس هــو الــذي َملكــه بيــت مــال املســلمني وهــو قليــل املســتخدم واملالــك معـاً كفريــق واحــد يســيطران عــى األرض. أحاديــث أخــرى تفيــد أن الرســول صــى اللــه عليه وســلم أوىص
وبنــاء القناطــر ومــا شــابه .ويف هــذا يقــول املــودودي« :فكانت
جــداً إذا مــا قــورن مبــا ذكرتــه ســابقاً ،فهــذا فعلــه صلــوات اللــه أي أن مبــدأ املشــاركة يف الربــح مــن اخلــارج مــن األرض بــأن مــن كانــت لــه أرض فليزرعهــا بنفســه أو ليمنحهــا أخــاه
النظريــة األساســية هلــذا النظــام اجلديــد أن املســلمني هــم
وســامه عليــه 127.أمــا الطريقــة الثالثــة فهــي مــا اختــاره عمــر ـد الفريقــن (املالــك واملســتخدم) للحــوار واالتفــاق ألن سيشـ ّ
ُ املســلم ليزرعهــا .فعــن أيب هريــرة قــال :قــال رســول اللــه صــى
املالكــون احلقيقيــون لــأرايض ،وليــس ألصحاهبــا الســابقني
بــن اخلطــاب ريض اللــه عنــه يف ســواد العــراق إذ وضعــت فيهــا اهتامماهتــا ســتكون مشــركة ،وهبــذا تقــل ســيطرة املالــك اللــه عليــه وســلم« :مــن كانــت لــه أرض فليزرعهــا أو ل ُي ِ
حرثهــا
مــن منزلــة فيهــا كمنزلــة املزارعــن ،وإمنــا تعاملهــم احلكومــة
األرايض الزراعيــة يف اإلذعــاين احليــازي وذلــك المتــاك بيــت وتــزداد ســيطرة املســتخدم أو مســتصلح األرض .وهــذا يــؤدي أخــاه فــإن أىب فليمســك أرضــه»119.
بالنيابــة عــن املســلمني» 130.ولقــد لقــي اجتهــاد عمــر ردود
مــال املســلمني هلــا .ونظــراً ألمهيــة مــا حــدث يف ســواد العــراق، إىل زيــادة عــدد األفــراد املســيطرين يف البيئــة وذلــك ألن
فعــل خمتلفــة مــن الفقهــاء خلصهــا الشــوكاين (ت )1250يف نيــل أمــا الــرأي الــذي جييــز املزارعــة فيعتمــد عــى فعــل
ســأبني آراء الفقهــاء املختلفــة حوهلــا وتأثــر ذلــك عــى حالــة املســتخدم أصبــح مشــاركاً يف الفريــق املســيطر .أي أن الرأيــن
األوطــار بــأن قــال« :وقــد اختلــف يف األرض التــي يفتتحهــا الرســول صــى اللــه عليــه وســلم وفعــل خلفائــه وصحابتــه.
ا حيتــذى بــه.
األرايض الزراعيــة ألن أرض الســواد أصبحــت مثـ ً املتناقضــن يؤديــان إىل زيــادة نســبة املســيطرين يف البيئــة.
املســلمون عنــوة .قــال ابــن املنــذر :ذهــب الشــافعي إىل أن عمــر فجمهــور الفقهــاء يرجحــون فعــل الرســول صــى اللــه عليــه
وهلــذه النتيجــة تأثــرات إجيابيــة كبــرة يف البيئــة ســنتطرق هلــا
اســتطاب أنفــس الغامنــن الذيــن افتتحــوا أرض الســواد ،وأن ام (ت )224يف األرض يقــول أبــو عبيــد القاســم بــن ســ ّ وســلم ويب ّينــون أن هــذه الروايــات عــن النهــي عــن املزارعــة
يف الفصــول القادمــة.
احلكــم يف أرض العنــوة أن تقســم كــا قســم النبــي صــى اللــه التــي أخــذت عنــوة كســواد العــراق (تعريــف الســواد يف مــا هــي إال نصائــح منــه صلــوات اللــه وســامه عليــه .فقــد
عليــه وســلم خيــر ...وقــد اختلــف يف األرض الــذي أبقاهــا احلــوايش)« :فهــي التــي اختلــف فيهــا املســلمون ،فقــال روى البخــاري عــن ابــن عبــاس ريض اللــه عنهــا «أن النبــي
عمــر بغــر قســمة :فذهــب اجلمهــور إىل أنــه وقفهــا لنوائــب بعضهــم :ســبيلها ســبيل الغنيمــة ،فتخ ّمــس وتقســم ،فيكــون )2ملكية بيت املال صــى اللــه عليــه وســلم خــرج إىل أرض هتتــز زرعـاً ،فقــال :ملــن
املســلمني ،وأجــرى فيهــا اخلــراج ومنــع بيعهــا ،وقــال بعــض أربعــة أمخاســها ِخطَطـاً بــن الذيــن افتتحوهــا خاصــة ،ويكون هــذه؟ فقالــوا :اكرتاهــا فــان .فقــال :أمــا إنــه لــو منحهــا إيــاه
بالنســبة لــأرايض التــي متلكهــا الدولــة فــإن أول ســؤال
الكوفيــن أبقاهــا ملــكاً ملــن كان هبا مــن الكفــرة ورضب عليهم اخلمــس الباقــي ملــن س ـ ّمى اللــه تبــارك وتعــاىل .وقــال بعضهــم: كان خــراً لــه مــن أن يأخــذ عليهــا أجــراً معلوم ـاً» 120.وعــن
يتبــادر إىل األذهــان هــو كيــف ملكــت الدولــة اإلســامية أو
اخلــراج ...وقــد ذهــب مالــك إىل أن األرض املغنومــة ال تقســم، بــل حكمهــا والنظــر فيهــا إىل اإلمــام :إن رآى أن جيعلهــا غنيمــة، حديــث رافــع بــن خديــج يقــول زيــد بــن ثابــت« :أنــا أعلــم
بيــت مــال املســلمني األرايض الزراعيــة؟ واإلجابــة هــي عــن
بــل تكــون وقفــاً يقســم خراجهــا يف مصالــح املســلمني مــن فيخمســها ويقســمها ،كــا فعــل رســول اللــه صــى اللــه عليــه بذلــك منــه (أي مــن رافــع بــن خديــج) ،وإمنــا ســمع النبــي
طريــق الفتوحــات 123.فعنــد بــدء الدعــوة اإلســامية ،وكــا
أرزاق املقاتلــة وبنــاء القناطــر واملســاجد وغــر ذلــك مــن ســبل وســلم بخيــر :فذلــك لــه ،وإن رآى أن جيعلهــا فيئـاً فــا خيمســها صــى اللــه عليــه وســلم رجلــن قــد اقتتــا فقــال :إن كان هــذا
هــو معــروف ،كانــت شــعوب األمــم األخــرى ُتدعــى إىل
اخلــر ،إال أن يــرى اإلمــام يف وقــت مــن األوقــات أن املصلحــة وال يقســمها ،ولكــن تكــون موقوفــة عــى املســلمني عامــة مــا شــأنكم فــا تكــروا املــزارع» 121.والظاهــر هــو أن االختالف
اإلســام ِســلامً .فــإن هــم اســتجابوا فــإن األرايض التــي أســلموا
تقتــي القســمة ،فــإن لــه أن يقســم األرض ،وحــى هــذا بقــوا ،كــا صنــع عمــر بالســواد» .وقــد كان فعــل عمــر ريض عليهــا كانــت تعتــر أرايض عـ ْ ٍ بــن املذاهــب األربعــة يف املزارعــة هــو يف صــوره املختلفــة
ـر وتبقــى ملــكاً ألصحاهبــا كــا
القــول ابــن القيــم عــن مجهــور الصحابــة ورجحــه ...فظاهــر اللــه عنــه بعــد استشــارة الصحابــة .فقــد أشــار عليــه عــي ريض كطريقــة املشــاركة بــن الفريقــن كأن تكــون األرض مــن
حــدث يف املدينــة والطائــف 124.أمــا مــن مل يســلموا وأرادوا
101 100
هبــا والوقــوع يف اإلثــم ،لذلــك نتوقــع أن يكــون أكــر عــال ويزيــد عــى الكثــر الــذي قــد ينقطــع .ولكــن مــا حــدث بــن اخلطــاب وبعــده مبــارشة النشــغاهلم باجلهــاد ونــر تعاليــم مذهــب أمحــد وأكــر نصوصــه عــى أن اإلمــام خمــر فيهــا ختيــر
اخلــراج مــن ذوي الذمــم الواســعة يف العصــور املتأخــرة ،واللــه يف ســواد العــراق هــو وضــع األرايض الزراعيــة يف اإلذعــاين اإلســام يف املناطــق املفتوحــة الشاســعة ،فعــدد املســلمني مل مصلحــة ال ختيــر شــهوة ،فــإن كان األصلــح للمســلمني قســمتها
أعلــم مبــا يف نفوســهم ،فقــد يقــوم عامــل اخلــراج بالضغــط احليــازي واحلصــول بذلــك عــى اخلــراج الــذي يفــوق الــزكاة يكــن كافيــاً يف بــادئ األمــر للعمــل يف هــذه األرايض التــي قســمها ،وإن كان األصلــح أن يقفهــا عــى مجاعتهــم وقفهــا ،وإن
عــى أهــل اخلــراج ليأخــذ جــزءاً منهــا لنفســه .والســبب الثــاين ا ،ممــا زاد مــن دخــل بيت مــال املســلمني يف الســنني األوىل،
دخـ ً بلغــت مســاحتها يف الســواد عــى حــد قــول أحــد الروايــات كان األصلــح قســمة البعــض ووقــف البعــض َف َعلــه ،فــإن رســول
لفقــدان أهــل اخلــراج االهتــام بــاألرض هــو تقديــر اخلــراج: أمــا عــى األمــد البعيــد فقــد حــدث العكــس :فهنــاك الكثري من إثنــن وثالثــن ألــف ألــف جريــب (ومســاحة اجلريــب اللــه صــى اللــه عليــه وســلم فعــل األقســام الثالثــة» 131.ويف
