Professional Documents
Culture Documents
مذكرة الطالب جرمان سيف الدين
مذكرة الطالب جرمان سيف الدين
قسم الحقوق
إىل القلب الطاهر الرقيق والنفس الربيئة زوجيت ،إىل رايحينة حيايت بنيت "قدس"
وإىل من تذوقت معهم أمجل اللحظات إىل من عرفت كيف أجدهم وعلموين أن ال أضيعهم
2
شكر وعرفان
بعد احلمد هلل تعاىل كما ينبغي جلالل وجهه وعظيم سلطانه ،الذي أهلمين الطموح والصرب
وسدد خطاي ابن من علي إبمتام هذه الدراسة ومن علي بفضله ونعمه اليت ال أحصيها ،
والصالة والسالم على سيدان حممد صلى هللا عليه وسلم وعلى اله وصحبه.
أتوجه بعميق وخالص الشكر والتقدير إىل أستاذي العزيز الذي تفضل وحتمل معي الجناز هذه
الدراسة
كما أتقدم ابلشكر الكبري إىل األستاذ الفاضل :ساكري السعدي الذي مل ببخل علي
واىل كل العمال والطلبة بكلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة أم البواق ــي .
3
مقدمة
الفصل األول :إمتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام والقرارات القضائية
اإلدارية
المبحث األول :ماهية األحكام والقرارات القضائية اإلدارية وتنفيذها
المطلب األول :مفهوم األحكام والقرارات القضائية اإلدارية وآثارها
المطلب الثاني :مفهوم التنفيذ والشروط الواجب توافرها في األحكام والقرارات القضائية
اإلدارية محل التنفيذ
خاتمة
4
مقدمة
مع ظـ ـ ــهور القانون اإلداري في فرنسا وانتشاره بسرعة وخاص ــة في الدول التي
إعتمدت اإلزدواجـي ـ ــة القضائ ـ ـيـ ــة ،برز القانون اإلداري كفرع من فروع القانون الع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام ب ـ ــدأ
يتجسد في الواقع شيئا فشيئا ،وبما أن نشاط اإلدارة قد يتخلله في عديد المرات نزاعات إدارية
سواء مع أشخاص طبيعية أو أشخاص معنوية اين يتم الّلجوء إلى القضاء اإلداري عن طريق
دعاوى مختلفة وباألخص دعوى اإللغاء ودعوى التعويض ،حيث أنه وبعد عرض النزاع على
القضاء اإلداري والذي يتولى بدوره إصدار أحكام وق اررات قضائية إدارية تفصل في النزاع
المعروض أمامه والذي تكون (أحكامه وق ارراته ) في غالب األحيان ضد اإلدارة والتي يجب
عليها اإلمتثال لألحكام والق اررات القضائية من خالل تنفيذها وفق الوجه التي وردت عليه .
وبما أن الحكم أو القرار القضائي اإلداري الذي يحمل عــنوان الحقيقة وقوة الشيء
المقضي به والذي تنعكس آثاره على أرض الواقـ ـ ـ ــع من خالل التمسك به لحمل اإلدارة على
التنفيذ ،فإنه يجب على كل أجهزة الدولة وفي كل الظروف الزمانية والمكانية اإللتزام بتنفيذ
فحوى هذه األحكام القضائية وهذا ما يؤسس لما يسمى بدولة القانون التي تعم فيها سيادة
القانون من خالل مبدأ القانون فوق الجميع وكذلك من خالل اإللتزام بتحقيق العدالة والمساواة
بين األفراد وكذلك الجماعات و من خالل اإللتزام التام بتطبيق مايصدر عن القضاء من أحكام
وق اررات وأوامر .
وبما ان القاضي اإلداري الذي يصدر حكما في نزاع غير متساوي األطراف أحدهما
اإلدارة التي تحوز على إمتيازات السلطة العامـ ــة ،وبين طرف آخر في العادة هو شخص
طبيعي عادي قد لجأ إلى القضاء من أجل إستصدار حكم أو قرار عمال بما جاء في المادة
158من دستور الجزائر لسنة " 2016أساس القضاء مبادئ الشرعية والمساواة .
الكل سواسية أمام القضاء ،وهو في متناول الجميع و يجسده إحترام القانون ".
ولكن وأثناء إستصدار الحكم أو القرار القضائي اإلداري يصطدم الطرف األضعف
في النزاع في واقع عملي يصعب معه حمل اإلدارة على التنفيذ لما تمتاز به هذه األخيرة من
إمتيازات ،وحتى أن القاضي اإلداري في واقع الحال وهو الذي يفصل في المنازعات اليملك
آليات يضمن معها تنفيذ أحكامه وق ارراته في مواجه اإلدارة ،فدوره يقتصر على إصدار الحكم
ويترك األمر إلى حسن النية والرغبة الذي التتميز بهما اإلدارة في الكثير من الحاالت مما
1
يجعلها تعزف عن التنفيذ ،رغم أن التنفيذ لألحكام القضائية يعد مبدأ دستوري نصت
عليه المادة 163من دستور سنة " 2016على كل أجهزة الدولة
المختصة أن تقوم في كل وقت وفي كل مكان وفي جميع الظروف ،بتنفيذ أحكام
القضاء " ويقضي هذا المبدأ الدستوري بضرورة إحترام األحكام والق اررات القضائية من خالل
تنفيذها في جميع الظروف ،ولكن قد تواجه هذه األحكام والق اررات القضائية أالعيب وحيل
وأحيانا تعنتا من اإلدارة لإلفالت من الرقابة القضائية باإلمتناع الضمني أو الصريح عن تنفيذ
األحكام والق اررات القضائية اإلداري ـ ـ ـ ــة بحجج وأعذار واهية ضاربة بكل النصوص القانونية
الملزمة عــرض الحائط .
إن مشكلة تنفيذ اإلدارة لألحكام والق اررات القضائية اإلداري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة الصادرة ضدها ،
ليست مشكلة متعلقة بدولة معينة بحد ذاتها ،ولكنها أصبحت ظاهرة عام ـ ـ ـ ــة في عديد الدول
بحيث يعتبرها بعض الفقهاء نقطة ضعف تتعلق باألساس بالقانون اإلداري في حد ذاتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه
لطالما أن األمر يتوقف على مـ ــدى رغبة اإلدارة في التنفيذ من عدم ـ ـ ـ ـ ـ ــه .
وبـ ـ ـ ـ ـ ــما أن إمتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلداريـ ـ ـ ـ ــة الصادرة
ضدها اليجسد مجرر الضرر الذي يترتب عن هذا اإلمتناع في حق الطرف المحكوم له والذي
يكون في مواجهة اإلدارة ،بل يعد أيضا مساسا بهيبة القضاء اإلداري ويقضي على اآلمال
المعقودة على هذا الجهاز من طرف األفراد بوصفه مالذا آمنا يحميهم من تعسف اإلدارة
ويضمن لهم إسترجاع حقوقهم .
ولذلك يعتبر التجاهل الصارخ لإلدارة وامتناعها على التنفيذ لألحكام والق اررات القضائية
اإلداري ـ ـ ـ ـ ــة أو تعطيلها الذي يبلغ قد ار جسيما من المخالفة ألحكام الدستور أوال ،وأحكام القضاء
ثانيا بإعتبار أن القضاء هو المرآة العاكسة للقانون ،وبالتالي المساس بالحقوق واإللتزامات
الدستورية .
ثبت من الواق ـ ـ ـ ــع بأن مسألة تنفــيذ األحكام والق اررات القضائية اإلداري ـ ـ ــة في مواجهة اإلدارة
ليست بالمشكلة الهينة التي يمكن التغاضي عنها أو معالجتها بسهولة بل أصبحت ظاهرة
ملموسة وواقعا معاشا اليمكن إنكاره أو حجبه وهو ما أثبتته اآلراءا الفقهية التي سعت منذ
زمن لإلسهام بالعديد من الحلول القانونية والتي سعى القضاء اإلداري المقارن على إعتمادها
2
في كثير من المناسبات ،األمر الذي دفع المشرع الجزائري إلى إحداث وادخال تغيرات كثيرة
ضمن اإلصالح القضائي لسنة 2008
-اإلشكالية:
لما كانت إشكالية تنفيذ األحكـ ـ ـ ـ ــام الق ـ ـ ـ ـ اررات القضائية اإلداريـ ـ ـ ــة الصادرة ض ـ ـ ــد اإلدارة هي
الهاجس األكبر لدى المتقاضين الذين اليجدون سبيال غير اإلنتظار حت ــى تتنازل اإلدارة وترضخ
لألمر الواقع فتنفذ ماعليها من أحكام أو ق اررات قضائي ـ ـ ـ ــة ،فإن اإلشكالية تكمن ف ـ ـ ـ ـ ـ ــي :ا
ماهي الحجج التي تتبناها اإلدارة لإلمتناع عن التنفيذ ؟ ومامدى فعالية اآلليات القانونية التي
تبناها المشرع الجزائري لحمل اإلدارة على تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلداريــــــــة ؟
أسباب موضوعية:
تنامي سلوك اإلدارة المتنكر لحجية األحكام القضائية اإلداريـ ـ ــة الصادر ضدها .
تذبذب في اإلجتهاد القضائي اإلداري في سبيل إق ارره لوسائل وآليات حمل اإلدارة
وجبرها على التنفيذ.
محاولة إضافة مرجع جديد في الموضوع للمكتبة الجامعية.
أسباب ذاتية:
جاء اإلختيار بحكم ممارستي لمهنة المحاماة (والتي قادتي أثناء إكمال دراسة مستوى
الماستر في التخصص أكثر في المجال اإلداري ).
شعوري بأهمية الموضوع خاصة ونحن نواجه في الميدان تعسف اإلدارة وعزوفها عن
التنفيذ ألسباب واهية وفي حاالت عدي ـ ــدة المماطلة وهذا ديدنها في الكثير من األحيان
.
إمكانية البحث في الموضوع وقدرة الوصول إلى بعض المعلومات الخاصة .
من حيث كونه يعالج واحدا من أهم المشكالت التي يعانيها القضاء اإلداري وهي مشكلة
عزوف اإلدارة عن التنفيذ على نحو أضحت فيه ثغرة بارزة في جبين مبدأ الشرعية ،
كما أن إستشراء هذه الظاهرة الذي يوحي للمالحظين بأنه حياد على دولة القانون
والمؤسسات الدستورية التي تؤدي بدورها إلى تقزيم وتحجيم وكذلك التقليل من
3
شأن وحجية األحكام والق اررات القضائية اإلداريـ ـ ـ ـ ــة والمساس بسلطة القضاء واستقالله رغم
وجود الردع الجزائي لهذا الفعل .
-5أهداف الدراســـة:
تهدف هذه الدراسة توضيح ظاهرة شائعة وهي إمتناع اإلدارة عن تنفيذ الق اررات
القضائية اإلداريـ ـ ـ ــة الصادرة ضدها ،مع عرض صور وحجج عديدة لهذا اإلمتناع ،مع
توضيح وذكر األساليب التي تتبعها اإلدارة لتحقيقه واألسباب التي تتذرع بها لتبرير إمتناعها ،
واألسباب الحقيقية التي تقف وراءه
ومسؤولية اإلدارة عن عدم التنفيذ ،وكذا إبراز سلطات القاضي الفاصل في المادة
اإلداريـ ـ ـ ــة فيما يخص توجيه األوام ـ ـ ـ ــر لإلدارة والحكم بالغ ارم ـ ـ ـ ـ ـ ــة التهديدي ـ ــة .
باإلضافة إلى أن الهدف من هذه الد ارسـ ـ ـ ـ ــة هو التعرض بالكشف والتوضيح لبعض
مايعتري النظام القانوني اإلداري من مشاكل أثناء النزاع الذي يكون أحد طرفيه إدارة تتمتع
بإمتيازات السلطة العام ـ ـ ــة .
-منهج الدراســـة
لتحقيق أهداف هذه الدراسة المشار إليها يتم اإلعتماد على المنهج التحليلي الذي
يعتمد على اإلستنباط والتحليل والتفصيل لتلك المواد القانونية المتعلقة بموضوع بحثنا،وكذلك
المنهج الوصفي لضرورة الدراسة وذلك لإللمام ببعض الجوانب النظرية والتطبيقية للموضوع،
من خالل إستخدام مجموعة من أدوات البحث من بينها:
-صعوبات الدراسة:
4
ظروف الحجر الصحي بسبب وباء كورونا وماسببه من غلق للجامعات والمكتبات
وصعوبة الحصول على المراجع الورقية المتوفرة في المكتبة المركزيــة بالجامعة .
-هيكل البحث:
من أجل اإلجابة عن اإلشكالية جاءت الدراسة ضمن فصلين جاء الفصل األول
تحت عنوان :إمتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية ،بحيث تم
التطرق إلى مبحثين مقسمة كالتالي:
المبحث األول يتناول ماهية األحكام والقرارات القضائية اإلدارية وتنفيذها ،أما
المبحث الثاني فيتناول صور وحبجج اإلدارة لعدم تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية
أما الفصل الثاني فأوردناه تحت عنوان الضمانات الكفيىة إللزام اإلدارة بتنفيذ
وقد قمنا بتقسيمه لمبحثين كالتالي: األحكام والقرارات القضائية اإلدارية ،
المبحث األول يتكلم عن قيام مسؤولية الموظف الممتنع عن تنفيذ األحكام
والقرارات القضائية اإلدارية ،أما المبحث الثاني فعنوناه بـ ـ :الحكم بالغرامة التهديدية
كوسيلة إللزام اإلدارة على التنفيذ.
5
الفصل األول
6
إمتناع اإلدارة عـــن تنفيــذ
األحكــــام والقــرارات القضائـــية
اإلداريـة
إن لصدور األحكام والقرارات القضائية اإلداريـــــــــــة حبجية في موابجهة من
صدرت ضده وسند لمن صدرت في صالحه .
ويعد تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلداريــــــــــــــة في موابجهـــة اإلدارة
التي تتميز بتمتعها بصالحيات واسعة وأهمها إمتيازات السىطة العامة ،والتي
قد تسيء إستخدامها في كثير من األحيان وخاصة ضد األفراد .
وعى هذا فإنه وقد خوضنا لدراستنا نتطرق إل مــــــــــــــــاهيـــــــــة األحكـــــــــــــــــــــــام
ونتناول في المبحث الثاني :صور وحبجج اإلدارة لعدم تنفيذ األحكام والقرارات
القضائية اإلدارية
7
الـمــــــبـــحـــث األول :
وتنفيذهــــــــــــــــــــــــا
من أجل دراسة األحكام والق اررات القضائية اإلدارية الواجبة التنفيذ يتوجب علينا التطرق إلى
جانبها القانوني من حيث الشـ ـ ـ ـ ـ ــكل بإعتبارها سـ ـ ـ ـ ـ ــندات تنفيذية ،ومن ثم التطرق إلى الجهة
القض ـ ـ ـ ـ ــائية المص ـ ـ ـ ـ ــدرة لها بإعتبارها ص ـ ـ ـ ـ ــاحبة الوالية العامة ،وذلك بتحديد مفهوم األحكام
والق اررات القض ــائية اإلدارية واآلثارة المترتبة عنها ،وبعد ذلك نتطرق إلى تنفيذ هذه األحكام
والق اررات القضائية اإلدارية من خالل التعرف على مفهوم التنفيذ والتعرض لبيان شروطه .
8
المطلب األول :مفهوم األحكام والق اررات القضائية اإلدارية وآثارها
من الطبيعي التطرق لمفهوم األحكام والق اررات القض ـ ــائية اإلدارية والجهة القض ـ ــائية المخولة
بإصدارها ،وكذا معرفة الحكم والقرار القضائي القابل للتنفيذ ،خاصة وأن المشرع الجزائري
وبخالف التشـريعات األخرى المعتمدة في الدول المتبنية لنظام اإلزدواجية القضـائية ،بحيث
يعتبر حكما قضائيا إداريا القرار القضائي الصادر عن المحكمة اإلداريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة متى تضمن
فصل هذه األخيرة في نزاع معروض أمامها بصفة إبتدائية .ويعتبر قرار قضائي إداري متى
تم فص ــل في النزاع من جهة اإلس ــتئناف والمتمثلة في مجلس الدولة الذي يفص ــل في بعض
إن الحكم القض ــائي يعتبر واس ــع المعنى وواض ــح المبنى ،بحيث يفس ــر كل حل ينتهي إليه
القاض ــي في النزاع المعروض أمامه في إطار اإلجراءات القانونية المعمول بها ،وبناءا على
أدلة دامغة ،وسند قانوني واضح يؤسس عليه القاضي حكمه ،وهو عبارة عامة يقصد بها
كل مايصدر من القضاء من أحكام وق اررات بما فيها األوامر اإلستعجالية ¹ .
وعليه فقد حددنا د ارســتنا على األحكام والق اررات القضــائية التي تصــدر عن القضــاء اإلداري
فقط .
وعليه يعرف الحكم والقرار القض ـ ـ ـ ـ ــائي اإلداري على أنه حكم بالمعنى الواس ـ ـ ـ ـ ــع ،تتوفر فيه
أركان األحكام القض ـ ــائية ،ويص ـ ــدر بمناس ـ ــبة خص ـ ــومة تتميز دائما بأن اإلدارة تعتبر أحد
طرفيها ،ويصدر عن محكمة مختصة قانونا بالمنازعة اإلدارية ،ودائما يكون مكتوبا ² .
وعليه نعرف الحكم والقرار القضــائي اإلداري على أنه " الحل الذي ينتهي إليه القاضــي اإلداري
باإلعتماد على أسباب وأسانيد قانونية يراها صحيحة في نزاع مطروح أمامه وفق القانون المنظم
5 3
. لذلك
1حمدي باشا ،مبادئ اإلجتهاد القضائي في مادة اإلجراءات المدنية ،دار هومة سنة 2001ص 112
2
صالح عبد الحميد السيد " ،الحكم اإلداري والحكم المدني " ،مجلة مجلس الدولة ،السنة ،2010 .08.09ص. 216
3
مسعود شيهوب ،المبادئ العامة للمنازعات اإلدارية ،الهيئات واإلجراءات أمامها ،الجزء الثاني ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر
،2005ص.341
9
وعليه فالحكم و القرار القضائي اإلداري يصدر في خصومة كأصل عام تكون اإلدارة طرفا
فيها ،كما أن القرار يصدر عن جهة قضائية مختصة محكمة إدارية أو مجلس الدولة .
وقد نص ـ ــت المادة 800من ق.إ.م.إ :المحاكم اإلدارية هي جهات الوالية العامة في المنازعات
اإلداريـة.
تختص بالفصـ ــل في أول درجة ،بحكم قابل لإلسـ ــتئناف في جميع القضـ ــايا ،التي تكون الدولة
أو الوالية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية طرفا فيها ".
ويجب أن يتضـ ـ ـ ــمن الحكم أو القرار القضـ ـ ـ ــائي اإلداري وذلك تحت طائلة البطالن كما جاء
وكذلك وجب توفر مجموعة من الشروط والبيانات نصت عليها المادة 276 :ق.إ.م.إ وهي:
إسم ولقب ممثل النيابة العامة عند اإلقتضاء (محافظ الدولة في القضايا اإلدارية ).
أســماء وألقاب الخصــوم وموطن كل منهم ،وفي حالة الشــخص المعنوي تذكر طبيعته وتســميته
وفي حالة تخلف شــرط من هذه الشــروط في الحكم يؤدي إلى بطالن الحكم أو القرار لعيب في
الشكل ،حيث تعتبر هذه الشروط من النظام العام ويؤدي تخلفها إلى نقص الحكم ¹.
10
فالحكم القضــائي هو العمل القضــائي الصــادر من القاضــي حســما لنزاع مطروح عليه أيا كانت
طبيعة النزاع ،وهو يمثل العمل األخير في الخصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــومة ،وهو النتيجة الطبيعية لكل األعمال
6
اإلجرائية التي كونت الخصومة .
ومنه يتبين بأن كلمة حكم تش ـ ـ ـ ـ ــمل كل الق اررات التي تتخذها الهيئات القض ـ ـ ـ ـ ــائية على إختالف
أنواعها ودرجاتها س ـواء كانت الهيئة التي أصــدرت الحكم مكونة من قاضــي واحد أو من قضــاة
متعددين ¹ .
في الجزائر يطلق إصطالح الحكم على األحكام القضائية الصادرة من الجهات اإلبتدائية ،في
حين إصـ ــطالح القرار يطلق على األحكام الصـ ــادرة من جهات اإلسـ ــتئناف المجالس القضـ ــائية
في القضـ ــايا العادية ومجلس الدولة في القضـ ــايا اإلدارية وذلك مانصـ ــت عليه المادة 902من
ق.إ.م.إ " :يختص مجلس الدولة بالفصل في إستئناف األحكام واألوامر الصادرة عن المحاكم
اإلدارية .
كما يختص أيضا كجهة إستئناف ،بالقضايا المخولة له بموجب نصوص خاصة ".
كما أن إصـطالح حكم jugementيطلق في فرنسـا على األحكام الصـادرة من المحاكم الدنيا
المدنية أو اإلدارية ،واصـ ـ ـ ــطالح قرار Arrétيطلق على األحكام الصـ ـ ـ ــادرة من المحاكم العليا
المدنية واإلدارية ،في حين نجد أن المشرع المصري قد قام بتوحيد إستعمال إصطالح الحكم ،
بإطالقه على كل األحكام القضـ ــائية على إختالف أنواعها ودرجاتها وأيا كانت الجهة القضـــائية
ولعل أحسـ ـ ـ ــن تعريف للحكم أو القرار القضـ ـ ـ ــائي اإلداري " :أنه حكم بمعنى الكلمة ،إذ تتوفر
فيه أركان األحكام فيص ـ ـ ــدر بمناس ـ ـ ــبة خصـ ـ ـ ـومة أحد طرفيها جهة إدارية ويص ـ ـ ــدر عن محكمة
مختص ـ ـ ـ ــة بالنزاعات اإلدارية".ويش ـ ـ ـ ــترط أيض ـ ـ ـ ــا لص ـ ـ ـ ــحة األحكام القض ـ ـ ـ ــائية المدنية أن تكون
اإلجراءات الس ــابقة على إص ــداره ص ــحيحة وأن تكون اإلجرءات المعاصـ ـرة إلص ــداره ص ــحيحة
أيضا ² .
¹إبراهيم أوفائدة ،تنفيذ الحكم اإلداري الصادر ضد اإلدارة ،رسالة ماجستير ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر ،ص4
2
وجدي راغب ،النظرية العامة للتنفيذ القضائي في قانون المرافعات المدنية والتجارية ،مصر ،دار الفكر العربي ،سنة ،1974ص .620
11
واذا كان من الواضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــح مما سـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبق أن هنالك تماثال بين األحكام المدنية واألحكام والق اررات
القض ـ ــائية اإلدارية من حيث إجراءات إص ـ ــدارها ،إال أن النظام القانوني الذي تخض ـ ــع يختلف
7 1
بإختالف القضاء الذي يحكمها .
إذ يخرج من نطاق الق اررات القض ـ ـ ـ ــائية اإلدارية وفقا ألحكام القض ـ ـ ـ ــاء اإلداري ،الق اررات التي
تتخذها المحكمة اإلدارية بحكم ما لها من سـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلطة تأديب في مواجهة موظفيها ،أو تلك التي
تتخذها للتحقيق في مواجهة أطراف النزاع إلستكمال بيانات القرار القضائي اإلداري ،أو األمر
2
بإجراء خبرة . ...
يترتب على الحكم والقرار اإلداري كمعظم األحكام القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائية آثار مهمة بإعتبار أن األحكام
القضائية تصدر تطبيقا للقانون اإلجرائي والموضوعي بشكل منسجم ،وعليه سنتناول هذا الفرع
في نقطتين األولى اآلثار اإلجرائية والثانية تتضمن اآلثار اإلجرائية .
