Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 101

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة البليدة‪ . 2‬لونيسي علي‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬

‫القسم العام‬

‫دروس في مادة القانون التجاري‬

‫موجهة لفائدة طلبة السنة الثانية‬

‫إعداد ‪:‬‬

‫د ‪ /‬علواش نعيمة‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬

‫القانون التجاري هو مجموعة القواعد التي تخضع لها األعمال التجارية من جهة ومن جهة أخرى‬
‫يطبق أحكامه على التجار أي على األشخاص الذين يتخذون من التجارة مهنة لهم‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس فإن قواعد القانون التجاري تحكم كل ما يتعلق بالمعامالت التجارية سواء‬
‫قام بها شخص طبيعي أو شخص اعتباري كالشركات‪ ،‬وممارسة العمل التجاري ال يعتبر حك ار‬
‫على طبقة معينة من الناس‪ ،‬بل يجوز لكل شخص أن يقوم به ما لم يكن ممنوعا بنص القانون‬
‫كما تطبق تلك القواعد القانونية على كل شخص اكتسب صفة التاجر عند امتهانه التجارة حينئذ‬
‫سيرتب على عاتقه القانون التزامات منها مسك الدفاتر التجارية والتسجيل في السجل التجاري‬
‫واتخاذ اسم وعنوان تجاري واإلمتناع عن المنافسة غير المشروعة عند ممارسته لهذه األعمال‬
‫التجارية ‪.‬‬

‫كما تناولنا بالدراسة في هذا الملخص مفهوم المحل التجاري من حيث تعريفه وخصائصه‬
‫والعناصر المكونه له‪ ،‬و الطبيعة القانونية ‪ ،‬واعتمدنا في تقرير هذا البرنامج على البرنامج الوزاري‬
‫الموجه لطلبة السنة الثانية جذع مشترك نظام ل م د ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫محضر إجتماع الفرقة البيداغوجية لمادة القانون التجاري‬

‫إجتمعت الفرق البيداغوجية لمادة القانون التجاري المبرمجة لطلبة السنة الثانية حقوق ل م د‬
‫على الساعة الحادي عشر صباحا لمناقشة محاور األعمال الموجهة بشقيها البحوث العامة‬
‫واألعمال الشخصية وفقا لما يراه األساتذة مناسبا في إطار طريقة عرضها وكذا كيفية تقييم‬
‫الطلبة‪ ،‬وانتهت الفرقة إلى إعتماد البحوث ااألتية ذكرها ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬البحوث العامة‬

‫‪ 1‬ـ ـ مفهوم القانون التجاري " تعريف القانون التجاري‪ ،‬خصائصه‪ ،‬نطاقه‪ ،‬عالقته مع القوانين‬
‫األخرى "‬

‫‪ 2‬ـ معايير التفرقة بين العمل التجاري والعمل المدني‬

‫‪ /3‬األعمال التجارية المنفردة‬

‫‪ /4‬األعمال التجارية التبعية‬

‫‪ 5‬ـ شروط إكتساب صفة التاجر‬

‫‪ 6‬ـ اإللتزام بمسك الدفاتر التجاري‬

‫‪ 7‬ـ التسجيل في السجل التجاري‬

‫‪ 8‬ـ مفهوم المحل التجاري‬

‫‪3‬‬
‫ثانيا ‪ :‬البحوث الشخصية‬

‫‪ 1‬ـ ـ الفرق بين التاجر والحرفي‬

‫‪ 2‬ـ ـ ممارسة التجارة من قبل األجانب في الجزائر‬

‫‪ 3‬ـ علق على نص المادة األولى من القانون التجاري‬

‫‪ 4‬ـ أهمية التفرقة بين العمل المدني والعمل التجاري و األثار القانونية المترتبة على التمييز‬

‫‪ 5‬ـ مصادر القانون التجاري‬

‫‪ 6‬ـ األهلية القانونية لممارسة التجارة‬

‫‪ 7‬ـ األثار المترتبة على القيد في السجل التجاري‬

‫‪ 8‬ـ ـ الجزاءات المترتبة على مخالفة أحكام القيد في السجل التجاري‬

‫‪ 9‬ـ إجراءات القيد في السجل التجاري‬

‫‪ 11‬ـ ما هو الغرض من القيد في السجل التجاري‬

‫‪ 11‬ـ أنواع الدفاتر التجارية‬

‫‪ 12‬ـ الجزاءات المترتبة على عدم مسك الدفاتر التجارية‬

‫‪ 13‬ـ كيف ينبغي ملئ الدفاتر التجارية‬

‫‪ 14‬ـ ما هو الغرض من مسك الدفاتر التجارية‬

‫‪ 15‬ـ األعمال المصرفية وعمليات الصرف‬

‫‪ 16‬ـ األعمال المختلطة‬

‫‪ 17‬ـ تطبيق نظرية التبعية على إلتزامات التاجر غير التعاقدية‬

‫‪ 18‬ـ تطبيق نظرية التبعية على اإللتزامات التعاقدية‬

‫‪4‬‬
‫‪ /19‬األعمال التجارية المنفردة‬

‫‪ /21‬تطور القانون التجاري‬

‫‪ 21‬ـ الطبيعة القانونية للمحل التجاري‬

‫‪ 22‬ـ العناصر المادية للمحل التجاري‬

‫‪ / 23‬مصادر القانون التجاري‬

‫‪ 24‬ـ األثار المترتبة على تمييز العمل التجاري عن العمل المدني‬

‫‪ 26‬ـ لماذا يعتبر عنصر العمالء أهم عنصر في المحل التجاري‬

‫‪ / 27‬المقاولة‬

‫‪ /28‬األعمال التجارية بحسب الموضوع‬

‫‪ / 29‬األعمال التجارية بحسب الشكل‬

‫‪ /31‬اإلتصال بالعمالء والسمعة التجارية‬

‫‪ /31‬دعوى المنافسة غير المشروعة‬

‫‪ /32‬التعليق على نص المادة ‪ 78‬من القانون التجاري‬

‫‪ /33‬األهلية التجارية لألجانب‬

‫‪ /34‬النصوص القانونية المتعلقة بالتسجيل في السجل التجاري‬

‫‪5‬‬
‫مراجع يمكن للطالب اإلعتماد عليها في تحصيل مادة القانون التجاري‬

‫أوال ‪ :‬الكتب‬

‫‪ / 1‬أحمد محمد محرز ‪ :‬القانون التجاري ‪1995،‬‬

‫‪ / 2‬أحمد بلودنين ‪ :‬المختصر في القانون التجاري الجزائري ‪ ،‬دار بلقيس الجزائر‪2111 ،‬‬

‫‪ / 3‬أكمون عبد الحليم ‪ :‬الوجيز في شرح القانون التجاري الجزائري ‪ ،‬قصر الكتاب ‪ ،‬الجزائر‬

‫‪2116‬‬

‫‪ / 4‬نادية فضيل ‪ :‬القانون التجاري الجزائري ‪ ،‬األعمال التجارية‪ ،‬التاجر‪ ،‬المحل التجاري ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية الجزائر ‪2117‬‬

‫‪ / 5‬حلو أبو حلو ‪ :‬القانون التجاري الجزائري ‪ ،‬األعمال التجارية و التجارة ‪ ،‬ديوان المطبوعات‬

‫الجامعية الجزائر ‪1992‬‬

‫‪ / 6‬سميحة القليوبي‪ :‬الموجز في القانون التجاري‪ ،‬األعمال التجارية‪ ،‬التاجر‪ ،‬الملكية الصناعية‬
‫والتجارية ‪ ،‬دار الثقافة‬

‫‪ / 7‬شادلي نور الدين‪ :‬القانون التجاري‪ ،‬مدخل للقانون التجاري‪ ،‬األعمال التجارية‪ ،‬التاجر‬
‫المحل التجاري ‪ ،‬دار العلوم الجزائر ‪2113‬‬

‫‪ / 8‬عباس حلمي‪ :‬القانون التجاري ‪ ،‬األعمال التجارية ‪ ،‬التاجر ‪ ،‬المحل التجاري ‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫جامعة عنابة ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر ‪1983‬‬

‫‪ / 9‬عبد القادر البقيرات ‪ :‬مبادئ القانون التجاري ‪ ،‬األعمال التجارية ‪ ،‬نظرية التاجر ‪ ،‬المحل‬
‫التجاري ‪ ،‬الشركات التجارية ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر ‪2111‬‬

‫‪/ 11‬علي بن غانم‪ :‬الوجيز في القانون التجاري و قانون األعمال ‪ ،‬موفم للنشر و التوزيع الجزائر‬
‫‪2112‬‬

‫‪/ 12‬علي حسن يونس ‪ :‬القانون التجاري ‪ ،‬دار الفكر العربي ‪ ،‬مصر ‪ ،‬دون سنة نشر‬

‫‪6‬‬
‫‪ / 13‬علي سيد قاسم ‪ :‬دروس في قانون األعمال ‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬نظرية المشروع و األعمال‬
‫التجارية‪ ،‬المشروع التجاري الفردي في القانون رقم ‪ 17‬لسنة ‪ ، 1999‬دار النهضة العربية‬
‫القاهرة ‪2111 ،‬‬

‫‪ / 15‬فوزي محمد سامي ‪ :‬شرح القانون التجاري ‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬مصادر القانون التجاري‬
‫األعمال التجارية ‪ ،‬التاجر ‪ ،‬المتجر‪ ،‬العقود التجارية ‪ ،‬دار الثقافة للنشر و التوزيع عمان ‪2114‬‬

‫‪ / 16‬محمد األمير يوسف ‪ :‬الوجيز في شرح القانون التجاري ‪ ،‬المبادئ العامة و الشركات‬
‫مجموعة ب دار النصر للتوزيع و النشر‪ ،‬القاهرة ‪2113‬‬

‫ثانيا ‪ :‬القوانين‬

‫‪ / 17‬القانون التجاري الجزائري‬

‫‪ / 18‬القانون المدني الجزائري‬

‫‪ /19‬القوانين المتعلقة بالسجل التجاري‬

‫‪7‬‬
‫الفصل األول‬

‫ماهية القانون التجاري‬

‫نتناول بالدراسة في هذا الفصل‪ ،‬التطور التاريخي للقانون التجاري عبر العصور وكذا‬
‫تطور القانون التجاري و مفهمومه من حيث تعريفه وتمييزه عما يشابهه من أنظمة و نطاقه‬
‫ومصادره ‪.‬‬

‫المبحث األول‬

‫نشأة القانون التجاري وتطوره‬

‫ال شك أن التطور الذي تعرفه الدول في العصور الحديثة في مختلف المجاالت‪ ،‬أدى من‬
‫الناحية االقتصادية إلى ظهور مبادالت وتعامالت تجارية جديدة لم تكن معروفة في السابق‪،‬‬
‫كالتجارة اإللكترونية مثال‪.‬‬

‫لكن المتمعن في المعامالت القانونية التي أفرد لها المشرع أنظمة قانونية تحكمها يجد أن‬
‫أصولها تمتد إلى العصور الغابرة‪ .‬األمر الذي يدفعنا إلى البحث في هذه العصور من أجل تسليط‬
‫الضوء على طبيعة نشأة المعامالت التجارية المعروفة في ذلك الزمن‪ ،‬ثم بعد ذلك تنتقل إلى‬
‫الحديث عن المعامالت المعروفة في العصر الحديث ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬القانون التجاري في العصور القديمة‬

‫إن الحاجة اإلنسانية تستدعي أن تكون هنالك مبادالت بين الناس‪ ،‬وأول ما اهتدى إليه‬
‫ّ‬
‫األشخاص هو التعامل بالمقايضة وهي مبادلة سلعة بسلعة‪ ،‬ومن أجل معرفة كيفية إنشاء وتطور‬
‫القانون التجاري يتعين إتباع المراحل اآلتية‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬القانون التجاري عند المصريين‬

‫لم تعرف الحضارة المصرية القديمة حسب الدراسات التاريخية قواعد ومعامالت تجارية‬
‫متميزة‪ ،‬ولعل ذلك راجع الهتمامهم بالجانب الزراعي وتخليهم عن المعامالت التجارية لصالح‬

‫‪8‬‬
‫األجانب‪ ،‬ومع ذلك يمكن اإلشارة إلى أن مجموعة بوخوريس التي ظهرت في القرن الثامن قبل‬
‫الميالد قد تضمنت أحكاما خاصة بالمعامالت التربوية أين حرمت الربا الفاحش في القروض‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬القانون التجاري عند البابليين‬

‫ازدهرت التجارة في عصر البابليين واألشوريين حيث ظهرت معها قواعد ومعامالت‬
‫الزالت تلقي بطال لها على المعامالت التجارية المعروفة في عصرنا الحديث‪ ،‬بحيث تعتبر‬
‫كأساس لها ويظهر ذلك من خالل قانون حامورابي والمتكون من حوالي ‪ 282‬مادة‪ ،‬خصصت‬
‫منه ‪ 44‬نصا قانوني متعلق بالمعامالت التجارية أهمها بعض العقود الخاصة بالقرض والوكالة‬
‫بالعمولة وكذلك المعامالت المصرفية‪ ،‬إلى جانب اشتماله على بعض أنواع الشركات المعروفة في‬
‫الوقت الحالي‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬القانون التجاري عند الفينيقيين واإلغريق‬

‫تميز عصور الفينيقيين واإلغريق بازدهار القواعد التجارية المتعلقة بالمالحة البحرية‪،‬‬
‫وذلك بحكم موقعهم الجغرافي المطل على البحر األبيض المتوسط‪ ،‬حيث ظهرت قواعد تجعل‬
‫الخسارة مشتركة بين أعضاء المجموعة الواحدة وغير مقتصرة على فرد واحد من أفرادها‪ .‬فلو‬
‫اقتضت الضرورة أن يقوم ربان السفينة بإلقاء بعض البضائع ورميها في البحر من أجل الحفاظ‬
‫على سالمة السفينة ومنعها من الغرق‪ ،‬فإن خسارة البضائع الملقاة في البحر ال يتحملها مالكها‬
‫لوحده‪ ،‬وإنما تمتد المسؤولية لجميع الركاب بحيث يشتركون معه في تحمل الخسارة ويعرف هذا‬
‫النظام بقاعدة العوار (‪. )avarie‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬القانون التجاري عند الرومان‬

‫على الرغم من أن الرومان لم يكونوا مهتمين بالتجارة حيث كانوا يرونها ال تليق بأشراف‬
‫القوم‪ ،‬مما جعلهم يتخلون عنها لصالح العبيد واألجانب‪ ،‬ومع ذلك ظهرت بعض القواعد الخاصة‬
‫بالتعامالت التجارية كالقواعد المتعلقة بالشركات‪ ،‬واستمدوا من اإلغريق قاعدة عقد قرض‬
‫المخاطر الجسيمة في مجال التجارة البحرية‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬القانون التجاري في العصر اإلسالمي‬

‫عرف العرب التجارة منذ القدم وذلك من خالل حركة انتقال القوافل من وإلى الجزيرة‬
‫العربية‪ ،‬وقد خلد القرآن الكريم ذلك في سورة قريش (في رحلتي الشتاء والصيف)‪ ،‬ولقد تضمنت‬
‫الشريعة اإلسالمية أحكاما متعلقة بالتعامالت التجارية‪ ،‬وتعتبر بعض أحكامها أصال لبعض‬
‫النصوص القانونية الوضعية‪ ،‬حيث أقرت مبدأ اإلثبات الكتابي فيما يخص المعامالت المدنية‬
‫وأطلقته في المعامالت التجارية أين جعلته ح ار غير مقيد‪.‬وجاء ذلك في آية سورة البقرة من قوله‬
‫تعالى فيما يخص الدين المدني (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) ‪.‬‬

‫أما ف يما يخص المعامالت التجارية تضمنها قوله تعالى في نهاية آية الدين والتي سبق ذكرها آنفا‬
‫وتتمتها ( إال أن تكون تجارة حاضرة تدبرونها بينكم فليس عليكم جناح أال تكتبوها وأشهدوا إذا‬

‫تبايعتم )‪ ،‬كما وردت نصوص أخرى تحرم بعض المعامالت كاالستغاللية كقوله تعالى ( و ّ‬
‫أحل‬
‫الله البيع و حرم الربا ) ‪ .‬وقوله صلى الله عليه وسلم ( الجالب مرزوق و المحاكر ملعون)‬

‫المطلب الثاني‪ :‬القانون التجاري في العصور الوسطى‬

‫أعقب سقوط اإلمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميالدي إنكماش شديد للحركة‬
‫التجارية الداخلية والخارجية وبدء نظام اإلقتصاد المغلق المحصور في المدينة أو في القرية ولم‬
‫تأخذ التجارة في اإلنتعاش إال خالل القرن الحادي عشر ‪ ،‬حيث ظهرت عدة مدن وموانئ بحرية‬
‫أصبحت فيما بعد مرك از هاما للنشاط التجاري نذكر منها البندقية وجنوة وفلورنسا وأمستردام وفي‬
‫هذه الفترة بالذات سيطرت طبقة التجار وأحكمت يدها على زمام األمور التجارية وغير التجارية‬
‫بفضل ثروتها الكبرى التي توصلت إلى جمعها وفرضت سلطتها واستلمت الحكم وسنت الشرائع‬
‫واألنظمة وكانت طائفة التجار تنتخب رئيسا لها هو القنصل الذي يعتبر حاكم المدينة يتولى‬
‫الفصل في النزاعات بين التجار ويعتمد في قضاءه العرف والعادات التجارية وقد ساعد تطور‬
‫التجارة في العصور الوسطى عدة عوامل‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬األسواق الدورية‬

‫برزت أيضا في العصور الوسطى ظاهرة إنتشار األسواق تدريجيا في المدن األوروبية نذكر‬
‫منها سوق ليون في فرنسا وفرانكفورت في ألمانيا‪ ،‬فكان التجار في البداية يقومون برحالت‬

‫‪10‬‬
‫جماعية في المواسم نظ ار لصعوبة التنقل وعدم األمان الذي كان سائدا في أوربا أنذاك‪ ،‬لكن ما‬
‫لبثت هذه األسواق أن استقرت في المدن الكبرى فأصبحت أسواقا عالمية انتشرت فيها عادات‬
‫وأعراف تعامل بها التجار إلى أن أصبحت بمثابة قواعد قانونية تستعمل في جميع األسواق‬
‫فاألسواق الدورية سهلت على التجار اإللتقاء في أوقات معينة وفي أمكنة معينة للقيام بكافة‬
‫العمليات التجارية‪ ،‬وقد نشأت عنها مجموعة من القواعد العرفية سميت بقانون األسواق وكانت‬
‫تقوم على فكرتين أساسيتين هما سرعة العمليات التجارية و دعم اإلئتمان‪ ،‬وهاتين الفكرتين‬
‫أصبحتا فيما بعد من الدعائم األساسية للقانون التجاري في العصر الحديث‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحروب الصليبية‬

‫نتج عن هذه الحروب اإلتصال المباشر بين الشرق والغرب‪ ،‬وتم على إثر ذلك نقل األنظمة‬
‫الغربية المتعلقة بالعمليات المالية والمصرفية إلى البالد الشرقية كما نشأت حركة تجارية مستمرة‬
‫بين الموانئ الغربية والشرقية ‪ ،‬فلم تنتعش الحركة التجارية إال عند قيام الحروب الصليبية التي‬
‫أدت إلى فتح أبواب التجارة بين الشرق والغرب ‪ ،‬وكانت إيطاليا بحكم موقعها اإلستراتيجي المطل‬
‫على البحر األبيض المتوسط تتلقى كل شيء حديث جاء به العرب وهذا في القرنين السابع‬
‫والثامن الميالدي فبرز شأن العرب في تطوير التجارة بدليل وجود مصطلحات التينية ذات أصل‬
‫عربي و مازالت مستعملة حتى اليوم ‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬التشريع الكنسي‬

‫ساهمت الكنيسة بطريق غير مباشر في نشر القانون التجاري وازدهاره ‪ ،‬فقد حظرت ابتداء من‬
‫القرن الثاني عشر إقراض النقود بالفائدة وكان من أثر هذا الحظر أن إحتكر اليهود ـ ـ ـ وهم‬
‫خارجون عن سلطان الكنيسة وغير خاضعين ألوامرها ـ ـ ـ تجارة النقود وعمليات البنوك طويال في‬
‫البالد المسيحية‪ ،‬على أن المسيحيين اللومبارديين في شمال إيطاليا حصلوا على حماية السلطات‬
‫المدنية من أوامر الكنيسة فلم يحترموا الحظر الكنسي و مارسوا مع اليهود تجارة النقود ومختلف‬
‫العمليات المالية ‪ .‬هذا الحظر الذي جاءت به الكنيسة جعل أصحاب رؤوس األموال يبحثون عن‬
‫وسيلة أخرى الستثمار أموالهم فابتدعوا نظام التوصية الذي بمقتضاه يقدم الرأسمال نقودا للتاجر‬

‫‪11‬‬
‫في مقابل جزء من األرباح على أال يسأل إال في حدود ما قدمه من مال‪ ،‬فأقرت الكنيسة هذه‬
‫العملية نظ ار للمخاطر التي تتعرض لها النقود في هذه الحالة ‪.‬‬

‫وهكذا نشأت شركة التوصية التي حققت نجاحا كبي ار فيما بعد ولنفس العلة‪ ،‬أباحت قرض‬
‫المخاطر الجسيمة وانتهى حظر الكنيسة في القرن التاسع عشر حين أخذت القروض لإلنتاج‬
‫مكانا كبي ار في العمليات المصرفية‬

‫المطلب الثالث‪ :‬القانون التجاري في العصر الحديث‬

‫ارتبطت فكرة تطور القانون التجاري في العصر الحديث باكتشاف القارة األمريكية حيث‬
‫انتشرت المعامالت التجارية ولم تقتصر على الجانب المحلي والوطني‪ ،‬وإنما امتدت إلى الخارج‬
‫وذلك بعد أن تكونت شركات ضخمة من أجل استثمار الثروات في دول أخرى فأصبح لها قوة‬
‫اقتصادية كبيرة في الدول التي تزاول فيها نشاطها‪ ،‬الشيء الذي دفع بهذه الدول إلى وضع قواعد‬
‫وتنظيمات قانونية تحكم عمل هذه الشركات األجنبية داخل حدود إقليمها‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬تقنينات العصر الحديث‬

‫ظهرت الحاجة الملحة إلى تقنين القانون التجاري نظ ار لإلستقرار الذي ظهر في‬
‫القرن التاسع عشر وهذا في ظل النظام الحر‪ ،‬ويرجع أول تقنين للقانون التجاري الفرنسي الذي‬
‫نأخذ به على أساس معظم الدول العربية بما فيها الجزائر استنبطت قوانينها من أحكام القانون‬
‫الذي تضمنه األمر الملكي سنة ‪1673‬‬ ‫إلى عهد لويس الرابع عشر‬ ‫التجاري الفرنسي‬
‫‪ ordonnance sur le commerce‬ويتضمن قواعد التجارة البرية ويحوي على إثنا عشر بابا‬
‫تناول موضوعات الشركات التجارية ‪ ،‬األوراق التجارية اإلفالس واختصاص المحاكم التجارية و‬
‫يسمى هذا التقنين أيضا بتقنين سافاري ‪ code savary‬نسبة إلى سافاري الذي كان له الدور‬
‫الكبير في وضعه ‪.‬‬

‫ثم جاء بعده التقنين الثاني الذي صدر باألمر الملكي عام ‪ordonnance 1681‬‬
‫‪ sur la marine‬ويتضمن قواعد التجارة البحرية ‪ ،‬وبعد إندالع الثورة الفرنسية صدر قانون‬
‫تجاري جديد عام ‪ 1817‬عرف بقانون نابليون و يشمل ‪ 648‬مادة موزعة على أربعة كتب األول‬
‫والثالث‬ ‫في التجارة بوجه عام ‪ 189 – 118‬والثاني في التجارة البحرية المواد ‪436 – 191‬‬

‫‪12‬‬
‫في اإلفالس المواد ‪ 614 – 437‬والرابع في القضاء التجاري المواد ‪ 648 – 615‬وال يزال‬
‫العمل بهذا التشريع حتى اليوم رغم التعديالت الكثيرة التي ادخلت عليه ‪.‬‬

‫وإقتبست الدولة العثمانية أحكاما من التقنين التجاري الفرنسي‪ ،‬وأصدرت القانون‬


‫التجاري العثماني ‪ 1851‬وظل مطبقا في مختلف األقطار العربية حتى بعد إستقاللها إلى غاية‬
‫صدور قوانين تجارية عربية التي إقتبست معظم أحكام القوانين التجارية من القانون الفرنسي‬
‫كالقانون التجاري اللبناني ‪ ،1942‬القانون التجاري المصري ‪ ،1883‬القانون التجاري السوري‬
‫أما القانون التجاري األردني صدر ‪ 1966‬الذي إقتبس أحكامه من القانون السوريو‬ ‫‪1949‬‬
‫القانون اللبناني‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تطور القانون التجاري الجزائري‬

‫يمكن تقسيم مراحل تطور القانون التجاري الجزائري إلى مرحلتين وهما مرحلة ما قبل‬
‫االستقالل ومرحلة استرجاع السيادة على األرض‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬فترة الوجود الفرنسي‬

‫باعتبار أن الجزائر كانت تعتبر جزءا تابعا للسيادة الفرنسية فإن القواعد التجارية الفرنسية‬
‫هي التي كانت تطبق في النزاعات والتي تنشأ بين األطراف‪.‬‬

‫الفقرة الثاني‪ :‬فترة ما بعد االستقالل‬

‫استمر العمل مبدئيا بالقوانين الفرنسية إال ما كان منها يمس بالسيادة الوطنية‪ ،‬ولقد عرفت‬
‫الجزائر أول قانون لها متعلق باألحكام المنظمة للعالقات التجارية سنة ‪ ،1975‬وذلك بصدور‬
‫األمر رقم ‪ 59/75‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ ،1975‬المتضمن القانون التجاري‪.‬‬

‫ونظ ار للتحول الذي عرفته الدولة الجزائرية بتخليها عن النظام الحزب الواحد على الصعيد‬
‫الحر على حساب النظام‬ ‫ّ‬ ‫السياسي بتبنيها التعددية الحزبية وكذلك اعتناقها مبدأ االقتصاد‬
‫االقتصادي الموجه الذي كان سائدا اقتضت الحكمة والمنطق ضرورة إثراء القانون التجاري‬
‫بمجموعة من القوانين المعدلة والمتممة من أجل مواكبة األوضاع والسياسة الجديدة وأهم هذه‬
‫القوانين الصادرة في هذا الشأن‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -‬قانون ‪ 1991‬المنظم للسجل التجاري‪.‬‬

‫‪ -‬قانون ‪ 1993‬المتعلق باالستثمار‪.‬‬

‫‪ -‬قانون ‪ 2115‬المتضمن تعديل القانون التجاري‪.‬‬

‫‪ -‬قانون ‪ 2115‬المتضمن تعديل القانون التجاري‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫مفهوم القانون التجاري‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف القانون التجاري وخصائصه‪.‬‬

‫نتناول بالدراسة فيما يلي تعريف القانون التجاري ‪ ،‬وتحديد خصائصه‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف القانون التجاري‬

‫بالرجوع إلى مختلف النصوص القانونية المتعلقة بتنظيم التجارة في الجزائر‪ ،‬نجد أن‬
‫المشرع لم يقدم تعريفا بمعنى القانون التجاري‪ ،‬لكنه بين من خالل مواده األشخاص الذين تسري‬
‫عليهم أحكامه‪ ،‬وهم فئة التجار‪ ،‬سواء كانوا أفرادا أي‪ :‬أشخاص طبيعية أو أشخاصا معنوية‬
‫كالشركات التجارية والجمعيات ‪...‬إلخ‪ .‬هذا من جهة‪ ،‬كما أن القانون التجاري ينطبق على بعض‬
‫األعمال التي يأتيها الشخص والمسماة باألعمال التجارية من جهة أخرى‪.‬‬

‫غير أنه عدم قيام المشرع بإعطاء تعريف خاص بالقانون التجاري ال يعد عيبا يتعين‬
‫بموجبه توجيه االنتقاد له‪ .‬ذلك أن االختصاص في هذا المجال راجع للفقه‪ ،‬حيث وبالرجوع إلى‬
‫الفقهاء نجدهم مختلفين في تحديد المقصود بالقانون التجاري‪ .‬إال أنهم وفي آن أخر يكاد يكونون‬
‫متفقين على أن أحكام القانون التجاري تبسط نفوذها على فئتين محددتين وهما‪ :‬فئة التجار وفئة‬
‫األعمال التجارية‪.‬‬

‫وعليه من خالل كل ما سبق يمكننا إعطاء تعريف القانون التجاري على النحو اآلتي‪:‬‬

‫القانون التجاري هو مجموعة من القواعد القانونية التي تحكم فئة معينة من األشخاص وهي فئة‬
‫التجار وتحكم فئة من األعمال وهي األعمال التجارية‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص القانون التجاري‬

‫كما سبقت اإلشارة إليه أن القانون المدني ّ‬


‫يعد بمثابة الشريعة العامة لمختلف القوانين‬
‫الخاصة‪ ،‬بحيث يتعين الرجوع إليه عندما ال يوجد نص قانوني ينظم الواقع في القانون الخاص‪،‬‬

‫وبما أن القانون التجاري نتيجة التطور الذي عرفته مختلف المراحل التي ّ‬
‫مر بها‪ ،‬أصبحت له‬

‫‪15‬‬
‫قواعد تحكم وتنظم العالقة فيما بين األشخاص المزاولين لألعمال التجارية‪ .‬فإنه بذلك يكون متميز‬
‫في معامالته وأحكامه عن القواعد والمعامالت التي تحكم األشخاص العادية‪ ،‬سواء فيما تعلق‬
‫باإلجراءات المرتبطة بإبرام التصرفات القانونية وكذا ما تعلق منها بقواعد متعلقة بالضمان‬
‫واإلئتمان‪ ،‬لذلك سنعالج خصائص القانون التجاري من زاويتين‬

‫الفقرة األولى‪ :‬خاصية السرعة‬

‫تتميز القواعد التي تحكم فئة التجار وكذا األعمال التجارية بميزة السرعة في إبرام العقود‬
‫وكذا التصرفات القانونية‪ .‬لذلك نجد أن المشرع قد أعفى التجار في معامالتهم من بعض‬
‫التعقيدات التي تحكم األشخاص العادية وذلك كله من أجل التساير مع طبيعة الحياة التجارية‬
‫التي تتميز بالتطور المستمر‪ ،‬وكذلك حفاظا على مصالح التجار لما يلعبه المال من دور حيوي‬
‫في العالقات التجارية‪.‬‬

‫لذلك لم يخضع المشرع التجار مبدئيا إلى إثبات معامالتهم بطرق اإلثبات المعروفة في القانون‬
‫الحر‪ ،‬و معنى ذلك أن التجار يمكن لهم أن يقدموا أي دليل‬
‫أقر لهم مبدأ اإلثبات ّ‬
‫المدني‪ ،‬وإنما ّ‬
‫يقره القانون من أجل إثبات معامالتهم و تصرفاتهم القانونية‪.‬‬

‫و هذا كله بغرض تسهيل التعامل فيما بينهم من أجل تفعيل حركية التجارة‪ ،‬ولما قد يترتب من‬
‫خسائر فادحة عند تبني اإلجراءات المعقدة‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى عزوف األشخاص من مزاولة‬
‫مثل هذه النشاطات‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬خاصية اإلئتمان‬

‫إن ما يتميز به القانون التجاري عن القانون المدني هو قيامه على فكرة منح المدين أجال‬
‫ّ‬
‫للوفاء بديونه‪ ،‬وهذا ما يعرف إصطالحا باإلئتمان‪ .‬فالمعامالت التي تحكم العالقات بين التجار‬
‫هي معامالت جد معقدة ومتشابكة ومرتبطة بعضها ببعض‪ ،‬بحيث يلعب المال فيها دو ار أساسيا‬
‫كونه هو العصب الذي تقوم عليه التجارة‪ ،‬وأن غيابه يؤدي إلى عرقلة وتيرة سير حركة التجارة‪،‬‬
‫وما يترتب عنها من كساد البضائع والسلع‪ ،‬األمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى غلق المتاجر وإلى‬
‫إعالن إفالس البعض من التجار‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫لهذا ومن أجل الحفاظ على نشاطاتهم التجارية ومصالحهم االقتصادية‪ ،‬تبنى التجار ومن بعدهم‬
‫المشرع بعض القواعد التي تنظم العالقات فيما بينهم والتي من شأنها تشجيع المعامالت على‬
‫أساس اإلئتمان‪ .‬أي أن التاجر يمكنه إبرام التصرفات القانونية‪ ،‬وإن لم تتوافر لديه السيولة النقدية‬
‫ومثاال عن ذلك‪ ،‬فإن التاجر يمكنه أن يشتري سلعة من تاجر آخر دون أن يدفع مقابال لها في‬
‫الحال‪ ،‬وعند قيامه ببيع تلك السلعة لتاجر آخر يمكنه أن يوجه خطابا للمشتري بأن يدفع المبلغ‬
‫النقدي الذي في ذمته للتاجر (البائع األول)‪.‬‬