فعنــد تقديــر اخلــراج عــى األرض روعيــت معايــر كثــرة :منهــا الروايــات التــي تشــر إىل أن خــراج الســواد كان يعتمــد عــى الواحــد ثالثــة آالف وســتامئة ذراع ـاً مربع ـاً) 134.فــإن نقــص األمــوال أليب عبيــد« :وليــس فعــل النبــي صــى اللــه عليــه وســلم
جــودة األرض ورداءهتــا وطريقــة الــري هل هــي مباء الســاء أو اهتــام أهــل اخلــراج بــاألرض ،وهــذا االهتــام تأثــر مبعاملــة عــدد املســلمني معنــاه غياهبــم عــن معظــم تلــك األرايض ،وهــذا بــراد لفعــل عمــر ،ولكنــه صــى اللــه عليــه وســلم ا ّتبــع آيــةً مــن
مبــاء األبــار أو العيــون ونوعيــة الثــار وقــرب األرض اخلراجيــة حمصــي اخلــراج ألهــل اخلــراج ،وأن اخلــراج كان يف تناقــص متتــع أكــر يف حــق
ٌ معنــاه حريــة أكــر ألهــل اخلــراج؛ أي اللــه تبــارك وتعــاىل فعمــل هبــا َ (يقصــد آيــة الغنيمــة: كتــاب
ُُ َ ُ َ ْ َ َّ ِّ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َّ َ َ
مــن املــدن وبعدهــا ومــا يصيــب أصحــاب األرض مــن نوائــب مســتمر وذلــك لفقــدان أهــل اخلــراج االهتــام بــاألرض .فقــد الســيطرة للســكان ،وهبــذا وضعــت تلــك األرايض يف اإلذعــاين واعلمــوا أنمــا غ ِنمتــم مــن ش ٍء فــأن ِل خســه ...اآليــة
وملــات ومجيــع هــذه املعايــر قابلــة للنقــاش واألخــذ والرفــض «روى عبــاد بــن كثــر عــن قحــزم قــال :جبــى عمــر العــراق احليــازي .وبرغــم ســيطرة أهــل اخلــراج عــى األرض إال أن ـرى فعمــل هبــاَ 41مــن ســورة األنفــال) َ،واتبــع عمــر آيــة أخـ
ْ
ألهنــا غــر حمــددة وبالتــايل قابلــة لالختــاف يف الــرأي .وهــذا مائــة ألــف ألــف وســبعة وثالثــن ألــف ألــف ،وجباهــا العالقــة بــن الفريــق املالــك (عمــوم املســلمني ممثلــة يف بيــت ى
ُ
ِ
ْ
ـن أهــل الق َر ٰ ِِ ِ ـاء اهلل َ ٰ
لع َر ُســول مـ ْ (يقصــد آيــة الفــيءَ :مــا أفَـ َ
قــد يــؤدي إىل نــوع مــن املشــادة يف تفســر احلقــوق ،ومــن عمــر بــن عبــد العزيــز مائــة ألــف وأربعــة وعــرون (كــذا املــال) والفريــق املســتخدم املســيطر (أهــل اخلــراج) كانــت ...اآليــة 7مــن ســورة احلــر) ،ومهــا آيتــان حمكمتــان فيــا ينال
ثــم التنافــر بــن املحصلــن للخــراج والعاملــن يف األرض ،ممــا واألصــح :عرشيــن) ألــف ألــف ،وجباهــا احلجــاج مثانيــة عــر تســودها القوانــن التــي كانــت هتــدف أساس ـاً للحفــاظ عــى املســلمون مــن أمــوال املرشكــن ،فيصــر غنيمــة أو فيئ ـاً»132.
يؤثــر عــى حالــة األرايض الزراعيــة برغــم توصيــة احلــكام، ألــف ألــف» 136.ومــن نصيحــة أليب يوســف (ت )182موجهــة ا ،رأي ثــروات املســلمني مــن اخلــراج .مــن هــذه القوانــن مث ـ ً وهــذا االختــاف أدى إىل اختــاف آخــر بــن الفقهــاء
وعــى رأســهم عمــر بــن اخلطــاب ريض اللــه عنــه ،بــأن ال ُي ّمــل للخليفــة هــارون الرشــيد ،نالحــظ أنه يشــر إىل نقصــان اخلراج مجهــور الفقهــاء أن األرض اخلراجيــة تبقــى عــى حاهلــا حتــى
الختــاف الروايــات عــن ملكيــة األرض :هــل أرض الســواد
العاملــن يف األرض مــا ال يطيقــون 138.وهــذا التنافــر قــد يــؤدي يف أيامــه عــن أيــام عمــر ريض اللــه عنــه فيقــول« :هــذا عمــر بن إذا أســلم مــن كان يعمــل هبــا أو انتقلــت ملكيتهــا إىل أي مســلم.
ملــك لعمــوم املســلمني وخراجهــا وقــف عــى مصاحلهــم ،أم
إىل رفــض أهــل اخلــراج دفــع مــا هــو مطلــوب منهــم .فقــد كتب اخلطــاب ريض اللــه تعــاىل عنــه كان جيبــي الســواد مــع عدلــه هــذا ،وقــد أثــرت أســئلة فقهيــة كثــرة تشــر إىل تقنــن األرض
أهنــا ملــك ألصحاهبــا عــى أن يدفعــوا اخلــراج؟ ففــي املجمــوع:
عــدي بــن أرطــأة عامــل اخلليفــة عمــر بــن عبــد العزيــز إليــه: يف أهــل اخلــراج وإنصافــه هلــم ورفعــه الظلــم عنهــم مائــة اخلراجيــة مثــل :هــل يــرب عــى األرض اخلراجيــة اخلــراج إذا
«واختلــف أصحابنــا فيــا فعــل عمــر ريض اللــه عنــه فيــا فُتــح
«أمــا بعــد فــإن أناس ـاً قبلنــا ال يــؤدون مــا عليهــم مــن اخلــراج ألــف ألــف ،والدرهــم إذ ذاك وزنــه وزن مثقــال» .ويف موضــع قــام ســاكنها ببنائهــا أم ال ،إذ أهنــا مل تعــد أرض ـاً زراعيــة؟ 135
مــن أرض الســواد ،فقــال أبــو العبــاس وأبــو إســحاق :باعهــا مــن
حتــى ميســهم يشء مــن العــذاب» .فكتــب إليــه عمــر« :أمــا آخــر يذكــر أبــو يوســف بــأن الســبب يف هــذا النقصــان هــو
وال أدري مــا أقــول يف ســواد العــراق .فلقــد رأيــت أهلهــا ومــا يؤخــذ مــن اخلــراج مثــن ،والدليــل عليــه أن مــن لــدن
بعــد ،فالعجــب كل العجــب مــن اســتئذانك إيــاي يف عــذاب أن العامــر مــن األرضــن كان كثــراً ،والعاطــل منــه كان يســراً إعجــاز ًا كبــر ًا يف الرشيعــة اإلســامية يف كل مــا يتعلــق بأمــور عمــر إىل يومنــا هــذا تبــاع وتبتــاع مــن غــر إنــكار .وقــال أبــو
البــر ،كأين جنــة لــك مــن عــذاب اللــه ،وكأن رضــاي ينجيــك يف أيــام عمــر ريض اللــه عنــه ،عــى نقيــض أيامــه هــو ،أي أيــام
البيئــة مــن مســائل يقــف اإلنســان عاجــزاً عــن التعبــر عــن ســعيد االصطخــري وقفهــا عمــر ريض اللــه عنــه عــى املســلمني
مــن ســخط اللــه .إذا أتــاك كتــايب هــذا فمــن أعطــاك مــا ِقبلــه هــارون الرشــيد (ت 137.)193
عظمــة الرشيعــة يف حكمتهــا العمرانيــة ،وحتــى إذا اختلفــت فــا جيــوز بيعهــا وال رشاؤهــا وال هبتهــا وال رهنهــا ،وإمنــا تنقــل
ايل
عفــواً وإال فأحلفــه ،فواللــه ألن يلقــوا اللــه بجنياهتــم أحــب ّ ملــاذا فقــد إذاً أهــل اخلــراج االهتــام بــاألرض؟ ألهنــم ال اجتهــادات العلــاء وتضــادت ،فهــي اختالفــات يف الفــروع، مــن يــد إىل يــد ،ومــا يؤخــذ مــن اخلــراج فهــو أجــرة وعليــه نص
مــن أن ألقــاه بعذاهبــم .والســام» .ويشــر أبــو يوســف إىل هذه
ميلكوهنــا ،وألن جــزء ًا ممــا خــرج منهــا ذهــب لغريهــم .وهلــذا إال مســألتني توقفــت عندمهــا كثــر ًا :ومهــا الوقــف وســواد يف ســر الواقــدي ،والدليــل عليــه مــا روى بكــر بــن عامــر عــن
املعاملــة ألهــل اخلــراج يف رســالته هلــارون الرشــيد فيقــول« :وال
فقــد مياطلــون يف دفــع اخلــراج أو قــد ينقصونــه ،وهــذا قــد العــراق .وتــرددت كثــراً يف طرحهــا ،ولكــن كان البــد يل مــن عامــر قــال :اشــرى عقبــة بــن فرقــد أرض ـاً مــن أرض اخلــراج،
ـن رجــل يف دراهــم خــراج ،وال يقــام عــى رجلــه ،فإنــه يرضبـ َّ يــؤدي إىل ســوء معاملــة عــال اخلــراج هلــم .فهنــاك طريقتــان ذلــك .وأرجــوا اللــه أن يغفــر يل مــا ســأقول إن أخطــأت أو مل فــأىت عمــر فأخــره ،فقــال :ممــن اشــريتها؟ قــال :مــن أهلهــا.
بلغــي أهنــم يقيمــون أهــل اخلــراج يف الشــمس ويرضبوهنــم
يف اســتيفاء اخلــراج :األوىل هــي العاملــة عــى اخلــراج ،والثانيــة أخطــئ .فقــراءايت الفقهيــة حمــدودة ،وذلــك ألنــي الحظــت أن قــال :فهــؤالء أهلهــا املســلمون ،أبعتمــوه شــيئاً؟ قالــوا :ال .قــال:
الــرب الشــديد ويعلقــون عليهــم اجلــرار ويقيدوهنــم مبــا فاذهــب فاطلــب مالــك 133.»...
