Professional Documents
Culture Documents
Dms 14.031
Dms 14.031
اجلزء األول:عدم التوازن يف حتمل عباء اإلثبات بني اإلدارة واملطالب ابلضريبة
الفرع األول :تكريس عدم التوازن يف اإلثبات بني األطراف املتنازعة يف إثبات األداء
الفقرة األوىل :تعدد حاالت حتمل املطالب عبء اإلثبات رغم حمدودية الوسائل املعتم
الفقرة الثانية حمدودية حتمل اإلدارة عبء اإلثبات مقابل تعدد االمتيازات
اخلامتة
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
المقدمـــــــــــــــــــة
"إن املواطنني مدعوون إىل التقيد الدقيق ابألداء اجلبائي بصفته واجبا مقدسا يعترب أي أخالل
به انتهاكا حلق اجملتمع كله وإضعافا لروح املواطنة.
وإن إدارتنا ومؤسسات الدولة مدعوة أن تكون مثاال للتفاين يف خدمة الصاحل العام ويف احلرص
1
على صيانة مكاسب الشعب.
تعترب هذه القولة اليت وردت يف مقدمة ميثاق املطالب ابلضريبة عن طبيعة العالقة اليت جيب
أن تكون بني املطالب ابالداء وبني إدارة اجلباية وهي عالقة تقوم على فرض احرتام الواجب اجلبائي
مع احلفاظ على حقوق اخلاضع لألداء ودون التعدي على حقه املشروع يف امللكية.
على أن فرض احرتام الواجب اجلبائي قد يالقي تصداي من املطالب ابألداء إما بغية التهرب
من دفع الضريبة وإما يكون هذا األخري يرى أنه قد أدى واجبه اجلبائي فينشأ تبعا لذلك نزاع بينه
وبني إدارة اجلباية .
هذا النزاع يبسط أمام القضاء للحسم فيه ويف هذه املرحلة يكون اإلثبات وسيلة املطالب
ابألداء للحصول على اإلعفاء من األداء املوظف عليه لذلك اعترب الفقه أن النزاع اجلبائي معركة
اإلثبات سالحها.
فاإلثبات قانوان هو ما يقنع العقل حبقيقة ما أو حىت بوهم ما فهو هبذا عملية تدليل ذهين
للتوصل إىل إقامة الشاهد على كينونة الشيء أو عدمه أو تغريه.
وعلى هذا األساس يشكل اإلثبات كطريقة عقلية إلقامة احلجة وإتيان الربهان يف مفهومه
2
اجملرد ،جزء من املعرفة العلمية مبفهومها الواسع وعنصرا من عناصر الفكر.
6
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
وعمليا فإن اإلثبات القضائي هو إقامة الدليل أمام القضاء ابلطرق اليت حددها القانون على
وجود واقعة أو تصرف قانوين.
وجيمع الفقه على أن لإلثبات أمهية ابلغة يف حسم النزاع ،فبانعدام احلجة يصبح احلق جمردا
من كل جناعة ملموسة فأول ما يطلب به اخلصوم عند املنازعة يف احلق هو التدليل عليه ،إذ ال
يستطيع الشخص أن يصل إىل حقه عند املنازعة فيه إال أن يطلب من القضاء محاية هذا احلق وإذا
رفع النزاع إىل القضاء فإنه ال يستطيع أن أيخذ الشخص ما يدعيه من حق لنفسه ما مل يتحقق من
أن ما يدعيه موافق للحقيقة إذ حيتمل أن يكون خمالفا هلا 3ويف هذا يقول ابن حزم ":لو أعطى كل
امرئ بدعواه املعراة ملا ثبت حق وال بطل ابطل وال استقر ملك مال على أحد "
وتتدعم أمهية اإلثبات بكوهنا حاضرة يف مجيع املواد وخبصوص مجع النزاعات على اختالف
مواضيعها وأطرافها.
وتثري مسألة اإلثبات يف النزاعات اجلبائية عدة مسائل هامة وذلك لتعلق موضوعها مبجال
حساس وهو اجلباية ،ونظرا لوجود خصوصية يف أطراف النزاع ،حيث يشمل طرفني أحدمها الدولة
صاحبة السيادة من جهة واملطالب ابألداء من جهة اثنية.
ووعيا أبمهية املادة تكاد جتمع الدولة احلديثة على االرتقاء ببعض أحكامها إىل مصاف
النصوص التشريعية وخري دليل على ذلك ما جاء بفحوى الدستور الثاين للجمهورية التونسية وحيث
نص الفصل " 10أداء الضريبة وحتمل التكاليف العامة واجب وفق نظام عادل ومنصف" وأتكيدا
على إيالء املشرع األمهية البالغة للجباية جاء صلب نفس الفصل 10أن الدولة تضع اآلليات الكفيلة
لضمان استخالص األداءات ومقاومة التهرب والغش اجلبائيني وحسن التصرف يف املال العام.
إن رفع بعض األحكام إىل مصاف األحكام الدستورية وسن العديد من القوانني العادية
هبدف تنظيم احلياة اجلبائية مل مينع حصول النزاع يف املادة اجلبائية وهو نزاع حسب بعضهم يعترب يف
حد ذاته ضماان 4هاما ابلنسبة للمطالب ابلضريبة ألن اإلعرتاف حبق هذا األخري يف منازعة إدارة
3جالل العدوى :مبادئ اإلثبات في المسائل المدنية والتجارية ،المكتب المصري الحديث للطباعة والنشر اإلسكندرية 1967 ،ص 3
4سعداوي ثابت ،ضمانات المتقاضي في نزاعات التوظيف اإلجباري مذكرة للحصول على شهادة الدراسات المعمقة سوسة 2001-2000
ص3
7
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
اجلباية أمام القضاء ميثل مقارنة مبا كان عليه األمر يف السابق خطوة ابجتاه تكريس محاية ملموسة
للمتقاضني.
ولقد أصبح من املتأكد اليوم أنه ال ميكن أبي حال من األحوال حرمان املطالب ابألداء من
حق اللجوء إىل القضاء فكما كان يقتضي حق املواطنة الزامه أبداء واجبه الضرييب فإن حق امللكية
يعطيه حق اللجوء إىل القضاء لرفع جور وتعسف اإلدارة اجلبائية فاإلدارة تسعى من جهتها إىل فرض
الضريبة اليت يقتضيها القانون حتقيقا للمصلحة العامة واملطالب ابألداء الذي يسعى إىل محاية
ممتلكاته.
وهنا أييت دور القاضي الذي يقوم ببسط الرقابة على أعمال اإلدارة مبناسبة إصدارها لقرار
التوظيف اإلجباري لألداء وابلتايل حتقيق حد أدىن من الضماانت للمطالب ابألداء من جهة وعلى
مدى وجاهة وسائل اإلثبات املعتمدة وهنا كذلك تظهر أمهية اإلثبات يف النزاع اجلبائي لكونه ميثل
ضمانة أساسية للمطالب ابألداء يقيه من خماطر العشوائية اجلبائية ضرورة أن اإلدارة عندما تدعى
وجود الدين اجلبائي عليها أن تقيم الدليل على وجوده ومقداره ،هذا من جهة ومن جهة اثنية ميثل
اإلثبات وسيلة هامة ملقاومة التهرب الضرييب طاملا إن املطالب ابألداء عليه أن يقيم الدليل على عدم
لزوم الدين اجلبائي له وإنقضاءه وابلتايل فإن أمهية اإلثبات يف النزاع اجلبائي تربز من خالل ضرورة
حتقيق املوازنة بني ما تقتضيه املصلحة العامة من تعبئة خزينة الدولة وبني محاية حق مللكية وضماانت
اخلاضع للضريبة.
إن خصوصية النزاع اجلبائي اليت تضع املصلحة العامة يف مواجهة مصاحل األفراد انعكست
على اإلثبات ،فلئن كانت القواعد العامة لإلثبات الواردة مبجلة اإللتزامات والعقود .تعترب مرجعا
لإلثبات يف النزاع اجلبائي فإن هذا األخري يتميز عن نزاع اإلثبات يف النزاع املدين من حيث عبء
اإلثبات ووسائله فعلى عكس بعض التشاريع العربية 5اليت خصصت ملسألة اإلثبات جملة مستقلة
بذاهتا فإن تشريعنا التونسي اكتفى ببعض الفصول اليت متيزت ابلقلة والتشتت.
إن قلة النصوص املتعلقة ابإلثبات يف النزاع اجلبائي ميكن تفسريها بكون املشرع إمنا أراد فسح
اجملال للقاضي قصد إعمال إجتهاده ملالئمة النظرية العامة لإلثبات مع خصوصية النزاع اجلبائي.
8
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
هذه النصوص رغم قلتها فإهنا دعمت وضعية عدم التوازن يف حتميل األطراف بعبء اإلثبات
هذه الوضعية ال ميكن تداركها إال بتدخل القاضي اجلبائي غري أن املشرع واع مبساوئ التنظيم املوجودة
ونقائصه وقد أمر فعال مبراجعته وجتميع النصوص املتعلقة به يف جملة وحيدة وهي جملة احلقوق
واإلجراءات اجلبائية " حيث قننت واجبات وحقوق كل من اإلدارة واملطالب ابألداء إال أن هذا
التقنني مل يكن متوازان ولعل مسألة وسائل اإلثبات يف النزاع اجلبائي دليل على ذلك وملزيد التعمق يف
هذا املوضوع ميكن طرح اإلشكال التايل :
إىل أي مدى ميكن احلديث عن وجود توازن عادل بني طريف النزاع يف حتمل عبء اإلثبات
أمام القضاء اجلبائي؟
هذا ما سنحاول تناوله من خالل ختصيص اجلزء األول من هذا العمل لدراسة عدم التوازن بني
اإلدارة واملطالب ابلضريبة يف حتمل عبء اإلثبات لنتطرق يف اجلزء الثاين إىل دور القاضي اجلبائي يف
إعادة التوازن املفقود بني كل من املطالب ابألداء وإدارة اجلباية يف حتمل عبء اإلثبات يف النزاع
اجلبائي.
9
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
من املبادئ املقررة يف الفقه اإلسالمي ويف القانون املدين التونسي وسائر القوانني املقارنة أن "
البينة على من ادعى" فمن يطالب بتنفيذ التزام جيب عليه إثباته وكذلك من يدعي التخلص من
إلتزامه جيب أن يثبت الوفاء به أو أن يثبت الواقعة اليت أدت إىل انقضائه.
إن أمهية قاعدة البنية على من ادعى تتمثل أساسا يف حتديد من هو الطالب ابإلثبات ومبعىن
أدق معرفة من يتحمل تبعة اإلثبات وذلك يف صورة انعدام الدليل على أن املشرع وضع قرينة سابقة
10
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
ضمنها يف الفصل 560من جملة االلتزامات والعقود مفادها عن األصل براءة الذمة حىت يثبت
تعمريها ،اهلدف منها ضمان األمن والطمأنينة اجلماعية والبقاء على الوضع الراهن واحلالة الظاهرة.
فاملقصود ابملدعى هو من يدعي خالف األصل والظاهر أو الثابت طبيعة احلق املدعي يف
شأنه.6
إن اجلباية ترتكز على إلتزام قانوين يف جانب املطالب ابألداء جترب مبقتضاه إدارة اجلباية
اخلاضعني للضريبة بدفعها خلزينة الدولة فأطراف النزاع اجلبائي مها اإلدارة اليت تسعى إىل إثبات
خضوع املطالب ابألداء للواجب اجلبائي من جهة واملطالب ابألداء الذي يقع عليه إثبات براءة ذمته
جتاه اإلدارة من جهة اثنية.
فاألصل أن اإلدارة تتحمل عبء اإلثبات ابعتبارها يف مركز املدعي تطبيقا لقرينة براءة الذمة
املشار إليها سابقا ،غري أن املشرع أوجب يف الفصل 2م ج إ ج على املطالب ابلضريبة التصريح
التلقائي يف اآلجال القانونية ويرتتب بذلك حتمل عبء اإلثبات فيما يتعلق بتربير صحة تصارحيه
ويبقى من حق اإلدارة مناقشته.
وأمام هذا التضارب الظاهر فإن املطالب ابلضريبة وجد نفسه عمليا حممال بعبء إثبات
صحة تصارحيه وموارده احلقيقية وشطط األداء املوظف عليه 7رغم حمدودية الوساؤل املعتمدة (فرع
أول) يف حني أن اإلدارة املتمتعة ابمتيازات السلطة العامة جتد نفسها يف فضاء أرحب أمام حتمل
عبء اإلثبات (فرع اثين ) .
" 6أحمد (القرافي) بن ادريس :أنوار البروق من أنواع الفروق " الفرق بين قاعدة المدعى وقاعدة المدعى عليه ،د ط :د ت الجزء الرابع
(القواعد الفقهية)
7الفصل 65من مجلة حقوق واإلجراءات الجبائية.
11
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
هذا األخري إثبات عكس ذلك تطبيقا ملقتضيات الفصل 421من جملة التزام والعقود الذي ورد فيه ما
يلي " إذا أثبت املدعى وجود اإللتزام كانت البينة على من يدعي انقضاءه أو عدم لزومه له" وهو
املعمول به يف القانون املدين غري أن املشرع يف القانون اجلبائي ومع إصدار جملة حقوق وإجراءات
جبائية تسبب يف خلق لبس يف حتديد الطرف املتحمل للعبء اإلثبات 8وذلك من خالل الفصلني
64و 65جملة حقوق وإجراءات جبائية وكذلك من خالل سكوته املقصود يف حتديد حاالت حتمل
اإلدارة لعبء اإلثبات.
إذا سنحاول من خالل هذا الفرع ابراز عدم التوازن الذي يتجلى من خالل تعدد حاالت
حتمل املطالب ابلضريبة عبء اإلثبات (فقرة أوىل) ومن خالل حمدودية حتمل اإلدارة هلذا العبء
مقابل تعدد امتيازاهتا (فقرة اثنية)
الفقرة األولى :تعدد حاالت تحمل المطالب عبء اإلثبات رغم محدودية الوسائل
المعتمدة :
تعترب اإلدارة يف القانون اجلبائي الطرف األقوى خاصة يف نزاع جبائي يتحمل فيه الطرف املقابل هلا
وهو املطالب ابألداء حيث تستطيع اإلدارة أن تتخذ عدة إجراءات يف الغثبات وتفرض على املطالب
ابألداء التجاوب معها ألهنا تتمتع بعدة امتيازات يف إعداد وسائل اإلاثت منحها هلا املشرع مقابل
إثقال كاهل املطالب ابألداء وبتحمل عبئ اإلثبات يف النزاع اجلبائي ضد اإلدارة رغم حمدودية الوسائل
املعتمدة .حيث نتبني ذلك من خالل جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية اليت اشارت إىل وسائل
اإلثبات يف النزاع اجلبائي ( )1وحتمل املطالب ابلضريبة عبء اإلثبات ()2
إن قبول األشخاص أداء ضرائبهم عن طوعية مرتبط بعدة عوامل سياسية واقتصادية من بينها
مدى توفري القانون جلملة من احلقوق األساسية وضماانت إضافية لفائدته 9ابلرغم من اإلجيابيات
: 8كمال العياري :اإلثبات في القانون الجبائي التونسي (اإلثبات في المادة الجبائية" محاضرة من ملتقى حول النزاع الجبائي "المعهد األعلى
للقضاء 30 ،جانفي ،2003كذلك سفي ان البرجي ممثلة اإلثبات في نزاعات التوظيف اإلجباري محاضرة ألقيت في ملتقى الجمعية التونسية
للقانون .2003
9مداوالت مجلس النواب عدد 26-39جويلية ،2000ص .1869
عبد الرحمان بوراوي " قاضي بالمحكمة اإلبتدائية بتونس" تقرير تمهيدي للدورة الدراسية " حول النزاع الجبائي أمام المحاكم" 30جانفي 2003
المعهد األعلى للقضاء
12
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
العديدة اليت أتت هبا جملة احل إ ج سنة 102002إال أن اجمللة املذكورة منحت لإلدارة صالحيات غري
معهودة يف الدول املتقدمة وميكن إن يرتتب عن ممارسة هذه الصالحيات نيل من احلقوق األساسية
11
خبصوصية النزاع اجلبائي فإقصاءه ألحكام الفصل 427 للمطالب ابلضريبة وقد برز املشرع ذلك
من جملة اإللتزامات والعقود الذي نص على أن وسائل اإلثبات املعتمدة يف القانون هي اعرتاف
األطراف احلجة مبا فيها املكتوبة الشفاهىي شهادة الشهود والقرائن ابإلضافة إىل القسم.
هذا اإلقصاء وإن كان جزئيا وحيث أن مفاده إن طبيعة املادة اجلبائية تتطلب اإلعتماد على
أسس قانونية وموضوعية فقد جاء يف شرح أحكام الفصل 427اثلثا وخامسا من م إ ع املنصوص
عليه ابلفصل 64املذكور واملتعلقة بشهادة الشهود واليمني واإلمتناع من احللف تعترب وسائل إثبات ال
تتماشى مع طبيعة املادة اجلبائية حيث يتم توظيف األداء على أسس قانونية وموضوعية هذه
اإلستثناءات معمول هبا يف الشرتيع احلايل ويف التشريع املقارن حبيث تكون طرق اإلثبات املعمدة يف
املادة اجلبائية هي :
إن حصر م ح إ ج لوسائل اإلثبات ليس ابجلديد يف نزاع التوظيف 13ذلك أن الفصل 87من
جملة الضريبة على الدخل لألشخاص الطبيعني والضريبة على الشركات وإن ألزم على هذا األخري
اإلثبات عند طلب الضريبة أو التخفيض فيها فإنه مع ذلك ال ينص على اشرتاط الكتابة إلثبات
عدم صحة التوظيف .
