9 Maimunah

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 23

‫احملتوايت‬

‫أمهية البحث‪2 .........................................................................................................................:‬‬

‫أهداف البحث‪3 ...................................................................................................................... :‬‬

‫حمتوى البحث ‪4 ........................................................................................................................‬‬

‫‪-‬التعريف اببن سينا ‪ :‬حياته وآاثره ‪4 ...................................................................................................‬‬

‫آاثره العلمية‪5 ......................................................................................................................... :‬‬

‫‪-‬تصنيف العلوم عند ابن سينا‪6 ...................................................................................................... :‬‬

‫العلوم النظرية‪ :‬مميزاهتا وغايتها‪6 ....................................................................................................... .‬‬

‫العلوم العملية‪ :‬مميزاهتا وغايتها‪7 ....................................................................................................... .‬‬

‫العالقة بني العلوم‪ :‬يف املبادئ واملوضوعات‪7 ......................................................................................... .‬‬

‫من هو اإلمام الغزايل‪7 ................................................................................................................ :‬‬

‫الغزايل والفلسفة‪9 ..................................................................................................................... :‬‬

‫مر هبا الغزايل ‪11 ..................................................................................................‬‬


‫املراحل الفكرية اليت ّ‬
‫معتقداته‪13 ........................................................................................................................... :‬‬

‫الكندي‪15 ............................................................................................................................ :‬‬

‫اعماله‪15 ............................................................................................................................. :‬‬

‫إسهاماته العلمية ‪16 ....................................................................................................................‬‬

‫مدرسته الفلسفية ‪17 ...................................................................................................................‬‬

‫‪.‬ابن حزم ( ‪383‬هـ ـ ‪ 454‬هـ ) ‪17 ...................................................................................................‬‬

‫إخوان الصفا (‪ 334‬هـ ـ ‪ 447‬هـ( ‪18 ................................................................................................‬‬

‫ابن خلدون (‪732‬هـ ـ ‪ 808‬هـ ) ‪20 ..................................................................................................‬‬

‫تصنيف ابن خلدون للعلوم ‪20 .........................................................................................................‬‬

‫اخلالصة‪21 ........................................................................................................................... :‬‬

‫املراجع العربية‪22 ..................................................................................................................... :‬‬


‫منهج تصنيف العلوم عند اإلسالم‬

‫ميمونة ديراين بنجر‬


‫جامعة انتساري اإلسالمية احلكومية _الدراسات العليا _اللغة العربية‬
‫‪Email:mum_dn@hotmail.com‬‬

‫مقدمة البحث‪:‬‬

‫العلم هو السعي وراء املعرفة وفهم العامل الطبيعي وهو واالجتماعي تتبعه منهجية تستند إىل أدلة ‪.‬نظام‬

‫اكتساب املعرفة قائمة على أساس التجريبية العلمية والتجريب‪ .‬واملنهجية الطبيعية‪ ،‬كذلك هيئة نظرة‬

‫عامة تنظيم املعرفة البشرية اكتسبت من هذه البحوث الكثري‪ .‬ويؤكد العلماء أن التحقيق العلمي حيتاج‬

‫إىل االلتزام مالحظة املنهج علمي‪ ،‬وهي عملية لتقييم املعرفة التجريبية اليت تفسر األحداث دون اللجوء‬

‫إىل مفاهيم خارقة‪.‬‬

‫الكلمات املفتاحية‪ :‬تصنيف العلوم _ الفالسفة اإلسالميني‬

‫أمهية البحث‪:‬‬

‫جيمع املفكرون واملؤرخون أبن التفكري الفلسفي املنظم قد بدأ مع اليواننيني الـذين تناولوا قضااي الكـون‬

‫واإلنسان أبسلوب منطقي وعقالني‪ ،‬هلذا أعربت الفلسفة اليواننية الصورة الكاملة األوىل للفكر الفلسفي‬

‫اإلنساين الذي أصبح املنبع األساسي الذي يغرتف منه كل الفالسفة الالحقني من أجل بلورة أفكارهم‬

‫وتصوراهتم‪ ،‬هلذا وجب علينا أن نتساءل حول ما إذا كانت الفلسفة اإلسالمية جمرد استمرار لليوانن أم‬
‫أهنا إنتاج عقيل أصيل خاصة يف جمال تصنيف العلوم اليت بلغت أوجها مع الفالسفة اإلسالميني بداية‬

‫ابلكندي واملعلم الثاين الفارايب مرورا اببن الندمي إىل ابن خلدون آخر املفكرين العرب‪ ،‬حبيث نرى أبن‬

‫هناك اهتمام كبى بعملية التصنيف إىل أننا جند هناك اختالف يف تقسيماهتم للعلوم وهذا ما يتضح‬

‫من خالل تصانيف كل من الفارايب والكندي وإخوان الصفا وابن الندمي وابن سينا وابن حزم وابن‬

‫خلدون‪ ،‬حبيث جند هناك توافق وتكرار يف بعض العلوم وهناك اختالف‪ ،‬وهذا الرأي هو ما يؤكده‬

‫»الغزايل« يف كتابه هتافت الفالسفة حيث يقول‪» :‬اعلم أن علومهم ابلنسبة إىل الغرض الذي نطلبه‬

‫ستة أقسام‪ :‬رايضية ومنطقية وطبيعية وإهلية وسياسية وأخالقية‪ ،‬أما الرايضية‪ :‬فتتعلق بعلم احلساب‬

‫واهلندسة وعلم هيئة العامل ‪ ...‬وأما اإلهليات ففيها أكرث أغالطهم‪ .‬فام قدروا على الوفاء ابلباهني‬

‫على ما شرطوه يف املنطق ولذلك كرث االختالف بينهم ‪ «.‬ويتضح من خالل هذا القول أن هناك‬

‫توضيح أنواع العلوم الفلسفية اليت تناوهلا الفالسفة اإلسالميني يف تصنيفاهتم ألنهم أتثروا ابلفكر الفلسفي‬

‫اليواننيني خاصة أفالطون وأرسطو من أجل أتسيس نسق فلسفي خاص هبم‪ ،‬وهذا ما يؤكده» الفارايب«‬

‫يف كتابه اجلمع بين رأيي احلكيمني‪» :‬وكان هذان احلكيمان هام مبدعان للفلسفة ومنشئان أوائلها‬

‫وأصوهلا ومتممان أواخرها وفروعها‪ ،‬وعليهما املعول يف قليلها وكثريها‪ ،‬وإليهما املرجع يف سريها وخطريها‬