حجية الشـي المقضـي به :إن صـدور األحكام القضـائية يؤدي إلى تقوية الحق الموضـوعي إذ
اليجوز إثارة النزاع في شأنه بإعتبار أنه قد سبق حسمه بحكم حائز لحجية الشيء المقضي به
،وهذا يعني أن للحكم حجية مابين الخصـ ـ ـ ـ ــوم وبالنسـ ـ ـ ـ ــبة لذات الحق محال وسـ ـ ـ ـ ــببا ² .فحجية
الشـ ــيء المقضـ ــي به ،صـ ــفة تلحق بالحكم القضـ ــائي القطعي الصـ ــادر من محكمة مختصـ ــة ،
ويترتب على توافر إحترام المحاكم له بعدم البحث في نفس الموض ـ ـ ـ ــوع من جديد والتس ـ ـ ـ ــليم بما
قضى به الحكم بين الخصوم ، ³وتأكيدا على إعمال مبدأ إستقرار الحقوق والمعامالت
8
فالحكم القض ـ ـ ـ ـ ـ ــائي يعد قرينة التقبل ثبوت العكس كما جاء في المادة 338من ق.م.ج تقابلها
1
إبراهيم المنجي ،المرافعات اإلدارية ،اإلسكندرية ،منشأة المعارف ،سنة ، 1999ص 562
2نبيل إسماعيل عمر ،قانون المرافعات المدنية والتجارية ،مصر ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،سنة ، 1994ص 551ومابعدها .
3
صالح عبد الحميد السيد ،المرجع السابق ،ص . 216
12
والحجية إلرتباطها بمنطوق الحكم وأســـبابه الجوهرية فهي التثبت إال لألحكام القطعية الفاصـــلة
في النزاع أو جزء منه س ـواء كان إبتدائيا أو نهائيا 1 .على أن حجية الشــيء المقضــي فيه وفقا
للقانون الجزائري التعد من النظام العام فال يمكن إثارتها تلقائيا إعتمادا على نص المادة 338
ق.م.ج .وهو مايعبر عنه القاض ـ ــي اإلداري في القرار رقم 30الص ـ ــادر في 1978.02.15 :
"مما جاء في الحكم الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى فإن سـ ـ ـ ــلطة حجية الشـ ـ ـ ــيء المقضـ ـ ـ ــي به
والتي تتمتع بها هذه الق اررات –الص ـ ـ ــادرة من المجالس القض ـ ـ ــائية – ليس ـ ـ ــت من النظام العام ،
باألحرى الذي سبق وأن سلكه هذا األخير وأخذ بذلك المشرع الجزائري .
ولكن المشـ ــرع المصـ ــري أخذ بخالف ذلك بإعتبار الحجية من النظام العام ،للمحكمة القضـ ــاء
بها من تلقاء نفسها مع األخذ بعين اإلعتبار نطاق ومجال حجية األحكام اإلدارية .
واذا قلنا بأن حجية الحكم المقض ــي به التترتب إال على األحكام التي تحس ــم بص ــفة قاطعة في
موضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوع النزاع أو الجزء منه ،وأن الحجية مادامت تهدف إلى إسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتقرار المراكز القانونية
الموضـ ــوعية ،فإن سـ ــلوك المشـ ــرع الجزائري في إعتبارها خارجك عن النظام العام فيه إنتقاص
لهيبة الحكم وقيمته ،ويتبع ذلك التأثير الس ـ ــلبي على إحترام األحكام وتنفيذها ،مما يتعين معه
هذا الص ــدد بين حجية الش ــيء المقض ــي به L’autorité de la chose jugéوقوة الش ــيء
المقضـ ـ ـ ـ ـ ــي به ، La force de la chose jugéفاألولى تتعلق بالحكم القضـ ـ ـ ـ ـ ــائي بمجرد
مايصدره القاضي والتزول إال بزواله ،في حين أن قوة الشيء المقضي به تثبت للحكم متى كان
أثره الملزم نهائيا .وهذا يعني أن يكون الحكم قد إس ـ ـ ـ ــتنفذ طرق الطعن العادية باإلس ـ ـ ـ ــتئناف أو
9
المعارضة ،وغير العادية أو بإنقضاء مواعيدها ،أو التنازل عنها ،أو رفضها
1
سائح سنسوقة ،قانون اإلجراءات المدنية نصا وتعليقا شرحا وتطبيقا ،الجزائر ،دار الهدى ،سنة ، 2001ص . 137
2
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني المصري" آثار اإللتزام" ،الكتاب الثاني ،مصر دار النهضة العربية ،دون سنة النشر ،
ص . 632
3
عبد الحكم فودة ،حجية األمر المقضي وقوته في المواد التجارية،اإلسكندرية ،منشأة المعارف ،سنة /1999ص . 13
13
1
ولعل أهم أثر لثبوت قوة الشيء المقضي به صالحية الحكم للتنفيذ .
والمؤســف أن كال المشــرعين المصــري والجزائري قد إســتعمال مصــطلحين بنفس المعنى للداللة
على قوة الش ــيء المقضـ ـي به في المادتين 101من قانون اإلثبات المص ــري والمادة 338من
القانون المدني الجزائري ،والعمل بذلك يعني أن تحوز كل األحكام بمجرد صــدورها صــفة القوة
الملزمة للشــيء المقضــي به وهو مايترتب تســاوي األحكام س ـواء الصــادرة من المحاكم اإلبتدائية
أو تلك الص ــادرة بعد اإلس ــتئناف من المجالس القض ــائية أو مجلس الدولة في المس ــائل اإلدارية
بالرغم من كون الحكم بحجية الشيء المقضي به بداية األمر .ثم بعد إستعمال طرق الطعن أو
10 إنقضاء مواعيدها يحوز قوة الشيء المقضي به .
غير أن هذا اليؤثر في مجاالت الق اررات القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائية اإلدارية ،ذلك أنه وخالفا لالحكام المدنية فالقرار
القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائي اإلداري يكون قابال للتنفيذ بمجرد إعالنه لإلدارة ولو كان إبتدائيا دون حيازته لقوة الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيء
2
المقضي به ،بإعتبار أن الطعون في الق اررات القضائية اإلدارية ليس لها أثر موقف للتنفيذ .
3
:من المقرر قانونا ،أنه إذا تمت عملية النطق بالحكم فإن ب – خروج النزاع من والية القضـــــــــا
الخصــوم يصــيرون هم المالكون له ،ويخرج من ســلطة القضــاة بصــفة نهائية " قرار رقم 9531 :مؤرخ
في " 1973/05/23 :وتقوم فكرة إسـ ـ ـ ــتنفاذ الوالية على أسـ ـ ـ ــاس سـ ـ ـ ــقوط المراكز اإلجرائية الداخلة ذات
الخص ـ ـ ــومة وتغيرها ،كأن يص ـ ـ ــير المدعي بعد الحكم محكوما له أو عليه وذات األمر بالنس ـ ـ ــبة للمدعى
عليه .
وان مايقتضــيه خروج النزاع من والية القضــاء أن يمتنع القاضــي المصــدر للحكم أن يمس ما قضــى به ،
أو أن يعدل الحكم ،أو أن يحدث فيه إضـ ـ ـ ـ ــافات من تلقاء نفس ـ ـ ـ ــه ،إذ اليجوز العدول عن الحكم أو أن
يعيد النظر فيه ولو كان الحكم باطال ،إال أن يكون في إطار تص ــحيح أخطاء مادية أو تفس ــير لغموض
1
إبراهيم أوفائدة ،تنفيذ الحكم اإلداري الصادر ضد اإلدارة ،رسائل ماجستير ،جامعة الجزائر،سنة ،1986ص. 18
2
حسينة شرون ،إمتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضدها ،الجزائر ،سنة ، 1986ص . 18
3
عبد الحكم فودة ،المرجع السابق ،ص .16
4الغوثي بالملحة ،القانون القضائي الجزائر ،الجزء األول ،الجزائر ،ديوان المطبوعات الجامعية ،سنة ، 1981ص . 41
14
ج – أنها تعطي الحق في التنفيذ :يترتب على صدور األحكام القضائية الحاسمة في النزاع ،الحق في
تنفيذها ويسقط هذا الحق بمضيء 15سنة من يوم صدورها أي سقوطها بالتقادم .
تكون هذه اآلثار موض ـ ــوعية نتيجة الحكم القض ـ ــائي لقواعد القانون الموض ـ ــوعية من أجل تحقيق الحماية
القضائية المتعلقة بأصل الحق المتنازع فيه ،ونذكر منها مايلي :
األثر التقريري لألحكام القض ـ ــائية :وهذا يعني أن الحكم يتض ـ ــمن اإلقرار اإليجابي أو الس ـ ــلبي بأن الحق
الكامن فيه يخص شخصا معينا ، 1³ومن أمثلة األحكام التقريرية في المجال اإلداري الحكم بإلغاء حظر
نشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاط أو الحكم بإلغاء نتائج االنتخابات المحلية ،وتعد أحكام الرفض " رفض الدعوى أو الطلبات أو
2
الطعن " من األحكام التقريرية كذلك .
واألثر المنش ـ ـ للحق والتي من أمثلتها الحكم بالتعويض عن تصـ ــرف وقع من الدولة س ـ ـواء عن خطأ أو
بدونه ،وكذا األثر الملزم والذي يعني صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدور أحكام بأداء يلتزم المحكوم عليه بأدائها ،وهي األحكام
التي تعد سـ ـ ـ ـ ـ ـ ــندات تنفيذية تحتاج إلى اإلسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتعانة بالقوة الجبرية إلعادة المطابقة بين المراكز الواقعية
3
والمراكز التي قررها الحكم .
غير أن هذه األحكام في المجال اإلداري تختلف في تنفيذها لما لإلدارة من إمتيازات السلطة العامة .
يترتب على الحكم القضـ ـ ـ ــائي تحديد تقادم الحق المحكوم به ،واعطاء المحكوم له سـ ـ ـ ــندا رسـ ـ ـ ــميا إلثبات
المطلب الثاني :التنفيذ و الشروط الواجب توفرها في األحكام والق اررات القضائية اإلدارية
محل التنفيذ
من المعلوم بالضـ ــرورة أن تنفيذ الحكم أو القرار القضـ ــائي اإلداري يقع ضـ ــمن مجال واسـ ــع وهو يخصـ ــع
لألحكام العامة للتنفيذ ،وفقا لما نص عليه قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،فإننا سنتناول في هذا
15
المطلب مفهوم التنفيذ في األحكام والق اررات القض ـ ـ ــائية اإلدارية من خالل الفرع األول ومن ثم نتطرق في
الفرع الثاني للشروط الواجب توفرها في الحكم أو القرار القضائي اإلداري محل التنفيذ .
ثانيا على تحديد مفهوم التنفيذ المتعلق باألحكام والق اررات القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائية اإلدارية ،وفي النقطة الثالثة نحدد
فيها المقصود بتنفيذ القرار القضائي اإلداري الصادر في مواجهة اإلدارة .
أما مفهومه من جانب القانون فهو مستمد من فكرة حرص القانون على تمكين األشخاص من الحماية التأكيدية
لحقوقهم التي تستند إلى أحكام قضائية ،ذلك أن وجود الحكم القضائي يعني حق الدائن في تحريك سلطة التنفيذ
2
في الدولة حتى تقوم بما يلزم إلقتضاء حقه .
على ضــوء ما ســبق يمكن أن نقدم تعريف تنفيذ القرار القضــائي اإلداري ،وهو إلزام اإلدارة بتحقيق
مض ـ ـ ـ ــمون الحكم أو القرار القض ـ ـ ـ ــائي اإلداري ومايفرض ـ ـ ـ ــه عليها من إلتزامات واتخاذ اإلجراءات الالزمة
لتحقيق ذلك إما إختياريا أو حملها على التنفيذ بوسـ ـ ــائل ال تتعارض مع طبيعة وضـ ـ ــيفتها اإلدارية ومالها
واعتمادا على التعريف فإن وســال تنفيذ الحكم أو القرار القضــائي اإلداري الصــادر ضــد اإلدارة يتحدد في
األولــــى :التنفيذ اإلختياري وهو يتحقق عندما تلتزم اإلدارة بإرادتها واختياريا دون أي ضغط أو إكراه .
الثانية :أس ـ ـ ــلوب الض ـ ـ ــغط لحملها على التنفيذ ،أي أس ـ ـ ــلوب التنفيذ الجبري ،حيث تكون اإلدارة ملزمة
وعلى هذا األســاس فإن المشــرع قد اقر مجموعة من الوســائل القانونية التي تجعل المدين في الشــق المدني
يرض ــخ للتنفيذ جب ار أو إختيا ار ،وعليه فمفهوم التنفيذ 3يأخذ معنيين أحدهما موض ــوعي بقيام المدين بتنفيذ
1
إلتزامه ،وآخر إجرائي يتعلق بمجموعة القواعد اإلجرائية التي يتم بها تنفيذ السندات التنفيذية ،ويكون
²أحمد زكي بدوي ،معجم مصطلحات العلوم االجتماعية ،بيروت ،مكتبة لبنان ،سنة ، 1996ص . 144
16
ذلك في حالة التنفيذ الجبري فقط .
والتنفيذ وفق هذا المفهوم يختلف حسـ ــب القانون المنظم للحق والذي يتم إق ارره وفق حكم قضـ ــائي بإعتباره
فالتنفيذ اإلختياري L’exécution volontaireهو ما يتم بغير أسـ ـ ـ ـ ــلوب اإلكراه والضـ ـ ـ ـ ــغط األمر الذي
1.
وهو اليثير أية إش ـ ـ ـ ـ ـ ــكالية إجرائية إال إذا تعلق األمر أعتبر معه وفاء باإللتزام إلرتباطه بالجبر غالبا
2
برفض المحكوم عليه ،فيمكن لهذا األخير عرضه أمام المحكمة إلبراء ذمته .
L’éxécution forcéeفهو لجوء المحكوم له إلى الس ــلطة العامة لتحص ــيل حقه أما التنفيذ الجبري
جب ار ،اعتمادا على القاعدة التي تمنع الشـ ــخص من إقتضـ ــاء حقه بنفسـ ــه Nul n’a le droit de se
1
faire justice a soi memeحسب ما جاء في المواد 584إلى 642من قانون اإلجراءات المدنية
-/01التنفيذ المباشـ ـ ـ ـ ـر :وهو مايعبر عنه بالتنفيذ العيني ،وقد نص ـ ـ ـ ــت عليه المواد من 164إلى
175من القانون المدني والذي نصـ ـ ـ ــت أحكامه على جبر الميدن بعد إعذاره باإلضـ ـ ـ ــافة إلى عديد
األحكام " في حين أن المشــرع المصــري لم ينشــغل بتنظيم التنفيذ المباشــر بالرغم من وجود عمليات
3
له تحتاج إلى قواعد تفصيلية لتنظيمها .
-/02التنفيذ بالحجز :والحجز هو نظام إجرائي يتعلق بالتنفيذ الجبري يتم بموجبه وضــع مال معين
من أموال المدين تحت يد القضـ ـ ــاء وترفع يد صـ ـ ــاحبه عليه تمهيدا إلقتضـ ـ ــاء الدائن حقه منه ،عن
ولقد نظم المش ــرع الجزائري موض ــوع الحجز وأنواعه في المواد 721إلى 765من قانون اإلجراءات
المـدنيـة واإلداريـة ،وتقـابلهـا المواد 200ومـايليهـا من قـانون المرافعـات المصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري ،وايـا كـان نوع
الحجز تنفيــذيــا أو إحتيــاطيــا ،وأيــا كــانــت طريقــة الحجز على منقول لــدى المــدين أو الغير أو على
عقار.
³أحمد خليل ،قانون التنفيذ الجبري ،مصر ،مطبعة اإلشعاع الفنية ،سنة ، 1998ص . 8
1محمد حسنين ،طرق التنفيذ في قانون اإلجراءات المدنية ،الجزائر ،ديوان المطبوعات الجامعية ،سنة ، 1982ص 5ومابعدا .
2حسينة شرون ،المرجع السابق ،ص . 23
3محمد حسنين ،المرجع السابق ،ص 6
17
ثانيا :مفهوم التنفيذ في القانون اإلداري :
إن اإلشارة إلى مسألة التنفيذ القضائي وطرقه في مجال المواد المدنية رغم إتساع مجاله واإلشكاالت
المثارة بشأنه ذات أهمية كبيرة في توضيح مجال تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلدارية .فمفهوم
التنفيذ في القانون اإلداري من حيث موضوعه ال يختلف كثي ار عنه في القانون المدني ،في كونه
يعني تمكين المحكوم له من حقه ،إال أنه من الناحية اإلجرائية يختلف عنه نظ ار إلختالف المراكز
القانونية ألطراف التنفيذ من جهة ،وماتتمتع به اإلدارة من جهة ثانية ،ولعل أهم اإلمتيازات التي
اقرها الفقه والقضــاء س ـواء في فرنســا أو في مصــر لجهة اإلدارة ،تمتعها في مباش ـرة نشــاطها ســلطة
1
تقديرية وتمتعها بحق التنفيذ المباشر لق اررتها تجاه األفراد والجماعات الخاصة .
2
وهو مالم يخرج عنه المشرع الجزائري طبقا لألحكام العامة للقانون اإلداري .
1
واليعني حق اإلدارة في التنفيذ المباشر لق ارراتها أن تحصل على ماليس لها غصبا أو أن لها الحق
فـــي اإلعتداء على حقوق األف ـــــراد ،إنما هو مقيد بشروط يتطلبها القانون ، 3على أن التنفيذ المباشر
في هذا المجال يختلف عنه في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،فهو في القانون اإلداري يتعلق
بص ـ ـ ــالحية اإلدارة للقيام بتنفيذ ق ارراتها مباشـ ـ ـ ـرة دون اللجوء إلى القض ـ ـ ــاء 4هذا من جهة ،ومن جهة
أخرى فإن التنفيذ إذا تعلق بأحكام قضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائية فإنه يختلف بإختالف المركز القانوني لإلدارة بإعتبارها
فإن كان الحكم الصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادر لصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالح اإلدارة ،فإن لهذه األحكام حماية تنفيذية من تلك التي رأيناها
وبالمقابل تتقلص الحماية متى كانت األحكام صادرة ضد اإلدارة ،ولعل أهم األساليب للتنفيذ المباشر
التي تلجــأ إليهــا اإلدارة في تنفيــذ األحكــام هي الحجز اإلداري والــذي بموجبــه يتم الحجز على أموال
المحكوم عليه لص ـ ـ ــالح اإلدارة إلس ـ ـ ــتيفاء حقوقها سـ ـ ـ ـواء ماتعلق األمر بأحكام مدنية وق اررات قض ـ ـ ــائية
إدارية ،والتنفيذ بالمقاصـ ــة بخصـ ــم المبالغ المسـ ــتحقة لإلدارة من أموال األفراد الموضـ ــوعة تحت يدها
س ـ ـواء على سـ ــبيل الضـ ــمان أو كانت تمثل مرتبات لديها في حدود مايسـ ــمح به القانون كتحديد نسـ ــبة
5
معينة شهريا .
18
ويتضـ ـ ــح مما سـ ـ ــبق أن عملية التنفيذ لصـ ـ ــالح اإلدارة التثير أي إشـ ـ ــكاالت عملية لطبيعة العالقة بين
الطرفين واختالف مركزهما القانوني من جهة ،وتعدد طرق التنفيذ بأساليب قضائية وأخرى إدارية من
1 6
جهة أخرى.
يقصـد بتنفيذ الحكم أو القرار القضـائي اإلداري الصـادر ضـد اإلدارة :إلتزام اإلدارة بتحقيق منطوق الحكم
أو القرار ومــايترتــب عنــه من آثــار بــإتخــاذ اإلجراءات الالزمــة لــذلــك .كمــا لو كــان هــذا الحكم أو القرار
صــادر بإلزام اإلدارة بدفع مبلغ مالي على ســبيل التعويض ،ففي هذه الحالة يتعين على اإلدارة إســتخراج
اإلذن المالي حتى يتسنى للمحكوم له إستـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـفاء حقه ،أو قد يتعلق األمر بقرار صادر باإللغاء فيتعين
على اإلدارة إتخاذ اإلجراءات القانونية التي تراها مناسبة ،كأن تصدر قرار إداريا بسحب القرار الملغى .
على أن التنفيذ في مثل هذه الحالة إما يكون إختياريا ،وهو األمر المفترض في اإلدارة التي تبادر إلى
تنفيذ األحكام والق اررات القضــائية اإلدارية الصــادرة ضــدها ،بإتخاذ مايلزم من ق اررات لترجمة اآلثار
القانونية المترتبة عليها إلى واقع ملموس بإعتبارها القائمة على تنفيذ األحكام والق اررات بش ـ ــكل عام
،أو أن يكون بإس ـ ـ ـ ــتعمال وس ـ ـ ـ ــائل تجبرها على التنفيذ دون أن تتعارض مع طبيعتها ومع الحماية
وفي هذا الصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد يتعين اإلشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارة إلى أنه واعماال لقاعدة عدم وقف اإلسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتئناف لتنفيذ القرار
المسـ ــتأنف .فإنه يتعين على اإلدارة اإللتزام بتنفيذ األحكام والق اررات القضـ ــائية اإلدارية الصـ ــادرة
ضـدها في أول درجة .رغم إسـتئنافها ألن قاعدة عدم وقف التنفيذ بالنسـبة لإلسـتئناف تتعلق بالقرار
القضـ ــائي المسـ ــتأنف وليس بالقرار اإلداري محل الطعن على مسـ ــتوى الدرجة األولى ¹ ،وان كان
باديا أن تنفيذ حكم أو قرار ص ــادر في غير ص ــالح اإلدارة إبتدائيا قد يحقق نتائج س ــلبية ولض ــمان
تحقيق المصـ ــلحة العامة التي تهدف إلى تكريســـها المصـ ــلحة العامة التي تســـعى لها اإلدارة ،فإنه
4األنصاري حسن النيداني ،التنفيذ المباشر للسندات التنفيذية ،مصر ،دار الجامعة الجديدة ،سنة ، 2001ص . 225
5إبراهيم عبد العزيز شيحا ،المرجع السابق ،ص .427
19
في غالبا مايكون القرار الص ـ ـ ـ ـ ــادر ض ـ ـ ـ ـ ــدها نتيجة إنتفاء مش ـ ـ ـ ـ ــروعية عملها وتبعا لذلك إنتفاء فكرة
المصـ ـ ـ ــلحة العامة ،باإلضـ ـ ـ ــافة إلى أن المشـ ـ ـ ــرع قد خول لألفراد كما لإلدارة الحق في طلب وقف
التنفيذ للحكم أو القـ ـ ـ ـ ـرار المستأنف إلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـى حين صدور القرار النهائي .
وفي كل األحوال فإن القرار القض ــائي اإلداري الص ــادر لص ــالح اإلدارة أو ض ــدها يس ــتلزم ش ــروطا
الفرع الثاني :شروط تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلدارية ضد اإلدارة
إن الحكم أو القرار القضــائي اإلداري ،كما ســبق ذكره اليختلف في طبيعته عن األحكام القضــائية
األخرى الص ـ ــادرة من مختلف الجهات القض ـ ــائية ،وتس ـ ــري في ش ـ ــأن تنفيذه القواعد العامة المقررة
لتنفيذ األحكام عموما .وبإعتباره كذلك يعد من أهم الس ــندات التنفيذية ،التي أص ــبغ عليها المش ــرع
حماية تنفيذية مرتبطة بأوصاف معينة يستلزمها القانون نوجزها فيمايلي :
ب – أن يكون حكما أو ق ار ار من أحكام اإللزام :كما هو الشأن في تنفيذ األحكام العادية ،يشترط
أن يكون الحكم أو القرار القض ـ ـ ـ ـ ـ ــائي اإلداري متض ـ ـ ـ ـ ـ ــمنا إلزام يتعين على اإلدارة القيام به ،إذ أن
األحكام التقريرية أو اإلنشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائية وبالرغم من الحجية التي تتمتع بها ن فإن مفهوم التنفيذ يتفق مع
األحكام اإللزامية ألنه في حقيقة معناه تأدية المحكوم ضـ ــده ما افترضـ ــه الحكم عليه ،س ـ ـواء تمثل
في عمل أو في إمتناع عن عمل ،واما كان الوحيد من األحكام الذي يصـ ـ ـ ــدر حامال لهذا المعنى
هو حكم اإلزام ،إلنه يكون دون غيره القابل للتنفيذ طوعا أو كرها ¹ .