‫وهذه العملية تبناها المشرع في القانون التجاري‪ ،‬وأطلق عليها تسمية ُ‬


‫"السْفتَ َج ُة " حيث‬
‫يالحظ أن التجار تعاملوا فيما بينهم دون الحاجة إلى توفير المال في الحال‪ ،‬وأن مثل هذا‬
‫التصرف أدى إلى تفعيل حركية التجارة من خالل انقضاء دينين بموجب تصرف واحد وكذا تنويع‬
‫المبادالت التجارية ولو لم تتوافر السيولة النقدية في الحال‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نطاق تطبيق القانون التجاري‬

‫تضاربت آراء الفقهاء حول مجال تطبيق القانون التجاري‪ ،‬وذلك راجع لصعوبة إعطاء‬
‫تعريف جامع مانع بالمقصود من القانون التجاري‪ ،‬حيث يعتبر البعض أن مجال تطبيق القانون‬
‫التجاري هو خاص بفئة معينة من فئات المجتمع وهي فئة التجار‪ ،‬بينما يرى فريق آخر خالف‬
‫ذلك‪ ،‬أي أن ميدان تطبيق القانون التجاري متعلق باألعمال التجارية‪ ،‬بصرف النظر عن صفة‬
‫الشخص القائم بها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬النظرية الشخصية‬

‫يرى أنصار هذه النظرية أن مجال تطبيق القانون التجاري خاص بفئة التجار‪ ،‬أي‬
‫األشخاص الذين يباشرون األعمال التجارية ويمتهنونها‪ ،‬ذلك أن القانون التجاري حسبهم هو‬
‫قانون مهني ينظم ويحكم مختلف المعامالت التي يمارسها التجار‪ ،‬وهذا راجع في األساس إلى‬
‫طبيعة نشأة القانون التجاري وظروف تطوره‪ ،‬أي أن أحكامه وقواعده نشأت عبر معامالت تعارف‬
‫عليها التجار واتخذوها بمثابة قانون يحكمهم دون غيرهم من فئات المجمع األخرى‪ ،‬وهو بذلك‬
‫قانون مهني يحكم المهن التجارية ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫إال أن هذه النظرية وإن كانت تحمل في طياتها جانبا من الصواب لكنها من جانب آخر لم تخل‬
‫من انتقادات وجهت لها من قبل أنصار النظرية الموضوعية‪ ،‬باعتبار أنه يصعب حصر كل‬
‫المهن التجارية لما تعرفه الحياة من تطور وازدهار و ظهور حاجيات ومتطلبات جديدة تنشأ معها‬
‫أنشطة ومهن تجارية حديثة كما أن النظرية الشخصية جعلت كل تصرفات التجار تخضع ألحكام‬
‫القانون التجاري إال أنه و كما هو معلوم فإن التاجر إلى جانب قيامه احتراف األعمال التجارية له‬
‫حياة خاصة بعيدة كل البعد عن ميدان نشاطه التجاري‪ ،‬وبعبارة أخرى فإن النظرية الشخصية لم‬
‫تميز بين التصرفات الخاصة والتصرفات المهنية‪ ،‬حيث أخضعتها إلى نفس القانون ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬النظرية الموضوعية‬

‫خالفا لما ذهبت إليه النظرية الشخصية من كون أن القانون التجاري هو قانون خاص‬
‫بفئة التجار‪ ،‬ذهب أصحاب النظرية الموضوعية إلى القول أن ميدان تطبيق القانون التجاري‬
‫خاص بفئة األعمال التجارية‪ ،‬أي أن أحكامه تسري وتحكم العمل التجاري دون االعتداد بصفة‬
‫الشخص القائم به‪ ،‬فهي بذلك ال تنظر إلى صفة من قام بالعمل أكان تاج ار أم ال‪ ،‬بل تركز على‬
‫موضوع العمل الممارس من قبل الشخص‪ ،‬أكان عمال تجاريا أم غير تجاري‪.‬‬

‫فمتى كان العمل المزاول من قبل الشخص يأخذ وصف العمل التجاري فإنه يكون خاضعا ألحكام‬
‫القانون التجاري ولو قام به الشخص لمرة واحدة‪ .‬ذلك أن أصحاب النظرية الموضوعية أرادوا‬
‫التخلص من فكرة الطائفية وتكريس مبدأ المساواة بين فئات المجتمع‪ ،‬إال أن هذه النظرية وبدورها‬
‫تعرضت إلى انتقادات‪ ،‬كونها ساوت بين العمل المنعزل والنشاط المتكرر المهني‪ ،‬كما أن بعض‬
‫أحكام القانون التجاري ال يمكن تطبيقها إال على أصحاب المهن التجارية دون غيرهم‪ ،‬كما هو‬
‫الشأن فيما يخص االلتزامات المترتبة عن اكتساب الشخص الصفة التجارية (مسك الدفاتر‬
‫التجارية والقيد في السجل التجاري‪.)...‬‬

‫‪18‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬موقف المشرع الجزائري‬

‫باستقراء النصوص والمواد المتعلقة بالقانون التجاري‪ ،‬نجد أن المشرع الجزائري قد تبنى النظريتين‬
‫الشخصية والموضوعية معا‪ ،‬حيث أن بعض أحكامه ال تطبق إال على أصحاب المهن التجارية‬
‫أي من لهم صفة التاجر‪ ،‬حيث يظهر ذلك جليا من خالل بعض النصوص القانونية كما هو‬
‫الحال في نص المادة األولى المخصصة لتحديد مفهوم التاجر ‪ ،‬إذ عرفته أنه كل شخص طبيعي‬
‫أو معنوي يباشر األعمال التجارية و يتخذها مهنة معتادة له‪ ،‬ضف إلى ذلك ما أشارت إليه‬
‫المادة الرابعة من نفس القانون و التي جعلت صفة التاجر تؤثر تأثي ار جوهريا في العمل المدني‬
‫كونها حولته من طبيعته األصلية المدنية إلى عمل تجاري بالتبعية ‪.‬‬

‫وعليه ومن خالل ما سبق يتجلى تأثر المشرع الجزائري بالنظرية الشخصية‪.‬‬

‫كما أن بعض المواد القانون التجاري فحواها يؤكد أخذ المشرع وتبني النظرية الموضوعية ويظهر‬
‫ذلك من خالل المادتين الثانية والثالثة من التقنين التجاري‪ ،‬واللتين ذكرتا جملة من األعمال التي‬
‫إن قام بها الشخص ولو لمرة واحدة ومهما كانت صفته القانونية فإنها تخضع إلى أحكام القانون‬
‫التجاري‪ .‬وكل شراء من أجل البيع يفترض أن عمل تجاري تسري عليه قواعد القانون التجاري‬
‫بغض النظر أكان صاحب العمل تاج ار أم ال‪ ،‬كذلك الشأن ذاته لمن تعامل بالسفتجة‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬عالقة القانون التجاري بالقوانين األخرى‬

‫درج الفقه إلى تقسيم القانون إلى قانون عام وقانون خاص‪ ،‬فالقانون العام هو الذي ينظم‬
‫ويحكم العالقات التي تكون الدولة أو الوالية أو البلدية أو المؤسسات العامة ذات الصبغة اإلدارية‬
‫طرفا فيها‪ ،‬وهي تتصرف في ذلك باعتبارها صاحبة سيادة وسلطة‪ ،‬ويعتبر القانون الدستوري‬
‫نموذجا لها إلى جانب القانون اإلداري والقوانين المالية‪.‬‬

‫أما القانون الخاص فهو القانون الذي ينظم العالقات بين األشخاص العادية سواء تعلق‬
‫األمر في العالقات التي تحكم األفراد أو تلك التي تخص األشخاص المعنوية‪ ،‬وتجدر اإلشارة في‬
‫هذا الصدد إلى أمر غاية في األهمية والمتمثل في أن الدولة وفروعها إذا لم تتصرف باعتبارها‬
‫صاحبة سلطة وسيادة فإنها تخضع في عالقاتها إلى أحكام القانون الخاص‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫فشراء البلدية آالت إلكترونية لتجهيز مكاتبها يخضع إلى تطبيق القانون الخاص في حالة نشوب‬
‫نزاع ما ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬ـعالقة القانون التجاري بالقانون المدني‬

‫يطبق القانون التجاري على فئة التجار وعلى األعمال التجارية كذلك وعليه وفي حالة نشوب أي‬
‫نزاع تجاري فإن القاضي يجد نفسه مقيدا بإتباع النصوص التي تنظم المعامالت التجارية وذلك‬
‫يقيد العام"‪ .‬لكنه في حالة عدم وجود أي نص قانوني يمكن تطبيقه على‬ ‫تطبيقا لمبدأ "الخاص ّ‬
‫الواقعة المعروضة أمامه فإنه يتعين عليه الرجوع إلى أحكام القانون المدني باعتبارها الشريعة‬
‫العامة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عالقة القانون التجاري بفروع القانون العام‬

‫على الرغم من الهوة التي تفصل ما بين فروع القانون العام والقانون التجاري‪ ،‬إال أننا نجد أن‬
‫القوانين العامة تتضمن نصوصا تنظم وتؤثر على الحياة التجارية‪ ،‬من ذلك ما ينص عليه‬
‫الدستور في أحكامه من إق ارره التوجه العام فيما يخص النمط االقتصادي التي تتبناه الدولة‪،‬‬
‫كتكريسه مبدأ حرية الصناعة والتجارة أو مبدأ حرية االستثمار‪ .‬كما أن القانون اإلداري له دور‬
‫فيما يتعلق بمنح الرخص اإلدارية لنوع من النشاطات التجارية‪ ،‬وذات األمر بالنسبة لقانون‬
‫المالية‪ ،‬من حيث فرض ضرائب جديدة وكذا رفع أو تخفيض النسب المرتبطة بالرسوم وغيرها‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مصادر القانون التجاري‬

‫تتنوع المصادر التي يستقي منها القانون التجاري أحكامه‪ ،‬وتتلخص في أربعة مصادر‬
‫منها ما هو رسمي ومنها ما هو تفسيري‪ .‬فالمصادر الرسمية تتمثل في التشريع والعرف‪ ،‬أما‬
‫المصادر التفسيرية فيقصد بها القضاء والفقه ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المصادر الرسمية‬

‫يقصد بالمصدر الرسمي الهيئة أو السلطة التي يستمد منها القانون التجاري قوته‬
‫اإللزامية‪ ،‬ونتحدث في هذا الصدد على التشريع باعتباره قانون صادر من البرلماني بغرفتيه‬
‫السفلية والعلوية‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التشريع‬

‫يعتبر التشريع التجاري المصدر الرسمي األول الذي يتعين على القاضي االحتكام إليه‬
‫في حالة نشوب نزاع معروض أمامه‪ .‬ذلك أن القانون التجاري‪ ،‬جمعت معظم أحكامه في التقنين‬
‫التجاري‪ ،‬لكن إذا لم يجد القاضي نصا في القانون الخاص ينظم الواقعة المعروضة أمامه فإنه‬
‫يستوجب عليه الرجوع إلى القانون المدني باعتباره الشريعة العامة‪ ،‬وهذا تطبيقا لنص المادة‬
‫األولى من القانون المدني‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬العرف‬

‫تعتبر معظم نصوص القانون التجاري مستمدة من المعامالت التي اعتاد التجار التعامل‬
‫بها وتكرس الشعور بإلزامية تطبيقها فيما بينهم‪ ،‬وهذا ما يطلق عليه إصطالحا بالعرف التجاري‬
‫ولقد أصبح األخير مصد ار إلزاميا يتعين على القاضي اللجوء إليه عند غياب نص قانوني ينظم‬
‫واقعة النزاع المعروضة أمامه عمال بنص المادة األولى مكرر من القانون التجاري الجزائري‪.‬‬

‫والعرف مصدر هام من المصادر الرسمية يأتي في المرتبة الثالثة بعد التشريع والشريعة اإلسالمية‬
‫إال أن المشرع الجزائري جعل من منه المصدر الثاني للقانون التجاري ‪ ،‬حيث يسري هذا األخير‬
‫على العالقات بين التجار ‪ ،‬وفي حالة عدم وجود نص فيه يطبق القانون المدني وأعراف المهنة ‪،‬‬
‫وهذا وفقا لمبدأ الخاص يقيد العام ‪.‬‬

‫نشأ في بيئة تجارية ولعب دو ار كبي ار وهاما في بلورة وتطور القانون التجاري وقد إستقر عليه‬
‫التعامل التجاري وأصبح معروفا لدى المتعاملين بتواتر الناس على إتباعه‪ ،‬ذلك أن معظم قواعد‬
‫القانون التجاري هي في األصل قواعد عرفية‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ويقصد بالعرف مجموعة قواعد السلوك غير المكتوبة التي تعارف الناس عليها في مجتمع‬
‫معين في زمان معين ز تواتر العمل بها بينهم إلى الحد الذي تولد لديهم اإلعتقاد بإلزامها‪ ،‬فهو‬
‫تلك السلوكات التي درج عليها التجار لفترة من الزمن من أجل تنظيم معامالتهم التجارية ومع‬
‫مرور الوقت أصبحت هذه السلوكات إلزامية شأنها شأن النصوص القانونية‪ ،‬ومن بين مميزات‬
‫القواعد العرفية أنها غير مكتوبة في وثيقة رسمية كما هو الحال في القاعدة القانونية‪.‬‬

‫وينشأ العرف لمجرد توافر ركنيه المادي والمعنوي ويكون حينئذ قاعدة قانونية ملزم ومن أمثلة‬
‫العرف التجاري‪ ،‬تقديم الثمن عوضا عن الفسخ في حالة تأخر البائع عن تسليم المبيع أو في حالة‬
‫تسليم بضاعة من صنف آخر أقل جودة من الصنف المتفق عليه‪ ،‬وعدم جواز اإلحتجاج بالدفوع‬
‫في مواجهة حامل الورقة التجارية حسن النية‪ ،‬وجواز تعاقد الوكيل بالعمولة مع نفسه فيما كلف‬
‫ببيعه أو شرائه‪.‬‬

‫والقاعدة العرفية يطبقها القاضي من تلقاء نفسه ألنه يفترض علمه بها دون التمسك بها من‬
‫جانب أطراف النزاع و ال يكلف الخصم بإثباتها‪ ،‬ولما كان من الصعب إلمام القاضي بكافة‬
‫األعراف التجارية فعلى من يدعي وجود عرف تجاري أن يثبته بكافة طرق اإلثبات و غالبا ما يتم‬
‫ذلك بتقديم شهادة من الغرف التجارية أو نقابة مهنية أو من القناصل من الخارج بالنسبة لألعراف‬
‫األجنبية‪ ،‬غير أن هذه الشهادة غير ملزمة للقاضي و لكن له الحق أن يستأنس بها ‪.‬‬

‫هذا ويجب التفرقة بين العرف والعادات اإلتفاقية‪ ،‬هذه األخيرة هي أحكام يتبعها التجار في‬
‫معامالتهم التجارية دون أن يتوفر لديهم اإلعتقاد بإلزاميتها كونها تتوفر على الركن المادي دون‬
‫الركن المعنوي وهذا ما ال يمنحها القوة اإللزامية‪ ،‬إذ تقتصر على عمل أو موقف معين درج الناس‬
‫عليه في تعاملهم مدة من الزمن دون إعتقادهم أن هذا العمل ملزم لهم وهي تطبق بين المتعاقدين‬
‫على إعتبار أن إرادتهم قد اتجهت ضمنيا إلى األخذ بها في العقد‬

‫وللعادة أهمية خاصة في التعامل التجاري إذ أنه يقوم على السرعة ويتسنى للمتعاقدين الوقت‬
‫الكافي إلدخال جميع الشروط في عقودهم فتنصرف إرادتهم إلى األخذ بهذه العادات ومن أمثلة‬
‫العادات اإلتفاقية‪ ،‬األخذ بطريقة معينة في حزم البضاعة أو تقديرها بالوزن أو العد أو القياس أو‬
‫في تحديد مدة لفحصها و كشف عيوبها الخفية ‪ .‬ويترتب على ذلك أن العادة اإلتفاقية ال تطبق‬

‫‪22‬‬
‫من قبل القاضي إال إذا تمسك بها الخصم ألنه ال يفترض من القاضي العلم بها وعلى من يتمسك‬
‫بها أن يقيم الدليل على وجودها بكافة طرق اإلثبات وتنقلب العادة إلى العرف إذا ما إستقر‬
‫التعامل بها بحث تصبح أكثر من إتفاق ضمني على أمر معين‬

‫بناء على ما سبق إذا ما عرض نزاع تجاري على القاضي الجزائري أن يتبع الترتيب التالي في‬
‫تطبيقه لقواعد القانون‬

‫‪ 1‬النصوص اآلمرة الموجودة بالقانون التجاري‬

‫‪ 2‬النصوص اآلمرة الموجودة بالقانون المدني‬

‫‪ 3‬قواعد العرف التجاري‬

‫‪ 4‬مبادئ الشريعة اإلسالمية‬

‫‪ 5‬العادات التجارية‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬الشريعة اإلسالمية‬

‫إعتبر القانون المدني الجزائري مبادئ الشريعة اإلسالمية المصدر الرسمي الثاني بعد التشريع‬
‫وقبل العرف‪ ،‬ومعنى ذلك أن القاضي وهو يفصل في منازعة تجارية إذا لم يجد حكمها في‬
‫النصوص التشريعية فعليه الرجوع إلى مبادئ الشريعة اإلسالمية والمقصود بهذه المبادئ القواعد‬
‫المستقاة من القرآن والسنة واإلجماع واإلجتهاد‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المصادر التفسيرية‬

‫إلى جانب المصادر الرسمية هنالك مصادر يستأنس بها القاضي عند الحكم على وقائع‬
‫معينة‪ ،‬ومن االجتهادات القضائية واآلراء الفقهية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬القــضاء‬

‫قد يستعين القاضي في حكمه على واقعة معينة على ما جرى عليه العمل في االجتهاد‬
‫القضائي من خالل نمط وتوجه أبدى القضاء موقفه بخصوص تلك الواقعة‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الفقه‬

‫كما أن القاضي يمكنه أن يستأنس بما توصل إليه الفقهاء وكذا رجال القانون من اجتهاد وتنظيم‬
‫في المسائل التي تحكم الوقائع التي هو بصدد الفصل فيها‪ ،‬كاالعتماد على النظريات الفقهية‬
‫والبحوث العلمية والتي تكون غالبا األساس الذي يستوحي منه المشرع أحكامه عندما يكون بصدد‬
‫إصدار قوانين جديدة ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫األعمال التجارية‬

‫بالرجوع إلى النصوص القانونية المنظمة للعالقات التجارية سواء تلك المدرجة في القانون‬
‫التجاري أو إلى غيرها من النصوص التي لها صلة بتنظيم التجارة‪ ،‬نالحظ أن المشرع لم يقدم‬
‫تعريفا يخص العمل التجاري وإنما اكتفى بذكر جملة من األعمال حددها تحديدا غير حصري‬
‫تضمنتها المادتين ‪ 2‬و‪ 3‬من التقنين الجزائري‪ ،‬و لعل ذلك راجع إلى صعوبة إعطاء تعريف جامع‬
‫و مانع لمفهوم العمل التجاري ‪.‬‬

‫لذلك يتعين األمر اللجوء إلى الفقه من أجل الوقوف على التعريف المقدم من قبلهم‪ ،‬غير أن‬
‫الفقهاء بدورهم لم يقدموا تعريفا مجمعا عليه بمعنى العمل التجاري‪ ،‬حيث اجتهد كل واحد منهم‬
‫وحاول إعطاء تعريف للعمل التجاري مستندا على معايير اقتصادية بينما اعتمد البعض اآلخر في‬
‫تعريفه للعمل التجاري على المعيار القانوني‪.‬‬

‫وال شك أن تحديد المفهوم من العمل التجاري له أهمية بالغة تظهر بالخصوص في اآلثار المترتبة‬
‫على التفرقة بين العمل التجاري والعمل المدني‪.‬‬

‫المبحث األول‬

‫أهمية تحديد العمل التجاري‬

‫كما سبقت اإلشارة إليه‪ ،‬أن المشرع ترك تعريف العمل التجاري للفقه‪ ،‬وأنه بالرجوع إلى‬
‫أقوال الفقهاء نجدهم غير متفقين من تحديد المقصود من العمل التجاري‪.‬لذلك سنحاول فيما‬
‫سيأتي الوقوف على أهم المحاوالت التي سعت إلى تعريف العمل التجاري‪ ،‬ثم تبيان ما يترتب‬
‫عليه من آثار قانونية‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫المطلب األول‪ :‬معايير العمل التجاري‬

‫عند تفحص المعايير التي استند إليها الفقهاء من أجل تحديد مفهوم العمل التجاري‪،‬‬
‫نجدها تنقسم في األساس إلى معايير مرتبطة ارتباطا وثيقا بالنشاط التجاري‪ ،‬وهذا ما اعتمده‬
‫أصحاب النظرية الموضوعية‪ ،‬بينما اعتمد أصحاب النظرية الشخصية على معايير قانونية لتحديد‬
‫العمل التجاري‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المعايير الموضوعية‬

‫إن أهم المعايير الموضوعية التي جاءت لتحديد العمل التجاري تتلخص في معيار‬
‫المضاربة‪ ،‬ومعيار التداول لهذا سنحاول شرح المعيارين فيما سيأتي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬معيار المضاربة‬

‫يرى أصحاب هذا المعيار أن ما يميز العمل التجاري عن العمل المدني هو سعي‬
‫الشخص من خالل قيامه بالعمل التجاري إلى تحقيق الربح‪ ،‬وبعبارة أخرى فإن كل عمل يقصد‬
‫من وراءه صاحبه تحقيق الربح يعد عمال تجاريا‪.‬‬

‫فالشراء من أجل البيع يعد عمال تجاريا ألنه منطوي على فكرة السعي إلى تحقيق الربح‪،‬‬
‫لكن ما ينبغي مالحظته أن هذا المعيار يركز على القصد والهدف من وراء اإلتيان بالعمل وهو‬
‫تحقيق الربح وال أثر لفكرة تحقيق الربح من عدمه على اعتبار العمل أهو عمل تجاري أم أنه عمل‬
‫يعد وفقا لهذه النظرية تجاريا بمجرد سعي الشخص من خالل عمله إلى تحقيق‬ ‫مدني‪ ،‬فالعمل ّ‬
‫الربح وإن لم يحصل له ذلك‪ .‬وعليه فالربح ليس هو المعيار المحدد لوصفه العمل التجاري ذلك‬
‫أن التاجر قد يتعرض إلى خسائر‪ ،‬ومع ذلك فإن أعماله توصف بأنها تجارية‪ ،‬باعتبار أن قصده‬
‫وسعيه كان بغرض تحقيق الربح‪ ،‬إال أن التجارة تحكمها قواعد الربح والخسارة‪.‬‬

‫على الرغم من أن هذا المعيار يغطي جانبا كبي ار من األعمال التي توصف بأنها أعمال‬
‫تجارية تتوفر وتحقق عنصر المضاربة فيها كالشراء من أجل البيع إال أنه تعرض إلى انتقادات‬
‫تتمثل في كون أن الهدف يلي تحقيق الربح هو عنصر مشترك بين مختلف األعمال التي يزاولها‬
‫الشخص‪ ،‬فالمهن الحرة كمهنة الموثق والمحضر القضائي والطبيب ‪ ...‬إلخ كلها أعمال يسعى‬

‫‪26‬‬
‫تعد أعماال تجارية‪ .‬كما أن هذا المعيار‬
‫من وراءها أصحابها إلى تحقيق الربح ومع ذلك فإنها ال ّ‬
‫يقصي بعض األعمال التي اعتبرها المشرع أعماال تجارية مفتقدة في بعض األحيان إلى عنصر‬
‫المضاربة كما هو الشأن"التعامل بالسفتجة "‪ .‬ضف إلى ذلك أن البيع بالخسارة أو أقل من سعر‬
‫يعد عمال تجاريا‪.‬‬
‫التكلفة ّ‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬معيار التداول‬

‫يرى أصحاب هذا المعيار أن ما يميز التجارة هو نقل السلع والبضائع وكذا حركية انتقال رؤوس‬
‫األموال والنقود بين المتعاملين االقتصاديين‪ ،‬فالتجارة تقوم على حركة تبادل البضائع ورؤوس‬
‫األموال‪ ،‬ومن ثم فإن العمل التجاري حسب هذا المعيار مرتبط بالوساطة في تداول الثروات من‬
‫فالحيز الذي يتجسد فيه العمل‬
‫ّ‬ ‫وقت خروجها من يد المنتج وإلى غاية وصولها إلى المستهلك‪.‬‬
‫التجاري يتمثل في الحلقة الدائرة بين خروج السلع من يد المنتج إلى تمام وصولها إلى المستهلك‪.‬‬

‫وعليه فإن هذه النظرية ترى أن كل عمل ال تتجسد فيه فكرة التوسط في نقل البضائع و‬
‫السلع وغيرها من المنقوالت المادية و المعنوية ال يجوز وصفه بالعمل التجاري الفتقاره لعنصر‬
‫الحركية‪ ،‬و تميزه بالثبات و الجمود المنافي لمفهوم التجارة‪ ،‬فهي بذلك تعتبر عمل المنتج عمال‬
‫مدنيا ألن المنتج لم يتلق المنتوج من غيره‪ ،‬حيث يعتبر هو أول من طرح السلعة للتداول‪ ،‬كما أن‬
‫عمل المستهلك يعتبر مدنيا لكون أن المستهلك سوف لن ينقل المنتوج إلى غيره‪ ،‬وإنما يقتصر‬
‫دوره على االستهالك‪.‬‬

‫على الرغم من سالمة هذه النظرية في تحديد العمل التجاري إال أنه ما يعاب عليها أنها‬
‫اقتصرت فكرة التداول على السلع والمنقوالت‪ ،‬فهي بذلك تستبعد بيع العقارات من مجال األعمال‬
‫التجارية‪ ،‬إال أنه وفي حقيقة األمر يعتبر سراء العقار من أجل بيعه عمال تجاريا‪ ،‬كما أن التوسط‬
‫في نقل البضائع ال يكون في جميع الحاالت عمال تجاريا‪.‬‬

‫فبيع التعاونيات وكذا الجمعيات األشياء ألعضائها وإن اشتمل على عنصر التداول إال أنه ال يعد‬
‫عمال تجاريا‪ .‬كما أن هذه النظرية تقصي من نطاقها بعض األعمال التي اعتبرها المشرع تجارية‪،‬‬
‫كما هو األمر ما يخص إتيان العمل في شكل مقاولة أو مشروع‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫وأخي ار تجدر اإلشارة إلى أن أصحاب النظرية الموضوعية حاولوا الجمع بين معيار التداول‬
‫ومعيار المضاربة لتحديد العمل التجاري حيث عرف هذا األخير بأنه هو العمل الذي يتعلق‬
‫بالوساطة في تداول الثروات بقصد تحقيق الربح‪ ،‬ومع ذلك فإن هذا المعيار لم يدرج المقاوالت من‬
‫ضمن األعمال التجارية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المعايير الشخصية‬

‫حاول أصحاب النظرية الشخصية بدورهم تقديم تعريف لمعنى العمل التجاري‪ ،‬لكنهم لم‬
‫يوفقوا من جهتهم حيث اقترحوا عدة أسس لمفهوم العمل التجاري‪ ،‬لذلك سنتطرق فيما يلي إلى‬
‫مناقشة بعض هذه المعايير‬

‫الفقرة األولى‪ :‬معيار المقاولة‬

‫خالفا لما ذهب إليه أصحاب النظرية الموضوعية من اعتبار العمل المنفرد عمال تجاريا‪ ،‬يرى‬
‫أصحاب النظرية الشخصية أن ما يجسد فكرة العمل التجاري هو إتيانه في شكل مشروع‪ ،‬ومنه‬
‫فإن العمل التجاري بالنسبة إليهم يتمثل في تكرار العمل التجاري على وجه االحتراف بناء على‬
‫تنظيم مهني سابق‪ .‬وبعبارة أخرى أنه يشترط العتبار العمل تجاريا أن يزاول الشخص العمل‬
‫التجاري بصفة دائمة ومستمرة وبصورة مهنية مستثم ار في الوسائل المادية والبشرية‪ ،‬وهو ما يحقق‬
‫ويجسد الخصائص التي تقوم عليها التجارة من سرعة وإئتمان‪.‬‬

‫إال أن هذه النظرية وجهت لها عدة انتقادات كونها تحتاج هي األخرى إلى إيجاد معيار‬
‫يميزها عن المقاوالت المدنية التي يمارس أصحابها العمل بصفة متكررة وعلى وجه االحتراف‪،‬‬
‫ضف إلى ذلك أنها تخرج من نطاق األعمال التجارية التي اعتبرها المشرع كذلك ‪ ،‬كما هو الشأن‬
‫التعامل بالسفتجة ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬معيار الحرفة‬

‫يعتبر أول من دعا إليه الفقيه الفرنسي ريبير (‪ )George Ripert‬حيث اعتبر ما يجسد‬
‫العمل التجاري هو إتيان العمل بصفة متكررة وعلى وجه االحتراف‪.‬‬

‫وعليه فإن العمل ال يكون تجاريا إال إذا تمت مباشرته من قبل شخص يمتهن األعمال‬
‫التجارية وهو الشخص الحامل لصفة التاجر‪ .‬ذلك أن المظهر الذي يتجسد فيه طريقة العمل هي‬
‫التي تميز العمل التجاري عن غيره من األعمال المدنية‪.‬‬

‫انتقدت هذه النظرية على أساس صعوبة حصر المهن التجارية و التي هي في تطور مستمر‬
‫كما أنها تشترك مع معيار المقاولة من حيث وجوب إتيان العمل بصفة متكررة و على وجه‬
‫االحتراف وبناءا على تنظيم سابق‪.‬‬

‫وأخي ار فإن هذه النظرية تجعلنا ندور في حلقة مفرغة في تحديد العمل التجاري بحيث‬
‫تجعله مرتبطا بالشخص القائم برأي التاجر‪ ،‬فالعمل التجاري يعرف بكونه ذلك الذي يقوم به‬
‫التاجر‪ ،‬وعند تعريف التاجر فإننا نجده مرتبطا باألعمال التجارية‪ ،‬أي أن التاجر هو الذي يباشر‬
‫األعمال التجارية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬معيار السبب‬

‫يعتمد هذا المعيار على الباحث والدافع من وراء القيام بالعمل‪ ،‬أي البحث في السبب‬
‫يعد عمال‬
‫الذي أدى بالشخص إلى القيام بالتصرف القانوني‪ ،‬لذلك فإن الشراء من أجل البيع ّ‬
‫تجاريا ألن السبب الذي دفع إلى اقتناء الشيء هو إعادة بيعه بغرض تحقيق الربح‪.‬‬

‫غير أن هذه النظرية انتقدت على أساس أن الباحث و السبب أمر خفي ال يسهل اإلطالع عليه‪،‬‬
‫كما أن بعض األعمال التجارية يشترط الوقوف على السبب الذي دفع إلى اإلتيان بها كما هو‬
‫الشأن التعامل بالسفتجة فهي تعتبر عمال تجاريا أيا كانت صفة الشخص القائم بها وبغض النظر‬
‫عن الموضوع الذي من أجله تم تحرير السند ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أهمية التفرقة بين العمل التجاري والعمل المدني‬

‫الشك أن محاوالت الفقهاء من خالل المعايير التي اعتمدوها من أجل الوقوف على مفهوم‬
‫العمل التجاري كانت ترمي إلى التخلص من التعقيدات والصعوبات المترتبة عن النظام القانوني‬
‫الواجب تطبيقه على األعمال المدنية واألعمال التجارية‪ ،‬نظ ار إلى االختالفات الجوهرية المترتبة‬
‫عن التمييز بينهما‪ ،‬لذلك سوف نتعرض فيما يلي إلى بعض القواعد التي تحكم العمل التجاري‬
‫والتي تختلف عن القواعد العامة المنظمة للعمل المدني‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬قواعد االختصاص‬

‫إعتنقت بعض الدول في المجال القضائي مبدأ تخصيص قضاء خاص ينظر في‬
‫المنازعات التجارية فقط‪ ،‬وتأتي فرنسا في مقدمتها ‪ ،‬حيث منح المشرع الفرنسي اإلختصاص‬
‫بنظر المنازعات التجارية للمحاكم التجارية التي تتشكل من قضاة منتخبين من بين التجار‬
‫المواطنين الراشدين ذوي السمعة الطيبة‪ ،‬والذين مارسوا مهنة التجارة لمدة خمس سنوات على‬
‫األقل ويختارهم زمالئهم في المهنة لمدة سنتين قابلة للتجديد‪ ،‬و مرجع ذلك أن هذه المنازعات‬
‫تتسم بطابع خاص يميزها عن الدعاوى المدنية‪ ،‬كما تستلزم الفصل فيها على وجه السرعة و طبقا‬
‫إلجراءات خاصة‪ ،‬فلو إفترضنا مثال وأن رفعت قضية مدنية أمام المحكمة التجارية‪ ،‬جاز الدفع‬
‫بعدم اإلختصاص‪ ،‬بل أن لهذه المحاكم أن تقضي به من تلقاء نفسها‪ ،‬ألن قواعد اإلختصاص‬
‫هي من النظام العام وال يجوز اإلتفاق على مخالفتها بمعنى أن القضايا التي ترفع ضد التاجر أو‬
‫عن عمل تجاري بغض النظر عن األطراف سواء كانوا تجا ار أم ال‪ ،‬فإن المحاكم التجارية هي‬
‫المحاكم المختصة وليس المحاكم المدنية ‪.‬‬