‫وما يصدر عنهما يف كل فن إمنا هو األصل املعتمد عليه خللوه من الشوائب والكدر‬

‫أهداف البحث‪:‬‬

‫ما هو تصنيف العلوم عند الفالسفة اإلسالميني وعلى أي أساس أقيم هذا التصنيف؟‬
‫إن الفلسفة املشرقية سامهت يف إثراء الثقافة العربية اإلسالمية سواء من بعيد أو من قريب فكانت املنبع‬

‫و املنهل ملفكرين العرب املسلمني و كذلك الغرب املسيحيني‪ ،‬فاستفاد من فلسفته مفكرين أمثال ‪:‬‬

‫واملفكرين‪.‬‬ ‫نصر الدين الطوسي‪ ،‬عمر اخليام‪ ،‬فخر الدين الرازي‪ ،‬التفتازاين ‪...،‬وغريهم من الفالسفة‬

‫حمتوى البحث‬

‫يعتب ابن سينا موسوعة علمية شاملة ملختلف العلوم الطبيعية منها و الفلسفية و الدينية و املوسيقية ‪،‬‬

‫و مبعىن آخر فإن عبقريته ابن سينا الواسعة و املذهلة جعلت منه طبيبا و فيلسوفا و عامال و موسيقيا‪،‬‬

‫األمر الذي جعله حيتل مكانة رائعة يف سجل احلكماء العباقرة الذين تدين هلم اإلنسانية ابلشيء الكبري‬

‫يف تطورها وتقدمها الفكري والعلمي والطيب والفين‬

‫‪-‬التعريف اببن سينا‪ :‬حياته وآاثره‬

‫"ولد حجة احلق ‪ ،‬وشرف امللك ‪ ،‬الشيخ الرئيس أبو علي احلسني بن عبد هلال بن حسن بن علي‬

‫بن سينا يف شهر صفر سنة ‪ 370‬ه و ‪980‬م يف بلدة أفشنه من منطقة خبارى قرب خرميثني من‬

‫أبوين إمساعيليني ‪ ،‬أبوه عبد هلال من كبار دعاة إالمساعيلية وأمه سارة من عائلة عريقة ابمساعلتها‬

‫وما ميز ابن سينا أنه مل يبلغ السابعة عشرة من عمره قد قرأ و أمل مبختلف علوم عصره كالفلك و‬

‫الفلسفة و الرايضيات و الطب" ‪ .‬لقد عمل ابن سينا جاهدا يف الدراسة والتطبيب والتصنيف حىت‬

‫اعتلت صحته من توايل الرحالت والغارات و السهر الطويل و العمل املستمر فوقع ضحية مرض الزحار‬

‫و كانت اصابته عام ‪ 425‬ه وقد عاجل ابن سينا نفسه ولكن انتكست حالته لظروف وملا شعر‬
‫ابقرتاب أجله استحم ونزر التوبة وأعتق عبيده و تصدق أبمواله وراح يقرأ القرآن وجيوده داعيا إىل هلال‬

‫اخلالص لنفسه وفارق احلياة يف سنة ‪ 428‬ه و ‪1037‬ه و قد دفن يف مهدان ‪ ،‬وقد شيدت احلكومة‬
‫‪1‬‬
‫ابمسه]‪[1‬‬ ‫اإليرانية و مجعية البناء املتحدة ضرحيا مهيبا و مكتبة ضخمة مسيت‬

‫آاثره العلمية‪:‬‬

‫يلي‪: "-‬‬ ‫تتعدد و تتنوع اآلاثر العلمية البن سينا ويظهر هذا من خالل كتبه ورسائله واليت تتمثل فيما‬

‫كتاب الشفاء كتاب القانون يف الطب كتاب علم النبات‪. -‬كتاب علم األخالق ‪ ،‬كتاب اإلشارات‬

‫والتنبيهات كتاب اهلداية‪. -‬كتاب يف املوسيقى ‪ ،‬كتاب احلاصل واحملصول ‪-‬كتاب اإلنصاف ‪ ،‬كتاب‬

‫احلكمة ‪.‬‬ ‫املختصر األوسط ‪ ،‬كتاب املبدأ و املعاد‪. -‬كتاب النجاة ‪،‬كتاب منطق املشرقيني ‪،‬كتاب عيون‬

‫وفيما خيص رسائله نذكر ما يلي‪: -‬الطبيعيات‪ ،‬فاإلجرام العلوية‪ ،‬القوى اإلنسانية وإدراكاهتا فيما يتعلق‬

‫العهد‪.‬‬ ‫ابحلواس والعقل‪ ،‬احلدود‪ ،‬إثبات النبوة‪ ،‬يف علم األخالق ‪ ،‬يف‬

‫ما ميكن التنويه إليه‪ ،‬أنه ميكننا متييز يف مؤلفات ابن سينا " مؤلفات يعرض فيها ما كان يعتقد يف‬

‫صحته من و علوم الفلسفة‪ ،‬و مؤلفات خيصها آبرائه الشخصية دون التقيد ابلطريقة السائدة يف التفكري‬
‫‪2‬‬
‫]‪[2‬‬ ‫و التأليف‬

‫خالصة القول‪ ،‬أن ابن سينا أشتهر يف عصره بعلمه وفلسفته وبطبه‪ ،‬األمر الذي جعل الباحثني يطلقون‬

‫الشرقية'‬ ‫على ازدهار احلضارة اليت ميثلها ابسم ' النهضة اإلسالمية' أو 'النهضة‬

‫‪ 1‬مصطفى غالب ‪ .‬يف سبيل موسوعة فلسفية ‪ -‬ابن سينا‪.‬‬


‫‪ 2‬حممد عابد اجلابري ‪ .‬حنن و الرتاث ‪-‬قراءات معاصرة يف تراثنا الفلسفي ‪ .‬بريوت‪ .‬املركز الثقايف العريب ‪ .‬الطبعة السادسة ‪.1993 .‬‬
‫‪-‬تصنيف العلوم عند ابن سينا‪:‬‬

‫"الوجود" هو نقطة حمورية يف فلسفة ابن سينا ‪ " ،‬العلم ابلوجود مبا هو موجود" "عقلية يف أصوهلا و‬

‫مبادئها ‪ ،‬صوفية يف ألفاظها و تعبريها ‪ ،‬توفيقية يف غاايهتا " وعليه‪ ،‬ففي تصنيفه للعلوم فهو ينطلق من‬

‫مفهومه للوجود ‪ ،‬حبيث جند أن ابن سينا يف عدة مواضع من كتبه اعتمد على تصنيفات عدة‪ ،‬مبعىن‬

‫أنه مل يلتزم بتصنيف واحد للعلوم وذلك راجع االختالف يف جتربته الفلسفية و منو استقالله الذايت‬

‫‪،‬ففي كتابه" ' عيون احلكمة' يتبىن ابن سينا التصنيف االرسطاليسي الذي يقوم على التفرقة بني العلوم‬

