تلخيص كتاب صدام الحضارات

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 15

‫تلخيص كتاب ‪ :‬صدام الحضارات إعادة صنع النظام العالمي‬

‫لصامويل هنتنجتون‬
‫الجزء األول ‪ :‬عالم الحضارات‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الحقبة الجديدة في السياسة العالمية‪:‬‬
‫‪ -‬مقدمة‪ :‬األعالم والهوية الثقافية‪:‬‬
‫يقدم لنا هنتنجتون موسوعة من المفاهيم والمصطلحات ليغني هذا الجزء من الكتاب‪ ،‬لذلك تم إبرازها في عناوين فرعية‪،‬‬
‫وللحفاظ على المعنى األصلي احتفظنا بها كما هي‪ ،‬حيث يبين لنا دور األعالم (علم) في الحفاظ على الهوية‪ ،‬ويعتبر العلم‬
‫ذو داللة رمزية لضمان الهوية‪ ،‬كما يبين أيضا الفرق بين الثقافة والهوية الثقافية وذلك بقوله‪" :‬ألن الثقافة لها أهميتها‬
‫وألن الهوية الثقافية هي األكثر أهمية بالنسبة لمعظم الناس‪".‬‬

‫‪ -‬عالم متعدد األقطاب‪ ...‬متعدد الحضارات‪:‬‬


‫إن التشكيل العالمي الجديد سوف يصبح مقسما حضاريا باالعتماد على العوامل الثقافية والثقافة المشتركة‪ ،‬ليشمل ثمان‬
‫حضارات‪ ،‬حتى يكون للثقافة مركز في توطيد العالقات بين الشعوب واألمم‪ ،‬والصراعات ستتوسع على نطاق االختالف‪،‬‬
‫ويؤكد هذا بقوله‪" :‬السياسة الكونية أصبحت متعددة األقطاب ومتعددة الحضارات"‪.‬‬

‫‪ -‬عوالم أخرى؟‬
‫يقدم هنتنجتون هذا العنوان متبوعا باستفهام‪ ،‬متسائل عن الكيفية التي سيسير عليها النظام العالمي‪ .‬حيث سيضحى العالم‬
‫واحد مستشهدا بقول فوكوياما بأن "نقطة النهاية للتطور االيديولوجي للبشرية وتعميم الليبرالية الديمقراطية الغربية‬
‫على مستوى العالم كشكل نهائي للحكومة األنسانية"‪ .‬وإما هناك عالمان "نحن" و"هم" مبرزا النزعة الثنائية في التقسيم‬
‫العالمي‪ ،‬دول الشمال ‪ -‬دول الجنوب‪ ،‬الشرق ‪ -‬الغرب‪ ،‬وينقي الثنائية األخيرة ب"أن وحدة غير الغربيين وثنائية الشرق‪-‬‬
‫الغرب ما هي إال أساطير صنعها الغرب"‪ .‬كما يرى بأن العالم سيصبح فوضى عارمة‪ ،‬ذلك باتساع نطاق الصراعات‬
‫وخاصة تلك المتعلقة بالثقافة‪ ،‬ارتفاع نسبة الالجئين‪ ،‬وانتشار أسلحة الدمار الشامل‪ ،‬وغيرها من الظواهر العالمية‪ .‬كما‬
‫يقدم مقارنة بين العوالم‪ ،‬باعتبار العالم مقسم إلى قسمين‪ :‬عالم غربي موحد وعالم غيره مقسم‪ ،‬مركزا على البعد الثقافي‬
‫والحضاري بأنه أساس االرتباطات والصراعات‪ ،‬ويؤكد تلك الصراعات الحضارية المختلفة بأنها خطرا عظيما على‬
‫العالم‪ .‬الفصل الثاني‪ :‬الحضارات في التاريخ واليوم‬
‫‪ -‬طبيعة الحضارات‬
‫حاول هنتنجتون تقديم تعريف للحضارة في صيغتها المفرد والجمع‪ ،‬باعتبار أن الفرنسيون هم الذين طوروا فكرة‬
‫الحضارة‪ ،‬ومن بعدهم األلمان الذين يبينون الفرق بين الحضارة بوصفها المادي والحضارة التي تتضمن القيم واألخالق‬
‫والرموز التي تتلخص في مصطلح الثقافة‪ .‬ويعرفها في قوله "الحضارة هي الكيان الثقافي األوسع"‪ .‬بينما تعريف‬
‫الحضارات أي في صيغة الجمع هي وحدة كاملة وشاملة‪ ،‬والدين من المعالم األساسية للحضارات اإلنسانية‪ ،‬ال وجود‬
‫لحضارة بدون دين‪.‬‬

‫ويؤكد أيضا بأن الحضارات هي كيانات ثقافية وليست سياسية‪ ،‬مبرزا االختالف في التركيب السياسي للحضارات‪ ،‬وبلغة‬
‫أخرى يرى أن الثقافة تتحكم في سياسة الحضارات اإلنسانية‪ .‬كما تحدث عن فناء الحضارات وزوالها مستحضرا في ذلك‬
‫مراحل تطور الحضارات عند "كوبجلي" وهي سبعة " االمتزاج‪ ،‬الحمل‪ ،‬التوسع‪ ،‬عصر الصراع‪ ،‬االمبراطورية‬
‫الكونية‪ ،‬التآكل‪ ،‬الغزو"‪.‬‬

‫وينتقل بعد ذلك إلى تحديد الحضارات في الماضي والحاضر‪ ،‬وهي اثنتى عشرة حضارة‪ ،‬اندثر منها سبع حضارات في‬
‫أطالل التاريخ‪ ،‬والحضارات التي "اندثرت‪( :‬واد الرافدين‪ ،‬المصرية‪ ،‬اإلغريقية‪ ،‬الكالسيكية‪ ،‬البيزنطية‪ ،‬وسط أمريكا‪،‬‬
‫األندين"‪ .‬والتي مازالت "موجودة حاليا‪( :‬الصينية‪ ،‬اليابانية‪ ،‬الهندية‪ ،‬اإلسالمية‪ ،‬الغربية"‪ .‬كما يضيف أيضا الحضارة‬
‫األرثوذوسكية‪ ،‬و"الحضارة األمريكية الالتينية والحضارة اإلفريقية"‪.‬‬

‫‪ -‬العالقات بين الحضارات‬


‫يتضح من خالل ما تصفحنه في هذا المحور أن هنتنجتون يتصور بأن العالقات بين الحضارات كانت محدودة‪ ،‬وإن‬
‫حدثت تقوم على الغزو‪ ،‬ذلك ما نتج عن احتكاك ثقافي ولقاء حضاري‪ ،‬كما يرى أيضا أن الحضارة الغربية تتميز عن‬
‫الحضارات األخرى منذ بدية النهضة األوروبية في القرن الخامس عشر‪ ،‬وبفعل "فرض السيطرة األوروبية في أنحاء‬
‫العالم أمحت الحضارة األندينية واألمريكية الوسطى‪ ،‬والهندية واإلسالمية واإلفريقية خاضعة تمام الخضوع للحضارة‬
‫األوروبية"‪ .‬و تحدث أيضا عن تفوق الغرب عن الشرق خالل الحرب الباردة فترة القطبية الثنائية بين المعسكر الرأسمالي‬
‫بزعامة أمريكا والمعسكر االشتراكي بزعامة روسيا‪.‬‬

‫‪ -‬التفاعالت‪ :‬نظام متعدد الحضارات‬


‫لقد ظهر نظام جديد في العالم بفعل التحوالت التي مست به في القضايا العالمية الكبرى‪ ،‬مما أحدث لنا انقالب في ميزان‬
‫القوة في العالم‪ ،‬ليحل الصراع الثقافي والديني محل الصراعات االيديولوجية والسياسية في العالم الجديد‪" ،‬وهكذا انتقلت‬
‫الجغرافيا السياسية الكلية من عالم ‪ 0291‬الواحد‪ ،‬إلى عوالم ‪ 0291‬الثالثة‪ ،‬إلى عوالم التسعينيات التي تزيد عن ست"‬
‫حضارات‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬حضارات عالمية؟ التحديث والتغريب‬


‫‪ -‬الحضارة العالمية المعاني‬
‫يحدد هنتنجتون مفهوم الحضارة بأنها هي تلك "التقارب الثقافي اإلنساني والقبول المتزايد بقيم وتوجيهات وممارسات‬
‫ومؤسسات مشتركة‪ ،‬من قبل شعوب العالم"‪ ،‬لكن هذا التعريف ال يروق بالتعدد واالختالف في اللغة والدين والثقافات‬
‫الفرعية عبر التاريخ‪ ،‬ومصطلح الضارة يشير أيضا إلى القيم المشتركة بين المجتمعات المتحضرة‪ .‬باعتبار الحضارات‬
‫العالمية قد تحتوي على القيم والمبادئ التي شيدت من طرف الحضارة الغربية‪ ،‬وكما تكلم عنها ابن خلدون بتقليد المغلوب‬
‫للغالب‪ .‬ذلك بانشتار القيم المادية والثقافية من حضارة المركز إلى حضارات الهامش المحيط‪ ،‬وقد ينتج عنه حضارة‬
‫عالمية‪ .‬كانتقال السلع واألموال وما إلى ذلك من أشياء مادية‪ ،‬و نجد أيضا انتقال القيم الثقافية كاللغة واألفكار وماشابهها‪.‬‬

