مذكرة الطالب جرمان سيف الدين

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 82

‫جامعة العربي بن مهيدي – أم البواقي –‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬

‫قسم الحقوق‬

‫ضمانات تنفيذ االحكام والق اررات‬


‫القضائية اإلداريـــــة‬

‫مذكرة مكملة لنيل شهادة ماستر في الحقوق‬

‫تخصص‪ :‬قانون عام‬


‫إشراف‪:‬‬ ‫إعداد الطالب‪:‬‬

‫د ‪ .‬بومعراف يزيد‬ ‫سيف الدين جــرمان‬

‫الجامعة‬ ‫الدرجة العلمية‬ ‫الصفة‬ ‫اللقب واإلسم‬


‫جامـ ـع ـة أم البواق ـ ـ ـ ـ ـي‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫رئيسا‬ ‫د‪ .‬بونويوة سمية‬
‫جامـ ـع ـة أم البواق ـ ـ ـ ـ ـي‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫ومقرر‬
‫ا‬ ‫مشرفا‬ ‫د‪ .‬بومعراف يزيد‬
‫جامـ ـع ـة أم البواق ـ ـ ـ ـ ـي‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫عضوا مناقشا‬ ‫د‪ .‬لزعر وسيلة‬

‫السنة الجامعية‪2020 – 2019 :‬‬


‫إهــــدإء‬
‫احلمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا أما بعد‬

‫احلمد كله هلل الذي وفقين إلمتام هذا العمل املتواضع‬

‫إهداء خاص من قلب صادق‬

‫إىل من جرع الكأس فارغا ليسقيين قطرة حب‬

‫إىل من كلّت أانمله ليقدم لنا حلظة سعادة‬

‫إىل من حصد األشواك عن دريب ليمهد يل طريق العلم واملعرفة‬

‫إىل القلب الكبري أيب العزيز‬

‫إىل من أرضعتين احلب واحلنان‬

‫إىل رمز احلب وبلسم الشفاء‬

‫إىل القلب الناصع ابلبياض أمي احلبيبة‬

‫إىل القلب الطاهر الرقيق والنفس الربيئة زوجيت ‪ ،‬إىل رايحينة حيايت بنيت "قدس"‬

‫اىل اخويت االعزاء من الكبري اىل الصغري‬

‫وإىل من تذوقت معهم أمجل اللحظات إىل من عرفت كيف أجدهم وعلموين أن ال أضيعهم‬

‫إىل من جعلهم هللا أخويت ابهلل و من أحببتهم يف هللا أصدقاء‬

‫‪2‬‬
‫شكر وعرفان‬
‫بعد احلمد هلل تعاىل كما ينبغي جلالل وجهه وعظيم سلطانه‪ ،‬الذي أهلمين الطموح والصرب‬

‫وسدد خطاي ابن من علي إبمتام هذه الدراسة ومن علي بفضله ونعمه اليت ال أحصيها ‪،‬‬

‫والصالة والسالم على سيدان حممد صلى هللا عليه وسلم وعلى اله وصحبه‪.‬‬

‫أتوجه بعميق وخالص الشكر والتقدير إىل أستاذي العزيز الذي تفضل وحتمل معي الجناز هذه‬

‫الدراسة‬

‫الدكتور ‪ :‬بومعراف يزيد‬

‫كما أتقدم ابلشكر الكبري إىل األستاذ الفاضل ‪ :‬ساكري السعدي الذي مل ببخل علي‬

‫ابلنصح و اإلرشاد واشكر األساتذة أعضاء اللجنة املناقشة‬

‫وشكرا إىل كل من ساعدان من قريب أو بعيد الجناز هذا العمل املتواضع‪.‬‬

‫واىل كل العمال والطلبة بكلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة أم البواق ــي ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‬
‫الفصل األول ‪ :‬إمتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام والقرارات القضائية‬
‫اإلدارية‬
‫المبحث األول ‪ :‬ماهية األحكام والقرارات القضائية اإلدارية وتنفيذها‬
‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم األحكام والقرارات القضائية اإلدارية وآثارها‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مفهوم التنفيذ والشروط الواجب توافرها في األحكام والقرارات القضائية‬
‫اإلدارية محل التنفيذ‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬صور ومبررات اإلدارة لعدم تنفيذ األحكام والقرارات‬


‫القضائية اإلدارية‬
‫المطلب األول ‪ :‬صور إمتناع اإلدارة عن التنفيذ‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مبررات اإلدارة لإلمتناع عن التنفيذ‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬آليات إلزام اإلدارة بتنفيذ األحكام والقرارات القضائية‬


‫اإلدارية‬
‫المبحث األول ‪ :‬قيام مسؤولية الموظف الممتنع عن تنفيذ األحكام والقرارات‬
‫القضائية اإلدارية‬
‫عن عدم التنفيذ‬ ‫المطلب األول ‪ :‬المسؤولية اإلدارية للموف‬
‫عن عدم التنفيذ‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬المسؤولية المدنية للموف‬
‫عن عدم التنفيذ‬ ‫المطلب الثالث ‪ :‬المسؤولية الجزائية للموف‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬الحكم بالغرامة التهديدية إلبجبار اإلدارة عى تنفيذ األحكام‬


‫والقرارات القضائية اإلدارية‬
‫المطلب األول ‪ :‬اإلطار العام للغرامة التهديدية كوسيلة إللزام اإلدارة على التنفيذ‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬إجراءات توقيع الحكم بالغرامـــــــة التهديديـــــــــة‬

‫خاتمة‬

‫‪4‬‬
‫مقدمة‬
‫مع ظـ ـ ــهور القانون اإلداري في فرنسا وانتشاره بسرعة وخاص ــة في الدول التي‬
‫إعتمدت اإلزدواجـي ـ ــة القضائ ـ ـيـ ــة ‪ ،‬برز القانون اإلداري كفرع من فروع القانون الع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام ب ـ ــدأ‬
‫يتجسد في الواقع شيئا فشيئا ‪ ،‬وبما أن نشاط اإلدارة قد يتخلله في عديد المرات نزاعات إدارية‬
‫سواء مع أشخاص طبيعية أو أشخاص معنوية اين يتم الّلجوء إلى القضاء اإلداري عن طريق‬
‫دعاوى مختلفة وباألخص دعوى اإللغاء ودعوى التعويض ‪ ،‬حيث أنه وبعد عرض النزاع على‬
‫القضاء اإلداري والذي يتولى بدوره إصدار أحكام وق اررات قضائية إدارية تفصل في النزاع‬
‫المعروض أمامه والذي تكون (أحكامه وق ارراته ) في غالب األحيان ضد اإلدارة والتي يجب‬
‫عليها اإلمتثال لألحكام والق اررات القضائية من خالل تنفيذها وفق الوجه التي وردت عليه ‪.‬‬

‫وبما أن الحكم أو القرار القضائي اإلداري الذي يحمل عــنوان الحقيقة وقوة الشيء‬
‫المقضي به والذي تنعكس آثاره على أرض الواقـ ـ ـ ــع من خالل التمسك به لحمل اإلدارة على‬
‫التنفيذ ‪ ،‬فإنه يجب على كل أجهزة الدولة وفي كل الظروف الزمانية والمكانية اإللتزام بتنفيذ‬
‫فحوى هذه األحكام القضائية وهذا ما يؤسس لما يسمى بدولة القانون التي تعم فيها سيادة‬
‫القانون من خالل مبدأ القانون فوق الجميع وكذلك من خالل اإللتزام بتحقيق العدالة والمساواة‬
‫بين األفراد وكذلك الجماعات و من خالل اإللتزام التام بتطبيق مايصدر عن القضاء من أحكام‬
‫وق اررات وأوامر ‪.‬‬

‫وبما ان القاضي اإلداري الذي يصدر حكما في نزاع غير متساوي األطراف أحدهما‬
‫اإلدارة التي تحوز على إمتيازات السلطة العامـ ــة‪ ،‬وبين طرف آخر في العادة هو شخص‬
‫طبيعي عادي قد لجأ إلى القضاء من أجل إستصدار حكم أو قرار عمال بما جاء في المادة‬
‫‪ 158‬من دستور الجزائر لسنة ‪" 2016‬أساس القضاء مبادئ الشرعية والمساواة ‪.‬‬

‫الكل سواسية أمام القضاء ‪ ،‬وهو في متناول الجميع و يجسده إحترام القانون ‪".‬‬

‫ولكن وأثناء إستصدار الحكم أو القرار القضائي اإلداري يصطدم الطرف األضعف‬
‫في النزاع في واقع عملي يصعب معه حمل اإلدارة على التنفيذ لما تمتاز به هذه األخيرة من‬
‫إمتيازات ‪ ،‬وحتى أن القاضي اإلداري في واقع الحال وهو الذي يفصل في المنازعات اليملك‬
‫آليات يضمن معها تنفيذ أحكامه وق ارراته في مواجه اإلدارة ‪ ،‬فدوره يقتصر على إصدار الحكم‬
‫ويترك األمر إلى حسن النية والرغبة الذي التتميز بهما اإلدارة في الكثير من الحاالت مما‬

‫‪1‬‬
‫يجعلها تعزف عن التنفيذ ‪ ،‬رغم أن التنفيذ لألحكام القضائية يعد مبدأ دستوري نصت‬
‫عليه المادة ‪ 163‬من دستور سنة ‪ " 2016‬على كل أجهزة الدولة‬

‫المختصة أن تقوم في كل وقت وفي كل مكان وفي جميع الظروف ‪ ،‬بتنفيذ أحكام‬
‫القضاء " ويقضي هذا المبدأ الدستوري بضرورة إحترام األحكام والق اررات القضائية من خالل‬
‫تنفيذها في جميع الظروف ‪ ،‬ولكن قد تواجه هذه األحكام والق اررات القضائية أالعيب وحيل‬
‫وأحيانا تعنتا من اإلدارة لإلفالت من الرقابة القضائية باإلمتناع الضمني أو الصريح عن تنفيذ‬
‫األحكام والق اررات القضائية اإلداري ـ ـ ـ ــة بحجج وأعذار واهية ضاربة بكل النصوص القانونية‬
‫الملزمة عــرض الحائط ‪.‬‬

‫إن مشكلة تنفيذ اإلدارة لألحكام والق اررات القضائية اإلداري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة الصادرة ضدها ‪،‬‬
‫ليست مشكلة متعلقة بدولة معينة بحد ذاتها ‪ ،‬ولكنها أصبحت ظاهرة عام ـ ـ ـ ــة في عديد الدول‬
‫بحيث يعتبرها بعض الفقهاء نقطة ضعف تتعلق باألساس بالقانون اإلداري في حد ذاتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫لطالما أن األمر يتوقف على مـ ــدى رغبة اإلدارة في التنفيذ من عدم ـ ـ ـ ـ ـ ــه ‪.‬‬

‫وبـ ـ ـ ـ ـ ــما أن إمتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلداريـ ـ ـ ـ ــة الصادرة‬
‫ضدها اليجسد مجرر الضرر الذي يترتب عن هذا اإلمتناع في حق الطرف المحكوم له والذي‬
‫يكون في مواجهة اإلدارة ‪ ،‬بل يعد أيضا مساسا بهيبة القضاء اإلداري ويقضي على اآلمال‬
‫المعقودة على هذا الجهاز من طرف األفراد بوصفه مالذا آمنا يحميهم من تعسف اإلدارة‬
‫ويضمن لهم إسترجاع حقوقهم ‪.‬‬

‫ولذلك يعتبر التجاهل الصارخ لإلدارة وامتناعها على التنفيذ لألحكام والق اررات القضائية‬
‫اإلداري ـ ـ ـ ـ ــة أو تعطيلها الذي يبلغ قد ار جسيما من المخالفة ألحكام الدستور أوال ‪ ،‬وأحكام القضاء‬
‫ثانيا بإعتبار أن القضاء هو المرآة العاكسة للقانون ‪ ،‬وبالتالي المساس بالحقوق واإللتزامات‬
‫الدستورية ‪.‬‬

‫ثبت من الواق ـ ـ ـ ــع بأن مسألة تنفــيذ األحكام والق اررات القضائية اإلداري ـ ـ ــة في مواجهة اإلدارة‬
‫ليست بالمشكلة الهينة التي يمكن التغاضي عنها أو معالجتها بسهولة بل أصبحت ظاهرة‬
‫ملموسة وواقعا معاشا اليمكن إنكاره أو حجبه وهو ما أثبتته اآلراءا الفقهية التي سعت منذ‬
‫زمن لإلسهام بالعديد من الحلول القانونية والتي سعى القضاء اإلداري المقارن على إعتمادها‬

‫‪2‬‬
‫في كثير من المناسبات ‪ ،‬األمر الذي دفع المشرع الجزائري إلى إحداث وادخال تغيرات كثيرة‬
‫ضمن اإلصالح القضائي لسنة ‪2008‬‬

‫‪ -‬اإلشكالية‪:‬‬

‫لما كانت إشكالية تنفيذ األحكـ ـ ـ ـ ــام الق ـ ـ ـ ـ اررات القضائية اإلداريـ ـ ـ ــة الصادرة ض ـ ـ ــد اإلدارة هي‬
‫الهاجس األكبر لدى المتقاضين الذين اليجدون سبيال غير اإلنتظار حت ــى تتنازل اإلدارة وترضخ‬
‫لألمر الواقع فتنفذ ماعليها من أحكام أو ق اررات قضائي ـ ـ ـ ــة ‪ ،‬فإن اإلشكالية تكمن ف ـ ـ ـ ـ ـ ــي ‪:‬ا‬

‫ماهي الحجج التي تتبناها اإلدارة لإلمتناع عن التنفيذ ؟ ومامدى فعالية اآلليات القانونية التي‬
‫تبناها المشرع الجزائري لحمل اإلدارة على تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلداريــــــــة ؟‬

‫‪ -‬أسباب إختيار الدراســة‪:‬‬


‫من بين أسباب إختيار الموضوع مايلي‪:‬‬

‫أسباب موضوعية‪:‬‬

‫‪ ‬تنامي سلوك اإلدارة المتنكر لحجية األحكام القضائية اإلداريـ ـ ــة الصادر ضدها ‪.‬‬
‫‪ ‬تذبذب في اإلجتهاد القضائي اإلداري في سبيل إق ارره لوسائل وآليات حمل اإلدارة‬
‫وجبرها على التنفيذ‪.‬‬
‫‪ ‬محاولة إضافة مرجع جديد في الموضوع للمكتبة الجامعية‪.‬‬

‫أسباب ذاتية‪:‬‬

‫‪ ‬جاء اإلختيار بحكم ممارستي لمهنة المحاماة (والتي قادتي أثناء إكمال دراسة مستوى‬
‫الماستر في التخصص أكثر في المجال اإلداري )‪.‬‬
‫‪ ‬شعوري بأهمية الموضوع خاصة ونحن نواجه في الميدان تعسف اإلدارة وعزوفها عن‬
‫التنفيذ ألسباب واهية وفي حاالت عدي ـ ــدة المماطلة وهذا ديدنها في الكثير من األحيان‬
‫‪.‬‬
‫‪ ‬إمكانية البحث في الموضوع وقدرة الوصول إلى بعض المعلومات الخاصة ‪.‬‬

‫ومن هنا تتضح لنا أهمية الدراســـة‪:‬‬

‫‪ ‬من حيث كونه يعالج واحدا من أهم المشكالت التي يعانيها القضاء اإلداري وهي مشكلة‬
‫عزوف اإلدارة عن التنفيذ على نحو أضحت فيه ثغرة بارزة في جبين مبدأ الشرعية ‪،‬‬
‫كما أن إستشراء هذه الظاهرة الذي يوحي للمالحظين بأنه حياد على دولة القانون‬
‫والمؤسسات الدستورية التي تؤدي بدورها إلى تقزيم وتحجيم وكذلك التقليل من‬

‫‪3‬‬
‫شأن وحجية األحكام والق اررات القضائية اإلداريـ ـ ـ ـ ــة والمساس بسلطة القضاء واستقالله رغم‬
‫وجود الردع الجزائي لهذا الفعل ‪.‬‬

‫‪ -5‬أهداف الدراســـة‪:‬‬

‫تهدف هذه الدراسة توضيح ظاهرة شائعة وهي إمتناع اإلدارة عن تنفيذ الق اررات‬
‫القضائية اإلداريـ ـ ـ ــة الصادرة ضدها ‪ ،‬مع عرض صور وحجج عديدة لهذا اإلمتناع ‪ ،‬مع‬
‫توضيح وذكر األساليب التي تتبعها اإلدارة لتحقيقه واألسباب التي تتذرع بها لتبرير إمتناعها ‪،‬‬
‫واألسباب الحقيقية التي تقف وراءه‬

‫ومسؤولية اإلدارة عن عدم التنفيذ ‪ ،‬وكذا إبراز سلطات القاضي الفاصل في المادة‬
‫اإلداريـ ـ ـ ــة فيما يخص توجيه األوام ـ ـ ـ ــر لإلدارة والحكم بالغ ارم ـ ـ ـ ـ ـ ــة التهديدي ـ ــة ‪.‬‬

‫باإلضافة إلى أن الهدف من هذه الد ارسـ ـ ـ ـ ــة هو التعرض بالكشف والتوضيح لبعض‬
‫مايعتري النظام القانوني اإلداري من مشاكل أثناء النزاع الذي يكون أحد طرفيه إدارة تتمتع‬
‫بإمتيازات السلطة العام ـ ـ ــة ‪.‬‬

‫‪ -‬منهج الدراســـة‬

‫لتحقيق أهداف هذه الدراسة المشار إليها يتم اإلعتماد على المنهج التحليلي الذي‬
‫يعتمد على اإلستنباط والتحليل والتفصيل لتلك المواد القانونية المتعلقة بموضوع بحثنا‪،‬وكذلك‬
‫المنهج الوصفي لضرورة الدراسة وذلك لإللمام ببعض الجوانب النظرية والتطبيقية للموضوع‪،‬‬
‫من خالل إستخدام مجموعة من أدوات البحث من بينها‪:‬‬

‫‪ ‬قانون اإلجراءات المدنية واإلداريـ ـ ـ ـ ــة‪.‬‬


‫‪ ‬الكتب المتخصصة في مجال البحث ‪.‬‬
‫‪ ‬األطروحات والرسائل الجامعية والملتقيات‪.‬‬
‫‪ ‬مواقع اإلنترنت‪.‬‬

‫‪ -‬صعوبات الدراسة‪:‬‬

‫‪ ‬قلة المراجع التي تناولت الموضوع من الناحية العملية‪.‬‬


‫‪ ‬عدم تجاوب البعض مع التساؤالت التي يتم إثارتها من حين آلخر‪.‬‬
‫‪ ‬عدم التمكن من بلوغ ما كنا نتمناه بصورة أفضل في هذه الدراسة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ ‬ظروف الحجر الصحي بسبب وباء كورونا وماسببه من غلق للجامعات والمكتبات‬
‫وصعوبة الحصول على المراجع الورقية المتوفرة في المكتبة المركزيــة بالجامعة ‪.‬‬

‫‪ -‬هيكل البحث‪:‬‬

‫من أجل اإلجابة عن اإلشكالية جاءت الدراسة ضمن فصلين جاء الفصل األول‬
‫تحت عنوان ‪ :‬إمتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية ‪ ،‬بحيث تم‬
‫التطرق إلى مبحثين مقسمة كالتالي‪:‬‬

‫المبحث األول يتناول ماهية األحكام والقرارات القضائية اإلدارية وتنفيذها ‪ ،‬أما‬
‫المبحث الثاني فيتناول صور وحبجج اإلدارة لعدم تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية‬

‫أما الفصل الثاني فأوردناه تحت عنوان الضمانات الكفيىة إللزام اإلدارة بتنفيذ‬

‫وقد قمنا بتقسيمه لمبحثين كالتالي‪:‬‬ ‫األحكام والقرارات القضائية اإلدارية ‪،‬‬
‫المبحث األول يتكلم عن قيام مسؤولية الموظف الممتنع عن تنفيذ األحكام‬
‫والقرارات القضائية اإلدارية ‪ ،‬أما المبحث الثاني فعنوناه بـ ـ ‪ :‬الحكم بالغرامة التهديدية‬
‫كوسيلة إللزام اإلدارة على التنفيذ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الفصل األول‬

‫‪6‬‬
‫إمتناع اإلدارة عـــن تنفيــذ‬
‫األحكــــام والقــرارات القضائـــية‬
‫اإلداريـة‬
‫إن لصدور األحكام والقرارات القضائية اإلداريـــــــــــة حبجية في موابجهة من‬
‫صدرت ضده وسند لمن صدرت في صالحه ‪.‬‬
‫ويعد تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلداريــــــــــــــة في موابجهـــة اإلدارة‬
‫التي تتميز بتمتعها بصالحيات واسعة وأهمها إمتيازات السىطة العامة ‪ ،‬والتي‬
‫قد تسيء إستخدامها في كثير من األحيان وخاصة ضد األفراد ‪.‬‬
‫وعى هذا فإنه وقد خوضنا لدراستنا نتطرق إل مــــــــــــــــاهيـــــــــة األحكـــــــــــــــــــــــام‬

‫والقـــــــــــــــــــــــ اررات القضائيـــــــــــــــة اإلداريــة وتنفيذهــــــــــــــــــــــــا ضمن المبحث األول‬

‫ونتناول في المبحث الثاني ‪ :‬صور وحبجج اإلدارة لعدم تنفيذ األحكام والقرارات‬
‫القضائية اإلدارية‬

‫‪7‬‬
‫الـمــــــبـــحـــث األول ‪:‬‬

‫مــــــــــــــــاهيـــــــــة األحكـــــــــــــــــــــــام والقـــــــــــــــــــــــ اررات القضائيـــــــــــــــة اإلداريــة‬

‫وتنفيذهــــــــــــــــــــــــا‬

‫من أجل دراسة األحكام والق اررات القضائية اإلدارية الواجبة التنفيذ يتوجب علينا التطرق إلى‬

‫جانبها القانوني من حيث الشـ ـ ـ ـ ـ ــكل بإعتبارها سـ ـ ـ ـ ـ ــندات تنفيذية ‪ ،‬ومن ثم التطرق إلى الجهة‬

‫القض ـ ـ ـ ـ ــائية المص ـ ـ ـ ـ ــدرة لها بإعتبارها ص ـ ـ ـ ـ ــاحبة الوالية العامة ‪ ،‬وذلك بتحديد مفهوم األحكام‬

‫والق اررات القض ــائية اإلدارية واآلثارة المترتبة عنها ‪ ،‬وبعد ذلك نتطرق إلى تنفيذ هذه األحكام‬

‫والق اررات القضائية اإلدارية من خالل التعرف على مفهوم التنفيذ والتعرض لبيان شروطه ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم األحكام والق اررات القضائية اإلدارية وآثارها‬

‫من الطبيعي التطرق لمفهوم األحكام والق اررات القض ـ ــائية اإلدارية والجهة القض ـ ــائية المخولة‬

‫بإصدارها ‪ ،‬وكذا معرفة الحكم والقرار القضائي القابل للتنفيذ ‪ ،‬خاصة وأن المشرع الجزائري‬

‫وبخالف التشـريعات األخرى المعتمدة في الدول المتبنية لنظام اإلزدواجية القضـائية ‪ ،‬بحيث‬

‫يعتبر حكما قضائيا إداريا القرار القضائي الصادر عن المحكمة اإلداريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة متى تضمن‬

‫فصل هذه األخيرة في نزاع معروض أمامها بصفة إبتدائية ‪.‬ويعتبر قرار قضائي إداري متى‬

‫تم فص ــل في النزاع من جهة اإلس ــتئناف والمتمثلة في مجلس الدولة الذي يفص ــل في بعض‬

‫الحاالت بصفته أول وآخر درجة قضائية بق اررات نهائية ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬مفهوم األحكام والق اررات القضائية اإلداريــة‬

‫إن الحكم القض ــائي يعتبر واس ــع المعنى وواض ــح المبنى ‪ ،‬بحيث يفس ــر كل حل ينتهي إليه‬

‫القاض ــي في النزاع المعروض أمامه في إطار اإلجراءات القانونية المعمول بها‪ ،‬وبناءا على‬

‫أدلة دامغة ‪ ،‬وسند قانوني واضح يؤسس عليه القاضي حكمه ‪ ،‬وهو عبارة عامة يقصد بها‬

‫كل مايصدر من القضاء من أحكام وق اررات بما فيها األوامر اإلستعجالية ‪¹ .‬‬

‫وعليه فقد حددنا د ارســتنا على األحكام والق اررات القضــائية التي تصــدر عن القضــاء اإلداري‬

‫فقط ‪.‬‬

‫وعليه يعرف الحكم والقرار القض ـ ـ ـ ـ ــائي اإلداري على أنه حكم بالمعنى الواس ـ ـ ـ ـ ــع ‪ ،‬تتوفر فيه‬

‫أركان األحكام القض ـ ــائية ‪ ،‬ويص ـ ــدر بمناس ـ ــبة خص ـ ــومة تتميز دائما بأن اإلدارة تعتبر أحد‬

‫طرفيها ‪ ،‬ويصدر عن محكمة مختصة قانونا بالمنازعة اإلدارية ‪ ،‬ودائما يكون مكتوبا ‪² .‬‬

‫وعليه نعرف الحكم والقرار القضــائي اإلداري على أنه " الحل الذي ينتهي إليه القاضــي اإلداري‬

‫باإلعتماد على أسباب وأسانيد قانونية يراها صحيحة في نزاع مطروح أمامه وفق القانون المنظم‬
‫‪5‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪.‬‬ ‫لذلك‬

‫‪ 1‬حمدي باشا ‪ ،‬مبادئ اإلجتهاد القضائي في مادة اإلجراءات المدنية ‪ ،‬دار هومة سنة ‪ 2001‬ص ‪112‬‬
‫‪2‬‬
‫صالح عبد الحميد السيد ‪ " ،‬الحكم اإلداري والحكم المدني " ‪ ،‬مجلة مجلس الدولة ‪ ،‬السنة ‪،2010 .08.09‬ص‪. 216‬‬
‫‪3‬‬
‫مسعود شيهوب ‪ ،‬المبادئ العامة للمنازعات اإلدارية ‪ ،‬الهيئات واإلجراءات أمامها ‪ ،‬الجزء الثاني ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر‬
‫‪،2005‬ص‪.341‬‬

‫‪9‬‬
‫وعليه فالحكم و القرار القضائي اإلداري يصدر في خصومة كأصل عام تكون اإلدارة طرفا‬

‫فيها ‪ ،‬كما أن القرار يصدر عن جهة قضائية مختصة محكمة إدارية أو مجلس الدولة ‪.‬‬

‫وقد نص ـ ــت المادة ‪ 800‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ ‪:‬المحاكم اإلدارية هي جهات الوالية العامة في المنازعات‬

‫اإلداريـة‪.‬‬

‫تختص بالفصـ ــل في أول درجة ‪،‬بحكم قابل لإلسـ ــتئناف في جميع القضـ ــايا ‪ ،‬التي تكون الدولة‬

‫أو الوالية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية طرفا فيها "‪.‬‬

‫ويجب أن يتضـ ـ ـ ــمن الحكم أو القرار القضـ ـ ـ ــائي اإلداري وذلك تحت طائلة البطالن كما جاء‬

‫في نص المادة ‪ 275‬ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ العبارة اآلتية ‪:‬‬

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ‪:‬‬

‫باسم الشعب الجزائري‬

‫وكذلك وجب توفر مجموعة من الشروط والبيانات نصت عليها المادة ‪ 276 :‬ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ وهي‪:‬‬

‫الجهة القضائية التي أصدرته ‪( :‬المحكمة اإلدارية أو مجلس الدولة)‪.‬‬

‫أسماء والقاب وصفات القضاة الذين تداولوا في القضية ‪.‬‬

‫تاريخ النطق به ‪.‬‬

‫إسم ولقب ممثل النيابة العامة عند اإلقتضاء (محافظ الدولة في القضايا اإلدارية )‪.‬‬

‫إسم ولقب أمين الضبط الذي حضر مع تشكيلة الحكم ‪.‬‬

‫أســماء وألقاب الخصــوم وموطن كل منهم ‪ ،‬وفي حالة الشــخص المعنوي تذكر طبيعته وتســميته‬

‫ومقره االجتماعي وصفة ممثله القانوني أو اإلتفاقي ‪.‬‬

‫أسماء وألقاب المحامين أو أي شخص قام بتمثيل أو مساعدة الخصوم ‪.‬‬

‫اإلشارة إلى عبارة النطق بالحكم في جلسة علنية ‪.‬‬

‫وفي حالة تخلف شــرط من هذه الشــروط في الحكم يؤدي إلى بطالن الحكم أو القرار لعيب في‬

‫الشكل ‪ ،‬حيث تعتبر هذه الشروط من النظام العام ويؤدي تخلفها إلى نقص الحكم ‪¹.‬‬

‫‪10‬‬
‫فالحكم القضــائي هو العمل القضــائي الصــادر من القاضــي حســما لنزاع مطروح عليه أيا كانت‬

‫طبيعة النزاع ‪ ،‬وهو يمثل العمل األخير في الخصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــومة ‪ ،‬وهو النتيجة الطبيعية لكل األعمال‬
‫‪6‬‬
‫اإلجرائية التي كونت الخصومة ‪.‬‬

‫ومنه يتبين بأن كلمة حكم تش ـ ـ ـ ـ ــمل كل الق اررات التي تتخذها الهيئات القض ـ ـ ـ ـ ــائية على إختالف‬

‫أنواعها ودرجاتها س ـواء كانت الهيئة التي أصــدرت الحكم مكونة من قاضــي واحد أو من قضــاة‬

‫متعددين ‪¹ .‬‬

‫في الجزائر يطلق إصطالح الحكم على األحكام القضائية الصادرة من الجهات اإلبتدائية ‪ ،‬في‬

‫حين إصـ ــطالح القرار يطلق على األحكام الصـ ــادرة من جهات اإلسـ ــتئناف المجالس القضـ ــائية‬

‫في القضـ ــايا العادية ومجلس الدولة في القضـ ــايا اإلدارية وذلك مانصـ ــت عليه المادة ‪ 902‬من‬

‫ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ ‪ " :‬يختص مجلس الدولة بالفصل في إستئناف األحكام واألوامر الصادرة عن المحاكم‬

‫اإلدارية ‪.‬‬

‫كما يختص أيضا كجهة إستئناف ‪ ،‬بالقضايا المخولة له بموجب نصوص خاصة "‪.‬‬

‫كما أن إصـطالح حكم ‪ jugement‬يطلق في فرنسـا على األحكام الصـادرة من المحاكم الدنيا‬

‫المدنية أو اإلدارية ‪ ،‬واصـ ـ ـ ــطالح قرار ‪ Arrét‬يطلق على األحكام الصـ ـ ـ ــادرة من المحاكم العليا‬

‫المدنية واإلدارية ‪ ،‬في حين نجد أن المشرع المصري قد قام بتوحيد إستعمال إصطالح الحكم ‪،‬‬

‫بإطالقه على كل األحكام القضـ ــائية على إختالف أنواعها ودرجاتها وأيا كانت الجهة القضـــائية‬

‫التي أصدرتها سواء اإلبتدائية أو اإلستئنافية ‪.‬‬

‫ولعل أحسـ ـ ـ ــن تعريف للحكم أو القرار القضـ ـ ـ ــائي اإلداري ‪ " :‬أنه حكم بمعنى الكلمة ‪ ،‬إذ تتوفر‬

‫فيه أركان األحكام فيص ـ ـ ــدر بمناس ـ ـ ــبة خصـ ـ ـ ـومة أحد طرفيها جهة إدارية ويص ـ ـ ــدر عن محكمة‬

‫مختص ـ ـ ـ ــة بالنزاعات اإلدارية"‪.‬ويش ـ ـ ـ ــترط أيض ـ ـ ـ ــا لص ـ ـ ـ ــحة األحكام القض ـ ـ ـ ــائية المدنية أن تكون‬

‫اإلجراءات الس ــابقة على إص ــداره ص ــحيحة وأن تكون اإلجرءات المعاصـ ـرة إلص ــداره ص ــحيحة‬

‫أيضا ‪² .‬‬

‫‪ ¹‬إبراهيم أوفائدة ‪ ،‬تنفيذ الحكم اإلداري الصادر ضد اإلدارة ‪ ،‬رسالة ماجستير ‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،‬ص‪4‬‬
‫‪2‬‬
‫وجدي راغب ‪ ،‬النظرية العامة للتنفيذ القضائي في قانون المرافعات المدنية والتجارية ‪ ،‬مصر‪ ،‬دار الفكر العربي ‪ ،‬سنة ‪ ،1974‬ص ‪.620‬‬