‫النظرية و العلوم العملية ‪ ،‬و يف كتابه ' منطق املشرقني '‬

‫قسمني‪:‬‬ ‫يصنف العلوم تصنيفا آخر ‪ ،‬إذ يقسمها إىل‬

‫بعدها ‪.‬‬ ‫أ‪-‬علوم ال يصح أن جترى أحكامها الدهر كله بل يف طائفة من الزمان مث تسقط‬

‫ب‪ -‬علوم متساوية النسب إىل مجيع أجزاء الدهر‪ ،‬وهذه العلوم أوىل أبن تسمى حكمة‬

‫"و يف موضع آخر جنده) ابن سينا (يقسم العلوم إىل عشرة أقسام وهي كالتايل " ‪ :‬نظرية املعرفة ‪-‬‬

‫املنطق ‪ -‬الواجب و املمكن ‪ -‬الفيض ‪ -‬الطبيعة ‪ -‬النفس ‪-‬النبوة ‪ -‬التصوف‪ -‬األخالق ‪ -‬السياسة‬
‫"‬

‫قسمني ‪:‬‬ ‫ولكننا يف هذه املداخلة املتواضعة سنعتمد على التصنيف األول أي تقسيم املعرفة الفلسفية إىل‬

‫التصنيفات‪.‬‬ ‫علوم نظرية وعلوم عملية‪ ،‬الن هذا التصنيف هو شامل وعام يعكس عموما‬

‫العلوم النظرية‪ :‬مميزاهتا وغايتها‪.‬‬


‫إن العلوم النظرية" تدرس األشياء اليت ال يتعلق وجودها بفعل اإلنسان ‪ -‬ال من حيث أفعالنا و أحوالنا‬
‫‪3‬‬
‫( – ‪[3,‬ص ‪]19‬‬

‫و غايتها هي إدراك احلقيقة "و تتجلى العلوم النظرية عند ابن سينا يف‪ :‬العلم الطبيعي‪ ،‬العلم الرايضي‪،‬‬

‫امليتافيزيقا‪( .‬‬ ‫علم ما بعد الطبيعة)‬

‫العلوم العملية‪ :‬مميزاهتا وغايتها‪.‬‬

‫فالعلوم العملية "فتدرس من هذا الفعل ذاته‪ -‬األشياء من حيث هي أفعالنا و أحوالنا‪ ،‬لنعرف أصوب‬

‫وجوه‪ .‬وقوعها منا‪ ،‬وصدورها عنا ووجودها فينا‪ ،‬وغايتها هو حتصيل اخلري "وهذه العلوم تشمل علم‬

‫األخالق‪ ،‬النبوة‪ ،‬السياسة ‪.‬‬

‫إذن‪ ،‬العلوم العملية هتدف إىل تطبيق تلك املعرفة وبعبارة أخرى العمل وفق تلك املعرفة ‪.‬ومن خالل‬

‫وأفعاله‪.‬‬ ‫هذا التقسيم تقوم عالقة موضوع املعرفة بنشاط اإلنسان‬

‫العالقة بني العلوم‪ :‬يف املبادئ واملوضوعات‪.‬‬

‫ويشري ابن سينا ارتباط العلوم فيما بينها من خالل اشرتاكها يف املبادئ أو يف املوضوعات أويف املسائل‪،‬‬

‫مبعىن أن العلوم ترتبط مع بعضها البعض‪ .‬واشرتاك العلوم يف موضوعاهتا يفرتض ارتباطا معينا فيما بينها‪،‬‬

‫حيث تستمد منه مبادئه وأصوله مثل علم النحو وعلم الكالم وظهور علم الرتمجة ‪....‬‬

‫من هو اإلمام الغزايل‪:‬‬

‫‪ 3‬آرثور سعدييف‪ .‬ترمجة‪ :‬توفيق سلوم ‪ .‬ابن سينا ‪-‬دراسات يف الفكر العريب ‪ -‬اإلسالمي ‪.‬لبنان ‪ .‬بريوت‪ .‬دار الفارايب ‪ .‬الطبعة األوىل‪19 .‬‬
‫أبو حامد حممد الغزايل الطوسي النيسابوري الصويف الشافعي األشعري‪ ،‬أحد أعالم عصره وأحد أشهر‬

‫علماء املسلمني يف القرن اخلامس اهلجري‪ 450( ،‬هـ ‪ 505 -‬هـ ‪1058 /‬م ‪1111 -‬م)‪ .‬كان‬
‫يقة‪ ،‬شافعي ِ‬
‫الفقه إذ مل يكن للشافعية يف آخر عصره مثلَه‪،.‬‬ ‫فقيهاً وأصولياً وفيلسوفاً‪ ،‬وكان صويف الطر ِ‬

‫وكان على مذهب األشاعرة يف العقيدة‪ ،‬وقد عُرف كأحد مؤسسي املدرسة األشعرية يف علم الكالم‪،‬‬

‫وأحد أصوهلا الثالثة بعد أيب احلسن األشعري‪( ،‬وكانوا الباقالين واجلويين والغزايل)‪ .‬لُقب الغزايل أبلقاب‬

‫كثرية يف حياته‪ ،‬أشهرها لقب "حجة اإلسالم"‪ ،‬وله أيضاً ألقاب مثل‪ :‬زين الدين‪ ،‬وحمجة الدين‪،‬‬

‫والعامل األوحد‪ ،‬ومفيت األمة‪ ،‬وبركة األانم‪ ،‬وإمام أئمة الدين‪ ،‬وشرف األئمة‪.‬‬

‫أعماله‪:‬‬

‫أثر كبريٌ وبصمةٌ واضحةٌ يف عدة علوم مثل الفلسفة‪ ،‬والفقه الشافعي‪ ،‬وعلم الكالم‪ ،‬والتصوف‪،‬‬
‫كان له ٌ‬
‫واملنطق‪ ،‬وترك عدداَ من الكتب يف تلك اجملاالت‪ .‬ولد وعاش يف طوس‪ ،‬مث انتقل إىل نيسابور ليالزم‬

‫أاب املعايل اجلويين (امللقب إبمام احلرمني)‪ ،‬فأخذ عنه معظم العلوم‪ ،‬وملا بلغ عمره ‪ 34‬سنة‪ ،‬رحل إىل‬

‫بغداد مدرساً يف املدرسة النظامية يف عهد الدولة العباسية بطلب من الوزير السلجوقي نظام امللك‪ .‬يف‬

‫تلك الفرتة اشتُهر شهرةً واسعةً‪ ،‬وصار مقصداً لطالب العلم الشرعي من مجيع البلدان‪ ،‬حىت بلغ أنه‬

