Professional Documents
Culture Documents
دروس مادة القانون التجاري السنة الثانية د .علواش نعيمة
دروس مادة القانون التجاري السنة الثانية د .علواش نعيمة
القسم العام
إعداد :
د /علواش نعيمة
1
مقدمة
القانون التجاري هو مجموعة القواعد التي تخضع لها األعمال التجارية من جهة ومن جهة أخرى
يطبق أحكامه على التجار أي على األشخاص الذين يتخذون من التجارة مهنة لهم.
وعلى هذا األساس فإن قواعد القانون التجاري تحكم كل ما يتعلق بالمعامالت التجارية سواء
قام بها شخص طبيعي أو شخص اعتباري كالشركات ،وممارسة العمل التجاري ال يعتبر حك ار
على طبقة معينة من الناس ،بل يجوز لكل شخص أن يقوم به ما لم يكن ممنوعا بنص القانون
كما تطبق تلك القواعد القانونية على كل شخص اكتسب صفة التاجر عند امتهانه التجارة حينئذ
سيرتب على عاتقه القانون التزامات منها مسك الدفاتر التجارية والتسجيل في السجل التجاري
واتخاذ اسم وعنوان تجاري واإلمتناع عن المنافسة غير المشروعة عند ممارسته لهذه األعمال
التجارية .
كما تناولنا بالدراسة في هذا الملخص مفهوم المحل التجاري من حيث تعريفه وخصائصه
والعناصر المكونه له ،و الطبيعة القانونية ،واعتمدنا في تقرير هذا البرنامج على البرنامج الوزاري
الموجه لطلبة السنة الثانية جذع مشترك نظام ل م د .
2
محضر إجتماع الفرقة البيداغوجية لمادة القانون التجاري
إجتمعت الفرق البيداغوجية لمادة القانون التجاري المبرمجة لطلبة السنة الثانية حقوق ل م د
على الساعة الحادي عشر صباحا لمناقشة محاور األعمال الموجهة بشقيها البحوث العامة
واألعمال الشخصية وفقا لما يراه األساتذة مناسبا في إطار طريقة عرضها وكذا كيفية تقييم
الطلبة ،وانتهت الفرقة إلى إعتماد البحوث ااألتية ذكرها .
1ـ ـ مفهوم القانون التجاري " تعريف القانون التجاري ،خصائصه ،نطاقه ،عالقته مع القوانين
األخرى "
3
ثانيا :البحوث الشخصية
4ـ أهمية التفرقة بين العمل المدني والعمل التجاري و األثار القانونية المترتبة على التمييز
4
/19األعمال التجارية المنفردة
/ 27المقاولة
5
مراجع يمكن للطالب اإلعتماد عليها في تحصيل مادة القانون التجاري
أوال :الكتب
/ 2أحمد بلودنين :المختصر في القانون التجاري الجزائري ،دار بلقيس الجزائر2111 ،
/ 3أكمون عبد الحليم :الوجيز في شرح القانون التجاري الجزائري ،قصر الكتاب ،الجزائر
2116
/ 4نادية فضيل :القانون التجاري الجزائري ،األعمال التجارية ،التاجر ،المحل التجاري ديوان
المطبوعات الجامعية الجزائر 2117
/ 5حلو أبو حلو :القانون التجاري الجزائري ،األعمال التجارية و التجارة ،ديوان المطبوعات
/ 6سميحة القليوبي :الموجز في القانون التجاري ،األعمال التجارية ،التاجر ،الملكية الصناعية
والتجارية ،دار الثقافة
/ 7شادلي نور الدين :القانون التجاري ،مدخل للقانون التجاري ،األعمال التجارية ،التاجر
المحل التجاري ،دار العلوم الجزائر 2113
/ 8عباس حلمي :القانون التجاري ،األعمال التجارية ،التاجر ،المحل التجاري ،كلية الحقوق
جامعة عنابة ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر 1983
/ 9عبد القادر البقيرات :مبادئ القانون التجاري ،األعمال التجارية ،نظرية التاجر ،المحل
التجاري ،الشركات التجارية ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر 2111
/ 11علي بن غانم :الوجيز في القانون التجاري و قانون األعمال ،موفم للنشر و التوزيع الجزائر
2112
/ 12علي حسن يونس :القانون التجاري ،دار الفكر العربي ،مصر ،دون سنة نشر
6
/ 13علي سيد قاسم :دروس في قانون األعمال ،الجزء األول ،نظرية المشروع و األعمال
التجارية ،المشروع التجاري الفردي في القانون رقم 17لسنة ، 1999دار النهضة العربية
القاهرة 2111 ،
/ 15فوزي محمد سامي :شرح القانون التجاري ،الجزء األول ،مصادر القانون التجاري
األعمال التجارية ،التاجر ،المتجر ،العقود التجارية ،دار الثقافة للنشر و التوزيع عمان 2114
/ 16محمد األمير يوسف :الوجيز في شرح القانون التجاري ،المبادئ العامة و الشركات
مجموعة ب دار النصر للتوزيع و النشر ،القاهرة 2113
ثانيا :القوانين
7
الفصل األول
نتناول بالدراسة في هذا الفصل ،التطور التاريخي للقانون التجاري عبر العصور وكذا
تطور القانون التجاري و مفهمومه من حيث تعريفه وتمييزه عما يشابهه من أنظمة و نطاقه
ومصادره .
المبحث األول
ال شك أن التطور الذي تعرفه الدول في العصور الحديثة في مختلف المجاالت ،أدى من
الناحية االقتصادية إلى ظهور مبادالت وتعامالت تجارية جديدة لم تكن معروفة في السابق،
كالتجارة اإللكترونية مثال.
لكن المتمعن في المعامالت القانونية التي أفرد لها المشرع أنظمة قانونية تحكمها يجد أن
أصولها تمتد إلى العصور الغابرة .األمر الذي يدفعنا إلى البحث في هذه العصور من أجل تسليط
الضوء على طبيعة نشأة المعامالت التجارية المعروفة في ذلك الزمن ،ثم بعد ذلك تنتقل إلى
الحديث عن المعامالت المعروفة في العصر الحديث .
إن الحاجة اإلنسانية تستدعي أن تكون هنالك مبادالت بين الناس ،وأول ما اهتدى إليه
ّ
األشخاص هو التعامل بالمقايضة وهي مبادلة سلعة بسلعة ،ومن أجل معرفة كيفية إنشاء وتطور
القانون التجاري يتعين إتباع المراحل اآلتية:
لم تعرف الحضارة المصرية القديمة حسب الدراسات التاريخية قواعد ومعامالت تجارية
متميزة ،ولعل ذلك راجع الهتمامهم بالجانب الزراعي وتخليهم عن المعامالت التجارية لصالح
8
األجانب ،ومع ذلك يمكن اإلشارة إلى أن مجموعة بوخوريس التي ظهرت في القرن الثامن قبل
الميالد قد تضمنت أحكاما خاصة بالمعامالت التربوية أين حرمت الربا الفاحش في القروض.
ازدهرت التجارة في عصر البابليين واألشوريين حيث ظهرت معها قواعد ومعامالت
الزالت تلقي بطال لها على المعامالت التجارية المعروفة في عصرنا الحديث ،بحيث تعتبر
كأساس لها ويظهر ذلك من خالل قانون حامورابي والمتكون من حوالي 282مادة ،خصصت
منه 44نصا قانوني متعلق بالمعامالت التجارية أهمها بعض العقود الخاصة بالقرض والوكالة
بالعمولة وكذلك المعامالت المصرفية ،إلى جانب اشتماله على بعض أنواع الشركات المعروفة في
الوقت الحالي.
تميز عصور الفينيقيين واإلغريق بازدهار القواعد التجارية المتعلقة بالمالحة البحرية،
وذلك بحكم موقعهم الجغرافي المطل على البحر األبيض المتوسط ،حيث ظهرت قواعد تجعل
الخسارة مشتركة بين أعضاء المجموعة الواحدة وغير مقتصرة على فرد واحد من أفرادها .فلو
اقتضت الضرورة أن يقوم ربان السفينة بإلقاء بعض البضائع ورميها في البحر من أجل الحفاظ
على سالمة السفينة ومنعها من الغرق ،فإن خسارة البضائع الملقاة في البحر ال يتحملها مالكها
لوحده ،وإنما تمتد المسؤولية لجميع الركاب بحيث يشتركون معه في تحمل الخسارة ويعرف هذا
النظام بقاعدة العوار (. )avarie
على الرغم من أن الرومان لم يكونوا مهتمين بالتجارة حيث كانوا يرونها ال تليق بأشراف
القوم ،مما جعلهم يتخلون عنها لصالح العبيد واألجانب ،ومع ذلك ظهرت بعض القواعد الخاصة
بالتعامالت التجارية كالقواعد المتعلقة بالشركات ،واستمدوا من اإلغريق قاعدة عقد قرض
المخاطر الجسيمة في مجال التجارة البحرية.
9
الفرع الخامس :القانون التجاري في العصر اإلسالمي
عرف العرب التجارة منذ القدم وذلك من خالل حركة انتقال القوافل من وإلى الجزيرة
العربية ،وقد خلد القرآن الكريم ذلك في سورة قريش (في رحلتي الشتاء والصيف) ،ولقد تضمنت
الشريعة اإلسالمية أحكاما متعلقة بالتعامالت التجارية ،وتعتبر بعض أحكامها أصال لبعض
النصوص القانونية الوضعية ،حيث أقرت مبدأ اإلثبات الكتابي فيما يخص المعامالت المدنية
وأطلقته في المعامالت التجارية أين جعلته ح ار غير مقيد.وجاء ذلك في آية سورة البقرة من قوله
تعالى فيما يخص الدين المدني (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) .
أما ف يما يخص المعامالت التجارية تضمنها قوله تعالى في نهاية آية الدين والتي سبق ذكرها آنفا
وتتمتها ( إال أن تكون تجارة حاضرة تدبرونها بينكم فليس عليكم جناح أال تكتبوها وأشهدوا إذا
تبايعتم ) ،كما وردت نصوص أخرى تحرم بعض المعامالت كاالستغاللية كقوله تعالى ( و ّ
أحل
الله البيع و حرم الربا ) .وقوله صلى الله عليه وسلم ( الجالب مرزوق و المحاكر ملعون)
أعقب سقوط اإلمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميالدي إنكماش شديد للحركة
التجارية الداخلية والخارجية وبدء نظام اإلقتصاد المغلق المحصور في المدينة أو في القرية ولم
تأخذ التجارة في اإلنتعاش إال خالل القرن الحادي عشر ،حيث ظهرت عدة مدن وموانئ بحرية
أصبحت فيما بعد مرك از هاما للنشاط التجاري نذكر منها البندقية وجنوة وفلورنسا وأمستردام وفي
هذه الفترة بالذات سيطرت طبقة التجار وأحكمت يدها على زمام األمور التجارية وغير التجارية
بفضل ثروتها الكبرى التي توصلت إلى جمعها وفرضت سلطتها واستلمت الحكم وسنت الشرائع
واألنظمة وكانت طائفة التجار تنتخب رئيسا لها هو القنصل الذي يعتبر حاكم المدينة يتولى
الفصل في النزاعات بين التجار ويعتمد في قضاءه العرف والعادات التجارية وقد ساعد تطور
التجارة في العصور الوسطى عدة عوامل.
برزت أيضا في العصور الوسطى ظاهرة إنتشار األسواق تدريجيا في المدن األوروبية نذكر
منها سوق ليون في فرنسا وفرانكفورت في ألمانيا ،فكان التجار في البداية يقومون برحالت
10
جماعية في المواسم نظ ار لصعوبة التنقل وعدم األمان الذي كان سائدا في أوربا أنذاك ،لكن ما
لبثت هذه األسواق أن استقرت في المدن الكبرى فأصبحت أسواقا عالمية انتشرت فيها عادات
وأعراف تعامل بها التجار إلى أن أصبحت بمثابة قواعد قانونية تستعمل في جميع األسواق
فاألسواق الدورية سهلت على التجار اإللتقاء في أوقات معينة وفي أمكنة معينة للقيام بكافة
العمليات التجارية ،وقد نشأت عنها مجموعة من القواعد العرفية سميت بقانون األسواق وكانت
تقوم على فكرتين أساسيتين هما سرعة العمليات التجارية و دعم اإلئتمان ،وهاتين الفكرتين
أصبحتا فيما بعد من الدعائم األساسية للقانون التجاري في العصر الحديث.
نتج عن هذه الحروب اإلتصال المباشر بين الشرق والغرب ،وتم على إثر ذلك نقل األنظمة
الغربية المتعلقة بالعمليات المالية والمصرفية إلى البالد الشرقية كما نشأت حركة تجارية مستمرة
بين الموانئ الغربية والشرقية ،فلم تنتعش الحركة التجارية إال عند قيام الحروب الصليبية التي
أدت إلى فتح أبواب التجارة بين الشرق والغرب ،وكانت إيطاليا بحكم موقعها اإلستراتيجي المطل
على البحر األبيض المتوسط تتلقى كل شيء حديث جاء به العرب وهذا في القرنين السابع
والثامن الميالدي فبرز شأن العرب في تطوير التجارة بدليل وجود مصطلحات التينية ذات أصل
عربي و مازالت مستعملة حتى اليوم .
ساهمت الكنيسة بطريق غير مباشر في نشر القانون التجاري وازدهاره ،فقد حظرت ابتداء من
القرن الثاني عشر إقراض النقود بالفائدة وكان من أثر هذا الحظر أن إحتكر اليهود ـ ـ ـ وهم
خارجون عن سلطان الكنيسة وغير خاضعين ألوامرها ـ ـ ـ تجارة النقود وعمليات البنوك طويال في
البالد المسيحية ،على أن المسيحيين اللومبارديين في شمال إيطاليا حصلوا على حماية السلطات
المدنية من أوامر الكنيسة فلم يحترموا الحظر الكنسي و مارسوا مع اليهود تجارة النقود ومختلف
العمليات المالية .هذا الحظر الذي جاءت به الكنيسة جعل أصحاب رؤوس األموال يبحثون عن
وسيلة أخرى الستثمار أموالهم فابتدعوا نظام التوصية الذي بمقتضاه يقدم الرأسمال نقودا للتاجر
11
في مقابل جزء من األرباح على أال يسأل إال في حدود ما قدمه من مال ،فأقرت الكنيسة هذه
العملية نظ ار للمخاطر التي تتعرض لها النقود في هذه الحالة .
وهكذا نشأت شركة التوصية التي حققت نجاحا كبي ار فيما بعد ولنفس العلة ،أباحت قرض
المخاطر الجسيمة وانتهى حظر الكنيسة في القرن التاسع عشر حين أخذت القروض لإلنتاج
مكانا كبي ار في العمليات المصرفية
ارتبطت فكرة تطور القانون التجاري في العصر الحديث باكتشاف القارة األمريكية حيث
انتشرت المعامالت التجارية ولم تقتصر على الجانب المحلي والوطني ،وإنما امتدت إلى الخارج
وذلك بعد أن تكونت شركات ضخمة من أجل استثمار الثروات في دول أخرى فأصبح لها قوة
اقتصادية كبيرة في الدول التي تزاول فيها نشاطها ،الشيء الذي دفع بهذه الدول إلى وضع قواعد
وتنظيمات قانونية تحكم عمل هذه الشركات األجنبية داخل حدود إقليمها.
ظهرت الحاجة الملحة إلى تقنين القانون التجاري نظ ار لإلستقرار الذي ظهر في
القرن التاسع عشر وهذا في ظل النظام الحر ،ويرجع أول تقنين للقانون التجاري الفرنسي الذي
نأخذ به على أساس معظم الدول العربية بما فيها الجزائر استنبطت قوانينها من أحكام القانون
الذي تضمنه األمر الملكي سنة 1673 إلى عهد لويس الرابع عشر التجاري الفرنسي
ordonnance sur le commerceويتضمن قواعد التجارة البرية ويحوي على إثنا عشر بابا
تناول موضوعات الشركات التجارية ،األوراق التجارية اإلفالس واختصاص المحاكم التجارية و
يسمى هذا التقنين أيضا بتقنين سافاري code savaryنسبة إلى سافاري الذي كان له الدور
الكبير في وضعه .
ثم جاء بعده التقنين الثاني الذي صدر باألمر الملكي عام ordonnance 1681
sur la marineويتضمن قواعد التجارة البحرية ،وبعد إندالع الثورة الفرنسية صدر قانون
تجاري جديد عام 1817عرف بقانون نابليون و يشمل 648مادة موزعة على أربعة كتب األول
والثالث في التجارة بوجه عام 189 – 118والثاني في التجارة البحرية المواد 436 – 191
12
في اإلفالس المواد 614 – 437والرابع في القضاء التجاري المواد 648 – 615وال يزال
العمل بهذا التشريع حتى اليوم رغم التعديالت الكثيرة التي ادخلت عليه .
يمكن تقسيم مراحل تطور القانون التجاري الجزائري إلى مرحلتين وهما مرحلة ما قبل
االستقالل ومرحلة استرجاع السيادة على األرض.
باعتبار أن الجزائر كانت تعتبر جزءا تابعا للسيادة الفرنسية فإن القواعد التجارية الفرنسية
هي التي كانت تطبق في النزاعات والتي تنشأ بين األطراف.
استمر العمل مبدئيا بالقوانين الفرنسية إال ما كان منها يمس بالسيادة الوطنية ،ولقد عرفت
الجزائر أول قانون لها متعلق باألحكام المنظمة للعالقات التجارية سنة ،1975وذلك بصدور
األمر رقم 59/75المؤرخ في 26سبتمبر ،1975المتضمن القانون التجاري.
ونظ ار للتحول الذي عرفته الدولة الجزائرية بتخليها عن النظام الحزب الواحد على الصعيد
الحر على حساب النظام ّ السياسي بتبنيها التعددية الحزبية وكذلك اعتناقها مبدأ االقتصاد
االقتصادي الموجه الذي كان سائدا اقتضت الحكمة والمنطق ضرورة إثراء القانون التجاري
بمجموعة من القوانين المعدلة والمتممة من أجل مواكبة األوضاع والسياسة الجديدة وأهم هذه
القوانين الصادرة في هذا الشأن:
13
-قانون 1991المنظم للسجل التجاري.
14
المبحث الثاني
بالرجوع إلى مختلف النصوص القانونية المتعلقة بتنظيم التجارة في الجزائر ،نجد أن
المشرع لم يقدم تعريفا بمعنى القانون التجاري ،لكنه بين من خالل مواده األشخاص الذين تسري
عليهم أحكامه ،وهم فئة التجار ،سواء كانوا أفرادا أي :أشخاص طبيعية أو أشخاصا معنوية
كالشركات التجارية والجمعيات ...إلخ .هذا من جهة ،كما أن القانون التجاري ينطبق على بعض
األعمال التي يأتيها الشخص والمسماة باألعمال التجارية من جهة أخرى.
غير أنه عدم قيام المشرع بإعطاء تعريف خاص بالقانون التجاري ال يعد عيبا يتعين
بموجبه توجيه االنتقاد له .ذلك أن االختصاص في هذا المجال راجع للفقه ،حيث وبالرجوع إلى
الفقهاء نجدهم مختلفين في تحديد المقصود بالقانون التجاري .إال أنهم وفي آن أخر يكاد يكونون
متفقين على أن أحكام القانون التجاري تبسط نفوذها على فئتين محددتين وهما :فئة التجار وفئة
األعمال التجارية.
وعليه من خالل كل ما سبق يمكننا إعطاء تعريف القانون التجاري على النحو اآلتي:
القانون التجاري هو مجموعة من القواعد القانونية التي تحكم فئة معينة من األشخاص وهي فئة
التجار وتحكم فئة من األعمال وهي األعمال التجارية
وبما أن القانون التجاري نتيجة التطور الذي عرفته مختلف المراحل التي ّ
مر بها ،أصبحت له
15
قواعد تحكم وتنظم العالقة فيما بين األشخاص المزاولين لألعمال التجارية .فإنه بذلك يكون متميز
في معامالته وأحكامه عن القواعد والمعامالت التي تحكم األشخاص العادية ،سواء فيما تعلق
باإلجراءات المرتبطة بإبرام التصرفات القانونية وكذا ما تعلق منها بقواعد متعلقة بالضمان
واإلئتمان ،لذلك سنعالج خصائص القانون التجاري من زاويتين
تتميز القواعد التي تحكم فئة التجار وكذا األعمال التجارية بميزة السرعة في إبرام العقود
وكذا التصرفات القانونية .لذلك نجد أن المشرع قد أعفى التجار في معامالتهم من بعض
التعقيدات التي تحكم األشخاص العادية وذلك كله من أجل التساير مع طبيعة الحياة التجارية
التي تتميز بالتطور المستمر ،وكذلك حفاظا على مصالح التجار لما يلعبه المال من دور حيوي
في العالقات التجارية.
لذلك لم يخضع المشرع التجار مبدئيا إلى إثبات معامالتهم بطرق اإلثبات المعروفة في القانون
الحر ،و معنى ذلك أن التجار يمكن لهم أن يقدموا أي دليل
أقر لهم مبدأ اإلثبات ّ
المدني ،وإنما ّ
يقره القانون من أجل إثبات معامالتهم و تصرفاتهم القانونية.
و هذا كله بغرض تسهيل التعامل فيما بينهم من أجل تفعيل حركية التجارة ،ولما قد يترتب من
خسائر فادحة عند تبني اإلجراءات المعقدة ،األمر الذي يؤدي إلى عزوف األشخاص من مزاولة
مثل هذه النشاطات
إن ما يتميز به القانون التجاري عن القانون المدني هو قيامه على فكرة منح المدين أجال
ّ
للوفاء بديونه ،وهذا ما يعرف إصطالحا باإلئتمان .فالمعامالت التي تحكم العالقات بين التجار
هي معامالت جد معقدة ومتشابكة ومرتبطة بعضها ببعض ،بحيث يلعب المال فيها دو ار أساسيا
كونه هو العصب الذي تقوم عليه التجارة ،وأن غيابه يؤدي إلى عرقلة وتيرة سير حركة التجارة،
وما يترتب عنها من كساد البضائع والسلع ،األمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى غلق المتاجر وإلى
إعالن إفالس البعض من التجار.
16
لهذا ومن أجل الحفاظ على نشاطاتهم التجارية ومصالحهم االقتصادية ،تبنى التجار ومن بعدهم
المشرع بعض القواعد التي تنظم العالقات فيما بينهم والتي من شأنها تشجيع المعامالت على
أساس اإلئتمان .أي أن التاجر يمكنه إبرام التصرفات القانونية ،وإن لم تتوافر لديه السيولة النقدية
ومثاال عن ذلك ،فإن التاجر يمكنه أن يشتري سلعة من تاجر آخر دون أن يدفع مقابال لها في
الحال ،وعند قيامه ببيع تلك السلعة لتاجر آخر يمكنه أن يوجه خطابا للمشتري بأن يدفع المبلغ
النقدي الذي في ذمته للتاجر (البائع األول).
تضاربت آراء الفقهاء حول مجال تطبيق القانون التجاري ،وذلك راجع لصعوبة إعطاء
تعريف جامع مانع بالمقصود من القانون التجاري ،حيث يعتبر البعض أن مجال تطبيق القانون
التجاري هو خاص بفئة معينة من فئات المجتمع وهي فئة التجار ،بينما يرى فريق آخر خالف
ذلك ،أي أن ميدان تطبيق القانون التجاري متعلق باألعمال التجارية ،بصرف النظر عن صفة
الشخص القائم بها.
يرى أنصار هذه النظرية أن مجال تطبيق القانون التجاري خاص بفئة التجار ،أي
األشخاص الذين يباشرون األعمال التجارية ويمتهنونها ،ذلك أن القانون التجاري حسبهم هو
قانون مهني ينظم ويحكم مختلف المعامالت التي يمارسها التجار ،وهذا راجع في األساس إلى
طبيعة نشأة القانون التجاري وظروف تطوره ،أي أن أحكامه وقواعده نشأت عبر معامالت تعارف
عليها التجار واتخذوها بمثابة قانون يحكمهم دون غيرهم من فئات المجمع األخرى ،وهو بذلك
قانون مهني يحكم المهن التجارية .
17
إال أن هذه النظرية وإن كانت تحمل في طياتها جانبا من الصواب لكنها من جانب آخر لم تخل
من انتقادات وجهت لها من قبل أنصار النظرية الموضوعية ،باعتبار أنه يصعب حصر كل
المهن التجارية لما تعرفه الحياة من تطور وازدهار و ظهور حاجيات ومتطلبات جديدة تنشأ معها
أنشطة ومهن تجارية حديثة كما أن النظرية الشخصية جعلت كل تصرفات التجار تخضع ألحكام
القانون التجاري إال أنه و كما هو معلوم فإن التاجر إلى جانب قيامه احتراف األعمال التجارية له
حياة خاصة بعيدة كل البعد عن ميدان نشاطه التجاري ،وبعبارة أخرى فإن النظرية الشخصية لم
تميز بين التصرفات الخاصة والتصرفات المهنية ،حيث أخضعتها إلى نفس القانون .
خالفا لما ذهبت إليه النظرية الشخصية من كون أن القانون التجاري هو قانون خاص
بفئة التجار ،ذهب أصحاب النظرية الموضوعية إلى القول أن ميدان تطبيق القانون التجاري
خاص بفئة األعمال التجارية ،أي أن أحكامه تسري وتحكم العمل التجاري دون االعتداد بصفة
الشخص القائم به ،فهي بذلك ال تنظر إلى صفة من قام بالعمل أكان تاج ار أم ال ،بل تركز على
موضوع العمل الممارس من قبل الشخص ،أكان عمال تجاريا أم غير تجاري.
فمتى كان العمل المزاول من قبل الشخص يأخذ وصف العمل التجاري فإنه يكون خاضعا ألحكام
القانون التجاري ولو قام به الشخص لمرة واحدة .ذلك أن أصحاب النظرية الموضوعية أرادوا
التخلص من فكرة الطائفية وتكريس مبدأ المساواة بين فئات المجتمع ،إال أن هذه النظرية وبدورها
تعرضت إلى انتقادات ،كونها ساوت بين العمل المنعزل والنشاط المتكرر المهني ،كما أن بعض
أحكام القانون التجاري ال يمكن تطبيقها إال على أصحاب المهن التجارية دون غيرهم ،كما هو
الشأن فيما يخص االلتزامات المترتبة عن اكتساب الشخص الصفة التجارية (مسك الدفاتر
التجارية والقيد في السجل التجاري.)...