‫‪11‬‬
‫واذا كان من الواضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــح مما سـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبق أن هنالك تماثال بين األحكام المدنية واألحكام والق اررات‬

‫القض ـ ــائية اإلدارية من حيث إجراءات إص ـ ــدارها ‪ ،‬إال أن النظام القانوني الذي تخض ـ ــع يختلف‬
‫‪7‬‬ ‫‪1‬‬
‫بإختالف القضاء الذي يحكمها ‪.‬‬

‫إذ يخرج من نطاق الق اررات القض ـ ـ ـ ــائية اإلدارية وفقا ألحكام القض ـ ـ ـ ــاء اإلداري ‪ ،‬الق اررات التي‬

‫تتخذها المحكمة اإلدارية بحكم ما لها من سـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلطة تأديب في مواجهة موظفيها ‪ ،‬أو تلك التي‬

‫تتخذها للتحقيق في مواجهة أطراف النزاع إلستكمال بيانات القرار القضائي اإلداري ‪ ،‬أو األمر‬
‫‪2‬‬
‫بإجراء خبرة ‪. ...‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬اآلثار المترتبة على الحكم والقرار القضائي اإلداري‬

‫يترتب على الحكم والقرار اإلداري كمعظم األحكام القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائية آثار مهمة بإعتبار أن األحكام‬

‫القضائية تصدر تطبيقا للقانون اإلجرائي والموضوعي بشكل منسجم ‪ ،‬وعليه سنتناول هذا الفرع‬

‫في نقطتين األولى اآلثار اإلجرائية والثانية تتضمن اآلثار اإلجرائية ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اآلثار اإلجرائية ‪:‬‬

‫حجية الشـي المقضـي به ‪ :‬إن صـدور األحكام القضـائية يؤدي إلى تقوية الحق الموضـوعي إذ‬

‫اليجوز إثارة النزاع في شأنه بإعتبار أنه قد سبق حسمه بحكم حائز لحجية الشيء المقضي به‬

‫‪ ،‬وهذا يعني أن للحكم حجية مابين الخصـ ـ ـ ـ ــوم وبالنسـ ـ ـ ـ ــبة لذات الحق محال وسـ ـ ـ ـ ــببا‪ ² .‬فحجية‬

‫الشـ ــيء المقضـ ــي به ‪ ،‬صـ ــفة تلحق بالحكم القضـ ــائي القطعي الصـ ــادر من محكمة مختصـ ــة ‪،‬‬

‫ويترتب على توافر إحترام المحاكم له بعدم البحث في نفس الموض ـ ـ ـ ــوع من جديد والتس ـ ـ ـ ــليم بما‬

‫قضى به الحكم بين الخصوم ‪ ، ³‬وتأكيدا على إعمال مبدأ إستقرار الحقوق والمعامالت‬
‫‪8‬‬

‫فالحكم القض ـ ـ ـ ـ ـ ــائي يعد قرينة التقبل ثبوت العكس كما جاء في المادة ‪ 338‬من ق‪.‬م‪.‬ج تقابلها‬

‫المادة ‪ 101‬من قانون اإلثبات في المواد المدنية والتجارية المصري ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫إبراهيم المنجي ‪ ،‬المرافعات اإلدارية ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،‬منشأة المعارف ‪ ،‬سنة ‪ ، 1999‬ص ‪562‬‬
‫‪ 2‬نبيل إسماعيل عمر ‪ ،‬قانون المرافعات المدنية والتجارية‪ ،‬مصر ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر ‪ ،‬سنة ‪ ، 1994‬ص ‪ 551‬ومابعدها ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫صالح عبد الحميد السيد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 216‬‬

‫‪12‬‬
‫والحجية إلرتباطها بمنطوق الحكم وأســـبابه الجوهرية فهي التثبت إال لألحكام القطعية الفاصـــلة‬

‫في النزاع أو جزء منه س ـواء كان إبتدائيا أو نهائيا ‪ 1 .‬على أن حجية الشــيء المقضــي فيه وفقا‬

‫للقانون الجزائري التعد من النظام العام فال يمكن إثارتها تلقائيا إعتمادا على نص المادة ‪338‬‬

‫ق‪.‬م‪.‬ج ‪.‬وهو مايعبر عنه القاض ـ ــي اإلداري في القرار رقم ‪ 30‬الص ـ ــادر في ‪1978.02.15 :‬‬

‫"مما جاء في الحكم الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى فإن سـ ـ ـ ــلطة حجية الشـ ـ ـ ــيء المقضـ ـ ـ ــي به‬

‫والتي تتمتع بها هذه الق اررات –الص ـ ـ ــادرة من المجالس القض ـ ـ ــائية – ليس ـ ـ ــت من النظام العام ‪،‬‬

‫فالقاضي اليستطيع التعرض لها تلقائيا ‪.‬كما اليمكن‬


‫‪2‬‬
‫وهو ذات المسـ ــلك الذي سـ ــلكه المشـ ــرع الفرنسـ ــي أو‬ ‫لألطراف التخلي عن اإلسـ ــتظهار بها‪:‬‬

‫باألحرى الذي سبق وأن سلكه هذا األخير وأخذ بذلك المشرع الجزائري ‪.‬‬

‫ولكن المشـ ــرع المصـ ــري أخذ بخالف ذلك بإعتبار الحجية من النظام العام ‪ ،‬للمحكمة القضـ ــاء‬

‫بها من تلقاء نفسها مع األخذ بعين اإلعتبار نطاق ومجال حجية األحكام اإلدارية ‪.‬‬

‫واذا قلنا بأن حجية الحكم المقض ــي به التترتب إال على األحكام التي تحس ــم بص ــفة قاطعة في‬

‫موضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوع النزاع أو الجزء منه ‪ ،‬وأن الحجية مادامت تهدف إلى إسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتقرار المراكز القانونية‬

‫الموضـ ــوعية ‪ ،‬فإن سـ ــلوك المشـ ــرع الجزائري في إعتبارها خارجك عن النظام العام فيه إنتقاص‬

‫لهيبة الحكم وقيمته ‪ ،‬ويتبع ذلك التأثير الس ـ ــلبي على إحترام األحكام وتنفيذها ‪ ،‬مما يتعين معه‬

‫إعادة النظر فيه من قبل المشرع الجزائري ‪.‬‬


‫‪3‬‬
‫‪ ،‬على أن اإللتباس قد يقوم في‬ ‫وحجية األمر المقضــي به من تفســير الحكم وال من تصــحيحه‬

‫هذا الص ــدد بين حجية الش ــيء المقض ــي به ‪ L’autorité de la chose jugé‬وقوة الش ــيء‬

‫المقضـ ـ ـ ـ ـ ــي به ‪ ، La force de la chose jugé‬فاألولى تتعلق بالحكم القضـ ـ ـ ـ ـ ــائي بمجرد‬

‫مايصدره القاضي والتزول إال بزواله ‪ ،‬في حين أن قوة الشيء المقضي به تثبت للحكم متى كان‬

‫أثره الملزم نهائيا ‪ .‬وهذا يعني أن يكون الحكم قد إس ـ ـ ـ ــتنفذ طرق الطعن العادية باإلس ـ ـ ـ ــتئناف أو‬
‫‪9‬‬
‫المعارضة ‪ ،‬وغير العادية أو بإنقضاء مواعيدها ‪ ،‬أو التنازل عنها ‪ ،‬أو رفضها‬

‫‪1‬‬
‫سائح سنسوقة ‪ ،‬قانون اإلجراءات المدنية نصا وتعليقا شرحا وتطبيقا ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬دار الهدى ‪ ،‬سنة ‪ ، 2001‬ص ‪. 137‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني المصري" آثار اإللتزام"‪ ،‬الكتاب الثاني ‪ ،‬مصر دار النهضة العربية‪ ،‬دون سنة النشر ‪،‬‬
‫ص ‪. 632‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد الحكم فودة ‪ ،‬حجية األمر المقضي وقوته في المواد التجارية‪،‬اإلسكندرية‪ ،‬منشأة المعارف ‪ ،‬سنة ‪ /1999‬ص ‪. 13‬‬

‫‪13‬‬
‫‪1‬‬
‫ولعل أهم أثر لثبوت قوة الشيء المقضي به صالحية الحكم للتنفيذ ‪.‬‬

‫والمؤســف أن كال المشــرعين المصــري والجزائري قد إســتعمال مصــطلحين بنفس المعنى للداللة‬

‫على قوة الش ــيء المقضـ ـي به في المادتين ‪ 101‬من قانون اإلثبات المص ــري والمادة ‪ 338‬من‬

‫القانون المدني الجزائري ‪ ،‬والعمل بذلك يعني أن تحوز كل األحكام بمجرد صــدورها صــفة القوة‬

‫الملزمة للشــيء المقضــي به وهو مايترتب تســاوي األحكام س ـواء الصــادرة من المحاكم اإلبتدائية‬

‫أو تلك الص ــادرة بعد اإلس ــتئناف من المجالس القض ــائية أو مجلس الدولة في المس ــائل اإلدارية‬

‫بالرغم من كون الحكم بحجية الشيء المقضي به بداية األمر‪ .‬ثم بعد إستعمال طرق الطعن أو‬
‫‪10‬‬ ‫إنقضاء مواعيدها يحوز قوة الشيء المقضي به ‪.‬‬

‫غير أن هذا اليؤثر في مجاالت الق اررات القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائية اإلدارية ‪ ،‬ذلك أنه وخالفا لالحكام المدنية فالقرار‬

‫القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائي اإلداري يكون قابال للتنفيذ بمجرد إعالنه لإلدارة ولو كان إبتدائيا دون حيازته لقوة الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيء‬
‫‪2‬‬
‫المقضي به ‪ ،‬بإعتبار أن الطعون في الق اررات القضائية اإلدارية ليس لها أثر موقف للتنفيذ ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ :‬من المقرر قانونا ‪ ،‬أنه إذا تمت عملية النطق بالحكم فإن‬ ‫ب – خروج النزاع من والية القضـــــــــا‬

‫الخصــوم يصــيرون هم المالكون له ‪ ،‬ويخرج من ســلطة القضــاة بصــفة نهائية " قرار رقم ‪ 9531 :‬مؤرخ‬

‫في ‪ " 1973/05/23 :‬وتقوم فكرة إسـ ـ ـ ــتنفاذ الوالية على أسـ ـ ـ ــاس سـ ـ ـ ــقوط المراكز اإلجرائية الداخلة ذات‬

‫الخص ـ ـ ــومة وتغيرها ‪ ،‬كأن يص ـ ـ ــير المدعي بعد الحكم محكوما له أو عليه وذات األمر بالنس ـ ـ ــبة للمدعى‬

‫عليه ‪.‬‬

‫وان مايقتضــيه خروج النزاع من والية القضــاء أن يمتنع القاضــي المصــدر للحكم أن يمس ما قضــى به ‪،‬‬

‫أو أن يعدل الحكم ‪ ،‬أو أن يحدث فيه إضـ ـ ـ ـ ــافات من تلقاء نفس ـ ـ ـ ــه ‪ ،‬إذ اليجوز العدول عن الحكم أو أن‬

‫يعيد النظر فيه ولو كان الحكم باطال ‪ ،‬إال أن يكون في إطار تص ــحيح أخطاء مادية أو تفس ــير لغموض‬

‫في المنطوق بما يقتضيه القانون من إجراءات ‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫إبراهيم أوفائدة‪ ،‬تنفيذ الحكم اإلداري الصادر ضد اإلدارة ‪ ،‬رسائل ماجستير ‪ ،‬جامعة الجزائر‪،‬سنة ‪،1986‬ص‪. 18‬‬
‫‪2‬‬
‫حسينة شرون ‪ ،‬إمتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضدها ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬سنة ‪ ، 1986‬ص ‪. 18‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد الحكم فودة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ 4‬الغوثي بالملحة ‪ ،‬القانون القضائي الجزائر ‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬سنة ‪ ، 1981‬ص ‪. 41‬‬

‫‪14‬‬
‫ج – أنها تعطي الحق في التنفيذ ‪ :‬يترتب على صدور األحكام القضائية الحاسمة في النزاع ‪ ،‬الحق في‬

‫تنفيذها ويسقط هذا الحق بمضيء ‪ 15‬سنة من يوم صدورها أي سقوطها بالتقادم ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ /‬اآلثار الموضوعية ‪:‬‬

‫تكون هذه اآلثار موض ـ ــوعية نتيجة الحكم القض ـ ــائي لقواعد القانون الموض ـ ــوعية من أجل تحقيق الحماية‬

‫القضائية المتعلقة بأصل الحق المتنازع فيه ‪ ،‬ونذكر منها مايلي ‪:‬‬

‫األثر التقريري لألحكام القض ـ ــائية ‪ :‬وهذا يعني أن الحكم يتض ـ ــمن اإلقرار اإليجابي أو الس ـ ــلبي بأن الحق‬

‫الكامن فيه يخص شخصا معينا ‪، 1³‬ومن أمثلة األحكام التقريرية في المجال اإلداري الحكم بإلغاء حظر‬

‫نشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاط أو الحكم بإلغاء نتائج االنتخابات المحلية ‪ ،‬وتعد أحكام الرفض " رفض الدعوى أو الطلبات أو‬
‫‪2‬‬
‫الطعن " من األحكام التقريرية كذلك ‪.‬‬

‫واألثر المنش ـ ـ للحق والتي من أمثلتها الحكم بالتعويض عن تصـ ــرف وقع من الدولة س ـ ـواء عن خطأ أو‬

‫بدونه ‪ ،‬وكذا األثر الملزم والذي يعني صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدور أحكام بأداء يلتزم المحكوم عليه بأدائها ‪ ،‬وهي األحكام‬

‫التي تعد سـ ـ ـ ـ ـ ـ ــندات تنفيذية تحتاج إلى اإلسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتعانة بالقوة الجبرية إلعادة المطابقة بين المراكز الواقعية‬
‫‪3‬‬
‫والمراكز التي قررها الحكم ‪.‬‬

‫غير أن هذه األحكام في المجال اإلداري تختلف في تنفيذها لما لإلدارة من إمتيازات السلطة العامة ‪.‬‬

‫يترتب على الحكم القضـ ـ ـ ــائي تحديد تقادم الحق المحكوم به ‪ ،‬واعطاء المحكوم له سـ ـ ـ ــندا رسـ ـ ـ ــميا إلثبات‬

‫الحق المدعى به ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬التنفيذ و الشروط الواجب توفرها في األحكام والق اررات القضائية اإلدارية‬

‫محل التنفيذ‬

‫من المعلوم بالضـ ــرورة أن تنفيذ الحكم أو القرار القضـ ــائي اإلداري يقع ضـ ــمن مجال واسـ ــع وهو يخصـ ــع‬

‫لألحكام العامة للتنفيذ ‪ ،‬وفقا لما نص عليه قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ‪ ،‬فإننا سنتناول في هذا‬

‫‪ 1 1‬سائح سنسوقة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 138‬‬


‫‪ 2‬إبراهيم المنجي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 650‬ومابعدا ‪.‬‬
‫‪ 3‬نبيل إسماعيل عمر ‪ ،‬الوسيط في قانون المرافعات المدنية والتجارية ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬مصر ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة ‪ ،‬سنة ‪ ،2000‬ص ‪. 766‬‬

‫‪15‬‬
‫المطلب مفهوم التنفيذ في األحكام والق اررات القض ـ ـ ــائية اإلدارية من خالل الفرع األول ومن ثم نتطرق في‬

‫الفرع الثاني للشروط الواجب توفرها في الحكم أو القرار القضائي اإلداري محل التنفيذ ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬مفهوم التنفيذ في األحكام والق اررات القضائية اإلدارية‬


‫من خالل هذا الفرع ســنتناول مفهوم التنفيذ بتعرفه لغة واصــطالحا من الجانب القانوني طبعا ‪ ،‬ثم نتطرق‬

‫ثانيا على تحديد مفهوم التنفيذ المتعلق باألحكام والق اررات القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائية اإلدارية ‪ ،‬وفي النقطة الثالثة نحدد‬

‫فيها المقصود بتنفيذ القرار القضائي اإلداري الصادر في مواجهة اإلدارة ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مفهوم التنفيذ لغة واصطالحا ‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫إن التنفيذ لغة ‪ " :‬هو اإلنجاز وآداء العمل وتحقيق الشيء واخراجه من حيز الفكر إلى مجال الواقع ‪".‬‬

‫أما مفهومه من جانب القانون فهو مستمد من فكرة حرص القانون على تمكين األشخاص من الحماية التأكيدية‬
‫لحقوقهم التي تستند إلى أحكام قضائية ‪ ،‬ذلك أن وجود الحكم القضائي يعني حق الدائن في تحريك سلطة التنفيذ‬
‫‪2‬‬
‫في الدولة حتى تقوم بما يلزم إلقتضاء حقه ‪.‬‬

‫على ضــوء ما ســبق يمكن أن نقدم تعريف تنفيذ القرار القضــائي اإلداري ‪ ،‬وهو إلزام اإلدارة بتحقيق‬

‫مض ـ ـ ـ ــمون الحكم أو القرار القض ـ ـ ـ ــائي اإلداري ومايفرض ـ ـ ـ ــه عليها من إلتزامات واتخاذ اإلجراءات الالزمة‬

‫لتحقيق ذلك إما إختياريا أو حملها على التنفيذ بوسـ ـ ــائل ال تتعارض مع طبيعة وضـ ـ ــيفتها اإلدارية ومالها‬

‫من حماية قانونية خاصة ‪.‬‬

‫واعتمادا على التعريف فإن وســال تنفيذ الحكم أو القرار القضــائي اإلداري الصــادر ضــد اإلدارة يتحدد في‬

‫وسيلتين وهما ‪:‬‬

‫األولــــى ‪ :‬التنفيذ اإلختياري وهو يتحقق عندما تلتزم اإلدارة بإرادتها واختياريا دون أي ضغط أو إكراه ‪.‬‬

‫الثانية ‪ :‬أس ـ ـ ــلوب الض ـ ـ ــغط لحملها على التنفيذ ‪ ،‬أي أس ـ ـ ــلوب التنفيذ الجبري ‪ ،‬حيث تكون اإلدارة ملزمة‬

‫بالتنفيذ قه ار وجب ار ‪.‬‬

‫وعلى هذا األســاس فإن المشــرع قد اقر مجموعة من الوســائل القانونية التي تجعل المدين في الشــق المدني‬

‫يرض ــخ للتنفيذ جب ار أو إختيا ار ‪ ،‬وعليه فمفهوم التنفيذ ‪ 3‬يأخذ معنيين أحدهما موض ــوعي بقيام المدين بتنفيذ‬
‫‪1‬‬
‫إلتزامه ‪ ،‬وآخر إجرائي يتعلق بمجموعة القواعد اإلجرائية التي يتم بها تنفيذ السندات التنفيذية ‪ ،‬ويكون‬

‫‪ ¹‬نبيل إسماعيل عمر ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 578‬‬

‫‪ ²‬أحمد زكي بدوي ‪ ،‬معجم مصطلحات العلوم االجتماعية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬مكتبة لبنان ‪ ،‬سنة ‪ ، 1996‬ص ‪. 144‬‬
‫‪16‬‬
‫ذلك في حالة التنفيذ الجبري فقط ‪.‬‬

‫والتنفيذ وفق هذا المفهوم يختلف حسـ ــب القانون المنظم للحق والذي يتم إق ارره وفق حكم قضـ ــائي بإعتباره‬

‫سندا تنفيذيا ‪.‬‬

‫فالتنفيذ اإلختياري ‪ L’exécution volontaire‬هو ما يتم بغير أسـ ـ ـ ـ ــلوب اإلكراه والضـ ـ ـ ـ ــغط األمر الذي‬
‫‪1.‬‬
‫وهو اليثير أية إش ـ ـ ـ ـ ـ ــكالية إجرائية إال إذا تعلق األمر‬ ‫أعتبر معه وفاء باإللتزام إلرتباطه بالجبر غالبا‬
‫‪2‬‬
‫برفض المحكوم عليه ‪ ،‬فيمكن لهذا األخير عرضه أمام المحكمة إلبراء ذمته ‪.‬‬

‫‪ L’éxécution forcée‬فهو لجوء المحكوم له إلى الس ــلطة العامة لتحص ــيل حقه‬ ‫أما التنفيذ الجبري‬

‫جب ار ‪ ،‬اعتمادا على القاعدة التي تمنع الشـ ــخص من إقتضـ ــاء حقه بنفسـ ــه ‪Nul n’a le droit de se‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ faire justice a soi meme‬حسب ما جاء في المواد ‪ 584‬إلى ‪ 642‬من قانون اإلجراءات المدنية‬

‫واإلدارية فإن للتنفيذ صورتان ‪:‬‬

‫‪ -/01‬التنفيذ المباشـ ـ ـ ـ ـر ‪ :‬وهو مايعبر عنه بالتنفيذ العيني ‪ ،‬وقد نص ـ ـ ـ ــت عليه المواد من ‪ 164‬إلى‬

‫‪ 175‬من القانون المدني والذي نصـ ـ ـ ــت أحكامه على جبر الميدن بعد إعذاره باإلضـ ـ ـ ــافة إلى عديد‬

‫األحكام " في حين أن المشــرع المصــري لم ينشــغل بتنظيم التنفيذ المباشــر بالرغم من وجود عمليات‬
‫‪3‬‬
‫له تحتاج إلى قواعد تفصيلية لتنظيمها ‪.‬‬

‫‪-/02‬التنفيذ بالحجز ‪ :‬والحجز هو نظام إجرائي يتعلق بالتنفيذ الجبري يتم بموجبه وضــع مال معين‬

‫من أموال المدين تحت يد القضـ ـ ــاء وترفع يد صـ ـ ــاحبه عليه تمهيدا إلقتضـ ـ ــاء الدائن حقه منه ‪ ،‬عن‬

‫طريق إجراءات التنفيذ المعتادة ‪.‬‬

‫ولقد نظم المش ــرع الجزائري موض ــوع الحجز وأنواعه في المواد ‪ 721‬إلى ‪ 765‬من قانون اإلجراءات‬

‫المـدنيـة واإلداريـة ‪ ،‬وتقـابلهـا المواد ‪ 200‬ومـايليهـا من قـانون المرافعـات المصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري ‪ ،‬وايـا كـان نوع‬

‫الحجز تنفيــذيــا أو إحتيــاطيــا ‪ ،‬وأيــا كــانــت طريقــة الحجز على منقول لــدى المــدين أو الغير أو على‬

‫عقار‪.‬‬

‫‪ ³‬أحمد خليل ‪ ،‬قانون التنفيذ الجبري ‪ ،‬مصر ‪ ،‬مطبعة اإلشعاع الفنية ‪ ،‬سنة ‪ ، 1998‬ص ‪. 8‬‬

‫‪ 1‬محمد حسنين ‪ ،‬طرق التنفيذ في قانون اإلجراءات المدنية ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬سنة ‪ ، 1982‬ص ‪ 5‬ومابعدا ‪.‬‬
‫‪ 2‬حسينة شرون ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 23‬‬
‫‪ 3‬محمد حسنين ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪6‬‬

‫‪17‬‬
‫ثانيا ‪ :‬مفهوم التنفيذ في القانون اإلداري ‪:‬‬

‫إن اإلشارة إلى مسألة التنفيذ القضائي وطرقه في مجال المواد المدنية رغم إتساع مجاله واإلشكاالت‬

‫المثارة بشأنه ذات أهمية كبيرة في توضيح مجال تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلدارية ‪ .‬فمفهوم‬

‫التنفيذ في القانون اإلداري من حيث موضوعه ال يختلف كثي ار عنه في القانون المدني ‪ ،‬في كونه‬

‫يعني تمكين المحكوم له من حقه ‪ ،‬إال أنه من الناحية اإلجرائية يختلف عنه نظ ار إلختالف المراكز‬

‫القانونية ألطراف التنفيذ من جهة ‪ ،‬وماتتمتع به اإلدارة من جهة ثانية ‪ ،‬ولعل أهم اإلمتيازات التي‬

‫اقرها الفقه والقضــاء س ـواء في فرنســا أو في مصــر لجهة اإلدارة ‪ ،‬تمتعها في مباش ـرة نشــاطها ســلطة‬
‫‪1‬‬
‫تقديرية وتمتعها بحق التنفيذ المباشر لق اررتها تجاه األفراد والجماعات الخاصة ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وهو مالم يخرج عنه المشرع الجزائري طبقا لألحكام العامة للقانون اإلداري ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫واليعني حق اإلدارة في التنفيذ المباشر لق ارراتها أن تحصل على ماليس لها غصبا أو أن لها الحق‬

‫فـــي اإلعتداء على حقوق األف ـــــراد ‪ ،‬إنما هو مقيد بشروط يتطلبها القانون‪ ، 3‬على أن التنفيذ المباشر‬

‫في هذا المجال يختلف عنه في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ‪ ،‬فهو في القانون اإلداري يتعلق‬

‫بص ـ ـ ــالحية اإلدارة للقيام بتنفيذ ق ارراتها مباشـ ـ ـ ـرة دون اللجوء إلى القض ـ ـ ــاء ‪ 4‬هذا من جهة ‪ ،‬ومن جهة‬

‫أخرى فإن التنفيذ إذا تعلق بأحكام قضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائية فإنه يختلف بإختالف المركز القانوني لإلدارة بإعتبارها‬

‫محكوم لها أو عليها ‪.‬‬

‫فإن كان الحكم الصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادر لصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالح اإلدارة ‪ ،‬فإن لهذه األحكام حماية تنفيذية من تلك التي رأيناها‬

‫وبالمقابل تتقلص الحماية متى كانت األحكام صادرة ضد اإلدارة ‪ ،‬ولعل أهم األساليب للتنفيذ المباشر‬

‫التي تلجــأ إليهــا اإلدارة في تنفيــذ األحكــام هي الحجز اإلداري والــذي بموجبــه يتم الحجز على أموال‬

‫المحكوم عليه لص ـ ـ ــالح اإلدارة إلس ـ ـ ــتيفاء حقوقها سـ ـ ـ ـواء ماتعلق األمر بأحكام مدنية وق اررات قض ـ ـ ــائية‬

‫إدارية ‪ ،‬والتنفيذ بالمقاصـ ــة بخصـ ــم المبالغ المسـ ــتحقة لإلدارة من أموال األفراد الموضـ ــوعة تحت يدها‬

‫س ـ ـواء على سـ ــبيل الضـ ــمان أو كانت تمثل مرتبات لديها في حدود مايسـ ــمح به القانون كتحديد نسـ ــبة‬
‫‪5‬‬
‫معينة شهريا ‪.‬‬

‫‪ 1‬أحمد خليل ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪227‬‬


‫‪ 2‬إبراهيم عبد العزيز شيحا ‪ ،‬الوسيط في مبادئ وأحكام القانون اإلداري ‪ ،‬مصر ‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية ‪ ،‬سنة ‪ ، 1999‬ص ‪409‬‬
‫‪ 3‬عمار عوابدي ‪ ،‬نظرية القرارات اإلدارية بين علم اإلدارة والقانون اإلداري ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬دار هومة ‪ ،‬سنة ‪ ، 1999‬ص ‪. 158‬‬

‫‪18‬‬
‫ويتضـ ـ ــح مما سـ ـ ــبق أن عملية التنفيذ لصـ ـ ــالح اإلدارة التثير أي إشـ ـ ــكاالت عملية لطبيعة العالقة بين‬

‫الطرفين واختالف مركزهما القانوني من جهة ‪ ،‬وتعدد طرق التنفيذ بأساليب قضائية وأخرى إدارية من‬
‫‪1‬‬ ‫‪6‬‬
‫جهة أخرى‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬تنفيذ الحكم أو القرار القضائي اإلداري ضد اإلدارة ‪:‬‬

‫يقصـد بتنفيذ الحكم أو القرار القضـائي اإلداري الصـادر ضـد اإلدارة ‪ :‬إلتزام اإلدارة بتحقيق منطوق الحكم‬

‫أو القرار ومــايترتــب عنــه من آثــار بــإتخــاذ اإلجراءات الالزمــة لــذلــك ‪ .‬كمــا لو كــان هــذا الحكم أو القرار‬

‫صــادر بإلزام اإلدارة بدفع مبلغ مالي على ســبيل التعويض ‪ ،‬ففي هذه الحالة يتعين على اإلدارة إســتخراج‬

‫اإلذن المالي حتى يتسنى للمحكوم له إستـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـفاء حقه ‪ ،‬أو قد يتعلق األمر بقرار صادر باإللغاء فيتعين‬

‫على اإلدارة إتخاذ اإلجراءات القانونية التي تراها مناسبة ‪ ،‬كأن تصدر قرار إداريا بسحب القرار الملغى ‪.‬‬

‫على أن التنفيذ في مثل هذه الحالة إما يكون إختياريا ‪ ،‬وهو األمر المفترض في اإلدارة التي تبادر إلى‬

‫تنفيذ األحكام والق اررات القضــائية اإلدارية الصــادرة ضــدها‪ ،‬بإتخاذ مايلزم من ق اررات لترجمة اآلثار‬

‫القانونية المترتبة عليها إلى واقع ملموس بإعتبارها القائمة على تنفيذ األحكام والق اررات بش ـ ــكل عام‬

‫‪ ،‬أو أن يكون بإس ـ ـ ـ ــتعمال وس ـ ـ ـ ــائل تجبرها على التنفيذ دون أن تتعارض مع طبيعتها ومع الحماية‬

‫القانونية التي تمتاز بها ‪.‬‬

‫وفي هذا الصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد يتعين اإلشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارة إلى أنه واعماال لقاعدة عدم وقف اإلسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتئناف لتنفيذ القرار‬

‫المسـ ــتأنف ‪ .‬فإنه يتعين على اإلدارة اإللتزام بتنفيذ األحكام والق اررات القضـ ــائية اإلدارية الصـ ــادرة‬

‫ضـدها في أول درجة ‪.‬رغم إسـتئنافها ألن قاعدة عدم وقف التنفيذ بالنسـبة لإلسـتئناف تتعلق بالقرار‬

‫القضـ ــائي المسـ ــتأنف وليس بالقرار اإلداري محل الطعن على مسـ ــتوى الدرجة األولى ‪ ¹ ،‬وان كان‬

‫باديا أن تنفيذ حكم أو قرار ص ــادر في غير ص ــالح اإلدارة إبتدائيا قد يحقق نتائج س ــلبية ولض ــمان‬

‫تحقيق المصـ ــلحة العامة التي تهدف إلى تكريســـها المصـ ــلحة العامة التي تســـعى لها اإلدارة ‪ ،‬فإنه‬

‫‪ 4‬األنصاري حسن النيداني ‪ ،‬التنفيذ المباشر للسندات التنفيذية ‪ ،‬مصر ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة ‪ ،‬سنة ‪ ، 2001‬ص ‪. 225‬‬
‫‪ 5‬إبراهيم عبد العزيز شيحا ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.427‬‬

‫‪ 6‬محمود حلمي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 489‬‬

‫‪19‬‬
‫في غالبا مايكون القرار الص ـ ـ ـ ـ ــادر ض ـ ـ ـ ـ ــدها نتيجة إنتفاء مش ـ ـ ـ ـ ــروعية عملها وتبعا لذلك إنتفاء فكرة‬

‫المصـ ـ ـ ــلحة العامة ‪ ،‬باإلضـ ـ ـ ــافة إلى أن المشـ ـ ـ ــرع قد خول لألفراد كما لإلدارة الحق في طلب وقف‬

‫التنفيذ للحكم أو القـ ـ ـ ـ ـرار المستأنف إلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـى حين صدور القرار النهائي ‪.‬‬

‫وفي كل األحوال فإن القرار القض ــائي اإلداري الص ــادر لص ــالح اإلدارة أو ض ــدها يس ــتلزم ش ــروطا‬

‫حتى يكون محل تنفيذ ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬شروط تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلدارية ضد اإلدارة‬

‫إن الحكم أو القرار القضــائي اإلداري ‪ ،‬كما ســبق ذكره اليختلف في طبيعته عن األحكام القضــائية‬

‫األخرى الص ـ ــادرة من مختلف الجهات القض ـ ــائية ‪ ،‬وتس ـ ــري في ش ـ ــأن تنفيذه القواعد العامة المقررة‬