غير أن األحكام التقريرية واإلنشـ ـ ــائية متى تضـ ـ ــمنت في شـ ـ ــق منها إلزاما ،أمكن تنفيذها في ذلك
واذا نظرنا على اإللتزام التي قد تتضـ ـ ـ ـ ـ ــمنها األحكام والقرارت القضـ ـ ـ ـ ـ ــائية اإلدارية ،نجدها تختلف
بإختالف موض ــوع النزاع ،كما لو كان اإللتزام اإلداري منص ــبا على إلغاء قرار غير مش ــروع تلتزم
1بشير محمد ،الطعن باإلستئناف ضد األحكام اإلدارية في الجزائر ،الجزائر ،ديوان المطبوعات الجامعية ،سنة ،1991ص.151
2نبيل إسماعيل عمر ،قانون المرفعات المدنية والتجارية ،المرجع السابق ،ص .551
20
بموجبـه اإلدارة بمنح تعويض عن خطـأ إرتكبتـه فتقوم بسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـة من اإلجراءات العمليـة بهـدف
إحتساب مقدار التعويض في ميزانيتها و إصدار األمر بصرفة لصالح المحكوم له .
واألحكام والق اررات القضـ ـ ــائية اإلدارية عادة ما يكون اإللتزام فيها ضـ ـ ــمنيا ،إذ اليشـ ـ ــترط أن يكون
إن قرار اإللزام هو الــذي يرد على التــأكيــد على حق ،ومحلــه هو إلتزام اإلدارة بــاألداء ،حيــث
يش ــترط لكي يص ــبح الحكم أو القرار القض ــائي اإلداري قابال للتنفيذ كغيره من األحكام والق اررات أن
يكون متضـ ــمنا إلتزاما معينا تقوم به اإلدارة واإللتزامات التي تتضـ ــمنها األحكام والق اررات القضـ ــائية
اإلداريــة كثيرة ومتنوعــة تختلف بــإختالف موضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوع النزاع المطروح أمــام القض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء ،ومن هــذه
اإللتزامات نجد تقديم تعويض نتيجة خطأ ارتكبته اإلدارة أو بتسـوية إدارية مثل إعادة إدراج موظف
في منصب عمله أو إلتزام بإلغاء قرار قد أصدرته لمحو آثار هذا القرار ،ومنه فإن دعوى التفسير
أو فحص المش ــروعية الينتج عنها أحكام أو ق اررات قض ــائية ملزمة لإلدارة ،لذا فهي مس ــتبعدة من
1
مجال الدراسة ³ .
ج – تبيلغ الحكم أو القرار القضــــائي اإلداري :ويقصـ ـ ــد بتبليغ الحكم أو القرار القضـ ـ ــائي اإلداري
إرسـ ـ ـ ـ ــال نسـ ـ ـ ـ ــخة من الحكم أو القرار إلى اإلدارة والى ممثلها القانوني ،والتبليغ الرسـ ـ ـ ـ ــمي الذي يتم
بموجب محضـر يعده المحضـر القضـائي " نص المادة 406من ق.إ.م.إ ،كما نصـت المادة 894
من ق.إ.م.إ على أنه ":يتم التبليغ الرسمي لالحكام واألوامر إلى الخصوم في موطنهم ،عن طريق
أي أن المشـ ـ ــرع إعتمد مبدأ عام في تبليغ األحكام والق اررات القضـ ـ ــائية اإلدارية وهو التبليغ الرسـ ـ ــمي
عن طريق المحضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائي وهو األمر الذي كان جوازيا طبقا لنص المادة 171من قانون
1محمد باهي أبو يونس ،الغرامة التهديدية كوسيلة إلجبار اإلدارة عن تنفيذ األحكام اإلدارية ،مصر ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،سنة 2001ص 67
2حسينة شرون ،المرجع السابق ،ص . 28
3إبراهيم أوفائدة ،المرجع السابق ،ص . 53
21
غير أنه يجوز لرئيس المحكمة اإلدارية إستثناءا أن يأمر بتبليغ الحكم إلى الخصوم عن طريق أمانة
الض ـ ـ ــبط وذلك بنص المادة 895ق.إ.م.إ حيث يتم إرس ـ ـ ــال نس ـ ـ ــخة من الحكم أو القرار القض ـ ـ ــائي
اإلداري إلى اإلدارة أو ممثله القانوني " المادة 408ق.إ.م.إ حيث يعتبر تبليغا رسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــميا إلعالمها
بذلك لتص ـ ـ ــبح اإلدارة ملزمة بتنفيذ محتوى الحكم أو القرار القض ـ ـ ــائي اإلداري ،ويعتبر ش ـ ـ ــرط تبليغ
األحكام والق اررات القضـ ـ ـ ـ ـ ــائية اإلدارية من أهم شـ ـ ـ ـ ـ ــروط تنفيذها في مواجهة اإلدارة ،ومفاده أن تبلغ
األحكام والق اررات القضائية اإلدارية من أهم شروط تنفيذها في مواجهة اإلدارة ،ومفاده أن تبلغ
األحكام والق اررات إلى اإلدارة لتصــبح هذه األخيرة عالمة باإللتزام الملقى على عاتقها لمباش ـرة إجرات
تنفيذ مض ــمون الحكم أو القرار القض ــائي اإلداري ،حيث تحس ــب آجال المعارض ــة واإلس ــتئناف من
تاريخ التبليغ الرسمي لإلدارة رغم أن المعارضة واإلستئناف ال يوقفان تنفيذ الحكم أو القرار القضائي
اإلداري .
المبدأ العام أن األحكام والق اررت القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائية اإلدارية ال تكون محال للتنفيذ مالم تمهر بالص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيغة
التنفيذية ،هذه األخيرة هي التي تجعل من القرار القضائي اإلداري صالحا للتنفيذ .
والص ــيغة التنفيذية هي الوس ــيلة التي بمقتض ــاها يتمكن حامل الس ــند من وض ــعه موض ــع التنفيذ إلس ــتيفاء
1
حقه من قبل المدين . ¹
وقد أوجبت المادة 601من ق.إ.م.إ على ضـ ـ ــرورة إمهار السـ ـ ــند التنفيذي بصـ ـ ــيغة تنفيذية ليكون
قـابال للتنفيـذ وقـد جـاء فيهـا مـايلي " :اليجوز التنفيـذ في غير األحوال المسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتثنـاة بنص في هـذا
القانون إال بموجب نسخة من السند التنفيذي ممهو ار بالصيغة اآلتية ....:
الشـ ــرط الرابع الذي نتكلم عنه هو عدم صـ ــدور حكم أو قرار قضـ ــائي بوقف تنفيذ القرار القضـ ــائي
اإلداري الصـ ـ ـ ـ ــادر ضـ ـ ـ ـ ــد اإلدارة ،وقد راينا أن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ينص على القوة
22
التنفيــذيــة لألحكـام والقرارت القض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائيــة اإلداريــة بمجرد إعالنهــا أو تبليغهــا لإلدارة حيــث ال يوقف
اإلســتئناف وال يســري ميعاد تنفيذ األحكام والق اررات القضــائية الصــادرة في المواد المدنية ¹ .وعلى
غرار القانون السـ ـ ـ ـ ـ ـ ــابق ، ²فإن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الحالي يسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمح بوقف التنفيذ
وقد ورد ذلك في نص المادة 913من ق.إ.م.إ ،حيث يعتبر وقف تنفيذ القرار القض ـ ـ ــائي اإلداري
اســتثناءا وليس قاعدة عامة فمن المنطقي أنه إذا تبين لقاضــي اإلســتئناف أن تنفيذ الحكم أو القرار
القضائي اإلداري المستأنف سيؤدي ال محالة إلى أوضاع يكون من العسير تداركها ،أو أن
المسـ ــتندات التي قدمها المسـ ــتأنف في طعنه تكون من الجدية بحيث سـ ــيؤدي بالضـ ــرورة إلى إلغاء
1
الحكم المس ـ ـ ـ ـ ــتأنف فله أن يوقف تنفيذ هذا الحكم إلى حين إص ـ ـ ـ ـ ــدار حكم محكمة اإلس ـ ـ ـ ـ ــتئناف ³
ويتض ــح من موقف القض ــاء اإلداري الجزائري وخاص ــة ق اررات مجلس الدولة التي تميل إلى تطبيق
وامال هذا اإلسـ ـ ــتثناء أي وقف تنفيذ الق اررات القضـ ـ ــائية اإلدارية ،ومن تطبيقات ذلك صـ ـ ــدر قرار
بتاريخ 1998/02/21:تحت رقم : 000663 :والذي قضى بوقف تنفيذ القرار القضائي اإلداري
الصـ ـ ـ ـادر في 1997/06/02:عن الغرفة اإلدارية لمجلس قض ـ ـ ــاء تيزي وزو ومما جاء فيه ...":
أنه بناءا على إرجاع القضية فالغرفة اإلدارية قضت بعد الخبرة بإلزام المدعي بدفع مبلغ :
،حيث أنه ومن جهة فإن تنفيذ القرار المســتأنف ســيؤدي إلى أض ـرار على ميزانية الوالية اليمكن
تصحيحها في حالة إلغائه من طرف مجلس الدولة مما يتعين قبول الطلب شكال وموضوعا . ¹
1نصت المادة 908من ق.إ.م.إ على مايلي " :اإلستئناف أمام مجلس الدولة ليس له اثر موقف ".
2كانت المادة 283ف 02من ق.إ.م القديم تسمح بإيقاف القرار القضائي بصفة إستثنائية وبناءا على طلب المدعي .
3بشير محمد ،الطعن باإلستئناف ضذ األحكام اإلدارية في الجزائر ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،سنة ، 1991ص109
23
وقد نصـ ـ ـ ــت على هذه الحالة المادة 914من ق.إ.م.إ وجاء فيها مايلي " :عندما يتم إسـ ـ ـ ــتئناف
حكم صــادر عن المحكمة اإلدارية قضــى بإلغاء قرار إداري لتجاوز الســلطة يجوز لمجلس الدولة
بناءا على طلب المسـ ـ ـ ــتأنف ،أن يأمر بوقف تنفيذ الحكم متى كانت أوجه اإلسـ ـ ـ ــتئناف تبدو من
التحقيق جدية ومن ش ــأنها أن تؤدي فض ــال عن إلغاء الحكم المطعون فيه أو تعديله ،إلى رفض
الطلبات الرامية إلى اإللغاء من أجل تجاوز الســلطة الذي قضــى به الحكم ،وفي جميع الحاالت
المنصــوص عليها في الفقرة أعاله وفي المادة 912من هذا القانون ،يجوز لمجلس الدولة ،في
أي وقت أن يرفع حالة وقف التنفيذ ،بناءا على طلب من يهمه األمر ".
1
المبحث الثاني :صور وحبجج اإلدارة لعدم تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية
بعد أن تطرقنا في المبحث األول لمفهوم األحكام والق اررات القض ــائية اإلدارية وكذلك الش ــروط الواجب
توفرها في الحكم أو القرار القض ـ ـ ـ ـ ــائي محل التنفيذ ،حتى تنتج عن اآلثار القانونية الس ـ ـ ـ ـ ــليمة ،فإنه
يتعين علينا في المبحث الثاني التطرق لمس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــألة هامة والتي تتعلق بعدم التنفيذ ،إذ البد أن تتوفر
شـ ـ ــروط معينة حتى يعد إمتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام والق اررات القضـ ـ ــائية اإلدارية تعسـ ـ ــفا وانتهاكا
تلك الشـ ـ ـ ـ ــروط والصـ ـ ـ ـ ــور في مجملها تعد معيا ار للتمييز بين عدم التنفيذ المبرر لإلدارة ،وعدم التنفيذ
غير المبرر ،وان لم يتم تحديدها كإجراء خاص وارد بنص قانوني ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريح ،كونها التتعدى وجود
1نادية بوقفة ،آليات تنفيذ األ حكام في المادة اإلدارية ،مذكرة لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ،الدفعة السابع عشر ، 2009-2006ص. 17
24
ونتطرق في المطلب الثاني :إلى حجج اإلدارة لعدم التنفيذ والتي تكون فيــه اإلدارة في هــذه الحــالــة
نس ــتعرض في هذا المطلب ص ــور التي تبرز بمناس ــبة إمتناع اإلدارة عن التنفيذ سـ ـواء تمثل اإلمتناع
في قرار صريح يصدر حامال مضمونه ،أو كان نتيجة لسكوت اإلدارة الطويل عن إتخاذ اإلجراءات
التي تدل على نيتها للقيام بتنفيذ الحكم أو القرار القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائي اإلداري ،أو من خالل إتخاذها ألحد
المواقف الدالة على تعارضها مع مقتضى منطوق القرار مما يفيد إمتناعها عن تنفيذه ضمنيا .
ومن صـور إمتناع اإلدارة عن التنفيذ في بعض الحاالت والتي تأخذ شـكال مغاي ار لسـابقتها ،ويتجلى
ذلك من خالل إهمال اإلدارة القيام بالتنفيذ للحكم أو القرار القضـ ــائي بحيث تسـ ــلك سـ ــبيل اإلجراءات
التي من ش ــأنها أن ترتب تنفيذا ناقص ــا للحكم أو القرار القض ــائي اإلداري ،أي أن تعتمد على طرق
بحث تكون الشروط الشكلية مستوفية وصحيحة من الناحية القانونية ،ولكنه من حيث الغاية يقصد
كما تتذرع في حاالت أخرى بدواعي النظام العام بما اليدع مجاال للش ــط في أن إنحرافها باإلجراءات
هو أحد صــور إســاءة إســتعمال الســلطة .وهذا ماســيأتي بيانه من خالل الفرع األول :والذي نتناول
فيه اإلمتناع اإلرادي الصريح ،والفرع الثاني نبين فيه اإلمتناع اإلرادي الضمني .
25
اليعني اإلمتناع اإلرادي عن تنفيذ القرار القضائي اإلداري مجرد رفض اإلدارة للتنفيذ ،وانما ينعكس
بإصـرارها وتصــميمها على عدم التنفيذ ،وهذا العمد في اإلمتناع هو الذي يصــبغ تصـرفها ذلك بعدم
المشروعية .
وهنا اليكون لإلدارة أن تتذرع بإسـ ــتهدافها تحقيق المصـ ــلحة العامة ،فالشـ ــك أن إمتناع اإلدارة عن
تنفيذ األحكام والق اررات القضـ ــائية اإلدارية هو الذي من شـ ــأنه أن يؤدي إلى الفوضـ ــى ويشـ ــكل تعديا
خطي ار على النظام العام الذي يجب عليها المحافظة عليه ،ذلك أنه يجب اإللتزام بتنفيذ القانون ،
األحكام والق اررات القضــائية اإلدارية كما اليمكن تحقيق المصــالح بإتباع الســبل غير المشــروعة ،إذ
وفي جميع األحوال فإنه اليليق بحكومة أي بلد أن تمتنع عن تنفيذ أحكام القضـ ـ ــاء بغير وجه حق ،
لما يترتب على هذه المخالفة الخطيرة من إشاعة الفوضى وفقدان الثقة في سيادة القانون ¹.
واإلمتناع بإصرار اإلدارة عليه يأخذ صورتين تبعا للطريقة المعبر بها عن هذا اإلصرار ،فإما يكون
مكش ـ ــوفا واض ـ ــح الداللة أو أن يكون بأحد المظاهر الدالة داللة قاطعة عليه ،ونبين ذلك من خالل
يتجسد اإلمتناع الصريح لإلدارة عن التنفيذ ،في صدور قرار صريح يحمل رفض تنفيذ القرار القضائي
بما اليدع الشك في مخالفتها لحجية الشيء المقضي فيه ،ومجاورتها بالخروج على أحكام القانون .
وان تبدو هذه الص ـ ـ ــورة أقل حدوثا ،فاإلدارة تتجنب دائما المواجهة مع القض ـ ـ ــاء ،خاص ـ ـ ــة بالنظر إلى
اآلليات الموجهة ضــدها في مختلف األنظمة المقارنة إلجبارها على تنفيذ أحكام القضــاء ،حرصــا منها
26
باإلض ـ ـ ـ ــافة إلى أنه هنالك ش ـ ـ ـ ــروط يس ـ ـ ـ ــتلزم توافرها ،حتى يكون إمتناع اإلدارة عن التنفيذ إراديا عمديا
ينصـ ــرف إلى ظرف إسـ ــتئنائي شـ ــاذ يتصـ ــف من حيث مصـ ــدره بأنه فعل من الطبيعة أو خطأ إنسـ ــاني
وعلى هذا الحال فإن حصـ ـ ـ ــول قوة قاهرة أو حادث فجائي يحول دون مقدرة اإلدارة على تنفيذ إلتزامها ،
وفي الجزائر ،فإنه وان لم نجد من اإلجتهاد القض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائي مايفيد باألخذ بهذا المبدأ واألمر راجع لندرة
قضـ ــاء مجلس الدولة في مجال اإلمتناع عن تنفيذ األحكام والق اررات القضـ ــائية لحادثة القضـ ــاء اإلداري
في الجزائر من جهة ثانية ،فإن المنطق القانوني يقتضي منا التصريح بتبرير إمتناع اإلدارة عن التنفيذ
1
متى أفضى إلى ذلك حادث مفاج أو قوة قاهرة .
قد يحدث تغيير المركز القانوني أو الواقعي للطاعن إما في الفترة مابين إقامة طعنه وصـ ـ ـ ـ ـ ــدور القرار
القضـ ـ ــائي ،أو في الفترة الالحقة للقرار والسـ ـ ــابقة على التنفيذ ،فيقضـ ـ ــي األمر إلى إعاقة اإلدارة عن
إجراء التنفيذ ،وان كان من الواضـ ـ ــح هنا أن القضـ ـ ــاء هو الذي يبرر لإلدارة هذا اإلمتناع حين يقترن
¹قرار المحكمة العليا رقم 92118الصادر في ، 1993.04.11المجلة القضائية ،العدد ، 01سنة ، 1994ص 196،191
²قرار المحكمة العليا رقم 53098الصادر في ، 1987.06.27المجلة القضائية ،العدد ، 04سنة ، 1990ص 175ومابعدها
27
متى إمتنعت اإلدارة ص ـ ـ ـ ـ ـ ـراحة عن تنفيذ حكم أو قرار قضـ ـ ـ ـ ـ ــائي إداري ،ثم عدلت عن ذلك بإتخاذها
الخطوات الالزمة للتنفيذ يترتب عليه أن ال يؤتي اإلمتناع أثره في الجزاء سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواء كان قانونيا أوتأديبيا
فموقف القضاءء اإلداري الجزائري ليس بالوضوح الذي رأيناه عند نظيره الفرنسي والمصري ،في هذه
المسألة ،وان كان قد اعتبر أن تراخي اإلدارة عن تنفيذ أحكام التعويض اليجب مساءلتها مادام يتعين
فإن مسألة العدول من جانبها في هذه الحالة اليقدم وال يؤخر شيئا ،غير أن اإلشكال يطرح في تنفيذ
أحكام وق اررات اإللغاء والتي تقر المحكمة العليا على أن :الق اررات القض ــائية األإدارية التي تس ــتهدف
الوقوف ضـ ـ ــد حكم قضـ ـ ــائي نهائي تمس مبدأ قوة الشـ ـ ــيء المقضـ ـ ــي به تعتبر مشـ ـ ــوبة بعيب تجاوز
ولعله من األصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوب ،أن نعتبر عدول جهة اإلدارة عن اإلمتناع يكون مبر ار متى يثبت أن مبادرة
اإلدارة في إتخاذ اإلجراءات الالزمة والفعلية لتنفيذ مقتى ما أقره القرار القضـ ــائي ،ش ـ ـريطة أن اليكون
تنفيــذ القرار القض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائي مرتبطــا بــالزمن ،حيــث أنــه إذا لم يتنفــذ خالل فترة زمنيــة معينــة ازلــت أهميــة
التنفيذ .ومثال ذلك إلغاء قرار يمنع شـ ــخصـ ــا من المشـ ــاركة في مسـ ــابقة بعد أن حرمته اإلدارة فعدول
اإلدارة عن اإلمتناع ،يجب أن يكون قبل المسابقة ،واال كان العدول بدون جدوى .
إن هذه الص ــورة هي األكثر ش ــيوعا في تجس ــيد رفض اإلدارة تنفيذ األحكام والق اررات القض ــائية ،فهي
تلجأ إلى هذه الوسـ ــيلة دون الحاجة إلى إصـ ــدار قرار ص ـ ـريح بالرفض بل تكتفي بالسـ ــكوت عن إتخاذ
فاألصــل أن صــدور حكم بإلغاء قرار إداري ،يرتب العودة بالحالة ،كأن القرار الملغى لم يصــدر ولم
ي كن له أي وجود قانوني ،فهذا األثر الهادم يقتضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي إزالة القرار المحكوم بإلغائه ،ومحو آثاره من
وقت صــدوره ،وهذا يســتلزم تحمل اإلدارة إللتزامين أحدهما ســلبي باإلمتناع عن إتخاذ أي إجراء تنفيذ
28
يترتب عليه حدوث أثر للقرار بعد إلغائه ،وثانيهما إيجابي بإتخاذ اإلجراءات الكفيلة بتنفيذ منطوق
وذلك على أساس إفتراض عدم صدور القرار الملغى وسكوت اإلدارة عن القيام باإل ل ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ـزامين يجسد
وهو بــذلــك يــأخــذ شـ ـ ـ ـ ـ ـ ــكلين :إمــا بــاإلسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتمرار في تنفيــذ القرار الملغى أو بــإعــادة إص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدار الق ارر
تعد مواصلة تنفيذ القرار الملغى ،واإلستمرار في تطبيق اإلجراءات المترتبة عليه ،رغم صدور الحكم
بإلغائه من أخطر المخالفات التي ترتكبها اإلدارة تجاه القانون والقضاء معا ،ولعل ما يؤكد ذلك ،أن
ومن مظاهر مخالفة اإلدارة للتنفيذ ،باإلسـ ـ ـ ـ ـ ــتمرار في تطبيق اإلجراءات اإلدارية المخالفة للقرار الذي
قض ـ ـ ـ ـ ــى بوقفها في الجزائر ما أدى إلى أمر رئيس الغرفة اإلدارية بالمجلس القض ـ ـ ـ ـ ــائي لوالية الجزائر
بعد أن اقتطعت إدارة الضــ ـرائب المتنوعة من إحدى الش ـ ــركات الفرنس ـ ــية العاملة بالجزائر مبلغا قدره :
1932677,78دج بدون وجه حق ،فرفعت هذه الشـ ــركة دعوى أمام الغرفة اإلدارية لمجلس قضـ ــاء
الجزائر لوقف اإلجراءات التنفيذية لهذا اإلقتطاع ورد المبلغ المقتطع ،وكان أن صدر األمر بذلك .
غير أن إدارة الض ـ ـ ـ ـ ـرائب لم تسـ ـ ـ ـ ــتجب ألمر الغرفة اإلدارية ،ولم تتوقف عن اإلجراءات التنفيذية إلى
من صور مخالفة اإلدارة إللتزامتها بالتنفيذ كذلك ،قيامها بإعادة إصدار القرار المحكوم بإلغائه .
29
فقد تتحايل اإلدارة على تنفيذ حكم اإللغاء بإص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدار قرار جديد يحقق هدف القرار الملغى ،ولكن
بوسـيلة مختلفة ،كما لو قامت بفصـل الموظف بغير الطريق التأديبي ،بعد أن يكون الحكم قد صـدر
واذا كانت اإلدارة ليسـ ـ ـ ــت ملزمة في جميع األحوال باإلمتناع عن إعادة إصـ ـ ـ ــدار القرار بعد إلغائه من
طرف القاضي اإلداري ،هناك حاالت يجوز فيها لإلدارة إعادة إصداره .
