Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 65

‫إن مختلف المعطيات و اآلراء المدرجـة‬

‫بهذا العمل ال تلزم إال صاحبـها و ال‬


‫تتحمل الكليـة أيـة مسؤوليــة عنها‬
‫إهداء‬
‫رسالة إلى أبي الغالي‪ ،‬إلى الحضن الدافئ‪ ،‬إلى القلب‬
‫الحنون‬
‫يا من ضحى و نسج من المستحيل حياة يغطيها األمل‬
‫بك تحلو الحياة و تتحطم األحزان بقربك‬
‫يا لوحة تتالطم بها األلوان بريشة صدق و حنان‬
‫بك أفتخر و أرفع رأسي عاليا و أقول هذا أبي‬
‫أهديك هذه المذكرة ثمرة جهدي و تضحيتك‬

‫إلى أمي رمز الحنان و العطاء و التضحية‪ ،‬أشكرك و أعلم‬


‫أن الشكر قليل‬
‫أطال هللا في عمرك و أدامك تاجا على رأسي‪.‬‬
‫إلى إخوتي وكل من يحبني ويتمنى لي النجاح‪.‬‬
‫شكر‬
‫سيد األستاذ منتصر‬ ‫أتقدّم بأخلص معاني ال ّ‬
‫شكر إلى ال ّ‬
‫الشريف المشرف على هذا العمل وذلك لرحابة‬
‫صدره‪.‬‬
‫كما أشكر األساتذة الّذين ساهموا في تكويني وك ّل من‬
‫ساعدني على إتمام هذا الموضوع‬
‫التخطيــــــــــــط‬
‫املقدمة‬

‫اجلزء األول‪:‬عدم التوازن يف حتمل عباء اإلثبات بني اإلدارة واملطالب ابلضريبة‬
‫الفرع األول ‪ :‬تكريس عدم التوازن يف اإلثبات بني األطراف املتنازعة يف إثبات األداء‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬تعدد حاالت حتمل املطالب عبء اإلثبات رغم حمدودية الوسائل املعتم‬
‫الفقرة الثانية حمدودية حتمل اإلدارة عبء اإلثبات مقابل تعدد االمتيازات‬

‫الفرع الثاين ‪ :‬آاثر تكريس عدم التوازن يف عبء اإلثبات‬


‫الفقرة األوىل‪:‬آاثر عدم التوازن يف حتمل عبء اإلثبات على عالقة املطالب ابلضريبة‬
‫ابإلدارة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬آاثر عدم التوازن على اإلقتصاد الوطين‬

‫اجلزء الثاين ‪:‬دور القاضي يف إعادة التوازن يف حتمل عبء اإلثبات‬


‫الفرع األول ‪ :‬تفعيل سلطات القاضي اجلبائي‬
‫الفقرة األوىل ‪ :‬السعي إىل إجياد تسوية رضائية بني طريف النزاع‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الصالحيات املمنوحة للقاضي حلماية املطالب ابألداء‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬إدارة اإلثبات وإقامته من طرف القاضي‬

‫الفرع الثاين ‪ :‬حدود سلطات القاضي اجلبائي‬


‫الفقرة األوىل ‪ :‬احلدود التشريعية لسلطات القاضي اجلبائي‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬احلدود الذاتية لسلطات القاضي اجلبائي‬

‫اخلامتة‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫المقدمـــــــــــــــــــة‬

‫"إن املواطنني مدعوون إىل التقيد الدقيق ابألداء اجلبائي بصفته واجبا مقدسا يعترب أي أخالل‬
‫به انتهاكا حلق اجملتمع كله وإضعافا لروح املواطنة‪.‬‬

‫وإن إدارتنا ومؤسسات الدولة مدعوة أن تكون مثاال للتفاين يف خدمة الصاحل العام ويف احلرص‬
‫‪1‬‬
‫على صيانة مكاسب الشعب‪.‬‬

‫تعترب هذه القولة اليت وردت يف مقدمة ميثاق املطالب ابلضريبة عن طبيعة العالقة اليت جيب‬
‫أن تكون بني املطالب ابالداء وبني إدارة اجلباية وهي عالقة تقوم على فرض احرتام الواجب اجلبائي‬
‫مع احلفاظ على حقوق اخلاضع لألداء ودون التعدي على حقه املشروع يف امللكية‪.‬‬

‫على أن فرض احرتام الواجب اجلبائي قد يالقي تصداي من املطالب ابألداء إما بغية التهرب‬
‫من دفع الضريبة وإما يكون هذا األخري يرى أنه قد أدى واجبه اجلبائي فينشأ تبعا لذلك نزاع بينه‬
‫وبني إدارة اجلباية ‪.‬‬

‫هذا النزاع يبسط أمام القضاء للحسم فيه ويف هذه املرحلة يكون اإلثبات وسيلة املطالب‬
‫ابألداء للحصول على اإلعفاء من األداء املوظف عليه لذلك اعترب الفقه أن النزاع اجلبائي معركة‬
‫اإلثبات سالحها‪.‬‬

‫فاإلثبات قانوان هو ما يقنع العقل حبقيقة ما أو حىت بوهم ما فهو هبذا عملية تدليل ذهين‬
‫للتوصل إىل إقامة الشاهد على كينونة الشيء أو عدمه أو تغريه‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس يشكل اإلثبات كطريقة عقلية إلقامة احلجة وإتيان الربهان يف مفهومه‬
‫‪2‬‬
‫اجملرد‪ ،‬جزء من املعرفة العلمية مبفهومها الواسع وعنصرا من عناصر الفكر‪.‬‬

‫ميثاق المطالب بالضريبة ص ‪5‬‬ ‫‪1‬‬

‫كمال العياري ‪ -2007‬المجلة القانونية عدد ‪ 17/16‬جانفي ‪2007‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪6‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫وعمليا فإن اإلثبات القضائي هو إقامة الدليل أمام القضاء ابلطرق اليت حددها القانون على‬
‫وجود واقعة أو تصرف قانوين‪.‬‬

‫وجيمع الفقه على أن لإلثبات أمهية ابلغة يف حسم النزاع ‪ ،‬فبانعدام احلجة يصبح احلق جمردا‬
‫من كل جناعة ملموسة فأول ما يطلب به اخلصوم عند املنازعة يف احلق هو التدليل عليه‪ ،‬إذ ال‬
‫يستطيع الشخص أن يصل إىل حقه عند املنازعة فيه إال أن يطلب من القضاء محاية هذا احلق وإذا‬
‫رفع النزاع إىل القضاء فإنه ال يستطيع أن أيخذ الشخص ما يدعيه من حق لنفسه ما مل يتحقق من‬
‫أن ما يدعيه موافق للحقيقة إذ حيتمل أن يكون خمالفا هلا ‪ 3‬ويف هذا يقول ابن حزم ‪ ":‬لو أعطى كل‬
‫امرئ بدعواه املعراة ملا ثبت حق وال بطل ابطل وال استقر ملك مال على أحد "‬

‫وتتدعم أمهية اإلثبات بكوهنا حاضرة يف مجيع املواد وخبصوص مجع النزاعات على اختالف‬
‫مواضيعها وأطرافها‪.‬‬

‫وتثري مسألة اإلثبات يف النزاعات اجلبائية عدة مسائل هامة وذلك لتعلق موضوعها مبجال‬
‫حساس وهو اجلباية ‪ ،‬ونظرا لوجود خصوصية يف أطراف النزاع‪ ،‬حيث يشمل طرفني أحدمها الدولة‬
‫صاحبة السيادة من جهة واملطالب ابألداء من جهة اثنية‪.‬‬

‫ووعيا أبمهية املادة تكاد جتمع الدولة احلديثة على االرتقاء ببعض أحكامها إىل مصاف‬
‫النصوص التشريعية وخري دليل على ذلك ما جاء بفحوى الدستور الثاين للجمهورية التونسية وحيث‬
‫نص الفصل ‪ " 10‬أداء الضريبة وحتمل التكاليف العامة واجب وفق نظام عادل ومنصف" وأتكيدا‬
‫على إيالء املشرع األمهية البالغة للجباية جاء صلب نفس الفصل ‪ 10‬أن الدولة تضع اآلليات الكفيلة‬
‫لضمان استخالص األداءات ومقاومة التهرب والغش اجلبائيني وحسن التصرف يف املال العام‪.‬‬

‫إن رفع بعض األحكام إىل مصاف األحكام الدستورية وسن العديد من القوانني العادية‬
‫هبدف تنظيم احلياة اجلبائية مل مينع حصول النزاع يف املادة اجلبائية وهو نزاع حسب بعضهم يعترب يف‬
‫حد ذاته ضماان‪ 4‬هاما ابلنسبة للمطالب ابلضريبة ألن اإلعرتاف حبق هذا األخري يف منازعة إدارة‬

‫‪ 3‬جالل العدوى ‪ :‬مبادئ اإلثبات في المسائل المدنية والتجارية‪ ،‬المكتب المصري الحديث للطباعة والنشر اإلسكندرية‪ 1967 ،‬ص ‪3‬‬
‫‪ 4‬سعداوي ثابت ‪ ،‬ضمانات المتقاضي في نزاعات التوظيف اإلجباري مذكرة للحصول على شهادة الدراسات المعمقة سوسة ‪2001-2000‬‬
‫ص‪3‬‬

‫‪7‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫اجلباية أمام القضاء ميثل مقارنة مبا كان عليه األمر يف السابق خطوة ابجتاه تكريس محاية ملموسة‬
‫للمتقاضني‪.‬‬

‫ولقد أصبح من املتأكد اليوم أنه ال ميكن أبي حال من األحوال حرمان املطالب ابألداء من‬
‫حق اللجوء إىل القضاء فكما كان يقتضي حق املواطنة الزامه أبداء واجبه الضرييب فإن حق امللكية‬
‫يعطيه حق اللجوء إىل القضاء لرفع جور وتعسف اإلدارة اجلبائية فاإلدارة تسعى من جهتها إىل فرض‬
‫الضريبة اليت يقتضيها القانون حتقيقا للمصلحة العامة واملطالب ابألداء الذي يسعى إىل محاية‬
‫ممتلكاته‪.‬‬

‫وهنا أييت دور القاضي الذي يقوم ببسط الرقابة على أعمال اإلدارة مبناسبة إصدارها لقرار‬
‫التوظيف اإلجباري لألداء وابلتايل حتقيق حد أدىن من الضماانت للمطالب ابألداء من جهة وعلى‬
‫مدى وجاهة وسائل اإلثبات املعتمدة وهنا كذلك تظهر أمهية اإلثبات يف النزاع اجلبائي لكونه ميثل‬
‫ضمانة أساسية للمطالب ابألداء يقيه من خماطر العشوائية اجلبائية ضرورة أن اإلدارة عندما تدعى‬
‫وجود الدين اجلبائي عليها أن تقيم الدليل على وجوده ومقداره ‪ ،‬هذا من جهة ومن جهة اثنية ميثل‬
‫اإلثبات وسيلة هامة ملقاومة التهرب الضرييب طاملا إن املطالب ابألداء عليه أن يقيم الدليل على عدم‬
‫لزوم الدين اجلبائي له وإنقضاءه وابلتايل فإن أمهية اإلثبات يف النزاع اجلبائي تربز من خالل ضرورة‬
‫حتقيق املوازنة بني ما تقتضيه املصلحة العامة من تعبئة خزينة الدولة وبني محاية حق مللكية وضماانت‬
‫اخلاضع للضريبة‪.‬‬

‫إن خصوصية النزاع اجلبائي اليت تضع املصلحة العامة يف مواجهة مصاحل األفراد انعكست‬
‫على اإلثبات ‪ ،‬فلئن كانت القواعد العامة لإلثبات الواردة مبجلة اإللتزامات والعقود ‪.‬تعترب مرجعا‬
‫لإلثبات يف النزاع اجلبائي فإن هذا األخري يتميز عن نزاع اإلثبات يف النزاع املدين من حيث عبء‬
‫اإلثبات ووسائله فعلى عكس بعض التشاريع العربية ‪ 5‬اليت خصصت ملسألة اإلثبات جملة مستقلة‬
‫بذاهتا فإن تشريعنا التونسي اكتفى ببعض الفصول اليت متيزت ابلقلة والتشتت‪.‬‬

‫إن قلة النصوص املتعلقة ابإلثبات يف النزاع اجلبائي ميكن تفسريها بكون املشرع إمنا أراد فسح‬
‫اجملال للقاضي قصد إعمال إجتهاده ملالئمة النظرية العامة لإلثبات مع خصوصية النزاع اجلبائي‪.‬‬

‫التشريع السوري والتشريع العراقي‬ ‫‪5‬‬

‫‪8‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫هذه النصوص رغم قلتها فإهنا دعمت وضعية عدم التوازن يف حتميل األطراف بعبء اإلثبات‬
‫هذه الوضعية ال ميكن تداركها إال بتدخل القاضي اجلبائي غري أن املشرع واع مبساوئ التنظيم املوجودة‬
‫ونقائصه وقد أمر فعال مبراجعته وجتميع النصوص املتعلقة به يف جملة وحيدة وهي جملة احلقوق‬
‫واإلجراءات اجلبائية " حيث قننت واجبات وحقوق كل من اإلدارة واملطالب ابألداء إال أن هذا‬
‫التقنني مل يكن متوازان ولعل مسألة وسائل اإلثبات يف النزاع اجلبائي دليل على ذلك وملزيد التعمق يف‬
‫هذا املوضوع ميكن طرح اإلشكال التايل ‪:‬‬

‫إىل أي مدى ميكن احلديث عن وجود توازن عادل بني طريف النزاع يف حتمل عبء اإلثبات‬
‫أمام القضاء اجلبائي؟‬

‫هذا ما سنحاول تناوله من خالل ختصيص اجلزء األول من هذا العمل لدراسة عدم التوازن بني‬
‫اإلدارة واملطالب ابلضريبة يف حتمل عبء اإلثبات لنتطرق يف اجلزء الثاين إىل دور القاضي اجلبائي يف‬
‫إعادة التوازن املفقود بني كل من املطالب ابألداء وإدارة اجلباية يف حتمل عبء اإلثبات يف النزاع‬
‫اجلبائي‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫الجزء األول ‪:‬‬


‫عدم التوازن في تحمل عبء‬
‫اإلثبات بين اإلدارة والمطالب‬
‫بالضريبة‬

‫من املبادئ املقررة يف الفقه اإلسالمي ويف القانون املدين التونسي وسائر القوانني املقارنة أن "‬
‫البينة على من ادعى" فمن يطالب بتنفيذ التزام جيب عليه إثباته وكذلك من يدعي التخلص من‬
‫إلتزامه جيب أن يثبت الوفاء به أو أن يثبت الواقعة اليت أدت إىل انقضائه‪.‬‬

‫إن أمهية قاعدة البنية على من ادعى تتمثل أساسا يف حتديد من هو الطالب ابإلثبات ومبعىن‬
‫أدق معرفة من يتحمل تبعة اإلثبات وذلك يف صورة انعدام الدليل على أن املشرع وضع قرينة سابقة‬

‫‪10‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫ضمنها يف الفصل ‪ 560‬من جملة االلتزامات والعقود مفادها عن األصل براءة الذمة حىت يثبت‬
‫تعمريها‪ ،‬اهلدف منها ضمان األمن والطمأنينة اجلماعية والبقاء على الوضع الراهن واحلالة الظاهرة‪.‬‬

‫فاملقصود ابملدعى هو من يدعي خالف األصل والظاهر أو الثابت طبيعة احلق املدعي يف‬
‫شأنه‪.6‬‬

‫إن اجلباية ترتكز على إلتزام قانوين يف جانب املطالب ابألداء جترب مبقتضاه إدارة اجلباية‬
‫اخلاضعني للضريبة بدفعها خلزينة الدولة فأطراف النزاع اجلبائي مها اإلدارة اليت تسعى إىل إثبات‬
‫خضوع املطالب ابألداء للواجب اجلبائي من جهة واملطالب ابألداء الذي يقع عليه إثبات براءة ذمته‬
‫جتاه اإلدارة من جهة اثنية‪.‬‬

‫فاألصل أن اإلدارة تتحمل عبء اإلثبات ابعتبارها يف مركز املدعي تطبيقا لقرينة براءة الذمة‬
‫املشار إليها سابقا‪ ،‬غري أن املشرع أوجب يف الفصل ‪ 2‬م ج إ ج على املطالب ابلضريبة التصريح‬
‫التلقائي يف اآلجال القانونية ويرتتب بذلك حتمل عبء اإلثبات فيما يتعلق بتربير صحة تصارحيه‬
‫ويبقى من حق اإلدارة مناقشته‪.‬‬

‫وأمام هذا التضارب الظاهر فإن املطالب ابلضريبة وجد نفسه عمليا حممال بعبء إثبات‬
‫صحة تصارحيه وموارده احلقيقية وشطط األداء املوظف عليه‪ 7‬رغم حمدودية الوساؤل املعتمدة (فرع‬
‫أول) يف حني أن اإلدارة املتمتعة ابمتيازات السلطة العامة جتد نفسها يف فضاء أرحب أمام حتمل‬
‫عبء اإلثبات (فرع اثين ) ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬تكريس عدم التوازن في اإلثبات بين األطراف المتنازعة‬


‫في إثبات األداء ‪:‬‬
‫ينص الفصل ‪ 420‬من جملة التزامات والعقود إن إثبات اإللتزام على القائم به وهذا الفصل‬
‫ينطبق على املدعي واملدعى عليه وابلتايل فعلى كل منهما إثبات ما يدعيه الوسائل القانونية املخولة‬
‫إليه والقاعدة أنه مىت أثبت املدعي تطبيقا للفصل املذكور ووجود إلتزامات وعقود املدعى عليه فعلى‬

‫‪" 6‬أحمد (القرافي) بن ادريس‪ :‬أنوار البروق من أنواع الفروق " الفرق بين قاعدة المدعى وقاعدة المدعى عليه ‪ ،‬د ط ‪ :‬د ت الجزء الرابع‬
‫(القواعد الفقهية)‬
‫‪ 7‬الفصل ‪ 65‬من مجلة حقوق واإلجراءات الجبائية‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫هذا األخري إثبات عكس ذلك تطبيقا ملقتضيات الفصل ‪ 421‬من جملة التزام والعقود الذي ورد فيه ما‬
‫يلي " إذا أثبت املدعى وجود اإللتزام كانت البينة على من يدعي انقضاءه أو عدم لزومه له" وهو‬
‫املعمول به يف القانون املدين غري أن املشرع يف القانون اجلبائي ومع إصدار جملة حقوق وإجراءات‬
‫جبائية تسبب يف خلق لبس يف حتديد الطرف املتحمل للعبء اإلثبات ‪ 8‬وذلك من خالل الفصلني‬
‫‪ 64‬و‪ 65‬جملة حقوق وإجراءات جبائية وكذلك من خالل سكوته املقصود يف حتديد حاالت حتمل‬
‫اإلدارة لعبء اإلثبات‪.‬‬

‫إذا سنحاول من خالل هذا الفرع ابراز عدم التوازن الذي يتجلى من خالل تعدد حاالت‬
‫حتمل املطالب ابلضريبة عبء اإلثبات (فقرة أوىل) ومن خالل حمدودية حتمل اإلدارة هلذا العبء‬
‫مقابل تعدد امتيازاهتا (فقرة اثنية)‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تعدد حاالت تحمل المطالب عبء اإلثبات رغم محدودية الوسائل‬
‫المعتمدة ‪:‬‬
‫تعترب اإلدارة يف القانون اجلبائي الطرف األقوى خاصة يف نزاع جبائي يتحمل فيه الطرف املقابل هلا‬
‫وهو املطالب ابألداء حيث تستطيع اإلدارة أن تتخذ عدة إجراءات يف الغثبات وتفرض على املطالب‬
‫ابألداء التجاوب معها ألهنا تتمتع بعدة امتيازات يف إعداد وسائل اإلاثت منحها هلا املشرع مقابل‬
‫إثقال كاهل املطالب ابألداء وبتحمل عبئ اإلثبات يف النزاع اجلبائي ضد اإلدارة رغم حمدودية الوسائل‬
‫املعتمدة‪ .‬حيث نتبني ذلك من خالل جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية اليت اشارت إىل وسائل‬
‫اإلثبات يف النزاع اجلبائي (‪ )1‬وحتمل املطالب ابلضريبة عبء اإلثبات (‪)2‬‬

‫‪-1‬وسائل اإلثبات في النزاع اإلثبات ‪:‬‬

‫إن قبول األشخاص أداء ضرائبهم عن طوعية مرتبط بعدة عوامل سياسية واقتصادية من بينها‬
‫مدى توفري القانون جلملة من احلقوق األساسية وضماانت إضافية لفائدته ‪ 9‬ابلرغم من اإلجيابيات‬

‫‪ : 8‬كمال العياري ‪ :‬اإلثبات في القانون الجبائي التونسي (اإلثبات في المادة الجبائية" محاضرة من ملتقى حول النزاع الجبائي "المعهد األعلى‬
‫للقضاء ‪ 30 ،‬جانفي ‪ ،2003‬كذلك سفي ان البرجي ممثلة اإلثبات في نزاعات التوظيف اإلجباري محاضرة ألقيت في ملتقى الجمعية التونسية‬
‫للقانون ‪.2003‬‬
‫‪ 9‬مداوالت مجلس النواب عدد‪ 26-39‬جويلية ‪ ،2000‬ص ‪.1869‬‬
‫عبد الرحمان بوراوي " قاضي بالمحكمة اإلبتدائية بتونس" تقرير تمهيدي للدورة الدراسية " حول النزاع الجبائي أمام المحاكم" ‪ 30‬جانفي ‪2003‬‬
‫المعهد األعلى للقضاء‬

‫‪12‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫العديدة اليت أتت هبا جملة احل إ ج سنة ‪ 102002‬إال أن اجمللة املذكورة منحت لإلدارة صالحيات غري‬
‫معهودة يف الدول املتقدمة وميكن إن يرتتب عن ممارسة هذه الصالحيات نيل من احلقوق األساسية‬
‫‪11‬‬
‫خبصوصية النزاع اجلبائي فإقصاءه ألحكام الفصل ‪427‬‬ ‫للمطالب ابلضريبة وقد برز املشرع ذلك‬
‫من جملة اإللتزامات والعقود الذي نص على أن وسائل اإلثبات املعتمدة يف القانون هي اعرتاف‬
‫األطراف احلجة مبا فيها املكتوبة الشفاهىي شهادة الشهود والقرائن ابإلضافة إىل القسم‪.‬‬

‫هذا اإلقصاء وإن كان جزئيا وحيث أن مفاده إن طبيعة املادة اجلبائية تتطلب اإلعتماد على‬
‫أسس قانونية وموضوعية فقد جاء يف شرح أحكام الفصل ‪ 427‬اثلثا وخامسا من م إ ع املنصوص‬
‫عليه ابلفصل ‪ 64‬املذكور واملتعلقة بشهادة الشهود واليمني واإلمتناع من احللف تعترب وسائل إثبات ال‬
‫تتماشى مع طبيعة املادة اجلبائية حيث يتم توظيف األداء على أسس قانونية وموضوعية هذه‬
‫اإلستثناءات معمول هبا يف الشرتيع احلايل ويف التشريع املقارن حبيث تكون طرق اإلثبات املعمدة يف‬
‫املادة اجلبائية هي ‪:‬‬