‫اللغة‪ :‬باعتبارها جناح الحضارة إلى جانب الدين ويقول المؤلف بأن "اللغة والدين هما العنصران الرئيسيان في أي ثقافة‬
‫أو حضارة"‪ ،‬معتبرا اللغة اإلنجليزية هي لغة التواصل بين شعوب العالم‪ ،‬لكن سرعان ما تم االنخفاض في التواصل بها‬
‫في العقود األخيرة من القرن الماضي‪ ،‬بفعل تراجع القوة الغربية للدول المتحدثة باللغة اإلنجليزية‪ ،‬وأن "التحوالت في‬
‫توزيع القوة‪ ،‬تؤدي إلى تحوالت في استخدام اللغة"‪ .‬واللغة كأساس ثقافي للتواصل وخلق التضامن والتماسك في النطاق‬
‫ضيق وواسع في آن واحد‪ ،‬قد تكون آلية للفصل والنزاع بين الطبقات النخبة الحاكمة واألغلبية المحكومة في سياق‬
‫حضاري عالمي‪ .‬كما يتضح ذلك من خالل المخلفات االستعمارية‪ ،‬التي ما تزال بوادر ذلك واضحة إلى يومنا هذا‪،‬‬
‫و"اللغة يعاد رصفها ويعاد بناؤها لكي تتالءم مع الهويات وخطوط الحضارات‪ ،‬ومع انتشار القوة وتفرقها تنتشر الجلبة‬
‫وتختلط األصوات"‪.‬‬

‫الدين‪ :‬يتضح جليا أن يكون دينا عالميا واحدا أمرا مستحيال‪ ،‬و"احتمل ظهور دين عالمي أقل من احتمال ظهور لغة‬
‫عالمية‪ ،‬وأواخر القرن العشرين شهدت انبعاثا أو صحوة دينية في أنحاء العالم‪ ،‬هذا االنبعاث تضمن اتساع الوعي‬
‫الديني وبروز الحركات األصولية‪ ،‬وأدى إلى تقوية االختالفات بين األديان"‪ .‬كما يتضور هنتنجتون بأن الديانة اإلسالمية‬
‫والمسيحية ديانتان رئيسيتان في العالم‪ ،‬محاجة على توسيع نطاقهما في العالم التزايد مستمر في عدد معتنقي هاتان‬
‫الديانتان‪" .‬المسيحية تنتشر أساسا عن طريق التحول‪ ،‬واإلسالم ينتشر عن طريق التحول والتناسل"‪.‬‬

‫‪ -‬الحضارة العالمية‪ :‬المصادر‬


‫يرد هنتنجتون مفهوم الحضارة العالمية إلى إنتاج حضارة متميزة للغرب‪ ،‬ففي "القرن التاسع عشر كانت فكرة الرجل‬
‫األبيض تساعد على تبرير بسط السيطرة الغربية السياسية واالقتصادية على المجتمعات غير الغربية‪ ،‬ونهاية القرن‬
‫العشرين فإن مفهوم الحضارة الغربيةيساعد على تبرير بسط السيطرة الثقافية الغربية"‪ .‬وهذا ما يمكن تسميته بالغزو‬
‫الثقافي أو االستعمار الجديد غير المباشر‪ ،‬لكنه خطير بالنسبة للشعوب األخرى‪ .‬والعالمية "هي ايديولوجيا الغرب‬
‫لمواجهة الثقافات غير الغربية" للضرب في الهوية الفردية والجماعية لألفراد والمؤسسات والمجتمعات والحضارات في‬
‫خط مستقيم‪ ،‬لتستوعب الثقافة الغربية واالنصهار فيها‪ .‬كما أن "في العالم الحديث‪ ،‬الدين قوة مركزية‪ ...‬وانقسامات‬
‫البشرية على أساس العرق والدين والحضارة تظل كما هي وتفرخ صراعات جديدة"‪.‬‬

‫‪ -‬الغرب والتحديث‬
‫يتحدث هنتنجتون عن عملية التحديث وما قد تحققه ألهداف الحضارة الغربية‪ ،‬المحدد في تشييد وبناء حضارة عالمية‪ ،‬إن‬
‫"التحديث يتضمن التصنيع والتمدين وزيادة معدالت القراءة والكتابة والتعليم والثروة والتعبئة االجتماعية‪ ...‬التحديث‬
‫عملية ثورية‪ ،‬تقارن فقط بالتحول من المجتمعات البدائية إلى المجتمعات المتحضرة"‪ .‬باستنتاج أن الحضارة الغربية‬
‫قائدة التحديث‪ ،‬وبالتالي هي من لها الصحن السحري لثقافة التجديد‪ ،‬و"بأن الثقافة الغربية ستكون هي العالمية أو الثقافة‬
‫العامة في العالم"‪ .‬ليتحقق هذا باالنقالب من االختالف الثقافي إلى التشابه والتالقح الثقافي في العالم الحديث‪ ،‬بفعل عملية‬
‫التفاعل المتزايدة‪ ،‬واالنتقال من التركيب الجغرافي التقليدي للمحدد للمجتمات إلى التركيب الثقافي الحديث للمجتمع‪ .‬ثم‬
‫يرجع إلى الحديث عن تميز الغرب بالتعدد اللغوي عن الحضارا األخرى‪.‬‬

‫‪ -‬الفصل بين السلطة الروحية والدنيوية‬


‫يوضح السلطة الروحية في الحضارات المختلفة وربطها بالسلطة الوضعية للسياسة العامة للحضارات‪ ،‬فوجد أن‬
‫الحضارات الغربية واإلسالمية والصينية واليابانية واألرثوذوكسية تقوم على كلتا السلطتين ما عدا الحضارة الهندية تفصل‬
‫بين الدين والدولة‪ ،‬كما توصل أيضا إلى الحضارة الغربية تمتاز عن الحضارات األخرى بوصفها تعتمد على حكم‬
‫القانون‪ ،‬وهو بمثابة قوة كابحة النحرافات األفراد غن قيم القانون العام للدولة‪ ،‬نجد أيضا التعددية االجتماعية واردة أيضا‬
‫في المجتمع‪ ،‬وانتشار الفردانية للسماح بالحرية الشخصية‪ ،‬وكذا وجود الهيئات النيابية المتمثلة أساسا في األحزاب‬
‫السياسية والمؤسسات النقابية لبناء الديمقراطية الحديثة‪.‬‬

‫‪ -‬االستجابة للغرب والتحديث‬


‫شملت االستجابة للغرب ثالث مفاهم أساسية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الرفضية‪ :‬وهو رفض للثقافة الغربية وحداثتها‪ ،‬ورفضت هذه األخيرة من طرف اليابان وخاصة في يخص الثقافة‪.‬‬
‫وكذلك الصين رفضت القيم الغربية باعتقادها أن ثقافتها متفوقة على الثقافة الغربية‪ .‬كما رفض جل الدول اإلسالمية عملية‬
‫التحديث باعتباره تغريبا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الكمالية‪ :‬هذا المفهوم يبعد الثقافة المحلية التي تقف كعقبة تعرقل عملية تنمية المجتمع‪ ،‬وتحقيق التحديث وجب اتباع‬
‫نفس الطريق الذي خطت عليه الحضارة الغربية‪ ،‬واستشهد هنتنجتون بقول "بيبس"‪" :‬لكي تنجوا من الالمعيارية‪ ،‬أمام‬
‫المسلمين خيار واحد‪ ،‬حيث إن التحديث يتطلب التغريب‪ ...‬واإلسالم ال يقدم طريقا بديلة للتحديث‪ ...‬العلمانية ال يمكن‬
‫تجنبها"‪ .‬باعتبار التحديث خطوة أولية لعملية التغريب‪ .‬وسميت بالكمالية نسبة إلى "كمال أتاتوك"‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬اإلصالحية‪ :‬وهي محاولة الحفاظ على القيم والمعالم األساسية لثقافة محلية للمجتمع‪ ،‬وإدخال علهيا الحداثة‪ ،‬أي أصالة‬
‫ومعاصرة لكن هذا يرفضه مفكرنا "عبد هللا العروي"‪ .‬وفي هذا الصدد نذكر نموذج "محمد علي"تحديث تقني دون‬
‫تغريب ثقافي زائد‪ ،‬كما دعا بعض المفكرين العرب إلى قبول الحداثة ومزجها مع القيم األساسية لحضارتنا‪ .‬وتقوم‬
‫اإلصالحية على الرغبة في التحديث دون تغريب‪.‬‬

‫التغريب والتحديث مرتبطان بشكل عام بالمجتمعات غير الغربية‪ ،‬ذلك باستعاب القيم المادية والثقافية الغربيتان لتنحوا نحو‬
‫التحديث والتمدن‪ .‬والتحديث على المستوى الفردي أي تحديث بدون تغريب يولد دون منازع االغتراب والالمعيارية‬
‫فيتسبب في أزمة الهوية‪ ،‬ولحلها وجب العودة إلى الدين‪ ،‬كما يرى هنتنجتون أن التحديث ال يعني بالضرورة التغريب‪.‬‬

‫الجزء الثاني‪ :‬الميزان المتغير للحضارات‬


‫الفصل الرابع‪ :‬اضمحالل الغرب‪ :‬القوة والثقافة والعودة إلى المحلية‪:‬‬
‫‪ -‬القوة الغربية ‪ :‬السيطرة واالضمحالل‬
‫يتنبأ هنتنجتون بأن القوة الغربية قد تسيطر وتفرض قوتها على العالم‪ ،‬ذلك بفعل تحكمها في جميع األنشطة على الصعيد‬
‫العالمي‪( ،‬العلم والمعرفة‪ ،‬عالم التقنية‪ ،‬االقتصاد والسياسة)‪ ،‬كما يرى أن القوة الغربية في طريقها إلى النهاية‬
‫واالضمحالل‪ ،‬بفعل المشاكل الداخلية على جميع المستويات‪ ،‬وخاصة التفكك االجتماعي‪.‬‬

‫وإلى هذا يضيف ثالث سمات‪:‬‬

‫‪ -1‬انهيار الحضارة الغربية يسير بشكل بطيء جدا وهو في مرحلة البداية‪.‬‬
‫‪ -2‬االنهيار ال يسير بشكل مستقيم‪ ،‬هذا ما سيجعل الحضارة الغربية في يقضة لتجدد نفسها‪.‬‬
‫‪ -3‬اخضاع اآلخر يكون عن طريق القوة أو اإلقناع‪.‬‬