وهي تختلف بإختالف أوجه عدم المشــروعية التي شــابت القرار الملغى ،ويظهر ذلك بصــورة خاصــة
في تغيير األسانيد القانونية أو المادية ،وكذلك في حالة إلغاء القرار لعيب الشكل أو اإلختصاص .
وموقف القضـ ـ ـ ــاء اإلداري الجزائري ،فنسـ ـ ـ ــتشـ ـ ـ ــفه من خالل قرارت الغرفة اإلدارية للمحكمة العليا " ،
مجلس الدولة حاليا " والقواعد العامة للقضـ ــاء اإلداري ،أنه على اإلدارة تنفيذ القرار الصـ ــادر باإللغاء
لعيب الش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكل أو اإلختصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاص ،حتى لو كان الخطأ ثابتا على الموظف ،ولها بعد ذلك أن تعيد
إصــداره بعد تصــحيحه إن أمكن ألنه ال يوجد ما يمنعها من ذلك مادام هدفها هو تصــويب التص ـرفات
1
القانونية الخاطئة ³.
ومهما يكون األمر ،فإنه وفي غير الحاالت التي يجوز فيها لإلدارة إعادة إصــدار القرار الملغى فإن
قيامها بإعادة إص ـ ــداره سـ ـ ـواء في ش ـ ــكله األول ،أو في ش ـ ــكل مقنع ¹يحقق معه الهدف الذي قص ـ ــده
القرار الملغى ،كــأن تلغي المحكمــة اإلداريــة قرار اإلدارة برفض منح ترخيص إقــامــة ،فتواجــه هــذا
اإللغاء بإصـ ـ ـ ـ ـ ــدار قرار بالطرد ،ويشـ ـ ـ ـ ـ ــترط في هذه أن تكون اإلدارة مدفوعة برغبة تحد القضـ ـ ـ ـ ـ ــاء و
اإلصرار على اإلمتناع وتدليال على ذلك ألغى مجلس الدولة الفرنسي قرار وزير التعليم المتضمن
قائمة الذي وقع عليهم اإلختبار لشــغل الوظائف اإلســتشــارية باإلدارات المدرســية و الجامعية .نظ ار
ألن القرار إستبعد الطاعن بطريقة تحكمية رغم ماتميز به من كفاءة وخبرة فائقة .
¹األمر اإلستعجالي رقم 60الصادر في 1979.05.13مشار إليه في :إبراهيم أوفادة ،المرجع السابق ،ص. 189
²عبد الغني بسيوني عبد هللا ،القضاء اإلداري " قضاء اإللغاء " ،المرجع السابق ،ص . 331
30
وقد كان تنفيذ هذا الحكم يقتضي إصدار قرار جديد بإعداد قائمة أخرى يدرج فيها إسم الطاعن غير
أن اإلدارة أصدرت ق ار ار جديدا بإعداد قائمة أخرى ولكنها لم تتضمن إسم المحكوم لصالحه أيضا ،
تجاهال للحكم السابق ،مما دفع بمجلس الدولة إلى إعتباره إمتناعا ضمنيا عن تنفيذ الحكم والقضاء
من أجل ذلك – بناءا على طلب المحكوم لصالحه – بغرامة تهديدية " "500فرنك فرنسي يوميا ضد
1
الدولة حتى يتم نفاذ الحكم .
وفي الجزائر ،فكما رأينا أن إمتناع اإلدارة ليس دائما ظاهر ،بل هي في أحيان كثيرة تتذرع بدواعي
النظام العام ،وأخرى تلجأ فيها إلى اإلنحراف باإلجراءات بما يس ـ ـ ـ ـ ـ ــمح لها بإص ـ ـ ـ ـ ـ ــدار ق اررات إدارية
تراعي فيها الشكليات القانونية لكنها تهدف بها عرقلة تنفيذ ق اررات القضاء .
وان كان من الصــعب إثبات انحراف اإلدارة أو إســاءة إســتعالها لســلطتها التقديرية فإن هذا اإلشــكال
أدة بالبعض إلى التسليم بأنه التوجد طريقة فعالة لحمل اإلدارة على تنفيذ األحكام والق اررات القضائية
،خاصــة وأنه اليكون أمامه ســوى الحصــول على قرار قضــائي بإلغاء قرار اإلمتناع ،لتتنكر اإلدارة
غير أن األمر ال يس ـ ـ ـ ـ ــلم من ض ـ ـ ـ ـ ــرورة التفكير في وس ـ ـ ـ ـ ــائل جادة إلجبار اإلدارة على تنفيذ األحكام
والق اررات القضائية اإلدارية المتعلقة خاصة باإللغاء ،ذلك أن اللجوء إلى المطالبة بالتعويض بسبب
اإلمتناع ،ألنه يؤدي إلى تحرر الموظف المختص بالتنفيذ من إحترام حجية الشـ ـ ـ ــيء المقضـ ـ ـ ــي به
بواس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـطــة تعويض مــالي يــدفع من خزينــة الــدول ـة من جهــة ،3كمــا أنــه اليؤدي إلى إعــادة المراكز
القانونية المتضـ ـ ـ ــررة إلى ماكانت عليه ،وهو األهم ،ذلك أن المحكوم له يهدف بحصـ ـ ـ ــول اإللغاء ،
الرجوع لمركزه القانوني ال التعويض عنه ،فالموظف المفصـ ـ ــول يهمه الرجوع لمنصـ ـ ــب عمله وليس
1
فقط التعويض عن الفصل غير المشروع .
وهو ما أدى بالمشـ ـ ــرع الجزائري إلى تجريم سـ ـ ــلوك الموظف الممتنع كما سـ ـ ــنقوم بتبيانه في الفصـ ـ ــل
الثاني .
²قرار مجلس الدولة في ، 1997.05.14 :قضية chougnyمشار إليه في :محمد باهي يونس ،المرجع السابق ،ص . 158
3حسينة شرون ،إمتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضدها ،الجزائر ،دار الجامعة الجديدة ،سنة ، 2010ص ص 48 ،47
31
المطىـــب الثــانــي :حــبجـــج اإلدارة لإلمتناع عــــن التــنــفيذ
لما كان من المقرر فقها أنه التكليف بمس ـ ـ ـ ــتحيل ،وال إجبار إال على تأدية مقدور .فإنه المجال للبحث
عن وسائل قانونية إلجبار اإلدارة على تنفيذ األحكام والقرارت القضائية اإلدارية إذا إستحال تنفيذها .إذا
اليكفي لإلجبار على التنفيذ أن يكون اإللتزام به قائما بل ينبغي أن يكون التنفيذ ممكنا أيضا .
وانطالقا من هذا ،كان لزاما علينا تحديد الحاالت التي يسـ ـ ـ ـ ــتحيل معها تنفيذ الحكم أو القرار القضـ ـ ـ ـ ــائي
اإلداري ،بالنظر لمصدر اإلجراء ذاته ،أو بالنظر إلى الواقعة الالحقة به ،مما جعله مستحيال .
وبناءا عليه نتناول هذا المطلب حجج اإلدارة إلمتناع عن التنفيذ فنعرض في الفرع األول :إس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت حالة
قد تخالف اإلدارة إلتزامها بالتنفيذ في بعض الحاالت التي تس ـ ـ ــتند فيها إلى إحدى الحجج القانونية س ـ ـ ـ ـواء
تعلقت بالتصـ ــحيح التش ـ ـريعي أو بوقف تنفيذ الحكم أو القرار القضـ ــائي اإلداري ،أو كنتيجة إللغاء القرار
من مجلس الــدولــة ،وهي المبررات التي ينتج عنهــا حــاالت عمليــة إلمتنــاع اإلدارة عن تنفيــذ األحكــام
والق اررات القضائية اإلدارية إلستحالة التنفيذ من الناحية القانونية ،كما يأتي بيانه .
إعتبارات ثالثة تتحقق معها حجج إستحالة التنفيذ من الناحية القانونية ،يتساوى األمر كونها ممتدة األثر
إألثر المسـ ـ ــتقبل أو مقصـ ـ ــودة على الماضـ ـ ــي ،كما يسـ ـ ــتوي أن يكون عدم التنفيذ مطلقا أو مؤقتا ،وهذه
اإلعتبارات هي :التصـ ـ ــحيح التش ـ ـ ـريعي ،ووقف تنفيذ القرار القضـ ـ ــائي ،والغاء الحكم من مجلس الدولة
أ – التصحيح التشريعي :المقصود بالتصحيح التشريعي ،أن يتم إصدار تشريع أو الئحة ،يتم بموجبه
تص ـ ـ ــحيح آثار ترتيب على حكم اإللغاء ¹.فيكون بناء عليه محل التنفيذ – القرار الملغى – مس ـ ـ ــتحيال ،
32
وان كان من الواضح أن إصدار تشريع أو الئحة بقصد تصحيح القرار اإلداري الملغى ،أو إزالة ما قد
شابه من عيوب ،أو إعطائه القوة القانونية هو تفريغ الحكم أو القرار القضائي من مضمونه ،وتجريده
1
من فعاليته وانهاء آثاره مما يعطي اإلدارة الحق في اإلمتناع عن التنفيذ .
واذا كان الوض ــع القانوني ذلك يحرر اإلدارة من إلتزامها بتنفيذ الحكم أو القرار القض ــائي اإلداري ،فإن
هذا اليعني أبدا أن يكون المشــرع قد رخص لإلدارة التحرر من إلتزامها بإحترام أحكام القضــاء ،وال من
آثارها بإهدار مالها من حجية ،واال كان ذلك مسـ ـ ـ ــاسـ ـ ـ ــا بالدسـ ـ ـ ــتور ذاته ،الذي أقر وجوب إحترام تنفيذ
األحكام القضـ ــائية في المادة 145من الدسـ ــتور ،واذا كان لم ينص على منع المشـ ــرع من التدخل في
أعمال القضاء ،ولم ينش أي جهاز يمكنه إلزام السلطة التشريعية بعدم التدخل في العمل القضائي .
وبناءا عليه يتعين علينا تحديد النطاق الدس ــتوري للتص ــحيح التشـ ـريعي حتى تتض ــح لنا إس ــتحالة التنفيذ
المتعلق به .
فالتصحيح التشريعي – من خالل ذلك – يكون مقيدا تبعا لتحقيق التوافق بينه وبين مبدأ حجية ا
القررات
أولهما أن يكون إجراء التص ــحيح التشـ ـريعي في نطاق أثر القرار القض ــائي المض ــمونه ،وهذا يعني أن
يكون التص ــحيح اليش ــمل إال اآلثار المترتبة على القرار الملغى ،والواقعة بين ص ــدور والحكم بإلغائه ،
إذ اليسـ ــطيع إعادة القرار من جديد واضـ ــفاء المشـ ــروعية عليه بعد إعدامه قضـ ــائيا ،كما أن التصـ ــحيح
اليمكنه أن يمتد إلى المس ــتقبل ،فيعيق تنفيذه فهو يعد الحد الفاص ــل بين المرحلة الس ــابقة على ص ــدور
القرار القضـ ــائي والمرحلة الالحقة له ،ذلك أن اإلدارة تعفى من إلتزامها بتنفيذه بالنسـ ــبة للمرحلة األولى
،غير أنها تظل ملتزمة بتنفيذ مقتضــ ـ ـ ـ ــيات القرار القضــ ـ ـ ـ ــائي التالية لص ـ ـ ـ ـ ــدوره ،فال تتعامل مع القرار
2
اإلداري الملغى وكأنه إجراء مشروع .
أما بالنسـبة للقيد الثاني ،فمقتضـاه أنه ليس للمشـرع القيام بإجراء التصـحيح التشـريعي ،بدافع شـخصـي
أو رغبة ذاتية ،وانما يجب أن يكون دافعة تحقيق الصالح العام .
1
وتطبيقا لهذا المبدأ ،ألغى مجلس الدولة الفرنسي مرسوم تعديل القانون األساسي للمسرح الفرنسي
1عبد الغني بسيوني ،القضاء اإلداري " قضاء اإللغاء " ،مصر ،منشأة املعارف ،سنة ، 1997ص . 331
2محمد باهي أبو يونس ،الغرامة التهديدية كوسيلة إلجبار اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية ،مصر ،دار الجامعة الجديدة للنشر سنة ، 2001
ص ص . 141 ، 140
1تتلخص وقائع صدور القرار القضائي بإلغاء عزل املتصرف اإلداري للمسرح الفرنس ي وبدل أن يكون تنفيذ هذا القرار القضائي بإرجاعه إلى منصبه
وتمكينه من حقوقه املالية ،فقد عمدت الحكومة إلى تعيين شخص آخر مكانه ،فقام بمعارضة قرار التعيين الجديد وحصل مرة أخرى على قرار
33
بس ـ ــبب اإلنحراف بالس ـ ــلطة ،ألن الباعث على التعديل في القانون األس ـ ــاس ـ ــي مكان اإلمتناع عن تنفيذ
1
ق اررات قضائية .
وحتى اليكون هذا اإلجراء – التصــحيح التش ـريعي – ســبيال للنيل من حجية األحكام القضــائية ،وقوتها
التنفيذية ،فإن النظام المصـ ـ ـ ـ ـ ــري قد فتح باب الطعن في مثل تلك التش ـ ـ ـ ـ ـ ـريعات بعدم الدســ ـ ـ ـ ــتورية أمام
المحكمة الدس ـ ـ ـ ـ ـ ــتورية لمخالفة الطبيعة التشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريعية للقوانين ،من حيث وجود توافرها على خاص ـ ـ ـ ـ ـ ــيتي
العمومية والتجديد ، 2إذ حددت المادة 29من قانون المحكمة الدسـ ـ ـ ــتورية كيفية تحريك الرقابة أماماها
على دستورية القوانين واللوائح بناءا على إخطار من إحدى الجهات القضائية أثناء النظر في دعوى ما
3
،أو بناء على دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعواه .
كما أن المجلس الدس ـ ــتوري الفرنس ـ ــي – وان لم يس ـ ــمح النظام الفرنس ـ ــي بالرقابة القض ـ ــائية على دس ـ ــتورية
القوانين واللوائح – فقد وضـ ــع معايير ضـ ــابطة إلجراء التصـ ــحيح التش ـ ـريعي بكفالة السـ ــير المنظم للمرفق
وهو بذلك يعمل أن يؤدي التش ـريع التصــحيحي إلى النيل من حجية األحكام والق اررات القضــائية والحيلولة
في حين نجد أن القاض ــي الجزائري ملزم بتطبيق التشـ ـريع واال إعتبر منك ار للعدالة ،وذلك حتى لو الحظ
أنها تتعارض مع أحكام الدســتور ألن الرقابة الدســتورية التدخل ضــمن إختصــاصــاته ،إذ يتوالها المجلس
الدســتوري ،وأكثر من ذلك القضــاة في الجزائر حتى إمكانية إخطار المجلس الدســتوري ،فهي ص ـالحية
مقصـ ـ ــورة على رئيس الجمهورية ،ورئيس المجلس الشـ ـ ــعبي الوطني وكذا رئيس مجلي األمة (مادة 166
قضائي بإلغاء قرار التعيين ملخالفته حجية الش يء املقض ي به ،وإصرار الحكومة على عدم تنفيذ القرار القضائي قرار عزل املتصرف اإلداري ،قامت
بإصدار مرسوم عدلت بمقتضاه القانون األساس ي للمسرح الفرنس ي أنظر تفصيل :أحمد محيو ،املنازعات اإلدارية ،ترجمة :فائز أنجق وبيوض
خالد،الجزائر ،ديوان املطبوعات الجامعية ،سنة 1994ص . 201
2عبد الغني بسيوني عبد هللا ،املرجع السابق ،ص 712
3إبراهيم محمد حسين ،الرقابة القضائية على دستورية القوانين في الفقه والقضاء ،مصر ،منشأة املعارف اإلسكندرية ،سنة 2000ص 134
ومابعدها .
34
ب – وقف تنفيذ الحكم أو القرار القضائي :
إن وقف تنفيذ الحكم أو القرار القضائي اإلداري ،يكون على إحدى الحالتين :
إما أن يكون وقف التنفيذ إعماال لقاعدة األثر الموقف للطعن في المواد اإلدارية إستثناءا ،أو أن يصدر
قرار عن مجلس الدولة بناءا على طلب ذي مصـ ـ ـ ـ ــلحة ،بوقف تنفيذ الحكم أو القرار القضـ ـ ـ ـ ــائي اإلداري
محل الطعن ،وفي كلتا الحالتين ،فإن اإلدارة تتحلل من إلتزامها بتنفيذ الحكم أو القرار القضائي اإلداري
محل الطعن .وفي كلتا الحالتين ،فإن اإلدارة تتحلل من إلتزمها بتنفيذ الحكم أو القرار القضائي .
إذا كانت القاعدة العامة في المواد اإلدارية أن القرارت القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائية الصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادرة فيها تكون متمتعة بالقوة
التنفيذية لمجرد إعالنها ،دون أن يكون للطعن أثر موقف ،وعي قاعدة أقرها المشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرع الجزائري ،فإن
هنالك حاالت اليمكن فيها تنفيذ الحكم أو القرار القضــائي اإلداري رغم أن الطعن فيه اليوقف تنفيذه ،إذ
انه من المنطقي متى تبين لقاضي اإلستئناف أن تنفيذ القرار القضائي المستأنف ،سيؤدي ال محالة إلى
أوضــاع يكون من الصــعب إصــالحها فيمابعد ،أو أن الوثائق والمســتندات المقدمة في الطعن تحمل من
الجدية ما يؤدي بالضـرورة إلى إلغاء القرار القضـائي المسـتأنف ،فإن له إيقاف تنفيذ هذا القرار إلى حين
واذا كان المشـ ـ ــرع الجزائري قد قصـ ـ ــر األمر بوقف تنفيذ األحكام والق اررات القضـ ـ ــائية اإلدارية في األمور
اإلسـ ــتعجالية ،دون بقية األحكام والقرارت القضـ ــائية اإلدارية المتعلقة بالموضـ ــوع ،فإنه كرس فكرة وقف
تنفيذ األحكام والق اررات القضــ ــائية اإلدارية مبدئيا ،وهو مايس ـ ــتفاد أيض ـ ــا من اإلجتهاد القضــ ــائي لق اررات
المحكمة العليا " الغرفة اإلدارية " س ـ ـ ـ ــابقا – حاليا مجلس الدولة – واذا كانت تس ـ ـ ـ ــتبعد ق ارراتها من نطاق
نظ ار إلعمال قاعدة عدم وقف تنفيذ الحكم أو القرار القضائي اإلداري عند الطعن فيه ،فإنه وفي حاالت
1
1محمد بشير ،الطعن باإلستئناف ضد األحكام اإلدارية في الجزائر ،الجزائر ،ديوان املطبوعات الجامعية ،سنة ، 1991ص .109
2محمد باهي أبو يونس ،املرجع السابق ،ص . 142
35
معينة ،تس ــتدعي الض ــرورة وقف تنفيذ القرار القض ــائي ،وقد عالج الش ــرع الفرنس ــي هذه الحاالت بنص
المادة 54من المرســوم المؤرخ في 30جويلية 1963المعدل بالمرســوم لســنة ، 1984بأنه يوقف تنفيذ
-إذا كانت الوسائل المستعملة في الطعن جدية ،نظم عملية الوقف هذه بالمواد من المواد 125إلى
127من القسـ ــم التنظيمي لقانون المحاكم اإلدارية ، 1ويتم طلب وقف تنفيذ األحكام والق اررات القضـــائية
بنفس إجراءات وقف تنفيذ الق اررات اإلدارية ،على األقل من حيث شـ ـ ـ ــروط إعماله ،إذ ينبغي لحصـ ـ ـ ــوله
فمن الناحية اإلجرائية والمتعلقة أس ـ ـ ــاس ـ ـ ــا بوحدة العريض ـ ـ ــة ،بمعنى أنه يجب تقديم طلب إلغاء الحكم أو
القرار القضــائي ،ولعل الدافع األســاســي لهذا الشــرط هو مخالفة المســاس بحجية القرار محل وقف التنفيذ
،وحتى يتســـنى للقاضـ ــي اإللمام بمختلف جوانب موضـــوع الطعن والتنفيذ ،حتى يتبين للقاضـــي إن كان
أما من الناحية الشـ ــروط الموضـ ــوعية ،فيتعلق األمر بضـ ــرورة أن يؤدي تنفيذ الحكم أو القرار القضـ ــائي
إلى نتائج يص ـ ـ ــعب تداركها وأن تكون هناك أس ـ ـ ــباب جدية فيما إس ـ ـ ــتند إليه ،تبرر إلغاء الحكم أو القرار
ولما كان كل من وقف تنفيذ القرار اإلداري ،أو وقف القرار القضائي اإلداري يخصعان لضوابط وشروط
واحدة ،سـ ـواء تعلقت بالمش ــروعية أو بركن اإلس ــتعجال ،فإن وجوب إقتران طلب إلغاء القرار مع طلب
وقف تنفيذه في عريضـة واحدة سـواء بسـواء ،مرده أنه اليتصـور القضـاء بوقف تنفيذ القرار القضـائي من
جهة ،مع إمكانية بقائه قائما غير معرض لإللغاء لما فيه من تناقض واض ـ ــح من جهة أخرى ،إض ـ ــافة
36
أما المشـ ـ ـ ـ ـ ــرع الجزائري فقد أهمل هذه المسـ ـ ـ ـ ـ ــألة ،مقتص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ار على ما أورده بنص المادة 914من قانون
ولكنه جدير باإلشـ ــارة إلى كون هذه الفكرة مكرسـ ــة في التش ـ ـريع الجزائري ،ولو مبدئيا ،بإقتصـ ــاره على
األوامر اإلستعجالية دون بقية األحكام والق اررات القضائية المتعلقة بالموضوع " عندما يتم إستئناف حكم
صادر عن المحكمة اإلدارية قضى بإلغاء قرار إداري لتجاوز السلطة يجوز لمجلس الدولة ،بناءا على
طلب المستأنف ،أن يأمر بوقف تنفيذ هذا الحكم متى كانت أوجه اإلستئناف تبدو من التحقيق جدية
ومن شـ ــأنها أن تؤدي فضـ ــال عن إلغاء الحكم المطعون فيه أو تعديله ،إلى رفض الطلبات الرامية إلى
اإللغاء من أجل تجاوز السلطة الذي قضى به الحكم ،وفي جميع الحاالت المنصوص عليها في الفقرة
أعاله وفي المادة 912هذا القانون ،يجوز لمجلس الدولة ،في أي وقت أن يرفع حالة وقف التنفيذ ،
وتكون أقرب إلى تقرير حق قضــاة اإلســتئناف في إلغاء قرار قضــائي منها إلى وقف تنفيذ قرار إداري ،
بالنظر لما يس ــتعمله النص من مص ــطلحات متناقض ــة بعض ــها يوحي بأن األمر يتعلق بدعوى موضــوع
عند الحديث عن " إختص ــاص المجلس " بمعنى الغرفة وتش ــكيلها الجماعية وليس الرئيس فحس ــب ،أو
عندما يتحدث عن القرار وليس األمر .واذا نظرنا إلى ميعاد اإلسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتئناف وجدنا األمر يتعلق بدعوى
1
. إستعجالية
ونعني في هذه الحالة ،أن يصدر قرار عن مجلس الدولة بغلغاء القرار القضائي محل التنفيذ ،فيصير
بذلك محل التنفيذ منعدما ،وفي هذه الحالة تتحرر اإلدارة من إلتزامتها بتنفيذه منطقيا .