‫أما في الجزائر‪ ،‬فلم يؤخذ فيها بنظام المحاكم التجارية‪ ،‬وإنما جعل اإلختصاص شامال‬
‫للمنازعات المدنية و التجارية على أن تطبق قواعد القانون المدني على األولى‪ ،‬وقواعد القانون‬
‫التجاري على الثانية‪ ،‬بمعنى أن المشرع الجزائري رغم تبنيه لقانون تجاري مستقل فإنه في مجال‬
‫القضاء تبنى وحدة القضاء بدال من مبدأ التخصيص‪..‬‬

‫‪30‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬اإلختصاص النوعي‬

‫بالرجوع إلى أحكام قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الجزائري نجد أن المشرع الجزائري كرس‬
‫مبدأ وحدة القضاء‪ ،‬ويظهر ذلك في وجود أقسام داخل المحكمة مثل القسم التجاري‬
‫والقسم العقاري وقسم األحوال الشخصية‪ ،‬فالقسم التجاري ال يعتبر محكمة تجارية مستقلة‬
‫وإنما تشكيلها هو من قبيل تقسيم العمل الداخلي وهو مجرد تنظيم داخلي‪ ،‬وعلى هذا لو رفع نزاع‬
‫تجاري أمام الفرع المدني فال يجوز الدفع بعدم اإلختصاص وإنما يحال الملف إلى القسم المعني‬
‫عن طريق أمانة الضبط بعد إخبار رئيس المحكمة مسبقا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬اإلختصاص المحلي‬

‫فيما يتعلق باإلختصاص المحلي أو اإلقليمي ينص المشرع الجزائري على قاعدة عامة ترجع‬
‫اإلختصاص لمحكمة موطن المدعى عليه ‪ ،‬ويرجع أصل القاعدة إلى المبدأ الذي يقضي بأن‬
‫الدين مطلوب وليس محموال ‪ ،‬إذ يستطيع التاجر أن يرفع دعواه أمام محكمة موطن المدعى عليه‬
‫ويعتبر بمثابة موطن للمدعى عليه بجانب موطنه األصلي المكان الذي يباشر فيه تجارته ‪،‬إال أن‬
‫هناك بعض اإلستثناءات أوردها المشرع الجزائري على هذا المبدأ ‪ ،‬حيث ترفع الدعاوى التجارية‬
‫غير اإلفالس والتسوية القضائية أمام الجهة القضائية التي وقع في دائرة إختصاصها الوعد‬
‫وتسليم البضاعة أو أمام الجهة القضائية التي يجب أن يتم الوفاء في دائرة إختصاصها وترفع‬
‫الدعاوى المرفوعة ضد الشركة أمام الجهة القضائية التي تقع في دائرة إختصاصها أحد مؤسساتها‬
‫أو فروعها‪ ،‬وفي الدعاوى العقارية أو دعاوى األشغال المتعلقة بالعقار أو دعاوى اإليجارات بما‬
‫فيها التجارية المتعلقة بالعقارات أمام المحكمة التي يقع العقار في دائرة إختصاصها‬

‫أما بالنسبة لمحكمة إبرام العقد وتسليم البضاعة فيشترط أن يكون تسليم كل البضاعة‬
‫أو جزء منها قد حصل في دائرة المحكمة‪ ،‬فال يكفي أن يكون متفقا على حصول التنفيذ في‬
‫دائرتها فقط‪ ،‬ففي المنازعات المتعلقة بالتوريد واألشغال وأجور العمال أو الصناع يكون‬
‫اإلختصاص للجهة القضائية التي يقع في دائرة إختصاصها مكان إبرام اإلتفاق أو تنفيذه‬
‫وذلك متى كان أحد األطراف مقيما في ذلك المكان ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬قواعد اإلثبات‬

‫إن اآلثار المترتبة عن التمييز بين العمل التجاري والعمل المدني تتمثل في مسألة اإلثبات‪ ،‬حيث‬
‫تختلف قواعد اإلثبات في المواد التجارية عن تلك القواعد المعمول بها في المسائل المدنية‪.‬‬

‫ويشترط المشرع على الدائن الذي يريد إثبات التزامه المدني الذي تفوق قيمته ‪ 111.111‬دج‬
‫حسب المادة ‪ 39‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬أو كان االلتزام غير محدد القيمة تقديم‬
‫الدليل الكتابي‪ ،‬وهذا هو المبدأ في القضايا المدنية ما لم يقض القانون بخالف ذلك‪ ،‬وهذا ما جاء‬
‫صراحة في الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 333‬من القانون المدني التي تنص على ما يلي (في غير المواد‬
‫التجارية‪ ،‬إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته عن ‪111.111‬دج أو كان غير محدد القيمة‪ ،‬فال‬
‫يجوز اإلثبات بالشهود في وجوده أو انقضائه ‪ ،‬ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك ‪.‬‬

‫وفي المقابل فإن المشرع أورد استثناءات عن المبدأ العام المقيد بالكتابة والتي تخص بااللتزامات‬
‫التي تقل قيمتها عن ‪ 111.111‬دج ‪.‬‬

‫بحيث أخضعها إلى مبدأ الحرية‪ ،‬إذ يمكن للمتعاقدين إثبات التزاماتهم بالبينة والقرائن‪.‬‬

‫هذا وما تجدر اإلشارة إليه فيما يخص المبدأ العام المقرر في اإلثبات في المسائل المدنية والذي‬
‫اشترط المشرع أن يكون بالكتابة أال يقصد منها بالضرورة الكتابة الرسمية‪ ،‬أي التي يوقع عليها‬
‫الضابط العمومي‪ ،‬وإنما يكفي تقديم المحررات العرفية كأداة إثبات متى كانت موقعا عليها ولها‬
‫تاريخ معلوم‪ .‬وخالفا لما هو عليه العمل فيما يتعلق باإلثبات في المسائل المدنية‪ ،‬فإن اإلثبات في‬
‫المواد التجارية غير خاضع لمبدأ الكتابة كأصل‪ ،‬وإنما هو مؤسس على الحرية في اإلثبات‪،‬‬
‫بمعنى اإلثبات بكافة الطرق‪ .‬نظ ار لما تتميز به الحياة التجارية من سرعة في إبرام العقود التجارية‬
‫ونظ ار كذلك لما يلحق التاجر من فوات فرص الكسب و تخوف الخسارة في حالة إخضاعهم إلى‬
‫اإلثبات المقيد بالكتابة ‪ ،‬وهذا المبدأ يستفاد من نص المادة ‪ 81‬من القانون التجاري التي تنص‬
‫على ما يلي ‪ " :‬يثبت كل عقد تجاري ‪:‬‬

‫‪ -1‬بسندات رسمية‬

‫‪ -2‬بسندات عرفية‬

‫‪32‬‬
‫‪ -3‬بفاتورة مقبولة‬

‫‪ -4‬بالرسائل‬

‫‪ -5‬بدفاتر الطرفين‬

‫‪ -6‬باإلثبات بالبينة أو بأية وسيلة أخرى إذا رأت المحكمة وجوب قبولها‪.‬‬

‫لكن المشرع لم يترك مبدأ حرية اإلثبات في المسائل التجارية على إطالقه‪ ،‬بل أخضعه إلى بعض‬
‫االستثناءات وذلك فيما يخص بعض التصرفات القانونية حيث أوجب فيها الكتابة الرسمية وإال‬
‫كانت مشوبة بعيب البطالن‪ .‬وهذا ما يستخلص ويظهر جليا فيما أقرته المادة ‪ 545‬من ق‪.‬ت‪.‬ج‬
‫المتعلقة بعقد الشركة حيث أوجبت تحت طائلة البطالن أن يحرر العقد بصفة رسمية‪ ،‬والشأن ذاته‬
‫فيما يخص بيع المحل التجاري ورهنه أين اشترط المشرع الكتابة الرسمية‪ ،‬وإال تعرض العقد‬
‫للبطالن‪ ،‬وهو ما أشارت إليه على التوالي المادتين ‪ 79‬و‪ 121‬من القانون التجاري الجزائري‪.‬‬

‫وأخي ار يمكن الوصول إلى نتيجة تتمثل في أن ما اعتبره المشرع أصال في اإلثبات في المسائل‬
‫أقره من أصل في المواد التجارية يعتبر‬
‫يعد استثناءا في المواد التجارية‪ ،‬وما ّ‬
‫المدنية أي الكتابة‪ّ ،‬‬
‫بمثابة االستثناء بالمواد المدنية ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬جزاء االلتزام ‪.‬‬

‫نتناول بالدراسة فيما يلي تضامن المدينين ومهلة الوفاء والفائدة القانونية واإلعذار‬
‫واإلفالس والنفاذ المعجل والرهن الحيازي والتقادم واكتساب صفة التاجر كنتائج للتفرقة بين العمل‬
‫المدني والعمل التجاري ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تضامن المدينين‬

‫قاعدة التضامن بين المدينين في الدين التجاري قاعدة تنسجم مع مقتضيات التجارة في دعم‬
‫الثقة واإلئتمان بين المتعاملين‪ ،‬وهي قاعدة معروفة منذ القدم‪ ،‬إحترمها القضاء وطبقها‬
‫والتضامن في المعامالت التجارية مفترض‪ ،‬واإلفتراض جاء من أجل تأمين الوفاء باإللتزامات‬

‫‪33‬‬
‫التجارية‪ ،‬والهدف من ذلك حماية التجارة والوقوف على تطورها وازدهارها‪ ،‬بخالف قواعد التضامن‬
‫في المعامالت المدنية والتي ال يمكن تقريرها إال بنص أو باتفاق األطراف‪.‬‬

‫غير أنه في المسائل التجارية يجوز نفي التضامن بنص في العقد‪ ،‬ما لم ينص القانون بنص‬
‫آمر على فرض التضامن‪ ،‬حيث قضى المشرع الجزائري بأن للشركاء بالتضامن صفة التاجر‬
‫وهم مسؤولون من غير تحديد وبالتضامن عن ديون الشركة ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مهلة الوفاء أو نظرة الميسرة‬

‫األصل أن وفاء اإللتزام يكون فو ار وأن أداء الدين يجب أن يتم في موعد اإلستحقاق المتفق‬
‫عليه‪ ،‬لكن يجوز للقاضي أن يمهل المدين أجال معينا لينفذ فيه إلتزامه ‪ ،‬فإذا عجز المدين عن‬
‫الوفاء بدين مدني في الميعاد جاز للقاضي أن يمنحه أجال معقوال ينفذ فيه إلتزامه إذا إستدعت‬
‫حالته ذلك و لم يلحق بالدائن من هذا التأجيل ضر ار جسيما ‪.‬‬

‫أما في المسائل التجارية فإن منح المدين أجال جديدا للوفاء قد يلحق في الغالب ضر ار جسيما‬
‫بالدائن‪ ،‬ذلك أن المعامالت التجارية مرتبطة ببعضها البعض حيث أن عدم تنفيذ إلتزام بأداء‬
‫الدين المستحق قد يؤدي إلى عجز الدائن عن الوفاء بدينه قبل الغير ‪ ،‬وبالتالي قد يعرضه ذلك‬
‫إلى شهر إفالسه‪ ،‬ولهذا من الصعوبة بمكان إعطاء المهلة القضائية للمدين بدين تجاري نظ ار لما‬
‫تحتويه طبيعة التعامل التجاري وما تقوم عليه من سرعة وثقة تقضي من التاجر ضرورة الوفاء‬
‫بديونه في الميعاد المتفق عليه ‪ ،‬زيادة على أن إعطاء مهلة للمدين قد يتعارض أساسا مع ما يقوم‬
‫عليه العمل التجاري ككل وما يتميز به من خصائص تعد الدعائم األساسية للقانون التجاري‬
‫وهي السرعة والثقة واإلئتمان‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬اإلعذار‬

‫وهو وضع المدين في حالة تأخر عن تنفيذ إلتزامه ‪ ،‬حيث يترتب على تأخره نتائج قانونية‬
‫بمعنى أن يقوم الدائن بتوجيه إنذار للمدين حتى يوفي ما عليه من إلتزام ويسجل على المدين‬
‫التأخر في الوفاء‪ ،‬إذ من يوم اإلعذار يبدأ سريان الفوائد بالنسبة للدول التي تأخذ بنظام الفوائد‬
‫القانونية ‪ ،‬والمشرع الجزائري في هذا اإلطار يحرم مثل هذه الفوائد إذ تعتبر القرض بين األفراد‬
‫يكون دائما بدون أجر و باطال ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫فالقاعدة العامة في القانون المدني هي أنه بمجرد تأخر المدين عن تنفيذ إلتزامه ال يكفي‬
‫اعتباره مقصرا‪ ،‬فسكوت الدائن عن المطالبة بحقه عند حلول أجل الوفاء يعتبر قرينة على قبوله‬
‫األجل المتفق عليه‪ ،‬ولكي ينفي الدائن هذه القرينة يجب أن يعبر من جديد عن رغبته في الوفاء‬
‫ويكون ذلك بإعذار يوجه للمدين بإنذاره أو يقوم مقام اإلنذار والبد أن يتم اإلنذار بورقة رسمية‪.‬‬

‫أما اإلعذار في القانون التجاري فقد جرى العرف التجاري على أنه يمكن غض النظر عن‬
‫الطريق المتبع في القانون المدني‪ ،‬ويمكن إتمامه بخطاب عادي أو برقية دون اإللتجاء إلى‬
‫األوراق الرسمية نظ ار لما تتطلبه التجارة من سرعة‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة ‪ :‬اإلفالس‬

‫إن قواعد اإلفالس ال تنطبق إال على التجار من األفراد متى توقفوا عن دفع ديونهم التجارية‬
‫حيث ترصد المشرع الجزائري لكل تاجر توقف عن دفع ديونه التجارية في مواعيد اإلستحقاق‬
‫وأوجد له نظام ال يطبق إال عليه ‪ ،‬يجعل التاجر حريصا على تنفيذ إلتزاماته في مواعيدها‪ ،‬ومن‬
‫خالله تصفى جميع أمواله تصفية جماعية وتوزع على دائنيه وفقا لمبدأ قسمة الغرماء‪ ،‬ونظام‬
‫اإلفالس جاء ليبعد التاجر المقصر والمهمل من الحياة التجارية و يضع حد لنشاطه ‪ ،‬ومثل هذا‬
‫الحرص من المشرع على تنظيم الحياة التجارية ومراقبتها عن طريق النصوص الصارمة يجعل‬
‫التجار من أحرص الناس على الوفاء بديونهم في مواعيد استحقاقها فإذا صدر حكم بشهر‬
‫اإلفالس ترفع يد التاجر عن إدارة أمواله والتصرف فيها ‪ ،‬ويدخل جميع الدائنين في اإلجراءات‬
‫ويعين وكيل عنهم تكون مهمته تصفية أموال المفلس وتوزيع الناتج منها بين الدائنين كل بحسب‬
‫قيمة دينه‪ .‬أما بالنسبة للمدين المدني فيخضع عجزه عن سداد ديونه إلى نظام آخر يسمى نظام‬
‫اإلعسار نص عليه المشرع الجزاري و هو أقل قسوة و أخف وطأة من نظام اإلفالس ‪.‬‬

‫الفقرة الخامسة ‪ :‬الفوائد القانونية‬

‫الفائدة هي التعويض الذي يحصل عليه الدائن عن الضرر الذي يلحقه نتيجة تأخر المدين‬
‫في تنفيذ إلتزامه بدفع مبلغ من النقود‪ ،‬ويطلق على هذا النوع من الفائدة‪ ،‬الفائدة التأخيرية ففي‬
‫حالة ما إذا تأخر المدين عن الوفاء بالتزاماته في األجل المحدد لها‪ ،‬يبدأ سريان الفوائد القانونية‬

‫‪35‬‬
‫نتيجة هذا التأخر ‪ ،‬ويقع على المدين التاجر عبئ اإللتزام بتعويض الدائن عن التأخير الذي‬
‫يتسبب فيه و هو تفويت فرصة الربح على الدائن ‪.‬‬

‫ويختلف سعر الفائدة في المسائل المدنية بحيث يقدر ب ‪ % 14‬بينما في المسائل التجارية‬
‫فيقدر ب ‪ ، % 15‬وتقوم هذه التفرقة على أساس النقود في الميدان التجاري سريعة اإلستثمار‬
‫األمر الذي ينشئ ضر ار أكبر من الضرر الذي قد يحدد في المجال المدني‪ ،‬كما تقضي القاعدة‬
‫العامة بأنه ال يجوز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد وأن يزيد مجموع الفوائد على رأس المال‬
‫وتسري الفوائد المدنية من تاريخ المطالبة القضائية‪ ،‬أما الفائدة التجارية من التاريخ الذي يقضي‬
‫به العرف أو النص التشريعي ‪ ،‬وإذا كانت كثير من الدول أجازت التعامل بالفائدة بين األفراد إال‬
‫أن المشرع الجزائري حرم التقاضي بالفائدة بين األفراد وأجاز التعامل بالفائدة للمؤسسات المالية‬
‫في إيداع أموال لديها أن تمنح فائدة يحدد قدرها بنص قانوني لتشجيع اإلدخار وتشجيع النشاط‬
‫اإلقتصادي الوطني‬

‫الفقرة السادسة‪ :‬الرهن الحيازي‬

‫تبدو أهمية التفرقة بين العمل المدني والعمل التجاري واضحة كذلك في الرهن الحيازي فهذا‬
‫األخير قد ينعقد لضمان دين تجاري ويسمى في هذه الحالة بالرهن التجاري ‪ ،‬وقد ينشأ هذا الرهن‬
‫ضمانا لدين مدني ويعرف أنذاك بالرهن المدني ‪ ،‬فالرهن المعقود لدين تجاري يخضع في تنفيذه‬
‫إلجراءات خاصة بسيطة ‪ ،‬فإذا لم يدفع المدين الدين في تاريخ اإلستحقاق ينذره الدائن بالوفاء‬
‫وبعد مضي خمسة عشر يوما يشرع في بيع المنقوالت بالمزاد العلني دون حاجة إلى حكم أو إذن‬
‫على عريضة أي تنفيذ بدون سند تنفيذي ‪ ،‬وسبب ذلك أن الرهن التجاري يرد على سلع تخضع‬
‫لتقلبات األسعار أو تكون قابلة للتلف مما يستلزم تنفيذ الرهن التجاري في أسرع وقت ‪ ،‬وهذا‬
‫بخالف الرهن المعقود لضمان مدني‪ ،‬إذ يستوجب للتنفيذ على المال المرهون في حالة عدم وفاء‬
‫المدين بالتزاماته حصول الدائن على حكم من القضاء وهذا يتطلب إجراءات طويلة ومعقدة ‪.‬‬

‫الفقرة السابعة‪ :‬التقادم‬

‫التقادم هو ذلك الدفع الذي يتمسك به المدين في مواجهة دعوى الدائن و يؤدي إلى سقوط‬
‫حق هذا الدائن في المطالبة بالدين ‪ ،‬ويكمن أساس تقرير التقادم المسقط في استقرار المعامالت‬

‫‪36‬‬
‫كما أن سكوت الدائن عن المطالبة بحقه لمدة طويلة يعد قرينة على الوفاء األمر الذي ال يلزم‬
‫معه بقاء ذمة المدين محملة بالدين إلى ما ال نهاية ‪ ،‬وتقضي القاعدة العامة في المواد المدنية‬
‫بأن اإللتزام يتقادم بمضي خمس عشر سنة لكن مثل هذه القاعدة ال تتناسب وطبيعة المعامالت‬
‫التجارية التي تستلزم السرعة في أداء الديون بهدف تحقيق الربح عن طريق تداول الثروات حيث‬
‫حدد المشرع التجاري الجزائري مدة التقادم تحديدا قصير جدا في المسائل التجارية ففي الشركات‬
‫التجارية تتقادم كل الدعاوى ضد الشركاء غير المصفين بمرور خمس سنوات وكذا التقادم‬
‫بالسفتجة بمضي ثالثة أعوام من تاريخ اإلستحقاق‪.‬‬

‫الفقرة الثامنة‪ :‬النفاذ المعجل‬

‫النفاذ المعجل يقتضي تنفيذ الحكم رغم قابليته للطعن فيه بطرق الطعن العادية‪ ،‬وتقضي‬
‫القاعدة العامة بأن األحكام ال تقبل التنفيذ إال إذا أصبحت نهائية‪ ،‬أي حائزة لقوة الشيء المقضي‬
‫فيه‪ ،‬وال يجوز النفاذ المعجل فيها إال في حاالت إستثنائية‪ ،‬بينما في المسائل التجارية فيكون النفاذ‬
‫كما هو الشأن في‬ ‫المعجل بقوة القانون سواء كانت هذه األحكام قابلة للمعارضة أو اإلستئناف‬
‫تنفيذ حكم اإلفالس‪.‬‬

‫الفقرة التاسعة‪ :‬اكتساب صفة التاجر‬

‫من بين أهم اآلثار المترتبة عن التمييز بين العمل المدني و العمل التجاري‪ ،‬هو أن هذا األخير‬
‫إن قام به الشخص بصفة متكررة و على وجه االمتهان‪ ،‬فإنه يكسب صاحبه الصفة التجارية و‬
‫من ثم فإن حمل هذه يترب على صاحبها إخضاعه إلى نظام قانوني خاص يجعله يستفيد من‬
‫بعض المزايا‪ ،‬وفي المقابل يتقيد ببعض االلتزامات المتعلقة باكتساب الصفة التجارية ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫أنواع األعمال التجارية‬

‫تقسم األعمال التجارية حسب القانون التجاري الجزائري إلى أوال أعمال تجارية بحسب القانون‬
‫وهي بحسب الطبيعة أو الموضوع تقسم إلى أعمال منفردة وأعمال بحسب المقاولة وبحسب الشكل‬
‫كالسفتجة والشركات ومكاتب األعمال و المحل التجاري وعقود التجارة البحرية والجوية‪ ،‬وثانيا إلى‬
‫أعمال تجارية بالتبعية ‪.‬‬

‫ومعنى ذلك أن هذه األعمال هي التي حسم المشرع تحديد طبيعتها صراحة ولم يعد ثمة شك‬
‫في صفتها التجارية‪ ،‬حيث ال يجوز لألفراد مخالفة هذا الوصف تحت طائلة البطالن باعتبار‬
‫المشرع أراد إخضاع العمل لنظام قانوني معين هو القانون التجاري فال يجوز لهم إخضاعه لنظام‬
‫قانوني آخر‪ ،‬والمشرع في تعداده لهذه األعمال نجده لم يتبع معيا ار ثابتا فأحيانا يعتبر العمل‬
‫تجاريا ولو وقع منفردا‪ ،‬وتارة أخرى يشترط مباشرة العمل على وجه المقاولة بحيث أنه لو تم‬
‫مباشرة نفس العمل بصفة منفردة لما اعتبر تجاريا ‪ ،‬وقد جاءت هذه األعمال على سبيل المثال ال‬
‫الحصر ألن الحياة التجارية في تطور مستمر‪ ،‬و لدراسة مضمون هذه األعمال نقسم الدراسة إلى‬

‫المطلب األول ‪ :‬األعمال التجارية بحسب القانون‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬األعمال التجارية بالتبعية‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬األعمال المختلطة‬

‫‪38‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬األعمال التجارية بحسب القانون‬

‫نتناول بالدراسة في هذا المطلب األعمال التجارية بحسب الموضوع أو بالطبيعة أواألصلية‬
‫وتشمل األعمال التجارية المنفردة والمقاولة هذا من جهة ومن جهة أخرى ندرس طائفة أخرى من‬
‫األعمال عددها المشرع الجزائري أيضا في القانون التجاري وهي األعمال التجارية بحسب الشكل‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬األعمال التجارية بحسب الموضوع أو بالطبيعة‬

‫عدد المشرع الجزائري األعمال التجارية بحسب الموضوع أو بالطبيعة في المادة الثانية من‬
‫القانون التجاري الجزائري‪ ،‬وجمع فيها بين األعمال التجارية المنفردة وبين األعمال التجارية‬
‫بحسب المقاولة‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬األعمال التجارية المنفردة ( المادة الثانية من القانون التجاري )‬

‫يقصد باألعمال التجارية المنفردة األعمال التي اعتبرها المشرع تجارية بنص القانون دون‬
‫إعتداد بعدد مرات مزاولتها‪ ،‬أي حتى و لو بوشرت لمرة واحدة فقط‪ ،‬و دون إعتبار للشخص القائم‬
‫بها ‪ ،‬سواء كان تاج ار أم غير تاجر ‪ ،‬و هي تشمل شراء المنقوالت إلعادة بيعها بعينها أو بعد‬
‫تحويلها و شغلها‪ ،‬و العمليات المصرفية و عمليات الصرف و السمسرة و عمليات الوساطة لشراء‬
‫وبيع العقارات أو المحالت التجارية والقيم العقارية و كذا كل ما تعلق بالسفن و النشاطات البحرية‬

‫أوال ‪ :‬الشراء ألجل البيع‬

‫تعتبر عملية الشراء من أجل البيع من أهم مظاهر الحياة التجارية عن طريقها يتم التبادل‬
‫وتوزيع الثروات‪ ،‬و هي تأتي في مقدمة األعمال التجارية بوجه عام‪ ،‬واألعمال التجارية بوجه‬
‫خاص و يعني أن يكون هناك شراء سواء كان هذا الشراء وارد على منقول أو عقار‪ ،‬وأن يكون‬
‫هذا الشراء بقصد إعادة البيع ‪.‬‬

‫‪ – 1‬الشرط األول ‪ :‬الشراء‬

‫يجب أن يبدأ العمل التجاري بالشراء ‪ ،‬و ال يقصد من كلمة شراء الواردة في القانون الحصول‬
‫على البضاعة مقابل بدل نقدي‪ ،‬بل يقصد به كل حاالت الحصول على الشيء بمقابل سواء كان‬

‫‪39‬‬
‫نقديا أو أي ثمن آخر كما هو األمر في عقد المقايضة ‪ ،‬وهي مبادلة سلعة بسلعة وكذا إستئجار‬
‫العين بمعنى الحصول على منفعة الشيء في مقابل دفع األجر أما إذا إنتفى المقابل فال يكون‬
‫عنصر الشراء متحققا في هذه الحالة ‪ ،‬كما لو إكتسب الشخص أمواال عن طريق الهبة أو‬
‫الوصية أو الميراث ‪ ،‬وعمليات البيع التي يقوم بها المنتج األول لمنتجاته التي لم يسبق له الشراء‬
‫ال تعتبر عمليات تجارية كما في حاالت إستغالل الموارد الطبيعية و اإلنتاج الفكري إذ يتنافى‬
‫فيها عنصر الوساطة في تداول الثروات‬

‫‪ 1– 1‬مدى تجارية عمليات اإلنتاج الزراعي‬

‫تستبعد الزراعة من نطاق التجارة ‪ ،‬و بالتالي ال تعد األعمال التي يقوم بها المزارع تجارية‬
‫و ذلك النتفاء الشراء ‪ ،‬فبيع المزارع لمحصول أرضه يعتبر عمال مدنيا ‪ ،‬ألن عملية البيع لم‬
‫يسبقها الشراء فيطبق نفس الحكم على كل ما يلزم إنتاج المحصوالت الزراعية سواء فيما يتعلق‬
‫شراء البذور و األسمدة و شراء المواشي لتربيتها على األرض الزراعية و كذلك شراء اآلالت‬
‫الزراعية ‪ ،‬فاستبعاد الزراعة من نطاق التجارة تقليدا استقر منذ القدم ‪ ،‬و يرجع إلى أن الزراعة‬
‫سابقة في ظهورها على التجارة نظمها القانون المدني و ال يمكن أن تنزع من نطاقه زيادة إلى أن‬
‫المزارع يمثل طبقة إجتماعية منفصلة تماما بعاداتها و تقاليدها عن طبقة التجار‬

‫و قد إنتقد بعض الفقه مسألة إستبعاد الزراعة من نطاق تطبيق القانون التجاري بصورة‬
‫مطلقة و ذهب هؤالء إلى أن التقدم و التطور الحديث الذي ط أر على اإلستغالل الزراعي قد شجع‬
‫كثي ار على القيام العديد من المشروعات الزراعية الضخمة و التي تستند في عملها إلى تنظيم‬
‫يشتبه في وسائله و أساليبه إلى حد كبير بالمشروعات التجارية ‪ ،‬ال سيما استخدام الغير أو‬
‫المضاربة على عملهم و اإلستعانة باآلالت و طرق المحاسبة الحديثة و الحصول على اإلئتمان‬
‫من البنوك و كذلك الطرق المتبعة في اإلعالن عن المنتجات أو المحاصيل الزراعية ‪ ،‬لذلك فقد‬
‫نادى هذا الفريق من الفقه بتطبيق قواعد القانون التجاري على عمليات اإلستغالل الزراعي التي‬
‫تأخذ شكل المشروع أو المقاولة قياسا على المقاوالت التجارية ‪ ،‬لذا نادى بعض الفقه بضرورة‬
‫إدخال الزراعة في المجال التجاري ‪ ،‬ألن مثل هذا الحل من شأنه أن يحقق مصلحة المزارعين‬
‫أنفسهم إذ يقوي إئتمانهم و يضمن سير نشاطهم على نهج سليم ‪ ،‬وإذا كان اإلستغالل الزراعي‬

‫‪40‬‬
‫يعد عمال تجاريا إذا ما إستغل بشكل كبير ‪ ،‬فإن نفس الحكم يسري على إستثمار الغابات‬
‫والمالحة والمياه المعدنية و المحاجر و المناجم‪.‬‬

‫و قد ثار خالف في الفقه و القضاء حول تصنيع المنتجات الزراعية و إعادة بيعها‪ ،‬فإذا كان‬
‫التصنيع مكمال للنشاط الزراعي يعد العمل مدنيا‪ ،‬أما إذا تغلب التصنيع على اإلستغالل الزراعي‬
‫فيكتسب العمل الصفة التجارية‪ ،‬ففي هذه الحالة يجب األخذ بعين اإلعتبار النشاط الرئيسي أي‬
‫العبرة بالنشاط األصلي‪.‬‬

‫إن الصعوبة تظهر في كيفية تحديد النشاط الرئيسي ومتى يمكن القول بأن المزارع أصبح‬
‫يمارس أعمال تجارية‪ ،‬إن محكمة الطعن الفرنسية قررت بصفة واضحة بأن بيع المنتوجات‬
‫الزراعية كالحبوب والخضر والفواكه وتطبق هذه القاعدة حتى على بيع الخشب من طرف مالك‬
‫الغابة‪ ،‬كما ال يعتبر عمال تجاريا تحويل الحليب إلى جبن أو الشمندر إلى سكر‪ ،‬غير أنه إذا‬
‫أصبح التحويل أهم من إستغالل المزرعة أي أن النشاط تحول إلى مؤسسة تصنع فإن األعمال‬
‫التي يقوم بها المزارع تصبح أعمال تجارية‬

‫وبالتالي إنتفاء الصفة التجارية عن الزراعة وما تستلزمه من أعمال ينطبق فقط على النشاط‬
‫الزراعي في صورته البسيطة ‪ ،‬و مع ذلك فالمشكلة تدق بالنسبة للحاالت التي يقرن فيها المزارع‬
‫عمليات اإلنتاج الزراعي بأعمال أخرى هي بطبيعتها أعمال تجارية‪ ،‬مثال ذلك أن يستغل أحد‬
‫المزارعين وجود أرض زراعية لديه فيقوم بشراء بعض الحيوانات أو المواشي الصغيرة لتربيتها‬
‫عليها إلى أن تكبر فيبيعها أو الناتج منها بقصد تحقيق الربح ‪ ،‬أو يقوم بشراء البذور وزراعتها ثم‬
‫يبيع غالل أرضه بعد طحنها ‪ ،‬أو يسعى إلى شراء محاصيل أرض غيره لبيعها مع محاصيله‬
‫الزراعية ‪.‬‬

‫و السؤال الذي يثور في مثل هذه الحاالت وغيرها هو هل تظل هذه األعمال محتفظة‬
‫بطابعها التجاري أم أن إرتباطها باإلستغالل الزراعي والذي هو عمل مدني يغير من طبيعتها‬
‫لتصبح أعماال مدنية ؟‬

‫اإلجابة على هذا التساؤل يمكن إستخالصها من األحكام العديدة التي أصدرها القضاء في‬
‫دعاوى كثيرة عرضت عليه في هذا الصدد ‪ ،‬فقد أخذت المحاكم بقاعدة الفرع يتبع األصل‬