‫‪ -‬مساحة األرض والسكان‪:‬‬

‫يقدم نسبا عن المساحة التي كانت تحتضنها الحضارة الغربية ومقارنتها مع الحضارات األخرى‪ ،‬وبتتبع في الزمان‬
‫والمكان‪.‬‬

‫يتحدث عن نسبة السكان للغرب وصلت إلى ثالثة عشر في المائة‪ ،‬وهذه األخيرة بدأت في االنخفاض والنقصان قد تصل‬
‫إلى عشرة في المائة عند إنتهاء الربع األول من القرن الواحد والعشرين‪ ،‬بينما الحضارات األخرى تحتل مراكز متقدمة‬
‫عنها فيما يخص الرأسمال البشري‪ ،‬مركزا على متغير التعليم والتمدين‪ ،‬ألنه عرف ارتفاعا ملحوظا بالنسبة للحضارات‬
‫المعادية للغرب‪ ،‬أو التي تشكل عليه خطرا كما يدعي هنتنجتون‪ ،‬وهاذين المؤشرين يقومان على تعبئة اجتماعية شاملة‪.‬‬
‫"المجتمعات المعبأة اجتماعيا مجتمعات قوية"‪ .‬و يضيف أيضا المؤشرات الديموغرافية ( نسبة األطفال‪ ،‬الشيخوخة‪)...‬‬

‫‪ -‬النتاج االقتصادي‬

‫بدأ النتاج االقتصادي في الغرب باالنخفاض بعد ما كان في القمة‪ ،‬هذا بمثابة انهيار جزئي للغرب‪ ،‬لينتقل إلى شرق آسيا‬
‫وتظهر قوة اقتصادية منافسة‪ ،‬ويقول المؤلف بأن " الضغطة الغربية التي استمرت مائتي عام على االقتصاد العالمي‬
‫سوف تنتهي"‪.‬‬

‫‪ -‬القوة العسكرية‬

‫و يلخصها هنتنجتون في أربعة أبعاد‪" :‬بعد كمي‪ ،‬وبعد تكنولوجي‪ ،‬وبعد تنظيمي‪ ،‬والبعد المجتمعي"‪ .‬فيقول‪" :‬الغرب‬
‫سيظل أقوى الحضارات في العقود األولى من القرن الواحد والعشرين‪ ،‬وربما استمرت له الصدارة بعد ذلك من ناحية‬
‫الموهبة العلمية وامكانيات البحث والتطوير واإلبداع التكنولوجي في النواحي المدنية والعسكرية"‪.‬‬

‫‪ -‬التأصيل‪ :‬صحوة الثقافات غير الغربية‪:‬‬


‫يرى هنتنجتون بأن التوزيع الثقافي على المستوى العالمي هو بثمابة توزيع القوة‪ ،‬و"الحضارات العالمية تحتاج إلى قوة‬
‫عالمية"‪ .‬كما يشير أيضا أن التمرد على الحضارة الغربية هو تأكيد عالمية للقيم غير الغربية‪ .‬إن االحتكاك الثقافي قد‬
‫يؤدي إلى مزج ثقافي واستعابي بين ثقافتين أو صدام بعدم قبول أحدهما اآلخر‪ .‬وأن "عملية التأصيل أو العودة إلى‬
‫المحلية ليست في حاجة النتار الجيل الثاني"‪ .‬مستدال باستحضار ثالث شخصيات بارزة في التأصيل و العودة إلى الثقافة‬
‫المحلية 'محمد علي جناح' كان علماني وأصبح مصلح إسالمي وكقائد أعظم لدولة إسالمية باكستان‪ .‬و'هاري لي' كان‬
‫يضبط اللغة اإلنجليزية لكنه تعلم اللغة األم "الماندارين" لضحى بعد ذلك داعية للكونفوشية‪' .‬باندرا نايكا' تبنت المسيحية‬
‫حتى اعتنقتها‪ ،‬وبعد لجأت إلى البوذية لتناضل من أجل القومية السنهالية‪.‬‬

‫الصحوة اإلسالمية والتأسلم ‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫الهند ترفض القيم الغربية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الحضارة الكونفوشية تدعوا بساستها ومفكروها إلى الحفاظ على الثقافة المحلية‪.‬‬

‫فيقول صامويل هنتنجتون "نحن نشهد نهاية الحقبة التقدمية‪ ،‬التي كانت تسودها االيديولوجيات الغربية‪ ،‬ونتحرك‬
‫نحو حقبة تتفاعل فيها حضارات متعددة ومتنوعة‪ ،‬وتتنافس وتتكيف مع بعضها البعض"‪ .‬ملخصا عملية التأصيل‬
‫تتجلى في اإلحياء الديني‪ ،‬وخاصة الحضارات (الصينية واإلسالمية والهندية)‪.‬‬

‫‪ -‬ثأر هللا‪ /‬الصحوة الدينية‪:‬‬


‫في السياق العام لنشر الحداثة التي تقوم على القيم العلمانية‪ ،‬أدى إلى صحوة دينية في جميع الحضارات‪ ،‬كرد فعل‬
‫على األنظمة الجديدة التي تبعد الدين عن األمور الدنيوية‪ ،‬كما أن التحديث لن ينجح في إدخال األديان إلى حيزه بل‬
‫من المفترض وقوع عكس ذلك‪ ،‬سيتم تديين الحداثة (أنجلة أوروبا‪ ،‬أسلمة الحداثة)‪ ،‬كما خرجت حركات أصولية‬
‫إلى حيز الوجود إلحياء وتجديد الدين‪ ،‬بفعل الزيادة في عدد المؤسسات الدينية‪ ،‬وخاصة الدين اإلسالمي باستدالله‬
‫بقول "الترابي"‪" :‬ال القومية وال االشتراكية حققت التقدم للعالم اإلسالمي‪ ،‬الدين هو محرك التقدم"‪ .‬معتبرا الصحوة‬
‫الدينية بالنسبة للدول غير الغربية ليست رافضة للحداثة "بل هي رفض للغرب وللثقافة العلمانية المسببة المتفسخة‬
‫المرتبطة به"‪ ،‬وهذه الصحوة هي بمثابة استقالل ثقافي‪.‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬االقتصاد والديموغرافيا وحضارات التحدي‬


‫يعتبر الكاتب بأن الصحوة الدينية وإحياء معالم الدين ظاهرة عالمية‪ ،‬ذلك ما تلقته الثقافة الغربية برفض لها من‬
‫طرف الحضارات األخرى‪ ،‬ويخص هذا الحضارتين الصينية واإلسالمية‪ ،‬مركزا على المحدد االقتصادي الذي ساعد‬
‫األولى على الرفض للغرب‪ ،‬أما الثانية فالمؤشرات الديموغرافية التي هي في تزايد مستمر للسكان فسحت المجال‬
‫للصحوة الثقافية المحلية وإحياء التراث‪.‬‬

‫‪ -‬التوكيد اآلسيوي ‪ /‬االقتصاد هو منبع التحدي‬


‫أكدت الدول األسيوية على فرض نفسها في الساحة العالمية بنموها االقتصادي‪ ،‬الذي جعل منها قوة صاعدة قادرة‬
‫على المنافسة‪ ،‬بفعل انقالب وانتقال الموازن االقتصادية مرة أخرى من الغرب إلى الشرق ( شرق آسيا‪ ،‬جنوب شرق‬
‫آسيا)‪ ،‬معلنة عن نفسها كمنافس للحضارة الغربية على المستوى االقتصادي‪" .‬والثروة مثل القوة‪ ،‬يفترض أنها دليل‬
‫على األفضلية واستعراض للتفوق األخالقي والثقافي"‪ .‬وأن النجاح االقتصادي يفرض التفوق الثقافي الحضاري‬
‫على مستوى القيم واألخالق‪ ،‬والقفزة التي حققاها كل من الصين واليابان بتنمية اقتصادهما‪ ،‬فسح المجال بالنظر إلى‬
‫الهوية الثقافية باعتبارها مرجع أساسى للنجاح والتقدم‪ ،‬ويقول هنتنجتون بأن "التوكيد الثقافي يتبع النجاح المادي‪.‬‬
‫والقوة الصلبة تولد القوة اللينة"‪.‬‬

‫‪ -‬الصحوة اإلسالمية ‪/‬التزايد السكاني‬


‫يعرف الصحوة اإلسالمية بأنها "هي حركة فكرية ثقافية اجتماعية سياسية عريضة ومنتشرة في معظم أنحاء‬
‫العالم العربي"‪ ،‬فيرى بأن عودة المسلمون إلى دينهم هو حل قطعي لتحقيق التقدم‪ .‬مبرزا بعد ذلك مكامن القوة‬
‫لألصولية اإلسالمية بفعل تفوقها على األحزاب المنافسة كالديموقراطية والعلمانية‪ ( ،‬نموذج المغرب وتركي)‪ .‬مما‬
‫شجع الزعماء السياسيون بإقامة "ديموقراطية إسالمية"‪ .‬ويقول‪" :‬وبينما صعود شرق آسيا تدعمه معدالت نمو‬
‫اقتصادي عالية جدا‪ ،‬فإن الصحوة اإلسالمية تدعمها وبنفس الدرجة معدالت نمو سكاني عالية جدا"‪.‬‬

‫‪ -‬تحديات متغيرة‬
‫يتنبأ هنتنجتون بأن معدل النمو السكاني سيقل خالل العقدين الثاني والثالث من القرن الواحد والعشرين‪ ،‬وذلك بقوله‪:‬‬
‫"فإن أي إحياء ديني أو حركة ثقافية ال يمكن أن يستمر إلى ما ال نهاية‪ ،‬وعند نقطة ما سوف تخمد الصحوة‬
‫اإلسالمية وتذوب في التاريخ"‪.‬‬