30 هذا اإلشرتاط فرضه فقه القضاء اجلبائي فقد جاء يف قرار احملكمة اإلدارية عدد 835يف
أفريل 1987ما يلي " وحيث خبصوص استعمال اليمني كوسيلة إثبات يف املادة اجلبائية مل تتعرض
صراحة إىل هذه املسألة غري أنه يفهم من أحكام جملة الباتيندة الواردة ابلفصول 48و 50أن وسيلة
10رضا بلحاج :مدخل إلى دراسة مجلة الحقوق واإلجراءات الجبائية "منشورات المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية 2000ص .15-14
11خصت مجلة الحقوق واإلجراءات الجبائية مسألة اإلثبات بفصل يتيم 64الذي جاء فيه "ال يمكن للمحكمة إتمام طرق اإلثبات الواردة بالفصل
427ثالثا وخامسا من مجلة اإللتزامات والعقود إلثبات ادعاءات األطراف المتعلقة بالقضية"
12مداوالت مجلس النواب عدد 39جلسة يوم اإلربعاء 26جويلية 2000ص 1934
13.األزهر بوقارص":اإلثبات في المادة الجبائية (نزاعات التوظيف الجبائي) ملتقى النزاعات الجبائية المعهد األعلى للقضاء /مدنين -11-26
1999
13
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
الغثبات جيب أن تكون كتابية ويفهم ذلك من أحكم تلك الفقرة اليت نصت على أن أعوان املراقبة
ميكن هلم هلذا الغرض إلزام الشخص اخلاضع لألداء بتقدمي وإحالة كتائبه وأزمته وصكوكه وحجج
املقبوض واملدفوع واحلسابية وبصفة عامة مجيع الواثئق املتعلقة مبباشرة التجارة أو الصناعة أو املهنة
14
اليت يتعاطاها املعين ابألمر"
وابلتايل فإنه ال جيوز توجيه اليمني على الدولة 15ألهنا ذات معنوية مستقلة عن ذوات األفراد
الذين ميثلوهنا واعتبارا ملا يتسم به أداء اليمني من طابع ديين وأخالقي حمض يتحكم إىل ضمري
مؤديه.16
إال أن منع اإلثبات بشهادة الشهود فيه مس من حق املطالب ابألداء يف اإلثبات خاصة إذا
تعذر عليه إقامته بوسائل أخرى كما يف صورة التعذر املعنوي أو املادي للحصول على كتب أو فقدانه
أو يف صورة كون موضوع اإلثبات واقعة قانونية يستحيل إقامة الدليل عليها ابلكتابة أو ابلقرائن كغلق
احملل ملدة معينة إلجراء إصالحات أو للتمتع ابلراحة السنوية أو القيام أبعمال صيانة أو أشغال من
طرف املطالب ابلضريبة نفسه دون اللجوء للغري 17وهذا يبقى رأاي ال خيلو من نقائص ويقبل الدحض
األخذ آبراء خمالفة حيث أن بعض الفقهاء ورجال القانون اجلبائي يرون عكس ذلك 18حني
أوضحوا من خالل العديد من املداخالت القانونية أن أستبعاد شهادة الشهود أثناء النزاع اجلبائي
تربره طبيعة املوضوع املراد إثباته ،هذا فضال على خشية املشرع من أن تفتح البينة ابلشهادة اباب واسعا
سواء للتهرب اجلبائي وذلك إبعطاء شهادات كاذبة متبادلة وذلك للتقصي من الواجب اجلبائي أو
كذلك لتفشي بعض املطالبني ابألداء من بعضهم إبعطاء شهادات كاذبة لفائدة إدارة اجلباية للنيل
من غرائمهم.
لكن من ينظر إىل القانون اجلبائي بعني انقدة يرى التناقض الوضاح يف تطبيق أحكام الفصل
64من جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية ،19هذا الفصل يف الوقت الذي استبعد فيه الشهادة
العتمادها من طرف املطالب ابألداء فقد أقرها بصفة ضمنية لصاحل اإلدارة ،وذلك عندما خول هلا
14محكمة إدارية تعليق على القضية عدد 835بتاريخ 30أفريل 1987
15األزهر بوقارص ،اإلثبات في المادة الجبائية (نزاعات التوظيف اإلجباري) ملتقى النزاعات الجبائية ( 1999مذكور)
16منير بن محمد "الطعن في قرار التوظيف اإلجباري ص .8
17محمد عادل راوية :اإلثبات في المادة الجبائية للقاضي الفاصل السيد األزهر بوقارص السابق اإلشارة إليها.
18كمال العياري "اجراءات التقاضي والتنفيذ في المادة الجبائية تشريعيا وقضاء وفقها تونس 198/2007
19سفيان البرجي "معضلة اإلثبات في نزاعات التوظيف اإلجباري" ملتقى القاضي الجبائي" جانفي 2002الجمعية التونسية للقانون الجبائي ص
.7-6
14
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
صلب الفصالن 7و 11من م ح إ ج جماهبة املطالب ابألداء ابإلرشادات واإلستقصاءات ،هذه
اإلستقصاءات تتمثل يف جتميع املعلومات من بعض احلرفاء ومزودي املطالب ابلضريبة ،فاحلريف أو
املزود ميكن اإلدارة من قائمة يف رقم املعامالت احملقق مع املطالب ابلضريبة طرف النزاع دون أن
يرفقها بنسخة من الدفرت العام ليقيم الدليل على ما قدمه هذا اإلجراء يعترب نوعا من الشهادة لكن
من حق اإلدارة دون غريها االعتماد عليها.
يبدو أنه كان من األجدى وحتقيقا للمساواة بني طريف النزاع وتفاداي لكل تناقض بني الفصول
القانونية" أن يقع التنصيص صلب الفصل 16م ح إ ج على ضرورة إرفاق القائمات االمسية املتضمنة
لالستقصاءات الصادرة عن املزودين أو احلرفاء ابلواثئق احملاسبية املثبتة للعمليات موضوع االستقصاء.
هذا وميكن التساؤل عن إمكانية اعتماد إقرار الغري عن نفسه ملصلحة املطالب ابألداء إلثبات
املوارد احلقيقية هلذا األخري كاإلقرار ابإلقراض أو تكون املداخيل املنسوبة للمطالب ابألداء هي يف
20
احلقيقة خاصة ابلغري"
نص الفصل 65من جملة ح إ ج "ال ميكن للمطالب ابألداء الذي صدر يف شأنه قرار توظيف
إجباري لألداء احلصول على إعفاء أو التخفيض من األداء املوظف إال إذا أقام الدليل على صحة
تصارحيه وموارده احلقيقية أو على شطط األداء املوظف عليه" هذه القاعدة هي تطبيق تقليدي للبينة
على من ادعى" واليت تقتضي حسب ما ذهب إليه فقهاء القانون اخلاص أن املدعى هو الذي
يتحمل عبء اإلثبات يف احلق املراد محايته وعبء دحض القرائن اجلبائية اليت قدمتها اإلدارة 21غري
أن تطبيق هذه القاعدة أيخذ أبعادا سلبية ابلنسبة للشخص املدعى ذلك أن النزاعات اجلبائية تضع
املطالب ابألداء يف مركز املدعي يف الوقت الذي تكون فيه اإلدارة مدعى عليها ما جيعلها يف وضعية
مرحية مقارنة مع املطالب ابلضريبة وتطبيقا هلذه القاعدة يكون هذا األخري مطالبا إبثبات وإقامة
الدليل عل صحة تصارحيه وموارده احلقيقة أو وجود شطط يف التوظيف 22حىت يتمكن من احلصول
20سفيان البرجي" معضلة اإلثبات في النزاع الجبائي " سابق الذكر ص 4
Molinter( J) : la preuve en droit fiscal francais, rev jur zet pol IDEF 1985 n°1-2 21
القرينة :هي التي يستدل به القانون أو الحاكم على أشياء مجهولة كما ورد في الفصل 479من مجلة التزامات والعقود وهي وسيلة يستنتج بها
المشرع أو القاضي من معطيات معلومة آثارا قانونية لواقعة قانونية مجهولة " سفيان برجي"
Ladhari (Zied) : du fardeau de la preuve en matière fiscale mémoire 2000 DEA Faculté de droit et des 22
sciences politiques de Tunis 1999-2000,
15
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
على اإلعفاء أو التخفيض من األداء املوظف عليه ،وما يؤكد هذه الوضعية السيئة اليت جيد املطالب
ابألداء نفسه فيها هو أن املشرع صلب الفصل 67من م ح إ ح مل يقتصر على تطبيق هذه القاعدة
يف الطور اإلبتدائي فقط وإمنا أيضا أمام حمكمة اإلستئناف وهو أمر ال ميكن أن جند تفسريا له خاصة
إذا علمنا أن يف الطور اإلستئنايف هناك إحتمال أن تكون اإلدارة اجلبائية يف مركز املدعى وابلتايل
23
تكون هي املطالبة ابإلثبات غري أن املشرع واصل العمل مبقتضيات الفصل 65يف الطور اإلستئنايف
لكن قبل اخلوض يف أحقية حتديد املدعي واملدعي عليه يف الطور اإلستئنايف أو اإلبتدائي
سنتناول ابلدراسة حمتوى الفصل 65من جملة ح إ ج وخاصة عبارة "إال إذا أقام الدليل على صحة
تصارحيه" هذه العبارة تدعو حقيقة للحرية ابعتبارها تتعارض تعارضا واضحا مع أهم مبدأ يقوم عليه
النظام اجلبائي التونسي وهو مبدأ متتع التصاريح بقرينة الصحة ،هذا املبدأ جسده املشرع يف الفصل 2
من جملة ح إ ج الذي نص على " ...املبادرة ابلتصريح التلقائي لألداء" يف الوقت الذي ألزم املطالب
ابألداء إبثبات صحة التصاريح صلب الفصل 65من نفس اجمللة ،هذا التناقض يؤثر سلبا على ثقة
املطالب ابألداء ابملشرع.
إن هذا الضعف التشريعي مل يقتصر على تعارض الفصلني من نفس اجمللة بل ولألسف جتاوزه
ليشمل اختالف لفصل واحد يف نسختيه العربية والفرنسية إذ يتبني من قراءة الفصل 65من م ح إ ج
يف نسخته العربية أن املطالب ابألداء الذي صدر يف شأنه قرار توظيف إجباري ال ميكنه احلصول
على اإلعفاء أو التخفيض من األداء املوظف عليه إال إذا أثبت أحد األمرين التاليني أوهلما صحة
تصارحيه وموارده احلقيقية واثنيهما شطط األداء املوظف عليه ويبدو أن اإلثبات يف احلالة األوىل ينص
على أمرين متالزمني ومها صحة التصريح واملوارد احلقيقية وذلك ألن املشرع مجع بينهما بواو العطف
غري أن الرتمجة الفرنسية للفصل 65تفقد هذا التأويل 24فالعطف الصريح املنصوص عليه يف األحكام
العربية غائب يف الرتمجة الفرنسية وهو ما يفهم منه أن املشرع ترك اخليار للمطالب ابلضريبة الذي يروم
كذلك قرار المحكمة اإلدارية عدد 31614في 2أكتوبر ، 1999الصاجب بن علي الهمامي" حيث خلص مما سبق بسطه أنه في صورتي غياب
التصار يح بالدخل أو نقص فيها أم في غياب مثال حسابية فإن اإلدارة تعتمد على القرائن القانونية والواقعة التي تتوقر لديها وتحمل تلك القرائن
على صحة إال إذا أثبت المطالب باألداء عكس ذلك سواء بابراز مداخيله الحقيقية أو بإثبات الشطط في عناصر التوظيف" غير منشور)
23كمال العياري "التوظيف اإلجباري إجراءات التقاضي ،ص .221-220تونس 2009
L’article 65 dispose : « le contribuable taxé d’office ne peut obtenir la décharge ou la réduction de l’impôt 24
porté à sa charge qu’en apportant la preuve de la sincérité des ses déclarations, de ses ressources réelles ou du
» caractère exagéré de son imposition
16
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
احلصول على اإلعفاء أو التخفيض من األداء املوظف عليه بني إثبات إما صحة تصارحيه أو موارده
احلقيقية أو شطط األداء عليه .25
108 كما أن وضع املطالب ابلضريبة يزداد سواء عند دراستنا دراسة معمقة ملقتضيات الفصل
من م ح ا ج هذا الفصل يف ظاهره حيدد حاالت تكون فيها اإلدارة ملزمة بعبء اإلثبات حيث نص
على " تتم إقامة احلجة من قبل اإلدارة يف شأن املخالفات املبينة ابلفصول 101-99-98-94من هذه
اجمللة" حيث أن هذا الفصل حدد بصفة دقيقة وموجزة وحمدودة جتمل اإلدارة عبء اإلثبات ملتزما
ابلصمت يف املخالفات األخرى ،هذا الصمت هو توجيه ضمين لتحمل املطالب ابلضريبة اإلثبات
26
يف املخالفات األخرى واليت هي مقارنة مبا جاء يف الفصل 108جد متعددة.
حيث أنه كان على املشرع لتفادي هذه اإلشكاليات إعتماد أحكام أشد تعبريا حىت ال تثري
بعض القلق القانوين ،اقتيادا رمبا ابملشرع البلجيكي الذي وضع نصا عاما حيتمل التأويل الواسع ولكن
لفائدة املطالب ابألداء وليس ضده ومل يشأ ابلتايل تقييد جمال اإلثبات ضمن الفصل 352من جملة
الضريبة على الدخل الذي نص على ما يلي :
« Lorsque le contribuable est taxé d’office, la preuve du chiffre exact des ses revenus
27
» imposables et des autres éléments envisager dans son chef lui incombe
الفقرة الثانية :محدودية تحمل اإلدارة عبء اإلثبات مقابل تعدد االمتيازات :
إن يف إصدار جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية قصد به املشرع توفري أكثر محاية حلقوق
املطالب ابلضريبة وتكريس أكثر ضماانت لفائدته 28إال أنه عند التدقيق يف أحكام هذه اجمللة اليت
ااثرت حفيظة املتابعني للشأن العام يتأكد أهنا أرست ضماانت لفائدة املطالب ابألداء إال أهنا مل
تضع حدا هليمنة اإلدارة اجلبائية بل أهنا دعمت إمتيازات هذه األخرية وغززت قدراهتا 29حيث أهنا
كمال العياري ،اإلثبات في نزاعات التوظيف اإلجباري (جانفي )2003ملتقى 'مذكور) 27
الصغير الزكراوي " ضمانات المطالب باألداء" مجلة القضاء والتنشريع ،مارس 2002ص 96 29
17
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
30
يف البحث واإلثبات إال أن حتملها وسعت من سلطات وصالحيات ووسائل اإلدارة اجلبائية
لإلثبات يكون حمدودا مقابل تعدد إمتيازاهتا.
إن يف جعل اإلدارة هي املتحملة لعبء اإلثبات ضمامنة أساسية للمطالب ابألداء يقيه من
العشوائية اجلبائية ،فالتزام اإلدارة إبثبات الدين اجلبائي عند النزاع محاية للمطالب ابلضريبة من
كل تعسف حمتمل 31قد يقوم به أعوان اجلباية (أ) غري أن خصوصية النزاع اجلبائي وجعل
مصلحة اخلزينة فوق كل اعتبار جعل املشرع ميكن اإلدارة من مجلة من اإلمتيازات ساعدهتا يف
التخليص من عبء اإلثبات (ب)
كذلك الدارس للقانون اجلبائي يالحظ سكوت املشرع عن حتديد حاالت اإلثبات احملمولة
على اإلدارة وذلك يف تواتر استعمال الفصل 65من جملة احل إ ج منذ دخوهلا حيز التنفيذ والفصل
59فقرة 2من جملة الباتيندة يف مرحلة سبقت اجمللة األوىل.
إن ملن املؤسف أن يقتصر املشرع على الطور احلكمي يف حتديد مسؤوليات األطراف يف حتمل
عبء اإلثبات ملتزما الصمت يف مرحلة املراقبة ،هذا الصمت الذي حييلنا على التساؤل عن نية
املشرع أهي جمرد نسيان؟ أم سكوت مقصود؟
واألقرب إىل الواقع هو أنه نسيان مقصود ،لتمكني اإلدارة من اهلروب من حتمل عبء
اإلثبات ،إن ما متيزت به اإلدارة من وضعية مرحية جتاه حتمل عبء اإلثبات 33تنفي قرينة الصحة
الشريف وفاء الجمل "اإلثبات في نزاعات التوظيف اإلجباري " تونس ( 2010مذكرة) 30
31
Mestaoui (Y), : « contentieux fisca »l, Institut national des finances ministères des finances 1999 p 58
رضا بلحاج " مدخل إلى دراسة مجلة الحقوق واإلجراءات الجبائية "منشورات المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية 2000 32
الصغير الزكراوي "السياسة الجبائية في تونس :المالمح والمطامح "المجلة القانونية التونسية .2005 33
18
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
املرتبطة ابلتصاريح املقدمة من طرف املطالب ابلضريبة وتقطع كل بصيص أمل إلعادة التوازن يف توزيع
عبء اإلثبات.
حيث يبقى على اإلدارة أن تثبت عدم صحة التصاريح اجلبائية املقدمة ،هذا الواجب انتظران
من جملة ح أ ج تدعيمه لكنها ولألسف الشديد خفضت من وزنه ابعتبار أن ما ورد يف مقدمة
ميثاق املطالب ابلضريبة من صراحة جتعل التصاريح اجلبائية مقرتنة ابلصحة هذه الصراحة غابت عن
م ح أ ج اليت اكتفت ابإلشارة يف فصلها الثاين إىل التلقائية ايداع التصاريح مما جعل مبدأ التصاريح
جمرد استنتاج بذلك مل تكن هذه اجمللة إال خطوة إىل الوراء يف سلسلة اإلصالحات اجلبائية يف تونس
حيث ال يسعنا إال أن أنسف على توقف العمل أبحكام ميثاق املطالب ابلضريبة ال سيما وأن اجمللة
ح أ ح مل تتأثر ابلتحديد 34إن حتميل اإلدارة عبء إثبات عدم صحة التصاريح املناطة بعهدهتا راجع
إىل األسس القانونية لقرينة الصحة ابعتبار إن اإلطالع على التصاريح اجلبائية 35يف متناول هذه
اإلدارة ابإلضافة إىل األسس فقه القضائية ابعتبار أن احملكمة اإلدارية يف قرارها الصادر يوم 10ماي
1993أقرت أن اإلدارة وحدها تتحمل عبء إثبات عدم صحة التصاريح اليت اعتربهتا صحيحة طاملا
أن اإلدارة مل تثبت عكس ذلك.
