Professional Documents
Culture Documents
تلخيص كتاب صدام الحضارات
تلخيص كتاب صدام الحضارات
تلخيص كتاب صدام الحضارات
لصامويل هنتنجتون
الجزء األول :عالم الحضارات:
الفصل األول :الحقبة الجديدة في السياسة العالمية:
-مقدمة :األعالم والهوية الثقافية:
يقدم لنا هنتنجتون موسوعة من المفاهيم والمصطلحات ليغني هذا الجزء من الكتاب ،لذلك تم إبرازها في عناوين فرعية،
وللحفاظ على المعنى األصلي احتفظنا بها كما هي ،حيث يبين لنا دور األعالم (علم) في الحفاظ على الهوية ،ويعتبر العلم
ذو داللة رمزية لضمان الهوية ،كما يبين أيضا الفرق بين الثقافة والهوية الثقافية وذلك بقوله" :ألن الثقافة لها أهميتها
وألن الهوية الثقافية هي األكثر أهمية بالنسبة لمعظم الناس".
-عوالم أخرى؟
يقدم هنتنجتون هذا العنوان متبوعا باستفهام ،متسائل عن الكيفية التي سيسير عليها النظام العالمي .حيث سيضحى العالم
واحد مستشهدا بقول فوكوياما بأن "نقطة النهاية للتطور االيديولوجي للبشرية وتعميم الليبرالية الديمقراطية الغربية
على مستوى العالم كشكل نهائي للحكومة األنسانية" .وإما هناك عالمان "نحن" و"هم" مبرزا النزعة الثنائية في التقسيم
العالمي ،دول الشمال -دول الجنوب ،الشرق -الغرب ،وينقي الثنائية األخيرة ب"أن وحدة غير الغربيين وثنائية الشرق-
الغرب ما هي إال أساطير صنعها الغرب" .كما يرى بأن العالم سيصبح فوضى عارمة ،ذلك باتساع نطاق الصراعات
وخاصة تلك المتعلقة بالثقافة ،ارتفاع نسبة الالجئين ،وانتشار أسلحة الدمار الشامل ،وغيرها من الظواهر العالمية .كما
يقدم مقارنة بين العوالم ،باعتبار العالم مقسم إلى قسمين :عالم غربي موحد وعالم غيره مقسم ،مركزا على البعد الثقافي
والحضاري بأنه أساس االرتباطات والصراعات ،ويؤكد تلك الصراعات الحضارية المختلفة بأنها خطرا عظيما على
العالم .الفصل الثاني :الحضارات في التاريخ واليوم
-طبيعة الحضارات
حاول هنتنجتون تقديم تعريف للحضارة في صيغتها المفرد والجمع ،باعتبار أن الفرنسيون هم الذين طوروا فكرة
الحضارة ،ومن بعدهم األلمان الذين يبينون الفرق بين الحضارة بوصفها المادي والحضارة التي تتضمن القيم واألخالق
والرموز التي تتلخص في مصطلح الثقافة .ويعرفها في قوله "الحضارة هي الكيان الثقافي األوسع" .بينما تعريف
الحضارات أي في صيغة الجمع هي وحدة كاملة وشاملة ،والدين من المعالم األساسية للحضارات اإلنسانية ،ال وجود
لحضارة بدون دين.
ويؤكد أيضا بأن الحضارات هي كيانات ثقافية وليست سياسية ،مبرزا االختالف في التركيب السياسي للحضارات ،وبلغة
أخرى يرى أن الثقافة تتحكم في سياسة الحضارات اإلنسانية .كما تحدث عن فناء الحضارات وزوالها مستحضرا في ذلك
مراحل تطور الحضارات عند "كوبجلي" وهي سبعة " االمتزاج ،الحمل ،التوسع ،عصر الصراع ،االمبراطورية
الكونية ،التآكل ،الغزو".
وينتقل بعد ذلك إلى تحديد الحضارات في الماضي والحاضر ،وهي اثنتى عشرة حضارة ،اندثر منها سبع حضارات في
أطالل التاريخ ،والحضارات التي "اندثرت( :واد الرافدين ،المصرية ،اإلغريقية ،الكالسيكية ،البيزنطية ،وسط أمريكا،
األندين" .والتي مازالت "موجودة حاليا( :الصينية ،اليابانية ،الهندية ،اإلسالمية ،الغربية" .كما يضيف أيضا الحضارة
األرثوذوسكية ،و"الحضارة األمريكية الالتينية والحضارة اإلفريقية".