‫كان جيلس يف جملسه أكثر من ‪ 400‬من أفاضل الناس وعلمائهم يستمعون له ويكتبون عنه العلم‪.‬‬

‫وبعد ‪ 4‬سنوات من التدريس قرر اعتزال الناس والتفرغ للعبادة وتربية نفسه‪ ،‬متأثراً بذلك ابلصوفية‬

‫وكتبهم‪ ،‬فخرج من بغداد خفيةً يف رحلة طويلة بلغت ‪ 11‬سنة‪ ،‬تنقل خالهلا بني دمشق والقدس‬
‫واخلليل ومكة واملدينة املنورة‪ ،‬كتب خالهلا كتابه املشهور إحياء علوم الدين خالصةً لتجربته الروحية‪،‬‬

‫عاد بعدها إىل بلده طوس متخذاً جبوار بيته مدرسةً للفقهاء‪ ،‬وخانقاه (مكان للتعبد والعزلة) للصوفية‪.‬‬

‫الغزايل والفلسفة‪:‬‬

‫كانت الفلسفة يف عصر أيب حامد الغزايل قد أثرت يف تفكري الكثريين من أذكاء عصره وسلوكهم‪،‬‬

‫وأدى ذلك إىل التشكيك يف الدين اإلسالمي واالحنالل يف األخالق‪ ،‬واالضطراب يف السياسة‪ ،‬والفساد‬

‫يف اجملتمع ‪.‬فتصدى أبو حامد الغزايل هلم بعد أن عكف على دراسة الفلسفة ألكثر من سنتني‪ ،‬حىت‬

‫استوعبها وفهمها‪ ،‬وأصبح كواحد من كبار رجاهلا‪ ،‬يقول عن نفسه‪« :‬مث إين ابتدأت بعد الفراغ من علم‬

‫الكالم بعلم الفلسفة‪ ،‬وعلمت يقيناً أنه ال يقف على فساد نوع من العلوم‪ ،‬من ال يقف على منتهى‬

‫ذلك العلم‪ ،‬حىت يساوي أعلمهم يف أصل ذلك العلم‪ ..‬فشمرت عن ساق اجلد يف حتصيل ذلك العلم‬

‫من الكتب‪ ..‬مث مل أزل أواظب على التفكر فيه بعد فهمه قريباً من سنة أعاوده وأردده وأتفقد غوائله‬

‫وأغواره‪ ،‬حىت اطَّلعت على ما فيه من خداع‪ ،‬وتلبيس وحتقيق وختييل‪ ،‬واطالعاً مل أشك فيه»‪44, ،‬ص‬

‫‪ 45–20‬وألف يف ذلك كتابه“ مقاصد الفالسفة ”مبيناً منهجهم‪ .‬مث بعد ذلك وصل إىل نتيجته‬

‫‪ 4‬اإلمام الغزالي بين مادحيه وناقديه‪ ،‬يوسف القرضاوي‪ ،‬ص‪45-20‬‬


‫قائالً‪« :‬فإين رأيتهم أصنافاً‪ ،‬ورأيت علومهم أقساماً وهم – على كثرة أصنافهم – يلزمهم وصمة الكفر‬

‫واإلحلاد‪ ،‬وإن كان بني القدماء منهم واألقدمني‪ ،‬وبني األواخر منهم واألوائل‪ ،‬تفاوت عظيم‪ ،‬يف البعد‬

‫عن احلق والقرب منه‪».‬‬

‫تناول الغزايل الفلسفة ابلتحليل التفصيلي‪ ،‬وذكر أصنافهم وأقسامهم‪ ،‬وما يستحقون به من التكفري‬

‫حبسب رأيه‪ ،‬وما ليس من الدين‪ ،‬بذلك اعتُب الغزايل أول عامل ديين يقوم هبذا التحليل العلمي للفلسفة‪،‬‬

‫وأول عامل ديين يصنف يف علومهم التجريبية النافعة‪ ،‬ويعرتف بصحة بعضها ‪.‬إذ قسم الغزايل علوم‬

‫فالسفة اليوانن إىل العلوم الرايضية‪ ،‬واملنطقيات‪ ،‬والطبيعيات‪ ،‬واإلهليات‪ ،‬والسياسات‪ ،‬واألخالقيات‪،‬‬

‫وكان أكثر انتقاد الغزايل وهجومه على الفالسفة ما يتعلق ابإلهليات‪ ،‬إذ كان فيها أكثر أغاليطهم‬

‫حبسب الغزايل‪ ،‬وقد كفر الغزايل فالسفة اإلسالم املتأثرين ابلفلسفة اليواننية يف ‪ 3‬مسائل‪ ،‬وبدعهم يف‬

‫‪ 17‬عشر مسألة‪ ،‬وألف كتاابً خمصوصاً للرد عليهم يف هذه ال ‪ 20‬مسألة مساه“ هتافت الفالسفة “وفيه‬

‫هاجم الفالسفة بشكل عام والفالسفة املسلمون بشكل خاص‪ ،‬وخاصة ابن سينا والفارايب فقد هامجهم‬

‫هجوماً شديداً‪ ،‬ويُقال إنه قضى على الفلسفة العقالنية يف العامل العريب‪ ،‬منذ ذلك الوقت ولعدة قرون‬
‫متواصلة ‪.‬فجاء بعده ابن رشد فرد على الغزايل يف كتابني أساسيني مها “فصل املقال فيما بني احلكمة‬

‫والشريعة من االتصال”‪ ،‬مث “هتافت التهافت ‪”.‬‬

‫وحبسب الباحثني أمثال يوسف القرضاوي وعباس حممود العقاد‪ ،‬فإن الغزايل يُعد يف كثري من نظرايته‬

‫النفسية والرتبوية واالجتماعية صاحب فلسفة متميزة‪ ،‬وهو يف بعض كتبه أقرب إىل متثيل فلسفة إسالمية‪،‬‬

‫وأنه فيلسوف ابلرغم من عدم كونه يريد ذلك‪5, 5،‬ص ‪220‬وهذا ما صرح به كثريون من العرب والغربيني‪،‬‬

‫حىت قال الفيلسوف املشهور رينان« ‪:‬مل تنتج الفلسفة العربية فكراً مبتكراً كالغزايل»‬

‫مر هبا الغزايل‬


‫املراحل الفكرية اليت ّ‬
‫قبل أن يستقر أمر الغزايل على التصوف‪ ،‬مر مبراحل كثرية يف حياته الفكرية‪ ،‬كما يرويها هو نفسه يف‬

‫كتابه املنقذ من الضالل‪ ،‬فابتدأ مبرحلة الشك بشكل ال إرادي‪ ،‬واليت شك خالهلا يف احلواس والعقل‬