رغم جتميع حاالت حتمل اإلدارة عباء اإلثبات يف بيان عدم صحة التصاريح إال أهنا ال ختلو
من استثناءات حيث يبقى املطالب ابلضريبة ملزما بتعليل حمتوايت التصريح ،مثال إثبات مدى قانونية
األعباء اليت قام بطرحها من قاعدة األداء إضافة إىل إثبات مسكه ملختلف الدفاتر احملاسبة املفروضة
عليه قانوان.
غري أن اإلدارة ملزمة قانوان إبثبات قيام املطالب ابألداء بنشاط اثنوي تعتزم أنه غري مصرح به،
ذلك يف عدة حاالت منها ما جاء يف قرارا صادر عن احملكمة اإلدارية 36حيث متسك املعقب أبن
قرار اللجنة اخلاصة بتوظيف األداء مل يكن يف طريقه حينما ساير اإلدارة اليت اعتربته فالحا واحلال أنه
مل يقم أبي نشاط من هذا القبيل وليس ابستطاعته إقامة الدليل على ذلك ابحلجة السلبية.
19
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
حيث ذكرت اإلدارة يف تقاريرها الكتابية أبن املعين ابألمر مل يقم احلجة اليت تنفي صفته
كفالح مسايرة بذلك ما انتهت أليه حمكمة املوضوع اليت ركزت قرارها على عجز املطالب ابألداء أنه
ليس بفالح حيث أن اإلدارة عوض أن تؤسس قرارها على عناصر اثبتة فإهنا اعتمدت طريقة التعجيز
ألن املطالب ابألداء ال ميكنه اإلتيان بربهان سليب .
حيث أن ما حتتج به اإلدارة دائما من أن عبء اإلثبات يف املادة اجلبائية يقع على عاتق
املطالب ابلضريبة فإن ذلك ينطبق على اخلاضعني لألداء الذين أثبتت اإلدارة ممارستهم لنشاط معني
دون أن يقوموا بتصاريح أو قاموا بتصاريح يشوهبا النقص أو اخللل أما ابلنسبة لألشخاص الذين
يتمسكون أبهنم مل ميارسوا أي نشاط فإن عبء اإلثبات خبصوص ممارستهم النشاط اخلاضع لألداء
يكون حمموال على اإلدارة وهو التأويل املطابق لنص ومعىن الفصلني 58و 59من جملة الباتيندة.
وحيث طاملا أن اللجنة اكتفت ابعتبار املعين ابألمر فالحا دون أن تستند يف ذلك على
عناصر مادية وواقعية هلا اثر ضمن واثئق امللف فإن هذا املطعن يكون حراي ابلقبول".
كما ال يفوتنا ذكر ما ورد صلب الفصل 108من م ح أ ج الذي نص على أن " تتم إقامة
احلجة من قبل اإلدارة يف شأن املخالفات املبينة ابلفصول 101-99-98-94يف هذه اجمللة"
37
اليت يكون اإلثبات فيها ويفهم من أحكام هذا الفصل أن املخالفات اجلبائية اجلزائية
حمموال على اإلدارة هي التالية :
-عدم إصدار فواتري أو إصدار فواتري تتضمن مبالغ منقوصة ابلنسبة لألشخاص امللزمني
قانوان بذلك .
-الشراء بدون فاتورة ابلنسبة إىل االشخاص امللزمني إبصدار فواتري بعنوان بيوعاهتم.
-إصدار أو استعمال فواتري يف شأن عمليات بيع أو إسداء خدمات غري حقيقية قصد
التهرب من دفع األداء
-مسك حماسبة مزدوجة أو استعمال واثئق حماسبة أو دفاتر قصد التهرب من دفع
األداء.
نجيب الفقي :زجر المخالفات الجبائية الجزائية" ملتقى القاضي الجبائي ليومي 3و 4جانفي 2002الجمعية التونسية للقانون الجبائي. 37
20
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
-تعمد أعداد أو املساعدة على إعداد حساابت وواثئق حماسبية مغلوطة من قبل
أصحاب املهن احلرة يف احملاسبة واالستشارة واإلعالمية.
-افتعال وضعيات قانونية غري حقيقية أو استعمال واثئق مزورة أو إخفاء الطبيعة
القانونية احلقيقية لعقد أو اتفاقية قصد التهرب من دفع األداء.
-الرتفيع يف فائض األداء على القيمة املضافة أو املعلوم على االستهالك أو التنقيص يف
وقع املعامالت بنسبة تساوي أو تفوق %30من املبلغ املصرح به قصد التهرب من دفع
إن هذه العبارة تعرض هلا ملشرع يف الفصلني 47و 52من جملة ح إ ج لكنه مل يعرفها تعريفا
دقيقا مما جعل الفقه اإلداري يعرفه أبنه أجراء أحادي اجلانب تتخذه اإلدارة لتحديد قاعدة األداء
ومبلغه ،ولكن ولكي ال ندخل يف متاهات التعريفات سنحاول بيان كيفية جعل املشرع لقرار
التوظيف اإلجباري ملجأ لإلدارة للهروب من عبء اإلثبات وهذا يكون بتحديد احلاالت اليت ميكن
فيها لإلدارة أن تتخذ مثل هذا اإلجراء ملا لذلك من أمهية قصوى يف معرفة حدود اإلدارة أوال ولتقييم
مدى جناح تشريعنا اجلبائي اثنيا.
Neila, Ghaabane : « les garanties de contribution devant le juge fiscale » un actes de colloque sur le 38
contentieux fiscale, facult2 des sciences juridiques de Tunis, le 21.22 Avril 1995.
39أ حمد الورفلي" التوظيف اإلجباري لألداء ،ملتقى نظمه مركز الدراسات القانونية والقضائية بسوسة باإلشتراك مع كلية الحقوق والعلوم
السياسية بسوسة 24/ 22نوفمبر 2001
21
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
إن هذه احلاالت تتمحور يف ثالث :أوهلا تكون من صورة عدم اإلتفاق بني مصاحل اإلدارة
واملطالب ابألداء على نتائج املراجعة اجلبائية 40األولية أو املعمقة املنصوص عليها ابلفصل 36من
جملة ح إ ج واثنيها يف صورة عدم الرد كتابيا يف األجل احملدد ابلفصل 44من نفس اجمللة على هذه
النتائج كما أن األداء يوظف وجواب يف حالة اثلثة وهي عدم قيام املطالب ابألداء إبيداع التصاريح
اجلبائية والعقود اليت اقتضاها القانون لتوظيف األداء يف أجل أقصاه ثالثون يوما من اتريخ التنبيه عليه
ابلطرق املنصوص عليها ابلفصل 10م ج أ ج لألمانة ولكي ال نوصف ابلقسوة وعدم احلياد نشري
هنا إىل أن التوظيف اإلجباري لألداء إمنا يشكل جزاءا إلخالل املطالب ابلضريبة بواجبه اجلبائي
وخصوصا فيما يتعلق بواجب التصريح. 41هنا نعرتف ابلدور الوقائي للتوظيف اجلربي ومسامهته يف
إصفاء النجاعة واملصداقية على نظام التصريح.
يكون إذن قرار التوظيف اإلجباري كما ذكر فرصة أاتحها املشرع لإلدارة لقلب اإلثبات على
املطالب ابلضريبة ،وبذلك تكون قرينة صحة التصاريح اليت أتينا على ذكرها سابقا ال قيمة هلا حيث
أن اإلدارة كلما وجدت نفسها ملزمة إبثبات عدم صحة التصريح املودعة من طرف املطالب
ابلضريبة ،اختذت قرار أحادي اجلانب يتمثل يف توظيف األداء الذي حددته بطريقتها وجعله انفذا،
وبذلك يكون اإلثبات بعد أن كان حمموال على اإلدارة نظرا لقرينة صحة التصاريح ،حمموال على
عاتق املطالب ابألداء تطبيقا ألحكام الفصل 65من م ح إ ج املرتكز على الفصل 420من جملة
اإللتزامات والعقود ابعتبار أنه بصدور قرار التوظيف اإلجباري يتحول امللف إىل أيدي القاضي
ويكون بذلك املطالب ابألدء هو املدعى وعليه اثبات شطط األداء املوظف عليه جرباي بعد دفع
%20من هذا املبلغ املطالب به 42وهنا تكمن خطورة قرار التوظيف اإلجباري هذه اخلطورة ال
تنعكس فقط على دحض مبدأ صحة التصاريح رغم أنه اجراء معموال به يف التشاريع املقارنة مثل
التشريع الفرنسي ونظريه البلجيكي. 43
40قبل أن تدخل مجلة الحقوق واإلجراءات الجبائية حيز التنفيذ فإن أجراءات المراجعة الجبائية كانت منظمة ضمن ميثاق المطالب بالضريبة.
Neji Bqccouche. Droit fiscal général » 2008 41
42بصدور قرار التوظيف اإلجباري لألداء يصبح نافذا للمفعول وال يمكن للمطالب باألداء توقيف التنفيذ إال بعد توفير ضمان بنكي أو خالص
%20من أصل الدين
La Belgique “ l’article 352 du code sur le revenue : “lorsque le contribuable taxe d’office la prévue du chiffre . 43
exacte de ses revenue impossible et des autres élément envisage dans son chef lui incombe.
22
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
إمنا تتعدى إىل التوسع واإلجتهادات املغلوطة لتمديد حق اإلدارة يف تسليط قرار التوظيف
اإلجباري عالوة على احلاالت الثالث املذكورة سلفا واليت تشمل املطالب ابلضريبة الذي قام إبيداع
تصارحيه والذي مل يقم بذلك على حد السواء خالفا للمشرع الفرنسي الذي ميز املطالبني ابألداء على
44
اعتبار قيامهم بواجبهم اجلبائي.
ويف احلقيقة إن متييز املطالبني ابألداء حسب القائم بواجبه والعاطل عنه ضمن تشريعنا احلايل
ال يفي ابحلاجة وال ميكن من إعادة التوازن الغائب ابعتبار أن قرينة الصحة املتشبث هبا املطالب
ابألداء الذي قام إبيداع تصارحيه ال ميكنها أن تنجيه من ظلم اإلدارة ابعتبار أن قرينة صحة التصاريح
إعتربها الفقهاء قرينة بسيطة من السهل دحظها.
إضافة إىل قرار التوظيف اإلجباري الذي اختذته اإلدارة حال للتملص من حتمل عبء اإلثبات
،مكنها املشرع من إجراء آخر يتمثل يف رفض احملاسبة 45الذي يشوبه غموض قانوين واضح جعل
اإلدارة تتالعب ابملصطلحات القانونية إذ أن إجراء رفض احملاسب هو سالح تستغله اإلدارة إلزاحة
وإبعاد حماسبة تدعى عدم نزاهتها لتؤسس قاعدة األداء ومبلغه على قواعد خارجة عن احملاسبة
46
وابلتايل يكون عبء إثبات عكس ما توصلت له حمموال على املطالب ابلضريبة
إذن إن ملن الغريب غياب اإلطار القانوين حلاالت رفض احملاسبة وإحاطته بعبارات ذات
مفهوم شاسع واألغرب من ذلك أتييد القاضي لإلدارة يف عديد من القرارات معلال قراره أبن احملاسبة
تفتقد لعناصر النزاهة دون حتديدها ألنه يف األصل جيهلها وألن املشرع مل ميكنه من فرضة معرفتها.
لذلك كلما أشران إىل مشكل رفض احملاسبة تبادر أذهاننا " مالحظة " ومتين 'املالحظة"
تكمن يف غياب اإلطار القانوين حلاالت وشروط رفض احملاسبة والتخلص من عبء اإلثبات ليصبح
على عاتق املطالب ابألداء "والتمين "وهو متييز املطالبني حسب احرتامهم لواجباهتم احملاسبية.
La france : selon l’article 193 du livre des procédures fiscales « dans tous les cas ou une imposition a été 44
établie d’office la charge de la preuve incombe au contribuable qui demande le décharge ou la réduction de
l’impot.
Habib Ayadi « droit Fiscale » CERP Tunis, 1989 45
46الشريف وفاء الجمل"اإلثبات في نزاعات التوظيف اإلجباري " تونس 2010
م ح إ ج لألسف لم تنظم مسألة رفض المحاسبة رغم أن من أهداف هذه المجلة تحقيق معالجة بين المواطن وإدارة الجباية ،هذه المصالحة إال تمر
حتما بتحديد صريح لحاالت رفض المحاسبة التي يمسكها المطالب باألداء"
23
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
عالوة على حمدودية حاالت حتمل اإلدارة لعبء اإلثبات وسهولة ختلصها من هذا العبء إذا
وقع عليها ،فإن املشرع مكن هذه األخرية من مجلة من اإلمتيازات 47دعمت وضعيتها إزاء النزاع
اجلبائي وكرس حالة عدم التوازن بينها وبني املطالب ابلضريبة هذه اإلمتيازات تتمثل اساسا يف حق
اإلطالع وحق املراقبة اجلبائية ابإلضافة إىل حق الزايرة.
إن حق اإلطالع 48ال ميثل جتديدا أتت به جملة ح إ ح ابعتبار أنه كان معموال به من قبل
صدورها ولكن اجلديد يف األمر يتمثل يف توسيع جمال تطبيق هذا احلق ليشمل أغلب املطالبني
ابألداء بعد أن كان منحصرا تطبيقه على بعض األطراف فقط إذ أصبح يشمل مؤسسات الدولة
واملنظمات احلكومية وكذلك املؤسسات البنكية والربيدية دون معارضة اإلدارة بتعلة وواجب السر
املهين وهنا لنا أن نتصور سهولة حصول اإلدارة من خالل هذا احلق على حتقيق اإلثبات.
إضافة إىل حق اإلطالع مكن املشرع اإلدارة صلب الفصول من 36إىل 46من جملة ح إ ح
من حق إجراء املراجعة على الوضعية اجلبائية للمطالب ابألداء اليت تشمل تصارحيه وعقوده وكتئبه
املودعة لديهم.49
هذه املراجعة متكن اإلدارة من إقامة املقارانت على خمتلف التصاريح اليت يودعها املطالبني
ابألداء الذين ميارسون نشاط مياثل نشاط املطالب ابألداء اخلاضع للمراجعة وابلتايل تتمكن اإلدارة
من إقامة الدليل على صحة املعلومات املقدمة.
إن حديثنا عن هذه اإلمتيازات ال يلهينا على احلديث عن مقتضيات الفصل 8من جملة احل أ
ح الذي يعطي ألعوان إدارة اجلباية الضوء األخضر لزايرة حمالت املطالب ابألداء دون سابق إعالم
وبذلك ميكن لإلدارة حجز كل ما ميكنها من إقامة الدليل على ممارسة املطالب ابألداء لنشاط
خاضع للضريبة مل يشهد تصرحيا ،هذا أضافة إىل إمكانية أتسيس اإلدارة لتوظيفتها على املظاهر
اخلارجية للثروة كذلك على مؤثرات مستوى املعيشة.
24
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
إذا يف مجيع احلاالت ورغم اإلحنياز الواضح للمشرع لصاحل إدارة اجلباية والذي كرس وضعية
الالتوازن بني اإلدارة واملطالب ابألداء جيب أن ال يفهم من ذلك أن القانون يبيح التوظيف العشوائي
بل أن اإلدارة تضل ملزمة بتعليل توظيفها لألداء مبعطيات اثبتة ومقنعة إال إذا حرمها اخلاضع للضريبة
خبطئه من كل إمكانية للتوصل على إعداد اإلثبات يف حالة ختلفه الكلي مثال عن التصريح حيث
ينقلب عبء اإلثبات عليه.
فقرة أولى :آثار عدم التوازن في تحمل عبء اإلثبات على عالقة المطالب
بالضريبة باإلدارة :
إنعدام الثقة : -1
مهما تكن األسباب اليت كسرت عدم التوازن يف حتمل عبء اإلثبات بني اإلدارة واملطالب
ابلضريبة من سكوت تشريعي يف بعض املواقف وكذلك اإلحنياز الواضح من املشرع لفائدة إدارة
اجلباية يف مواقف أخرى ووضع مصلحة اخلزينة حسب اعتقادهم فوق كل اعتبار 50فإن ذلك
وعكس ما ذهبوا إليه يضر بدرجة كبرية خبزينة الدولة اليت يسعون للحفاظ على سيولتها .
فكلما تشتت النصوص اجلبائية وعلت نسبها إال وقل إقبال الناس عن دفع الضرائب ألن
دميقراطية الدول كما هو معلوم تقاس مبدى إقبال الناس وتفاعلهم مع الواجب الضرييب ومدى حرص
الدولة على القبول الفعلي ملمثلي الشعب للضرائب من خالل ما يسن من قوانني علما وأن إنفراد
السلطة التشريعية بسن الضرائب وتعديلها وحذفها هو شرط ال ميكن بدون حصوله احلديث عن نظام
25
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
سياسي دميقراطي ،فكل دساتري الدول الدميقراطية وخاصة الغربية منها تفرد الربملان صراحة ابختصاص
51
سن الضرائب دون أي إمكانية تفويض هذا االختصاص التشريعي
وإن من أخطر نتائج عدم التكافؤ بني اإلدارة واملطالب ابلضريبة هي انعدام ثقة هذا األخري
يف اإلدارة وتزايد شكوكه يف مدى احرتامهما حلقوقه ونظرا لتشعب القانون اجلبائي وغموضه جيد
املطالب ابلضريبة نفسه حائرا أمام تصرفات اإلدارة ليصل به األمر ليشكك يف أهنا تستغل جهله
ابلقانون اجلبائي لتتعدى على حقوقه املشروعة.