هــي التضمــن .بالنســبة للعاملــة فهنــاك ســببان أثــرا عــى فقدان املعلومــات قــد بــدأت بالتكــرار فتوقفــت عــن االســتزادة يف
مينعهــم مــن الصــاة ،وهــذا عظيم عنــد الله شــنيع يف اإلســام».
أهــل اخلــراج االهتــام بــاألرض .الســبب األول هــو أن هنــاك املراجــع .لذلــك فقــد يكــون هنــاك دليــل قــد فاتــي وأكــون
ويــويص أبــو يوســف اخلليفــة هــارون الرشــيد مبتابعــة مــا يقــوم ولكــن مــن دراســة القيــود التــي حتــدد اســتخدام األرض
رشوطـاً كثــرة لتعيــن عامــل اخلــراج كأن يكــون مســلامً وحــراً خمطئــاً.
ميكننــا االســتنتاج أن ملكيــة األرايض اخلراجيــة عموم ـاً أقــرب
بــه عــال اخلــراج والتأكــد مــن أمانتهــم فيقــول« :وأنــا أرى أن
وأمينــاً ومكتفي ـاً ومــن أهــل العلــم والفقــه بأحــكام اخلــراج؛
تبعــث قومــاً مــن أهــل الصــاح والعفــاف ممــن يوثــق بدينــه إذا ق ُّســمت أرض الســواد بــن الغامنــن كــا فعــل الرســول لبيــت مــال املســلمني منهــا إىل ملكيــة مــن يعمــل هبــا مــن أهــل
وهنــاك صفــات أيضــاً البــد وأن يتحــى هبــا عامــل اخلــراج
وأمانتــه يســألون عــن ســرة العــال ومــا عملــوا بــه يف البــاد، صــى اللــه عليــه وســلم يف خيــر ،فــإن مــا ق ُّســم مــن أراض اخلــراج .كــا أن الســيطرة عــى هــذه األرايض كانــت بأيــدي
وهــي العفــة والعــدل واإلنصــاف والرفــق بأهــل اخلــراج.
وكيــف جبــوا اخلــراج عــى مــا أمــروا بــه وعــى مــا وظــف ســيدفع إىل اإلذعــاين الرتخيــي أو املتحــد .وهــذا معنــاه اهتــام املســتخدمني الســاكنني ألهنــم هــم الذيــن كانــوا يعملــون يف
ومــن املنطــق أن هــذه الصفــات قــد ال تتوفــر يف مجيــع النــاس،
عــى أهــل اخلــراج واســتقر ،فــإذا ثبــت ذلــك عنــدك وصــح الغامنــن بأمالكهــم وحرصهــم عــى إعــار أرضهــم وزيــادة األرض ويترصفــون هبــا ،بدليــل أنــه كان هلــم مطلــق التــرف
وبالــذات األمانــة ،أمــا مــن توفــرت فيــه هــذه الصفــات فمــن
أخــذوا مبــا اســتفضلوا مــن ذلــك أشــد األخــذ حتــى يــؤدوه بعــد دخلهــم منهــا ،وبالتــايل زيــادة زكاة األرض واســتمرارية هــذه حتــى يف البنــاء عــى األرض اخلراجيــة .فهــذا واضــح مــن
املنطــق أن يبتعــد عــن مثــل هــذه املناصــب خوفـاً مــن االفتتــان
الــزكاة إىل مــا شــاء اللــه .أي أن القليــل املســتمر قــد ينمــو النقــص الشــديد يف األيــدي العاملــة لــدى املســلمني أيــام عمــر
103 102
غــر ذلــك .ونــوازل الوقــف كثــرة يف الرشيعــة اإلســامية. ذكرنــا ،ولكــن متــى وضعــت فيه أصبــح الغامنــون هــم املالكون اخلــراج يف الســواد يف عهــد عمــر عــى املســاحة ،ثــم تغــر العقوبــة املوجعــة والنــكال ،حتــى ال يتعــدوا مــا أمــروا بــه
وهــذا غــر مســتغرب إذا مــا علمنــا أن ثالثــة أربــاع األرايض وليــس الدولــة ،وشــتان بــن احلالــن :فملكيــة األفــراد لــأرض إىل املقاســمة لســوء األحــوال .فيقــول املــاوردي (ت :)450 ومــا عهــد اليهــم فيــه ،فــإن كل مــا عمــل بــه وايل اخلــراج مــن
املزروعــة يف تركيــا كانــت موقوفــة حتــى عــام 1925م ،وثلــث الزراعيــة أفضــل بكثــر حلالــة العــن مــن ملكيــة الدولــة «ومل يــزل الســواد عــى املســاحة واخلــراج إىل أن عــدل هبــم يمــل عــى أنــه قــد أُ ِمــر بــه ،وقــد أُ ِمــر
الظلــم والعســف فإمنــا ُ ْ
األرايض يف تونــس ومثنهــا يف مــر حتــى هنايــة القــرن التاســع (وســنوضح الفــرق بــن ملكيــة الدولــة أو الفــرد للعــن وتأثــر املنصــور رمحــه اللــه (ت )158يف الدولــة العباســية عــن اخلــراج بغــره ،وإن أحللــت بواحــد منهــم العقوبــة املوجعــة انتهــى
عــر امليــادي 149.وهــذه النســب املرتفعــة نتجــت ،واللــه ذلــك عــى حالــة العــن يف الفصلــن الرابــع والثامــن) .فهنــاك إىل املقاســمة ،ألن الســعر نقــص فلــم تــف الغــات بخراجهــا، غــره واتقــى وخــاف ،وإن مل تفعــل هــذا هبــم تعــدوا عــى أهــل
أعلــم ،ألســباب (قــد ال تكــون دينيــة أحيان ـاً) دفعــت النــاس حديــث أخرجــه أبــو داود عــن أيب هريــرة عــن رســول اللــه وخــرب الســواد فجعلــه (أي املنصــور) مقاســمة 143.»... اخلــراج واجــرؤا عــى ظلمهــم وتعســفهم وأخذهــم مبــا ال جيــب
لوقــف أراضيهــم (وســنتطرق هلــذه األســباب يف الفصــل الثالــث «أيــا قريــة أتيتموهــا وأقمتــمصــى اللــه عليــه وســلم أنــه قــالُّ : عليهــم»139.
هــذه الرتاكــات أدت إىل نــزوح بعــض أهــل اخلــراج عــن
إن شــاء اللــه) .وممــا جيــدر ذكــره هــو أن العقــارات املوقوفــة فيهــا فســهمكم فيهــا ،وأميــا قريــة عصــت اللــه ورس ـوله فــإن
ال فقهيـاً :إذا رحــل الفــاح
األرايض اخلراجيــة مثــرة بذلــك ســؤا ً أمــا بالنســبة للطريقــة الثانيــة يف اســتيفاء اخلــراج وهــي
هــي األعيــان الوحيــدة يف البيئــة التقليديــة يف اإلذعاين املشــتت، مخســها للــه وللرســول ثــم هــي لكــم» 146.قــال الشــافعي« :وكل
عــن األرض ،هــل جيــر عــى العــود؟ عــى األصــح ال .وأدرج التضمــن أو نظــام التقبيــل ،وهــي أن يتكفــل شــخص بتحصيــل
كــا أن نســبتها ضئيلــة جــد ًا إذا مــا قورنــت باألعيــان ذات مــا وصفــت أنــه جيــب قســمه فــإن تركــه اإلمــام ومل يقســمه
هنــا مــا ورد يف حاشــية ابــن عابديــن كمثــال« :قــال اخلــر اخلــراج وأخــذه لنفســه مقابــل قــدر حمــدود يدفعــه لبيــت
املســؤولية املشــتتة يف البيئــة احلاليــة .وســركز هنــا عــى الوقــف فوقفــه املســلمون أو تركــه ألهلــهُ ،ر ّد حكــم اإلمــام فيــه ألنــه
الرمــي (ت )1080يف حاشــية البحــر أقــول :رأيــت بعــض أهــل املــال :فــإن هــذا النظــام الــذي بــدأ يف العــر األمــوي وانتــر
لتوضيــح تأثــر العالقــة بــن الفــرق الثالثــة عــى حالــة العــن. خمالــف للكتــاب ثــم الســنة معـاً ،فــإن قيــل :فأيــن ذكــر ذلــك يف
ّ ْ العلــم أفتــى بأنــه إذا رحــل الفــاح مــن قريتــه ولــزم خــراب يف العــر العبــايس أدى أيض ـاً إىل ســوء معاملــة أهــل اخلــراج.
