Professional Documents
Culture Documents
دروس المناجمنت
دروس المناجمنت
حمارضات يف
املنامجنت العمويم
حمارضات ألقيت عىل طلبة س نة اثهية ماسرت علوم اإدارية
تحتل اإلدارة العمومي ة مكانة هامة في الدولة ،و تزداد أهميتها في العصر الحديث و ذلك بالنظر للدور الذي
أن الواقع أثبت أنها يمكن أن تكون أيضا سببا للتخلف في شتى
تلعبه في تحقيق التنمية و التطور في المجتمع ،مع ّ
المجاالت ،إذ لم يتم ترقيتها و تطويرها ،فاإلدارة مرآة المجتمع عاكسة للتطورات الحاصلة فيه،لذلك ال يمكن أن تبقى
نصوصها جامدة بمعزل عن تطور المعطيات الحديثة ،ففعاليتها ترتبط ارتباطا وثيقا بتطور تشريعاتها ،وبدون تشريعات
متطورة ال يمكن لها أن تفرض هيمنتها و أن تقود عجلة التنمية ،فال يمكن بناء دولة قوية دون إدارة متطورة.
عمليا معظم الدول عانت إداراتها من مساوئ البيروقراطية نتيجة تفشي أمراض عديدة كالرشوة و الفساد و المحسوبية
و بالنظر للتطورات الهائلة و السريعة التي عرفها ال عالم قي شتى المجاالت (التكنولوجية و العلمية و االقتصادية
واالجتماعية و السياسية )اضطرت معظم الدول إلعادة النظر في مبادئ و نظم تسيير إداراتها لمواكبة هذه التطورات
مستندة لما توصل إليه المفكرين و الباحثون في مجال التحديث و التنظيم اإلداري من خالل النظريات و البحوث
و عليه يعد مفهوم المناجمنت العمومي أحد أبرز المفاهيم( وليد الفكر والثقافة األمريكية ) التي عرفها مجال التسيير
اإلداري و الذي ظهر في القطاع الخا ص (إدارة األعمال) ليمتد بعدها (و بعد إثبات فعاليته) لإلدارة العمومية والقطاع
العام ،و هذا ما أثبتته تجارب الدول الغربية حيث أعطى نتائج قيمة يشهد عليها رضا المواطن على نوعية الخدمات
المقدمة ،بذلك أصبح المناجمنت العمومي مادة علمية استحقت البحث و التنظير ،استطاع لفت انتباه الباحثين
و األكاديميين من العلوم االقتصادية و علوم التسيير و القانون و حتى العلوم السياسية باعتباره أحد مرتكزات الحكم
الراشد.
وللعلم ،يعتبر األمريكي فريدريك ونسلو تايلور و من بعده الفرنسي هنري فايول رواد المناجمنت الكالسيكي اللذان
و أـسسا لمفهوم اإلدارة العلمية كمنطلق لمفهوم المناجمنت ( فاإلدارة علم حقيقي يقوم على قواعد و مبادئ محددة).
بالنظر لتراجع أداء القطاع العام و اإلدارة العمومية في جميع دول العالم بفعل انحصار وتقليص دور الدولة استنادا
1
على مفاهيم الليبرالية و النيو ليبرالية ،ظهر المناجمنت العمومي 1كبراديغم(نموذج) جديد يقوم على نقل أسس و
مبادئ المناجمنت الخاص نحو ا إلدارة العامة والقطاع العام بعد تكييفها مع متطلبات هذه األخيرة و ذلك لزيادة الفاعلية
والكفاءة ،غير أن هذا النقل لم يكن مستساغا لدى عديد الباحثين ال سيما الفرنسيين الذين وجدوا صعوبة في تطبيق
بحد
مبادئ اإلدارة الخاصة الن ذلك يؤدي -حسب بعضهم -للمساس بامتيازات السلطة العامة و بفكرة المرفق العام ّ
ذاته ،أي خوصصة المرفق العام،غير أن تطور الفكر اإلداري انتهى بقبول الفكرة بالعمل على تأقلم هذه الوسائل و
اآلليات الجديدة التي جاء بها المناجمنت مع خصائص اإل دارة العامة ،وبتحقيق نتائج ايجابية على ارض الواقع
غير أن تطور الفكر التسييري لم يتوقف عند حد المناجمنت ،فبفعل تطورات عديدة في العالم في شتى المجاالت
لخصتها فكرة العولمة تطور المناجمنت العمومي للمناجمنت العمومي الحديث. 2
ظهر هذا الفكر الجديد بداية سنوات l999و انتشر في جميع أنحاء العالم و استلزم تطبيقه إعادة هيكلة تنظيمية
و تشريعية و فكرية لإلدارة العامة في معظم دول العالم و التي سميت باإلصال اإلداري.