‫اإلعرتاف واإلقرار‬ ‫‪-‬‬


‫احلجة املكتوبة‬ ‫‪-‬‬
‫‪12‬‬
‫والقرائن الفعلية والقانونية‬ ‫‪-‬‬

‫إن حصر م ح إ ج لوسائل اإلثبات ليس ابجلديد يف نزاع التوظيف‪ 13‬ذلك أن الفصل ‪ 87‬من‬
‫جملة الضريبة على الدخل لألشخاص الطبيعني والضريبة على الشركات وإن ألزم على هذا األخري‬
‫اإلثبات عند طلب الضريبة أو التخفيض فيها فإنه مع ذلك ال ينص على اشرتاط الكتابة إلثبات‬
‫عدم صحة التوظيف ‪.‬‬

‫‪30‬‬ ‫هذا اإلشرتاط فرضه فقه القضاء اجلبائي فقد جاء يف قرار احملكمة اإلدارية عدد ‪ 835‬يف‬
‫أفريل ‪ 1987‬ما يلي " وحيث خبصوص استعمال اليمني كوسيلة إثبات يف املادة اجلبائية مل تتعرض‬
‫صراحة إىل هذه املسألة غري أنه يفهم من أحكام جملة الباتيندة الواردة ابلفصول ‪ 48‬و ‪ 50‬أن وسيلة‬
‫‪ 10‬رضا بلحاج ‪ :‬مدخل إلى دراسة مجلة الحقوق واإلجراءات الجبائية "منشورات المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية ‪ 2000‬ص ‪.15-14‬‬
‫‪ 11‬خصت مجلة الحقوق واإلجراءات الجبائية مسألة اإلثبات بفصل يتيم ‪ 64‬الذي جاء فيه "ال يمكن للمحكمة إتمام طرق اإلثبات الواردة بالفصل‬
‫‪ 427‬ثالثا وخامسا من مجلة اإللتزامات والعقود إلثبات ادعاءات األطراف المتعلقة بالقضية"‬
‫‪ 12‬مداوالت مجلس النواب عدد ‪ 39‬جلسة يوم اإلربعاء ‪ 26‬جويلية ‪ 2000‬ص ‪1934‬‬
‫‪ 13.‬األزهر بوقارص‪":‬اإلثبات في المادة الجبائية (نزاعات التوظيف الجبائي) ملتقى النزاعات الجبائية المعهد األعلى للقضاء‪ /‬مدنين ‪-11-26‬‬
‫‪1999‬‬

‫‪13‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫الغثبات جيب أن تكون كتابية ويفهم ذلك من أحكم تلك الفقرة اليت نصت على أن أعوان املراقبة‬
‫ميكن هلم هلذا الغرض إلزام الشخص اخلاضع لألداء بتقدمي وإحالة كتائبه وأزمته وصكوكه وحجج‬
‫املقبوض واملدفوع واحلسابية وبصفة عامة مجيع الواثئق املتعلقة مبباشرة التجارة أو الصناعة أو املهنة‬
‫‪14‬‬
‫اليت يتعاطاها املعين ابألمر"‬

‫وابلتايل فإنه ال جيوز توجيه اليمني على الدولة‪ 15‬ألهنا ذات معنوية مستقلة عن ذوات األفراد‬
‫الذين ميثلوهنا واعتبارا ملا يتسم به أداء اليمني من طابع ديين وأخالقي حمض يتحكم إىل ضمري‬
‫مؤديه‪.16‬‬

‫إال أن منع اإلثبات بشهادة الشهود فيه مس من حق املطالب ابألداء يف اإلثبات خاصة إذا‬
‫تعذر عليه إقامته بوسائل أخرى كما يف صورة التعذر املعنوي أو املادي للحصول على كتب أو فقدانه‬
‫أو يف صورة كون موضوع اإلثبات واقعة قانونية يستحيل إقامة الدليل عليها ابلكتابة أو ابلقرائن كغلق‬
‫احملل ملدة معينة إلجراء إصالحات أو للتمتع ابلراحة السنوية أو القيام أبعمال صيانة أو أشغال من‬
‫طرف املطالب ابلضريبة نفسه دون اللجوء للغري‪ 17‬وهذا يبقى رأاي ال خيلو من نقائص ويقبل الدحض‬
‫األخذ آبراء خمالفة حيث أن بعض الفقهاء ورجال القانون اجلبائي يرون عكس ذلك ‪ 18‬حني‬
‫أوضحوا من خالل العديد من املداخالت القانونية أن أستبعاد شهادة الشهود أثناء النزاع اجلبائي‬
‫تربره طبيعة املوضوع املراد إثباته‪ ،‬هذا فضال على خشية املشرع من أن تفتح البينة ابلشهادة اباب واسعا‬
‫سواء للتهرب اجلبائي وذلك إبعطاء شهادات كاذبة متبادلة وذلك للتقصي من الواجب اجلبائي أو‬
‫كذلك لتفشي بعض املطالبني ابألداء من بعضهم إبعطاء شهادات كاذبة لفائدة إدارة اجلباية للنيل‬
‫من غرائمهم‪.‬‬

‫لكن من ينظر إىل القانون اجلبائي بعني انقدة يرى التناقض الوضاح يف تطبيق أحكام الفصل‬
‫‪ 64‬من جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية‪ ،19‬هذا الفصل يف الوقت الذي استبعد فيه الشهادة‬
‫العتمادها من طرف املطالب ابألداء فقد أقرها بصفة ضمنية لصاحل اإلدارة‪ ،‬وذلك عندما خول هلا‬
‫‪ 14‬محكمة إدارية تعليق على القضية عدد ‪ 835‬بتاريخ ‪ 30‬أفريل ‪1987‬‬
‫‪ 15‬األزهر بوقارص ‪ ،‬اإلثبات في المادة الجبائية (نزاعات التوظيف اإلجباري) ملتقى النزاعات الجبائية ‪ ( 1999‬مذكور)‬
‫‪ 16‬منير بن محمد "الطعن في قرار التوظيف اإلجباري ص ‪.8‬‬
‫‪ 17‬محمد عادل راوية‪ :‬اإلثبات في المادة الجبائية للقاضي الفاصل السيد األزهر بوقارص السابق اإلشارة إليها‪.‬‬
‫‪ 18‬كمال العياري "اجراءات التقاضي والتنفيذ في المادة الجبائية تشريعيا وقضاء وفقها تونس ‪198/2007‬‬
‫‪ 19‬سفيان البرجي "معضلة اإلثبات في نزاعات التوظيف اإلجباري" ملتقى القاضي الجبائي" جانفي ‪ 2002‬الجمعية التونسية للقانون الجبائي ص‬
‫‪.7-6‬‬

‫‪14‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫صلب الفصالن ‪ 7‬و ‪ 11‬من م ح إ ج جماهبة املطالب ابألداء ابإلرشادات واإلستقصاءات‪ ،‬هذه‬
‫اإلستقصاءات تتمثل يف جتميع املعلومات من بعض احلرفاء ومزودي املطالب ابلضريبة‪ ،‬فاحلريف أو‬
‫املزود ميكن اإلدارة من قائمة يف رقم املعامالت احملقق مع املطالب ابلضريبة طرف النزاع دون أن‬
‫يرفقها بنسخة من الدفرت العام ليقيم الدليل على ما قدمه هذا اإلجراء يعترب نوعا من الشهادة لكن‬
‫من حق اإلدارة دون غريها االعتماد عليها‪.‬‬

‫يبدو أنه كان من األجدى وحتقيقا للمساواة بني طريف النزاع وتفاداي لكل تناقض بني الفصول‬
‫القانونية" أن يقع التنصيص صلب الفصل ‪ 16‬م ح إ ج على ضرورة إرفاق القائمات االمسية املتضمنة‬
‫لالستقصاءات الصادرة عن املزودين أو احلرفاء ابلواثئق احملاسبية املثبتة للعمليات موضوع االستقصاء‪.‬‬

‫هذا وميكن التساؤل عن إمكانية اعتماد إقرار الغري عن نفسه ملصلحة املطالب ابألداء إلثبات‬
‫املوارد احلقيقية هلذا األخري كاإلقرار ابإلقراض أو تكون املداخيل املنسوبة للمطالب ابألداء هي يف‬
‫‪20‬‬
‫احلقيقة خاصة ابلغري"‬

‫‪ -2‬تحمل المطالب بالضريبة عبء اإلثبات ‪:‬‬

‫نص الفصل ‪ 65‬من جملة ح إ ج "ال ميكن للمطالب ابألداء الذي صدر يف شأنه قرار توظيف‬
‫إجباري لألداء احلصول على إعفاء أو التخفيض من األداء املوظف إال إذا أقام الدليل على صحة‬
‫تصارحيه وموارده احلقيقية أو على شطط األداء املوظف عليه" هذه القاعدة هي تطبيق تقليدي للبينة‬
‫على من ادعى" واليت تقتضي حسب ما ذهب إليه فقهاء القانون اخلاص أن املدعى هو الذي‬
‫يتحمل عبء اإلثبات يف احلق املراد محايته وعبء دحض القرائن اجلبائية اليت قدمتها اإلدارة‪ 21‬غري‬
‫أن تطبيق هذه القاعدة أيخذ أبعادا سلبية ابلنسبة للشخص املدعى ذلك أن النزاعات اجلبائية تضع‬
‫املطالب ابألداء يف مركز املدعي يف الوقت الذي تكون فيه اإلدارة مدعى عليها ما جيعلها يف وضعية‬
‫مرحية مقارنة مع املطالب ابلضريبة وتطبيقا هلذه القاعدة يكون هذا األخري مطالبا إبثبات وإقامة‬
‫الدليل عل صحة تصارحيه وموارده احلقيقة أو وجود شطط يف التوظيف‪ 22‬حىت يتمكن من احلصول‬

‫‪ 20‬سفيان البرجي" معضلة اإلثبات في النزاع الجبائي " سابق الذكر ص ‪4‬‬
‫‪Molinter( J) : la preuve en droit fiscal francais, rev jur zet pol IDEF 1985 n°1-2 21‬‬
‫القرينة ‪ :‬هي التي يستدل به القانون أو الحاكم على أشياء مجهولة كما ورد في الفصل ‪ 479‬من مجلة التزامات والعقود وهي وسيلة يستنتج بها‬
‫المشرع أو القاضي من معطيات معلومة آثارا قانونية لواقعة قانونية مجهولة " سفيان برجي"‬
‫‪Ladhari (Zied) : du fardeau de la preuve en matière fiscale mémoire 2000 DEA Faculté de droit et des 22‬‬
‫‪sciences politiques de Tunis 1999-2000,‬‬

‫‪15‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫على اإلعفاء أو التخفيض من األداء املوظف عليه‪ ،‬وما يؤكد هذه الوضعية السيئة اليت جيد املطالب‬
‫ابألداء نفسه فيها هو أن املشرع صلب الفصل ‪ 67‬من م ح إ ح مل يقتصر على تطبيق هذه القاعدة‬
‫يف الطور اإلبتدائي فقط وإمنا أيضا أمام حمكمة اإلستئناف وهو أمر ال ميكن أن جند تفسريا له خاصة‬
‫إذا علمنا أن يف الطور اإلستئنايف هناك إحتمال أن تكون اإلدارة اجلبائية يف مركز املدعى وابلتايل‬
‫‪23‬‬
‫تكون هي املطالبة ابإلثبات غري أن املشرع واصل العمل مبقتضيات الفصل ‪ 65‬يف الطور اإلستئنايف‬

‫لكن قبل اخلوض يف أحقية حتديد املدعي واملدعي عليه يف الطور اإلستئنايف أو اإلبتدائي‬
‫سنتناول ابلدراسة حمتوى الفصل ‪ 65‬من جملة ح إ ج وخاصة عبارة "إال إذا أقام الدليل على صحة‬
‫تصارحيه" هذه العبارة تدعو حقيقة للحرية ابعتبارها تتعارض تعارضا واضحا مع أهم مبدأ يقوم عليه‬
‫النظام اجلبائي التونسي وهو مبدأ متتع التصاريح بقرينة الصحة‪ ،‬هذا املبدأ جسده املشرع يف الفصل ‪2‬‬

‫من جملة ح إ ج الذي نص على "‪ ...‬املبادرة ابلتصريح التلقائي لألداء" يف الوقت الذي ألزم املطالب‬
‫ابألداء إبثبات صحة التصاريح صلب الفصل ‪ 65‬من نفس اجمللة‪ ،‬هذا التناقض يؤثر سلبا على ثقة‬
‫املطالب ابألداء ابملشرع‪.‬‬

‫إن هذا الضعف التشريعي مل يقتصر على تعارض الفصلني من نفس اجمللة بل ولألسف جتاوزه‬
‫ليشمل اختالف لفصل واحد يف نسختيه العربية والفرنسية إذ يتبني من قراءة الفصل ‪ 65‬من م ح إ ج‬
‫يف نسخته العربية أن املطالب ابألداء الذي صدر يف شأنه قرار توظيف إجباري ال ميكنه احلصول‬
‫على اإلعفاء أو التخفيض من األداء املوظف عليه إال إذا أثبت أحد األمرين التاليني أوهلما صحة‬
‫تصارحيه وموارده احلقيقية واثنيهما شطط األداء املوظف عليه ويبدو أن اإلثبات يف احلالة األوىل ينص‬
‫على أمرين متالزمني ومها صحة التصريح واملوارد احلقيقية وذلك ألن املشرع مجع بينهما بواو العطف‬
‫غري أن الرتمجة الفرنسية للفصل ‪ 65‬تفقد هذا التأويل ‪ 24‬فالعطف الصريح املنصوص عليه يف األحكام‬
‫العربية غائب يف الرتمجة الفرنسية وهو ما يفهم منه أن املشرع ترك اخليار للمطالب ابلضريبة الذي يروم‬

‫كذلك قرار المحكمة اإلدارية عدد ‪ 31614‬في ‪ 2‬أكتوبر ‪ ، 1999‬الصاجب بن علي الهمامي" حيث خلص مما سبق بسطه أنه في صورتي غياب‬
‫التصار يح بالدخل أو نقص فيها أم في غياب مثال حسابية فإن اإلدارة تعتمد على القرائن القانونية والواقعة التي تتوقر لديها وتحمل تلك القرائن‬
‫على صحة إال إذا أثبت المطالب باألداء عكس ذلك سواء بابراز مداخيله الحقيقية أو بإثبات الشطط في عناصر التوظيف" غير منشور)‬
‫‪ 23‬كمال العياري "التوظيف اإلجباري إجراءات التقاضي ‪ ،‬ص‪ .221-220‬تونس ‪2009‬‬
‫‪L’article 65 dispose : « le contribuable taxé d’office ne peut obtenir la décharge ou la réduction de l’impôt 24‬‬
‫‪porté à sa charge qu’en apportant la preuve de la sincérité des ses déclarations, de ses ressources réelles ou du‬‬
‫» ‪caractère exagéré de son imposition‬‬

‫‪16‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫احلصول على اإلعفاء أو التخفيض من األداء املوظف عليه بني إثبات إما صحة تصارحيه أو موارده‬
‫احلقيقية أو شطط األداء عليه ‪.25‬‬

‫‪108‬‬ ‫كما أن وضع املطالب ابلضريبة يزداد سواء عند دراستنا دراسة معمقة ملقتضيات الفصل‬
‫من م ح ا ج هذا الفصل يف ظاهره حيدد حاالت تكون فيها اإلدارة ملزمة بعبء اإلثبات حيث نص‬
‫على " تتم إقامة احلجة من قبل اإلدارة يف شأن املخالفات املبينة ابلفصول ‪ 101-99-98-94‬من هذه‬
‫اجمللة" حيث أن هذا الفصل حدد بصفة دقيقة وموجزة وحمدودة جتمل اإلدارة عبء اإلثبات ملتزما‬
‫ابلصمت يف املخالفات األخرى ‪ ،‬هذا الصمت هو توجيه ضمين لتحمل املطالب ابلضريبة اإلثبات‬
‫‪26‬‬
‫يف املخالفات األخرى واليت هي مقارنة مبا جاء يف الفصل ‪ 108‬جد متعددة‪.‬‬

‫حيث أنه كان على املشرع لتفادي هذه اإلشكاليات إعتماد أحكام أشد تعبريا حىت ال تثري‬
‫بعض القلق القانوين‪ ،‬اقتيادا رمبا ابملشرع البلجيكي الذي وضع نصا عاما حيتمل التأويل الواسع ولكن‬
‫لفائدة املطالب ابألداء وليس ضده ومل يشأ ابلتايل تقييد جمال اإلثبات ضمن الفصل ‪ 352‬من جملة‬
‫الضريبة على الدخل الذي نص على ما يلي ‪:‬‬
‫‪« Lorsque le contribuable est taxé d’office, la preuve du chiffre exact des ses revenus‬‬
‫‪27‬‬
‫» ‪imposables et des autres éléments envisager dans son chef lui incombe‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬محدودية تحمل اإلدارة عبء اإلثبات مقابل تعدد االمتيازات ‪:‬‬
‫إن يف إصدار جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية قصد به املشرع توفري أكثر محاية حلقوق‬
‫املطالب ابلضريبة وتكريس أكثر ضماانت لفائدته‪ 28‬إال أنه عند التدقيق يف أحكام هذه اجمللة اليت‬
‫ااثرت حفيظة املتابعني للشأن العام يتأكد أهنا أرست ضماانت لفائدة املطالب ابألداء إال أهنا مل‬
‫تضع حدا هليمنة اإلدارة اجلبائية بل أهنا دعمت إمتيازات هذه األخرية وغززت قدراهتا ‪ 29‬حيث أهنا‬

‫كمال العياري ‪ ،‬إجراءات التقاضي ص ‪ 218-217‬مرجع سابق‬ ‫‪25‬‬

‫مخالفات حددتها الفصول ‪ 105-104- 102-100-97-96-95-93-92-91-90-89‬من مجلة ح إ ج‬ ‫‪26‬‬

‫كمال العياري ‪ ،‬اإلثبات في نزاعات التوظيف اإلجباري (جانفي ‪ )2003‬ملتقى 'مذكور)‬ ‫‪27‬‬

‫مداوالت مجلس النواب‪ ،‬عدد ‪ 26 ،39‬جويلية ‪ ،2000‬ص ‪1869‬‬ ‫‪28‬‬

‫الصغير الزكراوي " ضمانات المطالب باألداء" مجلة القضاء والتنشريع ‪ ،‬مارس ‪ 2002‬ص ‪96‬‬ ‫‪29‬‬

‫‪17‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬
‫‪30‬‬
‫يف البحث واإلثبات إال أن حتملها‬ ‫وسعت من سلطات وصالحيات ووسائل اإلدارة اجلبائية‬
‫لإلثبات يكون حمدودا مقابل تعدد إمتيازاهتا‪.‬‬

‫حاالت تحمل اإلدارة لعباء اإلثبات ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫إن يف جعل اإلدارة هي املتحملة لعبء اإلثبات ضمامنة أساسية للمطالب ابألداء يقيه من‬
‫العشوائية اجلبائية‪ ،‬فالتزام اإلدارة إبثبات الدين اجلبائي عند النزاع محاية للمطالب ابلضريبة من‬
‫كل تعسف حمتمل ‪ 31‬قد يقوم به أعوان اجلباية (أ) غري أن خصوصية النزاع اجلبائي وجعل‬
‫مصلحة اخلزينة فوق كل اعتبار جعل املشرع ميكن اإلدارة من مجلة من اإلمتيازات ساعدهتا يف‬
‫التخليص من عبء اإلثبات (ب)‬

‫تحمل اإلدارة لعبء اإلثبات ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫إن إصدار جملة ح إ ج مل تكن يف مستوى اإلنتظارات حيث مل ختص النزاع اجلبائي يف مرحلته‬
‫اإلدارية بنص صريح حيدد جمال تدخل أطراف النزاع يف عبء اإلثبات حيث تكون اإلدارة هي‬
‫‪32‬‬
‫حكما أطرفا يف الوقت نفسه‪.‬‬

‫كذلك الدارس للقانون اجلبائي يالحظ سكوت املشرع عن حتديد حاالت اإلثبات احملمولة‬
‫على اإلدارة وذلك يف تواتر استعمال الفصل ‪ 65‬من جملة احل إ ج منذ دخوهلا حيز التنفيذ والفصل‬
‫‪ 59‬فقرة ‪ 2‬من جملة الباتيندة يف مرحلة سبقت اجمللة األوىل‪.‬‬

‫إن ملن املؤسف أن يقتصر املشرع على الطور احلكمي يف حتديد مسؤوليات األطراف يف حتمل‬
‫عبء اإلثبات ملتزما الصمت يف مرحلة املراقبة‪ ،‬هذا الصمت الذي حييلنا على التساؤل عن نية‬
‫املشرع أهي جمرد نسيان؟ أم سكوت مقصود؟‬

‫واألقرب إىل الواقع هو أنه نسيان مقصود ‪ ،‬لتمكني اإلدارة من اهلروب من حتمل عبء‬
‫اإلثبات‪ ،‬إن ما متيزت به اإلدارة من وضعية مرحية جتاه حتمل عبء اإلثبات‪ 33‬تنفي قرينة الصحة‬

‫الشريف وفاء الجمل "اإلثبات في نزاعات التوظيف اإلجباري " تونس ‪( 2010‬مذكرة)‬ ‫‪30‬‬
‫‪31‬‬
‫‪Mestaoui (Y), : « contentieux fisca »l, Institut national des finances ministères des finances 1999 p 58‬‬
‫رضا بلحاج " مدخل إلى دراسة مجلة الحقوق واإلجراءات الجبائية "منشورات المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية ‪2000‬‬ ‫‪32‬‬

‫الصغير الزكراوي "السياسة الجبائية في تونس‪ :‬المالمح والمطامح "المجلة القانونية التونسية ‪.2005‬‬ ‫‪33‬‬

‫‪18‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫املرتبطة ابلتصاريح املقدمة من طرف املطالب ابلضريبة وتقطع كل بصيص أمل إلعادة التوازن يف توزيع‬
‫عبء اإلثبات‪.‬‬