‫لتنفيذ األحكام عموما ‪.‬وبإعتباره كذلك يعد من أهم الس ــندات التنفيذية ‪ ،‬التي أص ــبغ عليها المش ــرع‬

‫حماية تنفيذية مرتبطة بأوصاف معينة يستلزمها القانون نوجزها فيمايلي ‪:‬‬

‫أ – أن يكون حكما أو قـــــــــــــ ـ ار ار قضائيا باتا‪ :‬فاألحكام والقر ا‬


‫ارت القضائية التي اليتوافر فيها ركن‬
‫‪1‬‬
‫من أركان وجودها ‪ ،‬أحكام منعدمة الحجية لها وال يمكن اإلعتداد بها ‪² .‬‬

‫ب – أن يكون حكما أو ق ار ار من أحكام اإللزام ‪ :‬كما هو الشأن في تنفيذ األحكام العادية ‪ ،‬يشترط‬

‫أن يكون الحكم أو القرار القض ـ ـ ـ ـ ـ ــائي اإلداري متض ـ ـ ـ ـ ـ ــمنا إلزام يتعين على اإلدارة القيام به ‪ ،‬إذ أن‬

‫األحكام التقريرية أو اإلنشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائية وبالرغم من الحجية التي تتمتع بها ن فإن مفهوم التنفيذ يتفق مع‬

‫األحكام اإللزامية ألنه في حقيقة معناه تأدية المحكوم ضـ ــده ما افترضـ ــه الحكم عليه ‪ ،‬س ـ ـواء تمثل‬

‫في عمل أو في إمتناع عن عمل ‪ ،‬واما كان الوحيد من األحكام الذي يصـ ـ ـ ــدر حامال لهذا المعنى‬

‫هو حكم اإلزام ‪ ،‬إلنه يكون دون غيره القابل للتنفيذ طوعا أو كرها ‪¹ .‬‬

‫غير أن األحكام التقريرية واإلنشـ ـ ــائية متى تضـ ـ ــمنت في شـ ـ ــق منها إلزاما ‪ ،‬أمكن تنفيذها في ذلك‬

‫الشق المتضمن اإللزام ‪.‬‬

‫واذا نظرنا على اإللتزام التي قد تتضـ ـ ـ ـ ـ ــمنها األحكام والقرارت القضـ ـ ـ ـ ـ ــائية اإلدارية ‪ ،‬نجدها تختلف‬

‫بإختالف موض ــوع النزاع ‪ ،‬كما لو كان اإللتزام اإلداري منص ــبا على إلغاء قرار غير مش ــروع تلتزم‬

‫‪ 1‬بشير محمد ‪ ،‬الطعن باإلستئناف ضد األحكام اإلدارية في الجزائر ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬سنة ‪ ،1991‬ص‪.151‬‬
‫‪ 2‬نبيل إسماعيل عمر ‪ ،‬قانون المرفعات المدنية والتجارية ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.551‬‬

‫‪20‬‬
‫بموجبـه اإلدارة بمنح تعويض عن خطـأ إرتكبتـه فتقوم بسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـة من اإلجراءات العمليـة بهـدف‬

‫إحتساب مقدار التعويض في ميزانيتها و إصدار األمر بصرفة لصالح المحكوم له ‪.‬‬

‫واألحكام والق اررات القضـ ـ ــائية اإلدارية عادة ما يكون اإللتزام فيها ضـ ـ ــمنيا ‪ ،‬إذ اليشـ ـ ــترط أن يكون‬

‫اإللتزام صريحا ‪ ²‬ويكفي أن يكون القرار مؤكدا له ‪.‬‬

‫إن قرار اإللزام هو الــذي يرد على التــأكيــد على حق ‪ ،‬ومحلــه هو إلتزام اإلدارة بــاألداء ‪ ،‬حيــث‬

‫يش ــترط لكي يص ــبح الحكم أو القرار القض ــائي اإلداري قابال للتنفيذ كغيره من األحكام والق اررات أن‬

‫يكون متضـ ــمنا إلتزاما معينا تقوم به اإلدارة واإللتزامات التي تتضـ ــمنها األحكام والق اررات القضـ ــائية‬

‫اإلداريــة كثيرة ومتنوعــة تختلف بــإختالف موضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوع النزاع المطروح أمــام القض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء ‪ ،‬ومن هــذه‬

‫اإللتزامات نجد تقديم تعويض نتيجة خطأ ارتكبته اإلدارة أو بتسـوية إدارية مثل إعادة إدراج موظف‬

‫في منصب عمله أو إلتزام بإلغاء قرار قد أصدرته لمحو آثار هذا القرار ‪ ،‬ومنه فإن دعوى التفسير‬

‫أو فحص المش ــروعية الينتج عنها أحكام أو ق اررات قض ــائية ملزمة لإلدارة ‪ ،‬لذا فهي مس ــتبعدة من‬
‫‪1‬‬
‫مجال الدراسة ‪³ .‬‬

‫ج – تبيلغ الحكم أو القرار القضــــائي اإلداري ‪ :‬ويقصـ ـ ــد بتبليغ الحكم أو القرار القضـ ـ ــائي اإلداري‬

‫إرسـ ـ ـ ـ ــال نسـ ـ ـ ـ ــخة من الحكم أو القرار إلى اإلدارة والى ممثلها القانوني ‪ ،‬والتبليغ الرسـ ـ ـ ـ ــمي الذي يتم‬

‫بموجب محضـر يعده المحضـر القضـائي " نص المادة ‪ 406‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ ‪ ،‬كما نصـت المادة ‪894‬‬

‫من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ على أنه ‪ ":‬يتم التبليغ الرسمي لالحكام واألوامر إلى الخصوم في موطنهم ‪ ،‬عن طريق‬

‫محضر قضائي "‪.‬‬

‫أي أن المشـ ـ ــرع إعتمد مبدأ عام في تبليغ األحكام والق اررات القضـ ـ ــائية اإلدارية وهو التبليغ الرسـ ـ ــمي‬

‫عن طريق المحضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائي وهو األمر الذي كان جوازيا طبقا لنص المادة ‪ 171‬من قانون‬

‫اإلجراءات المدنية القديم ‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد باهي أبو يونس ‪ ،‬الغرامة التهديدية كوسيلة إلجبار اإلدارة عن تنفيذ األحكام اإلدارية ‪ ،‬مصر ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر ‪ ،‬سنة ‪ 2001‬ص ‪67‬‬
‫‪ 2‬حسينة شرون ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 28‬‬
‫‪ 3‬إبراهيم أوفائدة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 53‬‬

‫‪21‬‬
‫غير أنه يجوز لرئيس المحكمة اإلدارية إستثناءا أن يأمر بتبليغ الحكم إلى الخصوم عن طريق أمانة‬

‫الض ـ ـ ــبط وذلك بنص المادة ‪ 895‬ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ حيث يتم إرس ـ ـ ــال نس ـ ـ ــخة من الحكم أو القرار القض ـ ـ ــائي‬

‫اإلداري إلى اإلدارة أو ممثله القانوني " المادة ‪ 408‬ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ حيث يعتبر تبليغا رسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــميا إلعالمها‬

‫بذلك لتص ـ ـ ــبح اإلدارة ملزمة بتنفيذ محتوى الحكم أو القرار القض ـ ـ ــائي اإلداري ‪ ،‬ويعتبر ش ـ ـ ــرط تبليغ‬

‫األحكام والق اررات القضـ ـ ـ ـ ـ ــائية اإلدارية من أهم شـ ـ ـ ـ ـ ــروط تنفيذها في مواجهة اإلدارة ‪ ،‬ومفاده أن تبلغ‬

‫األحكام والق اررات القضائية اإلدارية من أهم شروط تنفيذها في مواجهة اإلدارة ‪ ،‬ومفاده أن تبلغ‬

‫األحكام والق اررات إلى اإلدارة لتصــبح هذه األخيرة عالمة باإللتزام الملقى على عاتقها لمباش ـرة إجرات‬

‫تنفيذ مض ــمون الحكم أو القرار القض ــائي اإلداري ‪ ،‬حيث تحس ــب آجال المعارض ــة واإلس ــتئناف من‬

‫تاريخ التبليغ الرسمي لإلدارة رغم أن المعارضة واإلستئناف ال يوقفان تنفيذ الحكم أو القرار القضائي‬

‫اإلداري ‪.‬‬

‫د – أن يكون الحكم أو القرار القضائي اإلداري ممهو ار بالصيغة التنفيذية ‪:‬‬

‫المبدأ العام أن األحكام والق اررت القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائية اإلدارية ال تكون محال للتنفيذ مالم تمهر بالص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيغة‬

‫التنفيذية ‪ ،‬هذه األخيرة هي التي تجعل من القرار القضائي اإلداري صالحا للتنفيذ ‪.‬‬

‫والص ــيغة التنفيذية هي الوس ــيلة التي بمقتض ــاها يتمكن حامل الس ــند من وض ــعه موض ــع التنفيذ إلس ــتيفاء‬
‫‪1‬‬
‫حقه من قبل المدين ‪. ¹‬‬

‫وقد أوجبت المادة ‪ 601‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ على ضـ ـ ــرورة إمهار السـ ـ ــند التنفيذي بصـ ـ ــيغة تنفيذية ليكون‬

‫قـابال للتنفيـذ وقـد جـاء فيهـا مـايلي ‪ " :‬اليجوز التنفيـذ في غير األحوال المسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتثنـاة بنص في هـذا‬

‫القانون إال بموجب نسخة من السند التنفيذي ممهو ار بالصيغة اآلتية ‪....:‬‬

‫ه – عـــدم وجــــــــود حـــــكـــــم صـــــــــــادر بـــــوقــــف الــتنـــفــيـذ ‪:‬‬

‫الشـ ــرط الرابع الذي نتكلم عنه هو عدم صـ ــدور حكم أو قرار قضـ ــائي بوقف تنفيذ القرار القضـ ــائي‬

‫اإلداري الصـ ـ ـ ـ ــادر ضـ ـ ـ ـ ــد اإلدارة ‪ ،‬وقد راينا أن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ينص على القوة‬

‫‪ 1‬حسينة شرون ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 29‬‬

‫‪22‬‬
‫التنفيــذيــة لألحكـام والقرارت القض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائيــة اإلداريــة بمجرد إعالنهــا أو تبليغهــا لإلدارة حيــث ال يوقف‬

‫اإلســتئناف وال يســري ميعاد تنفيذ األحكام والق اررات القضــائية الصــادرة في المواد المدنية ‪ ¹ .‬وعلى‬

‫غرار القانون السـ ـ ـ ـ ـ ـ ــابق ‪ ، ²‬فإن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الحالي يسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمح بوقف التنفيذ‬

‫لألحكام والق اررات القضائية اإلدارية إستثناءا في حالتين ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬الخسارة المادية المؤكدة ‪:‬‬

‫وقد ورد ذلك في نص المادة ‪ 913‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ ‪ ،‬حيث يعتبر وقف تنفيذ القرار القض ـ ـ ــائي اإلداري‬

‫اســتثناءا وليس قاعدة عامة فمن المنطقي أنه إذا تبين لقاضــي اإلســتئناف أن تنفيذ الحكم أو القرار‬

‫القضائي اإلداري المستأنف سيؤدي ال محالة إلى أوضاع يكون من العسير تداركها ‪ ،‬أو أن‬

‫المسـ ــتندات التي قدمها المسـ ــتأنف في طعنه تكون من الجدية بحيث سـ ــيؤدي بالضـ ــرورة إلى إلغاء‬
‫‪1‬‬
‫الحكم المس ـ ـ ـ ـ ــتأنف فله أن يوقف تنفيذ هذا الحكم إلى حين إص ـ ـ ـ ـ ــدار حكم محكمة اإلس ـ ـ ـ ـ ــتئناف ‪³‬‬

‫ويتض ــح من موقف القض ــاء اإلداري الجزائري وخاص ــة ق اررات مجلس الدولة التي تميل إلى تطبيق‬

‫وامال هذا اإلسـ ـ ــتثناء أي وقف تنفيذ الق اررات القضـ ـ ــائية اإلدارية ‪ ،‬ومن تطبيقات ذلك صـ ـ ــدر قرار‬

‫بتاريخ ‪ 1998/02/21:‬تحت رقم ‪: 000663 :‬والذي قضى بوقف تنفيذ القرار القضائي اإلداري‬

‫الصـ ـ ـ ـادر في ‪ 1997/06/02:‬عن الغرفة اإلدارية لمجلس قض ـ ـ ــاء تيزي وزو ومما جاء فيه ‪...":‬‬

‫أنه بناءا على إرجاع القضية فالغرفة اإلدارية قضت بعد الخبرة بإلزام المدعي بدفع مبلغ ‪:‬‬

‫‪ 42800,000,00‬دج كتعويض عن األضرار حيث أن الدفوع المقدمة من طرف المدعي جدية‬

‫‪ ،‬حيث أنه ومن جهة فإن تنفيذ القرار المســتأنف ســيؤدي إلى أض ـرار على ميزانية الوالية اليمكن‬

‫تصحيحها في حالة إلغائه من طرف مجلس الدولة مما يتعين قبول الطلب شكال وموضوعا ‪. ¹‬‬

‫ثانيا ‪ :‬بمناسبة إلغا قرار إداري لتجاوز السلطة ‪:‬‬

‫‪ 1‬نصت المادة ‪ 908‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ على مايلي ‪ " :‬اإلستئناف أمام مجلس الدولة ليس له اثر موقف ‪".‬‬
‫‪ 2‬كانت المادة ‪ 283‬ف ‪ 02‬من ق‪.‬إ‪.‬م القديم تسمح بإيقاف القرار القضائي بصفة إستثنائية وبناءا على طلب المدعي ‪.‬‬
‫‪ 3‬بشير محمد ‪ ،‬الطعن باإلستئناف ضذ األحكام اإلدارية في الجزائر ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬سنة ‪ ، 1991‬ص‪109‬‬

‫‪23‬‬
‫وقد نصـ ـ ـ ــت على هذه الحالة المادة ‪ 914‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ وجاء فيها مايلي ‪ " :‬عندما يتم إسـ ـ ـ ــتئناف‬

‫حكم صــادر عن المحكمة اإلدارية قضــى بإلغاء قرار إداري لتجاوز الســلطة يجوز لمجلس الدولة‬

‫بناءا على طلب المسـ ـ ـ ــتأنف ‪ ،‬أن يأمر بوقف تنفيذ الحكم متى كانت أوجه اإلسـ ـ ـ ــتئناف تبدو من‬

‫التحقيق جدية ومن ش ــأنها أن تؤدي فض ــال عن إلغاء الحكم المطعون فيه أو تعديله ‪ ،‬إلى رفض‬

‫الطلبات الرامية إلى اإللغاء من أجل تجاوز الســلطة الذي قضــى به الحكم ‪ ،‬وفي جميع الحاالت‬

‫المنصــوص عليها في الفقرة أعاله وفي المادة ‪ 912‬من هذا القانون ‪ ،‬يجوز لمجلس الدولة ‪ ،‬في‬

‫أي وقت أن يرفع حالة وقف التنفيذ ‪ ،‬بناءا على طلب من يهمه األمر ‪".‬‬

‫‪1‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬صور وحبجج اإلدارة لعدم تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية‬
‫بعد أن تطرقنا في المبحث األول لمفهوم األحكام والق اررات القض ــائية اإلدارية وكذلك الش ــروط الواجب‬

‫توفرها في الحكم أو القرار القض ـ ـ ـ ـ ــائي محل التنفيذ ‪ ،‬حتى تنتج عن اآلثار القانونية الس ـ ـ ـ ـ ــليمة ‪ ،‬فإنه‬

‫يتعين علينا في المبحث الثاني التطرق لمس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــألة هامة والتي تتعلق بعدم التنفيذ ‪ ،‬إذ البد أن تتوفر‬

‫شـ ـ ــروط معينة حتى يعد إمتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام والق اررات القضـ ـ ــائية اإلدارية تعسـ ـ ــفا وانتهاكا‬

‫للقوة الملزمة لها ‪.‬‬

‫تلك الشـ ـ ـ ـ ــروط والصـ ـ ـ ـ ــور في مجملها تعد معيا ار للتمييز بين عدم التنفيذ المبرر لإلدارة ‪ ،‬وعدم التنفيذ‬

‫غير المبرر ‪ ،‬وان لم يتم تحديدها كإجراء خاص وارد بنص قانوني ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريح ‪ ،‬كونها التتعدى وجود‬

‫جملة من المبررات الدائرة بين النص واإلجتهاد ‪.‬‬

‫وعلى ذلك سنقسم دراستنا لهذا المبحث وفق مايلي ‪:‬‬

‫حيث نتناول في المطلب األول ‪ :‬صور إمتناع اإلدارة عن التنفيذ‬

‫‪ 1‬نادية بوقفة ‪ ،‬آليات تنفيذ األ حكام في المادة اإلدارية ‪ ،‬مذكرة لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ‪ ،‬الدفعة السابع عشر ‪ ، 2009-2006‬ص‪. 17‬‬

‫‪24‬‬
‫ونتطرق في المطلب الثاني ‪ :‬إلى حجج اإلدارة لعدم التنفيذ والتي تكون فيــه اإلدارة في هــذه الحــالــة‬

‫مخلة بإلتزامتها بالتنفيذ عنوة ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬صور إمتناع اإلدارة عن التنفيذ‬

‫نس ــتعرض في هذا المطلب ص ــور التي تبرز بمناس ــبة إمتناع اإلدارة عن التنفيذ سـ ـواء تمثل اإلمتناع‬

‫في قرار صريح يصدر حامال مضمونه ‪ ،‬أو كان نتيجة لسكوت اإلدارة الطويل عن إتخاذ اإلجراءات‬

‫التي تدل على نيتها للقيام بتنفيذ الحكم أو القرار القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائي اإلداري ‪ ،‬أو من خالل إتخاذها ألحد‬

‫المواقف الدالة على تعارضها مع مقتضى منطوق القرار مما يفيد إمتناعها عن تنفيذه ضمنيا ‪.‬‬

‫ومن صـور إمتناع اإلدارة عن التنفيذ في بعض الحاالت والتي تأخذ شـكال مغاي ار لسـابقتها ‪ ،‬ويتجلى‬

‫ذلك من خالل إهمال اإلدارة القيام بالتنفيذ للحكم أو القرار القضـ ــائي بحيث تسـ ــلك سـ ــبيل اإلجراءات‬

‫التي من ش ــأنها أن ترتب تنفيذا ناقص ــا للحكم أو القرار القض ــائي اإلداري ‪ ،‬أي أن تعتمد على طرق‬

‫بحث تكون الشروط الشكلية مستوفية وصحيحة من الناحية القانونية ‪ ،‬ولكنه من حيث الغاية يقصد‬

‫به عرقة تنفيذ قرار صادر عن القضاء ‪.‬‬

‫كما تتذرع في حاالت أخرى بدواعي النظام العام بما اليدع مجاال للش ــط في أن إنحرافها باإلجراءات‬

‫هو أحد صــور إســاءة إســتعمال الســلطة ‪ .‬وهذا ماســيأتي بيانه من خالل الفرع األول ‪ :‬والذي نتناول‬

‫فيه اإلمتناع اإلرادي الصريح ‪ ،‬والفرع الثاني نبين فيه اإلمتناع اإلرادي الضمني ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫اليعني اإلمتناع اإلرادي عن تنفيذ القرار القضائي اإلداري مجرد رفض اإلدارة للتنفيذ ‪ ،‬وانما ينعكس‬

‫بإصـرارها وتصــميمها على عدم التنفيذ ‪ ،‬وهذا العمد في اإلمتناع هو الذي يصــبغ تصـرفها ذلك بعدم‬

‫المشروعية ‪.‬‬

‫وهنا اليكون لإلدارة أن تتذرع بإسـ ــتهدافها تحقيق المصـ ــلحة العامة ‪ ،‬فالشـ ــك أن إمتناع اإلدارة عن‬

‫تنفيذ األحكام والق اررات القضـ ــائية اإلدارية هو الذي من شـ ــأنه أن يؤدي إلى الفوضـ ــى ويشـ ــكل تعديا‬

‫خطي ار على النظام العام الذي يجب عليها المحافظة عليه ‪ ،‬ذلك أنه يجب اإللتزام بتنفيذ القانون ‪،‬‬

‫‪1‬باإلضافة أن تحقيق المصلحة العامة اليمكن أن يكون سبيله الني من حجية‬

‫األحكام والق اررات القضــائية اإلدارية كما اليمكن تحقيق المصــالح بإتباع الســبل غير المشــروعة ‪ ،‬إذ‬

‫أن نيل الغاية اليبرره مطلقا عدم مشروعية الوسيلة ‪¹.‬‬

‫وفي جميع األحوال فإنه اليليق بحكومة أي بلد أن تمتنع عن تنفيذ أحكام القضـ ـ ــاء بغير وجه حق ‪،‬‬

‫لما يترتب على هذه المخالفة الخطيرة من إشاعة الفوضى وفقدان الثقة في سيادة القانون ‪¹.‬‬

‫واإلمتناع بإصرار اإلدارة عليه يأخذ صورتين تبعا للطريقة المعبر بها عن هذا اإلصرار ‪ ،‬فإما يكون‬

‫مكش ـ ــوفا واض ـ ــح الداللة أو أن يكون بأحد المظاهر الدالة داللة قاطعة عليه ‪ ،‬ونبين ذلك من خالل‬

‫اإلمتناع الصريح واإلمتناع الضمني ‪.‬‬

‫الفـــــــــرع األول ‪ :‬اإلمــــتنـــــــاع الصـــريــــــــح‬

‫يتجسد اإلمتناع الصريح لإلدارة عن التنفيذ ‪ ،‬في صدور قرار صريح يحمل رفض تنفيذ القرار القضائي‬

‫بما اليدع الشك في مخالفتها لحجية الشيء المقضي فيه ‪ ،‬ومجاورتها بالخروج على أحكام القانون ‪.‬‬

‫وان تبدو هذه الص ـ ـ ــورة أقل حدوثا ‪ ،‬فاإلدارة تتجنب دائما المواجهة مع القض ـ ـ ــاء ‪ ،‬خاص ـ ـ ــة بالنظر إلى‬

‫اآلليات الموجهة ضــدها في مختلف األنظمة المقارنة إلجبارها على تنفيذ أحكام القضــاء ‪ ،‬حرصــا منها‬

‫على توفير ضمانات أكبر لألفراد لحماية حقوقهم في مواجهة اإلدارة‪.‬‬

‫‪ ¹ 1‬محمد باهي أبو يونس ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 149‬‬

‫‪26‬‬
‫باإلض ـ ـ ـ ــافة إلى أنه هنالك ش ـ ـ ـ ــروط يس ـ ـ ـ ــتلزم توافرها ‪ ،‬حتى يكون إمتناع اإلدارة عن التنفيذ إراديا عمديا‬

‫يستوجب المساءلة نتناولها فيمايلي ‪:‬‬


‫● أوال ‪ :‬أال يكون سبب اإلمتناع قوة قاهرة أو حادث فبجائي‬
‫إذا كان أغلب الفقه يأخذ بإنص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراف القوة القاهرة والحادث المفاج إلى معنى واحد فإن هذا المعنى‬

‫ينصـ ــرف إلى ظرف إسـ ــتئنائي شـ ــاذ يتصـ ــف من حيث مصـ ــدره بأنه فعل من الطبيعة أو خطأ إنسـ ــاني‬

‫اليمكن توقعه ‪ ،‬يعجز رده حال وقوعه ‪².‬‬

‫وعلى هذا الحال فإن حصـ ـ ـ ــول قوة قاهرة أو حادث فجائي يحول دون مقدرة اإلدارة على تنفيذ إلتزامها ‪،‬‬

‫يحرر اإلدارة من اإللتزام ويبرر صراحة إمتناعها عن إجرائه ‪.‬‬

‫وفي الجزائر ‪ ،‬فإنه وان لم نجد من اإلجتهاد القض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائي مايفيد باألخذ بهذا المبدأ واألمر راجع لندرة‬

‫قضـ ــاء مجلس الدولة في مجال اإلمتناع عن تنفيذ األحكام والق اررات القضـ ــائية لحادثة القضـ ــاء اإلداري‬

‫في الجزائر من جهة ثانية ‪ ،‬فإن المنطق القانوني يقتضي منا التصريح بتبرير إمتناع اإلدارة عن التنفيذ‬
‫‪1‬‬
‫متى أفضى إلى ذلك حادث مفاج أو قوة قاهرة ‪.‬‬

‫● ثانيا ‪ :‬أال يتغير المركز القانوني أو الواقعي للمحكوم له ‪.‬‬

‫قد يحدث تغيير المركز القانوني أو الواقعي للطاعن إما في الفترة مابين إقامة طعنه وصـ ـ ـ ـ ـ ــدور القرار‬

‫القضـ ـ ــائي ‪ ،‬أو في الفترة الالحقة للقرار والسـ ـ ــابقة على التنفيذ ‪ ،‬فيقضـ ـ ــي األمر إلى إعاقة اإلدارة عن‬

‫إجراء التنفيذ ‪ ،‬وان كان من الواضـ ـ ــح هنا أن القضـ ـ ــاء هو الذي يبرر لإلدارة هذا اإلمتناع حين يقترن‬

‫حكمه بهذا الشرط ‪.‬‬

‫● ثالثا ‪ :‬أال تكون اإلدارة قد عدلت عن اإلمتناع عن التنفيذ‬

‫‪1‬حمدي حسنين عكاشة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 409‬‬


‫‪ 2‬توفيق فرج ‪ ،‬دروس في النظرية العامة لإللتزام ‪ ،‬مؤسسة الثقافة الجامعة سنة ‪ ، 1980‬ص ‪285-284‬‬

‫‪ ¹‬قرار المحكمة العليا رقم ‪ 92118‬الصادر في ‪ ، 1993.04.11‬المجلة القضائية ‪ ،‬العدد ‪، 01‬سنة ‪ ، 1994‬ص ‪196،191‬‬

‫‪ ²‬قرار المحكمة العليا رقم ‪ 53098‬الصادر في ‪ ، 1987.06.27‬المجلة القضائية ‪ ،‬العدد ‪ ، 04‬سنة ‪ ، 1990‬ص ‪ 175‬ومابعدها‬

‫‪27‬‬
‫متى إمتنعت اإلدارة ص ـ ـ ـ ـ ـ ـراحة عن تنفيذ حكم أو قرار قضـ ـ ـ ـ ـ ــائي إداري ‪ ،‬ثم عدلت عن ذلك بإتخاذها‬

‫الخطوات الالزمة للتنفيذ يترتب عليه أن ال يؤتي اإلمتناع أثره في الجزاء سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواء كان قانونيا أوتأديبيا‬

‫كما سنرى الحقا ‪.‬‬

‫فموقف القضاءء اإلداري الجزائري ليس بالوضوح الذي رأيناه عند نظيره الفرنسي والمصري ‪ ،‬في هذه‬

‫المسألة ‪ ،‬وان كان قد اعتبر أن تراخي اإلدارة عن تنفيذ أحكام التعويض اليجب مساءلتها مادام يتعين‬

‫على المحكوم لصالحه اللجوء إلى الخزينة العمومية مباشرة ‪¹.‬‬

‫فإن مسألة العدول من جانبها في هذه الحالة اليقدم وال يؤخر شيئا ‪ ،‬غير أن اإلشكال يطرح في تنفيذ‬

‫أحكام وق اررات اإللغاء والتي تقر المحكمة العليا على أن ‪ :‬الق اررات القض ــائية األإدارية التي تس ــتهدف‬

‫الوقوف ضـ ـ ــد حكم قضـ ـ ــائي نهائي تمس مبدأ قوة الشـ ـ ــيء المقضـ ـ ــي به تعتبر مشـ ـ ــوبة بعيب تجاوز‬

‫السلطة تستوجب البطالن ‪².‬‬

‫ولعله من األصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوب ‪ ،‬أن نعتبر عدول جهة اإلدارة عن اإلمتناع يكون مبر ار متى يثبت أن مبادرة‬

‫اإلدارة في إتخاذ اإلجراءات الالزمة والفعلية لتنفيذ مقتى ما أقره القرار القضـ ــائي ‪ ،‬ش ـ ـريطة أن اليكون‬

‫تنفيــذ القرار القض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائي مرتبطــا بــالزمن ‪ ،‬حيــث أنــه إذا لم يتنفــذ خالل فترة زمنيــة معينــة ازلــت أهميــة‬

‫التنفيذ ‪ .‬ومثال ذلك إلغاء قرار يمنع شـ ــخصـ ــا من المشـ ــاركة في مسـ ــابقة بعد أن حرمته اإلدارة فعدول‬

‫اإلدارة عن اإلمتناع ‪ ،‬يجب أن يكون قبل المسابقة ‪ ،‬واال كان العدول بدون جدوى ‪.‬‬

‫الفـــــرع الثــــــاني ‪ :‬اإلمـتـــنـــاع الضــمني‬

‫إن هذه الص ــورة هي األكثر ش ــيوعا في تجس ــيد رفض اإلدارة تنفيذ األحكام والق اررات القض ــائية ‪ ،‬فهي‬

‫تلجأ إلى هذه الوسـ ــيلة دون الحاجة إلى إصـ ــدار قرار ص ـ ـريح بالرفض بل تكتفي بالسـ ــكوت عن إتخاذ‬

‫اإلجراءات الالزمة للتنفيذ‪.‬‬

‫فاألصــل أن صــدور حكم بإلغاء قرار إداري ‪ ،‬يرتب العودة بالحالة ‪ ،‬كأن القرار الملغى لم يصــدر ولم‬

‫ي كن له أي وجود قانوني ‪ ،‬فهذا األثر الهادم يقتضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي إزالة القرار المحكوم بإلغائه ‪ ،‬ومحو آثاره من‬

‫وقت صــدوره ‪ ،‬وهذا يســتلزم تحمل اإلدارة إللتزامين أحدهما ســلبي باإلمتناع عن إتخاذ أي إجراء تنفيذ‬

‫‪28‬‬
‫يترتب عليه حدوث أثر للقرار بعد إلغائه ‪ ،‬وثانيهما إيجابي بإتخاذ اإلجراءات الكفيلة بتنفيذ منطوق‬

‫الحكم مع تطبيق نتائجه القانونية ‪.‬‬

‫وذلك على أساس إفتراض عدم صدور القرار الملغى وسكوت اإلدارة عن القيام باإل ل ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ـزامين يجسد‬

‫إمتناعها الضمني عن التنفيذ ‪.‬‬

‫وهو بــذلــك يــأخــذ شـ ـ ـ ـ ـ ـ ــكلين ‪ :‬إمــا بــاإلسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتمرار في تنفيــذ القرار الملغى أو بــإعــادة إص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدار الق ارر‬

‫الملغى ‪.‬ونوضح ذلك فيمايلي ‪:‬‬

‫● أوال ‪ :‬تجاهل القـــــــــرار القضــــائــي ‪.‬‬

‫تعد مواصلة تنفيذ القرار الملغى ‪ ،‬واإلستمرار في تطبيق اإلجراءات المترتبة عليه ‪ ،‬رغم صدور الحكم‬

‫بإلغائه من أخطر المخالفات التي ترتكبها اإلدارة تجاه القانون والقضاء معا ‪ ،‬ولعل ما يؤكد ذلك ‪ ،‬أن‬

‫غالبية حاالت اإلمتناع اإلرادي عن التنفيذ تأخذ هذه الصورة ‪.‬‬

‫ومن مظاهر مخالفة اإلدارة للتنفيذ ‪ ،‬باإلسـ ـ ـ ـ ـ ــتمرار في تطبيق اإلجراءات اإلدارية المخالفة للقرار الذي‬

‫قض ـ ـ ـ ـ ــى بوقفها في الجزائر ما أدى إلى أمر رئيس الغرفة اإلدارية بالمجلس القض ـ ـ ـ ـ ــائي لوالية الجزائر‬

‫بتاريخ ‪. 1979.05.13 :‬‬

‫بعد أن اقتطعت إدارة الضــ ـرائب المتنوعة من إحدى الش ـ ــركات الفرنس ـ ــية العاملة بالجزائر مبلغا قدره ‪:‬‬

‫‪ 1932677,78‬دج بدون وجه حق ‪ ،‬فرفعت هذه الشـ ــركة دعوى أمام الغرفة اإلدارية لمجلس قضـ ــاء‬

‫الجزائر لوقف اإلجراءات التنفيذية لهذا اإلقتطاع ورد المبلغ المقتطع ‪ ،‬وكان أن صدر األمر بذلك ‪.‬‬