من جهتها اإلدارة العامة في الجزائر باعتبارها أداة أساسية لتنفيذ سياسة الدولة والتي طغت عليها اإليديولوجية 3
التسييرية التقليدية و المرتكزة أساسا على مفهوم المصلحة العامة كهدف نهائي للتسيير(يعني كل تدخالتها تهدف
لتجسيد مفهوم المصلحة العامة) عانت من مخلفات البيروقراطية و مشاكل عديدة ذات أبعاد سياسية
،قانونية،اجتماعية،على غرار دول العالم الثالث عموما و الدول العربية خصوصا ،مما أفقدها شرعيتها .رغم المحاوالت
في مسعى للوصول لنموذج تسييري خاص الذي أثبت فشله ،بذلك يظهر المناجمنت العمومي العديدة لإلصال
عالجا فعاال لتحسين األداء و ترقية الخدمة العمومية و تمهيدا لتبني مفهوم المناجمنت العمومي الحديث (.)NPM
-1ال يمكن تعريف المناجمنت بالتسيير بل هو فن التسيير أو التسيير الناجح و اإليجابي ،أما التسيير فقد يكون ايجابيا و قد يكون رديئا وسلبيا.
-2
الفرق بينما هو أن المناجمنت العمومي يقوم على تصحيح و زيادة أداء اإلدارة العمومية باقتباس مبادئ المناجمنت الخاص مع اإلبقاء
على التنظيم الويبيري لإلدارة،أما المناجمنت العمومي الحديث NPMفإنه يقوم على هدم كل مبادئ هذا التنظيم و استبدالها بأسس و
2
و هذا ما يدعونا للتساؤل عن مفهوم ،أسس و مبادئ و خصوصيات و أصول علم المناجمنت العمومي و أهم تطبيقاته
في العالم ، ،وتطور هذا المفهوم لما يسمى المناجمنت العمومي الحديث ،وموقف اإلدارة العمومية الجزائرية من هذه
التطورات و االنتقال لنموذج جديد للتسيير .نحاول اإلجابة بالتحليل على هذه التساؤالت من خالل هذه الدروس.
المطلب األول:االتصال
3
أهداف الدرس
تمكين الطالب من الوقوف على حقيقة بعض مفاهيم التسيير االداري التقليدية و الحديثة . -
-و التعرف على رسالة المنظمات العمومية و ما يميزها عن المنظمات الخاصة ،و مفهوم الخدمة العمومية
و تطوراته.
وكذا التعرف على المناجمنت العمومي و عالقته بالعلوم األخرى . -
-التعرف بشكل مفصل على األطراف الفاعلة في المناجمنت العمومي و أهدافه و وسائله .
-دراسة مختلف مراحل التحديث ألساليب التسيير الحالية و الوسائل المستعملة فيها حفاظا على أهمية ومرودية
القطاع العام ،من خالل التعرف على مراحل تطور الفكر اإلداري لغاية نظرية المناجمنت العمومي الحديث
مالحظة هامة :إذا كان التسيير اإلداري يرتكز على العلوم اإلدارية والقانونية بشكل أساسي ،فإن العلوم االقتصادية
وعلوم التسيير تشكل مرجعيات أساسية للمناجمنت العمومي ،لذلك فهذا الدرس يستند لمعظم النظريات والدراسات
يقوم المناجمنت العمومي على نقل أسس ومبادئ إدارة األعمال نحو القطاع العام واإلدارة العمومية في مسعى
لزيادة الفعالية ،مع تكييفها مع مقتضيات هذا القطاع ،و هو ما يستدعي البحث في عدة مفاهيم ذات الصلة.
يرتبط مفهوم المناجمنت العمومي بعدة مفاهيم أساسية في مجال التسيير اإلداري ،و التي عرفت تحوالت بفعل هذا
المفهوم و المتمثلة في مفهوم الخدمة العمومية و مفهوم المنظمات العمومية و مفهوم اإلدارة العمومية بحد ذاتها .
4
المطلب األول :مفهوم الخدمة العمومية
لطالما ارتبط مفهوم الخدمة العمومية بوجود الدولة كسلطة ذات سيادة في إطار ممارستها لوظيفتها إلشباع
الحاجات العامة ل لمجتمع ،من خالل تقديم الخدمات العمومية خاصة األساسية منها.