‫ويف قدرهتما على حتصيل العلم اليقيين‪ ،‬ودخل يف مرحلة من السفسطة غري املنطقية حىت ُشفي منها‬

‫بعد مدة شهرين تقريباً‪[6] 6.‬ليتفرغ بعدها لدراسة األفكار واملعتقدات السائدة يف وقته‪ ،‬يقول‪« :‬وملا‬

‫شفاين هللا من هذا املرض بفضله وسعة جوده‪ ،‬أحضرت أصناف الطالبني عندي يف أربع‬

‫فرق ‪:‬املتكلمون ‪:‬وهم يدعون أهنم أهل الرأي والنظر ‪.‬والباطنية ‪:‬وهم يزعمون أهنم أصحاب التعليم‪،‬‬

‫واملخصوصون ابالقتباس من اإلمام املعصوم ‪.‬والفالسفة ‪:‬وهم يزعمون أهنم أهل املنطق‬

‫والبهان ‪.‬والصوفية ‪:‬وهم يدعون أهنم خواص احلضرة‪ ،‬وأهل املشاهدة واملكاشفة»‪ ،‬ويتابع ويقول‪:‬‬

‫‪ 5‬طبقات الشافعية الكبرى‪ ،‬تاج الدين السبكي‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪220‬‬


‫‪ 6‬المنقذ من الضالل‪ ،‬أبو حامد الغزالي‪ ،‬ص‪ ،118-112‬دار الكتب الحديثة‬
‫«فابتدرت لسلوك هذه الطرق‪ ،‬واستقصاء ما عند هذه الفرق مبتدائً بعلم الكالم‪ ،‬ومثنياً بطريق الفلسفة‪،‬‬

‫ومثلثاً بتعلم الباطنية‪ ،‬ومربعاً بطريق الصوفية‪ .‬فعكف على دراسة علم الكالم حىت أتقنه وصار أحد‬

‫كبار علمائهم‪ ،‬وصنف فيه عدة من الكتب اليت أصبحت مرجعاً يف علم الكالم فيما بعد مثل كتاب‬

‫"االقتصاد يف االعتقاد"‪ ،‬إال أنه مل جيد ضالته املنشودة يف علم الكالم‪ ،‬ورآه غري واف مبقصوده‪ ،‬يقول‬

‫عن نفسه‪« :‬فلم يكن الكالم (أي علم الكالم) يف حقي كافياً‪ ،‬وال لدائي الذي كنت أشكوه شافياً‪».‬‬

‫بعد ذلك توجه لعلم الفلسفة ودرسها وفهمها‪ ،‬مث نقدها بشدة بكتابه هتافت الفالسفة ‪.‬مث درس‬

‫بعدها الباطنية فرد عليهم وهامجهم‪ .‬ليستقر أمره على علم التصوف‪.‬‬

‫تنقل خالهلا بني دمشق والقدس واخلليل ومكة واملدينة املنورة‪ ،‬كتب خالهلا كتابه املشهور يف‬

‫التصوف إحياء علوم الدين‪ ،‬وكانت نتيجة رحلته الطويلة تلك أن قال‪ :‬أبو حامد الغزايل‪..‬‬

‫((وانكشفت يل يف أثناء هذه اخللوات أمور ال ميكن إحصاؤها واستقصاؤها‪ ،‬والقدر الذي‬

‫ت يقيناً أن الصوفية هم السالكون لطريق هللا تعاىل خاصة وأن سريهتم أحسن‬
‫أذكره لينتفع به أين علم ُ‬
‫السري‪ ،‬وطريقهم أصوب الطرق‪ ،‬وأخالقهم أزكى األخالق‪)).‬‬

‫الفارايب‪:‬‬

‫الفارايب وعُ ِرف أبيب نصر وامسه األساسي حممد‪ُ ،‬ولد عام ‪260‬هـ ‪(874‬م)‪ ،‬يف فاراب يف‬

‫إقليم تركستان( كازاخستان حاليًا) وتُويف عام ‪339‬هـ‪(950‬م ) لُقب ابسم الفارايب نسبةً للمدينة اليت ولد‬
‫فيها وهي فاراب ‪.‬يعُتب الفارايب فيلسوفاَ ومن أهم الشخصيات اإلسالمية اليت أتقنت العلوم بصورة‬

‫كبرية كالطب والفيزايء والفلسفة واملوسيقى وغريها‪[7] 7.‬‬

‫عاش الفارايب ُمدةً يف بغداد قبل أن ينتقل إىل دمشق ومنها انطلق يف جو ِلة بني البلدان قبل أن يعود‬

‫لدمشق ويستقر فيها حىت وفاته‪ ،‬خالل وجوده يف سوراي قصد الفارايب حلب وأقام ببالط سيف الدولة‬
‫العلماء و ِ‬
‫األدابء والفالسفة ‪.‬أطلق عليه معاصروه لقب املعلم الثاين‪ ،‬نظراَ‬ ‫ِ‬ ‫احلمداين وتبوأ مكانةً عاليةً بني‬

‫عليها ‪.‬‬ ‫الهتمامه مبؤلفات أرسطو املعروف ابملعلم األول‪ ،‬وتفسريها وإضافة التعليقات‬

‫ال خالف بني املؤرخني على أن أيب نص ٍر الفارايب هو املؤسس األول للفلسفة اإلسالمية‪ ،‬فقد أتثر ُّ‬
‫كل‬

‫العلماء الذين أتوا بعده أبفكاره‬

‫درس الفارايب العديد من املذاهب الفلسفية لكن أكثر ما أتثر يفلسفه أرسطو وخاصةً ابملذهب األرسطي‬

‫احملدث املنتشر يف اإلسكندرية‪ ،‬اتسم الفارايب بغزارة كتاابته‪ ،‬ونُسب إليه أكثر من مئة كتاب‬

‫معتقداته‪:‬‬

‫املاورائية (امليتافيزيقا) وعلم الكونيات‬

‫علم املعرفيات وعلم اآلخرة‬

‫علم النفس والروح واملعرفة النبوية‬

‫الفلسفة العملية واألخالق والسياسة‬

‫‪" 7‬أهمية الفارابي في ا لفلسفة اإلسال مية "‬


‫أيب نصر الفارايب تسعة كتب يف الرايضيات والكيمياء واملوسيقى متفرقة يف مكتبات العامل ابللغتني العبية‬