لمــوا أنمــا غ ِن ْمتُــم
«واع ُ الكتــاب؟ قيــل :قــال اللــه عــز وجــل:
إن بإمــكان املســلم أن يوقــف أي عــن ميلكهــا كمنــزل أو مــن يش ٍء فــأن هلل ُ ُ القريــة برحيلــه أنــه جيــر عــى العــود ورمبــا اغــر بــه بعــض ا ألن حكمــه ومل يــرض كثــر مــن العلــاء عنــه واعتــروه باطـ ً
150 خ َســه ..... »...فــإن ظهــر اإلمــام عــى ِ
ـرف ابــن قدامــة الوقــف مدرســة أو حديقــة أو دكان .و ُيعـ ِّ اجلهلــة ،وهــو حممــول عــى مــا إذا رحــل ال عــن ظلــم وجــور حكــم الربــا 140.فقــد حــذر أبــو يوســف اخلليفــة هــارون
بــاد عنــوة فخمســها ،ثــم ســأل أهــل األربعــة األمخــاس تــرك
كغــره مــن الفقهــاء بأنــه« :حتبيــس األصــل وتســبيل الثمــرة». وال عــن رضورة بــل تعنتـاً ،وأمــر الســلطان بإعادتــه للمصلحــة الرشــيد مــن تطبيــق هــذا النظــام بــأن قــال« :ورأيــت أن ال ُتق ِّبل
حقوقهــم منهــا فأعطــوه ذلــك طيبــة بــه أنفســهم ،فلــه قبولــه إن
والوقــف عنــد أيب حنيفــة« :حبــس العــن عــى ملــك الواقــف وهــي صيانــة القريــة عــن اخلــراب ،وال رضر عليــه يف العــود، شــيئاً مــن الســواد وال غــر الســواد مــن البــاد ،فــإن املتقبــل إذا
أعطــوه إيــاه يضعــه حيــث يــرى ،فــإن تركــوه كالوقــف عــى
والتصــدق مبنفعتهــا» 151.ومــن تعريفــات أخــرى ميكننــا القــول وأمــا مــا يفعلــه الظلمــة اآلن مــن اإللــزام بالــرد إىل القريــة كان يف قبالتــه فضــل عــن اخلــراج عســف أهــل اخلــراج ومحــل
املســلمني فــا بــأس أن يقبلــه مــن أهلــه وغــر أهلــه مبــا جيــوز
أن الوقــف عمومـاً هــو حتديــد منفعــة العــن جلهــة معينــة؛ كأن مــع التكاليــف الشــاقة واجلــور املفــرط فــا يقــول بــه مســلم عليهــم مــا ال جيــب عليهــم ،وظلمهــم وأخذهــم مبــا جيحــف
للرجــل أن يقبــل بــه أرضــه ،وأحســب عمــر بــن اخلطــاب إن
يقــوم شــخص ببنــاء مســكن إلمــام مســجد ،أو ربــاط لأليتــام، .»...وممــا ســاعد عــى خــراب الســواد تــردد املســلمني يف رشاء هبــم ليســلم ممــا دخــل فيــه .ويف ذلــك وأمثالــه خــراب البــاد
كان صنــع هــذا يف يشء مــن بــاد العنــوة ،إمنــا اســتطاب أنفــس
أو خــان للمســافرين ،أو ســقاية للمجتازيــن ،أو وضــع كتــب أرضهــا« .قــال أمحــد يف روايــة حنبــل :ال تشــري الضيــاع وهــاك الرعيــة .واملتقبــل ال يبــايل هبالكهــم بصــاح أمــره يف
أهلهــا عنهــا فصنــع مــا وصفــت فيهــا» 147.وهنــاك شــواهد عــى
يف مكتبــة للقــراءة ،أو أن يوقــف الواقــف ريــع مزرعــة لورثتــه بالســواد يــؤدي اخلــراج هــو مــن الصغــار .وقــال يف روايــة قبالتــه ،ولعلــه أن يســتفضل بعــد مــا يتقبــل بــه فضــا كثــر ًا،
أن عمــر ريض اللــه عنــه كان قــد اســتطاب أنفــس الغامنــن148.
ومــن بعدهــم عىل أوالدهــم وأوالد أوالدهــم ،أو حتــى أن يتصدق حــرب - :يف املســلم يشــري مــن أرض اخلــراج ويــؤدي اخلــراج وليــس ميكنــه ذلــك إال بشــدة منــه عــى الرعيــة ورضب هلــم
ـزء مــن دخــل عقـ ٍ
ـار موقــوف لطائفــة معينــة كالفقــراء أو بجـ ٍ وبرغــم مــا رأينــا مــن تدهــور يف حالــة العــن يف اإلذعــاين -قــال :مكــروه»144. شــديد وإقامتــه هلــم يف الشــمس وتعليــق احلجــارة يف األعنــاق،
األيتــام (الصــور 57.2إىل .)59.2ومــن هــذه األمثلــة نالحــظ أن احليــازي عنــد اشــتداد الشــد بــن الفريقــن ،فــإن حالــة تلــك وعــذاب عظيــم ينــال أهــل اخلــراج ممــا ليــس جيــب عليهــم مــن
ومــن هــذا العــرض نســتخلص أن حالــة العــن قــد تــزداد
أســاس الوقــف هــو أن يكــون الفريــق املســتفيد غــر الفريــق األعيــان كانــت أفضــل بكثــر مــن األعيــان التــي هــي يف الفســاد الــذي هنــى اللــه عنــه .إمنــا أكــره القبالــة ألن ال آمــن أن
ســوءاً متــى ســاءت العالقــة بــن الفريــق املالــك والفريــق
املالــك152. اإلذعــاين املشــتت ،وهــو مــا بقــي لنــا يف هــذا الفصــل. حيمــل هــذا التقبــل عــى أهــل اخلــراج مــا ليــس جيــب عليهــم
املســتخدم الــذي يســيطر .ولكــن هــذا الــذي حــدث يف الســواد
فيعاملهــم مبــا وصفــت لــك ،فيــر ذلــك هبــم فيخربــوا مــا
ولكــن هــل تــزول ملكيــة املوقــوف مــن الواقــف، نتــج عــن حتميــة النفــس البرشيــة األ ّمــارة بالســوء .فتــرف
عمــروا ويدعــوه فينكــر اخلــراج .وليــس يبقــى عــى الفســاد
وهــل ميلــك املوقــوف عليهــم رقبــة الوقــف أم ال؟ يقــول ابــن النموذج اإلذعاين املشتت عمــر ريض اللــه عنــه كان اجتهــاد ًا منــه جللــب اخلــر لعمــوم
يشء وان يقــل مــع الصــاح يشء 141.»...
رجــب« :املوقــوف عليــه هــل ميلــك رقبــة الوقــف أم ال؟ يف املســلمني ال خروجـاً عــى ســنة الرســول صــى اللــه عليه وســلم.
املســألة روايتــان معروفتــان أشــهرمها أنــه ملــك للموقــوف ثــاث فــرق تشــرك يف حتديــد حالــة العــن يف هــذا فقــد ُر ِو َي أن عمــر ريض اللــه عنــه قــال« :ألن عشــت إىل هــذا وهنــاك نوعــان مــن اخلــراج :خــراج املقاســمة وخــراج
عليــه .والثانيــة ال ،فعــى هــذه هــل هــو ملــك للواقــف أو للــه النمــوذج :أحدهــم يســتخدمه والثــاين يســيطر عليــه والثالــث العــام املقبــل ،ال تفتــح للنــاس قريــة إال قســمتها بينهــم كــا املســاحة .ويســمى خــراج املســاحة بخــراج املقاطعــة أو
تعــاىل؟ فيــه خــاف أيض ـاً .»...ويقــول ابــن قدامــة ...« :إن ميلكــه .ولقــد كان الوقــف مــن أهــم األعيــان يف هــذا النمــوذج قســم رســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم خيــر» 145.فالســنة خــراج الوظيفــة ،وفيــه جيــب اخلــراج عــى مــن يعمــل يف األرض
الوقــف إذا صــح زال بــه ملــك الواقــف عنــه يف الصحيــح مــن ألنــه كثــر ًا مــا ُدفــع إليــه .والوقــف رضورة للمدينــة التقليديــة املطهــرة كــا بينهــا اإلمــام الشــافعي تنــص عــى تقســيم أرض حتــى وإن مل يزرعهــا ،ألنــه هــو الــذي قــر يف حتصيلــه،
املذهــب ،وهــو املشــهور مــن مذهــب الشــافعي ومذهــب أيب ألنــه وفــر هلــا خدماهتــا األساســية كاملــدارس واملستشــفيات ــرق الغامنــة وتوضــع ِ
العنــوة ،وبذلــك ترتكــز املســؤولية يف الف َ فعليــه أن يتحمــل نتيجــة تقصــره .أمــا يف خــراج املقاســمة،
حنيفــة ،وعــن أمحــد ال يــزول ملكــه وهــو قــول مالــك ...ولنــا والســقايات واملســاجد .ولقــد احــرت يف أمــره كثــراً .فهــو األعيــان يف اإلذعــاين املتحــد إذا زرعهــا الغامنــون ،أو توضــع يف فــا جيــب اخلــراج عــى أهــل اخلــراج إذا عطلــوا األرض ،وذلــك
أنــه ســبب يزيــل التــرف يف الرقبــة واملنفعــة فــأزال امللــك رمحــة للمســلمني إن هــم اتقــوا اللــه عــز وجــل وفيــه خــر اإلذعــاين الرتخيــي إذا اســتأجروا مــن يعمــل هلــم فيهــا .وقــد ألن اخلــراج جــزء شــائع مــن اخلــارج مــن األرض كالربــع
كالعتــق 153.»...وقــول هذيــن الفقيهــن يدلنــا عــى أن هنــاك كثــر إن حكمــوا بالرشيعــة ،لكنــه وبــال عليهــم إن هــم كانــوا توضــع األرض يف اإلذعــاين احليــازي يف بعــض األحيــان كــا واخلمــس .وهــذا متعلــق بالتمكــن مــن األرض 142.وقــد كان
105 104
60.2 حدثــت يل قصــة لفتــت نظــري إىل تدهــور حــال الوقــف. 59.2 57.2
فلقــد زرت وقفـاً مبكــة املكرمــة ُبــي يف عــام 1353؛ وكان رباطـاً
مكونــاً مــن أربعــة طوابــق مشــيدة حــول صحــن مفتــوح، 58.2
107 106
الرشعيــة عــى مــا رشط الواقــف» .أي أن للناظــر حريــة يف املــدة الســابقة التــي شــغلوا فيهــا تلــك األوقــاف ،ومــا حــدث عــن مســجد بإزائــه دار حمبســة خربــت وصــارت تلقــى فيهــا إن تضــارب املصالــح تتضــح يف هــذا املبــى :فلــم يقــم
التــرف ضمــن رشوط الواقــف إذا كانــت معتــرة رشعـاً .فلــه هــذا إال بإمهــال النظــار162. األزبــال (الصــور 63،2إىل ،)66،2فاحتســب مــن رفــع إىل املعتمــرون بصيانتــه ألهنــم يقطنونــه مؤقتــا ،وكذلــك الســاكنون
أن يزيــد أو ينقــص مــن مرتبــات العاملــن ويوظــف ويفصــل القــايض أن ذلــك يــر بحيطــان املســجد ،ورغــب يف توطيتهــا مــن كبــار الســن لعلمهــم بأهنــم مؤقتــون يف ســكناهم أو لعــدم
ولكــن ملــاذا هيمــل املتولــون الوقــف؟ لإلجابــة عــى ذلــك
مــن أراد .ولــه أن يتــرف يف أرض الوقــف كأن يزرعهــا أو وبنــاء حائــط عليهــا ،وجيعــل صحنـاً بجمــع مــا فيهــا يف ماجلهــا امتالكهــم للوقــف؛ أمــا الناظــر فــكان غائبــاً ملرضــه وكــر
البــد مــن إعطــاء فكــرة رسيعــة عــن دور الناظــر أو املتــويل.