‫غير أن إدارة الض ـ ـ ـ ـ ـرائب لم تسـ ـ ـ ـ ــتجب ألمر الغرفة اإلدارية ‪ ،‬ولم تتوقف عن اإلجراءات التنفيذية إلى‬

‫غاية تأميم تلك الشركة ‪¹.‬‬

‫● ثانيا ‪ :‬إعادة إصدار القرار الملغى‬

‫من صور مخالفة اإلدارة إللتزامتها بالتنفيذ كذلك ‪ ،‬قيامها بإعادة إصدار القرار المحكوم بإلغائه ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫فقد تتحايل اإلدارة على تنفيذ حكم اإللغاء بإص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدار قرار جديد يحقق هدف القرار الملغى ‪ ،‬ولكن‬

‫بوسـيلة مختلفة ‪ ،‬كما لو قامت بفصـل الموظف بغير الطريق التأديبي ‪ ،‬بعد أن يكون الحكم قد صـدر‬

‫له بإلغاء قرار فصله بالطريق التأديبي ‪².‬‬

‫واذا كانت اإلدارة ليسـ ـ ـ ــت ملزمة في جميع األحوال باإلمتناع عن إعادة إصـ ـ ـ ــدار القرار بعد إلغائه من‬

‫طرف القاضي اإلداري ‪ ،‬هناك حاالت يجوز فيها لإلدارة إعادة إصداره ‪.‬‬

‫وهي تختلف بإختالف أوجه عدم المشــروعية التي شــابت القرار الملغى ‪ ،‬ويظهر ذلك بصــورة خاصــة‬

‫في تغيير األسانيد القانونية أو المادية ‪ ،‬وكذلك في حالة إلغاء القرار لعيب الشكل أو اإلختصاص ‪.‬‬

‫وموقف القضـ ـ ـ ــاء اإلداري الجزائري ‪ ،‬فنسـ ـ ـ ــتشـ ـ ـ ــفه من خالل قرارت الغرفة اإلدارية للمحكمة العليا ‪" ،‬‬

‫مجلس الدولة حاليا " والقواعد العامة للقضـ ــاء اإلداري ‪ ،‬أنه على اإلدارة تنفيذ القرار الصـ ــادر باإللغاء‬

‫لعيب الش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكل أو اإلختصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاص ‪ ،‬حتى لو كان الخطأ ثابتا على الموظف ‪ ،‬ولها بعد ذلك أن تعيد‬

‫إصــداره بعد تصــحيحه إن أمكن ألنه ال يوجد ما يمنعها من ذلك مادام هدفها هو تصــويب التص ـرفات‬
‫‪1‬‬
‫القانونية الخاطئة ‪³.‬‬

‫ومهما يكون األمر ‪ ،‬فإنه وفي غير الحاالت التي يجوز فيها لإلدارة إعادة إصــدار القرار الملغى فإن‬

‫قيامها بإعادة إص ـ ــداره سـ ـ ـواء في ش ـ ــكله األول ‪ ،‬أو في ش ـ ــكل مقنع ‪ ¹‬يحقق معه الهدف الذي قص ـ ــده‬

‫القرار الملغى ‪ ،‬كــأن تلغي المحكمــة اإلداريــة قرار اإلدارة برفض منح ترخيص إقــامــة ‪ ،‬فتواجــه هــذا‬

‫اإللغاء بإصـ ـ ـ ـ ـ ــدار قرار بالطرد ‪ ،‬ويشـ ـ ـ ـ ـ ــترط في هذه أن تكون اإلدارة مدفوعة برغبة تحد القضـ ـ ـ ـ ـ ــاء و‬

‫اإلصرار على اإلمتناع وتدليال على ذلك ألغى مجلس الدولة الفرنسي قرار وزير التعليم المتضمن‬

‫قائمة الذي وقع عليهم اإلختبار لشــغل الوظائف اإلســتشــارية باإلدارات المدرســية و الجامعية ‪ .‬نظ ار‬

‫ألن القرار إستبعد الطاعن بطريقة تحكمية رغم ماتميز به من كفاءة وخبرة فائقة ‪.‬‬

‫‪ ¹‬األمر اإلستعجالي رقم ‪ 60‬الصادر في ‪ 1979.05.13‬مشار إليه في ‪ :‬إبراهيم أوفادة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 189‬‬

‫‪ ²‬عبد الغني بسيوني عبد هللا ‪ ،‬القضاء اإلداري " قضاء اإللغاء " ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 331‬‬

‫‪ ³‬إبراهيم أوفادة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪127،126‬‬

‫‪30‬‬
‫وقد كان تنفيذ هذا الحكم يقتضي إصدار قرار جديد بإعداد قائمة أخرى يدرج فيها إسم الطاعن غير‬

‫أن اإلدارة أصدرت ق ار ار جديدا بإعداد قائمة أخرى ولكنها لم تتضمن إسم المحكوم لصالحه أيضا ‪،‬‬

‫تجاهال للحكم السابق ‪ ،‬مما دفع بمجلس الدولة إلى إعتباره إمتناعا ضمنيا عن تنفيذ الحكم والقضاء‬

‫من أجل ذلك – بناءا على طلب المحكوم لصالحه – بغرامة تهديدية "‪ "500‬فرنك فرنسي يوميا ضد‬
‫‪1‬‬
‫الدولة حتى يتم نفاذ الحكم ‪.‬‬

‫وفي الجزائر ‪ ،‬فكما رأينا أن إمتناع اإلدارة ليس دائما ظاهر ‪ ،‬بل هي في أحيان كثيرة تتذرع بدواعي‬

‫النظام العام ‪ ،‬وأخرى تلجأ فيها إلى اإلنحراف باإلجراءات بما يس ـ ـ ـ ـ ـ ــمح لها بإص ـ ـ ـ ـ ـ ــدار ق اررات إدارية‬

‫تراعي فيها الشكليات القانونية لكنها تهدف بها عرقلة تنفيذ ق اررات القضاء ‪.‬‬

‫وان كان من الصــعب إثبات انحراف اإلدارة أو إســاءة إســتعالها لســلطتها التقديرية فإن هذا اإلشــكال‬

‫أدة بالبعض إلى التسليم بأنه التوجد طريقة فعالة لحمل اإلدارة على تنفيذ األحكام والق اررات القضائية‬

‫‪ ،‬خاصــة وأنه اليكون أمامه ســوى الحصــول على قرار قضــائي بإلغاء قرار اإلمتناع ‪ ،‬لتتنكر اإلدارة‬

‫مرة ثانية وثالثة والى أجل غير معلوم ‪.2‬‬

‫غير أن األمر ال يس ـ ـ ـ ـ ــلم من ض ـ ـ ـ ـ ــرورة التفكير في وس ـ ـ ـ ـ ــائل جادة إلجبار اإلدارة على تنفيذ األحكام‬

‫والق اررات القضائية اإلدارية المتعلقة خاصة باإللغاء ‪ ،‬ذلك أن اللجوء إلى المطالبة بالتعويض بسبب‬

‫اإلمتناع ‪ ،‬ألنه يؤدي إلى تحرر الموظف المختص بالتنفيذ من إحترام حجية الشـ ـ ـ ــيء المقضـ ـ ـ ــي به‬

‫بواس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـطــة تعويض مــالي يــدفع من خزينــة الــدول ـة من جهــة ‪ ،3‬كمــا أنــه اليؤدي إلى إعــادة المراكز‬

‫القانونية المتضـ ـ ـ ــررة إلى ماكانت عليه ‪،‬وهو األهم ‪ ،‬ذلك أن المحكوم له يهدف بحصـ ـ ـ ــول اإللغاء ‪،‬‬

‫الرجوع لمركزه القانوني ال التعويض عنه ‪ ،‬فالموظف المفصـ ـ ــول يهمه الرجوع لمنصـ ـ ــب عمله وليس‬
‫‪1‬‬
‫فقط التعويض عن الفصل غير المشروع ‪.‬‬

‫وهو ما أدى بالمشـ ـ ــرع الجزائري إلى تجريم سـ ـ ــلوك الموظف الممتنع كما سـ ـ ــنقوم بتبيانه في الفصـ ـ ــل‬

‫الثاني ‪.‬‬

‫‪ ¹‬إبراهيم بعد العزيز شيحا ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 675‬‬

‫‪ ²‬قرار مجلس الدولة في ‪ ، 1997.05.14 :‬قضية ‪ chougny‬مشار إليه في ‪ :‬محمد باهي يونس ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 158‬‬

‫‪ 3‬حسينة شرون ‪ ،‬إمتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضدها ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة ‪ ،‬سنة ‪ ، 2010‬ص ص ‪48 ،47‬‬

‫‪31‬‬
‫المطىـــب الثــانــي ‪ :‬حــبجـــج اإلدارة لإلمتناع عــــن التــنــفيذ‬
‫لما كان من المقرر فقها أنه التكليف بمس ـ ـ ـ ــتحيل ‪ ،‬وال إجبار إال على تأدية مقدور ‪ .‬فإنه المجال للبحث‬

‫عن وسائل قانونية إلجبار اإلدارة على تنفيذ األحكام والقرارت القضائية اإلدارية إذا إستحال تنفيذها ‪ .‬إذا‬

‫اليكفي لإلجبار على التنفيذ أن يكون اإللتزام به قائما بل ينبغي أن يكون التنفيذ ممكنا أيضا ‪.‬‬

‫وانطالقا من هذا ‪ ،‬كان لزاما علينا تحديد الحاالت التي يسـ ـ ـ ـ ــتحيل معها تنفيذ الحكم أو القرار القضـ ـ ـ ـ ــائي‬

‫اإلداري ‪ ،‬بالنظر لمصدر اإلجراء ذاته ‪ ،‬أو بالنظر إلى الواقعة الالحقة به ‪ ،‬مما جعله مستحيال ‪.‬‬

‫وبناءا عليه نتناول هذا المطلب حجج اإلدارة إلمتناع عن التنفيذ فنعرض في الفرع األول ‪ :‬إس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت حالة‬

‫التنفيذ القانونية وفي الفرع الثاني ‪ :‬إستحالة التنفيذ الواقعية ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬اإلستحالة القانونية للتنفيذ‬

‫قد تخالف اإلدارة إلتزامها بالتنفيذ في بعض الحاالت التي تس ـ ـ ــتند فيها إلى إحدى الحجج القانونية س ـ ـ ـ ـواء‬

‫تعلقت بالتصـ ــحيح التش ـ ـريعي أو بوقف تنفيذ الحكم أو القرار القضـ ــائي اإلداري ‪ ،‬أو كنتيجة إللغاء القرار‬

‫من مجلس الــدولــة ‪ ،‬وهي المبررات التي ينتج عنهــا حــاالت عمليــة إلمتنــاع اإلدارة عن تنفيــذ األحكــام‬

‫والق اررات القضائية اإلدارية إلستحالة التنفيذ من الناحية القانونية ‪ ،‬كما يأتي بيانه ‪.‬‬

‫● أوال ‪ :‬مبررات اإلستحالة القانونية ‪:‬‬

‫إعتبارات ثالثة تتحقق معها حجج إستحالة التنفيذ من الناحية القانونية ‪ ،‬يتساوى األمر كونها ممتدة األثر‬

‫إألثر المسـ ـ ــتقبل أو مقصـ ـ ــودة على الماضـ ـ ــي ‪ ،‬كما يسـ ـ ــتوي أن يكون عدم التنفيذ مطلقا أو مؤقتا ‪ ،‬وهذه‬

‫اإلعتبارات هي ‪ :‬التصـ ـ ــحيح التش ـ ـ ـريعي ‪ ،‬ووقف تنفيذ القرار القضـ ـ ــائي ‪ ،‬والغاء الحكم من مجلس الدولة‬

‫ولذلك نتناولها فيما يلي ‪:‬‬

‫أ – التصحيح التشريعي ‪ :‬المقصود بالتصحيح التشريعي ‪ ،‬أن يتم إصدار تشريع أو الئحة ‪ ،‬يتم بموجبه‬

‫تص ـ ـ ــحيح آثار ترتيب على حكم اإللغاء ‪ ¹.‬فيكون بناء عليه محل التنفيذ – القرار الملغى – مس ـ ـ ــتحيال ‪،‬‬

‫فال يمكن مطالبة اإلدارة بالتنفيذ ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫وان كان من الواضح أن إصدار تشريع أو الئحة بقصد تصحيح القرار اإلداري الملغى ‪ ،‬أو إزالة ما قد‬

‫شابه من عيوب ‪ ،‬أو إعطائه القوة القانونية هو تفريغ الحكم أو القرار القضائي من مضمونه ‪ ،‬وتجريده‬
‫‪1‬‬
‫من فعاليته وانهاء آثاره مما يعطي اإلدارة الحق في اإلمتناع عن التنفيذ ‪.‬‬

‫واذا كان الوض ــع القانوني ذلك يحرر اإلدارة من إلتزامها بتنفيذ الحكم أو القرار القض ــائي اإلداري ‪ ،‬فإن‬

‫هذا اليعني أبدا أن يكون المشــرع قد رخص لإلدارة التحرر من إلتزامها بإحترام أحكام القضــاء ‪ ،‬وال من‬

‫آثارها بإهدار مالها من حجية ‪ ،‬واال كان ذلك مسـ ـ ـ ــاسـ ـ ـ ــا بالدسـ ـ ـ ــتور ذاته‪ ،‬الذي أقر وجوب إحترام تنفيذ‬

‫األحكام القضـ ــائية في المادة ‪ 145‬من الدسـ ــتور ‪ ،‬واذا كان لم ينص على منع المشـ ــرع من التدخل في‬

‫أعمال القضاء ‪ ،‬ولم ينش أي جهاز يمكنه إلزام السلطة التشريعية بعدم التدخل في العمل القضائي ‪.‬‬

‫وبناءا عليه يتعين علينا تحديد النطاق الدس ــتوري للتص ــحيح التشـ ـريعي حتى تتض ــح لنا إس ــتحالة التنفيذ‬

‫المتعلق به ‪.‬‬

‫فالتصحيح التشريعي – من خالل ذلك – يكون مقيدا تبعا لتحقيق التوافق بينه وبين مبدأ حجية ا‬
‫القررات‬

‫القضائية اإلدارية بقيدين ‪:‬‬

‫أولهما أن يكون إجراء التص ــحيح التشـ ـريعي في نطاق أثر القرار القض ــائي المض ــمونه ‪ ،‬وهذا يعني أن‬

‫يكون التص ــحيح اليش ــمل إال اآلثار المترتبة على القرار الملغى ‪ ،‬والواقعة بين ص ــدور والحكم بإلغائه ‪،‬‬

‫إذ اليسـ ــطيع إعادة القرار من جديد واضـ ــفاء المشـ ــروعية عليه بعد إعدامه قضـ ــائيا ‪ ،‬كما أن التصـ ــحيح‬

‫اليمكنه أن يمتد إلى المس ــتقبل ‪ ،‬فيعيق تنفيذه فهو يعد الحد الفاص ــل بين المرحلة الس ــابقة على ص ــدور‬

‫القرار القضـ ــائي والمرحلة الالحقة له ‪ ،‬ذلك أن اإلدارة تعفى من إلتزامها بتنفيذه بالنسـ ــبة للمرحلة األولى‬

‫‪ ،‬غير أنها تظل ملتزمة بتنفيذ مقتضــ ـ ـ ـ ــيات القرار القضــ ـ ـ ـ ــائي التالية لص ـ ـ ـ ـ ــدوره ‪ ،‬فال تتعامل مع القرار‬
‫‪2‬‬
‫اإلداري الملغى وكأنه إجراء مشروع ‪.‬‬

‫أما بالنسـبة للقيد الثاني ‪ ،‬فمقتضـاه أنه ليس للمشـرع القيام بإجراء التصـحيح التشـريعي ‪ ،‬بدافع شـخصـي‬

‫أو رغبة ذاتية ‪ ،‬وانما يجب أن يكون دافعة تحقيق الصالح العام ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وتطبيقا لهذا المبدأ ‪ ،‬ألغى مجلس الدولة الفرنسي مرسوم تعديل القانون األساسي للمسرح الفرنسي‬

‫‪ 1‬عبد الغني بسيوني ‪ ،‬القضاء اإلداري " قضاء اإللغاء "‪ ،‬مصر ‪ ،‬منشأة املعارف ‪ ،‬سنة ‪ ، 1997‬ص ‪. 331‬‬
‫‪ 2‬محمد باهي أبو يونس ‪ ،‬الغرامة التهديدية كوسيلة إلجبار اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية ‪ ،‬مصر ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر سنة ‪، 2001‬‬
‫ص ص ‪. 141 ، 140‬‬

‫‪ 1‬تتلخص وقائع صدور القرار القضائي بإلغاء عزل املتصرف اإلداري للمسرح الفرنس ي وبدل أن يكون تنفيذ هذا القرار القضائي بإرجاعه إلى منصبه‬
‫وتمكينه من حقوقه املالية ‪ ،‬فقد عمدت الحكومة إلى تعيين شخص آخر مكانه ‪ ،‬فقام بمعارضة قرار التعيين الجديد وحصل مرة أخرى على قرار‬
‫‪33‬‬
‫بس ـ ــبب اإلنحراف بالس ـ ــلطة ‪ ،‬ألن الباعث على التعديل في القانون األس ـ ــاس ـ ــي مكان اإلمتناع عن تنفيذ‬
‫‪1‬‬
‫ق اررات قضائية ‪.‬‬

‫وحتى اليكون هذا اإلجراء – التصــحيح التش ـريعي – ســبيال للنيل من حجية األحكام القضــائية ‪ ،‬وقوتها‬

‫التنفيذية ‪ ،‬فإن النظام المصـ ـ ـ ـ ـ ــري قد فتح باب الطعن في مثل تلك التش ـ ـ ـ ـ ـ ـريعات بعدم الدســ ـ ـ ـ ــتورية أمام‬

‫المحكمة الدس ـ ـ ـ ـ ـ ــتورية لمخالفة الطبيعة التشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريعية للقوانين ‪ ،‬من حيث وجود توافرها على خاص ـ ـ ـ ـ ـ ــيتي‬

‫العمومية والتجديد ‪ ، 2‬إذ حددت المادة ‪ 29‬من قانون المحكمة الدسـ ـ ـ ــتورية كيفية تحريك الرقابة أماماها‬

‫على دستورية القوانين واللوائح بناءا على إخطار من إحدى الجهات القضائية أثناء النظر في دعوى ما‬
‫‪3‬‬
‫‪ ،‬أو بناء على دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعواه ‪.‬‬

‫كما أن المجلس الدس ـ ــتوري الفرنس ـ ــي – وان لم يس ـ ــمح النظام الفرنس ـ ــي بالرقابة القض ـ ــائية على دس ـ ــتورية‬

‫القوانين واللوائح – فقد وضـ ــع معايير ضـ ــابطة إلجراء التصـ ــحيح التش ـ ـريعي بكفالة السـ ــير المنظم للمرفق‬

‫العام والحفاظ على المراكز المكتسبة بحكم القرار الملغي ‪.‬‬

‫وهو بذلك يعمل أن يؤدي التش ـريع التصــحيحي إلى النيل من حجية األحكام والق اررات القضــائية والحيلولة‬

‫دون تنفيذها بإعفاء اإلدارة من إلتزامها بالعمل بمقتضاها ‪.‬‬

‫في حين نجد أن القاض ــي الجزائري ملزم بتطبيق التشـ ـريع واال إعتبر منك ار للعدالة ‪ ،‬وذلك حتى لو الحظ‬

‫أنها تتعارض مع أحكام الدســتور ألن الرقابة الدســتورية التدخل ضــمن إختصــاصــاته ‪،‬إذ يتوالها المجلس‬

‫الدســتوري ‪ ،‬وأكثر من ذلك القضــاة في الجزائر حتى إمكانية إخطار المجلس الدســتوري ‪ ،‬فهي ص ـالحية‬

‫مقصـ ـ ــورة على رئيس الجمهورية ‪ ،‬ورئيس المجلس الشـ ـ ــعبي الوطني وكذا رئيس مجلي األمة (مادة ‪166‬‬

‫من الدستور ) ‪.‬‬

‫قضائي بإلغاء قرار التعيين ملخالفته حجية الش يء املقض ي به ‪ ،‬وإصرار الحكومة على عدم تنفيذ القرار القضائي قرار عزل املتصرف اإلداري ‪ ،‬قامت‬
‫بإصدار مرسوم عدلت بمقتضاه القانون األساس ي للمسرح الفرنس ي أنظر تفصيل ‪ :‬أحمد محيو ‪ ،‬املنازعات اإلدارية ‪ ،‬ترجمة ‪ :‬فائز أنجق وبيوض‬
‫خالد‪،‬الجزائر ‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية ‪ ،‬سنة ‪ 1994‬ص ‪. 201‬‬
‫‪ 2‬عبد الغني بسيوني عبد هللا ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪712‬‬
‫‪ 3‬إبراهيم محمد حسين ‪ ،‬الرقابة القضائية على دستورية القوانين في الفقه والقضاء ‪ ،‬مصر ‪ ،‬منشأة املعارف اإلسكندرية ‪ ،‬سنة ‪ 2000‬ص ‪134‬‬
‫ومابعدها ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫ب – وقف تنفيذ الحكم أو القرار القضائي ‪:‬‬

‫إن وقف تنفيذ الحكم أو القرار القضائي اإلداري ‪ ،‬يكون على إحدى الحالتين ‪:‬‬

‫إما أن يكون وقف التنفيذ إعماال لقاعدة األثر الموقف للطعن في المواد اإلدارية إستثناءا ‪ ،‬أو أن يصدر‬

‫قرار عن مجلس الدولة بناءا على طلب ذي مصـ ـ ـ ـ ــلحة ‪ ،‬بوقف تنفيذ الحكم أو القرار القضـ ـ ـ ـ ــائي اإلداري‬

‫محل الطعن ‪ ،‬وفي كلتا الحالتين ‪ ،‬فإن اإلدارة تتحلل من إلتزامها بتنفيذ الحكم أو القرار القضائي اإلداري‬

‫محل الطعن ‪ .‬وفي كلتا الحالتين ‪ ،‬فإن اإلدارة تتحلل من إلتزمها بتنفيذ الحكم أو القرار القضائي ‪.‬‬

‫ونفصل ذلك وفق مايلي ‪:‬‬

‫‪ /01‬الوقف المترتب على قاعدة األثر الواقف للطعن إستثنا ا ‪:‬‬

‫إذا كانت القاعدة العامة في المواد اإلدارية أن القرارت القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائية الصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادرة فيها تكون متمتعة بالقوة‬

‫التنفيذية لمجرد إعالنها ‪ ،‬دون أن يكون للطعن أثر موقف ‪ ،‬وعي قاعدة أقرها المشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرع الجزائري ‪ ،‬فإن‬

‫هنالك حاالت اليمكن فيها تنفيذ الحكم أو القرار القضــائي اإلداري رغم أن الطعن فيه اليوقف تنفيذه ‪ ،‬إذ‬

‫انه من المنطقي متى تبين لقاضي اإلستئناف أن تنفيذ القرار القضائي المستأنف ‪ ،‬سيؤدي ال محالة إلى‬

‫أوضــاع يكون من الصــعب إصــالحها فيمابعد ‪ ،‬أو أن الوثائق والمســتندات المقدمة في الطعن تحمل من‬

‫الجدية ما يؤدي بالضـرورة إلى إلغاء القرار القضـائي المسـتأنف ‪ ،‬فإن له إيقاف تنفيذ هذا القرار إلى حين‬

‫صدور قرار محكمة اإلستئناف (مجلس الدولة) ‪¹.‬‬

‫واذا كان المشـ ـ ــرع الجزائري قد قصـ ـ ــر األمر بوقف تنفيذ األحكام والق اررات القضـ ـ ــائية اإلدارية في األمور‬

‫اإلسـ ــتعجالية ‪ ،‬دون بقية األحكام والقرارت القضـ ــائية اإلدارية المتعلقة بالموضـ ــوع ‪ ،‬فإنه كرس فكرة وقف‬

‫تنفيذ األحكام والق اررات القضــ ــائية اإلدارية مبدئيا ‪ ،‬وهو مايس ـ ــتفاد أيض ـ ــا من اإلجتهاد القضــ ــائي لق اررات‬

‫المحكمة العليا " الغرفة اإلدارية " س ـ ـ ـ ــابقا – حاليا مجلس الدولة – واذا كانت تس ـ ـ ـ ــتبعد ق ارراتها من نطاق‬

‫حاالت وقف التنفيذ ‪².‬‬

‫‪ /02‬صدور قرار عن مجلس الدولة بوقف التنفيذ ‪:‬‬

‫نظ ار إلعمال قاعدة عدم وقف تنفيذ الحكم أو القرار القضائي اإلداري عند الطعن فيه ‪ ،‬فإنه وفي حاالت‬
‫‪1‬‬

‫‪ 1‬محمد بشير ‪ ،‬الطعن باإلستئناف ضد األحكام اإلدارية في الجزائر ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية ‪ ،‬سنة ‪ ، 1991‬ص ‪.109‬‬
‫‪ 2‬محمد باهي أبو يونس ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 142‬‬
‫‪35‬‬
‫معينة ‪ ،‬تس ــتدعي الض ــرورة وقف تنفيذ القرار القض ــائي ‪ ،‬وقد عالج الش ــرع الفرنس ــي هذه الحاالت بنص‬

‫المادة ‪ 54‬من المرســوم المؤرخ في ‪ 30‬جويلية ‪ 1963‬المعدل بالمرســوم لســنة ‪ ، 1984‬بأنه يوقف تنفيذ‬

‫الحكم المستأنف ‪:‬‬

‫‪ -‬إذا كان تنفيذه سيؤدي إلى نتائج من الصعب إصالحها ‪.‬‬

‫‪ -‬إذا كانت الوسائل المستعملة في الطعن جدية ‪ ،‬نظم عملية الوقف هذه بالمواد من المواد ‪ 125‬إلى‬

‫‪ 127‬من القسـ ــم التنظيمي لقانون المحاكم اإلدارية ‪ ، 1‬ويتم طلب وقف تنفيذ األحكام والق اررات القضـــائية‬

‫بنفس إجراءات وقف تنفيذ الق اررات اإلدارية ‪ ،‬على األقل من حيث شـ ـ ـ ــروط إعماله ‪ ،‬إذ ينبغي لحصـ ـ ـ ــوله‬

‫توافر شروط إجرائية وأخرى موضوعية ‪.2‬‬

‫فمن الناحية اإلجرائية والمتعلقة أس ـ ـ ــاس ـ ـ ــا بوحدة العريض ـ ـ ــة ‪ ،‬بمعنى أنه يجب تقديم طلب إلغاء الحكم أو‬

‫القرار القضــائي ‪ ،‬ولعل الدافع األســاســي لهذا الشــرط هو مخالفة المســاس بحجية القرار محل وقف التنفيذ‬

‫‪ ،‬وحتى يتســـنى للقاضـ ــي اإللمام بمختلف جوانب موضـــوع الطعن والتنفيذ ‪ ،‬حتى يتبين للقاضـــي إن كان‬

‫طلب وقف التنفيذ ليس بهدف تعطيل تنفيذه أو إعاقته ‪.‬‬

‫أما من الناحية الشـ ــروط الموضـ ــوعية ‪ ،‬فيتعلق األمر بضـ ــرورة أن يؤدي تنفيذ الحكم أو القرار القضـ ــائي‬

‫إلى نتائج يص ـ ـ ــعب تداركها وأن تكون هناك أس ـ ـ ــباب جدية فيما إس ـ ـ ــتند إليه ‪ ،‬تبرر إلغاء الحكم أو القرار‬

‫القضائي المطعون فيه ‪.‬‬

‫ولما كان كل من وقف تنفيذ القرار اإلداري ‪ ،‬أو وقف القرار القضائي اإلداري يخصعان لضوابط وشروط‬

‫واحدة ‪ ،‬سـ ـواء تعلقت بالمش ــروعية أو بركن اإلس ــتعجال ‪ ،‬فإن وجوب إقتران طلب إلغاء القرار مع طلب‬

‫وقف تنفيذه في عريضـة واحدة سـواء بسـواء ‪ ،‬مرده أنه اليتصـور القضـاء بوقف تنفيذ القرار القضـائي من‬

‫جهة ‪ ،‬مع إمكانية بقائه قائما غير معرض لإللغاء لما فيه من تناقض واض ـ ــح من جهة أخرى ‪ ،‬إض ـ ــافة‬

‫إلى المساس بقوته التنفيذية وحجيته ‪.‬‬

‫‪ 1‬حسين شرون ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 53‬‬


‫‪ 2‬محمد باهي يونس ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 142‬‬

‫‪36‬‬
‫أما المشـ ـ ـ ـ ـ ــرع الجزائري فقد أهمل هذه المسـ ـ ـ ـ ـ ــألة ‪ ،‬مقتص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ار على ما أورده بنص المادة ‪ 914‬من قانون‬

‫اإلجراءات المدنية واإلداريــة ‪.‬‬

‫ولكنه جدير باإلشـ ــارة إلى كون هذه الفكرة مكرسـ ــة في التش ـ ـريع الجزائري ‪ ،‬ولو مبدئيا ‪ ،‬بإقتصـ ــاره على‬

‫األوامر اإلستعجالية دون بقية األحكام والق اررات القضائية المتعلقة بالموضوع " عندما يتم إستئناف حكم‬

‫صادر عن المحكمة اإلدارية قضى بإلغاء قرار إداري لتجاوز السلطة يجوز لمجلس الدولة ‪ ،‬بناءا على‬

‫طلب المستأنف ‪ ،‬أن يأمر بوقف تنفيذ هذا الحكم متى كانت أوجه اإلستئناف تبدو من التحقيق جدية‬

‫ومن شـ ــأنها أن تؤدي فضـ ــال عن إلغاء الحكم المطعون فيه أو تعديله ‪ ،‬إلى رفض الطلبات الرامية إلى‬

‫اإللغاء من أجل تجاوز السلطة الذي قضى به الحكم ‪ ،‬وفي جميع الحاالت المنصوص عليها في الفقرة‬

‫أعاله وفي المادة ‪ 912‬هذا القانون ‪ ،‬يجوز لمجلس الدولة ‪ ،‬في أي وقت أن يرفع حالة وقف التنفيذ ‪،‬‬

‫بناءا على طلب من له مصلحة ‪".‬‬

‫وتكون أقرب إلى تقرير حق قضــاة اإلســتئناف في إلغاء قرار قضــائي منها إلى وقف تنفيذ قرار إداري ‪،‬‬

‫بالنظر لما يس ــتعمله النص من مص ــطلحات متناقض ــة بعض ــها يوحي بأن األمر يتعلق بدعوى موضــوع‬

‫عند الحديث عن " إختص ــاص المجلس " بمعنى الغرفة وتش ــكيلها الجماعية وليس الرئيس فحس ــب ‪ ،‬أو‬

‫عندما يتحدث عن القرار وليس األمر ‪ .‬واذا نظرنا إلى ميعاد اإلسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتئناف وجدنا األمر يتعلق بدعوى‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬ ‫إستعجالية‬

‫‪ /03‬إلغاء القرار من مجلس الدولة ‪:‬‬

‫ونعني في هذه الحالة ‪ ،‬أن يصدر قرار عن مجلس الدولة بغلغاء القرار القضائي محل التنفيذ ‪ ،‬فيصير‬

‫بذلك محل التنفيذ منعدما ‪ ،‬وفي هذه الحالة تتحرر اإلدارة من إلتزامتها بتنفيذه منطقيا ‪.‬‬

‫وتطبيقا لذلك رفض مجلس الدولة الفرنسـ ـ ـ ـ ـ ــي ‪ ،‬طلب الحكم بالغرامة التهديدية إلجبار اإلدارة على تنفيذ‬

‫قرار ألغي في اإلسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتئناف ‪ ،‬في دعوى تتلخص وقائعها في أن طعن أمام المحكمة اإلدارية في القرار‬

‫الصادر بفصل أحد الموظفين وقضت المحكمة بإلغاء قرار الفصل ‪ ،‬ثم قدمت اإلدارة طعنا باإلستئناف‬

‫ضــد القرار القضــائي قضــى بموجبه بإلغاء القرار محل الطعن ‪ ،‬وكان الطاعن قد قدم طلبا أمام مجلس‬

‫الدولة للحكم بالغرامة التهديدية إلجبار اإلدارة على تنفيذ قرار اإللغاء الصـ ـ ــادر من محكمة أول درجة ‪،‬‬