18
الفرع الثالث :موقف المشرع الجزائري
باستقراء النصوص والمواد المتعلقة بالقانون التجاري ،نجد أن المشرع الجزائري قد تبنى النظريتين
الشخصية والموضوعية معا ،حيث أن بعض أحكامه ال تطبق إال على أصحاب المهن التجارية
أي من لهم صفة التاجر ،حيث يظهر ذلك جليا من خالل بعض النصوص القانونية كما هو
الحال في نص المادة األولى المخصصة لتحديد مفهوم التاجر ،إذ عرفته أنه كل شخص طبيعي
أو معنوي يباشر األعمال التجارية و يتخذها مهنة معتادة له ،ضف إلى ذلك ما أشارت إليه
المادة الرابعة من نفس القانون و التي جعلت صفة التاجر تؤثر تأثي ار جوهريا في العمل المدني
كونها حولته من طبيعته األصلية المدنية إلى عمل تجاري بالتبعية .
وعليه ومن خالل ما سبق يتجلى تأثر المشرع الجزائري بالنظرية الشخصية.
كما أن بعض المواد القانون التجاري فحواها يؤكد أخذ المشرع وتبني النظرية الموضوعية ويظهر
ذلك من خالل المادتين الثانية والثالثة من التقنين التجاري ،واللتين ذكرتا جملة من األعمال التي
إن قام بها الشخص ولو لمرة واحدة ومهما كانت صفته القانونية فإنها تخضع إلى أحكام القانون
التجاري .وكل شراء من أجل البيع يفترض أن عمل تجاري تسري عليه قواعد القانون التجاري
بغض النظر أكان صاحب العمل تاج ار أم ال ،كذلك الشأن ذاته لمن تعامل بالسفتجة.
درج الفقه إلى تقسيم القانون إلى قانون عام وقانون خاص ،فالقانون العام هو الذي ينظم
ويحكم العالقات التي تكون الدولة أو الوالية أو البلدية أو المؤسسات العامة ذات الصبغة اإلدارية
طرفا فيها ،وهي تتصرف في ذلك باعتبارها صاحبة سيادة وسلطة ،ويعتبر القانون الدستوري
نموذجا لها إلى جانب القانون اإلداري والقوانين المالية.
أما القانون الخاص فهو القانون الذي ينظم العالقات بين األشخاص العادية سواء تعلق
األمر في العالقات التي تحكم األفراد أو تلك التي تخص األشخاص المعنوية ،وتجدر اإلشارة في
هذا الصدد إلى أمر غاية في األهمية والمتمثل في أن الدولة وفروعها إذا لم تتصرف باعتبارها
صاحبة سلطة وسيادة فإنها تخضع في عالقاتها إلى أحكام القانون الخاص.
19
فشراء البلدية آالت إلكترونية لتجهيز مكاتبها يخضع إلى تطبيق القانون الخاص في حالة نشوب
نزاع ما .
يطبق القانون التجاري على فئة التجار وعلى األعمال التجارية كذلك وعليه وفي حالة نشوب أي
نزاع تجاري فإن القاضي يجد نفسه مقيدا بإتباع النصوص التي تنظم المعامالت التجارية وذلك
يقيد العام" .لكنه في حالة عدم وجود أي نص قانوني يمكن تطبيقه على تطبيقا لمبدأ "الخاص ّ
الواقعة المعروضة أمامه فإنه يتعين عليه الرجوع إلى أحكام القانون المدني باعتبارها الشريعة
العامة.
على الرغم من الهوة التي تفصل ما بين فروع القانون العام والقانون التجاري ،إال أننا نجد أن
القوانين العامة تتضمن نصوصا تنظم وتؤثر على الحياة التجارية ،من ذلك ما ينص عليه
الدستور في أحكامه من إق ارره التوجه العام فيما يخص النمط االقتصادي التي تتبناه الدولة،
كتكريسه مبدأ حرية الصناعة والتجارة أو مبدأ حرية االستثمار .كما أن القانون اإلداري له دور
فيما يتعلق بمنح الرخص اإلدارية لنوع من النشاطات التجارية ،وذات األمر بالنسبة لقانون
المالية ،من حيث فرض ضرائب جديدة وكذا رفع أو تخفيض النسب المرتبطة بالرسوم وغيرها.
تتنوع المصادر التي يستقي منها القانون التجاري أحكامه ،وتتلخص في أربعة مصادر
منها ما هو رسمي ومنها ما هو تفسيري .فالمصادر الرسمية تتمثل في التشريع والعرف ،أما
المصادر التفسيرية فيقصد بها القضاء والفقه .
20
الفرع األول :المصادر الرسمية
يقصد بالمصدر الرسمي الهيئة أو السلطة التي يستمد منها القانون التجاري قوته
اإللزامية ،ونتحدث في هذا الصدد على التشريع باعتباره قانون صادر من البرلماني بغرفتيه
السفلية والعلوية
يعتبر التشريع التجاري المصدر الرسمي األول الذي يتعين على القاضي االحتكام إليه
في حالة نشوب نزاع معروض أمامه .ذلك أن القانون التجاري ،جمعت معظم أحكامه في التقنين
التجاري ،لكن إذا لم يجد القاضي نصا في القانون الخاص ينظم الواقعة المعروضة أمامه فإنه
يستوجب عليه الرجوع إلى القانون المدني باعتباره الشريعة العامة ،وهذا تطبيقا لنص المادة
األولى من القانون المدني.
تعتبر معظم نصوص القانون التجاري مستمدة من المعامالت التي اعتاد التجار التعامل
بها وتكرس الشعور بإلزامية تطبيقها فيما بينهم ،وهذا ما يطلق عليه إصطالحا بالعرف التجاري
ولقد أصبح األخير مصد ار إلزاميا يتعين على القاضي اللجوء إليه عند غياب نص قانوني ينظم
واقعة النزاع المعروضة أمامه عمال بنص المادة األولى مكرر من القانون التجاري الجزائري.
والعرف مصدر هام من المصادر الرسمية يأتي في المرتبة الثالثة بعد التشريع والشريعة اإلسالمية
إال أن المشرع الجزائري جعل من منه المصدر الثاني للقانون التجاري ،حيث يسري هذا األخير
على العالقات بين التجار ،وفي حالة عدم وجود نص فيه يطبق القانون المدني وأعراف المهنة ،
وهذا وفقا لمبدأ الخاص يقيد العام .
نشأ في بيئة تجارية ولعب دو ار كبي ار وهاما في بلورة وتطور القانون التجاري وقد إستقر عليه
التعامل التجاري وأصبح معروفا لدى المتعاملين بتواتر الناس على إتباعه ،ذلك أن معظم قواعد
القانون التجاري هي في األصل قواعد عرفية.
21
ويقصد بالعرف مجموعة قواعد السلوك غير المكتوبة التي تعارف الناس عليها في مجتمع
معين في زمان معين ز تواتر العمل بها بينهم إلى الحد الذي تولد لديهم اإلعتقاد بإلزامها ،فهو
تلك السلوكات التي درج عليها التجار لفترة من الزمن من أجل تنظيم معامالتهم التجارية ومع
مرور الوقت أصبحت هذه السلوكات إلزامية شأنها شأن النصوص القانونية ،ومن بين مميزات
القواعد العرفية أنها غير مكتوبة في وثيقة رسمية كما هو الحال في القاعدة القانونية.
وينشأ العرف لمجرد توافر ركنيه المادي والمعنوي ويكون حينئذ قاعدة قانونية ملزم ومن أمثلة
العرف التجاري ،تقديم الثمن عوضا عن الفسخ في حالة تأخر البائع عن تسليم المبيع أو في حالة
تسليم بضاعة من صنف آخر أقل جودة من الصنف المتفق عليه ،وعدم جواز اإلحتجاج بالدفوع
في مواجهة حامل الورقة التجارية حسن النية ،وجواز تعاقد الوكيل بالعمولة مع نفسه فيما كلف
ببيعه أو شرائه.
والقاعدة العرفية يطبقها القاضي من تلقاء نفسه ألنه يفترض علمه بها دون التمسك بها من
جانب أطراف النزاع و ال يكلف الخصم بإثباتها ،ولما كان من الصعب إلمام القاضي بكافة
األعراف التجارية فعلى من يدعي وجود عرف تجاري أن يثبته بكافة طرق اإلثبات و غالبا ما يتم
ذلك بتقديم شهادة من الغرف التجارية أو نقابة مهنية أو من القناصل من الخارج بالنسبة لألعراف
األجنبية ،غير أن هذه الشهادة غير ملزمة للقاضي و لكن له الحق أن يستأنس بها .
هذا ويجب التفرقة بين العرف والعادات اإلتفاقية ،هذه األخيرة هي أحكام يتبعها التجار في
معامالتهم التجارية دون أن يتوفر لديهم اإلعتقاد بإلزاميتها كونها تتوفر على الركن المادي دون
الركن المعنوي وهذا ما ال يمنحها القوة اإللزامية ،إذ تقتصر على عمل أو موقف معين درج الناس
عليه في تعاملهم مدة من الزمن دون إعتقادهم أن هذا العمل ملزم لهم وهي تطبق بين المتعاقدين
على إعتبار أن إرادتهم قد اتجهت ضمنيا إلى األخذ بها في العقد
وللعادة أهمية خاصة في التعامل التجاري إذ أنه يقوم على السرعة ويتسنى للمتعاقدين الوقت
الكافي إلدخال جميع الشروط في عقودهم فتنصرف إرادتهم إلى األخذ بهذه العادات ومن أمثلة
العادات اإلتفاقية ،األخذ بطريقة معينة في حزم البضاعة أو تقديرها بالوزن أو العد أو القياس أو
في تحديد مدة لفحصها و كشف عيوبها الخفية .ويترتب على ذلك أن العادة اإلتفاقية ال تطبق
22
من قبل القاضي إال إذا تمسك بها الخصم ألنه ال يفترض من القاضي العلم بها وعلى من يتمسك
بها أن يقيم الدليل على وجودها بكافة طرق اإلثبات وتنقلب العادة إلى العرف إذا ما إستقر
التعامل بها بحث تصبح أكثر من إتفاق ضمني على أمر معين
بناء على ما سبق إذا ما عرض نزاع تجاري على القاضي الجزائري أن يتبع الترتيب التالي في
تطبيقه لقواعد القانون
5العادات التجارية
إعتبر القانون المدني الجزائري مبادئ الشريعة اإلسالمية المصدر الرسمي الثاني بعد التشريع
وقبل العرف ،ومعنى ذلك أن القاضي وهو يفصل في منازعة تجارية إذا لم يجد حكمها في
النصوص التشريعية فعليه الرجوع إلى مبادئ الشريعة اإلسالمية والمقصود بهذه المبادئ القواعد
المستقاة من القرآن والسنة واإلجماع واإلجتهاد
إلى جانب المصادر الرسمية هنالك مصادر يستأنس بها القاضي عند الحكم على وقائع
معينة ،ومن االجتهادات القضائية واآلراء الفقهية.
قد يستعين القاضي في حكمه على واقعة معينة على ما جرى عليه العمل في االجتهاد
القضائي من خالل نمط وتوجه أبدى القضاء موقفه بخصوص تلك الواقعة.
23
الفقرة الثانية :الفقه
كما أن القاضي يمكنه أن يستأنس بما توصل إليه الفقهاء وكذا رجال القانون من اجتهاد وتنظيم
في المسائل التي تحكم الوقائع التي هو بصدد الفصل فيها ،كاالعتماد على النظريات الفقهية
والبحوث العلمية والتي تكون غالبا األساس الذي يستوحي منه المشرع أحكامه عندما يكون بصدد
إصدار قوانين جديدة .
24
الفصل الثاني
األعمال التجارية
بالرجوع إلى النصوص القانونية المنظمة للعالقات التجارية سواء تلك المدرجة في القانون
التجاري أو إلى غيرها من النصوص التي لها صلة بتنظيم التجارة ،نالحظ أن المشرع لم يقدم
تعريفا يخص العمل التجاري وإنما اكتفى بذكر جملة من األعمال حددها تحديدا غير حصري
تضمنتها المادتين 2و 3من التقنين الجزائري ،و لعل ذلك راجع إلى صعوبة إعطاء تعريف جامع
و مانع لمفهوم العمل التجاري .
لذلك يتعين األمر اللجوء إلى الفقه من أجل الوقوف على التعريف المقدم من قبلهم ،غير أن
الفقهاء بدورهم لم يقدموا تعريفا مجمعا عليه بمعنى العمل التجاري ،حيث اجتهد كل واحد منهم
وحاول إعطاء تعريف للعمل التجاري مستندا على معايير اقتصادية بينما اعتمد البعض اآلخر في
تعريفه للعمل التجاري على المعيار القانوني.
وال شك أن تحديد المفهوم من العمل التجاري له أهمية بالغة تظهر بالخصوص في اآلثار المترتبة
على التفرقة بين العمل التجاري والعمل المدني.
المبحث األول
كما سبقت اإلشارة إليه ،أن المشرع ترك تعريف العمل التجاري للفقه ،وأنه بالرجوع إلى
أقوال الفقهاء نجدهم غير متفقين من تحديد المقصود من العمل التجاري.لذلك سنحاول فيما
سيأتي الوقوف على أهم المحاوالت التي سعت إلى تعريف العمل التجاري ،ثم تبيان ما يترتب
عليه من آثار قانونية.
25
المطلب األول :معايير العمل التجاري
عند تفحص المعايير التي استند إليها الفقهاء من أجل تحديد مفهوم العمل التجاري،
نجدها تنقسم في األساس إلى معايير مرتبطة ارتباطا وثيقا بالنشاط التجاري ،وهذا ما اعتمده
أصحاب النظرية الموضوعية ،بينما اعتمد أصحاب النظرية الشخصية على معايير قانونية لتحديد
العمل التجاري.
إن أهم المعايير الموضوعية التي جاءت لتحديد العمل التجاري تتلخص في معيار
المضاربة ،ومعيار التداول لهذا سنحاول شرح المعيارين فيما سيأتي:
يرى أصحاب هذا المعيار أن ما يميز العمل التجاري عن العمل المدني هو سعي
الشخص من خالل قيامه بالعمل التجاري إلى تحقيق الربح ،وبعبارة أخرى فإن كل عمل يقصد
من وراءه صاحبه تحقيق الربح يعد عمال تجاريا.
فالشراء من أجل البيع يعد عمال تجاريا ألنه منطوي على فكرة السعي إلى تحقيق الربح،
لكن ما ينبغي مالحظته أن هذا المعيار يركز على القصد والهدف من وراء اإلتيان بالعمل وهو
تحقيق الربح وال أثر لفكرة تحقيق الربح من عدمه على اعتبار العمل أهو عمل تجاري أم أنه عمل
يعد وفقا لهذه النظرية تجاريا بمجرد سعي الشخص من خالل عمله إلى تحقيق مدني ،فالعمل ّ
الربح وإن لم يحصل له ذلك .وعليه فالربح ليس هو المعيار المحدد لوصفه العمل التجاري ذلك
أن التاجر قد يتعرض إلى خسائر ،ومع ذلك فإن أعماله توصف بأنها تجارية ،باعتبار أن قصده
وسعيه كان بغرض تحقيق الربح ،إال أن التجارة تحكمها قواعد الربح والخسارة.
على الرغم من أن هذا المعيار يغطي جانبا كبي ار من األعمال التي توصف بأنها أعمال
تجارية تتوفر وتحقق عنصر المضاربة فيها كالشراء من أجل البيع إال أنه تعرض إلى انتقادات
تتمثل في كون أن الهدف يلي تحقيق الربح هو عنصر مشترك بين مختلف األعمال التي يزاولها
الشخص ،فالمهن الحرة كمهنة الموثق والمحضر القضائي والطبيب ...إلخ كلها أعمال يسعى
26
تعد أعماال تجارية .كما أن هذا المعيار
من وراءها أصحابها إلى تحقيق الربح ومع ذلك فإنها ال ّ
يقصي بعض األعمال التي اعتبرها المشرع أعماال تجارية مفتقدة في بعض األحيان إلى عنصر
المضاربة كما هو الشأن"التعامل بالسفتجة " .ضف إلى ذلك أن البيع بالخسارة أو أقل من سعر
يعد عمال تجاريا.
التكلفة ّ
يرى أصحاب هذا المعيار أن ما يميز التجارة هو نقل السلع والبضائع وكذا حركية انتقال رؤوس
األموال والنقود بين المتعاملين االقتصاديين ،فالتجارة تقوم على حركة تبادل البضائع ورؤوس
األموال ،ومن ثم فإن العمل التجاري حسب هذا المعيار مرتبط بالوساطة في تداول الثروات من
فالحيز الذي يتجسد فيه العمل
ّ وقت خروجها من يد المنتج وإلى غاية وصولها إلى المستهلك.
التجاري يتمثل في الحلقة الدائرة بين خروج السلع من يد المنتج إلى تمام وصولها إلى المستهلك.
وعليه فإن هذه النظرية ترى أن كل عمل ال تتجسد فيه فكرة التوسط في نقل البضائع و
السلع وغيرها من المنقوالت المادية و المعنوية ال يجوز وصفه بالعمل التجاري الفتقاره لعنصر
الحركية ،و تميزه بالثبات و الجمود المنافي لمفهوم التجارة ،فهي بذلك تعتبر عمل المنتج عمال
مدنيا ألن المنتج لم يتلق المنتوج من غيره ،حيث يعتبر هو أول من طرح السلعة للتداول ،كما أن
عمل المستهلك يعتبر مدنيا لكون أن المستهلك سوف لن ينقل المنتوج إلى غيره ،وإنما يقتصر
دوره على االستهالك.
على الرغم من سالمة هذه النظرية في تحديد العمل التجاري إال أنه ما يعاب عليها أنها
اقتصرت فكرة التداول على السلع والمنقوالت ،فهي بذلك تستبعد بيع العقارات من مجال األعمال
التجارية ،إال أنه وفي حقيقة األمر يعتبر سراء العقار من أجل بيعه عمال تجاريا ،كما أن التوسط
في نقل البضائع ال يكون في جميع الحاالت عمال تجاريا.
فبيع التعاونيات وكذا الجمعيات األشياء ألعضائها وإن اشتمل على عنصر التداول إال أنه ال يعد
عمال تجاريا .كما أن هذه النظرية تقصي من نطاقها بعض األعمال التي اعتبرها المشرع تجارية،
كما هو األمر ما يخص إتيان العمل في شكل مقاولة أو مشروع.
27
وأخي ار تجدر اإلشارة إلى أن أصحاب النظرية الموضوعية حاولوا الجمع بين معيار التداول
ومعيار المضاربة لتحديد العمل التجاري حيث عرف هذا األخير بأنه هو العمل الذي يتعلق
بالوساطة في تداول الثروات بقصد تحقيق الربح ،ومع ذلك فإن هذا المعيار لم يدرج المقاوالت من
ضمن األعمال التجارية.
حاول أصحاب النظرية الشخصية بدورهم تقديم تعريف لمعنى العمل التجاري ،لكنهم لم
يوفقوا من جهتهم حيث اقترحوا عدة أسس لمفهوم العمل التجاري ،لذلك سنتطرق فيما يلي إلى
مناقشة بعض هذه المعايير
خالفا لما ذهب إليه أصحاب النظرية الموضوعية من اعتبار العمل المنفرد عمال تجاريا ،يرى
أصحاب النظرية الشخصية أن ما يجسد فكرة العمل التجاري هو إتيانه في شكل مشروع ،ومنه
فإن العمل التجاري بالنسبة إليهم يتمثل في تكرار العمل التجاري على وجه االحتراف بناء على
تنظيم مهني سابق .وبعبارة أخرى أنه يشترط العتبار العمل تجاريا أن يزاول الشخص العمل
التجاري بصفة دائمة ومستمرة وبصورة مهنية مستثم ار في الوسائل المادية والبشرية ،وهو ما يحقق
ويجسد الخصائص التي تقوم عليها التجارة من سرعة وإئتمان.
إال أن هذه النظرية وجهت لها عدة انتقادات كونها تحتاج هي األخرى إلى إيجاد معيار
يميزها عن المقاوالت المدنية التي يمارس أصحابها العمل بصفة متكررة وعلى وجه االحتراف،
ضف إلى ذلك أنها تخرج من نطاق األعمال التجارية التي اعتبرها المشرع كذلك ،كما هو الشأن
التعامل بالسفتجة .
28
الفقرة الثانية :معيار الحرفة
يعتبر أول من دعا إليه الفقيه الفرنسي ريبير ( )George Ripertحيث اعتبر ما يجسد
العمل التجاري هو إتيان العمل بصفة متكررة وعلى وجه االحتراف.
وعليه فإن العمل ال يكون تجاريا إال إذا تمت مباشرته من قبل شخص يمتهن األعمال
التجارية وهو الشخص الحامل لصفة التاجر .ذلك أن المظهر الذي يتجسد فيه طريقة العمل هي
التي تميز العمل التجاري عن غيره من األعمال المدنية.
انتقدت هذه النظرية على أساس صعوبة حصر المهن التجارية و التي هي في تطور مستمر
كما أنها تشترك مع معيار المقاولة من حيث وجوب إتيان العمل بصفة متكررة و على وجه
االحتراف وبناءا على تنظيم سابق.
وأخي ار فإن هذه النظرية تجعلنا ندور في حلقة مفرغة في تحديد العمل التجاري بحيث
تجعله مرتبطا بالشخص القائم برأي التاجر ،فالعمل التجاري يعرف بكونه ذلك الذي يقوم به
التاجر ،وعند تعريف التاجر فإننا نجده مرتبطا باألعمال التجارية ،أي أن التاجر هو الذي يباشر
األعمال التجارية.
يعتمد هذا المعيار على الباحث والدافع من وراء القيام بالعمل ،أي البحث في السبب
يعد عمال
الذي أدى بالشخص إلى القيام بالتصرف القانوني ،لذلك فإن الشراء من أجل البيع ّ
تجاريا ألن السبب الذي دفع إلى اقتناء الشيء هو إعادة بيعه بغرض تحقيق الربح.
غير أن هذه النظرية انتقدت على أساس أن الباحث و السبب أمر خفي ال يسهل اإلطالع عليه،
كما أن بعض األعمال التجارية يشترط الوقوف على السبب الذي دفع إلى اإلتيان بها كما هو
الشأن التعامل بالسفتجة فهي تعتبر عمال تجاريا أيا كانت صفة الشخص القائم بها وبغض النظر
عن الموضوع الذي من أجله تم تحرير السند .
29
المطلب الثاني :أهمية التفرقة بين العمل التجاري والعمل المدني
الشك أن محاوالت الفقهاء من خالل المعايير التي اعتمدوها من أجل الوقوف على مفهوم
العمل التجاري كانت ترمي إلى التخلص من التعقيدات والصعوبات المترتبة عن النظام القانوني
الواجب تطبيقه على األعمال المدنية واألعمال التجارية ،نظ ار إلى االختالفات الجوهرية المترتبة
عن التمييز بينهما ،لذلك سوف نتعرض فيما يلي إلى بعض القواعد التي تحكم العمل التجاري
والتي تختلف عن القواعد العامة المنظمة للعمل المدني.
إعتنقت بعض الدول في المجال القضائي مبدأ تخصيص قضاء خاص ينظر في
المنازعات التجارية فقط ،وتأتي فرنسا في مقدمتها ،حيث منح المشرع الفرنسي اإلختصاص
بنظر المنازعات التجارية للمحاكم التجارية التي تتشكل من قضاة منتخبين من بين التجار
المواطنين الراشدين ذوي السمعة الطيبة ،والذين مارسوا مهنة التجارة لمدة خمس سنوات على
األقل ويختارهم زمالئهم في المهنة لمدة سنتين قابلة للتجديد ،و مرجع ذلك أن هذه المنازعات
تتسم بطابع خاص يميزها عن الدعاوى المدنية ،كما تستلزم الفصل فيها على وجه السرعة و طبقا
إلجراءات خاصة ،فلو إفترضنا مثال وأن رفعت قضية مدنية أمام المحكمة التجارية ،جاز الدفع
بعدم اإلختصاص ،بل أن لهذه المحاكم أن تقضي به من تلقاء نفسها ،ألن قواعد اإلختصاص
هي من النظام العام وال يجوز اإلتفاق على مخالفتها بمعنى أن القضايا التي ترفع ضد التاجر أو
عن عمل تجاري بغض النظر عن األطراف سواء كانوا تجا ار أم ال ،فإن المحاكم التجارية هي
المحاكم المختصة وليس المحاكم المدنية .
أما في الجزائر ،فلم يؤخذ فيها بنظام المحاكم التجارية ،وإنما جعل اإلختصاص شامال
للمنازعات المدنية و التجارية على أن تطبق قواعد القانون المدني على األولى ،وقواعد القانون
التجاري على الثانية ،بمعنى أن المشرع الجزائري رغم تبنيه لقانون تجاري مستقل فإنه في مجال
القضاء تبنى وحدة القضاء بدال من مبدأ التخصيص..
30
الفقرة األولى :اإلختصاص النوعي
بالرجوع إلى أحكام قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الجزائري نجد أن المشرع الجزائري كرس
مبدأ وحدة القضاء ،ويظهر ذلك في وجود أقسام داخل المحكمة مثل القسم التجاري
والقسم العقاري وقسم األحوال الشخصية ،فالقسم التجاري ال يعتبر محكمة تجارية مستقلة
وإنما تشكيلها هو من قبيل تقسيم العمل الداخلي وهو مجرد تنظيم داخلي ،وعلى هذا لو رفع نزاع
تجاري أمام الفرع المدني فال يجوز الدفع بعدم اإلختصاص وإنما يحال الملف إلى القسم المعني
عن طريق أمانة الضبط بعد إخبار رئيس المحكمة مسبقا.