‫حيث يبقى على اإلدارة أن تثبت عدم صحة التصاريح اجلبائية املقدمة ‪ ،‬هذا الواجب انتظران‬
‫من جملة ح أ ج تدعيمه لكنها ولألسف الشديد خفضت من وزنه ابعتبار أن ما ورد يف مقدمة‬
‫ميثاق املطالب ابلضريبة من صراحة جتعل التصاريح اجلبائية مقرتنة ابلصحة هذه الصراحة غابت عن‬
‫م ح أ ج اليت اكتفت ابإلشارة يف فصلها الثاين إىل التلقائية ايداع التصاريح مما جعل مبدأ التصاريح‬
‫جمرد استنتاج بذلك مل تكن هذه اجمللة إال خطوة إىل الوراء يف سلسلة اإلصالحات اجلبائية يف تونس‬
‫حيث ال يسعنا إال أن أنسف على توقف العمل أبحكام ميثاق املطالب ابلضريبة ال سيما وأن اجمللة‬
‫ح أ ح مل تتأثر ابلتحديد‪ 34‬إن حتميل اإلدارة عبء إثبات عدم صحة التصاريح املناطة بعهدهتا راجع‬
‫إىل األسس القانونية لقرينة الصحة ابعتبار إن اإلطالع على التصاريح اجلبائية‪ 35‬يف متناول هذه‬
‫اإلدارة ابإلضافة إىل األسس فقه القضائية ابعتبار أن احملكمة اإلدارية يف قرارها الصادر يوم ‪ 10‬ماي‬
‫‪ 1993‬أقرت أن اإلدارة وحدها تتحمل عبء إثبات عدم صحة التصاريح اليت اعتربهتا صحيحة طاملا‬
‫أن اإلدارة مل تثبت عكس ذلك‪.‬‬

‫رغم جتميع حاالت حتمل اإلدارة عباء اإلثبات يف بيان عدم صحة التصاريح إال أهنا ال ختلو‬
‫من استثناءات حيث يبقى املطالب ابلضريبة ملزما بتعليل حمتوايت التصريح‪ ،‬مثال إثبات مدى قانونية‬
‫األعباء اليت قام بطرحها من قاعدة األداء إضافة إىل إثبات مسكه ملختلف الدفاتر احملاسبة املفروضة‬
‫عليه قانوان‪.‬‬

‫غري أن اإلدارة ملزمة قانوان إبثبات قيام املطالب ابألداء بنشاط اثنوي تعتزم أنه غري مصرح به‪،‬‬
‫ذلك يف عدة حاالت منها ما جاء يف قرارا صادر عن احملكمة اإلدارية‪ 36‬حيث متسك املعقب أبن‬
‫قرار اللجنة اخلاصة بتوظيف األداء مل يكن يف طريقه حينما ساير اإلدارة اليت اعتربته فالحا واحلال أنه‬
‫مل يقم أبي نشاط من هذا القبيل وليس ابستطاعته إقامة الدليل على ذلك ابحلجة السلبية‪.‬‬

‫كمال العياري مرجع سابق‬ ‫‪34‬‬

‫أحمد الورفلي "صالحيات اإلدارة الجبائية " م ق ت مارس ‪2002‬‬ ‫‪35‬‬

‫قرار عدد ‪ 1773‬بتاريخ ‪ 25‬أفريل ‪1994‬‬ ‫‪36‬‬

‫‪19‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫حيث ذكرت اإلدارة يف تقاريرها الكتابية أبن املعين ابألمر مل يقم احلجة اليت تنفي صفته‬
‫كفالح مسايرة بذلك ما انتهت أليه حمكمة املوضوع اليت ركزت قرارها على عجز املطالب ابألداء أنه‬
‫ليس بفالح حيث أن اإلدارة عوض أن تؤسس قرارها على عناصر اثبتة فإهنا اعتمدت طريقة التعجيز‬
‫ألن املطالب ابألداء ال ميكنه اإلتيان بربهان سليب ‪.‬‬

‫حيث أن ما حتتج به اإلدارة دائما من أن عبء اإلثبات يف املادة اجلبائية يقع على عاتق‬
‫املطالب ابلضريبة فإن ذلك ينطبق على اخلاضعني لألداء الذين أثبتت اإلدارة ممارستهم لنشاط معني‬
‫دون أن يقوموا بتصاريح أو قاموا بتصاريح يشوهبا النقص أو اخللل أما ابلنسبة لألشخاص الذين‬
‫يتمسكون أبهنم مل ميارسوا أي نشاط فإن عبء اإلثبات خبصوص ممارستهم النشاط اخلاضع لألداء‬
‫يكون حمموال على اإلدارة وهو التأويل املطابق لنص ومعىن الفصلني ‪ 58‬و ‪ 59‬من جملة الباتيندة‪.‬‬

‫وحيث طاملا أن اللجنة اكتفت ابعتبار املعين ابألمر فالحا دون أن تستند يف ذلك على‬
‫عناصر مادية وواقعية هلا اثر ضمن واثئق امللف فإن هذا املطعن يكون حراي ابلقبول‪".‬‬

‫كما ال يفوتنا ذكر ما ورد صلب الفصل ‪ 108‬من م ح أ ج الذي نص على أن " تتم إقامة‬
‫احلجة من قبل اإلدارة يف شأن املخالفات املبينة ابلفصول ‪ 101-99-98-94‬يف هذه اجمللة"‬
‫‪37‬‬
‫اليت يكون اإلثبات فيها‬ ‫ويفهم من أحكام هذا الفصل أن املخالفات اجلبائية اجلزائية‬
‫حمموال على اإلدارة هي التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬عدم إصدار فواتري أو إصدار فواتري تتضمن مبالغ منقوصة ابلنسبة لألشخاص امللزمني‬
‫قانوان بذلك ‪.‬‬
‫‪ -‬الشراء بدون فاتورة ابلنسبة إىل االشخاص امللزمني إبصدار فواتري بعنوان بيوعاهتم‪.‬‬
‫‪ -‬إصدار أو استعمال فواتري يف شأن عمليات بيع أو إسداء خدمات غري حقيقية قصد‬
‫التهرب من دفع األداء‬
‫‪ -‬مسك حماسبة مزدوجة أو استعمال واثئق حماسبة أو دفاتر قصد التهرب من دفع‬
‫األداء‪.‬‬

‫نجيب الفقي ‪ :‬زجر المخالفات الجبائية الجزائية" ملتقى القاضي الجبائي ليومي ‪ 3‬و ‪ 4‬جانفي ‪ 2002‬الجمعية التونسية للقانون الجبائي‪.‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪20‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫‪ -‬تعمد أعداد أو املساعدة على إعداد حساابت وواثئق حماسبية مغلوطة من قبل‬
‫أصحاب املهن احلرة يف احملاسبة واالستشارة واإلعالمية‪.‬‬
‫‪ -‬افتعال وضعيات قانونية غري حقيقية أو استعمال واثئق مزورة أو إخفاء الطبيعة‬
‫القانونية احلقيقية لعقد أو اتفاقية قصد التهرب من دفع األداء‪.‬‬
‫‪ -‬الرتفيع يف فائض األداء على القيمة املضافة أو املعلوم على االستهالك أو التنقيص يف‬
‫وقع املعامالت بنسبة تساوي أو تفوق ‪ %30‬من املبلغ املصرح به قصد التهرب من دفع‬

‫األداء أو املعلوم ‪:‬‬

‫سهولة تخلص اإلدارة من عبء اإلثبات ‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬


‫إن نظرة الدارس للقانون اجلبائي وإىل موقف اإلدارة يف النزاع اجلبائي جيعلها يف وضعية حتسد‬
‫عليها ابعتبار أن املشرع وكأننا به وبصفة مقصودة يقلل كل مرة من حظوظ املطالب ابالداء لصاحل‬
‫اإلدارة ‪ 38‬هذا التعليق مل أييت من عدم ابعتبار أن التشريع اجلبائي وخاصة احلديث منه مل يكتفي‬
‫ابلسكوت وغض الطرف عن اإلدارة يف حتميلها عبء اإلثبات وإمنا تعدى ذلك ليصل إىل متكينها‬
‫من سرعة التخلص منه إن وجد ليضعه على عاتق املطالب ابلضريبة‪ ،‬وذلك يتجلى من خالل ما‬
‫يسمى ابلتوظيف اإلجباري لألداء‪.39‬‬

‫إن هذه العبارة تعرض هلا ملشرع يف الفصلني ‪ 47‬و‪ 52‬من جملة ح إ ج لكنه مل يعرفها تعريفا‬
‫دقيقا مما جعل الفقه اإلداري يعرفه أبنه أجراء أحادي اجلانب تتخذه اإلدارة لتحديد قاعدة األداء‬
‫ومبلغه‪ ،‬ولكن ولكي ال ندخل يف متاهات التعريفات سنحاول بيان كيفية جعل املشرع لقرار‬
‫التوظيف اإلجباري ملجأ لإلدارة للهروب من عبء اإلثبات وهذا يكون بتحديد احلاالت اليت ميكن‬
‫فيها لإلدارة أن تتخذ مثل هذا اإلجراء ملا لذلك من أمهية قصوى يف معرفة حدود اإلدارة أوال ولتقييم‬
‫مدى جناح تشريعنا اجلبائي اثنيا‪.‬‬

‫‪Neila, Ghaabane : « les garanties de contribution devant le juge fiscale » un actes de colloque sur le 38‬‬
‫‪contentieux fiscale, facult2 des sciences juridiques de Tunis, le 21.22 Avril 1995.‬‬
‫‪ 39‬أ حمد الورفلي" التوظيف اإلجباري لألداء ‪ ،‬ملتقى نظمه مركز الدراسات القانونية والقضائية بسوسة باإلشتراك مع كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية بسوسة ‪ 24/ 22‬نوفمبر ‪2001‬‬

‫‪21‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫إن هذه احلاالت تتمحور يف ثالث ‪ :‬أوهلا تكون من صورة عدم اإلتفاق بني مصاحل اإلدارة‬
‫واملطالب ابألداء على نتائج املراجعة اجلبائية ‪ 40‬األولية أو املعمقة املنصوص عليها ابلفصل ‪ 36‬من‬
‫جملة ح إ ج واثنيها يف صورة عدم الرد كتابيا يف األجل احملدد ابلفصل ‪ 44‬من نفس اجمللة على هذه‬
‫النتائج كما أن األداء يوظف وجواب يف حالة اثلثة وهي عدم قيام املطالب ابألداء إبيداع التصاريح‬
‫اجلبائية والعقود اليت اقتضاها القانون لتوظيف األداء يف أجل أقصاه ثالثون يوما من اتريخ التنبيه عليه‬
‫ابلطرق املنصوص عليها ابلفصل ‪ 10‬م ج أ ج لألمانة ولكي ال نوصف ابلقسوة وعدم احلياد نشري‬
‫هنا إىل أن التوظيف اإلجباري لألداء إمنا يشكل جزاءا إلخالل املطالب ابلضريبة بواجبه اجلبائي‬
‫وخصوصا فيما يتعلق بواجب التصريح‪. 41‬هنا نعرتف ابلدور الوقائي للتوظيف اجلربي ومسامهته يف‬
‫إصفاء النجاعة واملصداقية على نظام التصريح‪.‬‬

‫يكون إذن قرار التوظيف اإلجباري كما ذكر فرصة أاتحها املشرع لإلدارة لقلب اإلثبات على‬
‫املطالب ابلضريبة ‪ ،‬وبذلك تكون قرينة صحة التصاريح اليت أتينا على ذكرها سابقا ال قيمة هلا حيث‬
‫أن اإلدارة كلما وجدت نفسها ملزمة إبثبات عدم صحة التصريح املودعة من طرف املطالب‬
‫ابلضريبة‪ ،‬اختذت قرار أحادي اجلانب يتمثل يف توظيف األداء الذي حددته بطريقتها وجعله انفذا‪،‬‬
‫وبذلك يكون اإلثبات بعد أن كان حمموال على اإلدارة نظرا لقرينة صحة التصاريح ‪ ،‬حمموال على‬
‫عاتق املطالب ابألداء تطبيقا ألحكام الفصل ‪ 65‬من م ح إ ج املرتكز على الفصل ‪ 420‬من جملة‬
‫اإللتزامات والعقود ابعتبار أنه بصدور قرار التوظيف اإلجباري يتحول امللف إىل أيدي القاضي‬
‫ويكون بذلك املطالب ابألدء هو املدعى وعليه اثبات شطط األداء املوظف عليه جرباي بعد دفع‬
‫‪ %20‬من هذا املبلغ املطالب به‪ 42‬وهنا تكمن خطورة قرار التوظيف اإلجباري هذه اخلطورة ال‬
‫تنعكس فقط على دحض مبدأ صحة التصاريح رغم أنه اجراء معموال به يف التشاريع املقارنة مثل‬
‫التشريع الفرنسي ونظريه البلجيكي‪. 43‬‬

‫‪ 40‬قبل أن تدخل مجلة الحقوق واإلجراءات الجبائية حيز التنفيذ فإن أجراءات المراجعة الجبائية كانت منظمة ضمن ميثاق المطالب بالضريبة‪.‬‬
‫‪Neji Bqccouche. Droit fiscal général » 2008 41‬‬
‫‪ 42‬بصدور قرار التوظيف اإلجباري لألداء يصبح نافذا للمفعول وال يمكن للمطالب باألداء توقيف التنفيذ إال بعد توفير ضمان بنكي أو خالص‬
‫‪ %20‬من أصل الدين‬
‫‪La Belgique “ l’article 352 du code sur le revenue : “lorsque le contribuable taxe d’office la prévue du chiffre . 43‬‬
‫‪exacte de ses revenue impossible et des autres élément envisage dans son chef lui incombe.‬‬

‫‪22‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫إمنا تتعدى إىل التوسع واإلجتهادات املغلوطة لتمديد حق اإلدارة يف تسليط قرار التوظيف‬
‫اإلجباري عالوة على احلاالت الثالث املذكورة سلفا واليت تشمل املطالب ابلضريبة الذي قام إبيداع‬
‫تصارحيه والذي مل يقم بذلك على حد السواء خالفا للمشرع الفرنسي الذي ميز املطالبني ابألداء على‬
‫‪44‬‬
‫اعتبار قيامهم بواجبهم اجلبائي‪.‬‬

‫ويف احلقيقة إن متييز املطالبني ابألداء حسب القائم بواجبه والعاطل عنه ضمن تشريعنا احلايل‬
‫ال يفي ابحلاجة وال ميكن من إعادة التوازن الغائب ابعتبار أن قرينة الصحة املتشبث هبا املطالب‬
‫ابألداء الذي قام إبيداع تصارحيه ال ميكنها أن تنجيه من ظلم اإلدارة ابعتبار أن قرينة صحة التصاريح‬
‫إعتربها الفقهاء قرينة بسيطة من السهل دحظها‪.‬‬

‫إضافة إىل قرار التوظيف اإلجباري الذي اختذته اإلدارة حال للتملص من حتمل عبء اإلثبات‬
‫‪ ،‬مكنها املشرع من إجراء آخر يتمثل يف رفض احملاسبة ‪ 45‬الذي يشوبه غموض قانوين واضح جعل‬
‫اإلدارة تتالعب ابملصطلحات القانونية إذ أن إجراء رفض احملاسب هو سالح تستغله اإلدارة إلزاحة‬
‫وإبعاد حماسبة تدعى عدم نزاهتها لتؤسس قاعدة األداء ومبلغه على قواعد خارجة عن احملاسبة‬
‫‪46‬‬
‫وابلتايل يكون عبء إثبات عكس ما توصلت له حمموال على املطالب ابلضريبة‬

‫إذن إن ملن الغريب غياب اإلطار القانوين حلاالت رفض احملاسبة وإحاطته بعبارات ذات‬
‫مفهوم شاسع واألغرب من ذلك أتييد القاضي لإلدارة يف عديد من القرارات معلال قراره أبن احملاسبة‬
‫تفتقد لعناصر النزاهة دون حتديدها ألنه يف األصل جيهلها وألن املشرع مل ميكنه من فرضة معرفتها‪.‬‬

‫لذلك كلما أشران إىل مشكل رفض احملاسبة تبادر أذهاننا " مالحظة " ومتين 'املالحظة"‬
‫تكمن يف غياب اإلطار القانوين حلاالت وشروط رفض احملاسبة والتخلص من عبء اإلثبات ليصبح‬
‫على عاتق املطالب ابألداء "والتمين "وهو متييز املطالبني حسب احرتامهم لواجباهتم احملاسبية‪.‬‬

‫إمتيازات اإلدارة‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪La france : selon l’article 193 du livre des procédures fiscales « dans tous les cas ou une imposition a été 44‬‬
‫‪établie d’office la charge de la preuve incombe au contribuable qui demande le décharge ou la réduction de‬‬
‫‪l’impot.‬‬
‫‪Habib Ayadi « droit Fiscale » CERP Tunis, 1989 45‬‬
‫‪ 46‬الشريف وفاء الجمل"اإلثبات في نزاعات التوظيف اإلجباري " تونس ‪2010‬‬
‫م ح إ ج لألسف لم تنظم مسألة رفض المحاسبة رغم أن من أهداف هذه المجلة تحقيق معالجة بين المواطن وإدارة الجباية ‪ ،‬هذه المصالحة إال تمر‬
‫حتما بتحديد صريح لحاالت رفض المحاسبة التي يمسكها المطالب باألداء"‬

‫‪23‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫عالوة على حمدودية حاالت حتمل اإلدارة لعبء اإلثبات وسهولة ختلصها من هذا العبء إذا‬
‫وقع عليها ‪ ،‬فإن املشرع مكن هذه األخرية من مجلة من اإلمتيازات ‪ 47‬دعمت وضعيتها إزاء النزاع‬
‫اجلبائي وكرس حالة عدم التوازن بينها وبني املطالب ابلضريبة هذه اإلمتيازات تتمثل اساسا يف حق‬
‫اإلطالع وحق املراقبة اجلبائية ابإلضافة إىل حق الزايرة‪.‬‬

‫إن حق اإلطالع ‪ 48‬ال ميثل جتديدا أتت به جملة ح إ ح ابعتبار أنه كان معموال به من قبل‬
‫صدورها ولكن اجلديد يف األمر يتمثل يف توسيع جمال تطبيق هذا احلق ليشمل أغلب املطالبني‬
‫ابألداء بعد أن كان منحصرا تطبيقه على بعض األطراف فقط إذ أصبح يشمل مؤسسات الدولة‬
‫واملنظمات احلكومية وكذلك املؤسسات البنكية والربيدية دون معارضة اإلدارة بتعلة وواجب السر‬
‫املهين وهنا لنا أن نتصور سهولة حصول اإلدارة من خالل هذا احلق على حتقيق اإلثبات‪.‬‬

‫إضافة إىل حق اإلطالع مكن املشرع اإلدارة صلب الفصول من ‪ 36‬إىل ‪ 46‬من جملة ح إ ح‬
‫من حق إجراء املراجعة على الوضعية اجلبائية للمطالب ابألداء اليت تشمل تصارحيه وعقوده وكتئبه‬
‫املودعة لديهم‪.49‬‬

‫هذه املراجعة متكن اإلدارة من إقامة املقارانت على خمتلف التصاريح اليت يودعها املطالبني‬
‫ابألداء الذين ميارسون نشاط مياثل نشاط املطالب ابألداء اخلاضع للمراجعة وابلتايل تتمكن اإلدارة‬
‫من إقامة الدليل على صحة املعلومات املقدمة‪.‬‬

‫إن حديثنا عن هذه اإلمتيازات ال يلهينا على احلديث عن مقتضيات الفصل ‪ 8‬من جملة احل أ‬
‫ح الذي يعطي ألعوان إدارة اجلباية الضوء األخضر لزايرة حمالت املطالب ابألداء دون سابق إعالم‬
‫وبذلك ميكن لإلدارة حجز كل ما ميكنها من إقامة الدليل على ممارسة املطالب ابألداء لنشاط‬
‫خاضع للضريبة مل يشهد تصرحيا‪ ،‬هذا أضافة إىل إمكانية أتسيس اإلدارة لتوظيفتها على املظاهر‬
‫اخلارجية للثروة كذلك على مؤثرات مستوى املعيشة‪.‬‬

‫‪ 47‬الشريف وفاء الجمل (مرجع سابق ) ص ‪76‬‬


‫‪ 48‬بلقاسم خالد " حق اإلطالع في المادة الجبائية " حق اإلدارة في اإلطالع على الحسابات البنكية وعلى كل الوثائق والمعلومات أينما كانت "‬
‫ملتقى حول مجلة الحقوق واإلجراءات الجبائية كلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة ‪.‬‬
‫‪Tarak Dira “ la vérification fiscal” mémoire pour l’obtention du diploma d’études approfondies en droit des 49‬‬
‫‪affaires Faculté de Droit de Sfax 2002-2003‬‬

‫‪24‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫إذا يف مجيع احلاالت ورغم اإلحنياز الواضح للمشرع لصاحل إدارة اجلباية والذي كرس وضعية‬
‫الالتوازن بني اإلدارة واملطالب ابألداء جيب أن ال يفهم من ذلك أن القانون يبيح التوظيف العشوائي‬
‫بل أن اإلدارة تضل ملزمة بتعليل توظيفها لألداء مبعطيات اثبتة ومقنعة إال إذا حرمها اخلاضع للضريبة‬
‫خبطئه من كل إمكانية للتوصل على إعداد اإلثبات يف حالة ختلفه الكلي مثال عن التصريح حيث‬
‫ينقلب عبء اإلثبات عليه‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬آثار تكريس عدم التوازن في عبء اإلثبات‬


‫إن ما أتينا على ذكره خالل الفرع األول من هذا اجلزء من عدم التوازن يف حتمل عبء اإلثبات‬
‫بني أطراف النزاع اجلبائي واحنياز املشرع للطرف القوي فيه وهو اإلدارة ال ميكن إن يكتمل وأن يدرس‬
‫يف مجيع مظاهره دون أن يبني آاثر ذلك على عالقة املطالب ابلضريبة ابإلدارة (فقرة أوىل) وكذلك‬
‫مدى أثره على اإلقتصاد الوطين (فقرة اثنية)‬

‫فقرة أولى ‪ :‬آثار عدم التوازن في تحمل عبء اإلثبات على عالقة المطالب‬
‫بالضريبة باإلدارة ‪:‬‬
‫إنعدام الثقة ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫مهما تكن األسباب اليت كسرت عدم التوازن يف حتمل عبء اإلثبات بني اإلدارة واملطالب‬
‫ابلضريبة من سكوت تشريعي يف بعض املواقف وكذلك اإلحنياز الواضح من املشرع لفائدة إدارة‬
‫اجلباية يف مواقف أخرى ووضع مصلحة اخلزينة حسب اعتقادهم فوق كل اعتبار‪ 50‬فإن ذلك‬
‫وعكس ما ذهبوا إليه يضر بدرجة كبرية خبزينة الدولة اليت يسعون للحفاظ على سيولتها ‪.‬‬

‫فكلما تشتت النصوص اجلبائية وعلت نسبها إال وقل إقبال الناس عن دفع الضرائب ألن‬
‫دميقراطية الدول كما هو معلوم تقاس مبدى إقبال الناس وتفاعلهم مع الواجب الضرييب ومدى حرص‬
‫الدولة على القبول الفعلي ملمثلي الشعب للضرائب من خالل ما يسن من قوانني علما وأن إنفراد‬
‫السلطة التشريعية بسن الضرائب وتعديلها وحذفها هو شرط ال ميكن بدون حصوله احلديث عن نظام‬

‫الصغير الزكراوي "مرجع سابق" ص ‪170‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪25‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫سياسي دميقراطي‪ ،‬فكل دساتري الدول الدميقراطية وخاصة الغربية منها تفرد الربملان صراحة ابختصاص‬
‫‪51‬‬
‫سن الضرائب دون أي إمكانية تفويض هذا االختصاص التشريعي‬