اللغة :باعتبارها جناح الحضارة إلى جانب الدين ويقول المؤلف بأن "اللغة والدين هما العنصران الرئيسيان في أي ثقافة
أو حضارة" ،معتبرا اللغة اإلنجليزية هي لغة التواصل بين شعوب العالم ،لكن سرعان ما تم االنخفاض في التواصل بها
في العقود األخيرة من القرن الماضي ،بفعل تراجع القوة الغربية للدول المتحدثة باللغة اإلنجليزية ،وأن "التحوالت في
توزيع القوة ،تؤدي إلى تحوالت في استخدام اللغة" .واللغة كأساس ثقافي للتواصل وخلق التضامن والتماسك في النطاق
ضيق وواسع في آن واحد ،قد تكون آلية للفصل والنزاع بين الطبقات النخبة الحاكمة واألغلبية المحكومة في سياق
حضاري عالمي .كما يتضح ذلك من خالل المخلفات االستعمارية ،التي ما تزال بوادر ذلك واضحة إلى يومنا هذا،
و"اللغة يعاد رصفها ويعاد بناؤها لكي تتالءم مع الهويات وخطوط الحضارات ،ومع انتشار القوة وتفرقها تنتشر الجلبة
وتختلط األصوات".
الدين :يتضح جليا أن يكون دينا عالميا واحدا أمرا مستحيال ،و"احتمل ظهور دين عالمي أقل من احتمال ظهور لغة
عالمية ،وأواخر القرن العشرين شهدت انبعاثا أو صحوة دينية في أنحاء العالم ،هذا االنبعاث تضمن اتساع الوعي
الديني وبروز الحركات األصولية ،وأدى إلى تقوية االختالفات بين األديان" .كما يتضور هنتنجتون بأن الديانة اإلسالمية
والمسيحية ديانتان رئيسيتان في العالم ،محاجة على توسيع نطاقهما في العالم التزايد مستمر في عدد معتنقي هاتان
الديانتان" .المسيحية تنتشر أساسا عن طريق التحول ،واإلسالم ينتشر عن طريق التحول والتناسل".
-الغرب والتحديث
يتحدث هنتنجتون عن عملية التحديث وما قد تحققه ألهداف الحضارة الغربية ،المحدد في تشييد وبناء حضارة عالمية ،إن
"التحديث يتضمن التصنيع والتمدين وزيادة معدالت القراءة والكتابة والتعليم والثروة والتعبئة االجتماعية ...التحديث
عملية ثورية ،تقارن فقط بالتحول من المجتمعات البدائية إلى المجتمعات المتحضرة" .باستنتاج أن الحضارة الغربية
قائدة التحديث ،وبالتالي هي من لها الصحن السحري لثقافة التجديد ،و"بأن الثقافة الغربية ستكون هي العالمية أو الثقافة
العامة في العالم" .ليتحقق هذا باالنقالب من االختالف الثقافي إلى التشابه والتالقح الثقافي في العالم الحديث ،بفعل عملية
التفاعل المتزايدة ،واالنتقال من التركيب الجغرافي التقليدي للمحدد للمجتمات إلى التركيب الثقافي الحديث للمجتمع .ثم
يرجع إلى الحديث عن تميز الغرب بالتعدد اللغوي عن الحضارا األخرى.
أوال :الرفضية :وهو رفض للثقافة الغربية وحداثتها ،ورفضت هذه األخيرة من طرف اليابان وخاصة في يخص الثقافة.
وكذلك الصين رفضت القيم الغربية باعتقادها أن ثقافتها متفوقة على الثقافة الغربية .كما رفض جل الدول اإلسالمية عملية
التحديث باعتباره تغريبا.