يؤجرهــا باســتثناء الرهــن .أي أن هنــاك فرصــة كبــرة للناظــر (املاجــل هــو مــكان مجــع مــاء املطــر) ويــرف مثنــه يف منافــع ســنه؛ وأمــا مــن ينــوب عنــه فقــد حــاول االســتفادة ماليــا مــن
فالواليــة عــى الوقــف كــا يقــول الشــيخ أمحــد إبراهيــم :هــي
ليســتغل الوقــف لنفســه عــى حســاب املســتفيدين مــن الوقــف املســجد .فأجــاب :هلــم ذلــك 161.»... ريــع املبــى وذلــك بالقيــام بأقــل مــا ميكــن مــن صيانــة .وبرغــم
«القيــام مبصاحلــه واالعتنــاء بأمــوره مــن إجــارة مســتغالته
إن مل يتــق اللــه .ومــن ناحيــة أخــرى ،فــإن دخــل الناظــر حماولــة الواقــف بنــاء مبــى جيــد لكســب األجــر مــن اللــه عــز
وحتصيــل أجــوره وغالتــه ورصف مــا اجتمــع منهــا يف مصارفــه أمــا عــدم اهتــام النظــار باألوقــاف فواضــح ممــا قــام بــه
حمــدد مــن الوقــف .فالظاهــر هــو أن للناظــر أجــرة معينــة يف وجــل ،إال أن حــال املبــى يف تدهــور مســتمر ألن مســؤولية
الســلطان اململــويك تنكــز عــام 727بعــد مراجعتــه لألوقــاف.
الشــهر أو الســنة مقابــل مــا يقــوم بــه ،أو مقــدار نســبي ممــا 65.2 صيانتــه مشــتتة .وباملثــل يف األوقــاف املشــاهبة :فيمكــن القــول
فقــد تبــن لــه أن هنــاك الكثرييــن ممــن يســكنون بطريقــة
ُي ّصلــه مــن غالتــه كالعــر إذا اشــرط الواقــف ذلــك .ففــي أن امللكيــة مقيــدة ،والناظــر قــد جتذبــه املطامــع الدنيويــة
غــر مرشوعــة يف املــدارس املوقوفــة يف دمشــق ويســتخدموهنا
هــذه احلــاالت يكــون الســؤال :أال يقــوم الناظــر باالختــاس عــن طلــب األجــر ،أمــا املســتخدم فيســتهلك فقــط ودومنــا أي
كمخــازن جتاريــة ،فأخرجهــم منهــا وأجربهــم عــى دفــع إجيــار
مــن الوقــف عــى حســاب صيانتــه إن مل يتــق اللــه؟ ولكــن صيانــة إن عدمــت التقــوى .فــا غرابــة إذا مــا تدهــور حــال
أال حياســب الناظــر؟ ومــن الــذي يقــوم بذلــك؟ يلخــص أمحــد 63.2 الوقــف مــع الزمــن .أي أن الفــرق الثالثــة قــد ال تلتقــي يف
ال معروفـاًإبراهيــم هــذه املســألة فيقــول« :إن كان الناظــر عــد ً املصلحــة.
باألمانــة اكتفــى منــه القــايض بتقديــم احلســاب اإلمجــايل إذا
وهــذا نفــس مــا حــدث لبعــض األرايض الزراعيــة املوقوفة
تعــذر عليــه بيــان جهــات الــرف واإلنفــاق بالتفصيــل .ثــم إن
ا .يقــول أحــد الدارســن« :األرض الزراعيــة يف اهلنــد مثــ ً
ادعــى إعطاءهــا للمســتحقني ومل يصدقــوه فالقــول لــه بيمينــه
تتدهــور عــر الزمــن ،فــا هيتــم أحــد بحفظهــا بحــال جيــدة،
...وإن كان الناظــر مته ـاً فــا يكتفــي القــايض منــه بتقديــم
الغلــة تقــل وتقــل ... ،فقــد ُعرضــت حــاالت ســوء إدارة
احلســاب اإلمجــايل بــل جيــره عــى التفصيــل ،لكــن ال حيبســه؛
األوقــاف يف اهلنــد وكذلــك إمهــال املتولــن (النظــار) واهنيــار
فــإن مل يبــن اكتفــى منــه باليمــن ،هكــذا قالــوا .وإن ادعــى
عقــارات األوقــاف عــى املحاكــم مــراراً .وباعتبــار كل هــذه
هــذا الناظــر رصف الغلــة للمســتحقني أو ألربــاب الوظائف ومل
األمــور ميكــن القــول بــكل حــال مــن األحــوال بــأن األوقــاف
يصدقــوه فــا يقبــل قولــه إال بالبينــة عــى مــا اســتقر عليــه الرأي إن يف بعض النوازل الفقهية إشارة لسوء حال املباين نتيجة
بجملتهــا مــا هــي إال مأســاة لألمــة»159.
إلمهال الفرق املـسيطرة .والصور 63.2إىل 66.2أمثلة عىل
أخــراً ،وياليــت احلكــم يف ذلــك يعــم كل ناظــر لتغيــر أحــوال
ذلك عموماً وليس بالرضورة يف األوقاف .فرتى يف الـصــورة
النــاس ،فــا يعتــر قــول أي ناظــر إال بالبينــة .»...ومــن هــذا وهنــاك الكثــر مــن النــوازل التــي تشــر إىل مــدى
63.2من تـازة ،والـصـورة 64.2مـن القـاهـرة يف الصفحة
القــول تتضــح لنــا مــدى صعوبــة إثبــات التهمــة عــى الناظــر. السابقة ،والصـورة 65.2مـن فيقـيق رشقي املغــرب تــداعـي اســتهالكية الفريــق املســتخدم دومنــا صيانــة مالمئــة ،وأذكــر
فمهنــا حاولــت املجتمعــات مــن اثبــات رسقــة الناظــر مثــا، حــوائط املـبــاين .أمــا الـصــورة 66.2من الـطائف ،فهي 64.2 منهــا هــذه الفتــوى« :ســئل الفقيــه ســيدي عيــى بــن عــال
منظـر مألوف يف كل املـدن املعارصة يف العامل اإلسالمي وهي (وكان إمام ـاً بجامــع القرويــن وقاضي ـاً بفــاس ،ت )823رمحــه
فاملخــارج للناظــر املتالعــب كثــرة ألنــه يعــرف كل مداخــل حتول األرض التي هيملها صاحبها إىل جممع لنفايات اجلريان.
الوقــف التــي ال حييــط هبــا موظفــوا جهــات الوقــف ،وهــذا اللــه عــن دار حبســت عــى مــؤذن يــؤذن يف الثلــث األخــر
بالطبــع لــن يقــع مــن املالــك لعقــاره .ولكــن أال يعــزل الناظــر 66.2 مــن الليــل حــن ينــام املؤذّنــون ،وأخــرى حمبســة عــى مــن
ا أو غــر أمــن؟ وهــذه أيضــاً مســألة صعبــة، إذا كان مهمــ ً يكنــس مبســجد آخــر ويغلــق ويفتــح ،ثــم إن املحبــس عليهــا
فليــس للقــايض أن ُيعــزل الناظــر الــذي ُويل مــن قبــل الواقــف املذكوريــن مل يــزاال يســتغال الداريــن املذكورتــن حتــى
إال إذا ثبــت بالطريــق الرشعــي مــا يوجــب عزلــه163. هتدمتــا هتدمـاً فاحشـاً حمتاجـاً إلصــاح كثــر ،فانظــروا ســيدي
عــى مــن هــو اإلصــاح ،هــل مــن احلبــس؟ أعــي مــن حبــس
ومــن األســباب التــي ســاعدت عــى إمهــال الوقــف هــو
كل مســجد أم يلــزم املؤذنــن بنــاء ذلــك مــن ماهلــا؟ لكوهنــا
حتديــد الواقــف للمســتفيدين مــن الوقــف بجهــة متزايــدة يف
تســ ّببا يف هــدم ذلــك ،وبطلــت نيــة املحبــس الــذي حبــس
عددهــا ،كأن يكــون ريــع الوقــف خمصــص للورثــة مــن األبنــاء
ذلــك ،ولــكل واحــد مــن املؤذنــن مــدة مــن أربــع وعرشيــن
وأبنــاء األبنــاء 164.ففــي هــذه احلالــة ،فــإن عــدد املســتفيدين
ســنة ،بينــوا لنــا .فأجــاب :املؤذنــان أوىل بإصــاح الــذي
ا بعــد جيــل مــا يــؤدي إىل نقصــان نصيــب كل فــرد
ســيزداد جيـ ً هتــدم مــن الــدور 160.»...ويف نازلــة أخــرى «ســئل الربجيــي
109 108
67.2 مــن ناظــر الوقــف وقــد يتقاعــس عــن ذلــك .وكــا ذكــرت يف ذلــك أم ال؟ فأجــاب :أمــا توســيع املســجد بإدخــال املواضــع منهــم وبالتــايل إىل عــدم اهتاممهــم مبــا جيــري للوقــف ومتابعــة
املقدمــة يف ظاهــرة النمــو والتغـ ّـر ،فــإن البيئــة تتغــر ،وكذلــك احلبســة فيــه فجائــز ،وال يفتقــر يف ذلــك إىل تعويــض عــن الناظــر ،وهــذا ســيؤدي إىل اهنيــاره .ومبســألة حســابية بســيطة
الظــروف املحيطــة بالعــن املوقوفــة تتغــر؛ وهــذا يعــي احلاجة احلبــس ،إال أن يكــون احلبــس عــى قــوم معينــن ،فــا يؤخــذ ميكــن اســتنتاج ذلــك :فــإذا كان للواقــف ابنــان وخلّــف كل
املســتمرة الختــاذ القــرارات التــي تالئــم هــذه التغــرات البيئيــة، منهــم إال بالثمــن ،وإمنــا اختلفــوا يف غــر اجلامــع ،فأكــر ابــن منهــم ابنــن وهكــذا ،وإذا كان الوقــف مقصــوراً عــى
والتــي ســتحتاج للفتــاوى باســتمرار ال ســيام إذا مــا أخذنــا يف املتأخريــن عــى جــوازه كاملســجد اجلامــع ســواء ،وخالــف يف الذكــورة مــن األحفــاد ،ففــي خــال مخســة أجيــال قــد يصــل
االعتبــار أن الوقــف عــن أزليــة يف ُحكْمهــا وعمرها ،فــا بد وأن ذلــك أبــو عبــد اللــه بــن عــات وابــن العــايص ،قــاال :ال يصــح عــدد املســتفيدين األحيــاء إىل أكــر مــن مثانيــة وأربعــن فــرد ًا،
يــأيت يــوم ألي عــن موقفــة وحتتــاج فيــه للتغيــر خــال مئــات أن يؤخــذ احلبــس إال للمســجد اجلامــع خاصــة إذا ضــاق»167. علـاً أن هــذا الرقــم قــد يتضاعــف مــع كل جيــل .لقــد ذكــر يل
الســنني مــن عمرهــا .ويف هــذه احلــاالت فــإن تقييــد تــرف وبالطبــع فــإن هــذا الــردد ســيؤدي إىل تقييــد حريــة الناظــر. أحــد التالميــذ أن نصيبــه مــن أوقــاف هلــم يف مكــة املكرمــة مل
الناظــر مــن خــال الفتــاوي قــد يؤثــر عــى حــال الوقــف. ال ســعودياً يف الســنة املاضيــة ،وذلــكيتجــاوز ســتة عــر ريــا ً
أمــا يف األحــوال التــي يكــون فيهــا الــرر واضح ـاً فقــد
لكــرة املســتفيدين مــن الوقــف.