‫وإن من أخطر نتائج عدم التكافؤ بني اإلدارة واملطالب ابلضريبة هي انعدام ثقة هذا األخري‬
‫يف اإلدارة وتزايد شكوكه يف مدى احرتامهما حلقوقه ونظرا لتشعب القانون اجلبائي وغموضه جيد‬
‫املطالب ابلضريبة نفسه حائرا أمام تصرفات اإلدارة ليصل به األمر ليشكك يف أهنا تستغل جهله‬
‫ابلقانون اجلبائي لتتعدى على حقوقه املشروعة‪.‬‬

‫إن خلل انعدام الثقة هو أمر يصعب إن مل نقل يستحيل تداركه وإصالحه ألنه موثوق بنفسية‬
‫املطالب ابألداء‪.‬‬

‫إن توتر العالقة بني املطالب ابألداء واإلدارة ترجع إىل مسؤوليات املشرع وهو املساهم بدرجة‬
‫أوىل فيها إذ بتمكني اإلدارة من صالحيات واسعة جعل املطالب ابلضريبة خيتار التهرب اجلبائي حال‬
‫ابعتبار أمن النتيجة واحدة‪ ،‬فسواء أقام بواجبه اجلبائي أم مل يقم فإن اإلدارة تتمتع بنفس الصالحيات‬
‫وميكنها إصدار قرار توظيف إجباري لألداء مع النفاذ العاجل لذلك خيتار املطالب ابلضريبة أن‬
‫يصنف مع هذا خالفوا القاعدة اجلبائية ألن ذلك حسب رأيه وهو خليار املنطقي والطبيعي‪-‬أفضل‪.‬‬

‫وبذلك تكون عملية إيداع التصاريح بصفة تلقائية كما نص عليها الفصل ‪ 2‬من جملة ح إ ح‬
‫ال حتتوي على أي قوة ثبوتية على الصعيد العملي يف النزاع اجلبائي لذلك اعتبارها رجال القانون أبهنا‬
‫قاعدة قانونية ولدت ميتة أمام حق اإلدارة يف إصدار قرارات التوظيف اإلجباري لألداء فاإلدارة تعد‬
‫‪52‬‬
‫خصم غري عادي‬

‫ومن انحية أخرى إن عدم ثقة املطالب ابلضريبة يف صحة مفهوم اإلدارة‪ 53‬والقاضي على حد‬
‫السواء لبعض النصوص القانونية جعلته يثق من عدم إمكانية التخلص مما أتت به اإلدارة يف صورة‬
‫اعرتاضه‪ ،‬فتسليم كل األطراف ملبدأ البينة على من ادعى واعتبار أن املدعى من النزاع اجلبائي القاضي‬
‫هو املطالب ابألداء ال ختلو من استثناءات ألن هذه القاعدة أثناء إدارة النزاع وهنا يربز دور القاضي‬

‫‪ 51‬ناجي البكوش "قراءة في المنظومة الجبائية اليوم "الواقع‪ ،‬الفلسفة واآلفاق ص ‪16‬‬
‫‪Didier de Monthrial, « la fiscalité, les libertés et l’état de droit » Gaz Pal, 1985, 2ème seri p 653 - 659 52‬‬
‫‪ 53‬كمال العياري " إجراءات التقاضي والتنفيذ في المادة الجبائية " الكتاب التمهيدي التطور التاريخي للنزاعات الجبائية وخصائصها‪ ،‬تونس‬
‫‪ ،2009‬ص ‪.18-17-16‬‬

‫‪26‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫فاملدعى يف النزاع اجلبائي يتحول إىل مدعى عليه يف اإلثبات فصحيح أن املطالب ابلضريبة هو الذي‬
‫يرفع األمر إىل القضاء ويكون بذلك يف موضوع املدعي لكن اإلدارة هي من ابدرت ابدعاء ما ورد‬
‫بقرار التوظيف اإلجباري ويكون املطالب ابألداء يف موضوع املدعي عليه‪ ،‬وما على اإلدارة إال إثبات‬
‫ما توصلت إليه عكس ما هو معمول به يف تشريعنا احلايل‪ ،‬وبذلك وجد هذا املطالب ابلضريبة نفسه‬
‫يف وضع حييله إىل عدم التصريح أو التصريح الذي يشوبه نقص مقصود وبصفة إرادية حفاظا على‬
‫مصاحله الشخصية وحلسن سري دواليب حياته اخلاصة‪ ،‬فاملنظومة اجلبائية التونسية كانت وال تزال‬
‫السبب األبرز يف غلق العديد من احملالت وتشريد الكثري من العائالت هلاته األسباب فإننا ندعو من‬
‫موقعنا هذا إىل ضرورة إعادة التوازن بني األطراف خالل النزاع اجلبائي يف مرحلتيه اإلدارية والقضائية‪.‬‬

‫غياب النزاهة ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫إضافة إىل مسامهة التشريع اجلبائي احلايل يف غياب الصفة بني املطالب ابلضريبة واإلدارة‬
‫فإنه يساهم كذلك يف عدم نزاهة املعامالت بينهما وذلك أثناء ممارسة اإلدارة لبعض حقوقها مثل‬
‫طلب التوضيحات وكذلك حقها يف الزايرة‪.‬‬
‫فكما هو معلوم فإن جملة ح إ ح صلب الفصل السادس وما بعده منحت اإلدارة إمكانية‬
‫طلب بعض التوضيحات واإلرشادات يف حتديد الوعاء الضرييب وبذلك مبلغ األداء كما مكنتها من‬
‫أن متارس حق اإلطالع على بعض الواثئق واحلساابت يقدمها كل من طلبت منه إدارة اجلباية ذلك‪،‬‬
‫لكن أمام شعور املطالب ابلضريبة ابلضعف أمام اإلدارة فإنه وبصفة الشعورية كلما طلبت منه إدارة‬
‫اجلباية طلب يتمثل يف متكينها من تفاصيل حول رقم معامالت أو شراءات بينه وبني مطالب ابآلداء‬
‫آخر‪ ،‬فإنه يقوم إبخفاء بعض األدلة الدقيقة وذلك عند توزيعه للحقوق والواجبات بني اإلدارة‬
‫‪54‬‬
‫واملطالب ابلضريبة هذا من انحية طلب اإلرشادات وحق اإلطالع ‪ ،‬أما من انحية حق الزايرة‬
‫والذي أقره املشرع صلب الفصل ‪ 8‬من جملة ح إ ح ‪ 55‬فإن اإلدارة ستجد صعوبة أمام تعمد املطالب‬
‫ابلضريبة إىل إخفاء كل ما له عالقة بتحديد مبلغ األداء وهو سلوك طبيعي أمام تفرد اإلدارة بكل‬
‫الصالحيات يف حني أهنا جمرد طرف يف النزاع مثلها مثل املطالب ابلضريبة وتكون بذلك النتيجة‬
‫وخيمة على مردودية اجلباية وبذلك على ميزانية الدولة‪.‬‬

‫الشريف وفاء الجمل ‪ ،‬مرجع سابق ‪ -‬كذلك انظر "سامي شعايبية " حق الزيارة " ملتقى حول م ح إ ج سوسة‬ ‫‪54‬‬

‫حق الزيارة كان ينظمه الفصل ‪ 63‬فقرة ثانية م ص د‪ /‬كذلك نص عليه القانون الفرنسي في الفصل ‪ 16‬من )‪LPF (le droit de visite‬‬ ‫‪55‬‬

‫‪27‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫إضافة إىل مسامهة عدم التوازن يف اإلثبات بني اإلدارة واملطالب ابألداء على العالقة بينهما‬
‫فإن لذلك أتثري كبري على اإلقتصاد الوطين‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬آثار عدم التوازن على اإلقتصاد الوطني ‪:‬‬
‫إن العالقة املتبادلة من الضريبة واإلقتصاد كائنة جملرد أن الضريبة منسق اقتصادي تتأثر لرواجه‬
‫وكساده‪ ،‬ومن هنا أصبح اللجوء القصدي للضريبة كإحدى أهم الوسائل األساسية للتدخل‬
‫اإلقتصادي نتيجة حتمية لتأطري هذه املادة رغبة من املشرع يف تدعيم اآلاثر اإلجيابية يف كلي‬
‫اإلجتاهني اجلبائي واالقتصادي وتفادي اآلاثر السلبية فيها ‪.‬‬

‫ولقد كانت بالدان عرب اترخيها السياسي الطويل مثاال منوذجيا لعلماء التاريخ السياسي‬
‫واجلبائي يف العصر احلديث لبيان العالقة بني اجلباية وسياسة الدولة فضال عن أن العالمة عبد‬
‫الرمحان ابن خلدون يعترب من أشهر وأقدم من كتب على عالقة اجلباية ابإلقتصاد والسياسة بنظرة‬
‫اثقبة والزالت نظريته مرجعية صاحلة لعصران احلاضر كما كانت صاحلة لعصره‪.56‬‬

‫وتتأسس النظرية اخللدونية يف هذا اجملال على ضرورة ال حميد عنها تتمثل يف اعتدال اجلباية‬
‫وعدهلا حىت يبقى للناس مربر حيفزهم على مزيد الكسب والعمل وحىت ال تنقلب اجلباية إىل مكبل‬
‫للنشاط اإلقتصادي وتسبب القنوط واإلنكماش مما يقلل من املوارد اجلبائية ذاهتا وكل ذلك يعود على‬
‫الدولة ابلوابل‪.57‬‬

‫لذلك فمن الطبيعي أن تكون الدولة هي األحرص من غريها على اإلزدهار اإلقتصادي ألن‬
‫اإلزدهار اإلقتصادي يعزز آليا مواردها اجلبائية‪.‬‬

‫ولقد جربت تونس سياسة جبائية غري مدروسة انتهت أبزمات خطرية هددت كيان الدولة‬
‫واستمراريتها ولعل جلوء حكومة الباايت خالل القرن التاسع عشر إىل تعميم اجلباية لتشمل تدرجييا‬
‫حممل قطاعات النشاط اإلقتصادي يعترب املنطلق ألرساء جباية وضعية لتعصري اجلباية يف تونس غري‬
‫أن سوء تدبري الشؤون العامة والتداين اخلارجي املفرط وكذلك الفساد املايل دفع ابحلكومة إىل إثقال‬

‫‪ 56‬ناجي بكوش ‪ /‬مرجع سابق ص ‪ +21‬كذلك يراجع سالم مكي ‪ :‬الالقتصاد في مقدمة ابن خلدون بين الواقع والنظرية ‪2004‬‬
‫‪ 57‬ناجي بكوش ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪23‬‬

‫‪28‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫كاهل الشعب ابجلباية ومل تكن تقابلها خدمات أو مرافق عامة مما أدى ابلشعب إىل الثورة فيما‬
‫أصبح يعرف بثورة علي بن غداهم وهي ثورة جبائية‪.58‬‬

‫إن هذه اللمحة عن اتريخ تونس اجلبائية جيب أن أتخذ بعني اإلعتبار يف اإلصالحات اجلبائية‬
‫الالحقة‪ ،‬ابعتبار أن املوارد اجلبائية تعترب املمول الرئيسي إن مل نقل الوحيد خلزينة البالد‪.‬‬

‫لكن تشريعنا احلايل ورغم اإلصالحات اجلبائية املتواصلة قد أغفل هذه النقطة عندما جعل‬
‫اإلدارة حكما وطرفا يف الوقت ذاته مما أدى إىل إضعاف احلس الوطين لدى املطالب ابلضريبة ليقدم‬
‫مصلحته الشخصية على مصلحة الدولة بتخليه عن أداء واجبه اجلبائي مما ينتج عن ذلك عدة نتائج‬
‫وخيمة سببها التهرب اجلبائي‪ ،‬ابعتبار أن املطالبني ابلضريبة الذين ميارسون نفس النشاط يف نفس‬
‫الظروف ويف نفس الفرتة الزمنية وال يتساوون يف امتثاهلم للواجب اجلبائي سيكون أكثرهم امتثاال‬
‫أكثرهم مضرة‪ ،‬لوجود حالة التنافس غري املتكافئ لصاحل املتهرب من األداء‪.‬‬

‫يف هذه الوضعية فإن خزينة الدولة ستشهد خسارة ما انحيتني‪ .‬األوىل سببها التهرب اجلبائي‬
‫الكلي‪ ،‬والثانية هي نفس األداء املتأيت من املتضرر من املنافسة غري الشرعية ابعتبار أن نشاطه يشهد‬
‫تكبال وبصفة آلية ستنخفض القاعدة اجلبائية ومنه األداء املدفوع‪.‬‬

‫فعالقة اإلقتصاد الوطين بتكريس عدم التوازن يف اإلثبات بني األطراف خيضع إىل تسلسل‬
‫منطقي فيمنح اإلدارة حيزا شاسعا من اإلمتيازات يف إقامة الدليل على اجلرمية اجلبائية على حساب‬
‫املطالب ابلضريبة جيعل هذا األخري بتغافل ويتباطأ يف القيام بواجبه اجلبائي فتتعرض بذلك خزينة‬
‫الدولة إىل نقص يف املوارد مما يؤدي إىل إختالل عملية التنمية والبناء‪.‬‬

‫لذلك فإن واقع املنظومة اجلبائية اليوم يستوجب من وجهة نظران اإلصالح ألسباب داخلية‬
‫تتعلق هبيكلة اجلبائية وهندسة النصوص لتشمل كل شرائح اجملتمع على أساس اإلنصاف حىت تكون‬
‫جبايتنا أكثر عدال ومردودية كما أن اإلصالح يكون ألسباب خارجية تفرض على منظومتنا التأقلم‬
‫جللب رؤوس أموال األجانب فهذا األجنيب ابعتباره مطالب ابلضريبة مستقبلي عندما يرى هذه‬
‫اإلمتيازات ممنوحة لإلدارة على حسابه أثناء النزاع مثال فإنه بال شك سيبحث عن نظام تشريعي‬
‫أفضل جيد من خالله جنته اجلبائية املنشودة‪.‬‬

‫كمال العياري ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪18-17‬‬ ‫‪58‬‬

‫‪29‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫‪59‬‬
‫"فال ندع دافع احلفاظ على مصاحل اخلزينة يضر ابخلزينة‪".‬‬

‫لذلك يكون إعادة التوازن بني اإلدارة واملطالب ابألداء يف حتمل عبء اإلثبات والسري على‬
‫درب التشاريع األوروبية وخاصة منها البلجيكية والفرنسية من شأنه أن يعيد األمور إىل نصاهبا وذلك‬
‫على األقل خالل الطور القضائي للنزاع من خالل تدعيم دور القاضي اجلبائي‪.‬‬

‫ابلرغم ما اكتسبته املبادئ العامة لإلثبات من توافق واسع فإهنا تصطدم يف احلقيقة ببعض‬
‫الصعوابت حينما يتعلق األمر ابلنزاع اجلبائي ويعود ذلك إىل أن مشكالت عبء اإلثبات يف امليدان‬
‫اجلبائي تثري مسألة أعمق يف جمرد إعمال مبدأ التوزيع اإلثبايت بني األطراف‪ ،‬فعلى خالف النزاع املدين‬
‫الذي يتأسس على خطاب املساواة بني األطراف يستند النزاع اجلبائي إىل خطاب آخر حيتم التوفيق‬
‫بني مقتضيات متضاربة يف أغلب األحيان‪.‬‬

‫على هذا فإن تعامل املشرع اجلبائي مع عبء اإلثبات جيب أن ينصهر يف فلسفة خلق التوازن‬
‫بني حقوق إدارة اجلباية اليت تبحث عن مقومات النجاعة يف مقاومة التهرب اجلبائي وبني ضماانت‬
‫املطالب ابألداء حيال حاالت االعتباط والزيغ‪ 60‬فبني ال مساواة يفرضها واقع النزاع اجلبائي ومساواة‬
‫يفرضها منطق العدالة بدت مهمة املشرع مكللة بشيء من املتاعب إذ أن بني املوجود واملنشود هوة ال‬
‫يكاد يعرف هلا قرار‪ ،‬وحيال هذا العبء التوفيقي خري املشرع التونسي أن يالزم الصمت حول‬
‫مساألة اإلثبات‪ ،‬ولئن بدا املشرع مقتنعا أبن يف الصمت شيء من السلم فإن عليه أن يعلم أيضا أن‬
‫السكون يعد أحياان شكال من أشكال اإلحنياز املخفي إذا تعلق األمر بنزاع جيمع أطرافا غري متساوية‪.‬‬

‫قد يكون أن الصمت التشريعي رغم توفر الفرصة حلسم مسألة اإلثبات إبصدار جملة ح ا ج‬
‫سكوان على الضيع فإذا شاء أم مل يشأ املشرع فإنه كرس ابلنص أو بدونه اخنراطا ملحوظا يف التوازن‬
‫بني عبء اإلثبات احملمول على اإلدارة وذلك احملمول على املطالب ابإلدماء فحىت الفصل ‪ 65‬من‬
‫جملة ح ا ج مل يعاجل هذا اإلشكال حيث وجب أن يكون يف إطار حقيقة النزاع اجلبائي ذاته الذي‬
‫ينقسم إىل مرحلتني‪ ،‬املرحلة اإلدارية اليت تكون فيها اإلدارة ملزمة إبثبات عدم صحة التصاريح أو‬
‫نقصها أو إثبات الدخل يف صورة غياب التصريح أساسا‪ .‬واملرحلة القضائية اليت يكون فيها املطالب‬
‫ابألداء متحمال لعبء إقامة الدليل على أن القرار الذي اختذته اإلدارة ال يستند إىل دالئل صحيحة‬
‫الصغير الزكراوي (مرجع سابق)‬
‫‪59‬‬

‫‪ 60‬مجلة القانونية عدد ‪ 17/16‬جانفي ‪ 2007‬ص ‪10‬‬

‫‪30‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫إذ أنه ال ميكن احلسم يف مسألة عبء اإلثبات جبعله حمموال بصورة مطلقة على طرف دون آخر وهذا‬
‫‪61‬‬
‫ما يؤكد القول إن النزاع اجلبائي مبارزة سالحها اإلثبات‬

‫فرغم أن املنظومة اجلبائية التونسية جنحت إىل حد كبري يف اإلحاطة ابإلقتصاد وأتطريه‬
‫وتوجيهه فإن املشرع بتكريسه عدم التوازن يف توزيع عبء اإلثبات سبب نتائج وخيمة ىعلى نظرة‬
‫املطالب ابألداء للواجب الضرييب اليت كان هلا عدة آاثر على اإلقتصاد الوطين بسبب ظاهرة التهرب‬
‫اجلبائي‪.‬‬

‫عبد هللا األحمدي "القاضي واإلثبات في النظام المدني" شركة اوربيس للطباعة ‪ ،‬قصر سعيد تونس ‪ 1991‬ص ‪.50‬‬ ‫‪61‬‬

‫‪31‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫الجزء الثاني ‪:‬‬


‫دور القاضي في إعادة‬
‫التوازن في تحمل عبء‬
‫اإلثبات‬

‫‪32‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫قد يكون للحق وجود لو مل يقم عليه الدليل القضائي ‪ ،‬وقد ينتج عن هذا احلق بعض اآلاثر‬
‫القانونية ولكن هذا من الندرة حيث ال يقوم له وزن وال حيسب له حساب ‪ 62‬فاحلق دون إثبات هو‬
‫كالعدم إذ ال فرق بني عدم امتالك حق وبني عدم التمكن من إثباته ‪ 63‬من حيث النتيجة اليت هي‬
‫واحدة يف احلالتني كما رأينا يف اجلزء األول فإن إعمال القواعد العامة لإلثبات وأمهها قاعدة البينة‬
‫على من ادعى من شأنه أن يثقل كاهل املدعي بعبء إضايف سيما وأن الفرد جيد دائما نفسه يف‬
‫مواجهة اإلدارة وهو ما يزيد يف تعميق اهلوة املوجودة بني طريف النزاع وابلتايل فإن عزوف املشرع على‬
‫اخلوض جبدية يف مسألة اإلثبات قد فسح اجملال للقاضي اجلبائي قصد إعمال إجتهاده وسلطاته‬
‫ملالئمة النظرية العامة لإلثبات مع خصوصية القانون اجلبائي وطبيعة أطراف النزاع ( فرع أول) إال أن‬
‫تدخل القاضي يف اإلثبات يبقى نسبيا ( فرع اثين)‬

‫الفرع األول ‪ :‬تفعيل سلطات القاضي الجبائي‬


‫ابلرغم من الصيغة التشريعية لنظام اإلثبات يف النزاع اجلبائي فإن القاضي اجلبائي يتدخل‬
‫هبدف التخفيف من حدة النظام وإعادة التوازن بني أطراف النزاع وإدخال نوع من املرونة والبعد‬
‫اإلنساين على هذه القواعد الصارمة‪.‬‬

‫هذا التدخل للقاضي اجلبائي نلمسه من خالل عدة مستوايت منها دوره يف اجياد تسوية‬
‫رضائية بني طريف النزاع (فقرة أوىل) ويف غياب ذلك وبدخول القضية طور التحقيق‪ ،‬يسند القاضي‬

‫عبد الرزاق السنهوري"الوسيط في شرح القانون المدني" الحديث للطباعة القاهرة الجزء الثاني ص ‪16‬‬ ‫‪62‬‬
‫‪63‬‬
‫‪Planiol Met Riperd G : traite pratique de droit civile LGDJ Paris TIIN42‬‬

‫‪33‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫مجلة من الصالحيات حلماية املطالب ابلضريبة (فقرة اثنية) هذه الصالحيات تدعمت بدور هذا‬
‫األخري يف إقامة اإلثبات وإدارته (فقرة اثلثة) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬السعي إلى إيجاد تسوية رضائية بين طرفي النزاع ‪:‬‬
‫أقر الفصالن ‪ 60‬و ‪ 61‬من جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية وجوب إجراء حماولة صلحية بني‬
‫املطالب ابلضريبة واإلدارة هذه احملاولة الصلحية تعترب جتديدا جاءت به اجمللة‪.64‬‬

‫حيث نص الفص ‪ 60‬من م ح إ ج على ‪ ":‬حييل رئيس احملكمة القضية إىل القاضي املقرر‬
‫الذي يبذل ما يف وسعه لتقريب وجهات النظر بني اإلدارة واملطالب ابألداء‪ ..‬عند التوصل إىل اتفاق‬
‫بني املطالب ابألداء واإلدارة بضبط القاضي املقرر هلما أجال لتجسيم ذلك بتوقيع حمضر صلح ‪ .‬ويقع‬
‫طرح القضية إذا أدىل أحد الطرفني مبا يفيد جتسيم الصلح ‪ ،‬حيرر القاضي املقرر يف كل احلاالت تقريرا‬
‫مفصال يف أعماله والنتائج اليت توصل أليها وحييله إىل رئيس احملكمة"‬

‫لقد وردت أحكام الفصل املذكور يف شكل عام ‪ ،‬فهو مل حيدد املهام املوكولة للقاضي أثناء‬
‫الطور الصلحي فقد اكتفى بعبارة " يبذل ما يف وسعه " وبذلك قد عول املشرع على اجتهاد‬
‫القاضي‪.‬‬