فيما يتعلق باإلختصاص المحلي أو اإلقليمي ينص المشرع الجزائري على قاعدة عامة ترجع
اإلختصاص لمحكمة موطن المدعى عليه ،ويرجع أصل القاعدة إلى المبدأ الذي يقضي بأن
الدين مطلوب وليس محموال ،إذ يستطيع التاجر أن يرفع دعواه أمام محكمة موطن المدعى عليه
ويعتبر بمثابة موطن للمدعى عليه بجانب موطنه األصلي المكان الذي يباشر فيه تجارته ،إال أن
هناك بعض اإلستثناءات أوردها المشرع الجزائري على هذا المبدأ ،حيث ترفع الدعاوى التجارية
غير اإلفالس والتسوية القضائية أمام الجهة القضائية التي وقع في دائرة إختصاصها الوعد
وتسليم البضاعة أو أمام الجهة القضائية التي يجب أن يتم الوفاء في دائرة إختصاصها وترفع
الدعاوى المرفوعة ضد الشركة أمام الجهة القضائية التي تقع في دائرة إختصاصها أحد مؤسساتها
أو فروعها ،وفي الدعاوى العقارية أو دعاوى األشغال المتعلقة بالعقار أو دعاوى اإليجارات بما
فيها التجارية المتعلقة بالعقارات أمام المحكمة التي يقع العقار في دائرة إختصاصها
أما بالنسبة لمحكمة إبرام العقد وتسليم البضاعة فيشترط أن يكون تسليم كل البضاعة
أو جزء منها قد حصل في دائرة المحكمة ،فال يكفي أن يكون متفقا على حصول التنفيذ في
دائرتها فقط ،ففي المنازعات المتعلقة بالتوريد واألشغال وأجور العمال أو الصناع يكون
اإلختصاص للجهة القضائية التي يقع في دائرة إختصاصها مكان إبرام اإلتفاق أو تنفيذه
وذلك متى كان أحد األطراف مقيما في ذلك المكان .
31
الفرع الثاني :قواعد اإلثبات
إن اآلثار المترتبة عن التمييز بين العمل التجاري والعمل المدني تتمثل في مسألة اإلثبات ،حيث
تختلف قواعد اإلثبات في المواد التجارية عن تلك القواعد المعمول بها في المسائل المدنية.
ويشترط المشرع على الدائن الذي يريد إثبات التزامه المدني الذي تفوق قيمته 111.111دج
حسب المادة 39من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،أو كان االلتزام غير محدد القيمة تقديم
الدليل الكتابي ،وهذا هو المبدأ في القضايا المدنية ما لم يقض القانون بخالف ذلك ،وهذا ما جاء
صراحة في الفقرة 1من المادة 333من القانون المدني التي تنص على ما يلي (في غير المواد
التجارية ،إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته عن 111.111دج أو كان غير محدد القيمة ،فال
يجوز اإلثبات بالشهود في وجوده أو انقضائه ،ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك .
وفي المقابل فإن المشرع أورد استثناءات عن المبدأ العام المقيد بالكتابة والتي تخص بااللتزامات
التي تقل قيمتها عن 111.111دج .
بحيث أخضعها إلى مبدأ الحرية ،إذ يمكن للمتعاقدين إثبات التزاماتهم بالبينة والقرائن.
هذا وما تجدر اإلشارة إليه فيما يخص المبدأ العام المقرر في اإلثبات في المسائل المدنية والذي
اشترط المشرع أن يكون بالكتابة أال يقصد منها بالضرورة الكتابة الرسمية ،أي التي يوقع عليها
الضابط العمومي ،وإنما يكفي تقديم المحررات العرفية كأداة إثبات متى كانت موقعا عليها ولها
تاريخ معلوم .وخالفا لما هو عليه العمل فيما يتعلق باإلثبات في المسائل المدنية ،فإن اإلثبات في
المواد التجارية غير خاضع لمبدأ الكتابة كأصل ،وإنما هو مؤسس على الحرية في اإلثبات،
بمعنى اإلثبات بكافة الطرق .نظ ار لما تتميز به الحياة التجارية من سرعة في إبرام العقود التجارية
ونظ ار كذلك لما يلحق التاجر من فوات فرص الكسب و تخوف الخسارة في حالة إخضاعهم إلى
اإلثبات المقيد بالكتابة ،وهذا المبدأ يستفاد من نص المادة 81من القانون التجاري التي تنص
على ما يلي " :يثبت كل عقد تجاري :
-1بسندات رسمية
-2بسندات عرفية
32
-3بفاتورة مقبولة
-4بالرسائل
-5بدفاتر الطرفين
-6باإلثبات بالبينة أو بأية وسيلة أخرى إذا رأت المحكمة وجوب قبولها.
لكن المشرع لم يترك مبدأ حرية اإلثبات في المسائل التجارية على إطالقه ،بل أخضعه إلى بعض
االستثناءات وذلك فيما يخص بعض التصرفات القانونية حيث أوجب فيها الكتابة الرسمية وإال
كانت مشوبة بعيب البطالن .وهذا ما يستخلص ويظهر جليا فيما أقرته المادة 545من ق.ت.ج
المتعلقة بعقد الشركة حيث أوجبت تحت طائلة البطالن أن يحرر العقد بصفة رسمية ،والشأن ذاته
فيما يخص بيع المحل التجاري ورهنه أين اشترط المشرع الكتابة الرسمية ،وإال تعرض العقد
للبطالن ،وهو ما أشارت إليه على التوالي المادتين 79و 121من القانون التجاري الجزائري.
وأخي ار يمكن الوصول إلى نتيجة تتمثل في أن ما اعتبره المشرع أصال في اإلثبات في المسائل
أقره من أصل في المواد التجارية يعتبر
يعد استثناءا في المواد التجارية ،وما ّ
المدنية أي الكتابةّ ،
بمثابة االستثناء بالمواد المدنية .
نتناول بالدراسة فيما يلي تضامن المدينين ومهلة الوفاء والفائدة القانونية واإلعذار
واإلفالس والنفاذ المعجل والرهن الحيازي والتقادم واكتساب صفة التاجر كنتائج للتفرقة بين العمل
المدني والعمل التجاري .
قاعدة التضامن بين المدينين في الدين التجاري قاعدة تنسجم مع مقتضيات التجارة في دعم
الثقة واإلئتمان بين المتعاملين ،وهي قاعدة معروفة منذ القدم ،إحترمها القضاء وطبقها
والتضامن في المعامالت التجارية مفترض ،واإلفتراض جاء من أجل تأمين الوفاء باإللتزامات
33
التجارية ،والهدف من ذلك حماية التجارة والوقوف على تطورها وازدهارها ،بخالف قواعد التضامن
في المعامالت المدنية والتي ال يمكن تقريرها إال بنص أو باتفاق األطراف.
غير أنه في المسائل التجارية يجوز نفي التضامن بنص في العقد ،ما لم ينص القانون بنص
آمر على فرض التضامن ،حيث قضى المشرع الجزائري بأن للشركاء بالتضامن صفة التاجر
وهم مسؤولون من غير تحديد وبالتضامن عن ديون الشركة .
األصل أن وفاء اإللتزام يكون فو ار وأن أداء الدين يجب أن يتم في موعد اإلستحقاق المتفق
عليه ،لكن يجوز للقاضي أن يمهل المدين أجال معينا لينفذ فيه إلتزامه ،فإذا عجز المدين عن
الوفاء بدين مدني في الميعاد جاز للقاضي أن يمنحه أجال معقوال ينفذ فيه إلتزامه إذا إستدعت
حالته ذلك و لم يلحق بالدائن من هذا التأجيل ضر ار جسيما .
أما في المسائل التجارية فإن منح المدين أجال جديدا للوفاء قد يلحق في الغالب ضر ار جسيما
بالدائن ،ذلك أن المعامالت التجارية مرتبطة ببعضها البعض حيث أن عدم تنفيذ إلتزام بأداء
الدين المستحق قد يؤدي إلى عجز الدائن عن الوفاء بدينه قبل الغير ،وبالتالي قد يعرضه ذلك
إلى شهر إفالسه ،ولهذا من الصعوبة بمكان إعطاء المهلة القضائية للمدين بدين تجاري نظ ار لما
تحتويه طبيعة التعامل التجاري وما تقوم عليه من سرعة وثقة تقضي من التاجر ضرورة الوفاء
بديونه في الميعاد المتفق عليه ،زيادة على أن إعطاء مهلة للمدين قد يتعارض أساسا مع ما يقوم
عليه العمل التجاري ككل وما يتميز به من خصائص تعد الدعائم األساسية للقانون التجاري
وهي السرعة والثقة واإلئتمان.
وهو وضع المدين في حالة تأخر عن تنفيذ إلتزامه ،حيث يترتب على تأخره نتائج قانونية
بمعنى أن يقوم الدائن بتوجيه إنذار للمدين حتى يوفي ما عليه من إلتزام ويسجل على المدين
التأخر في الوفاء ،إذ من يوم اإلعذار يبدأ سريان الفوائد بالنسبة للدول التي تأخذ بنظام الفوائد
القانونية ،والمشرع الجزائري في هذا اإلطار يحرم مثل هذه الفوائد إذ تعتبر القرض بين األفراد
يكون دائما بدون أجر و باطال .
34
فالقاعدة العامة في القانون المدني هي أنه بمجرد تأخر المدين عن تنفيذ إلتزامه ال يكفي
اعتباره مقصرا ،فسكوت الدائن عن المطالبة بحقه عند حلول أجل الوفاء يعتبر قرينة على قبوله
األجل المتفق عليه ،ولكي ينفي الدائن هذه القرينة يجب أن يعبر من جديد عن رغبته في الوفاء
ويكون ذلك بإعذار يوجه للمدين بإنذاره أو يقوم مقام اإلنذار والبد أن يتم اإلنذار بورقة رسمية.
أما اإلعذار في القانون التجاري فقد جرى العرف التجاري على أنه يمكن غض النظر عن
الطريق المتبع في القانون المدني ،ويمكن إتمامه بخطاب عادي أو برقية دون اإللتجاء إلى
األوراق الرسمية نظ ار لما تتطلبه التجارة من سرعة.
إن قواعد اإلفالس ال تنطبق إال على التجار من األفراد متى توقفوا عن دفع ديونهم التجارية
حيث ترصد المشرع الجزائري لكل تاجر توقف عن دفع ديونه التجارية في مواعيد اإلستحقاق
وأوجد له نظام ال يطبق إال عليه ،يجعل التاجر حريصا على تنفيذ إلتزاماته في مواعيدها ،ومن
خالله تصفى جميع أمواله تصفية جماعية وتوزع على دائنيه وفقا لمبدأ قسمة الغرماء ،ونظام
اإلفالس جاء ليبعد التاجر المقصر والمهمل من الحياة التجارية و يضع حد لنشاطه ،ومثل هذا
الحرص من المشرع على تنظيم الحياة التجارية ومراقبتها عن طريق النصوص الصارمة يجعل
التجار من أحرص الناس على الوفاء بديونهم في مواعيد استحقاقها فإذا صدر حكم بشهر
اإلفالس ترفع يد التاجر عن إدارة أمواله والتصرف فيها ،ويدخل جميع الدائنين في اإلجراءات
ويعين وكيل عنهم تكون مهمته تصفية أموال المفلس وتوزيع الناتج منها بين الدائنين كل بحسب
قيمة دينه .أما بالنسبة للمدين المدني فيخضع عجزه عن سداد ديونه إلى نظام آخر يسمى نظام
اإلعسار نص عليه المشرع الجزاري و هو أقل قسوة و أخف وطأة من نظام اإلفالس .
الفائدة هي التعويض الذي يحصل عليه الدائن عن الضرر الذي يلحقه نتيجة تأخر المدين
في تنفيذ إلتزامه بدفع مبلغ من النقود ،ويطلق على هذا النوع من الفائدة ،الفائدة التأخيرية ففي
حالة ما إذا تأخر المدين عن الوفاء بالتزاماته في األجل المحدد لها ،يبدأ سريان الفوائد القانونية
35
نتيجة هذا التأخر ،ويقع على المدين التاجر عبئ اإللتزام بتعويض الدائن عن التأخير الذي
يتسبب فيه و هو تفويت فرصة الربح على الدائن .
ويختلف سعر الفائدة في المسائل المدنية بحيث يقدر ب % 14بينما في المسائل التجارية
فيقدر ب ، % 15وتقوم هذه التفرقة على أساس النقود في الميدان التجاري سريعة اإلستثمار
األمر الذي ينشئ ضر ار أكبر من الضرر الذي قد يحدد في المجال المدني ،كما تقضي القاعدة
العامة بأنه ال يجوز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد وأن يزيد مجموع الفوائد على رأس المال
وتسري الفوائد المدنية من تاريخ المطالبة القضائية ،أما الفائدة التجارية من التاريخ الذي يقضي
به العرف أو النص التشريعي ،وإذا كانت كثير من الدول أجازت التعامل بالفائدة بين األفراد إال
أن المشرع الجزائري حرم التقاضي بالفائدة بين األفراد وأجاز التعامل بالفائدة للمؤسسات المالية
في إيداع أموال لديها أن تمنح فائدة يحدد قدرها بنص قانوني لتشجيع اإلدخار وتشجيع النشاط
اإلقتصادي الوطني
تبدو أهمية التفرقة بين العمل المدني والعمل التجاري واضحة كذلك في الرهن الحيازي فهذا
األخير قد ينعقد لضمان دين تجاري ويسمى في هذه الحالة بالرهن التجاري ،وقد ينشأ هذا الرهن
ضمانا لدين مدني ويعرف أنذاك بالرهن المدني ،فالرهن المعقود لدين تجاري يخضع في تنفيذه
إلجراءات خاصة بسيطة ،فإذا لم يدفع المدين الدين في تاريخ اإلستحقاق ينذره الدائن بالوفاء
وبعد مضي خمسة عشر يوما يشرع في بيع المنقوالت بالمزاد العلني دون حاجة إلى حكم أو إذن
على عريضة أي تنفيذ بدون سند تنفيذي ،وسبب ذلك أن الرهن التجاري يرد على سلع تخضع
لتقلبات األسعار أو تكون قابلة للتلف مما يستلزم تنفيذ الرهن التجاري في أسرع وقت ،وهذا
بخالف الرهن المعقود لضمان مدني ،إذ يستوجب للتنفيذ على المال المرهون في حالة عدم وفاء
المدين بالتزاماته حصول الدائن على حكم من القضاء وهذا يتطلب إجراءات طويلة ومعقدة .
التقادم هو ذلك الدفع الذي يتمسك به المدين في مواجهة دعوى الدائن و يؤدي إلى سقوط
حق هذا الدائن في المطالبة بالدين ،ويكمن أساس تقرير التقادم المسقط في استقرار المعامالت
36
كما أن سكوت الدائن عن المطالبة بحقه لمدة طويلة يعد قرينة على الوفاء األمر الذي ال يلزم
معه بقاء ذمة المدين محملة بالدين إلى ما ال نهاية ،وتقضي القاعدة العامة في المواد المدنية
بأن اإللتزام يتقادم بمضي خمس عشر سنة لكن مثل هذه القاعدة ال تتناسب وطبيعة المعامالت
التجارية التي تستلزم السرعة في أداء الديون بهدف تحقيق الربح عن طريق تداول الثروات حيث
حدد المشرع التجاري الجزائري مدة التقادم تحديدا قصير جدا في المسائل التجارية ففي الشركات
التجارية تتقادم كل الدعاوى ضد الشركاء غير المصفين بمرور خمس سنوات وكذا التقادم
بالسفتجة بمضي ثالثة أعوام من تاريخ اإلستحقاق.
النفاذ المعجل يقتضي تنفيذ الحكم رغم قابليته للطعن فيه بطرق الطعن العادية ،وتقضي
القاعدة العامة بأن األحكام ال تقبل التنفيذ إال إذا أصبحت نهائية ،أي حائزة لقوة الشيء المقضي
فيه ،وال يجوز النفاذ المعجل فيها إال في حاالت إستثنائية ،بينما في المسائل التجارية فيكون النفاذ
كما هو الشأن في المعجل بقوة القانون سواء كانت هذه األحكام قابلة للمعارضة أو اإلستئناف
تنفيذ حكم اإلفالس.
من بين أهم اآلثار المترتبة عن التمييز بين العمل المدني و العمل التجاري ،هو أن هذا األخير
إن قام به الشخص بصفة متكررة و على وجه االمتهان ،فإنه يكسب صاحبه الصفة التجارية و
من ثم فإن حمل هذه يترب على صاحبها إخضاعه إلى نظام قانوني خاص يجعله يستفيد من
بعض المزايا ،وفي المقابل يتقيد ببعض االلتزامات المتعلقة باكتساب الصفة التجارية .
37
المبحث الثاني
تقسم األعمال التجارية حسب القانون التجاري الجزائري إلى أوال أعمال تجارية بحسب القانون
وهي بحسب الطبيعة أو الموضوع تقسم إلى أعمال منفردة وأعمال بحسب المقاولة وبحسب الشكل
كالسفتجة والشركات ومكاتب األعمال و المحل التجاري وعقود التجارة البحرية والجوية ،وثانيا إلى
أعمال تجارية بالتبعية .
ومعنى ذلك أن هذه األعمال هي التي حسم المشرع تحديد طبيعتها صراحة ولم يعد ثمة شك
في صفتها التجارية ،حيث ال يجوز لألفراد مخالفة هذا الوصف تحت طائلة البطالن باعتبار
المشرع أراد إخضاع العمل لنظام قانوني معين هو القانون التجاري فال يجوز لهم إخضاعه لنظام
قانوني آخر ،والمشرع في تعداده لهذه األعمال نجده لم يتبع معيا ار ثابتا فأحيانا يعتبر العمل
تجاريا ولو وقع منفردا ،وتارة أخرى يشترط مباشرة العمل على وجه المقاولة بحيث أنه لو تم
مباشرة نفس العمل بصفة منفردة لما اعتبر تجاريا ،وقد جاءت هذه األعمال على سبيل المثال ال
الحصر ألن الحياة التجارية في تطور مستمر ،و لدراسة مضمون هذه األعمال نقسم الدراسة إلى
38
المطلب األول :األعمال التجارية بحسب القانون
نتناول بالدراسة في هذا المطلب األعمال التجارية بحسب الموضوع أو بالطبيعة أواألصلية
وتشمل األعمال التجارية المنفردة والمقاولة هذا من جهة ومن جهة أخرى ندرس طائفة أخرى من
األعمال عددها المشرع الجزائري أيضا في القانون التجاري وهي األعمال التجارية بحسب الشكل.
عدد المشرع الجزائري األعمال التجارية بحسب الموضوع أو بالطبيعة في المادة الثانية من
القانون التجاري الجزائري ،وجمع فيها بين األعمال التجارية المنفردة وبين األعمال التجارية
بحسب المقاولة.
يقصد باألعمال التجارية المنفردة األعمال التي اعتبرها المشرع تجارية بنص القانون دون
إعتداد بعدد مرات مزاولتها ،أي حتى و لو بوشرت لمرة واحدة فقط ،و دون إعتبار للشخص القائم
بها ،سواء كان تاج ار أم غير تاجر ،و هي تشمل شراء المنقوالت إلعادة بيعها بعينها أو بعد
تحويلها و شغلها ،و العمليات المصرفية و عمليات الصرف و السمسرة و عمليات الوساطة لشراء
وبيع العقارات أو المحالت التجارية والقيم العقارية و كذا كل ما تعلق بالسفن و النشاطات البحرية
تعتبر عملية الشراء من أجل البيع من أهم مظاهر الحياة التجارية عن طريقها يتم التبادل
وتوزيع الثروات ،و هي تأتي في مقدمة األعمال التجارية بوجه عام ،واألعمال التجارية بوجه
خاص و يعني أن يكون هناك شراء سواء كان هذا الشراء وارد على منقول أو عقار ،وأن يكون
هذا الشراء بقصد إعادة البيع .
يجب أن يبدأ العمل التجاري بالشراء ،و ال يقصد من كلمة شراء الواردة في القانون الحصول
على البضاعة مقابل بدل نقدي ،بل يقصد به كل حاالت الحصول على الشيء بمقابل سواء كان
39
نقديا أو أي ثمن آخر كما هو األمر في عقد المقايضة ،وهي مبادلة سلعة بسلعة وكذا إستئجار
العين بمعنى الحصول على منفعة الشيء في مقابل دفع األجر أما إذا إنتفى المقابل فال يكون
عنصر الشراء متحققا في هذه الحالة ،كما لو إكتسب الشخص أمواال عن طريق الهبة أو
الوصية أو الميراث ،وعمليات البيع التي يقوم بها المنتج األول لمنتجاته التي لم يسبق له الشراء
ال تعتبر عمليات تجارية كما في حاالت إستغالل الموارد الطبيعية و اإلنتاج الفكري إذ يتنافى
فيها عنصر الوساطة في تداول الثروات
تستبعد الزراعة من نطاق التجارة ،و بالتالي ال تعد األعمال التي يقوم بها المزارع تجارية
و ذلك النتفاء الشراء ،فبيع المزارع لمحصول أرضه يعتبر عمال مدنيا ،ألن عملية البيع لم
يسبقها الشراء فيطبق نفس الحكم على كل ما يلزم إنتاج المحصوالت الزراعية سواء فيما يتعلق
شراء البذور و األسمدة و شراء المواشي لتربيتها على األرض الزراعية و كذلك شراء اآلالت
الزراعية ،فاستبعاد الزراعة من نطاق التجارة تقليدا استقر منذ القدم ،و يرجع إلى أن الزراعة
سابقة في ظهورها على التجارة نظمها القانون المدني و ال يمكن أن تنزع من نطاقه زيادة إلى أن
المزارع يمثل طبقة إجتماعية منفصلة تماما بعاداتها و تقاليدها عن طبقة التجار
و قد إنتقد بعض الفقه مسألة إستبعاد الزراعة من نطاق تطبيق القانون التجاري بصورة
مطلقة و ذهب هؤالء إلى أن التقدم و التطور الحديث الذي ط أر على اإلستغالل الزراعي قد شجع
كثي ار على القيام العديد من المشروعات الزراعية الضخمة و التي تستند في عملها إلى تنظيم
يشتبه في وسائله و أساليبه إلى حد كبير بالمشروعات التجارية ،ال سيما استخدام الغير أو
المضاربة على عملهم و اإلستعانة باآلالت و طرق المحاسبة الحديثة و الحصول على اإلئتمان
من البنوك و كذلك الطرق المتبعة في اإلعالن عن المنتجات أو المحاصيل الزراعية ،لذلك فقد
نادى هذا الفريق من الفقه بتطبيق قواعد القانون التجاري على عمليات اإلستغالل الزراعي التي
تأخذ شكل المشروع أو المقاولة قياسا على المقاوالت التجارية ،لذا نادى بعض الفقه بضرورة
إدخال الزراعة في المجال التجاري ،ألن مثل هذا الحل من شأنه أن يحقق مصلحة المزارعين
أنفسهم إذ يقوي إئتمانهم و يضمن سير نشاطهم على نهج سليم ،وإذا كان اإلستغالل الزراعي
40
يعد عمال تجاريا إذا ما إستغل بشكل كبير ،فإن نفس الحكم يسري على إستثمار الغابات
والمالحة والمياه المعدنية و المحاجر و المناجم.
و قد ثار خالف في الفقه و القضاء حول تصنيع المنتجات الزراعية و إعادة بيعها ،فإذا كان
التصنيع مكمال للنشاط الزراعي يعد العمل مدنيا ،أما إذا تغلب التصنيع على اإلستغالل الزراعي
فيكتسب العمل الصفة التجارية ،ففي هذه الحالة يجب األخذ بعين اإلعتبار النشاط الرئيسي أي
العبرة بالنشاط األصلي.
إن الصعوبة تظهر في كيفية تحديد النشاط الرئيسي ومتى يمكن القول بأن المزارع أصبح
يمارس أعمال تجارية ،إن محكمة الطعن الفرنسية قررت بصفة واضحة بأن بيع المنتوجات
الزراعية كالحبوب والخضر والفواكه وتطبق هذه القاعدة حتى على بيع الخشب من طرف مالك
الغابة ،كما ال يعتبر عمال تجاريا تحويل الحليب إلى جبن أو الشمندر إلى سكر ،غير أنه إذا
أصبح التحويل أهم من إستغالل المزرعة أي أن النشاط تحول إلى مؤسسة تصنع فإن األعمال
التي يقوم بها المزارع تصبح أعمال تجارية
وبالتالي إنتفاء الصفة التجارية عن الزراعة وما تستلزمه من أعمال ينطبق فقط على النشاط
الزراعي في صورته البسيطة ،و مع ذلك فالمشكلة تدق بالنسبة للحاالت التي يقرن فيها المزارع
عمليات اإلنتاج الزراعي بأعمال أخرى هي بطبيعتها أعمال تجارية ،مثال ذلك أن يستغل أحد
المزارعين وجود أرض زراعية لديه فيقوم بشراء بعض الحيوانات أو المواشي الصغيرة لتربيتها
عليها إلى أن تكبر فيبيعها أو الناتج منها بقصد تحقيق الربح ،أو يقوم بشراء البذور وزراعتها ثم
يبيع غالل أرضه بعد طحنها ،أو يسعى إلى شراء محاصيل أرض غيره لبيعها مع محاصيله
الزراعية .
و السؤال الذي يثور في مثل هذه الحاالت وغيرها هو هل تظل هذه األعمال محتفظة
بطابعها التجاري أم أن إرتباطها باإلستغالل الزراعي والذي هو عمل مدني يغير من طبيعتها
لتصبح أعماال مدنية ؟
اإلجابة على هذا التساؤل يمكن إستخالصها من األحكام العديدة التي أصدرها القضاء في
دعاوى كثيرة عرضت عليه في هذا الصدد ،فقد أخذت المحاكم بقاعدة الفرع يتبع األصل
41
وتطبيق هذه القاعدة يقتضي أن نبحث في العالقة بين اإلستغالل الزراعي وما يرتبط به من
عمل تجاري عن النشاط الرئيسي أو األكثر أهمية عن اآلخر ،ومن ثم إذا كان واقع الحال يشهد
بأن العمل الزراعي يستحوذ على معظم وقت و جهد المزارع ،فإن قيامه بتربية بعض المواشي أو
الدواجن أو الطيور على أرضه ثم بيعها أو ناتجها بعد ذلك ينطمس تحت غلبة النشاط الزراعي
فيفقد صفته التجارية ويصبح عمال مدنيا ،أما إذا تبين أن المزارع قد اشترى أو إستأجر أرضا
لتربية ما يشتريه من ماشية عليها تمهيدا لبيعها بعد ذلك بسعر أعلى فإن أي زراعة يقوم بها في
هذه األرض إنما تكون بمثابة نشاط تابع للنشاط التجاري األصيل وبالتالي تكتسب الطابع التجاري
كذلك وفي الحالة التي يقوم فيها المزارع بتحويل منتجات أرضه ثم بيعها بعد صنعها كتحويل
القمح إلى دقيق ،إذا إقتصر العمل الصناعي على منتجات هذا المزارع وحده على نحو يبدو معه
هذا العمل ثانويا بالنسبة لعمل الزراعة ،فقدت الصناعة التحويلية طابعها التجاري وتصبح عمال
مدنيا تابعا للنشاط الزراعي الرئيسي.