‫الجزء الثالث‪ :‬نظام الحضارات الناشئ‬


‫الفصل السادس‪ :‬إعادة التشكيل الثقافي للسيلسة الكونية‬
‫‪ -‬تلمس الطريق نحو التجمع‪ :‬سياسة الهوية‬
‫إن التشابه الثقافي سيؤدي إلى التقارب بينما االختالف الثقافي سيفرز لنا تباعد بين الحضارات‪ ،‬كما أن "الحدود السياسية‬
‫يعاد رسمها لكي تتوافق مع الحدود الثقافية والعرقية والدينية والحضارية"‪ ،‬لتصبح الهوية الثقافية محددا لإلنحيازات في‬
‫العالم‪ ،‬هذا قد حدث بفعل األزمة الحادة التي عفها العالم منتصف التسعينيات من القرن المنصرم على مستوى الهوية‪،‬‬
‫باهتمام "الناس هو الدم والعقيدة واإليمان واألسرة"‪ .‬ويستشرف المستقبل بأنه يعرف اشتعال حروب أساسها الثقافة بما‬
‫تحمله الكلمة من معنى‪ .‬فيتساءل هنتنجتون عن العوامل المشتركة ثقافيها ودورها في إحداث عملية التعاون والتالحم‪،‬‬
‫وعن االختالف الثقافي وما يفرزه من شقاق وصراع‪ .‬معتبرا بأن الحوار الثقافي سيقل ويم إعالن الحرب بين الثقافات‬
‫الفرعية ليتسع شيئا فشيئا من صراع إقليمي وقومي إلى صراع كوني‪ ،‬مما سيزيد االهتمام بالهوية الثقافية سيعيد الهويات‬
‫والثقافات األصلية إلى نشاط جديد‪ ،‬لنخلص إلى كيفية التعامل الداخلي (داخل الحضارة) والتعامل الخارجي‪ ،‬وفيه يقول‬
‫المؤلف‪" :‬هذه الحدود األوسع للهوية الحضارية تعني وعيا أعمق باالختالفات الحضارية والحاجة إلى حماية ما يميز‬
‫'نحن' عن 'هم' "‪ .‬وإن أساس الصراع هو االختالف وأن "االختالفات في االيدولوجية العلمانية بين الماركسية اللينينية‬
‫والديمقراطية الليبرالية يمكن أن تكون محل جدل إن لم يتم حلها"‪ ،‬ذلك على عكس المصالح المادية التي يتم فيها‬
‫التفاوض وحلها بأسلوب مبني على التفاهم‪ .‬بحيث الصراع الثقافي في حله نعم أو ال‪ ،‬ال تفاوض فيه وتفاهم‪ .‬هذا من‬
‫مخلفات الحرب الباردة التي وضعت العالم على المحك‪ ،‬قد يحدث تصادم جديد مبني على االختالفات الثقافية بين‬
‫الحضارات‪.‬‬

‫‪ -‬الثقافة والتعاون االقتصادي‬


‫يري هنتنجتون بأن التشابه الثقافي يكثف من التعاون االقتصادي ليحقق ازدهارا سريعا‪ ،‬وعلى العكس من ذلك فإن‬
‫االختالف الثقافي والتعدد الحضاري يجدي إلى نزاعات‪ ،‬يقول الكاتب‪" :‬أصبحت العوامل الثقافية المشتركة هي الشرط‬
‫الرئيسي الذي يتطلبه تكامل اقتصادي ذو معنى"‪ ،‬التجانس واالنسجام الثقافي يحقق التقدم‪ .‬فاالستراتيجية التي سيخطوا‬
‫عليها االقتصاد والتجارة العالميين ستتأثر بالثقافة‪ ،‬وأن "جذور التعاون االقتصادي توجد في المشترك الثقافي"‪.‬‬

‫‪ -‬بنية الحضارات‬
‫يتحدث الكاتب عن تكون الحضارات وتشكل الثقافة المركزية والعضوية التابعة للمركز‪ ،‬مستثنيا الحضارة اليابانية بتميزها‬
‫عن الحضارات األخرى بتفردها كدولة ونظام في حضارة واحدة‪ .‬كما يعتبر أن االختالف الثقافي سيؤدي دون محالة إلى‬
‫تمزق دول داخل الحضارات المختلفة‪.‬‬

‫‪ -‬الدول الممزقة‪ :‬فشل التحول الحضاري‬

‫يستحضر أربعة نماذج من دول العلم تنتمي إلى حضارات مختلفة وهي كالتالي‪:‬‬

‫روسيا‪ :‬يعتبر تمزق روسيا ليس على المستوى القومي بل على المستوى الحضاري‪ ،‬مسترشدا بأنها ورثت من‬
‫البيزنطيون والمغول‪ ،‬هذا أبعدها عن الحضارة الغربية‪ ،‬كما كانت بعض المحاوالت لتحديث وتغريب روسيا على يد‬
‫"بطرس األكبر" لكنها باءت بالفشل‪ ،‬لذلك جعل منها دولة ممزقة‪ ،‬معبرا عن هذا بقوله‪" :‬بخصوص القضية المركزية‬
‫قضية هوية"‪.‬‬

‫تركيا‪ :‬يتحدث عن التجربة التي خاضها "مصطفى كمال أتاتوك" الذي أراد أن يجعل من تركيا دولة علمانية‪ ،‬متمردا على‬
‫قيم الحكم الموروثة عن االمبراطورية العثمانية‪" ،‬وألغى أن يكون اإلسالم الدين الرسمي للدولة"‪ .‬لكن تركيا عادت إلى‬
‫صحوة ثقافية بتأصيل الدين اإلسالمي في العقد األخير من القرن المنصرم‪.‬‬

‫المكسيك‪ :‬نفس التجربة التي مرت بها تركيا‪ ،‬لكنها في حقبة زمنية وبقعة جغرافي مختلفة عنها‪ ،‬وذلك بتجربة "ساليناس"‬
‫بتبنيه النظام الليبرالي‪.‬‬
‫أستراليا‪ :‬يعتبر هنتنجتون بأن أصل أستراليا أوروبي‪ ،‬لكنها تمردت على القيم األوروبية وانسلخت منها‪ ،‬لتعلن عن‬
‫وحدتها الثقافية وأنها منتمية إلى آسيا‪ .‬فيتنبأ بأن يقع صدام بين أستراليا والدول األسيوية التي هي مختلفة عنها ثقافيا‪ ،‬قد‬
‫يؤدي إلى تمزقها‪.‬‬

‫‪ -‬الفيروس الغربي والشيزوفرانيا األسيوية‬


‫إن التحديث والتغريب يصيب الدول غير الغربية أساسا بالمرض‪ ،‬مما سيجعل منها عاجزة وال دور لها في التاريخ‪ ،‬بفعل‬
‫التبني من طرف القادة السياسين ألنظمة الغرب‪ ،‬كما سيكون التأثير واضح للدول األسيوية في هذا‪ ،‬و"إنهم يصنعون دوال‬
‫ممزقة وال يصنعون مجتمعات غربية‪ ،‬ويصيبون بالدهم بعدوى الشيزوفرانيا الثقافية التي تظل سمة مالزمة لها على‬
‫الدوام"‪.‬‬

‫الفصل السابع‪ :‬دول المركز والدوائر المتحدة المرطز والنظام العالمي‬


‫‪ -‬الحضارات والنظام‬
‫إن التقارب الحضاري يحتاج إلى نظام رئيسي يتمثل في دول المركز للقيادة‪ ،‬لهذا سيصبح العامل الثقافي المشترك بين‬
‫الشعوب هو المحدد األساسي للتجاذب أو التباعد‪ ،‬فعلى هذا سيتم تنظيم العالم بأساس مبني على الحضارة والثقافة‪ ،‬مما‬
‫سيخلق ما نسميه بالنسب الثقافي أو العائلة والقربى الثقافية‪.‬‬

‫‪ -‬تعيين حدود الغرب‬


‫سيتم رسم الحدود الجديدة للعالم عن طريق القرب والبعد بين الثقافات‪ ،‬كما عينت ذلك الحضارة الغربية ونخص بالذكر‬
‫أوروبا‪ ،‬فمن جهة الجنوب والغرب فحدودها تفصل بالبحر‪ ،‬بينما من الجهة الشرقية تفصل حدودها مع الدول اإلسالمية‬
‫واألرثوذوسكية‪.‬‬

‫‪ -‬روسيا وخارجها القريب‬


‫إن تشكيل روسيا كدولة قائدة للحضارة األرثوذوسكية‪ ،‬سمح لها أن تبسط هيمنتها قاريا وعالميا‪ ،‬لكنها تجد نفسها قريبة‬
‫من دول تنتمي إلى حضارات أخرى‪ ،‬وخاصة الحضارة الغربية واإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -‬الصين العظمى ومجال الرخاء االقتصادي المشترك التابع لها‬


‫إن اإلحياء الثقافي الذي أصبح ظاهرة عالمية أعطى أولية للحضارة الصينية ميزة‪ ،‬باعتبارها جاذبة للدول المتقاربة منها‬
‫على المستوى الثقافي‪ ،‬لتضحى مركزا لهذه الحضارة ألنها تعد من الدول الحاضرة في القضايا السياسية والدبلوماسية‪،‬‬
‫وأنها قوة عظمى صاعدة تنافس الغرب اقتصاديا‪ .‬و"الصين العظمى إنها واقع ثقافي واقتصادي يتنامى بسرعة كما بدأ‬
‫في تكوين واقع سياسي"‪ .‬كما يؤكد المؤلف أيضا بأن "في العالم الصيني‪ .‬كما في كل مكان آخر‪ ،‬تساعد العوامل الثقافية‬
‫المشتركة على االرتباط االقتصادي"‪ ،‬وذلك بتوسيع الصين عالقاتها بالدول المجارة لها والمشتركة معها ثقافيا‪ ،‬و"تطوير‬
‫المصالح المشتركة‪ ،‬انطالقا من عالقاتها االقتصادية الواسعة وهويتهم الثقافية المشتركة"‪.‬‬