68.2 وقــد تســألون :ولكــن تقييــد حريــة الناظــر رضورة أفتــى الفقهــاء بجــواز أو حتــى رضورة التــرف يف الوقــف.
أحيانــاً ملصلحــة املســتفيدين واملســتخدمني للوقــف؛ فقــد فلقــد ســئل الفقيــه مــوىس العبــدويس «عــن ميضــات (أماكــن أمــا إذا كان املســتفيدون مــن الوقــف هــم جهــة ثابتــة
يتــرف الناظــر بطريقــة يســتفيد هــو فيهــا مــن الوقــف عــى الوضــوء) بنيــت حــول املســجد اجلامــع ،ومل يزل اإلمهــال يكرث كعمــوم املســلمني أو الفقــراء أو حمــددة حتديــدا دقيقــاً جــداً
حســاب املوقــوف عليهــم كالفقــراء ،لذلــك جيــب مراقبتــه؟ فيهــا حتــى تــرك الوضــوء بــه لضيقه وكــرة ظلمتــه ،وصــار مجلة (كالوقــف الــذي خصــص دخلــه ملــن يقــوم عــى الدابــة
أقــول :هــذا صحيــح؛ ولكــن هــذه املراقبــة املســتمرة للمتولــن النــاس يتغوطــون فيــه ،فينجــس بذلــك املــاء اجلــاري فيــه لبــاب ا) 165،فــإنالتــي تنقــل رئيــس اجلامــع األزهــر بالقاهــرة مثــ ً
أو النظــار شــبه مســتحيلة عــى املجتمــع ،وذلــك ألن الناظــر احلفــاة يف غالــب األمــر ،وتتطــرق النجاســة إىل مســجد اجلامــع الــذي ســيؤثر عــى حــال الوقــف هــو دور الناظــر (الفريــق
دائــم الوجــود بجانــب العــن املوقوفــة وليــس كاملجتمــع بعيــد صح ِنــه ليصــي
بســبب ذلــك ،وتــؤذي رائحتــه مــن جيلــس يف ْ املســيطر) ،وذلــك ألن أي تغيري أســايس ســيحتاجه الوقــف وأراد
عنهــا ،فالناظــر هــو املتمكــن ،وبالتــايل فهنــاك أحــد ثالثــة فيــه يــوم اجلمعــة ،أو يف أيــام احلــر ،وآل أمــره إىل أن أغلــق الناظــر القيــام بــه وكان خارجــاً عــن الــروط التــي وضعهــا
احتــاالت :األول هــو أن النــر حليــف الناظــر لعــدم متكــن ...فهــل يســوغ تغيــره حوانيــت تلحــق بأحبــاس املســجد الواقــف ســتحتاج إىل فتــوى رشعيــة .والفتــوى هنــا معناهــا
املجتمــع مــن مراقبتــه الدامئــة والســيطرة عليــه؛ الثــاين هــو اجلامــع ،وينتفــع بخراجهــا ،وال خيــرج املوضــع املذكــور عــن تقييــد حركــة الفريــق املســيطر أو الناظــر ،وهــذه قــد تــؤدي
اعتـمدت املديـنة التقليـدية عىل األوقـاف يف أكرث مـرافقها من ازديــاد الشــد بــن الناظــر واملجتمــع عــى حســاب الوقــف معــى التحبيــس عــن اجلامــع املذكــور مــع احتياجــه لذلــك إىل تأخــر عمليــة التغيــر وبالتــايل إىل ضعــف حــال الوقــف.
مدارس ومصحـات ومكتبات وقناطـر و ...و ....فالرسمة 67.2 وبالتــايل ســوء حالــه؛ الثالــث هــو إرهــاق املجتمــع باملراقبــة ...فأجــاب ... :أن بنيــان احلوانيــت يف املوضــع الــذي ذكرتــم ا ،يف نازلــة «ســئل الشــيخ الفقيــه اإلمــام أبــو القاســم فمثــ ً
تـرينـا قـنطـرة (جـرس ذا عقـود) خـارج مـدينـة بـورصـة،
املســتمرة والتــي تتطلــب الكثــر مــن املــال واملجهــود ،إال إذا جائــز ،بــل هــو مــن قبيــل املنــدوب املحتســب وإزاحــة الرضر التازغــدري رمحــه اللــه عــن مســألة تعويــض دار ابــن بشــر
والــرسمـة 68.2تــرينـا عىل يـمني الــرسمـة سـبيل مـاء يف
كانــت هنــاك مراقبــة ذاتيــة مســتمرة كمخافــة الناظــر مــن والنــن مــن املوضــع املذكــور واجــب 168.»... اخلربــة بــدرب ابــن حيــون مــن فــاس املحبســة عــى جامــع
الطـريق خارج مـدينـة بورصـة أيضـاً برتكيـا أيام اخلالفة
العثامنية (الرسمتان للرسام ألوم) .وهنا مسألة مهمة جدا ،أال اللــه عــز وجــل .ويف هــذه احلالــة األخــرة ،فــإن الوقــف نعمــة القرويــن .فأجــاب بــأن قــال :بيــع الــدار املذكــورة وتعويضهــا
مــن هــذه النــوازل نالحــظ مســألة وهــي أنــه ال بــد مــن
وهي كيف جتعل الرشيعة مسألة املرافق يف وضع إذعاين مشتت؟ عــى املســلمني .أي أن الوقــف مل يكــن دامئــاً يف حــال يسء. ال يصــح ألمــور ثالثــة :أحدهــا أن بيــع احلبــس وتعويضــه
واإلجابة هي أن طبيعة بعض اخلدمات تتطلب هذا التداخل بني إثبــات الــرر الناجــم عــن وضــع الوقــف احلــايل حتــى يتمكــن
فالتاريــخ يذكــر لنــا أن أكــر املســاجد واملــدارس واملصحــات بغــره عنــد مــن أجــازه ،إمنــا هــو إذا انقطعــت منفعتــه مجلــة،
الفرق املسيطرة واملستخدمة ،فال مفر أحيانا من هذا التداخل إال الناظــر مــن التــرف .ففــي نازلــة ســئل «ســيدي أبــو عبــد اللــه
إن كانت النظام رأسامليا بحيث أن مجيع املرافق واخلدمات تكون واملكتبــات واخلانــات واألربطــة والقناطــر وأســوار املــدن وهــذه الــدار مل تنقطــع منفعتهــا ،ألنــه ممــا ميكــن كراؤهــا عــى
احلفــار مــن أعــام حــارضة غرناطــة عــن فــدان حبــس عــى
سلعا ،مثل أن يكون التعليم سلعة فيحرم منه الفقراء ،ويكون وجــدت عــن طريــق األوقــاف (الصورتــان 67.2و .)68.2فلــم مــا هــي عليــه ملــن ينتفــع هبــا مــن احــراز مــا ميكــن احــرازه
مــرف مــن مصــارف الــر ال منفعــة فيــه ،هــل يبــاع ويشــرى
التطبيب سلعة ،وهكذا ،هنا كانت حكمة الرشيعة بجعل هذه تكــن هنــاك وزارات للتعليــم والصحــة واملواصــات يف الــدول هبــا 166.»...أي أن الفتــوى يف هــذه النازلــة قــد قيــدت حريــة
املرافق كأوقاف ولكن باستقاللية عالية ودومنا بريوقراطية تشبه بثمنــه مــا يكــون بــه منفعــة؟ فأجــاب :إذا كان الفــدان الــذي
اإلســامية األوىل مبفهومهــا احلــايل وتتــوىل مســؤولية التدريــس الناظــر .فقــد تكــون املنطقــة التــي هبــا الــدار قــد حتولــت
بريوقراطيات احلكومات ما يؤدي لتنمية جمتمعية أفضل كام هو حبــس ال منفعــة فيــه فإنــه جيــوز أن يبــاع ويشــرى بثمنــه فدان
موضح يف النص. وبنــاء املستشــفيات وصيانــة املســاجد وتعبيــد الطــرق .بينــا تدرجييــا ملنطقــة صناعيــة مــا يتطلــب بيعهــا لصعوبــة الســكىن
آخــر بحبــس ،وتــرف غلتــه يف املــرف الــذي حبــس عليــه
ازدهــرت العصــور األوىل مــن اإلســام هبــذه اخلدمــات .فلقــد فيهــا إال بأجــر منخفــض.