‫والالتينية إضافة لتسعة كتب أُخرى يف جماالت العلوم املختلفة‬

‫املنطق عند الفارايب "اجلزء األول"‪ ،‬حيتوي على‪:‬‬

‫الفصول اخلمسة‬

‫ايساغوجي‬

‫كتاب املقوالت‬

‫كتاب العبارة وكتاب القياس‬

‫كتاب القياس الصغري على طريقة املتكلمني‬

‫كتاب التحليل‬

‫كتاب األمكنة املغلطة‬

‫مقاربة موضوع إحصاء العلوم والصناعات عند الفارايب‪ ،‬مع ما يتيحه لنا ذلك من تعرف على مالمح‬

‫أبستمولوجيا العلوم العربية خالل العصر الوسيط‪ ،‬كما شرع إليها املعلم الثاين وطفق يف عرض أبعادها‬

‫ومقاصدها بال هوادة‪ .‬هبذا املعىن‪ ،‬من الوجاهة مبكان‪ ،‬التلميح إىل الفضاء اإلشكايل العام الذي تتنزل‬

‫ضمنه هكذا مسألة‪ ،‬واملتعني تدقيقا‪ ،‬يف تبني الطابع املركب لفلسفة الفارايب من خالل تنوع املباحث‬

‫اليت وجهت اهنمام فيلسوفنا ضمن مدونته الفلسفية برمتها‪ ،‬أين يستجلي القارئ‪ ،‬فعل التآلف العضوي‬

‫بني مؤلفاته‪ ،‬سيما من جهة البنية واملضامني واملناهج‪ ،‬أتكيدا للخاصية املوسوعية هلذا الفيلسوف العريب‬

‫املتعدد‪.‬‬
‫الكندي‪:‬‬

‫أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي ‪ (185‬هـ ‪/805 - 256‬هـ )‪/873‬عالمة عريب مسلم‪ ،‬برع‬

‫يف الفلك والفلسفة والكيمياء والفيزايء والطب والرايضيات واملوسيقى وعلم النفس واملنطق الذي كان‬

‫يعرف بعلم الكالم ‪.‬يعرف عند الغرب ابسم( ابلالتينية )‪ ،: Alkindus‬ويعد الكندي أول الفالسفة‬

‫املتجولني املسلمني‪ ،‬كما اشتهر جبهوده يف تعريف العرب واملسلمني ابلفلسفة اليواننية‬

‫القدمية واهللنستية‪[8] ]5[.‬عاش يف البصرة يف مطلع حياته مث انتقل منها إىل بغداد حيث أقبل على‬

‫العلوم واملعارف لينهل من معينها‪ ،‬وذلك يف فرتة اإلانرة العربية على عهد املأمون واملعتصم‪ ،‬يف جو‬

‫مشحون ابلتوتر العقائدي بسبب مشكلة خلق القرآن وسيطرة مذهب االعتزال وذيوع التشيع‪ ،‬وكان‬

‫القرن الثالث اهلجري ميوج أبلوان شىت من املعارف القدمية واحلديثة وذلك بتأثري حركة النقل والرتمجة‪،‬‬

‫فأكب الكندي على الفلسفة والعلوم القدمية حىت حذقها‪ .‬أوكل إليه املأمون مهمة اإلشراف على ترمجة‬

‫األعمال الفلسفية والعلمية اليواننية إىل العربية يف بيت احلكمة‪ ،‬وقد عده ابن أيب أصيبعة مع حنني بن‬

‫إسحق واثبت بن قرة وابن الفرخان الطبي حذاق الرتمجة املسلمني كان الطالعه على ما كان يسميه‬

‫علماء املسلمني آنذاك "ابلعلوم القدمية" أعظم األثر يف فكره‪ ،‬حيث مكنه من كتابة أطروحات أصلية‬

‫يف األخالقيات وما وراء الطبيعة والرايضيات والصيدلة‪.‬‬

‫أعماله‪:‬‬

‫اهلندية إىل العامل‬ ‫إدخال األرقام‬ ‫يف‬ ‫هاما‬


‫ً‬ ‫دورا‬
‫ً‬ ‫الكندي‬ ‫لعب‬ ‫يف الرايضيات‪،‬‬
‫[‪]9‬‬
‫ائدا يف حتليل الشفرات‪ ،‬واستنباط أساليب جديدة الخرتاق‬
‫اإلسالمي واملسيحي‪ ،‬كما كان ر ً‬
‫مقياسا يسمح لألطباء بقياس فاعلية‬
‫ً‬ ‫الشفرات‪ ]10[.‬ابستخدام خبته الرايضية والطبية‪ ،‬وضع‬
‫[‪]12‬‬
‫الدواء‪ ]11[،‬كما أجرى جتارب حول العالج ابملوسيقى‪.‬‬

‫كان الشاغل الذي شغل الكندي يف أعماله الفلسفية‪ ،‬هو إجياد التوافق بني الفلسفة والعلوم اإلسالمية‬

‫األخرى‪ ،‬وخاصة العلوم الدينية‪ .‬تناول الكندي يف الكثري من أعماله مسائل فلسفية دينية مثل‬

‫طبيعة هللا والروح والوحي‪ ]13[.‬لكن على الرغم من الدور املهم الذي قام به يف جعل الفلسفة يف متناول‬

‫املثقفني املسلمني آنذاك‪ ،‬إال أن أعماله مل تعد ذات أمهية بعد ظهور علماء مثل الفارايب بعده‪ ،‬ومل يبق‬

‫سوى عدد قليل ج ًدا من أعماله للعلماء املعاصرين لدراستها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال يزال الكندي يعد من‬

‫أعظم الفالسفة ذوي األصل العريب‪ ،‬ملا لعبه من دور يف زمانه‪ ،‬هلذا يلقب بـ "أبو الفلسفة العربية" أو‬

‫"فيلسوف العرب‬

‫إسهاماته العلمية‬

‫• علم الفلك‬

‫• الطب والكيمياء‬

‫• البصرايت‬

‫• الرايضيات‬

‫• التشفري‬

‫• قواعد املوسيقى‬

‫الفلسفة‬
‫مدرسته الفلسفية‬

‫‪ o‬ما وراء الطبيعة‬

‫‪ o‬نظرية املعرفة‬

‫‪ o‬الروح واحلياة اآلخرة‬

‫‪ o‬العالقة بني الوحي والفلسفة‬

‫ابن حزم (‪383‬هـ ـ ‪ 454‬هـ )‬

‫وضع ابن حزم تصنيفه يف العلوم على أساس التمييز بين العلوم النافعة احملمودة اليت تدخل يف‬

‫دائرة العقل والشرع‪ ،‬والعلوم املذمومة اليت تقع خارج دائرة الشرع والعقل‪ ،‬حبيث قام بتقسيم‬

‫العلوم إىل سبعة أنواع‪ :‬وهي علم الشريعة‪ ،‬علم اللغة‪ ،‬علم األخبار‪ ،‬علم النجوم‪ ،‬علم العدد‪،‬‬