ثانيا :الكمالية :هذا المفهوم يبعد الثقافة المحلية التي تقف كعقبة تعرقل عملية تنمية المجتمع ،وتحقيق التحديث وجب اتباع
نفس الطريق الذي خطت عليه الحضارة الغربية ،واستشهد هنتنجتون بقول "بيبس"" :لكي تنجوا من الالمعيارية ،أمام
المسلمين خيار واحد ،حيث إن التحديث يتطلب التغريب ...واإلسالم ال يقدم طريقا بديلة للتحديث ...العلمانية ال يمكن
تجنبها" .باعتبار التحديث خطوة أولية لعملية التغريب .وسميت بالكمالية نسبة إلى "كمال أتاتوك".
ثالثا :اإلصالحية :وهي محاولة الحفاظ على القيم والمعالم األساسية لثقافة محلية للمجتمع ،وإدخال علهيا الحداثة ،أي أصالة
ومعاصرة لكن هذا يرفضه مفكرنا "عبد هللا العروي" .وفي هذا الصدد نذكر نموذج "محمد علي"تحديث تقني دون
تغريب ثقافي زائد ،كما دعا بعض المفكرين العرب إلى قبول الحداثة ومزجها مع القيم األساسية لحضارتنا .وتقوم
اإلصالحية على الرغبة في التحديث دون تغريب.
التغريب والتحديث مرتبطان بشكل عام بالمجتمعات غير الغربية ،ذلك باستعاب القيم المادية والثقافية الغربيتان لتنحوا نحو
التحديث والتمدن .والتحديث على المستوى الفردي أي تحديث بدون تغريب يولد دون منازع االغتراب والالمعيارية
فيتسبب في أزمة الهوية ،ولحلها وجب العودة إلى الدين ،كما يرى هنتنجتون أن التحديث ال يعني بالضرورة التغريب.
-1انهيار الحضارة الغربية يسير بشكل بطيء جدا وهو في مرحلة البداية.
-2االنهيار ال يسير بشكل مستقيم ،هذا ما سيجعل الحضارة الغربية في يقضة لتجدد نفسها.
-3اخضاع اآلخر يكون عن طريق القوة أو اإلقناع.
يقدم نسبا عن المساحة التي كانت تحتضنها الحضارة الغربية ومقارنتها مع الحضارات األخرى ،وبتتبع في الزمان
والمكان.
يتحدث عن نسبة السكان للغرب وصلت إلى ثالثة عشر في المائة ،وهذه األخيرة بدأت في االنخفاض والنقصان قد تصل
إلى عشرة في المائة عند إنتهاء الربع األول من القرن الواحد والعشرين ،بينما الحضارات األخرى تحتل مراكز متقدمة
عنها فيما يخص الرأسمال البشري ،مركزا على متغير التعليم والتمدين ،ألنه عرف ارتفاعا ملحوظا بالنسبة للحضارات
المعادية للغرب ،أو التي تشكل عليه خطرا كما يدعي هنتنجتون ،وهاذين المؤشرين يقومان على تعبئة اجتماعية شاملة.
"المجتمعات المعبأة اجتماعيا مجتمعات قوية" .و يضيف أيضا المؤشرات الديموغرافية ( نسبة األطفال ،الشيخوخة)...
-النتاج االقتصادي
بدأ النتاج االقتصادي في الغرب باالنخفاض بعد ما كان في القمة ،هذا بمثابة انهيار جزئي للغرب ،لينتقل إلى شرق آسيا
وتظهر قوة اقتصادية منافسة ،ويقول المؤلف بأن " الضغطة الغربية التي استمرت مائتي عام على االقتصاد العالمي
سوف تنتهي".
-القوة العسكرية
و يلخصها هنتنجتون في أربعة أبعاد" :بعد كمي ،وبعد تكنولوجي ،وبعد تنظيمي ،والبعد المجتمعي" .فيقول" :الغرب
سيظل أقوى الحضارات في العقود األولى من القرن الواحد والعشرين ،وربما استمرت له الصدارة بعد ذلك من ناحية
الموهبة العلمية وامكانيات البحث والتطوير واإلبداع التكنولوجي في النواحي المدنية والعسكرية".
فيقول صامويل هنتنجتون "نحن نشهد نهاية الحقبة التقدمية ،التي كانت تسودها االيديولوجيات الغربية ،ونتحرك
نحو حقبة تتفاعل فيها حضارات متعددة ومتنوعة ،وتتنافس وتتكيف مع بعضها البعض" .ملخصا عملية التأصيل
تتجلى في اإلحياء الديني ،وخاصة الحضارات (الصينية واإلسالمية والهندية).