‫‪ -‬اإلسالم‪ :‬وعي دون تماسك‬


‫يبين هنتنجتون أن "األصولية اإلسالمية كحركة ثورية ترفض الدولة القومية لحساب وحدة اإلسالم‪ ،‬بالضبط كما رفضتها‬
‫الماركسية لحساب وحدة البروليتاريا العالمية"‪ .‬كما أن الحضارة اإلسالمية تتميز بوحدتها بالتماسك عن طريق الدين‪،‬‬
‫هذا ما عبرت عنه الصحوة اإلسالمية التي أبانت على قوة الهوية المشتركة‪ ،‬كما أنها تحتوي على منظمات ومؤسسات‬
‫دينية عكس الحضارات األخرى‪ ،‬فهذا يعبر عن وعي إسالمي "إال أن االنتقال من الوعي اإلسالمي إلى التماسك‬
‫اإلسالمي ينطوي على تناقضين"‪ :‬أولهما يقول بأن هناك تشتت على مستوى القيادة والصراع عليها‪ ،‬بينما التناقض الثاني‬
‫يرى بأنه البد من قيادة مركزية لتحقيق التماسك‪.‬‬

‫يرشح هنتنجتون ستة دول إسالمية لقيادة الحضارة‪ ،‬لكنها ال تتوفر على شروط القيادة‪:‬‬
‫إندونيسيا‪ :‬باعتبارها أكبر دولة إسالمية ومحققة ذاتها اقتصاديا‪ ،‬لكنها تحمل خليط من الثقافات (اإلسالمية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫الهندوسية‪ ،‬الصينية‪ ،‬المسيحية)‪.‬‬
‫مصر‪ :‬التي لها كثافة سكانية مرتفعة كما تحتل موقعا استراتيجيا مهما في جغرافية الحضارة اإلسالمية‪ ،‬لكنها‬ ‫‪-‬‬
‫تبقى ذو اقتصاد ضعيف ومحدود‪.‬‬
‫إيران‪ :‬تتسم بموقع مهم وأنها دولة قوية اقتصاديا وعسكريا وسياسيا‪ ،‬لكنها تبقى دولة شيعية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫باكستان‪ :‬التي تعد كأقوى دولة إسالمية من الناحية العسكرية‪ ،‬بينها هي دولة فقيرة‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫السعودية‪ :‬فيقول عنها الكاتب بإنها "هي المهد األصلي لإلسالم"‪ ،‬وهي دولة قوية من الناحية االقتصادية لكنها‬ ‫‪-‬‬
‫تبقى دولة ضعيفة اقتصاديا وتعاني من المشاكل األمنية‪.‬‬
‫تركيا‪:‬وهي دولة لها تاريخ في قيادة الحضارة اإلسالمية‪ ،‬ولها رأسمال بشري هائل‪ ،‬تتميز بالكفاءة‪ ،‬لكنها تختلط‬ ‫‪-‬‬
‫فها أنظمة الحكم‪.‬‬

‫الجزء الرابع‪ :‬صدام الحضارات‬


‫الفصل الثامن‪ :‬الغرب والباقي قضايا تداخل حضاري‬
‫‪ -‬العالمية الغربية‬
‫يحدثنا الكاتب عن الصراعات التي قد تحدث مستقبال خاصة بين الحضارة الغربية واإلسالمية والصينية‪ ،‬لكنه يرجح بأن‬
‫عالمية الغرب آتية ضمن االيديولوجية الليبرالي الديمقراطية‪ ،‬لهذا يتبنى هنتنجتون فكرة الصراع لالستمرار‪ ،‬كما نجد ذلك‬
‫عند "كارل ماركس" الذي يرى بأن الصراع هو محرك عجلة التاريخ‪.‬‬

‫حضارات التحدي‪ :‬يتضح بأن كل من الحضارة الصينية واإلسالمية هما اللتان ستتحدى الغرب مستقبال‪ ،‬مما قد يفضي إلى‬
‫تحالف صيني إسالمي ضد الحضارة الغربية‪ ،‬كما نجد ذلك "في سياسة العدو المشترك يخلق مصلحة مشتركة"‪.‬‬

‫‪ -‬نشر األسلحة‬
‫يرجع التطور العسكري وتحقيق التقدم على مستوى األسلحة إلى ازدهار اقتصادي بالنسبة للشعوب‪ ،‬وخاصة األسلحة‬
‫المتطورة والثكنة العسكرية القوية يهدد السلم العالمي‪ ،‬مما جعل الحضارة الغربية خائفة من الدول التي تملك أسلحة الدمار‬
‫الشامل‪ ،‬ألن هذه األسلحة تسهل غزو العدو والقضاء عليه‪ ،‬هذا ما يخص الحضارة الغربية لذلك وجب الحذر ومراقبة ما‬
‫يروج من أسلحة متطورة ومنعها‪ .‬إن "أعداء الغرب يحاولون الحصول على الدمار الشامل‪ ،‬والغرب يحاول أن يمنعهم‬
‫من ذلك"‪ ،‬و"وهذا االنتشار لألسلحة النووية وغيرها ممن أسلحة الدمار الشامل مظهر أساسي من مظاهر القوة‬
‫البطيء‪ ،‬والذي ال مفر منه مع ذلك في عالم متعدد الحضارات"‪.‬‬

‫‪ -‬حقوق اإلنسان والديمقراطية‬


‫يتحدد هدف الحضارة الغربية في نشر القيم الديمقراطية في أنحاء العالم‪ ،‬لكنها تلقت اصطداما قويا وعنيفا كرد فعل من‬
‫المجتمعات المستهدفة على الغرب‪ ،‬وخاصة في تمرد الدول اإلسالمية على تلك األنظمة والقيم بظهور حركات أصولية‬
‫محافظة ترفض ما جاء من الغرب‪ ،‬هذا يعبر على هزيمة الحضارة الغربية في بسط هيمنتها على العالم‪.‬‬

‫‪ -‬الهجرة‬
‫لقد تزايد الخرف الغربي من عملية الهجرة واستقبالها للمهاجرين‪ ،‬والسبب في ذلك يؤثر على تماسكها االجتماعي‪،‬‬
‫وخصوصا رفضها للمهاجرين المسلمين كما نجده عند "األحزاب األوروبية المعارضة للهجرة اإلسالمية كانت إلى درجة‬
‫كبيرة‪ ،‬هي المرآة التي تعكس صورة األحزاب اإلسالمية في الدول اإلسالمية"‪.‬‬

‫و يقول هنتنجتون ملخصا هذا أن "ميزان القوى المتغير بين الحضارات يجعل من الصعب على الغرب أكثر فأكثر أن‬
‫يحقق أهدافه بالنسبة االنتشار األسلحة وحقوق اإلنسان والهجرة وغيرها من القضايا"‪.‬‬

‫الفصل التاسع‪ :‬السياسة الكونية للحضارات‬


‫‪ -‬دولة المركز وصراعات خط التقسيم الحضاري‬
‫يتصور هنتنتون بأن "الحضارات هي القبائل اإلنسانية النهائية‪ ،‬وصدام الحضارات هو صراع قبلي على نطاق كوني"‪.‬‬
‫وبداية الصراع ستفتتح في خطوط التقسيم الحضاري‪ ،‬أي أنها صراعات جزئية وتنتشر حين بعد حين لتشمل ارجاء العالم‬
‫‪ ،‬فتشارك فيها الحضارات على نطاق واسع‪ ،‬وما يشعل نار الحرب ويؤججها هو االختالف الثقافي‪.‬‬

‫‪ -‬اإلسالم والغرب‬
‫إن العالقة بين اإلسالم والغرب قائمة على الصراع المستمر والدائم‪ ،‬والنزاعات بينهما عميقة وجوهرية ضاربة في‬
‫التاريخ‪ ،‬كما أن "الصراع كان من ناحية نتيجة االختالف‪ ،...‬كما كان الصراع نابعا من أوجه التشابه بينهما" من ناحية‬
‫أخرى‪ .‬ذلك بفعل مجموعة من العوامل المتمثلة أساسا في هجرة المسلمين والصحوة اإلسالمية واإلرهاب‪ ،‬هذه النقطة‬
‫تثير الجدل بين الحضارة اإلسالمية والغربية‪ ،‬مما قد يزيد من حدة هذه النزاعات وتوقد حرب حضارية عنيفة بينهما‪.‬‬

‫‪ -‬آسيا والصين وأمريكا‬


‫اإلشراقة االقتصادية الجديدة في شرق وجنوب شرق آسيا مثيرة للجدل بالنسبة ألمريكا‪ ،‬فيجعل األخيرة تخاف من تلك‬
‫النمو االقتصادي المتزايد‪ ،‬مما قد يولد الصراعات بين الدول المتنافسة فيما يخص النفوذ االقتصادي‪ ،‬ذلك ما يفسح المجال‬
‫للصين بسط سيطرتها على القارة األسيوية بنزعها من أمريكا‪.‬‬

‫‪ -‬الحروب األسيوية – األمريكية الباردة‬


‫ازداد التوتر في العالقات الشرقية األسيوية والغربية األمريكية‪ ،‬وعن هذا تشكلت عدائية بين الشرق والغرب من جديد‪،‬‬
‫ولكنها ليست التي عرفها العالم في النصف الثاني من القرن المنصرم‪ ،‬بل بين آسيا وأمريكا‪ .‬فيجعل النفوذ األمريكي‬
‫يتقلص في المنطقة مخلفا عداء بين أمريكا ومنافسيها في القارة األسيوية وخاصة الصين واليابان‪ ،‬ذلك بفعل االزدهار‬
‫الذي حققتاه على المستوى االقتصادي يزيد من قوتهما العسكرية وتوسيع نفوذهما وفرض هيمنتهما‪ ،‬تحقق ذلك بفعل‬
‫العوامل الثقافية المشتركة بين جميع الدول التى تعرف نموا اقتصاديا في آسيا‪ .‬كما أن "هذه االختالفات في الثقافة بين‬
‫آسيا وأمريكا‪ ،‬شجعت المجتمعات األسيوية أن يدعم بعضها البعض في صراعها ضد الواليات المتحدة"‪ .‬و ينتج لنا‬
‫صراع بين الحضارات‪.‬‬