أما إذا أخذت الصناعة التحويلية حجما ضخما يغطي العمل الزراعي بحيث يظهر هذا
األخير مجرد عمل تابع لهذه الصناعة فإن العمل ككل يصطبغ بالصبغة التجارية كما لو قامت
إحدى شركات السكر بشراء أو إستئجار أرض وزراعتها قصبا لمد مصانعها بالمادة األولية
الالزمة لصناعة السكر أو إذا امتدت الصناعة التحويلية التي يقوم بها المزارع لتشمل أيضا
منتجات الغير إلى جانب منتجاته.
أخي ار وحينما يقوم المزارع بشراء منتجات أرض الغير وإعادة بيعها مع منتجاته ،فإن تجارية أو
مدنية هذا العمل تتوقف على ما إذا كانت كمية المحاصيل التي اشتراها تفوق أو تقل عن
الكميات التي تنتجها أرضه
ال يعتبر عمال تجاريا بيع اإلنتاج الفكري إذا من المؤلف نفسه ألنه لم يسبقه شراء وعلى هذا
اعتبر مدنيا بيع المؤلف لمؤلفاته ،سواء أقام بطبع كتابه بنفسه و على نفقته و نشره بنفسه أو
عهد بذلك لناشر ويدخل في عداد األعمال السابقة أعمال التأليف و رسم اللوحات ونحت
التماثيل والتصوير والتلحين واإلخراج السينمائي أو المسرحي والتمثيل والغناء والرقص والطرب
42
وتحتفظ األعمال السابقة بطبيعتها المدنية حتى و لو لجأ أصحابها في سبيل إنتاجها إلى شراء
بعض األدوات واآلالت مثل األوراق للتأليف عليها واأللوان والزيوت للرسم واآلالت الموسيقية
للتلحين بها واألحجار للنحت عليها ،فهذه األدوات أو اآلالت تمثل جانبا ثانويا في عملية البيع
التي ترتكز وبصفة جوهرية أو رئيسية على اإلنتاج الفكري أو الفني ذاته .
وعلى خالف الوضع بالنسبة ألصحاب اإلنتاج الذهني و الفني ،يعتبر عمال تجاريا كل عمل
يهدف إلى التوسط في تداول هذا اإلنتاج بين أصحابه والجمهور ،فهذا العمل يتوافر له عناصر
الشراء من أجل البيع وتحقيق الربح ،وبالتالي وعلى سبيل المثال فإن الناشر الذي يقوم بشراء
أعمال المؤلف أو الملحن لطبعها ثم بيعها بعد ذلك للجمهور بهدف الربح إنما يقوم بعمل تجاري
يخضع فيه لقواعد القانون التجاري ،وينطبق ذات الحكم أيضا على عمل منتج الفيلم أو المسرحية
أو موزع األسطوانات أو الكاسيت ،فهدف هؤالء جميعا هو المضاربة على عمل أصحاب اإلنتاج
الذهني و الفني ذاته و تحقيق الربح من وراء ذلك.
أما بالنسبة إلصدار الصحف و المجالت فقد جرى القضاء الفرنسي على التمييز بين ما إذا
كان إصدار الصحيفة أو المجلة يرمي إلى جني الربح أو ال ،فإذا كان اإلصدار يهدف إلى
المضاربة و الوساطة في تداول األفكار ،فإن هذه األعمال تعتبر من قبيل األعمال التجارية أما
إذا كان غرض المجلة أو الصحيفة ينحصر في نشر أفكار سياسية أو أدبية أو إجتماعية أو
صحية كالمجالت التي تصدرها الجامعات و الهيئات القضائية و الدينية و العلمية فإن إصدارها
يعد عمال مدنيا حتى لو قامت بنشر إعالنات طالما كان نشر اإلعالنات يعد عمال ثانويا بالنسبة
للغرض الرئيسي للصحيفة أو المجلة.
يقصد بالمهن الحرة أي عمل يشكل تقديمه فائدة للجمهور من خالل استخدام شخص القائم
به لملكاته الذهنية و ما يتميز به من خبرة و كفاءة شخصية أو علمية أو فنية ،و ذلك لقاء
مقابل يطلق عليه األتعاب ،حيث تتميز المهن الحرة بخاصيتين أساسيتين ،األولى أنها تعد عمال
ذهنيا و الثانية هي أن الغرض منها ال ينحصر في جني الربح و مثال هذه المهن المحاماة
المحاسبة ،الطب ،التعليم ،الهندسة ،فالمهن الحرة تقوم على استغالل العمل العقلي أساسا حيث
43
أن البحث عن الربح دافع ثانوي في هذه األعمال وهي تقوم على استغالل مباشر للملكات الفنية
والفكرية وهم يباشرون أعمالهم إنما يقدمون خدمات لعمالئهم مقابل أجر هو من قبيل اإللتزام
المدني ،خاصة و أن قوام مباشرة هذه المهن الحرة مبنية على الثقة الشخصية بين من يمارسها
وعمالئه ويبقى عمل الطبيب مدنيا و لو مارس عمال تجاريا كبيع األدوية لعمالئه أو قام ببناء
مستشفى ،ألن هذه األعمال ال تدخل في نطاق وظيفته الرئيسية التي هي عمل مدني بحث
إضافة على ذلك فإن مباشرة المهن الحرة يتطلب تحقيق عمل فكري محض في حين أن التجارة
تتطلب في كثير من األحيان إنجاز أعمال مادية كنقل السلع من مكان آلخر أو تحويلها قبل
بيعها .
على العكس فإن عمل صاحب المهنة الحرة يفقد صفته المدنية إذا تجاوزت أهمية العمل
التجاري الذي يقوم به حدود نشاطه المهني ،ففي هذه الحالة تتراجع المهنة الحرة إلى المرتبة
الثانية لتقف خلف النشاط التجاري لصاحبها وتتبعه على نحو يصبح عمله في النهاية تجاريا
وعلى ذلك يعتبر عمال تجاريا قيام أحد األطباء ببيع أدوية وعقارات طبية ألشخاص أخرى غير
مرضاه ،أو قيامه بإنشاء مستشفى أو مركز طبي يقدم فيه لمرضاه خدمة شاملة تغطي اإلقامة
واألدوية واألغذية طوال فترة عالجهم ،فالمضاربة على هذه الخدمات صارت هي موضوع العمل
الرئيسي واألساسي للطبيب في المثالين السابقين .
كما أثار عمل الصيدلي حفيظة الفقه و القضاء ،إذ لوحظ في البداية أن هذا النوع من األعمال
تتوافر فيه عناصر المهن الحرة ،فهو يعتمد كثي ار على ما يبذله الصيدلي من مجهود ذهني
وعلى خبرته العلمية في تحضير األدوية التي يبيعها ،ومع ذلك فقد استقر الفقه و القضاء فيما
بعد على تجارية عمل الصيدلي واعتبار هذا األخير تاجرا ،وقد جاء هذا الرأي نتيجة التطور الذي
ط أر على صناعة األدوية في الوقت الحاضر ،فالعديد من أنواع هذه األدوية يتم اآلن شراؤها من
مصادرها بمعرفة الصيدلي ثم بيعها مرة أخرى بحالتها أو بعد تجهيزها تجهي از بسيطا األمر الذي
تضاءل معه استغالل الذهن و الخبرة العلمية.
44
– 2الشرط الثاني :أن يرد الشراء على منقول أو عقار
لكي يعتبر العمل تجاريا يجب أن يرد الشراء على عقار أو منقول ،وإن كانت بعض
التشريعات تقصر الش ارء على المنقول فحسب دون العقارات ،وتستبعد هذه األخيرة من مجال
القانون التجاري نسبة إلى القاعدة التقليدية التي تقضي بأن( :القانون التجاري ،قانون المنقوالت
والقانون المدني ،قانون العقارات) .
وتقوم هذه القاعدة على أساس أن العقا ارت ال تتسم طبيعتها بروح السرعة والتبسيط التي
يقوم عليها القانون التجاري ،غير أن المشرع الجزائري ساير التطور اإلقتصادي الحديث فأدخل
العقارات في القانون التجاري نظ ار لكون هذه األخيرة أصبحت تشكل مضاربات عقارية ذات أهمية
بالغة تتم حاليا برأس مال كبير األمر الذي يجعلها تحتاج إلى إئتمان كبير بحيث لو أخذنا
بمدنيتها لحرم الغير الذي يتعامل مع القائمين بها من ضمانات القانون التجاري و من أهمها
إشهار إفالس هؤالء المضاربين.
والشراء يمكن أن ينصب على المنقوالت المادية أو المعنوية أو المنقوالت بحسب المآل
والمنقول هو ما يمكن نقله و تحويله من مكان إلى آخر دون تلف أو تغيير في هيئته ،ويكون
المنقول ماديا كالبضائع على اختالف أنواعها والسلع ،ومعنويا كالمحل التجاري والديون
واألسهم والسندات وحقوق الملكية الصناعية كبراءات اإلختراع والعالمات والرسوم
والنماذج الصناعية وكل هذه المنقوالت المعنوية يجوز شراؤها وبيعها أسوة بالمنقوالت المادية أما
المنقوالت بحسب المآل فهو عقار تقرر مصيره فأصبح على وشك الهدم بحيث يدخل اإلعتبار
عند التعامل به باعتباره مال منقول بحسب النتيجة التي سيصير إليها قريبا كما هو الحال في
شراء منزل بقصد هدمه و بيعه أنقاضا ،أو شراء األشجار بقصد قطعها وبيعها أخشابا .
أما المقصود بشراء العقار فهو شراء الحق العقاري ذاته كالملكية ،أما إستئجار عقار بقصد
إعادة تأجيره فال يعتبر واردا على عقار ألنه ينصب على المنفعة وهي منقول ويعتبر أيضا من
األعمال التجارية.
45
– 3الشرط الثالث :قصد البيع وتحقيق الربح
يعتبر الشراء ألجل اإلستعمال واإلستهالك الشخصي عمال مدنيا ،فنية البيع هي العنصر
الذي يمكن به التمييز بين البيع التجاري والبيع المدني ،حيث ما يجعل من البيع عمل تجاري هو
ما يهدف إليه هذا البيع أي تحقيق المضاربة.
فيكفي لتجارية الشراء أن تتوافر لدى المشتري نية إعادة البيع وقت حدوث الشراء دون شرط
تحقق هذا البيع بالفعل ،فطالما أن الشخص قد اشترى شيئا بقصد بيعه فإن عمله يكتسب الصفة
التجارية حتى و لو عدل عن قصده فيما بعد واستبقى الشيء الستعماله الخاص ،أو هلك هذا
الشيء بعد شرائه ،على العكس فإن شراء الشيء بقصد اإلستهالك الشخصي يعتبر عمال مدنيا
حتى ولو كان هذا الشيء قد إرتفع ثمنه في وقت الحق على نحو جعل المشتري يبيعه بربح وذلك
النتفاء نية البيع وقت الشراء ،وكذلك األمر فيما يتعلق بالشراء أو باإلستئجار ألجل التأجير فال
يكون العمل تجاريا إال إذا كانت الغاية من وراء ذلك هو التأجير ،يجب أيضا أن تتوفر فيه نية
البيع أو التأجير عند الشراء أو اإلستئجار .
لذلك ال يعتبر العمل تجاريا عندما يشتري الشخص أو يستأجر منقوال أو عقا ار بقصد
استعماله الشخصي ثم بعد الشراء أو اإلستئجار يعدل عن اإلستعمال فيبيع ما اشتراه أو يؤخره.
وعلى العكس من ذلك يظل العمل تجاريا عندما يثبت قصد البيع أو التأجير عند الشراء ثم
يعدل المشتري أو المستأجر بعد ذلك ويحتفظ بالشيء الستعماله الشخصي ،ويبقى العمل تجاريا
حتى ولو تم البيع بعد تحويل المنقول أو تصنيعه كشراء األقمشة ألجل صنعها ثيابا أو ش ارء
البرتقال ألجل تحويله إلى عصير.
وزيادة على ذلك نصل إلى الغاية النهائية من العمل التجاري و هي تحقيق الربح ،لذلك فقد تتم
كل هذه العمليات للوصول إلى هدف نهائي بات و هو الحصول على أرباح وفيرة ،أما إذا انتقلت
نية تحقيق الربح أو كانت غير متوفرة فال يكون العمل تجاريا ،غير أن ذلك ال يعد شرطا للعمل
التجاري لذلك يبقى العمل تجاريا حتى و لو نتج عنه خسارة.
46
وكذلك يبقى العمل تجاريا إذا لجأ المشتري إلى بيع البضاعة بثمن الشراء أو بأقل منه تفاديا
لتلفها أو رغبة منه في القضاء على منافسيه ألنه يأمل بعد ذلك أن يحتكر السوق ويرفع األسعار
بعد ذلك سيصل إلى تحقيق الربح الالزم.
ويقع عبء إثبات البيع على من يدعي تجارية الشراء ويتم ذلك بكافة طرق اإلثبات بما فيها
البينة والقرائن ،ويكون األمر ميسو ار إذا ما وقع الشراء من تاجر وكان موضوع الشراء سلعة من
السلع التي يتجر فيها عادة ،إذ توجد قرينة على أن شراء السلعة كان بقصد البيع غير أن هذه
القرينة بسيطة يمكن دحضها وإثبات عكسها وعلى كل فإن نية البيع يمكن أن تستنتج من
الظروف المحيطة بالتصرف ،مثال ذلك أن تكون الكميات المشتراة كبيرة بحيث تفوق حاجة
اإلستهالك الشخصي.
جميع األعمال المصرفية وعمليات الصرف تقوم بها في بالدنا البنوك ،ومن ثمة فهي أعمال
تجارية بموضوعها بالنسبة لهذه البنوك ،ولو تمت بصفة منفردة ولصالح شخص غير تاجر ،أما
بالنسبة للعميل أو الزبون فإنها تعد أعماال تجارية بالتبعية إذا كان هذا العميل تاج ار وكانت هذه
األعمال متعلقة بتجارته ،أو كان غير تاجر ولكن العمليات التي أجراها مع البنك كانت بغرض
عمل تجاري كشراء البضائع ألجل بيعها.
ويقصد بأعمال الصرف مبادلة النقود ،سواء نقود وطنية بنقود أجنبية أو نقود أجنبية بنقود
أخرى ،و يكون الصرف على نوعين إما يدوي أو محلي ،أو صرف مسحوب .
فالصرف اليدوي يتم بالتسليم ،بينما يتم الصرف المسحوب بتسليم الصراف مبلغا من النقود في
بلد معين على أن يسلم ما يقابله نقودا أجنبية في بلد آخر ،و ينفذ عقد الصرف مثل هذه الحالة
بواسطة رسائل اإلعتماد أو الحوالة أو الشيك ،و يتقاضى الصراف عادة عمولة على العملية التي
يجريها و قد يستفيد أحيانا من فرق أسعار النقد في الزمان والمكان وتقوم المصارف بعمليات
متعددة كعمليات اإلئتمان و الودائع و فتح الحسابات الجارية و خصم األسناد التجارية .وتعتبر
جميع المعامالت التي تقوم بها المصارف تجارية ولو كانت متعلقة بعقارات كالقروض التي
تمنحها المصارف بضمان عقاري ولكن الصفة التجارية ال تالزم العملية إال بالنسبة للمصرف،
47
وأما بالنسبة للعميل فتعتبر تجارية إذا كان تاج ار ومتعلقة بتجارته ،وتكون لها الصفة المدنية إذا لم
يكن تاج ار أو كانت غير متعلقة بتجارته ،وعلى هذا فإن المبادلة الودية للنقود والتي تتم بين
صديقين ال تعتبر عمال تجاريا .أما عمليات البنوك فتعتبر جميعها من قبيل األعمال التجارية
حتى ولو وقعت مرة واحدة هذا بالنسبة للبنك وبالنسبة إلى العميل فتعتبر تجارية إذا كان تاج ار
عمل السمسرة يعني قيام شخص يسمى السمسار بالتوسط في العالقات التعاقدية من أجل
التوفيق والتقريب بين أطرافها وذلك لقاء حصوله على أجر ،يطلق عليه العمولة ،يتمثل عادة في
نسبة مئوية معينة من قيمة الصفقة المراد إبرامها ،فالسمسار هو من يحاول التقريب
والتوفيق بين البائع والمشتري في عقد البيع ،أو بين المؤجر والمستأجر في عقد اإليجار أو بين
المؤمن والمؤمن له في عقد التأمين ،وذلك نظير نسبة مئوية من الثمن في حالة البيع أو من
األجرة في حالة اإليجار أو من قسط التأمين في حالة التأمين.
ويفترق السمسار بعمله هذا عن عمل كل من الوكيل التجاري و الوكيل بالعمولة فهو وإن كان
يتوسط بين طرفي العقد المراد إبرامه ال يمثل أيا منهما وال يعد طرفا موقعا على العقد وبالتالي إذا
نجح السمسار في وساطته وأبرم العقد بين طرفيه فإن أية حقوق و التزامات يرتبها هذا العقد إنما
تكون لصالح أو على عاتق طرفيه فقط بمنأى عن السمسار الذي ينتهي دوره بمجرد إبرام العقد
سواء نفذ هذا العقد بعد ذلك أم لم ينفذ ،فالسمسار كقاعدة عامة غير مسئول عن تنفيذ العقد
المبرم إثر وساطته ال بصفته الشخصية و ال كضامن ألحد طرفيه.
والمشرع الجزائري اعتبر صراحة عمل السمسار أيا كان يعد عمال تجاريا دون تمييز بين
الصفقات التي يبرمها أكانت مدنية أم تجارية ،لذا فعمل السمسار يعد عمال تجاريا بالنسبة
للسمسار أما بالنسبة لألطراف المتعاقدة فإن األمر يتوقف على طبيعة التعاقد الذي يقومون به
وعلى صفتهم.
إلى جانب األعمال التجارية المنفردة نص المشرع الجزائري على طائفة أخرى من األعمال ال
تكتسب الصفة التجارية إال إذا وقعت في صورة مقاولة أو مشروع ،أتى بها على سبيل المثال ألن
48
األعمال التجارية التي تتم وتنجز في شكل مقاوالت هي في تزايد مستمر وتطور ،ومن أجل
اإللمام بها في هذه الدراسة نقوم أوال بتحديد مفهوم المقاولة ثم نتطرق إلى مختلف هذه المقاوالت
حسب طبيعة نشاط مل منها.
وتكون المقاولة تجارية عندما يكون الهدف منها ـ ـ ـ ـ في شكل مهنة بالنسبة للشخص الطبيعي أو
في شكل غرض أو محل بالنسبة لشركة ـ ـ ـ ـ اإلنتاج التجاري بمعنى ممارسة األعمال التجارية التي
تشكل األساس العقالني للقانون التجاري.
و نبحث في دراستنا عن األعمال التجارية تميي از لها عن األعمال المدنية لكونها تمت في
شكل مقاولة كما نص عليه المشرع الجزائري في المادة الثانية من القانون التجاري الجزائري
بحيث يمكن القول أنه بجانب العمليات التي تشكل في حد ذاتها أعماال تجارية و تكتسب هذه
الصفة بغض النظر عن القائم بها فإن المشرع نص على مجموعة من العمليات التي تتصف
بالصفة التجارية إذا تمت في شكل مقاولة.
حيث عرفها اسكار بأنها تكرار األعمال التجارية على وجه اإلحتراف بناء على تنظيم مهني
سابق ،بمعنى أنه ال بد من توافر عنصرين في المقاولة حتى تكتسب الصفة التجارية:
ـ ـ ـ ـ وجود تنظيم مهني :ال يكفي الكتساب العمل صفة تجارية أن يكون بصورة معتادة قبل أن
يكون بصورة تنظيم مادي يشتمل على مجموعة من الوسائل المادية والقانونية الالزمة لممارسة
هذا النشاط.
فبتكرار العمل يتميز العمل التجاري بالمقاولة بشكل جلي عن العمل التجاري المنفرد ولكن هذا
التكرار ال يكفي وحده إلضفاء صفة المقاولة على العمل إذا لم تتم هذه األعمال بواسطة مجموعة
من الوسائل من توظيف المستخدمين واستعمال العتاد والتجهيزات وتوفر العقارات الخاصة بهذا
النشاط والمهيأة والتي تستخدم كلها للقيام بهذا العمل .
49
ثانيا :تصنيف المقاوالت التجارية
بالرجوع إلى المشرع الجزائري نجده عدد المقاوالت التي يمكن تصنيفها كما يلي:
تأجير المنقوالت والعقارات عمال تجاريا إذا حدثت على سبيل التكرار واتخذت شكال منظما
يستوي أن يكون التأجير وارد على منقول أو عقار ،وقد أضفى المشرع على هذه األعمال الصفة
التجارية إذا تم ممارستها في شكل مشروع الهدف من وراءه القيام بالمضاربة و تحقيق الربح ،فأراد
المشرع حينئذ حماية المتعاملين مع أصحاب هذه المشروعات فأصبغ الطابع التجاري على
اإللتزامات الناتجة عن األعمال التي تزاولها هذه المشروعات و أخضعهم اللتزامات التجار منها
مسك الدفاتر التجارية والقيد في السجل التجاري ودفع الضرائب على األرباح التجارية
والصناعية ،مثال ذلك قيام شخص بتأجير السيارات أو تأجير منزل و جعله فندقا أو مكان للعالج
أو للتعليم.
يسميها البعض مشروع أو مقاولة الصناعة ،وهي عبارة عن إنتاج مواد أولية وتحويلها إلى
سلع صالحة لقضاء حاجات اإلنسان ،وهي تعتبر أعمال داخلة في إطار الصناعة ،ذلك أن
الصناعة عبارة عن عملية تحويل المادة األولية أو المادة نصف المصنوعة إلى سلعة معينة سواء
كانت المقاولة عبارة عن إنتاج زراعي أو ال ،كمن يقوم بإنتاج الزيتون و يقدمه إلى المعصرة
الستخراج الزيت منه ،أو كمن يقوم بإنتاج القطن و يقوم بتحويله إلى نسيج أو بإنتاج المواد الخام
و صناعتها كاستخراج الحديد و صناعة السيارات.
وتعتبر هذه المقاولة عمال تجاريا لقيامها على الوساطة بين عمل العمال و جمهور
المستهلكين ،فضال عن وجود المضاربة و قصد تحقيق الربح فيه ،كما يعد الصانع تاج ار وال فرق
في ذلك إن كان صاحب المصنع قد اشترى السلعة لصنعها أو أنها سلمت إليه ليتولى صنعها أو
تحويلها أو إصالحها ويردها للعميل ،مثال ذلك أن يتولى المقاول صناعة أقمشة الغير أو طحن
حبوبه أو إصالح سيارته ،فمفهوم المقاولة الصناعية الذي أخذ به المشرع الجزائري إنما يحتوي
على الصناعات التي ترد فيها عمليات شراء أو بيع ،كما أنه يرد على نشاط صانع والذي ينصب
50
على مال الغير دون وجود شراء أو بيع من جانب الصانع ،وهذا ما سبق للقضاء الفرنسي أن
قال به على أن الصناعة بالمعنى المتقدم ال تعتبر عمل تجاري إال إذا اتخذت شكل المقاولة بما
تتطلبه هذه المقاولة من امتهان األعمال الصناعية عن طريق التكرار في إطار مهني منتظم.
ويسري األمر كذلك على باقي المقاوالت التي أتى بها المشرع الجزائري والمتمثلة في:
/ 8مقاولة التأمينات
/ 11مقاولة بيع السلع الجديدة بالمزاد العلني بالجملة أو األشياء المستعملة بالتجزئة
/ 11مقاولة صنع أو شراء أو بيع أو إعادة بيع السفن للمالحة البحرية .
نص المشرع الجزائري في المادة الثالثة على مجموعة من األعمال واعتبرها أعماال تجارية
ّ
بحسب شكلها .ومعنى ذلك أن هذه األعمال متى تمت وفقا لألشكال التي حددها بها القانون،
فإنها تعتبر أعماال تجارية بصرف النظر عن موضوعها وسنتعرض فيما يلي إلى هذه األعمال
بشيء من التفصيل في نقاط متتالية.
نص عليها المشرع الجزائري واعتبرها عمال تجاريا مهما كان األشخاص المتعاملين بها
واشترط فيها مجموعة من البيانات اإللزامية التي يجب أن تتضمنها السفتجة وإال عادت سندا
51
عاديا وقد جعل المشرع السفتجة أداة من أدوات التعامل التجاري رغبة منه في توحيد النظام
القانوني الذي يحكم الدين الثابت فيها حتى يطمئن المتعاملين بها وحماية وحفظا لحقوقهم بسبب
ما قدمه التشريع من ضمانات ،وأخي ار فإن التعامل بالسفتجة يعتبر العمل فيه عمال تجاريا سواء
كان اإللتزام مدنيا أو تجاريا و أيا كانت صفة الموقع على هذه الورقة مظه ار أو راهنا أو ضامنا ،
إال أن المشرع الجزائري قد أورد استثناء على القاعدة عندما نص على أن السفتجة التي توقع من
القصر الذين ليسوا تجا ار تكون باطلة بالنسبة لهم بدون أن ينال ذلك من الحقوق التي يختص بها
كل من الطرفين ،حيث أراد المشرع من هذا اإلستثناء أن يحمي القاصر من قواعد القانون
التجاري الصارم وخاصة منها نظام اإلفالس الذي يرتب جزاءات جنائية وأخرى مدنية زيادة عن
الكثير من اإلجراءات القاسية.