األول عــى مــا أفتــى بــه كثــر مــن العلــاء يف هــذا النــوع ،فقــد
إىل مدرســيهم مــع ســكناهم وتغذيتهــم 170.فلــاذا إذ ًا حــال ا بتأمــن الطريــق قامــت زبيــدة زوجــة هــارون الرشــيد مث ـ ً أفتــى ابــن رشــد (ت )450رمحــه اللــه يف أرض حمبســة عدمــت ويف بعــض األحــوال التــي يكــون الصالــح العــام فيهــا
األوقــاف يف هــذا التناقــض؟ اإلجابــة هــي يف خمافــة اللــه. بــن بغــداد ومكــة مــع كل مســتلزماته .وكان هنــاك أكــر مــن
منفعتهــا بســبب رض جــران أن تبــاع ،ويعــاوض بثمنهــا مــا فيــه واضحـاً ،كان هنــاك نــوع مــن الــردد يف فتــاوي الفقهــاء .ففــي
وللتوضيــح البــد لنــا مــن توضيــح أصــل الوقــف ورشوطــه. ثالمثائــة مدرســة ابتدائيــة يف القاهــرة عندمــا احتلهــا الفرنســيون
منفعــة عــى مــا قالــه مجاعــة مــن العلــاء يف الربــع املحبــس إذا نازلــة ســئل فقيــه «عــن حبــس ملســجد بــإزاء مســجد ع ّينــه
هنــاك نــوع مــن اخللــط بــن الوقــف والصدقــة ،فكثــر يف هنايــة القــرن الثامــن عــر امليــادي؛ وكانــت إحــدى هــذه
خــرب ،ويكــون ذلــك بحكــم القــايض بعــد أن يثبــت فيــه أنــه صاحبــه لكــون فائــده يــرف يف املســجد يف البنــاء وغــره
مــن كتــب الفقــه تــدرج الوقــف والعطايــا أو الوقــف والصدقــة املــدارس تســع أربعامئــة طالبــاً وأربعامئــة طالبــة ،باإلضافــة
ال منفعــة فيــه» 169.ومراحــل اإلثبــات هــذه تتطلــب جهــوداً ولإلمــام ،هــل جيــوز إدخالــه يف توســيع املســجد إذا أراد أهلــه
111 110
معنــاه أن هــذه األوقــاف ليســت يف اإلذعــاين املشــتت ،وذلك ألن هــي أحــد املراجــع املهمــة يف اســتقاء أحــكام الوقــف .فريجــع اللــه بــن هليعــة أن الرســول صــى اللــه عليــه وســلم قــال بعــد يف بــاب واحــد .فلقــد ســمعت وقــرأت للكثــر مــن املتحدثــن
فريقــن يشــركان يف العــن ،فهــي يف اإلذعــاين الرتخيــي182. الشــوكاين إليهــا فيقــول(« :قولــه أن يــأكل منهــا باملعــروف) ... مــا فرضــت الفرائــض يف ســورة النســاء« :ال حبــس (أي وقــف) والكتــاب الذيــن يســتخدمون األحاديــث واآليــات التــي حتــث
أمــا يف احلالــة التــي ال خيــاف فيهــا الناظــر اللــه يف ترصفاتــه، قــال القرطبــي جــرت العــادة أن العامــل يــأكل مــن مثــرة الوقــف بعــد ســورة النســاء» 174،ولقــد أخــذ أبــو حنيفــة هبــذا احلديــث. عــى الصدقــة لالســتدالل هبــا يف احلــث عــى الوقــف كحديــث
َ ْ َ َ ُ ْ َّ َ َّ ٰ ُ ْ ُ
فهــو بذلــك فريــق ثالــث ،والشــد واالختــاف بــن الناظــر قبح ذلــك
حتــى لــو اشــرط الواقــف أن العامــل ال يــأكل الس ـ ُت َ يقــول الكاســاين يف البدائــع« :وأليب حنيفــة عليه الرمحــة ما روي ـى تن ِفقــوا ـر حـ صحيـ ُـح البخــاري« :ملّــا نزلــت :لــن تنالــوا الـ ِ
َ
واملســتخدم مــع جتميــد امللكيــة أو إعطاءهــا لفريــق ثالــث منــه ،واملــراد باملعــروف القــدر الــذي جــرت بــه العــادة ،وقيــل عــن عبــد اللــه بــن عبــاس ريض اللــه عنهــا أنــه قــال ملــا نزلــت ت ُّبــون (آل عمــران :األيــة -)92جــاء أبو طلحة إىل رســول َّ
ِممــا ِ
مشــاكس ســيؤدي إىل تدهــور الوقــف ،وهــذا هــو اإلذعــاين القــدر الــذي يدفــع الشــهوة ،وقيــل املــراد أن يأخــذ منــه بقــدر ســورة النســاء وفرضــت فيهــا الفرائــض :قــال رســول اللــه صــى اللــه صــى اللــه عليــه وســلم فقــال :يــا رســول اللــه ،يقــول اللــه
ْ َّ َ َّ ٰ ُ ْ ُ َ ْ ََ ُ
املشــتت .وهــذه النتيجــة مهمــة لنــا يف التعامــل مــع البيئــة ال أي
عملــه ( ...قولــه غــر متمــول) أي غــر متخــذ منهــا مــا ً اللــه عليــه وســلم :ال حبــس عــن فرائــض اللــه تعــاىل .أي ال مال ـى تن ِفقــوا ِم َّمــا ـر حـ ُتبــارك وتعــاىل يف كتابــه :لــن تنالــوا الـ ِ
َ
املعــارصة .انظــر وصــف القــرآن هلــذه احلالــة يف قولــه تعــاىل: ملــكاً 179.»... حيبــس بعــد مــوت صاحبــه عــن القســمة بــن ورثتــه ،والوقــف ت ُّبــون ،وإن أحــب أمــوايل إيل بريحــاء ،قــال :وكانــت حديقــة ِ
ً ُ ََ ُ َُ َ ُ َ ََ ً َ ُ ً
ــون َو َر ُجــا س ك
ِ ا ش ت م ء كش ه
ِ يــ ف
ِ ــا «ض َب اهلل مثــا رج َ َ حبــس عــن فرائــض اللــه تعــاىل عــز شــأنه ،فــكان منفيـاً رشعـاً كان رســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم يدخلهــا ويســتظل
َ
َ ْ َُْ ُ ْ َ َ ْ َْ َ َ ََ ً ْ
ال َ ْمـ ُ َســلَ ًما ل َر ُ ومــن مراجعــة أقــوال الفقهــاء املســتقاة مــن مثــل هــذه
ـم ل ـد ِل بــل أكثهـ ان مثــاـل هــل يســت ِوي ِ
ٍ ـ ج ِ ( ...وأمــا) أوقــاف الصحابــة ريض اللــه عنهــم فــا كان منهــا يف فيهــا ويــرب مــن مائهــا فهــي إىل اللــه وإىل رســوله صــى
ََُْ َ األوقــاف (كقــول الشــوكاين) نخــرج بنتيجتــن هامتــن ومهــا:
يعلمــون ...األيــة ،29الزمــر». زمــن رســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم احتمــل أهنــا كانــت اللــه عليــه وســلم ،أرجــو بــره وذخــره ،فضعهــا أي رســول اللــه
أن للناظــر أن يــأكل مــن الوقــف قــدر حاجتــه ،وأنــه مل تكــن
قبــل نــزول ســورة النســاء ،فلــم تقــع حبسـاً عــن فرائــض اللــه حيــث أراك اللــه ،فقــال رســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم :بخ
هنــاك رشوط مشــددة يف الوقــف غــر الــرط الــذي يقيــد
تعــاىل ،ومــا كان بعــد وفاتــه عليــه الصــاة والســام فاحتمــل يــا أبــا طلحــة ،ذلــك مــال رابــح ،قبلنــاه منــك ورددنــاه عليــك،
تذكري مهم ملكيــة الوقــف كــا رأينــا ســابقاً 180.ولكــن الــذي حــدث هــو
أن ورثتهــم أمضوهــا باإلجــازة ،وهــذا هــو الظاهــر وال كالم فاجعلــه يف األقربــن :فتصــدق بــه أبــو طلحــة عــى ذوي رمحــه
أن بعــض الواقفــن ابتدعــوا الكثــر مــن الــروط ،فمنهــا مــا
وأخــرا ،ليتكــم تلتفتــون لــآيت ألمهيــة ،فقــد وقــع لبــس فيــه 175.»...واحتــج قليــل مــن الفقهــاء بعــدم جــواز الوقــف .»...إال أن مــا وىص بــه صــى اللــه عليــه وســلم هــو التصــدق
ا ،وقــد فصلهــا الشــيخ ابــن هــو باطــل فاســد يف الــرع أص ـ ً
كبــر يف فهــم األوقــاف .فكــا وضحــت مــرارا ،فقــد قامــت مبــا روي أن عبــد اللــه بــن زيــد عندمــا جعــل حائطــه صدقــة وليــس وقــف بريحــاء .وهــو وضــع خمتلــف متام ـاً ألن الصدقــة
تيميــة رمحــه اللــه 181.ومنهــم مــن متــادى يف رشوطــه لضــان
األوقــاف مبعظــم اخلدمــات التــي حيتاجهــا املجتمــع املســلم وجعلــه إىل رســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم« ،فجــاء أبــواه تــؤدي إىل اإلذعــاين املتحــد حيــث أن املـــ َت َص ّدق عليــه هــو
أكــر فائــدة ممكنــة للمســتفيدين مــن الوقــف (كطــاب العلــم
كاملــدارس واملصحــات ،وهــذا بســبب تطبيــق الرشيعــة إىل رســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم فقــاال :يــا رســول اللــه مل املالــك اجلديــد ،بدليــل أن أحدهــم بــاع نصيبــه .فتكملــة مــا
واأليتــام) اعتقــاداً منهــم أن ذلــك فيــه زيــادة يف األجــر مــن
وبالــذات يف العصــور األوىل يف احلقــوق ،فقــد كانــت اخلالفــة يكــن لنــا عيــش إال هــذا احلائــط ،فــرده رســول اللــه صــى اللــه جــاء يف صحيــح البخــاري هــو« :فتصــدق بــه أبــو طلحــة عــى
املــوىل عــز وجــل .فلقــد قــرأت صــكاً لربــاط لطائفــة معينــة
ذوي رمحــه ،قــال :وكان منهــم أُ ّ
األمويــة أقــرب للرشيعــة منهــا مــن العباســية ،والعباســية أفضل عليــه وســلم ،ثــم ماتــا فورثهــا»176. يب وحســان ،قــال :وبــاع حســان
يف املدينــة املنــورة وبــه كل مــا خيطــر عــى بالــك مــن رشوط:
مــن العثامنيــة حتــى وصلنــا إىل عرصنــا احلــايل الــذي مل تطبــق حصتــه منــه مــن معاويــة ،فقيــل لــه تبيــع صدقــة أيب طلحــة؟
كأن يقــوم الناظــر بكنــس املبــى مــرة يف اليــوم ،وغســله مــرة كــا أن أغلــب أحاديــث الرســول صــى اللــه عليــه وســلم
فيــه احلكومــات اإلســام إال يف العبــادات كالصــاة والصيــام فقــال :أال أبيــع صاع ـاً مــن متــر بصــاع مــن دراهــم؟ 171.»...