و في سبيل البحث عن رفاهية المجتمع و تحقيق التنمية اتسع تدخل الدولة لمختلف المجاالت و األنشطة في
محاولة لخلق المناخ المالئم لتحسين الحياة اليومية للمواطن و رفاهيته ،1مما جعل مفهوم الخدمة العمومية مرتبط
وعليه يستدعي الحال دراسة مفهوم الخدمة العمومية كمفهوم متعدد األبعاد(اجتماعية و اقتصادية و قانونية) مع
التركيز على البعد القانوني(الفرع األول) ثم التعرف علة مختلف أنواع الخدمة العمومية(الفرع الثاني) لنفصل أخي ار
يتسم مصطلح الخدمة العمومية بالمرونة التي تجعله يحتمل أكثر من معنى ن لدلك تعدد تعاريف الخدمة العمومية
بالنظر إلى تعدد أبعادها و بالتركيز على البعد القانوني ،عرفت الخدمة العمومية على أنها ":نشاط ينفذ مباشرة من
2
قبل الدولة(سواء كان محليا أو وطنيا)و تحت رقابتها و يهدف لخدمة المصلحة العامة".
كما عرفت على أنها ":جميع أنواع الخدمات التي من غير الممكن استغاللها إال في إطار جماعي تتوفر بشكل
إجباري وفق قاعدة المساواة التي ينص عليها القانون و يكون من الضروري استغاللها بمعزل عن قواعد السوق ،
3
تتحمل الدولة مسؤولية توفيرها و القيام بها من حيث أداءها و مراقبتها".
////////////////////////////////-2
جدير بالذكر أن مفهوم الخدمة العامة ظهر بداية في الو م ا في قطاع االتصاالت مجال الهاتف ،و كان أول من استعمل العبارة رئيس
الشركة األمريكية للهاتف و التلغراف تيودور فايول (الموسوعة االلكترونية).كما يطلق عليها مصطلح "الخدمة المدنية" في المفهوم الضيق
للخدمة العمومية.
3
- J.////////////////////////
5
و عرفت أيضا أنها كل وظيفة يكون أداؤها مضمونا و مضبوطا و مراقبا من طرف الحاكمين،ألن تأدية هذه
الوظيفة تعد أم ار ضروريا لتحقيق تنمية الترابط االجتماعي ،وهي من طبيعة ال تجعلها تتحقق كاملة إال بفضل
أما من حيث البعد االجتماعي فانه يركز على عنصر المجانية و التضامن خدمة للمجتمع و التركيز على قيم
في حين المقاربة االقتصادية للمفهوم :فرغم التأكيد على وجود هذا المفهوم ضمن أدبيات النظريات االقتصادي إال
أن اختالف التوجهات الفكرية طبعت هذا المفهوم بالنظر إلى أن البعض يدعو لتدخل الدولة في النشاط االقتصادي
من جهته االتحاد األوروبي تطرق لمفهوم الخدمة العمومية بشكل مكثف و اعتبرها مفهوما ديناميكيا و مرنا ،يسهر
على إمكانية اتخاذ التزامات المنفعة العامة بعين االعتبار و التطور السياسي و االجتماعي و االقتصادي و
التكنولوجي ،كما يسمح بالتكيف المنتظم لهذه االلتزامات مع تطور احتياجات المواطن...لذلك يمكن إعادة تعريفه
2
باستمرار لتكييفه مع المحيط االجتماعي و االقتصادي و التكنولوجي".
المشرع الجزائري من جانبه لم يتطرق عموما لتعريف الخدمة العمومية ،بل لطرق تحسينها( وهو ما سنأتي عليه
الحقا.
غير أن بعض القوانين الحديثة المنظمة لبعض القطاعات قدمت تعاريف محددة ،و مثاله القانون المحدد للقواعد
العامة المتعلقة بالبريد و االتصاالت االلكترونية(،) l8-04حيث جاء في مادته l0فقرة l6و ": l7خدمة
االتصاالت االلكترونية للجمهور هي كل خدمة تتمثل كليا أو أساسا في تزويد الجمهور باالتصاالت االلكترونية و
كذا الخدمات التي تستعمل قدرات شبكات االتصاالت االلكترونية و التي تنص زيادة على خدمة االتصاالت
1
6
و بالتمعن في هذه التعريفات نستخلص أن الخدمة العمومية جاءت لسد حاجة ضرورية عامة،و هو ما استدعى
1
إنشا ء مرافق عمومية متنوعة،و أن الدافع األساسي لوجود الخدمة العمومية هو تحقيق المصلحة العامة.