‫ولكي ينجح القاضي يف الوصول إىل الصلح ‪ ،‬جيب أن يكون متمكنا من آلية خطاب‬
‫متطورة يقنع هبا األطراف حماوال بذلك منحهم احلرية يف النقاش‪ ،‬واإلمكانية لعرض وجهة نظر كل‬
‫طرف منهم‪.‬‬

‫فاإلجراءات الصلحية تتميز يف فسح اجملال لطريف النزاع لتقرير النتيجة اليت سيتم اإلتفاق فيها‬
‫بكل حرية من خالل النقاش‪.‬‬

‫ولكن نقص اخلربة واملعرفة القضاة مبادة تقنية معقدة ومتشعبة يتداخل فيها اجلانب اجلبائي‬
‫ابجلوانب املدنية واإلدارية والتجارية واحملاسبية‪ ،‬قد حيول دون إجناز احملاولة على الوجه املطلوب‪،‬‬

‫‪ 64‬عبد القادر فتح هللا "دور القاضي في النزاع الجبائي" ملتقى حول مجلة الحقوق واإلجراءات الجبائية كلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة‬
‫‪2006‬‬

‫‪34‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫فيقتصر القاضي املقرر من بعض األحيان‪ ،‬على التنصيص يف حمضر اجللسة الصلحية‪ ،‬على أن كل‬
‫طرف متسك مبواقفه وتقاريره دون أدىن مناقشة هلذه املواقف أو استعراض هلا ‪.65‬‬

‫إضافة إىل ذلك‪ ،‬فإن عدم التفرغ للجلوس للقضاء يف املادة اجلبائية ميكن أن ميثل عائقا أمام‬
‫جدوى املهمة الصلحية‪ ،‬إذ أن أغلب القضاة املقررين مكلفون عالوة على عضوية الدائرة اجلبائية ‪،‬‬
‫مبهام قضائية أخرى تستنفذ كامل وقتهم وتثقل كاهلهم ومتنعهم من ختصيص كل جهودهم إلجناح‬
‫‪66‬‬
‫احملاوالت الصلحية يف القضااي اجلبائية اليت يتزايد عددها يوما بعد يوم‬

‫وقد تتفق اإلدارة مع املطالب ابلضريبة حول مسألة أو بعض املسائل املعينة اليت يطرحها النزاع‬
‫وهي مسائل ال تطرح يف الغالب نفاذ اختالف حبيث يقر املطالب حبقوق اإلدارة وتعرتف اإلدارة‬
‫خبطئها وتقبل ابلتايل الصلح يف شأهنا ‪ ،‬وال ميكن يف هذه احلالة إبرام صلح يف خصوص النقطة املتفق‬
‫‪67‬‬
‫عليها لعدم جدوى هذا الصلح اجلزئي ولعدم مالئمته ملقصد الشرع‬

‫ففي خصوص إنعدام اجلدوى من الصلح اجلزئي‪ ،‬فإن الفقرة اخلامسة من الفصل ‪ 60‬م ح إ‬
‫ج نصت على أن أن القاضي املقرر حيرر يف كل احلاالت تقريرا مفصال يف أعماله والنتائج اليت توصل‬
‫إليها وحييله إىل رئيس احملكمة وهذا يفرض عليه ابلضرورة اإلشارة إىل املسائل اليت اتفق حوهلا الطرفان‬
‫واحملكمة اليت ستنظر يف النزاع ستأخذ ذلك بعني االعتبار عند إصدار حكمها فيه وابلتايل فال فائدة‬
‫‪68‬‬
‫من الصلح اجلزئي‪.‬‬

‫أما يف خصوص عدم مالئمة ملقصد املشرع نالحظ أن الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 60‬م ح إ ج‬
‫نصت على أنه يقع طرح القضية إذا أدىل الطرفني مبا يفيد جتسيم الصلح معىن هذا أن نية املشرع‬
‫اجتهت من خالله للمرحلة الصلحية حلسم النزاع هنائيا أي أن الصلح حسب هذه الفقرة هو تقنية‬
‫ينهي النزاع قطعيا ‪.69‬‬

‫كمال العياري مرجع سابق‬ ‫‪65‬‬

‫وفاء الجمل مرجع سابق‬ ‫‪66‬‬

‫عبد القادر فتح هللا مرجع سابق‬ ‫‪67‬‬

‫عبد القادر فتح هللا مرجع سابق‬ ‫‪68‬‬

‫منير بن محمد مرجع سابق ص ‪11‬‬ ‫‪69‬‬

‫‪35‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫ويف كل احلاالت ‪ ،‬ويف صورة التوصل أو عدم التوصل اىل اتفاق‪ ،‬فإن القاضي املقرر حيرر‬
‫تقريرا يف أعماله ويضمنه األعمال اليت قام هبا واملواقف الصادرة على األطراف والنتيجة اليت أفضت‬
‫إليها‪.‬‬

‫ويعتمد هذا التقرير كوسيلة إثبات يف شأن الوقائع اليت أثبتها وابلنسبة للمقرتحات املقدمة‬
‫للصلح‪ ،‬وال تقيد من صدرت عنه إن مل يتم الصلح‪.‬‬

‫عموما إن الصلح ال يشمل إال املخالفات املنصوص عليها صراحة بعقد الصلح ‪ ،‬كما ال‬
‫تشمل إال األشخاص واألطراف املمضية على وثيقة الصلح‪ ،‬فال يستفيد منه الشركاء يف اقرتاف‬
‫املخالفة وقد أقرت حمكمة التعقيب أن الصلح اجملري يف اجلرائم املالية ال ينتفع به إال املتهم الذي‬
‫أجراه مع اإلدارة القائمة ابلتتبعات وال يشمل غريه من األشخاص املتهمني معه يف القضية والذين مل‬
‫يتصاحلوا مع اإلدارة‪.70‬‬

‫مبعىن ذلك أن الصلح هو عقد ال تتعدى أاثره إال أطرافه عمال أبحكام الفصل ‪ 240‬م إ ع‬
‫وقد تنتهي املرحلة الصلحية أما إبمضاء حمضر صلح بني املطالب ابألداء ومصاحل اجلباية أو بعدم‬
‫التوصل إىل الصلح‪.‬‬

‫ويف كل احلاالت يتوىل القاضي املقرر حمضر اجللسة يتضمن ما درا فيها من حوار وما وقع‬
‫اختاذه من مواقف مبضيه مبعية الطرفني‪ 71‬وقرر ختم احملاولة الصلحية ابلفشل إذا تعذر الوصول إىل‬
‫اتفاق بينهما‪ ،‬أما إن تراضى الطرفان على حل صلحي فإن القاضي املقرر ينص على ذلك مبحضر‬
‫اجللسة ويضبط هلما أجال لتجسيم ما اتفق عليه بتوقيع حمضر صلح‪ 72‬دون أن يتم هذا التوقيع يف‬
‫هناية اجللسة الصلحية عند تصريح الطرفني ابملوافقة وسواء ختمه احملاولة الصلحية ابلفشل أو ابلتواصل‬
‫إىل اتفاق بني الطرفني فإن القاضي املقرر حيرر تقريرا مفصال يف أعماله والنتائج اليت توصل إليها‬
‫وحيوله إىل رئيس احملكمة وتنتقل هبا القضية إىل الطور احلكمي‪.‬‬

‫قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 3373‬مؤرخ في ‪ 26‬جوان ‪ 1965‬ملحق نشرية م ت لعام ‪ 1970‬ص ‪79‬‬ ‫‪70‬‬

‫الفصل ‪ 61‬من مجلة الحقوق واإلجراءات الجبائية‬ ‫‪71‬‬

‫الفصل ‪ 60‬الفقرة ‪ 4‬من مجلة الحقوق واإلجراءات الجباؤية‬ ‫‪72‬‬

‫‪36‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫كما جتدر اإلشارة أنه يف صورة اإلخالل بتعهدات املتفق عليها يف تنفيذ عقد الصلح من قبل‬
‫املخالف فإن فقه القضاء اعتربوا وثيقة الصلح ذلك مل يتم تنفيذها كالعدم وتستأنف التتبعات بصورة‬
‫آلية دون انتظار قيام اإلدارة بدعوى الفسخ‪.73‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الصالحيات الممنوحة للقاضي لحماية المطالب باألداء ‪:‬‬


‫إن العالقة القائمة بني اإلدارة واملطالب ابألداء‪ ،‬كما ذكران إذا وصلت إىل حالة عدم الثقة فال‬
‫أمل للمطالب ابألداء إال يف مساندة القاضي له أمام تعسف اإلدارة وذلك مبراقبته لإلجراءات املتخذة‬
‫(‪ )1‬وكذلك لسلطته يف نقض وتعديل القرارات (‪)2‬‬

‫السلطات اإلجرائية ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫يتمثل تدخل القاضي يف هذا املستوى ‪ ،‬مبراقبته لصحة إجراءات االستدعاء واحلضور (أ)‬
‫وكذلك مراقبة صحة إجراءات اإلطالع والتبادل (ب)‬

‫أ ‪ -‬مراقبة القاضي لصحة إجراءات االستدعاء واحلضور ‪:‬‬

‫يعد حق أو واجب اإلعالم من بني أهم الضماانت املكرسة حلقوق الدفاع ومبدأ املواجهة‪،‬‬
‫ويقتضي هذا الواجب ‪ ،‬حق كل طرف يف أن يكون على علم بكل إجراء يتخذ يف شأنه حىت ال‬
‫يفاجئ ويتمكن من إثبات العكس ‪ ،‬وحيمل هذا الواجب أساسا على أطراف النزاع حبكم موقعهما‬
‫يف الدعوى غري أن القاضي يتدخل يف هذا الشأن‪ ،‬ملراقبة مدى صحة إجراءات االستدعاء وهو غري‬
‫حممول مبدئيا على القيام ابالستدعاء بدال عن الطرف املعين هبذا الواجب إال أنه أثناء اجللسة ميارس‬
‫رقابته على صحتها والتثبت من مدى حصول اإلعالم للطرف املدعى عليه كما أن اإلخالل هبذا‬
‫اإلجراء يرتتب عنه نتائج وأاثر هامة خاصة على املطالب ابلضريبة‪.74‬‬

‫كما أن فقه القضاء أكد على أمهية إجراءات االستدعاء واحلضور واحرتام اآلجال واعتربها‬
‫من قبل اإلجراءات اليت هتم النظام العام ‪ ،‬واليت تفرض على كل األطراف احرتامها وإن عدم احرتامها‬
‫يؤدي إىل احلكم بعدم شرعية قرار اإلدارة ‪.75‬‬

‫البشير األحمر "الصلح في الجرائم القمرقية "م ق ت عدد ‪ 7‬جويلية ‪ 1992‬ص ‪7‬‬ ‫‪73‬‬

‫عبد هللا الهاللي الجباية والقضاء العدلي‪ ،‬مجلة التشريع مارس ‪ 2002‬كذلك يراجع كتاب عبد هللا الهاللي مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪74‬‬

‫قرار تعقيبي قضية عدد ‪ 31596‬مؤرخ في ‪ 3‬مارس ‪ ، 1997‬منشور فقه قضاء المحكمة اإلدارية ‪ ،‬مركز البحوث والدراسات اإلدارية ‪2000‬‬ ‫‪75‬‬

‫‪37‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫وابلرجوع إىل أحكام جملة م م ت وردت العديد من الفصول اليت تنظم سلطات القاضي يف‬
‫إطار رقابته ملدى صحة إجراءات االستدعاء حيث جاء ابلفصل ‪ 76‬منها انصا على " تقع املناداة يف‬
‫القضية يوم اجللسة املعينة هلا وتتوىل احملكمة التحقق من احلضور وصفاهتم واستيفاء اإلجراءات‬
‫القانونية " حيث يتوىل القاضي إعمال رقابته على احرتام تلك اإلجراءات وترتب جزاء البطالن على‬
‫اإلخالل هبا ويتعلق األمر ابإلعالم حيث جيب على القائم ابلدعوى سواء يف الطور االبتدائي أو‬
‫اإلستئنايف أو التعقييب تبليغ أو إعالم نظريه بعريضة الدعوى وإذا ثبت للقاضي عند رقابته ملدى احرتام‬
‫هذا اإلجراء أنه مت اإلخالل به فيكون البطالن وجواب‪.‬‬

‫ويبلغ اإلستدعاء بواسطة رسالة مضمونة الوصول أو بواسطة عدل منفذ ‪ 76‬أو بواسطة‬
‫حاملي بطاقات اجلرب أو أعوان اإلدارة وال يشرتط شكل معني لالستدعاء ولكن ال بد أن يتضمن‬
‫اإلرشادات الكافية كتاريخ احلضور يوما وساعة واملوضوع أي على البياانت الواجب وجودها ضمن‬
‫االستدعاء وإال كان ابطال‪.‬‬

‫كما ميكن للقاضي تسليط رقابته على مدى احرتام احلضور والتحقق منه حيث ال ميكن أن‬
‫يقل ميعاد احلضور عن اجللسة املعينة للقضية يف الوقت والتاريخ املخصص هلا (من اتريخ تبليغ نظريا‬
‫من عريضة الدعوى)‬

‫حيث ميكن متابعة سري الدعوى من طرف املعين ابألمر أو من وكل له الغرض طبقا للقانون‪.‬‬

‫وهنا جتدر اإلشارة أنه يف صورة نقص أو خطأ أو عدم احرتام هذه اإلجراءات اليت وقع ذكرها‬
‫فإن القاضي يقرر ببطالن الدعوى‪.‬‬

‫فالقاضي اجلبائي مطالب بتفعيل آليات الرقابة اليت حولته إايها جملة ح ا ج وبسط رقابته‬
‫على كافة وحممل معطيات النزاع اجلبائي سواء كانت من الناحية األصلية واإلجرائية ‪ 77‬حيث أن‬
‫بسط رقابته على إجراءات تسري الدعوى أو النزاع اجلبائي قد يوفر للمطالب ابلضريبة الضماانت‬

‫‪ 76‬الفصل ‪ 5‬من م م م ت كل استدعاء أو اعالم بحكم أو تنفيذ يكون بواسطة عدل منفذ ما لم ينص القانون على خالف ذلك ‪ +‬الفصل ‪ 58‬من م ح‬
‫إ ج يمكن كذلك مراجعة الفصل ‪ 55‬من م ح إ ج "ترفع الدعوى ضد المصالح الجبائية لدى المحكمة اإلبتدائية التي توجد بدائرتها المصلحة الجبائية‬
‫المتعهدة بالملف من أجل ‪ 60‬يوما من تاريخ قرار التوظيف اإلجباري لألداء وذلك بواسطة عريضة كتابية يحررها المطالب باألداء أو من يوكله‬
‫للغرض طبقا للقانون تتضمن البيانات المنصوص عليها م م م ت تبليغ نظيرا مصحوبا بالمؤيدات لمصلحة الجباية‪.‬‬
‫‪ 77‬سليم كمون‪" :‬قاضي الجباية ومراجعة المحاسبة" ‪ ،‬مجلة القضاء والتشريع اكتوبر ‪2006‬‬

‫‪38‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫الضرورية واألساسية اليت من شأهنا أن حتميه ضد كل تعسف حمتمل من إدارة اجلباية‪ 78‬حيث متتد‬
‫رقابته إىل املرحلة التحضريية قبل التوجه إىل مرحلة املرافعة واحلكم‬

‫ب – مراقبة صحة إجراءات التبادل واملؤيدات بني طريف النزاع ‪:‬‬

‫هنا حياول القاضي اجلبائي أن حيد من هيمنة اإلدارة كطرف قوى يف النزاع اجلبائي‬
‫حىت يستطيع ترجيح الكفة بني طرفني غري متساويني يف القوى اإلثباتية حيث خيضع هذا التدخل‬
‫من القاضي اجلبائي يف مراقبة سري املرحلة التحضريية اليت ترجع إىل املبادئ الواردة يف جملة م‪ .‬م‪.‬‬
‫ت مبعىن يقوم األطراف خالل جلسات املرحلة التحضريية تبادل التقارير واملؤيدات وأوجه‬
‫الدفاع‪ 79‬بينهما إذ يتمتع كل طرف حبق الرد على ما قدمه الطرف اآلخر من ملحوظات وأساليب‬
‫وطلبات وذلك صلب مذكرات كتابية تقع إضافتها مللف القضية حيث يقوم القاضي ابلدور‬
‫الرقايب ضمن هذه اإلجراءات وتوجيهها كما ال ميكن ملصاحل اجلباية لتدعيم موقفها أن تدرج ضمن‬
‫ملف القضية واثئق حتتوي على معلومات دقيقة تتعلق أبشخاص غري أطراف يف القضية ابعتبار أن‬
‫يف ذلك خرق لواجب احملافظة على السر املهين اجلبائي ومس من حرمة األشخاص الذين تتعلق‬
‫هبم تلك املعلومات‪.‬‬

‫كما يتوىل القاضي اإلذن إبمتام األعمال اليت يراها الزمة إلانرة سبيله وهتيئة القضية للفصل‬
‫وتتمثل خاصة يف اإلختبار والتوجه على عني املكان وتلتجئ احملكمة وجواب لإلختبار إذ كان موضوع‬
‫النزاع مثال تقدير قيمة العقارات واحلقوق العقارية واألصول التجارية يف مادة معلوم التسجيل أو‬
‫الضريبة على الدخل بعنوان القيمة الزائدة العقارية ‪ 80‬حيث يودع اخلرباء التقارير لدى كتابة احملكمة‬
‫ويسلمونه مباشرة مقابل وصل تسليم أو بواسطة العدول املنفذين نسخا منها ملصاحل اجلباية واملطالب‬
‫ابألداء يف أجل ال يقل عن ‪ 15‬يوما من اتريخ التسليم إلبداء مالحظاهتم وإحرازاهتم واعرتاضاهتم بشأن‬
‫تقارير االختبار‪ 81‬أو إذا كان موضوع النزاع إدخال تعديالت تستوجب إعادة احتساب املبالغ املوظفة‬

‫الشريف وفاء الجمل (مرجع سابق)‬ ‫‪78‬‬

‫أحمد الجندوبي وحسين بن سليمة‪ ،‬أحوال المرافعات المدنية والتجارية تونس ‪2001‬‬ ‫‪79‬‬

‫الفصل ‪ 62‬من م ح إ ج‬ ‫‪80‬‬

‫أضيف إلى الفصل ‪ 62‬من م ح إ ج طبقا للقانون عدد ‪ 71‬سنة ‪ 2009‬المؤرخ في ‪ 2009/12/21‬يتعلق بقانون المالية لسنة ‪2009‬‬ ‫‪81‬‬

‫‪39‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫أو القابلة لالسرتجاع يف هذه احلالة ميكن للقاضي االستعانة مبصاحل اجلباية إبعادة عملية االحتساب‬
‫‪82‬‬
‫أو تعيني خبري هلذا الغرض بناءا على طلب املطالب ابألداء‬

‫أما فيما خيص التوجه على عني املكان فإن القاضي املقرر قد يضطر لالنتقال على عني‬
‫املكان للتثبت من بعض املعلومات اليت يتمسك هبا اخلصوم أثناء نشر القضية كأن تعتمد إدارة اجلباية‬
‫لتحديد أساس الضريبة ومبلعها على بعض القرائن الواقعية فحني يطعن املطالب ابألداء يف صحة‬
‫تلك القرائن‪ ،‬ففي هذه احلالة جيوز للمحكمة أن تكلف القاضي املقرر ابلتوجه على عني املكان‬
‫مبعاينة الوقائع املادية املتمسك هبا والتثبت من صحة موقف كل طرف ‪.‬‬

‫وخيتم هذا الطور التحضريي أما إىل ابرام صلح أو ابستفاء تبادل امللحوظات والتقارير وإحالة‬
‫القضية إىل املرافعة واحلكم حيث متتد سلطته إىل نقض وتعديل القرارات‪.‬‬

‫سلطات القاضي يف نقض وتعديل القرارات ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫إن قاضي اجلباية الذي يعهد إليه ابلبت يف النزاع اجلبائي مدعو إىل التعامل بشكل حمايد‬
‫أثناء مرحلة املرافعة واحلكم حيث ميكن للقاضي يف هذه املرحلة أن يتمتع بسلطات نقض وتعديل‬
‫‪83‬‬
‫القرارات حيث يلعب دورا أساسيا وجوهراي يف هذه املرحلة‬

‫وتكون اجللسات خالل هذه املرحلة علنية مثل خمتلف النزاعات املنشورة أمام احملاكم العدلية‬
‫إال أنه ميكن للمطالب ابألداء ومن ميثله طلب عقد جلسات املرافعة بصفة سرية ‪ 84‬وميكن للمحكمة‬
‫أن تستجيب هلذا الطلب إذا كان معلال ووجيها فتقرر سرية اجللسات‪.‬‬

‫ميكن للمطالب ابألداء متابعة سري الدعوى بنفسه أثناء هذه املرحلة كما ميكنه أن يوكل عنه‬
‫أحد األشخاص للقيام بذلك عوضا عنه وميكن أن يكون هذا الشخص املمثل القانوين ابلنسبة إىل‬
‫الذوات املعنوية أو حمامي وهو اختياري أو مستشار جبائي أو أي شخص آخر حيمل توكيال أما‬
‫ابلنسبة ملصاحل اجلباية تتابع سري الدعوى بواسطة أعواهنا الذين ميثلوهنا أمام القضاء بدون توكيل‬
‫‪85‬‬
‫خاص‬
‫الفصل ‪ 66‬م ح إ ج‬ ‫‪82‬‬

‫سليم كمون (مرجع سابق)‬ ‫‪83‬‬

‫الفصل ‪ 63‬من م ح إ ج‬ ‫‪84‬‬

‫الفصل ‪ 57‬من م ح إ ج‬ ‫‪85‬‬

‫‪40‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫وطبقا ألحكام الفصل ‪ 64‬من م ح إ ج‪ ":‬ال ميكن للمحكمة اعتماد طرق اإلثبات الواردة‬
‫ابلفصل ‪ 427‬من م إ ع يف إثبات إدعاءات األطراف املتعلقة ابلقضية " أي أنه ال جيوز للمحكمة أن‬
‫تؤسس حكمها على شهادة الشهود أو اليمني وابلتايل فإن وسائل اإلثبات املقبولة يف املادة اجلبائية‬
‫‪86‬‬
‫جيب أن تكون قانونية وهي اإلقرار والكتب والقرائن القانونية والفعلية فقط‪.‬‬

‫وبعد اإلنتهاء من املرافعة تدخل القضية مرحلة املفاوضة والتصريح ابحلكم مبعىن التشاور‬
‫والتبادل الرأي والنقاش القانوين يف احلكم الواجب إصداره يف القضية حيث تكون هذه املفاوضة سرية‬
‫أي أنه ال حيضرها غري القضاة الذمي سبق هلم حضور جلسة املرافعة إذ ال ميكن لغريهم أن حيضرها‬
‫وإال كان احلكم ابطال لعيب يف اإلجراءات إذ تتخذ األحكام الصادرة يف دعاوي اإلعرتاض على قرارا‬
‫التوظيف اإلجباري لألداء عدة أشكال حيث ميكن للقاضي املقرر نقض وتعديل القرار‪.‬‬