‫‪41‬‬
‫وتطبيق هذه القاعدة يقتضي أن نبحث في العالقة بين اإلستغالل الزراعي وما يرتبط به من‬
‫عمل تجاري عن النشاط الرئيسي أو األكثر أهمية عن اآلخر‪ ،‬ومن ثم إذا كان واقع الحال يشهد‬
‫بأن العمل الزراعي يستحوذ على معظم وقت و جهد المزارع‪ ،‬فإن قيامه بتربية بعض المواشي أو‬
‫الدواجن أو الطيور على أرضه ثم بيعها أو ناتجها بعد ذلك ينطمس تحت غلبة النشاط الزراعي‬
‫فيفقد صفته التجارية ويصبح عمال مدنيا‪ ،‬أما إذا تبين أن المزارع قد اشترى أو إستأجر أرضا‬
‫لتربية ما يشتريه من ماشية عليها تمهيدا لبيعها بعد ذلك بسعر أعلى فإن أي زراعة يقوم بها في‬
‫هذه األرض إنما تكون بمثابة نشاط تابع للنشاط التجاري األصيل وبالتالي تكتسب الطابع التجاري‬

‫كذلك وفي الحالة التي يقوم فيها المزارع بتحويل منتجات أرضه ثم بيعها بعد صنعها كتحويل‬
‫القمح إلى دقيق ‪ ،‬إذا إقتصر العمل الصناعي على منتجات هذا المزارع وحده على نحو يبدو معه‬
‫هذا العمل ثانويا بالنسبة لعمل الزراعة‪ ،‬فقدت الصناعة التحويلية طابعها التجاري وتصبح عمال‬
‫مدنيا تابعا للنشاط الزراعي الرئيسي‪.‬‬

‫أما إذا أخذت الصناعة التحويلية حجما ضخما يغطي العمل الزراعي بحيث يظهر هذا‬
‫األخير مجرد عمل تابع لهذه الصناعة فإن العمل ككل يصطبغ بالصبغة التجارية كما لو قامت‬
‫إحدى شركات السكر بشراء أو إستئجار أرض وزراعتها قصبا لمد مصانعها بالمادة األولية‬
‫الالزمة لصناعة السكر أو إذا امتدت الصناعة التحويلية التي يقوم بها المزارع لتشمل أيضا‬
‫منتجات الغير إلى جانب منتجاته‪.‬‬

‫أخي ار وحينما يقوم المزارع بشراء منتجات أرض الغير وإعادة بيعها مع منتجاته‪ ،‬فإن تجارية أو‬
‫مدنية هذا العمل تتوقف على ما إذا كانت كمية المحاصيل التي اشتراها تفوق أو تقل عن‬
‫الكميات التي تنتجها أرضه‬

‫‪ : 2– 1‬مدى تجارية عمليات اإلنتاج الذهني و الفني‬

‫ال يعتبر عمال تجاريا بيع اإلنتاج الفكري إذا من المؤلف نفسه ألنه لم يسبقه شراء وعلى هذا‬
‫اعتبر مدنيا بيع المؤلف لمؤلفاته ‪ ،‬سواء أقام بطبع كتابه بنفسه و على نفقته و نشره بنفسه أو‬
‫عهد بذلك لناشر ويدخل في عداد األعمال السابقة أعمال التأليف و رسم اللوحات ونحت‬
‫التماثيل والتصوير والتلحين واإلخراج السينمائي أو المسرحي والتمثيل والغناء والرقص والطرب‬

‫‪42‬‬
‫وتحتفظ األعمال السابقة بطبيعتها المدنية حتى و لو لجأ أصحابها في سبيل إنتاجها إلى شراء‬
‫بعض األدوات واآلالت مثل األوراق للتأليف عليها واأللوان والزيوت للرسم واآلالت الموسيقية‬
‫للتلحين بها واألحجار للنحت عليها‪ ،‬فهذه األدوات أو اآلالت تمثل جانبا ثانويا في عملية البيع‬
‫التي ترتكز وبصفة جوهرية أو رئيسية على اإلنتاج الفكري أو الفني ذاته ‪.‬‬

‫وعلى خالف الوضع بالنسبة ألصحاب اإلنتاج الذهني و الفني‪ ،‬يعتبر عمال تجاريا كل عمل‬
‫يهدف إلى التوسط في تداول هذا اإلنتاج بين أصحابه والجمهور‪ ،‬فهذا العمل يتوافر له عناصر‬
‫الشراء من أجل البيع وتحقيق الربح ‪ ،‬وبالتالي وعلى سبيل المثال فإن الناشر الذي يقوم بشراء‬
‫أعمال المؤلف أو الملحن لطبعها ثم بيعها بعد ذلك للجمهور بهدف الربح إنما يقوم بعمل تجاري‬
‫يخضع فيه لقواعد القانون التجاري‪ ،‬وينطبق ذات الحكم أيضا على عمل منتج الفيلم أو المسرحية‬
‫أو موزع األسطوانات أو الكاسيت‪ ،‬فهدف هؤالء جميعا هو المضاربة على عمل أصحاب اإلنتاج‬
‫الذهني و الفني ذاته و تحقيق الربح من وراء ذلك‪.‬‬

‫أما بالنسبة إلصدار الصحف و المجالت فقد جرى القضاء الفرنسي على التمييز بين ما إذا‬
‫كان إصدار الصحيفة أو المجلة يرمي إلى جني الربح أو ال ‪ ،‬فإذا كان اإلصدار يهدف إلى‬
‫المضاربة و الوساطة في تداول األفكار ‪ ،‬فإن هذه األعمال تعتبر من قبيل األعمال التجارية أما‬
‫إذا كان غرض المجلة أو الصحيفة ينحصر في نشر أفكار سياسية أو أدبية أو إجتماعية أو‬
‫صحية كالمجالت التي تصدرها الجامعات و الهيئات القضائية و الدينية و العلمية فإن إصدارها‬
‫يعد عمال مدنيا حتى لو قامت بنشر إعالنات طالما كان نشر اإلعالنات يعد عمال ثانويا بالنسبة‬
‫للغرض الرئيسي للصحيفة أو المجلة‪.‬‬

‫‪ : 3– 1‬مدى تجارية أعمال المهن الحرة‬

‫يقصد بالمهن الحرة أي عمل يشكل تقديمه فائدة للجمهور من خالل استخدام شخص القائم‬
‫به لملكاته الذهنية و ما يتميز به من خبرة و كفاءة شخصية أو علمية أو فنية ‪ ،‬و ذلك لقاء‬
‫مقابل يطلق عليه األتعاب‪ ،‬حيث تتميز المهن الحرة بخاصيتين أساسيتين‪ ،‬األولى أنها تعد عمال‬
‫ذهنيا و الثانية هي أن الغرض منها ال ينحصر في جني الربح و مثال هذه المهن المحاماة‬
‫المحاسبة‪ ،‬الطب‪ ،‬التعليم‪ ،‬الهندسة‪ ،‬فالمهن الحرة تقوم على استغالل العمل العقلي أساسا حيث‬

‫‪43‬‬
‫أن البحث عن الربح دافع ثانوي في هذه األعمال وهي تقوم على استغالل مباشر للملكات الفنية‬
‫والفكرية وهم يباشرون أعمالهم إنما يقدمون خدمات لعمالئهم مقابل أجر هو من قبيل اإللتزام‬
‫المدني ‪ ،‬خاصة و أن قوام مباشرة هذه المهن الحرة مبنية على الثقة الشخصية بين من يمارسها‬
‫وعمالئه ويبقى عمل الطبيب مدنيا و لو مارس عمال تجاريا كبيع األدوية لعمالئه أو قام ببناء‬
‫مستشفى‪ ،‬ألن هذه األعمال ال تدخل في نطاق وظيفته الرئيسية التي هي عمل مدني بحث‬
‫إضافة على ذلك فإن مباشرة المهن الحرة يتطلب تحقيق عمل فكري محض في حين أن التجارة‬
‫تتطلب في كثير من األحيان إنجاز أعمال مادية كنقل السلع من مكان آلخر أو تحويلها قبل‬
‫بيعها ‪.‬‬

‫على العكس فإن عمل صاحب المهنة الحرة يفقد صفته المدنية إذا تجاوزت أهمية العمل‬
‫التجاري الذي يقوم به حدود نشاطه المهني‪ ،‬ففي هذه الحالة تتراجع المهنة الحرة إلى المرتبة‬
‫الثانية لتقف خلف النشاط التجاري لصاحبها وتتبعه على نحو يصبح عمله في النهاية تجاريا‬
‫وعلى ذلك يعتبر عمال تجاريا قيام أحد األطباء ببيع أدوية وعقارات طبية ألشخاص أخرى غير‬
‫مرضاه‪ ،‬أو قيامه بإنشاء مستشفى أو مركز طبي يقدم فيه لمرضاه خدمة شاملة تغطي اإلقامة‬
‫واألدوية واألغذية طوال فترة عالجهم‪ ،‬فالمضاربة على هذه الخدمات صارت هي موضوع العمل‬
‫الرئيسي واألساسي للطبيب في المثالين السابقين ‪.‬‬

‫كما أثار عمل الصيدلي حفيظة الفقه و القضاء ‪ ،‬إذ لوحظ في البداية أن هذا النوع من األعمال‬
‫تتوافر فيه عناصر المهن الحرة‪ ،‬فهو يعتمد كثي ار على ما يبذله الصيدلي من مجهود ذهني‬
‫وعلى خبرته العلمية في تحضير األدوية التي يبيعها ‪ ،‬ومع ذلك فقد استقر الفقه و القضاء فيما‬
‫بعد على تجارية عمل الصيدلي واعتبار هذا األخير تاجرا‪ ،‬وقد جاء هذا الرأي نتيجة التطور الذي‬
‫ط أر على صناعة األدوية في الوقت الحاضر ‪ ،‬فالعديد من أنواع هذه األدوية يتم اآلن شراؤها من‬
‫مصادرها بمعرفة الصيدلي ثم بيعها مرة أخرى بحالتها أو بعد تجهيزها تجهي از بسيطا األمر الذي‬
‫تضاءل معه استغالل الذهن و الخبرة العلمية‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ – 2‬الشرط الثاني‪ :‬أن يرد الشراء على منقول أو عقار‬

‫لكي يعتبر العمل تجاريا يجب أن يرد الشراء على عقار أو منقول‪ ،‬وإن كانت بعض‬
‫التشريعات تقصر الش ارء على المنقول فحسب دون العقارات‪ ،‬وتستبعد هذه األخيرة من مجال‬
‫القانون التجاري نسبة إلى القاعدة التقليدية التي تقضي بأن‪( :‬القانون التجاري‪ ،‬قانون المنقوالت‬
‫والقانون المدني‪ ،‬قانون العقارات) ‪.‬‬

‫وتقوم هذه القاعدة على أساس أن العقا ارت ال تتسم طبيعتها بروح السرعة والتبسيط التي‬
‫يقوم عليها القانون التجاري‪ ،‬غير أن المشرع الجزائري ساير التطور اإلقتصادي الحديث فأدخل‬
‫العقارات في القانون التجاري نظ ار لكون هذه األخيرة أصبحت تشكل مضاربات عقارية ذات أهمية‬
‫بالغة تتم حاليا برأس مال كبير األمر الذي يجعلها تحتاج إلى إئتمان كبير بحيث لو أخذنا‬
‫بمدنيتها لحرم الغير الذي يتعامل مع القائمين بها من ضمانات القانون التجاري و من أهمها‬
‫إشهار إفالس هؤالء المضاربين‪.‬‬

‫والشراء يمكن أن ينصب على المنقوالت المادية أو المعنوية أو المنقوالت بحسب المآل‬
‫والمنقول هو ما يمكن نقله و تحويله من مكان إلى آخر دون تلف أو تغيير في هيئته ‪ ،‬ويكون‬
‫المنقول ماديا كالبضائع على اختالف أنواعها والسلع‪ ،‬ومعنويا كالمحل التجاري والديون‬
‫واألسهم والسندات وحقوق الملكية الصناعية كبراءات اإلختراع والعالمات والرسوم‬
‫والنماذج الصناعية وكل هذه المنقوالت المعنوية يجوز شراؤها وبيعها أسوة بالمنقوالت المادية أما‬
‫المنقوالت بحسب المآل فهو عقار تقرر مصيره فأصبح على وشك الهدم بحيث يدخل اإلعتبار‬
‫عند التعامل به باعتباره مال منقول بحسب النتيجة التي سيصير إليها قريبا كما هو الحال في‬
‫شراء منزل بقصد هدمه و بيعه أنقاضا‪ ،‬أو شراء األشجار بقصد قطعها وبيعها أخشابا ‪.‬‬

‫أما المقصود بشراء العقار فهو شراء الحق العقاري ذاته كالملكية‪ ،‬أما إستئجار عقار بقصد‬
‫إعادة تأجيره فال يعتبر واردا على عقار ألنه ينصب على المنفعة وهي منقول ويعتبر أيضا من‬
‫األعمال التجارية‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ – 3‬الشرط الثالث‪ :‬قصد البيع وتحقيق الربح‬

‫يعتبر الشراء ألجل اإلستعمال واإلستهالك الشخصي عمال مدنيا‪ ،‬فنية البيع هي العنصر‬
‫الذي يمكن به التمييز بين البيع التجاري والبيع المدني‪ ،‬حيث ما يجعل من البيع عمل تجاري هو‬
‫ما يهدف إليه هذا البيع أي تحقيق المضاربة‪.‬‬

‫فيكفي لتجارية الشراء أن تتوافر لدى المشتري نية إعادة البيع وقت حدوث الشراء دون شرط‬
‫تحقق هذا البيع بالفعل ‪ ،‬فطالما أن الشخص قد اشترى شيئا بقصد بيعه فإن عمله يكتسب الصفة‬
‫التجارية حتى و لو عدل عن قصده فيما بعد واستبقى الشيء الستعماله الخاص‪ ،‬أو هلك هذا‬
‫الشيء بعد شرائه‪ ،‬على العكس فإن شراء الشيء بقصد اإلستهالك الشخصي يعتبر عمال مدنيا‬
‫حتى ولو كان هذا الشيء قد إرتفع ثمنه في وقت الحق على نحو جعل المشتري يبيعه بربح وذلك‬
‫النتفاء نية البيع وقت الشراء ‪ ،‬وكذلك األمر فيما يتعلق بالشراء أو باإلستئجار ألجل التأجير فال‬
‫يكون العمل تجاريا إال إذا كانت الغاية من وراء ذلك هو التأجير‪ ،‬يجب أيضا أن تتوفر فيه نية‬
‫البيع أو التأجير عند الشراء أو اإلستئجار ‪.‬‬

‫لذلك ال يعتبر العمل تجاريا عندما يشتري الشخص أو يستأجر منقوال أو عقا ار بقصد‬
‫استعماله الشخصي ثم بعد الشراء أو اإلستئجار يعدل عن اإلستعمال فيبيع ما اشتراه أو يؤخره‪.‬‬

‫وعلى العكس من ذلك يظل العمل تجاريا عندما يثبت قصد البيع أو التأجير عند الشراء ثم‬
‫يعدل المشتري أو المستأجر بعد ذلك ويحتفظ بالشيء الستعماله الشخصي‪ ،‬ويبقى العمل تجاريا‬
‫حتى ولو تم البيع بعد تحويل المنقول أو تصنيعه كشراء األقمشة ألجل صنعها ثيابا أو ش ارء‬
‫البرتقال ألجل تحويله إلى عصير‪.‬‬

‫وزيادة على ذلك نصل إلى الغاية النهائية من العمل التجاري و هي تحقيق الربح‪ ،‬لذلك فقد تتم‬
‫كل هذه العمليات للوصول إلى هدف نهائي بات و هو الحصول على أرباح وفيرة‪ ،‬أما إذا انتقلت‬
‫نية تحقيق الربح أو كانت غير متوفرة فال يكون العمل تجاريا‪ ،‬غير أن ذلك ال يعد شرطا للعمل‬
‫التجاري لذلك يبقى العمل تجاريا حتى و لو نتج عنه خسارة‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫وكذلك يبقى العمل تجاريا إذا لجأ المشتري إلى بيع البضاعة بثمن الشراء أو بأقل منه تفاديا‬
‫لتلفها أو رغبة منه في القضاء على منافسيه ألنه يأمل بعد ذلك أن يحتكر السوق ويرفع األسعار‬
‫بعد ذلك سيصل إلى تحقيق الربح الالزم‪.‬‬

‫ويقع عبء إثبات البيع على من يدعي تجارية الشراء ويتم ذلك بكافة طرق اإلثبات بما فيها‬
‫البينة والقرائن‪ ،‬ويكون األمر ميسو ار إذا ما وقع الشراء من تاجر وكان موضوع الشراء سلعة من‬
‫السلع التي يتجر فيها عادة‪ ،‬إذ توجد قرينة على أن شراء السلعة كان بقصد البيع غير أن هذه‬
‫القرينة بسيطة يمكن دحضها وإثبات عكسها وعلى كل فإن نية البيع يمكن أن تستنتج من‬
‫الظروف المحيطة بالتصرف‪ ،‬مثال ذلك أن تكون الكميات المشتراة كبيرة بحيث تفوق حاجة‬
‫اإلستهالك الشخصي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬العمليات المصرفية وعمليات الصرف‬

‫جميع األعمال المصرفية وعمليات الصرف تقوم بها في بالدنا البنوك‪ ،‬ومن ثمة فهي أعمال‬
‫تجارية بموضوعها بالنسبة لهذه البنوك‪ ،‬ولو تمت بصفة منفردة ولصالح شخص غير تاجر‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة للعميل أو الزبون فإنها تعد أعماال تجارية بالتبعية إذا كان هذا العميل تاج ار وكانت هذه‬
‫األعمال متعلقة بتجارته‪ ،‬أو كان غير تاجر ولكن العمليات التي أجراها مع البنك كانت بغرض‬
‫عمل تجاري كشراء البضائع ألجل بيعها‪.‬‬

‫ويقصد بأعمال الصرف مبادلة النقود‪ ،‬سواء نقود وطنية بنقود أجنبية أو نقود أجنبية بنقود‬
‫أخرى‪ ،‬و يكون الصرف على نوعين إما يدوي أو محلي ‪ ،‬أو صرف مسحوب ‪.‬‬

‫فالصرف اليدوي يتم بالتسليم‪ ،‬بينما يتم الصرف المسحوب بتسليم الصراف مبلغا من النقود في‬
‫بلد معين على أن يسلم ما يقابله نقودا أجنبية في بلد آخر‪ ،‬و ينفذ عقد الصرف مثل هذه الحالة‬
‫بواسطة رسائل اإلعتماد أو الحوالة أو الشيك‪ ،‬و يتقاضى الصراف عادة عمولة على العملية التي‬
‫يجريها و قد يستفيد أحيانا من فرق أسعار النقد في الزمان والمكان وتقوم المصارف بعمليات‬
‫متعددة كعمليات اإلئتمان و الودائع و فتح الحسابات الجارية و خصم األسناد التجارية‪ .‬وتعتبر‬
‫جميع المعامالت التي تقوم بها المصارف تجارية ولو كانت متعلقة بعقارات كالقروض التي‬
‫تمنحها المصارف بضمان عقاري ولكن الصفة التجارية ال تالزم العملية إال بالنسبة للمصرف‪،‬‬

‫‪47‬‬
‫وأما بالنسبة للعميل فتعتبر تجارية إذا كان تاج ار ومتعلقة بتجارته‪ ،‬وتكون لها الصفة المدنية إذا لم‬
‫يكن تاج ار أو كانت غير متعلقة بتجارته‪ ،‬وعلى هذا فإن المبادلة الودية للنقود والتي تتم بين‬
‫صديقين ال تعتبر عمال تجاريا‪ .‬أما عمليات البنوك فتعتبر جميعها من قبيل األعمال التجارية‬
‫حتى ولو وقعت مرة واحدة هذا بالنسبة للبنك وبالنسبة إلى العميل فتعتبر تجارية إذا كان تاج ار‬

‫ثالثا‪ :‬عمليات السمسرة‬

‫عمل السمسرة يعني قيام شخص يسمى السمسار بالتوسط في العالقات التعاقدية من أجل‬
‫التوفيق والتقريب بين أطرافها وذلك لقاء حصوله على أجر‪ ،‬يطلق عليه العمولة‪ ،‬يتمثل عادة في‬
‫نسبة مئوية معينة من قيمة الصفقة المراد إبرامها‪ ،‬فالسمسار هو من يحاول التقريب‬
‫والتوفيق بين البائع والمشتري في عقد البيع‪ ،‬أو بين المؤجر والمستأجر في عقد اإليجار أو بين‬
‫المؤمن والمؤمن له في عقد التأمين‪ ،‬وذلك نظير نسبة مئوية من الثمن في حالة البيع أو من‬
‫األجرة في حالة اإليجار أو من قسط التأمين في حالة التأمين‪.‬‬

‫ويفترق السمسار بعمله هذا عن عمل كل من الوكيل التجاري و الوكيل بالعمولة فهو وإن كان‬
‫يتوسط بين طرفي العقد المراد إبرامه ال يمثل أيا منهما وال يعد طرفا موقعا على العقد وبالتالي إذا‬
‫نجح السمسار في وساطته وأبرم العقد بين طرفيه فإن أية حقوق و التزامات يرتبها هذا العقد إنما‬
‫تكون لصالح أو على عاتق طرفيه فقط بمنأى عن السمسار الذي ينتهي دوره بمجرد إبرام العقد‬
‫سواء نفذ هذا العقد بعد ذلك أم لم ينفذ‪ ،‬فالسمسار كقاعدة عامة غير مسئول عن تنفيذ العقد‬
‫المبرم إثر وساطته ال بصفته الشخصية و ال كضامن ألحد طرفيه‪.‬‬

‫والمشرع الجزائري اعتبر صراحة عمل السمسار أيا كان يعد عمال تجاريا دون تمييز بين‬
‫الصفقات التي يبرمها أكانت مدنية أم تجارية‪ ،‬لذا فعمل السمسار يعد عمال تجاريا بالنسبة‬
‫للسمسار أما بالنسبة لألطراف المتعاقدة فإن األمر يتوقف على طبيعة التعاقد الذي يقومون به‬
‫وعلى صفتهم‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األعمال التجارية بحسب المقاولة‬

‫إلى جانب األعمال التجارية المنفردة نص المشرع الجزائري على طائفة أخرى من األعمال ال‬
‫تكتسب الصفة التجارية إال إذا وقعت في صورة مقاولة أو مشروع‪ ،‬أتى بها على سبيل المثال ألن‬

‫‪48‬‬
‫األعمال التجارية التي تتم وتنجز في شكل مقاوالت هي في تزايد مستمر وتطور‪ ،‬ومن أجل‬
‫اإللمام بها في هذه الدراسة نقوم أوال بتحديد مفهوم المقاولة ثم نتطرق إلى مختلف هذه المقاوالت‬
‫حسب طبيعة نشاط مل منها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم المقاولة‬

‫وتكون المقاولة تجارية عندما يكون الهدف منها ـ ـ ـ ـ في شكل مهنة بالنسبة للشخص الطبيعي أو‬
‫في شكل غرض أو محل بالنسبة لشركة ـ ـ ـ ـ اإلنتاج التجاري بمعنى ممارسة األعمال التجارية التي‬
‫تشكل األساس العقالني للقانون التجاري‪.‬‬

‫و نبحث في دراستنا عن األعمال التجارية تميي از لها عن األعمال المدنية لكونها تمت في‬
‫شكل مقاولة كما نص عليه المشرع الجزائري في المادة الثانية من القانون التجاري الجزائري‬
‫بحيث يمكن القول أنه بجانب العمليات التي تشكل في حد ذاتها أعماال تجارية و تكتسب هذه‬
‫الصفة بغض النظر عن القائم بها فإن المشرع نص على مجموعة من العمليات التي تتصف‬
‫بالصفة التجارية إذا تمت في شكل مقاولة‪.‬‬

‫حيث عرفها اسكار بأنها تكرار األعمال التجارية على وجه اإلحتراف بناء على تنظيم مهني‬
‫سابق‪ ،‬بمعنى أنه ال بد من توافر عنصرين في المقاولة حتى تكتسب الصفة التجارية‪:‬‬

‫ـ ـ ـ ـ تكرار العمل أي القيام بالنشاط بصورة منتظمة ومعتادة‬

‫ـ ـ ـ ـ وجود تنظيم مهني‪ :‬ال يكفي الكتساب العمل صفة تجارية أن يكون بصورة معتادة قبل أن‬
‫يكون بصورة تنظيم مادي يشتمل على مجموعة من الوسائل المادية والقانونية الالزمة لممارسة‬
‫هذا النشاط‪.‬‬

‫فبتكرار العمل يتميز العمل التجاري بالمقاولة بشكل جلي عن العمل التجاري المنفرد ولكن هذا‬
‫التكرار ال يكفي وحده إلضفاء صفة المقاولة على العمل إذا لم تتم هذه األعمال بواسطة مجموعة‬
‫من الوسائل من توظيف المستخدمين واستعمال العتاد والتجهيزات وتوفر العقارات الخاصة بهذا‬
‫النشاط والمهيأة والتي تستخدم كلها للقيام بهذا العمل ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫ثانيا‪ :‬تصنيف المقاوالت التجارية‬

‫بالرجوع إلى المشرع الجزائري نجده عدد المقاوالت التي يمكن تصنيفها كما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـــــــ مقاولة تأجير المنقوالت والعقارات‬

‫تأجير المنقوالت والعقارات عمال تجاريا إذا حدثت على سبيل التكرار واتخذت شكال منظما‬
‫يستوي أن يكون التأجير وارد على منقول أو عقار‪ ،‬وقد أضفى المشرع على هذه األعمال الصفة‬
‫التجارية إذا تم ممارستها في شكل مشروع الهدف من وراءه القيام بالمضاربة و تحقيق الربح‪ ،‬فأراد‬
‫المشرع حينئذ حماية المتعاملين مع أصحاب هذه المشروعات فأصبغ الطابع التجاري على‬
‫اإللتزامات الناتجة عن األعمال التي تزاولها هذه المشروعات و أخضعهم اللتزامات التجار منها‬
‫مسك الدفاتر التجارية والقيد في السجل التجاري ودفع الضرائب على األرباح التجارية‬
‫والصناعية‪ ،‬مثال ذلك قيام شخص بتأجير السيارات أو تأجير منزل و جعله فندقا أو مكان للعالج‬
‫أو للتعليم‪.‬‬

‫‪ 2‬ـــــــ مقاولة اإلنتاج أو التحويل أو اإلصالح‬

‫يسميها البعض مشروع أو مقاولة الصناعة‪ ،‬وهي عبارة عن إنتاج مواد أولية وتحويلها إلى‬
‫سلع صالحة لقضاء حاجات اإلنسان‪ ،‬وهي تعتبر أعمال داخلة في إطار الصناعة‪ ،‬ذلك أن‬
‫الصناعة عبارة عن عملية تحويل المادة األولية أو المادة نصف المصنوعة إلى سلعة معينة سواء‬
‫كانت المقاولة عبارة عن إنتاج زراعي أو ال‪ ،‬كمن يقوم بإنتاج الزيتون و يقدمه إلى المعصرة‬
‫الستخراج الزيت منه‪ ،‬أو كمن يقوم بإنتاج القطن و يقوم بتحويله إلى نسيج أو بإنتاج المواد الخام‬
‫و صناعتها كاستخراج الحديد و صناعة السيارات‪.‬‬

‫وتعتبر هذه المقاولة عمال تجاريا لقيامها على الوساطة بين عمل العمال و جمهور‬
‫المستهلكين‪ ،‬فضال عن وجود المضاربة و قصد تحقيق الربح فيه‪ ،‬كما يعد الصانع تاج ار وال فرق‬
‫في ذلك إن كان صاحب المصنع قد اشترى السلعة لصنعها أو أنها سلمت إليه ليتولى صنعها أو‬
‫تحويلها أو إصالحها ويردها للعميل‪ ،‬مثال ذلك أن يتولى المقاول صناعة أقمشة الغير أو طحن‬
‫حبوبه أو إصالح سيارته ‪ ،‬فمفهوم المقاولة الصناعية الذي أخذ به المشرع الجزائري إنما يحتوي‬
‫على الصناعات التي ترد فيها عمليات شراء أو بيع‪ ،‬كما أنه يرد على نشاط صانع والذي ينصب‬

‫‪50‬‬
‫على مال الغير دون وجود شراء أو بيع من جانب الصانع ‪ ،‬وهذا ما سبق للقضاء الفرنسي أن‬
‫قال به على أن الصناعة بالمعنى المتقدم ال تعتبر عمل تجاري إال إذا اتخذت شكل المقاولة بما‬
‫تتطلبه هذه المقاولة من امتهان األعمال الصناعية عن طريق التكرار في إطار مهني منتظم‪.‬‬

‫ويسري األمر كذلك على باقي المقاوالت التي أتى بها المشرع الجزائري والمتمثلة في‪:‬‬

‫‪ / 3‬مقاولة للبناء أو الحفر أو لتمهيد األرض‬

‫‪ / 4‬مقاولة للتوريد أو الخدمات‬

‫‪ / 5‬مقاولة الستغالل المناجم أو المناجم السطحية أو مقالع الحجارة أو منتوجات األرض‬

‫‪ / 6‬مقاولة استغالل النقل واإلنتقال‬

‫‪ / 7‬مقاولة استغالل المالهي العمومية أو اإلنتاج الفكري‬

‫‪ / 8‬مقاولة التأمينات‬

‫‪ / 9‬مقاولة استغالل المخازن العمومية‬

‫‪ / 11‬مقاولة بيع السلع الجديدة بالمزاد العلني بالجملة أو األشياء المستعملة بالتجزئة‬

‫‪ / 11‬مقاولة صنع أو شراء أو بيع أو إعادة بيع السفن للمالحة البحرية ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬األعمال التجارية بحسب الشكل‬

‫نص المشرع الجزائري في المادة الثالثة على مجموعة من األعمال واعتبرها أعماال تجارية‬
‫ّ‬
‫بحسب شكلها‪ .‬ومعنى ذلك أن هذه األعمال متى تمت وفقا لألشكال التي حددها بها القانون‪،‬‬
‫فإنها تعتبر أعماال تجارية بصرف النظر عن موضوعها وسنتعرض فيما يلي إلى هذه األعمال‬
‫بشيء من التفصيل في نقاط متتالية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التعامل بالسفتجة‬

‫نص عليها المشرع الجزائري واعتبرها عمال تجاريا مهما كان األشخاص المتعاملين بها‬
‫واشترط فيها مجموعة من البيانات اإللزامية التي يجب أن تتضمنها السفتجة وإال عادت سندا‬

‫‪51‬‬
‫عاديا وقد جعل المشرع السفتجة أداة من أدوات التعامل التجاري رغبة منه في توحيد النظام‬
‫القانوني الذي يحكم الدين الثابت فيها حتى يطمئن المتعاملين بها وحماية وحفظا لحقوقهم بسبب‬
‫ما قدمه التشريع من ضمانات ‪ ،‬وأخي ار فإن التعامل بالسفتجة يعتبر العمل فيه عمال تجاريا سواء‬
‫كان اإللتزام مدنيا أو تجاريا و أيا كانت صفة الموقع على هذه الورقة مظه ار أو راهنا أو ضامنا ‪،‬‬
‫إال أن المشرع الجزائري قد أورد استثناء على القاعدة عندما نص على أن السفتجة التي توقع من‬
‫القصر الذين ليسوا تجا ار تكون باطلة بالنسبة لهم بدون أن ينال ذلك من الحقوق التي يختص بها‬
‫كل من الطرفين‪ ،‬حيث أراد المشرع من هذا اإلستثناء أن يحمي القاصر من قواعد القانون‬
‫التجاري الصارم وخاصة منها نظام اإلفالس الذي يرتب جزاءات جنائية وأخرى مدنية زيادة عن‬
‫الكثير من اإلجراءات القاسية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الشركات التجارية‬

‫اعتبر المشرع الجزائري الشركات التجارية عمال تجاريا بحسب الشكل‪ ،‬وحدد الطابع التجاري‬
‫للشركة إما بالشكل أو الموضوع‪ ،‬وتعد الشركات بسبب شكلها مهما كان موضوعها شركات‬
‫المساهمة وشركات التضامن وشركات المسؤولية المحدودة وشركات التوصية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬الوكاالت و مكاتب األعمال‬

‫يقصد بها تلك الوكاالت ومكاتب األعمال التي يقوم فيها األشخاص بأداء شؤون الغير مقابل‬
‫أجر يحدد بمبلغ ثابت يتم اإلتفاق عليه مسبقا أو يحدد بنسبة مئوية من قيمة الصفقة التي تتوسط‬
‫الوكاالت والمكاتب إلب ارمها ويختلف نشاط هذه الوكاالت والمكاتب بحسب األعمال التي تقوم بها‬
‫و مثالها وكالة األنباء واإلعالن ومكاتب السياحة ‪ ،‬وقد أضفى عليها المشرع الصفة التجارية نظ ار‬
‫للشكل والتنظيم الذي تتخذه للقيام بأعمالها على وجه اإلمتهان للمضاربة وجني الربح ‪ ،‬وهو لم‬
‫ينظر إلى طبيعة نشاط هذه المكاتب بل راعى أن أصحابها يدخلون في عالقات مع الجمهور‬
‫ولذلك رأى ضرورة العمل على حماية جمهور المتعاملين مع هذه المكاتب بإخضاعها للنظام‬
‫القانوني التجاري من حيث اإلختصاص و اإلثبات وتطبيق نظام اإلفالس‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬العمليات الواردة على المحالت التجارية‬