وتطبيقا لذلك رفض مجلس الدولة الفرنسـ ـ ـ ـ ـ ــي ،طلب الحكم بالغرامة التهديدية إلجبار اإلدارة على تنفيذ
قرار ألغي في اإلسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتئناف ،في دعوى تتلخص وقائعها في أن طعن أمام المحكمة اإلدارية في القرار
الصادر بفصل أحد الموظفين وقضت المحكمة بإلغاء قرار الفصل ،ثم قدمت اإلدارة طعنا باإلستئناف
ضــد القرار القضــائي قضــى بموجبه بإلغاء القرار محل الطعن ،وكان الطاعن قد قدم طلبا أمام مجلس
الدولة للحكم بالغرامة التهديدية إلجبار اإلدارة على تنفيذ قرار اإللغاء الصـ ـ ــادر من محكمة أول درجة ،
37
غير أن مجلس الدولة رفض الطلب تأسيسا أنه ال يحق للطاعن أن يجبر اإلدارة على تنفيذ حكم الوجه
1 2
لتنفيذه ،نظر إلنتهاء وجوده بحكم اإلستئناف .
إن مخالفة اإلدارة إللتزامها بتنفيذ القرار القضــائي اإلداري ،التقوم دائما على اإلســتحالة القانونية للتنفيذ
المرتبطة بإحدى المبررات السالف ذكرها ،فاإلستحالة في التنفيذ قد ترجع إلى واقعة خارجة عن نطاق
القرار ،وفي هذه الحالة قد يكون اإللتزام بالتنفيذ بذاته ممكنا ،غير أن عارضـ ـ ــا إعتراه يسـ ـ ــتحيل معه
حيث أن إستحالة التنفيذ الواقعية ،ترجع لحصول واقعة في نطاق الحكم أو القرار القضائي اإلداري ،
تكون بمثابة عارض يقطع اإلتصال بين الحكم أو القرار القضائي اإلداري وبين تنفيذه ،هذا اإلنقطاع
يمكن رده إلى ظروف تزامنت مع صـ ـ ــدور القرار حالت دون تنفيذه ،والحالة األولى بحسـ ـ ــب طبيعتها
هي إستحالة شخصية ،أما الحالة الثانية بحسب حالتها هي إستحالة ظرفية .
تعني اإلس ـ ــتحالة الش ـ ــخص ـ ــية هنا أن إس ـ ــتحالة تنفيذ الحكم أو القرار القض ـ ــائي راجعة إلى الش ـ ــخص
المحكوم لص ــالحة ،غير أن هذا اليعني أنه قام بفعل أحال التنفيذ إلى إجراء مس ــتحيل ،ولكن ظروفا
1
. طرأت عليه أدت إلى اإلستحالة
فمثال :في حالة صدور حكم أو قرار قضائي إداري يقضي بإلغاء فصل موظف بلغ سن التقاعد فيما
بعد ،فإنه يتعين على اإلدارة أن تصـ ــدر ق اررين إداريين ،يقضـ ــي القرار األول بإعادة إدراج الموظف
المفصـ ــول ،تنفيذا للحكم أو القرار القضـ ــائي اإلداري ،أما الثاني فيقضـ ــي بإحالته على التقاعد وذلك
من أجل احتساب وتقدير معاش التقاعد ،ويكون بذلك التنفيذ صوريا .
1إثر اإلصالح القضائي ،بإنشاء مجلس الدولة بمقتضى دستور 1996وبمقتضى المرسوم التنفيذي رقم 261-98في 20أوت 1998المتعلق بتحديد أشكال
اإلجراءات وكيفيات إحالة جميع القضايا المسجلة والمعروضة على الغرفة اإلداريــــة للمحكمة العليا إلى مجلس الدولة .
2محمد باهي أبو يونس ،المرجع السابق ،ص . 144
1فاألفعال التي يقوم بها المحكوم له بقصد الحصول على إستحالة تنفيذ قرار قضائي إداري أمر غير متصور ،أما تلك األفعال التي يقوم بها قبل صدور
القرار القضائي بقصد التأثير عليه فهي تعد من قبيل أعمال الغش والتدليس وهي األف عال التي يخرج عن نطاق دراستنا ،أنظر في الموضوع ،حمدي عكاشة
،الباب الثاني ،المرجع السابق ،ص ص . 1099 ، 1021
38
باإلض ـ ــافة لذلك ،قد يعتري الموظف المحكوم له باإللغاء بخص ـ ــوص قرار فص ـ ــله عارض يحول بينه
وبين تنفيذ مقتضــى الحكم أو القرار القضــائي ،ومثاله إصــابة موظف بمرض يمعنه من القيام بالمهام
المسندة له بمقتضى وظيفته ،أو بوفاته بعد صدور حكم أو قرار إلغاء فصله .
خالفا لإلس ـ ــتحالة الش ـ ــخص ـ ــية فإن اإلس ـ ــتحالة الظرفية مردها إلى ظروف اس ـ ــتثنائية اليكون فيها أمام
اإلدارة إال أن تؤثرها على تنفيذ الحكم أو القرار القض ـ ـ ـ ـ ـ ــائي ن أو أن يكون مرجعها س ـ ـ ـ ـ ـ ــبب أجنبي لم
يستطيع اإلدارة دفعه ،ومن ثمة حال بينه وبين تنفيذه .
وان كان عدم التنفيذ هنا – راجع لظروف خارجية – فإن اإلدارة تكون ملزمة بالتعويض لصالح
المحكوم لص ـ ــالحة على أس ـ ــاس المخاطر ،كما س ـ ــنرى الحقا بإعتبارها لم ترتكب خطأ وانما إمتناعها
عن التنفيــذ عــائــد إلى القوة القــاهرة أو ظرف طــارئ حــال دون تنفيــذ الحكم أو القرار القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائي ،
فاإلستحالة هنا التعزى إلى خطأ اإلدارة وانما إلى سبب أجنبي ،كما لو أنها كانت مطالبة بتنفيذ قرار
يقضــي بتســليم وثائق معينة ،غير أن تلك الوثائق قد تلفت نتيجة حريق نشــب بمصــالحها ،أو فقدت
1
رغم ثبوت اتخاذها كافة اإلحتياطات الممكنة للحفاظ عليها. 1
أم عن إسـ ــتحالة التنفيذ بسـ ــبب تهديده للنظام العام ،فإن القضـ ــاء المسـ ــتقر في الجزائر ،على أنه إذا
كان يترتب على التنفيذ إخالل خطير بالصـ ـ ـ ـ ــالح العام ،يتعذر تداركه كحدوث فتنة أو تعطيل سـ ـ ـ ـ ــير
مرفق عام أو تهديده للنظام العام ،فإن ترجيح المصلحة العامة أولى من التنفيذ ،فاإلمتناع هنا يكون
39
الفصل الثاني :
40
الضمانات الكفيىة إللزام اإلدارة بتنفيذ األحكام والقرارات
القضائية اإلدارية
التقتص ـ ــر أهمية الحكم أو القرار القض ـ ــائي اإلداري في مجرد إص ـ ــداره ،وانما تتعدى ذلك في إيجاد الوس ـ ــائل
التي يمكن اللجوء إليها لحمل المدين على تنفيذه ،وكما عرفنا سـ ــابقا فإن األحكام والقرارت القضـ ــائية اإلدارية
الصادرة ضد اإلدارة تواجهها صعوبات في تنفيذها ،والتي تتمثل بصفة خاصة في مبدأ خطر توجيه القاضي
اإلداري أوامر لإلدارة وعدم جواز الحجز على أمام الدولة العامة .
وأمام هذه اإلشــ ــكاالت التي تعرقل التنفيذ منها ما يعود إلى اإلدارة وموظفيها ومنها مايعود إلى ظروف خارجة
عن س ــيطرة اإلدارة وارادتها فقد س ــعى المش ــرع الجزائري في إيجاد وس ــائل وآليات من ش ــأنها التخفيف من حدة
مش ـ ــكل إمتناع اإلدارة عن التنفيذ ،حيث نتطرق إلى أنواع المس ـ ــؤولية الملقاة على عاتق الموظف في المبحث
األول .
ونعرج على على أهم وس ـ ـ ــيلة تطبيق على اإلدارة أال وهي أس ـ ـ ــلوب الغرامة التهديدية لحمل اإلدارة على التنفيذ
والذي نتناولها في المبحث الثاني بشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيء من التفصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيل وفق ماجاء به قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية
بخصوص هذا األسلوب ،ويوجد أسلوب آخر سنه المشرع الجزائري لجبر اإلدارة على تنفيذ األحكام والقرارت
القضـ ــائية اإلدارية في حالة إمتناعها عن التنفيذ وهو أسـ ــلوب التنفيذ وبناءا على ما سـ ــبق ذكره تتحدد خطوات
المبحث األول :قيام مسؤولية الموظف الممتنع عن تنفيذ األحكام والقرارات القضائية
اإلدارية
المبحث الثانـي :الحكم بالغرامة التهديدية إبجبار اإلدارة عى تنفيذ األحكام والقرارات
القضائية اإلدارية
41
المبحث األول :
قيام مسؤولية الموظف الممتنع عن تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية
تعرف المسؤولية لغة على أنها حالة المؤاخذة أوتحمل التبعية ،أي أنها الحالة الفلسفية األخالقية
والقانونية التي يكون فيها اإلنسان مسؤوال ومطالبا عن أمور وأفعال أتاها إخالال بنواميس وقواعد
وأحكام أخالقية واجتماعية وقانونية ¹.
حيث أن المسؤولية ترتبط في حقيقتها بمفهوم الخطأ والضرر الناجم عنه لذلك ذهب أغلب الفقه
إلى تعريفها بأنها اإللتزام باإلصالح والتعويض إذ تعتبر المسؤولية إحدى الوسائل األساسية
لتحقيق العدالة ، ²ويمكن القول أن المسؤولية الشخصية للموظف تعتبر من أهم الوسائل التي
يمكن اللجوء إليها لجبر الموظف على تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلدارية وعليه فإن
المسؤولية الملقاة على عاتق الموظف تكون إما إدارية (المطلب األول ) أو مدنية (المطلب
الثاني ) أو جزائية (المطلب الثالث ).
1
1عوابدي عمار ،نظرية المسؤولية اإلدارية ،دراسة تأصيلية تحليلية ومقارنة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ، 1994ص. 11
2حسينة شرون ،المسؤولية بسبب اإلمتناع عن تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية والجزاءات المترتبة عنها ،مجلة الفكر ،العدد الرابع ،أفريل ، 2009كلية الحقوق ،جامعة بسكرة ،
ص . . 182
42
المطلب األول :المسؤولية اإلدارية للموظف عن عدم التنفيذ
يمكن لإلدارة توقيع عقوبة تأديبية ضد على الموظف الممتنع عن تنفيذ حكم أو قرار قضائي إداري ،
وذلك في حدود ماهو منصوص عليه في القانون الخاص بالوظيفة وقد لجأت بعض التشريعات على
النص صراحة على توقيع العقوبة اإلدارية (التأديبية ) على الموظف مثل القانون اإليطالي وذلك في
القانون األساسي للموظفين التابعين للدولة وكذا القانون الفرنسي رقم 539/80في مادته السادسة
والتي تقضي بأن كل موظف لم ينفذ القرار القضائي اإلداري سواء بعدم التنفيذ الكلي أو الجزئي أو
يتأخر في التنفيذ وأدى هذا الفعل من طرف الموظف إلى الحكم بغرامة تهديدية ضد اإلدارة فإنه يمكن
أن تطبق ضده عقوبة تأديبية من طرف مجلس التأديب.
والخطأ التأديبي وان كان يتفق مع الخطأ المدني إال أنه اليرد على سبيل الحصر إذ يقترن القانون ¹
على بيان واجبات الموظفين واألعمال التي يمنع عليهم القيام بها بصفة عامة دون تحديد دقيق ،ثم
نص بعد ذلك على معاقبة كل موظف لم يلتزم بتلك الواجبات تأديبيا ،ومما الشك فيه أن من أهم
واجبات الموظف هو إحترام األحكام والق اررات القضائية اإلدارية ،فإمتناع الموظف عن التنفيذ أو
قيامه بعرقلته أو تراخيه في تنفيذه أو تنفيذه على وجه غير صحيح ينطوي على إخالل بواجباته
الوظيفية واهدار لحجية الشيء المقضي به فهو جريمة تأديبية توجب الجزاء ،ومنه إذا توافرت
المسؤولية الجنائية اليحول دون توافر المسؤولية التأديبية لعدم وجود تعارض بينهما ،كما أنه يجوز
الجمع بينهما وتوقيع الجزاء المترتب عنهما فالعقوبات التأديبية تختلف عن العقوبات الجزائية ،فهي
ذات طبيعة أدبية أو مالية الترقى إلى المساس بحرية الموظف فهي تمس بالمركز الوظيفي
ومتعلقاته ².
ومن ثمة يمكن لإلدارة أن تقوم بمعاقبة الموظف عقوبة تأديبية في حالة إخالله بواجباته ³مثل عقوبة
النقل اإلجباري أو التوبيخ أو التنزيل في الدرجة اإلدارية وقد يصل األمر حتى إلى عقوبة العزل من
43
الوظيفة 4وذلك حسب جسامة الخطأ المرتكب مثل التأخر في التنفيذ أو التنفيذ الناقص أو عدم
1
اإلمتثال في التنفيذ صراحة أي إمتناعه عن التنفيذ إمتناعا صريحا .
فموقف القضاء اإلداري في الجزائر فيما يخص المسؤولية المدنية أنه لم يصدر أي قرار يرتب فيه
المسؤولية المدنية على الموظف المخالف لتنفيذ القرار القضائي اإلداري الصادر ضد اإلدارة رغم ما
وجد من مخالفات متعلقة بتنفيذ أحكام وق اررات صادرة ضد اإلدارة ومثال ذلك القرار الصادر عن
الغرفة اإلدارية بالمحكمة العليا بتاريخ 20جانفي ( ² 1979قضية بوشاط وسعيدي ) فرغم وجود
مخالفة واضحة تتعلق بعدم تنفيذ حكم قضائي إال أن القاضي اإلداري لم يحكم بمسؤولية الوالي
شخصيا وحكم بالتعويض ضد اإلدارة وتتلخص وقائع الحكم كاآلتي :بتاريخ 21ماي 1979صدر
حكم عن محكمة الجزائر يقضي بإلزام السيدين قرومي ومراج بدفعهما للمدعين بوشاط سحنون
وسعيدي مالكي مبلغ 8400دج مقابل 28شه ار من إيجار محل تجاري يقع بملكيتهما ،وقد صادق
مجلس قضاء الجزائر على هذا الحكم فأصبح نهائيا .
تقدم المدعيان إلى مصلحة التنفيذ والتبليغ لمحكمة باب الواد لتنفيذ الحكم أو القرار ولكن والي الجزائر
قام برسالة يعترض فيها على التنفيذ فيتوقف هذا األخير كليا ،كما يبقى بدون جواب وقام المعنيان
يتقديم تظلم إألى السادة وزير الداخلية ،ووزير العدل إلتمسا فيه تعويضهما عن األضرار الناتجة عن
إعتراض الوالي عن التنفيذ وامتناع عون التنفيذ .
رفع المعنيان دعوى أمام الغرفة اإلدارية لمجلس قضاء الجزائر ضد القرار الضمني بالرفض من طرف
الوالي ،لكن تم رفض طلبهما بموجب قرار صادر عن مجلس قضاء الجزائر هذا القرار الذي إستأنفه
المعنيان أمام المحكمة العليا وصدر حكم عنها يقرر مسؤولية الدولة على أساس الخطأ الجسيم ،ألن
- 1األمر رقم 03/06مؤرخ في يوليو 2006يتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية ،ج.ر عدد 46بتاريخ 16يوليو . 2006
2حسينة شرون ،المرجع السابق ،ص . 191
3راجع نص المادة 160من األمر رقم 03/06المتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية ،المرجع السابق .
4نصت المادة 163من الق انون األساسي العام للوظيفة العمومية على مايلي " :تصنف العقوبات التأديبية حسب جسامة األخطاء المرتكبة إلى 04درجات :
-الدرجة األولى :التنبيه ،اإلنذار الكتابي ،التوبيخ .
-الدرجة الثانية :التوقيف عن العمل من يوم إلى ثالثة أيام ،الشطب من قائمة التأهيل .
-الدرجة الثالثة :التوقيف عن العمل من أربعة إلى ثمانية أيام ،التنزيل من درجة إلى درجتين ،النقل اإلجباري .
-الدرجة األربعة :التنزيل على الرتبة السفلى مبارة ،التسريح "
44
اإلمتناع واإلعتراض ناجم عن التنفيذ في قضية الحال اليتعلق باي سبب ناتج عن ضرورات النظام
1
العام .
وعلى عكس المشرع الجزائري فقد تبنى مجلس الدولة المصري فكرة المسؤولية المدنية والشخصية للموظف
الممتنع عن التنفيذ وطبقها حتى ضد الوزير شخصيا ومثال ذلك حكم مجلس الدولة بتاريخ 29يونيو
¹ 1950والتي تتلخص وقائعه في أن وزير الحربية قد اصصدر قرار إداري بعزل أحد الضباط من مهامه
فرفع هذا األخير دعوى أمام محكمة القضاء اإلداري إللغاء هذا القرار اإلداري وتم إلغاؤه فعليا من طرف
نفس المحكمة ،غير أن الوزير لم يمتثل لهذا الحكم بإعادة الضابط إلى مهامه فرفع الضابط مرة ثانية
دعوى أمام مجلس الدولة المصري مطالبا إياه إنصافه من الوزير ومما جاء في الحكم " ..إن موقف
الوزير من الحكم ينطوي على مخالفة لقوة اليء المقضي به وهي مخالفة قانونية لمبدأ من األصول
القانونية تمليه الطمأنينة العامة وتقضي به ضرورة إستقرار الحقوق والروابط االجتماعية إستقرار ثابتا ،
ولذلك تعتبر المخالفة القانونية في هذه الحالة خطيرة وجسيمة لما تنطوي عليه من خروج سافر عى
القوانين فهي عمل غير مشروع ومعاقب عليه قانونا طبقا للمادة 123من قانون العقوبات ،ومن ثمة
وجب إعتبار خطأ الوزير خطأ شخصيا يستوجب مسؤوليته عن التعويض المطالب به وال يؤثر في ذلك
انتفاء الدوافع الشخصية ،قوله أن يبغي وراء ذلك تحقيق مصلحة عامة ،ألن تحقيق هذه المصلحة
اليصح أن يكون عن طريق إرتكاب أعمال غير مشروعة ".
ومن إستقراء لهذا الحكم يتضح أن مجلس الدولة المصري يعتمد في تطبيق المسؤولية على الوزير
على نص المادة 123من قانون العقوبات المصري التي تجرم فعل اإلمتناع عن تنفيذ األحكام
والق اررات القضائية اإلدارية الصادرة ضد اإلدارة ،فإذا كان من الجائز تطبيق المسؤولية الجنائية على
الموظف فمن باب أولى جواز تطبيق المسؤولية المدنية ضده .²
ومن ذلك نستنتج أن الخطأ أول اإلهمال الذي يرتكبه الموظف ويسند إليه يضع على عاتقه مسؤولية
التعويض عما سببه من ضرر للشخص المتضرر وهذا نتيجة لخطئه وهنا يعوض الموظف من ماله
الخاص ،إذ أن إمتناع الموظف أو رفضه تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلدارية يستوجب قيام
45
مسؤوليته الشخصية ،كما في حالة رفضه المساعدة من أجل التنفيذ ولكن يشترط لقيام مسؤوليته عن
1
الخطأ الشخصي أن يتم بسوء نية ³.
ويقصد بالمسؤولية الجزائية " تحمل تبعية الجريمة واإللتزام بالخضوع للجزاء الجنائي المقرر قانونا " وهذا
يعني أن المسؤولية هي صالحية الشخص لتحمل العقوبة أو التدبير الوقائي الذي يقرره كأثر إلرتكاب
الجريمة . ¹
حيث أن تجريم فعل اإلمتناع عن تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلدارية يعتبر من أهم الوسائل التي تجبر
الموظف واإلدارة عن التنفيذ ،حيث يترتب على ثبوت مسؤوليته في جريمة اإلمتناع هو تعرضه لعقوبة
الحبس السالبة للحرية وفقدانه لمنصب عمله أي عزله من وظيفته .
ولما كانت المسؤولية الجزائية تتطلب منا اإلجابة على من يسأل جزائيا ؟ فإن اإلشكالية هي تحديد المسؤول
جزائيا عن جريمة اإلمتناع عن التنفيذ قد يمتد إلى رئيس الموظف األعلى في الحاالت التي يجوز فيها
للرئيس الحلول محل المرؤوس ،أو في الحاالت التي يكون فيها الفعل المجرم نتيجة أوامر صدرت إلى
المرؤوس ،كما في حالة امتناع الموظف المختص بالتنفيذ نتيجة أمر مكتوب صدر إليه من رئيسه األعلى
،بالرغم من تحذير الموظف المختص بالتنفيذ كتابيا إلى رئيسه بهذه المخالفة ،ففي هذه الحالة تنتفي
المسؤولية الجزائية للموظف المختص وتبقى المسؤولية قائمة بالنسبة للرئيس األعلى الذي صدر األمر منه
.²
46
وقد نص المشرع الجزائري على المسؤولية الجزائية للموظف الذي إمتنع عن تنفيذ القرار القضائي في نص
المادة 138مكرر من قانون العقوبات الجزائري ،وذلك تأكيدا للحماية التي ألزم الدستور إلحترام
1
وعليه تنص المادة 138مكرر من قانون العقوبات على مايلي " :كل موظف عمومي إستعمل سلطة
وظيفته لوقف تنفيذ حكم قضائي أو إمتنع أو إعترض أو عرقل عمدا تنفيذه ،يعاقب بالحبس من ستة أشهر
إلى ثالث سنوات وبغرامة من 5000إلى 50.000دينار " ،ولقد تم رفع قيمة الغرامة من 20.000دج
إلى 100.000دج وفقا ألحكام المادة 60من القانون رقم 23-06المؤرخ في . ¹ 2006-12-20 :
ومن يتبين لنا أن إمتناع الموظف العمومي عن التنفيذ يعتبر جنحة طبقا لنص المادة الخامسة من قانون
العقوبات ،حيث نصت المادة 138مكرر السابقة الذكر على عقوبة أصلية تسلط على الموظف الممتنع
وهذه العقوبة هي الحبس وتكون من 06أشهر إلى ثالث سنوات وقرنها المشرع بغرامة مالية بين 5000دج
و 50.000دج ،وبعد رفع قيمة الغرامة أصبحت 20.000دج إلى 100.000دج ثم أجاز المشرع الحكم
على الموظف بعقوبات تكميلية أو تبعية وذلك بنص المادة 139من قانون العقوبات وقد نصت هذه األخيرة
على مايلي " :ويعاقب الجاني فضال عن ذلك بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 14
وذلك من خمس سنوات على األقل إلى عشر سنوات على األكثر ،كما يجوز أن يحرم من ممارسة كافة
الوظائف أو كافة الخدمات العمومية لمدة عشر سنوات على األكثر ".
إن شروط تطبيق المادة 138مكرر من قانون العقوبات صعبة التحقيق ألن العون اإلداري يمتنع عن
ارتكاب األفعال المجرمة بإصدار قرار مكتوب لكي التكتمل أركان الجريمة ، ²كما أن األفعال المجرمة هي
أفعال إيجابية بمعنى قيام الموظف بعمل أو اإلعتراض أو العرقلة ،هذا التجريم قد يخرج السلوك السلبي
المرتكب من طرف الموظف من دائرة العقاب ،علما أن السكوت هو الموقف المتخذ إعتياديا قصد الحيلولة
دون تنفيذ اإلدارة للق اررات القضائية اإلدارية الصادرة ضدها ،كما يمكن للموظف العمومي رفض تنفيذ
- 1راجع نص المادة 161من األمر رقم 03/06المتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية ،المرجع السابق .