‫نقض قرار التوظيف اإلجباري لألداء إذا ما ثبت عدم احرتام اإلدارة لإلجراءات‬ ‫•‬
‫األساسية املتعلقة بضماانت املطالب ابألداء خالل عملية املراجعة اجلبائية (اإلعالم ابملراجعة ‪ ،‬املدة‬
‫املكان‪ ،‬تبليغ النتائج ) ‪ 87‬أو عدم احرتامها لشروط إصدار ذلك القرار (حاالت إصدار القرار‬
‫السلطة املؤهلة إلصداره ‪ ،‬التنصيصات الوجوبية للقرار ‪)..‬‬
‫نقض قرار التوظيف اإلجباري لألداء إذ ما تبني خمالفته للقانون سقوط الضرائب‬ ‫•‬
‫واألداءات املضمنة به مبرور الزمن التأويل اخلاطئ للقانون من طرف اإلدارة ‪ ،‬عدم صحة الوقائع‬
‫املستند عليها من طرف اإلدارة‪.‬‬
‫تعديل قرار التوظيف اإلجباري لألداء ابلتخفيض يف املبالغ املضمنة هبذا توصل‬ ‫•‬
‫املطالب ابألداء إىل إثبات الشطط يف تلك املبالغ أو إذ طلبت اإلدارة ذلك أو الرتفيع يف تلك املبالغ‬
‫إذ طلبت اإلدارة ذلك وأثبتت وجهة الرتفيع من الناحيتني الوقاية والقانونية‪.‬‬
‫قرار التوظيف اإلجباري لألداء إذا كانت وجيهة ومل يتوفر وجود نقضه وتعديله جتدر‬ ‫•‬
‫اإلشارة إىل أنه أذا كان قرار التوظيف اإلجباري لألداء مشتمل على عدة سنوات أو عدة ضرائب أو‬
‫أداءات فإنه جيوز للقاضي املقرر أن حيكم بنقضه يف البعض وتعديله أو إقراره يف البعض اآلخر مثال‬

‫عياض بن عاشور‪" :‬القضاء اإلداري وفقه المرافعات اإلدارية" ‪ ،‬تونس مركز النشر الجامعي ‪1998‬‬ ‫‪86‬‬

‫فاتن السبعي ‪ :‬دور القاضي العدلي في المادة الجبائية ‪،‬أكتوبر ‪ 2005‬مجلة القضاء والتشريع‬ ‫‪87‬‬

‫‪41‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫نقض يف خصوص سنة معينة بسقوط الضرائب املتعلقة هبا مبرور الزمن وإقراره يف بقية السنوات أو‬
‫النقض يف خصوص األداء على القيمة املضافة والتعديل يف خصوص الضريبة على الشركات‪.88‬‬

‫ومهما يكن احلكم الصادر يف القضية فإن الطرف الذي صدر يف منفعته له احلق يف أخذ‬
‫نسخة واحدة منه تسدي النسخة التنفيذية يسلمها كاتب احملكمة الصادر منها حلكم ممضاه منه‬
‫وخمتوم عليها بطابع احملكمة والنسخة التنفيذية هي اليت يتم اعتمادها يف اإلعالم ابحلكم للطرف‬
‫املقابل هذا اإلعالم الذي يبتدئ من اتريخ سراين أجل الطعن فيه ابالستئناف‪.89‬‬

‫وابعتبار أن األحكام الصادرة عن احملكمة اإلبتدائية يف املادة اجلبائية بصفة حمددة االعرتاض‬
‫على قرار التوظيف اإلجباري لألداء هي األحكام غري ابتة بل تبقى قابلة للطعن ابالستئناف‬
‫‪90‬‬
‫وابلتعقيب أمام احملكمة اإلدارية ويبقى الطعن من بني أحد الضماانت املمنوحة للمطالب لألداء‬

‫عموما فقد مكن املشرع القاضي اجلبائي من إعمال رقابته من خالل إجراءات استقصائية‬
‫‪92‬‬
‫‪91‬حيث تفتح للقاضي جماال واسعا للتعامل مع وسائل اإلثبات تعامال كشفيا استقصائيا تفتيشيا‬
‫كالذي يتوخاه القاضي اجلزائي ‪ 93‬ومتكنه من االضطالع بدور فعال وإجيايب يف فحص األسس املتبعة‬
‫والقرائن القانونية والفعلية اليت استندت هلا اإلدارة لتوظيف األداء ‪ 94‬يف إطار سلطته التقديرية يف إدارة‬
‫النزاع اجلبائي املطروح أمامه كما جتدر اإلشارة إىل أن القاضي اجلبائي له دور هام وفعال يف إدارة‬
‫اإلثبات وحتريكه يف إطار القضية اجلائية املعروضة أمامه وإقامته بني الطرفني‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬إدارة اإلثبات وإقامته من طرف القاضي ‪:‬‬


‫إذا كان النزاع اجلبائي بني طرفني غري متكافئني بني إدارة اجلباية من أقوى اإلدارات من حيث‬
‫املوارد البشرية واملادية واملعرفة التقنية ‪ ،‬وبني مطالب ابألداء كطرف ضعيف يف املعادلة وإذا كان‬

‫‪ 88‬نبيل بوك علي ‪ :‬مستشار المصالح العمومية "اجراءات ونزاعات االستخالص الديون العمومية المثقلة " ‪ 2012‬وزارة المالية" محاضرة عامة‬
‫داخلية ألمانة المال بالمنستير ‪2012‬‬
‫‪ 89‬عياض بن عاشور (مرجع سابق)‬
‫‪ 90‬سليم كمون " في تدعيم دور القضاء في النزاعات الجبائية تدعيم لضمانات الخاضع لألداء" محاضرة القيت بملتقى حول مجلة الحقوق‬
‫واإلجراءات الجبائية" نظمه المعهد األعلى للقضاء ومحكمة االستئناف بصفاقس ‪ 9‬فيفري ‪2001‬‬
‫‪ 91‬الصغير الزكراوي ضمانات المطالب باألداء ص ‪ 109‬مرجع سابق‬
‫‪ 92‬يراجع مقال منصف المرعوي "القضاء والجباية" اكتوبر ‪ 2005‬مجلة القضالء والتشريع‬
‫‪ 93‬عياض بن عاشور (مرجع سابق )‬
‫‪ 94‬قرار تعقيبي عدد ‪ 1055‬المؤرخ في ‪ 1993/05/10‬أنه " ولئن خول الفصل ‪ 58‬إدارة األداءات استعمال القرائن القانونية والفعلية إلى ضبط‬
‫قاعدة األداء في صورة عدم وجود محاسبة قانونية جديرة باالعتماد فإنه ال مبرر لسلوك طريق التخمين الستنباط وافتراض قرائن وهمية ال تهت‬
‫للواقع بصلة وال بد من توخي طريقة القياس الحقيقي واالثبات المادي توقيا من االعتباط والتعسف وعدم االنصاف‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫الفصل ‪ 420‬من م إ ع نص على أن إثبات االلتزام على القائم به‪ ،‬فإن تطبيق هذه القاعدة القانونية‬
‫يف جمال املنازعات اجلبائية يزيد من اختالل الالتوازن بني املطالب ابألداء وإدارة اجلباية وهنا أييت دور‬
‫القاضي اجلبائي واجتهاده يف إعادة التوازن يف النزاع اجلبائي وذلك بدوره يف توزيع اإلثبات بني‬
‫الطرفني من خالل إدارته وإقامته أثناء تعهده ابلقضية اجلبائية املطروحة أمامه‪.‬‬

‫ومن املعلوم أن لإلثبات أمهية قانونية وعملية يف فض النزاعات مهما كانت طبيعتها مدنية أو‬
‫جتارية أو جبائية وهو األداة اليت متكن القاضي يف جمال املنازعات اجلبائية من التحقق يف الوقائع‬
‫القانونية ذلك أن احلق إن مل يكن مقروان بتقدمي دليل يثبت وجوده فإنه يبقى جمرد إدعاء وهبذا يعد‬
‫اإلثبات من أهم مراحل التقاضي يف حل النزاعات اجلبائية إذ أنه يعتمد على إقامة الدليل أو تقدميه‬
‫ويقصد بعبارة " إقامة الدليل" هو تقدميه إىل من يراد أقناعه‪.‬‬

‫إال أن اإلثبات الذي يهمنا هنا هو اإلثبات القضائي الذي جيب أن يكون ابلطرق اليت‬
‫حيددها القانون واليت متكن القاضي املقرر من الوصول إىل احلقيقة فيما يعرض عليه من منازعات‬
‫حىت يستطيع بذلك أن حيقق العدالة فوزن األدلة يف اإلثبات مرتوك لسطلة القاضي التقديرية‪.‬‬

‫فتنظيم اإلثبات من قبل القاضي من شأنه أن حيسم املنازعات بني املتخاصمني وأن يدحض‬
‫اإلدعاءات الكاذبة والكيدية ويوفر أسباب االستقرار على سري الدعوى أو القضية‪ ،‬كما ال جيوز‬
‫للقاضي أن حيكم بعلمه الشخصي وإمنا بناءا على البياانت املقدمة يف الدعوى حمل النظر واملتعلقة هبا‬
‫ومنتجة يف اإلثبات وجائر قبوهلا‪.‬‬

‫وميكن تقسيم طرق اإلثبات إىل طرق ملزمة للقاضي وهي اليت حددها القانون‪ 95‬أي حدد‬
‫‪96‬‬
‫حجيتها ومل يرتكها لتقدير القاضي وطرق غري ملزمة للقاضي فهي القرائن القضائية واملعاينة واخلربة‬
‫ألهنا ختضع لتقدير القاضي وال رقابة عليه يف ذلك‪.‬‬

‫ونظرا لدور القاضي اجلبائي اإلجيايب يف هذه املرحلة يف توجيه الدعوى فله سلطة واسعة يف‬
‫‪97‬‬
‫تقدير وسائل اإلثبات املقدمة ومدى قوهتا إبستثناء اليمني وشهادة الشهود‪.‬‬

‫‪ 95‬كمال العياري (مرجع سابق)‬


‫‪ 96‬الفصل ‪ 62‬م ح إ ج " يمكن للمحكمة فيما عدا ذلك أن تأذن باجراء اإلختبار في المسائل المعروضة على أنضارها وفقا ألحكام مجلة المرافقات‬
‫المدنية والتجارية " اضيفت بالفصل ‪ 49‬من القانون عدد ‪ 71‬لسنة ‪ 2009‬المؤرخ في ‪ 21‬ديسمبر ‪ 2009‬والمتعلق بقانون المالية لسنة ‪)2010‬‬
‫‪ 97‬األزهر بوقارص (مرجع سابق)‬

‫‪43‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫وابلنظر إىل هذا الدور اإلجيايب الذي يقوم به القاضي يف حتريك اإلثبات وإقامته مع متيزه‬
‫بسلطة االجتهاد فهو مطالب بدراسة احلجج املقدمة إليه من حيث حجيتها القانونية كدراسة مدى‬
‫إثباهتا للوقائع املتنازع يف شأهنا من عدمه وترجيح إحداها عن األخرى‪ ،‬فهناك قرارات تدل أن‬
‫القاضي اجلبائي جيتهد حماوال التصدي ملمارسات تعسف اإلدارة يف استعمال الوسائل واالمتيازات اليت‬
‫تتمتع هبا يف مسألة اإلثبات مثال عن ذلك قرار احملكمة اإلدارية الصادر يف ‪ 13‬نوفمرب ‪ 982000‬والذي‬
‫أقر فيه القاضي ضرورة تعليل رفض احملاسبة من قبل اإلدارة‪ 99‬حيث جاء فيها "وحيث جتدر اإلشارة‬
‫إىل أنه استنادا إىل أن رفض احملاسبة كان غري معلل بصورة واضحة فإن الرجوع إىل االستقصاءات‬
‫والقرائن والكشوف البنكية‪ ،‬يصبح يف ضوء ذلك حمل شك مريب فضال على أن اإلدارة اعتمدت‬
‫حسابية الشركة عند ضبطها ابألداء على القيمة وهو ما يدل أهنما أقرت ضمنيا سالمتها من حيث‬
‫احملتوى وقد كان عليها تبعا لذلك اعتمادها يف جممل التوظيف وهو ما جيعل قرار اللجنة مشواب خبرق‬
‫‪100‬‬
‫الفصل ‪ 12‬من جملة الضريبة"‪.‬‬

‫مال يالحظ هنا أنه مثل هذا املوقف من قبل اجتهاد القاضي يف تقديره للقوة اإلثباتية املدىل هبا‬
‫من شأنه أن ينصف املطالب ابألداء يف مسألة اإلثبات وحيد من اختالل التوازن بني الطرفني على‬
‫مستوى وسائل اإلثبات فقد أكدت احملكمة اإلدارية يف عديد قراراهتا "على أن قاضي األصل يتمتع‬
‫بسلطة تقديرية يف اختيار إجراءات التحقيق اليت يراه ضرورية الفصل يف القضية وهو سلطة خترج عن‬
‫‪101‬‬
‫رقابة قاضي التعقيب"‬

‫ما أكدت احملكمة اإلدارية يف قرارات عديدة أخرى ‪ 102‬على أن السلطة التقديرية الواسعة‬
‫املخولة لقضاة األصل يف مادة اإلثبات مشروطة حبسن التعليل جاعلة من مطعن ضعف التعليل اباب‬
‫‪103‬‬
‫مينحها حق مراقبة تطبيق القاضي اجلبائي للقانون‬

‫‪ 98‬أصدرت المحكمة اإلدارية في هذا التاريخ ‪ 13‬نوفمبر قرارات أيدت فيها رفض المحاسبة وكان موقفها غير واضح وغامض في عباراته‬
‫قرار المحكمة اإلدارية عدد ‪ 334‬صادر في ‪ 22‬مارس ‪1984‬‬
‫‪ 99‬رفض المحاسبة هي سلطة مخولة لإلدارة لم يضبط المشرع حالتها ولم يبين إمكانية الجمع بين المحاسة والقرائن القانونية لذلك فهذه المسألة‬
‫تعتبر مجاال للقاضي الجبائي ليبسط رقابته واجتهاده حسب قواعد العدل واإلنصاف‪.‬‬
‫‪ 100‬قرار المحكمة اإلدارية عدد ‪ 32434‬صادر في ‪ 13‬نوفمبر ‪( 2000‬غير منشور) مأخوذ من مذكرة وفاء الجمل مرجع سابق‬
‫‪ 101‬قرار المحكمة اإلدارية عدد ‪ 31892‬الصادر في ‪ 2001/04/10‬شركة األشغال الكبرى مغيث (غير منشور)‬
‫‪ 102‬قرار المحكمة اإلدارية عدد ‪ 32134‬الصادر في ‪ 2001/02/5‬رفيق الزواري (غير منشور)‬
‫‪ 103‬سفيان البرجي "معضلة اإلثبات في نزاعات التوظيف اإلجباري" ملتقى القاضي الجبائي ‪ 04/03‬جانفي ‪ 2002‬الجمعية التونسية للقانون‬
‫الجبائي‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫عموما فإن دور القاضي اجلبائي يف توجيه الدعوى وتوزيع اإلثبات بني طريف النزاع ليس دورا‬
‫سلبيا بل هو دور إجيايب وفعال فمن ادعى شيئا خيالف الوضع اجلبائي الثابت أصال أو عرضا يكون‬
‫هو املدعي الذي عليه اإلثبات ال فرق يف ذلك بني املطالب ابألداء وإدارة اجلباية‪ ،‬فهما سواء أمام‬
‫رقابة القاضي لإلثبات هكذا يتبني أن نظام اإلثبات هو جزء من العملية اجلبائية يف إطار النزاع‬
‫اجلبائي سواء تعلق بقواعد توزيعية وحتديد اجلهة اليت تتحمل عبئه أو تعلق بوسائله اخلاصة أو العامة‬
‫‪.104‬‬

‫وابلرغم من أن املشرع مل خيص بعد نظام اإلثبات اجلبائي بنصوص قانونية مستقلة تتعرض‬
‫ألهم جوانبه ‪ ،‬فإن القضاء مدعو ألن يستنبط قواعد هذا النظام يف خمتلف النصوص اجلبائية ومن‬
‫طبيعة العملية اجلبائية وخصوصية املعاملة بني املطالب ابألداء وإدارة اجلباية‪.‬‬

‫إال أنه ورغم هذا الدور اإلجيايب يف اجتهاد القاضي وبسط رقابته يف خمتلف إجراءات القضية‬
‫اجلبائية املعروضة أمامه ومع التمعن يف خمتلف مقتضيات جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية نتبني أن‬
‫الضمانة اليت يوفرها القاضي اجلبائي للمطالب ابألداء وأن الدور اإلجيايب للقاضي يف إطار إعادة‬
‫التوازن بني الطرفني على مستوى وسائل اإلثبات بقي نسبيا يف إطار الضماانت اليت يقرها للمطالب‬
‫ابألداء ضد تعسف إدارة اجلباية وإقامة التوازن بينهما يف النزاع اجلبائي‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬حدود سلطات القاضي الجبائي ‪:‬‬


‫إن تشتت اإلختصاص‪ 105‬يف املادة اجلبائية قلص من فاعلية الدور املوكول للقاضي املقرر لذلك‬
‫أنمل من املشرع أن يبعث دوائر خاصة ابلنزاعات اجلبائية كما هو الشأن ابلنسبة للمادة التجارية ويف‬
‫عديد الدول املتقدمة‪ ،‬حىت يتمكن القاضي من ممارسة مهامه بشكل إجيايب وبسط رقابته وإضفاء‬
‫التوازن بني اإلدارة واملطالب ابألداء يف إطار حماكمة عادلة حيث يتوجب على كل منهما إثبات‬
‫وإقامة الدليل على صحة موقفه املطروح أمام القاضي اجلبائي والذي عليه أن يبذل اجلهد الكايف‬

‫‪ 104‬يراجع كمال العياري (اإلثبات ص ‪ )194‬مرجع سابق الذكر‪ /‬كذلك يراجع سفيان البرجي (سابق الذكر)‬
‫‪ 105‬عبد هللا الهاللي "الجباية والقضاء العدلي" ع ق ت مارس ‪ 2002‬تطور حق التقاضي الجبائي منذ اإلستقالل م ق ت ‪ ،‬جويلية ‪ 2007‬كذلك‬
‫يراجع الصغير الزكراوي مرجع سابق ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫والعناية بتوفري الشروط الكفيلة بضمان حماكمة جبائية عادلة‪ 106‬حىت يتمكن من إرساء التوازن بني‬
‫طرفني غري متساويني يف القوى إال أنه ولألسف قد جيد القاضي عديد الصعوابت حىت يتمكن من‬
‫إرساء منظومة متوازنة حالل احملاكمة اجلبائية‪ ،‬حيث أن الضماانت اليت يوفرها القاضي اجلبائي‬
‫للمطالب ابلضريبة يف إطار احملاكمة اجلبائية وعند سعيه إىل ضمان حقوق الدفاع حمدودة وذلك‬
‫حلجدود سلطات القاضي اجلبائي على املستوى التشريعي (فقرة أوىل) وعلى مستوى احلدود الذاتية‬
‫لسلطات القاضي اجلبائي (فقرة اثنية)‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الحدود التشريعية لسلطات القاضي الجبائي ‪:‬‬


‫إن دراسة بعض حدود العمل القضائي اجلبائي ليس اهلدف منه التنقيص والتقليل من قيمة‬
‫العمل القضائي الصادر يف املادة اجلبائية الذي وال شك ذو أمهية ابلغة بل إن هذه الدراسة هتدف إىل‬
‫‪107‬‬
‫الكشف عن بعض احلدود لتجاوزها ولتطوير قضائنا اجلبائي والرفع من جودة عمله‪.‬‬

‫إال أن العمل القضائي قد يعرتضه عديد العوائق والصعوابت اليت حتد من أمهيته حيث جند‬
‫هذه الصعوابت أتثر بشكل كبري يف احلد من تطور مسار عمل القضاء اجلبائي وإعاقة القدرة على‬
‫اإلجتهاد وسد ثغرات املادة اجلبائية ودعم ضماانت املطالب ابألداء من هذه الصعوابت تلك احلدود‬
‫املرتبطة بدور املشرع يف املادة اجلبائية حيث أنه مل يساعد كثريا يف دعم العمل القضائي يف املادة‬
‫اجلبائية‪.‬‬

‫ومن املعلوم أن التشريع يف املادة اجلبائية يلعب دورا حموراي يف تطوير العمل القضائي ومحاية‬
‫املطالب ابلضريبة من أي شطط تقوم به اإلدارة يف حقه‪ ،‬وكذلك مسايرة اإلجتهاد القضائي وتعديل‬
‫النصوص القانونية وفقهيه إال أنه ساهم إىل حد ليس ابليسري يف احلد من تطور اإلجتهاد القضائي‪.‬‬

‫إذ عمل املشرع على تبين مواقف اإلدارة وأقرب إجتهادت قضائية كانت تساهم يف محاية‬
‫املطالب ابلضريبة‪.‬‬

‫وميكن أن نتبني ذلك من خالل أحكام الفصل ‪ 66‬من م ح إ ح الذي نص على أنه يف‬
‫صورة إدخال تعديالت تستوجب إعادة إحتساب املبالغ املوظفة أو القابلة لالسرتجاع ميكن‬

‫قرار المحكمة اإلدارية عدد ‪ 35667‬صادر في ‪ 30‬جانفي ‪ 2006‬ملحق عدد ‪ 8‬ص ‪161‬‬ ‫‪106‬‬

‫كمال العياري (مرجع سابق)‬ ‫‪107‬‬

‫‪46‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫للمحكمة اإلستعانة مبصاحل اجلباية إلعادة عملية اإلحتساب أو تعيني خبري هلذا الغرض بناءا على‬
‫طلب من املطالب ابألداء‪.‬‬

‫إذ يفرتض يف إطار احملاكمة العادلة اليت سيفصل فيها القاضي بكل حياد واستقاللية دون‬
‫اإللتجاء إىل أحد أطراف النزاع كي حيدد له حمتواه إال أنه ابلرجوع إىل الفصل ‪ 66‬املذكور أعاله نتبني‬
‫أن إدارة اجلباية ستدخل لتحديد مضمون احلكم وحمتواه وذلك من خالل عملية اإلحتساب اليت‬
‫ستقوم هبا واليت سيستند على نتائجها القاضي املقرر يف القضية اجلبائية‪.‬‬

‫ونظرا إىل خربة القاضي اجلبائي احلديثة العهد بتقنيات املادة اجلبائية فإنه يسكتفي يف أحكامه‬
‫إبقرار نتيجة إعادة اإلحتساب اليت توصلت إليها إدارة اجلباية‪ ،‬هنا كان جيدر ابملشرع يف هذه احلالة‬
‫أن يعمم إمكانية اللجوء إىل خبري إلجراء عملية إعادة اإلحتساب عوضا أن يربط هذه اإلمكانية‬
‫بطلب من املطالب ابلضريبة املسبق‪.‬‬