‫لم يعرف المشرع الجزائري المحل التجاري واكتفى بتعداد عناصره المادية والمعنوية‬
‫والمحل التجاري هو مجموع أموال مادية كالبضائع ومعنوية مثل الحق في العمالء والسمعة‬
‫التجارية والعالمة التجارية وبراءة اإلختراع والحق في اإليجار‪ ،‬ويخضع المحل التجاري لنظام‬
‫قانوني خاص يختلف عن النظام القانوني الذي يخضع له كل عنصر داخل في تكوينه‬
‫واعتبر المشرع تجاريا بحسب الشكل كافة العمليات المتعلقة بالمحالت التجارية من بيع ورهن‬
‫وتأجير‪.‬‬

‫الفقرة الخامسة‪ :‬العقود التجارية المتعلقة بالتجارة البحرية والجوية‬

‫اعتبر المشرع الجزائري كل العقود الواردة على التجارة البحرية والجوية عمال تجاريا بحسب‬
‫الشكل‪ ،‬ولعل الهدف هو رغبة المشرع في تنظيم كل من التجارة الجوية والبحرية من جهة‬
‫وتطوير نشاط النقل من جهة أخرى‪ ،‬بحيث اشترط تنظيمه في شكل مقاولة منظمة وأضفى على‬
‫كل العقود الواردة عليها الصفة التجارية‪ ،‬من بين أهمها‪ ،‬إنشاء السفن والطائرات‬
‫وشراءها وبيعها‪ ،‬كل إستئجار أو تأجير للسفن أو الطائرات‪ ،‬كل تأمين بحري أو جوي‪ ،‬كل إنفاق‬
‫على أجور البحارة والمالحين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬األعمال التجارية بالتبعية‬

‫واألصل في هذه الفئة من األعمال تكون مدنية‪ ،‬ولكنها تفقد هذه الصفة فتصبح تجارية وفقا‬
‫للقاعدة الفقهية القائلة (أن الفرع يتبع األصل)‪ ،‬ونظرية األعمال التجارية بالتبعية ليست وليدة‬
‫اإلجتهاد وحده بل هي مستمدة من القانون التجاري نفسه‪ ،‬إذ نصت المادة الرابعة من القانون‬
‫التجاري الجزائري على أنه (يعد عمال تجاريا بالتبعية‪ ،‬األعمال التي يقوم بها التاجر‬
‫والمتعلقة بممارسة تجارته أو حاجات متجره‪ ،‬اإللتزامات بين التجار) ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أساس نظرية التبعية وشروطها‬

‫الفقرة األولى‪ :‬األساس القانوني‬

‫نظرية التبعية مستمدة من النصوص القانونية الموجودة في القانون التجاري الفرنسي والتي‬
‫توصل إليها القضاء والفقه الفرنسي‪ ،‬طرحت هذه النظرية الصفة التجارية على جميع األعمال‬
‫التي تتبع التاجر حتى يخضع العمل األصلي والعمل التابع لقواعد واحدة تطبيقا للمبدأ الفرع يتبع‬
‫األصل في الحكم‪ .‬وقد عمم القضاء الفرنسي نظرية التبعية على جميع األعمال التي يقوم بها‬
‫التاجر شريطة أن تكون متعلقة بتجارته وتابعة لمهنته التجارية‪.‬‬

‫وقد قنن المشرع الجزائري هذه النظرية في المادة الرابعة من القانون التجاري حيث اعتبر‬
‫تجاريا جميع األعمال التي يقوم بها التاجر والمتعلقة بممارسة تجارته أو حاجات متجره وكذلك‬
‫اإللتزامات بين التجار‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األساس المنطقي‬

‫يقضي المنطق بضرورة طرح الصفة التجارية على كل األعمال المتعلقة بمهنة التاجر حتى‬
‫تكون الحياة التجارية وحدة ال تتج أز ولكي تخضع جميع األعمال لنظام قانوني واحد‪ ،‬سواء من‬
‫حيث اإلختصاص القضائي‪ ،‬أو من حيث القانون الواجب التطبيق‪ ،‬واألخذ بهذه النظرية لتحقيق‬
‫مصلحة المتعاملين مع التجار حيث يستفيدون من الحماية التي يقررها القانون التجاري لدائني‬
‫التاجر‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬الشروط الواجب توافرها في العمل التجاري بالتبعية‬

‫تؤكد المادة الرابعة من القانون التجاري الجزائري على ضرورة توفر شرطين لتطبيق النظرية‬

‫أوال‪ :‬الشرط األول‪ :‬توفر صفة التاجر في الشخص القائم بالعمل‬

‫بمعنى أن يقوم بالعمل التاجر سواء شخصا طبيعيا بحيث يجب أن يباشر األعمال التجارية‬
‫بطبيعتها أو حسب الشكل ويتخذها مهنة معتادة له وتكون هي مصدر رزقه وعمله الرئيسي في‬
‫حياته‪ ،‬كما يجب أن يكون هذا التاجر يمارس النشاط لحسابه الخاص وأن يقوم به على وجه‬

‫‪54‬‬
‫اإلستقالل فال يكون تابعا لغيره‪ .‬أما بالنسبة للتجار اإلعتباريين فيجب أن يكونوا تجا ار بحسب‬
‫الشكل كما هو الحال بالنسبة لشركة التضامن وشركة التوصية البسيطة والشركة ذات المسؤولية‬
‫المحدودة أو شركة المساهمة أو شركة التوصية باألسهم‬

‫ثانيا‪ :‬الشرط الثاني‪ :‬أن يكون العمل متعلقا بممارسة تجارية أو ناشئا عن اإللتزامات بين‬
‫التجار‬

‫ال يكفي أن يقوم التاجر بالعمل المدني ليكون عمله تجاريا إنما يجب أن يكون سبب القيام به‬
‫حاجات تجارته أو سبب تجارته‪ ،‬ولهذا عرفت هذه النظرية تحت اسم آخر هو نظرية األعمال‬
‫التجارية لسببها ‪ ،‬فقيام التاجر بعمل مدني من أجل تجارته أو لحاجاتها يضفي على هذا العمل‬
‫المدني وصفا تجاريا ‪ ،‬وكمثال عن ذلك صاحب المقهى الذي يشتري لوحة فنية ألحد كبار‬
‫الفنانين أو الرسامين فيزين بها جدران مقهاه ‪،‬فشراء هذه اللوحة يعتبر مدنيا‪ ،‬ولكن المشتري هو‬
‫تاجر ولم يكن شراؤها لتزيين منزله وإنما لتزيين مقهاه بحيث يضفي منظرها الجمال على المقهى‪،‬‬
‫وتعجب الزبائن كما ترفع من تصنيف المقهى إلى درجة أعلى‪ ،‬فالباعث على شراء اللوحة الفنية‬
‫هو تجاري مما يجعل شراءها عمال تجاريا بالتبعية ‪.‬‬

‫واألمر كذلك بالنسبة لما نشاهده على شاشة التلفزة من دعوة الجمهور إلى المشاركة في مسابقة‬
‫معينة كمسابقة رمضان مع وعد الجمهور بأن الفائزين سيحصلون على هدايا تذكر وتظهر في‬
‫الصورة من طرف شركات معينة‪ ،‬فالعمل يتجلى ألول وهلة بأنه عمل مدني ألنه تبرعي ويهدف‬
‫إلى تشجيع العلم و المعرفة‪ ،‬في حين تختفي وراء وعد أصحاب الجوائز من التجار عملية‬
‫اإلشهار بوجودهم ونزاهتهم و الدعاية لمنتوجاتهم الذي يظهر على شاشة التلفزة أكثر من مرة في‬
‫اليوم الواحد و لمدة معينة‪ ،‬األمر الذي يجلب الزبائن للواعد بالجائزة مما يترتب عنه القول أن‬
‫الوعد بالجائزة صدر من تاجر و لحاجات تجارته ‪ ،‬و بالتالي يعتبر هذا الوعد عمال تجاريا ‪ ،‬فإذا‬
‫قام نزاع مع الواعد خضع للقانون التجاري‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬مدى اعتبار العمل تجاري بالتبعية‬

‫الفقرة األولى‪ :‬نوعا التبعية‬

‫أوال‪ :‬التبعية الموضوعية‬

‫التبعية الموضوعية هي التبعية التي تفترض وجود تصرفين أحدهما تجاري أصلي واآلخر‬
‫مدني ثانوي‪ ،‬هذا األخير ما كان ليقع لو ال وقوع العمل التجاري‪ ،‬وبعبارة أخرى فإن إبرام‬
‫التصرف التجاري كان هو السبب إلبرام العمل المدني‪ ،‬ونتيجة لذلك فإن العمل المدني يفقد صفته‬
‫المدنية ويكتسي بالصفة التجارية وبالتالي يخضع ألحكام القانون التجاري‪.‬‬

‫ومثال ذلك قيام شخص بإبرام عقد نقل لبضاعة كان قد اشتراها بقصد إعادة بيعها‪ ،‬فهذا العمل‬
‫األصلي هو الشراء ألجل البيع و هو عمل تجاري‪ ،‬والعمل الثانوي هو إبرام عقد النقل وهو عمل‬
‫مدني ‪.‬‬

‫وبتطبيق نظرية التبعية الموضوعية يفقد العمل الثانوي صفته المدنية ليكتسب الصفة التجارية‬
‫للعمل األصلي‪ ،‬بغض النظر عن صفة القائم بالعمل الثانوي سواء كان تاجر أو غير تاجر وهذا‬
‫هو نفس حال الشخص الذي يشتري بضاعة بقصد إعادة بيعها ثم يقترض مبلغا لسداد ثمنها‪،‬‬
‫فالشراء ألجل البيع عمل تجاري‪ ،‬ولكي يتمكن هذا الشخص القيام به‪ ،‬قام بإبرام عقد قرض وهو‬
‫عمل مدني‪ ،‬فهنا يصبح عقد القرض‪ ،‬عمل تجاري لتبعيته لعمل تجاري موضوعي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التبعية الشخصية‬

‫على عكس التبعية الموضوعية والتي بمقتضاها يكتسب العمل المدني الصفة التجارية لتبعيته‬
‫لعمل تجاري موضوعي‪ ،‬فإنه وفقا للتبعية الشخصية‪ ،‬فإن العمل المدني يكتسب الصفة التجارية‬
‫بالنظر إلى أن القائم به تاج ار متعلقا بشئون تجارته‪ ،‬ومثال التبعية الشخصية‪ ،‬قيام التاجر بشراء‬
‫سيارة لتوصيل البضائع التي يقوم ببيعها إلى المنازل‪ ،‬أو إبرام عقود لتوصيل الكهرباء أو المياه أو‬
‫لتركيب التلفون أو لتجهيز محله التجاري باألثاث الالزم أو إجراء الديكورات أو إبرام عقود التأمين‬
‫على موجودات محله التجاري ضد الحريق‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫فكل هذه األعمال تعد بحسب األصل أعماال مدنية ألن شرائها لم يكن مصحوبا بنية إعادة البيع‬
‫بقصد تحقيق الربح‪ ،‬وإنما تكتسب الصفة التجارية بالنظر ألن القائم بها تاجر متعلقة بشئون‬
‫تجارته‪.‬‬

‫وفي أغلب األحيان تكون صفة العمل واضحة بحث يكون من السهل معرفة ما إذا كان التاجر‬
‫قد قام به لحاجات فيصبح تجاريا بالتبعية أو أنه ال صلة له بالتجارة فيظل محتفظا بصفته المدنية‬

‫ولكن قد يصعب في بعض األحيان معرفة ما إذا كان العمل الذي يقوم به التاجر متعلقا‬
‫بتجارته أم غير متعلق به‪ ،‬فإذا اشترى التاجر سيارة دون أن يكون الشراء مصحوبا بعقد البيع فإنه‬
‫يبقى التساؤل عما إذا كان قد اشتراها ليستعملها ألغراضه الشخصية أو لنقل البضائع إلى العمالء‬
‫وإذا عقد التاجر قرضا فقد يكون القرض لشراء بضائع الزمة لنشاطه التجاري أو إلنشاء مسكن‬
‫خاص به‪ ،‬فقد يكون التاجر قد قصد باقتراض مبلغ بناء مسكن عائلي أو زراعة أرض أو سداد‬
‫دين تجاري و ما إلى ذلك‪ ،‬فاألمر في غاية الصعوبة في تحديد العمل الذي قام به التاجر ‪،‬‬
‫لذلك أقام القضاء قرينة قانونية مفادها أن كل عمل يقوم به التاجر خارج نطاق األعمال التجارية‬
‫بطبيعتها ‪ ،‬يفترض أنه عمل تجاري بالتبعية‪ ،‬وتسمى هذه القرينة القرينة التجارية وهي قرينة‬
‫بسيطة قابلة إلثبات العكس بكافة طرق اإلثبات ‪.‬‬

‫والمشرع الجزائري حاول في هذا المجال مواكبة الفقه واجتهادات القضاء بالنسبة لهذه النظرية‬
‫لتسهيل عملية اإلثبات بالنسبة للمتعاملين مع التاجر سواء كانوا تجار أو مدنيين حيث اهتدى هو‬
‫اآلخر إلى أن جميع األعمال التي يقوم بها التاجر تعتبر تجارية إال إذا ثبت عكس ذلك ‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬نطاق تطبيق نظرية األعمال التجارية التبعية‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإللتزامات التعاقدية‬

‫تعد العقود والتصرفات القانونية التي يبرمها التاجر والمتعلقة بحاجات تجارية أعماال تجارية‬
‫بالتبعية واألمثلة على ذلك كثيرة منها ش ارء التاجر أثاثا لمحالته التجارية‪ ،‬عقد التأمين ضد‬
‫الحريق أو السرقة‪ ،‬جميع العمليات التي يجريها التاجر مع البنوك‪ ،‬عقود اإليجار‪ ،‬اإلتفاق على‬
‫ترميم العقار‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫لكن بعض العقود تثير مشكلة‪ ،‬حيث لها وضع خاص اختلف اإلجتهاد بشأنها وهي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬عقد الكفالة‬

‫عقد الكفالة من عقود التبرع‪ ،‬وبالتالي فهو عقد مدني‪ ،‬ولو أن الدين المكفول تجاريا أو الكفيل‬
‫تاجرا‪ ،‬ومع ذلك فهذا العقد قد يكتسب الصفة التجارية ألسباب أخرى‬

‫الحالة األولى‪ :‬كفالة أحد الموقعين على الورقة التجارية مثل الضمان اإلحتياطي فإذا اتخذت‬
‫الكفالة صورة الضمان اإلحتياطي في ورقة تجارية تنشئ الصفة التجارية في هذه الحالة من شكل‬
‫الورقة التجارية‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬كفالة البنك ألحد عمالئه حيث تعتبر من عمليات البنوك‪ ،‬فالكفالة تعتبر تجارية‬
‫إذا صدرت من أحد المصارف أو البنوك لعميل من عمالئها‪ ،‬فتكون الكفالة تجارية في هذه‬
‫الحالة ألنها تعتبر عمليات البنوك عمال تجاريا بحكم القانون ال بالتبعية‪.‬‬

‫الحالة الثالثة‪ :‬الكفالة التي يقدمها التاجر لمصلحة تجارته‪ ،‬حيث تعتبر الكفالة عمال تجاريا‬
‫بالتبعية إذا قام بها الكفيل التاجر لمصلحة تجارته‪ ،‬كأن يكفل تاجر أحد عمالئه التجار ليتجنب‬
‫عنه خطر اإلفالس ويحتفظ به كعميل‬

‫ثانيا‪ :‬عقد اإلستخدام‬

‫إذا تعاقد تاجر مع عمال الستخدامهم في شؤون تجارته‪ ،‬فالعقد هنا يتمتع بصفة تجارية‬
‫بالتبعية بالنسبة للتاجر‪ ،‬و يظل محتفظا بصفته المدنية بالنسبة للعامل‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬شراء و بيع المحل التجاري‬

‫إذا كان شراء المحل التجاري من قبل تاجر بغرض استثماره يعد عمال تجاريا بالتبعية فإن‬
‫خالفا فقهيا قد أثير فيما يخص شراء غير التاجر لمحل تجاري كي يبدأ فيه نشاطه التجاري‬
‫فالبعض يرى بأن هذا العمل ال يعد عمال تجاريا بالتبعية ألن المشتري لم يكتسب صفة التاجر‬
‫بعد‪ ،‬لكن القضاء استقر على أن شراء المحل التجاري بغرض اإلستغالل يعد عمال تجاريا‬
‫بالتبعية ألنه الخطوة األولى في سبيل امتهان التجارة‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫أما بيع المحل التجاري فإنه يعد عمال تجاريا بالتبعية بالنسبة للبائع إذا كان تاج ار وقت البيع‬
‫ألنه آخر عمل في حياته التجارية‪ ،‬أما إذا اكتسب الشخص المحل تجاري عن طريق الميراث‬
‫الهبة والوصية‪ ،‬وباعه دون أن يستثمره فإن هذا البيع يعد عمال مدنيا‪.‬‬

‫والمشرع الجزائري جعل كل العمليات المتعلقة بالمحالت التجارية من رهن وبيع وشراء وتأجير‬
‫عمليات تجارية بحسب الشكل‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإللتزامات الغير تعاقدية‬

‫أوال‪ :‬العمل غير المشروع ( المسؤولية التقصيرية )‬

‫ال يقتصر نطاق نظرية التبعية على اإللتزامات التعاقدية ‪ ،‬بل تشمل أيضا اإللتزامات غير‬
‫التعاقدية أي اإللتزامات الناشئة عن المسؤولية التقصيرية و هذا استنادا إلى عموم نص المادة‬
‫الرابعة من القانون التجاري الجزائري ‪ ،‬و من ثم يعتبر تجاريا بالتبعية إلتزام التاجر بالتعويض عن‬
‫العمل غير المشروع استنادا إلى المسؤولية التقصيرية في حالة ارتكابه خطأ عمدي أو غير‬
‫عمدي الذي يقع منه بمناسبة نشاطه التجاري سواء كانت المسؤولية عن أعمال شخصية أو عن‬
‫عمل الغير أو عن فعل الحيوانات أو ناشئة عن األشياء و سواء كانت األضرار مادية أو بدنية أو‬
‫أدبية و تطبيقا لذلك يعد تجاريا بالتبعية التزام التاجر بالتعويض عن أعمال المنافسة غير‬
‫المشروعة ‪ ،‬و كالتزامه بالتعويض عن الحوادث التي تقع من عماله أو أتباعه أثناء تأدية وظائفهم‬
‫أو بسببها‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أعمال الفضالة و الدفع غير المستحق‬

‫طبق الفقه والقضاء نظرية التجارية بالتبعية على أعمال الفضالة والدفع غير المستحق كما لو‬
‫تسلم تاجر مبلغا يزيد على ثمن البضاعة التي باعها‪ ،‬فإن التزامه برد ما زاد على الثمن يعتبر‬
‫تجاريا بالتبعية‪ ،‬إذ يلتزم برد المبلغ الزائد على الثمن ألنه غير مستحق‪ ،‬والتزامه برد غير‬
‫المستحق يعتبر عمال تجاريا بالتبعية ألنه متصل بالشؤون التجارية‪ ،‬كذلك التزام التاجر برد ما‬
‫صرفه الفضولي بمناسبة أعماله تتعلق بتجارة رب العمل‪ ،‬كما لو تدخل الفضولي ليدفع عن‬
‫التاجر دينا أو ليضمنه حتى ال يشهر إفالسه‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬األعمال المختلطة‬

‫األعمال المختلطة هي تجارية بالنسبة لطرف و مدنية بالنسبة للطرف الثاني‪ ،‬و يثار خالف‬
‫حول القانون الواجب التطبيق في حالة النزاع ‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف العمل المختلط‬

‫البد لكل عمل قانوني صفة و العمل إما أن يصدر عن شخص واحد أو عن شخصين‪ ،‬فإذا‬
‫صدر عن شخصين فأكثر‪ ،‬فقد تكون له صفة تجارية بالنسبة للشخصين إذا كان عمال تجاريا‬
‫بحكم ماهيته أو جرى من قبل تاجرين ألمور تتعلق بتجارتهما كعقود البيع الجارية بين صاحب‬
‫العمل من أجل منتجات معمله و التاجر الذي احترف بيع هذه المنتجات و عقود التأمين‪.‬‬

‫وقد يكون للعقد صفة تجارية بالنسبة ألحد المتعاقدين و مدنية بالنسبة لغيره‪ ،‬كعقد البيع‬
‫المتعلق بمحصول األرض و الجاري بين المزارع صاحب المحصول والتاجر والعقد بين المؤلف‬
‫والناشر على بيع حق النشر وعقد اإلستخدام بين صاحب عمل و المستخدمين أو الممثلين ‪.‬‬

‫وقد ال تقتصر نظرية األعمال المختلطة على العقود فحسب بل تتعداها إلى اإللتزامات الناشئة‬
‫عن الفعل الضار‪ ،‬فمسؤولية التاجر عن فعله أو فعل مستخدميه تتصف بالصفة التجارية بالنسبة‬
‫له بينما يتمتع حق المتضرر بالصفة المدنية‪.‬‬

‫واألعمال التجارية المختلطة ليست طائفة رابعة من األعمال التجارية قائمة بذاتها السابقة‬
‫الذكر لذلك لم يرد نص بشأنها في القانون التجاري لكونها ال تخرج من نطاق األعمال التجارية‬
‫بصفة عامة‪ ،‬فهي تلك التصرفات القانونية التي تعتبر تجارية بالنسبة ألحد أطراف التصرف‬
‫ومدنية بالنسبة للطرف اآلخر‪ ،‬فإذا باع مزارع محصول مزرعته إلى المستهلك لكان العمل هنا‬
‫مدنيا بالنسبة للطرفين‪ ،‬و لكن لو كان مشتري المحصول تاج ار و أعاد بيع ما اشتراه بربح فإن هذا‬
‫البيع يعتبر تجاريا بالنسبة للتاجر ومدنيا بالنسبة للبائع‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬النظام القانوني لألعمال المختلطة‬

‫ال يمكن إخضاع العمل المختلط لنظام قانوني موحد تجاريا كان أو مدنيا لذلك يجب األخذ‬
‫بنظام مزدوج مقتضاه تطبيق القواعد التجارية على الطرف الذي يعتبر العمل تجاريا بالنسبة إليه‬

‫‪60‬‬
‫وتطبيق القواعد المدنية على الطرف الذي يعتبر العمل مدنيا بالنسبة إليه‪ ،‬غير أن األمر يصعب‬
‫في بعض الحاالت وهي التي ال يمكن فيها تجزئة العمل المختلط مما يستدعي تطبيق نفس‬
‫القواعد عليه األمر الذي نتناوله بالدراسة في أهم المسائل التي تثار عند الحديث عن األعمال‬
‫المختلطة ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلختصاص‬

‫طبقا للقاعدة العامة يرجع اإلختصاص إلى محكمة المدعى عليه و ذلك استنادا إلى القاعدة‬
‫التي تقضي بأن الدين مطلوب و ليس محموال‪ ،‬وتبعا لذلك‪ ،‬فإن اإلختصاص في األعمال‬
‫التجارية المختلطة يعود للمحكمة المدنية أو التجارية بحسب صفة العمل بالنسبة للمدعى عليه‬
‫فإن كان العمل بالنسبة إليه مدنيا‪ ،‬فما على المدعي إال اإللتجاء إلى المحمكة المدنية باعتبارها‬
‫محكمة المدعى عليه‪ ،‬أما إذا كان العمل تجاريا بالنسبة للمدعى عليه‪ ،‬فيجوز للطرف المدني أن‬
‫يتقاضى المدعى عليه أمام المحكمة التجارية ‪ ،‬محكمة المدعى عليه و لكن القضاء أجاز للطرف‬
‫المدني أيضا الحق في رفع دعواه أمام المحكمة المدنية‪ ،‬بحيث له الحق في رفع دعواه أمام‬
‫المحكمة المدنية أو أمام المحكمة التجارية ‪ ،‬وهذا اإلختيار مبني على أن القضاء التجاري قضاء‬
‫استثنائي غير مألوف للطرف المدني وألن قضاة المحكمة التجارية هم أيضا في األصل تجار‬
‫انتخبوا من طرف التجار‪ ،‬فربما عند فصل نزاع بين تاجر و غير تاجر يتحيزون للتاجر ولكن‬
‫هذا الخيار ال يتعلق بالنظام العام و من ثم يجوز التنازل عنه في العقد واختيار المحمكة التجارية‬
‫أو المدنية بصفة نهائية ‪ .‬أما فيما يتعلق باإلختصاص المحلي‪ ،‬فال يجوز مقاضاة الطرف المدني‬
‫إال أمام محكمة موطنه أي محل إقامته وفقا للقواعد العامة‪ ،‬أما بالنسبة للطرف التجاري فيجوز‬
‫رفع الدعوى عليه أمام إحدى المحاكم الثالث و هي محكمة موطنه األصلي أي محل إقامته أو‬
‫محكمة محل إبرام العقد أو محكمة محل تنفيذ العقد ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬اإلثبات‬

‫تقضي القاعدة في مجال اإلثبات بأن لمن يعتبر العمل بالنسبة إليه تجاريا أن يتمسك بقواعد‬
‫اإلثبات في المواد التجارية و لمن يعتبر العمل بالنسبة إليه مدنيا أن يتمسك بقواعد اإلثبات‬

‫‪61‬‬
‫المدنية ‪ .‬وبما أن اإلثبات في المجال التجاري حر أي لصاحب الحق أن يثبت حقه بكافة طرق‬
‫اإلثبات مهما كانت قيمة التصرف فإن األمر يختلف في المجال المدني ألن اإلثبات فيه مقيد‪.‬‬

‫إذن فالمستفيد من هذا اإلختالف هو الطرف المدني بحيث يستطيع أن يثبت حقه في مواجهة‬
‫خصمه الذي يعد العمل بالنسبة إليه تجاريا بكافة طرق اإلثبات مهما كانت قيمة الحق المطالب‬
‫به ‪ ،‬في حين أنه ال يجوز اإلثبات في مواجهة من يعتبر الحق بالنسبة إليه من طبيعة مدنية إال‬
‫بالكتابة و مثل هذا النظام المزدوج لإلثبات في األعمال التجارية المختلطة من شأنه عرقلة‬
‫اإلئتمان السيما في عالقة التجار مع عمالئهم من جمهور المستهلكين لذلك أجاز القضاء للتاجر‬
‫اإلثبات ضد عميله بكافة طرق اإلثبات بما فيها البينة و القرائن كلما وجد مانع أدبي يحول دون‬
‫الحصول على دليل كتابي ‪ ،‬واعتبر من قبيل المانع األدبي ما جرت به العادة في بعض المهن‬
‫من عدم الحصول على دليل كتابي من العمالء‬

‫‪62‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫التاجر‬

‫نظم المشرع الجزائري األحكام المتعلقة بالتاجر من خالل نص المادة األولى من القانون‬
‫التجاري‪ .‬ورتب على اكتساب صفة التاجر حقوقا والتزامات ال يخضع لها غيره من األشخاص‬
‫العادية‪ ،‬لذلك سوف نتطرق في النقطتين االثنتين إلى تحديد شروط اكتساب صفة التاجر ثم‬
‫بعد ذلك نتعرض إلى االلتزامات والحقوق المترتبة عن اكتساب صفة التاجر‪.‬‬

‫المبحث األول‬

‫شروط إكتساب صفة التاجر‬

‫عرف المشرع الجزائري التاجر في المادة األولى من القانون التجاري‪ ،‬بأنه كل شخص طبيعي‬
‫أو معنوي يباشر عمال تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له ما لم يقض القانون بخالف ذلك‪.‬‬

‫هذا التعريف يجعلنا نتساءل عن الشروط التي يجب أن تتوفر في هذا الشخص الكتساب هته‬
‫الصفة‪ ،‬في حقيقة األمر وبالرجوع إلى المشرع الجزائري نجده قد أتى بطريقتين يكتسب فيها هذا‬
‫الشخص المسمى تاج ار هذه الصفة وهي صفة التاجر‪ ،‬األولى نجدها في أحكام قانون السجل‬
‫التجاري الجزائري والثانية فصل في شروطها في أحكام القانون التجاري الجزائري‬

‫الطريقة األولى ‪ :‬اكتساب صفة التاجر وفق قانون السجل التجاري‬

‫الطريقة الثانية ‪ :‬اكتساب صفة التاجر وفق القانون التجاري‬

‫يتضح لنا من خالل نص المادة األولى من القانون التجاري السالفة الذكر‪ ،‬أنه قد يكون تاج ار‬
‫كل شخص طبيعي أو معنوي‪ ،‬بعدما كان النص القديم يستعمل فقط عبارة (يعد تاج ار كل من‬
‫يباشر عمال تجاريا ويتخذه حرفة معتادة له) ‪ ،‬كما إستبدل المشرع الجزائري مصطلح حرفة‬
‫بمصطلح مهنة‪ ،‬و بالتالي يكون قد اشترط من خالل استقراء النص شرطان الكتساب صفة‬
‫التاجر هما ‪:‬‬

‫‪63‬‬
‫ـ ـ ـ شرط مباشرة الشخص العمل التجاري ‪.‬‬

‫ـ ـ شرط إتخاذ الشخص العمل التجاري مهنة معتادة له‪ .‬ومن خالل المادتين الخامسة والسادسة‬
‫من القانون التجاري يضاف شرط ثالث وهو أن يكون هذا الشخص مؤهال قانونا لممارسة التجارة‬

‫المطلب األول‪ :‬مباشرة الشخص العمل التجاري‬

‫يقصد باألعمال التجارية‪ ،‬األعمال التي نص عليها القانون التجاري الجزائري‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫ما قد أضافه إليها الفقه و القضاء بطريق القياس على إعتبار أن هذه األعمال جاءت على سبيل‬
‫المثال و ليس الحصر‪ ،‬يمارسها الشخص بصورة منتظمة بقصد اتخاذه مهنة الشباع حاجاته و‬
‫ذلك على وجه اإلستقالل و ليس لحساب الغير‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أن يقوم الشخص باألعمال التجارية باسمه و لحسابه (مبدأ اإلستقالل )‬

‫ال يكفي قيام الشخص بأعمال تجارية و يتخذها مهنة له قصد تحقيق الربح إذا لم تكن هذه‬
‫الممارسة لحسابه الخاص‪ ،‬بمعنى أن يمارسها على وجه اإلستقالل ‪ ،‬ألن التجارة تقوم على‬
‫اإلئتمان‪ ،‬و اإلئتمان ذو صفة شخصية و يقتضي تحمل التبعة و المسؤولية ‪ ،‬فمن يزاول األعمال‬
‫التجارية يجب أن يكون مستقال عن غيره في مزاولته لهذه األعمال و يلتزم بنتائجها سلبا أو إيجابا‬
‫‪ ،‬ذلك أن جوهر األعمال التجارية التي تقوم على المضاربة بقصد تحقيق الربح يقتضي أن يقبل‬
‫من يقوم بهذه األعمال ما يترتب عليها من نتائج ‪ ،‬فال يكتسب صفة التاجر إال من يتحمل‬
‫مخاطر التجارة ‪ ،‬والتجارة بما قامت عليه من ثقة وإئتمان توحي بفكرة اإلستقالل بالعمل التجاري‬
‫وعدم خضوع التاجر في أعماله ألي شخص آخر ‪ ،‬فاإلستقالل في ممارسة المهنة خصيصة‬
‫قانونية ال غنى عنها لصفة التاجر ‪.‬‬

‫و لهذا ال يعد العمال و المستخدمون في المحال التجارية تجا ار‪ ،‬ألنهم ال يقومون باألعمال‬
‫التجارية لحسابهم الخاص بل لحساب رب العمل الذي يتحمل وحده مخاطر هذه األعمال‬
‫وتربطهم به رابطة التبعية فيخضعون لتوجيهه و رقابته‪ ،‬و كذلك ال يعتبر الوكالء العاديون تجا ار‬
‫ألنهم ال يعملون باسمهم و لحسابهم‪ ،‬و إنما باسم و لحساب موكليهم ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تطبيقات مبدأ اإلستقالل‬

‫يعتبر اإلستقالل شرط ضروري للتكييف القانوني لمهنة التاجر‪ ،‬ألن من دعائم مباشرة النشاط‬
‫التجاري اإلئتمان الذي يعد عنص ار شخصيا يتحمل بالتالي مخاطره الشخص القائم بالتصرف‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬ما يعد تاج ار‬

‫نتناول فيما يلي تطبيقات مبدأ اإلستقالل من حيث اعتبار الشخص الذي يمارس التجارة‬
‫لحسابه الخاص و يتخذها مهنة له لتحقيق الربح تاج ار ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مستأجر المحل التجاري‬

‫يعتبر مستأجر المحل التجاري الذي يباشر إدارته تاج ار ألنه مدير لمشروع مستقل عن‬
‫المؤجر كما أنه يتحمل خسائره و تعود عليه أرباحه ‪ ،‬أما عالقته بالمؤجر فهي عالقة يحكمها‬
‫عقد إيجار المحل التجاري و ليست عالقة تبعية ناشئة عن عقد عمل‬