-تحديات متغيرة
يتنبأ هنتنجتون بأن معدل النمو السكاني سيقل خالل العقدين الثاني والثالث من القرن الواحد والعشرين ،وذلك بقوله:
"فإن أي إحياء ديني أو حركة ثقافية ال يمكن أن يستمر إلى ما ال نهاية ،وعند نقطة ما سوف تخمد الصحوة
اإلسالمية وتذوب في التاريخ".
-بنية الحضارات
يتحدث الكاتب عن تكون الحضارات وتشكل الثقافة المركزية والعضوية التابعة للمركز ،مستثنيا الحضارة اليابانية بتميزها
عن الحضارات األخرى بتفردها كدولة ونظام في حضارة واحدة .كما يعتبر أن االختالف الثقافي سيؤدي دون محالة إلى
تمزق دول داخل الحضارات المختلفة.
يستحضر أربعة نماذج من دول العلم تنتمي إلى حضارات مختلفة وهي كالتالي:
روسيا :يعتبر تمزق روسيا ليس على المستوى القومي بل على المستوى الحضاري ،مسترشدا بأنها ورثت من
البيزنطيون والمغول ،هذا أبعدها عن الحضارة الغربية ،كما كانت بعض المحاوالت لتحديث وتغريب روسيا على يد
"بطرس األكبر" لكنها باءت بالفشل ،لذلك جعل منها دولة ممزقة ،معبرا عن هذا بقوله" :بخصوص القضية المركزية
قضية هوية".
تركيا :يتحدث عن التجربة التي خاضها "مصطفى كمال أتاتوك" الذي أراد أن يجعل من تركيا دولة علمانية ،متمردا على
قيم الحكم الموروثة عن االمبراطورية العثمانية" ،وألغى أن يكون اإلسالم الدين الرسمي للدولة" .لكن تركيا عادت إلى
صحوة ثقافية بتأصيل الدين اإلسالمي في العقد األخير من القرن المنصرم.
المكسيك :نفس التجربة التي مرت بها تركيا ،لكنها في حقبة زمنية وبقعة جغرافي مختلفة عنها ،وذلك بتجربة "ساليناس"
بتبنيه النظام الليبرالي.
أستراليا :يعتبر هنتنجتون بأن أصل أستراليا أوروبي ،لكنها تمردت على القيم األوروبية وانسلخت منها ،لتعلن عن
وحدتها الثقافية وأنها منتمية إلى آسيا .فيتنبأ بأن يقع صدام بين أستراليا والدول األسيوية التي هي مختلفة عنها ثقافيا ،قد
يؤدي إلى تمزقها.
يرشح هنتنجتون ستة دول إسالمية لقيادة الحضارة ،لكنها ال تتوفر على شروط القيادة:
إندونيسيا :باعتبارها أكبر دولة إسالمية ومحققة ذاتها اقتصاديا ،لكنها تحمل خليط من الثقافات (اإلسالمية، -
الهندوسية ،الصينية ،المسيحية).
مصر :التي لها كثافة سكانية مرتفعة كما تحتل موقعا استراتيجيا مهما في جغرافية الحضارة اإلسالمية ،لكنها -
تبقى ذو اقتصاد ضعيف ومحدود.
إيران :تتسم بموقع مهم وأنها دولة قوية اقتصاديا وعسكريا وسياسيا ،لكنها تبقى دولة شيعية. -
باكستان :التي تعد كأقوى دولة إسالمية من الناحية العسكرية ،بينها هي دولة فقيرة: -
السعودية :فيقول عنها الكاتب بإنها "هي المهد األصلي لإلسالم" ،وهي دولة قوية من الناحية االقتصادية لكنها -
تبقى دولة ضعيفة اقتصاديا وتعاني من المشاكل األمنية.
تركيا:وهي دولة لها تاريخ في قيادة الحضارة اإلسالمية ،ولها رأسمال بشري هائل ،تتميز بالكفاءة ،لكنها تختلط -
فها أنظمة الحكم.