‫مث إنه يف إسناد املشرع اإلختصاص للمحكمة اإلدارية لنظر تعقيبيا يف النزاعات اجلبائية من‬
‫شأنه أن ميس من حق املطالب ابلضريبة من التمتع مبحاكمة عادلة وحد لضماانت قد كان يتمتع هبا‬
‫حتت إشراف قاض حمايد ألن العديد يعتقدون أن احملكمة اإلدارية تعترب حمكمة اإلدارة وقد يشكك‬
‫هذا يف مدى حياد هيآهتا اليت قد تكون متعاطفة مع إدارة اجلباية خاصة يف هذا الطور من النزاع‬
‫فكان من املقرتض هنا ابملشرع أن يسند إختصاص النظر تعقيبا يف نزاعات اجلباية ايل حمكمة التعقيب‬
‫للقاضي العديل فقد تكون حال لتدعيم ضماانت املطالب ابلضريبة وسيضع حدا لتشتت النزاع‬
‫اجلبائي بني جهازين قضائيني خمتلفني‪.‬‬

‫وقد أسند املشرع إختصاص النظر تعقيبا يف النزاع اجلبائي للقاضي اإلداري والذي شهد عدة‬
‫تطورات تشريعية فمن الفصل ‪ 11‬و ‪ 17‬من القانون ‪ 40‬لسنة ‪ 1972‬إىل الفصل ‪ 21‬جديد اثلثا ‪ 108‬من‬
‫نفس القانون كما نقح ابلقانون األساسي عدد ‪ 77‬لسنة ‪ 2001‬واملؤرخ يف ‪ 24‬جوان ‪ ،2001‬مرورا‬
‫ابلفصل ‪ 11‬جديد من نفس القانون والذي نقح ابلقانون األساسي عدد ‪ 39‬لسنة ‪ 1996‬املؤرخ يف ‪3‬‬

‫جوان ‪ 1996‬وكذلك مرورا ابلفصل ‪ 69‬من جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية‪.‬‬

‫‪ 108‬الفصل ‪ 21‬جديد من قانون المحكمة اإلدارية ‪ :‬تنظر الجلسة العامة تعقيبا في الطعون الموجهة ضد األحكام النهائية المشار إليها بهذا القانون‬
‫والتي تقضي بتوحيد اآلراء القانونية بين الدوائر التعقيبية أو التي تخوض في مسائل قانونية جوهرية وكذلك في العور المشار إليه بالفصل ‪ 75‬من‬
‫هذا القانون"‬

‫‪47‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫فقد تضمن الفصل ‪ 17‬قدمي اختصاص اجللسة العامة للمحكمة اإلدارية ابلنظر يف الطعن‬
‫ابلتعقيب املشار إليه ابلفصل ‪ 11‬قدمي من قانون هذه احملكمة الذي اقتضى ما يلي " تنظر احملكمة‬
‫اإلدارية تعقيبا يف الطعن املوجه ضد األحكام الصادرة عن احملاكم العدلية بتوظيف واستخالص‬
‫األداءات احمللية والطعن ضد القرارات الصادرة يف استخالص ما للمؤسسات ذات الصبغة الصناعية‬
‫والتجارية من الديون اليت وقع حتديدها ابلقانون" وذلك حسب الفقرة ‪ 4‬و ‪ 5‬من الفصل املذكور ‪.‬‬

‫مث إن املطلع على الفصل ‪ 11‬قدمي يالحظ ختصيصه للجلسة العامة للمحكمة اإلدارية بنزاعي‬
‫التوظيف واإلستخالص فحسب‪ ،‬إن سكوت املشرع مل مينع اجللسة العامة للمحكمة اإلدارية من إقرار‬
‫اختصاصها ابلنظر تعقيبا يف نزاع االسرتجاع قبل أن تقر صراحة أبن املشرع أسند هلا كتلة اختصاص‬
‫من املادة اجلبائية عن طريق التعقيب وهو ما يفهم منه أن التعداد الوارد هبذا الفصل ورد على سبيل‬
‫الذكر‪.‬‬

‫إال أن الفصل ‪ 11‬جديد فصل إبحداثه دوائر تعقيبية بني هذه األخرية ابلنظر يف اجللسة العامة‬
‫القضائية فكان أن ترتب عن ذلك سحب الوالية املبدئية ابلنظر يف املادة اجلبائية عن اجللسة العامة‬
‫القضائية ليقع إسنادها إىل الدوائر التعقيبية يف حني انفردت اجللسة العامة القضائية بوالية مسندة فقد‬
‫أضاف املشرع الفصل ‪ 21‬اثلثا والذي أسند مبقتضاه للدوائر التعقيبية للمحكمة اإلدارية اختصاصا‬
‫مبدئيا ابلنظر يف الطعون ابلتعقيب مبا يف ذلك الطعون ابلتعقيب يف املادة اجلبائية‪.‬‬

‫ويعود سبب إحداث الدوائر التعقيبية إىل احلرص على ضمان سري أفضل للقضاء اإلداري على‬
‫مستوى الطور التعقييب‪ ،‬خاصة وأن اجللسة العامة القضائية تشكو بطئا ملحوظا يف الفصل يف‬
‫الطعون التعقيبية يف املادة اجلبائية هذا ابإلضافة إىل املخزون اهلائل من امللفات القضائية اليت مازالت‬
‫تنتظر دورها لتعرض على اجللسة العامة القضائية وابلتايل فإن إحداث هذه الدوائر من شأنه أن‬
‫يضمن حسن سري القضاء يف هذا الطور من التقاضي الشيء الذي يرتتب عنه إختصار آلجال‬
‫التقاضي‪.‬‬

‫رغم أن املشرع وضع ضماانت لفائدة املطالب ابألداء حلماية حقوقه وذلك من خالل توزيع‬
‫اإلختصاص بني القضاء العديل والقضاء اإلداري ورغم وجاهة تعهد القاضي ابلنظر يف هذا النزاع إال‬
‫أن توزيع اإلختصاص حيتاج إىل إعادة النظر ابعتباره غري منطقي ويتجلى ذلك من خالل الدور‬

‫‪48‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫احملدود للقضاء العديل حيث يبقى قرار احملاكم العدلية يف النهاية خاضعا لرقابة احملكمة اإلدارية اليت‬
‫ختتص ابلنظر يف التعقيب وتبقى احملاكم العدلية حمكمة موضوع ال حمكمة قانون‪ ،‬ولو أن هذا يف حد‬
‫ذاته ال يعين أن ما ترك للمحاكم العدلية يف املادة اجلبائية هو أقل أمهية فهذه احملكمة هي اليت تعد‬
‫امللف وهي اليت تفصل مبفردها يف املساءل املوضوعية ليس منعدما بل هو مهم إىل حد كبري ولكن‬
‫العيب قد يكون يف اإلزدواجية والتشتت الذي حيرم كال من القضاء العديل والقضاء اإلداري من أداء‬
‫دور كامل من النزاع ويف عدم وجود إتصال مستمر من النظامني القضائيني مما قد يتسبب يف‬
‫خالفات عديدة حول املسائل القانونية اليت تطيل النزاع الذي اعتربت سرعة فصله مسألة‬
‫متأكدة‪.109‬‬

‫وتبعا لذلك يكون من شأن تكريس اإلزدواجية القضائية يف النزاع اجلبائي بروز مظاهر تعارض‬
‫يف اآلراء واملواقف قد تصل إىل غاية قيام تضارب يف فقه القضاء ابعتبار أن احملاكم العدلية ابلرغم من‬
‫خضوعها الوظيفي للمحكمة اإلدارية يف هذا الصنف من النزاعات فإهنا تعترب نفسها مقيدة بفقه‬
‫القضاء الصادر عن اجللسة العامة لتلك احملكمة‪ ،‬ومرد ذلك ارتباطها العفوي مبحكمة التعقيب مما‬
‫‪110‬‬
‫يدعو القول أبن فقه القضاء اجلبائي قد ال يرقى إىل لعب الدور الرئيسي الذي أوكل إليه‬

‫ويف هذا الصدد اعترب االستاذ توفيق بوعشبة أن منح املطالب ابألداء حق اللجوء إىل القضاء‬
‫العديل حيتاج إىل إعادة نظر ابعتبار أن يف هناية املطاف يعود احلكم النهائي إىل احملكمة اإلدارية‬
‫ولذلك اقرتح ألن يتم ترك اختصاص التعقيب إىل حمكمة التعقيب ألهنا تتوفر على قضاة يتمتعون‬
‫ابخلربة الكافية يف جمال النزاعات اجلبائية‪.111‬‬

‫إن إمكانية توحيد فقه القضاء يف املادة اجلبائية يبقى أمرا يصعب حتقيقه ويرجع ذلك إىل النظام‬
‫القضائي التونسي الذي مل يتعمد تقسيما واضحا يف اإلختصاص بني جهازي القضاء وذلك على‬
‫غرار املشرع الفرنسي الذي جيعل من القضاء العديل جبميع أطواره خمتص للنظر يف النزاعات املتعلقة‬

‫‪ 109‬عبد هللا الهاللي ‪ :‬الجباية والقضاء العدلي‪ ،‬مجلة القضاء والتشريع مارس ‪ 2002‬ص ‪20‬‬
‫‪ 110‬المحسن الجباهي‪ :‬الجديد في ميدان المراقبة ونزاع التوظيف بأداءات الدولة مذكرة إلحراز على شهادة الدراسات المعمقة في القانون العام‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة ‪ 2002/2001‬ص ‪173-172‬‬
‫‪ 111‬توفيق بوعشبة المواطن والجباية ص ‪7‬‬

‫‪49‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫ابلضرائب غري املباشرة ومعاليم التسجيل‪ ،‬أما القاضي اإلداري فهو خمتص ابلنظر يف النزاعات املتعلقة‬
‫ابلضرائب املباشرة يف مجيع أطوار التقاضي‪.112‬‬

‫كما أن إسناد املشرع للقاضي العديل إختصاص النظر يف مجيع القضااي املتعلقة ابملخالفات‬
‫اجلبائية اجلزائة املنصوص عليها مبجلة احلقوق واإلجراءات اجلبائية ال يشكل يف حد ذاته ضمانة كافية‬
‫للمطالب ابلضريبة من شأهنا أن تضمن له حماكمة عادلة إذ ابإلطالع على هوية السلطة اليت أملى‬
‫عليها املشرع واجب إاثرة الدعوى العمومية نتبني أن واجب القاضي العديل يف هذا اجملال سيقتصر‬
‫نوعا ما على إضفاء املشروعية على تدخل السلطة السالفة الذكر‪ ،‬فبالنسبة للمخالفات اجلبائية اليت‬
‫ستستوجب عقوابت بدينة ال ميكن إاثرة الدعوى العمومية إال بعد استشارة جلنة خاصة ستثبت‬
‫خاصة من مدى توفر مجيع أركان املخالفة من مدى صحة إجراءات معاينة املخالفة ومدى مالئمة‬
‫العقوبة املقرتحة مع خطورة املخالفة املرتكبة‪ ،‬إال أنه وابلنظر يف تركيبة هذه اللجنة اليت كانت الغاية‬
‫منها توفري ضمانة إضافية للمطالب ابألداء نتبني أهنا ال تستجيب ابملرة إىل مواصفات اهليئة احملايدة‬
‫ذلك أهنا تتكون من أعوان اإلدارة ولكن أمام اإلنقادات اليت طالت تركيبتها تدخل املشرع سنة‬
‫‪ 2005‬ليغري من تركيبتها عساها أن تتمتع بصفة احلياد إال أهنا تبقى يف تركيبتها يف أغلبها اتبعة لإلدارة‬
‫فضال عن ذلك فإن القاضي العديل سيجد نفسه مفيدا برأي هاته اللجنة اخلاصة ‪ ،‬حيث أن القرار‬
‫الصادر عن هذه اللجنة وبفضل تركيبتها اليت تتكون من شخصيات ذات مكانة ابرزت قد تكون له‬
‫أتثري معنوي على وكيل اجلمهورية والقاضي الطي سيشرف على احملاكمة العادلة والذي قد لن ميكنه‬
‫أن يتجاهل أو أن حيكم بعكس ما جاء ابلقرار عن تلك اهليئة والذي يعرب عن رأيها السديد‪.‬‬

‫إذ ميكن القول أن العمل القضائي الصادر يف املادة اجلبائية الزالت قليلة‪ ،‬وأن إجتهاد القاضي‬
‫ال زال يف بدايته وحيتاج إىل عامل الزمن لتحقيق الرتاكم الالزم لتطوره وحلل بعض اإلشكاليات‬
‫والثغرات اليت تعرفها بعض النصوص اجلبائية‪.‬‬

‫كما أنه جيدر الذكر أن التقاضي أمام القضاء اجلبائي تساهم يف احلد من تطور اإلجتهاد‬
‫القضائي لبسط التوازن بني املطالب ابلضريبة وإدارة اجلباية أمام القضاء وذلك من خالل تعقدها‪،‬‬
‫البطء الذي مييز سري التقاضي وتشتت النزاع اجلبائي بني احملاكم العدلية واحملكمة اإلدارية ابإلضافة‬

‫ايمان عبد المقصود ‪ :‬المحكمة التعقيب ‪ :‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير القانون العام كلية الحقوق بصفاقس ‪ 2002-2001‬ص ‪65-64‬‬ ‫‪112‬‬

‫‪50‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫إىل الدور السليب للمشرع سامها يف أتثري بشكل سليب على تطور العمل القضائي واجتهاد القاضي‬
‫اجلبائي إال أ نه إىل جانب هذا النقص الذي يعرفه عمل القاضي اجلبائي هناك حدود مرتبطة ابلقاضي‬
‫ذاته‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الحدود الذاتية لسلطات القاضي الجبائي ‪:‬‬


‫يلعب القاضي اجلبائي دورا حموراي يف حتقيقي العدالة اجلبائية وعدم فقه املتقاضني يف القضاء‬
‫اجلبائي‪ ،‬لكن لتحقيق ذلك‪ ،‬ال بد أن يتمتع القاضي اجلبائي مبستوى عال من التكوين يف املادة‬
‫اجلبائية وأن تتميز أحكامه ابجلودة الالزمة ومها أمران ال يتوفران إىل حد كبري يف العمل القضائي‬
‫اجلبائي‪ ،‬حيث يعاين القاضي اجلبائي من حمدودية التكوين يف املادة اجلبائية وذلك من خالل‬
‫التخصص الفين والتقين املفرتض اإلملام التام ابلدعوى اجلبائية حيث يغلب عليه التكوين املدين وقد‬
‫أيثر ذلك يف حسمه للقضية اجلبائية وهو أمر غاية يف األمهية ابلنسبة ألطراف النزاع اجلبائي‪.‬‬

‫هذا وقد أمجع الفقهاء على أن القانون اجلبائي أبنه قانون يتمتع ابإلستقاللية عن القانون املدين‬
‫ومن مث إن القواعد الواجبة التطبيق هي قواعد القانون العام وليس قواعد القانون اخلاص‪.113‬‬

‫كما أن ضعف تكوين القضاة يف املادة اجلبائية والتغريات اليت تعرفها القوانني الضريبية سنواي‬
‫جتعل القضاة غري قادرين على مسايرة التطورات والتعديالت اليت تعرفها‪ ،‬حيث أن القانون اجلبائي‬
‫يتميز ابلدقة والتعقيد والتقنية مما يزيد من صعوبة القاضي يف ضبطه واستيعاب فلسفته القانونية وهو‬
‫ما ميكن أن حيرم املطالبني ابألداء من ضماانت كثرية‪.‬‬

‫مث إن اإلجتهاد يف النزاعات اجلبائية القضائية يتحتم أال حيول إهنماكه يف حياته املهنية دون‬
‫اإلستمرار يف مواكبة الفكر القانوين اجلبائي خاصة وأن األحكام اجلبائية كما ذكران ختضع للتغيري‬
‫والتجديد كل سنة يف إطار قانون املالية مما جيعل القاضي مضطرا لإلطالع على أي قانون مايل‬
‫للوقوف على مستجدات أحكام الضريبة إلدراكها واستعاهبا وفقهها وكذلك على خمتلف القوانني‬
‫ذات الصلة الوطيدة ابلقانون اجلبائي‪ ،‬إضافة إىل ضرورة حتلي القاضي ابجلرأة الكافية لتحدي هيمنة‬
‫اإلدارة اجلبائية بكل جدية وفعالية‪ ،‬مما يعمل على تشجيع املطالبني ابلضريبة وحيد فيهم شعلة مقاومة‬

‫‪Ben achour » le système de la preuve en droit fiscal tunisi en au regard de la théorie général de la preuve » 113‬‬
‫‪RTF 2005‬‬

‫‪51‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫الضريبة أو األداءات حتداي لإلدارة اجلبائية حيث سيتأكدون من أن القضاء يتوىل حتدي هذه اإلدارة‬
‫ويقف هلا ابملرصاد‪ ،‬لردها وإلزامها التحلي ابملشروعية يف كل أعماهلا وهذا لن يتحقق إال بتخفيف‬
‫الشكليات يف املنازعات اجلبائية والغموض التشريعي وحسم التطور التعقييب كما ذكران يف فقرة األوىل‬
‫لدى احملاكم العدلية‪ ،‬كضرورة حلماية املطالب ابلضريبة يف حقوقهم وحرايهتم وابلتايل إقرار الضماانت‬
‫املخولة هلم يف إطار املنظومة الضريبية ‪.‬‬

‫مث إن حمدودية تكوين القاضي يف املادة اجلبائية جيعله ملزما يف العديد من احلاالت ابإللتجاء‬
‫إىل خبري ليفك طالسم الواثئق ذات الطبيعة احملاسبية‪ 114‬خاصة وإن القاضي ملزم ابلبت فيما أحيل‬
‫إليه من القضااي ابلرغم من اإلكراهات اليت يتعرض إليها ‪ ،‬حيث يلتجأ خلبري لدراسة تلك احملاسبة‬
‫والتأكد من مصداقيتها من عدمها وإلانرة رأي احملكمة يف ذلك تطبيقا ملقتضيات الفصل ‪ 66‬من جملة‬
‫احلقوق واإلجراءات اجلبائية الذي خول للمحكمة تعيني خبري يف الغرض بناء على طلب من املطالب‬
‫ابألداء‪.115‬‬

‫لذلك فإن اخلربة يف اجملال اجلبائي تلعب دورا ابلغا ابألمهية يف العمل القضائي اجلبائي كوسيلة‬
‫حتقيق وال جيب التذرع بتعقد املادة اجلبائية وتشعبها لذلك يفرتض ابلقاضي العام ابلتقنيات اليت حتكم‬
‫املادة اجلبائية واإلملام هبا لكوهنا تدخل يف صميم القانون الذي يفرتض العلم به‪.‬‬

‫مما سبق ذكره إذا يتضح أن سلطة فصل املنازعات اجلبائية قد عرفت انسيااب من القاضي إىل‬
‫اخلبري الذي أصبح هو أيضا احلاكم الفعلي واملقرر احلقيقي يف ملفات النزاعات اجلبائية يف اجملال‬
‫احملاسيب أمام القضاء‪ ،‬وحتولت اخلربة من وسيلة حتقيق كما نص على ذلك الفصل ‪ 66‬من م ح إ ج‬
‫إىل وسيلة إثبات قوية ويرجع ذلك إىل ضعف التكوين الذي يعاين منه القاضي جلبائي يف املادة‬
‫اجلبائية وابلتايل يتعني على القضاة بذل جمهود كبري لتجاوز هذا النقص وهذا التقصري حىت يتمكنوا‬
‫من توفري أكثر لضماانت املطالب ابألداء يف النزاع اجلبائي‪.‬‬

‫‪Paul Marie Gaudemant, réflexions sur les rapports du juge et du fix, mélange offert à Marcel Waline, p 99 114‬‬
‫‪« les affaires fiscales sont nombreuses, leur solution exige du juge non seulement la connaissance spécifique‬‬
‫‪approfondie d’un droit essentiellement touffu ou changement mais bien souvent aussi la maitrise des‬‬
‫» ‪techniques de comptabilité‬‬
‫‪ 115‬فاتن السبعي ‪ ":‬دور القاضي العدلي في المادة الجبائي أكتوبر ‪ 2005‬مجلة القضاء والتشريع ص ‪486‬‬

‫‪52‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫مث إن العمل القضائي يف املادة اجلبائية الذي يعاين من هذه احلدود البالغة األمهية اليت ترتبط‬
‫أساسا بضعف تكوين القاضي اجلبائي يف املادة اجلبائية قد يؤدي إىل اهتمام القاضي ابجلانب‬
‫الشكلي على حساب املوضوع وانسياب سلطة احلسم يف الدعوى أو النزاع اجلبائي لتقرير اخلبري‬
‫خاصة يف اجملال احملاسيب‪.‬‬

‫الخاتمـــــــــــــــــــــــة‬

‫لقد مثلت اإلصالحات اليت عرفها نظام اجلباية يف تونس مع صدور جملة احلقوق واإلجراءات‬
‫اجلبائية فرصة للوقوف على قيمة الضماانت اليت اقرهتا هذه اجمللة اجلبائية لفائدة املطالب ابألداء‪ ،‬يف‬
‫إقامة حوار جبائي متكافئ حيظى جبميع مقومات النجاح ويساهم يف حتقيق مالئمة مقتضيات‬
‫املردودية اجلبائية مع التوزيع العادل للعبء اجلبائي على مجيع املطالبني ابلضريبة إذ ساهم صدور هذه‬
‫اجمللة يف تفادي حالة تفرق النصوص املنظمة إلجراءات النزاع اجلبائي ابلنسبة ألهم أنواع الضرائب‬
‫واألداءات الراجعة للدولة وجتميعها يف نص تشريعي موحد‪.‬‬

‫كما سعى املشرع إىل تدعيم ضماانت املطالب ابألداء على مستوى النزاع اجلبائي (نزاع‬
‫التوظيف) من خالل ختصيص احملاكم العدلية ابلنظر إبتدائيا واستئنافيا يف هذا النزاع وتعويض الطور‬

‫‪53‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫الصلحي الذي كانت ختتص به جلان املوافاة إبجراءات صلح قضائي يلعب فيها القاضي املقرر دورا‬
‫حامسا الذي يبقى مدعو املزيد اإلجتهاد خاصة فيما يتعلق ابملسائل والنقاط اليت تتعرض إليها جملة‬
‫احلقوق واإلجراءات اجلبائية‪ ،‬حيث يتمثل تعهيد احملاكم العدلية يف دعاوي التوظيف اليت تتعلق‬
‫ابإلعرتاض على قرارات التوظيف اإلجباري لألداء يعترب حال مناسبا يضمن حق املطالب ابألداء يف‬
‫نزاع ضرييب عادل‪.‬‬

‫كما أن اإلضافة الرئيسية اليت أدخلها املشرع ضمن جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية هو إقرار‬
‫مبدأ التقاضي على درجتني‪ ،‬حيث يقع استئناف األحكام الصادرة عن احملاكم اإلبتدائية يف مطالب‬
‫اإلعرتاض على قرارات التوظيف اإلجباري للضريبة لدة حمكمة اإلستئناف الراجعة هلا ابلنظر وذلك‬
‫ابلرغم من إقراره ملبدأ إنعدام األثر اإليقايف لإلستئناف ومبا أن إستئناف األحكام اإلبتدائية الصادرة يف‬
‫الدعاوي املتعلقة ابلتوظيف اإلجباري لألداء ال يوقف تنفيذ هذه األحكام فإنه ال ميكن إرجاع املبالغ‬
‫املستخلصة يف إطار تنفيذ قرار التوظيف اإلجباري إال مبقتضى أحكام ابتة‪.‬‬