اعتبر المشرع الجزائري الشركات التجارية عمال تجاريا بحسب الشكل ،وحدد الطابع التجاري
للشركة إما بالشكل أو الموضوع ،وتعد الشركات بسبب شكلها مهما كان موضوعها شركات
المساهمة وشركات التضامن وشركات المسؤولية المحدودة وشركات التوصية.
يقصد بها تلك الوكاالت ومكاتب األعمال التي يقوم فيها األشخاص بأداء شؤون الغير مقابل
أجر يحدد بمبلغ ثابت يتم اإلتفاق عليه مسبقا أو يحدد بنسبة مئوية من قيمة الصفقة التي تتوسط
الوكاالت والمكاتب إلب ارمها ويختلف نشاط هذه الوكاالت والمكاتب بحسب األعمال التي تقوم بها
و مثالها وكالة األنباء واإلعالن ومكاتب السياحة ،وقد أضفى عليها المشرع الصفة التجارية نظ ار
للشكل والتنظيم الذي تتخذه للقيام بأعمالها على وجه اإلمتهان للمضاربة وجني الربح ،وهو لم
ينظر إلى طبيعة نشاط هذه المكاتب بل راعى أن أصحابها يدخلون في عالقات مع الجمهور
ولذلك رأى ضرورة العمل على حماية جمهور المتعاملين مع هذه المكاتب بإخضاعها للنظام
القانوني التجاري من حيث اإلختصاص و اإلثبات وتطبيق نظام اإلفالس.
52
الفقرة الرابعة :العمليات الواردة على المحالت التجارية
لم يعرف المشرع الجزائري المحل التجاري واكتفى بتعداد عناصره المادية والمعنوية
والمحل التجاري هو مجموع أموال مادية كالبضائع ومعنوية مثل الحق في العمالء والسمعة
التجارية والعالمة التجارية وبراءة اإلختراع والحق في اإليجار ،ويخضع المحل التجاري لنظام
قانوني خاص يختلف عن النظام القانوني الذي يخضع له كل عنصر داخل في تكوينه
واعتبر المشرع تجاريا بحسب الشكل كافة العمليات المتعلقة بالمحالت التجارية من بيع ورهن
وتأجير.
اعتبر المشرع الجزائري كل العقود الواردة على التجارة البحرية والجوية عمال تجاريا بحسب
الشكل ،ولعل الهدف هو رغبة المشرع في تنظيم كل من التجارة الجوية والبحرية من جهة
وتطوير نشاط النقل من جهة أخرى ،بحيث اشترط تنظيمه في شكل مقاولة منظمة وأضفى على
كل العقود الواردة عليها الصفة التجارية ،من بين أهمها ،إنشاء السفن والطائرات
وشراءها وبيعها ،كل إستئجار أو تأجير للسفن أو الطائرات ،كل تأمين بحري أو جوي ،كل إنفاق
على أجور البحارة والمالحين.
واألصل في هذه الفئة من األعمال تكون مدنية ،ولكنها تفقد هذه الصفة فتصبح تجارية وفقا
للقاعدة الفقهية القائلة (أن الفرع يتبع األصل) ،ونظرية األعمال التجارية بالتبعية ليست وليدة
اإلجتهاد وحده بل هي مستمدة من القانون التجاري نفسه ،إذ نصت المادة الرابعة من القانون
التجاري الجزائري على أنه (يعد عمال تجاريا بالتبعية ،األعمال التي يقوم بها التاجر
والمتعلقة بممارسة تجارته أو حاجات متجره ،اإللتزامات بين التجار) .
53
الفرع األول :أساس نظرية التبعية وشروطها
نظرية التبعية مستمدة من النصوص القانونية الموجودة في القانون التجاري الفرنسي والتي
توصل إليها القضاء والفقه الفرنسي ،طرحت هذه النظرية الصفة التجارية على جميع األعمال
التي تتبع التاجر حتى يخضع العمل األصلي والعمل التابع لقواعد واحدة تطبيقا للمبدأ الفرع يتبع
األصل في الحكم .وقد عمم القضاء الفرنسي نظرية التبعية على جميع األعمال التي يقوم بها
التاجر شريطة أن تكون متعلقة بتجارته وتابعة لمهنته التجارية.
وقد قنن المشرع الجزائري هذه النظرية في المادة الرابعة من القانون التجاري حيث اعتبر
تجاريا جميع األعمال التي يقوم بها التاجر والمتعلقة بممارسة تجارته أو حاجات متجره وكذلك
اإللتزامات بين التجار
يقضي المنطق بضرورة طرح الصفة التجارية على كل األعمال المتعلقة بمهنة التاجر حتى
تكون الحياة التجارية وحدة ال تتج أز ولكي تخضع جميع األعمال لنظام قانوني واحد ،سواء من
حيث اإلختصاص القضائي ،أو من حيث القانون الواجب التطبيق ،واألخذ بهذه النظرية لتحقيق
مصلحة المتعاملين مع التجار حيث يستفيدون من الحماية التي يقررها القانون التجاري لدائني
التاجر.
تؤكد المادة الرابعة من القانون التجاري الجزائري على ضرورة توفر شرطين لتطبيق النظرية
بمعنى أن يقوم بالعمل التاجر سواء شخصا طبيعيا بحيث يجب أن يباشر األعمال التجارية
بطبيعتها أو حسب الشكل ويتخذها مهنة معتادة له وتكون هي مصدر رزقه وعمله الرئيسي في
حياته ،كما يجب أن يكون هذا التاجر يمارس النشاط لحسابه الخاص وأن يقوم به على وجه
54
اإلستقالل فال يكون تابعا لغيره .أما بالنسبة للتجار اإلعتباريين فيجب أن يكونوا تجا ار بحسب
الشكل كما هو الحال بالنسبة لشركة التضامن وشركة التوصية البسيطة والشركة ذات المسؤولية
المحدودة أو شركة المساهمة أو شركة التوصية باألسهم
ثانيا :الشرط الثاني :أن يكون العمل متعلقا بممارسة تجارية أو ناشئا عن اإللتزامات بين
التجار
ال يكفي أن يقوم التاجر بالعمل المدني ليكون عمله تجاريا إنما يجب أن يكون سبب القيام به
حاجات تجارته أو سبب تجارته ،ولهذا عرفت هذه النظرية تحت اسم آخر هو نظرية األعمال
التجارية لسببها ،فقيام التاجر بعمل مدني من أجل تجارته أو لحاجاتها يضفي على هذا العمل
المدني وصفا تجاريا ،وكمثال عن ذلك صاحب المقهى الذي يشتري لوحة فنية ألحد كبار
الفنانين أو الرسامين فيزين بها جدران مقهاه ،فشراء هذه اللوحة يعتبر مدنيا ،ولكن المشتري هو
تاجر ولم يكن شراؤها لتزيين منزله وإنما لتزيين مقهاه بحيث يضفي منظرها الجمال على المقهى،
وتعجب الزبائن كما ترفع من تصنيف المقهى إلى درجة أعلى ،فالباعث على شراء اللوحة الفنية
هو تجاري مما يجعل شراءها عمال تجاريا بالتبعية .
واألمر كذلك بالنسبة لما نشاهده على شاشة التلفزة من دعوة الجمهور إلى المشاركة في مسابقة
معينة كمسابقة رمضان مع وعد الجمهور بأن الفائزين سيحصلون على هدايا تذكر وتظهر في
الصورة من طرف شركات معينة ،فالعمل يتجلى ألول وهلة بأنه عمل مدني ألنه تبرعي ويهدف
إلى تشجيع العلم و المعرفة ،في حين تختفي وراء وعد أصحاب الجوائز من التجار عملية
اإلشهار بوجودهم ونزاهتهم و الدعاية لمنتوجاتهم الذي يظهر على شاشة التلفزة أكثر من مرة في
اليوم الواحد و لمدة معينة ،األمر الذي يجلب الزبائن للواعد بالجائزة مما يترتب عنه القول أن
الوعد بالجائزة صدر من تاجر و لحاجات تجارته ،و بالتالي يعتبر هذا الوعد عمال تجاريا ،فإذا
قام نزاع مع الواعد خضع للقانون التجاري.
55
الفرع الثاني :مدى اعتبار العمل تجاري بالتبعية
التبعية الموضوعية هي التبعية التي تفترض وجود تصرفين أحدهما تجاري أصلي واآلخر
مدني ثانوي ،هذا األخير ما كان ليقع لو ال وقوع العمل التجاري ،وبعبارة أخرى فإن إبرام
التصرف التجاري كان هو السبب إلبرام العمل المدني ،ونتيجة لذلك فإن العمل المدني يفقد صفته
المدنية ويكتسي بالصفة التجارية وبالتالي يخضع ألحكام القانون التجاري.
ومثال ذلك قيام شخص بإبرام عقد نقل لبضاعة كان قد اشتراها بقصد إعادة بيعها ،فهذا العمل
األصلي هو الشراء ألجل البيع و هو عمل تجاري ،والعمل الثانوي هو إبرام عقد النقل وهو عمل
مدني .
وبتطبيق نظرية التبعية الموضوعية يفقد العمل الثانوي صفته المدنية ليكتسب الصفة التجارية
للعمل األصلي ،بغض النظر عن صفة القائم بالعمل الثانوي سواء كان تاجر أو غير تاجر وهذا
هو نفس حال الشخص الذي يشتري بضاعة بقصد إعادة بيعها ثم يقترض مبلغا لسداد ثمنها،
فالشراء ألجل البيع عمل تجاري ،ولكي يتمكن هذا الشخص القيام به ،قام بإبرام عقد قرض وهو
عمل مدني ،فهنا يصبح عقد القرض ،عمل تجاري لتبعيته لعمل تجاري موضوعي.
على عكس التبعية الموضوعية والتي بمقتضاها يكتسب العمل المدني الصفة التجارية لتبعيته
لعمل تجاري موضوعي ،فإنه وفقا للتبعية الشخصية ،فإن العمل المدني يكتسب الصفة التجارية
بالنظر إلى أن القائم به تاج ار متعلقا بشئون تجارته ،ومثال التبعية الشخصية ،قيام التاجر بشراء
سيارة لتوصيل البضائع التي يقوم ببيعها إلى المنازل ،أو إبرام عقود لتوصيل الكهرباء أو المياه أو
لتركيب التلفون أو لتجهيز محله التجاري باألثاث الالزم أو إجراء الديكورات أو إبرام عقود التأمين
على موجودات محله التجاري ضد الحريق.
56
فكل هذه األعمال تعد بحسب األصل أعماال مدنية ألن شرائها لم يكن مصحوبا بنية إعادة البيع
بقصد تحقيق الربح ،وإنما تكتسب الصفة التجارية بالنظر ألن القائم بها تاجر متعلقة بشئون
تجارته.
وفي أغلب األحيان تكون صفة العمل واضحة بحث يكون من السهل معرفة ما إذا كان التاجر
قد قام به لحاجات فيصبح تجاريا بالتبعية أو أنه ال صلة له بالتجارة فيظل محتفظا بصفته المدنية
ولكن قد يصعب في بعض األحيان معرفة ما إذا كان العمل الذي يقوم به التاجر متعلقا
بتجارته أم غير متعلق به ،فإذا اشترى التاجر سيارة دون أن يكون الشراء مصحوبا بعقد البيع فإنه
يبقى التساؤل عما إذا كان قد اشتراها ليستعملها ألغراضه الشخصية أو لنقل البضائع إلى العمالء
وإذا عقد التاجر قرضا فقد يكون القرض لشراء بضائع الزمة لنشاطه التجاري أو إلنشاء مسكن
خاص به ،فقد يكون التاجر قد قصد باقتراض مبلغ بناء مسكن عائلي أو زراعة أرض أو سداد
دين تجاري و ما إلى ذلك ،فاألمر في غاية الصعوبة في تحديد العمل الذي قام به التاجر ،
لذلك أقام القضاء قرينة قانونية مفادها أن كل عمل يقوم به التاجر خارج نطاق األعمال التجارية
بطبيعتها ،يفترض أنه عمل تجاري بالتبعية ،وتسمى هذه القرينة القرينة التجارية وهي قرينة
بسيطة قابلة إلثبات العكس بكافة طرق اإلثبات .
والمشرع الجزائري حاول في هذا المجال مواكبة الفقه واجتهادات القضاء بالنسبة لهذه النظرية
لتسهيل عملية اإلثبات بالنسبة للمتعاملين مع التاجر سواء كانوا تجار أو مدنيين حيث اهتدى هو
اآلخر إلى أن جميع األعمال التي يقوم بها التاجر تعتبر تجارية إال إذا ثبت عكس ذلك .
تعد العقود والتصرفات القانونية التي يبرمها التاجر والمتعلقة بحاجات تجارية أعماال تجارية
بالتبعية واألمثلة على ذلك كثيرة منها ش ارء التاجر أثاثا لمحالته التجارية ،عقد التأمين ضد
الحريق أو السرقة ،جميع العمليات التي يجريها التاجر مع البنوك ،عقود اإليجار ،اإلتفاق على
ترميم العقار.
57
لكن بعض العقود تثير مشكلة ،حيث لها وضع خاص اختلف اإلجتهاد بشأنها وهي:
عقد الكفالة من عقود التبرع ،وبالتالي فهو عقد مدني ،ولو أن الدين المكفول تجاريا أو الكفيل
تاجرا ،ومع ذلك فهذا العقد قد يكتسب الصفة التجارية ألسباب أخرى
الحالة األولى :كفالة أحد الموقعين على الورقة التجارية مثل الضمان اإلحتياطي فإذا اتخذت
الكفالة صورة الضمان اإلحتياطي في ورقة تجارية تنشئ الصفة التجارية في هذه الحالة من شكل
الورقة التجارية.
الحالة الثانية :كفالة البنك ألحد عمالئه حيث تعتبر من عمليات البنوك ،فالكفالة تعتبر تجارية
إذا صدرت من أحد المصارف أو البنوك لعميل من عمالئها ،فتكون الكفالة تجارية في هذه
الحالة ألنها تعتبر عمليات البنوك عمال تجاريا بحكم القانون ال بالتبعية.
الحالة الثالثة :الكفالة التي يقدمها التاجر لمصلحة تجارته ،حيث تعتبر الكفالة عمال تجاريا
بالتبعية إذا قام بها الكفيل التاجر لمصلحة تجارته ،كأن يكفل تاجر أحد عمالئه التجار ليتجنب
عنه خطر اإلفالس ويحتفظ به كعميل
إذا تعاقد تاجر مع عمال الستخدامهم في شؤون تجارته ،فالعقد هنا يتمتع بصفة تجارية
بالتبعية بالنسبة للتاجر ،و يظل محتفظا بصفته المدنية بالنسبة للعامل.
إذا كان شراء المحل التجاري من قبل تاجر بغرض استثماره يعد عمال تجاريا بالتبعية فإن
خالفا فقهيا قد أثير فيما يخص شراء غير التاجر لمحل تجاري كي يبدأ فيه نشاطه التجاري
فالبعض يرى بأن هذا العمل ال يعد عمال تجاريا بالتبعية ألن المشتري لم يكتسب صفة التاجر
بعد ،لكن القضاء استقر على أن شراء المحل التجاري بغرض اإلستغالل يعد عمال تجاريا
بالتبعية ألنه الخطوة األولى في سبيل امتهان التجارة.
58
أما بيع المحل التجاري فإنه يعد عمال تجاريا بالتبعية بالنسبة للبائع إذا كان تاج ار وقت البيع
ألنه آخر عمل في حياته التجارية ،أما إذا اكتسب الشخص المحل تجاري عن طريق الميراث
الهبة والوصية ،وباعه دون أن يستثمره فإن هذا البيع يعد عمال مدنيا.
والمشرع الجزائري جعل كل العمليات المتعلقة بالمحالت التجارية من رهن وبيع وشراء وتأجير
عمليات تجارية بحسب الشكل.
ال يقتصر نطاق نظرية التبعية على اإللتزامات التعاقدية ،بل تشمل أيضا اإللتزامات غير
التعاقدية أي اإللتزامات الناشئة عن المسؤولية التقصيرية و هذا استنادا إلى عموم نص المادة
الرابعة من القانون التجاري الجزائري ،و من ثم يعتبر تجاريا بالتبعية إلتزام التاجر بالتعويض عن
العمل غير المشروع استنادا إلى المسؤولية التقصيرية في حالة ارتكابه خطأ عمدي أو غير
عمدي الذي يقع منه بمناسبة نشاطه التجاري سواء كانت المسؤولية عن أعمال شخصية أو عن
عمل الغير أو عن فعل الحيوانات أو ناشئة عن األشياء و سواء كانت األضرار مادية أو بدنية أو
أدبية و تطبيقا لذلك يعد تجاريا بالتبعية التزام التاجر بالتعويض عن أعمال المنافسة غير
المشروعة ،و كالتزامه بالتعويض عن الحوادث التي تقع من عماله أو أتباعه أثناء تأدية وظائفهم
أو بسببها.
طبق الفقه والقضاء نظرية التجارية بالتبعية على أعمال الفضالة والدفع غير المستحق كما لو
تسلم تاجر مبلغا يزيد على ثمن البضاعة التي باعها ،فإن التزامه برد ما زاد على الثمن يعتبر
تجاريا بالتبعية ،إذ يلتزم برد المبلغ الزائد على الثمن ألنه غير مستحق ،والتزامه برد غير
المستحق يعتبر عمال تجاريا بالتبعية ألنه متصل بالشؤون التجارية ،كذلك التزام التاجر برد ما
صرفه الفضولي بمناسبة أعماله تتعلق بتجارة رب العمل ،كما لو تدخل الفضولي ليدفع عن
التاجر دينا أو ليضمنه حتى ال يشهر إفالسه.
59
المطلب الثالث :األعمال المختلطة
األعمال المختلطة هي تجارية بالنسبة لطرف و مدنية بالنسبة للطرف الثاني ،و يثار خالف
حول القانون الواجب التطبيق في حالة النزاع .
البد لكل عمل قانوني صفة و العمل إما أن يصدر عن شخص واحد أو عن شخصين ،فإذا
صدر عن شخصين فأكثر ،فقد تكون له صفة تجارية بالنسبة للشخصين إذا كان عمال تجاريا
بحكم ماهيته أو جرى من قبل تاجرين ألمور تتعلق بتجارتهما كعقود البيع الجارية بين صاحب
العمل من أجل منتجات معمله و التاجر الذي احترف بيع هذه المنتجات و عقود التأمين.
وقد يكون للعقد صفة تجارية بالنسبة ألحد المتعاقدين و مدنية بالنسبة لغيره ،كعقد البيع
المتعلق بمحصول األرض و الجاري بين المزارع صاحب المحصول والتاجر والعقد بين المؤلف
والناشر على بيع حق النشر وعقد اإلستخدام بين صاحب عمل و المستخدمين أو الممثلين .
وقد ال تقتصر نظرية األعمال المختلطة على العقود فحسب بل تتعداها إلى اإللتزامات الناشئة
عن الفعل الضار ،فمسؤولية التاجر عن فعله أو فعل مستخدميه تتصف بالصفة التجارية بالنسبة
له بينما يتمتع حق المتضرر بالصفة المدنية.
واألعمال التجارية المختلطة ليست طائفة رابعة من األعمال التجارية قائمة بذاتها السابقة
الذكر لذلك لم يرد نص بشأنها في القانون التجاري لكونها ال تخرج من نطاق األعمال التجارية
بصفة عامة ،فهي تلك التصرفات القانونية التي تعتبر تجارية بالنسبة ألحد أطراف التصرف
ومدنية بالنسبة للطرف اآلخر ،فإذا باع مزارع محصول مزرعته إلى المستهلك لكان العمل هنا
مدنيا بالنسبة للطرفين ،و لكن لو كان مشتري المحصول تاج ار و أعاد بيع ما اشتراه بربح فإن هذا
البيع يعتبر تجاريا بالنسبة للتاجر ومدنيا بالنسبة للبائع.
ال يمكن إخضاع العمل المختلط لنظام قانوني موحد تجاريا كان أو مدنيا لذلك يجب األخذ
بنظام مزدوج مقتضاه تطبيق القواعد التجارية على الطرف الذي يعتبر العمل تجاريا بالنسبة إليه
60
وتطبيق القواعد المدنية على الطرف الذي يعتبر العمل مدنيا بالنسبة إليه ،غير أن األمر يصعب
في بعض الحاالت وهي التي ال يمكن فيها تجزئة العمل المختلط مما يستدعي تطبيق نفس
القواعد عليه األمر الذي نتناوله بالدراسة في أهم المسائل التي تثار عند الحديث عن األعمال
المختلطة .
طبقا للقاعدة العامة يرجع اإلختصاص إلى محكمة المدعى عليه و ذلك استنادا إلى القاعدة
التي تقضي بأن الدين مطلوب و ليس محموال ،وتبعا لذلك ،فإن اإلختصاص في األعمال
التجارية المختلطة يعود للمحكمة المدنية أو التجارية بحسب صفة العمل بالنسبة للمدعى عليه
فإن كان العمل بالنسبة إليه مدنيا ،فما على المدعي إال اإللتجاء إلى المحمكة المدنية باعتبارها
محكمة المدعى عليه ،أما إذا كان العمل تجاريا بالنسبة للمدعى عليه ،فيجوز للطرف المدني أن
يتقاضى المدعى عليه أمام المحكمة التجارية ،محكمة المدعى عليه و لكن القضاء أجاز للطرف
المدني أيضا الحق في رفع دعواه أمام المحكمة المدنية ،بحيث له الحق في رفع دعواه أمام
المحكمة المدنية أو أمام المحكمة التجارية ،وهذا اإلختيار مبني على أن القضاء التجاري قضاء
استثنائي غير مألوف للطرف المدني وألن قضاة المحكمة التجارية هم أيضا في األصل تجار
انتخبوا من طرف التجار ،فربما عند فصل نزاع بين تاجر و غير تاجر يتحيزون للتاجر ولكن
هذا الخيار ال يتعلق بالنظام العام و من ثم يجوز التنازل عنه في العقد واختيار المحمكة التجارية
أو المدنية بصفة نهائية .أما فيما يتعلق باإلختصاص المحلي ،فال يجوز مقاضاة الطرف المدني
إال أمام محكمة موطنه أي محل إقامته وفقا للقواعد العامة ،أما بالنسبة للطرف التجاري فيجوز
رفع الدعوى عليه أمام إحدى المحاكم الثالث و هي محكمة موطنه األصلي أي محل إقامته أو
محكمة محل إبرام العقد أو محكمة محل تنفيذ العقد .
تقضي القاعدة في مجال اإلثبات بأن لمن يعتبر العمل بالنسبة إليه تجاريا أن يتمسك بقواعد
اإلثبات في المواد التجارية و لمن يعتبر العمل بالنسبة إليه مدنيا أن يتمسك بقواعد اإلثبات
61
المدنية .وبما أن اإلثبات في المجال التجاري حر أي لصاحب الحق أن يثبت حقه بكافة طرق
اإلثبات مهما كانت قيمة التصرف فإن األمر يختلف في المجال المدني ألن اإلثبات فيه مقيد.
إذن فالمستفيد من هذا اإلختالف هو الطرف المدني بحيث يستطيع أن يثبت حقه في مواجهة
خصمه الذي يعد العمل بالنسبة إليه تجاريا بكافة طرق اإلثبات مهما كانت قيمة الحق المطالب
به ،في حين أنه ال يجوز اإلثبات في مواجهة من يعتبر الحق بالنسبة إليه من طبيعة مدنية إال
بالكتابة و مثل هذا النظام المزدوج لإلثبات في األعمال التجارية المختلطة من شأنه عرقلة
اإلئتمان السيما في عالقة التجار مع عمالئهم من جمهور المستهلكين لذلك أجاز القضاء للتاجر
اإلثبات ضد عميله بكافة طرق اإلثبات بما فيها البينة و القرائن كلما وجد مانع أدبي يحول دون
الحصول على دليل كتابي ،واعتبر من قبيل المانع األدبي ما جرت به العادة في بعض المهن
من عدم الحصول على دليل كتابي من العمالء
62
الفصل الثالث
التاجر
نظم المشرع الجزائري األحكام المتعلقة بالتاجر من خالل نص المادة األولى من القانون
التجاري .ورتب على اكتساب صفة التاجر حقوقا والتزامات ال يخضع لها غيره من األشخاص
العادية ،لذلك سوف نتطرق في النقطتين االثنتين إلى تحديد شروط اكتساب صفة التاجر ثم
بعد ذلك نتعرض إلى االلتزامات والحقوق المترتبة عن اكتساب صفة التاجر.
المبحث األول
عرف المشرع الجزائري التاجر في المادة األولى من القانون التجاري ،بأنه كل شخص طبيعي
أو معنوي يباشر عمال تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له ما لم يقض القانون بخالف ذلك.
هذا التعريف يجعلنا نتساءل عن الشروط التي يجب أن تتوفر في هذا الشخص الكتساب هته
الصفة ،في حقيقة األمر وبالرجوع إلى المشرع الجزائري نجده قد أتى بطريقتين يكتسب فيها هذا
الشخص المسمى تاج ار هذه الصفة وهي صفة التاجر ،األولى نجدها في أحكام قانون السجل
التجاري الجزائري والثانية فصل في شروطها في أحكام القانون التجاري الجزائري
يتضح لنا من خالل نص المادة األولى من القانون التجاري السالفة الذكر ،أنه قد يكون تاج ار
كل شخص طبيعي أو معنوي ،بعدما كان النص القديم يستعمل فقط عبارة (يعد تاج ار كل من
يباشر عمال تجاريا ويتخذه حرفة معتادة له) ،كما إستبدل المشرع الجزائري مصطلح حرفة
بمصطلح مهنة ،و بالتالي يكون قد اشترط من خالل استقراء النص شرطان الكتساب صفة
التاجر هما :
63
ـ ـ ـ شرط مباشرة الشخص العمل التجاري .
ـ ـ شرط إتخاذ الشخص العمل التجاري مهنة معتادة له .ومن خالل المادتين الخامسة والسادسة
من القانون التجاري يضاف شرط ثالث وهو أن يكون هذا الشخص مؤهال قانونا لممارسة التجارة
يقصد باألعمال التجارية ،األعمال التي نص عليها القانون التجاري الجزائري ،باإلضافة إلى
ما قد أضافه إليها الفقه و القضاء بطريق القياس على إعتبار أن هذه األعمال جاءت على سبيل
المثال و ليس الحصر ،يمارسها الشخص بصورة منتظمة بقصد اتخاذه مهنة الشباع حاجاته و
ذلك على وجه اإلستقالل و ليس لحساب الغير.