‫‪37‬‬
‫غير أن مجلس الدولة رفض الطلب تأسيسا أنه ال يحق للطاعن أن يجبر اإلدارة على تنفيذ حكم الوجه‬
‫‪1 2‬‬
‫لتنفيذه ‪ ،‬نظر إلنتهاء وجوده بحكم اإلستئناف ‪.‬‬

‫الفـــرع الثاني ‪ :‬اإلستحـــالـــــة الــــواقــعـــيــة‬

‫إن مخالفة اإلدارة إللتزامها بتنفيذ القرار القضــائي اإلداري ‪ ،‬التقوم دائما على اإلســتحالة القانونية للتنفيذ‬

‫المرتبطة بإحدى المبررات السالف ذكرها ‪ ،‬فاإلستحالة في التنفيذ قد ترجع إلى واقعة خارجة عن نطاق‬

‫القرار ‪ ،‬وفي هذه الحالة قد يكون اإللتزام بالتنفيذ بذاته ممكنا ‪ ،‬غير أن عارضـ ـ ــا إعتراه يسـ ـ ــتحيل معه‬

‫تنفيذه ‪ ،‬وعليه نتناول في هذا الفرع مبررات اإلستحالة الواقعية ‪.‬‬

‫حيث أن إستحالة التنفيذ الواقعية ‪ ،‬ترجع لحصول واقعة في نطاق الحكم أو القرار القضائي اإلداري ‪،‬‬

‫تكون بمثابة عارض يقطع اإلتصال بين الحكم أو القرار القضائي اإلداري وبين تنفيذه ‪ ،‬هذا اإلنقطاع‬

‫يمكن رده إلى ظروف تزامنت مع صـ ـ ــدور القرار حالت دون تنفيذه ‪ ،‬والحالة األولى بحسـ ـ ــب طبيعتها‬

‫هي إستحالة شخصية ‪ ،‬أما الحالة الثانية بحسب حالتها هي إستحالة ظرفية ‪.‬‬

‫● أوال ‪ :‬اإلستحالة الشخصية ‪:‬‬

‫تعني اإلس ـ ــتحالة الش ـ ــخص ـ ــية هنا أن إس ـ ــتحالة تنفيذ الحكم أو القرار القض ـ ــائي راجعة إلى الش ـ ــخص‬

‫المحكوم لص ــالحة ‪ ،‬غير أن هذا اليعني أنه قام بفعل أحال التنفيذ إلى إجراء مس ــتحيل ‪ ،‬ولكن ظروفا‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬ ‫طرأت عليه أدت إلى اإلستحالة‬

‫فمثال ‪ :‬في حالة صدور حكم أو قرار قضائي إداري يقضي بإلغاء فصل موظف بلغ سن التقاعد فيما‬

‫بعد ‪ ،‬فإنه يتعين على اإلدارة أن تصـ ــدر ق اررين إداريين ‪ ،‬يقضـ ــي القرار األول بإعادة إدراج الموظف‬

‫المفصـ ــول ‪ ،‬تنفيذا للحكم أو القرار القضـ ــائي اإلداري ‪ ،‬أما الثاني فيقضـ ــي بإحالته على التقاعد وذلك‬

‫من أجل احتساب وتقدير معاش التقاعد ‪ ،‬ويكون بذلك التنفيذ صوريا ‪.‬‬

‫‪ 1‬إثر اإلصالح القضائي ‪ ،‬بإنشاء مجلس الدولة بمقتضى دستور ‪ 1996‬وبمقتضى المرسوم التنفيذي رقم ‪ 261-98‬في ‪ 20‬أوت ‪ 1998‬المتعلق بتحديد أشكال‬
‫اإلجراءات وكيفيات إحالة جميع القضايا المسجلة والمعروضة على الغرفة اإلداريــــة للمحكمة العليا إلى مجلس الدولة ‪.‬‬
‫‪ 2‬محمد باهي أبو يونس ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 144‬‬

‫‪ 1‬فاألفعال التي يقوم بها المحكوم له بقصد الحصول على إستحالة تنفيذ قرار قضائي إداري أمر غير متصور ‪ ،‬أما تلك األفعال التي يقوم بها قبل صدور‬
‫القرار القضائي بقصد التأثير عليه فهي تعد من قبيل أعمال الغش والتدليس وهي األف عال التي يخرج عن نطاق دراستنا ‪ ،‬أنظر في الموضوع ‪ ،‬حمدي عكاشة‬
‫‪ ،‬الباب الثاني ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 1099 ، 1021‬‬

‫‪38‬‬
‫باإلض ـ ــافة لذلك ‪ ،‬قد يعتري الموظف المحكوم له باإللغاء بخص ـ ــوص قرار فص ـ ــله عارض يحول بينه‬

‫وبين تنفيذ مقتضــى الحكم أو القرار القضــائي ‪ ،‬ومثاله إصــابة موظف بمرض يمعنه من القيام بالمهام‬

‫المسندة له بمقتضى وظيفته ‪ ،‬أو بوفاته بعد صدور حكم أو قرار إلغاء فصله ‪.‬‬

‫● ثانيا ‪ :‬اإلستحالة الظرفية‬

‫خالفا لإلس ـ ــتحالة الش ـ ــخص ـ ــية فإن اإلس ـ ــتحالة الظرفية مردها إلى ظروف اس ـ ــتثنائية اليكون فيها أمام‬

‫اإلدارة إال أن تؤثرها على تنفيذ الحكم أو القرار القض ـ ـ ـ ـ ـ ــائي ن أو أن يكون مرجعها س ـ ـ ـ ـ ـ ــبب أجنبي لم‬

‫يستطيع اإلدارة دفعه ‪ ،‬ومن ثمة حال بينه وبين تنفيذه ‪.‬‬

‫وان كان عدم التنفيذ هنا – راجع لظروف خارجية – فإن اإلدارة تكون ملزمة بالتعويض لصالح‬

‫المحكوم لص ـ ــالحة على أس ـ ــاس المخاطر ‪ ،‬كما س ـ ــنرى الحقا بإعتبارها لم ترتكب خطأ وانما إمتناعها‬

‫عن التنفيــذ عــائــد إلى القوة القــاهرة أو ظرف طــارئ حــال دون تنفيــذ الحكم أو القرار القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائي ‪،‬‬

‫فاإلستحالة هنا التعزى إلى خطأ اإلدارة وانما إلى سبب أجنبي ‪ ،‬كما لو أنها كانت مطالبة بتنفيذ قرار‬

‫يقضــي بتســليم وثائق معينة ‪ ،‬غير أن تلك الوثائق قد تلفت نتيجة حريق نشــب بمصــالحها ‪ ،‬أو فقدت‬
‫‪1‬‬
‫رغم ثبوت اتخاذها كافة اإلحتياطات الممكنة للحفاظ عليها‪. 1‬‬

‫أم عن إسـ ــتحالة التنفيذ بسـ ــبب تهديده للنظام العام ‪ ،‬فإن القضـ ــاء المسـ ــتقر في الجزائر ‪ ،‬على أنه إذا‬

‫كان يترتب على التنفيذ إخالل خطير بالصـ ـ ـ ـ ــالح العام ‪ ،‬يتعذر تداركه كحدوث فتنة أو تعطيل سـ ـ ـ ـ ــير‬

‫مرفق عام أو تهديده للنظام العام ‪ ،‬فإن ترجيح المصلحة العامة أولى من التنفيذ ‪ ،‬فاإلمتناع هنا يكون‬

‫مبر ار قانونا ‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد باهي أبو يونس ‪ ،‬المرجع السابق ن ص ‪. 147‬‬

‫‪39‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫‪40‬‬
‫الضمانات الكفيىة إللزام اإلدارة بتنفيذ األحكام والقرارات‬
‫القضائية اإلدارية‬
‫التقتص ـ ــر أهمية الحكم أو القرار القض ـ ــائي اإلداري في مجرد إص ـ ــداره ‪ ،‬وانما تتعدى ذلك في إيجاد الوس ـ ــائل‬

‫التي يمكن اللجوء إليها لحمل المدين على تنفيذه ‪ ،‬وكما عرفنا سـ ــابقا فإن األحكام والقرارت القضـ ــائية اإلدارية‬

‫الصادرة ضد اإلدارة تواجهها صعوبات في تنفيذها ‪ ،‬والتي تتمثل بصفة خاصة في مبدأ خطر توجيه القاضي‬

‫اإلداري أوامر لإلدارة وعدم جواز الحجز على أمام الدولة العامة ‪.‬‬

‫وأمام هذه اإلشــ ــكاالت التي تعرقل التنفيذ منها ما يعود إلى اإلدارة وموظفيها ومنها مايعود إلى ظروف خارجة‬

‫عن س ــيطرة اإلدارة وارادتها فقد س ــعى المش ــرع الجزائري في إيجاد وس ــائل وآليات من ش ــأنها التخفيف من حدة‬

‫مش ـ ــكل إمتناع اإلدارة عن التنفيذ ‪ ،‬حيث نتطرق إلى أنواع المس ـ ــؤولية الملقاة على عاتق الموظف في المبحث‬

‫األول ‪.‬‬

‫ونعرج على على أهم وس ـ ـ ــيلة تطبيق على اإلدارة أال وهي أس ـ ـ ــلوب الغرامة التهديدية لحمل اإلدارة على التنفيذ‬

‫والذي نتناولها في المبحث الثاني بشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيء من التفصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيل وفق ماجاء به قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‬

‫بخصوص هذا األسلوب ‪ ،‬ويوجد أسلوب آخر سنه المشرع الجزائري لجبر اإلدارة على تنفيذ األحكام والقرارت‬

‫القضـ ــائية اإلدارية في حالة إمتناعها عن التنفيذ وهو أسـ ــلوب التنفيذ وبناءا على ما سـ ــبق ذكره تتحدد خطوات‬

‫دراستنا لهذا الفصل وفق مايلي ‪:‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬قيام مسؤولية الموظف الممتنع عن تنفيذ األحكام والقرارات القضائية‬
‫اإلدارية‬
‫المبحث الثانـي ‪ :‬الحكم بالغرامة التهديدية إبجبار اإلدارة عى تنفيذ األحكام والقرارات‬
‫القضائية اإلدارية‬

‫‪41‬‬
‫المبحث األول ‪:‬‬
‫قيام مسؤولية الموظف الممتنع عن تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية‬
‫تعرف المسؤولية لغة على أنها حالة المؤاخذة أوتحمل التبعية ‪ ،‬أي أنها الحالة الفلسفية األخالقية‬
‫والقانونية التي يكون فيها اإلنسان مسؤوال ومطالبا عن أمور وأفعال أتاها إخالال بنواميس وقواعد‬
‫وأحكام أخالقية واجتماعية وقانونية ‪¹.‬‬

‫حيث أن المسؤولية ترتبط في حقيقتها بمفهوم الخطأ والضرر الناجم عنه لذلك ذهب أغلب الفقه‬
‫إلى تعريفها بأنها اإللتزام باإلصالح والتعويض إذ تعتبر المسؤولية إحدى الوسائل األساسية‬
‫لتحقيق العدالة ‪ ، ²‬ويمكن القول أن المسؤولية الشخصية للموظف تعتبر من أهم الوسائل التي‬
‫يمكن اللجوء إليها لجبر الموظف على تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلدارية وعليه فإن‬
‫المسؤولية الملقاة على عاتق الموظف تكون إما إدارية (المطلب األول ) أو مدنية (المطلب‬
‫الثاني ) أو جزائية (المطلب الثالث )‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ 1‬عوابدي عمار ‪ ،‬نظرية المسؤولية اإلدارية ‪،‬دراسة تأصيلية تحليلية ومقارنة ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 1994‬ص‪. 11‬‬

‫‪ 2‬حسينة شرون ‪ ،‬المسؤولية بسبب اإلمتناع عن تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية والجزاءات المترتبة عنها ‪ ،‬مجلة الفكر ‪ ،‬العدد الرابع ‪ ،‬أفريل ‪ ، 2009‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة بسكرة ‪،‬‬

‫ص ‪. . 182‬‬

‫‪42‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬المسؤولية اإلدارية للموظف عن عدم التنفيذ‬

‫يمكن لإلدارة توقيع عقوبة تأديبية ضد على الموظف الممتنع عن تنفيذ حكم أو قرار قضائي إداري ‪،‬‬
‫وذلك في حدود ماهو منصوص عليه في القانون الخاص بالوظيفة وقد لجأت بعض التشريعات على‬
‫النص صراحة على توقيع العقوبة اإلدارية (التأديبية ) على الموظف مثل القانون اإليطالي وذلك في‬
‫القانون األساسي للموظفين التابعين للدولة وكذا القانون الفرنسي رقم ‪ 539/80‬في مادته السادسة‬
‫والتي تقضي بأن كل موظف لم ينفذ القرار القضائي اإلداري سواء بعدم التنفيذ الكلي أو الجزئي أو‬
‫يتأخر في التنفيذ وأدى هذا الفعل من طرف الموظف إلى الحكم بغرامة تهديدية ضد اإلدارة فإنه يمكن‬
‫أن تطبق ضده عقوبة تأديبية من طرف مجلس التأديب‪.‬‬

‫والخطأ التأديبي وان كان يتفق مع الخطأ المدني إال أنه اليرد على سبيل الحصر إذ يقترن القانون ‪¹‬‬
‫على بيان واجبات الموظفين واألعمال التي يمنع عليهم القيام بها بصفة عامة دون تحديد دقيق ‪ ،‬ثم‬
‫نص بعد ذلك على معاقبة كل موظف لم يلتزم بتلك الواجبات تأديبيا ‪ ،‬ومما الشك فيه أن من أهم‬
‫واجبات الموظف هو إحترام األحكام والق اررات القضائية اإلدارية ‪ ،‬فإمتناع الموظف عن التنفيذ أو‬
‫قيامه بعرقلته أو تراخيه في تنفيذه أو تنفيذه على وجه غير صحيح ينطوي على إخالل بواجباته‬
‫الوظيفية واهدار لحجية الشيء المقضي به فهو جريمة تأديبية توجب الجزاء ‪ ،‬ومنه إذا توافرت‬
‫المسؤولية الجنائية اليحول دون توافر المسؤولية التأديبية لعدم وجود تعارض بينهما ‪ ،‬كما أنه يجوز‬
‫الجمع بينهما وتوقيع الجزاء المترتب عنهما فالعقوبات التأديبية تختلف عن العقوبات الجزائية ‪ ،‬فهي‬
‫ذات طبيعة أدبية أو مالية الترقى إلى المساس بحرية الموظف فهي تمس بالمركز الوظيفي‬
‫ومتعلقاته ‪².‬‬

‫ومن ثمة يمكن لإلدارة أن تقوم بمعاقبة الموظف عقوبة تأديبية في حالة إخالله بواجباته ‪ ³‬مثل عقوبة‬
‫النقل اإلجباري أو التوبيخ أو التنزيل في الدرجة اإلدارية وقد يصل األمر حتى إلى عقوبة العزل من‬

‫‪43‬‬
‫الوظيفة ‪ 4‬وذلك حسب جسامة الخطأ المرتكب مثل التأخر في التنفيذ أو التنفيذ الناقص أو عدم‬
‫‪1‬‬
‫اإلمتثال في التنفيذ صراحة أي إمتناعه عن التنفيذ إمتناعا صريحا ‪.‬‬

‫المطىب الثاني ‪ :‬المسؤولية المدنية لىموظف عن عدم التنفيذ‬


‫من بين المسؤوليات الشخصية التي تطبق ضد الموظفين نجد المسؤولية المدنية ونعني بها في مجال‬
‫تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلدارية والزام الموظف المخالف والممتنع عن التنفيذ أن يقدم تعويض‬
‫مالي إلى المحكوم لصالحة ‪¹.‬‬

‫فموقف القضاء اإلداري في الجزائر فيما يخص المسؤولية المدنية أنه لم يصدر أي قرار يرتب فيه‬
‫المسؤولية المدنية على الموظف المخالف لتنفيذ القرار القضائي اإلداري الصادر ضد اإلدارة رغم ما‬
‫وجد من مخالفات متعلقة بتنفيذ أحكام وق اررات صادرة ضد اإلدارة ومثال ذلك القرار الصادر عن‬
‫الغرفة اإلدارية بالمحكمة العليا بتاريخ ‪ 20‬جانفي ‪( ² 1979‬قضية بوشاط وسعيدي ) فرغم وجود‬
‫مخالفة واضحة تتعلق بعدم تنفيذ حكم قضائي إال أن القاضي اإلداري لم يحكم بمسؤولية الوالي‬
‫شخصيا وحكم بالتعويض ضد اإلدارة وتتلخص وقائع الحكم كاآلتي ‪ :‬بتاريخ ‪ 21‬ماي ‪ 1979‬صدر‬
‫حكم عن محكمة الجزائر يقضي بإلزام السيدين قرومي ومراج بدفعهما للمدعين بوشاط سحنون‬
‫وسعيدي مالكي مبلغ ‪ 8400‬دج مقابل ‪ 28‬شه ار من إيجار محل تجاري يقع بملكيتهما ‪ ،‬وقد صادق‬
‫مجلس قضاء الجزائر على هذا الحكم فأصبح نهائيا ‪.‬‬

‫تقدم المدعيان إلى مصلحة التنفيذ والتبليغ لمحكمة باب الواد لتنفيذ الحكم أو القرار ولكن والي الجزائر‬
‫قام برسالة يعترض فيها على التنفيذ فيتوقف هذا األخير كليا ‪ ،‬كما يبقى بدون جواب وقام المعنيان‬
‫يتقديم تظلم إألى السادة وزير الداخلية ‪ ،‬ووزير العدل إلتمسا فيه تعويضهما عن األضرار الناتجة عن‬
‫إعتراض الوالي عن التنفيذ وامتناع عون التنفيذ ‪.‬‬

‫رفع المعنيان دعوى أمام الغرفة اإلدارية لمجلس قضاء الجزائر ضد القرار الضمني بالرفض من طرف‬
‫الوالي ‪ ،‬لكن تم رفض طلبهما بموجب قرار صادر عن مجلس قضاء الجزائر هذا القرار الذي إستأنفه‬
‫المعنيان أمام المحكمة العليا وصدر حكم عنها يقرر مسؤولية الدولة على أساس الخطأ الجسيم ‪ ،‬ألن‬

‫‪ - 1‬األمر رقم ‪ 03/06‬مؤرخ في يوليو ‪ 2006‬يتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية ‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 46‬بتاريخ ‪ 16‬يوليو ‪. 2006‬‬
‫‪ 2‬حسينة شرون ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 191‬‬
‫‪ 3‬راجع نص المادة ‪ 160‬من األمر رقم ‪ 03/06‬المتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية ‪ ،‬المرجع السابق ‪.‬‬
‫‪ 4‬نصت المادة ‪ 163‬من الق انون األساسي العام للوظيفة العمومية على مايلي ‪ " :‬تصنف العقوبات التأديبية حسب جسامة األخطاء المرتكبة إلى ‪ 04‬درجات ‪:‬‬
‫‪ -‬الدرجة األولى ‪ :‬التنبيه ‪ ،‬اإلنذار الكتابي ‪ ،‬التوبيخ ‪.‬‬
‫‪ -‬الدرجة الثانية ‪ :‬التوقيف عن العمل من يوم إلى ثالثة أيام ‪ ،‬الشطب من قائمة التأهيل ‪.‬‬
‫‪ -‬الدرجة الثالثة ‪ :‬التوقيف عن العمل من أربعة إلى ثمانية أيام ‪ ،‬التنزيل من درجة إلى درجتين ‪ ،‬النقل اإلجباري ‪.‬‬
‫‪ -‬الدرجة األربعة ‪ :‬التنزيل على الرتبة السفلى مبارة ‪ ،‬التسريح "‬

‫‪44‬‬
‫اإلمتناع واإلعتراض ناجم عن التنفيذ في قضية الحال اليتعلق باي سبب ناتج عن ضرورات النظام‬
‫‪1‬‬
‫العام ‪.‬‬

‫وعلى عكس المشرع الجزائري فقد تبنى مجلس الدولة المصري فكرة المسؤولية المدنية والشخصية للموظف‬
‫الممتنع عن التنفيذ وطبقها حتى ضد الوزير شخصيا ومثال ذلك حكم مجلس الدولة بتاريخ ‪ 29‬يونيو‬
‫‪ ¹ 1950‬والتي تتلخص وقائعه في أن وزير الحربية قد اصصدر قرار إداري بعزل أحد الضباط من مهامه‬
‫فرفع هذا األخير دعوى أمام محكمة القضاء اإلداري إللغاء هذا القرار اإلداري وتم إلغاؤه فعليا من طرف‬
‫نفس المحكمة ‪ ،‬غير أن الوزير لم يمتثل لهذا الحكم بإعادة الضابط إلى مهامه فرفع الضابط مرة ثانية‬
‫دعوى أمام مجلس الدولة المصري مطالبا إياه إنصافه من الوزير ومما جاء في الحكم "‪ ..‬إن موقف‬
‫الوزير من الحكم ينطوي على مخالفة لقوة اليء المقضي به وهي مخالفة قانونية لمبدأ من األصول‬
‫القانونية تمليه الطمأنينة العامة وتقضي به ضرورة إستقرار الحقوق والروابط االجتماعية إستقرار ثابتا ‪،‬‬
‫ولذلك تعتبر المخالفة القانونية في هذه الحالة خطيرة وجسيمة لما تنطوي عليه من خروج سافر عى‬
‫القوانين فهي عمل غير مشروع ومعاقب عليه قانونا طبقا للمادة ‪ 123‬من قانون العقوبات ‪ ،‬ومن ثمة‬
‫وجب إعتبار خطأ الوزير خطأ شخصيا يستوجب مسؤوليته عن التعويض المطالب به وال يؤثر في ذلك‬
‫انتفاء الدوافع الشخصية ‪ ،‬قوله أن يبغي وراء ذلك تحقيق مصلحة عامة ‪ ،‬ألن تحقيق هذه المصلحة‬
‫اليصح أن يكون عن طريق إرتكاب أعمال غير مشروعة "‪.‬‬
‫ومن إستقراء لهذا الحكم يتضح أن مجلس الدولة المصري يعتمد في تطبيق المسؤولية على الوزير‬
‫على نص المادة ‪ 123‬من قانون العقوبات المصري التي تجرم فعل اإلمتناع عن تنفيذ األحكام‬
‫والق اررات القضائية اإلدارية الصادرة ضد اإلدارة ‪ ،‬فإذا كان من الجائز تطبيق المسؤولية الجنائية على‬
‫الموظف فمن باب أولى جواز تطبيق المسؤولية المدنية ضده ‪.²‬‬

‫ومن ذلك نستنتج أن الخطأ أول اإلهمال الذي يرتكبه الموظف ويسند إليه يضع على عاتقه مسؤولية‬
‫التعويض عما سببه من ضرر للشخص المتضرر وهذا نتيجة لخطئه وهنا يعوض الموظف من ماله‬
‫الخاص ‪ ،‬إذ أن إمتناع الموظف أو رفضه تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلدارية يستوجب قيام‬

‫‪ - 1‬إبراهيم أوفائدة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 237‬‬


‫‪ 2‬قرار مشار إليه في مسعود شيهوب ‪ ،‬ال مسؤولية عن اإلخالل بمبدأ المساواة وتطبيقاتها في القانون اإلداري ‪ ،‬دراسة مقارنة ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 2000‬ص ‪.67-66‬‬

‫‪45‬‬
‫مسؤوليته الشخصية ‪ ،‬كما في حالة رفضه المساعدة من أجل التنفيذ ولكن يشترط لقيام مسؤوليته عن‬
‫‪1‬‬
‫الخطأ الشخصي أن يتم بسوء نية ‪³.‬‬

‫المطىب الثالث ‪ :‬المسؤولية البجزائية لىموظف عن عدم التنفيذ‬


‫إن تحديد المسؤولية الجزائية عن جريمة اإلمتناع عن تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلدارية ترتبط إرتباطا‬
‫وثيقا بتحديد المسؤول جنائيا أمام القضاء وان فكرة المسؤولية الشخصية للموظف عن خطأ اإلمتناع عن‬
‫التنفيذ قديمة نسبيا وليست حديثة العهد حيث أن الموظف الذي يرفض أو يهمل تنفيذ القرار القضائي‬
‫اإلداري يكون قد خرج عن حدود وظيفته ويكون بذلك قد إرتكب خطأ شخصي يسأل عنه جزائيا ‪.‬‬

‫ويقصد بالمسؤولية الجزائية " تحمل تبعية الجريمة واإللتزام بالخضوع للجزاء الجنائي المقرر قانونا " وهذا‬
‫يعني أن المسؤولية هي صالحية الشخص لتحمل العقوبة أو التدبير الوقائي الذي يقرره كأثر إلرتكاب‬
‫الجريمة ‪. ¹‬‬

‫حيث أن تجريم فعل اإلمتناع عن تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلدارية يعتبر من أهم الوسائل التي تجبر‬
‫الموظف واإلدارة عن التنفيذ ‪ ،‬حيث يترتب على ثبوت مسؤوليته في جريمة اإلمتناع هو تعرضه لعقوبة‬
‫الحبس السالبة للحرية وفقدانه لمنصب عمله أي عزله من وظيفته ‪.‬‬

‫ولما كانت المسؤولية الجزائية تتطلب منا اإلجابة على من يسأل جزائيا ؟ فإن اإلشكالية هي تحديد المسؤول‬
‫جزائيا عن جريمة اإلمتناع عن التنفيذ قد يمتد إلى رئيس الموظف األعلى في الحاالت التي يجوز فيها‬
‫للرئيس الحلول محل المرؤوس ‪ ،‬أو في الحاالت التي يكون فيها الفعل المجرم نتيجة أوامر صدرت إلى‬
‫المرؤوس ‪ ،‬كما في حالة امتناع الموظف المختص بالتنفيذ نتيجة أمر مكتوب صدر إليه من رئيسه األعلى‬
‫‪ ،‬بالرغم من تحذير الموظف المختص بالتنفيذ كتابيا إلى رئيسه بهذه المخالفة ‪ ،‬ففي هذه الحالة تنتفي‬
‫المسؤولية الجزائية للموظف المختص وتبقى المسؤولية قائمة بالنسبة للرئيس األعلى الذي صدر األمر منه‬
‫‪.²‬‬

‫‪ - 1‬قرار مشار إليه في إبراهيم أوفائدة ‪،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 239-238‬‬


‫‪ – 2‬إبراهيم أوفائدة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 240‬‬
‫‪ - 3‬حسينة شرون ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.184‬‬

‫‪46‬‬
‫وقد نص المشرع الجزائري على المسؤولية الجزائية للموظف الذي إمتنع عن تنفيذ القرار القضائي في نص‬
‫المادة ‪ 138‬مكرر من قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬وذلك تأكيدا للحماية التي ألزم الدستور إلحترام‬

‫أحكام القضاء وذلك بتنفيذها في كل وقت وفي جميع الظروف ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫وعليه تنص المادة ‪ 138‬مكرر من قانون العقوبات على مايلي ‪ " :‬كل موظف عمومي إستعمل سلطة‬
‫وظيفته لوقف تنفيذ حكم قضائي أو إمتنع أو إعترض أو عرقل عمدا تنفيذه ‪ ،‬يعاقب بالحبس من ستة أشهر‬
‫إلى ثالث سنوات وبغرامة من ‪ 5000‬إلى ‪ 50.000‬دينار "‪ ،‬ولقد تم رفع قيمة الغرامة من ‪ 20.000‬دج‬
‫إلى ‪ 100.000‬دج وفقا ألحكام المادة ‪ 60‬من القانون رقم ‪ 23-06‬المؤرخ في ‪. ¹ 2006-12-20 :‬‬
‫ومن يتبين لنا أن إمتناع الموظف العمومي عن التنفيذ يعتبر جنحة طبقا لنص المادة الخامسة من قانون‬
‫العقوبات ‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 138‬مكرر السابقة الذكر على عقوبة أصلية تسلط على الموظف الممتنع‬
‫وهذه العقوبة هي الحبس وتكون من ‪ 06‬أشهر إلى ثالث سنوات وقرنها المشرع بغرامة مالية بين ‪ 5000‬دج‬
‫و‪ 50.000‬دج ‪ ،‬وبعد رفع قيمة الغرامة أصبحت ‪ 20.000‬دج إلى ‪ 100.000‬دج ثم أجاز المشرع الحكم‬
‫على الموظف بعقوبات تكميلية أو تبعية وذلك بنص المادة ‪ 139‬من قانون العقوبات وقد نصت هذه األخيرة‬
‫على مايلي ‪ " :‬ويعاقب الجاني فضال عن ذلك بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة ‪14‬‬
‫وذلك من خمس سنوات على األقل إلى عشر سنوات على األكثر ‪ ،‬كما يجوز أن يحرم من ممارسة كافة‬
‫الوظائف أو كافة الخدمات العمومية لمدة عشر سنوات على األكثر "‪.‬‬
‫إن شروط تطبيق المادة ‪ 138‬مكرر من قانون العقوبات صعبة التحقيق ألن العون اإلداري يمتنع عن‬
‫ارتكاب األفعال المجرمة بإصدار قرار مكتوب لكي التكتمل أركان الجريمة ‪ ، ²‬كما أن األفعال المجرمة هي‬
‫أفعال إيجابية بمعنى قيام الموظف بعمل أو اإلعتراض أو العرقلة ‪ ،‬هذا التجريم قد يخرج السلوك السلبي‬
‫المرتكب من طرف الموظف من دائرة العقاب ‪ ،‬علما أن السكوت هو الموقف المتخذ إعتياديا قصد الحيلولة‬
‫دون تنفيذ اإلدارة للق اررات القضائية اإلدارية الصادرة ضدها ‪ ،‬كما يمكن للموظف العمومي رفض تنفيذ‬

‫‪ - 1‬راجع نص المادة ‪ 161‬من األمر رقم ‪ 03/06‬المتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية ‪ ،‬المرجع السابق ‪.‬‬
‫‪ – 2‬حسينة شرون ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.185‬‬

‫‪47‬‬
‫الق اررات القضائية بطريقة غير مباشرة عندما يتولى الـ ــرد على طالب التنفيذ بأن إرادته مستعدة للتنفيذ لكن‬
‫التدابير اإلدارية تتطلب الوقت وعليه اإلنتظار أو كأن يرد على الطالب بإستحالة التنفيذ ألن المطلوب منه‬
‫‪1‬‬
‫أصبح من حقوق الغير ‪. ³‬‬

‫وقد نصت العديد من األنظمة المقارنة على المسؤولية الجزائية للموظف الممتنع عن التنفيذ وهو ما‬
‫نصت عليه المادة ‪ 123‬من قانون العقوبات المصري على أنه ‪ " :‬يعاقب بالحبس والعزل كل موظف‬
‫عمومي أستعمل سلطة وظيفته ‪ ...‬في وقف تنفيذ حكم أو أي أمر صادر من المحكمة أو أي جهة‬

‫مختصة كذلك يعاقب كل موظف عمومي امتنع عمدا عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضي ثمانية‬
‫أيام من إنذاره بمحضر إذا كان تنفيذ الحكم أو األمر داخال في إختصاص الموظف " ‪ ،‬الفقرة األخيرة‬
‫من هذه المادة قد حددت للموظف المختص مدة معينة من إنذاره بالتنفيذ على يد محضر ‪ ،‬وبمرورها‬
‫يعتبر الموظف سيء النية يستوجب مساءلته جزائيا ‪¹.‬‬

‫وفي هذا الصدد فإن المشرع المصري كان أكثر إهتماما وسعيا في الحفاظ على حجية األحكام والق اررات‬
‫القضائية اإلدارية من نظيره الجزائري ‪ ،‬بأن جعل تجريم فعل إمتناع الموظف عن التنفيذ مبدأ دستوريا ‪،‬‬
‫فقد أشار إلى ذلك في المادة ‪ 72‬من دستور ‪ 1972‬بقولها ‪ " :‬تصدر األحكام وتنفذ باسم الشعب ‪،‬‬
‫ويكون اإلمتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب‬
‫عليها القانون ‪ ،‬وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة " ‪.²‬‬

‫ومنه يتبين لنا أن المشرع المصري قد قرر على الموظف الممتنع عن التنفيذ عقوبتين األولى هي‬
‫عقوبة الحبس دون تحديد لمدتها ‪ ،‬كما قرر في الوقت ذاته العقوبة الثانية وهي عقوبة العزل أي‬
‫الحرمان من الوظيفة نفسها التي كان يشغلها الموظف وعقوبة العزل تعتبر عقوبة تكميلية وليست تبعية‬
‫ألنها صادرة في جنحة ولطالما أن النص المبين للعقوبة لم يحدد المدة فإنه يتعين على القاضي أن يحدد‬
‫هذه المدة ملتزما بالحدين األدنى واألقصى ‪.‬‬