‫ثانيا ‪ :‬الوكيل بالعمولة‬

‫ويعتبر الوكيل بالعمولة تاج ار ألنه يتعاقد باسمه الشخصي أمام الغير وإن كان ال يتعاقد‬
‫لحسابه ‪ ،‬وهو بذلك يختلف عن الوكيل العادي الذي يتعاقد باسم غيره أمام الغير و في حدود‬
‫األوامر الصادرة له من الموكل ‪ ،‬و مثال الوكيل بالعمولة وكالء الفنانين للمسارح و الحفالت‬
‫وكذلك الوكيل بالعمولة في توزيع السيارات أو األثاث و األدوات الكهربائية ‪ ،‬و يأخذ حكم الوكيل‬
‫بالعمولة السمسار ‪ ،‬حيث يباشر عمله مستقال عمن يتوسط لصالحهم في التعاقد ‪ ،‬كما أنه ال‬
‫يتعاقد باسم الغير أو لحساب الغير في عقود السمسرة التي يجريها مع عمالئه راغبيي التعاقد ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬مدير الشركة الشريك المتضامن‬

‫الشريك في شركة التضامن يعتبر تاج ار سواء اشترك في إدارة الشركة أم ال باعتباره مسؤوال‬
‫عن إلتزامات الشركة على وجه التضامن ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫رابعا ‪ :‬التاجر المستتر و التاجر الظاهر‬

‫قد يطرح إشكال بالنسبة للشخص الذي يمارس التجارة في شكل مستتر وراء إسم آخر ‪،‬و تكون‬
‫هذه الحالة عادة عندما يحظر على شخص اإلتجار بمقتضى قانون أو تكون له في اإلستتار‬
‫مصلحة ما ‪ ،‬فنصبح أمام تاجر ظاهر و شخص مستتر حقيقي ‪ ،‬و قد أثير الخالف بين الصفة‬
‫حول ما إذا كانت الصفة التجارية تلحق هذا الشخص أو ال‬

‫ذهب رأي إلى القول أن التاجر المستتر هو الذي تتحقق له صفة التاجر باعتباره صاحب‬
‫العمل األصلي ‪ ،‬فهو يضارب بأمواله و يتم اإلستغالل لحسابه ‪ ،‬و هو إن قام بهذا العمل مستت ار‬
‫ألنه يخشى الحضر القانوني للممارسة التجارية ‪ ،‬و ردعا له أصبغت الصفة التجارية له و خضع‬
‫للنظام القانوني للتجار و أمكن شهر إفالسه في حالة توقفع عن الدفع ‪ ،‬كما تفرض عليه‬
‫العقوبات التأديبية المنصوص عليها في القانون ‪.‬‬

‫بينما ذهب رأي آخر إلى القول أن الصفة التجارية ال تثبت إال في حالة التاجر الظاهر الذي‬
‫يتعامل باسمه مع الغير و يكتسب ثقة في هذا التعامل كما لو كان يعمل لحساب نفسه ألن دور‬
‫الشخص المستتر يقتصر على توظيف األموال فقط ‪ ،‬و ال يكفي أن نضفي عليه صفة التاجر ما‬
‫دام أن هذه الصفة ال تتقرر إال إذا قام الشخص بالعمل التجاري المحترف‬

‫أما الرأي الراجح فيأخذ بنظرية الظاهر ‪ ،‬أي أن الشخص الذي يظهر أمام الناس و يتعامل‬
‫معهم هو الذي يعد تاج ار ‪،‬فضال عن امتداد هذه الصفة إلى المستتر حتى ال يتهرب من‬
‫اإللتزامات القانونية‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬ما ال يعد تاج ار‬

‫نتناول فيما يلي تطبيقات مبدأ اإلستقالل من حيث اعتبار الشخص الذي يمارس التجارة لكنه‬
‫ال يعتبر تاج ار‬

‫أوال ‪ :‬العمال و المستخدمون‬

‫عادة ما يقوم العمال و المستخدمون بالعمل التجاري باسم و لحساب رب العمل و ليس‬
‫باسمهم و العالقة بينهم و بين التاجر عالقة عمل فقط ‪ ،‬أي أنهم ال يمارسون عملهم إستقالال‬

‫‪66‬‬
‫عن التاجر بل تحت إشرافه ‪ ،‬و تنصرف نتائج مباشرتهم لعملهم للتاجر سواء في ذلك الربح أو‬
‫الخسارة ‪ ،‬و يلتزم التاجر بكافة اإللتزامات الناتجة عن قيامهم بهذه األعمال ‪ ،‬و هؤالء العمال‬
‫و المستخدمون ليسوا تجا ار حتى لو كان متفقا على إشراكهم في اإلدارة أو األرباح ‪ ،‬ذلك ألنه‬
‫تربطهم برب العمل عالقة تبعية ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الوكيل العادي‬

‫ال يعتبر الوكيل العادي تاج ار‪ ،‬و ذلك لكونه يمارس العمل التجاري المكلف به باسم‬
‫ولحساب الوكيل‪ ،‬و تنصرف كافة األثار المترتبة على عمله إلى ذمة موكله‪ ،‬و ذلك بناء على‬
‫عقد الوكالة بينه و بين موكله ‪ ،‬فال يتحمل نتائج عمله بل تنصرف كافة اإللتزامات إلى من وكله‬
‫بالعمل‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬مدير الشركة الشريك غير المتضامن‬

‫ال يعتبر تاج ار مدير الشركة و ال عضو مجلس اإلدارة في شركة المساهمة و ال الممثل‬
‫التجاري و هذا حتى لو كانت لهم نسبة من األرباح و ذلك ألن ركن اإلستقالل ينقصهم ألنهم ال‬
‫يتعاقدون بأسمائهم و لحسابهم الخاص‪ ،‬أي ال يباشرون العمل التجاري لحسابهم بشكل مستقل‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬مدير الشركة غير الشريك‬

‫مدير الشركة غير الشريك يرتبط مع الشركة بعالقة عمل ويمارس العمل التجاري باسم الشركة‬
‫ولحسابها وال يكتسب صفة التاجر‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬إمتهان العمل التجاري‬

‫إن اإلعتياد ال يعني اإلمتهان‪ ،‬فاإلعتياد يقصد به تكرار وقوع العمل من وقت إلى وقت آخر‬
‫من دون أن يصل لدرجة اإلستمرار واإلنتظام‪ ،‬واعتياد الشخص لألعمال التجارية بطريقة منتظمة‬
‫ال يكسبه لوحده صفة التاجر‪ ،‬بل البد وأن يتخذ منها مصد ار رئيسيا لإلرتزاق بمعنى أن المهنة ال‬
‫تقوم بمجرد التكرار‪ ،‬وإنما ال بد وأن تكون مصدر رزق صاحبها‪ ،‬بمعنى توجيه نشاط التاجر‬
‫بشكل مستمر و منتظم للقيام بعمل معين قصد إشباع حاجات ذاتية له فيتخذ العمل سبيال للرزق‬
‫و وسيلة للكسب‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬محل المهنة‬

‫ال يكفي الكتساب صفة التاجر أن يباشر الشخص عمال من األعمال التجارية ‪ ،‬وإنما البد‬
‫أن تتم هذه المباشرة على سبيل االمتهان ‪ ،‬و اإلمتهان ال يعني فقط التكرار المعتاد لنشاط تجاري‬
‫ما ‪ ،‬و إنما يجب أن يكون هذا األخير هو المورد األساسي لرزقه و الالزم لوجوده ‪ ،‬و الحال‬
‫كذلك ال يعد تاجر من يباشر األعمال التجارية بصفة عرضية غير منتظمة ‪ ،‬و هذا هو نفس‬
‫حال الشخص الذي يعتاد سحب السفتجات ‪ ،‬و ذلك ألن سحب السفتجة ال يعدو أن يكون وسيلة‬
‫من وسائل تسوية الديون ‪ ،‬و ال يرقى إلى مرتبة المهنة التي يتحقق بها كسب القوت‬

‫و قد جاء المشرع الجزائري كما سبق الذكر أعاله ‪ ،‬بصياغة لنص المادة األولى من القانون‬
‫التجاري أشمل و أوسع من سابقه و في آن واحد أدق منه ‪ ،‬إذ شمل الشخص الطبيعي‬
‫و المعنوي الذي يتخذ األعمال التجارية مهنة له ‪،‬و قد استبدل المشرع كلمة حرفة بكلمة مهنة‬
‫و هذه األخيرة أوسع في معناها من الحرفة إذ المهنة تشمل المهن و الحرف ‪.‬‬

‫كما أن الحرفة توحي إلى الذهن تلك الصناعات اليدوية التقليدية فحسب ‪ ،‬بينما إمتهان التجارة‬
‫يشمل جميع النشاطات الحيوية في المجال التجاري و الصناعي‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تمييز الحرفي عن التاجر‬

‫عرف المشرع الجزائري الحرفي شأنه في ذلك شأن التاجر بأنه كل شخص طبيعي مسجل في‬
‫سجل الصناعة التقليدية و الحرف ‪ ،‬يمارس نشاطا تقليديا يتمثل في كل نشاط إنتاج أو إبداع أو‬
‫تحويل أو ترميم فني أو صيانة أو تصليح أو أداء خدمة يطغى عليه العمل اليدوي و يمارس‬
‫بصفة رئيسية و دائمة و في شكل مستقر أو متنقل أو معرضي في أحد مجاالت نشاطات‬
‫الصناعة التقليدية و الصناعة التقليدية الفنية و الصناعة التقليدية الحرفية إلنتاج المواد‬
‫و الصناعة التقليدية الحرفية للخدمات ‪ ،‬و يمارس الحرفي هذا النشاط إما فرديا أو ضمن تعاونية‬
‫للصناعة التقليدية و الحرف و إما ضمن مقاولة للصناعة التقليدية و الحرف ‪ ،‬و يثبت في ذلك‬
‫تأهيال و يتولى بنفسه مباشرة تنفيذ العمل و إدارة نشاطه و تسييره و تحمل مسؤوليته‪.‬‬

‫و عليه يعتبر الحرفي الشخص الذي يمارس صناعة تقليدية يدوية تعتمد على مهارته الفردية‬
‫أو بمساعدة عدد من العمال ‪ ،‬حيث يشترط المشرع الجزائري الكتساب صفة الحرفي ممارسة‬

‫‪68‬‬
‫صناعة يدوية فهو عكس التاجر الذي يضارب على السلع و البضائع التي يستعملها في تجارته‬
‫يقوم بجني أرباحه من نتاج عمله اليدوي ‪ ،‬ضف إلى ذلك يستوجب المشرع توفر مؤهالت المهنة‬
‫المطلوبة في حين ال يشترط ذلك في التاجر حيث يجب على الحرفي أن يكون حائز على شهادة‬
‫تأهيلية من قبل مركز تقني أو مهني للقيام بعمله ‪.‬‬

‫و من أمثال الحرفي ‪ ،‬مصلح األحذية ‪ ،‬الخياط ‪ ،‬النجار ‪ ،‬الحداد ‪ ،‬الساعي ‪ ،‬الكهربائي ‪،‬الحالق‬
‫الميكانيكي ‪...‬‬

‫و اشترط المشرع الجزائري الكتساب صفة الحرفي أن يدير هذا األخير عمله بنفسه و يعمل‬
‫لحسابه و يتحمل مسؤولياته و له في ذلك أن يستعين بعدد من العمال لمساعدته و سير نشاطه‬
‫و على عكس التاجر الذي يقوم بالقيد في السجل التجاري فإن الحرفي تثبت له صفة الحرفي‬
‫بتسجيله في سجل الصناعة التقليدية و الحرف ‪ ،‬و هو ال يخضع للتسجيل في السجل التجاري‬
‫بحكم القانون‪.‬‬

‫و يتميز عمل الحرفي بطبيعة تتطلب مؤهالت مهنية خاصة و قدرات خاصة فهو يعتمد‬
‫بالدرجة األولى على الممارسة اليدوية دون إهمال إستعمال بعض اآلالت مثل استعمال آالت‬
‫الخياطة بالنسبة للخياط ‪ ،‬و آالت غسل الشعر بالنسبة للحالق ‪ ،‬عكس التاجر الذي ال يشترط‬
‫فيه مؤهل مهني ‪ ،‬لكن يلتزم هذا األخير بالقيد في السجل التجاري الذي يكون على مستوى‬
‫المركز الوطني للسجل التجاري و يخضع ألحكام القانون التجاري و القوانين المتممة و المعدلة له‬
‫و في حال المنازعة ينعقد اإلختصاص للقسم التجاري ‪،‬أما الحرفي فيقوم بمسك سجل الصناعة‬
‫التقليدية و الحرف على مستوى البلدية تمنح له بعد ذلك بطاقة الحرفي و يخضع ألحكام األمر‬
‫المتعلق بالصناعة التقليدية و الحرف و بعض من أحكام القانون التجاري المحال عليه و في حال‬
‫المنازعة ينعقد اإلختصاص للقسم المدني في غرفته اإلجتماعية ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬عناصر المهنة‬

‫أوال ‪ :‬اإلعتياد‬

‫و هو العنصر المادي و يتمثل في القيام بالعمل التجاري على سبيل اإلنتظام و اإلستمرار‬
‫و من ثم فإن عرضية النشاط أو القيام به على فترات متفرقة ال يكفي لتكوين اإلعتياد و بالتالي ال‬

‫‪69‬‬
‫يؤدي إلى إكتساب صفة التاجر ‪،‬و مثال ذلك الشخص الذي يقوم بممارسة التجارة في مواسم‬
‫األعياد و الموالد أو في بداية العام الدراسي ‪ ،‬فمن يقوم ببيع الحلوى في أوقات الموالد أو األحذية‬
‫و المالبس الجاهزة في بداية العام الدراسي فهو و إن كان يباشر نشاطا تجاريا إال أنه يباشره‬
‫بصفة عرضية غير منتظمة ‪ ،‬و هذا بخالف مثال من اعتاد شراء محصول العنب أو المشمش‬
‫و ذلك ألن الشراء ال يقبل بطبيعته أن يمارس إال في أوقات نضج المحصول ‪ ،‬أما في الحالة‬
‫األولى فإن العمل و هو بيع األحذية أو الحلوى كما يمكن أن يمارس في بداية العام الدراسي أو‬
‫في المولد فإنه يمكن أن يمارس في أوقات أخرى ‪ ،‬إن اعتياد ممارسة األعمال التجارية يجب أن‬
‫يكون بصفة منتظمة و مستمرة ال بصورة عرضية و متفرقة‬

‫ثانيا ‪ :‬القصد‬

‫وهو العنصر المعنوي للمهنة فيجب أن يكون اإلعتياد بقصد إتخاذ وضعية معينة ‪،‬هي الظهور‬
‫بمظهر صاحب المهنة ‪ ،‬فالعنصر المعنوي يتجسد في ضرورة أن يكون الغرض من ممارسة‬
‫األعمال التجارية على سبيل اإلستمرار و اإلنتظام ‪ ،‬هو كسب القوت و اإلرتزاق من وراء ذلك ‪،‬‬
‫و بناء على ذلك ‪ ،‬فإن توافر اإلعتياد وحده ال يؤدي إلى توافر اإلمتهان ‪ ،‬وإنما ال بد أن يقترن‬
‫هذا اإلعتياد بنية أو بقصد العيش و اإلرتزاق ‪ ،‬فإذا اعتاد صاحب عقار مثال سحب سفتجات‬
‫على مستأجريه بقيمة األجرة ‪ ،‬فإنه ال يعتبر تاج ار وإن كان يقوم بعمل تجاري ألنه يعيش من‬
‫تأجير العقار و ليس من سحب السفتجات على مستأجريه ‪ ،‬ونفس الشيء بالنسبة للشخص الذي‬
‫اعتاد قبول السفتجات المسحوبة عليه من قبل دائنيه وفاء للديون التجارية المستحقة في ذمته ‪ ،‬أو‬
‫اعتاد تحرير سندات إذنية وفاء لهذه الديون‪ ،‬فهذا الشخص على الرغم من توافر اإلعتياد في‬
‫جانبه ال يكتسب صفة التاجر ألنه ال يرتزق أو يتعيش من وراء قبول السفتجات أو تحرير‬
‫السندات اإلذنية ‪ ،‬وإنما من وراء األنشطة التي تولدت عنها الديون ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬إثبات المهنة‬

‫إلثبات اإلحتراف أهمية كبيرة فهي تحدد النظام القانوني الذي يحكم الت ازماته‪ ،‬و هذه الصفة ال‬
‫تفترض وإنما البد من إثباتها بكافة طرق اإلثبات‪ ،‬و يقع عبئ اإلثبات على من يدعيها‪ ،‬فال يكفي‬

‫‪70‬‬
‫أن يصف شخص نفسه تاج ار أو يثبت الصفة على أساس وجود محل تجاري فقط فقد يباشر‬
‫التاجر حرفته التجارية متجوال أو على الطريق العام ‪.‬‬

‫و إثبات اإلحتراف مسألة موضوعية يفصل فيها قاضي الموضوع و ال يخضع في فصله لهذه‬
‫الوقائع لرقابة المحكمة العليا ‪ ،‬و يتم إثبات اإلحتراف كذلك بالقيد في السجل التجاري و هي قرينة‬
‫الكتساب الصفة التجارية‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬أهلية اإلتجار‬

‫و بالرجوع إلى أحكام القانون التجاري الجزائري نجده لم ينص إال على أهلية القاصر‬
‫المرشد أي المأذون له بالتجارة و ذلك ما نصت عليه المادة الخامسة منه ‪ ،‬و تناول في المادتين‬
‫السابعة و الثامنة األحكام الخاصة بأهلية المرأة المتزوجة ‪ ،‬و ما عدا ذلك يجب الرجوع إلى‬
‫القواعد العامة أي القانون المدني‬

‫الفرع األول ‪ :‬كامل األهلية‬

‫يجب عدم الخلط بين إنعدام األهلية و المنع من امتهان التجارة‪ ،‬ذلك ألن الشخص قد‬
‫تتوافر لديه األهلية‪ ،‬و يمنع من امتهان التجارة مثل الموظفين و األطباء و المحامين‪ ،‬و لكن في‬
‫حالة ما إذا امتهن هؤالء األشخاص التجارة ‪ ،‬فإنهم يكتسبون صفة التاجر و تعتبر أعمالهم تجارية‬
‫صحيحة ‪ ،‬و يلتزمون بجميع التزامات التجار ‪ ،‬و هذا حماية للغير الذي تعامل معهم وإن كان‬
‫يطبق عليهم جزاء لمخالفة الحظر الذي جاء في قانون المهنة التي ينتمون إليها فتوقع عليهم‬
‫عقوبات تأديبية‬

‫أما بالنسبة لألجنبي الذي يبلغ سن ‪ 19‬سنة كاملة يعتبر كامل األهلية لمباشرة التجارة في‬
‫الجزائر و لو كان طبقا لقانون دولته يعتبر ناقص األهلية ‪ ،‬والسبب في ذلك هو رغبة المشرع في‬
‫التسوية بين جميع األشخاص البالغين و عدم توفير حماية خاصة لألجانب وأكثر من ذلك أراد‬
‫المشرع أن يوفر الحماية و الطمأنينة و الثقة للمواطنين الجزائريين في تعاملهم مع األجانب‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬التاجر القاصر المرشد‬

‫يقضي المشرع بأن سن الرشد يتحدد بتسع عشرة سنة كاملة ‪ ،‬و على ذلك يجوز لكل شخص‬
‫مزاولة التجارة طالما كانت أهليته كاملة و لم يصب بعارض من عوارض األهلية كالجنون و العته‬
‫و السفه و الغفلة ‪ .‬أما القاصر فيمنع عليه مزاولة التجارة إال إذا بلغ سن ‪ 18‬سنة كاملة و هنا‬
‫يسمى بالقاصر المرشد هذا األخير ذك ار أو أنثى ال يمكن اعتباره راشدا بالنسبة للتعهدات التي‬
‫يبرمها عن أعمال تجارية إذا لم يكن قد حصل مسبقاعلى طلب اإلذن من والده أو أمه أو قرار‬
‫من مجلس العائلة مصادق عليه من المحكمة‪ ،‬فيما إذا كان والده متوفيا أو غائبا أو سقطت عنه‬
‫سلطته األبوية أو استحال عليه مباشرتها أو حال انعدام األب و األم لسبب من األسباب‪ ،‬و يجب‬
‫أن يقدم هذا اإلذن الكتابي دعما لطلب التسجيل في السجل التجاري‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬المرأة المتزوجة‬

‫المشرع التجاري الجزائري تعرض للمرأة التي تمارس التجارة و اعتبرها أهال لتحمل المسؤولية‬
‫المترتبة على ممارسة هذه المهنة‪ ،‬بحيث ألقى على عاتقها تحمل اإللتزامات التجارية شخصيا‬
‫التي تقوم بها لحاجات تجارتها بدال من إلقاء العبء على زوجها أو الحصول على إذن منه ‪.‬‬

‫أما المرأة التي تقوم بمساعدة زوجها في البيع بالتجزئة ال تكتسب صفة التاجر وال يعتبر عملها‬
‫إال مجرد مساعدة تنجم عن الرابطة الزوجية وال تكتسب صفة التاجر إال إذا مارست نشاطا تجاريا‬
‫منفصال و هو نفس الحكم الذي يطبق على الزوج الذي يساعد زوجته التاجرة في نشاطها التجاري‬
‫حيث ال يكتسب صفة التاجر إال إذا مارس هو اآلخر عمال تجاريا مستقال عن عمل زوجته‬
‫التجاري ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫إلتزامات التاجر المهنية‬

‫لقد رتب المشرع على األشخاص بصفة التاجر باعتبارهم أشخاصا يتمتعون بمركز قانوني‬
‫معين جملة من االلتزامات‪ ،‬ولعل أهمها ضرورة مسك الدفاتر التجارية وكذا واجب القيد في‬
‫السجل التجاري‪ .‬وسنوضح فيما يأتي أهم المسائل المتعلقة بهذين اإللتزامين ‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مسك الدفاتر التجارية‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أهمية الدفاتر التجارية‬

‫الدفاتر التي يلتزم التاجر بمسكها هي التي تبين مركزه المالي من خالل الصفقات التي يبرمها‬
‫كما توضح لدائنيه عند إفالسه العمليات التي قام بها قبل اإلفالس‪ ،‬فمن خالل هذه الدفاتر تقوم‬
‫عملية محاسبة التاجر‪ ،‬غير أن عملية المحاسبة‪ ،‬و إن كانت ضرورية للحياة التجارية المعاصرة‬
‫‪،‬فإنها ترمي إلى تحقيق أغراض شتى حيث تعد القاعدة األساسية لجميع العمليات اإلقتصادية و‬
‫اإلحصائية و تبين األرباح الصافية و المعلومات الدقيقة التي تستند إليها مصلحة الضرائب ‪.‬‬

‫لهذا أوجب المشرع على التاجر مسك الدفاتر التجارية بقصد محاسبة نفسه ومحاسبة غيره‬
‫عن طريق تدوين كل العمليات التي يقوم بها عند مباشرته للتجارة حتى تكون بمثابة المرآة‬
‫الصادقة لحركته التجارية‬

‫ومسك الدفاتر بطريقة دقيقة و منظمة يعود بالفائدة على التاجر و على دائنيه و على الخزانة‬
‫العامة على السواء ‪ ،‬ألنها تكون كفيلة ببيان المؤكز المالي للتاجر و بيان ما له و ما عليه من‬
‫ديون متعلقة بتجارته ‪ ،‬وإذا أشهر إفالسه يستطيع إثبات سالمة تصرفاته و حسن نيته حتى يد أر‬
‫عن نفسه خطر التعرض لعقوبة اإلفالس بالتدليس أو بالتقصير‪ ،‬فاستنادا إلى هذه الدفاتر يستطيع‬
‫أن يقنع دائنيه بأن اختالل شؤونه التجارية يرجع إلى ظروف لم تكن في الحسبان مما يمكنه من‬
‫الحصول على الصلح الواقي من اإلفالس‪ ،‬ألن القانون يتطلب لذلك حسن النية حيث من‬
‫الصعب افتراض حسن نيته إذا أهمل تنفيذ اإللتزام الملقى على عاتقه وهو مسك الدفاتر التجارية‬

‫‪73‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أنواع الدفاتر التجارية‬

‫أوال ‪ :‬الدفاتر اإللزامية‬

‫‪ : 1‬دفتر اليومية‬

‫يسجل فيه التاجر كل عملياته اليومية والمتعلقة بذمته المالية سواء من حيث الحقوق المالية أو‬
‫اإللتزامات المالية‪ ،‬األمر الذي يتطلب الحرص والتأكد من ذلك فهو يقوم مثال بتسجيل قيم‬
‫وتواريخ مبيعاته‪ ،‬مشترياته‪ ،‬قروضه‪ ،‬دفع و استالم بضائع أو أموال‪ ،‬ديونه‪ ،‬أجور عماله‬

‫ويجوز للتاجر القيام بمراجعة نتائج عملياته شهريا بشرط أن يحتفظ بكل الوثائق التي يمكن‬
‫بواسطتها يمكن مراجعة تلك العمليات يوميا‪ .‬و إمساك دفتر اليومية يتناسب مع المشروع الصغير‬
‫أو المتوسط‪ ،‬ولكن بالنسبة للمشروع الضخم فإن العمليات التجارية تكثر على التاجر و تتنوع مما‬
‫يجعل قيدها في سجل واحد قد يحيطها اللبس و الغموض نظ ار لتشابهها‪ ،‬و أحيانا من حيث‬
‫الشروط و األثار لذلك يجوز للتاجر استعمال دفاتر يومية مساعدة لهذه العمليات بحيث يخصص‬
‫كل دفتر لنوع معين من العمليات التجارية التي ينجزها محله‪ ،‬دفتر للمبيعات‪ ،‬دفتر ألوراق‬
‫القبض ‪...‬‬

‫و متى استعمل التاجر هذه الدفاتر فإنه في غنى عن تقييد عملياته المالية بالتفصيل في دفتر‬
‫اليومية األصلي ‪ ،‬ويكتفي في هذه الحالة بتقييد إجمالي لهذه العمليات في دفتر اليومية األصلي‬
‫في فترات منتظمة ‪ ،‬فإذا لم يتبع هذا اإلجراء وجب اعتبار دفاتر اليومية المساعدة بمثابة دفتر‬
‫يومية أصلي ذي أجزاء متعددة و إخضاعها بالتالي للقواعد التي استوجب القانون مراعاتها لضمان‬
‫انتظام الدفاتر التجارية التي يتعين على التاجر مسكها ‪.‬‬

‫‪ : 2‬دفتر الجرد‬

‫ألزم المشرع الجزائري التاجر مسك دفتر الجرد ‪ ،‬يقيد فيه عناصر مشروعه التجاري و هي ما‬
‫للتاجر من أموال ثابتة و منقولة و حقوقا لدى الغير ‪ ،‬و الخصوم و هي الديون التي تكون في‬
‫ذمة التاجر للغير و يدون فيه فضال على ذلك بيان للبضائع التي تكون لدى التاجر في محله‬
‫ومخازنه و هي التي يشملها الجرد الذي يجريه التاجر سنويا‬

‫‪74‬‬
‫حيث يذكر في دفتر الجرد نوعين من البيانات ‪ ،‬األول يتعلق بتفصيل البضاعة الموجودة لدى‬
‫التاجر في آخر كل سنة مالية و هذه العملية هي التي يطلق عليها الجرد السنوي بحيث يحدد‬
‫بداية السنة المالية و نهايتها ‪.‬‬

‫أما النوع الثاني فيتعلق بقيد صورة من الميزانية السنوية للتاجر و كذا حساب النتائج و عند‬
‫مواجهة األصول بخصوم يتضح للتاجر إذا كان قد حقق ربحا أو مني بالخسارة ‪ ،‬أو بذلك يكون‬
‫على البينة من أمره كما يجب أن ال نخلط بين الجرد و الميزانية ‪ ،‬فالجرد بيان موجودات التاجر‬
‫و الميزانية محضر يمثل الموقف اإليجابي أو السلبي لوضعية التاجر المالية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الدفاتر اإلختيارية‬

‫‪ : 1‬دفتر اإلسناد‬

‫وهو أهم الدفاتر اإلختيارية و هو الذي تنقل إليه القيود التي سبق تدوينها في الدفاتر اليومية‬
‫‪ ،‬بحيث تجمع العمليات التي من نوع واحد في مجموعة واحدة يسمى كل منها الحساب ويتألف‬
‫من ثالث مجموعات رئيسية من الحسابات ‪ ،‬حسابات شخصية تضم أسماء األشخاص الذين‬
‫يتعامل معهم التاجر ‪ ،‬وحسابات عامة أو حقيقية تتألف من أصول وعناصر المحل التجاري‬
‫لحساب رأس المال ‪ ،‬البضاعة‪ ،‬اآلالت‪ ،‬األثاث‪ ،‬األوراق التجارية وحسابات إسمية تمثل نفقات أو‬
‫إيرادات أو أرباح أو خسائر‬

‫‪ : 2‬دفتر الصندوق أو الخزانة‬

‫يتم فيه إثبات حركة النقود الصادرة والواردة وبواسطته يستطيع التاجر أن يتحقق من مقدار‬
‫النقود الموجودة لديه‬

‫‪ : 3‬دفتر المبيعات و المشتريات‬

‫يسجل فيه التاجر كل البضائع التي يبيعها أو يشتريها‬

‫‪ : 4‬دفتر األوراق التجارية‬

‫يسجل فيه التاجر مواعيد اإلستحقاق الخاصة باألوراق التجارية لصالحه أو لغيره‬

‫‪75‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬األشخاص الملزمون بمسكها‬

‫باستقراء نص المادة التاسعة من القانون التجاري الجزائري يتضح أن كل تاجر سواء كان‬
‫شخصا طبيعيا أو معنويا يلتزم بإمساك الدفاتر التجارية و على هذا األساس فإن الشخص المدني‬
‫يعفى من هذا اإللتزام الذي ال يلقى إال على عاتق التاجر الذي يجب عليه مسك هذه الدفاتر‬
‫بطريقة تضمن أو تكفل بيان مركزه المالي و بيان ما عليه من ديون تترتب عن مزاولته التجارة‬
‫و هو إلتزام يقع على عاتق كل من يزاول التجارة على اإلقليم الجزائري سواء كان وطنيا أو أجنبيا‬
‫وال يشترط في مسك الدفاتر التجارية‬ ‫ألن هذا اإللتزام يعد من قبيل التنظيم الداخلي لهذه المهنة‬
‫أن يكون التاجر على دراية بالكتابة أو القراءة بل يكفي أن يستعين بذوي الخبرة في مسك وتنظيم‬
‫الدفاتر التجارية‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تنظيم الدفاتر التجارية و جزاء عدم مسك و حجيتها في اإلثبات‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تنظيم الدفاتر التجارية و جزاء عدم مسك‬

‫أوال ‪ :‬تنظيم الدفاتر التجارية و مدة اإلحتفاظ بها‬

‫يخضع مسك الدفاتر التجارية ألحكام خاصة نصت عليها المادة ‪ 11‬و المادة ‪ 12‬من القانون‬
‫التجاري الجزائري نظ ار ألهميتها في مجال اإلثبات أمام القضاء أو أمام مصالح الضرائبو تتجلى‬
‫هذه الطريقة في ترقيم صفحات الدفترين قبل استعمالهما مع التوقيع عليهما من طرف المحكمة‬
‫المختصة التي يقع في دائرتها نشاط التاجر ‪ ،‬مع عدم احتواء الدفترين على أي فراغ أو كتابة في‬
‫الهوامش أو تحشير ‪ ،‬و ترجع الحكمة في ذلك إلى منع التاجر من تعديل أو محو للبيانات الواردة‬
‫في الدفتر حسبما تمليه عليه مصلحته ‪ ،‬و في حالة ما وقع أي خطأ أثناء قيد إحدى العمليات ال‬
‫يجوز شطبها أو تصحيحها إال بقيد جديد يؤرخ منذ تاريخ اكتشاف الخطأ‬

‫و يجب اإلحتفاظ بالدفاتر التجارية والمستندات لمدة عشر سنوات و للتاجر بعد انقضاء هذه‬
‫المدة أن يعدم دفاتره و مستنداته التجارية حيث ال يمكن للقاضي إلزامه بتقديمها بعد انقضاء هذه‬
‫المدة ‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫ثانيا ‪ :‬جزاء عدم مسك الدفاتر التجارية‬

‫‪ : 1‬الجزاءات المدنية‬

‫إن التاجر المهمل الذي لم يمسك الدفاتر التجارية أو لم يراع فيها األوضاع المقررة قانونا‬
‫يتعرض لجزاء حرمانه من تقديم دفاتره للغير كدليل لإلثبات أمام القضاء ‪ ،‬و يكون التاجر قد حرم‬
‫نفسه من دليل مادي في متناول يده السيما إذا كان خصمه تاج ار مثله ‪ ،‬إذ يسهل أن نصل إلى‬
‫الحقيقة بمضاهاة و مقارنة الدفترين بعضهما بالبعض ‪ ،‬كما أن انتظام هذه الدفاتر سيسهل على‬
‫مصلحة الضرائب الوصول إلى حقيقة المركز المالي للتاجر و بالتالي تكون معايير تقدير‬
‫الضريبة لصالحه استنادا إلى الموضوعية و انتظام الدفتر ‪ ،‬زيادة على ذلك فإن التاجر المهمل‬
‫المقصر في مسك هذه الدفاتر أو عدم تنظيمها يحرمه من إجراء تسوية قضائية معه لعدم بيان‬
‫مركزه المالي ‪.‬‬