‫‪ -‬الهيمنة الصينية‪ :‬التوازن وااللتحاق بالركب‬


‫حققت الصين نموا اقتصاديا سريعا وصلبا في فترة زمنية قصيرة‪ ،‬مما جعلها تنفق منه لبناء قوة عسكرية وأمنية حفاظا‬
‫ودفاعا عن نفسها‪ ،‬ولتكون لها كلمتها في السياسة العالمية‪ ،‬حتى تتمكن من فرض ثقافتها على المستوى اإلقليمي والعالمي‪،‬‬
‫هذا سيولد رفض من الواليات المتحدةاألمريكية‪" .‬فإن الميل األمريكي المألوف سيكون في التصرف كموازن رئيسي لمنع‬
‫الهيمنة الصينية"‪ ،‬مخافة من صعود الصين ألن صعودها يشكل خطرا على أمريكا‪.‬‬

‫‪ -‬الحضارات ودول المركز‪ :‬االنحيازات الناشئة‬


‫تخوف الحضارة الغربية من حضارات التحدي وخاصة الحضارة اإلسالمية والصينية‪ ،‬كما أن األخيرة لها عالقات وطيدة‬
‫مع بعض دول الحضارة اإلسالمية كإيران وباكساتان‪ ،‬قد يزيد انحياز دول إسالمية أخرى إلى الصين فتتحدا الحضارتان‬
‫ضد الغرب‪ ،‬الذي يعد بالنسبة إليهما عدوا إذ هو عدو مشترك‪ ،‬على أساس المصالح المشتركة والتقارب الثقافي ينبني‬
‫التحالف والتعاون بين الحضارات‪ ،‬إن "المصالح المشتركة وعدو مشترك في حضارة ثالثة يمكن أن تؤدي إلى تعاون‬
‫بين دول من حضارتين مختلفتين"‪.‬‬

‫الفصل العاشر‪ :‬من حروب االنتقال إلى حروب خطوط التقسيم‬


‫‪ -‬حروب االنتقال‪ :‬أفغانستان والخليج‬
‫يستهل هذا الفصل بالحديث عن المهدي المنجرة الذي تكلم عن أول حرب بين الحضارات هي حرب الخليج‪.‬‬
‫لكن هنتنجتون يراها الثانية‪ ،‬باعتبار أول حرب حضارية تلك التي وقعت بين األفغان واالتحاد السوفياتي‬
‫(‪. )1191 -1191‬‬

‫كانت الحرب السوفياتية واألفغانية أول صدام حضاري على المستوى العالمي‪ ،‬مما سيؤدي إلى تحالف ثقافي‬
‫وهوياتي‪ ،‬فيتجلى ذلك في المساعدات المادية والبشرية التي قدمتها الدول اإلسالمية لدعم األفغان في الحرب‪،‬‬
‫وكذا الدعم الغربي لألفغان ضد منافسه وخصمه المعسكر الشرقي‪ .‬فيرى بأن "ما يراه الغرب انتصار للعالم‬
‫الحر‪ ،‬يراه المسلمين انتصارا لإلسالم"‪.‬‬

‫ويرى أيضا بأن حرب الخليج هي ثاني حرب الحضارات‪ ،‬وذلك بالتدخل العسكري للغرب في الحرب‪ .‬وأدانت‬
‫جل الدول اإلسالمية تلك التدخل‪ ،‬وأيدوا "صدام حسين" الذي تحدى الغرب‪ ،‬وهذا التحالف اإلسالمي هو بمثابة‬
‫إحياء الهوية والثقافة اإلسالمية‪ ،‬كما ارتأت أن التدخل العسكري من الخارج هو انتهاك لحرمة اإلسالم وإذالل‬
‫قداسته‪" .‬وهكذا بدأت حرب الخليج كحرب بين العراق والكويت‪ .‬ثم أصبحت حربا بين العراق والغرب‪ ،‬ثم حربا‬
‫بين اإلسالم والغرب‪ ،‬وفي النهاية أصبحت في نظر كثير من غير الغربيين حربا بين الشرق والغرب"‪.‬‬

‫‪ -‬خواص حروب التقسيم الحضاري‪:‬‬


‫تعد حروب التقسيم الحضاري طويلة األمد "كما أنها تتجه ألن تكون ضاربة ودموية عندما تصبح قضايا‬
‫الهوية األساسية مهددة"‪ .‬كما تشكل هذه الصراعات خطرا على الطرف األضعف والخاسر بإبادة جماعية‪.‬‬
‫وصراعات خطوط التقسيم الحضاري تشبه الصراعات الطائفية بين الحضارات‪ ،‬وينجم عن االختالفات الثقافية‬
‫العنف‪ ،‬فيثير الغضب في النفوس لينتشر العنف بشكل واسع ومستمر األمد‪" ،‬كما هي الحال بين الهندوس‬
‫والمسلمين في الهند‪ ،‬والمسلمين والصينيين في ماليزيا‪ ... ،‬ويؤدي ذلك إلى محاوالت لتقسيم الشعوب أو‬
‫فصلها بالقوة"‪.‬‬

‫وتتسم حروب خطوط التقسيم الحضاري عن الحروب الطائفية‪ ،‬بأنها تتأسس على الهوية مما يستعصي حلها أو‬
‫الوصول إلى اتفاق مرضي‪ .‬هذا يؤدي مباشرة إلى عداء يؤجج القتال ويشعل "نيران الهوية االجتماعية‬
‫وأحقادها نادرا ما تنطفئ تماما‪ ،‬إال عن طريق اإلبادة الجماعية"‪ .‬كما نجد أيضا نقط التقاطع والتشابه بين‬
‫صراعات خطوط التقسيم الحضاري والحروب الطائفية "في طول استمرارها ومعدالت العنف العالية و‬
‫الغموض االيديولوجي"‪ .‬كما تتسم الحروب الطائفية بالخصوصية والجزئية‪ ،‬بينما حروب خطوط التقسيم‬
‫الحضاري تكون أشمل وأعم من األولى‪ ،‬باعتبار الدين "هو السمة الرئيسية المحددة للحضارات"‪.‬‬

‫‪ -‬تصادف‪ :‬الحدود الدموية لإلسالم‪:‬‬


‫تتوزع حروب خطوط التقسيم الحضاري بشكل غير متساو بين الحضارات‪ ،‬وأن غالبية هذه الصراعات تفصل‬
‫بين المسلمين وغير المسلمين‪ ،‬ويقول هنتنجتون في نفس الصدد "نجد أن الصراع الرئيسي بين الحضارات هو‬
‫ذلك القائم بين الغرب والباقي‪ ،‬بينما على المستوى األصغر ‪ ...‬هو صراع بين اإلسالم ىاآلخرين"‪ .‬ويشن‬
‫اإلسالم موجهات مع الخصوم بعداء ودموية في خطوط التقسيم الحضاري‪ ،‬باعتبار "المسلمين لهم مشكالت في‬
‫العيش مع جيرانهم بسالم"‪ .‬كما "كانت هناك صراعات بين المسلمين وأطراف من حضارات أخرى ‪ ...‬كما‬
‫كانت الصراعات داخل اإلسالم نفسه كثيرة"‪ .‬ويستنتج هنتنجتون بأن الحضارة اإلسالمية القائمة في شن العنف‬
‫والعداء بين الحضارات‪ ،‬معززا بقوله إن "الميل اإلسالمي إلى القتال والعنف من حقائق القرن العشرين التي ال‬
‫يستطيع أن ينكرها المسلمون أو غير المسلمين"‪.‬‬

‫‪ -‬األسباب‪ :‬التاريخ‪ ،‬الديمغرافيا‪ ،‬السياسة‪:‬‬


‫يتساءل هنتنجتون عن المتسبب في زيادة الصراعات بخطوط التقسيم الحضاري ودور المسلمين في هذه‬
‫الصراعات‪ .‬ويحددها في ثالثة عوامل متفاوتة التأثير في ظهور وإحياء هذه الحروب‪ ،‬أوال‪ :‬يرجع جذور‬
‫الحروب والصراعات إلى التاريخ‪ ،‬ويقول بأن "هناك ميراث تاريخي من الصراع يجرى استغالله واستخدامه‬
‫عندما يرون سببا لذلك‪ .‬التاريخ في هذا النوع من العالقات حي وغني ومرعب‪ .‬إال أن تاريخا من المذابح‬
‫المتقطعة ال يكفي في حد ذاته لتفسير عودة العنف مرة أخرى في نهاية القرن العشرين"‪.‬بما أن التاريخ ال‬
‫يمكننا من تفسير العنف القائم وعجزه في اإلحاطة بمكامن انهيار السلم والسالم‪ ،‬يقدم المؤلف عامل آخر وهو‬
‫الديمغرافيا‪ ،‬الذي عرف تزايدا مهوال مع نهاية القرن العشرين و مطلع القرن الواحد والعشرين‪ ،‬مما سينتج عن‬
‫ضغوطا على المستوى السياسي واالقتصادي واالجتماعي وكذا ضغوطات عسكرية‪ .‬باعتبار االنفجار‬
‫الديمغرافي أحد العوامل المؤثرة والمدعمة التساع نطاق الحروب والصراعات الحضارية‪" .‬ربما يكون أهم‬
‫عامل وحيدا أدى إلى هذه الصراعات هو التحول الديمغرافي"‪ .‬وإن "التغيرات في التوازنات الديمغرافية‪،‬‬
‫وزيادة نسبة الشباب تفسر الكثير من الصراعات بين الحضارات في أواخر القرن العشرين‪ ،‬ولكنها ال تفسرها‬
‫كلها بالطبع"‪ .‬هنا يبرز الكاتب العامل الثالث الذي يتجلى في السياسة‪ ،‬باعتبارها من أهم العوامل التي أججت‬
‫وتؤجج النزاعات بين الحضارات‪" .‬كانت السياسة أيضا أحد أسباب النزاع"‪.‬‬