– 2حسينة شرون ،المرجع السابق ،ص .185
47
الق اررات القضائية بطريقة غير مباشرة عندما يتولى الـ ــرد على طالب التنفيذ بأن إرادته مستعدة للتنفيذ لكن
التدابير اإلدارية تتطلب الوقت وعليه اإلنتظار أو كأن يرد على الطالب بإستحالة التنفيذ ألن المطلوب منه
1
أصبح من حقوق الغير . ³
وقد نصت العديد من األنظمة المقارنة على المسؤولية الجزائية للموظف الممتنع عن التنفيذ وهو ما
نصت عليه المادة 123من قانون العقوبات المصري على أنه " :يعاقب بالحبس والعزل كل موظف
عمومي أستعمل سلطة وظيفته ...في وقف تنفيذ حكم أو أي أمر صادر من المحكمة أو أي جهة
مختصة كذلك يعاقب كل موظف عمومي امتنع عمدا عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضي ثمانية
أيام من إنذاره بمحضر إذا كان تنفيذ الحكم أو األمر داخال في إختصاص الموظف " ،الفقرة األخيرة
من هذه المادة قد حددت للموظف المختص مدة معينة من إنذاره بالتنفيذ على يد محضر ،وبمرورها
يعتبر الموظف سيء النية يستوجب مساءلته جزائيا ¹.
وفي هذا الصدد فإن المشرع المصري كان أكثر إهتماما وسعيا في الحفاظ على حجية األحكام والق اررات
القضائية اإلدارية من نظيره الجزائري ،بأن جعل تجريم فعل إمتناع الموظف عن التنفيذ مبدأ دستوريا ،
فقد أشار إلى ذلك في المادة 72من دستور 1972بقولها " :تصدر األحكام وتنفذ باسم الشعب ،
ويكون اإلمتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب
عليها القانون ،وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة " .²
ومنه يتبين لنا أن المشرع المصري قد قرر على الموظف الممتنع عن التنفيذ عقوبتين األولى هي
عقوبة الحبس دون تحديد لمدتها ،كما قرر في الوقت ذاته العقوبة الثانية وهي عقوبة العزل أي
الحرمان من الوظيفة نفسها التي كان يشغلها الموظف وعقوبة العزل تعتبر عقوبة تكميلية وليست تبعية
ألنها صادرة في جنحة ولطالما أن النص المبين للعقوبة لم يحدد المدة فإنه يتعين على القاضي أن يحدد
هذه المدة ملتزما بالحدين األدنى واألقصى .
- 1قانون رقم 23-06مؤرخ في 20ديسمبر 2006يعدل ويتمم األمر رقم 156 – 66المؤرخ في 08يونيو 1966والمتضمن قانون العقوبات
– 2عبدلي سهام ،المرجع السابق ،ص . 141
3غناي رمضان ،المرجع السابق ،ص . 162
48
وبالرجوع إلى نص المادة 138مكرر من قانون العقوبات الجزائري تتبين لنا أركان جريمة اإلمتناع عن
1
تنفيذ الق اررات القضائية اإلداريـ ــة عمدا ( الفرع األول ) .
ثم نتناول إجراءات رفع الدعوى الجزائية ضد الموظف ضمن (الفرع الثاني ) .
الفرع األول :أركان جريمة اإلمتناع عن تنفيذ الحكم أو القرار القضائي اإلداري
وطبقا لما جاءت به المادة 138السابق ذكرها فإن أركان جريمة اإلمتناع عن التنفيذ تتمثل في :
-الركن المفترض " الصفة :أن يكون المتهم موظفا .
-شرط اإلختصاص :أن يكون التنفيذ من إختصاص الموظف .
-الركن المادي :أن يمتنع أو يوقف أو يعترض أو يعرقل عمدا التنفيذ .
لكي تنطبق هذه العقوبة البد من أن يكون مرتكب الجرمة موظفا عموميا وبالرجوع إلى األمر رقم
03/06المؤرخ في 15جويلية 2006المتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية وتحديدا
المادة 04منه التي عرفت الموظف بأنه " :يعتبر موظفا كل عون عين في وظيفة عمومية دائمة
ورسم في رتبة في السلم اإلداري . "...فهذا التعريف ينطبق على األعوان الذين يمارسون نشاطهم في
المؤسسات واإلدارات العمومية ،كما عرفت المادة األولى من األمر رقم 133/66الموظف على
أنه " :يعتبر موظفين األشخاص المعنيون في وظيفة دائمة الذين رسموا في درجة التسلسل في
اإلدارات المركزية التابعة للدولة والمصالح الخارجية التابعة لهذه اإلدارات والجماعات المحلية وكذلك
المؤسسات والهيئات العمومية حسب كيفيات تحدد بمرسوم . " ...
ومنه يتضح لنا أن تعريف الموظف جاء أوضح بكثير في األمر رقم 133/66عنه في األمر
03/06ومنه نستخلص العناصر األساسية التي يقوم عليها الموظف وهي :
-القيام بعمل دائم :أي اإلستم اررية بحيث التنفك عنه إال بالوفاة أو اإلستقالة أو العزل أو التقاعد ،
حيث أن الموظف يبدأ حياته المهنية في الوظيفة العامة وينهيها فيها ،فيكون له مسار وظيفي
متسلسل ومستمر ¹ومن ثم ال يعد موظفا المستخدم المتعاقد .
- 1سليمان محمد الطماوي ،القضاء اإلداري ،الكتاب األول ،قضاء اإللغاء ،،ص .1035-1034
– 2حسينة شرون ،المرجع السابق ،ص190
49
-التعيين :حيث يجب أن يتم إلتحاق الشخص بالخدمة بطريقة قانونية ووفق الشروط والتدابير
المقررة قانونا لشغلها ،وعليه البد من صدور مقرر بتعينه من جانب الهيئة المستخدمة وترسيمه
الوظيف ــة الموجودة في الجهة التي عين فيها . 1
وتثبيته في إحدى الدرجات
-العمل في مرفق عام :يشترط في الشخص لكي يعتبر موظفا عاما أن يقوم بالخدمة في مرفق
عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام التابع لها .
ثانيا :شرط اإلختصاص أن يكون التنفيذ من إختصاص الموظف
اإلختصاص ضرورة تقتضيها شرعية تنفيذ أي عمل وبالتالي اليمكن بأي حال من األحوال أن نحمل
الجريمة على الموظف الغير مختص أساسا بالتنفيذ حتى ولو كانت له سلطة على المختص بالتنفيذ
،واليشترط لتوافر هذا الركن أن يكون الموظف مختصا بكل إجراءات التنفيذ ،بل يكفي أن يدخل
في إختصاصه أجزاء من إجراءات التنفيذ وهذا األمر يتحقق عندما يكون التنفيذ مرتبطا بتدخل عدة
موظفين إلتمامه فيسأل كل موظف في حدود إختصاصه .
ثالثا :الركن المادي أن يتمتع أو يوقف أو يعترض أو يعرقل عمدا التنفيذ
لقد نصت المادة 138مكرر من قانون العقوبات على الركن المادي لجريمة إمتناع الموظف عن تنفيذ
القرارت القضائية وهذا الركن يتمثل في إحدى السلوكيات المجرمة التي ذكرتها المادة وهي :
-إستعمال سلطة الوظيفة لوقف تنفيذ الحكم أو القرار القضائي اإلداري ،فهنا الموظف يستغل
السلطة المخولة له بحكم وظيفته في وقت تنفيذ األحكام والق اررات القضائية الصادرة ضد اإلدارة .
-اإلمتناع وهو سلوك مادي له وجهين فقد يكون سلبي أو إيجابي ومفاده أن يتخذه الموظف موقف
يمتنع فيه عن تنفيذ محتوى الحكم أو القرار الذي يتضمن إلتزام اإلدارة . ¹
_ اإلعتراض يتمثل في موقف إيجابي يتخذه الموظف في اإلدارة المنفذ ضدها يعترض بموجبه عن
عملية التنفيذ .
-عرقلة التنفيذ وهو قيام الموظف بسلوك أو إجراءات قانونية أو إداري ـ ــة من شأنها إعاقة عملية التنفيذ
التي تكون قد باشرها الخصم ضد اإلدارة .
رابعا :الركن المعنوي " القصد الجنائي "
يتحقق العمد الجنائي عندما تتجه نية الشخص إلى إرتكاب فعل يعلم أنه معاقب عليه في القانون وهذا
2
مايعبر عنه في الفقه الجنائي بالقصد الجزائي . ²
ويكتسي إثبات القصد الجنائي أهمية بالغة ويظهر ذلك خاصة في أحكام التعويض طبقا للقانون
02/91والتعليمة الو ازرية رقم 06/34التي وقفت عائقا أمام تطبيق نص المادة 138مكرر من
قانون العقوبات .
على أمين الخزينة الذي يرفض تنفيذ حكم التعويض متذرعا بالتعليمة التي تفرض أن يكون الحكم
نهائيا ،فقد عرضت المسألة على بعض المحاكم ،لكن تطبيقها بقي ضيقا ذلك أن بعض وكالء
الجمهورية يرفضون المتابعة ،وبعض قضاة التحقيق يرفضون الشكاوي المصحوبة باإلدعاءات المدنية
،معللين رأيهم على التزام أمين الخزينة بالخضوع للتعليمة ( )06/34ينفي عنه ركن العمد في الجريمة
وبالتالي إنعدام مسؤوليته . ¹
الفرع الثاني :إج ار ات رفض الدعوى الجزائية
النجد في قانون الجزائري أي نص يتكلم عن إجراءات رفع الدعوى الجزائية ضد الموظف الممتنع عن
التنفيذ ومنه سوف نعتمد على اإلجراءات التي يتم بها رفع الدعاوى الجزائية وفي سبيل ذلك عندما
يتحصل المواطن على حكم أو قرار قضائي يقضي على اإلدارة بالقيام عمل أو اإلمتناع عن عمل ،
وبعد متابعة إجرءات التنفيذ بواسطة المحضر القضائي ،تمتنع اإلدارة عن التنفيذ ،وبعد تحرير
المحضر القضائي لمحضر اإلمتناع عن التنفيذ بعد التبليغ واإللتزام بالدفع ،فإنه بإستطاعة المستفيد
اللجوء إلى وكيل الجمهورية قصد تحريك الدعوى العمومية ضد اإلدارة متمثلة في شخص الموظف
الذي صدرت عنه إحدى األفعال التالية إستعمال السلطة الوظيفية لوقف تنفيذ الحكم أو القرار القضائي
51
واإلمتناع أو اإلعتراض أو عرقلة تنفيذ الحكم أو القرار حيث يعتبر كل فعل من هذه األفعال جريمة
1
قائمة بذاتها .
حيث اعتبرها القانون جنحة إذا قام الموظف بهذه األفعال ،وعلى ذلك فإن أسلوب التجريم والعقاب
الجزائي هو السبيل األمثل للعارض للحصول على تنفيذ سريع للحكم أو القرار الصادر لصالحه ضد
اإلدارة حيث أن الموظف العمومي سوف يلجأ إلى التنفيذ الفوري بمجرد تحريك إجراءات التنفيذ ضد
اإلدارة تفاديا للمتابعة الجزائية .2
والعقوبة الجنحية التي تصل إلى ثالث سنوات حبسا ،قد تجعل اإلدارة تبادر إلى حث الموظف
العمومي التابع لها على التنفيذ ،واليعقل أن تضحي به وتتركه مهددا بالعقوبة الجزائية . 3
يحول دون تنفيذ الق اررات القضائية اإلدارية 4حيث يتبين لنا أن هذا الموقف هو األقرب للواقع العملي
لكي اليتمادى الموظف في إمتناعه عن تنفيذ الق ار ارت القضائية اإلدارية .
ولكن بعد ذلك تراجع المشرع المصري عن رأيه واستثنى جريمة اإلمتناع عن تنفيذ جريمة اإلمتناع عن
تنفيذ القرار القضائي اإلداري عمدا من شرط أخذ إذن النائب العام وبالتالي سهل للمتضرر الصادر
لمصلحته القرار القضائي أن يرفع الدعوى الجزائية مباشرة لمسألة الموظف جزائيا . 4
وفي األخير نرى أن قيام المسؤولية الشخصية للموظف الممتنع عن التنفيذ سواء كانت هذه المسؤولية
إدارية أو مدنية أو جزائية لها بالغ األثر في جبر الموظف على اإلمتثال لألحكام والق اررات القضائية
اإلدارية لتنفيذها ويحسب ألف حساب قبل إقدامه على فعل اإلمتناع أو اإلعتراض أو عرقلة التنفيذ .
أما في القوانين المقارنة فقد اشترط المشرع المصري في بداية األمر أخذ رأي النائب العام عند رفع
الدعوى الجزائية ضد الموظف ،وهذا ماجاءت به المادة 63من قانون اإلجراءات الجزائية رقم 121
لسنة ، 1956حيث يجري النائب العام التحقيق بنفسه أو يندب أحد مساعديه وقد عارض هذه الفكرة
الرامية إلى أخذ رأي النائب العام الدكتور سليمان محمد الطماوي حيث يرى أنه يجب التحذير من
مغبة حماية الموظف الذي أما عن المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي أي اإلدارة فإن المشرع
52
الجزائري لم يسلم بهذه القاعدة ،وبذلك ساير المشرع الفرنسي الذي ربطها بصدور نص صريح ،حيث
أن قانون العقوبات الجزائري لم يورد نص يعترف فيه.
صراحة بالمسؤولية الجنائية لإلدارة كما نص المادة ¹ 647من قانون اإلجراءات الجزائية قد إستبعد
كل إمكانية لتوقيع العقوبة الجنائية على الشخص المعنوي إال بصفة إستثنائية حيث أنه اعترف
بإمكانية جزائية قد إستبعد كل إمكانية لتوقيع العقوبة الجنائية على الشخص المعنوي إال بصفة
إستثنائية حيث أنه اعترف بإمكانية إتخاذ تدابير أم ـ ــن ضد هذا الشخص المعنوي . ²
وفي سبيل ذلك نرى أن العقوبات المسلطة على اإلدارة والتي تتالءم مع طبيعتها كالغرامة التهديدية
والحرمان من بعض اإلمتيازات دليل على مسؤوليتها على اإلمتناع عن تنفيذ األحكام والقررات
القضائية اإلدارية وبذلك سوف نتطرق بالدراسة للغرامة التهديدية الصادرة ضد اإلدارة في حالة
إمتناعها عن التنفيذ و إعتراف المشرع الجزائري بها في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية وذلك مسايرة
منه للقوانين المقارنة ،وهذا ماسنحاول اإلجابة عليه في المبحث الثاني من هذا الفصل .
1
1راجع نص المادة 647من قانون اإلجراءات الجزائية ،الصادر باألمر رقم 155/66المؤرخ في 08 :جوان ، 1966ج .ر عدد 48سنة ، 1966المعدل والمتمم .
2
حسينة شرون ،المرجع السابق ،ص . 188
53
بعد مرحلة التبليغ الرسمي تأتي مرحلة تنفيذ األحكام والق ار ارت القضائية اإلدارية بحيث تعد الخزينة
العمومية آخر مرحلة تعالج والتي تتضمن إدانات مالية ضد مصالح الدولة من إدارات عمومية
وجماعات محلية ومؤسسات ذات طابع إداري .
الحقيقة أن مايفسر تقنين الغرامة التهديدية ضد اإلدارة في حالة إمتناعها عن تنفيذ األحكام والق اررات
القضائية اإلدارية هو اإلنتشار الواسع والخطير لظاهرة رفض اإلدارة تنفيذ أحكام القضاء التي تكتسي
الطابع التنفيذي ،بل وصل األمر إلى حد رفض تنفيذ ق اررات قضائية صادرة عن مجلس الدولة
بإعتباره يشغل قمة الهرم القضائي في المادة اإلدارية ،وهو مابعث إستياء كبي ار لدى المهتمين
بالدرسات القانونية ¹.
حيث أن المشرع الجزائري قد كفل حماية األحكام القضائية وفرض تنفيذها في كل وقت وهذا بموجب
المادة 163من الدستور ، ²حيث عزز هذه الحماية الدستورية بوسيلة مدنية تتمثل في الغرامة
التهديدية .
وقد نص المشرع الجزائري على نظام الغرامة التهديدية ونظم أحكامها في نص المادة 340و 471
من قانون اإلجراءات المدنية القديم ،كما نص عليها أيضا في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية في
المواد من 980إلى ، 989وللوقوف على ماهية الغرامة التهديدية وتبيان مدى أهميتها في حمل
اإلدارة على تنفيذ إلتزامتها إرتأينا تقسيم مطلبنا هذا إلى فرعين ،نخصص المطلب األول :للتناول
اإلطار العام للغرامة التهديدية ونتطرق في المطلب الثاني :لإلجراءات التي يتخذها الحكم لفرض
الغرامة التهديدية على اإلدارة .
المطىب األول :اإلطار العام لىغرامة التهديدية كوسيىة إللزام اإلدارة عى التنفيذ
لتحديد اإلطار العام للغرامة التهديدية كوسيلة إلجبار اإلدارة على تنفيذ األحكام والق اررات القضائية
اإلدارية الصادرة ضدها ،ينبغي لنا تعريف الغرامة التهديدية (الفرع األول) ،وبما تتميز عن غيرها من
األساليب (الفرع الثاني) ،وماهي خصائصها (الفرع الثالث) ،وماهي شروط تطبيقها (الفرع الرابع)
إن المتصفح للنصوص القانونية التي جاءت بالغرامة التهديدية سواء تلك المنظمة لألحكام العامة
والموزعة بين القانون المدني ، ¹وقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الحالي لم تعط تعريفا قانونيا
للغرامة التهديدية ،حيث إكتفى المشرع ببيان األحكام التشريعية المنظمة للغرامة التهديدية ،فإنه
يتوجب علينا الجوع للفقه القانوني للبحث على تعريفها ومن هذه التعريفات نجد تعريف الفقيه منصور
54
محمد أحمد حيث عرفها بأنها " :الغرامة التهديدية في مجال القانون اإلداري هي عقوبة مالية تبعية
ومحتملة تحدد بصفة عامة ،بمبلغ معين من المال عن كل يوم تأخير بهدف تجنب عدم تنفيذ أحكام
القضاء اإلداري أو التأخر في تنفيذها ،الصادرة ضد أي شخص من أشخاص القانون العام أو أي
شخص من أشخاص القانون الخاص المكلفة بإدارة مرفق عام " .²ومن خالل هذا التعريف يتبين لنا
أن الغرامة التهديدية هي وسيلة معترف بها للقاضي لكي يسمح له بإجبار اإلدارة على تنفيذ األحكام
والق اررات القضائية اإلدارية .
وقد عرفها Christophe Guettierبأنها " :عقوبة مالية تبعية تحدد بصفة عامة ،عن كل يوم
تأخير ،ويصدرها القاضي بقصد ضمان حسن تنفيذ حكمه أو حتى بقصد ضمان حسن أي إجراء من
اإلجراءات التحقيق " ³.
وقال األستاذ عبد الرزاق السنهوري بشأنها " :إن القضاء يلزم المدين بتنفيذ إلتزاماته عينا في خالل
مدة معينة ،فإذا تأخر في التنفيذ كان ملزما بدفع غرامة تهديدية عن هذا التأخير ،مبلغا معينا عن
كل يوم أو أسبوع أو كل شيء أو أية وحدة من الزمن ،أو عن كل مرة يأتي عمال يخل بإلتزامه وذلك
إلى أن يقوم بالتنفيذ العيني أو أن يمتنع المدين نهائيا عن اإلخالل باإللتزام .
1
ثم يرجع إلى القضاء فيما تراكم على المدين من الغرامات التهديدية ويجوز للقاضي أن يخفض هذه
الغرامات أو أن يمحوها ". ¹
1نصت المادة 174من القانون المدني على مايلي " :إذا كان التنفيذ لإللتزام عينا غير ممكن أو غير مالئم إال إذ ا قام به المدين نفسه ،جاز للدائن أن يحصل على حكم بإلزام
المدين بهذا التنفيذ ويدفع غرامة إجبارية إذا إمتنع عن ذلك .
وإذا رأى القاضي أن مقدار الغرامة ليس كافيا إلكراه المدين الممتنع عن التنفيذ جاز له أن يزيد في الغرامة كلما رأى داعيا للزيادة " .
2
– منصور م حمد أحمد ،الغرامة التهديدية كجزاء لعدم تنفيذ أحكام القضاء اإلداري ضد اإلدارة ،المرجع السابق ،ص . 16
- 1عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القا نون المدني الجديد ،نظرية اإللتزام بوجه عام ،منشورات الحلبي ،بيروت ،لبنان ، 2005،
ص 807
55
وقد إستقر القضاء في الجزائر على إستعمال مصطلح الغرامة التهديدية للداللة على التهديدات المالية
التي ينطق بها القضاء قصد إلزام الممتنعين عن تنفيذ اإللتزام الواقع على عاتقهم بموجب سندات
تنفيذية سواء كانت هذه السندات أحكام قضائية أو عقود رسمية و تتمثل الغرامة التهديدية في تقرير
القضاء بمبلغ مالي لفائدة الدائن وبطلب منه يضطر الممتنع عن التنفيذ بأدائه له عن كل فترة زمنية
في تأخير تنفيذ اإللتزام ،هذه الفترة الزمنية تقدر بالساعات أو األيام أو األسابيع حسب طبيعة اإللتزام
على أنه جرى العرف القضائي على تحديدها بااليام ².
الفرع الثاني :تميز الغرامة التهديدية عن غيرها من األساليب
إن أسلوب الغرامة التهديدية أسلوب مستخذم منذ زمن طويل من قبل القضاء ، ³حيث قد تختلط
الغرامة التهديدية مع بعض األساليب القريبة منها ومن هذه األساليب نجد أسلوب العقوبة (. )01كما
نجد أن هناك من يخلط بين الغرامة التهديدية والتعويض حيث يعتبرها البعض تعويضا ( )02وانما
هي في الحقيقة مجرد وسيلة من وسائل التنفيذ المباشر .
أوال :الغرامة التهديدية والعقوبة
العقوبة هي أقوى أنواع الجزاء القانوني لكونها تمس األفراد في حرياتهم أساسا وهي تترتب على
4
مخالفة قواعد القانون الجنائي
وعليه فإن الغرامة التهديدية أو كما جاء ذكرها في قانون اإلجراءات المدنية القديم التهديدات المالية ،
تختلف عن العقوبة .
ينطق به القاضي كعقوبة فإنه ينبغي أن يطبق عليها مبدأ قانونية الجرائم والعقوبات وبالتالي يجب سنها
بقانون " .