‫‪ - 1‬قانون رقم ‪ 23-06‬مؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ 2006‬يعدل ويتمم األمر رقم ‪ 156 – 66‬المؤرخ في ‪ 08‬يونيو ‪ 1966‬والمتضمن قانون العقوبات‬
‫‪ – 2‬عبدلي سهام ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 141‬‬
‫‪3‬غناي رمضان ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 162‬‬

‫‪48‬‬
‫وبالرجوع إلى نص المادة ‪ 138‬مكرر من قانون العقوبات الجزائري تتبين لنا أركان جريمة اإلمتناع عن‬
‫‪1‬‬
‫تنفيذ الق اررات القضائية اإلداريـ ــة عمدا ( الفرع األول ) ‪.‬‬

‫ثم نتناول إجراءات رفع الدعوى الجزائية ضد الموظف ضمن (الفرع الثاني ) ‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬أركان جريمة اإلمتناع عن تنفيذ الحكم أو القرار القضائي اإلداري‬
‫وطبقا لما جاءت به المادة ‪ 138‬السابق ذكرها فإن أركان جريمة اإلمتناع عن التنفيذ تتمثل في ‪:‬‬
‫‪ -‬الركن المفترض " الصفة ‪ :‬أن يكون المتهم موظفا ‪.‬‬
‫‪ -‬شرط اإلختصاص ‪ :‬أن يكون التنفيذ من إختصاص الموظف ‪.‬‬
‫‪ -‬الركن المادي ‪ :‬أن يمتنع أو يوقف أو يعترض أو يعرقل عمدا التنفيذ ‪.‬‬

‫القصد الجنائي ‪ :‬أن يكون الموظف متعمدا أن يمتنع عن التنفيذ ‪.‬‬


‫وسوف نقوم بشرح كل ركن على حدا ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬الركن المفترض ‪ :‬الصفة ‪ :‬أن يكون المتهم موظفا‬

‫لكي تنطبق هذه العقوبة البد من أن يكون مرتكب الجرمة موظفا عموميا وبالرجوع إلى األمر رقم‬
‫‪ 03/06‬المؤرخ في ‪ 15‬جويلية ‪ 2006‬المتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية وتحديدا‬
‫المادة ‪ 04‬منه التي عرفت الموظف بأنه ‪ " :‬يعتبر موظفا كل عون عين في وظيفة عمومية دائمة‬
‫ورسم في رتبة في السلم اإلداري ‪. "...‬فهذا التعريف ينطبق على األعوان الذين يمارسون نشاطهم في‬
‫المؤسسات واإلدارات العمومية ‪ ،‬كما عرفت المادة األولى من األمر رقم ‪ 133/66‬الموظف على‬
‫أنه ‪ " :‬يعتبر موظفين األشخاص المعنيون في وظيفة دائمة الذين رسموا في درجة التسلسل في‬
‫اإلدارات المركزية التابعة للدولة والمصالح الخارجية التابعة لهذه اإلدارات والجماعات المحلية وكذلك‬
‫المؤسسات والهيئات العمومية حسب كيفيات تحدد بمرسوم ‪. " ...‬‬
‫ومنه يتضح لنا أن تعريف الموظف جاء أوضح بكثير في األمر رقم ‪ 133/66‬عنه في األمر‬
‫‪ 03/06‬ومنه نستخلص العناصر األساسية التي يقوم عليها الموظف وهي ‪:‬‬
‫‪ -‬القيام بعمل دائم ‪ :‬أي اإلستم اررية بحيث التنفك عنه إال بالوفاة أو اإلستقالة أو العزل أو التقاعد ‪،‬‬
‫حيث أن الموظف يبدأ حياته المهنية في الوظيفة العامة وينهيها فيها ‪ ،‬فيكون له مسار وظيفي‬
‫متسلسل ومستمر ‪ ¹‬ومن ثم ال يعد موظفا المستخدم المتعاقد ‪.‬‬

‫‪- 1‬سليمان محمد الطماوي ‪ ،‬القضاء اإلداري ‪ ،‬الكتاب األول ‪ ،‬قضاء اإللغاء ‪ ،،‬ص ‪.1035-1034‬‬
‫‪ – 2‬حسينة شرون ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪190‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ -‬التعيين ‪ :‬حيث يجب أن يتم إلتحاق الشخص بالخدمة بطريقة قانونية ووفق الشروط والتدابير‬
‫المقررة قانونا لشغلها ‪ ،‬وعليه البد من صدور مقرر بتعينه من جانب الهيئة المستخدمة وترسيمه‬
‫الوظيف ــة الموجودة في الجهة التي عين فيها ‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫وتثبيته في إحدى الدرجات‬
‫‪ -‬العمل في مرفق عام ‪ :‬يشترط في الشخص لكي يعتبر موظفا عاما أن يقوم بالخدمة في مرفق‬
‫عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام التابع لها ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬شرط اإلختصاص أن يكون التنفيذ من إختصاص الموظف‬
‫اإلختصاص ضرورة تقتضيها شرعية تنفيذ أي عمل وبالتالي اليمكن بأي حال من األحوال أن نحمل‬
‫الجريمة على الموظف الغير مختص أساسا بالتنفيذ حتى ولو كانت له سلطة على المختص بالتنفيذ‬
‫‪ ،‬واليشترط لتوافر هذا الركن أن يكون الموظف مختصا بكل إجراءات التنفيذ ‪ ،‬بل يكفي أن يدخل‬
‫في إختصاصه أجزاء من إجراءات التنفيذ وهذا األمر يتحقق عندما يكون التنفيذ مرتبطا بتدخل عدة‬
‫موظفين إلتمامه فيسأل كل موظف في حدود إختصاصه ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الركن المادي أن يتمتع أو يوقف أو يعترض أو يعرقل عمدا التنفيذ‬
‫لقد نصت المادة ‪ 138‬مكرر من قانون العقوبات على الركن المادي لجريمة إمتناع الموظف عن تنفيذ‬
‫القرارت القضائية وهذا الركن يتمثل في إحدى السلوكيات المجرمة التي ذكرتها المادة وهي ‪:‬‬

‫‪ -‬إستعمال سلطة الوظيفة لوقف تنفيذ الحكم أو القرار القضائي اإلداري ‪ ،‬فهنا الموظف يستغل‬
‫السلطة المخولة له بحكم وظيفته في وقت تنفيذ األحكام والق اررات القضائية الصادرة ضد اإلدارة ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلمتناع وهو سلوك مادي له وجهين فقد يكون سلبي أو إيجابي ومفاده أن يتخذه الموظف موقف‬
‫يمتنع فيه عن تنفيذ محتوى الحكم أو القرار الذي يتضمن إلتزام اإلدارة ‪. ¹‬‬
‫_ اإلعتراض يتمثل في موقف إيجابي يتخذه الموظف في اإلدارة المنفذ ضدها يعترض بموجبه عن‬
‫عملية التنفيذ ‪.‬‬
‫‪ -‬عرقلة التنفيذ وهو قيام الموظف بسلوك أو إجراءات قانونية أو إداري ـ ــة من شأنها إعاقة عملية التنفيذ‬
‫التي تكون قد باشرها الخصم ضد اإلدارة ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬الركن المعنوي " القصد الجنائي "‬
‫يتحقق العمد الجنائي عندما تتجه نية الشخص إلى إرتكاب فعل يعلم أنه معاقب عليه في القانون وهذا‬
‫‪2‬‬
‫مايعبر عنه في الفقه الجنائي بالقصد الجزائي ‪. ²‬‬

‫‪ - 1‬عبدلي سهام ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 266‬‬

‫‪ - 2‬عبدلي سهام ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 269‬‬


‫‪ – 2‬أحمد بوضياف ‪ ،‬الجريمة التأديبية للموظف العام في الجزائر ‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 1986‬ص‬
‫‪49‬‬
‫‪ -‬إبراهيم أوفائدة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 249‬‬
‫‪3‬‬
‫‪50‬‬
‫وفي مجال التنفيذ يتوفر هذا الركن عندما تتجه إرادة الموظف إلى الحيلولة دون تنفيذ القرار القضائي‬
‫اإلداري بغير سبب مشروع ومنه فإن الركن المعنوي يتحقق بتوفر العلم واإلرادة للقيام بإحدى السلوكات‬
‫المجرمة مع اإلشارة أن المشرع ذكر مصطلح العمد في المادة بالنسبة لجميع الصور األربعة بما يفيد‬
‫أن الجريمة عمدية ‪ ،‬وهناك حاالت كثيرة تؤدي إلى نفي القصد الجنائي من أهمها ‪: ³‬‬
‫‪ -‬غياب أو ضعف اإلعتمادات المالية التي يتطلبها التنفيذ ‪.‬‬
‫‪-‬عدم وضوح القرار القضائي المراد تنفيذه ‪.‬‬
‫‪ -‬إستحالة تنفيذ القرار القضائي اإلدارية من الناحية المادية كصعوبة إعادة الحال إلى ما كانت عليه‬
‫في السابق‪.‬‬

‫ويكتسي إثبات القصد الجنائي أهمية بالغة ويظهر ذلك خاصة في أحكام التعويض طبقا للقانون‬
‫‪ 02/91‬والتعليمة الو ازرية رقم ‪ 06/34‬التي وقفت عائقا أمام تطبيق نص المادة ‪ 138‬مكرر من‬
‫قانون العقوبات ‪.‬‬
‫على أمين الخزينة الذي يرفض تنفيذ حكم التعويض متذرعا بالتعليمة التي تفرض أن يكون الحكم‬
‫نهائيا ‪ ،‬فقد عرضت المسألة على بعض المحاكم ‪ ،‬لكن تطبيقها بقي ضيقا ذلك أن بعض وكالء‬

‫الجمهورية يرفضون المتابعة ‪ ،‬وبعض قضاة التحقيق يرفضون الشكاوي المصحوبة باإلدعاءات المدنية‬
‫‪ ،‬معللين رأيهم على التزام أمين الخزينة بالخضوع للتعليمة (‪ )06/34‬ينفي عنه ركن العمد في الجريمة‬
‫وبالتالي إنعدام مسؤوليته ‪. ¹‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬إج ار ات رفض الدعوى الجزائية‬
‫النجد في قانون الجزائري أي نص يتكلم عن إجراءات رفع الدعوى الجزائية ضد الموظف الممتنع عن‬
‫التنفيذ ومنه سوف نعتمد على اإلجراءات التي يتم بها رفع الدعاوى الجزائية وفي سبيل ذلك عندما‬
‫يتحصل المواطن على حكم أو قرار قضائي يقضي على اإلدارة بالقيام عمل أو اإلمتناع عن عمل ‪،‬‬
‫وبعد متابعة إجرءات التنفيذ بواسطة المحضر القضائي ‪ ،‬تمتنع اإلدارة عن التنفيذ ‪ ،‬وبعد تحرير‬
‫المحضر القضائي لمحضر اإلمتناع عن التنفيذ بعد التبليغ واإللتزام بالدفع ‪ ،‬فإنه بإستطاعة المستفيد‬
‫اللجوء إلى وكيل الجمهورية قصد تحريك الدعوى العمومية ضد اإلدارة متمثلة في شخص الموظف‬
‫الذي صدرت عنه إحدى األفعال التالية إستعمال السلطة الوظيفية لوقف تنفيذ الحكم أو القرار القضائي‬

‫‪51‬‬
‫واإلمتناع أو اإلعتراض أو عرقلة تنفيذ الحكم أو القرار حيث يعتبر كل فعل من هذه األفعال جريمة‬
‫‪1‬‬
‫قائمة بذاتها ‪.‬‬
‫حيث اعتبرها القانون جنحة إذا قام الموظف بهذه األفعال ‪ ،‬وعلى ذلك فإن أسلوب التجريم والعقاب‬
‫الجزائي هو السبيل األمثل للعارض للحصول على تنفيذ سريع للحكم أو القرار الصادر لصالحه ضد‬
‫اإلدارة حيث أن الموظف العمومي سوف يلجأ إلى التنفيذ الفوري بمجرد تحريك إجراءات التنفيذ ضد‬
‫اإلدارة تفاديا للمتابعة الجزائية ‪.2‬‬

‫والعقوبة الجنحية التي تصل إلى ثالث سنوات حبسا ‪ ،‬قد تجعل اإلدارة تبادر إلى حث الموظف‬
‫العمومي التابع لها على التنفيذ ‪ ،‬واليعقل أن تضحي به وتتركه مهددا بالعقوبة الجزائية ‪. 3‬‬
‫يحول دون تنفيذ الق اررات القضائية اإلدارية ‪ 4‬حيث يتبين لنا أن هذا الموقف هو األقرب للواقع العملي‬
‫لكي اليتمادى الموظف في إمتناعه عن تنفيذ الق ار ارت القضائية اإلدارية ‪.‬‬

‫ولكن بعد ذلك تراجع المشرع المصري عن رأيه واستثنى جريمة اإلمتناع عن تنفيذ جريمة اإلمتناع عن‬
‫تنفيذ القرار القضائي اإلداري عمدا من شرط أخذ إذن النائب العام وبالتالي سهل للمتضرر الصادر‬
‫لمصلحته القرار القضائي أن يرفع الدعوى الجزائية مباشرة لمسألة الموظف جزائيا ‪. 4‬‬
‫وفي األخير نرى أن قيام المسؤولية الشخصية للموظف الممتنع عن التنفيذ سواء كانت هذه المسؤولية‬
‫إدارية أو مدنية أو جزائية لها بالغ األثر في جبر الموظف على اإلمتثال لألحكام والق اررات القضائية‬
‫اإلدارية لتنفيذها ويحسب ألف حساب قبل إقدامه على فعل اإلمتناع أو اإلعتراض أو عرقلة التنفيذ ‪.‬‬
‫أما في القوانين المقارنة فقد اشترط المشرع المصري في بداية األمر أخذ رأي النائب العام عند رفع‬
‫الدعوى الجزائية ضد الموظف ‪ ،‬وهذا ماجاءت به المادة ‪ 63‬من قانون اإلجراءات الجزائية رقم ‪121‬‬
‫لسنة ‪ ، 1956‬حيث يجري النائب العام التحقيق بنفسه أو يندب أحد مساعديه وقد عارض هذه الفكرة‬
‫الرامية إلى أخذ رأي النائب العام الدكتور سليمان محمد الطماوي حيث يرى أنه يجب التحذير من‬
‫مغبة حماية الموظف الذي أما عن المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي أي اإلدارة فإن المشرع‬

‫‪ – 1‬بن صاولة شفيقة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 345‬‬


‫‪2 - Abdelhafid Mokhtari :« de quelques réflexion sur l’article 138 bis du code pénal» revenue de conseil de l’état , numéro 2 , 2002, p292‬‬
‫‪3‬‬
‫لحسين بن الشيخ آث ملويا ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 508‬‬
‫‪4‬‬
‫سليمان محمد الطماوي ‪ ،‬القضاء اإلداري ‪ ،‬الكتاب األول ‪ ،‬قضاء اإللغاء ‪ ،‬ص ‪1036‬‬

‫‪52‬‬
‫الجزائري لم يسلم بهذه القاعدة ‪ ،‬وبذلك ساير المشرع الفرنسي الذي ربطها بصدور نص صريح ‪ ،‬حيث‬
‫أن قانون العقوبات الجزائري لم يورد نص يعترف فيه‪.‬‬
‫صراحة بالمسؤولية الجنائية لإلدارة كما نص المادة ‪ ¹ 647‬من قانون اإلجراءات الجزائية قد إستبعد‬
‫كل إمكانية لتوقيع العقوبة الجنائية على الشخص المعنوي إال بصفة إستثنائية حيث أنه اعترف‬
‫بإمكانية جزائية قد إستبعد كل إمكانية لتوقيع العقوبة الجنائية على الشخص المعنوي إال بصفة‬
‫إستثنائية حيث أنه اعترف بإمكانية إتخاذ تدابير أم ـ ــن ضد هذا الشخص المعنوي ‪. ²‬‬

‫وفي سبيل ذلك نرى أن العقوبات المسلطة على اإلدارة والتي تتالءم مع طبيعتها كالغرامة التهديدية‬
‫والحرمان من بعض اإلمتيازات دليل على مسؤوليتها على اإلمتناع عن تنفيذ األحكام والقررات‬
‫القضائية اإلدارية وبذلك سوف نتطرق بالدراسة للغرامة التهديدية الصادرة ضد اإلدارة في حالة‬
‫إمتناعها عن التنفيذ و إعتراف المشرع الجزائري بها في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية وذلك مسايرة‬
‫منه للقوانين المقارنة ‪ ،‬وهذا ماسنحاول اإلجابة عليه في المبحث الثاني من هذا الفصل ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫المبحث الثاني ‪:‬‬


‫الحكم بالغرامة التهديدية إلبجبار اإلدارة عى تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية‬
‫األصل أن أحكام وق اررات القضاء تنفذ طواعية واختيا ار غير أن المحكوم ضده قد اليبادر إلى التنفيذ‬
‫اإلختياري مما يستلزم إجباره على التنفيذ بالوسائل الجبرية التي كفلها المشرع ‪ ،‬وتعتبر الغرامة‬
‫التهديدية أهم وسائل التنفيذ الجبري لألحكام والق اررات القضائية ولعل أهم ماجاء به قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية الجديد لسنة ‪ 2008‬والذي كفل للمتقاضي حق المطالبة بتوقيع الغرامة التهديدية ضد‬
‫اإلدارة في حالة إمتناعها عن تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلداري ــة ‪.‬‬

‫‪ 1‬راجع نص المادة ‪ 647‬من قانون اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬الصادر باألمر رقم ‪ 155/66‬المؤرخ في ‪ 08 :‬جوان ‪ ، 1966‬ج ‪.‬ر عدد ‪ 48‬سنة ‪ ، 1966‬المعدل والمتمم ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫حسينة شرون ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 188‬‬

‫‪ - 1‬عمار بوضياف ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪224‬‬


‫‪2‬‬
‫– دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ‪ ،‬قانون رقم ‪ 01-16‬مؤرخ في ‪ 06‬مارس سنة ‪ ، 2016‬يتضمن التعديل الدستوري ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫بعد مرحلة التبليغ الرسمي تأتي مرحلة تنفيذ األحكام والق ار ارت القضائية اإلدارية بحيث تعد الخزينة‬
‫العمومية آخر مرحلة تعالج والتي تتضمن إدانات مالية ضد مصالح الدولة من إدارات عمومية‬
‫وجماعات محلية ومؤسسات ذات طابع إداري ‪.‬‬

‫الحقيقة أن مايفسر تقنين الغرامة التهديدية ضد اإلدارة في حالة إمتناعها عن تنفيذ األحكام والق اررات‬
‫القضائية اإلدارية هو اإلنتشار الواسع والخطير لظاهرة رفض اإلدارة تنفيذ أحكام القضاء التي تكتسي‬
‫الطابع التنفيذي ‪ ،‬بل وصل األمر إلى حد رفض تنفيذ ق اررات قضائية صادرة عن مجلس الدولة‬
‫بإعتباره يشغل قمة الهرم القضائي في المادة اإلدارية ‪ ،‬وهو مابعث إستياء كبي ار لدى المهتمين‬
‫بالدرسات القانونية ‪¹.‬‬

‫حيث أن المشرع الجزائري قد كفل حماية األحكام القضائية وفرض تنفيذها في كل وقت وهذا بموجب‬
‫المادة ‪ 163‬من الدستور ‪ ، ²‬حيث عزز هذه الحماية الدستورية بوسيلة مدنية تتمثل في الغرامة‬
‫التهديدية ‪.‬‬

‫وقد نص المشرع الجزائري على نظام الغرامة التهديدية ونظم أحكامها في نص المادة ‪ 340‬و ‪471‬‬
‫من قانون اإلجراءات المدنية القديم ‪ ،‬كما نص عليها أيضا في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية في‬
‫المواد من ‪ 980‬إلى ‪ ، 989‬وللوقوف على ماهية الغرامة التهديدية وتبيان مدى أهميتها في حمل‬
‫اإلدارة على تنفيذ إلتزامتها إرتأينا تقسيم مطلبنا هذا إلى فرعين ‪ ،‬نخصص المطلب األول ‪ :‬للتناول‬
‫اإلطار العام للغرامة التهديدية ونتطرق في المطلب الثاني ‪ :‬لإلجراءات التي يتخذها الحكم لفرض‬
‫الغرامة التهديدية على اإلدارة ‪.‬‬

‫المطىب األول ‪ :‬اإلطار العام لىغرامة التهديدية كوسيىة إللزام اإلدارة عى التنفيذ‬

‫لتحديد اإلطار العام للغرامة التهديدية كوسيلة إلجبار اإلدارة على تنفيذ األحكام والق اررات القضائية‬
‫اإلدارية الصادرة ضدها ‪ ،‬ينبغي لنا تعريف الغرامة التهديدية (الفرع األول) ‪ ،‬وبما تتميز عن غيرها من‬
‫األساليب (الفرع الثاني) ‪ ،‬وماهي خصائصها (الفرع الثالث) ‪ ،‬وماهي شروط تطبيقها (الفرع الرابع)‬

‫الفرع األول ‪ :‬تعريف الغرامة التهديدية‬

‫إن المتصفح للنصوص القانونية التي جاءت بالغرامة التهديدية سواء تلك المنظمة لألحكام العامة‬
‫والموزعة بين القانون المدني ‪ ، ¹‬وقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الحالي لم تعط تعريفا قانونيا‬
‫للغرامة التهديدية ‪ ،‬حيث إكتفى المشرع ببيان األحكام التشريعية المنظمة للغرامة التهديدية ‪ ،‬فإنه‬
‫يتوجب علينا الجوع للفقه القانوني للبحث على تعريفها ومن هذه التعريفات نجد تعريف الفقيه منصور‬

‫‪54‬‬
‫محمد أحمد حيث عرفها بأنها ‪ " :‬الغرامة التهديدية في مجال القانون اإلداري هي عقوبة مالية تبعية‬
‫ومحتملة تحدد بصفة عامة ‪ ،‬بمبلغ معين من المال عن كل يوم تأخير بهدف تجنب عدم تنفيذ أحكام‬
‫القضاء اإلداري أو التأخر في تنفيذها ‪ ،‬الصادرة ضد أي شخص من أشخاص القانون العام أو أي‬
‫شخص من أشخاص القانون الخاص المكلفة بإدارة مرفق عام " ‪ .²‬ومن خالل هذا التعريف يتبين لنا‬
‫أن الغرامة التهديدية هي وسيلة معترف بها للقاضي لكي يسمح له بإجبار اإلدارة على تنفيذ األحكام‬
‫والق اررات القضائية اإلدارية ‪.‬‬

‫وقد عرفها ‪ Christophe Guettier‬بأنها ‪ " :‬عقوبة مالية تبعية تحدد بصفة عامة ‪ ،‬عن كل يوم‬
‫تأخير ‪ ،‬ويصدرها القاضي بقصد ضمان حسن تنفيذ حكمه أو حتى بقصد ضمان حسن أي إجراء من‬
‫اإلجراءات التحقيق " ‪³.‬‬

‫وقال األستاذ عبد الرزاق السنهوري بشأنها ‪ " :‬إن القضاء يلزم المدين بتنفيذ إلتزاماته عينا في خالل‬
‫مدة معينة ‪ ،‬فإذا تأخر في التنفيذ كان ملزما بدفع غرامة تهديدية عن هذا التأخير ‪ ،‬مبلغا معينا عن‬
‫كل يوم أو أسبوع أو كل شيء أو أية وحدة من الزمن ‪ ،‬أو عن كل مرة يأتي عمال يخل بإلتزامه وذلك‬
‫إلى أن يقوم بالتنفيذ العيني أو أن يمتنع المدين نهائيا عن اإلخالل باإللتزام ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ثم يرجع إلى القضاء فيما تراكم على المدين من الغرامات التهديدية ويجوز للقاضي أن يخفض هذه‬
‫الغرامات أو أن يمحوها "‪. ¹‬‬

‫‪ 1‬نصت المادة ‪ 174‬من القانون المدني على مايلي ‪ " :‬إذا كان التنفيذ لإللتزام عينا غير ممكن أو غير مالئم إال إذ ا قام به المدين نفسه ‪ ،‬جاز للدائن أن يحصل على حكم بإلزام‬
‫المدين بهذا التنفيذ ويدفع غرامة إجبارية إذا إمتنع عن ذلك ‪.‬‬
‫وإذا رأى القاضي أن مقدار الغرامة ليس كافيا إلكراه المدين الممتنع عن التنفيذ جاز له أن يزيد في الغرامة كلما رأى داعيا للزيادة " ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫– منصور م حمد أحمد ‪ ،‬الغرامة التهديدية كجزاء لعدم تنفيذ أحكام القضاء اإلداري ضد اإلدارة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 16‬‬

‫‪3–Christophe Guettier,«Droit administratif», Montchrestien , 2édition ,Montchrestie ,Paris ,2000 ,p39.‬‬

‫‪ - 1‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬الوسيط في شرح القا نون المدني الجديد ‪ ،‬نظرية اإللتزام بوجه عام ‪ ،‬منشورات الحلبي ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪، 2005،‬‬
‫ص ‪807‬‬

‫غناي رمضان ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 146‬‬ ‫‪-2‬‬


‫‪3‬‬
‫– ومن أمثلة ذلك حكم قديم للقضاء المصري " محكمة اإلسكندرية الجزائية ‪ 14‬ديسمبر ‪ ، " 1931‬حيث قضت المحكمة بالحكم بالغرامة التهديدية وقدرها‬
‫أربعة جنيهات مصرية عن كل حفل وبحد أقصى مائة جنية نظير حقوق المؤلف لإلطالع على الحكم راجع موقع اإلتحاد العام للناشرين العرب على األنترنت ‪:‬‬
‫‪http:// www.arabpip.org/lectures_8_6.htm‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬غناي رمضان ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 148‬‬

‫‪55‬‬
‫وقد إستقر القضاء في الجزائر على إستعمال مصطلح الغرامة التهديدية للداللة على التهديدات المالية‬
‫التي ينطق بها القضاء قصد إلزام الممتنعين عن تنفيذ اإللتزام الواقع على عاتقهم بموجب سندات‬
‫تنفيذية سواء كانت هذه السندات أحكام قضائية أو عقود رسمية و تتمثل الغرامة التهديدية في تقرير‬
‫القضاء بمبلغ مالي لفائدة الدائن وبطلب منه يضطر الممتنع عن التنفيذ بأدائه له عن كل فترة زمنية‬
‫في تأخير تنفيذ اإللتزام ‪ ،‬هذه الفترة الزمنية تقدر بالساعات أو األيام أو األسابيع حسب طبيعة اإللتزام‬
‫على أنه جرى العرف القضائي على تحديدها بااليام ‪².‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬تميز الغرامة التهديدية عن غيرها من األساليب‬
‫إن أسلوب الغرامة التهديدية أسلوب مستخذم منذ زمن طويل من قبل القضاء ‪ ، ³‬حيث قد تختلط‬
‫الغرامة التهديدية مع بعض األساليب القريبة منها ومن هذه األساليب نجد أسلوب العقوبة (‪. )01‬كما‬
‫نجد أن هناك من يخلط بين الغرامة التهديدية والتعويض حيث يعتبرها البعض تعويضا (‪ )02‬وانما‬
‫هي في الحقيقة مجرد وسيلة من وسائل التنفيذ المباشر ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الغرامة التهديدية والعقوبة‬
‫العقوبة هي أقوى أنواع الجزاء القانوني لكونها تمس األفراد في حرياتهم أساسا وهي تترتب على‬
‫‪4‬‬
‫مخالفة قواعد القانون الجنائي‬
‫وعليه فإن الغرامة التهديدية أو كما جاء ذكرها في قانون اإلجراءات المدنية القديم التهديدات المالية ‪،‬‬
‫تختلف عن العقوبة ‪.‬‬

‫رغم أن مجلس الدولة الجزائري صرح في ق ارره رقم ‪ ¹ 014989‬المؤرخ في ‪ 2003/04/08‬بأن‬


‫الغرامة التهديدية عبارة عن عقوبة ومما جاء فيه ‪ ... " :‬وبما أن الغرامة التهديدية عبارة عن إلتزام‬

‫ينطق به القاضي كعقوبة فإنه ينبغي أن يطبق عليها مبدأ قانونية الجرائم والعقوبات وبالتالي يجب سنها‬
‫بقانون " ‪.‬‬
‫وقد إنتقد األستاذ غناي رمضان هذا الحل الذي توصل إليه مجلس الدولة الذي توصل إليه مجلس‬
‫الدولة بإعتبار الغرامة التهديدية بمثابة عقوبة ‪ ،‬حيث إعتبر الغرامة التهديدية ليست عقوبة وال جزاء‬
‫لعدم وجود نص جنائي أو مدني يمنحان لها هذه الصفة ‪ ،‬وانما هي حق كل دائن إتجاه مدينه عندما‬
‫يتمتع هذا األخير عن تنفيذ إلتزامه ‪ ،‬فهي إذن وسيلة من وسائل التنفيذ المباشر وهي حق في دعوى‬
‫مسماة ‪. ²‬‬

‫‪56‬‬
‫ويمكن أيضا التفرقة بين الغرامة التهديدية والعقوبة في أن هذه األخيرة تعتبر نهائية يجب تنفيذها كما‬
‫نطق بها القاضي ‪ ،‬أما الغرامة فهي ذات طابع وقتي وال تنفيذ إال بعد تصفيتها عندما تتحول إلى‬
‫تعويض نهائي فقد يقوم القاضي بإنقاص قيمتها أو إلغائها ‪³‬‬
‫كما أن القاضي يأخذ في الحسبان عند تقدير التعويض النهائي عنصر العنت الظاهر من المدين فيزيد‬
‫في مقدار التعويض ‪ ،‬إال أنه اليجب أن تفسر هذه الزيادة على أنها عقوبة ‪ ،‬بل يجب ردها إلى فكرة‬
‫‪.4‬‬
‫الخطأ وجسامته التي تؤثر في تقدير القاضي للتعويض النهائي‬
‫ثانيا ‪ :‬الغرامة التهديدية والتعويض‬
‫تختلف الغرامة عن التعويض من حيث الهدف ‪ ،‬ومن حيث التقدير وذلك على النحول التالي ‪:‬‬
‫‪ -‬من حيث الهدف ‪ :‬يكون الهدف من التعويض هو تعويض الضرر الذي لحق الشخص الذي صدر‬
‫لصالحه الحكم القضائي بسبب التأخر في التنفيذ أو عدم التنفيذ ويكون هذا التعويض بصورة كلية أو‬
‫إلى أقصى حد ممكن أما الهدف من الغرامة التهديدية فيكون بالعكس وهو ضمان تنفيذ هذا الحكم ‪.5‬‬

‫‪1‬‬

‫أما من حيث تقدير القيمة ‪ :‬فإن القاضي عند تقديره للتعويض مقيد بالقواعد القانونية المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 82‬من القانون المدني والتي تلزمه أن يراعي عند تقدير التعويض مافات الدائن من‬
‫كسب ومالحقه من خسارة ‪ ،‬إال أنه وعلى العكس من ذلك فإنه عند تقـ ـ ــدي ـ ـ ـ ــر الغ ارم ـ ــة التهدي ــديــة غير‬

‫‪ - 1‬قرار رقم ‪ 014989‬بتاريخ ‪ ، 2003/04/08‬مجلة مجلس الدولة ‪ ،‬العدد الثالث سنة ‪ ، 2003‬ص ‪. 177‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬غناي رمضان ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 150‬‬
‫‪3‬‬
‫– عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 816‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬دغمان سعاد ‪ ،‬الغرامة الته ديدية كوسيلة إلجبار اإلدارة على تنفيذ االحكام القضائية الصادرة ضدها ‪ ،‬مذكرة لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ‪ ،‬الدفعة السابعة عشر ‪،‬‬
‫‪ ، 2009-2006‬ص ‪. 12‬‬
‫‪ - 5‬منصور محمد أحمد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 18‬‬

‫دغمان سعاد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 13‬‬ ‫‪–1‬‬


‫‪2‬‬
‫– منصور محمد أحمد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 13‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬راجع نصوص المواد ‪980‬و ‪ 981‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلداريــــة ‪.‬‬
‫‪ - 4‬دغمان سعاد ‪ ،‬المرجع السابق ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫مقيد بهذه القواعد وانما تقديره لها يكون تقدي ار خاصا ‪ ،‬يتعلق بمدى إمكانية حمل المحكوم عليه نحو‬
‫التنفيذ العيني والقضاء على تعنته ‪. 1‬‬