تظم الخدمة العمومية مجموعة كبيرة و غير متجانسة من الخدمات الجماعية المنظمة من طرف الدولة (الفقرة
الفقرة األولى :أنواع الخدمات العمومية :تصنف الخدمة العمومية تصنيفات عديدة بحسب الزاوية التي ينظر إليها.
*فمن حيث نوع الخدمة هناك :الخدمات اإلدارية (كخدمة الوثائق اإلدارية بالبلديات ،و خدمات اجتماعية و ثقافية
كالتمدرس اإلجباري ،و خدمات صحية كالتلقيح...و خدمات مرتبطة بسيادة الدولة كالعدالة واألمن ...
*أما من حيث تحمل تكلفة الخدمة ( للتذكير فالخدمة العمومية ال تعني المجانية دائما)فهناك ثالثة أنواع:
أ /خدمة بدون مقابل (مجانية) ال تسعى الدولة لتحقيق الربح في مثل هذه المشاريع(لكن ال يعني أنها خاسرة فاألمر
وعليه فهذا النوع من الخدم ات تتجمل تكلفته الخزينة العمومية و مثال ذلك األمن ،اإلنارة العمومية،التلقيح)...
ب /خدمة بمقا بل :وينطبق ذلك على الخدمات ذات الطبيعة االقتصادية لذلك فالتكلفة تدفع على عاتق المستفيد-
المستهلك.2
ج/خدمة مدعمة :تكلفة الخدمة تكون مشتركة بين المستفيد و الدولة بنسبة تحددها القوانين و التنظيمات مثل النقل
*من زاوية أخرى يذهب االقتصاديون -و بالتركيز على مفهوم التسويق -إلى تصنيف الخدمة العمومية إلى :
-خدمات تحتاج للتسويق و هي عموما الخدمات ذات الطبيعة االقتصادية .و خدمات ال تحتاج للتسويق و هي
.
.
7
باقي أنواع الخدمات األخرى.1
قصارى القول و مهم ا تنوعت الخدمات العمومية فهي تبقى تشترك في كونها نشاطا غير ملموس ،وهي أهم ميزة
تميزها عن السلع ،لذلك فهي أقل ترويجا ،وكذلك ال يمكن تملكها فتقديم الخدمة ال يعني نقل ملكيتها للمستفيد أو
إن قيام المرافق العامة بمهامها في تسيير نشاطات الخدمة العمومية يستند لمجموعة من المبادئ التي تحكمه األمر
الذي ساعد على تحقيق الخدمة لألهداف التي تسعى إليها و أهمها تحقيق المصلحة العامة .و أهم هذه المبادئ:
يعتبر مبدأ المساواة مبدأ قانونيا قارا،بل أضحى من حقوق اإلنسان أقرته الدساتير المتعاقبة قي الجزائر ،و ما مبدأ
المساواة في االنتفاع بالخدمات إال امتداد و تطبيقا له ،ومعناه أن تقدم الخدمة لجميع المرتفقين على قدم المساواة
حد
ما دامت في مراكز قانونية و ظروف مماثلة و هو ما يضمن تحييد اإلدارة و تحييد الخدمة العمومية في ّ
3
ب/مبدأ االستمرارية
وهو المبدأ الذي يشكل قاعدة هامة لكثير من نظريات القانون اإلداري كالوظيفة العامة ،الق اررات اإلدارية و العقود
اإلدارية...إلخ ،و معناه أن تقدم الخدمة بشكل مستمر و دون توقف أو انقطاع لتلبية حاجات ذات منفعة عمومية
ضرورية لحياة المجموعة الوطنية،فاالنقطاع أو التوقف في الخدمة ينجر عنه عواقب و أضرار تقيم مسؤولية
المرفق ،لذلك يقال أن االستم اررية في تقديم الخدمة هي من رو المرفق العام .5و اعتبرها القضاء اإلداري الفرنسي
من النظام العام ،يجب ضمانها في حالة تفويض المرفق العام،و هو مكرس بصفة مباشرة أو غير مباشرة بمقتضى
8
أحكام تشريعية و تنظيمية ،وهذا ما أقره محافظ الحكومة الفرنسي Tradieuفي قرار مجلس الدولة المؤرخ قي 7
1
أوت ، l907حيث لخص قائال ':إن مبدأ االستم اررية هو سبب وجود المرفق العام'
ج/معيار التكيف و التطور:و يعني قابلية الخدمة العمومية للتغير و التطور و التكيف مع التطور المستمر
لالحتياجات المواطن كما وكيفا ،وأن تتماشى الخدمة المرفقية مع التغيرات االقتصادية و االجتماعية و التقنية و
التكنولوجية المتسارعة و تطور الطلب االجتماعي ،و إال يقع انفصال بين الخدمة المقدمة و االحتياجات العامة
التي تسعى إلى تغطيتها ،وبهذا جاء المرسوم 2 l3l-88من خالل المادة 6منه التي جاء فيها ":تسهر اإلدارة دوما
على تكييف مهامها و هياكلها مع احتياجات المواطن و يجب أن تضع تحت تصرف المواطن خدمة جيدة"" .