الفرع األول :أن يقوم الشخص باألعمال التجارية باسمه و لحسابه (مبدأ اإلستقالل )
ال يكفي قيام الشخص بأعمال تجارية و يتخذها مهنة له قصد تحقيق الربح إذا لم تكن هذه
الممارسة لحسابه الخاص ،بمعنى أن يمارسها على وجه اإلستقالل ،ألن التجارة تقوم على
اإلئتمان ،و اإلئتمان ذو صفة شخصية و يقتضي تحمل التبعة و المسؤولية ،فمن يزاول األعمال
التجارية يجب أن يكون مستقال عن غيره في مزاولته لهذه األعمال و يلتزم بنتائجها سلبا أو إيجابا
،ذلك أن جوهر األعمال التجارية التي تقوم على المضاربة بقصد تحقيق الربح يقتضي أن يقبل
من يقوم بهذه األعمال ما يترتب عليها من نتائج ،فال يكتسب صفة التاجر إال من يتحمل
مخاطر التجارة ،والتجارة بما قامت عليه من ثقة وإئتمان توحي بفكرة اإلستقالل بالعمل التجاري
وعدم خضوع التاجر في أعماله ألي شخص آخر ،فاإلستقالل في ممارسة المهنة خصيصة
قانونية ال غنى عنها لصفة التاجر .
و لهذا ال يعد العمال و المستخدمون في المحال التجارية تجا ار ،ألنهم ال يقومون باألعمال
التجارية لحسابهم الخاص بل لحساب رب العمل الذي يتحمل وحده مخاطر هذه األعمال
وتربطهم به رابطة التبعية فيخضعون لتوجيهه و رقابته ،و كذلك ال يعتبر الوكالء العاديون تجا ار
ألنهم ال يعملون باسمهم و لحسابهم ،و إنما باسم و لحساب موكليهم .
64
الفرع الثاني :تطبيقات مبدأ اإلستقالل
يعتبر اإلستقالل شرط ضروري للتكييف القانوني لمهنة التاجر ،ألن من دعائم مباشرة النشاط
التجاري اإلئتمان الذي يعد عنص ار شخصيا يتحمل بالتالي مخاطره الشخص القائم بالتصرف
نتناول فيما يلي تطبيقات مبدأ اإلستقالل من حيث اعتبار الشخص الذي يمارس التجارة
لحسابه الخاص و يتخذها مهنة له لتحقيق الربح تاج ار .
يعتبر مستأجر المحل التجاري الذي يباشر إدارته تاج ار ألنه مدير لمشروع مستقل عن
المؤجر كما أنه يتحمل خسائره و تعود عليه أرباحه ،أما عالقته بالمؤجر فهي عالقة يحكمها
عقد إيجار المحل التجاري و ليست عالقة تبعية ناشئة عن عقد عمل
ويعتبر الوكيل بالعمولة تاج ار ألنه يتعاقد باسمه الشخصي أمام الغير وإن كان ال يتعاقد
لحسابه ،وهو بذلك يختلف عن الوكيل العادي الذي يتعاقد باسم غيره أمام الغير و في حدود
األوامر الصادرة له من الموكل ،و مثال الوكيل بالعمولة وكالء الفنانين للمسارح و الحفالت
وكذلك الوكيل بالعمولة في توزيع السيارات أو األثاث و األدوات الكهربائية ،و يأخذ حكم الوكيل
بالعمولة السمسار ،حيث يباشر عمله مستقال عمن يتوسط لصالحهم في التعاقد ،كما أنه ال
يتعاقد باسم الغير أو لحساب الغير في عقود السمسرة التي يجريها مع عمالئه راغبيي التعاقد .
الشريك في شركة التضامن يعتبر تاج ار سواء اشترك في إدارة الشركة أم ال باعتباره مسؤوال
عن إلتزامات الشركة على وجه التضامن .
65
رابعا :التاجر المستتر و التاجر الظاهر
قد يطرح إشكال بالنسبة للشخص الذي يمارس التجارة في شكل مستتر وراء إسم آخر ،و تكون
هذه الحالة عادة عندما يحظر على شخص اإلتجار بمقتضى قانون أو تكون له في اإلستتار
مصلحة ما ،فنصبح أمام تاجر ظاهر و شخص مستتر حقيقي ،و قد أثير الخالف بين الصفة
حول ما إذا كانت الصفة التجارية تلحق هذا الشخص أو ال
ذهب رأي إلى القول أن التاجر المستتر هو الذي تتحقق له صفة التاجر باعتباره صاحب
العمل األصلي ،فهو يضارب بأمواله و يتم اإلستغالل لحسابه ،و هو إن قام بهذا العمل مستت ار
ألنه يخشى الحضر القانوني للممارسة التجارية ،و ردعا له أصبغت الصفة التجارية له و خضع
للنظام القانوني للتجار و أمكن شهر إفالسه في حالة توقفع عن الدفع ،كما تفرض عليه
العقوبات التأديبية المنصوص عليها في القانون .
بينما ذهب رأي آخر إلى القول أن الصفة التجارية ال تثبت إال في حالة التاجر الظاهر الذي
يتعامل باسمه مع الغير و يكتسب ثقة في هذا التعامل كما لو كان يعمل لحساب نفسه ألن دور
الشخص المستتر يقتصر على توظيف األموال فقط ،و ال يكفي أن نضفي عليه صفة التاجر ما
دام أن هذه الصفة ال تتقرر إال إذا قام الشخص بالعمل التجاري المحترف
أما الرأي الراجح فيأخذ بنظرية الظاهر ،أي أن الشخص الذي يظهر أمام الناس و يتعامل
معهم هو الذي يعد تاج ار ،فضال عن امتداد هذه الصفة إلى المستتر حتى ال يتهرب من
اإللتزامات القانونية
نتناول فيما يلي تطبيقات مبدأ اإلستقالل من حيث اعتبار الشخص الذي يمارس التجارة لكنه
ال يعتبر تاج ار
عادة ما يقوم العمال و المستخدمون بالعمل التجاري باسم و لحساب رب العمل و ليس
باسمهم و العالقة بينهم و بين التاجر عالقة عمل فقط ،أي أنهم ال يمارسون عملهم إستقالال
66
عن التاجر بل تحت إشرافه ،و تنصرف نتائج مباشرتهم لعملهم للتاجر سواء في ذلك الربح أو
الخسارة ،و يلتزم التاجر بكافة اإللتزامات الناتجة عن قيامهم بهذه األعمال ،و هؤالء العمال
و المستخدمون ليسوا تجا ار حتى لو كان متفقا على إشراكهم في اإلدارة أو األرباح ،ذلك ألنه
تربطهم برب العمل عالقة تبعية .
ال يعتبر الوكيل العادي تاج ار ،و ذلك لكونه يمارس العمل التجاري المكلف به باسم
ولحساب الوكيل ،و تنصرف كافة األثار المترتبة على عمله إلى ذمة موكله ،و ذلك بناء على
عقد الوكالة بينه و بين موكله ،فال يتحمل نتائج عمله بل تنصرف كافة اإللتزامات إلى من وكله
بالعمل.
ال يعتبر تاج ار مدير الشركة و ال عضو مجلس اإلدارة في شركة المساهمة و ال الممثل
التجاري و هذا حتى لو كانت لهم نسبة من األرباح و ذلك ألن ركن اإلستقالل ينقصهم ألنهم ال
يتعاقدون بأسمائهم و لحسابهم الخاص ،أي ال يباشرون العمل التجاري لحسابهم بشكل مستقل.
مدير الشركة غير الشريك يرتبط مع الشركة بعالقة عمل ويمارس العمل التجاري باسم الشركة
ولحسابها وال يكتسب صفة التاجر.
إن اإلعتياد ال يعني اإلمتهان ،فاإلعتياد يقصد به تكرار وقوع العمل من وقت إلى وقت آخر
من دون أن يصل لدرجة اإلستمرار واإلنتظام ،واعتياد الشخص لألعمال التجارية بطريقة منتظمة
ال يكسبه لوحده صفة التاجر ،بل البد وأن يتخذ منها مصد ار رئيسيا لإلرتزاق بمعنى أن المهنة ال
تقوم بمجرد التكرار ،وإنما ال بد وأن تكون مصدر رزق صاحبها ،بمعنى توجيه نشاط التاجر
بشكل مستمر و منتظم للقيام بعمل معين قصد إشباع حاجات ذاتية له فيتخذ العمل سبيال للرزق
و وسيلة للكسب.
67
الفرع األول :محل المهنة
ال يكفي الكتساب صفة التاجر أن يباشر الشخص عمال من األعمال التجارية ،وإنما البد
أن تتم هذه المباشرة على سبيل االمتهان ،و اإلمتهان ال يعني فقط التكرار المعتاد لنشاط تجاري
ما ،و إنما يجب أن يكون هذا األخير هو المورد األساسي لرزقه و الالزم لوجوده ،و الحال
كذلك ال يعد تاجر من يباشر األعمال التجارية بصفة عرضية غير منتظمة ،و هذا هو نفس
حال الشخص الذي يعتاد سحب السفتجات ،و ذلك ألن سحب السفتجة ال يعدو أن يكون وسيلة
من وسائل تسوية الديون ،و ال يرقى إلى مرتبة المهنة التي يتحقق بها كسب القوت
و قد جاء المشرع الجزائري كما سبق الذكر أعاله ،بصياغة لنص المادة األولى من القانون
التجاري أشمل و أوسع من سابقه و في آن واحد أدق منه ،إذ شمل الشخص الطبيعي
و المعنوي الذي يتخذ األعمال التجارية مهنة له ،و قد استبدل المشرع كلمة حرفة بكلمة مهنة
و هذه األخيرة أوسع في معناها من الحرفة إذ المهنة تشمل المهن و الحرف .
كما أن الحرفة توحي إلى الذهن تلك الصناعات اليدوية التقليدية فحسب ،بينما إمتهان التجارة
يشمل جميع النشاطات الحيوية في المجال التجاري و الصناعي.
عرف المشرع الجزائري الحرفي شأنه في ذلك شأن التاجر بأنه كل شخص طبيعي مسجل في
سجل الصناعة التقليدية و الحرف ،يمارس نشاطا تقليديا يتمثل في كل نشاط إنتاج أو إبداع أو
تحويل أو ترميم فني أو صيانة أو تصليح أو أداء خدمة يطغى عليه العمل اليدوي و يمارس
بصفة رئيسية و دائمة و في شكل مستقر أو متنقل أو معرضي في أحد مجاالت نشاطات
الصناعة التقليدية و الصناعة التقليدية الفنية و الصناعة التقليدية الحرفية إلنتاج المواد
و الصناعة التقليدية الحرفية للخدمات ،و يمارس الحرفي هذا النشاط إما فرديا أو ضمن تعاونية
للصناعة التقليدية و الحرف و إما ضمن مقاولة للصناعة التقليدية و الحرف ،و يثبت في ذلك
تأهيال و يتولى بنفسه مباشرة تنفيذ العمل و إدارة نشاطه و تسييره و تحمل مسؤوليته.
و عليه يعتبر الحرفي الشخص الذي يمارس صناعة تقليدية يدوية تعتمد على مهارته الفردية
أو بمساعدة عدد من العمال ،حيث يشترط المشرع الجزائري الكتساب صفة الحرفي ممارسة
68
صناعة يدوية فهو عكس التاجر الذي يضارب على السلع و البضائع التي يستعملها في تجارته
يقوم بجني أرباحه من نتاج عمله اليدوي ،ضف إلى ذلك يستوجب المشرع توفر مؤهالت المهنة
المطلوبة في حين ال يشترط ذلك في التاجر حيث يجب على الحرفي أن يكون حائز على شهادة
تأهيلية من قبل مركز تقني أو مهني للقيام بعمله .
و من أمثال الحرفي ،مصلح األحذية ،الخياط ،النجار ،الحداد ،الساعي ،الكهربائي ،الحالق
الميكانيكي ...
و اشترط المشرع الجزائري الكتساب صفة الحرفي أن يدير هذا األخير عمله بنفسه و يعمل
لحسابه و يتحمل مسؤولياته و له في ذلك أن يستعين بعدد من العمال لمساعدته و سير نشاطه
و على عكس التاجر الذي يقوم بالقيد في السجل التجاري فإن الحرفي تثبت له صفة الحرفي
بتسجيله في سجل الصناعة التقليدية و الحرف ،و هو ال يخضع للتسجيل في السجل التجاري
بحكم القانون.
و يتميز عمل الحرفي بطبيعة تتطلب مؤهالت مهنية خاصة و قدرات خاصة فهو يعتمد
بالدرجة األولى على الممارسة اليدوية دون إهمال إستعمال بعض اآلالت مثل استعمال آالت
الخياطة بالنسبة للخياط ،و آالت غسل الشعر بالنسبة للحالق ،عكس التاجر الذي ال يشترط
فيه مؤهل مهني ،لكن يلتزم هذا األخير بالقيد في السجل التجاري الذي يكون على مستوى
المركز الوطني للسجل التجاري و يخضع ألحكام القانون التجاري و القوانين المتممة و المعدلة له
و في حال المنازعة ينعقد اإلختصاص للقسم التجاري ،أما الحرفي فيقوم بمسك سجل الصناعة
التقليدية و الحرف على مستوى البلدية تمنح له بعد ذلك بطاقة الحرفي و يخضع ألحكام األمر
المتعلق بالصناعة التقليدية و الحرف و بعض من أحكام القانون التجاري المحال عليه و في حال
المنازعة ينعقد اإلختصاص للقسم المدني في غرفته اإلجتماعية .
أوال :اإلعتياد
و هو العنصر المادي و يتمثل في القيام بالعمل التجاري على سبيل اإلنتظام و اإلستمرار
و من ثم فإن عرضية النشاط أو القيام به على فترات متفرقة ال يكفي لتكوين اإلعتياد و بالتالي ال
69
يؤدي إلى إكتساب صفة التاجر ،و مثال ذلك الشخص الذي يقوم بممارسة التجارة في مواسم
األعياد و الموالد أو في بداية العام الدراسي ،فمن يقوم ببيع الحلوى في أوقات الموالد أو األحذية
و المالبس الجاهزة في بداية العام الدراسي فهو و إن كان يباشر نشاطا تجاريا إال أنه يباشره
بصفة عرضية غير منتظمة ،و هذا بخالف مثال من اعتاد شراء محصول العنب أو المشمش
و ذلك ألن الشراء ال يقبل بطبيعته أن يمارس إال في أوقات نضج المحصول ،أما في الحالة
األولى فإن العمل و هو بيع األحذية أو الحلوى كما يمكن أن يمارس في بداية العام الدراسي أو
في المولد فإنه يمكن أن يمارس في أوقات أخرى ،إن اعتياد ممارسة األعمال التجارية يجب أن
يكون بصفة منتظمة و مستمرة ال بصورة عرضية و متفرقة
ثانيا :القصد
وهو العنصر المعنوي للمهنة فيجب أن يكون اإلعتياد بقصد إتخاذ وضعية معينة ،هي الظهور
بمظهر صاحب المهنة ،فالعنصر المعنوي يتجسد في ضرورة أن يكون الغرض من ممارسة
األعمال التجارية على سبيل اإلستمرار و اإلنتظام ،هو كسب القوت و اإلرتزاق من وراء ذلك ،
و بناء على ذلك ،فإن توافر اإلعتياد وحده ال يؤدي إلى توافر اإلمتهان ،وإنما ال بد أن يقترن
هذا اإلعتياد بنية أو بقصد العيش و اإلرتزاق ،فإذا اعتاد صاحب عقار مثال سحب سفتجات
على مستأجريه بقيمة األجرة ،فإنه ال يعتبر تاج ار وإن كان يقوم بعمل تجاري ألنه يعيش من
تأجير العقار و ليس من سحب السفتجات على مستأجريه ،ونفس الشيء بالنسبة للشخص الذي
اعتاد قبول السفتجات المسحوبة عليه من قبل دائنيه وفاء للديون التجارية المستحقة في ذمته ،أو
اعتاد تحرير سندات إذنية وفاء لهذه الديون ،فهذا الشخص على الرغم من توافر اإلعتياد في
جانبه ال يكتسب صفة التاجر ألنه ال يرتزق أو يتعيش من وراء قبول السفتجات أو تحرير
السندات اإلذنية ،وإنما من وراء األنشطة التي تولدت عنها الديون .
إلثبات اإلحتراف أهمية كبيرة فهي تحدد النظام القانوني الذي يحكم الت ازماته ،و هذه الصفة ال
تفترض وإنما البد من إثباتها بكافة طرق اإلثبات ،و يقع عبئ اإلثبات على من يدعيها ،فال يكفي
70
أن يصف شخص نفسه تاج ار أو يثبت الصفة على أساس وجود محل تجاري فقط فقد يباشر
التاجر حرفته التجارية متجوال أو على الطريق العام .
و إثبات اإلحتراف مسألة موضوعية يفصل فيها قاضي الموضوع و ال يخضع في فصله لهذه
الوقائع لرقابة المحكمة العليا ،و يتم إثبات اإلحتراف كذلك بالقيد في السجل التجاري و هي قرينة
الكتساب الصفة التجارية
و بالرجوع إلى أحكام القانون التجاري الجزائري نجده لم ينص إال على أهلية القاصر
المرشد أي المأذون له بالتجارة و ذلك ما نصت عليه المادة الخامسة منه ،و تناول في المادتين
السابعة و الثامنة األحكام الخاصة بأهلية المرأة المتزوجة ،و ما عدا ذلك يجب الرجوع إلى
القواعد العامة أي القانون المدني
يجب عدم الخلط بين إنعدام األهلية و المنع من امتهان التجارة ،ذلك ألن الشخص قد
تتوافر لديه األهلية ،و يمنع من امتهان التجارة مثل الموظفين و األطباء و المحامين ،و لكن في
حالة ما إذا امتهن هؤالء األشخاص التجارة ،فإنهم يكتسبون صفة التاجر و تعتبر أعمالهم تجارية
صحيحة ،و يلتزمون بجميع التزامات التجار ،و هذا حماية للغير الذي تعامل معهم وإن كان
يطبق عليهم جزاء لمخالفة الحظر الذي جاء في قانون المهنة التي ينتمون إليها فتوقع عليهم
عقوبات تأديبية
أما بالنسبة لألجنبي الذي يبلغ سن 19سنة كاملة يعتبر كامل األهلية لمباشرة التجارة في
الجزائر و لو كان طبقا لقانون دولته يعتبر ناقص األهلية ،والسبب في ذلك هو رغبة المشرع في
التسوية بين جميع األشخاص البالغين و عدم توفير حماية خاصة لألجانب وأكثر من ذلك أراد
المشرع أن يوفر الحماية و الطمأنينة و الثقة للمواطنين الجزائريين في تعاملهم مع األجانب.
71
الفرع الثاني :التاجر القاصر المرشد
يقضي المشرع بأن سن الرشد يتحدد بتسع عشرة سنة كاملة ،و على ذلك يجوز لكل شخص
مزاولة التجارة طالما كانت أهليته كاملة و لم يصب بعارض من عوارض األهلية كالجنون و العته
و السفه و الغفلة .أما القاصر فيمنع عليه مزاولة التجارة إال إذا بلغ سن 18سنة كاملة و هنا
يسمى بالقاصر المرشد هذا األخير ذك ار أو أنثى ال يمكن اعتباره راشدا بالنسبة للتعهدات التي
يبرمها عن أعمال تجارية إذا لم يكن قد حصل مسبقاعلى طلب اإلذن من والده أو أمه أو قرار
من مجلس العائلة مصادق عليه من المحكمة ،فيما إذا كان والده متوفيا أو غائبا أو سقطت عنه
سلطته األبوية أو استحال عليه مباشرتها أو حال انعدام األب و األم لسبب من األسباب ،و يجب
أن يقدم هذا اإلذن الكتابي دعما لطلب التسجيل في السجل التجاري.
المشرع التجاري الجزائري تعرض للمرأة التي تمارس التجارة و اعتبرها أهال لتحمل المسؤولية
المترتبة على ممارسة هذه المهنة ،بحيث ألقى على عاتقها تحمل اإللتزامات التجارية شخصيا
التي تقوم بها لحاجات تجارتها بدال من إلقاء العبء على زوجها أو الحصول على إذن منه .
أما المرأة التي تقوم بمساعدة زوجها في البيع بالتجزئة ال تكتسب صفة التاجر وال يعتبر عملها
إال مجرد مساعدة تنجم عن الرابطة الزوجية وال تكتسب صفة التاجر إال إذا مارست نشاطا تجاريا
منفصال و هو نفس الحكم الذي يطبق على الزوج الذي يساعد زوجته التاجرة في نشاطها التجاري
حيث ال يكتسب صفة التاجر إال إذا مارس هو اآلخر عمال تجاريا مستقال عن عمل زوجته
التجاري .
72
المبحث الثاني
لقد رتب المشرع على األشخاص بصفة التاجر باعتبارهم أشخاصا يتمتعون بمركز قانوني
معين جملة من االلتزامات ،ولعل أهمها ضرورة مسك الدفاتر التجارية وكذا واجب القيد في
السجل التجاري .وسنوضح فيما يأتي أهم المسائل المتعلقة بهذين اإللتزامين :
الدفاتر التي يلتزم التاجر بمسكها هي التي تبين مركزه المالي من خالل الصفقات التي يبرمها
كما توضح لدائنيه عند إفالسه العمليات التي قام بها قبل اإلفالس ،فمن خالل هذه الدفاتر تقوم
عملية محاسبة التاجر ،غير أن عملية المحاسبة ،و إن كانت ضرورية للحياة التجارية المعاصرة
،فإنها ترمي إلى تحقيق أغراض شتى حيث تعد القاعدة األساسية لجميع العمليات اإلقتصادية و
اإلحصائية و تبين األرباح الصافية و المعلومات الدقيقة التي تستند إليها مصلحة الضرائب .
لهذا أوجب المشرع على التاجر مسك الدفاتر التجارية بقصد محاسبة نفسه ومحاسبة غيره
عن طريق تدوين كل العمليات التي يقوم بها عند مباشرته للتجارة حتى تكون بمثابة المرآة
الصادقة لحركته التجارية
ومسك الدفاتر بطريقة دقيقة و منظمة يعود بالفائدة على التاجر و على دائنيه و على الخزانة
العامة على السواء ،ألنها تكون كفيلة ببيان المؤكز المالي للتاجر و بيان ما له و ما عليه من
ديون متعلقة بتجارته ،وإذا أشهر إفالسه يستطيع إثبات سالمة تصرفاته و حسن نيته حتى يد أر
عن نفسه خطر التعرض لعقوبة اإلفالس بالتدليس أو بالتقصير ،فاستنادا إلى هذه الدفاتر يستطيع
أن يقنع دائنيه بأن اختالل شؤونه التجارية يرجع إلى ظروف لم تكن في الحسبان مما يمكنه من
الحصول على الصلح الواقي من اإلفالس ،ألن القانون يتطلب لذلك حسن النية حيث من
الصعب افتراض حسن نيته إذا أهمل تنفيذ اإللتزام الملقى على عاتقه وهو مسك الدفاتر التجارية
73
الفقرة الثانية :أنواع الدفاتر التجارية
: 1دفتر اليومية
يسجل فيه التاجر كل عملياته اليومية والمتعلقة بذمته المالية سواء من حيث الحقوق المالية أو
اإللتزامات المالية ،األمر الذي يتطلب الحرص والتأكد من ذلك فهو يقوم مثال بتسجيل قيم
وتواريخ مبيعاته ،مشترياته ،قروضه ،دفع و استالم بضائع أو أموال ،ديونه ،أجور عماله
ويجوز للتاجر القيام بمراجعة نتائج عملياته شهريا بشرط أن يحتفظ بكل الوثائق التي يمكن
بواسطتها يمكن مراجعة تلك العمليات يوميا .و إمساك دفتر اليومية يتناسب مع المشروع الصغير
أو المتوسط ،ولكن بالنسبة للمشروع الضخم فإن العمليات التجارية تكثر على التاجر و تتنوع مما
يجعل قيدها في سجل واحد قد يحيطها اللبس و الغموض نظ ار لتشابهها ،و أحيانا من حيث
الشروط و األثار لذلك يجوز للتاجر استعمال دفاتر يومية مساعدة لهذه العمليات بحيث يخصص
كل دفتر لنوع معين من العمليات التجارية التي ينجزها محله ،دفتر للمبيعات ،دفتر ألوراق
القبض ...
و متى استعمل التاجر هذه الدفاتر فإنه في غنى عن تقييد عملياته المالية بالتفصيل في دفتر
اليومية األصلي ،ويكتفي في هذه الحالة بتقييد إجمالي لهذه العمليات في دفتر اليومية األصلي
في فترات منتظمة ،فإذا لم يتبع هذا اإلجراء وجب اعتبار دفاتر اليومية المساعدة بمثابة دفتر
يومية أصلي ذي أجزاء متعددة و إخضاعها بالتالي للقواعد التي استوجب القانون مراعاتها لضمان
انتظام الدفاتر التجارية التي يتعين على التاجر مسكها .
: 2دفتر الجرد
ألزم المشرع الجزائري التاجر مسك دفتر الجرد ،يقيد فيه عناصر مشروعه التجاري و هي ما
للتاجر من أموال ثابتة و منقولة و حقوقا لدى الغير ،و الخصوم و هي الديون التي تكون في
ذمة التاجر للغير و يدون فيه فضال على ذلك بيان للبضائع التي تكون لدى التاجر في محله
ومخازنه و هي التي يشملها الجرد الذي يجريه التاجر سنويا
74
حيث يذكر في دفتر الجرد نوعين من البيانات ،األول يتعلق بتفصيل البضاعة الموجودة لدى
التاجر في آخر كل سنة مالية و هذه العملية هي التي يطلق عليها الجرد السنوي بحيث يحدد
بداية السنة المالية و نهايتها .