وقد إنتقد األستاذ غناي رمضان هذا الحل الذي توصل إليه مجلس الدولة الذي توصل إليه مجلس
الدولة بإعتبار الغرامة التهديدية بمثابة عقوبة ،حيث إعتبر الغرامة التهديدية ليست عقوبة وال جزاء
لعدم وجود نص جنائي أو مدني يمنحان لها هذه الصفة ،وانما هي حق كل دائن إتجاه مدينه عندما
يتمتع هذا األخير عن تنفيذ إلتزامه ،فهي إذن وسيلة من وسائل التنفيذ المباشر وهي حق في دعوى
مسماة . ²
56
ويمكن أيضا التفرقة بين الغرامة التهديدية والعقوبة في أن هذه األخيرة تعتبر نهائية يجب تنفيذها كما
نطق بها القاضي ،أما الغرامة فهي ذات طابع وقتي وال تنفيذ إال بعد تصفيتها عندما تتحول إلى
تعويض نهائي فقد يقوم القاضي بإنقاص قيمتها أو إلغائها ³
كما أن القاضي يأخذ في الحسبان عند تقدير التعويض النهائي عنصر العنت الظاهر من المدين فيزيد
في مقدار التعويض ،إال أنه اليجب أن تفسر هذه الزيادة على أنها عقوبة ،بل يجب ردها إلى فكرة
.4
الخطأ وجسامته التي تؤثر في تقدير القاضي للتعويض النهائي
ثانيا :الغرامة التهديدية والتعويض
تختلف الغرامة عن التعويض من حيث الهدف ،ومن حيث التقدير وذلك على النحول التالي :
-من حيث الهدف :يكون الهدف من التعويض هو تعويض الضرر الذي لحق الشخص الذي صدر
لصالحه الحكم القضائي بسبب التأخر في التنفيذ أو عدم التنفيذ ويكون هذا التعويض بصورة كلية أو
إلى أقصى حد ممكن أما الهدف من الغرامة التهديدية فيكون بالعكس وهو ضمان تنفيذ هذا الحكم .5
1
أما من حيث تقدير القيمة :فإن القاضي عند تقديره للتعويض مقيد بالقواعد القانونية المنصوص
عليها في المادة 82من القانون المدني والتي تلزمه أن يراعي عند تقدير التعويض مافات الدائن من
كسب ومالحقه من خسارة ،إال أنه وعلى العكس من ذلك فإنه عند تقـ ـ ــدي ـ ـ ـ ــر الغ ارم ـ ــة التهدي ــديــة غير
- 1قرار رقم 014989بتاريخ ، 2003/04/08مجلة مجلس الدولة ،العدد الثالث سنة ، 2003ص . 177
2
-غناي رمضان ،المرجع السابق ،ص . 150
3
– عبد الرزاق السنهوري ،المرجع السابق ،ص . 816
4
-دغمان سعاد ،الغرامة الته ديدية كوسيلة إلجبار اإلدارة على تنفيذ االحكام القضائية الصادرة ضدها ،مذكرة لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ،الدفعة السابعة عشر ،
، 2009-2006ص . 12
- 5منصور محمد أحمد ،المرجع السابق ،ص . 18
57
مقيد بهذه القواعد وانما تقديره لها يكون تقدي ار خاصا ،يتعلق بمدى إمكانية حمل المحكوم عليه نحو
التنفيذ العيني والقضاء على تعنته . 1
أما بخصوص طبيعة الغرامة التهديدية فقد وقع إختالف بين الفقهاء فمنهم من يرى أن الغرامة
التهديدية تتحول إلى تعويض قانوني بعد تصفيتها سواء تعويض عن عدم التنفيذ أو التأخر في التنفيذ
،ومن جانب آخر ي ـ ــرى أصحابه أن فكرة مبالغ الغرامة التهديدية المصفاة ال تهدف إلى إصالح 2
الضرر الذي أصاب الدائن بقدر ما تهدف إلى ضمان تنفيذ اإللتزام عينا فهي ذات طبيعة خاصة ،
أي انها مستقلة عن التعويض ويرى جانب آخر أن الغرامة التهديدية التي يحكم بها القاضي الجزائري
لها طابع العقوبة ،غير أن هذا اإلتجاه وكما رأينا سابقا فقد وجه له نقد شديد .
أما عن موقف المشرع الجزائري من طبيعة الغرامة التهديدية فقد نص على أن الغرامة التهديدية يحكم
بها القاضي إلتخاذ التدابير الضرورية لتنفيذ الحكم أو القرار القضائي أو التأخير في تنفيذه أو تنفيذه
.3
جزئيا
تتميز الغرامة التهديدية بعدة خصائص منها أنــها حكم تهديدي تحذري ( )01وأنها ذات طابع وقتي
( )02وأنها ذات طابع تحكمي (.)03
يعتبر الطابع التهديدي هو جوهر نطام الغرامة التهديدية نفسها 4وتبرز هذه الخاصية في المبالغة في
تقدير مبلغ الغرامة ،ومايحققه ذلك من إنزعاج لدى المدين عندما اليعرف على وجه الدقة المبلغ الذي
سيحكم به في حال تعنته فالخشية من تراكم مبلغ الغرامة التهديدية قد يدفع المدين إلى التنفيذ العيني ،
كما يظهر الطابع التهديدي أيضا ،في كون الغرامة التحدد مرة واحدة بل تحدد عن كل يوم أو أسبوع
أو شهر ،فكلما تأخر المدين في تنفيذ التزامه ارتفعت وتراكمت . 1
ويميز الغرامة التهديدية أيضا كونها تحذيرية تنبه المحكوم عليه إلى الجزاءات المالية التي سوف
يعترض لها إن هو إستمر في مقاومة تنفيذ الحكم الصادر ضده وهي تحذر المحكوم عليه إلى
اإللتزامات المالية التي سوف تثقل عاتقه في حالة امتناعه عن تنفيذ الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي
بـ ــه . 2
58
ومايؤكد الطابع التهديدي للغرامة التهديدية مانص المشرع عليه في نص المادة 3 984من ق.إ.م.إ ،
إذ تنص على جواز تخفيض أو إلغاء الغ ارم ـ ــة عند الضرورة أنه مادامت تحققت الغاية من فرض
الغرامة التهديدية وهي حصول الدائن على التنفيذ العيني فال داعي لمواصلة فرض الغرامة التهديدية
فيمكن للقاضي أن يخفض من قيمتها وأن يقوم بإلغائها كليا ،ويفهم أيضا من كلمة الضرورة التي
أوردهـ ـ ـ ــا المشـ ـ ــرع الج ازئـ ـ ــري أن المحكوم عليه ال يكون دائما مخال بإلتزاماته .
وقد يكون كذلك أيضا ،وفي حالة كونه لم يخل بإلتزماته بإمكان الجهة القضائية المعنية تخفيض
4
الغرامة أو إلغائها متى رأت لذلك ضرورة
إن الحكم بالغرامة التهديدية على اإلدارة الممتنعة عن التنفيذ أمر مؤقت اليحوز حجية الحكم المقضي
فيه مادام اليتطرق إلى حسم النزاع األصلي فهو حكم غير قطعي الهدف منه هو ضمان تنفيذ الحكم
أو القرار األصلي وهو مانص عليه المشرع الجزائري في نص المادة 983من قانون اإلجراءات
المدنية واإلدارية وجاء فيما يلي :في حالة عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي أو حالة التأخر في التنفيذ ،
1
تقوم الجهة القضائي ــة اإلداريـ ـ ـ ــة بتصفية الغ ارمـ ـ ــة التهديدي ــة التي أمرت بها " .
ومنه يتبين لنا أنه إذا أخفقت الغرامة التهديدي ـ ـ ـ ــة في تحقيق الهدف المنشود وأصبح عدم التنفيذ مؤكدا
،فإنه يجب تصفيتها لتحديد المبلغ النهائي للغرامة التهديدية وهذا يعني أن لهذه الوسيلة أمر وقتي .
تظهر هذه الخاصية من خالل السلطة التقديريـ ـ ـ ـ ــة للقاضــي في تحديد قيمة الغرامة التهديدي ــة وبدء
سريانها ،فالقاضي ليس له مقي ــاس أو معــيار يعتمد عليه إال القدر الالزم لتحقيق الغاية منها وهي
الضغط وحمل الشخص المعنوي العام على تنفيذ إلت ازمـ ـ ـ ــه أو الهيئة التي تخضع منازعتها
59
لإلختصاص القضاء اإلداري كأشخاص القانون الخاص المكلفة بإدارة مرفق عام ، 1وتظهر خاصية
التحكم في صور عديدة ،يمكن أن نجملها في الصورتين التاليتين :
2
-يتمتع القاضي اإلداري بسلطة مطلقة في رفض أو قبول طلب الغرامة التهديدية
-يجوز للقاضي أن يحكم بالغرامة التهديدية دون مراعاة الضرر الذي أصاب الدائن ،بل اليشترط
للحكم بها وجود ضرر أصال . ¹
هذه مجمل الخصائص التي تتمتع بها الغرامة التهديدية حيث تعد خاصية التهديد أهمها جميعا لما لها
من أث ـ ــر في نفسية المدي ـ ـ ـ ـ ــن لحمل ــه على التنف ـ ـيـ ــذ .
نصت المادة 980من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على أن للجهة القضائية اإلداريـ ـ ــة في حالة
عدم تنفيذ حكم أو أمر أو قرار أن تأمر بالغرامة التهديدية ضد أحد األشخاص المعنوي ــة الع ــام ــة أو
هيئة تخضع منازعتها إلختصاص القضاء اإلداري والهدف الحقيقي من فرض هذه الغرامة هو ضمان
تنفيذ األحكام والقرارت القضائية اإلداريـ ــة ،كما نصت أيضا المادة 987من نفس القانون أنـ ـ ــه يجوز
للمحكمة اإلداري ـ ـ ــة في حالة عدم تنفيذ حكم نهائي صدر عنها ،وبناءا على طلب المحكوم لصالحة
أن تأمــر بإتخاذ اإلجراءات الالزمة لتنفيذ هذا الحكم فضال عن الحكم بالغرامة التهديدي ــة لضمان هذا
التنفيذ .
إن الغ ارم ــة التهدي ـ ــدي ــة بطابعها التلحق إال األحكام المل ـ ــزمــة الت ــي يكون فيها إلتزام المدي ــن بالقيام
بعمل أو اإلمتناع عـن عمل ، ²وعليه فال يحوز الحكم بالغ ارمـ ــة التهدي ــديــة إذا كان اإللتـ ـ ـزام يتعلق
بدفــع مبلغ من النقود إذ الفائـ ـ ــدة من اإلكراه المالـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي . ³
فهنالك فكرة جوهري ــة ينطلق منها هذا الشرط مفادها أنه التكليف بمستحيل والإجبار إال على تأديــة
مقدور ¹وانطالقــا من ذلك المجال إلعمال نظام الغ ارم ــة التهديديــة إذا إستحال تنفيذ الحكم ،حيث
البد أن يكون التنفيذ عينا ممكنا ،فإذا إستحال تنفيذ الحكم بسبب من األسباب (إذا كان المطلوب
1
وعليه نستخلص من نص المادتين السابقتين شروط تطبيق الغ ارمـ ــة وهي على النحو التالي :
تسليم مستندات أتلفت بسبب الحريق ) فليس هناك جدوى من التهديد المالي ويحكم في هذه الحالة
بالتعويض .
للمدين الخيار بين أن يطلب التعويض عن عدم التنفيذ ،أو رفع دعوى قضائية يطلب فيها تسليط
الغ ارم ــة التهديدي ــة على عاتق اإلدارة على كل يوم تتأخر فيه عن تنفيذ إلتزامتها ،وغني عن البيان أن
المديـ ــن الذي يختار طريق التعويض ،ليس له أن يطلب الغرامة التهديدية لكونه عبر عن إرادته عن
1
إستبدال التنفيذ العيني بواسطة التنفيذ بمقابل . ²
إذا توافرت الشروط السابقة يصبح للمحكوم له حق إتخاذ إجراءات الحكم بالغرامة التهديدية بسبب
تعنت اإلدارة وامتناعها عن تنفيذ الحكم أو القرار الصادر لصالحة ،وبنشوء هذا الحق ،تبدأ خصومة
جديدة ،سببها اإلخالل بتنفيذ الحكم ومحلها الحكم بغرامة تهدي ــدية إلجبار اإلدارة على تنفيذه ،كما أن
غاية القاضي هنا هو كفالة إحترام حجية ماقضى بــه وغاية المحكوم له هو حصوله على المنفعة التي
3
– يشتارط المشرع الجزائري ،أن يطلب الدائن الغرامة التهديدية حتى يحكم بها القاضي اإلداري وهذا مانصت عليه المادة 980من ق.إ.م.إ بقولها " يحوز للجهة
القضائية اإلداريـــــة ،المطلوب منها إتخاذ أمر بالتنفيذ "...وكلمة المطلوب منها تفيد بأن ه ناك طلب قدم إلى المحكمة اإلدارية بشأن فرض الغرامة التهديدية .
61
حملها إليه ذات الحكم ،وعليه فإن إجراءات الحكم بالغرامة التهديدية تمر عبر مرحلتين مرحلة الحكم
بالغرامة التهديدية (الفرع األول ) ومرحلة تصفية الغرامة التهديدية (الفرع الثاني)
تمر مرحلة الحكم بالغرامة التهديدية بعدة إجراءات قانونية منها :
تنص المادة 987الفقرة األولى من قانون اإلجراءات المدنية واإلداري ـ ــة أنه اليجوز طلب الغ ارمــة
التهديدية في حالة إمتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام والق اررات القضائية الصادرة ضدها إال بعد فوات
ثالثة أشهر تسري من تاريخ التبليغ الرسمي ،ويرفق طلب الغرامة التهديدية بنسخة تنفيذي ــة من الحكم
أو القرار القضائي بمعنى أن يكون الحكم حائز لقوة الشيء المقضي فيه وهذا ماعبرت عن المادة
أعاله بعبارة " حكمها النهائي" والحكم ال يكتسب قوة الشيء المقضي فيه إال بعد إستنفاذه لطرق الطعن
العادية ( المعارضة و اإلستئناف ) على إعتبار أن المعارضة توقف التنفيذ . 1
ويرفق مع الطلب أيضا مايثبت رفض المحكوم عليه التنفيذ أي محضر اإلمتناع عن التنفيذ المحرر
من طرف المحضر القضائي وهناك استثناء على قاعدة بدء ميعاد 03أشهر من تاريخ التبليغ .
حيث في حالة رفع تظلم إداري من أجل التنفيذ يبدأ أجل رفع طلب الغرامة التهديدية في السريان بعد
تاريخ قرار رفض التظلم 2وهذا مانصت عليه المادة 988من قانون اإلجراءات المدنية
1
واإلداريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة .
62
واليجوز طلب الغرامة التهديدية في حالة قيام القاضي بتحديد أجل للتنفيذ إال بعد إنقضاء هذا األجل
1
وهذا بنص المادة 987الفقرة الثالثة .
حيث في حالة رفع تظلم إداري من أجل التنفيذ يبدأ أجل رفع طلب الغرامة التهديدية في السريان بعد
تاريخ قرار رفض التظلم ²وهذا مانصت عليه المادة ³ 988من قانون اإلجراءات المدنية
واإلداري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة .
واليجوز طلب الغرامة التهديدية في حالة قيام القاضي بتحديد أجل للتنفيذ إال بعد إنقضاء هذا األجل
وهذا بنص المادة 987الفقرة الثالثة .
أما فيما يخص األوامر اإلستعجالية فيجوز تقديم الطلب بشأنها دون أجل وهذا بنص المادة 987فقرة
02والحكمة من ذلك ترجع إلى مضمونها الذي قد يكون إتخاذ إجراء وقتي مستعجل اليمس بأصل
الحق وال ضرر على اإلدارة من تنفيذها .
إن المادتين 980و 986من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية قد عقدت اإلختصاص للجهة
القضائية اإلدارية باألمر بالغرامة التهديدية لكفالة تنفيذ جميع األحكام واألوام ـ ـ ـ ـ ــر والقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ اررات الصادرة
ض ـ ـ ــد اإلدارة والمقصود بالجهة القضائية اإلداريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة هي المحكمة اإلدارية أو مجلس الدولة ،وينعقد
اإلختصاص لمجلس الدولة في الفصل في دعــاوى الغ ـ ـ ارم ــة التهديدي ــة فـ ــي :
-الطلبات المتعلقة بالق اررات الصادرة عنه والتي تحيلها إليــه المحاك ــم اإلداريـ ـ ـ ـ ـ ــة بشأن إستئناف
األحكام الصادرة عنها .
-الطلبات المتعلقة بالق اررات الصادرة عنه مباشرة والمتعلقة بالسلطات اإلداري ـ ــة المركزي ــة . 4
-وينعقد اإلختصاص للمحاكم اإلداري ـ ــة وذلك حسب نص المادة 987من ق.إ.م.إ حيث نصت
صراحة على أن المحكـ ـم ــة اإلداريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة هي المختصة في الفصل في دعـ ـ ـ ـ ــوى الغ ارمـ ـ ــة التهديديـ ــة لما
يكون الحكم نهائيا ،حيث إذا تم الطعن فيه باإلستئناف فإن مجلس الدولة هو الذي يختص بالفصل
في طلب الغ ارم ـ ـ ـ ـ ـ ــة التهديدي ــة .
63
أما ق اررات مجلس الدولة فتعتبر بطبيعتها ق اررات نهائية ،لذا يكون الفصل في طلب تنفيذها لذات
المجلس .
إن المتصفح للنصوص التشريعية المنظمة للغرامة التهديدية ،يالحظ أن المشرع الجزائري لم يحدد
لحظة لبدء سريان الغ ارم ـ ـ ـ ــة التهديدية ،وال اللحظة التي تتوقف عندها لتتحول بعد ذلك إلى تعويض ،
فعلى اعتـ ـ ـبـ ــار أن الغ ارم ـ ـ ـ ـ ـ ــة التهديـ ــديــة هي وسيلة غير مباشرة للوصول إلى التنفيذ العيني وذلك
بالضغط ماليا على المحكوم عليه لحمله على تنفيذ اإلل ـت ـ ـ ـ ـ ـزام الملقى على عاتق ــه ،فإن لحظة بدء
سريانها تبدأ مع بداية التنفيذ وامتناع المدين عنه 1وبما أن التنفيذ اليمكن أن يبدأ إال إذا توافر لدى
الدائـ ــن سند تنفيذي واألحكام القضائية التعتبر إال إذا حازت القوة التنفيذية .
أما فيما يتعلق بسلطة القاضي في تحديد تاريخ نهايـ ـ ــة سريان الغ ارم ـ ــة التهديـ ــدي ــة لتتحول إلى تعويض
،فإنه اليوجد نص قانون ـ ـ ـ ـ ــي يقرها واليوجد أيضا نص يمنعه ص ارحـ ــة من أن يحدد تاريخا لنهاي ــة
سري ـ ــان الغ ارم ـ ـ ـ ـ ــة التهديدي ــة وبالتالي فقد ترك تحديده للسلطة التقديري ــة للقاضي ألنها مسألة واقع
وتختلف من قضية ألخرى ،كونها مرتبطة بنوع اإللتـ ـ ـ ـ ـزام المطلوب من المدين القيام بــه ،وبحسبه
فإن عبء تقد ـي ـ ــر ذلك يقع على عاتق القاضي اآلم ـ ـ ـ ــر بالغ ارم ـ ـ ـ ــة التهديديـ ـ ـ ــة .
بعد إنقضاء المهلة التي حددها القاضــي اإلداري لإلدارة إلتخاذ إجراءات تنفيذ الحكم دون قيامها بذلك
تسري الغرامة تصاعديا حتى التاريخ الذي حدده القاضي لوقف سريانها أو كأصل عام حتى يتم تنفيذ
الحكم .
حيث إن تصفية الغرامة التهديدية هي المرحلة الثانية لنظام الغرامة التهديدية والتي يظهر خاللها األاثر
القانوني للحكم بها ،وذلك عندما يظهر الموقف النهائي للمدين سواء بأن يحدث التهديد المالي فيه
آثاره فيقلع عن عناده ويعمد إلى تنفيذ إلتزامه ،أو أن يصر على موقفه ويصمم على أن اليقوم بتنفيذ
1
إلتزامه ،2وسوف نتطرق إلى نصرين في هذا الفرع .
- 1عز الدين مرداسي ،الغرامة التهديدية في القانون الجزائر ،الجزائر ،دار هومة ،سنة ، 2008ص . 60
– 2عبد الرزاق السنهوري ،المرجع السابق ،ص . 819
64
أوال :طلب التصفية
من الناحية اإلجرائية اليعني طلب التصفية أننا بصدد إجراء مستقل عن طلب الحكم بالغ ارمـ ــة
التهديدية وانما هو إمتدادا له ولذلك ليس من الالزم أن يتقدم ذوي الشأن بطلب تصفيتها ،إذ يمكن
للقاضي التصدي لذلك من تلقاء نفسه وهذا ماأخذ به المشرع الجزائري في نص المـ ـ ـ ـ ــادة 983من
ق.إ.م.إ بقولـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه " :في حالة عـ ـ ـ ــدم التنفيذ الكلي أو الجزئي ،أو في حال ـ ـ ـ ـ ــة التأخيـ ـ ــر في التنفيذ تقوم
الجهة القضائي ـ ـ ــة اإلداريـ ـ ـ ــة بتصفية الغ ارمـ ـ ـ ــة التهديدية التي أمرت ب ـ ـ ــها " .
نصت المادة 417الفقرة األولى من قانون اإلجراءات 417الفقرة األولى من قانون اإلجراءات المدنية
القديم " يجوز للجهات القضائية بناءا على طلب الخصوم أن تصدر أحكاما بتهديدات مالي ــة وعليها
بعد ذلك مراجعتها وتصفية قيمتها " .
هذه الفقرة تتضمن مبدأ عاما ،مفاده أن جميع الجهات القضائية التي أصدرت أحكاما بالغرامة
التهديدية تختص بتصفيتها . ¹
وعليه فتصفية الغرامة التهديدية تعود إلــى محكمة الموضوع حتى لو حكم بها من طرف قاضي األمور
المستعجلة ،على إعتبار أن تصفية الغرامة التهديدية يتطلب اإلعتماد على عناصر معين ـ ــة عند
تقديـ ـ ـ ــر المبلغ المصفى وسوف يمس بأصل الحق وخالصة القول أنـ ـ ـ ـ ـ ــه ينعقد اإلختصاص لتصفية
الغرامة التهدي ــديــة إل ـ ـ ـ ـ ــى قاضي الموضوع ويستبعد قاضي األمور المستعجلة ²وذلك في قانون
اإلجراءات المدنية القدي ـ ـ ـ ـ ــم .
أما في قانون اإلج ـ ـراءات المدنية واإلداريـ ـ ـ ـ ـ ــة الجديد وحسب نص المادة 983السابق ذكرها ،
فإن القاضي الذي حكم بالغرامة التهديدية هو الذي ينعقد له اإلختصاص بتصفية الغ ارم ــة التهديدية
وذلك دون تفرق ــة في ه ـ ـ ــذا الشأن بين قاضي الموضوع وقاضي األمور المستعجلة ،فيكون لمجلس
الدولة إجراء التصفية للغ ارمـ ـ ـ ــة التي حكم بها ويكون للمحكمة اإلداري ـ ـ ـ ــة اإلختصاص بتصفية الغرام ـ ـ ــة
التي حكمت بها ،لكن ماذا عن قاضي األمور المستعجلة فهل يكون له اإلختصاص بتصفية الغرامة
التهديدية التي أمر بها وفقا لهذا األصل ،أم ينعقد اإلختصاص لقاضي الموضوع ؟
1
65
لقد كانت هذه المسألة محل خالف في فرنسا بين محاكم القضاء اإلداري ، ¹حيث لم تقبل محكمة
استئناف ليون اإلداري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة أن يكون لقاضي األمور المستعجلة اإلختصاص بتصفية الغرامة التي أمر
به ـ ــا على اعتبار أن التصفية ال تعتبر من اإلجراءات التحفظية التي ينعقد له اإلختصاص بها ،ولذا
فإن اإلق ارر له بالتصفية يمثل مساسا بموضوع النزاع .
ولكن مجلس الدولة الفرنسي كان له أيضا رأي مخالف ،حيث سمح بجواز انعقاد اإلختصاص لقاضي
األمور المستعجلة ،بتسليط الغ ارم ـ ـ ـ ــة التهدي ـ ـ ــدي ـ ــة علـ ــى اإلدارة وأن يقوم بتصفي ــتها وحجته ف ـ ـ ـ ــي ذلك
أن القـ ـ ــول بإنعقاد اإلختصاص لهذا القاضي بالتصفية اعت ـ ـ ـراف له بالفصل في موضوع الن ـ ـ ـ ـزاع ،قول
يخالف الحقيقة ألن القانون يعطيه سلطة إتخاذ اإلجراءات المفيدة والضروري ـ ـ ــة دون مساس
بالموضـ ـ ــوع واجـ ـراء التصفية يعد أنفع اإلجراءات وأهم ـ ـ ـ ــها ،وتدخله في هذا الشأن ليس فيه مساس
بالموضـ ـ ـ ـ ــوع و ال يعـ ـ ــد من هـ ــذا القبي ـ ـ ــل أن يكون له اإلختصاص بالحكم بالغ ارم ـ ـ ـ ــة التهديـ ــدي ــة
إلجبار اإلدارة على تنـف ـي ـ ــذ التزامات ـ ـ ــها ،وأن يكون لـه ذات اإلختصاص بتصفيتها ،وأن إنكار هذا
اإلختصـ ــاص على قاضي األم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور المستع ـج ـ ـلــة معناه تجريد الغ ارمـ ــة التهديديـ ــة من سالح ـ ــها ،
إذ بالتباعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد بين القاض ـ ـ ـ ــي اآلم ـ ـ ـ ـ ــر بالغ ارمـ ـ ــة واآلخ ـ ــر الذي يتولـ ـ ـ ــى تصفيتها ،يتباعد المـ ـدى
الزمنـ ـ ـ ــي بين الحكم ب ـ ـ ـ ــها وتصف ــيتـ ـ ــها ،وهذا يوهن من قيمتها ويقلل من فاعليتها .