إن خلل انعدام الثقة هو أمر يصعب إن مل نقل يستحيل تداركه وإصالحه ألنه موثوق بنفسية
املطالب ابألداء.
إن توتر العالقة بني املطالب ابألداء واإلدارة ترجع إىل مسؤوليات املشرع وهو املساهم بدرجة
أوىل فيها إذ بتمكني اإلدارة من صالحيات واسعة جعل املطالب ابلضريبة خيتار التهرب اجلبائي حال
ابعتبار أمن النتيجة واحدة ،فسواء أقام بواجبه اجلبائي أم مل يقم فإن اإلدارة تتمتع بنفس الصالحيات
وميكنها إصدار قرار توظيف إجباري لألداء مع النفاذ العاجل لذلك خيتار املطالب ابلضريبة أن
يصنف مع هذا خالفوا القاعدة اجلبائية ألن ذلك حسب رأيه وهو خليار املنطقي والطبيعي-أفضل.
وبذلك تكون عملية إيداع التصاريح بصفة تلقائية كما نص عليها الفصل 2من جملة ح إ ح
ال حتتوي على أي قوة ثبوتية على الصعيد العملي يف النزاع اجلبائي لذلك اعتبارها رجال القانون أبهنا
قاعدة قانونية ولدت ميتة أمام حق اإلدارة يف إصدار قرارات التوظيف اإلجباري لألداء فاإلدارة تعد
52
خصم غري عادي
ومن انحية أخرى إن عدم ثقة املطالب ابلضريبة يف صحة مفهوم اإلدارة 53والقاضي على حد
السواء لبعض النصوص القانونية جعلته يثق من عدم إمكانية التخلص مما أتت به اإلدارة يف صورة
اعرتاضه ،فتسليم كل األطراف ملبدأ البينة على من ادعى واعتبار أن املدعى من النزاع اجلبائي القاضي
هو املطالب ابألداء ال ختلو من استثناءات ألن هذه القاعدة أثناء إدارة النزاع وهنا يربز دور القاضي
51ناجي البكوش "قراءة في المنظومة الجبائية اليوم "الواقع ،الفلسفة واآلفاق ص 16
Didier de Monthrial, « la fiscalité, les libertés et l’état de droit » Gaz Pal, 1985, 2ème seri p 653 - 659 52
53كمال العياري " إجراءات التقاضي والتنفيذ في المادة الجبائية " الكتاب التمهيدي التطور التاريخي للنزاعات الجبائية وخصائصها ،تونس
،2009ص .18-17-16
26
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
فاملدعى يف النزاع اجلبائي يتحول إىل مدعى عليه يف اإلثبات فصحيح أن املطالب ابلضريبة هو الذي
يرفع األمر إىل القضاء ويكون بذلك يف موضوع املدعي لكن اإلدارة هي من ابدرت ابدعاء ما ورد
بقرار التوظيف اإلجباري ويكون املطالب ابألداء يف موضوع املدعي عليه ،وما على اإلدارة إال إثبات
ما توصلت إليه عكس ما هو معمول به يف تشريعنا احلايل ،وبذلك وجد هذا املطالب ابلضريبة نفسه
يف وضع حييله إىل عدم التصريح أو التصريح الذي يشوبه نقص مقصود وبصفة إرادية حفاظا على
مصاحله الشخصية وحلسن سري دواليب حياته اخلاصة ،فاملنظومة اجلبائية التونسية كانت وال تزال
السبب األبرز يف غلق العديد من احملالت وتشريد الكثري من العائالت هلاته األسباب فإننا ندعو من
موقعنا هذا إىل ضرورة إعادة التوازن بني األطراف خالل النزاع اجلبائي يف مرحلتيه اإلدارية والقضائية.
إضافة إىل مسامهة التشريع اجلبائي احلايل يف غياب الصفة بني املطالب ابلضريبة واإلدارة
فإنه يساهم كذلك يف عدم نزاهة املعامالت بينهما وذلك أثناء ممارسة اإلدارة لبعض حقوقها مثل
طلب التوضيحات وكذلك حقها يف الزايرة.
فكما هو معلوم فإن جملة ح إ ح صلب الفصل السادس وما بعده منحت اإلدارة إمكانية
طلب بعض التوضيحات واإلرشادات يف حتديد الوعاء الضرييب وبذلك مبلغ األداء كما مكنتها من
أن متارس حق اإلطالع على بعض الواثئق واحلساابت يقدمها كل من طلبت منه إدارة اجلباية ذلك،
لكن أمام شعور املطالب ابلضريبة ابلضعف أمام اإلدارة فإنه وبصفة الشعورية كلما طلبت منه إدارة
اجلباية طلب يتمثل يف متكينها من تفاصيل حول رقم معامالت أو شراءات بينه وبني مطالب ابآلداء
آخر ،فإنه يقوم إبخفاء بعض األدلة الدقيقة وذلك عند توزيعه للحقوق والواجبات بني اإلدارة
54
واملطالب ابلضريبة هذا من انحية طلب اإلرشادات وحق اإلطالع ،أما من انحية حق الزايرة
والذي أقره املشرع صلب الفصل 8من جملة ح إ ح 55فإن اإلدارة ستجد صعوبة أمام تعمد املطالب
ابلضريبة إىل إخفاء كل ما له عالقة بتحديد مبلغ األداء وهو سلوك طبيعي أمام تفرد اإلدارة بكل
الصالحيات يف حني أهنا جمرد طرف يف النزاع مثلها مثل املطالب ابلضريبة وتكون بذلك النتيجة
وخيمة على مردودية اجلباية وبذلك على ميزانية الدولة.
الشريف وفاء الجمل ،مرجع سابق -كذلك انظر "سامي شعايبية " حق الزيارة " ملتقى حول م ح إ ج سوسة 54
حق الزيارة كان ينظمه الفصل 63فقرة ثانية م ص د /كذلك نص عليه القانون الفرنسي في الفصل 16من )LPF (le droit de visite 55
27
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
إضافة إىل مسامهة عدم التوازن يف اإلثبات بني اإلدارة واملطالب ابألداء على العالقة بينهما
فإن لذلك أتثري كبري على اإلقتصاد الوطين.
الفقرة الثانية :آثار عدم التوازن على اإلقتصاد الوطني :
إن العالقة املتبادلة من الضريبة واإلقتصاد كائنة جملرد أن الضريبة منسق اقتصادي تتأثر لرواجه
وكساده ،ومن هنا أصبح اللجوء القصدي للضريبة كإحدى أهم الوسائل األساسية للتدخل
اإلقتصادي نتيجة حتمية لتأطري هذه املادة رغبة من املشرع يف تدعيم اآلاثر اإلجيابية يف كلي
اإلجتاهني اجلبائي واالقتصادي وتفادي اآلاثر السلبية فيها .
ولقد كانت بالدان عرب اترخيها السياسي الطويل مثاال منوذجيا لعلماء التاريخ السياسي
واجلبائي يف العصر احلديث لبيان العالقة بني اجلباية وسياسة الدولة فضال عن أن العالمة عبد
الرمحان ابن خلدون يعترب من أشهر وأقدم من كتب على عالقة اجلباية ابإلقتصاد والسياسة بنظرة
اثقبة والزالت نظريته مرجعية صاحلة لعصران احلاضر كما كانت صاحلة لعصره.56
وتتأسس النظرية اخللدونية يف هذا اجملال على ضرورة ال حميد عنها تتمثل يف اعتدال اجلباية
وعدهلا حىت يبقى للناس مربر حيفزهم على مزيد الكسب والعمل وحىت ال تنقلب اجلباية إىل مكبل
للنشاط اإلقتصادي وتسبب القنوط واإلنكماش مما يقلل من املوارد اجلبائية ذاهتا وكل ذلك يعود على
الدولة ابلوابل.57
لذلك فمن الطبيعي أن تكون الدولة هي األحرص من غريها على اإلزدهار اإلقتصادي ألن
اإلزدهار اإلقتصادي يعزز آليا مواردها اجلبائية.
ولقد جربت تونس سياسة جبائية غري مدروسة انتهت أبزمات خطرية هددت كيان الدولة
واستمراريتها ولعل جلوء حكومة الباايت خالل القرن التاسع عشر إىل تعميم اجلباية لتشمل تدرجييا
حممل قطاعات النشاط اإلقتصادي يعترب املنطلق ألرساء جباية وضعية لتعصري اجلباية يف تونس غري
أن سوء تدبري الشؤون العامة والتداين اخلارجي املفرط وكذلك الفساد املايل دفع ابحلكومة إىل إثقال
56ناجي بكوش /مرجع سابق ص +21كذلك يراجع سالم مكي :الالقتصاد في مقدمة ابن خلدون بين الواقع والنظرية 2004
57ناجي بكوش ،مرجع سابق ص 23
28
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
كاهل الشعب ابجلباية ومل تكن تقابلها خدمات أو مرافق عامة مما أدى ابلشعب إىل الثورة فيما
أصبح يعرف بثورة علي بن غداهم وهي ثورة جبائية.58
إن هذه اللمحة عن اتريخ تونس اجلبائية جيب أن أتخذ بعني اإلعتبار يف اإلصالحات اجلبائية
الالحقة ،ابعتبار أن املوارد اجلبائية تعترب املمول الرئيسي إن مل نقل الوحيد خلزينة البالد.
لكن تشريعنا احلايل ورغم اإلصالحات اجلبائية املتواصلة قد أغفل هذه النقطة عندما جعل
اإلدارة حكما وطرفا يف الوقت ذاته مما أدى إىل إضعاف احلس الوطين لدى املطالب ابلضريبة ليقدم
مصلحته الشخصية على مصلحة الدولة بتخليه عن أداء واجبه اجلبائي مما ينتج عن ذلك عدة نتائج
وخيمة سببها التهرب اجلبائي ،ابعتبار أن املطالبني ابلضريبة الذين ميارسون نفس النشاط يف نفس
الظروف ويف نفس الفرتة الزمنية وال يتساوون يف امتثاهلم للواجب اجلبائي سيكون أكثرهم امتثاال
أكثرهم مضرة ،لوجود حالة التنافس غري املتكافئ لصاحل املتهرب من األداء.
يف هذه الوضعية فإن خزينة الدولة ستشهد خسارة ما انحيتني .األوىل سببها التهرب اجلبائي
الكلي ،والثانية هي نفس األداء املتأيت من املتضرر من املنافسة غري الشرعية ابعتبار أن نشاطه يشهد
تكبال وبصفة آلية ستنخفض القاعدة اجلبائية ومنه األداء املدفوع.
فعالقة اإلقتصاد الوطين بتكريس عدم التوازن يف اإلثبات بني األطراف خيضع إىل تسلسل
منطقي فيمنح اإلدارة حيزا شاسعا من اإلمتيازات يف إقامة الدليل على اجلرمية اجلبائية على حساب
املطالب ابلضريبة جيعل هذا األخري بتغافل ويتباطأ يف القيام بواجبه اجلبائي فتتعرض بذلك خزينة
الدولة إىل نقص يف املوارد مما يؤدي إىل إختالل عملية التنمية والبناء.
لذلك فإن واقع املنظومة اجلبائية اليوم يستوجب من وجهة نظران اإلصالح ألسباب داخلية
تتعلق هبيكلة اجلبائية وهندسة النصوص لتشمل كل شرائح اجملتمع على أساس اإلنصاف حىت تكون
جبايتنا أكثر عدال ومردودية كما أن اإلصالح يكون ألسباب خارجية تفرض على منظومتنا التأقلم
جللب رؤوس أموال األجانب فهذا األجنيب ابعتباره مطالب ابلضريبة مستقبلي عندما يرى هذه
اإلمتيازات ممنوحة لإلدارة على حسابه أثناء النزاع مثال فإنه بال شك سيبحث عن نظام تشريعي
أفضل جيد من خالله جنته اجلبائية املنشودة.
29
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
59
"فال ندع دافع احلفاظ على مصاحل اخلزينة يضر ابخلزينة".
لذلك يكون إعادة التوازن بني اإلدارة واملطالب ابألداء يف حتمل عبء اإلثبات والسري على
درب التشاريع األوروبية وخاصة منها البلجيكية والفرنسية من شأنه أن يعيد األمور إىل نصاهبا وذلك
على األقل خالل الطور القضائي للنزاع من خالل تدعيم دور القاضي اجلبائي.
ابلرغم ما اكتسبته املبادئ العامة لإلثبات من توافق واسع فإهنا تصطدم يف احلقيقة ببعض
الصعوابت حينما يتعلق األمر ابلنزاع اجلبائي ويعود ذلك إىل أن مشكالت عبء اإلثبات يف امليدان
اجلبائي تثري مسألة أعمق يف جمرد إعمال مبدأ التوزيع اإلثبايت بني األطراف ،فعلى خالف النزاع املدين
الذي يتأسس على خطاب املساواة بني األطراف يستند النزاع اجلبائي إىل خطاب آخر حيتم التوفيق
بني مقتضيات متضاربة يف أغلب األحيان.
على هذا فإن تعامل املشرع اجلبائي مع عبء اإلثبات جيب أن ينصهر يف فلسفة خلق التوازن
بني حقوق إدارة اجلباية اليت تبحث عن مقومات النجاعة يف مقاومة التهرب اجلبائي وبني ضماانت
املطالب ابألداء حيال حاالت االعتباط والزيغ 60فبني ال مساواة يفرضها واقع النزاع اجلبائي ومساواة
يفرضها منطق العدالة بدت مهمة املشرع مكللة بشيء من املتاعب إذ أن بني املوجود واملنشود هوة ال
يكاد يعرف هلا قرار ،وحيال هذا العبء التوفيقي خري املشرع التونسي أن يالزم الصمت حول
مساألة اإلثبات ،ولئن بدا املشرع مقتنعا أبن يف الصمت شيء من السلم فإن عليه أن يعلم أيضا أن
السكون يعد أحياان شكال من أشكال اإلحنياز املخفي إذا تعلق األمر بنزاع جيمع أطرافا غري متساوية.
قد يكون أن الصمت التشريعي رغم توفر الفرصة حلسم مسألة اإلثبات إبصدار جملة ح ا ج
سكوان على الضيع فإذا شاء أم مل يشأ املشرع فإنه كرس ابلنص أو بدونه اخنراطا ملحوظا يف التوازن
بني عبء اإلثبات احملمول على اإلدارة وذلك احملمول على املطالب ابإلدماء فحىت الفصل 65من
جملة ح ا ج مل يعاجل هذا اإلشكال حيث وجب أن يكون يف إطار حقيقة النزاع اجلبائي ذاته الذي
ينقسم إىل مرحلتني ،املرحلة اإلدارية اليت تكون فيها اإلدارة ملزمة إبثبات عدم صحة التصاريح أو
نقصها أو إثبات الدخل يف صورة غياب التصريح أساسا .واملرحلة القضائية اليت يكون فيها املطالب
ابألداء متحمال لعبء إقامة الدليل على أن القرار الذي اختذته اإلدارة ال يستند إىل دالئل صحيحة
الصغير الزكراوي (مرجع سابق)
59
30
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
إذ أنه ال ميكن احلسم يف مسألة عبء اإلثبات جبعله حمموال بصورة مطلقة على طرف دون آخر وهذا
61
ما يؤكد القول إن النزاع اجلبائي مبارزة سالحها اإلثبات
فرغم أن املنظومة اجلبائية التونسية جنحت إىل حد كبري يف اإلحاطة ابإلقتصاد وأتطريه
وتوجيهه فإن املشرع بتكريسه عدم التوازن يف توزيع عبء اإلثبات سبب نتائج وخيمة ىعلى نظرة
املطالب ابألداء للواجب الضرييب اليت كان هلا عدة آاثر على اإلقتصاد الوطين بسبب ظاهرة التهرب
اجلبائي.
عبد هللا األحمدي "القاضي واإلثبات في النظام المدني" شركة اوربيس للطباعة ،قصر سعيد تونس 1991ص .50 61
31
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
32
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
قد يكون للحق وجود لو مل يقم عليه الدليل القضائي ،وقد ينتج عن هذا احلق بعض اآلاثر
القانونية ولكن هذا من الندرة حيث ال يقوم له وزن وال حيسب له حساب 62فاحلق دون إثبات هو
كالعدم إذ ال فرق بني عدم امتالك حق وبني عدم التمكن من إثباته 63من حيث النتيجة اليت هي
واحدة يف احلالتني كما رأينا يف اجلزء األول فإن إعمال القواعد العامة لإلثبات وأمهها قاعدة البينة
على من ادعى من شأنه أن يثقل كاهل املدعي بعبء إضايف سيما وأن الفرد جيد دائما نفسه يف
مواجهة اإلدارة وهو ما يزيد يف تعميق اهلوة املوجودة بني طريف النزاع وابلتايل فإن عزوف املشرع على
اخلوض جبدية يف مسألة اإلثبات قد فسح اجملال للقاضي اجلبائي قصد إعمال إجتهاده وسلطاته
ملالئمة النظرية العامة لإلثبات مع خصوصية القانون اجلبائي وطبيعة أطراف النزاع ( فرع أول) إال أن
تدخل القاضي يف اإلثبات يبقى نسبيا ( فرع اثين)
هذا التدخل للقاضي اجلبائي نلمسه من خالل عدة مستوايت منها دوره يف اجياد تسوية
رضائية بني طريف النزاع (فقرة أوىل) ويف غياب ذلك وبدخول القضية طور التحقيق ،يسند القاضي
عبد الرزاق السنهوري"الوسيط في شرح القانون المدني" الحديث للطباعة القاهرة الجزء الثاني ص 16 62
63
Planiol Met Riperd G : traite pratique de droit civile LGDJ Paris TIIN42
33
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
مجلة من الصالحيات حلماية املطالب ابلضريبة (فقرة اثنية) هذه الصالحيات تدعمت بدور هذا
األخري يف إقامة اإلثبات وإدارته (فقرة اثلثة) .