‫‪ : 2‬الجزاءات الجزائية‬

‫حدد المشرع الجزائري الحاالت التي يعد فيها التاجر مرتكبا لجريمة اإلفالس بالتقصير ومن‬
‫بينها التاجر الذي توقف عن دفع ديونه و لم يكن قد أمسك حسابات حسب عرف المهنة حيث‬
‫يعد التاجر المرتكب لجريمة اإلفالس بالتقصير ذلك التاجر الذي توقف عن الدفع إذا كانت‬
‫حساباته ناقصة غير منتظمة‪ .‬كما يعد مرتكبا للتفليس بالتدليس كل تاجر في حالة توقفه عن‬
‫الدفع ويكون قد أخفى حساباته كلها أو بعضها‬

‫و المالحظ أن المادة ‪ 391‬من القانون التجاري التي تحيلنا إلى المادة ‪ 383‬من قانون‬
‫العقوبات على األشخاص الذين تثبت إدانتهم بالتفليس بالتقصير أو بالتدليس يعاقب عن اإلفالس‬
‫بالتقصير بالحبس من شهرين إلى سنتين ‪ ،‬و عن اإلفالس بالتدليس بالحبس من سنة إلى خمس‬
‫سنوات ‪ ،‬و يجوز عالوة على ذلك أن يقضي على المفلس بالتدليس بالحرمان من حق أو أكثر‬
‫من الحقوق الواردة في المادة ‪ 14‬من قانون العقوبات الجزائري لمدة سنة على األقل و خمس‬
‫سنوات على األكثر ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬حجيتها في اإلثبات‬

‫متى أمسك التاجر دفاتره بصورة منتظمة ‪ ،‬أمكن له االحتجاج بها ضد الغير‪ ،‬كما أجاز‬
‫المشرع للخصم االستناد إلى دفاتر التاجر ليستقي منها دليال يستعمله ضد التاجر ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬استعمال الدفاتر التجارية لمصلحة التاجر ‪:‬‬

‫خالفا للقواعد العامة المعروفة في القانون المدني و التي ال تجيز للشخص أن يصطنع دليال‬
‫يستعمله ضد خمصه أجاز المشرع في القانون التجاري للتاجر أن يستند إلى دفاتره التجارية من‬
‫أجل استعمالها كدليل إثبات ضد خصمه‪ ،‬سواء كان الخصم تاج ار أم شخصا عاديا ‪ ،‬حيث فيما‬
‫يخص استعمال الدفاتر ضد الخصم التاجر اشترطت المادة (‪ )13‬من القانون التجاري ضرورة‬
‫توافر ثالثة شروط ‪:‬‬

‫أن يكون الشخصان متمتعين بصفة التاجر ‪.‬‬

‫أن يتعلق األمر بنزاع تجاري بينهما ‪.‬‬

‫أن تكون الدفاتر منتظمة‬

‫أما فيما يخص استعمال التاجر لدفاتره التجارية ضد الشخص العادي‪ ،‬فأجازه المشرع استثناءا و‬
‫ذلك بتحقق شروط ثالثة‪:‬‬

‫أن تتعلق المعاملة بتوريد البضائع‬

‫أن يكون االلتزام تقل قيمته على ‪111.111‬دج‬

‫أن يستعمل الدليل المستقي من الدفاتر التي تقوم بتوجيه اليمين المتممة وهو خاص بالقاضي ال‬
‫بالخصم وال يجوز للقاضي استبعاد اليمين المتممة في هذا الشأن و تعويضها بوسيلة أخرى‬
‫كشهادة الشهود مثال ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬استعمال الدفاتر التجارية ضد التاجر‬

‫‪78‬‬
‫خالفا للقاعدة العامة في قواعد اإلثبات التي تقضي بعدم جواز إجبار الشخص أن يقدم دليال ضد‬
‫نفسه أجاز المشرع في القانون التجاري للتاجر أن يستند على دفاتر خصمه التاجر ليستقي دليال‬

‫يستعمله ضده‪ ،‬باعتبار أن ما ورد فيها يكون منسوبا إليه و ّ‬


‫يعد بمثابة إقرار صادر منه ‪ .‬لكن‬
‫في الوقت ذاته ألزم الخصم الذي يرغب في االستناد على دفاتر خصمه من أجل استعمالها ضده‬
‫كدليل في اإلثبات أن يأخذ بها كاملة أو يتركها كلية ‪.‬‬

‫وبعبارة أخرى ال يجوز للخصم أن يجزئ ما ورد فيها من بيانات وأدلة يأخذ ما يراه صالحا له و‬
‫يترك ما هو مناقض لدعواه ‪.‬‬

‫وهذا ما يستفاد من نص المادة (‪ )331‬بقولها (تكون الدفاتر التجارية حجة على هؤالء التجار‪،‬‬
‫ولكن إذا كانت هذه الدفاتر منتظمة فال يجوز لمن يريد استخالص دليل لنفسه أن يجزئ ما ورد‬
‫فيها واستبعاد منه ما هو مناقض لدعواه)‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬طريقة تقديم الدفاتر التجارية أمام المحكمة‪:‬‬

‫خروجا عن القاعدة العامة التي تقضي بحياد القاضي وكذا قاعدة عدم جواز إجبار الشخص‬
‫استعمال دليل ضده نفسه‪ .‬أجاز المشرع للقاضي بمحض إرادته أو بناء على طلب المدعي أن‬
‫يأمر المدعى عليه بتقديم دفاتره التجارية أمام المحكمة‪ ،‬الستخالص دليال متعلقا بالنزاع‬
‫المعروض أمامه‪ ،‬وتتم هذه الكيفية بطريقتين ‪ :‬طريقة اإلطالع الكلي وطريقة اإلطالع الجزئي ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ طريقة اإلطالع الكلي‪:‬‬

‫أجاز المشرع للشخص أن يطلع على الدفاتر التجارية لخصمه وذلك بصفة كلية نظ ار للحاجة‬
‫الماسة لذلك وعدم حصول ضرر للخصم‪ ،‬و لقد حصرت المادة (‪ )15‬من القانون التجاري هذا‬
‫األمر في ثالث مسائل‪:‬‬

‫ـ الميراث‪ :‬حيث أجاز المشرع للورثة اإلطالع على دفاتر مورثهم باعتبارهم أصحاب مصلحة‬
‫لكون التركة انتقلت إليهم‪ ،‬ومن تم سيتمكنون من الوقوف على المعطيات و المعلومات المتعلقة‬
‫بتركة مورثهم بصفتهم مالكين على الشيوع ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫ـ قسمة الشركة‪ :‬منح المشرع الحق للشريك اإلطالع على دفاتر الشركة في حالة تصفيتها وذلك‬
‫بقصد معرفة حقوقه باعتباره شريكا كامل الحقوق بالمقارنة مع باقي الشركاء ‪.‬‬

‫ـ اإلفالس‪ :‬أجاز المشرع لوكيل التفليسة اإلطالع على دفاتر التاجر المفلس المتوقف عن الدفع‪،‬‬
‫وذلك من أجل الوقوف على الوضع المالي للمدين المفلس و معرفة ماله وما عليه ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ اإلطالع الجزئي ‪:‬‬

‫يجوز اإلطالع على الدفاتر التجارية للخصم فيما يخص واقعة معينة دون أن يتعدى ذلك إلى‬
‫جميع ما تتضمنه الدفاتر التجارية‪ ،‬بانتداب خبير من قبل المحكمة مثال وهذا ما يسمى باإلطالع‬
‫الجزئي‪ .‬مع اإلشارة أن الخصم ال يجوز له اإلطالع على دفاتر خصمه إال في حدود ما هو‬
‫متعلق بالنزاع القائم بينهما ‪ .‬ويتم غالبا من التاجر تقديم منح مصورة من البيانات المتعلقة‬
‫بموضوع النزاع ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االلتزام بالتسجيل في السجل التجاري‪.‬‬

‫يعد التسجيل في السجل التجاري من بين أهم االلتزامات المفروضة على التجار‪ ،‬لذا سنتطرق‬
‫إلى تعريف السجل التجاري‪ ،‬نموذج السجل التجاري والجهة المكلفة بمسكه‪ ،‬األهداف من وضعه‪،‬‬
‫األشخاص الملزمون بالتسجيل في السجل التجاري‪ ،‬الموانع التي تحول دون التسجيل فيه‪،‬‬
‫األنشطة الخاضعة للتسجيل‪ ،‬إجراءات أو كيفية التسجيل‪ ،‬وأخي ار آثار التسجيل في السجل‬
‫التجاري‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف السجل التجاري والجهة المكلفة بمسكه والهدف من وضعه‪.‬‬

‫أوال‪ -‬تعريف السجل التجاري‪.‬‬

‫السجل التجاري هو دفتر مرقم ومؤشر عليه من طرف القاضي‪ ،‬تسجل فيه البيانات الخاصة‬
‫بالتاجر ونشاطه‪ ،‬ويقصد بالتسجيل في السجل التجاري كل قيد أو تعديل أو شطب في السجل‬
‫التجاري‪ ،‬فعند قيد التاجر يسلم له مستخرج عن السجل التجاري‪ ،‬هذا األخير يعد سندا رسميا‬
‫يؤهل التاجر المتمتع باألهلية التجارية لممارسة نشاطه التجاري‪ ،‬وال يمكن الطعن في هذا السجل‬

‫‪80‬‬
‫إال بالتزوير‪ ،‬أي أن السجل التجاري له حجية مطلقة مقارنة بالدفاتر التجارية التي لها حجية‬
‫نسبية‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬نموذج مستخرج السجل التجاري‪.‬‬

‫في عام ‪ 2116‬صدر نص تنظيمي يحدد نموذج ومحتوى مستخرج السجل التجاري‪ ،‬ثم صدر‬
‫قرار عن وزير التجارة في ‪ 2117‬يحدد نموذج لمستخرج السجل التجاريالخاص بالقيد والتعديل‬
‫والشطب‪ ،‬هذا النموذج يحتوي على جناح واحد للقيد الثانوي والشطب‪ ،‬وجناحين بالنسبة لألنواع‬
‫األخرى من التسجيل‪ ،‬هذا النموذج يطبع على ورق مقوى بقياس ‪ 15‬على ‪ 21‬سنتيمتر لكل‬
‫جناح‪.‬‬

‫وضع القرار الوزاري السابق الذكر‪ ،‬سبعة ألوان للتمييز بين أنواع التسجيل في السجل التجاري‪،‬‬
‫فاللون األزرق للقيد أو التعديل للشخص الطبيعي‪ ،‬واللون األخضر للقيد أو التعديل للشخص‬
‫المعنوي‪ ،‬واللون البرتقالي للقيد أو التعديل للفروع والممثليات التجارية األجنبية‪ ،‬واللون األصفر‬
‫للقيد والتعديل للتاجر غير القار‪ ،‬واللون البنفسجي لمؤجر المحالت التجارية للشخص الطبيعي في‬
‫حالة التعديل‪ ،‬واللون الرمادي لمؤجر المحل التجاري للشخص المعنوي في حالة التعديل‪ ،‬وأخي ار‬
‫اللون األبيض للشطب من السجل التجاري للشخص الطبيعي أو المعنوي‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬الجهة المكلفة بمسك السجل التجاري‪.‬‬

‫الجهة المكلفة بمسك السجل التجاري هو المركز الوطني للسجل التجاري (‪ ،)CNRC‬الذي‬
‫يعد سلطة إدارية مستقلة‪ ،‬تشرف عليه و ازرة التجارة‪ ،‬وتجدر اإلشارة أن هذا المركز كان تحت‬
‫وصاية وزير العدل من سنة ‪ 1991‬إلى غاية ‪ ،1997‬أما قبل سنة ‪ 1991‬فكان تحت وصاية‬
‫و ازرة التجارة‪ .‬ونشير إلى أنه يوجد للمركز الوطني للسجل التجاري فروع محلية على مستوى‬
‫الواليات‪ ،‬تتولى عملية تسجيل التجار حسب االختصاص اإلقليمي لكل فرع‬

‫رابعا‪ -‬الهدف من التسجيل في السجل التجاري‪.‬‬

‫هناك عدة أهداف من عملية التسجيل في السجل التجاري‪ ،‬منها‪:‬‬

‫* حصر عدد التجار والمتاجر وبيان نوع نشاطها لذلك تكون له وظيفة إحصائية‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫* تمكين كل ذي مصلحة من أن يتعرف على بيانات التاجر الذي يرغب في التعامل معه‪.‬‬

‫* يعتبر أداة قانونية لإلشهار‪ ،‬فحسب نص المادة ‪ 15‬من القانون رقم ‪ ،18-14‬المعدل والمتمم‪،‬‬
‫فاإلشهار بالنسبة للشخص الطبيعي يعد إجراء إلزامي يهدف من خالله إلى إعالم الغير بحالة‬
‫وأهلية التاجر وبعنوان المؤسسة الرئيسية لالستغالل الفعلي لتجارته وبملكية المحل التجاري وكذا‬
‫تأجير التسيير وبيع المحل التجاري‪ .‬أما بالنسبة للشخص االعتباري وحسب نص المادة ‪ 12‬من‬
‫القانون نفسه‪ ،‬فالهدف من اإلشهار القانوني هو إطالع الغير بمحتوى األعمال التأسيسية‬
‫للشركات والتحويالت والتعديالت والعمليات التي تمس رأس مال الشركة والحسابات وصالحيات‬
‫هيئات اإلدارة أو التسيير وحدودها ومدتها وغيرها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬األشخاص الملزمون بالقيد في السجل التجاري وموانع التسجيل فيه‪.‬‬

‫هناك أشخاص ملزمون بالقيد في السجل التجاري‪ ،‬لكن هناك فئة أخرى يمنع تسجيلها في‬
‫السجل التجاري حتى ولو اكتسبوا صفة التاجر بمفهوم المادة األولى من القانون التجاري‪.‬‬

‫أوال‪ -‬األشخاص الملزمون بالتسجيل في السجل التجاري‪.‬‬

‫حسب نص المادتين ‪ 19‬و‪ 21‬من القانون التجاري‪ ،‬القانون رقم ‪ 18-14‬واألمر رقم ‪-96‬‬
‫‪ ،11‬األشخاص الملزمون بالتسجيل في السجل التجاري‪:‬‬

‫‪ -‬كل شخص طبيعي له صفة التاجر ويمارس أعماله التجارية في الجزائر‪.‬‬

‫‪ -‬كل شخص معنوي تاجر بحسب الشكل‪ ،‬كالشركات التجارية‪ ،‬أو بحسب الموضوع‪.‬‬

‫‪ -‬كل مقاولة تجارية تفتح فرع أو وكالة في الجزائر‪.‬‬

‫‪ -‬كل ممثلية تجارية أجنبية تمارس نشاطا تجاريا على التراب الوطني‪.‬‬

‫‪ -‬مستأجر المحل التجاري‪.‬‬

‫‪ -‬المقاولة الحرفية‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫أما األشخاص المعفيين من التسجيل في السجل التجاري‪ ،‬فنصت عليهم المادة ‪ 7‬من القانون‬
‫رقم ‪ ،18-14‬وهم الحرفي والتعاونية الحرفية التي تسجل فقط لدى غرفة الصناعة التقليدية‬
‫والحرف‪ ،‬تطبيقا لنص المادتين ‪ 11‬و‪ 13‬من األمر رقم ‪ ،11-96‬أما بالنسبة للمقاولة الحرفية‬
‫فهي ملزمة بالقيد في السجل التجاري إضافة إلى التسجيل لدى غرفة الصناعة التقليدية والحرف‪،‬‬
‫تطبيقا لنص المادة ‪ 23‬من األمر رقم ‪ ،11-96‬كذلك فإن الفالحون معفيين من التسجيل في‬
‫التجاري‪ ،‬وكذلك الشركات المدنية والتعاونيات التي ال تهدف إلى الربح‪ ،‬إضافة إلى المهن الحرة‬
‫والمؤسسات العمومية المكلفة بتسيير الخدمات العمومية‪ ،‬باستثناء المؤسسات العمومية ذات‬
‫الطابع الصناعي والتجاري‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬موانع التسجيل في السجل التجاري‪.‬‬

‫نص القانون رقم ‪ 18-14‬على طائفتين من األشخاص يمنع تسجيلهم في السجل التجاري‪،‬‬
‫الطائفة األولى تتمثل في األشخاص المحكوم عليهم نهائيا في جرائم معينة‪ ،‬أما الطائفة الثانية‬
‫فهم األشخاص الذين يكونون في حالة تنافي‪.‬‬

‫أ‪ -‬األشخاص المحكوم عليهم بعقوبة جزائية‪.‬‬

‫نصت المادة ‪ 8‬من القانون رقم ‪ 18-14‬المعدلة بالقانون ‪ 16-13‬على طائفة األشخاص‬
‫الذين يمنع تسجيلهم في السجل التجاري‪ ،‬وهم األشخاص المحكوم عليهم نهائيا والذين لم يرد لهم‬
‫االعتبار الرتكابهم الجنايات والجنح التالية‪:‬‬

‫‪ -‬حركة رؤوس األموال من وإلى الخارج‪.‬‬

‫‪ -‬إنتاج أو تسويق منتوج مزور ومغشوش موجه لالستهالك‪.‬‬

‫‪ -‬جريمة التفليس بالتقصير أو جريمة التفليس بالتدليس‪.‬‬

‫‪ -‬الرشوة‪.‬‬

‫‪ -‬التقليد أو المساس بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة‪.‬‬

‫‪ -‬االتجار بالمخدرات‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫ب‪ -‬األشخاص الموجودون في حالة تناف‪.‬‬

‫حسب نص المادة ‪ 9‬من القانون رقم ‪ ،18-14‬ال يجوز ألي كان ممارسة نشاط تجاري إذا‬
‫كان يخضع لنظام خاص ينص على حالة تناف‪ ،‬ويقصد بهم األشخاص الممنوعون من ممارسة‬
‫التجارة‪ ،‬كالموظفين‪ ،‬األطباء‪ ،‬القضاة‪ ،‬الموثقون‪ ،‬المحامون وكل شخص يمنعه نص خاص من‬
‫ممارسة التجارة‪ ،‬وذلك بسبب تعارضها مع الوظيفة التي يشغلها‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬األنشطة الخاضعة للتسجيل في السجل التجاري‪.‬‬

‫حسب نص الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪ ،18-14‬المعدل والمتمم‪ ،‬فإن ممارسة‬
‫التجارة تكون بصفة حرة وعلى الشخص الذي يرغب في ممارسة نشاط تجاري معين فما عليه إلى‬
‫أن يبادر بقيد نفسه في السجل التجاري‪ ،‬لكن هناك بعض النشاطات يشترط لممارستها الحصول‬
‫على ترخيص أو اعتماد قبل التسجيل في السجل التجاري والسبب في تنظيم هذه النشاطات هو‬
‫تعلقها بالنظام العام أو أمن الممتلكات واألشخاص‪ ،‬أو الحفاظ على الثروة الطبيعية والممتلكات‬
‫العمومية أو الصحة أو البيئة ‪ ،‬إذن فاألصل أن القيد في السجل التجاري يتم دون قيد أو شرط‪،‬‬
‫لكن هناك بعض النشاطات يشترط لممارستها الحصول على ترخيص كشرط للتسجيل في السجل‬
‫التجاري‪.‬‬

‫قبل ‪ 13‬يونيو سنة ‪ 2118‬كان يشترط للتسجيل في السجل التجاري لنشاط أو مهنة مقننة‬
‫ضرورة الحصول على رخصة أو اعتماد لكن بعد هذا التاريخ وعند تعديل القانون رقم ‪18-14‬‬
‫أصبح هذا اإلجراء ضروريا فقط عند الشروع الفعلي في ممارسة األنشطة والمهن المقننة‪،‬‬
‫والمقصود بها الشروع في االستغالل‪ ،‬أما قبل ذلك وفي مرحلة االنجاز يمكن التسجيل في السجل‬
‫التجاري دون الحصول على الرخصة أو االعتماد إال إذا وجد نص تشريعي ينص على خالف‬
‫ذلك ‪ ،‬وفي هذه الحالة تصبح الرخصة أو االعتماد شرطا للقيد في السجل التجاري‪.‬‬

‫من بين األنشطة المقننة نجد العمليات المصرفية‪ ،‬هذه األخيرة تعد تجارية بحسب الموضوع‬
‫تطبيقا لنص المادة ‪ 2‬فقرة ‪ 13‬من القانون التجاري‪ ،‬هذا القانون لم يحدد كيفية ممارسة هذه‬
‫يحدد شروط ممارستها وهو قانون النقد والقرض الصادر سنة‬
‫العمليات‪ ،‬لكن هناك نص خاص ّ‬
‫‪ 2113‬إذ يجب أن تقوم به بنوك أو مؤسسات مالية في شكل شركات مساهمة أو شكل تعاضدية‪،‬‬

‫‪84‬‬
‫أي في شكل شخص معنوي‪ ،‬وقبل مباشرة أي عملية مصرفية يجب الحصول على الترخيص أوال‬
‫من مجلس النقد والقرض‪ ،‬ثم االعتماد من طرف محافظ بنك الجزائر‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬أنواع التسجيل في السجل التجاري‪.‬‬

‫حسب المرسوم التنفيذي رقم ‪ 111-15‬توجد ثالثة أنواع للتسجيل في السجل التجاري وهي‪:‬‬
‫القيد‪ ،‬التعديل والشطب‪.‬‬

‫أوال‪ -‬القيد في السجل التجاري‪.‬‬

‫القيد في السجل التجاري هو كل تسجيل لشخص يتمتع بصفة التاجر‪ ،‬أو لشخص يرغب في‬
‫ممارسة نشاط يخضع للقيد في السجل التجاري‪ ،‬وحسب نص المادة ‪ 5‬من القانون رقم ‪18-14‬‬
‫فالقيد له طا بع شخصي‪ ،‬إذ يسلم للتاجر رقم واحد ال يمكن تغييره إلى غاية الشطب من السجل‬
‫التجاري‪.‬‬

‫يوجد نوعين للقيد في السجل التجاري‪ ،‬قيد رئيسي وقيد ثانوي‪ ،‬فالقيد الرئيسي هو أول تسجيل‬
‫للتاجر في السجل التجاري أو كل شخص يرغب في ممارسة نشاط تجاري‪ ،‬أما القيد الثانوي فهو‬
‫التسجيل الذي يخص نشاط أو أنشطة ثانوية يمارسها التاجر الذي تم قيده بصفة رئيسية (قيد‬
‫رئيسي)‪ ،‬وهذا النشاط أو هذه األنشطة تمثل امتدادا للنشاط الرئيسي‪ ،‬أو ممارسة أنشطة تجارية‬
‫تعدد‬
‫تعدد األنشطة التجارية التي يمارسها التاجر ال يترتب عنه ّ‬
‫أخرى‪ .‬وتجدر اإلشارة أن ّ‬
‫السجالت التجارية‪ ،‬بل أن التاجر له سجل تجاري واحد ولو مارس أكثر من نشاط تجاري‪ ،‬وهذا‬
‫األمر يساهم في تحقيق مراقبة فعالة للتاجر إذن نستنتج أن القيد الثانوي هو تسجيل ثان يأتي بعد‬
‫القيد الرئيسي‪ ،‬وال وجود للقيد الثانوي دون قيد رئيسي‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬التعديل في السجل التجاري‪.‬‬

‫حسب نص المادة ‪ 14‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ ،111-15‬يكون تعديل في السجل التجاري‬
‫بإدخال إضافات أو تصحيحات أو حذف بيانات من السجل التجاري أو تجديد مدة صالحيته إذا‬
‫كان محدد المدة‪ ،‬إذن ال يمكن الحديث عن تعديل السجل التجاري إذا لم يكن هناك قيد بالسجل‬

‫‪85‬‬
‫التجاري‪ ،‬فالتعديل يكون بعد القيد وليس العكس‪ ،‬والتعديل قد يكون بالنسبة للقيد الرئيسي أو القيد‬
‫الثانوي‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬الشطب من السجل التجاري‪.‬‬

‫حسب نص المادة ‪ 22‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ ،111-15‬يتم الشطب من السجل التجاري‬
‫سواء بالنسبة للقيد الرئيسي أو القيد الثانوي‪ ،‬أما حاالت الشطب فقد حددتها نص المادة ‪ 21‬من‬
‫المرسوم نفسه‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ -‬التوقف النهائي عن النشاط‪.‬‬

‫‪ -‬وفاة التاجر‪.‬‬

‫‪ -‬حل الشركة التجارية‪.‬‬

‫‪ -‬حكم قضائي يقضي بالشطب من السجل التجاري‪.‬‬

‫‪ -‬ممارسة نشاط تجاري بمستخرج سجل تجاري منتهي الصالحية‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬إجراءات التسجيل في السجل التجاري‪.‬‬

‫لقد أحالتنا المادة ‪ 21‬مكرر من القانون التجاري على التنظيم لبيان كيفية التسجيل في السجل‬
‫التجاري‪ ،‬أال وهو المرسوم التنفيذي رقم ‪ 111-15‬الذي يحدد كيفيات القيد والتعديل والشطب من‬
‫السجل التجاري‪.‬‬

‫أوال‪ -‬إجراءات القيد في السجل التجاري‪.‬‬

‫تم تحديد كيفية القيد في السجل التجاري في المواد من ‪ 7‬إلى ‪ 13‬من المرسوم التنفيذي رقم‬
‫‪ ،111-15‬فبالنسبة للشخص الطبيعي تتمثل شروط القيد فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تقديم طلب ممضى ومحرر على استمارات يسلمها المركز الوطني للسجل التجاري‪.‬‬

‫‪ -‬تقديم ما يثبت وجود محل لممارسة التجارة‪ ،‬كتقديم سند ملكية أو عقد إيجار أو عقد‬
‫امتياز للوعاء العقاري الذي يمارس فيه النشاط التجاري‪ ،‬أو عقد أو مقرر تخصيص‬

‫‪86‬‬
‫تسلمه هيئة عمومية‪ ،‬هذا بالنسبة للنشاط التجاري القار‪ .‬أما النشاط التجاري غير القار‬
‫فيشترط تقديم نسخة من مقرر تخصيص مكان مهيأ لهذا الغرض تسلمه الجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬أو تقديم نسخة من بطاقة تسجيل المركبة المستعملة في التجارة مع تقديم ما‬
‫يثبت اإلقامة‬

‫‪ -‬تقديم وصل تسديد حقوق الطابع وحقوق التسجيل في السجل التجاري‬

‫‪ -‬إرفاق الرخصة أو االعتماد بملف القيد وهذا بالنسبة للنشاطات أو المهن المقننة‬

‫‪ -‬زيادة على هذه الشروط‪ ،‬وبالنسبة للتاجر األجنبي‪ ،‬فيشترط تقديم نسخة من بطاقة المقيم‬
‫للتاجر األجنبي‪.‬‬

‫أما بالنسبة للشخص المعنوي تتم عملية القيد على أساس طلب ممضى ومحرر على استمارات‬
‫يسلمها المركز الوطني للسجل التجاري‪ ،‬هذا الطلب يجب إرفاقه بالوثائق التالية‪:‬‬

‫‪ -‬نسخة من القانون األساسي المتضمن تأسيس الشركة‪ ،‬أو نسخة من النص التأسيسي‬
‫بالنسبة للمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري‪.‬‬

‫‪ -‬نسخة من إعالن نشر القانون األساسي للشركة في النشرة الرسمية لإلعالنات القانونية‪،‬‬
‫هذه النشرة يمسكها المركز الوطني للسجل التجاري‪.‬‬

‫‪ -‬تقديم ما يثبت وجود محل لممارسة التجارة‪ ،‬كتقديم سند ملكية أو عقد إيجار أو عقد‬
‫امتياز للوعاء العقاري الذي يحوي النشاط التجاري‪ ،‬أو كل عقد أو مقرر تخصيص تسلمه‬
‫هيئة عمومية‪.‬‬

‫‪ -‬تقديم وصل تسديد حقوق الطابع وحقوق التسجيل في السجل التجاري‪.‬‬

‫‪ -‬إرفاق الرخصة و‪/‬أو االعتماد بملف القيد بالنسبة للنشاطات أو المهن المقننة‪.‬‬

‫بالنسبة للفروع أو الوكاالت أو الممثليات التجارية أو كل مؤسسة تابعة لشركة تجارية مقرها‬
‫الرئيسي بالخارج‪ ،‬فلقيدها في السجل التجاري يشترط تقدم الطلب وإثبات المحل ونسخة من‬
‫القانون األساسي للشركة األم مصادق عليه من طرف القنصلية الجزائرية‪ ،‬إضافة إلى نسخة من‬

‫‪87‬‬
‫محضر المداوالت المتضمن فتح مؤسسة بالجزائر‪ ،‬مصادق عليها من القنصلية األجنبية‬
‫المتواجدة بالجزائر‪ ،‬لكن ما هو الحل عندما ال يوجد تمثيل دبلوماسي للدولة التي تنتمي لها‬
‫المؤسسة األم؟‬

‫ثانيا‪ -‬إجراءات التعديل في السجل التجاري‪.‬‬

‫تم تحديد شروط التعديل في السجل التجاري في المواد من ‪ 15‬إلى ‪ 18‬من المرسوم التنفيذي‬
‫رقم ‪ ،111-15‬فبالنسبة للشخص الطبيعي يتم تعديل السجل التجاري على أساس طلب ممضى‬
‫ومحرر على استمارة‪ ،‬أصل مستخرج السجل التجاري‪ ،‬إضافة إلى إثبات وجود محل لممارسة‬
‫التجارة أما عند وفاة الشخص الطبيعي المقيد في السجل التجاري‪ ،‬يمكن مواصلة استغالل النشاط‬
‫التجاري بالشروط التالية‪ :‬طلب ممضى ومحرر على استمارة يسلمها المركز الوطني للسجل‬
‫التجاري‪ ،‬أصل مستخرج السجل التجاري‪ ،‬الفريضة‪ ،‬وكالة يحررها الموثق يكلف بموجبها الورثة‬
‫شخص بمواصلة استغالل المحل التجاري للمورث إضافة إلى تقديم وصل تسديد حقوق الطابع‬
‫وحقوق التسجيل في السجل التجاري أما التعديل في السجل التجاري بالنسبة للشخص المعنوي‪،‬‬
‫فيشترط تقديم نسخة من القانون األساسي المعدل‪ ،‬ونسخة من إعالن نشر البيانات المعدلة للقانون‬
‫األساسي في النشرة الرسمية لإلعالنات القانونية‪ ،‬إضافة إلى الطلب وأصل مستخرج السجل‬
‫التجاري وإثبات وجود المحل وتسديد حقوق الطابع والتسجيل‬

‫ثالثا‪ -‬إجراءات الشطب من السجل التجاري‪.‬‬

‫حسب نص المادة ‪ 21‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ ،11-15‬فالتاجر المعني بالشطب هو الذي‬
‫يقدم طلب الشطب‪ ،‬وفي حالة وفاته يتولى ذلك ورثته‪ ،‬كما يمكن الشطب من السجل التجاري‬
‫بحكم قضائي‪ ،‬وهذا بطلب من مصالح المراقبة المؤهلة في حالة عدم احترام اإلجراءات القانونية‪.‬‬

‫أما عن شروط الشطب من السجل التجاري فقد حددتها المواد من ‪ 22‬إلى ‪ 24‬من المرسوم‬
‫التنفيذي رقم ‪ ،111-15‬فبالنسبة للشخص الطبيعي يتكون ملف الشطب من‪:‬‬

‫‪ -‬طلب ممضى ومحرر على استمارات يسلمها المركز الوطني للسجل التجاري‪.‬‬

‫‪ -‬أصل مستخرج السجل التجاري‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ -‬مستخرج عن عقد وفاة التاجر عند االقتضاء‪.‬‬

‫‪ -‬نسخة من الحكم القضائي الذي يقضي بالشطب‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬كالتاجر الذي يمارس‬
‫نشاط تجاري قار دون حيازة محل تجاري‪ ،‬تطبيقا للمادة ‪ 39‬من القانون رقم ‪،18-14‬‬
‫وكما الحظنا أن حيازة محل تجاري هو شرط للقيد في السجل التجاري‪.‬‬