أما المادة 3/2lفقد نصت "...و يجب عليها ...أن تطور أي إجراء ضروري لتتالءم دوما مع التقنيات الحديثة في
التنظيم والتسيير".
وهي المساعي التي من أجلها بادر السيد رئيس الجمهورية إلنشاء المرصد الوطني للمرفق العام بموجب المرسوم
3
الرئاسي( .) l6-93
لذلك يقر االتحاد األوربي على أن مفهوم الخدمة يمكن إعادة صياغة تعريفه باستمرار التكيف مع المحيط
4
االجتماعي و االقتصادي و التكنولوجي. ..
لطالما ارتبط نظريا مفهوم المجانية بالخدمة العمومية بالنظر الحتكارها من طرف الدولة لتحقيق المنفعة العامة ،
غير أن التطور الحاصل في انفاقات الدولة و تدخلها الموسع لضمان تلبية الطلب االجتماعي و الحاجات العامة و
هي ضمان الرفاهية جعل من مبدأ مجانية الخدمة غير عملي ،لذلك فالثابت أن المجانية يمكن أن تكون نسبية ال
مطلقة ،بمعنى تختلف بحسب نوع الخدمة المقدمة ،وقد سبق لنا التوضيح في أنواع الخدمات تبيان :الخدمات
المجانية و المدعمة و غير المدعمة و التي تختلف بحسب نوع الخدمة و طبيعة المرفق الذي يسهر على تقديمها ،
-2المؤرخ في 4جويلية l988الجريدة الرسمية رقم 27المنظم لعالقات اإلدارة و المواطن .
9
فعادة ما تكون ما تكون خدمات المرافق الصناعية و التجارية بمقابل ألنها تخضع لمبدأ الربح و الخسارة ،على أن
أما المرافق ذات الطبيعة اإلدارية فخدماتها عادة ما تكون مقابل رسوم أو إتاوات رمزية تحدد الدولة قيمتها و
تحيينها كلما أرادت ،ومثال ذلك رسم التطهير 1و الذي يدفعه المواطن للبلدية مقابل رقع القمامات المنزلية .
و يقصد بالشمولية أن تشمل الخدمة كل المواطنين و أن تغطي كل احتياجاتهم بنفس الجودة ،لذلك يشترط قوانين
و قد جاء في القانون رقم 94-l8المتعلق بالبريد و االتصاالت االلكترونية في مفهوم الخدمة الشاملة لالتصاالت
االلكترونية المادة /l0ف :l7مجموع الحد األدنى من الخدمات بما فيها خدمة أو عدة خدمات ذات قيمة مضافة
تحدد عن طريق التنظيم ذات نوعية معينة و متوفرة لجميع السكان على مستوى التراب الوطني بأسعار متاحة.
أما التضامن ،فتوفير الخدمة بحد ذاتها تعبير عن وجود تضامن اجتماعي في المجتمع تتولى الدولة تجسيده في
مساعيها لمحاربة الفقر و الحرمان مما يحفز الشعور بالمواطنة و تقليص الفوارق بين المواطنين بسبب الدخل أو
اإلعاقة...
و/االحتكار الطبيعي
لطالما ارتبطت الخدمة العمومية بوجود الدولة و تطور وظائفها ،لذلك فقد احتكرت المرافق العمومية نشاطات
أن التطور الحاصل و تشعب وظائف الدولة أثر على نوعية هذه الخدمات وهو ما استدعى
الخدمة العمومية ،غير ّ
تدخل الخواص لتقديم بعض الخدمات بتفويض من الدولة ،و ذلك من خالل تبني مبدأ المنافسة المضبوطة'
،' réguléالتي أصبحت من متطلبات الخدمة ،ما عدا تلك المتعلقة بالسيادة الوطنية ،وبهذا يقتصر دور الدولة
على تطبيق سياسة الضبط حفاظا على خصوصيات الخدمة العمومية .