أما النوع الثاني فيتعلق بقيد صورة من الميزانية السنوية للتاجر و كذا حساب النتائج و عند
مواجهة األصول بخصوم يتضح للتاجر إذا كان قد حقق ربحا أو مني بالخسارة ،أو بذلك يكون
على البينة من أمره كما يجب أن ال نخلط بين الجرد و الميزانية ،فالجرد بيان موجودات التاجر
و الميزانية محضر يمثل الموقف اإليجابي أو السلبي لوضعية التاجر المالية.
: 1دفتر اإلسناد
وهو أهم الدفاتر اإلختيارية و هو الذي تنقل إليه القيود التي سبق تدوينها في الدفاتر اليومية
،بحيث تجمع العمليات التي من نوع واحد في مجموعة واحدة يسمى كل منها الحساب ويتألف
من ثالث مجموعات رئيسية من الحسابات ،حسابات شخصية تضم أسماء األشخاص الذين
يتعامل معهم التاجر ،وحسابات عامة أو حقيقية تتألف من أصول وعناصر المحل التجاري
لحساب رأس المال ،البضاعة ،اآلالت ،األثاث ،األوراق التجارية وحسابات إسمية تمثل نفقات أو
إيرادات أو أرباح أو خسائر
يتم فيه إثبات حركة النقود الصادرة والواردة وبواسطته يستطيع التاجر أن يتحقق من مقدار
النقود الموجودة لديه
يسجل فيه التاجر مواعيد اإلستحقاق الخاصة باألوراق التجارية لصالحه أو لغيره
75
الفقرة الثالثة :األشخاص الملزمون بمسكها
باستقراء نص المادة التاسعة من القانون التجاري الجزائري يتضح أن كل تاجر سواء كان
شخصا طبيعيا أو معنويا يلتزم بإمساك الدفاتر التجارية و على هذا األساس فإن الشخص المدني
يعفى من هذا اإللتزام الذي ال يلقى إال على عاتق التاجر الذي يجب عليه مسك هذه الدفاتر
بطريقة تضمن أو تكفل بيان مركزه المالي و بيان ما عليه من ديون تترتب عن مزاولته التجارة
و هو إلتزام يقع على عاتق كل من يزاول التجارة على اإلقليم الجزائري سواء كان وطنيا أو أجنبيا
وال يشترط في مسك الدفاتر التجارية ألن هذا اإللتزام يعد من قبيل التنظيم الداخلي لهذه المهنة
أن يكون التاجر على دراية بالكتابة أو القراءة بل يكفي أن يستعين بذوي الخبرة في مسك وتنظيم
الدفاتر التجارية
الفرع الثاني :تنظيم الدفاتر التجارية و جزاء عدم مسك و حجيتها في اإلثبات
يخضع مسك الدفاتر التجارية ألحكام خاصة نصت عليها المادة 11و المادة 12من القانون
التجاري الجزائري نظ ار ألهميتها في مجال اإلثبات أمام القضاء أو أمام مصالح الضرائبو تتجلى
هذه الطريقة في ترقيم صفحات الدفترين قبل استعمالهما مع التوقيع عليهما من طرف المحكمة
المختصة التي يقع في دائرتها نشاط التاجر ،مع عدم احتواء الدفترين على أي فراغ أو كتابة في
الهوامش أو تحشير ،و ترجع الحكمة في ذلك إلى منع التاجر من تعديل أو محو للبيانات الواردة
في الدفتر حسبما تمليه عليه مصلحته ،و في حالة ما وقع أي خطأ أثناء قيد إحدى العمليات ال
يجوز شطبها أو تصحيحها إال بقيد جديد يؤرخ منذ تاريخ اكتشاف الخطأ
و يجب اإلحتفاظ بالدفاتر التجارية والمستندات لمدة عشر سنوات و للتاجر بعد انقضاء هذه
المدة أن يعدم دفاتره و مستنداته التجارية حيث ال يمكن للقاضي إلزامه بتقديمها بعد انقضاء هذه
المدة .
76
ثانيا :جزاء عدم مسك الدفاتر التجارية
: 1الجزاءات المدنية
إن التاجر المهمل الذي لم يمسك الدفاتر التجارية أو لم يراع فيها األوضاع المقررة قانونا
يتعرض لجزاء حرمانه من تقديم دفاتره للغير كدليل لإلثبات أمام القضاء ،و يكون التاجر قد حرم
نفسه من دليل مادي في متناول يده السيما إذا كان خصمه تاج ار مثله ،إذ يسهل أن نصل إلى
الحقيقة بمضاهاة و مقارنة الدفترين بعضهما بالبعض ،كما أن انتظام هذه الدفاتر سيسهل على
مصلحة الضرائب الوصول إلى حقيقة المركز المالي للتاجر و بالتالي تكون معايير تقدير
الضريبة لصالحه استنادا إلى الموضوعية و انتظام الدفتر ،زيادة على ذلك فإن التاجر المهمل
المقصر في مسك هذه الدفاتر أو عدم تنظيمها يحرمه من إجراء تسوية قضائية معه لعدم بيان
مركزه المالي .
: 2الجزاءات الجزائية
حدد المشرع الجزائري الحاالت التي يعد فيها التاجر مرتكبا لجريمة اإلفالس بالتقصير ومن
بينها التاجر الذي توقف عن دفع ديونه و لم يكن قد أمسك حسابات حسب عرف المهنة حيث
يعد التاجر المرتكب لجريمة اإلفالس بالتقصير ذلك التاجر الذي توقف عن الدفع إذا كانت
حساباته ناقصة غير منتظمة .كما يعد مرتكبا للتفليس بالتدليس كل تاجر في حالة توقفه عن
الدفع ويكون قد أخفى حساباته كلها أو بعضها
و المالحظ أن المادة 391من القانون التجاري التي تحيلنا إلى المادة 383من قانون
العقوبات على األشخاص الذين تثبت إدانتهم بالتفليس بالتقصير أو بالتدليس يعاقب عن اإلفالس
بالتقصير بالحبس من شهرين إلى سنتين ،و عن اإلفالس بالتدليس بالحبس من سنة إلى خمس
سنوات ،و يجوز عالوة على ذلك أن يقضي على المفلس بالتدليس بالحرمان من حق أو أكثر
من الحقوق الواردة في المادة 14من قانون العقوبات الجزائري لمدة سنة على األقل و خمس
سنوات على األكثر .
77
الفقرة الثانية :حجيتها في اإلثبات
متى أمسك التاجر دفاتره بصورة منتظمة ،أمكن له االحتجاج بها ضد الغير ،كما أجاز
المشرع للخصم االستناد إلى دفاتر التاجر ليستقي منها دليال يستعمله ضد التاجر .
خالفا للقواعد العامة المعروفة في القانون المدني و التي ال تجيز للشخص أن يصطنع دليال
يستعمله ضد خمصه أجاز المشرع في القانون التجاري للتاجر أن يستند إلى دفاتره التجارية من
أجل استعمالها كدليل إثبات ضد خصمه ،سواء كان الخصم تاج ار أم شخصا عاديا ،حيث فيما
يخص استعمال الدفاتر ضد الخصم التاجر اشترطت المادة ( )13من القانون التجاري ضرورة
توافر ثالثة شروط :
أما فيما يخص استعمال التاجر لدفاتره التجارية ضد الشخص العادي ،فأجازه المشرع استثناءا و
ذلك بتحقق شروط ثالثة:
أن يستعمل الدليل المستقي من الدفاتر التي تقوم بتوجيه اليمين المتممة وهو خاص بالقاضي ال
بالخصم وال يجوز للقاضي استبعاد اليمين المتممة في هذا الشأن و تعويضها بوسيلة أخرى
كشهادة الشهود مثال .
78
خالفا للقاعدة العامة في قواعد اإلثبات التي تقضي بعدم جواز إجبار الشخص أن يقدم دليال ضد
نفسه أجاز المشرع في القانون التجاري للتاجر أن يستند على دفاتر خصمه التاجر ليستقي دليال
وبعبارة أخرى ال يجوز للخصم أن يجزئ ما ورد فيها من بيانات وأدلة يأخذ ما يراه صالحا له و
يترك ما هو مناقض لدعواه .
وهذا ما يستفاد من نص المادة ( )331بقولها (تكون الدفاتر التجارية حجة على هؤالء التجار،
ولكن إذا كانت هذه الدفاتر منتظمة فال يجوز لمن يريد استخالص دليل لنفسه أن يجزئ ما ورد
فيها واستبعاد منه ما هو مناقض لدعواه).
خروجا عن القاعدة العامة التي تقضي بحياد القاضي وكذا قاعدة عدم جواز إجبار الشخص
استعمال دليل ضده نفسه .أجاز المشرع للقاضي بمحض إرادته أو بناء على طلب المدعي أن
يأمر المدعى عليه بتقديم دفاتره التجارية أمام المحكمة ،الستخالص دليال متعلقا بالنزاع
المعروض أمامه ،وتتم هذه الكيفية بطريقتين :طريقة اإلطالع الكلي وطريقة اإلطالع الجزئي .
أجاز المشرع للشخص أن يطلع على الدفاتر التجارية لخصمه وذلك بصفة كلية نظ ار للحاجة
الماسة لذلك وعدم حصول ضرر للخصم ،و لقد حصرت المادة ( )15من القانون التجاري هذا
األمر في ثالث مسائل:
ـ الميراث :حيث أجاز المشرع للورثة اإلطالع على دفاتر مورثهم باعتبارهم أصحاب مصلحة
لكون التركة انتقلت إليهم ،ومن تم سيتمكنون من الوقوف على المعطيات و المعلومات المتعلقة
بتركة مورثهم بصفتهم مالكين على الشيوع .
79
ـ قسمة الشركة :منح المشرع الحق للشريك اإلطالع على دفاتر الشركة في حالة تصفيتها وذلك
بقصد معرفة حقوقه باعتباره شريكا كامل الحقوق بالمقارنة مع باقي الشركاء .
ـ اإلفالس :أجاز المشرع لوكيل التفليسة اإلطالع على دفاتر التاجر المفلس المتوقف عن الدفع،
وذلك من أجل الوقوف على الوضع المالي للمدين المفلس و معرفة ماله وما عليه .
يجوز اإلطالع على الدفاتر التجارية للخصم فيما يخص واقعة معينة دون أن يتعدى ذلك إلى
جميع ما تتضمنه الدفاتر التجارية ،بانتداب خبير من قبل المحكمة مثال وهذا ما يسمى باإلطالع
الجزئي .مع اإلشارة أن الخصم ال يجوز له اإلطالع على دفاتر خصمه إال في حدود ما هو
متعلق بالنزاع القائم بينهما .ويتم غالبا من التاجر تقديم منح مصورة من البيانات المتعلقة
بموضوع النزاع .
يعد التسجيل في السجل التجاري من بين أهم االلتزامات المفروضة على التجار ،لذا سنتطرق
إلى تعريف السجل التجاري ،نموذج السجل التجاري والجهة المكلفة بمسكه ،األهداف من وضعه،
األشخاص الملزمون بالتسجيل في السجل التجاري ،الموانع التي تحول دون التسجيل فيه،
األنشطة الخاضعة للتسجيل ،إجراءات أو كيفية التسجيل ،وأخي ار آثار التسجيل في السجل
التجاري.
الفرع األول :تعريف السجل التجاري والجهة المكلفة بمسكه والهدف من وضعه.
السجل التجاري هو دفتر مرقم ومؤشر عليه من طرف القاضي ،تسجل فيه البيانات الخاصة
بالتاجر ونشاطه ،ويقصد بالتسجيل في السجل التجاري كل قيد أو تعديل أو شطب في السجل
التجاري ،فعند قيد التاجر يسلم له مستخرج عن السجل التجاري ،هذا األخير يعد سندا رسميا
يؤهل التاجر المتمتع باألهلية التجارية لممارسة نشاطه التجاري ،وال يمكن الطعن في هذا السجل
80
إال بالتزوير ،أي أن السجل التجاري له حجية مطلقة مقارنة بالدفاتر التجارية التي لها حجية
نسبية.
في عام 2116صدر نص تنظيمي يحدد نموذج ومحتوى مستخرج السجل التجاري ،ثم صدر
قرار عن وزير التجارة في 2117يحدد نموذج لمستخرج السجل التجاريالخاص بالقيد والتعديل
والشطب ،هذا النموذج يحتوي على جناح واحد للقيد الثانوي والشطب ،وجناحين بالنسبة لألنواع
األخرى من التسجيل ،هذا النموذج يطبع على ورق مقوى بقياس 15على 21سنتيمتر لكل
جناح.
وضع القرار الوزاري السابق الذكر ،سبعة ألوان للتمييز بين أنواع التسجيل في السجل التجاري،
فاللون األزرق للقيد أو التعديل للشخص الطبيعي ،واللون األخضر للقيد أو التعديل للشخص
المعنوي ،واللون البرتقالي للقيد أو التعديل للفروع والممثليات التجارية األجنبية ،واللون األصفر
للقيد والتعديل للتاجر غير القار ،واللون البنفسجي لمؤجر المحالت التجارية للشخص الطبيعي في
حالة التعديل ،واللون الرمادي لمؤجر المحل التجاري للشخص المعنوي في حالة التعديل ،وأخي ار
اللون األبيض للشطب من السجل التجاري للشخص الطبيعي أو المعنوي.
الجهة المكلفة بمسك السجل التجاري هو المركز الوطني للسجل التجاري ( ،)CNRCالذي
يعد سلطة إدارية مستقلة ،تشرف عليه و ازرة التجارة ،وتجدر اإلشارة أن هذا المركز كان تحت
وصاية وزير العدل من سنة 1991إلى غاية ،1997أما قبل سنة 1991فكان تحت وصاية
و ازرة التجارة .ونشير إلى أنه يوجد للمركز الوطني للسجل التجاري فروع محلية على مستوى
الواليات ،تتولى عملية تسجيل التجار حسب االختصاص اإلقليمي لكل فرع
* حصر عدد التجار والمتاجر وبيان نوع نشاطها لذلك تكون له وظيفة إحصائية.
81
* تمكين كل ذي مصلحة من أن يتعرف على بيانات التاجر الذي يرغب في التعامل معه.
* يعتبر أداة قانونية لإلشهار ،فحسب نص المادة 15من القانون رقم ،18-14المعدل والمتمم،
فاإلشهار بالنسبة للشخص الطبيعي يعد إجراء إلزامي يهدف من خالله إلى إعالم الغير بحالة
وأهلية التاجر وبعنوان المؤسسة الرئيسية لالستغالل الفعلي لتجارته وبملكية المحل التجاري وكذا
تأجير التسيير وبيع المحل التجاري .أما بالنسبة للشخص االعتباري وحسب نص المادة 12من
القانون نفسه ،فالهدف من اإلشهار القانوني هو إطالع الغير بمحتوى األعمال التأسيسية
للشركات والتحويالت والتعديالت والعمليات التي تمس رأس مال الشركة والحسابات وصالحيات
هيئات اإلدارة أو التسيير وحدودها ومدتها وغيرها.
الفرع الثاني :األشخاص الملزمون بالقيد في السجل التجاري وموانع التسجيل فيه.
هناك أشخاص ملزمون بالقيد في السجل التجاري ،لكن هناك فئة أخرى يمنع تسجيلها في
السجل التجاري حتى ولو اكتسبوا صفة التاجر بمفهوم المادة األولى من القانون التجاري.
حسب نص المادتين 19و 21من القانون التجاري ،القانون رقم 18-14واألمر رقم -96
،11األشخاص الملزمون بالتسجيل في السجل التجاري:
-كل شخص معنوي تاجر بحسب الشكل ،كالشركات التجارية ،أو بحسب الموضوع.
-كل ممثلية تجارية أجنبية تمارس نشاطا تجاريا على التراب الوطني.
-المقاولة الحرفية.
82
أما األشخاص المعفيين من التسجيل في السجل التجاري ،فنصت عليهم المادة 7من القانون
رقم ،18-14وهم الحرفي والتعاونية الحرفية التي تسجل فقط لدى غرفة الصناعة التقليدية
والحرف ،تطبيقا لنص المادتين 11و 13من األمر رقم ،11-96أما بالنسبة للمقاولة الحرفية
فهي ملزمة بالقيد في السجل التجاري إضافة إلى التسجيل لدى غرفة الصناعة التقليدية والحرف،
تطبيقا لنص المادة 23من األمر رقم ،11-96كذلك فإن الفالحون معفيين من التسجيل في
التجاري ،وكذلك الشركات المدنية والتعاونيات التي ال تهدف إلى الربح ،إضافة إلى المهن الحرة
والمؤسسات العمومية المكلفة بتسيير الخدمات العمومية ،باستثناء المؤسسات العمومية ذات
الطابع الصناعي والتجاري.
نص القانون رقم 18-14على طائفتين من األشخاص يمنع تسجيلهم في السجل التجاري،
الطائفة األولى تتمثل في األشخاص المحكوم عليهم نهائيا في جرائم معينة ،أما الطائفة الثانية
فهم األشخاص الذين يكونون في حالة تنافي.
نصت المادة 8من القانون رقم 18-14المعدلة بالقانون 16-13على طائفة األشخاص
الذين يمنع تسجيلهم في السجل التجاري ،وهم األشخاص المحكوم عليهم نهائيا والذين لم يرد لهم
االعتبار الرتكابهم الجنايات والجنح التالية:
-الرشوة.
-االتجار بالمخدرات.
83
ب -األشخاص الموجودون في حالة تناف.
حسب نص المادة 9من القانون رقم ،18-14ال يجوز ألي كان ممارسة نشاط تجاري إذا
كان يخضع لنظام خاص ينص على حالة تناف ،ويقصد بهم األشخاص الممنوعون من ممارسة
التجارة ،كالموظفين ،األطباء ،القضاة ،الموثقون ،المحامون وكل شخص يمنعه نص خاص من
ممارسة التجارة ،وذلك بسبب تعارضها مع الوظيفة التي يشغلها.
حسب نص الفقرة 2من المادة 4من القانون رقم ،18-14المعدل والمتمم ،فإن ممارسة
التجارة تكون بصفة حرة وعلى الشخص الذي يرغب في ممارسة نشاط تجاري معين فما عليه إلى
أن يبادر بقيد نفسه في السجل التجاري ،لكن هناك بعض النشاطات يشترط لممارستها الحصول
على ترخيص أو اعتماد قبل التسجيل في السجل التجاري والسبب في تنظيم هذه النشاطات هو
تعلقها بالنظام العام أو أمن الممتلكات واألشخاص ،أو الحفاظ على الثروة الطبيعية والممتلكات
العمومية أو الصحة أو البيئة ،إذن فاألصل أن القيد في السجل التجاري يتم دون قيد أو شرط،
لكن هناك بعض النشاطات يشترط لممارستها الحصول على ترخيص كشرط للتسجيل في السجل
التجاري.
قبل 13يونيو سنة 2118كان يشترط للتسجيل في السجل التجاري لنشاط أو مهنة مقننة
ضرورة الحصول على رخصة أو اعتماد لكن بعد هذا التاريخ وعند تعديل القانون رقم 18-14
أصبح هذا اإلجراء ضروريا فقط عند الشروع الفعلي في ممارسة األنشطة والمهن المقننة،
والمقصود بها الشروع في االستغالل ،أما قبل ذلك وفي مرحلة االنجاز يمكن التسجيل في السجل
التجاري دون الحصول على الرخصة أو االعتماد إال إذا وجد نص تشريعي ينص على خالف
ذلك ،وفي هذه الحالة تصبح الرخصة أو االعتماد شرطا للقيد في السجل التجاري.
من بين األنشطة المقننة نجد العمليات المصرفية ،هذه األخيرة تعد تجارية بحسب الموضوع
تطبيقا لنص المادة 2فقرة 13من القانون التجاري ،هذا القانون لم يحدد كيفية ممارسة هذه
يحدد شروط ممارستها وهو قانون النقد والقرض الصادر سنة
العمليات ،لكن هناك نص خاص ّ
2113إذ يجب أن تقوم به بنوك أو مؤسسات مالية في شكل شركات مساهمة أو شكل تعاضدية،
84
أي في شكل شخص معنوي ،وقبل مباشرة أي عملية مصرفية يجب الحصول على الترخيص أوال
من مجلس النقد والقرض ،ثم االعتماد من طرف محافظ بنك الجزائر.
حسب المرسوم التنفيذي رقم 111-15توجد ثالثة أنواع للتسجيل في السجل التجاري وهي:
القيد ،التعديل والشطب.
القيد في السجل التجاري هو كل تسجيل لشخص يتمتع بصفة التاجر ،أو لشخص يرغب في
ممارسة نشاط يخضع للقيد في السجل التجاري ،وحسب نص المادة 5من القانون رقم 18-14
فالقيد له طا بع شخصي ،إذ يسلم للتاجر رقم واحد ال يمكن تغييره إلى غاية الشطب من السجل
التجاري.
يوجد نوعين للقيد في السجل التجاري ،قيد رئيسي وقيد ثانوي ،فالقيد الرئيسي هو أول تسجيل
للتاجر في السجل التجاري أو كل شخص يرغب في ممارسة نشاط تجاري ،أما القيد الثانوي فهو
التسجيل الذي يخص نشاط أو أنشطة ثانوية يمارسها التاجر الذي تم قيده بصفة رئيسية (قيد
رئيسي) ،وهذا النشاط أو هذه األنشطة تمثل امتدادا للنشاط الرئيسي ،أو ممارسة أنشطة تجارية
تعدد
تعدد األنشطة التجارية التي يمارسها التاجر ال يترتب عنه ّ
أخرى .وتجدر اإلشارة أن ّ
السجالت التجارية ،بل أن التاجر له سجل تجاري واحد ولو مارس أكثر من نشاط تجاري ،وهذا
األمر يساهم في تحقيق مراقبة فعالة للتاجر إذن نستنتج أن القيد الثانوي هو تسجيل ثان يأتي بعد
القيد الرئيسي ،وال وجود للقيد الثانوي دون قيد رئيسي.
حسب نص المادة 14من المرسوم التنفيذي رقم ،111-15يكون تعديل في السجل التجاري
بإدخال إضافات أو تصحيحات أو حذف بيانات من السجل التجاري أو تجديد مدة صالحيته إذا
كان محدد المدة ،إذن ال يمكن الحديث عن تعديل السجل التجاري إذا لم يكن هناك قيد بالسجل
85
التجاري ،فالتعديل يكون بعد القيد وليس العكس ،والتعديل قد يكون بالنسبة للقيد الرئيسي أو القيد
الثانوي.
حسب نص المادة 22من المرسوم التنفيذي رقم ،111-15يتم الشطب من السجل التجاري
سواء بالنسبة للقيد الرئيسي أو القيد الثانوي ،أما حاالت الشطب فقد حددتها نص المادة 21من
المرسوم نفسه ،وهي:
-وفاة التاجر.
لقد أحالتنا المادة 21مكرر من القانون التجاري على التنظيم لبيان كيفية التسجيل في السجل
التجاري ،أال وهو المرسوم التنفيذي رقم 111-15الذي يحدد كيفيات القيد والتعديل والشطب من
السجل التجاري.
تم تحديد كيفية القيد في السجل التجاري في المواد من 7إلى 13من المرسوم التنفيذي رقم
،111-15فبالنسبة للشخص الطبيعي تتمثل شروط القيد فيما يلي:
-تقديم طلب ممضى ومحرر على استمارات يسلمها المركز الوطني للسجل التجاري.
-تقديم ما يثبت وجود محل لممارسة التجارة ،كتقديم سند ملكية أو عقد إيجار أو عقد
امتياز للوعاء العقاري الذي يمارس فيه النشاط التجاري ،أو عقد أو مقرر تخصيص
86
تسلمه هيئة عمومية ،هذا بالنسبة للنشاط التجاري القار .أما النشاط التجاري غير القار
فيشترط تقديم نسخة من مقرر تخصيص مكان مهيأ لهذا الغرض تسلمه الجماعات
المحلية ،أو تقديم نسخة من بطاقة تسجيل المركبة المستعملة في التجارة مع تقديم ما
يثبت اإلقامة
-إرفاق الرخصة أو االعتماد بملف القيد وهذا بالنسبة للنشاطات أو المهن المقننة
-زيادة على هذه الشروط ،وبالنسبة للتاجر األجنبي ،فيشترط تقديم نسخة من بطاقة المقيم
للتاجر األجنبي.
أما بالنسبة للشخص المعنوي تتم عملية القيد على أساس طلب ممضى ومحرر على استمارات
يسلمها المركز الوطني للسجل التجاري ،هذا الطلب يجب إرفاقه بالوثائق التالية:
-نسخة من القانون األساسي المتضمن تأسيس الشركة ،أو نسخة من النص التأسيسي
بالنسبة للمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري.
-نسخة من إعالن نشر القانون األساسي للشركة في النشرة الرسمية لإلعالنات القانونية،
هذه النشرة يمسكها المركز الوطني للسجل التجاري.
-تقديم ما يثبت وجود محل لممارسة التجارة ،كتقديم سند ملكية أو عقد إيجار أو عقد
امتياز للوعاء العقاري الذي يحوي النشاط التجاري ،أو كل عقد أو مقرر تخصيص تسلمه
هيئة عمومية.
-إرفاق الرخصة و/أو االعتماد بملف القيد بالنسبة للنشاطات أو المهن المقننة.
بالنسبة للفروع أو الوكاالت أو الممثليات التجارية أو كل مؤسسة تابعة لشركة تجارية مقرها
الرئيسي بالخارج ،فلقيدها في السجل التجاري يشترط تقدم الطلب وإثبات المحل ونسخة من
القانون األساسي للشركة األم مصادق عليه من طرف القنصلية الجزائرية ،إضافة إلى نسخة من
87
محضر المداوالت المتضمن فتح مؤسسة بالجزائر ،مصادق عليها من القنصلية األجنبية
المتواجدة بالجزائر ،لكن ما هو الحل عندما ال يوجد تمثيل دبلوماسي للدولة التي تنتمي لها
المؤسسة األم؟
تم تحديد شروط التعديل في السجل التجاري في المواد من 15إلى 18من المرسوم التنفيذي
رقم ،111-15فبالنسبة للشخص الطبيعي يتم تعديل السجل التجاري على أساس طلب ممضى
ومحرر على استمارة ،أصل مستخرج السجل التجاري ،إضافة إلى إثبات وجود محل لممارسة
التجارة أما عند وفاة الشخص الطبيعي المقيد في السجل التجاري ،يمكن مواصلة استغالل النشاط
التجاري بالشروط التالية :طلب ممضى ومحرر على استمارة يسلمها المركز الوطني للسجل
التجاري ،أصل مستخرج السجل التجاري ،الفريضة ،وكالة يحررها الموثق يكلف بموجبها الورثة
شخص بمواصلة استغالل المحل التجاري للمورث إضافة إلى تقديم وصل تسديد حقوق الطابع
وحقوق التسجيل في السجل التجاري أما التعديل في السجل التجاري بالنسبة للشخص المعنوي،
فيشترط تقديم نسخة من القانون األساسي المعدل ،ونسخة من إعالن نشر البيانات المعدلة للقانون
األساسي في النشرة الرسمية لإلعالنات القانونية ،إضافة إلى الطلب وأصل مستخرج السجل
التجاري وإثبات وجود المحل وتسديد حقوق الطابع والتسجيل
حسب نص المادة 21من المرسوم التنفيذي رقم ،11-15فالتاجر المعني بالشطب هو الذي
يقدم طلب الشطب ،وفي حالة وفاته يتولى ذلك ورثته ،كما يمكن الشطب من السجل التجاري
بحكم قضائي ،وهذا بطلب من مصالح المراقبة المؤهلة في حالة عدم احترام اإلجراءات القانونية.