‫‪ -‬شهادة الوضعية الجبائية‪.‬‬

‫أما بالنسبة للشخص المعنوي فيتكون ملف الشطب من الوثائق التالية‪:‬‬

‫‪ -‬طلب ممضى ومحرر على استمارات يسلمها المركز الوطني للسجل التجاري‪.‬‬

‫‪ -‬أصل مستخرج السجل التجاري‪.‬‬

‫‪ -‬نسخة عن عقد حل الشركة التجارية‪.‬‬

‫‪ -‬نسخة من الحكم القضائي الذي يقضي بالشطب أو حل الشركة‪ ،‬عند االقتضاء‪.‬‬

‫‪ -‬نسخة من إعالن نشر عقد حل الشركة في النشرة الرسمية لإلعالنات القانونية‪.‬‬

‫‪ -‬شهادة الوضعية الجبائية‪.‬‬

‫أما بالنسبة لشطب القيد الثانوي‪ ،‬فيشترط تقديم طلب ممضى ومحرر على استمارة يسلمها‬
‫المركز الوطني للسجل التجاري‪ ،‬مع تقديم أصل مستخرج السجل التجاري وشهادة الوضعية‬
‫الجبائية‪.‬‬

‫الفرع السادس‪ :‬آثار التسجيل في السجل التجاري‪.‬‬

‫بمجرد القيد في السجل التجاري يكتسب الشخص صفة التاجر بقوة القانون‪ ،‬تطبيقا للمادة ‪21‬‬
‫من القانون التجاري التي نصت على أنه‪" :‬كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل‬
‫التجاري يعد مكتسبا صفة التاجر إزاء القوانين المعمول بها ويخضع لكل النتائج الناجمة عن هذه‬
‫الصفة"‪ .‬معنى ذلك أن القيد في السجل التجاري يعد قرينة قانونية قاطعة على اكتساب صفة‬
‫التاجر‪ ،‬وهي قرينة غير قابلة إلثبات العكس‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫تجدر اإلشارة أن المادة ‪ 21‬تم تعديلها سنة ‪ 1996‬باألمر رقم ‪ ،27-96‬ذلك أن هذه المادة‬
‫قبل التعديل كانت تجعل من القيد في السجل التجاري قرينة قانونية بسيطة تقبل إثبات العكس‪،‬‬
‫وعليه يتضح أنه بعد تعديل المادة ‪ 21‬أصبح من اآلثار الرئيسة للقيد في السجل التجاري هو‬
‫ا كتساب صفة التاجر‪ ،‬معنى ذلك أن القيد ليس شرطا الكتساب صفة التاجر بل هو أثر‪ ،‬ألن‬
‫عدم القيد في السجل التجاري‪ ،‬مع أن الشخص يمارس نشاطا تجاريا بصفة اعتيادية‪ ،‬يعتبر‬
‫مخالفة معاقب عليها حسب نص المادة ‪ 28‬من القانون التجاري‪ ،‬وهذا ما نتناوله عند الحديث‬
‫عن الجزاءات المترتبة عن عدم القيد في السجل التجاري‪.‬‬

‫أما بالنسبة للشركات التجارية‪ ،‬فمن آثار القيد هو أن الشركة ال تكتسب الشخصية المعنوية إال‬
‫من تاريخ قيدها في السجل التجاري‪ ،‬لكن إذا لم يتم هذا القيد فاألشخاص الذين تعهدوا باسم‬
‫الشركة ولحسابها متضامنين من غير تحديد من أموالهم‪ ،‬إال إذا قبلت الشركة بعد تأسيسها أخذ‬
‫هذه التعهدات على عاتقها‪ ،‬تطبيقا لنص المادة ‪ 549‬من القانون التجاري‪.‬‬

‫إذن كتكييف للطبيعة القانونية للقيد في السجل التجاري‪ ،‬فإن القيد يعد التزاما قانونيا يقع على‬
‫عاتق كل تاجر‪ ،‬وفي حالة مخالفة هذا االلتزام تفرض عليه عقوبات وال يمكن له التمسك بهذه‬
‫الصفة تجاه الغير‪ ،‬أي ال يتمسك بالحقوق الناتجة عن هذه الصفة لكن ال يمكنه التهرب من‬
‫االلتزامات التي تنتج عن صفة التاجر‪ ،‬أي ال يستفيد من الحقوق المترتبة عن صفة التاجر لكن‬
‫يتحمل بااللتزامات الناتجة عنها‪ ،‬تطبيقا لنص الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 22‬من القانون التجاري ونص‬
‫الفقرة ‪ 3‬من المادة ‪ 9‬من القانون رقم ‪ ،18-14‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى يعد التسجيل في‬
‫السجل التجاري قرينة قانونية قاطعة على اكتساب صفة التاجر حتى ولو لم يمارس هذا الشخص‬
‫أي نشاط تجاري‪ ،‬تطبيقا لنص المادة ‪ 21‬من القانون التجاري‪.‬‬

‫الفرع السابع‪ :‬الجزاءات المترتبة عن عدم التسجيل في السجل التجاري‪.‬‬

‫إذا كان للتاجر حقوق بعد تسجيله في السجل التجاري تتمثل في اكتساب صفة التاجر وما‬
‫يترتب عن هذه الصفة من حقوق‪ ،‬كاالستفادة من حرية إثبات معامالته التجارية‪ ،‬واالحتجاج‬
‫بالبيانات المقيدة في السجل التجاري تجاه الغير واإلدارة‪ ،‬فإنه بالمقابل عليه واجبات تستوجب عند‬
‫مخالفتها جزاءات مدنية‪ ،‬إدارية وجزائية‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫أوال‪ -‬الجزاءات المدنية‪.‬‬

‫حسب نص المادتين ‪ 22‬و‪ 24‬من القانون التجاري‪ ،‬ال يجوز للشخص غير المقيد في السجل‬
‫التجاري التمسك بصفة التاجر تجاه الغير أو اإلدارات العمومية‪ ،‬كما ال يجوز له بحجة عدم قيده‬
‫في السجل التجاري التهرب من المسؤوليات والواجبات المالزمة لصفة التاجر‪ .‬كما ال يجوز‬
‫االحتجاج بالبيانات المسجلة في السجل التجاري تجاه الغير إال بعد إشهارها وفقا للقانون‪ ،‬إال إذا‬
‫ثبت بوسائل البينة المقبولة في المادة التجارية أنه وقت إبرام العقد كان الغير مطلعين شخصيا‬
‫على الوقائع المذكورة في المادة ‪ 25‬من القانون التجاري‪ ،‬كحالة الرجوع عن ترشيد التاجر‬
‫القاصر‪ ،‬أو صدور أحكام قضائية تقضي بحل شركة تجارية‪ ،‬أو الحجز على التاجر‪ .‬وعلى‬
‫العموم كل من ارتكب خطأ ملزم بتعويض الضرر الذي تسبب فيه للغير‪ ،‬تطبيقا للمادة ‪ 124‬من‬
‫القانون المدني‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬الجزاءات اإلدارية‪.‬‬


‫حسب نص المادة ‪ 31‬من القانون رقم ‪ ،18-14‬فإن كل شخص طبيعي أو معنوي يمارس‬
‫نشاطا تجاريا قا ار دون التسجيل في السجل التجاري‪ ،‬فيتعرض لعقوبة غلق المحل التجاري‪ .‬ويتم‬
‫معاينة هذه المخالفة من طرف ضباط وأعوان الشرطة القضائية المنصوص عليهم في قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية‪ ،‬كما يقوم بمعاينة هذه المخالفة موظفون مؤهلون التابعون لألسالك الخاصة‬
‫بالمراقبة التابعة لإلدارة المكلفة بالتجارة وكذلك إدارة الضرائب‪ .‬وإذا تم ممارسة تجارة تخرج عن‬
‫موضوع النشاط أو النشاطات المسجلة في السجل التجاري فيتعرض التاجر إلى الغلق اإلداري‬
‫المؤقت للمحل التجاري لمدة شهر‪ ،‬وفي حالة عدم تسوية وضعيته خالل شهرين يحكم القاضي‬
‫تلقائيا بالشطب من السجل التجاري‬

‫ثالثا‪ -‬الغرامات المالية‪.‬‬


‫حسب نص المادة ‪ 31‬من القانون رقم ‪ ،18-14‬فإن كل شخص طبيعي أو معنوي يمارس‬
‫نشاطا تجاريا قا ار دون التسجيل في السجل التجاري‪ ،‬تفرض عليه غرامة من ‪ 11.111‬دج إلى‬
‫‪ 111.111‬دج‪ .‬أما إذا مارس التاجر نشاطا تجاريا متنقال‪ ،‬دون التسجيل في السجل التجاري‪،‬‬
‫فتفرض عليه غرامة من ‪ 5111‬دج إلى ‪ 51.111‬دج‪ ،‬كما يجوز ألعوان الرقابة حجز السلع‬
‫ووسائل النقل المستعملة‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫المحل التجاري‬

‫لقد نظم المشرع األحكام المتعلقة بالمحل التجاري في المواد ‪ 78‬من القانون التجاري وما‬
‫يليها‪ ،‬غير أنه لم يعط تعريفا خاصا بمفهوم المحل التجاري واقتصر على ذكر بعض العناصر‬
‫اإللزامية المكونة له كاالتصال بالعمالء‪ ،‬الشهرة‪ ،‬االسم التجاري ‪ ...‬وهذا ما جاء صراحة في نص‬
‫المادة ‪ 78‬من التقنين التجاري والتي جاءت عبارتها على النحو اآلتي ‪ " :‬تعد جزءا من المحل‬
‫التجاري األموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري‪ ،‬ويشمل المحل التجاري إلزاميا عمالءه‬
‫وشهرته لذلك وجب الرجوع إلى الفقه من أجل تحديد معنى المحل التجاري ثم بعد ذلك التعرض إلى‬
‫العناصر المكونة له‪.‬‬

‫المبحث األول‬

‫مفهوم المحل التجاري‬

‫لم يعرف القانون والقضاء المحل التجاري ولم يعرفه الفقه تعريفا جامعا مانعا‪ ،‬فذهب البعض‬
‫إلى تعريف المحل التجاري بالنظر إلى عناصره المادية والمعنوية‪ ،‬ومنهم من قصر تعريفه على‬
‫الطبيعة القانونية للمحل ومنهم من عدد خصائصه دون ذكر لعناصره‪.‬‬

‫عبارة المحل التجاري قديمة‪ ،‬كانت تدل على ذلك المكان الذي تعرض أو تمارس فيه التجارة‬
‫وتعرض فيه البضائع والسلع ويستقبل فيه العمالء وبالتالي لم يكن يعتبر وحدة تجمع بين مجموعة‬
‫من العناصر فماذا نقصد بالمحل التجاري وما هي طبيعته القانونية ؟‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف المحل التجاري‬

‫عرف الفقه المحل التجاري على أنه مال منقول معنوي ذو كيان خاص مستقل عن مكوناته‬
‫المادية والمعنوية ويخضع ألحكام قانونية مغايرة لتلك التي يخضع لها كل عنصر من عناصره‪.‬‬

‫كما عرفه على أنه مال منقول معنوي مخصص الستغالل تجاري أو صناعة معينة و قد يسمى‬
‫بالمتجر أو المصانع تبعا لنوع النشاط الذي يزاوله الشخص‪ ،‬والمحل التجاري وإن كان يشمل على‬

‫‪92‬‬
‫عناصر مادية كالسلع وعناصر معنوية كالعنوان واالسم التجاري والسمعة التجارية‪ ،‬إال أن له قيمة‬
‫اقتصادية منفصلة تختلف عن القيمة الذاتية لكل من هذه العناصر على حدى‪ ،‬فالمحل التجاري‬
‫يمثل هذه العناصر المجتمعة منظور إليها كوحدة معنوية مستقلة بقواعدها وأحكامها الخاصة ‪.‬‬

‫كما جاءت تعريفات أخرى في المحل التجاري منها أن المحل هو مال منقول معنوي يشتمل‬
‫اتصال التاجر بعمالئه واعتيادهم التردد على المتجر نتيجة عناصر اإلستغالل التجاري‪ ،‬وهناك‬
‫من عرفه بأنه كتلة من األموال المنقولة تخصص لممارسة مهنة التجارة وتتضمن بصفة أصلية‬
‫بعض مقومات معنوية وقد تشمل على مقومات أخرى مادية‪.‬‬

‫من خالل تطور فكرة المحل التجاري‪ ،‬نجد المشرع الجزائري لم يضع تعريفا خاصا بالمحل‬
‫التجاري و اكتفى بتعداد عناصره حيث تعد األموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري‬
‫جزءا من المحل التجاري‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬خصائص المحل التجاري‬

‫من خالل التعريف المعطى للمحل التجاري يمكن استخالص بعض الخصائص التي يتميز بها‬
‫المحل التجاري وأهمها ‪:‬‬

‫أ ‪ :‬أنه مال منقول و من ثمة ال يخضع مبدئيا للقواعد القانونية التي تحكم العقار ‪.‬‬

‫ب ‪ :‬كما يعتبر المحل التجاري ماال منقوال معنويا‪ ،‬غير أن القواعد الخاصة بالمال المادي ال‬
‫تسري عليه كقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية ‪.‬‬

‫ج ‪ :‬ذو صفة تجارية أي أنه يتعين حتى يكون المحل قاعدة تجارية أن يزاول فيه نشاطا تجاريا‪.‬‬
‫كما أنه يجب أن يستقطب هذا النشاط عمالء حقيقيين مرتبطين بالشخص المشغل للمحل وأن‬
‫يكون الشخص القائم بهذا النشاط متمتعا بصفة التاجر ‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫عناصر المحل التجاري‬

‫سبق الكالم في معرض الحديث عن تعريف المحل التجاري أنه يتكون من عناصر مادية و‬
‫معنوية تختلف أهمية كل عنصر باختالف طبيعة و نوع النشاط الممارس‪ ،‬إال أن المشرع أوجب‬
‫في المحل التجاري أي شمل إلزاميا على عنصري العمالء و الشهرة‪ ،‬و على هذا ارتأينا تقسيم‬
‫هذا المطلب إلى مطلبين يكون المطلب األول مخصص للكالم عن العناصر المادية بينما يكون‬
‫المطلب الثاني مخصص للحديث عن العناصر المعنوية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬العناصر المادية‬

‫قد تشكل العناصر المادية أهمية بالغة في تكوين المحل التجاري وتحديد قيمته االقتصادية بالنسبة‬
‫لنوع من األنشطة التجارية كما هو الشـأن فيما يخص بائع المواد الغذائية حيث تشكل العناصر‬
‫المادية عنص ار جوهريا في تحديد قيمة المحل وكذلك الشأن بالنسبة لبائع المالبس الجاهزة‪.‬‬

‫بينما تكون العناصر المادية عديمة القيمة وقد يستغنى عنها بصفة كلية بحيث ال تشكل عنص ار‬
‫في تكوين المحل التجاري بالنسبة لوكاالت ومكاتب األعمال‪ ،‬وأهم هذه العناصر المادية‪.‬‬

‫أ‪ /‬البضائع‪ :‬عبارة عن مجموعة السلع الموجودة في المحل التجاري والمعدة للبيع‪ ،‬و كذلك السلع‬
‫الموجودة بالمخازن التابعة للتاجر كما تعتبر من قبيل البضائع المواد األولية التي سوف تستخدم‬
‫في صناعة مع يقوم المتجر ببيعه و التعامل فيه ‪.‬‬

‫ب ‪ /‬يقصد بالمعدات واآلالت تلك المنقوالت المادية التي تستعمل في استغالل المحل التجاري‬
‫دون أن تكون معدة للبيع كاآلالت التي تستخدم في صنع المنتجات والسيارات المستخدمة في‬
‫النقل واألثاث‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العناصر المعنوية‬

‫أوجبت المادة ‪ 78‬من التقنين التجاري‪ ،‬أن يتوفر المحل التجاري إلزاميا على عنصر االتصال‬
‫بالعمالء و كذا الشهرة ‪ .‬لكن ثمة عناصر أخرى ال تقل أهمية عن العناصر التي ذكرتها المادة‬
‫(‪ )78‬من القانون التجاري السالفة الذكر ‪.‬‬

‫كما هو الشأن بالنسبة للعالمات التجارية و كذا االسم التجاري واإليجار وغيرها‪.‬‬

‫ويقصد بالعناصر المعنوية المحل التجاري تلك األموال المنقولة المعنوية المرتبطة باستغالل‬
‫النشاط التجاري و تتفاوت أهمية كل عنصر من العناصر المعنوية للمحل التجاري بحسب نوع‬
‫النشاط التجاري الممارس ‪ .‬وسنتعرض فيما يلي إلى أهم هذه العناصر ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬عنصر العمالء‬

‫ويقصد به الزبائن الذين نشأت بينهم وبين المحل التجاري رابطة قانونية نتيجة تعاملهم مع المحل‪،‬‬
‫بحيث يحق لصاحب المحل في حماية عمالئه من أي منافسة غير نزيهة‪ ،‬من شأنها إحداث‬
‫اللبس أو الخلط في أذهان العمالء قصد صرفهم وتحويلهم عنه‪.‬‬

‫فحق العمالء إذن يجب أن ال يفهم على أن صاحب المحل له سلطة على زبائنه في إجبارهم‬
‫على اقتناء منتوجاته‪ ،‬باعتبار أن الزبائن أحرار في اختيار التجار الذين يرغبون التعامل معهم ‪،‬‬
‫وإنما يقصد به قواعد المنافسة تستدعي أال يلجأ المنافس إلى أساليب وطرق ملتوية وغير نزيهة‬
‫من جل االستفادة وجني األرباح على حساب الغير ‪ ،‬األمر الذي خول المشرع بموجبه الحق‬
‫لصاحب المحل الذي كان ضحية المنافسة غير المشروعة في حماية زبائنه وذلك عن طريق رفع‬
‫دعوى المنافسة غير النزيهة ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عنصر االسم‬

‫وهي التسمية التي يتخذها صاحب المحل لتمييز محله التجاري عن غيره من التجار المماثلين له‬
‫في النشاط واالسم التجاري يعتبر عنص ار من العناصر المعنوية للمحل وهو مرتبط به‪ .‬بحيث‬
‫يشكل قيمة مالية مهمة في التقويم اإلجمالي للمحل‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫وال يشترط أن يكون االسم التجاري نفسه هو االسم المدني إذ يمكن لصاحب المحل أن يختار‬
‫اسما مغاي ار‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬الحق في اإليجار‬

‫ويقصد به الحق المخول لمستأجر األماكن في طلب المؤجر تجديد عقد اإليجار وإال حصل على‬
‫ما يعرف بالتعويض االستحقاقي‪ .‬وحق اإليجار طلب تجديد اإليجار ينشأ بعد مرور سنتين من‬
‫مزاولة المستأجر نشاطه التجاري في األماكن المستأجرة هذا إن كان العقد مكتوبا‪ .‬أما إن كان‬
‫العقد شفهيا فإن حق تجديد اإليجار ينشأ بعد مرور ‪ 14‬سنوات من مزاولة المستأجر لنشاطه‬
‫التجاري‪ ،‬هذا و ما تجدر إليه اإلشارة في هذا الصدد أن المشرع تخلى في عام ‪ 2115‬عن هذه‬
‫األحكام‪ .‬بحيث تبنى القاعدة العامة المعروفة في القانون المدني على أن العقد هو شريعة‬
‫المتعاقدين‪ ،‬و ينبني على ذلك أن المستأجر بعد ‪ 2115‬ال يحق له في األصل التمسك بحق‬
‫تجديد اإليجار ولو زوال النشاط التجاري في األماكن المستأجرة لمدة تفوق السنتين‪ ،‬ومع ذلك‬
‫فإن المشرع لم يلغ األحكام المتعلقة باإليجار التجاري ‪ ،‬حيث إن أجاز للمتعاقدين عند إبرامهم‬
‫العقد إدراج شرط التمسك بحق التجديد و من ثم يمكن للمستأجر التمسك أو طلب الحصول على‬
‫التعويض االستحقاقي في حالة الرفض غير المبرر ‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة ‪ :‬الشهرة‬

‫وهو عنصر ورد ذكره في المادة (‪ )78‬من القانون التجاري وهي عبارة عن صفات لصيقة بالمحل‬
‫التجاري ذاته من حيث موقعه المكاني وطريقة تهيئته وكيفية تجهيزه وأسلوب تعامل التاجر مع‬
‫عمالئه وزبائنه بحيث يكون لها تأثير بالغ في جلب العمالء نحو المحل‪ ،‬والشهرة تعد عنص ار‬
‫مهما في تحديد القيمة المالية للمحل التجاري‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫الفقرة الخامسة‪ :‬العالمة التجارية‬

‫وهي عبارة عن ماركة أو شعار يستعمله التاجر لتمييز منتوجه عن غيره من المنتوجات المماثلة‬
‫له‪ ،‬وذلك بغرض حماية عمالئه من أي لبس قد يقعون فيه‪.‬‬

‫وأخي ار يمكن اإلشارة إلى عناصر معنوية أخرى منها حقوق الملكية الصناعية‪ ،‬الرسوم والنماذج‬
‫الصناعية‪ ،‬االختراعات والتصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة حقوق المؤلف والحقوق المجاورة‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬

‫الطبيعة القانونية للمحل التجاري‬

‫سبقت اإلشارة أن المحل التجاري يتكون من عناصر مادية و أخرى معنوية و أن اجتماع هذه‬
‫العناصر من شأنه استقطاب وجلب الزبائن‪ ،‬غير أن المحل التجاري له قيمة قانونية ومالية‬
‫تختلف عن كل عنصر من العناصر المكونة له ‪.‬‬

‫كما أن المحل التجاري باعتباره ماال معنويا يخضع إلى قواعد وأحكام قانونية تميزه عن القواعد‬
‫القانونية التي تطبق على كل عنصر من عناصره على حدة‪ .‬وعلى ضوء ما سبق اختلف الفقهاء‬
‫في تحديد الطبيعة القانونية للمحل التجاري و انقسموا إلى ثالث آراء ‪:‬‬

‫نظرية المجموع القانوني‬

‫نظرية المجموع الواقعي‬

‫نظرية الملكية المعنوية‪.‬‬

‫و سنتعرض إلى هذه النظريات بشيء من اإليجاز في المطالب اآلتية ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬المحل التجاري مجموعة قانونية أو الذمة المستقلة‬

‫تبنى هذا الرأي الفقهاء األلمان‪ ،‬حيث يرون أن المحل التجاري هو عبارة عن مال يشتمل على‬
‫الحقوق والديون الناشئة عن استغالل النشاط التجاري‪ ،‬وأن لهذا المحل ذمة مالية خاصة مستقلة‬
‫عن الذمة المالية للشخص‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫كما أن البعض من أصحاب هذه النظرية ذهب إلى اعتبار أن المحل التجاري يتمتع بالشخصية‬
‫المعنوية وهي مستقلة عن شخصية مالك المحل‪ ،‬وذلك لكون أن صاحب المحل له ذمة مالية‬
‫تتضمن في جزء منها مجموعا قانونيا من األموال اتخذت بسبب تخصيصها المشترك لغرض‬
‫استغالل النشاط التجاري‪.‬‬

‫وأنها تكون في مجموعها فكرة القاعدة التجارية أو المحل التجاري وعلى هذا األساس يعتبر المحل‬
‫متمتعا بذمة مالية خاصة ويترتب على ذلك أن الذمة المالية للمحل تكون ضامنة للوفاء بالديون‬
‫المترتبة الناجمة عن استغالل النشاط التجاري وانتقدت هذه النظرية على أساس أن بعض‬
‫التشريعات لم تتبنى فكرة إزدواجية الذمة المالية للشخص كما هو الحال بالنسبة للمشرع الجزائري‬
‫الذي أخذ بوحدة الذمة المالية للشخص‪ ،‬و يترتب عن ذلك أن الذمة المالية للشخص ضامنة‬
‫للوفاء بجميع الديون‪ ،‬و هذا ما جاء في نص المادة (‪ )188‬من القانون المدني ‪.‬‬

‫كما أن هذه النظرية تتناقض وما أقره المشرع فيما يخص بالقواعد المتعلقة باإلفالس‪ ،‬السيما ما‬
‫يخص غل يد المدين المفلس عن إدارة أمواله‪ ،‬سواء تلك المتعلقة بنشاطه التجاري أو نشاطه‬
‫المدني‪ ،‬وكذلك ما يترتب عن حالة إعالن التوقف عن الدفع من سقوط آجال الديون التجارية منها‬
‫والمدنية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نظرية المجموع الواقعي‬

‫يرى أصحاب هذه النظرية أن المحل التجاري ليس مجموعا قانونيا وإنما هو مجموعا واقعيا من‬
‫األموال ومعنى ذلك أن المحل التجاري عبارة عن عناصر مادية ومعنوية مختلفة عن بعضها‬
‫البعض‪ ،‬تجمعها غاية مشتركة ومن تم تؤلف رابطة فعلية أو واقعية خاصة لها قواعدها التي‬
‫تحكمها وتخضع لها‪ ،‬تختلف عن العناصر المكونة لها‪ ،‬حيث يحتفظ كل عنصر بطبيعته‬
‫ونظامه القانوني الخاص به‪.‬‬

‫غير أن هذه النظرية ال تعتبر المحل التجاري يتمتع بذمة مالية مستقلة‪ ،‬بل هو في نظرها كيان‬
‫قانوني خاص له أحكامه التي تنظمه‪ ،‬تختلف عن األحكام المنتظمة لكل عنصر من عناصره‪.‬‬

‫انتقدت هذه النظرية على أنها لم تتمكن من تحديد الطبيعة القانونية للمحل التجاري‪ ،‬حيث اقتصر‬
‫دورها فقط على تقرير حالة اجتماع عناصر المحل بقصد االستغالل التجاري‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬نظرية الملكية المعنوية‬

‫هذه النظرية يميل إليها الفقه الحديث‪ ،‬ومؤداها أن الطبيعة القانونية للمحل تتمثل في العنصر‬
‫الجوهري المكون له‪ ،‬وهو عنصر االتصال بالعمالء‪ ،‬إذ يعتبر عنصر االتصال أهم العناصر‬
‫المشكلة لفكرة القاعدة التجارية‪.‬‬

‫ذلك أنه ال يتصور وجود محل بدون عمالء وأن محل الحق هو االحتفاظ بالعمالء و السعي بكل‬
‫الطرق لزيادة عددهم‪ ،‬و من ثم و وفقا لهذه النظرية فإن حق التاجر على المحل غير مرتبط‬
‫بالجانب المادي‪ ،‬وإنما هون متعلق بكيان له ذاتيته المتميزة عن عناصره المكونة له ‪.‬‬

‫وهذا الحق عبارة عن ملكية معنوية يحتج بها في مواجهة الجميع شأنها في ذلك شأن الملكية‬
‫الصناعية وحقوق الملكية األدبية ‪ ...‬حيث يخول لصاحب هذه الحقوق كلها حمايتها عن طريق‬
‫دعوى المنافسة غير المشروعة ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫العناصر المكونة للمحل التجاري‬

‫ال تدخل المحال التجارية في عداد األموال المتجانسة والثابتة مثل العقارات‪ ،‬فهي تتكون من‬
‫عدة عناصر متباينة بعضها مادي والبعض اآلخر معنوي‪ ،‬وإلى هذه العناصر أشارت المادة ‪78‬‬
‫من القانون التجاري الجزائري‬

‫المطلب األول‪ :‬العناصر المادية‬

‫تضم العناصر المادية للمحل التجاري وهي ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬المعدات و اآلالت‬

‫يراد بها المنقوالت المستخدمة في اإلستغالل التجاري كاألدوات و المعدات و األثاث التجاري‬
‫من مكاتب و خزائن ومصابيح و آالت كاتبة وحاسبات آلية‪ ،‬كما يدخل فيها أيضا المواد األولية‬
‫الالزمة لتشغيل المتجر كالفحم و الزيوت الالزمة إلدارة اآلالت ‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫وقد تكون هذه المعدات ذات قيمة مالية كبيرة كالسيارات والشاحنات المستخدمة في عمليات‬
‫النقل البري أو السفن والطائرات وسائل النقل البحري و الجوي مثال‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬البضائع‬

‫هي السلع المعدة للبيع وهي عنصر متغير تزيد قيمته أو تنقص من يوم آلخر تبعا لحالة السوق‬
‫ولذا فإن مجموع البضائع وليس مفرداتها هو الذي يدخل ضمن العناصر المادية للمتجر‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العناصر المعنوية‬

‫يقصد بالعناصر المعنوية األموال المنقولة المعنوية المستقلة في النشاط التجاري للمحل وتلك‬
‫العناصر الزمة لوجود المحل التجاري خاصة عنصري العمالء والشهرة وال يقوم المتجر من‬
‫الناحية القانونية بدونها على خالف العناصر المادية وتتمثل العناصر المعنوية في االتصال‬
‫بالعمالء والشهرة واالسم التجاري وحق االيجار وحقوق الملكية الصناعية والرخص واإلجازات‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬عنصري االتصال بالعمالء والشهرة‬

‫لكل تاجر إتصاالته ومعامالته مع عمالئه وزبائنه الذين اعتادوا التردد على محله التجاري‬
‫ويحرص التاجر كل الحرص على أن تستمر عالقاته مع عمالئه ويعمل دائما على تنميتها بكل‬
‫الوسائل المشروعة حتى يحقق االقبال المنشود على متجره وعلى التاجر أن يتحمل منافسة غيره‬
‫المشروعة إذا ما باشر الغير ذات التجارة‪ .‬وترتب على ذلك تحول بعض عمالئه عنه‪،‬وعنصر‬
‫االتصال بالعمالء يعتبر أهم عناصر المحل التجاري بصفة عامة بل انه في الواقع هو المتجر‬
‫ذاته وما العناصر األخرى اال عوامل ثانوية تساعد تحقيق الغرض األساسي الذي يهدف اليه‬
‫صاحب المتجر اال وهو دوام االتصال بزبائنه واقبالهم على متجره ويترتب على ذلك أن فكرة‬
‫المحل التجاري مرتبطة أساسا بوجود هذا العنصر وكلما توفر عنصر االتصال بالعمالء توافرت‬
‫فكرة المحل التجاري باعتباره وحدة مستقلة عن عناصره‪ ،‬ويعتمد عنصر االتصال بالعمالء عن‬
‫عنصر الشهرة أو السمعة التجارية التي تعتمد أساسا على عوامل ذات طابع عيني متعلق بالمحل‬
‫التجاري وتكون لها شأن في إجتذاب العمالء كطريقة عرض البضائع والمظهر الخارجي للمتجر‬
‫والديكور الخاص بمواجهة المحل والموقع الممتاز والواقع أن كل عنصر منهما يكمل اآلخرلتحقيق‬
‫هدف واحد هو المحافظة على استمرار اقبل العمالء على المتجر وعنصري االتصال بالعمالء‬

‫‪100‬‬
‫والشهرة حق مالي يمكن التصرف فيه وينظم القانون حمايته عن طريق دعوى المنافسة غير‬
‫المشروعة‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬اإلسم التجاري‬

‫يعتبر االسم التجاري أحد عناصر المتجر وهو من العناصر المعنوية ويقصد به االسم الذي‬
‫يتخذه التاجر لمتجره لتمييزه عن المحال التجارية المماثلة ويتألف االسم التجاري من إسم التاجر‬
‫ولقبه‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬التسمية المبتكرة‬

‫يقصد بالتسمية المبتكرة أو العنوان التجاري العبارات الجذابة التي يتخذها التاجرلتمييز محله‬
‫التجاري عن المحال المماثلة مثل تسميته الهيلتون‪ ،‬بالزا‪ ،‬الصالون االخض‪ ،‬الملكة الصغيرة‪،‬‬
‫والعنوان التجاري يختلف عن اإلسم التجاري فالتاجر غير ملزم باتخاذ تسمية مبتكرة لمحله في‬
‫حين أنه ملزم باتخاذ اسم تجاري كما وأن العنوان التجاري ال يتخذ من االسم الشخصي للتاجر‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬الحق في اإليجار‬

‫يقصد بالحق في اإليجار حق صاحب المتجر أو المصنع في االستمرار في العقد كمستأجر‬


‫واإلنتفاع بالمكان المؤجر ويمثل الحق في االجاره أهمية كبيرة إذا كان المحل التجاري يقع في‬
‫منطقة معينةإشتهرت بصناعة معينة أو لقرب الموقع من األسواق والمحال المماثلة حيث يسهل‬
‫على العمالء إجراء المقارنة واالقبال على الشراء كما تظهر أهمية هذا العنصر في بعض أنواع‬
‫النشاط التجاري التي تعتمد في ازدهارها على وجودها في موقع معين كالمقاهي والمطاعم‬
‫والجراحات والحلول محل البائع في استغالل المتجر هو الذي يؤكد االستمرار في االتصال‬
‫بالعمالء ونتيجة ذلك كان من الطبيعي أن التصرف في المتجر يشمل أيضا التنازل عن الحق في‬
‫االيجار الى المشتري وقد نصت المادة ‪ 172‬تجاري على أنه في حالة التنازل عن المتجر فانه‬
‫يجوز للمحول إليه أن يتمسك بالحقوق المكتسبة من قبل المتنازل إلتمام مدة االستقالل‪ .‬كما‬
‫نصت المادة ‪ 176‬على أنه يجوز للمتجر أن يفرض تجديد االيجار غير انه ينبغي عليه في هذه‬
‫الحالة أن يسدد للمستأجر المخلى التعويض الذي يجب أن يكون مساويا للضرر المسبب‬
‫نتيجةعدم التجديد ‪.‬‬

‫‪101‬‬

You might also like