10
مع مالحظة التطورات الحاصلة و تطور الطلب االجتماعي و مستوى المعيشة ،لم يعد يقتصر األمر على
الخدمة بل يشترط الفعالية في الخدمة و نوعيتها ،ال سيما بعدما أصبحت الخدمة العمومية حقال خصبا للمنافسة .
ن/الرقابة العامة
يخضع تقديم نشاطات الخدمة العمومية لرقابة متعددة سواء قي شكل وصاية (من قبل أجهزة الدولة) أو من قبل
تعد اإلدارة حجر األساس لبناء أي مجتمع و تقدمه ،ويتمثل هدفها في االستخدام األمثل للموارد المتوفرة و
المتاحة سواء كانت مادية أم بشرية ،ضمن مفاهيم الكفاءة و الفعالية ،فاإلدارة الناجحة تسعى دائما لتجنب
بذلك تبقى اإلدارة عنص ار فعاال في نجا المؤسسات و الدول و تحقيق االستقرار و النمو مرهون بها ،فهي التي
تمكن من التوزيع األمثل للموارد و التوفيق بينها و تسييرها التسيير الفعال بما يخدم األهداف التنظيمية و أهداف
األفراد و المجتمع.
تباينت التعريفات بشأن اإلدارة ،ويرجع ذلك الختالف وجهات نظر المفكرين و المنظرين لهذا العلم ،باإلضافة
ففي القديم البعيد عرفت اإلدارة كمهنة :أي نشاط قديم قدم وجود اإلنسان نفسه تعنى بتنظيم الجهود الجماعية
2
لالستفادة من الموارد المتاحة لتحقيق أهداف محددة .
أما في العصر الحديث فقد تم تقنين هذا المفهوم كعلم مع األخذ بعين االعتبار التطورات الحاصلة في الفكر
-2مثال الحضارة السومرية ( 0555ق م) اهتمت بحفظ السجالت والوثائق ،و هي أحد عناصر النظام اإلداري السليم الذي تهتم به اإلدارة
المعاصرة ،أما الحضارة المصرية القديمة ( 0555- 0555ق م )في مجال البناء ،فاألهرامات شاهدة على دقة التخطيط و التنظيم و الرقابة
،وهي الوظائف اإلدارية األساسية،باإلضافة للحضارة الصينية( 055ق م ) في مجال العسكر.راجع :
11
فقبل القرن ال 29لم يظهر ما يسمى علم اإلدارة ،وارتبط ظهوره بالثورة الصناعية و ما صاحبها من تحول للعمل
وقد ارتبط ظهور علم اإلدارة في مجال المشروعات الخاصة بالمهندس الفرنسي هنري فايول ( )l9l6الذي أضحى
وبهذا الصدد يقول فايول ":يجب على اإلدارة أن تستفيد من قواعد التسيير الخاص "لذا عليها أن تخضع لنفس
القواعد التي تخص القطاع الخاص " ،فبالنسبة إليه كل المشروعات تطر نفس اإلشكاالت و بالتالي تحتاج لنفس
1
الحلول.
هذه األفكار طبقت في الو .م .أ مونها تتميز بنظام ال يميز بين التسيير العام و التسيير الخاص ،و المؤسسات
من جهته أبو اإلدارة العلمية "تايلور عرفها في كتابه "مبادئ اإلدارة العلمية "على أنها :المعرفة الدقيقة لما تريد من
رجال اإلدارة أن يقوموا به ،ثم تتأكد من أنهم يقوموا بالعمل على أحسن طريقة و بأقل تكلفة".2
و عرفها أستاذ اإلدارة بيتر دراكر:أن اإلدارة عنصر متعدد الوظائف فهو يدير العمل و المديرين و العمال على
السواء.