الفقرة األولى :السعي إلى إيجاد تسوية رضائية بين طرفي النزاع :
أقر الفصالن 60و 61من جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية وجوب إجراء حماولة صلحية بني
املطالب ابلضريبة واإلدارة هذه احملاولة الصلحية تعترب جتديدا جاءت به اجمللة.64
حيث نص الفص 60من م ح إ ج على ":حييل رئيس احملكمة القضية إىل القاضي املقرر
الذي يبذل ما يف وسعه لتقريب وجهات النظر بني اإلدارة واملطالب ابألداء ..عند التوصل إىل اتفاق
بني املطالب ابألداء واإلدارة بضبط القاضي املقرر هلما أجال لتجسيم ذلك بتوقيع حمضر صلح .ويقع
طرح القضية إذا أدىل أحد الطرفني مبا يفيد جتسيم الصلح ،حيرر القاضي املقرر يف كل احلاالت تقريرا
مفصال يف أعماله والنتائج اليت توصل أليها وحييله إىل رئيس احملكمة"
لقد وردت أحكام الفصل املذكور يف شكل عام ،فهو مل حيدد املهام املوكولة للقاضي أثناء
الطور الصلحي فقد اكتفى بعبارة " يبذل ما يف وسعه " وبذلك قد عول املشرع على اجتهاد
القاضي.
ولكي ينجح القاضي يف الوصول إىل الصلح ،جيب أن يكون متمكنا من آلية خطاب
متطورة يقنع هبا األطراف حماوال بذلك منحهم احلرية يف النقاش ،واإلمكانية لعرض وجهة نظر كل
طرف منهم.
فاإلجراءات الصلحية تتميز يف فسح اجملال لطريف النزاع لتقرير النتيجة اليت سيتم اإلتفاق فيها
بكل حرية من خالل النقاش.
ولكن نقص اخلربة واملعرفة القضاة مبادة تقنية معقدة ومتشعبة يتداخل فيها اجلانب اجلبائي
ابجلوانب املدنية واإلدارية والتجارية واحملاسبية ،قد حيول دون إجناز احملاولة على الوجه املطلوب،
64عبد القادر فتح هللا "دور القاضي في النزاع الجبائي" ملتقى حول مجلة الحقوق واإلجراءات الجبائية كلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة
2006
34
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
فيقتصر القاضي املقرر من بعض األحيان ،على التنصيص يف حمضر اجللسة الصلحية ،على أن كل
طرف متسك مبواقفه وتقاريره دون أدىن مناقشة هلذه املواقف أو استعراض هلا .65
إضافة إىل ذلك ،فإن عدم التفرغ للجلوس للقضاء يف املادة اجلبائية ميكن أن ميثل عائقا أمام
جدوى املهمة الصلحية ،إذ أن أغلب القضاة املقررين مكلفون عالوة على عضوية الدائرة اجلبائية ،
مبهام قضائية أخرى تستنفذ كامل وقتهم وتثقل كاهلهم ومتنعهم من ختصيص كل جهودهم إلجناح
66
احملاوالت الصلحية يف القضااي اجلبائية اليت يتزايد عددها يوما بعد يوم
وقد تتفق اإلدارة مع املطالب ابلضريبة حول مسألة أو بعض املسائل املعينة اليت يطرحها النزاع
وهي مسائل ال تطرح يف الغالب نفاذ اختالف حبيث يقر املطالب حبقوق اإلدارة وتعرتف اإلدارة
خبطئها وتقبل ابلتايل الصلح يف شأهنا ،وال ميكن يف هذه احلالة إبرام صلح يف خصوص النقطة املتفق
67
عليها لعدم جدوى هذا الصلح اجلزئي ولعدم مالئمته ملقصد الشرع
ففي خصوص إنعدام اجلدوى من الصلح اجلزئي ،فإن الفقرة اخلامسة من الفصل 60م ح إ
ج نصت على أن أن القاضي املقرر حيرر يف كل احلاالت تقريرا مفصال يف أعماله والنتائج اليت توصل
إليها وحييله إىل رئيس احملكمة وهذا يفرض عليه ابلضرورة اإلشارة إىل املسائل اليت اتفق حوهلا الطرفان
واحملكمة اليت ستنظر يف النزاع ستأخذ ذلك بعني االعتبار عند إصدار حكمها فيه وابلتايل فال فائدة
68
من الصلح اجلزئي.
أما يف خصوص عدم مالئمة ملقصد املشرع نالحظ أن الفقرة الرابعة من الفصل 60م ح إ ج
نصت على أنه يقع طرح القضية إذا أدىل الطرفني مبا يفيد جتسيم الصلح معىن هذا أن نية املشرع
اجتهت من خالله للمرحلة الصلحية حلسم النزاع هنائيا أي أن الصلح حسب هذه الفقرة هو تقنية
ينهي النزاع قطعيا .69
35
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
ويف كل احلاالت ،ويف صورة التوصل أو عدم التوصل اىل اتفاق ،فإن القاضي املقرر حيرر
تقريرا يف أعماله ويضمنه األعمال اليت قام هبا واملواقف الصادرة على األطراف والنتيجة اليت أفضت
إليها.
ويعتمد هذا التقرير كوسيلة إثبات يف شأن الوقائع اليت أثبتها وابلنسبة للمقرتحات املقدمة
للصلح ،وال تقيد من صدرت عنه إن مل يتم الصلح.
عموما إن الصلح ال يشمل إال املخالفات املنصوص عليها صراحة بعقد الصلح ،كما ال
تشمل إال األشخاص واألطراف املمضية على وثيقة الصلح ،فال يستفيد منه الشركاء يف اقرتاف
املخالفة وقد أقرت حمكمة التعقيب أن الصلح اجملري يف اجلرائم املالية ال ينتفع به إال املتهم الذي
أجراه مع اإلدارة القائمة ابلتتبعات وال يشمل غريه من األشخاص املتهمني معه يف القضية والذين مل
يتصاحلوا مع اإلدارة.70
مبعىن ذلك أن الصلح هو عقد ال تتعدى أاثره إال أطرافه عمال أبحكام الفصل 240م إ ع
وقد تنتهي املرحلة الصلحية أما إبمضاء حمضر صلح بني املطالب ابألداء ومصاحل اجلباية أو بعدم
التوصل إىل الصلح.
ويف كل احلاالت يتوىل القاضي املقرر حمضر اجللسة يتضمن ما درا فيها من حوار وما وقع
اختاذه من مواقف مبضيه مبعية الطرفني 71وقرر ختم احملاولة الصلحية ابلفشل إذا تعذر الوصول إىل
اتفاق بينهما ،أما إن تراضى الطرفان على حل صلحي فإن القاضي املقرر ينص على ذلك مبحضر
اجللسة ويضبط هلما أجال لتجسيم ما اتفق عليه بتوقيع حمضر صلح 72دون أن يتم هذا التوقيع يف
هناية اجللسة الصلحية عند تصريح الطرفني ابملوافقة وسواء ختمه احملاولة الصلحية ابلفشل أو ابلتواصل
إىل اتفاق بني الطرفني فإن القاضي املقرر حيرر تقريرا مفصال يف أعماله والنتائج اليت توصل إليها
وحيوله إىل رئيس احملكمة وتنتقل هبا القضية إىل الطور احلكمي.
قرار تعقيبي جزائي عدد 3373مؤرخ في 26جوان 1965ملحق نشرية م ت لعام 1970ص 79 70
36
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
كما جتدر اإلشارة أنه يف صورة اإلخالل بتعهدات املتفق عليها يف تنفيذ عقد الصلح من قبل
املخالف فإن فقه القضاء اعتربوا وثيقة الصلح ذلك مل يتم تنفيذها كالعدم وتستأنف التتبعات بصورة
آلية دون انتظار قيام اإلدارة بدعوى الفسخ.73
يتمثل تدخل القاضي يف هذا املستوى ،مبراقبته لصحة إجراءات االستدعاء واحلضور (أ)
وكذلك مراقبة صحة إجراءات اإلطالع والتبادل (ب)
يعد حق أو واجب اإلعالم من بني أهم الضماانت املكرسة حلقوق الدفاع ومبدأ املواجهة،
ويقتضي هذا الواجب ،حق كل طرف يف أن يكون على علم بكل إجراء يتخذ يف شأنه حىت ال
يفاجئ ويتمكن من إثبات العكس ،وحيمل هذا الواجب أساسا على أطراف النزاع حبكم موقعهما
يف الدعوى غري أن القاضي يتدخل يف هذا الشأن ،ملراقبة مدى صحة إجراءات االستدعاء وهو غري
حممول مبدئيا على القيام ابالستدعاء بدال عن الطرف املعين هبذا الواجب إال أنه أثناء اجللسة ميارس
رقابته على صحتها والتثبت من مدى حصول اإلعالم للطرف املدعى عليه كما أن اإلخالل هبذا
اإلجراء يرتتب عنه نتائج وأاثر هامة خاصة على املطالب ابلضريبة.74
كما أن فقه القضاء أكد على أمهية إجراءات االستدعاء واحلضور واحرتام اآلجال واعتربها
من قبل اإلجراءات اليت هتم النظام العام ،واليت تفرض على كل األطراف احرتامها وإن عدم احرتامها
يؤدي إىل احلكم بعدم شرعية قرار اإلدارة .75
البشير األحمر "الصلح في الجرائم القمرقية "م ق ت عدد 7جويلية 1992ص 7 73
عبد هللا الهاللي الجباية والقضاء العدلي ،مجلة التشريع مارس 2002كذلك يراجع كتاب عبد هللا الهاللي مرجع سابق. 74
قرار تعقيبي قضية عدد 31596مؤرخ في 3مارس ، 1997منشور فقه قضاء المحكمة اإلدارية ،مركز البحوث والدراسات اإلدارية 2000 75
37
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
وابلرجوع إىل أحكام جملة م م ت وردت العديد من الفصول اليت تنظم سلطات القاضي يف
إطار رقابته ملدى صحة إجراءات االستدعاء حيث جاء ابلفصل 76منها انصا على " تقع املناداة يف
القضية يوم اجللسة املعينة هلا وتتوىل احملكمة التحقق من احلضور وصفاهتم واستيفاء اإلجراءات
القانونية " حيث يتوىل القاضي إعمال رقابته على احرتام تلك اإلجراءات وترتب جزاء البطالن على
اإلخالل هبا ويتعلق األمر ابإلعالم حيث جيب على القائم ابلدعوى سواء يف الطور االبتدائي أو
اإلستئنايف أو التعقييب تبليغ أو إعالم نظريه بعريضة الدعوى وإذا ثبت للقاضي عند رقابته ملدى احرتام
هذا اإلجراء أنه مت اإلخالل به فيكون البطالن وجواب.
ويبلغ اإلستدعاء بواسطة رسالة مضمونة الوصول أو بواسطة عدل منفذ 76أو بواسطة
حاملي بطاقات اجلرب أو أعوان اإلدارة وال يشرتط شكل معني لالستدعاء ولكن ال بد أن يتضمن
اإلرشادات الكافية كتاريخ احلضور يوما وساعة واملوضوع أي على البياانت الواجب وجودها ضمن
االستدعاء وإال كان ابطال.
كما ميكن للقاضي تسليط رقابته على مدى احرتام احلضور والتحقق منه حيث ال ميكن أن
يقل ميعاد احلضور عن اجللسة املعينة للقضية يف الوقت والتاريخ املخصص هلا (من اتريخ تبليغ نظريا
من عريضة الدعوى)
حيث ميكن متابعة سري الدعوى من طرف املعين ابألمر أو من وكل له الغرض طبقا للقانون.
وهنا جتدر اإلشارة أنه يف صورة نقص أو خطأ أو عدم احرتام هذه اإلجراءات اليت وقع ذكرها
فإن القاضي يقرر ببطالن الدعوى.
فالقاضي اجلبائي مطالب بتفعيل آليات الرقابة اليت حولته إايها جملة ح ا ج وبسط رقابته
على كافة وحممل معطيات النزاع اجلبائي سواء كانت من الناحية األصلية واإلجرائية 77حيث أن
بسط رقابته على إجراءات تسري الدعوى أو النزاع اجلبائي قد يوفر للمطالب ابلضريبة الضماانت
76الفصل 5من م م م ت كل استدعاء أو اعالم بحكم أو تنفيذ يكون بواسطة عدل منفذ ما لم ينص القانون على خالف ذلك +الفصل 58من م ح
إ ج يمكن كذلك مراجعة الفصل 55من م ح إ ج "ترفع الدعوى ضد المصالح الجبائية لدى المحكمة اإلبتدائية التي توجد بدائرتها المصلحة الجبائية
المتعهدة بالملف من أجل 60يوما من تاريخ قرار التوظيف اإلجباري لألداء وذلك بواسطة عريضة كتابية يحررها المطالب باألداء أو من يوكله
للغرض طبقا للقانون تتضمن البيانات المنصوص عليها م م م ت تبليغ نظيرا مصحوبا بالمؤيدات لمصلحة الجباية.
77سليم كمون" :قاضي الجباية ومراجعة المحاسبة" ،مجلة القضاء والتشريع اكتوبر 2006
38
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
الضرورية واألساسية اليت من شأهنا أن حتميه ضد كل تعسف حمتمل من إدارة اجلباية 78حيث متتد
رقابته إىل املرحلة التحضريية قبل التوجه إىل مرحلة املرافعة واحلكم
هنا حياول القاضي اجلبائي أن حيد من هيمنة اإلدارة كطرف قوى يف النزاع اجلبائي
حىت يستطيع ترجيح الكفة بني طرفني غري متساويني يف القوى اإلثباتية حيث خيضع هذا التدخل
من القاضي اجلبائي يف مراقبة سري املرحلة التحضريية اليت ترجع إىل املبادئ الواردة يف جملة م .م.
ت مبعىن يقوم األطراف خالل جلسات املرحلة التحضريية تبادل التقارير واملؤيدات وأوجه
الدفاع 79بينهما إذ يتمتع كل طرف حبق الرد على ما قدمه الطرف اآلخر من ملحوظات وأساليب
وطلبات وذلك صلب مذكرات كتابية تقع إضافتها مللف القضية حيث يقوم القاضي ابلدور
الرقايب ضمن هذه اإلجراءات وتوجيهها كما ال ميكن ملصاحل اجلباية لتدعيم موقفها أن تدرج ضمن
ملف القضية واثئق حتتوي على معلومات دقيقة تتعلق أبشخاص غري أطراف يف القضية ابعتبار أن
يف ذلك خرق لواجب احملافظة على السر املهين اجلبائي ومس من حرمة األشخاص الذين تتعلق
هبم تلك املعلومات.
كما يتوىل القاضي اإلذن إبمتام األعمال اليت يراها الزمة إلانرة سبيله وهتيئة القضية للفصل
وتتمثل خاصة يف اإلختبار والتوجه على عني املكان وتلتجئ احملكمة وجواب لإلختبار إذ كان موضوع
النزاع مثال تقدير قيمة العقارات واحلقوق العقارية واألصول التجارية يف مادة معلوم التسجيل أو
الضريبة على الدخل بعنوان القيمة الزائدة العقارية 80حيث يودع اخلرباء التقارير لدى كتابة احملكمة
ويسلمونه مباشرة مقابل وصل تسليم أو بواسطة العدول املنفذين نسخا منها ملصاحل اجلباية واملطالب
ابألداء يف أجل ال يقل عن 15يوما من اتريخ التسليم إلبداء مالحظاهتم وإحرازاهتم واعرتاضاهتم بشأن
تقارير االختبار 81أو إذا كان موضوع النزاع إدخال تعديالت تستوجب إعادة احتساب املبالغ املوظفة
أحمد الجندوبي وحسين بن سليمة ،أحوال المرافعات المدنية والتجارية تونس 2001 79
أضيف إلى الفصل 62من م ح إ ج طبقا للقانون عدد 71سنة 2009المؤرخ في 2009/12/21يتعلق بقانون المالية لسنة 2009 81
39
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
أو القابلة لالسرتجاع يف هذه احلالة ميكن للقاضي االستعانة مبصاحل اجلباية إبعادة عملية االحتساب
82
أو تعيني خبري هلذا الغرض بناءا على طلب املطالب ابألداء
أما فيما خيص التوجه على عني املكان فإن القاضي املقرر قد يضطر لالنتقال على عني
املكان للتثبت من بعض املعلومات اليت يتمسك هبا اخلصوم أثناء نشر القضية كأن تعتمد إدارة اجلباية
لتحديد أساس الضريبة ومبلعها على بعض القرائن الواقعية فحني يطعن املطالب ابألداء يف صحة
تلك القرائن ،ففي هذه احلالة جيوز للمحكمة أن تكلف القاضي املقرر ابلتوجه على عني املكان
مبعاينة الوقائع املادية املتمسك هبا والتثبت من صحة موقف كل طرف .
وخيتم هذا الطور التحضريي أما إىل ابرام صلح أو ابستفاء تبادل امللحوظات والتقارير وإحالة
القضية إىل املرافعة واحلكم حيث متتد سلطته إىل نقض وتعديل القرارات.