‫أما بخصوص طبيعة الغرامة التهديدية فقد وقع إختالف بين الفقهاء فمنهم من يرى أن الغرامة‬
‫التهديدية تتحول إلى تعويض قانوني بعد تصفيتها سواء تعويض عن عدم التنفيذ أو التأخر في التنفيذ‬
‫‪ ،‬ومن جانب آخر ي ـ ــرى أصحابه أن فكرة مبالغ الغرامة التهديدية المصفاة ال تهدف إلى إصالح‬ ‫‪2‬‬

‫الضرر الذي أصاب الدائن بقدر ما تهدف إلى ضمان تنفيذ اإللتزام عينا فهي ذات طبيعة خاصة ‪،‬‬
‫أي انها مستقلة عن التعويض ويرى جانب آخر أن الغرامة التهديدية التي يحكم بها القاضي الجزائري‬
‫لها طابع العقوبة ‪ ،‬غير أن هذا اإلتجاه وكما رأينا سابقا فقد وجه له نقد شديد ‪.‬‬

‫أما عن موقف المشرع الجزائري من طبيعة الغرامة التهديدية فقد نص على أن الغرامة التهديدية يحكم‬
‫بها القاضي إلتخاذ التدابير الضرورية لتنفيذ الحكم أو القرار القضائي أو التأخير في تنفيذه أو تنفيذه‬
‫‪.3‬‬
‫جزئيا‬

‫الفرع الثالث‪ :‬خصائص الغرامـــة التهديـــــديــة‬

‫تتميز الغرامة التهديدية بعدة خصائص منها أنــها حكم تهديدي تحذري (‪ )01‬وأنها ذات طابع وقتي‬
‫(‪ )02‬وأنها ذات طابع تحكمي (‪.)03‬‬

‫أوال ‪ :‬الغرامة التهديدية ذات طابع تهديدي تحذيري‬

‫يعتبر الطابع التهديدي هو جوهر نطام الغرامة التهديدية نفسها ‪ 4‬وتبرز هذه الخاصية في المبالغة في‬
‫تقدير مبلغ الغرامة ‪ ،‬ومايحققه ذلك من إنزعاج لدى المدين عندما اليعرف على وجه الدقة المبلغ الذي‬
‫سيحكم به في حال تعنته فالخشية من تراكم مبلغ الغرامة التهديدية قد يدفع المدين إلى التنفيذ العيني ‪،‬‬

‫كما يظهر الطابع التهديدي أيضا ‪ ،‬في كون الغرامة التحدد مرة واحدة بل تحدد عن كل يوم أو أسبوع‬
‫أو شهر ‪ ،‬فكلما تأخر المدين في تنفيذ التزامه ارتفعت وتراكمت ‪. 1‬‬

‫ويميز الغرامة التهديدية أيضا كونها تحذيرية تنبه المحكوم عليه إلى الجزاءات المالية التي سوف‬
‫يعترض لها إن هو إستمر في مقاومة تنفيذ الحكم الصادر ضده وهي تحذر المحكوم عليه إلى‬
‫اإللتزامات المالية التي سوف تثقل عاتقه في حالة امتناعه عن تنفيذ الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي‬
‫بـ ــه ‪. 2‬‬

‫‪58‬‬
‫ومايؤكد الطابع التهديدي للغرامة التهديدية مانص المشرع عليه في نص المادة ‪ 3 984‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ ‪،‬‬
‫إذ تنص على جواز تخفيض أو إلغاء الغ ارم ـ ــة عند الضرورة أنه مادامت تحققت الغاية من فرض‬
‫الغرامة التهديدية وهي حصول الدائن على التنفيذ العيني فال داعي لمواصلة فرض الغرامة التهديدية‬
‫فيمكن للقاضي أن يخفض من قيمتها وأن يقوم بإلغائها كليا ‪ ،‬ويفهم أيضا من كلمة الضرورة التي‬
‫أوردهـ ـ ـ ــا المشـ ـ ــرع الج ازئـ ـ ــري أن المحكوم عليه ال يكون دائما مخال بإلتزاماته ‪.‬‬

‫وقد يكون كذلك أيضا ‪ ،‬وفي حالة كونه لم يخل بإلتزماته بإمكان الجهة القضائية المعنية تخفيض‬
‫‪4‬‬
‫الغرامة أو إلغائها متى رأت لذلك ضرورة‬

‫ثانيا ‪ :‬الغـــرامــة التهديـــدية ذات طابع وقــتي‬

‫إن الحكم بالغرامة التهديدية على اإلدارة الممتنعة عن التنفيذ أمر مؤقت اليحوز حجية الحكم المقضي‬
‫فيه مادام اليتطرق إلى حسم النزاع األصلي فهو حكم غير قطعي الهدف منه هو ضمان تنفيذ الحكم‬
‫أو القرار األصلي وهو مانص عليه المشرع الجزائري في نص المادة ‪ 983‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية وجاء فيما يلي ‪ :‬في حالة عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي أو حالة التأخر في التنفيذ ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫تقوم الجهة القضائي ــة اإلداريـ ـ ـ ــة بتصفية الغ ارمـ ـ ــة التهديدي ــة التي أمرت بها " ‪.‬‬

‫ومنه يتبين لنا أنه إذا أخفقت الغرامة التهديدي ـ ـ ـ ــة في تحقيق الهدف المنشود وأصبح عدم التنفيذ مؤكدا‬
‫‪ ،‬فإنه يجب تصفيتها لتحديد المبلغ النهائي للغرامة التهديدية وهذا يعني أن لهذه الوسيلة أمر وقتي ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الغرامة التهديدية ذات طابع تحكمي‬

‫تظهر هذه الخاصية من خالل السلطة التقديريـ ـ ـ ـ ــة للقاضــي في تحديد قيمة الغرامة التهديدي ــة وبدء‬
‫سريانها ‪ ،‬فالقاضي ليس له مقي ــاس أو معــيار يعتمد عليه إال القدر الالزم لتحقيق الغاية منها وهي‬
‫الضغط وحمل الشخص المعنوي العام على تنفيذ إلت ازمـ ـ ـ ــه أو الهيئة التي تخضع منازعتها‬

‫عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 820‬‬ ‫‪–1‬‬


‫‪2‬‬
‫– محمد قصري ‪ ،‬رئيس المحكمة اإلداريـــة بالرباط – المغرب ‪ ،‬تنفيذ األحكام اإلدارية " الغرامة التهديدية " ‪ ،‬ص ‪: 06‬‬
‫‪http://www.mhuae.gov.ma‬‬
‫‪ – 3‬راجع نص المادة ‪ 984‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ‪.‬‬

‫‪ - 4‬سائح سنقوقة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 1173‬‬

‫‪59‬‬
‫لإلختصاص القضاء اإلداري كأشخاص القانون الخاص المكلفة بإدارة مرفق عام ‪ ، 1‬وتظهر خاصية‬
‫التحكم في صور عديدة ‪ ،‬يمكن أن نجملها في الصورتين التاليتين ‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬يتمتع القاضي اإلداري بسلطة مطلقة في رفض أو قبول طلب الغرامة التهديدية‬

‫‪ -‬يجوز للقاضي أن يحكم بالغرامة التهديدية دون مراعاة الضرر الذي أصاب الدائن ‪ ،‬بل اليشترط‬
‫للحكم بها وجود ضرر أصال ‪. ¹‬‬

‫هذه مجمل الخصائص التي تتمتع بها الغرامة التهديدية حيث تعد خاصية التهديد أهمها جميعا لما لها‬
‫من أث ـ ــر في نفسية المدي ـ ـ ـ ـ ــن لحمل ــه على التنف ـ ـيـ ــذ ‪.‬‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬شروط تطبيق الغرامة التهديدية‬

‫نصت المادة ‪ 980‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على أن للجهة القضائية اإلداريـ ـ ــة في حالة‬
‫عدم تنفيذ حكم أو أمر أو قرار أن تأمر بالغرامة التهديدية ضد أحد األشخاص المعنوي ــة الع ــام ــة أو‬
‫هيئة تخضع منازعتها إلختصاص القضاء اإلداري والهدف الحقيقي من فرض هذه الغرامة هو ضمان‬
‫تنفيذ األحكام والقرارت القضائية اإلداريـ ــة ‪ ،‬كما نصت أيضا المادة ‪ 987‬من نفس القانون أنـ ـ ــه يجوز‬
‫للمحكمة اإلداري ـ ـ ــة في حالة عدم تنفيذ حكم نهائي صدر عنها ‪ ،‬وبناءا على طلب المحكوم لصالحة‬
‫أن تأمــر بإتخاذ اإلجراءات الالزمة لتنفيذ هذا الحكم فضال عن الحكم بالغرامة التهديدي ــة لضمان هذا‬
‫التنفيذ ‪.‬‬

‫إن الغ ارم ــة التهدي ـ ــدي ــة بطابعها التلحق إال األحكام المل ـ ــزمــة الت ــي يكون فيها إلتزام المدي ــن بالقيام‬
‫بعمل أو اإلمتناع عـن عمل ‪ ، ²‬وعليه فال يحوز الحكم بالغ ارمـ ــة التهدي ــديــة إذا كان اإللتـ ـ ـزام يتعلق‬
‫بدفــع مبلغ من النقود إذ الفائـ ـ ــدة من اإلكراه المالـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ‪. ³‬‬

‫ثانيا ‪ :‬وجوب أن يكون التنفيذ ممكنا‬

‫فهنالك فكرة جوهري ــة ينطلق منها هذا الشرط مفادها أنه التكليف بمستحيل والإجبار إال على تأديــة‬
‫مقدور ‪ ¹‬وانطالقــا من ذلك المجال إلعمال نظام الغ ارم ــة التهديديــة إذا إستحال تنفيذ الحكم ‪ ،‬حيث‬
‫البد أن يكون التنفيذ عينا ممكنا ‪ ،‬فإذا إستحال تنفيذ الحكم بسبب من األسباب (إذا كان المطلوب‬

‫‪1‬‬
‫وعليه نستخلص من نص المادتين السابقتين شروط تطبيق الغ ارمـ ــة وهي على النحو التالي ‪:‬‬

‫منصور محمد أحمد ‪ ،‬المرجـــــع السابق ‪ ،‬ص ‪60‬‬ ‫‪–1‬‬


‫‪60‬‬
‫أوال ‪ :‬أن يتعلق اإللتزام المنصب على المديــن (اإلدارة) بالقيام بعمل أو اإلمتناع عن عمل‬

‫تسليم مستندات أتلفت بسبب الحريق ) فليس هناك جدوى من التهديد المالي ويحكم في هذه الحالة‬
‫بالتعويض ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬طلب الدائن الحكم على المدين بالغرامــــة التهديدية‬

‫للمدين الخيار بين أن يطلب التعويض عن عدم التنفيذ ‪ ،‬أو رفع دعوى قضائية يطلب فيها تسليط‬
‫الغ ارم ــة التهديدي ــة على عاتق اإلدارة على كل يوم تتأخر فيه عن تنفيذ إلتزامتها ‪ ،‬وغني عن البيان أن‬
‫المديـ ــن الذي يختار طريق التعويض ‪ ،‬ليس له أن يطلب الغرامة التهديدية لكونه عبر عن إرادته عن‬
‫‪1‬‬
‫إستبدال التنفيذ العيني بواسطة التنفيذ بمقابل ‪. ²‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬‬

‫إج ار ات الحكم بالغرامة التهديدية‬

‫إذا توافرت الشروط السابقة يصبح للمحكوم له حق إتخاذ إجراءات الحكم بالغرامة التهديدية بسبب‬
‫تعنت اإلدارة وامتناعها عن تنفيذ الحكم أو القرار الصادر لصالحة ‪ ،‬وبنشوء هذا الحق ‪ ،‬تبدأ خصومة‬
‫جديدة ‪ ،‬سببها اإلخالل بتنفيذ الحكم ومحلها الحكم بغرامة تهدي ــدية إلجبار اإلدارة على تنفيذه ‪ ،‬كما أن‬
‫غاية القاضي هنا هو كفالة إحترام حجية ماقضى بــه وغاية المحكوم له هو حصوله على المنفعة التي‬

‫‪3‬‬
‫– يشتارط المشرع الجزائري ‪ ،‬أن يطلب الدائن الغرامة التهديدية حتى يحكم بها القاضي اإلداري وهذا مانصت عليه المادة ‪ 980‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ بقولها " يحوز للجهة‬
‫القضائية اإلداريـــــة ‪ ،‬المطلوب منها إتخاذ أمر بالتنفيذ ‪ "...‬وكلمة المطلوب منها تفيد بأن ه ناك طلب قدم إلى المحكمة اإلدارية بشأن فرض الغرامة التهديدية ‪.‬‬

‫‪ - 1‬دغمان ســعاد ‪ ،‬المــــرجع السابـــــق ‪ ،‬ص ‪. 10‬‬


‫‪2‬‬
‫– إن مجال تطبيق الغرامــة التهديدية هو األحكام الملزمة التي فيها إلزام وعليه يتعين استبعاد األحكام المقررة والمنشئة بإعتبار أن مجرد النطق بها‬
‫تشبع حاجة المحكوم له من الحماية القضائية وهو ما يعني عدم جدوى أن يتم الضغط المالي على المحكوم عليه لتنفيذ إلتزماته ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫– لحسين بن الشيــــخ آث ملويا ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬هامش رقم ‪ ، 03‬ص ‪. 494‬‬

‫‪61‬‬
‫حملها إليه ذات الحكم ‪ ،‬وعليه فإن إجراءات الحكم بالغرامة التهديدية تمر عبر مرحلتين مرحلة الحكم‬
‫بالغرامة التهديدية (الفرع األول ) ومرحلة تصفية الغرامة التهديدية (الفرع الثاني)‬

‫الفرع األول ‪ :‬مرحلة الحكم بالغرامة التهديديـــة‬

‫تمر مرحلة الحكم بالغرامة التهديدية بعدة إجراءات قانونية منها ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬تقديم طلب للجهة القضائية اإلداريـــــــــــــــــة‬

‫تنص المادة ‪ 987‬الفقرة األولى من قانون اإلجراءات المدنية واإلداري ـ ــة أنه اليجوز طلب الغ ارمــة‬
‫التهديدية في حالة إمتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام والق اررات القضائية الصادرة ضدها إال بعد فوات‬
‫ثالثة أشهر تسري من تاريخ التبليغ الرسمي ‪ ،‬ويرفق طلب الغرامة التهديدية بنسخة تنفيذي ــة من الحكم‬
‫أو القرار القضائي بمعنى أن يكون الحكم حائز لقوة الشيء المقضي فيه وهذا ماعبرت عن المادة‬
‫أعاله بعبارة " حكمها النهائي" والحكم ال يكتسب قوة الشيء المقضي فيه إال بعد إستنفاذه لطرق الطعن‬
‫العادية ( المعارضة و اإلستئناف ) على إعتبار أن المعارضة توقف التنفيذ ‪. 1‬‬

‫ويرفق مع الطلب أيضا مايثبت رفض المحكوم عليه التنفيذ أي محضر اإلمتناع عن التنفيذ المحرر‬
‫من طرف المحضر القضائي وهناك استثناء على قاعدة بدء ميعاد ‪ 03‬أشهر من تاريخ التبليغ ‪.‬‬

‫حيث في حالة رفع تظلم إداري من أجل التنفيذ يبدأ أجل رفع طلب الغرامة التهديدية في السريان بعد‬
‫تاريخ قرار رفض التظلم ‪ 2‬وهذا مانصت عليه المادة ‪ 988‬من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫‪1‬‬
‫واإلداريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد باهي أبو يونس ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 138‬‬


‫‪2‬‬
‫– لحسين بن الشيخ آث ملويا ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 495‬‬

‫‪62‬‬
‫واليجوز طلب الغرامة التهديدية في حالة قيام القاضي بتحديد أجل للتنفيذ إال بعد إنقضاء هذا األجل‬
‫‪1‬‬
‫وهذا بنص المادة ‪ 987‬الفقرة الثالثة ‪.‬‬

‫حيث في حالة رفع تظلم إداري من أجل التنفيذ يبدأ أجل رفع طلب الغرامة التهديدية في السريان بعد‬
‫تاريخ قرار رفض التظلم ‪ ²‬وهذا مانصت عليه المادة ‪ ³ 988‬من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلداري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة ‪.‬‬

‫واليجوز طلب الغرامة التهديدية في حالة قيام القاضي بتحديد أجل للتنفيذ إال بعد إنقضاء هذا األجل‬
‫وهذا بنص المادة ‪ 987‬الفقرة الثالثة ‪.‬‬

‫أما فيما يخص األوامر اإلستعجالية فيجوز تقديم الطلب بشأنها دون أجل وهذا بنص المادة ‪ 987‬فقرة‬
‫‪ 02‬والحكمة من ذلك ترجع إلى مضمونها الذي قد يكون إتخاذ إجراء وقتي مستعجل اليمس بأصل‬
‫الحق وال ضرر على اإلدارة من تنفيذها ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الجهة المختصة في طلب الغرامة التهديدية‬

‫إن المادتين ‪ 980‬و ‪ 986‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية قد عقدت اإلختصاص للجهة‬
‫القضائية اإلدارية باألمر بالغرامة التهديدية لكفالة تنفيذ جميع األحكام واألوام ـ ـ ـ ـ ــر والقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ اررات الصادرة‬
‫ض ـ ـ ــد اإلدارة والمقصود بالجهة القضائية اإلداريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة هي المحكمة اإلدارية أو مجلس الدولة ‪ ،‬وينعقد‬
‫اإلختصاص لمجلس الدولة في الفصل في دعــاوى الغ ـ ـ ارم ــة التهديدي ــة فـ ــي ‪:‬‬

‫‪ -‬الطلبات المتعلقة بالق اررات الصادرة عنه والتي تحيلها إليــه المحاك ــم اإلداريـ ـ ـ ـ ـ ــة بشأن إستئناف‬
‫األحكام الصادرة عنها ‪.‬‬

‫‪ -‬الطلبات المتعلقة بالق اررات الصادرة عنه مباشرة والمتعلقة بالسلطات اإلداري ـ ــة المركزي ــة ‪. 4‬‬

‫‪ -‬وينعقد اإلختصاص للمحاكم اإلداري ـ ــة وذلك حسب نص المادة ‪ 987‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ حيث نصت‬
‫صراحة على أن المحكـ ـم ــة اإلداريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة هي المختصة في الفصل في دعـ ـ ـ ـ ــوى الغ ارمـ ـ ــة التهديديـ ــة لما‬

‫يكون الحكم نهائيا ‪ ،‬حيث إذا تم الطعن فيه باإلستئناف فإن مجلس الدولة هو الذي يختص بالفصل‬
‫في طلب الغ ارم ـ ـ ـ ـ ـ ــة التهديدي ــة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬راجع نص المادة ‪ 987‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫– غناي رمضان ‪ ،‬قراءة أولية لقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ‪ ،‬مجلة مجلس الدولة سنة ‪ ، 2009‬عدد رقم ‪ ،09‬ص ‪. 48‬‬
‫‪3‬‬
‫– راجع نص المادة ‪ 988‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ‪.‬‬

‫‪ - 4‬راجع نص المادة ‪ 901‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلداريــة‬

‫‪63‬‬
‫أما ق اررات مجلس الدولة فتعتبر بطبيعتها ق اررات نهائية ‪ ،‬لذا يكون الفصل في طلب تنفيذها لذات‬
‫المجلس ‪.‬‬

‫ثـــالثـــا ‪ :‬ميعاد سريان الغرامة التهديدية‬

‫إن المتصفح للنصوص التشريعية المنظمة للغرامة التهديدية ‪ ،‬يالحظ أن المشرع الجزائري لم يحدد‬
‫لحظة لبدء سريان الغ ارم ـ ـ ـ ــة التهديدية ‪ ،‬وال اللحظة التي تتوقف عندها لتتحول بعد ذلك إلى تعويض ‪،‬‬

‫فعلى اعتـ ـ ـبـ ــار أن الغ ارم ـ ـ ـ ـ ـ ــة التهديـ ــديــة هي وسيلة غير مباشرة للوصول إلى التنفيذ العيني وذلك‬
‫بالضغط ماليا على المحكوم عليه لحمله على تنفيذ اإلل ـت ـ ـ ـ ـ ـزام الملقى على عاتق ــه ‪ ،‬فإن لحظة بدء‬
‫سريانها تبدأ مع بداية التنفيذ وامتناع المدين عنه ‪ 1‬وبما أن التنفيذ اليمكن أن يبدأ إال إذا توافر لدى‬
‫الدائـ ــن سند تنفيذي واألحكام القضائية التعتبر إال إذا حازت القوة التنفيذية ‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بسلطة القاضي في تحديد تاريخ نهايـ ـ ــة سريان الغ ارم ـ ــة التهديـ ــدي ــة لتتحول إلى تعويض‬
‫‪ ،‬فإنه اليوجد نص قانون ـ ـ ـ ـ ــي يقرها واليوجد أيضا نص يمنعه ص ارحـ ــة من أن يحدد تاريخا لنهاي ــة‬
‫سري ـ ــان الغ ارم ـ ـ ـ ـ ــة التهديدي ــة وبالتالي فقد ترك تحديده للسلطة التقديري ــة للقاضي ألنها مسألة واقع‬
‫وتختلف من قضية ألخرى ‪ ،‬كونها مرتبطة بنوع اإللتـ ـ ـ ـ ـزام المطلوب من المدين القيام بــه ‪ ،‬وبحسبه‬
‫فإن عبء تقد ـي ـ ــر ذلك يقع على عاتق القاضي اآلم ـ ـ ـ ــر بالغ ارم ـ ـ ـ ــة التهديديـ ـ ـ ــة ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬مرحلة تصفية الغرامة التهديدية‬

‫بعد إنقضاء المهلة التي حددها القاضــي اإلداري لإلدارة إلتخاذ إجراءات تنفيذ الحكم دون قيامها بذلك‬
‫تسري الغرامة تصاعديا حتى التاريخ الذي حدده القاضي لوقف سريانها أو كأصل عام حتى يتم تنفيذ‬
‫الحكم ‪.‬‬

‫حيث إن تصفية الغرامة التهديدية هي المرحلة الثانية لنظام الغرامة التهديدية والتي يظهر خاللها األاثر‬
‫القانوني للحكم بها ‪ ،‬وذلك عندما يظهر الموقف النهائي للمدين سواء بأن يحدث التهديد المالي فيه‬
‫آثاره فيقلع عن عناده ويعمد إلى تنفيذ إلتزامه ‪ ،‬أو أن يصر على موقفه ويصمم على أن اليقوم بتنفيذ‬
‫‪1‬‬
‫إلتزامه ‪ ،2‬وسوف نتطرق إلى نصرين في هذا الفرع ‪.‬‬

‫‪ - 1‬عز الدين مرداسي ‪ ،‬الغرامة التهديدية في القانون الجزائر ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬دار هومة ‪ ،‬سنة ‪ ، 2008‬ص ‪. 60‬‬
‫‪ – 2‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 819‬‬

‫‪64‬‬
‫أوال ‪ :‬طلب التصفية‬

‫من الناحية اإلجرائية اليعني طلب التصفية أننا بصدد إجراء مستقل عن طلب الحكم بالغ ارمـ ــة‬

‫التهديدية وانما هو إمتدادا له ولذلك ليس من الالزم أن يتقدم ذوي الشأن بطلب تصفيتها ‪ ،‬إذ يمكن‬
‫للقاضي التصدي لذلك من تلقاء نفسه وهذا ماأخذ به المشرع الجزائري في نص المـ ـ ـ ـ ــادة ‪ 983‬من‬
‫ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ بقولـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ‪ " :‬في حالة عـ ـ ـ ــدم التنفيذ الكلي أو الجزئي ‪ ،‬أو في حال ـ ـ ـ ـ ــة التأخيـ ـ ــر في التنفيذ تقوم‬
‫الجهة القضائي ـ ـ ــة اإلداريـ ـ ـ ــة بتصفية الغ ارمـ ـ ـ ــة التهديدية التي أمرت ب ـ ـ ــها " ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الجهة المختصة بالتصفية‬

‫نصت المادة ‪ 417‬الفقرة األولى من قانون اإلجراءات ‪ 417‬الفقرة األولى من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫القديم " يجوز للجهات القضائية بناءا على طلب الخصوم أن تصدر أحكاما بتهديدات مالي ــة وعليها‬
‫بعد ذلك مراجعتها وتصفية قيمتها " ‪.‬‬

‫هذه الفقرة تتضمن مبدأ عاما ‪ ،‬مفاده أن جميع الجهات القضائية التي أصدرت أحكاما بالغرامة‬
‫التهديدية تختص بتصفيتها ‪. ¹‬‬

‫وعليه فتصفية الغرامة التهديدية تعود إلــى محكمة الموضوع حتى لو حكم بها من طرف قاضي األمور‬
‫المستعجلة ‪ ،‬على إعتبار أن تصفية الغرامة التهديدية يتطلب اإلعتماد على عناصر معين ـ ــة عند‬
‫تقديـ ـ ـ ــر المبلغ المصفى وسوف يمس بأصل الحق وخالصة القول أنـ ـ ـ ـ ـ ــه ينعقد اإلختصاص لتصفية‬
‫الغرامة التهدي ــديــة إل ـ ـ ـ ـ ــى قاضي الموضوع ويستبعد قاضي األمور المستعجلة ‪ ²‬وذلك في قانون‬
‫اإلجراءات المدنية القدي ـ ـ ـ ـ ــم ‪.‬‬

‫أما في قانون اإلج ـ ـراءات المدنية واإلداريـ ـ ـ ـ ـ ــة الجديد وحسب نص المادة ‪ 983‬السابق ذكرها ‪،‬‬
‫فإن القاضي الذي حكم بالغرامة التهديدية هو الذي ينعقد له اإلختصاص بتصفية الغ ارم ــة التهديدية‬
‫وذلك دون تفرق ــة في ه ـ ـ ــذا الشأن بين قاضي الموضوع وقاضي األمور المستعجلة ‪ ،‬فيكون لمجلس‬
‫الدولة إجراء التصفية للغ ارمـ ـ ـ ــة التي حكم بها ويكون للمحكمة اإلداري ـ ـ ـ ــة اإلختصاص بتصفية الغرام ـ ـ ــة‬

‫التي حكمت بها ‪ ،‬لكن ماذا عن قاضي األمور المستعجلة فهل يكون له اإلختصاص بتصفية الغرامة‬
‫التهديدية التي أمر بها وفقا لهذا األصل ‪ ،‬أم ينعقد اإلختصاص لقاضي الموضوع ؟‬
‫‪1‬‬

‫عز الدين مرداسي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 64‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪65‬‬
‫لقد كانت هذه المسألة محل خالف في فرنسا بين محاكم القضاء اإلداري ‪ ، ¹‬حيث لم تقبل محكمة‬
‫استئناف ليون اإلداري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة أن يكون لقاضي األمور المستعجلة اإلختصاص بتصفية الغرامة التي أمر‬

‫به ـ ــا على اعتبار أن التصفية ال تعتبر من اإلجراءات التحفظية التي ينعقد له اإلختصاص بها ‪ ،‬ولذا‬
‫فإن اإلق ارر له بالتصفية يمثل مساسا بموضوع النزاع ‪.‬‬

‫ولكن مجلس الدولة الفرنسي كان له أيضا رأي مخالف ‪ ،‬حيث سمح بجواز انعقاد اإلختصاص لقاضي‬
‫األمور المستعجلة ‪ ،‬بتسليط الغ ارم ـ ـ ـ ــة التهدي ـ ـ ــدي ـ ــة علـ ــى اإلدارة وأن يقوم بتصفي ــتها وحجته ف ـ ـ ـ ــي ذلك‬
‫أن القـ ـ ــول بإنعقاد اإلختصاص لهذا القاضي بالتصفية اعت ـ ـ ـراف له بالفصل في موضوع الن ـ ـ ـ ـزاع ‪ ،‬قول‬
‫يخالف الحقيقة ألن القانون يعطيه سلطة إتخاذ اإلجراءات المفيدة والضروري ـ ـ ــة دون مساس‬
‫بالموضـ ـ ــوع واجـ ـراء التصفية يعد أنفع اإلجراءات وأهم ـ ـ ـ ــها ‪ ،‬وتدخله في هذا الشأن ليس فيه مساس‬
‫بالموضـ ـ ـ ـ ــوع و ال يعـ ـ ــد من هـ ــذا القبي ـ ـ ــل أن يكون له اإلختصاص بالحكم بالغ ارم ـ ـ ـ ــة التهديـ ــدي ــة‬

‫إلجبار اإلدارة على تنـف ـي ـ ــذ التزامات ـ ـ ــها ‪ ،‬وأن يكون لـه ذات اإلختصاص بتصفيتها ‪ ،‬وأن إنكار هذا‬
‫اإلختصـ ــاص على قاضي األم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور المستع ـج ـ ـلــة معناه تجريد الغ ارمـ ــة التهديديـ ــة من سالح ـ ــها ‪،‬‬

‫إذ بالتباعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد بين القاض ـ ـ ـ ــي اآلم ـ ـ ـ ـ ــر بالغ ارمـ ـ ــة واآلخ ـ ــر الذي يتولـ ـ ـ ــى تصفيتها ‪ ،‬يتباعد المـ ـدى‬
‫الزمنـ ـ ـ ــي بين الحكم ب ـ ـ ـ ــها وتصف ــيتـ ـ ــها‪ ،‬وهذا يوهن من قيمتها ويقلل من فاعليتها ‪.‬‬

‫فضال عن مضاعفة إجراءات التقاضي مرة أمام قضاة الحـ ــكم ‪ ،‬ومرة أمام قاضي التصفية وه ـ ــذا‬
‫يخال ـ ــف الهدف الذي جاءت ألجـ ـ ـ ــل تحقيقـ ــه الغـ ـ ارمـ ـ ـة بإعتباره ـ ـ ـ ـ ـ ــا وسيلة لضمان سرعة تنفيذ‬
‫األحكـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام ‪ ،‬السبيال لتراكم إجراءات تنفيذه ـ ـ ـ ـ ـ ــا ‪.‬‬

‫‪1‬وعلى اعتبار أن القضــاء اإلداري الج ازئ ــري يستلهــم ويس ــتمد معظم قواعـ ـ ـ ـ ــده مما توصل إليه اإلجتهاد‬

‫القضائي الفرنسي ‪ ، 2‬وبناءا على ماتقدم يمكن اإلعتراف لقاضي المواد المستعجلة اإلداري ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫بوجـ ـ ـ ــه عـ ـ ــام بسلط ــة تصفية الغ ارمـ ـ ـ ـ ــة التهدي ـ ـ ــدي ـ ــة التي أم ـ ـ ــر بـ ـ ــها تنفيــذا لـ ــما اتخـ ــذه من أوامر ‪. 3‬‬

‫‪ 2‬لحسين بن الشيخ آث ملويا ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪495‬‬

‫‪ - 1‬محمد باهي أبو يوسف ‪،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪. 256.257‬‬


‫‪2‬‬
‫– عز الدين مرداسي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪31‬‬
‫‪3‬‬
‫– إن قاضي األمور المستعجلة يجوز له توقيع الغرامة التهديدية بدون أجل وهذا ما أكدته المادة ‪ 987‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫وهذا ما أكدتـ ـ ـ ـ ـ ــه المادة ‪ 305‬من قانون اإلجراءات المدنيـ ــة واإلداريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة الواردة تحت القسم الثاني‬
‫المتعلق باإلستعجال واألوامر اإلستعجاليـ ـ ـ ـ ـ ــة من الفص ــل الخامـس المتعلق بأح ــكام أخرى من الباب‬

‫الثامن في األحكام والق اررات من الكتاب األول المتعلق باألحكام المشتركة بجميع الجهـ ـ ـ ــات القضائي ـ ــة‬

‫والت ـ ــي نصت عــلى مايلي ‪ ":‬يمكن لقاضي اإلستعجال الحكم بالغ ارم ـ ـ ـ ـ ـ ــات التهدي ـ ـ ــدي ـ ـ ــة وتصفي ـ ـت ـ ـ ــها ‪.‬‬
‫يفصل عند اإلقتضاء في المصاريف القضائي ـ ـ ـ ـ ــة " ومعنى ذلك أنه يمكن لقاضي اإلستعجال الحكم‬
‫بالغ ارمـ ـ ـ ـ ــة التهدي ـ ــديـ ــة وتصفيـ ـ ــتها ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬التصفية النهائيــــــــــــــة للغــــرامة التهديدية‬