باإلضافة لدراسات فايول و جيلبرت Gilberthو آخرون.و إذا ما أردنا تبسيط المفهوم فيمكن القول أن اإلدارة هي
علم استخدام كافة الموارد المتاحة لتعظيم الفائدة و تحقيق قيمة تنافسية عالية (محليا ووطنيا) من خالل خطة زمنية
أو يمكن القول أيضا أن اإلدارة هي مجموعة من األعمال والنشاطات و القواعد التي تهدف للحصول على الغايات
و األهداف المطلوبة و المخطط لها من العمل و الجهد الجماعي للقوى العاملة ضمن الوظائف التي تضمن تحقيق
12
من المؤكد أن لإلدارة أهمية كبيرة للمؤسسات باختالف أنواعها و أحجامها و هذا لما تضمنه من تسيير حسن
الزيادة المتنامي ة لعدد السكان و ما يقابلها من شح في الموارد الطبيعية استلزم ضرورة البحث عن أفضل الطرق
إلدارة و استخدام تلك الموارد و التخطيط لها و إدارتها إدارة علمية" و حير مثال على ذلك اإلدارة اليابانية يرمز
لها بحرف Jفاليابان دولة فقيرة باإلمكانيات الذاتية و الموارد سواء من حيث الثروات الطبيعية أو المساحة
الزراعية ،إذ تستورد ما يقارب %99من مداخيل اإلنتاج فيها ،و مع ذلك تعد أرقى الدول من حيث الكفاءة
اتساع حجم المنظمات les organisationsو ضرورة استخدام أعداد متزايدة من القوى العاملة مما أظهر
1
حاجة ملحة إلدارة علمية تستطيع التعامل مع إف ارزات هذا التزايد.
شدة التنافس المحلي و الدولي :فضرورة تطور و زيادة اإلنتاج خلق ديناميكية في السوق المحلي ترتكز على
قواعد المنافسة لسد حاجات ملحة تحددها السوق ،لذلك أضحى من الضروري تقديم د ارسات تسويقية
اقتصادية تقوم بها إدارات متخصصة قادرة على مواجهة هذه التحديات و مؤهلة إلجراء دراسات و أبحاث.
التطور التقني و التكنولوجي الذي أصبح ميزة هذا العصر و آثاره الواضحة على العملية اإلدارية.
ثار جدل حول ما إذا ك انت اإلدارة علما يقوم على أسس و نظريات علمية ،أم فن يستند للخبرة و 'الشطارة' و ال
أن العلم هو معرفة منظمة يتم الوصول إليها بأساليب علمية مثل المالحظة و التجريب و
يحتاج أن يدرس .فإذا علمنا ّ
إذا ربطنا مفهوم اإلدارة بمفهوم العلم فنالحظ أن هناك نظريات و مفاهيم إدارية ثبتت صحتها بالتطبيق العملي،كما
ظهرت نتائج مؤكدة تثبت العالقة االيجابية بين االلتزام بهذه النظريات و بين زيادة اإلنتاج الذي هو هدف كل
النظريات،إذن فاإلدارة علم ،و الدارس لعلم اإلدارة كالدارس ألي علم آخر من العلوم.
.
13
غير أن هذا القول ال ينفي من جهة أخرى استناد علم اإلدارة على الجانب الشخصي حيث تتحكم عوامل عديدة فيه
مثل الخبرة و التجريب ،و ذلك ألن اإلدارة علم إنساني 1.لنخلص للقول أن اإلدارة علم و فن في آن واحد.
أ /األساس القانوني :ويشمل القانون بمعناه الواسع من نصوص تشريعية و تنظيمية أو عرفية الذي يحدد حقوق اإلدارة
و التزاماتها.
ب/األساس التنظيمي :و يتمثل في الهيكل التنظيمي السليم الذي تقوم عليه،وذلك على أسس علمية تراعى فيها قاعدة
التخصيص و تقسيم المهام و المسؤوليات في شكل هرمي تزيد فيه السلطة والمسؤولية كلما ارتفعت نحو القمة اإلدارية.
و المفروض يجب مراعاة المرونة في هذا التنظيم و القابلية للتطور،و تحديد االختصاصات و عدم التضارب و
ج/األساس البشري :وهو عنصر هام جدا لقيام اإلدارة العلمية الصحيحة على أساس الخبرة و الكفاءة ال المحسوبية
د /األساس المالي :فاإلعتمادات المالية ضرورية ألي مشروع و تسييره وتجهيزه ،لذلك البد أن يكون التمويل وفق
2
إجراءات مرنة تسهل حركة القادة اإلداريين في تنفيذ المشروعات.
يرتبط مفهوم الخدمة العمومية بمفهوم المنظمات العمومية باعتبار األولى غاية أساسية قي إطار بلوغ الهدف األساسي
و بتحديد مفهوم المنظمات العمومية نتمكن من التعرف على مجال تطبيق مفهوم المناجمنت العمومي .