حضارات التحدي :يتضح بأن كل من الحضارة الصينية واإلسالمية هما اللتان ستتحدى الغرب مستقبال ،مما قد يفضي إلى
تحالف صيني إسالمي ضد الحضارة الغربية ،كما نجد ذلك "في سياسة العدو المشترك يخلق مصلحة مشتركة".
-نشر األسلحة
يرجع التطور العسكري وتحقيق التقدم على مستوى األسلحة إلى ازدهار اقتصادي بالنسبة للشعوب ،وخاصة األسلحة
المتطورة والثكنة العسكرية القوية يهدد السلم العالمي ،مما جعل الحضارة الغربية خائفة من الدول التي تملك أسلحة الدمار
الشامل ،ألن هذه األسلحة تسهل غزو العدو والقضاء عليه ،هذا ما يخص الحضارة الغربية لذلك وجب الحذر ومراقبة ما
يروج من أسلحة متطورة ومنعها .إن "أعداء الغرب يحاولون الحصول على الدمار الشامل ،والغرب يحاول أن يمنعهم
من ذلك" ،و"وهذا االنتشار لألسلحة النووية وغيرها ممن أسلحة الدمار الشامل مظهر أساسي من مظاهر القوة
البطيء ،والذي ال مفر منه مع ذلك في عالم متعدد الحضارات".
-الهجرة
لقد تزايد الخرف الغربي من عملية الهجرة واستقبالها للمهاجرين ،والسبب في ذلك يؤثر على تماسكها االجتماعي،
وخصوصا رفضها للمهاجرين المسلمين كما نجده عند "األحزاب األوروبية المعارضة للهجرة اإلسالمية كانت إلى درجة
كبيرة ،هي المرآة التي تعكس صورة األحزاب اإلسالمية في الدول اإلسالمية".
و يقول هنتنجتون ملخصا هذا أن "ميزان القوى المتغير بين الحضارات يجعل من الصعب على الغرب أكثر فأكثر أن
يحقق أهدافه بالنسبة االنتشار األسلحة وحقوق اإلنسان والهجرة وغيرها من القضايا".
-اإلسالم والغرب
إن العالقة بين اإلسالم والغرب قائمة على الصراع المستمر والدائم ،والنزاعات بينهما عميقة وجوهرية ضاربة في
التاريخ ،كما أن "الصراع كان من ناحية نتيجة االختالف ،...كما كان الصراع نابعا من أوجه التشابه بينهما" من ناحية
أخرى .ذلك بفعل مجموعة من العوامل المتمثلة أساسا في هجرة المسلمين والصحوة اإلسالمية واإلرهاب ،هذه النقطة
تثير الجدل بين الحضارة اإلسالمية والغربية ،مما قد يزيد من حدة هذه النزاعات وتوقد حرب حضارية عنيفة بينهما.
كانت الحرب السوفياتية واألفغانية أول صدام حضاري على المستوى العالمي ،مما سيؤدي إلى تحالف ثقافي
وهوياتي ،فيتجلى ذلك في المساعدات المادية والبشرية التي قدمتها الدول اإلسالمية لدعم األفغان في الحرب،
وكذا الدعم الغربي لألفغان ضد منافسه وخصمه المعسكر الشرقي .فيرى بأن "ما يراه الغرب انتصار للعالم
الحر ،يراه المسلمين انتصارا لإلسالم".
ويرى أيضا بأن حرب الخليج هي ثاني حرب الحضارات ،وذلك بالتدخل العسكري للغرب في الحرب .وأدانت
جل الدول اإلسالمية تلك التدخل ،وأيدوا "صدام حسين" الذي تحدى الغرب ،وهذا التحالف اإلسالمي هو بمثابة
إحياء الهوية والثقافة اإلسالمية ،كما ارتأت أن التدخل العسكري من الخارج هو انتهاك لحرمة اإلسالم وإذالل
قداسته" .وهكذا بدأت حرب الخليج كحرب بين العراق والكويت .ثم أصبحت حربا بين العراق والغرب ،ثم حربا
بين اإلسالم والغرب ،وفي النهاية أصبحت في نظر كثير من غير الغربيين حربا بين الشرق والغرب".