‫إن التصفية النهائيـ ــة للغ ارم ـ ـ ـ ــة التهــدي ـ ـ ـ ـ ـ ــدي ـ ـ ــة شيء متروك لسلطة القاض ــي اإلداري حيث‬
‫إمتنعت اإلدارة عن التنفيذ سـ ـ ـواء الكلي أو الجـ ـزئي أو حـ ــتى في حالـ ـ ــة التأخ ـ ــر في التنفيذ فهنا وجب‬

‫على القاضي اإلداري تصفية ماحكم بــه تصفية نهائي ــة وذلك لتحديد المبلغ الن ـ ـ ـ ــهائي حيث تنص‬
‫المادة ‪ 984‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلد اريـ ـ ـ ــة على مايلي ‪ " :‬يجوز للجهة القضائية تخفيض‬

‫الغ ارم ـ ـ ـ ـ ـ ــة التهديدي ــة أو إلغائها عند الضــرورة " فهنا القاض ــي اإلداري الجزائري يملك سلطة تكاد تكون‬
‫مطلقة ‪ ،‬إذ يتمتع بسلطة إنقاص الغ ارم ـ ـ ـ ـ ــة التهديدية أو إلغائ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــها بمعنى أن القاضي اإلداري يتمتع‬
‫بسلطة واسعة عند تصفية الغ ارمـ ــة التي حكم ب ــها ‪ ،‬غير أن سلطة القاضي اإلداري في مجال تصفية‬
‫الغ ارم ـ ـ ـ ـ ــة التهديـ ـ ــدي ـ ـ ـ ــة ي ـ ــرد عليه إستثناء وهو عدم جواز الزيادة في المبلغ النهائي المصفي للغ ارم ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫التهديديـ ــة ‪ ،‬فال يمك ـ ــن للقاض ـ ــي اإلداري أن يحكم بمبلغ أكبر من المبلغ المصفى وان كـ ـ ـ ـ ــان له أن‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫يحكم بمبلغ أقل أو أن يلغيه‬

‫‪ – 1‬دغمان سعاد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 65‬‬

‫‪67‬‬
‫الخاتمة‬
‫فـ ـ ـ ـ ــي ختام هذه الد ارس ـ ـ ــة التي قدمناها والتي خلصنا من خاللها بأن ـ ــه تعـ ـ ـ ـ ـ ــد ظاهـ ـ ـ ـ ـرة إمتن ـ ـ ـ ـاع‬
‫ا إلدارة ع ـ ـ ــن تنفيــذ األحكام والق اررات اإلداريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة إنتقاضا من هيبة ومكانة القضاء وعدم اإلنصياع لسلطته‬
‫‪ ،‬مما قـ ـ ـ ــد يحدث شرخا في الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة والتي تـ ـ ـ ـ ـ ــؤدي إل ـ ــى المساس بسيـ ــادة‬
‫الق ــان ــون ومبدأ " القانون فوق الجميع " ‪ ،‬وبما أن ه ـ ـ ـ ــذه السلوكيات التي أصبحت صبغ ــة معروفة في اإلدارة‬
‫والتي يتخذها اإلداريون كعذر لعدم تنفيذ األحكام القضائية بحجج عديدة وكثيرة وأهمها المصلحة العامة ‪.‬‬

‫فإذا قلنا بأن تنفيذ األحكام والق اررات القضائية أيا كان نوعها ‪ ،‬واجب يقع على عاتـ ـ ــق السلطة‬
‫التنفيذيـ ــة ‪ ،‬وفقا ألحـ ــكام الدسـ ـتــور والقـ ــان ــون ‪ ،‬ف ـ ـ ـ ــإن مسؤوليتها في تنفيذ األحكام والق اررات القضائية الصادرة‬
‫ضدها تكون أه ـ ــم ‪ ،‬فإذا إمتنعت عن التنفيذ ‪ ،‬فهذا يع ـ ــد مساس بالقوانين والذي سيؤدي حتما إلى إنعدام‬
‫ثقة المجتمع في القانون وفي أجهزة الدولة التي تعمل على تطبيق القانون ‪ ،‬وباألخص تجاهل أصل من‬
‫أصول القانون أال وهو " حجية الشيء المقضي بـ ـ ـ ــه " وهو يعد مساس صارخا بالحقوق المكتسبة والمراكز‬
‫القانونية ‪.‬‬

‫وشعو ار ب ــمدى خطورة عدم اإللتزام من طرف اإلدارة بتنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلداري ـ ـ ــة‬
‫الصادرة ضدها ‪ ،‬وتكريـ ـ ــسا لدولـ ــة الحـ ـ ــق والقانون ‪ ،‬عمد المشرع الجـ ـ ـ ازئـ ـ ـ ــري إلـ ـ ـ ـ ــى ب ـ ـ ـ ـ ـس ــط رقــاب ـ ـ ـ ــة‬
‫القضاء الجـ ـ ـ ـزائي على عملية التنفيذ ‪ ،‬كوسيلة جديدة للحفاظ على حجية األحكام القضائية ‪ ،‬وتفعيل القوة‬
‫التنفيذي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ‪.‬‬

‫لألحك ـ ـ ـ ـ ــام والقـ ـ اررات القضائـ ـ ـيـ ـ ــة اإلداريـ ـ ـ ـ ــة بإعتبارها سنـ ــدات تنفيذي ـ ـ ـ ـ ــة ‪ ،‬واضعا بذلك حدا لتلك‬
‫السلوكيات الت ـ ــي ته ـ ـ ــدر إستقرار المجتمع وتخرق أهـ ــم مبادئ القانون ‪ ،‬وذلك بموجب تعديل قانون العقوبات‬
‫الجزائري ‪ ،‬بحيث أق ـ ـ ــر ص ارحـ ـ ـ ـ ـ ــة بالمسؤولية الجزائية للموظف الممتنع عمدا عن تنفيذ األحكام القضائية‬
‫الصادرة باسم الشعب الجزائري ‪.‬‬

‫وبالتالي أصبح عدم تنفيذ األحكام والق اررات القضائية بمختلف صورهـ ـ ـ ـ ـ ــا من قبل الموظف الع ـ ـ ـ ــام‬
‫جريمـ ـ ـ ــة يعاقب عليها القانون ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫حيث كرسنا دراستنا لموضوع ضمانات تنفيذ األحكام الق اررات القضائية اإلداريـ ـ ـ ـ ـ ــة في الجزائر‬
‫وذلك وفق لقانون اإلجراءات المدنية واإلداريـ ـ ـ ـ ــة هذا القانون الواسع أكثر مما يتصور والذي يبدو متشعبا‬
‫مما يصعب علينا اإلحاطة بكل جوانبه بدقة شديدة ‪.‬‬

‫لذلك قمنا بالتركيز على مسائل محددة من خالل تحديد بعد المفاهيم ‪ ،‬بداية بتحديد األحكام‬
‫والق اررات القضائية اإلداري ـ ـ ـ ـ ـ ــة وآثارهـ ـ ــا ‪ ،‬أين تبين لنا أنـ ــه ال يوجد في ظاهره إختالف عن الحكم القضائي‬
‫بشكل عام ‪ ،‬بحيث يكمن اإلختالف في عملية التنفيذ وهذا راجع لإلدارة واإلمتيازات الممنوحـ ــة لها والتي‬
‫من خاللها تتجاهل حجية الشيء المقضي ب ــه ‪ ،‬كما أن عملية التنفيذ التتحقق بغيـ ــر قرار قضائـ ــي إداري‬
‫‪ ،‬وذلك بإعتباره الوسيلة الوحيدة المؤكدة لوجود حق ال بد من إقتضائ ـ ـ ـ ــه ‪ ،‬وتجسيدا لذلك فقد خص المشرع‬
‫الجزائري الحكم أو القرار القضائي اإلداري بخصائص وضمانات بضمانات تجعله يتمتع بالقوة التنفيذيـ ـ ـ ــة‬
‫‪ ،‬ورغـ ــم ذلك فإن اإلدارة في غالب األحيان مات ـتــجاه ــل األحكام والق اررات القضائـ ـي ــة وتتبع صور وحجج‬
‫للتملص واإلمتناع عن التنفيذ ‪ ،‬وقد أو ردنا ضمن دراستنا صور متعددة تتخذها اإلدارة لإلمتناع والتي تبدأ‬
‫من التباطؤ أو التـ ـ ـ ـ ارخ ــي فـ ــي التنفي ــذ م ــرو ار إلــى اإلسـ ــاءة ف ــي تنــفيــذ الحـ ـكــم أو الق ـ ـرار القضائي اإلداري‬
‫أو تنفيــذه تنفيذا ناقــصا وانتهاءا بالرفـ ــض الصري ـ ـ ـ ــح وال ـ ــذي يعتبره أبــشع وأشـ ـ ـ ــد أنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواع اإلنحـ ـ ـ ـ ـراف ف ـ ــي‬
‫إس ـت ـخ ــدام السلطـ ــة ‪ ،‬كمـ ــا ذكـ ـرنا ب ــأن سلوك اإلدارة فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي اإلمتناع ق ـ ـ ــد اليقتصر علـ ــى صورة واح ـ ـ ــدة ‪،‬‬
‫بـ ــل إن ـ ــها ق ـ ـ ــد تجمع ف ـ ـ ـ ـ ــي واقع ــة واح ـ ـ ـ ــدة عدة صور ‪.‬‬

‫ومن النتائج التي سجلناها أيضا هو إعت ـ ـ ـراف المشرع للقاضي اإلداري بالحق في توجي ـ ـ ـ ــه‬
‫أوامـ ـ ـ ــر لإلدارة للمحاف ـظـ ــة على الحري ـ ـ ـ ـ ـ ــات األساسيـ ـ ـ ـ ـ ــة فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي قانون اإلجراءات المدنيـ ـ ـ ـ ـ ــة واإلداريـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫رغـ ـ ـ ـ ـ ــم الحظر المفروض علي ـ ـ ـ ـ ـ ــه في قانون اإلجراءات المدنية السابق ‪.‬‬

‫وفي مجـ ـ ـ ـ ــال تنفيـ ـ ـ ـ ــذ األحكام والق اررات القضائيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة واإلداريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة نص المشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرع ص ارح ـ ــة‬
‫على جـ ـ ـ ـ ـواز الحكم بالغ ارمـ ـ ـ ــة التهديـ ـ ـ ـ ــديـ ـ ـ ـ ـ ــة وتحديـ ـ ـ ـ ـ ــد سريان مفعولـ ـ ـ ـ ـ ــها ‪ ،‬وذل ـ ـ ـ ـ ــك فـ ـ ـ ـ ـ ــي نـ ـ ـ ـ ـ ــص الم ـ ـ ـ ـواد‬
‫م ـ ـ ـ ــن ‪ 980‬إـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ‪ 986‬حـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ــث تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدارك المشـ ـ ـ ـ ـ ــرع لتجاهل ـ ـ ـ ـ ــه ألحكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام الغ ارمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة التهدي ـ ـ ـ ــدي ــة‬
‫في قانون اإلج ـ ـ ـ ـراءات المدنيـ ـ ـ ـ ــة السابق ‪.‬‬

‫ومن النتائج أيضا التي توصلنا إلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــها هو أن المـ ـ ـ ـ ـ ـ ــشرع الج ازئ ـ ـ ـ ـ ـ ــري أحسن صنعا بمعاقبة‬
‫الموظف الممتنع عن تنفيذ القـ ـ ـ ـ ـ ـ اررات القضائـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ــة ألن ذل ـ ـ ـ ـ ــك يعتبر رادع ل ـ ـ ـ ــه حيث أصبــح يخ ــاف‬
‫على نفسه من تعرض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه لعقوبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة الحبس ‪ ،‬إذ تعتبر فكـ ـ ـ ـرة المسؤولي ـ ـ ـ ــة الشخصي ـ ـ ــة للموظـ ـ ــف‬
‫الممتنع عن التنفي ـ ـ ـ ـ ـ ــذ ضـ ـ ـ ـ ـ ــمانا حقيقيا لتنفيذ األحكام والق اررات القضائية الحائ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـزة لقوة الشيء المقضي‬
‫فيـ ـ ـ ـ ـ ــه ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫ملخص عام للمذكرة‬

‫بعد إنتهائي من دراستي التي حددت لي بعنوان ‪ :‬ضمانات تنفيذ األحكام والق اررات القضائية‬
‫اإلداريــــــــــــــــــة وذلك طبعا وفق ماجاء به قانون اإلجراءات المدنية واإلداري ـ ـ ـ ـ ـ ــة ‪ ،‬أين قمت‬
‫بطرح اإلشكال التالي ‪ :‬لما كانت إشكالية تنفيذ األحكـ ـ ـ ـ ــام الق ـ ـ ـ ـ اررات القضائية اإلداريـ ـ ـ ــة الصادرة‬
‫ض ـ ـ ــد اإلدارة هي الهاجس األكبر لدى المتقاضين الذين اليجدون سبيال غير اإلنتظار حت ــى تتنازل‬
‫اإلدارة وترضخ لألمر الواقع فتنفذ ماعليها من أحكام أو ق اررات قضائي ـ ـ ـ ــة ‪ ،‬فإن اإلشكالية تكمن ف ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬
‫‪ :‬الحجج والذرائع التي تتخذها اإلدارة لإلمتناع عن التنفيذ ؟ وماهي السبل القانونية المتاحة لحمل‬
‫اإلدارة على تنفيذ األحكام والق اررات القضائية اإلداريــــــــة ؟‬

‫ولإلجابة على اإلشكالية المطروحة والتطرق إلى موضوع ضمانات تنفيذ األحكام والق اررات القضائية‬
‫اإلداريـــــــــــــــــة ‪.‬‬

‫تطرقت أوال ووفق تقسيم ثنائي لخطة الدراسة ‪ :‬ضمن فصلين جاء الفصل األول بعنوان ‪ :‬إمتناع اإلدارة‬
‫عن تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية ‪ ،‬وهنا اليمكن أن أتطرق للمفهوم ومظاهر اإلمتناع عن‬
‫التنفيذ قبل التطرق إلى ماهية األحكام والقرارات القضائية اإلدارية وتنفيذها وذلك ضمن المبحث األول‬
‫الذي يتفرع بدوره لمطالب وفروع تتضمن مفهوم األحكام والق اررات القضائية اإلدارية واآلثار التي تترتب عنها‬
‫فور صدورها ‪ ،‬وكذلك تناولنا شروط وكيفيات األحكام والق اررات القضائية اإلدارية محل التنفيذ ‪ ،‬أما المبحث‬
‫الثاني فحاولنا التطرق فيه إلى الصور والحجج التي تعتمدها اإلدارة لعدم تنفيذ األحكام والق اررات القضائية‬
‫اإلدارية بحيث تطرقنا بالتفصيل في المطلب األول‪ :‬لصـ ـ ـ ـ ـور إمتناع اإلدارة عـ ـ ـ ـ ـن التنفيذ والتي تأتي ضمن‬
‫صورتين أال وهما اإلمـ ــتن ـ ـ ــاع الصـ ـريـ ـ ـ ــح أو اإلمـتـ ـن ــاع الضمني‪.‬‬

‫وتناولنا أيضا الح ـج ــج التي تعتمدها اإلدارة لإلمتناع عـ ــن الت ـنــفيذ أال وهم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ‪:‬‬

‫اإلستحالة القانونية للتنفيذ وكذلك اإلستح ــال ـ ــة ال ـ ـواق ـعـ ـيــة ‪.‬‬

‫أما الفصل الثاني فأوردناه تحت عنوان الضمانات الكفيىة إللزام اإلدارة بتنفيذ األحكام‬

‫وقد قمنا بتقسيمه لمبحثين ‪:‬‬ ‫والقرارات القضائية اإلدارية ‪،‬‬


‫بحيث تعرضنا في المبحث األول إلى قيام مسؤولية الموظف الممتنع عن تنفيذ األحكام‬
‫والقرارات القضائية اإلدارية ‪ ،‬أما المبحث الثاني فعنوناه بـ ـ ‪ :‬الحكم بالغرامة التهديدية كوسيلة‬
‫إللزام اإلدارة على التنفيذ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫أما الفصل الثاني تحت عنوان الضمانات الكفيىة إللزام اإلدارة بتنفيذ األحكام والقرارات‬

‫وقد قمنا بتقسيمه لمبحثين كالتالي‪:‬‬ ‫القضائية اإلدارية ‪،‬‬


‫المبحث األول يتكلم عن قيام مسؤولية الموظف الممتنع عن تنفيذ األحكام والقرارات‬
‫القضائية اإلدارية ‪ ،‬هذه المسؤولية تطرقنا لها وفق ثالث أشكال أال وهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ‪:‬‬

‫المسؤولية اإلدارية للموظف عن عدم التنفيذ‬

‫عن عدم التنفيذ‬ ‫المسؤولية المدنية للموف‬


‫عن عدم التنفيذ‬ ‫المسؤولية الجزائية للموف‬
‫وفي ختام الفصل الثاني تطرقنا في المبحث الثاني واألخير وذلك تحت عنوان ـ ‪ :‬الحكم بالغرامة‬
‫التهديدية كوسيلة إللزام اإلدارة على التنفيذ‪ .‬وهي الوسيلة تقريبا الوحيدة التي سعى المشرع الجزائري‬
‫على غرار العديد من المشرعين إلى األخذ بها لحمل اإلدارة على التنفيذ عن طريق مايعرف بالغرامة‬
‫التهديدية وهي عقوبة مالية تحتسب في معظم الحاالت باليوم وهي آلية جديدة تمنح لصاحب الحق‬
‫المتحصل على حكم أو قرار قضائي إداري من أجل تنفيذ فعال ومضمون للحكم أو القرار وفق ماجاءت‬
‫به المواد من ‪ 980‬إلى ‪ 987‬م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن قانون اإلجراءات المدنية واإلداريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ .‬وهذه اآللية تم إعتماده‬
‫بعد سلسلة من اإلختراقات والتذبذب الذي أصاب أحكام القضاء اإلداري في الجزائر‪ ،‬بحيث كان تطبيق‬
‫الغرامة التهديدية يقبل في حاالت ويرفض في الكثير من األحيان ‪ ،‬إلى حين صدور قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلداري ـ ـ ـ ـ ــة أين عادت مصداقية القضاء اإلداري حين منح للقاضي اإلداري سلطة توقيع الغرامة‬
‫التهديدية ضد اإلدارة ‪ ،‬وهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذا ما قد يساعد في إجبار اإلدارة على تنفيذ األحكام والق اررات القضائيـ ـ ــة‬
‫اإلداريـ ـ ـ ـ ـ ــة ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫أوال ‪ :‬الدساتير والنصوص القانونية ‪:‬‬

‫‪ /01‬الدستور ‪ :‬دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية قانون رقم ‪ 01-16‬مؤرخ‬


‫في ‪ 06‬مارس سنة ‪ ، 2016‬يتضمن التعديل الدستوري‬

‫‪ /02‬القوانين واألوامر ‪:‬‬

‫‪ -01‬القانون رقم ‪ 23-06‬يعدل ويتمم األمر رقم ‪ 156-66‬المؤرخ في ‪ 08‬يونيو‬


‫‪ 1966‬والمتضمن قانون العقوبات ‪.‬‬
‫‪ -02‬القانون رقم ‪ 09-08‬الصادر بتاريخ ‪ 25 :‬فيفري ‪ 2008‬المتضمن قانون‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية ‪ .‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 21‬بتاريخ‬
‫‪2008/04/23:‬‬
‫‪ -01‬األمر رقم ‪ 154/66‬المؤرخ في ‪ 8‬جوان ‪ ، 1966‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية‬
‫‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ، 47‬سنة ‪ 1966‬المعدل والمتمم ‪.‬‬

‫‪ -02‬األمر رقم ‪ 58-75 :‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ ، 1975‬المتضمن القانون المدني ‪ ،‬ج‬


‫‪.‬ر عدد ‪ 78‬لسنة ‪ 1975‬المعدل والمتمم ‪.‬‬

‫‪ -03‬األمر رقم ‪ 03-06‬المؤرخ في يوليو ‪ 2006‬يتضمن القانون األساسي للوظيفة‬


‫العمومية ‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 46‬بتاريخ ‪ 16‬يوليو ‪. 2006‬‬
‫ثانيا‪ :‬الكتب‬

‫أ ‪ -‬باللغة العربية‬

‫‪/01‬إبراهيم المنجي ‪ ،‬المرافعات اإلداريـة ‪ ،‬مصر اإلسكندرية ‪ ،‬منشأة المعارف ‪ ،‬سنة ‪. 1999‬‬

‫‪/02‬إبراهيم عبد العزيز شيحا ‪ ،‬الوسيط في مبادئ وأحكام القانون اإلداري ‪ ،‬مصر ‪ ،‬دار المطبوعات‬
‫الجامعية ‪ ،‬سنة ‪. 1999‬‬

‫‪/03‬أبو يونس محمد ب ــاهي ‪ ،‬الغ ارم ــة التهديدية كوسيلة إلجبار اإلدارة على تنفيذ األحكام اإلدارية ‪ ،‬مصر‬
‫اإلسكندرية ‪،‬دار الجامعة الجديدة للنشر ‪. 2001 ،‬‬

‫‪/04‬آث ملويا لحسين بن الشيخ ‪ ،‬دروس في المنازعات اإلدارية ‪ ،‬وسائل المشروعية ‪ ،‬الجزائر ‪،‬دار هومــة‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬الطبعة األولى ‪. 2002 ،‬‬

‫‪72‬‬
‫‪/05‬أحمد محيو ‪ ،‬المنازعات اإلدارية ‪ ،‬ترجمة فائز أنجق وبيوض خالد ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية ‪ ،‬سنة ‪. 1994‬‬

‫‪/06‬أحمد منصور محمد ‪ ،‬الغرامة التهديدية كجزاء لعدم تنفيذ أحكام القضاء اإلداري الصادرة ضد اإلدارة‬
‫مصر اإلسكندرية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر ‪. 2002 ،‬‬

‫‪/07‬بسيوني عبد هللا عبد الغني ‪ ،‬القضاء اإلداري ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،‬مصر اإلسكندرية‪ ،‬منشأة المعارف ‪،‬‬
‫سنة ‪2006.‬‬

‫‪/08‬بشير محمد ‪ ،‬الطعن باإلستئناف ضد األحكام اإلدارية في الجزائر ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية ‪،‬سنة ‪. 1981‬‬

‫‪/09‬ب ن صاولة شفيقة ‪ ،‬إشكالية تنفيذ اإلدارة للق اررات القضائية اإلداري ـ ـ ــة ‪ ،‬دراسة مقارنة ‪ ،‬الجزائر ‪،‬دار‬
‫هومة للطباعة والنشر والتوزيع ‪. 2010 ،‬‬

‫‪/10‬حسينة شرون ‪ ،‬إمتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضدها ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة ‪ ،‬سنة ‪2010.‬‬

‫‪/11‬حمدي باشا ‪ ،‬مبادئ اإلجتهاد القضائي في مادة اإلجراءات المدنية ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬دار هومة ‪ ،‬سنة‬
‫‪. 2001‬‬

‫‪/12‬حمدي ياسين عكاشة ‪ ،‬األحكام اإلدارية في قضاء مجلس الدولة ‪ ،‬مصر اإلسكندرية‪ ،‬منشأة المعارف‬
‫‪ ،‬سنة ‪1997.‬‬

‫‪/13‬رأفت فودة ‪ ،‬دروس في قضاء المسؤولية اإلدارية ‪ ،‬مصر ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬سنة ‪. 1994‬‬

‫‪/14‬رشيد خلوفي ‪ ،‬قانون المسؤولية اإلدارية ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬سنة ‪. 1995‬‬

‫‪/15‬سائح سنقوقة ‪ ،‬قانون اإلجراءات المدنية نصا وتعليقا وشرحا وتطبيقا ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬دار الهدى ‪ ،‬سنة‬
‫‪2001‬‬

‫‪/16‬سليمان محمد الطماوي ‪ ،‬القضاء اإلداري " قضاء التعويض وطرق الطعن في األحكام " ‪ ،‬الكتاب‬
‫الثاني ‪ ،‬مصر ‪ ،‬دار العكر العربي ‪ ،‬سنة ‪. 1977‬‬

‫‪/17‬عبد الحكم فودة ‪ ،‬حجية األمر المقضي وقوته في المواد التجارية ‪ ،‬مصر اإلسكندرية ‪ ،‬منشأة المعارف‬
‫‪ ،‬سنة ‪. 1999‬‬

‫‪/18‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ‪ ،‬نظرية اإللتزام بوجه عام ‪ ،‬بيروت‬
‫لبنان ‪،‬منشورات الحلبي ‪. 2005 ،‬‬

‫‪/19‬عبد العزيز الجوهري ‪ ،‬القضاء اإلداري " دراسة مقارنة اإللغاء "‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‬
‫سنة ‪. 1983‬‬

‫‪73‬‬
‫‪ /20‬مراد عبد الفتاح ‪ ،‬جرائم اإلمتناع عن تنفيذ األحكام وغيرها من جرائم اإلمتناع ‪،‬مصر ‪ ،‬دار الكتاب‬
‫والوثائق ‪ ،‬مصر ‪. 1997‬‬

‫‪/21‬مرداسـ ـ ــي عز الديـ ــن ‪ ،‬الغرامة التهديدية في القانون الجزائري الجزائر‪ ،‬دار هومة ‪. 2008 ،‬‬

‫ب‪ -‬باللغة الفرنسية‬


‫‪Christophe Guellier«droit administratif» , montchrestien ,2 édition ,montchrestie,paris,2000.‬‬

‫ثالثا‪/‬المجالت القضائية ‪:‬‬

‫المجلة القضائية ‪ :‬العدد ‪ 01‬سنة ‪. 1994‬‬

‫مجلة مجلس الدولة ‪ :‬العدد األول سنة ‪. 2002‬‬

‫رابعا‪ :‬المــــــذكـــــرات‬

‫‪/01‬إبراهيم أوفائدة ‪ ،‬تنفيذ الحكم الغداري الصادر ضد اإلدارة ‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة ماجستير في‬
‫القانون العام ‪ ،‬جامعة العربي بن مهيدي ‪ ،‬أم البواقي ‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬سنة ‪. 2009‬‬

‫‪ /02‬دغمان سعاد ‪ ،‬الغرامة التهديدية كوسيلة إلجبار اإلدارة على تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضدها ‪،‬‬
‫مذكرة لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ‪ ،‬الدفعة السابعة عشر ‪. 2009.2006 ،‬‬

‫‪/03‬فريد رمضاني ‪ ،‬تنفيذ الق اررات القضائية اإلدارية واشكاالته في مواجهة اإلدارة ‪ ،‬مذكرة مكملة لنيل شهادة‬
‫الماجستير في العلوم القانونية ‪ ،‬تخصص قانون إداري وادارة عامة ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة‬
‫الحاج لخضر باتنة " ‪ ،‬سنة ‪2015- 2014‬‬

‫خامسا‪ :‬المقاالت‬

‫‪/01‬أبركان فريدة ‪ " ،‬رقابة القاضي اإلداري على السلطة التقديرية لإلدارة "‪ ،‬مجلة مجلس الدولة ‪،‬العدد‬
‫األول ‪ ،‬سنة ‪. 2002‬‬

‫‪ /02‬خذري حمزة ‪ ،‬طرق التنفيذ ‪ ،‬محاضرات ملقاة أمام طلبة السنة الرابعة ‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة المسيلة‬
‫‪ ،‬موسم ‪2012 – 2011‬‬

‫‪/03‬شرون حسينة ‪ ،‬المسؤولية بسبب اإلمتناع عن تنفيذ الق اررات القضائية اإلدارية " مجلة المفكر ‪ ،‬العدد‬
‫الرابع ‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،‬جامعة بسكرة ‪ ،‬أفريل ‪. 2009‬‬

‫‪/04‬غناي رمضان ‪ ،‬قراءاة أولية لقانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ‪ ،‬مجلة مجلس الدولة ‪ ،‬العدد ‪ ، 9‬سنة‬
‫‪. 2009‬‬

‫‪74‬‬
‫‪ /05‬يوسف بن ناصر ‪ ،‬عدم تنفيذ اإلدارة ألحكام القضاء اإلداري الجزائري ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬المجلة الجزائرية‬
‫للعلوم القانونية واإلقتصادية والسياسية ‪ ،‬العدد الرابع ‪ ،‬سنة ‪. 1991‬‬

‫سادسا ‪ :‬مواقع االنترنت‬

‫‪1. http://www.startimes.com/?t=26678744‬‬
‫‪2 www.mhuae.gov.ma://http‬‬

‫‪75‬‬
‫الفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرس‬
‫شكر وتقدير‬

‫اإلهدا‬

‫المقدمة ‪6 - 2 ....................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬إمتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية‬

‫تمهيد ‪7 .... ........................................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية األحكام والقرارات القضائية اإلدارية وتنفيذها‪8 ........................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم األحكام والق اررات القضائية اإلدارية وآثارها‪10.........................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم األحكام والق اررات القضائية اإلداريــة‪12-10.....................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اآلثار المترتبة على الحكم والقرار القضائي اإلداري‪15-13 ...........................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التنفيذ و الشروط الواجب توفرها في األحكام والق اررات القضائية اإلدارية محل‬
‫التنفيذ‪16 ...................................................................................‬‬

‫ررات القضائية اإلدارية‪19-17 .................‬‬


‫الفرع األول‪ :‬مفهوم التنفيذ في األحكام والق ا‬

‫ررات القضائية اإلدارية ضد اإلدارة‪24-20 ..........‬‬


‫الفرع الثاني‪ :‬شروط تنفيذ األحكام والق ا‬

‫المبحث الثاني‪ :‬صور ومبررات اإلدارة لعدم تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية‪25 ...‬‬

‫المطلب األول‪ :‬صور إمتناع اإلدارة عن التنفيذ‪26 ............................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلمـ ــتنـ ـ ـ ـاع الصـ ـريـ ـ ـ ــح‪28-27 .....................................................‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬اإلمـتـ ـن ــاع الضــمني‪31-29 ......................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مبررات اإلدارة لإلمتناع عــــن التــنــفيذ‪32 ................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلستحالة القانونية للتنفيذ‪37-32 ...................................................‬‬

‫‪76‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬اإلستح ــال ـ ــة ال ـ ـواق ـعـ ـيــة‪39-38............................................................‬‬

‫الفصل الثانـــــي‪ :‬آليات إلزام اإلدارة بتنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية‬

‫‪40...............................................................................................‬‬

‫تمهيد ‪41 ..........................................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬قيام مسؤولية الموظف الممتنع عن تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية‬

‫‪42 .................................................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المسؤولية اإلدارية للموظف عن عدم التنفيذ‪43 ..............................‬‬

‫عن عدم التنفيذ‪45-44 ...........................‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬المسؤولية المدنية للموف‬

‫عن عدم التنفيذ‪48-46 .........................‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬المسؤولية الجزائية للموف‬

‫الفرع األول‪ :‬أركان جريمة اإلمتناع عن تنفيذ الحكم أو القرار القضائي اإلداري ‪50-48 ................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬إجراءات رفض الدعوى الجزائية‪52-50.........................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الحكم بالغرامة التهديدية إلبجبار اإلدارة عى تنفيذ األحكام والقرارات القضائية اإلدارية‬

‫‪53 .................................................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اإلطار العام للغرامة التهديدية كوسيلة إللزام اإلدارة على التنفيذ‪54 ........‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬تعريف الغرامة التهديدية‪55-54 .....................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تميز الغرامة التهديدية عن غيرها من األساليب‪57-55 ...............................‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬خصائص الغ ارم ــة التهدي ـ ــديــة ‪59-57..............................................‬‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬شروط تطبيق الغرامة التهديدية‪60-59..............................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إج ار ات الحكم بالغرامة التهديدية‪61...............................................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬مرحلة الحكم بالغرامة التهديدي ــة ‪63-61.......................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مرحلة تصفية الغرامة التهديدية‪66-63............................................‬‬

‫‪77‬‬
‫الخاتمة ‪68-67 ................................................................................‬‬

‫ملخص للمذكرة ‪70-69.........................................................................‬‬

‫قائمة المراجع ‪.................................................................................‬‬

‫‪78‬‬

You might also like