إن قاضي اجلباية الذي يعهد إليه ابلبت يف النزاع اجلبائي مدعو إىل التعامل بشكل حمايد
أثناء مرحلة املرافعة واحلكم حيث ميكن للقاضي يف هذه املرحلة أن يتمتع بسلطات نقض وتعديل
83
القرارات حيث يلعب دورا أساسيا وجوهراي يف هذه املرحلة
وتكون اجللسات خالل هذه املرحلة علنية مثل خمتلف النزاعات املنشورة أمام احملاكم العدلية
إال أنه ميكن للمطالب ابألداء ومن ميثله طلب عقد جلسات املرافعة بصفة سرية 84وميكن للمحكمة
أن تستجيب هلذا الطلب إذا كان معلال ووجيها فتقرر سرية اجللسات.
ميكن للمطالب ابألداء متابعة سري الدعوى بنفسه أثناء هذه املرحلة كما ميكنه أن يوكل عنه
أحد األشخاص للقيام بذلك عوضا عنه وميكن أن يكون هذا الشخص املمثل القانوين ابلنسبة إىل
الذوات املعنوية أو حمامي وهو اختياري أو مستشار جبائي أو أي شخص آخر حيمل توكيال أما
ابلنسبة ملصاحل اجلباية تتابع سري الدعوى بواسطة أعواهنا الذين ميثلوهنا أمام القضاء بدون توكيل
85
خاص
الفصل 66م ح إ ج 82
40
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
وطبقا ألحكام الفصل 64من م ح إ ج ":ال ميكن للمحكمة اعتماد طرق اإلثبات الواردة
ابلفصل 427من م إ ع يف إثبات إدعاءات األطراف املتعلقة ابلقضية " أي أنه ال جيوز للمحكمة أن
تؤسس حكمها على شهادة الشهود أو اليمني وابلتايل فإن وسائل اإلثبات املقبولة يف املادة اجلبائية
86
جيب أن تكون قانونية وهي اإلقرار والكتب والقرائن القانونية والفعلية فقط.
وبعد اإلنتهاء من املرافعة تدخل القضية مرحلة املفاوضة والتصريح ابحلكم مبعىن التشاور
والتبادل الرأي والنقاش القانوين يف احلكم الواجب إصداره يف القضية حيث تكون هذه املفاوضة سرية
أي أنه ال حيضرها غري القضاة الذمي سبق هلم حضور جلسة املرافعة إذ ال ميكن لغريهم أن حيضرها
وإال كان احلكم ابطال لعيب يف اإلجراءات إذ تتخذ األحكام الصادرة يف دعاوي اإلعرتاض على قرارا
التوظيف اإلجباري لألداء عدة أشكال حيث ميكن للقاضي املقرر نقض وتعديل القرار.
نقض قرار التوظيف اإلجباري لألداء إذا ما ثبت عدم احرتام اإلدارة لإلجراءات •
األساسية املتعلقة بضماانت املطالب ابألداء خالل عملية املراجعة اجلبائية (اإلعالم ابملراجعة ،املدة
املكان ،تبليغ النتائج ) 87أو عدم احرتامها لشروط إصدار ذلك القرار (حاالت إصدار القرار
السلطة املؤهلة إلصداره ،التنصيصات الوجوبية للقرار )..
نقض قرار التوظيف اإلجباري لألداء إذ ما تبني خمالفته للقانون سقوط الضرائب •
واألداءات املضمنة به مبرور الزمن التأويل اخلاطئ للقانون من طرف اإلدارة ،عدم صحة الوقائع
املستند عليها من طرف اإلدارة.
تعديل قرار التوظيف اإلجباري لألداء ابلتخفيض يف املبالغ املضمنة هبذا توصل •
املطالب ابألداء إىل إثبات الشطط يف تلك املبالغ أو إذ طلبت اإلدارة ذلك أو الرتفيع يف تلك املبالغ
إذ طلبت اإلدارة ذلك وأثبتت وجهة الرتفيع من الناحيتني الوقاية والقانونية.
قرار التوظيف اإلجباري لألداء إذا كانت وجيهة ومل يتوفر وجود نقضه وتعديله جتدر •
اإلشارة إىل أنه أذا كان قرار التوظيف اإلجباري لألداء مشتمل على عدة سنوات أو عدة ضرائب أو
أداءات فإنه جيوز للقاضي املقرر أن حيكم بنقضه يف البعض وتعديله أو إقراره يف البعض اآلخر مثال
عياض بن عاشور" :القضاء اإلداري وفقه المرافعات اإلدارية" ،تونس مركز النشر الجامعي 1998 86
فاتن السبعي :دور القاضي العدلي في المادة الجبائية ،أكتوبر 2005مجلة القضاء والتشريع 87
41
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
نقض يف خصوص سنة معينة بسقوط الضرائب املتعلقة هبا مبرور الزمن وإقراره يف بقية السنوات أو
النقض يف خصوص األداء على القيمة املضافة والتعديل يف خصوص الضريبة على الشركات.88
ومهما يكن احلكم الصادر يف القضية فإن الطرف الذي صدر يف منفعته له احلق يف أخذ
نسخة واحدة منه تسدي النسخة التنفيذية يسلمها كاتب احملكمة الصادر منها حلكم ممضاه منه
وخمتوم عليها بطابع احملكمة والنسخة التنفيذية هي اليت يتم اعتمادها يف اإلعالم ابحلكم للطرف
املقابل هذا اإلعالم الذي يبتدئ من اتريخ سراين أجل الطعن فيه ابالستئناف.89
وابعتبار أن األحكام الصادرة عن احملكمة اإلبتدائية يف املادة اجلبائية بصفة حمددة االعرتاض
على قرار التوظيف اإلجباري لألداء هي األحكام غري ابتة بل تبقى قابلة للطعن ابالستئناف
90
وابلتعقيب أمام احملكمة اإلدارية ويبقى الطعن من بني أحد الضماانت املمنوحة للمطالب لألداء
عموما فقد مكن املشرع القاضي اجلبائي من إعمال رقابته من خالل إجراءات استقصائية
92
91حيث تفتح للقاضي جماال واسعا للتعامل مع وسائل اإلثبات تعامال كشفيا استقصائيا تفتيشيا
كالذي يتوخاه القاضي اجلزائي 93ومتكنه من االضطالع بدور فعال وإجيايب يف فحص األسس املتبعة
والقرائن القانونية والفعلية اليت استندت هلا اإلدارة لتوظيف األداء 94يف إطار سلطته التقديرية يف إدارة
النزاع اجلبائي املطروح أمامه كما جتدر اإلشارة إىل أن القاضي اجلبائي له دور هام وفعال يف إدارة
اإلثبات وحتريكه يف إطار القضية اجلائية املعروضة أمامه وإقامته بني الطرفني.
88نبيل بوك علي :مستشار المصالح العمومية "اجراءات ونزاعات االستخالص الديون العمومية المثقلة " 2012وزارة المالية" محاضرة عامة
داخلية ألمانة المال بالمنستير 2012
89عياض بن عاشور (مرجع سابق)
90سليم كمون " في تدعيم دور القضاء في النزاعات الجبائية تدعيم لضمانات الخاضع لألداء" محاضرة القيت بملتقى حول مجلة الحقوق
واإلجراءات الجبائية" نظمه المعهد األعلى للقضاء ومحكمة االستئناف بصفاقس 9فيفري 2001
91الصغير الزكراوي ضمانات المطالب باألداء ص 109مرجع سابق
92يراجع مقال منصف المرعوي "القضاء والجباية" اكتوبر 2005مجلة القضالء والتشريع
93عياض بن عاشور (مرجع سابق )
94قرار تعقيبي عدد 1055المؤرخ في 1993/05/10أنه " ولئن خول الفصل 58إدارة األداءات استعمال القرائن القانونية والفعلية إلى ضبط
قاعدة األداء في صورة عدم وجود محاسبة قانونية جديرة باالعتماد فإنه ال مبرر لسلوك طريق التخمين الستنباط وافتراض قرائن وهمية ال تهت
للواقع بصلة وال بد من توخي طريقة القياس الحقيقي واالثبات المادي توقيا من االعتباط والتعسف وعدم االنصاف.
42
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
الفصل 420من م إ ع نص على أن إثبات االلتزام على القائم به ،فإن تطبيق هذه القاعدة القانونية
يف جمال املنازعات اجلبائية يزيد من اختالل الالتوازن بني املطالب ابألداء وإدارة اجلباية وهنا أييت دور
القاضي اجلبائي واجتهاده يف إعادة التوازن يف النزاع اجلبائي وذلك بدوره يف توزيع اإلثبات بني
الطرفني من خالل إدارته وإقامته أثناء تعهده ابلقضية اجلبائية املطروحة أمامه.
ومن املعلوم أن لإلثبات أمهية قانونية وعملية يف فض النزاعات مهما كانت طبيعتها مدنية أو
جتارية أو جبائية وهو األداة اليت متكن القاضي يف جمال املنازعات اجلبائية من التحقق يف الوقائع
القانونية ذلك أن احلق إن مل يكن مقروان بتقدمي دليل يثبت وجوده فإنه يبقى جمرد إدعاء وهبذا يعد
اإلثبات من أهم مراحل التقاضي يف حل النزاعات اجلبائية إذ أنه يعتمد على إقامة الدليل أو تقدميه
ويقصد بعبارة " إقامة الدليل" هو تقدميه إىل من يراد أقناعه.
إال أن اإلثبات الذي يهمنا هنا هو اإلثبات القضائي الذي جيب أن يكون ابلطرق اليت
حيددها القانون واليت متكن القاضي املقرر من الوصول إىل احلقيقة فيما يعرض عليه من منازعات
حىت يستطيع بذلك أن حيقق العدالة فوزن األدلة يف اإلثبات مرتوك لسطلة القاضي التقديرية.
فتنظيم اإلثبات من قبل القاضي من شأنه أن حيسم املنازعات بني املتخاصمني وأن يدحض
اإلدعاءات الكاذبة والكيدية ويوفر أسباب االستقرار على سري الدعوى أو القضية ،كما ال جيوز
للقاضي أن حيكم بعلمه الشخصي وإمنا بناءا على البياانت املقدمة يف الدعوى حمل النظر واملتعلقة هبا
ومنتجة يف اإلثبات وجائر قبوهلا.
وميكن تقسيم طرق اإلثبات إىل طرق ملزمة للقاضي وهي اليت حددها القانون 95أي حدد
96
حجيتها ومل يرتكها لتقدير القاضي وطرق غري ملزمة للقاضي فهي القرائن القضائية واملعاينة واخلربة
ألهنا ختضع لتقدير القاضي وال رقابة عليه يف ذلك.
ونظرا لدور القاضي اجلبائي اإلجيايب يف هذه املرحلة يف توجيه الدعوى فله سلطة واسعة يف
97
تقدير وسائل اإلثبات املقدمة ومدى قوهتا إبستثناء اليمني وشهادة الشهود.
43
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
وابلنظر إىل هذا الدور اإلجيايب الذي يقوم به القاضي يف حتريك اإلثبات وإقامته مع متيزه
بسلطة االجتهاد فهو مطالب بدراسة احلجج املقدمة إليه من حيث حجيتها القانونية كدراسة مدى
إثباهتا للوقائع املتنازع يف شأهنا من عدمه وترجيح إحداها عن األخرى ،فهناك قرارات تدل أن
القاضي اجلبائي جيتهد حماوال التصدي ملمارسات تعسف اإلدارة يف استعمال الوسائل واالمتيازات اليت
تتمتع هبا يف مسألة اإلثبات مثال عن ذلك قرار احملكمة اإلدارية الصادر يف 13نوفمرب 982000والذي
أقر فيه القاضي ضرورة تعليل رفض احملاسبة من قبل اإلدارة 99حيث جاء فيها "وحيث جتدر اإلشارة
إىل أنه استنادا إىل أن رفض احملاسبة كان غري معلل بصورة واضحة فإن الرجوع إىل االستقصاءات
والقرائن والكشوف البنكية ،يصبح يف ضوء ذلك حمل شك مريب فضال على أن اإلدارة اعتمدت
حسابية الشركة عند ضبطها ابألداء على القيمة وهو ما يدل أهنما أقرت ضمنيا سالمتها من حيث
احملتوى وقد كان عليها تبعا لذلك اعتمادها يف جممل التوظيف وهو ما جيعل قرار اللجنة مشواب خبرق
100
الفصل 12من جملة الضريبة".
مال يالحظ هنا أنه مثل هذا املوقف من قبل اجتهاد القاضي يف تقديره للقوة اإلثباتية املدىل هبا
من شأنه أن ينصف املطالب ابألداء يف مسألة اإلثبات وحيد من اختالل التوازن بني الطرفني على
مستوى وسائل اإلثبات فقد أكدت احملكمة اإلدارية يف عديد قراراهتا "على أن قاضي األصل يتمتع
بسلطة تقديرية يف اختيار إجراءات التحقيق اليت يراه ضرورية الفصل يف القضية وهو سلطة خترج عن
101
رقابة قاضي التعقيب"
ما أكدت احملكمة اإلدارية يف قرارات عديدة أخرى 102على أن السلطة التقديرية الواسعة
املخولة لقضاة األصل يف مادة اإلثبات مشروطة حبسن التعليل جاعلة من مطعن ضعف التعليل اباب
103
مينحها حق مراقبة تطبيق القاضي اجلبائي للقانون
98أصدرت المحكمة اإلدارية في هذا التاريخ 13نوفمبر قرارات أيدت فيها رفض المحاسبة وكان موقفها غير واضح وغامض في عباراته
قرار المحكمة اإلدارية عدد 334صادر في 22مارس 1984
99رفض المحاسبة هي سلطة مخولة لإلدارة لم يضبط المشرع حالتها ولم يبين إمكانية الجمع بين المحاسة والقرائن القانونية لذلك فهذه المسألة
تعتبر مجاال للقاضي الجبائي ليبسط رقابته واجتهاده حسب قواعد العدل واإلنصاف.
100قرار المحكمة اإلدارية عدد 32434صادر في 13نوفمبر ( 2000غير منشور) مأخوذ من مذكرة وفاء الجمل مرجع سابق
101قرار المحكمة اإلدارية عدد 31892الصادر في 2001/04/10شركة األشغال الكبرى مغيث (غير منشور)
102قرار المحكمة اإلدارية عدد 32134الصادر في 2001/02/5رفيق الزواري (غير منشور)
103سفيان البرجي "معضلة اإلثبات في نزاعات التوظيف اإلجباري" ملتقى القاضي الجبائي 04/03جانفي 2002الجمعية التونسية للقانون
الجبائي.
44
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
عموما فإن دور القاضي اجلبائي يف توجيه الدعوى وتوزيع اإلثبات بني طريف النزاع ليس دورا
سلبيا بل هو دور إجيايب وفعال فمن ادعى شيئا خيالف الوضع اجلبائي الثابت أصال أو عرضا يكون
هو املدعي الذي عليه اإلثبات ال فرق يف ذلك بني املطالب ابألداء وإدارة اجلباية ،فهما سواء أمام
رقابة القاضي لإلثبات هكذا يتبني أن نظام اإلثبات هو جزء من العملية اجلبائية يف إطار النزاع
اجلبائي سواء تعلق بقواعد توزيعية وحتديد اجلهة اليت تتحمل عبئه أو تعلق بوسائله اخلاصة أو العامة
.104
وابلرغم من أن املشرع مل خيص بعد نظام اإلثبات اجلبائي بنصوص قانونية مستقلة تتعرض
ألهم جوانبه ،فإن القضاء مدعو ألن يستنبط قواعد هذا النظام يف خمتلف النصوص اجلبائية ومن
طبيعة العملية اجلبائية وخصوصية املعاملة بني املطالب ابألداء وإدارة اجلباية.
إال أنه ورغم هذا الدور اإلجيايب يف اجتهاد القاضي وبسط رقابته يف خمتلف إجراءات القضية
اجلبائية املعروضة أمامه ومع التمعن يف خمتلف مقتضيات جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية نتبني أن
الضمانة اليت يوفرها القاضي اجلبائي للمطالب ابألداء وأن الدور اإلجيايب للقاضي يف إطار إعادة
التوازن بني الطرفني على مستوى وسائل اإلثبات بقي نسبيا يف إطار الضماانت اليت يقرها للمطالب
ابألداء ضد تعسف إدارة اجلباية وإقامة التوازن بينهما يف النزاع اجلبائي.
104يراجع كمال العياري (اإلثبات ص )194مرجع سابق الذكر /كذلك يراجع سفيان البرجي (سابق الذكر)
105عبد هللا الهاللي "الجباية والقضاء العدلي" ع ق ت مارس 2002تطور حق التقاضي الجبائي منذ اإلستقالل م ق ت ،جويلية 2007كذلك
يراجع الصغير الزكراوي مرجع سابق .
45
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
والعناية بتوفري الشروط الكفيلة بضمان حماكمة جبائية عادلة 106حىت يتمكن من إرساء التوازن بني
طرفني غري متساويني يف القوى إال أنه ولألسف قد جيد القاضي عديد الصعوابت حىت يتمكن من
إرساء منظومة متوازنة حالل احملاكمة اجلبائية ،حيث أن الضماانت اليت يوفرها القاضي اجلبائي
للمطالب ابلضريبة يف إطار احملاكمة اجلبائية وعند سعيه إىل ضمان حقوق الدفاع حمدودة وذلك
حلجدود سلطات القاضي اجلبائي على املستوى التشريعي (فقرة أوىل) وعلى مستوى احلدود الذاتية
لسلطات القاضي اجلبائي (فقرة اثنية)
إال أن العمل القضائي قد يعرتضه عديد العوائق والصعوابت اليت حتد من أمهيته حيث جند
هذه الصعوابت أتثر بشكل كبري يف احلد من تطور مسار عمل القضاء اجلبائي وإعاقة القدرة على
اإلجتهاد وسد ثغرات املادة اجلبائية ودعم ضماانت املطالب ابألداء من هذه الصعوابت تلك احلدود
املرتبطة بدور املشرع يف املادة اجلبائية حيث أنه مل يساعد كثريا يف دعم العمل القضائي يف املادة
اجلبائية.