وتتسم حروب خطوط التقسيم الحضاري عن الحروب الطائفية ،بأنها تتأسس على الهوية مما يستعصي حلها أو
الوصول إلى اتفاق مرضي .هذا يؤدي مباشرة إلى عداء يؤجج القتال ويشعل "نيران الهوية االجتماعية
وأحقادها نادرا ما تنطفئ تماما ،إال عن طريق اإلبادة الجماعية" .كما نجد أيضا نقط التقاطع والتشابه بين
صراعات خطوط التقسيم الحضاري والحروب الطائفية "في طول استمرارها ومعدالت العنف العالية و
الغموض االيديولوجي" .كما تتسم الحروب الطائفية بالخصوصية والجزئية ،بينما حروب خطوط التقسيم
الحضاري تكون أشمل وأعم من األولى ،باعتبار الدين "هو السمة الرئيسية المحددة للحضارات".
يعرف هنتنجتون "حروب خطوط التقسيم الحضاري هي بتعريفها حروب محلية بين جماعات محلية ذات
لتصاالت أوسع" .وانهيار حضارة متعددة الثقافات واألقطاب يؤدي إلى انقسام وتفكك ثقافي ،وكل فرع ثقافي
يبحث عن أصله وهويته بشكل عام ،حتى يتسنى للهوية األقوى بسط هيمنتها وفرض سيطرتها" .وفي حربها ،ال
تنظر الجماعة إلى نفسها على أنها تحارب جماعة إثنية أخرى ،بل تحارب حضارة أخرى" .و "الحرب المحلية
أصبح يعاد تعريفها كحرب أديان وصراع حضارات ،ولها نتائج تؤثر على قطاعات عريضة من البشر".
والتزايد المستمر للصراعات في خطوط التقسيم الحضاري يجعل منها صراعات فرعية ومحلية بين الجماعات
اإلثنية والدينية ،ثم تبدأ بالتوسع لتشمل الحضارات الكبرى المنتمية إليها تلك الجماعات ،مما يرجح وقوع كارثة
في حالة اتساع نطاق النزاعات والصدامات بين الحضارات.
االختالف الثقافي يعقد ويكبح المحاوالت للوصول إلى حل جذري إليقاف العنف ومسح الحقد الذي خلق وكبر
في نفوس األطراف المتصارعة ،على العكس من ذلك تحدث صراعات بين جماعات تشترك في ثقافة قد تصل
إلى حل جذري ،ذلك بوجود طرف وسط ينتمي إلى نفس الحضارة ،يتمتع بالثقة للطرفين المتنازعين لوضع حد
لتلك النزاعات .ومن الصعب الوصول إلى حلول جذرية لصراعات بين الجماعات المنتمية إلى حضارات
مختلفة ،ذلك بغياب طرف وسط جدير بالثقة للحد من النزاع.
تعتبر أوروبا وحدة وكتلة ثقافية تنتمي إلى دين واحد ،أما أمريكا في على العكس من ذلك أي هي عدة فروع
ثقافية وعرقية .ويحتمل من هذا وقوع صدع وشقاق بالنسبة للثقافة العامة ألمريكا ،ويذكر أيضا "دعاة التعددية
الثقافية" ،الذين يرون أن أمريكا تتكون من فروع ثقافية ،مثل هذه اآلراء تؤثر سلبا على ضمان التماسك
واالستقرار ألمريكا .لكن موقف هنتنجتون ينصب حول بناء مجتمع متعدد الحضارات البد من تأسيس ثقافة
سميكة ومتماسكة .لكن أمريكا على حافة االنهيار" ،ويعني كذلك بالفعل نهاية الحضارة الغربية" .كما يرى
أيضا "جيمس كروت" أن "الصدام بين دعاة التعددية الثقافية والمدافعين عن الحضارة الغربية والقانون
األمريكي ،هو الصدام الحقيقي داخل الفلقة األمريكية من الحضارة الغربية".