‫الفصل الحادي عشر‪ :‬القوى المحركة لحروب خطوط التقسيم الحضاري‪:‬‬


‫‪ -‬الهوية‪ :‬صعود الوعي الحضاري‪:‬‬
‫يقدم هنتنجتون الهوية كأساس للوعي الحضاري‪" ،‬الهويات التي كانت في الماضي متعددة وعريضة تصبح‬
‫مركزة ومتصلة" ‪ ،‬مما ينتج عن ذلك ارتفاع العنف والحقد بين الحضارات المختلفة‪ ،‬كما نجد أيضا الوالء اإلثني‬
‫والديني هو سعي للسياسة وقادتها‪" ،‬كما يقوى الوعي بالحضارة في عالقاتها بالهويات األخرى"‪ .‬ومثل هذه‬
‫الصراعات نجدها في حدود خطوط التقسيم الحضاري‪ ،‬لتساهم االختالفات الحضارية في انتشار العنف‬
‫المتطرف كتعبير عن ردود األفعال ضد المختلف حضاريا‪" ،‬والعنف المتطرف ليس أكثر ترجيحا من التسوية‬
‫المعتدلة إلنهاء حرب من حروب خطوط التقسيم الحضاري"‪ .‬وعند إعالن الحرب يتم استحضار الهوية لطلب‬
‫ومد يد المساعدة لدعم جهة معينة‪" ،‬وغالبا ما تتحدد هذه الهوية دائما بالدين"‪.‬‬

‫يعرف هنتنجتون "حروب خطوط التقسيم الحضاري هي بتعريفها حروب محلية بين جماعات محلية ذات‬
‫لتصاالت أوسع"‪ .‬وانهيار حضارة متعددة الثقافات واألقطاب يؤدي إلى انقسام وتفكك ثقافي‪ ،‬وكل فرع ثقافي‬
‫يبحث عن أصله وهويته بشكل عام‪ ،‬حتى يتسنى للهوية األقوى بسط هيمنتها وفرض سيطرتها‪" .‬وفي حربها‪ ،‬ال‬
‫تنظر الجماعة إلى نفسها على أنها تحارب جماعة إثنية أخرى‪ ،‬بل تحارب حضارة أخرى"‪ .‬و "الحرب المحلية‬
‫أصبح يعاد تعريفها كحرب أديان وصراع حضارات‪ ،‬ولها نتائج تؤثر على قطاعات عريضة من البشر"‪.‬‬
‫والتزايد المستمر للصراعات في خطوط التقسيم الحضاري يجعل منها صراعات فرعية ومحلية بين الجماعات‬
‫اإلثنية والدينية‪ ،‬ثم تبدأ بالتوسع لتشمل الحضارات الكبرى المنتمية إليها تلك الجماعات‪ ،‬مما يرجح وقوع كارثة‬
‫في حالة اتساع نطاق النزاعات والصدامات بين الحضارات‪.‬‬

‫‪ -‬سباق الحضارات‪ :‬دول القربى والشتات‪:‬‬


‫بعد الحرب الباردة انتشرت عدة صراعات طائفية شملت حضارات مختلفة‪ ،‬كما أنها في اتسلع وتصاعد‬
‫مستمرين‪" ،‬وعندما يصبح الصراع أكثر حدة‪ ،‬يحاول كل جانب أن يحشد الدعم من الجماعات والدول التي‬
‫تنتمي لنفس حضارته"‪ ،‬هذا الدعم مبني على أساس القربى الثقافية والحضارية‪" ،‬وكلما طال أمد خط التقسيم‬
‫زاد احتمال تورط دول القربى في أدوار الدعم والكبح والوساطة"‪ .‬كما يلعب الشتات دورا مهما في توسع‬
‫وتقلص حروب خطوط التقسيم الحضاري‪ ،‬ألنه يقوم بتوحيد الجماعات والدول المشتتة للدفاع عن قضية أهلهم‬
‫وقرباهم‪ ،‬ومن خالل هذا نالحظ أن هناك دول تورطت في تدعيم حروب وصراعات خطوط التقسيم‬
‫الحضاري‪ ،‬معبرا ذلك عن نوع من العصبية للقرابة الثقافية والدينية التي هي مركز الحضارات‪ ،‬مما أتاح‬
‫الفرصة النتشار العنف والزيادة من حدة الصراع في خط التقسيم‪ ،‬حتى انتهى الحال بالتطهير العرقي بل إبادات‬
‫جماعية‪" .‬قال مسؤول تركي من المستحيل أال نتأثر عندما ترى أقاربك يقتلون"‪ .‬من خالل هذا القول يتضح أن‬
‫القربى الثقافية تساعد بعضها مهما كان الحال ومهما كلف الثمن‪.‬‬
‫يقول هنتنجتون بأن "حرب البوسنة كانت حرب حضارات"‪ ،‬ذلك بمشاركة حضارات مختلفة ثقافيا ودينيا‪" ،‬ومع‬
‫استمرار الحرب تعمقت األحقاد والتشعبات بين الفرقاء واتسعت هوياتهم الدينية والحضارية"‪ .‬فشكلت "الحرب‬
‫البوسنية مرحلة دموية أخرى في صدام دائم بين الحضارات"‪.‬‬

‫‪ -‬إيقاف حروب التقسيم الحضاري‪:‬‬


‫يرى هنتنجتون أن إيقاف حروب خطوط التقسيم الحضاري بشكل نهائي أمر مستحيل‪ ،‬قد يعرف توقفات‬
‫وهدنات مؤقتة‪" .‬حروب خطوط التقسيم لها خاصية التوقف واالشتعال أكثر من مرة‪ ،‬ألنها متجذرة في‬
‫صراعات انقسام حضاري عميق‪ ،‬وتتضمن عالقات عدائية مستمرة بين جماعات تنتمي إلى حضارات‬
‫مختلفة"‪ .‬كما أن التقارب جغرافي وثقافي وديني عبر التاريخ شكلوا دورا أساسيا في انتشار وشن الصراعات‬
‫في خط التقسيم‪ ،‬والحسم والحد من الصراع بشكل نهائي ال يتحقق إال بإبادة جماعية‪ ،‬و"حروب خطوط التقسيم‬
‫متقطعة وصراعات خطوط التقسيم ليس لها نهاية"‪.‬‬

‫االختالف الثقافي يعقد ويكبح المحاوالت للوصول إلى حل جذري إليقاف العنف ومسح الحقد الذي خلق وكبر‬
‫في نفوس األطراف المتصارعة‪ ،‬على العكس من ذلك تحدث صراعات بين جماعات تشترك في ثقافة قد تصل‬
‫إلى حل جذري‪ ،‬ذلك بوجود طرف وسط ينتمي إلى نفس الحضارة‪ ،‬يتمتع بالثقة للطرفين المتنازعين لوضع حد‬
‫لتلك النزاعات‪ .‬ومن الصعب الوصول إلى حلول جذرية لصراعات بين الجماعات المنتمية إلى حضارات‬
‫مختلفة‪ ،‬ذلك بغياب طرف وسط جدير بالثقة للحد من النزاع‪.‬‬

‫الجزء الخامس‪ :‬مستقبل الحضارات‪:‬‬


‫الفصل الثاني عشر‪ :‬الغرب‪ ..‬الحضارات‪ ..‬الحضارة‪..‬‬
‫تجديد الغرب؟‬
‫تعد الحضارة الغربية حسب التطور التاريخي أنها متفوقة عن سابقاتها‪ ،‬باعتبارها أول حضارة دشنت الحداثة‬
‫في مجتمعاتها لتتسع وتشمل فيما بعد كل بقاع العالم‪ .‬وأن "الصحوة اإلسالمية والقوى االقتصادية المحركة في‬
‫آسيا تدل على أن الحضارات األخرى حية وبحالة جيدة وأنها على األقل يمكن أن تهدد الغرب"‪ .‬ويحتمل‬
‫هنتنجتون وقوع حرب حضارية‪ ،‬كما تنبأ بإعادة إنتاج الغرب لحضارتها وتجديد ثقافتها للوصول إلى "العصر‬
‫الذهبي"‪ .‬كما يرجح انهيارها بارتفاع الكساد االقتصادي وانخفاض مستوى رفاهية العيش‪ ،‬وتفاقم المشاكل‬
‫الداخلية للحضارة على سبيل الذكر حروب أهلية‪ ،‬وانخفاض مستوى التعليم وتفاقم األمية‪ .‬مما يؤدي بالمجتمع‬
‫إلى العيش في غربة وضياع في زمن انهيار الحضارة‪ ،‬لكن االنهيار لحضارة معينة ليس شيء حتمي‪،‬‬
‫"الحضارات تستطيع أن تجدد وأن تصلح من شأنها‪ ،‬وقد حدث ذلك بالفعل"‪ .‬ورغم هذا التفاؤل هناك تخوف‬
‫غربي من القوى االقتصادية الصاعدة والنمو الديمغرافي المتزايد بالنسبة للحضارات األخرى‪ .‬فيرى هنتنجتون‬
‫بأن "هناك ما هو أهم من النواحي االقتصادية والسكانية‪ ،‬وهو مشكالت االنهيار األخالقي واالنتحار الثقافي‬
‫والتفكك السياسي في الغرب"‪ .‬مما يجعل من الثقافة الغربية في مواجهة مزدوجة لتحديات كبيرة داخل الحضارة‬
‫الغربية‪ ،‬وأخرى خارجية مقارنة بالحضارات بمنافسة لها‪ ،‬المتفوقة عليها من الناحية الثقافية واألخالقية‬
‫(الحضارة الصينية والحضارة اإلسالمية)‪ .‬كما يرد االعتبار إلى الهجرة بأنها تشكل خطرا على الحضارة‬
‫الغربية‪ ،‬ذلك بفعل الحمولة الثقافية والدينية يهدد االستقرار العام للحضارة‪ ،‬كما أن الدين هو مركز كل حضارة‪،‬‬
‫إن ضعف هذا األخير يدل على ضعف شأن الحضارة‪.‬‬