ومن املعلوم أن التشريع يف املادة اجلبائية يلعب دورا حموراي يف تطوير العمل القضائي ومحاية
املطالب ابلضريبة من أي شطط تقوم به اإلدارة يف حقه ،وكذلك مسايرة اإلجتهاد القضائي وتعديل
النصوص القانونية وفقهيه إال أنه ساهم إىل حد ليس ابليسري يف احلد من تطور اإلجتهاد القضائي.
إذ عمل املشرع على تبين مواقف اإلدارة وأقرب إجتهادت قضائية كانت تساهم يف محاية
املطالب ابلضريبة.
وميكن أن نتبني ذلك من خالل أحكام الفصل 66من م ح إ ح الذي نص على أنه يف
صورة إدخال تعديالت تستوجب إعادة إحتساب املبالغ املوظفة أو القابلة لالسرتجاع ميكن
قرار المحكمة اإلدارية عدد 35667صادر في 30جانفي 2006ملحق عدد 8ص 161 106
46
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
للمحكمة اإلستعانة مبصاحل اجلباية إلعادة عملية اإلحتساب أو تعيني خبري هلذا الغرض بناءا على
طلب من املطالب ابألداء.
إذ يفرتض يف إطار احملاكمة العادلة اليت سيفصل فيها القاضي بكل حياد واستقاللية دون
اإللتجاء إىل أحد أطراف النزاع كي حيدد له حمتواه إال أنه ابلرجوع إىل الفصل 66املذكور أعاله نتبني
أن إدارة اجلباية ستدخل لتحديد مضمون احلكم وحمتواه وذلك من خالل عملية اإلحتساب اليت
ستقوم هبا واليت سيستند على نتائجها القاضي املقرر يف القضية اجلبائية.
ونظرا إىل خربة القاضي اجلبائي احلديثة العهد بتقنيات املادة اجلبائية فإنه يسكتفي يف أحكامه
إبقرار نتيجة إعادة اإلحتساب اليت توصلت إليها إدارة اجلباية ،هنا كان جيدر ابملشرع يف هذه احلالة
أن يعمم إمكانية اللجوء إىل خبري إلجراء عملية إعادة اإلحتساب عوضا أن يربط هذه اإلمكانية
بطلب من املطالب ابلضريبة املسبق.
مث إنه يف إسناد املشرع اإلختصاص للمحكمة اإلدارية لنظر تعقيبيا يف النزاعات اجلبائية من
شأنه أن ميس من حق املطالب ابلضريبة من التمتع مبحاكمة عادلة وحد لضماانت قد كان يتمتع هبا
حتت إشراف قاض حمايد ألن العديد يعتقدون أن احملكمة اإلدارية تعترب حمكمة اإلدارة وقد يشكك
هذا يف مدى حياد هيآهتا اليت قد تكون متعاطفة مع إدارة اجلباية خاصة يف هذا الطور من النزاع
فكان من املقرتض هنا ابملشرع أن يسند إختصاص النظر تعقيبا يف نزاعات اجلباية ايل حمكمة التعقيب
للقاضي العديل فقد تكون حال لتدعيم ضماانت املطالب ابلضريبة وسيضع حدا لتشتت النزاع
اجلبائي بني جهازين قضائيني خمتلفني.
وقد أسند املشرع إختصاص النظر تعقيبا يف النزاع اجلبائي للقاضي اإلداري والذي شهد عدة
تطورات تشريعية فمن الفصل 11و 17من القانون 40لسنة 1972إىل الفصل 21جديد اثلثا 108من
نفس القانون كما نقح ابلقانون األساسي عدد 77لسنة 2001واملؤرخ يف 24جوان ،2001مرورا
ابلفصل 11جديد من نفس القانون والذي نقح ابلقانون األساسي عدد 39لسنة 1996املؤرخ يف 3
108الفصل 21جديد من قانون المحكمة اإلدارية :تنظر الجلسة العامة تعقيبا في الطعون الموجهة ضد األحكام النهائية المشار إليها بهذا القانون
والتي تقضي بتوحيد اآلراء القانونية بين الدوائر التعقيبية أو التي تخوض في مسائل قانونية جوهرية وكذلك في العور المشار إليه بالفصل 75من
هذا القانون"
47
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
فقد تضمن الفصل 17قدمي اختصاص اجللسة العامة للمحكمة اإلدارية ابلنظر يف الطعن
ابلتعقيب املشار إليه ابلفصل 11قدمي من قانون هذه احملكمة الذي اقتضى ما يلي " تنظر احملكمة
اإلدارية تعقيبا يف الطعن املوجه ضد األحكام الصادرة عن احملاكم العدلية بتوظيف واستخالص
األداءات احمللية والطعن ضد القرارات الصادرة يف استخالص ما للمؤسسات ذات الصبغة الصناعية
والتجارية من الديون اليت وقع حتديدها ابلقانون" وذلك حسب الفقرة 4و 5من الفصل املذكور .
مث إن املطلع على الفصل 11قدمي يالحظ ختصيصه للجلسة العامة للمحكمة اإلدارية بنزاعي
التوظيف واإلستخالص فحسب ،إن سكوت املشرع مل مينع اجللسة العامة للمحكمة اإلدارية من إقرار
اختصاصها ابلنظر تعقيبا يف نزاع االسرتجاع قبل أن تقر صراحة أبن املشرع أسند هلا كتلة اختصاص
من املادة اجلبائية عن طريق التعقيب وهو ما يفهم منه أن التعداد الوارد هبذا الفصل ورد على سبيل
الذكر.
إال أن الفصل 11جديد فصل إبحداثه دوائر تعقيبية بني هذه األخرية ابلنظر يف اجللسة العامة
القضائية فكان أن ترتب عن ذلك سحب الوالية املبدئية ابلنظر يف املادة اجلبائية عن اجللسة العامة
القضائية ليقع إسنادها إىل الدوائر التعقيبية يف حني انفردت اجللسة العامة القضائية بوالية مسندة فقد
أضاف املشرع الفصل 21اثلثا والذي أسند مبقتضاه للدوائر التعقيبية للمحكمة اإلدارية اختصاصا
مبدئيا ابلنظر يف الطعون ابلتعقيب مبا يف ذلك الطعون ابلتعقيب يف املادة اجلبائية.
ويعود سبب إحداث الدوائر التعقيبية إىل احلرص على ضمان سري أفضل للقضاء اإلداري على
مستوى الطور التعقييب ،خاصة وأن اجللسة العامة القضائية تشكو بطئا ملحوظا يف الفصل يف
الطعون التعقيبية يف املادة اجلبائية هذا ابإلضافة إىل املخزون اهلائل من امللفات القضائية اليت مازالت
تنتظر دورها لتعرض على اجللسة العامة القضائية وابلتايل فإن إحداث هذه الدوائر من شأنه أن
يضمن حسن سري القضاء يف هذا الطور من التقاضي الشيء الذي يرتتب عنه إختصار آلجال
التقاضي.
رغم أن املشرع وضع ضماانت لفائدة املطالب ابألداء حلماية حقوقه وذلك من خالل توزيع
اإلختصاص بني القضاء العديل والقضاء اإلداري ورغم وجاهة تعهد القاضي ابلنظر يف هذا النزاع إال
أن توزيع اإلختصاص حيتاج إىل إعادة النظر ابعتباره غري منطقي ويتجلى ذلك من خالل الدور
48
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
احملدود للقضاء العديل حيث يبقى قرار احملاكم العدلية يف النهاية خاضعا لرقابة احملكمة اإلدارية اليت
ختتص ابلنظر يف التعقيب وتبقى احملاكم العدلية حمكمة موضوع ال حمكمة قانون ،ولو أن هذا يف حد
ذاته ال يعين أن ما ترك للمحاكم العدلية يف املادة اجلبائية هو أقل أمهية فهذه احملكمة هي اليت تعد
امللف وهي اليت تفصل مبفردها يف املساءل املوضوعية ليس منعدما بل هو مهم إىل حد كبري ولكن
العيب قد يكون يف اإلزدواجية والتشتت الذي حيرم كال من القضاء العديل والقضاء اإلداري من أداء
دور كامل من النزاع ويف عدم وجود إتصال مستمر من النظامني القضائيني مما قد يتسبب يف
خالفات عديدة حول املسائل القانونية اليت تطيل النزاع الذي اعتربت سرعة فصله مسألة
متأكدة.109
وتبعا لذلك يكون من شأن تكريس اإلزدواجية القضائية يف النزاع اجلبائي بروز مظاهر تعارض
يف اآلراء واملواقف قد تصل إىل غاية قيام تضارب يف فقه القضاء ابعتبار أن احملاكم العدلية ابلرغم من
خضوعها الوظيفي للمحكمة اإلدارية يف هذا الصنف من النزاعات فإهنا تعترب نفسها مقيدة بفقه
القضاء الصادر عن اجللسة العامة لتلك احملكمة ،ومرد ذلك ارتباطها العفوي مبحكمة التعقيب مما
110
يدعو القول أبن فقه القضاء اجلبائي قد ال يرقى إىل لعب الدور الرئيسي الذي أوكل إليه
ويف هذا الصدد اعترب االستاذ توفيق بوعشبة أن منح املطالب ابألداء حق اللجوء إىل القضاء
العديل حيتاج إىل إعادة نظر ابعتبار أن يف هناية املطاف يعود احلكم النهائي إىل احملكمة اإلدارية
ولذلك اقرتح ألن يتم ترك اختصاص التعقيب إىل حمكمة التعقيب ألهنا تتوفر على قضاة يتمتعون
ابخلربة الكافية يف جمال النزاعات اجلبائية.111
إن إمكانية توحيد فقه القضاء يف املادة اجلبائية يبقى أمرا يصعب حتقيقه ويرجع ذلك إىل النظام
القضائي التونسي الذي مل يتعمد تقسيما واضحا يف اإلختصاص بني جهازي القضاء وذلك على
غرار املشرع الفرنسي الذي جيعل من القضاء العديل جبميع أطواره خمتص للنظر يف النزاعات املتعلقة
109عبد هللا الهاللي :الجباية والقضاء العدلي ،مجلة القضاء والتشريع مارس 2002ص 20
110المحسن الجباهي :الجديد في ميدان المراقبة ونزاع التوظيف بأداءات الدولة مذكرة إلحراز على شهادة الدراسات المعمقة في القانون العام
كلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة 2002/2001ص 173-172
111توفيق بوعشبة المواطن والجباية ص 7
49
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
ابلضرائب غري املباشرة ومعاليم التسجيل ،أما القاضي اإلداري فهو خمتص ابلنظر يف النزاعات املتعلقة
ابلضرائب املباشرة يف مجيع أطوار التقاضي.112
كما أن إسناد املشرع للقاضي العديل إختصاص النظر يف مجيع القضااي املتعلقة ابملخالفات
اجلبائية اجلزائة املنصوص عليها مبجلة احلقوق واإلجراءات اجلبائية ال يشكل يف حد ذاته ضمانة كافية
للمطالب ابلضريبة من شأهنا أن تضمن له حماكمة عادلة إذ ابإلطالع على هوية السلطة اليت أملى
عليها املشرع واجب إاثرة الدعوى العمومية نتبني أن واجب القاضي العديل يف هذا اجملال سيقتصر
نوعا ما على إضفاء املشروعية على تدخل السلطة السالفة الذكر ،فبالنسبة للمخالفات اجلبائية اليت
ستستوجب عقوابت بدينة ال ميكن إاثرة الدعوى العمومية إال بعد استشارة جلنة خاصة ستثبت
خاصة من مدى توفر مجيع أركان املخالفة من مدى صحة إجراءات معاينة املخالفة ومدى مالئمة
العقوبة املقرتحة مع خطورة املخالفة املرتكبة ،إال أنه وابلنظر يف تركيبة هذه اللجنة اليت كانت الغاية
منها توفري ضمانة إضافية للمطالب ابألداء نتبني أهنا ال تستجيب ابملرة إىل مواصفات اهليئة احملايدة
ذلك أهنا تتكون من أعوان اإلدارة ولكن أمام اإلنقادات اليت طالت تركيبتها تدخل املشرع سنة
2005ليغري من تركيبتها عساها أن تتمتع بصفة احلياد إال أهنا تبقى يف تركيبتها يف أغلبها اتبعة لإلدارة
فضال عن ذلك فإن القاضي العديل سيجد نفسه مفيدا برأي هاته اللجنة اخلاصة ،حيث أن القرار
الصادر عن هذه اللجنة وبفضل تركيبتها اليت تتكون من شخصيات ذات مكانة ابرزت قد تكون له
أتثري معنوي على وكيل اجلمهورية والقاضي الطي سيشرف على احملاكمة العادلة والذي قد لن ميكنه
أن يتجاهل أو أن حيكم بعكس ما جاء ابلقرار عن تلك اهليئة والذي يعرب عن رأيها السديد.
إذ ميكن القول أن العمل القضائي الصادر يف املادة اجلبائية الزالت قليلة ،وأن إجتهاد القاضي
ال زال يف بدايته وحيتاج إىل عامل الزمن لتحقيق الرتاكم الالزم لتطوره وحلل بعض اإلشكاليات
والثغرات اليت تعرفها بعض النصوص اجلبائية.
كما أنه جيدر الذكر أن التقاضي أمام القضاء اجلبائي تساهم يف احلد من تطور اإلجتهاد
القضائي لبسط التوازن بني املطالب ابلضريبة وإدارة اجلباية أمام القضاء وذلك من خالل تعقدها،
البطء الذي مييز سري التقاضي وتشتت النزاع اجلبائي بني احملاكم العدلية واحملكمة اإلدارية ابإلضافة
ايمان عبد المقصود :المحكمة التعقيب :مذكرة لنيل شهادة الماجستير القانون العام كلية الحقوق بصفاقس 2002-2001ص 65-64 112
50
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
إىل الدور السليب للمشرع سامها يف أتثري بشكل سليب على تطور العمل القضائي واجتهاد القاضي
اجلبائي إال أ نه إىل جانب هذا النقص الذي يعرفه عمل القاضي اجلبائي هناك حدود مرتبطة ابلقاضي
ذاته.
هذا وقد أمجع الفقهاء على أن القانون اجلبائي أبنه قانون يتمتع ابإلستقاللية عن القانون املدين
ومن مث إن القواعد الواجبة التطبيق هي قواعد القانون العام وليس قواعد القانون اخلاص.113
كما أن ضعف تكوين القضاة يف املادة اجلبائية والتغريات اليت تعرفها القوانني الضريبية سنواي
جتعل القضاة غري قادرين على مسايرة التطورات والتعديالت اليت تعرفها ،حيث أن القانون اجلبائي
يتميز ابلدقة والتعقيد والتقنية مما يزيد من صعوبة القاضي يف ضبطه واستيعاب فلسفته القانونية وهو
ما ميكن أن حيرم املطالبني ابألداء من ضماانت كثرية.
مث إن اإلجتهاد يف النزاعات اجلبائية القضائية يتحتم أال حيول إهنماكه يف حياته املهنية دون
اإلستمرار يف مواكبة الفكر القانوين اجلبائي خاصة وأن األحكام اجلبائية كما ذكران ختضع للتغيري
والتجديد كل سنة يف إطار قانون املالية مما جيعل القاضي مضطرا لإلطالع على أي قانون مايل
للوقوف على مستجدات أحكام الضريبة إلدراكها واستعاهبا وفقهها وكذلك على خمتلف القوانني
ذات الصلة الوطيدة ابلقانون اجلبائي ،إضافة إىل ضرورة حتلي القاضي ابجلرأة الكافية لتحدي هيمنة
اإلدارة اجلبائية بكل جدية وفعالية ،مما يعمل على تشجيع املطالبني ابلضريبة وحيد فيهم شعلة مقاومة
Ben achour » le système de la preuve en droit fiscal tunisi en au regard de la théorie général de la preuve » 113
RTF 2005
51
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
الضريبة أو األداءات حتداي لإلدارة اجلبائية حيث سيتأكدون من أن القضاء يتوىل حتدي هذه اإلدارة
ويقف هلا ابملرصاد ،لردها وإلزامها التحلي ابملشروعية يف كل أعماهلا وهذا لن يتحقق إال بتخفيف
الشكليات يف املنازعات اجلبائية والغموض التشريعي وحسم التطور التعقييب كما ذكران يف فقرة األوىل
لدى احملاكم العدلية ،كضرورة حلماية املطالب ابلضريبة يف حقوقهم وحرايهتم وابلتايل إقرار الضماانت
املخولة هلم يف إطار املنظومة الضريبية .
مث إن حمدودية تكوين القاضي يف املادة اجلبائية جيعله ملزما يف العديد من احلاالت ابإللتجاء
إىل خبري ليفك طالسم الواثئق ذات الطبيعة احملاسبية 114خاصة وإن القاضي ملزم ابلبت فيما أحيل
إليه من القضااي ابلرغم من اإلكراهات اليت يتعرض إليها ،حيث يلتجأ خلبري لدراسة تلك احملاسبة
والتأكد من مصداقيتها من عدمها وإلانرة رأي احملكمة يف ذلك تطبيقا ملقتضيات الفصل 66من جملة
احلقوق واإلجراءات اجلبائية الذي خول للمحكمة تعيني خبري يف الغرض بناء على طلب من املطالب
ابألداء.115
لذلك فإن اخلربة يف اجملال اجلبائي تلعب دورا ابلغا ابألمهية يف العمل القضائي اجلبائي كوسيلة
حتقيق وال جيب التذرع بتعقد املادة اجلبائية وتشعبها لذلك يفرتض ابلقاضي العام ابلتقنيات اليت حتكم
املادة اجلبائية واإلملام هبا لكوهنا تدخل يف صميم القانون الذي يفرتض العلم به.