ا بعــدد كــذا وكــذا مــن املصابيــح، كل يومــن ،وإضاءتــه لي ـ ً حتــث عــى الصدقــة وليــس الوقــف .فعندمــا حــاول ســعد بن أيب
وليــس احلقــوق .هلــذا ،فقــد كانــت اخلالفــات اإلســامية وعليــه أن يوفــر املــاء للنــزالء ومــا إىل ذلــك مــن رشوط تشــعر ا أن يــويص مبالــه كلــه وكانــت عنــده ابنــة واحــدة، وقــاص مثـ ً وحيــث أن الصدقــة ختتلــف عــن الوقــف ،فهنــاك الكثــر
ال النتشــار اإلذعــاين املتحــد
مقارنــة بالشــعوب هــي األقــل مــا ً النــزالء بــأن الناظــر مــا وجــد إال خلدمتهــم .ودراســة صكــوك قــال لــه رســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم قولتــه املعروفــة: مــن اآليــات القرآنيــة التــي حتــث عــى الصدقــة ،ومل أجــد أي
يف العمــران وبالتــايل زيــادة نســبة املــاك والنطــاق النــاس األوقــاف هــذه تعطينــا فكــرة عــن كــرة وقســوة الــروط «فالثلــث والثلــث كثــر ،إنــك إن تــدع ورثتــك أغنيــاء خــر من آيــة حتــث عــى الوقــف .أمــا بالنســبة للحديــث فهنــاك حديــث
ا مــن أراد بنــاء
يف العطــاء بســبب التمكــن .فلــم يأخــذ مثــ ً التــي وضعهــا بعــض الواقفــن والتــي أدت إىل الشــد ثــم التنافــر أن تدعهــم عالــة يتكففــون النــاس يف أيدهيــم 177.»...والظاهــر واحــد رواه اجلامعــة إال البخــاري وابــن ماجــة وهــو أســاس
مصنــع موافقــة الســلطات إال يف فــرات متأخــرة مــن اخلالفــة بــن املســتخدمني والناظــر .فمعرفــة املســتخدمني بواجــب هــو أن الــذي أكــد الوقــف بــن الفقهــاء هــو فعــل الصحابــة الوقــف باإلضافــة إىل فعــل الصحابــة .فعــن أيب هريــرة أن النبــي
العثامنيــة ،بــل كان مبــدأ الــرر هــو احلاكــم كــا ســيأيت يف الناظــر يــؤدي إىل طلــب حقوقهــم منــه والضغــط عليــه .وأمــا رضــوان اللــه عليهــم ،وبذلــك أصبــح إمجاعـاً .فمــن أوائــل هــذه صــى اللــه عليــه وســلم قــال« :إذا مــات اإلنســان انقطــع عملــه
فصــل «احلريــة والــرر» إن شــاء اللــه .وألنــه ال موافقــات الناظــر فإنــه إن مل يتــق اللــه ،وبالــذات إذا مل يكــن لــه احلــق األوقــاف وأمههــا مــا أوقفــه عمــر بــن اخلطــاب .ففــي صحيــح إال مــن ثالثــة أشــياء :صدقــة جاريــة ،أو علــم ينتفــع بــه ،أو
مــن الســلطات ،فقــد انحــرت االحتــكارات ،وبالتــايل كان يف االســتفادة مــن الوقــف ،وكانــت لــه مطامــع دنيويــة ،فإنــه البخــاري« :عــن ابــن عمــر ريض اللــه عنهــا قــال :أصــاب عمــر ولــد صالــح يدعــو لــه» 172.ولقــد حــث هــذا احلديــث الكثــر
التوزيــع للــروات أكــر عــدال ،وهكــذا انتــر الــراء .ولــراء ســيهمل الوقــف ألنــه عــبء عليــه ،أو ســيقوم باالختــاس عــى بخيــر أرضـاً ،فــأىت النبــي صــى اللــه عليــه وســلم فقــال :أصبــت مــن الصحابــة عــى الوقــف .فيقــول ابــن قدامــة« :وأكــر أهــل
النــاس ،فقــد اســتطاعوا املســامهة ببنــاء وتوفــر هــذه املرافــق حســاب الوقــف .وبالنقيــض ،إذا كان الذيــن يســيطرون عــى ال قــط أنفــس منــه فكيــف تأمــرين بــه؟ أرضــاً مل أصــب مــا ً العلــم مــن الســلف ومــن بعدهــم عــى القــول بصحــة الوقــف.
التــي حيتاجهــا املجتمــع مــن خــال األوقــاف ،وهبــذا وبرغــم الوقــف ممــن يتقــون اللــه ويســعون لألجــر فإهنــم ســيترصفون قــال :إن شــئت ح ّبســت أصلهــا وتصدقــت هبــا .فتصــدق عمــر قــال جابــر :مل يكــن أحــد مــن أصحــاب النبــي صــى اللــه عليه
أهنــا يف اإلذعــاين املشــتت ،لكنهــا متتعــت باســتقاللية عاليــة وكأهنــم مــاك لــه ،فيهتمــون بــه ويصونونــه .أي أن الناظــر مثــرة
أنــه ال يبــاع أصلهــا وال يوهــب وال يــورث ولكــن ينفــق ّ وســلم ذو مقــدرة إال وقــف .ومل يــر رشيــح الوقــف وقــال :ال
ألن احلكومــات مل تســتطع التدخــل يف مســارها مــا جعلهــا يتــرف حســب أهــواء املالــك ،أي وكأنــه موظــف عنــد يف الفقــراء والقــرىب والرقــاب ويف ســبيل اللــه والضيــف وابــن حبــس عــن فرائــض اللــه ،قــال أمحــد :وهــذا مذهــب أهــل
تتمتــع مبرونــة أكــر مقارنــة باملؤسســات احلكوميــة آنــذاك. ا فــإن املســاجد الكوفــة 173.»...ولكــن يف املقابــل ،هنــاك حديــث ضعيــف
املالــك .ففــي حالــة املســاجد املوقوفــة مثــ ً ـن ول ّيهــا أن يــأكل منهــا باملعــروف ،أو
الســبيل ،ال جنــاح عــى مـ ْ
فهــذه األوقــاف بالطبــع ليســت مبرونــة القطــاع اخلــاص ،لكــن للــه ،وبذلــك فــإن تــرف النظــار يكــون يف خمافــة اللــه ،وهــذا 178
ـول فيــه» .ويظهــر أن هــذه احلادثة يطعــم صديقـاً ،غــر ُم َتمـ ّ أخرجــه الطحــاوي والطــراين والبيهقــي مــن طريــق عبــد
113 112
العــن وحجــم الفريــق والــذي وضحتــه يف الفصلــن الرابــع مقارنــة مبؤسســات احلكومــات املعــارصة بالــذات ،فهــي متتعــت
والثامــن بتوفيــق اللــه. باســتقاللية ومرونــة عاليتــن مــا جعلهــا تغطــي حاجــات
بنــاء وعليــه فــإن الوقــف قــد يكــون يف منــاذج خمتلفــة املجتمــع بكفــاءة أعــى .فالفســاد فيهــا ال يقــارن بالفســاد
ً
عــى تقــوى الناظــر واملســتخدمني كــا ذكــرت مــرارا .فــإذا الــذي يقــع يف مؤسســات احلكومــات .فجامعــة الســلطان حممــد
اتقــى النــاس اللــه عــز وجــل فــإن الوقــف نعمــة عليهــم ،وذلــك الفاتــح الوقفيــة مثــا يف اســطنبول اآلن ،برغــم أهنــا وقفيــة ،إال
ألن األوقــاف تكفــل كل مــا حتتاجــه املدينــة مــن خدمــات .أمــا أن اســتقالليتها ومرونتهــا جتعلهــا يف وضــع أفضــل مــن اجلامعات
إذا ســعى النــاس إىل أهوائهــم ومطامعهــم كــا هــو الغالــب، احلكوميــة .فمعظــم جامعــات العــامل القوية هي مؤسســات غري
ال
فــإن الوقــف ســيوضع يف اإلذعــاين املشــتت وســيكون وبــا ً ربحيــة وتنفــق عــى نفســها مــن اهلبــات والتربعــات وال ختضــع
عليهــم. للســلطات يف قراراهتــا .ولعلكــم تســألون :لكــن هــل هــذا يعــي
وعــى كل حــال ،فــإن حــال األوقــاف يف اإلذعــاين أن القطــاع اخلــاص هــو األفضــل يف توفــر اخلدمــات؟ تصعــب
املشــتت يف البيئــة التقليديــة أفضــل بكثــر مــن حــال األعيان يف اإلجابــة هنــا ألهنــا ليســت مســألة معامريــة ،بــل هــي مســألة
بيئتنــا املعــارصة ،وذلــك ألن األعيــان حتولــت إىل منــاذج تشــتتت اقتصاديــة أجبــت عليهــا يف كتــاب «قــص احلــق» بحمــد اللــه
وتبعــرت فيهــا املســؤوليات مــا أثــر عــى مجيــع أعيــان العمــران وتوفيقــه .فهــذه الفقــرة بعنــوان« :تذكــر مهــم» ،أضفتهــا هلــذه
مــن ســوء تنفيــذ إىل رسقــات يف التنفيــذ وإمهــال املســتخدمني، الطبعــة امللونــة لظهــور اللبــس لــدى الكثــر مــن نقــد النــاذج
وهــو موضــوع الفصــل القــادم ،أي« :ضيــاع املســؤولية». اإلذعانيــة لألوقــاف ،ذلــك أهنــم مل يركــزوا عــى مســألة حجــم
كم هي تكلفة هذه الواجهة؟ فهل تصميم هذا املبىن ذوق سقيم أم إبداع
بإرساف يف غري مكانه؟
114