‫تعتبر أوروبا وحدة وكتلة ثقافية تنتمي إلى دين واحد‪ ،‬أما أمريكا في على العكس من ذلك أي هي عدة فروع‬
‫ثقافية وعرقية‪ .‬ويحتمل من هذا وقوع صدع وشقاق بالنسبة للثقافة العامة ألمريكا‪ ،‬ويذكر أيضا "دعاة التعددية‬
‫الثقافية"‪ ،‬الذين يرون أن أمريكا تتكون من فروع ثقافية‪ ،‬مثل هذه اآلراء تؤثر سلبا على ضمان التماسك‬
‫واالستقرار ألمريكا‪ .‬لكن موقف هنتنجتون ينصب حول بناء مجتمع متعدد الحضارات البد من تأسيس ثقافة‬
‫سميكة ومتماسكة‪ .‬لكن أمريكا على حافة االنهيار‪" ،‬ويعني كذلك بالفعل نهاية الحضارة الغربية"‪ .‬كما يرى‬
‫أيضا "جيمس كروت" أن "الصدام بين دعاة التعددية الثقافية والمدافعين عن الحضارة الغربية والقانون‬
‫األمريكي‪ ،‬هو الصدام الحقيقي داخل الفلقة األمريكية من الحضارة الغربية"‪.‬‬

‫يقول هنتنجتون بأن أمريكا جزء من أوروبا‪" ،‬وعندما ينظر األمريكيون إلى جذورهم الثقافية يجدونها في‬
‫أوروبا"‪ .‬هذا عامل إيجابي لتوسع الحضارة الغربية بضم وإدماج الدول القربى الثقافية‪ ،‬هذا سيزيد من قوة‬
‫ا لحضارة الغربية‪ ،‬وذلك بتقديم الدعم االقتصادي ونشر القيم الرأسمالية الليبرالية فيها‪ ،‬كما نجد "أن تقارب‬
‫الغرب سياسيا واقتصاديا يتوقف تماما على ما إذا كانت الواليات المتحدة تؤكد هويتها كدولة غربية‪ ،‬وتحدد‬
‫دورها الكوني كقائد للحضارة الغربية"‪.‬‬

‫‪ -‬الغرب في العالم‪:‬‬
‫تبنى العالقات في عالم اليوم "طبقا لعوامل التقارب أو االختالف الثقافي" ‪ ،‬وبتشكل التحالفات والصراعات‬
‫بين الحضارات‪ .‬على هذا األساس يعرض المؤلف ثالث دالالت بالنسبة للحضارة الغربية‪:‬‬

‫‪ – 1‬يجب على أصحاب القرار داخل الدولة إدراك وفهم المجتمع لتغيير الواقع‪ .‬إن صعود قوى اقتصادية‬
‫وصحوة ثقافية متماسكة يشكل خطرا على الحضارة الغربية عموما وأمريكا على وجه الخصوص‪" ،‬وكانت‬
‫الواليات المتحدة‪ ،‬بشكل عام تجد صعوبة غير عادية في التكيف مع منطقة تتشكل فيها السياسة الكونية طبقا‬
‫لحركة المد والجزر الثقافية الحضارية"‪.‬‬

‫‪ – 2‬يرى هنتنجتون بأن "حقائق العالم المتعدد الحضارات" يلزم توسيع نطاقه بين الدول المشتركة ثقافيا‪.‬‬
‫وتحالفات واالتفاقيات الخارجية حول القضايا العالمية‪ ،‬هو خلق عرقلة وصعوبة لكبح وتهديد القوى‬
‫والحضارات األخرى‪.‬‬

‫‪ – 3‬االختالف الثقافي وتنوعه يضع أمريكا أمام االعتقاد بعالمية الثقافة الغربية‪ ،‬هذا قد يطيح بها في فخ الوعي‬
‫الزائف‪ ،‬باعتبار الثقافة الغربية "تجسد أرقى فكر وألنها أكثرها استنارة وليبرالية وعقالنية وحداثة وتحضرا"‪.‬‬

‫كما يرى بأن "في عالم الصدام الحضاري واالثني الناشئ‪ ،‬يعاني اعتقاد الغرب في عالمية ثقافته"‪ .‬هذا ما‬
‫يؤثر سلبا على نشأة حضارة كونية كما يعتقد الغرب‪" ،‬وكلما مضت الحضارتين األسيوية واإلسالمية أكثر‬
‫وأكثر في توكيد الصلة العالمية بحضارتيهما‪ ،‬فإن الغربيين سيقبلون الصلة بين العالمية واالستعمار أكثر‬
‫وأكثر"‪.‬‬

‫يحذر هنتنجتون من الصعود األسيوي واإلسالمي‪ ،‬باعتبار "عالمية الغرب خطر على العالم ألنها قد تؤدي إلى‬
‫حرب بين دول المركز في حضارات مختلفة‪ ،‬وهي خطر على الغرب ألنها قد تؤدي إلى هزيمته"‪ .‬والخوف‬
‫الكبير من ظهور قوة جديدة تطيح بالحضارة الغربية ‪" ،‬فجميع الحضارات تمر بعمليات متشابهة من البزوغ‬
‫والنهوض واالنهيار"‪ .‬لكن الحضارة الغربية فريدة ومختلفة عن سابقاتها‪ ،‬وذلك باألنظمة السياسية والمؤسسات‬
‫داخل المجتمع‪.‬‬

‫‪ -‬حرب الحضارات والنظام‪:‬‬


‫إن االحتمال الذي يقول بأن تشن حربا حضارية على المستوى العالمي أمر بعيد الوقوع‪ ،‬ونسبة قليلة ترجح‬
‫بحدوثها‪ .‬قد يأتي نتيجة التصعيد في صراعات خطوط التقسيم‪ .‬و"ميزان القوى المتغير بين الحضارات وبين‬
‫دول المركز بها‪ ،‬هو أيضا أحد المصادر الخطرة لحرب كونية بين الحضارات"‪ .‬كما يرى بأن صعود الصين قد‬
‫يخلف توتر‪ ،‬مما قد يؤدي فيما بعد إلى حرب بين الصين وأمريكا‪ ،‬مرجحا النصر للصين لتحفز الدول اإلسالمية‬
‫ضد الغرب‪ ،‬وانضمام اليابان إلى الصين للتعاون ضد العدو المشترك‪ ،‬ومن بعد ذلك تتحرك روسيا ضد الصين‬
‫لحماية مصالحها في شرق آسيا‪ ،‬لتشن هجومات متبادلة بين الطرفين‪ ،‬لذا سيكون االشتراك والتحالف على‬
‫أساس المصالح "وهكذا أصبحت الواليات المتحدة وأوروبا وروسيا والهند مشتركة في صراع كوني حقيقي‪،‬‬
‫ضد الصين واليابان ومعظم الدول اإلسالمية"‪.‬‬

‫يختصر هنتنجتون "تجنب حروب رئيسية بين الحضارات في الحقبة القادمة يتطلب أن تحجم دول المركز عن‬
‫التدخل في صراعات الحضارة األخرى"‪ .‬فيرى بأن امتناع دول المركز عن تدخلها في حروب ونزاعات‬
‫للحضارات األخرى‪ ،‬بمثابة ضمان للسالم العالمي الذي يعرف تعدد حضار ي وذو أقطاب متعددة‪ .‬ستكون‬
‫هناك المنافسة على األسلحة النووية كما هو الحال لباكستان‪" ،‬وحيث إن الحضارة الغربية في حالة انهيار‬
‫مقارنة بالحضارات األخرى‪ ،‬فإن الضعوط سوف تستمر إلعادة تشكيل هذه المؤسسات لكي تتكيف مع مصالح‬
‫تلك الحضارات"‪ .‬كما سيكون هناك صراع على تربع الكرسي في مجلس األمن الدولي‪ ،‬باقتراح الكاتب بأن‬
‫هناك "سبع حضارات سيكون لكل منها مقعد واحد وللغرب اثنان‪ ،‬وهي حصص تمثل توزع البشر والثروة‬
‫والقوة في العالم بشكل عام"‪.‬‬

‫‪ -‬العوامل المشتركة في الحضارة‪:‬‬


‫يركز المؤلف على العوامل الثقافية في توحدها أو تعددها‪ ،‬وعلى وجه الخصوص يرى بأن "اإلبقاء على‬
‫الواليات المتحدة والغرب يتطلب تجديد الهوية الغربية"‪ .‬كما يحدثنا أيضا عن وجوب األخذ بعين االعتبار لما‬
‫هو مشترك بين الحضارات لضمان التعايش بينها‪ " .‬وفي عالم متعدد الحضارات فإن المسار البناء هو التخلي‬
‫عن العالمية وقبول التنوع والبحث عن العوامل المشتركة"‪ .‬مركزا على النظام والقانون بأنهما أساس بناء‬
‫الحضارة واستمرارها‪ ،‬أما العكس فيتمثل في الفوضى والبربرية معززا هذا بقوله‪" :‬تبدوا الحضارات وكأنها‬
‫تستسلم للبربرية في جوانب كثيرة‪ ،‬مخلفة صورة لظاهرة غير مسبوقة‪ ،‬وربها تنزل على اإلنسانية عصور‬
‫كونية مظلمة"‪ .‬فيختم القول أن "في صدام الحضارات‪ ،‬سوف تتساند أوروبا وأمريكا معا‪ ،‬أو تتساند كل منهما‬
‫على حدة‪ .‬في الصدام األكبر‪ ،‬الصدام الكوني الحقيقي بين الحضارة والبربرية‪ ،‬حضارات العالم الكبرى بكا‬
‫إنجازاتها في الدين واألدب والفن والفلسفة والعلم والتكنولوجيا واألخالق والتراحم‪ ،‬سوف تتساند أيضا معا‪،‬‬
‫أو تتساند فرادى"‪ ،‬ضد البربرية والتوحش‪" .‬في الحقبة الناشئة‪ ،‬صدام الحضارات هو الخطر األكثر تهديد‬
‫للسالم العالمي‪ ،‬والضمان األكيد ضد حرب عالمية هو نظام عالمي على الحضارات"‪.‬‬

You might also like