مما سبق ذكره إذا يتضح أن سلطة فصل املنازعات اجلبائية قد عرفت انسيااب من القاضي إىل
اخلبري الذي أصبح هو أيضا احلاكم الفعلي واملقرر احلقيقي يف ملفات النزاعات اجلبائية يف اجملال
احملاسيب أمام القضاء ،وحتولت اخلربة من وسيلة حتقيق كما نص على ذلك الفصل 66من م ح إ ج
إىل وسيلة إثبات قوية ويرجع ذلك إىل ضعف التكوين الذي يعاين منه القاضي جلبائي يف املادة
اجلبائية وابلتايل يتعني على القضاة بذل جمهود كبري لتجاوز هذا النقص وهذا التقصري حىت يتمكنوا
من توفري أكثر لضماانت املطالب ابألداء يف النزاع اجلبائي.
Paul Marie Gaudemant, réflexions sur les rapports du juge et du fix, mélange offert à Marcel Waline, p 99 114
« les affaires fiscales sont nombreuses, leur solution exige du juge non seulement la connaissance spécifique
approfondie d’un droit essentiellement touffu ou changement mais bien souvent aussi la maitrise des
» techniques de comptabilité
115فاتن السبعي ":دور القاضي العدلي في المادة الجبائي أكتوبر 2005مجلة القضاء والتشريع ص 486
52
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
مث إن العمل القضائي يف املادة اجلبائية الذي يعاين من هذه احلدود البالغة األمهية اليت ترتبط
أساسا بضعف تكوين القاضي اجلبائي يف املادة اجلبائية قد يؤدي إىل اهتمام القاضي ابجلانب
الشكلي على حساب املوضوع وانسياب سلطة احلسم يف الدعوى أو النزاع اجلبائي لتقرير اخلبري
خاصة يف اجملال احملاسيب.
الخاتمـــــــــــــــــــــــة
لقد مثلت اإلصالحات اليت عرفها نظام اجلباية يف تونس مع صدور جملة احلقوق واإلجراءات
اجلبائية فرصة للوقوف على قيمة الضماانت اليت اقرهتا هذه اجمللة اجلبائية لفائدة املطالب ابألداء ،يف
إقامة حوار جبائي متكافئ حيظى جبميع مقومات النجاح ويساهم يف حتقيق مالئمة مقتضيات
املردودية اجلبائية مع التوزيع العادل للعبء اجلبائي على مجيع املطالبني ابلضريبة إذ ساهم صدور هذه
اجمللة يف تفادي حالة تفرق النصوص املنظمة إلجراءات النزاع اجلبائي ابلنسبة ألهم أنواع الضرائب
واألداءات الراجعة للدولة وجتميعها يف نص تشريعي موحد.
كما سعى املشرع إىل تدعيم ضماانت املطالب ابألداء على مستوى النزاع اجلبائي (نزاع
التوظيف) من خالل ختصيص احملاكم العدلية ابلنظر إبتدائيا واستئنافيا يف هذا النزاع وتعويض الطور
53
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
الصلحي الذي كانت ختتص به جلان املوافاة إبجراءات صلح قضائي يلعب فيها القاضي املقرر دورا
حامسا الذي يبقى مدعو املزيد اإلجتهاد خاصة فيما يتعلق ابملسائل والنقاط اليت تتعرض إليها جملة
احلقوق واإلجراءات اجلبائية ،حيث يتمثل تعهيد احملاكم العدلية يف دعاوي التوظيف اليت تتعلق
ابإلعرتاض على قرارات التوظيف اإلجباري لألداء يعترب حال مناسبا يضمن حق املطالب ابألداء يف
نزاع ضرييب عادل.
كما أن اإلضافة الرئيسية اليت أدخلها املشرع ضمن جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية هو إقرار
مبدأ التقاضي على درجتني ،حيث يقع استئناف األحكام الصادرة عن احملاكم اإلبتدائية يف مطالب
اإلعرتاض على قرارات التوظيف اإلجباري للضريبة لدة حمكمة اإلستئناف الراجعة هلا ابلنظر وذلك
ابلرغم من إقراره ملبدأ إنعدام األثر اإليقايف لإلستئناف ومبا أن إستئناف األحكام اإلبتدائية الصادرة يف
الدعاوي املتعلقة ابلتوظيف اإلجباري لألداء ال يوقف تنفيذ هذه األحكام فإنه ال ميكن إرجاع املبالغ
املستخلصة يف إطار تنفيذ قرار التوظيف اإلجباري إال مبقتضى أحكام ابتة.
أما فيما خيص مطالب الطعن ابلتعقيب املوجهة على األحكام النهائية الصادرة يف نزاع
التوظيف يف هذا اإلطار ،فلقد حافظ املشرع على اختصاص احملكمة اإلدارية ابلنظر يف ذلك وأما
على مستوى اإلجراءات التنازعية املكرسة أقر املشرع إعتماد مبدئيا أحكام جملة املرافعات املدنية
والتجارية يف الطورين اإلبتدائي واالستئنايف يف حني أحال على اإلجراءات املتبعة لدى احملكمة اإلدارية
اليت يقرها قانوهنا االساسي يف الطور التعقييب كما أن القاضي اجلبائي كان قبل صدور جملة احلقوق
واإلجراءات اجلبائية يلعب دورا ضعيفا يف محاية املطالب ابلضريبة حيث كانت السمة الغالبة على
تنظيم القضاء اجلبائي هو تعدد احملاكم وتشتت اإلختصاصات وغياب مبدأ التقاضي على درجتني
وهيمنة اإلدارة على جلان التوظيف اإلجباري اليت تنظر ابتدائيا وهنائيا يف النزاعات املعروضة عليها .
حيث على إثر صدور جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية ابدر املشرع كما ذكران إىل ختصيص
احملاكم العدلية بنزاع التوظيف اجلبائي املرتبط جبميع الضرائب واألداءات اخلاضعة هلذه اجمللة ،كما
يسعي املشرع هبدف تفعيل الضماانت القضائية للمطالب ابألداء ودفع القاضي اجلبائي إىل ممارسة
دورا إجيابيا وفعال يف هذا اإلطار ،إىل تعويض الطور الصلحي الذي كان يف عهدة جلان املراضاة
54
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
إبجراءات صلح قضائي تيسر تقريبا وجهات النظر بني كل من املطالب ابلضريبة وإدارة اجلباية وقد
يقف النزاع اجلبائي ابلتايل عند الطور الصلحي أو أنه قد يتم املرور إىل املرحلة التنازعية القضائية.
كما مت التأكيد كذلك على توحيد اإلجراءات اجلبائية التنازعية وذلك صلب جملة املرافعات
املدنية والتجارية إضافة إىل األحكام اخلاصة الواردة مبجلة احلقوق واإلجراءات اجلبائية ،حيث تتميز
هذه اإلجراءات أساسا بطابعها اإلستقصائي نظرا للدور الفعال الذي يلعبه القاضي املقرر يف القيام
ابملساعي الصلحية وتوجيه الدعوى لفصل النزاع كما تتميز هذه اإلجراءات كذلك بطابعها الكتايب
وبعلنية اجللسات ومن أهم الضماانت القضائية اليت أدخلتها جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية على
نزاع التوظيف اجلبائي هو إقرار مبدأ التقاضي على درجتني الذي يسعى من خالله إىل ضمان حماكمة
قضائية عادلة للمطالب ابلضريبة وذلك على الرغم من استثناء األثر اإليقايف من أاثر الطعن
ابإلستئناف ابلرغم من أن استئناف قرار التوظيف اإلجباري لألداء كان يوقف التنفيذ كما كان منظما
ابلفصل ( 67قدمي) وهو ما كان سيشكل ضمانة أكرب لصاحل املطالب ابألداء او وقع العمل به يف
هذا اإلطار.
كما أن الفصل 69من م ح إ ج أقر اختصاص احملكمة اإلدارية يف تعقيب األحكام النهائية
املتعلقة بتوظيف األداء وهو يف ذلك يدعم اختصاصا عاما سبق أن اقره الفصل 11من قانون غرة
جوان 1972كما وقع تنقيحه ابلقانون عدد 39املؤرخ يف 3جوان 1996وذلك طبقا لإلجراءات
املنصوص عليها هبذا القانون.
عموما فإن حتقيق التوازن بني مصاحل اإلدارة اجلبائية واملطالب ابألداء يبقى رهاان مرتبطا بعدة
إصالحات جيب القيام هبا لتجاوز كل الثغرات اليت يعرفها العمل القضائي يف جمال النزاعات اجلبائية
هذا ابلرغم من ما سجلناه من خالل هذا البحث من عدة قرارات وأحكام سامهت يف محاية املطالب
ابالداء وضمان حقوقه واحلد من كل اإلخالالت اليت ميكن أن تقوم هبا اإلدارة اجلبائية.
لكن تبقى السمة العامة للعمل القضائي يف النزاعات اجلبائية حبكم تعقد املادة وتشتت
النصوص القانونية املؤطرة هلا وضعف حبث أسس األداء على ضوء املعطيات املهنية واإلقتصادية هي
املقاربة الغائبة عن عمل قضائنا يف مادة النزاع اجلبائي مما يفرض التأكيد على ضعف العمل القضائي
55
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
عموما يف املادة اجلبائية خاصة وأن سلطات القاضي اجلبائي هلا حدود متعددة ميكن هلا أن حتد من
توفري الضماانت الالزمة للمطالب ابألداء خالل نزاع اجلبائي متوازن وعادل بني الطرفني.
وأنه من مثة يتعني القيام بعدة إصالحات وتعديالت ذات طبيعة جوهرية هتم النظام اجلبائي
اإلدارة اجلبائية يف عالقتها ابملطالبني ابألداء وإصالح النظام القضائي اجلبائي خاصة وذلك بتفعيل
دور القاضي وحتسني مستواه حيث ينبغي إعداد القاضي على املستوى التكويين للمادة اجلبائية بيد أن
إصالح النظام القضائي ال يقل أمهية عن إصالح اجلانب التشريعي الذي يؤثر على العمل القضائي
حيث إذا كان معيبا قد يؤثر على العمل القضائي وحيد من قدرته اإلجتهادية وخنص ابلذكر أنه من
املهم أن تكون النصوص اجلبائية على درجة كبرية من الوضوح حبيث ال تدع جماال لـتأويل وذلك
لتفادي كل خطأ يف التفسري أو احنراف يف التطبيق إعماال لسلطة تقديرية غري سليمة.
عموما إعادة النظر يف النظام اجلبائي ابلشكل الذي يؤدي إىل حتقيق توازن العبء اجلبائي وقد
تناقل األدابء السلطانيني بعضهم عن بعض املقولة املشهورة "امللك ابجلند واجلند ابملال ،واملال
ابجلباية ،واجلباية ابلعمارة ،والعمارة ابلعدل" ويف هذا السياق فإن تعديل املنظومة اجلبائية يتم وفق
معايري العدالة اجلبائية.
املراجع العامة
املـ ـؤلفات
• جالل العدوى :مبادئ اإلثبات يف املسائل املدنية والتجارية ،املكتب املصري احلديث
للطباعة والنشر ،اإلسكندرية ،1967ص .3
• أمحد بن إدريس (القرايف) أنوار الربوق يف أنواع الفروق الفرق بني قاعدة املدعى وقاعدة
املدعى عليه ،د ط د ت اجلزء الرابع (القواعد الفقهية)
56
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
• رضا بلحاج " :مدخل إىل دراسة جملة احلقوق واإلجراءات اجلبائية ،منشورات املطبعة الرمسية
للجمهورية التونسية ،2000ص 14.15
• عبد هللا األمحدي :القاضي واإلثبات يف النزاع املدين" شركة اوربيس للطباعة ،قصر سعيد
تونس 1991ص 50
• عبد الرزاق السنهوري "الوسيط يف شرح القانون املدين" احلديث للطباعة القاهرة اجلزء الثاين
ص 16
أوربيس 2001 • أمحد اجلندويب وحسني بن سليمة ،أحوال املرافعات املدنية والتجارية تونس
للطباعة ص 131
1998 • عياض بن عاشور القضاء اإلداري وفقه املرافعات اإلدارية يف تونس مركو النشر اجلامعي
7 • توفيق بوعشبة :املواطن واجلباية ص
• الصغري الزكراوي :السياسة اجلبائية يف تونس املالمح واملطامح" اجمللة القانونية 2005
2001 • سامل مكي :اإلقتصاد يف نظرية ابن خلدون بني الواقع والنظرية
• كمال العياري ،إجراءات التقاضي والتنفيذ يف املادة اجلبائية ،منشورات جممع األطرش
للكتاب املتخصص ،تونس .2009
2007 • كمال العياري :إجراءات التقاضي يف املادة اجلبائية تشريعا وقضائيا وفقها تونس
املقاالت :
الصغري الزكراوي :ضماانت املطالب ابألداء "جملة القضاء والتشريع ،مارس 2002ص .96
57
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
2002 أمحد الورفلي :صالحيات اإلدارة اجلباية " جملة القضاء والتشريع
2002 عبد هللا اهلاليل "اجلباية والقضاء العديل" جملة القضاء والتشريع مارس
2005 فاتن السبعي :دور القاضي العديل يف املادة اجلبائية ،جملة القضاء والتشريع ،أكتوبر
2007 عبد هللا اهلاليل " :تطور التقاضي اجلبائي منذ االستقالل م ق ت جويلية
املذكرات :
• سعداوي اثبت :ضماانت املتقاضي يف نزاعات التوظيف اإلجباري ،مذكرة للحصول على
شهادة الدراسات املعمقة سوسة 2001-2000ص 3
• الشريف وفاء اجلمل :اإلثبات يف نزاعات التوظيف اإلجباري تونس 2010كلية احلقوق
بصفاقس
• احملسن اجلباهي "اجلديد يف ميدان املراقبة ونزاع التوظيف أبداءات الدولة "مذكرة لإلحراز على
شهادة الدراسات املعمقة يف القانون العام كلية احلقوق والعلوم السياسية بسوسة 2002 2001
ص 173 – 172
• إميان عبد املقصود ":احملكمة التعقيب" مذكرة لنيل شهادة املاجستري القانون العام كلية
احلقوق بصفاقس 2002-2001ص 65-64
امللتقيات :
• كمال العياري :اإلثبات يف املادة اجلبائية "اإلثبات يف القانون اجلبائي التونسي ،حماضرة من
ملتقى حول النزاع اجلبائي "املعهد األعلى للقضاء 30 ،جانفي 2003
58
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
• سفيان الربجي "معضلة اإلثبات يف نزاعات التوظيف اإلجباري حماضرة ألقيت يف ملتقى
اجلمعية التونسية للقانون 2003
• عبد الرمحان بوراس :قاضي ابحملكمة اإلبتدائية تونس تقرير متهيدي للدورة الدراسية "النزاع
اجلبائي أمام احملاكم 30جانفي ،2003املعهد األعلى للقضاء
• األزهر بوقارص :اإلثبات يف املادة اجلبائية ،نزاعات التوظيف اجلبائي "ملتقى النزاعات
اجلبائية املعهد للقضاء ،مدنني 1999/11/26
• سفيان الربجي :معضلة اإلثبات يف نزاعات التوظيف اإلجباري ملتقى القاضي اجلبائي
"جانفي 2002اجلمعية التونسية للقانون اجلبائي ص 7-6
2002 جانفي 4-3 • جنيب الفقيه :زجر املخالفات اجلبائية اجلزائية" ملتقى القاضي اجلبائي
اجلمعية التونسية للقانون اجلبائي.
• أمحد الورفلي :التوظيف اإلجباري لألداء ،ملتقى نظمه مركز الدراسات القانونية القضائية
بسوسة ابإلشرتاك مع كلية احلقوق والعلوم السياسية بسوسة 24/22نوفمرب 2001
• بلقاسم بن خالد " حق اإلطالع يف املادة اجلبائية" حق اإلدارة يف اإلطالع على احلساابت
البنكية وعلى كل الواثئق واملعلومات أينما كانت "ملتقى حول جملة احلقوق واإلجراءات
اجلبائية ،كلية احلقوق والعلوم السياسية بسوسة 2006
• سليم كمون " يف تدعيم دور القاض يف النزاعات اجلبائية تدعيم لضماانت اخلاضع لألداء "
حماضرة القيت مبلتقى م ح إ ج املعهد العاىل للقضاء وحمكمة اإلستئناف بصفاقس 9فيفري
2001
59
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
-نبيل بوك علي " إجراءات ونزاعات استخالص الديون العمومية املثقلة " حماضرة عامة ألمانة
املال اجلهوية ابملنستري 2012
-شوقي طبيب :مبدأ حقوق الدفاع يف املادة اجلبائية حماضرة ختم مترين السبت
23ماي 2009تونس.
60
عبء اإلثبــــــات فـــــي النــــزاع الجبائـــــــي
LES CODES
- www.JORT.gov.tn
- www.finances.gov.na
- www.impot.finances.gov.tn )(مذكرة من إدارة الجباية حول إجراءات التقاضي
-
- laloivotredroit.over_blog.com
- www.chawkitabib.info (article 452)
- www.hsd-avocat.com
61
الفهرس
5 املقدم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة .......................................................................
9 اجلزء األول :عدم التوازن يف حتمل عبء اإلثبات بني اإلدارة واملطالب ابلضريبة....
11 الفرع األول :تكريس عدم التوازن يف اإلثبات بني األطراف املتنازعة يف إثبات األداء..
11 الفقرة األوىل :تعدد حاالت حتمل املطالب عبء اإلثبات رغم حمدودية الوسائل املعتمدة..
17 الفقرة الثانية :حمدودية حتمل اإلدارة عبء اإلثبات مقابل تعدد االمتيازات.................
24 فقرة أوىل :آاثر عدم التوازن يف حتمل عبء اإلثبات على عالقة املطالب ابلضريبة ابإلدارة..
31 اجلزء الثاين :دور القاضي يف إعادة التوازن يف حتمل عبء اإلثبات.................