‫أما فيما خيص مطالب الطعن ابلتعقيب املوجهة على األحكام النهائية الصادرة يف نزاع‬
‫التوظيف يف هذا اإلطار‪ ،‬فلقد حافظ املشرع على اختصاص احملكمة اإلدارية ابلنظر يف ذلك وأما‬
‫على مستوى اإلجراءات التنازعية املكرسة أقر املشرع إعتماد مبدئيا أحكام جملة املرافعات املدنية‬
‫والتجارية يف الطورين اإلبتدائي واالستئنايف يف حني أحال على اإلجراءات املتبعة لدى احملكمة اإلدارية‬
‫اليت يقرها قانوهنا االساسي يف الطور التعقييب كما أن القاضي اجلبائي كان قبل صدور جملة احلقوق‬
‫واإلجراءات اجلبائية يلعب دورا ضعيفا يف محاية املطالب ابلضريبة حيث كانت السمة الغالبة على‬
‫تنظيم القضاء اجلبائي هو تعدد احملاكم وتشتت اإلختصاصات وغياب مبدأ التقاضي على درجتني‬
‫وهيمنة اإلدارة على جلان التوظيف اإلجباري اليت تنظر ابتدائيا وهنائيا يف النزاعات املعروضة عليها ‪.‬‬

‫حيث على إثر صدور جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية ابدر املشرع كما ذكران إىل ختصيص‬
‫احملاكم العدلية بنزاع التوظيف اجلبائي املرتبط جبميع الضرائب واألداءات اخلاضعة هلذه اجمللة‪ ،‬كما‬
‫يسعي املشرع هبدف تفعيل الضماانت القضائية للمطالب ابألداء ودفع القاضي اجلبائي إىل ممارسة‬
‫دورا إجيابيا وفعال يف هذا اإلطار‪ ،‬إىل تعويض الطور الصلحي الذي كان يف عهدة جلان املراضاة‬

‫‪54‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫إبجراءات صلح قضائي تيسر تقريبا وجهات النظر بني كل من املطالب ابلضريبة وإدارة اجلباية وقد‬
‫يقف النزاع اجلبائي ابلتايل عند الطور الصلحي أو أنه قد يتم املرور إىل املرحلة التنازعية القضائية‪.‬‬

‫كما مت التأكيد كذلك على توحيد اإلجراءات اجلبائية التنازعية وذلك صلب جملة املرافعات‬
‫املدنية والتجارية إضافة إىل األحكام اخلاصة الواردة مبجلة احلقوق واإلجراءات اجلبائية‪ ،‬حيث تتميز‬
‫هذه اإلجراءات أساسا بطابعها اإلستقصائي نظرا للدور الفعال الذي يلعبه القاضي املقرر يف القيام‬
‫ابملساعي الصلحية وتوجيه الدعوى لفصل النزاع كما تتميز هذه اإلجراءات كذلك بطابعها الكتايب‬
‫وبعلنية اجللسات ومن أهم الضماانت القضائية اليت أدخلتها جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية على‬
‫نزاع التوظيف اجلبائي هو إقرار مبدأ التقاضي على درجتني الذي يسعى من خالله إىل ضمان حماكمة‬
‫قضائية عادلة للمطالب ابلضريبة وذلك على الرغم من استثناء األثر اإليقايف من أاثر الطعن‬
‫ابإلستئناف ابلرغم من أن استئناف قرار التوظيف اإلجباري لألداء كان يوقف التنفيذ كما كان منظما‬
‫ابلفصل ‪( 67‬قدمي) وهو ما كان سيشكل ضمانة أكرب لصاحل املطالب ابألداء او وقع العمل به يف‬
‫هذا اإلطار‪.‬‬

‫كما أن الفصل ‪ 69‬من م ح إ ج أقر اختصاص احملكمة اإلدارية يف تعقيب األحكام النهائية‬
‫املتعلقة بتوظيف األداء وهو يف ذلك يدعم اختصاصا عاما سبق أن اقره الفصل ‪ 11‬من قانون غرة‬
‫جوان ‪ 1972‬كما وقع تنقيحه ابلقانون عدد ‪ 39‬املؤرخ يف ‪ 3‬جوان ‪ 1996‬وذلك طبقا لإلجراءات‬
‫املنصوص عليها هبذا القانون‪.‬‬

‫عموما فإن حتقيق التوازن بني مصاحل اإلدارة اجلبائية واملطالب ابألداء يبقى رهاان مرتبطا بعدة‬
‫إصالحات جيب القيام هبا لتجاوز كل الثغرات اليت يعرفها العمل القضائي يف جمال النزاعات اجلبائية‬
‫هذا ابلرغم من ما سجلناه من خالل هذا البحث من عدة قرارات وأحكام سامهت يف محاية املطالب‬
‫ابالداء وضمان حقوقه واحلد من كل اإلخالالت اليت ميكن أن تقوم هبا اإلدارة اجلبائية‪.‬‬

‫لكن تبقى السمة العامة للعمل القضائي يف النزاعات اجلبائية حبكم تعقد املادة وتشتت‬
‫النصوص القانونية املؤطرة هلا وضعف حبث أسس األداء على ضوء املعطيات املهنية واإلقتصادية هي‬
‫املقاربة الغائبة عن عمل قضائنا يف مادة النزاع اجلبائي مما يفرض التأكيد على ضعف العمل القضائي‬

‫‪55‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫عموما يف املادة اجلبائية خاصة وأن سلطات القاضي اجلبائي هلا حدود متعددة ميكن هلا أن حتد من‬
‫توفري الضماانت الالزمة للمطالب ابألداء خالل نزاع اجلبائي متوازن وعادل بني الطرفني‪.‬‬

‫وأنه من مثة يتعني القيام بعدة إصالحات وتعديالت ذات طبيعة جوهرية هتم النظام اجلبائي‬
‫اإلدارة اجلبائية يف عالقتها ابملطالبني ابألداء وإصالح النظام القضائي اجلبائي خاصة وذلك بتفعيل‬
‫دور القاضي وحتسني مستواه حيث ينبغي إعداد القاضي على املستوى التكويين للمادة اجلبائية بيد أن‬
‫إصالح النظام القضائي ال يقل أمهية عن إصالح اجلانب التشريعي الذي يؤثر على العمل القضائي‬
‫حيث إذا كان معيبا قد يؤثر على العمل القضائي وحيد من قدرته اإلجتهادية وخنص ابلذكر أنه من‬
‫املهم أن تكون النصوص اجلبائية على درجة كبرية من الوضوح حبيث ال تدع جماال لـتأويل وذلك‬
‫لتفادي كل خطأ يف التفسري أو احنراف يف التطبيق إعماال لسلطة تقديرية غري سليمة‪.‬‬

‫عموما إعادة النظر يف النظام اجلبائي ابلشكل الذي يؤدي إىل حتقيق توازن العبء اجلبائي وقد‬
‫تناقل األدابء السلطانيني بعضهم عن بعض املقولة املشهورة "امللك ابجلند واجلند ابملال‪ ،‬واملال‬
‫ابجلباية‪ ،‬واجلباية ابلعمارة‪ ،‬والعمارة ابلعدل" ويف هذا السياق فإن تعديل املنظومة اجلبائية يتم وفق‬
‫معايري العدالة اجلبائية‪.‬‬

‫قائمة المراجع باللغة العربية‬

‫املراجع العامة‬

‫املـ ـؤلفات‬

‫• جالل العدوى ‪ :‬مبادئ اإلثبات يف املسائل املدنية والتجارية ‪ ،‬املكتب املصري احلديث‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،1967‬ص ‪.3‬‬
‫• أمحد بن إدريس (القرايف) أنوار الربوق يف أنواع الفروق الفرق بني قاعدة املدعى وقاعدة‬
‫املدعى عليه‪ ،‬د ط د ت اجلزء الرابع (القواعد الفقهية)‬

‫‪56‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫• رضا بلحاج ‪ " :‬مدخل إىل دراسة جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية‪ ،‬منشورات املطبعة الرمسية‬
‫للجمهورية التونسية ‪ ،2000‬ص ‪14.15‬‬

‫‪8‬‬ ‫• منري بن حممد ‪ :‬الطعن يف قرار التوظيف اإلجباري ص‬


‫• حممد عادل راوية‪ :‬اإلثبات يف املادة اجلبائية للقاضي السيد األزهر بوقارص‬
‫• انجي البكوش ‪ :‬قراءة يف املنظومة اجلبائية اليوم 'الواقع الفلسفة واألفاق ‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫• كمال العياري "إجراءات التقاضي والتنفيذ يف املادة اجلبائية" الكتاب التمهيدي التطور‬
‫التارخيي للنزاعات اجلبائية وخصائصها‪ ،‬تونس ‪ ،2009‬ص ‪16،17،1‬‬

‫• عبد هللا األمحدي ‪ :‬القاضي واإلثبات يف النزاع املدين" شركة اوربيس للطباعة‪ ،‬قصر سعيد‬
‫تونس ‪ 1991‬ص ‪50‬‬

‫• عبد الرزاق السنهوري "الوسيط يف شرح القانون املدين" احلديث للطباعة القاهرة اجلزء الثاين‬
‫ص ‪16‬‬

‫أوربيس‬ ‫‪2001‬‬ ‫• أمحد اجلندويب وحسني بن سليمة‪ ،‬أحوال املرافعات املدنية والتجارية تونس‬
‫للطباعة ص ‪131‬‬

‫‪1998‬‬ ‫• عياض بن عاشور القضاء اإلداري وفقه املرافعات اإلدارية يف تونس مركو النشر اجلامعي‬
‫‪7‬‬ ‫• توفيق بوعشبة ‪ :‬املواطن واجلباية ص‬
‫• الصغري الزكراوي ‪ :‬السياسة اجلبائية يف تونس املالمح واملطامح" اجمللة القانونية ‪2005‬‬

‫‪2001‬‬ ‫• سامل مكي ‪ :‬اإلقتصاد يف نظرية ابن خلدون بني الواقع والنظرية‬

‫املراجع اخلاصة ‪:‬‬

‫• كمال العياري‪ ،‬إجراءات التقاضي والتنفيذ يف املادة اجلبائية‪ ،‬منشورات جممع األطرش‬
‫للكتاب املتخصص ‪ ،‬تونس ‪.2009‬‬

‫‪2007‬‬ ‫• كمال العياري ‪ :‬إجراءات التقاضي يف املادة اجلبائية تشريعا وقضائيا وفقها تونس‬

‫املقاالت ‪:‬‬

‫الصغري الزكراوي ‪ :‬ضماانت املطالب ابألداء "جملة القضاء والتشريع ‪ ،‬مارس ‪ 2002‬ص ‪.96‬‬

‫‪57‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫‪2002‬‬ ‫أمحد الورفلي‪ :‬صالحيات اإلدارة اجلباية " جملة القضاء والتشريع‬

‫البشري األمحر" الصلح يف اجلرائم القمرقية" م ق ت عدد ‪ 7‬جويلية ‪ 1994‬ص ‪. 7‬‬

‫‪2002‬‬ ‫عبد هللا اهلاليل "اجلباية والقضاء العديل" جملة القضاء والتشريع مارس‬

‫‪2006‬‬ ‫سليم كمون‪" :‬قاضي اجلباية ومراجعة احملاسبة" م ق ‪ 5‬أكتوبر‬

‫‪2005‬‬ ‫فاتن السبعي ‪ :‬دور القاضي العديل يف املادة اجلبائية ‪ ،‬جملة القضاء والتشريع ‪ ،‬أكتوبر‬

‫‪2005‬‬ ‫منصف املرغوي‪ :‬القضاء واجلباية " م ق ت أكتوبر‬

‫‪2007‬‬ ‫عبد هللا اهلاليل ‪ " :‬تطور التقاضي اجلبائي منذ االستقالل م ق ت جويلية‬

‫املذكرات ‪:‬‬

‫• سعداوي اثبت ‪ :‬ضماانت املتقاضي يف نزاعات التوظيف اإلجباري ‪ ،‬مذكرة للحصول على‬
‫شهادة الدراسات املعمقة سوسة ‪ 2001-2000‬ص ‪3‬‬

‫• الشريف وفاء اجلمل ‪ :‬اإلثبات يف نزاعات التوظيف اإلجباري تونس ‪ 2010‬كلية احلقوق‬
‫بصفاقس‬
‫• احملسن اجلباهي "اجلديد يف ميدان املراقبة ونزاع التوظيف أبداءات الدولة "مذكرة لإلحراز على‬
‫شهادة الدراسات املعمقة يف القانون العام كلية احلقوق والعلوم السياسية بسوسة ‪2002 2001‬‬

‫ص ‪173 – 172‬‬

‫• إميان عبد املقصود‪ ":‬احملكمة التعقيب" مذكرة لنيل شهادة املاجستري القانون العام كلية‬
‫احلقوق بصفاقس ‪ 2002-2001‬ص ‪65-64‬‬

‫امللتقيات ‪:‬‬

‫• كمال العياري ‪ :‬اإلثبات يف املادة اجلبائية "اإلثبات يف القانون اجلبائي التونسي ‪ ،‬حماضرة من‬
‫ملتقى حول النزاع اجلبائي "املعهد األعلى للقضاء‪ 30 ،‬جانفي ‪2003‬‬

‫‪58‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫• سفيان الربجي "معضلة اإلثبات يف نزاعات التوظيف اإلجباري حماضرة ألقيت يف ملتقى‬
‫اجلمعية التونسية للقانون ‪2003‬‬

‫• عبد الرمحان بوراس ‪ :‬قاضي ابحملكمة اإلبتدائية تونس تقرير متهيدي للدورة الدراسية "النزاع‬
‫اجلبائي أمام احملاكم ‪ 30‬جانفي ‪ ،2003‬املعهد األعلى للقضاء‬
‫• األزهر بوقارص ‪ :‬اإلثبات يف املادة اجلبائية ‪ ،‬نزاعات التوظيف اجلبائي "ملتقى النزاعات‬
‫اجلبائية املعهد للقضاء ‪ ،‬مدنني ‪1999/11/26‬‬

‫• سفيان الربجي ‪ :‬معضلة اإلثبات يف نزاعات التوظيف اإلجباري ملتقى القاضي اجلبائي‬
‫"جانفي ‪ 2002‬اجلمعية التونسية للقانون اجلبائي ص ‪7-6‬‬

‫‪2002‬‬ ‫جانفي‬ ‫‪4-3‬‬ ‫• جنيب الفقيه ‪ :‬زجر املخالفات اجلبائية اجلزائية" ملتقى القاضي اجلبائي‬
‫اجلمعية التونسية للقانون اجلبائي‪.‬‬
‫• أمحد الورفلي ‪ :‬التوظيف اإلجباري لألداء ‪ ،‬ملتقى نظمه مركز الدراسات القانونية القضائية‬
‫بسوسة ابإلشرتاك مع كلية احلقوق والعلوم السياسية بسوسة ‪ 24/22‬نوفمرب ‪2001‬‬

‫• بلقاسم بن خالد " حق اإلطالع يف املادة اجلبائية" حق اإلدارة يف اإلطالع على احلساابت‬
‫البنكية وعلى كل الواثئق واملعلومات أينما كانت "ملتقى حول جملة احلقوق واإلجراءات‬
‫اجلبائية‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم السياسية بسوسة ‪2006‬‬

‫‪2006‬‬ ‫• سامي شعائبية " حق الزايرة" ملتقى حول م ح إ ج سوسة‬


‫• عبد القادر فتح هللا "دور القاضي يف النزاع اجلبائي " ملتقى حول م ح إ ج كلية احلقوق‬
‫والعلوم السياسية بوسةس ‪2006‬‬

‫• سليم كمون " يف تدعيم دور القاض يف النزاعات اجلبائية تدعيم لضماانت اخلاضع لألداء "‬
‫حماضرة القيت مبلتقى م ح إ ج املعهد العاىل للقضاء وحمكمة اإلستئناف بصفاقس ‪ 9‬فيفري‬
‫‪2001‬‬

‫القوانني واجملالت القانونية ‪:‬‬

‫‪ -‬جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية‬


‫‪ -‬الدستور التونسي‬
‫‪ -‬ميثاق املطالب ابألداء‬

‫‪59‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

‫جملة اإللتزامات والعقود‬ ‫‪-‬‬


‫جملة املرافعات املدنية والتجارية‬ ‫‪-‬‬
‫جملة الباتيندة‬ ‫‪-‬‬
‫مداوالت جملس النواب عدد ‪ 39‬جويلية ‪2000‬‬ ‫‪-‬‬
‫قانون احملكمة اإلدارية‬ ‫‪-‬‬
‫جملة الضريبة على دخل األشخاص الطبيعيني والضريبة على الشركات‬ ‫‪-‬‬

‫مراجع أخرى وحماضرات‬

‫‪ -‬نبيل بوك علي " إجراءات ونزاعات استخالص الديون العمومية املثقلة " حماضرة عامة ألمانة‬
‫املال اجلهوية ابملنستري ‪2012‬‬

‫‪ -‬شوقي طبيب ‪ :‬مبدأ حقوق الدفاع يف املادة اجلبائية حماضرة ختم مترين السبت‬
‫‪ 23‬ماي ‪ 2009‬تونس‪.‬‬

‫املراجع ابللغة الفرنسية‬


‫‪LES MEMOIRES THESES‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Pauil marie Gaudement : » réflexions sur les rapports du juge et du fix, mélange offert‬‬
‫‪à Marcel Walmine p 99‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Ben Achour : » le système de la preuve en droit fiscal tunisien au regard de la théorie‬‬
‫‪général de la preuve RTF, 2005‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Didier de Monthrial : » la fiscalité, les libertés et l’Etat de droit « Gaz Pal, 1985, sem‬‬
‫‪p 653-659‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Planiol Met Riperd G, traite pratique de droit civile LGDJ paris, TIIN42‬‬

‫‪60‬‬
‫عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي‬

- Tarak Drira :é La vérification fiscale « mémoire pour l’obtention du diplôme


d’études approfondies en droit des affaires facultés de droit de Sfax 2002-2003
- Habib Ayadi « droit fiscale « CERD Tunis 1989
- Naji Baccouche » droit fiscale général 2008
- Neila, Ghaabane : » les garanties du contribuable devant le juge fiscale » un actes de
collogue que le contentieux fiscale faculté des sciences juridiques Tunis, le 21, 22
Avril 1995
- Mestoui (Y) : » contentieux fiscale » Institut national des finances ministères des
finances1999, p 85.
- Molinter J : la preuve en droit fiscal français rev. Jur et Pol IDEF 1985 n°1-2.

LES CODES

Code sur le revenu (la Belgique) 1992


Livre des procédures fiscales (la France)

LES SITES WEB/ INTERNET

- www.JORT.gov.tn
- www.finances.gov.na
- www.impot.finances.gov.tn )‫(مذكرة من إدارة الجباية حول إجراءات التقاضي‬
-
- laloivotredroit.over_blog.com
- www.chawkitabib.info (article 452)
- www.hsd-avocat.com

61
‫الفهرس‬
‫‪5‬‬ ‫املقدم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ‪.......................................................................‬‬

‫‪9‬‬ ‫اجلزء األول ‪ :‬عدم التوازن يف حتمل عبء اإلثبات بني اإلدارة واملطالب ابلضريبة‪....‬‬
‫‪11‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬تكريس عدم التوازن يف اإلثبات بني األطراف املتنازعة يف إثبات األداء‪..‬‬

‫‪11‬‬ ‫الفقرة األوىل ‪ :‬تعدد حاالت حتمل املطالب عبء اإلثبات رغم حمدودية الوسائل املعتمدة‪..‬‬

‫‪12 ..............................................‬‬ ‫‪ -1‬وسائل اإلثبات يف النزاع اإلثبات‬

‫‪14‬‬ ‫‪ -2‬حتمل املطالب ابلضريبة عبء اإلثبات‪.........................................‬‬

‫‪17‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬حمدودية حتمل اإلدارة عبء اإلثبات مقابل تعدد االمتيازات‪.................‬‬

‫‪17‬‬ ‫حاالت حتمل اإلدارة لعباء اإلثبات‪..........................................‬‬ ‫‪-1‬‬

‫حتمل اإلدارة لعبء اإلثبات ‪17 .....................................‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫ب‪ -‬سهولة ختلص اإلدارة من عبء اإلثبات‪20 ..........................‬‬

‫إمتيازات اإلدارة ‪23 .........................................................‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪24‬‬ ‫الفرع الثاين ‪ :‬آاثر تكريس عدم التوازن يف عبء اإلثبات‪.........................‬‬

‫‪24‬‬ ‫فقرة أوىل ‪ :‬آاثر عدم التوازن يف حتمل عبء اإلثبات على عالقة املطالب ابلضريبة ابإلدارة‪..‬‬

‫‪24‬‬ ‫إنعدام الثقة‪..........................................................‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪26‬‬ ‫غياب النزاهة‪..........................................................‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪27‬‬ ‫الفقرة الثانية ‪ :‬آاثر عدم التوازن على اإلقتصاد الوطين‪...................................‬‬

‫‪31‬‬ ‫اجلزء الثاين ‪:‬دور القاضي يف إعادة التوازن يف حتمل عبء اإلثبات‪.................‬‬

‫‪33‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬تفعيل سلطات القاضي اجلبائي‪.. .................................‬‬


‫‪33‬‬ ‫الفقرة األوىل ‪ :‬السعي إىل إجياد تسوية رضائية بني طريف النزاع‪.........................‬‬

‫ابألداء‪36 .................‬‬ ‫الفقرة الثانية ‪ :‬الصالحيات املمنوحة للقاضي حلماية املطالب‬

‫‪36‬‬ ‫السلطات اإلجرائية‪..................................................‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪36‬‬ ‫أ ‪ -‬مراقبة القاضي لصحة إجراءات االستدعاء واحلضور‪..................‬‬

‫النزاع‪38 ...............‬‬ ‫ب – مراقبة صحة إجراءات التبادل واملؤيدات بني طريف‬

‫‪39‬‬ ‫سلطات القاضي يف نقض وتعديل القرارات‪..............................‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪42‬‬ ‫الفقرة الثالثة ‪ :‬إدارة اإلثبات وإقامته من طرف القاضي‪..................................‬‬

‫‪45‬‬ ‫الفرع الثاين ‪ :‬حدود سلطات القاضي اجلبائي‪.......................................‬‬

‫‪45‬‬ ‫الفقرة األوىل ‪ :‬احلدود التشريعية لسلطات القاضي اجلبائي‪..............................‬‬

‫‪50‬‬ ‫الفقرة الثانية ‪ :‬احلدود الذاتية لسلطات القاضي اجلبائي‪.................................‬‬

‫‪53‬‬ ‫اخلامت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪.....................................................................‬‬


‫المـــالحق‬
‫المـــراجع‬

You might also like