يقول هنتنجتون بأن أمريكا جزء من أوروبا" ،وعندما ينظر األمريكيون إلى جذورهم الثقافية يجدونها في
أوروبا" .هذا عامل إيجابي لتوسع الحضارة الغربية بضم وإدماج الدول القربى الثقافية ،هذا سيزيد من قوة
ا لحضارة الغربية ،وذلك بتقديم الدعم االقتصادي ونشر القيم الرأسمالية الليبرالية فيها ،كما نجد "أن تقارب
الغرب سياسيا واقتصاديا يتوقف تماما على ما إذا كانت الواليات المتحدة تؤكد هويتها كدولة غربية ،وتحدد
دورها الكوني كقائد للحضارة الغربية".
-الغرب في العالم:
تبنى العالقات في عالم اليوم "طبقا لعوامل التقارب أو االختالف الثقافي" ،وبتشكل التحالفات والصراعات
بين الحضارات .على هذا األساس يعرض المؤلف ثالث دالالت بالنسبة للحضارة الغربية:
– 1يجب على أصحاب القرار داخل الدولة إدراك وفهم المجتمع لتغيير الواقع .إن صعود قوى اقتصادية
وصحوة ثقافية متماسكة يشكل خطرا على الحضارة الغربية عموما وأمريكا على وجه الخصوص" ،وكانت
الواليات المتحدة ،بشكل عام تجد صعوبة غير عادية في التكيف مع منطقة تتشكل فيها السياسة الكونية طبقا
لحركة المد والجزر الثقافية الحضارية".
– 2يرى هنتنجتون بأن "حقائق العالم المتعدد الحضارات" يلزم توسيع نطاقه بين الدول المشتركة ثقافيا.
وتحالفات واالتفاقيات الخارجية حول القضايا العالمية ،هو خلق عرقلة وصعوبة لكبح وتهديد القوى
والحضارات األخرى.
– 3االختالف الثقافي وتنوعه يضع أمريكا أمام االعتقاد بعالمية الثقافة الغربية ،هذا قد يطيح بها في فخ الوعي
الزائف ،باعتبار الثقافة الغربية "تجسد أرقى فكر وألنها أكثرها استنارة وليبرالية وعقالنية وحداثة وتحضرا".
كما يرى بأن "في عالم الصدام الحضاري واالثني الناشئ ،يعاني اعتقاد الغرب في عالمية ثقافته" .هذا ما
يؤثر سلبا على نشأة حضارة كونية كما يعتقد الغرب" ،وكلما مضت الحضارتين األسيوية واإلسالمية أكثر
وأكثر في توكيد الصلة العالمية بحضارتيهما ،فإن الغربيين سيقبلون الصلة بين العالمية واالستعمار أكثر
وأكثر".
يحذر هنتنجتون من الصعود األسيوي واإلسالمي ،باعتبار "عالمية الغرب خطر على العالم ألنها قد تؤدي إلى
حرب بين دول المركز في حضارات مختلفة ،وهي خطر على الغرب ألنها قد تؤدي إلى هزيمته" .والخوف
الكبير من ظهور قوة جديدة تطيح بالحضارة الغربية " ،فجميع الحضارات تمر بعمليات متشابهة من البزوغ
والنهوض واالنهيار" .لكن الحضارة الغربية فريدة ومختلفة عن سابقاتها ،وذلك باألنظمة السياسية والمؤسسات
داخل المجتمع.
يختصر هنتنجتون "تجنب حروب رئيسية بين الحضارات في الحقبة القادمة يتطلب أن تحجم دول المركز عن
التدخل في صراعات الحضارة األخرى" .فيرى بأن امتناع دول المركز عن تدخلها في حروب ونزاعات
للحضارات األخرى ،بمثابة ضمان للسالم العالمي الذي يعرف تعدد حضار ي وذو أقطاب متعددة .ستكون
هناك المنافسة على األسلحة النووية كما هو الحال لباكستان" ،وحيث إن الحضارة الغربية في حالة انهيار
مقارنة بالحضارات األخرى ،فإن الضعوط سوف تستمر إلعادة تشكيل هذه المؤسسات لكي تتكيف مع مصالح
تلك الحضارات" .كما سيكون هناك صراع على تربع الكرسي في مجلس األمن الدولي ،باقتراح الكاتب بأن
هناك "سبع حضارات سيكون لكل منها مقعد واحد وللغرب اثنان ،وهي حصص تمثل توزع البشر والثروة
والقوة في العالم بشكل عام".