فضال عن مضاعفة إجراءات التقاضي مرة أمام قضاة الحـ ــكم ،ومرة أمام قاضي التصفية وه ـ ــذا
يخال ـ ــف الهدف الذي جاءت ألجـ ـ ـ ــل تحقيقـ ــه الغـ ـ ارمـ ـ ـة بإعتباره ـ ـ ـ ـ ـ ــا وسيلة لضمان سرعة تنفيذ
األحكـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام ،السبيال لتراكم إجراءات تنفيذه ـ ـ ـ ـ ـ ــا .
1وعلى اعتبار أن القضــاء اإلداري الج ازئ ــري يستلهــم ويس ــتمد معظم قواعـ ـ ـ ـ ــده مما توصل إليه اإلجتهاد
القضائي الفرنسي ، 2وبناءا على ماتقدم يمكن اإلعتراف لقاضي المواد المستعجلة اإلداري ـ ـ ـ ـ ـ ــة
بوجـ ـ ـ ــه عـ ـ ــام بسلط ــة تصفية الغ ارمـ ـ ـ ـ ــة التهدي ـ ـ ــدي ـ ــة التي أم ـ ـ ــر بـ ـ ــها تنفيــذا لـ ــما اتخـ ــذه من أوامر . 3
66
وهذا ما أكدتـ ـ ـ ـ ـ ــه المادة 305من قانون اإلجراءات المدنيـ ــة واإلداريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة الواردة تحت القسم الثاني
المتعلق باإلستعجال واألوامر اإلستعجاليـ ـ ـ ـ ـ ــة من الفص ــل الخامـس المتعلق بأح ــكام أخرى من الباب
الثامن في األحكام والق اررات من الكتاب األول المتعلق باألحكام المشتركة بجميع الجهـ ـ ـ ــات القضائي ـ ــة
والت ـ ــي نصت عــلى مايلي ":يمكن لقاضي اإلستعجال الحكم بالغ ارم ـ ـ ـ ـ ـ ــات التهدي ـ ـ ــدي ـ ـ ــة وتصفي ـ ـت ـ ـ ــها .
يفصل عند اإلقتضاء في المصاريف القضائي ـ ـ ـ ـ ــة " ومعنى ذلك أنه يمكن لقاضي اإلستعجال الحكم
بالغ ارمـ ـ ـ ـ ــة التهدي ـ ــديـ ــة وتصفيـ ـ ــتها .
إن التصفية النهائيـ ــة للغ ارم ـ ـ ـ ــة التهــدي ـ ـ ـ ـ ـ ــدي ـ ـ ــة شيء متروك لسلطة القاض ــي اإلداري حيث
إمتنعت اإلدارة عن التنفيذ سـ ـ ـواء الكلي أو الجـ ـزئي أو حـ ــتى في حالـ ـ ــة التأخ ـ ــر في التنفيذ فهنا وجب
على القاضي اإلداري تصفية ماحكم بــه تصفية نهائي ــة وذلك لتحديد المبلغ الن ـ ـ ـ ــهائي حيث تنص
المادة 984من قانون اإلجراءات المدنية واإلد اريـ ـ ـ ــة على مايلي " :يجوز للجهة القضائية تخفيض
الغ ارم ـ ـ ـ ـ ـ ــة التهديدي ــة أو إلغائها عند الضــرورة " فهنا القاض ــي اإلداري الجزائري يملك سلطة تكاد تكون
مطلقة ،إذ يتمتع بسلطة إنقاص الغ ارم ـ ـ ـ ـ ــة التهديدية أو إلغائ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــها بمعنى أن القاضي اإلداري يتمتع
بسلطة واسعة عند تصفية الغ ارمـ ــة التي حكم ب ــها ،غير أن سلطة القاضي اإلداري في مجال تصفية
الغ ارم ـ ـ ـ ـ ــة التهديـ ـ ــدي ـ ـ ـ ــة ي ـ ــرد عليه إستثناء وهو عدم جواز الزيادة في المبلغ النهائي المصفي للغ ارم ـ ـ ـ ـ ـ ــة
التهديديـ ــة ،فال يمك ـ ــن للقاض ـ ــي اإلداري أن يحكم بمبلغ أكبر من المبلغ المصفى وان كـ ـ ـ ـ ــان له أن
1
. 1
يحكم بمبلغ أقل أو أن يلغيه
67
الخاتمة
فـ ـ ـ ـ ــي ختام هذه الد ارس ـ ـ ــة التي قدمناها والتي خلصنا من خاللها بأن ـ ــه تعـ ـ ـ ـ ـ ــد ظاهـ ـ ـ ـ ـرة إمتن ـ ـ ـ ـاع
ا إلدارة ع ـ ـ ــن تنفيــذ األحكام والق اررات اإلداريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة إنتقاضا من هيبة ومكانة القضاء وعدم اإلنصياع لسلطته
،مما قـ ـ ـ ــد يحدث شرخا في الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة والتي تـ ـ ـ ـ ـ ــؤدي إل ـ ــى المساس بسيـ ــادة
الق ــان ــون ومبدأ " القانون فوق الجميع " ،وبما أن ه ـ ـ ـ ــذه السلوكيات التي أصبحت صبغ ــة معروفة في اإلدارة
والتي يتخذها اإلداريون كعذر لعدم تنفيذ األحكام القضائية بحجج عديدة وكثيرة وأهمها المصلحة العامة .
فإذا قلنا بأن تنفيذ األحكام والق اررات القضائية أيا كان نوعها ،واجب يقع على عاتـ ـ ــق السلطة
التنفيذيـ ــة ،وفقا ألحـ ــكام الدسـ ـتــور والقـ ــان ــون ،ف ـ ـ ـ ــإن مسؤوليتها في تنفيذ األحكام والق اررات القضائية الصادرة
ضدها تكون أه ـ ــم ،فإذا إمتنعت عن التنفيذ ،فهذا يع ـ ــد مساس بالقوانين والذي سيؤدي حتما إلى إنعدام
ثقة المجتمع في القانون وفي أجهزة الدولة التي تعمل على تطبيق القانون ،وباألخص تجاهل أصل من
أصول القانون أال وهو " حجية الشيء المقضي بـ ـ ـ ــه " وهو يعد مساس صارخا بالحقوق المكتسبة والمراكز
القانونية .
وشعو ار ب ــمدى خطورة عدم اإللتزام من طرف اإلدارة بتنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلداري ـ ـ ــة
الصادرة ضدها ،وتكريـ ـ ــسا لدولـ ــة الحـ ـ ــق والقانون ،عمد المشرع الجـ ـ ـ ازئـ ـ ـ ــري إلـ ـ ـ ـ ــى ب ـ ـ ـ ـ ـس ــط رقــاب ـ ـ ـ ــة
القضاء الجـ ـ ـ ـزائي على عملية التنفيذ ،كوسيلة جديدة للحفاظ على حجية األحكام القضائية ،وتفعيل القوة
التنفيذي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة .
لألحك ـ ـ ـ ـ ــام والقـ ـ اررات القضائـ ـ ـيـ ـ ــة اإلداريـ ـ ـ ـ ــة بإعتبارها سنـ ــدات تنفيذي ـ ـ ـ ـ ــة ،واضعا بذلك حدا لتلك
السلوكيات الت ـ ــي ته ـ ـ ــدر إستقرار المجتمع وتخرق أهـ ــم مبادئ القانون ،وذلك بموجب تعديل قانون العقوبات
الجزائري ،بحيث أق ـ ـ ــر ص ارحـ ـ ـ ـ ـ ــة بالمسؤولية الجزائية للموظف الممتنع عمدا عن تنفيذ األحكام القضائية
الصادرة باسم الشعب الجزائري .
وبالتالي أصبح عدم تنفيذ األحكام والق اررات القضائية بمختلف صورهـ ـ ـ ـ ـ ــا من قبل الموظف الع ـ ـ ـ ــام
جريمـ ـ ـ ــة يعاقب عليها القانون .
68
حيث كرسنا دراستنا لموضوع ضمانات تنفيذ األحكام الق اررات القضائية اإلداريـ ـ ـ ـ ـ ــة في الجزائر
وذلك وفق لقانون اإلجراءات المدنية واإلداريـ ـ ـ ـ ــة هذا القانون الواسع أكثر مما يتصور والذي يبدو متشعبا
مما يصعب علينا اإلحاطة بكل جوانبه بدقة شديدة .
لذلك قمنا بالتركيز على مسائل محددة من خالل تحديد بعد المفاهيم ،بداية بتحديد األحكام
والق اررات القضائية اإلداري ـ ـ ـ ـ ـ ــة وآثارهـ ـ ــا ،أين تبين لنا أنـ ــه ال يوجد في ظاهره إختالف عن الحكم القضائي
بشكل عام ،بحيث يكمن اإلختالف في عملية التنفيذ وهذا راجع لإلدارة واإلمتيازات الممنوحـ ــة لها والتي
من خاللها تتجاهل حجية الشيء المقضي ب ــه ،كما أن عملية التنفيذ التتحقق بغيـ ــر قرار قضائـ ــي إداري
،وذلك بإعتباره الوسيلة الوحيدة المؤكدة لوجود حق ال بد من إقتضائ ـ ـ ـ ــه ،وتجسيدا لذلك فقد خص المشرع
الجزائري الحكم أو القرار القضائي اإلداري بخصائص وضمانات بضمانات تجعله يتمتع بالقوة التنفيذيـ ـ ـ ــة
،ورغـ ــم ذلك فإن اإلدارة في غالب األحيان مات ـتــجاه ــل األحكام والق اررات القضائـ ـي ــة وتتبع صور وحجج
للتملص واإلمتناع عن التنفيذ ،وقد أو ردنا ضمن دراستنا صور متعددة تتخذها اإلدارة لإلمتناع والتي تبدأ
من التباطؤ أو التـ ـ ـ ـ ارخ ــي فـ ــي التنفي ــذ م ــرو ار إلــى اإلسـ ــاءة ف ــي تنــفيــذ الحـ ـكــم أو الق ـ ـرار القضائي اإلداري
أو تنفيــذه تنفيذا ناقــصا وانتهاءا بالرفـ ــض الصري ـ ـ ـ ــح وال ـ ــذي يعتبره أبــشع وأشـ ـ ـ ــد أنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواع اإلنحـ ـ ـ ـ ـراف ف ـ ــي
إس ـت ـخ ــدام السلطـ ــة ،كمـ ــا ذكـ ـرنا ب ــأن سلوك اإلدارة فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي اإلمتناع ق ـ ـ ــد اليقتصر علـ ــى صورة واح ـ ـ ــدة ،
بـ ــل إن ـ ــها ق ـ ـ ــد تجمع ف ـ ـ ـ ـ ــي واقع ــة واح ـ ـ ـ ــدة عدة صور .
ومن النتائج التي سجلناها أيضا هو إعت ـ ـ ـراف المشرع للقاضي اإلداري بالحق في توجي ـ ـ ـ ــه
أوامـ ـ ـ ــر لإلدارة للمحاف ـظـ ــة على الحري ـ ـ ـ ـ ـ ــات األساسيـ ـ ـ ـ ـ ــة فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي قانون اإلجراءات المدنيـ ـ ـ ـ ـ ــة واإلداريـ ـ ـ ـ ـ ــة
رغـ ـ ـ ـ ـ ــم الحظر المفروض علي ـ ـ ـ ـ ـ ــه في قانون اإلجراءات المدنية السابق .
وفي مجـ ـ ـ ـ ــال تنفيـ ـ ـ ـ ــذ األحكام والق اررات القضائيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة واإلداريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة نص المشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرع ص ارح ـ ــة
على جـ ـ ـ ـ ـواز الحكم بالغ ارمـ ـ ـ ــة التهديـ ـ ـ ـ ــديـ ـ ـ ـ ـ ــة وتحديـ ـ ـ ـ ـ ــد سريان مفعولـ ـ ـ ـ ـ ــها ،وذل ـ ـ ـ ـ ــك فـ ـ ـ ـ ـ ــي نـ ـ ـ ـ ـ ــص الم ـ ـ ـ ـواد
م ـ ـ ـ ــن 980إـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى 986حـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ــث تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدارك المشـ ـ ـ ـ ـ ــرع لتجاهل ـ ـ ـ ـ ــه ألحكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام الغ ارمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة التهدي ـ ـ ـ ــدي ــة
في قانون اإلج ـ ـ ـ ـراءات المدنيـ ـ ـ ـ ــة السابق .
ومن النتائج أيضا التي توصلنا إلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــها هو أن المـ ـ ـ ـ ـ ـ ــشرع الج ازئ ـ ـ ـ ـ ـ ــري أحسن صنعا بمعاقبة
الموظف الممتنع عن تنفيذ القـ ـ ـ ـ ـ ـ اررات القضائـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ــة ألن ذل ـ ـ ـ ـ ــك يعتبر رادع ل ـ ـ ـ ــه حيث أصبــح يخ ــاف
على نفسه من تعرض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه لعقوبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة الحبس ،إذ تعتبر فكـ ـ ـ ـرة المسؤولي ـ ـ ـ ــة الشخصي ـ ـ ــة للموظـ ـ ــف
الممتنع عن التنفي ـ ـ ـ ـ ـ ــذ ضـ ـ ـ ـ ـ ــمانا حقيقيا لتنفيذ األحكام والق اررات القضائية الحائ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـزة لقوة الشيء المقضي
فيـ ـ ـ ـ ـ ــه .
69
ملخص عام للمذكرة
بعد إنتهائي من دراستي التي حددت لي بعنوان :ضمانات تنفيذ األحكام والق اررات القضائية
اإلداريــــــــــــــــــة وذلك طبعا وفق ماجاء به قانون اإلجراءات المدنية واإلداري ـ ـ ـ ـ ـ ــة ،أين قمت
بطرح اإلشكال التالي :لما كانت إشكالية تنفيذ األحكـ ـ ـ ـ ــام الق ـ ـ ـ ـ اررات القضائية اإلداريـ ـ ـ ــة الصادرة
ض ـ ـ ــد اإلدارة هي الهاجس األكبر لدى المتقاضين الذين اليجدون سبيال غير اإلنتظار حت ــى تتنازل
اإلدارة وترضخ لألمر الواقع فتنفذ ماعليها من أحكام أو ق اررات قضائي ـ ـ ـ ــة ،فإن اإلشكالية تكمن ف ـ ـ ـ ـ ـ ــي
:الحجج والذرائع التي تتخذها اإلدارة لإلمتناع عن التنفيذ ؟ وماهي السبل القانونية المتاحة لحمل
اإلدارة على تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلداريــــــــة ؟
ولإلجابة على اإلشكالية المطروحة والتطرق إلى موضوع ضمانات تنفيذ األحكام والق اررات القضائية
اإلداريـــــــــــــــــة .
تطرقت أوال ووفق تقسيم ثنائي لخطة الدراسة :ضمن فصلين جاء الفصل األول بعنوان :إمتناع اإلدارة
عن تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية ،وهنا اليمكن أن أتطرق للمفهوم ومظاهر اإلمتناع عن
التنفيذ قبل التطرق إلى ماهية األحكام والقرارات القضائية اإلدارية وتنفيذها وذلك ضمن المبحث األول
الذي يتفرع بدوره لمطالب وفروع تتضمن مفهوم األحكام والق اررات القضائية اإلدارية واآلثار التي تترتب عنها
فور صدورها ،وكذلك تناولنا شروط وكيفيات األحكام والق اررات القضائية اإلدارية محل التنفيذ ،أما المبحث
الثاني فحاولنا التطرق فيه إلى الصور والحجج التي تعتمدها اإلدارة لعدم تنفيذ األحكام والق اررات القضائية
اإلدارية بحيث تطرقنا بالتفصيل في المطلب األول :لصـ ـ ـ ـ ـور إمتناع اإلدارة عـ ـ ـ ـ ـن التنفيذ والتي تأتي ضمن
صورتين أال وهما اإلمـ ــتن ـ ـ ــاع الصـ ـريـ ـ ـ ــح أو اإلمـتـ ـن ــاع الضمني.
وتناولنا أيضا الح ـج ــج التي تعتمدها اإلدارة لإلمتناع عـ ــن الت ـنــفيذ أال وهم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا :
اإلستحالة القانونية للتنفيذ وكذلك اإلستح ــال ـ ــة ال ـ ـواق ـعـ ـيــة .
أما الفصل الثاني فأوردناه تحت عنوان الضمانات الكفيىة إللزام اإلدارة بتنفيذ األحكام
70
أما الفصل الثاني تحت عنوان الضمانات الكفيىة إللزام اإلدارة بتنفيذ األحكام والقرارات
71
قائمة المراجع
أ -باللغة العربية
/01إبراهيم المنجي ،المرافعات اإلداريـة ،مصر اإلسكندرية ،منشأة المعارف ،سنة . 1999
/02إبراهيم عبد العزيز شيحا ،الوسيط في مبادئ وأحكام القانون اإلداري ،مصر ،دار المطبوعات
الجامعية ،سنة . 1999
/03أبو يونس محمد ب ــاهي ،الغ ارم ــة التهديدية كوسيلة إلجبار اإلدارة على تنفيذ األحكام اإلدارية ،مصر
اإلسكندرية ،دار الجامعة الجديدة للنشر . 2001 ،
/04آث ملويا لحسين بن الشيخ ،دروس في المنازعات اإلدارية ،وسائل المشروعية ،الجزائر ،دار هومــة
للطباعة والنشر والتوزيع ،الطبعة األولى . 2002 ،
72
/05أحمد محيو ،المنازعات اإلدارية ،ترجمة فائز أنجق وبيوض خالد ،الجزائر ،ديوان المطبوعات
الجامعية ،سنة . 1994
/06أحمد منصور محمد ،الغرامة التهديدية كجزاء لعدم تنفيذ أحكام القضاء اإلداري الصادرة ضد اإلدارة
مصر اإلسكندرية ،دار الجامعة الجديدة للنشر . 2002 ،
/07بسيوني عبد هللا عبد الغني ،القضاء اإلداري ،الطبعة الثالثة ،مصر اإلسكندرية ،منشأة المعارف ،
سنة 2006.
/08بشير محمد ،الطعن باإلستئناف ضد األحكام اإلدارية في الجزائر ،الجزائر ،ديوان المطبوعات
الجامعية ،سنة . 1981
/09ب ن صاولة شفيقة ،إشكالية تنفيذ اإلدارة للق اررات القضائية اإلداري ـ ـ ــة ،دراسة مقارنة ،الجزائر ،دار
هومة للطباعة والنشر والتوزيع . 2010 ،
/10حسينة شرون ،إمتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضدها ،الجزائر ،دار الجامعة
الجديدة ،سنة 2010.
/11حمدي باشا ،مبادئ اإلجتهاد القضائي في مادة اإلجراءات المدنية ،الجزائر ،دار هومة ،سنة
. 2001
/12حمدي ياسين عكاشة ،األحكام اإلدارية في قضاء مجلس الدولة ،مصر اإلسكندرية ،منشأة المعارف
،سنة 1997.
/13رأفت فودة ،دروس في قضاء المسؤولية اإلدارية ،مصر ،دار النهضة العربية ،سنة . 1994
/14رشيد خلوفي ،قانون المسؤولية اإلدارية ،الجزائر ،ديوان المطبوعات الجامعية ،سنة . 1995
/15سائح سنقوقة ،قانون اإلجراءات المدنية نصا وتعليقا وشرحا وتطبيقا ،الجزائر ،دار الهدى ،سنة
2001
/16سليمان محمد الطماوي ،القضاء اإلداري " قضاء التعويض وطرق الطعن في األحكام " ،الكتاب
الثاني ،مصر ،دار العكر العربي ،سنة . 1977
/17عبد الحكم فودة ،حجية األمر المقضي وقوته في المواد التجارية ،مصر اإلسكندرية ،منشأة المعارف
،سنة . 1999
/18عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،نظرية اإللتزام بوجه عام ،بيروت
لبنان ،منشورات الحلبي . 2005 ،
/19عبد العزيز الجوهري ،القضاء اإلداري " دراسة مقارنة اإللغاء " ،الجزائر ،ديوان المطبوعات الجامعية
سنة . 1983
73
/20مراد عبد الفتاح ،جرائم اإلمتناع عن تنفيذ األحكام وغيرها من جرائم اإلمتناع ،مصر ،دار الكتاب
والوثائق ،مصر . 1997
/21مرداسـ ـ ــي عز الديـ ــن ،الغرامة التهديدية في القانون الجزائري الجزائر ،دار هومة . 2008 ،
رابعا :المــــــذكـــــرات
/01إبراهيم أوفائدة ،تنفيذ الحكم الغداري الصادر ضد اإلدارة ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة ماجستير في
القانون العام ،جامعة العربي بن مهيدي ،أم البواقي ،كلية الحقوق ،سنة . 2009
/02دغمان سعاد ،الغرامة التهديدية كوسيلة إلجبار اإلدارة على تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضدها ،
مذكرة لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ،الدفعة السابعة عشر . 2009.2006 ،
/03فريد رمضاني ،تنفيذ الق اررات القضائية اإلدارية واشكاالته في مواجهة اإلدارة ،مذكرة مكملة لنيل شهادة
الماجستير في العلوم القانونية ،تخصص قانون إداري وادارة عامة ،كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة
الحاج لخضر باتنة " ،سنة 2015- 2014
خامسا :المقاالت
/01أبركان فريدة " ،رقابة القاضي اإلداري على السلطة التقديرية لإلدارة " ،مجلة مجلس الدولة ،العدد
األول ،سنة . 2002
/02خذري حمزة ،طرق التنفيذ ،محاضرات ملقاة أمام طلبة السنة الرابعة ،كلية الحقوق ،جامعة المسيلة
،موسم 2012 – 2011
/03شرون حسينة ،المسؤولية بسبب اإلمتناع عن تنفيذ الق اررات القضائية اإلدارية " مجلة المفكر ،العدد
الرابع ،كلية الحقوق ،جامعة بسكرة ،أفريل . 2009
/04غناي رمضان ،قراءاة أولية لقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،مجلة مجلس الدولة ،العدد ، 9سنة
. 2009
74
/05يوسف بن ناصر ،عدم تنفيذ اإلدارة ألحكام القضاء اإلداري الجزائري ،الجزائر ،المجلة الجزائرية
للعلوم القانونية واإلقتصادية والسياسية ،العدد الرابع ،سنة . 1991
1. http://www.startimes.com/?t=26678744
2 www.mhuae.gov.ma://http
75
الفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرس
شكر وتقدير
اإلهدا
المقدمة 6 - 2 ....................................................................................
الفرع الثاني :اآلثار المترتبة على الحكم والقرار القضائي اإلداري15-13 ...........................
المطلب الثاني :التنفيذ و الشروط الواجب توفرها في األحكام والق اررات القضائية اإلدارية محل
التنفيذ16 ...................................................................................
المبحث الثاني :صور ومبررات اإلدارة لعدم تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية25 ...
76
الفرع الثاني :اإلستح ــال ـ ــة ال ـ ـواق ـعـ ـيــة39-38............................................................
الفصل الثانـــــي :آليات إلزام اإلدارة بتنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية
40...............................................................................................
المبحث األول :قيام مسؤولية الموظف الممتنع عن تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية
42 .................................................................................................
الفرع األول :أركان جريمة اإلمتناع عن تنفيذ الحكم أو القرار القضائي اإلداري 50-48 ................
الفرع الثاني :إجراءات رفض الدعوى الجزائية52-50.........................................................
المبحث الثاني :الحكم بالغرامة التهديدية إلبجبار اإلدارة عى تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية
53 .................................................................................................
المطلب األول :اإلطار العام للغرامة التهديدية كوسيلة إللزام اإلدارة على التنفيذ54 ........
77
الخاتمة 68-67 ................................................................................
78