أما عن شروط الشطب من السجل التجاري فقد حددتها المواد من 22إلى 24من المرسوم
التنفيذي رقم ،111-15فبالنسبة للشخص الطبيعي يتكون ملف الشطب من:
-طلب ممضى ومحرر على استمارات يسلمها المركز الوطني للسجل التجاري.
88
-مستخرج عن عقد وفاة التاجر عند االقتضاء.
-نسخة من الحكم القضائي الذي يقضي بالشطب ،عند االقتضاء ،كالتاجر الذي يمارس
نشاط تجاري قار دون حيازة محل تجاري ،تطبيقا للمادة 39من القانون رقم ،18-14
وكما الحظنا أن حيازة محل تجاري هو شرط للقيد في السجل التجاري.
-طلب ممضى ومحرر على استمارات يسلمها المركز الوطني للسجل التجاري.
أما بالنسبة لشطب القيد الثانوي ،فيشترط تقديم طلب ممضى ومحرر على استمارة يسلمها
المركز الوطني للسجل التجاري ،مع تقديم أصل مستخرج السجل التجاري وشهادة الوضعية
الجبائية.
بمجرد القيد في السجل التجاري يكتسب الشخص صفة التاجر بقوة القانون ،تطبيقا للمادة 21
من القانون التجاري التي نصت على أنه" :كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل
التجاري يعد مكتسبا صفة التاجر إزاء القوانين المعمول بها ويخضع لكل النتائج الناجمة عن هذه
الصفة" .معنى ذلك أن القيد في السجل التجاري يعد قرينة قانونية قاطعة على اكتساب صفة
التاجر ،وهي قرينة غير قابلة إلثبات العكس.
89
تجدر اإلشارة أن المادة 21تم تعديلها سنة 1996باألمر رقم ،27-96ذلك أن هذه المادة
قبل التعديل كانت تجعل من القيد في السجل التجاري قرينة قانونية بسيطة تقبل إثبات العكس،
وعليه يتضح أنه بعد تعديل المادة 21أصبح من اآلثار الرئيسة للقيد في السجل التجاري هو
ا كتساب صفة التاجر ،معنى ذلك أن القيد ليس شرطا الكتساب صفة التاجر بل هو أثر ،ألن
عدم القيد في السجل التجاري ،مع أن الشخص يمارس نشاطا تجاريا بصفة اعتيادية ،يعتبر
مخالفة معاقب عليها حسب نص المادة 28من القانون التجاري ،وهذا ما نتناوله عند الحديث
عن الجزاءات المترتبة عن عدم القيد في السجل التجاري.
أما بالنسبة للشركات التجارية ،فمن آثار القيد هو أن الشركة ال تكتسب الشخصية المعنوية إال
من تاريخ قيدها في السجل التجاري ،لكن إذا لم يتم هذا القيد فاألشخاص الذين تعهدوا باسم
الشركة ولحسابها متضامنين من غير تحديد من أموالهم ،إال إذا قبلت الشركة بعد تأسيسها أخذ
هذه التعهدات على عاتقها ،تطبيقا لنص المادة 549من القانون التجاري.
إذن كتكييف للطبيعة القانونية للقيد في السجل التجاري ،فإن القيد يعد التزاما قانونيا يقع على
عاتق كل تاجر ،وفي حالة مخالفة هذا االلتزام تفرض عليه عقوبات وال يمكن له التمسك بهذه
الصفة تجاه الغير ،أي ال يتمسك بالحقوق الناتجة عن هذه الصفة لكن ال يمكنه التهرب من
االلتزامات التي تنتج عن صفة التاجر ،أي ال يستفيد من الحقوق المترتبة عن صفة التاجر لكن
يتحمل بااللتزامات الناتجة عنها ،تطبيقا لنص الفقرة 2من المادة 22من القانون التجاري ونص
الفقرة 3من المادة 9من القانون رقم ،18-14هذا من جهة ،ومن جهة أخرى يعد التسجيل في
السجل التجاري قرينة قانونية قاطعة على اكتساب صفة التاجر حتى ولو لم يمارس هذا الشخص
أي نشاط تجاري ،تطبيقا لنص المادة 21من القانون التجاري.
إذا كان للتاجر حقوق بعد تسجيله في السجل التجاري تتمثل في اكتساب صفة التاجر وما
يترتب عن هذه الصفة من حقوق ،كاالستفادة من حرية إثبات معامالته التجارية ،واالحتجاج
بالبيانات المقيدة في السجل التجاري تجاه الغير واإلدارة ،فإنه بالمقابل عليه واجبات تستوجب عند
مخالفتها جزاءات مدنية ،إدارية وجزائية.
90
أوال -الجزاءات المدنية.
حسب نص المادتين 22و 24من القانون التجاري ،ال يجوز للشخص غير المقيد في السجل
التجاري التمسك بصفة التاجر تجاه الغير أو اإلدارات العمومية ،كما ال يجوز له بحجة عدم قيده
في السجل التجاري التهرب من المسؤوليات والواجبات المالزمة لصفة التاجر .كما ال يجوز
االحتجاج بالبيانات المسجلة في السجل التجاري تجاه الغير إال بعد إشهارها وفقا للقانون ،إال إذا
ثبت بوسائل البينة المقبولة في المادة التجارية أنه وقت إبرام العقد كان الغير مطلعين شخصيا
على الوقائع المذكورة في المادة 25من القانون التجاري ،كحالة الرجوع عن ترشيد التاجر
القاصر ،أو صدور أحكام قضائية تقضي بحل شركة تجارية ،أو الحجز على التاجر .وعلى
العموم كل من ارتكب خطأ ملزم بتعويض الضرر الذي تسبب فيه للغير ،تطبيقا للمادة 124من
القانون المدني.
91
الفصل الرابع
المحل التجاري
لقد نظم المشرع األحكام المتعلقة بالمحل التجاري في المواد 78من القانون التجاري وما
يليها ،غير أنه لم يعط تعريفا خاصا بمفهوم المحل التجاري واقتصر على ذكر بعض العناصر
اإللزامية المكونة له كاالتصال بالعمالء ،الشهرة ،االسم التجاري ...وهذا ما جاء صراحة في نص
المادة 78من التقنين التجاري والتي جاءت عبارتها على النحو اآلتي " :تعد جزءا من المحل
التجاري األموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري ،ويشمل المحل التجاري إلزاميا عمالءه
وشهرته لذلك وجب الرجوع إلى الفقه من أجل تحديد معنى المحل التجاري ثم بعد ذلك التعرض إلى
العناصر المكونة له.
المبحث األول
لم يعرف القانون والقضاء المحل التجاري ولم يعرفه الفقه تعريفا جامعا مانعا ،فذهب البعض
إلى تعريف المحل التجاري بالنظر إلى عناصره المادية والمعنوية ،ومنهم من قصر تعريفه على
الطبيعة القانونية للمحل ومنهم من عدد خصائصه دون ذكر لعناصره.
عبارة المحل التجاري قديمة ،كانت تدل على ذلك المكان الذي تعرض أو تمارس فيه التجارة
وتعرض فيه البضائع والسلع ويستقبل فيه العمالء وبالتالي لم يكن يعتبر وحدة تجمع بين مجموعة
من العناصر فماذا نقصد بالمحل التجاري وما هي طبيعته القانونية ؟
عرف الفقه المحل التجاري على أنه مال منقول معنوي ذو كيان خاص مستقل عن مكوناته
المادية والمعنوية ويخضع ألحكام قانونية مغايرة لتلك التي يخضع لها كل عنصر من عناصره.
كما عرفه على أنه مال منقول معنوي مخصص الستغالل تجاري أو صناعة معينة و قد يسمى
بالمتجر أو المصانع تبعا لنوع النشاط الذي يزاوله الشخص ،والمحل التجاري وإن كان يشمل على
92
عناصر مادية كالسلع وعناصر معنوية كالعنوان واالسم التجاري والسمعة التجارية ،إال أن له قيمة
اقتصادية منفصلة تختلف عن القيمة الذاتية لكل من هذه العناصر على حدى ،فالمحل التجاري
يمثل هذه العناصر المجتمعة منظور إليها كوحدة معنوية مستقلة بقواعدها وأحكامها الخاصة .
كما جاءت تعريفات أخرى في المحل التجاري منها أن المحل هو مال منقول معنوي يشتمل
اتصال التاجر بعمالئه واعتيادهم التردد على المتجر نتيجة عناصر اإلستغالل التجاري ،وهناك
من عرفه بأنه كتلة من األموال المنقولة تخصص لممارسة مهنة التجارة وتتضمن بصفة أصلية
بعض مقومات معنوية وقد تشمل على مقومات أخرى مادية.
من خالل تطور فكرة المحل التجاري ،نجد المشرع الجزائري لم يضع تعريفا خاصا بالمحل
التجاري و اكتفى بتعداد عناصره حيث تعد األموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري
جزءا من المحل التجاري
من خالل التعريف المعطى للمحل التجاري يمكن استخالص بعض الخصائص التي يتميز بها
المحل التجاري وأهمها :
أ :أنه مال منقول و من ثمة ال يخضع مبدئيا للقواعد القانونية التي تحكم العقار .
ب :كما يعتبر المحل التجاري ماال منقوال معنويا ،غير أن القواعد الخاصة بالمال المادي ال
تسري عليه كقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية .
ج :ذو صفة تجارية أي أنه يتعين حتى يكون المحل قاعدة تجارية أن يزاول فيه نشاطا تجاريا.
كما أنه يجب أن يستقطب هذا النشاط عمالء حقيقيين مرتبطين بالشخص المشغل للمحل وأن
يكون الشخص القائم بهذا النشاط متمتعا بصفة التاجر .
93
المبحث الثاني
سبق الكالم في معرض الحديث عن تعريف المحل التجاري أنه يتكون من عناصر مادية و
معنوية تختلف أهمية كل عنصر باختالف طبيعة و نوع النشاط الممارس ،إال أن المشرع أوجب
في المحل التجاري أي شمل إلزاميا على عنصري العمالء و الشهرة ،و على هذا ارتأينا تقسيم
هذا المطلب إلى مطلبين يكون المطلب األول مخصص للكالم عن العناصر المادية بينما يكون
المطلب الثاني مخصص للحديث عن العناصر المعنوية.
قد تشكل العناصر المادية أهمية بالغة في تكوين المحل التجاري وتحديد قيمته االقتصادية بالنسبة
لنوع من األنشطة التجارية كما هو الشـأن فيما يخص بائع المواد الغذائية حيث تشكل العناصر
المادية عنص ار جوهريا في تحديد قيمة المحل وكذلك الشأن بالنسبة لبائع المالبس الجاهزة.
بينما تكون العناصر المادية عديمة القيمة وقد يستغنى عنها بصفة كلية بحيث ال تشكل عنص ار
في تكوين المحل التجاري بالنسبة لوكاالت ومكاتب األعمال ،وأهم هذه العناصر المادية.
أ /البضائع :عبارة عن مجموعة السلع الموجودة في المحل التجاري والمعدة للبيع ،و كذلك السلع
الموجودة بالمخازن التابعة للتاجر كما تعتبر من قبيل البضائع المواد األولية التي سوف تستخدم
في صناعة مع يقوم المتجر ببيعه و التعامل فيه .
ب /يقصد بالمعدات واآلالت تلك المنقوالت المادية التي تستعمل في استغالل المحل التجاري
دون أن تكون معدة للبيع كاآلالت التي تستخدم في صنع المنتجات والسيارات المستخدمة في
النقل واألثاث.
94
المطلب الثاني :العناصر المعنوية
أوجبت المادة 78من التقنين التجاري ،أن يتوفر المحل التجاري إلزاميا على عنصر االتصال
بالعمالء و كذا الشهرة .لكن ثمة عناصر أخرى ال تقل أهمية عن العناصر التي ذكرتها المادة
( )78من القانون التجاري السالفة الذكر .
كما هو الشأن بالنسبة للعالمات التجارية و كذا االسم التجاري واإليجار وغيرها.
ويقصد بالعناصر المعنوية المحل التجاري تلك األموال المنقولة المعنوية المرتبطة باستغالل
النشاط التجاري و تتفاوت أهمية كل عنصر من العناصر المعنوية للمحل التجاري بحسب نوع
النشاط التجاري الممارس .وسنتعرض فيما يلي إلى أهم هذه العناصر .
ويقصد به الزبائن الذين نشأت بينهم وبين المحل التجاري رابطة قانونية نتيجة تعاملهم مع المحل،
بحيث يحق لصاحب المحل في حماية عمالئه من أي منافسة غير نزيهة ،من شأنها إحداث
اللبس أو الخلط في أذهان العمالء قصد صرفهم وتحويلهم عنه.
فحق العمالء إذن يجب أن ال يفهم على أن صاحب المحل له سلطة على زبائنه في إجبارهم
على اقتناء منتوجاته ،باعتبار أن الزبائن أحرار في اختيار التجار الذين يرغبون التعامل معهم ،
وإنما يقصد به قواعد المنافسة تستدعي أال يلجأ المنافس إلى أساليب وطرق ملتوية وغير نزيهة
من جل االستفادة وجني األرباح على حساب الغير ،األمر الذي خول المشرع بموجبه الحق
لصاحب المحل الذي كان ضحية المنافسة غير المشروعة في حماية زبائنه وذلك عن طريق رفع
دعوى المنافسة غير النزيهة .
وهي التسمية التي يتخذها صاحب المحل لتمييز محله التجاري عن غيره من التجار المماثلين له
في النشاط واالسم التجاري يعتبر عنص ار من العناصر المعنوية للمحل وهو مرتبط به .بحيث
يشكل قيمة مالية مهمة في التقويم اإلجمالي للمحل.
95
وال يشترط أن يكون االسم التجاري نفسه هو االسم المدني إذ يمكن لصاحب المحل أن يختار
اسما مغاي ار.
ويقصد به الحق المخول لمستأجر األماكن في طلب المؤجر تجديد عقد اإليجار وإال حصل على
ما يعرف بالتعويض االستحقاقي .وحق اإليجار طلب تجديد اإليجار ينشأ بعد مرور سنتين من
مزاولة المستأجر نشاطه التجاري في األماكن المستأجرة هذا إن كان العقد مكتوبا .أما إن كان
العقد شفهيا فإن حق تجديد اإليجار ينشأ بعد مرور 14سنوات من مزاولة المستأجر لنشاطه
التجاري ،هذا و ما تجدر إليه اإلشارة في هذا الصدد أن المشرع تخلى في عام 2115عن هذه
األحكام .بحيث تبنى القاعدة العامة المعروفة في القانون المدني على أن العقد هو شريعة
المتعاقدين ،و ينبني على ذلك أن المستأجر بعد 2115ال يحق له في األصل التمسك بحق
تجديد اإليجار ولو زوال النشاط التجاري في األماكن المستأجرة لمدة تفوق السنتين ،ومع ذلك
فإن المشرع لم يلغ األحكام المتعلقة باإليجار التجاري ،حيث إن أجاز للمتعاقدين عند إبرامهم
العقد إدراج شرط التمسك بحق التجديد و من ثم يمكن للمستأجر التمسك أو طلب الحصول على
التعويض االستحقاقي في حالة الرفض غير المبرر .
وهو عنصر ورد ذكره في المادة ( )78من القانون التجاري وهي عبارة عن صفات لصيقة بالمحل
التجاري ذاته من حيث موقعه المكاني وطريقة تهيئته وكيفية تجهيزه وأسلوب تعامل التاجر مع
عمالئه وزبائنه بحيث يكون لها تأثير بالغ في جلب العمالء نحو المحل ،والشهرة تعد عنص ار
مهما في تحديد القيمة المالية للمحل التجاري.
96
الفقرة الخامسة :العالمة التجارية
وهي عبارة عن ماركة أو شعار يستعمله التاجر لتمييز منتوجه عن غيره من المنتوجات المماثلة
له ،وذلك بغرض حماية عمالئه من أي لبس قد يقعون فيه.
وأخي ار يمكن اإلشارة إلى عناصر معنوية أخرى منها حقوق الملكية الصناعية ،الرسوم والنماذج
الصناعية ،االختراعات والتصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
المبحث الثالث
سبقت اإلشارة أن المحل التجاري يتكون من عناصر مادية و أخرى معنوية و أن اجتماع هذه
العناصر من شأنه استقطاب وجلب الزبائن ،غير أن المحل التجاري له قيمة قانونية ومالية
تختلف عن كل عنصر من العناصر المكونة له .
كما أن المحل التجاري باعتباره ماال معنويا يخضع إلى قواعد وأحكام قانونية تميزه عن القواعد
القانونية التي تطبق على كل عنصر من عناصره على حدة .وعلى ضوء ما سبق اختلف الفقهاء
في تحديد الطبيعة القانونية للمحل التجاري و انقسموا إلى ثالث آراء :
تبنى هذا الرأي الفقهاء األلمان ،حيث يرون أن المحل التجاري هو عبارة عن مال يشتمل على
الحقوق والديون الناشئة عن استغالل النشاط التجاري ،وأن لهذا المحل ذمة مالية خاصة مستقلة
عن الذمة المالية للشخص.
97
كما أن البعض من أصحاب هذه النظرية ذهب إلى اعتبار أن المحل التجاري يتمتع بالشخصية
المعنوية وهي مستقلة عن شخصية مالك المحل ،وذلك لكون أن صاحب المحل له ذمة مالية
تتضمن في جزء منها مجموعا قانونيا من األموال اتخذت بسبب تخصيصها المشترك لغرض
استغالل النشاط التجاري.
وأنها تكون في مجموعها فكرة القاعدة التجارية أو المحل التجاري وعلى هذا األساس يعتبر المحل
متمتعا بذمة مالية خاصة ويترتب على ذلك أن الذمة المالية للمحل تكون ضامنة للوفاء بالديون
المترتبة الناجمة عن استغالل النشاط التجاري وانتقدت هذه النظرية على أساس أن بعض
التشريعات لم تتبنى فكرة إزدواجية الذمة المالية للشخص كما هو الحال بالنسبة للمشرع الجزائري
الذي أخذ بوحدة الذمة المالية للشخص ،و يترتب عن ذلك أن الذمة المالية للشخص ضامنة
للوفاء بجميع الديون ،و هذا ما جاء في نص المادة ( )188من القانون المدني .
كما أن هذه النظرية تتناقض وما أقره المشرع فيما يخص بالقواعد المتعلقة باإلفالس ،السيما ما
يخص غل يد المدين المفلس عن إدارة أمواله ،سواء تلك المتعلقة بنشاطه التجاري أو نشاطه
المدني ،وكذلك ما يترتب عن حالة إعالن التوقف عن الدفع من سقوط آجال الديون التجارية منها
والمدنية.
يرى أصحاب هذه النظرية أن المحل التجاري ليس مجموعا قانونيا وإنما هو مجموعا واقعيا من
األموال ومعنى ذلك أن المحل التجاري عبارة عن عناصر مادية ومعنوية مختلفة عن بعضها
البعض ،تجمعها غاية مشتركة ومن تم تؤلف رابطة فعلية أو واقعية خاصة لها قواعدها التي
تحكمها وتخضع لها ،تختلف عن العناصر المكونة لها ،حيث يحتفظ كل عنصر بطبيعته
ونظامه القانوني الخاص به.
غير أن هذه النظرية ال تعتبر المحل التجاري يتمتع بذمة مالية مستقلة ،بل هو في نظرها كيان
قانوني خاص له أحكامه التي تنظمه ،تختلف عن األحكام المنتظمة لكل عنصر من عناصره.
انتقدت هذه النظرية على أنها لم تتمكن من تحديد الطبيعة القانونية للمحل التجاري ،حيث اقتصر
دورها فقط على تقرير حالة اجتماع عناصر المحل بقصد االستغالل التجاري.
98
المطلب الثالث :نظرية الملكية المعنوية
هذه النظرية يميل إليها الفقه الحديث ،ومؤداها أن الطبيعة القانونية للمحل تتمثل في العنصر
الجوهري المكون له ،وهو عنصر االتصال بالعمالء ،إذ يعتبر عنصر االتصال أهم العناصر
المشكلة لفكرة القاعدة التجارية.
ذلك أنه ال يتصور وجود محل بدون عمالء وأن محل الحق هو االحتفاظ بالعمالء و السعي بكل
الطرق لزيادة عددهم ،و من ثم و وفقا لهذه النظرية فإن حق التاجر على المحل غير مرتبط
بالجانب المادي ،وإنما هون متعلق بكيان له ذاتيته المتميزة عن عناصره المكونة له .
وهذا الحق عبارة عن ملكية معنوية يحتج بها في مواجهة الجميع شأنها في ذلك شأن الملكية
الصناعية وحقوق الملكية األدبية ...حيث يخول لصاحب هذه الحقوق كلها حمايتها عن طريق
دعوى المنافسة غير المشروعة .
المبحث الثاني
ال تدخل المحال التجارية في عداد األموال المتجانسة والثابتة مثل العقارات ،فهي تتكون من
عدة عناصر متباينة بعضها مادي والبعض اآلخر معنوي ،وإلى هذه العناصر أشارت المادة 78
من القانون التجاري الجزائري
يراد بها المنقوالت المستخدمة في اإلستغالل التجاري كاألدوات و المعدات و األثاث التجاري
من مكاتب و خزائن ومصابيح و آالت كاتبة وحاسبات آلية ،كما يدخل فيها أيضا المواد األولية
الالزمة لتشغيل المتجر كالفحم و الزيوت الالزمة إلدارة اآلالت .
99
وقد تكون هذه المعدات ذات قيمة مالية كبيرة كالسيارات والشاحنات المستخدمة في عمليات
النقل البري أو السفن والطائرات وسائل النقل البحري و الجوي مثال.
هي السلع المعدة للبيع وهي عنصر متغير تزيد قيمته أو تنقص من يوم آلخر تبعا لحالة السوق
ولذا فإن مجموع البضائع وليس مفرداتها هو الذي يدخل ضمن العناصر المادية للمتجر
يقصد بالعناصر المعنوية األموال المنقولة المعنوية المستقلة في النشاط التجاري للمحل وتلك
العناصر الزمة لوجود المحل التجاري خاصة عنصري العمالء والشهرة وال يقوم المتجر من
الناحية القانونية بدونها على خالف العناصر المادية وتتمثل العناصر المعنوية في االتصال
بالعمالء والشهرة واالسم التجاري وحق االيجار وحقوق الملكية الصناعية والرخص واإلجازات.
لكل تاجر إتصاالته ومعامالته مع عمالئه وزبائنه الذين اعتادوا التردد على محله التجاري
ويحرص التاجر كل الحرص على أن تستمر عالقاته مع عمالئه ويعمل دائما على تنميتها بكل
الوسائل المشروعة حتى يحقق االقبال المنشود على متجره وعلى التاجر أن يتحمل منافسة غيره
المشروعة إذا ما باشر الغير ذات التجارة .وترتب على ذلك تحول بعض عمالئه عنه،وعنصر
االتصال بالعمالء يعتبر أهم عناصر المحل التجاري بصفة عامة بل انه في الواقع هو المتجر
ذاته وما العناصر األخرى اال عوامل ثانوية تساعد تحقيق الغرض األساسي الذي يهدف اليه
صاحب المتجر اال وهو دوام االتصال بزبائنه واقبالهم على متجره ويترتب على ذلك أن فكرة
المحل التجاري مرتبطة أساسا بوجود هذا العنصر وكلما توفر عنصر االتصال بالعمالء توافرت
فكرة المحل التجاري باعتباره وحدة مستقلة عن عناصره ،ويعتمد عنصر االتصال بالعمالء عن
عنصر الشهرة أو السمعة التجارية التي تعتمد أساسا على عوامل ذات طابع عيني متعلق بالمحل
التجاري وتكون لها شأن في إجتذاب العمالء كطريقة عرض البضائع والمظهر الخارجي للمتجر
والديكور الخاص بمواجهة المحل والموقع الممتاز والواقع أن كل عنصر منهما يكمل اآلخرلتحقيق
هدف واحد هو المحافظة على استمرار اقبل العمالء على المتجر وعنصري االتصال بالعمالء
100
والشهرة حق مالي يمكن التصرف فيه وينظم القانون حمايته عن طريق دعوى المنافسة غير
المشروعة.
الفرع الثاني :اإلسم التجاري
يعتبر االسم التجاري أحد عناصر المتجر وهو من العناصر المعنوية ويقصد به االسم الذي
يتخذه التاجر لمتجره لتمييزه عن المحال التجارية المماثلة ويتألف االسم التجاري من إسم التاجر
ولقبه.
يقصد بالتسمية المبتكرة أو العنوان التجاري العبارات الجذابة التي يتخذها التاجرلتمييز محله
التجاري عن المحال المماثلة مثل تسميته الهيلتون ،بالزا ،الصالون االخض ،الملكة الصغيرة،
والعنوان التجاري يختلف عن اإلسم التجاري فالتاجر غير ملزم باتخاذ تسمية مبتكرة لمحله في
حين أنه ملزم باتخاذ اسم تجاري كما وأن العنوان التجاري ال يتخذ من االسم الشخصي للتاجر.
الفرع الرابع :الحق في اإليجار
101