‫علم الطب‪ ،‬علم الفلسفة‪ ،‬مع العلم‪ ،‬أن علم الشريعة يف كل أمة وعلم لغتها وعلم األخبار هي‬

‫علوم ختتلف من جمتمع آخر الختالف الثقافة بعناصرها املختلفة‪ ،‬مث أتيت بعد ذلك أربعة‬

‫أقسام تتفق فيها مجيع األمم وهي‪ :‬علم النجوم‪ ،‬وعلم العدد‪ ،‬وعلم الطب‪ ،‬وعلم الفلسفة‪،‬‬

‫وحيتوي كل علم من هذه العلوم السبعة على تقسيمات وتفريعات‪ ،‬فمثال‪: -‬علم الشريعة‪ :‬علوم‬

‫القرآن‪ ،‬احلديث‪ ،‬الفقه‪ ،‬الكالم ‪-‬علم اللغة‪ :‬النحو‪ ،‬اللغة‪. -‬علم النجو‪ :‬علم اهليئة‪. -‬علم الطب‪:‬‬

‫طب النفس‪ ،‬طب اجلسم ‪.‬ويف هذا الصدد يقول »ابن حزم«‪» :‬العلوم تتكامل مع بعضها‬

‫وكل منها حيتاج إىل اآلخر والفرق بينها من حيث اهلدف‪ ،‬حيث أهنا مجيعا ـ كما سيتضح ـ‬

‫تسعى إىل سعادة املسلم يف دنياه‪ ،‬وفوزه ابجلنة يف أخراه‪ ،‬وحيث أهنا مجيعا تؤكد وجود اخلالق‬
‫سبحانه وتعاىل وتكشف عن بديع صنعه وعظيم خلقه ‪« .‬ويقول ابن حزم يف نص آخر‪»:‬‬

‫العلوم اليت ذكران يتعلق بعضها ببعض وال يستغين منها علم عن غريه ‪«.‬وهذا يؤكد لنا أبن ابن‬

‫حزم يرى أبنه ال ميكن الفصل بين هذه العلوم ألهنا مثل وحدة متكاملـة ومتناسقـة ومنتظمة‬

‫تساعـد اإلنسان فـي حياته مـن أجـل الكشف ومعرفـة احلقائـق الـمتواريـة واخلفية‪ ،‬وذلك لبلوغ‬

‫وحتقيق غايته‪ ،‬وهدفه يف هذه احلياة‪ ،‬وما ميكن مالحظته واستنتاجه من تصنيف العلوم عند‬

‫ابـن حزم أنــه خمالف لسابقيه خاصـة فـي تـأكيده على علم الشريعة يف املرتبة األوىل وحاجة‬

‫العلوم األخرى ابلنسبة لإلنسان يف معرفة اخلالق‪ ،‬كام أنه يصف بعض العلوم اليت يرى أبهنا‬

‫مذمومة كالسحر والطالسم والكيمياء فيقوم بذمها وإنكارها إال إهنا تساعد اإلنسان يف آخرته‬

‫يف الفوز ابجلنة ويف أتكيده على الشريعة اإلسالمية‪ ،‬يقول‪ » :‬كان الواحد منهم غائبا عن‬

‫علم الشريعة اليت معىن خلروجنا إىل هذا العامل غريها وال خالص لنا وال ساملة عند خروجنا‬

‫من الدنيا إال هبا‪ ،‬وكان مبعزل عن علم احلقائق ‪«.‬إن ابـن حزم يؤكـد على هذه العلوم فـي تـكاملها‬

‫مـن أجـل فهم اإلنسان لغايته اليت هو موجود عليها يف هذه الدنيا من أجل الفوز ابآلخرة‪.‬‬

‫إخوان الصفا (‪ 334‬هـ ـ ‪ 447‬هـ(‬

‫يقول "إخوان الصفا" يف الرسالة السابعة من رسائلهم التعليمية يف فصل يف العلم والعلوم والتعلم أبن‬

‫العـلوم الـيت يتعاطـاها الـبشر ثالثـة أجـناس‪ :‬فـمنها الرايضـة ومـنها الشرعية الوضعيـة ومنها الفلسفية‬

‫احلقيقية ‪... «.‬وما نالحظه يف هذا القول‪ ،‬أن العلوم عندهم تنقسم إىل ثالثة أقسام‪ ،‬وهي‪ :‬العلوم‬
‫الرايضية اليت تدل على أهنا علم اآلداب اليت وضع أكثرها لطلب املعاش صاحل أمر حياة الدنيا‪ ،‬وهي‬

‫تسعة»‪:‬‬

‫علم القراءة والكتابة‬ ‫•‬

‫علم النحو والصرف‬ ‫•‬

‫علم احلساب‬ ‫•‬

‫علم الشعر والعروض‬ ‫•‬

‫علم البيع والشراء‬ ‫•‬

‫علم احلرث والنسل‬ ‫•‬

‫علم احلرف والصنائع‬ ‫•‬

‫علم الرجز والفأل‬ ‫•‬

‫أما العلوم الشرعية فهي اليت وضعت لطاليب اآلخرة‪ ،‬وهي ستة‪ :‬علم التنزيل وأصحابه األنبياء‪ ،‬علم‬

‫التأويل وأصحابـه خلفـاؤهم‪ ،‬عـلم الرواايت» األخبار الشرعية» وأصحابه أهـل احلديث‪ ،‬عـلم الفقـه‬

‫والسنن واألحكام وأصحابـه الفقهاء‪ ،‬علم التذكار واملواعظ والتصوف وأصحابـه العـباد والزهـاد‬

‫والرهبان‪ ((.‬وأخرا علم أتويل املنامات‬

‫وأما العلوم الفلسفية فهي أربعة أنواع منها الرايضيات ومنها املنطقيات ومنها الطبيعيات ومنها‪:‬‬

‫اإلهليات وما ميكن مالحظته يف تصنيفهم للعلوم مقارنة معاصريهم أو من سبقهم يف تقسيمهم للعلوم‬

‫أبن علم املنطق آلـة‪ ،‬ولـيس جـزء مـن الفلسفة‪ ،‬بـحيث يـقصدون رسالـة ايساغوجي فـي املنطق تـسديد‬
‫العـقل وتقوميه وتثقيفه حنو احلقائق ورده عن الزلل والغلط‪ ،‬كام حيتاج إىل النحو لتسديد اللسان‬

‫وتقوميه حنو الصواب ورده عن اللحن ألن نسبة املنطق إىل املعقوالت كنسبة صناعة النحو من‬

‫األلفاظ «مع العلم أهنم كانوا متأثرين مبؤثرات متعددة يف تقسيمهم للعلوم إسالمية ويواننية‪ ،‬وخصوصا‬

‫الفيثاغوريني من جهة وأرسطو‪ ،‬واألفالطونية من جهة أخرى‪ ،‬كام أهنم قاموا بتكرار حماولة الكندي يف‬

‫تقسيمه للعلوم إىل إنسانية عقلية ودينية شرعية‪ ،‬لكن تقسيمهم أمشل وأوسع من سابقيهم‪ ،‬مثال‪:‬‬

‫العلوم الشرعية تنقسم إىل قسمين‪ :‬أحدامها خبي ليس لإلنسان فاعلية كسبه فهو وحي‪ ،‬وهذا خاص‬

‫فيه‪.‬‬ ‫ابلقرآن والكتب املنزلة؛ ونوع آخر شرعي وضعي مثل الفقه واحلديث لإلنسان فاعلية‬

‫ابن خلدون (‪732‬هـ ـ ‪ 808‬هـ )‬

‫يعتب تصنيف العلوم عند ابن خلدون كحلقة من حلقات إجنازات وإسهامات الفالسفة املسلمني يف‬

‫احلضارة اإلسالمية بصفة خاصة واحلضارة اإلنسانية بصفة عامة‪ ،‬حبيث إذا قاران تصنيف العلوم عنده‬

‫وعند الفالسفة السابقني أمثال الكندي والفارايب وإخوان الصفا وغريهم‪ ،‬نالحظ أبن أراءه وأفكاره‬

‫تعتب ركيزة يف الفكر اإلنساين املعاصر نظرا االبتكارات وإبداعاته يف العديد من العلوم األخرى‪ ،‬ألنه‬

‫خصص جزءا ال يستهان به من مقدمته لتبيان خمتلف العلوم أبصوهلا وأقسامها‬

‫تصنيف ابن خلدون للعلوم‬

‫الذي خصص له أكثر من مخسني فصال وما حتتويه من أقسام ومتطلبات وتعاريف‪ ،‬وقد قسمها إىل‬

‫صنف طبيعي وهو العلوم الفلسفية والعلوم النقلية اليت يكون أصلها الكتاب والسنة‪ ،‬وأصناف هذه‬
‫العلوم كثرية كعلم التفسري وعلم الفرائض وعلوم احلديث وعلم تفسريي الرؤاي والفقه‪ ،‬إال أن ابن‬

‫خلدون يف تصنيفه للعلوم قام إببطال وإنكار بعض العلوم وهذا يؤكد لنا أنه حيذو حذو الغزايل يف‬

‫العلوم‪.‬‬ ‫إنكاره لبعض‬

‫اخلالصة‪:‬‬

‫إذن‪ ،‬يعتب تصنيف العلوم عند الفالسفة اإلسالميني من بين اإلسهامات واإلجنازات الفكرية واملعرفية‬

‫والعلمية اليت سامهت يف بناء احلضارة اإلنسانية‪ ،‬أن قبل اإلسالم كانوا يهتمون ابجلانب الشعري األديب‬

‫وبعد اإلسالم ظهرت مبادرات كثرية من أجل االهتمام ابملعرفة والعلم خاصة ما عرف حبركة الرتمجة اليت‬

‫كانت بدايتها يف العهد األموي وأخذت تتطور أكرث يف عهد املأمون يف العصر العباسي حبيث نرى‬

‫أبن عملية التصنيف قد بدأت مع الكندي أول فيلسوف إسالمي‪ ،‬حيث جند يف بداية األمر كان‬

‫االهتمام ابلطب وعلم الفلك لكن نظرا لتطور األمة اإلسالمية وازدهارها أصبحت احلاجة ماسة‬

‫للمعارف األخرى سواء علمية أو فلسفية فبدأت عملية الرتمجة من السراينية إىل العربية ومن اليواننية‬

‫إىل العربية مع حنين ابن إسحاق وغريهم من املرتمجني البارعني ويعتب كتاب الفهرست النب الندمي أفضل‬

‫منوذج يف دراسة تصنيف العلوم‪ ،‬حبيث جند أن التقسيم الثنائي بدأ مع أفالطون‪ ،‬حيث قسم املعرفة إىل‬

‫قسمني عامل احملسوس الذي يتضمن مجيع الصور احملسوسة من حيوان ونبات وطب ‪ ...‬اخل ‪ .‬وعامل‬

‫معقول الذي يتضمن املعارف العقلية كعلمي الرايضيات والالهبات يف حين جند تلميذه أرسطو الذي‬

‫رفض مذهب أستاذه يف تقسيمه للعلوم فقسمها إىل اثلثة أنواع وهي نظرية وعلمية وإنتاجية فقسم‬
‫األوىل إىل هندسة وفلك وموسيقى وحساب وميتافيزيقا ) الفلسفة االوىل ( والطبيعيات‪ .‬والعملية إىل‬

‫وجدل‪.‬‬ ‫أخالق واالقتصاد والسياسة‪ ،‬واإلنتاجية إىل شعر وبالغة‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫املراجع العربية‪:‬‬

‫‪-‬مصطفى غالب‪ .‬يف سبيل موسوعة فلسفية ‪ -‬ابن سينا‪ .‬نفس املرجع‪ .‬ص‪..25-24 :‬‬ ‫]‪[1‬‬

‫حممد عابد اجلابري‪ .‬حنن والرتاث ‪-‬قراءات معاصرة يف تراثنا الفلسفي‪ .‬بريوت‪ .‬املركز الثقايف العريب‪ .‬الطبعة‬ ‫]‪[2‬‬

‫السادسة‪. .1993 .‬‬

‫آرثور سعدييف‪ .‬ترمجة‪ :‬توفيق سلوم‪ .‬ابن سينا ‪-‬دراسات يف الفكر العريب ‪ -‬اإلسالمي‪ .‬لبنان‪ .‬بريوت‪.‬‬ ‫]‪[3‬‬

‫دار الفارايب‪ .‬الطبعة األوىل‪. .19 .‬‬

‫إلمام الغزايل بني مادحيه وانقديه‪ ،‬يوسف القرضاوي‪ ،‬ص‪..45-20‬‬ ‫]‪[4‬‬

‫طبقات الشافعية الكبى‪ ،‬اتج الدين السبكي‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪..220‬‬ ‫]‪[5‬‬

‫املنقذ من الضالل‪ ،‬أبو حامد الغزايل‪ ،‬ص‪ ،118-112‬دار الكتب احلديثة‪. .‬‬ ‫]‪[6‬‬

‫أمهية الفارايب يف الفلسفة اإلسالمية‪. .‬‬ ‫]‪[7‬‬

‫ابن أيب أصيبعة‪. .،‬‬ ‫]‪[8‬‬

You might also like