لذلك سنحاول التطرق ألهم المفاهيم التي وردت بشأن المنظمات العمومية (الفرع األول) ثم التطرق الستكمال بناء هذا
.
-هناك ميزانيات متعددة لضمان التمويل إلى جانب الميزانية العامة ،فهناك الميزانية المستقلة ،و الميزانية الملحقة،كما يمكن اعتماد ما
2
بحسب المعيار العضوي فالمنظمة العمومية هي كل هيئة أو جهاز يقوم بإنتاج أو توفير خدمة عمومية بغرض إشباع
حاجات عامة من حاجات المجتمع ،على أن تكون ملكيتها للدولة كليا أو جزئيا .أما بحسب المعيار الموضوعي فهي
كل مشروع يعجز أو يحجم األفراد أو القطاع الخاص عموما عن القيام به إما لضخامة موارده أو إمكانيته أو لقلة أو
وهناك من يرى بأن المنظمة العمومية هي كل هيئة تقوم بأداء خدمة عامة تنشئها الدولة تحقيقا للصالح العام ،وهي
خاضعة لسلطتها اإلدارية التي تحدد نظامها و تمويلها ،وتأخذ هذه المنظمة أشكال عديدة( إدارية ،مهنية –اقتصادية
2
...الخ.
و للتدقيق يمكننا استيضا مفهوم المنظمة العمومية بالنظر إلى مفهوم منظمة األعمال كمفهوم نقيض لها .
فمنظمة األعمال تعرف على أنها وحدة اقتصادية تضم أكثر من شخص و تستخدم موارد(عناصر اإلنتاج) لتحولها إلى
مشروع عن طريق قيامها بأنشطة مختلفة بهدف إشباع حاجات و رغبات أبناء المجتمع مقابل ربح يؤمن استم ارريتها و
تطورها.
و بالتالي فمنظمة األعمال هي مركز إشباع لحاجات شريحة معينة من أفراد المجتمع وفق معايير معينة ،و تعد قوة
اقتصادية إلى جانب كونها قوة بشرية (تجمع بشري) وهي تأخذ أشكاال متعددة مثل شركات األشخاص بأنواعها ،و
.
15
ومن هذا التعريف يتضح الفرق الواسع بين منظمات االعمال و المنظمات العمومية من عدة جوانب أهمها :الهدف
أو الغاية لكل نوع من هذه المنظمات ،والوسائل و التمويل و ملكية المشروع...الخ .و هذه النقاط نتعرض لها الحقا
من المعلوم أن انتشار المنظمات العمومية و توسعها عرف ازدها ار في ظل األنظمة االشتراكية التي اعتمدت عليها بكل
أساسي لتحقيق التنمية االجتماعية و االقتصادية ،غير أن انهيار األنظمة االشتراكية لم ينه المنظمات العمومية ،بل
بقيت محافظة على كيانها في كثير من الدول حتى الرأسمالية ،و توسعت و أخذت أشكاال و أدوا ار جديدة 1تجعل منها
أداة هامة في البناء االقتصادي و االجتماعي للمجتمع ،و أداة للحفاظ على التوازنات األساسية و تنفيذ السياسات
العامة .ومن أهم هذه الخصائص(و التي أسهب في شرحها الباحثان) ( Verrier et VIRATOنذكر:
تتبع غايات خارجية :إذا كانت منظمات االعمال تتبع بشكل ذاتي أهداف و غايات داخلية تخدم وجودها
وبقاءها وتطورها ،فإن المنظمات العمومية تبقى خاضعة لتحقيق أهداف خارجية محددة و مفروضة بالقانون
( كالدفاع و األمن الوطنيين ،التعليم،الصحة ،التضامن االجتماعي )..فالبلدية مثال ال يمكنها التخلي عن هذه
المهام ،كما ال يمكن للمستشفى أن يغير إستراتجيته الصحية بإستراتيجية الفندقة كما هو الحال في القطاع
الخاص .2
فإستراتيجية اإلدارات هي مقيدة بالتحديد الخارجي ألهداف المصلحة العامة ،و في سبيل تحقيق ذلك فهي تملك
وسائل إكراه على من حولها بواسطة القوانين ،الضبط،الضرائب ،....وهي مؤمنة بديمومة مهامها le pérennité
3
،لذلك فهي غير معرضة لخطر فنائها.
غياب مرودية رأس المال :فالمنظمات العمومية غير خاضعة لمفهوم المردودية المالية في تدخالتها،فالقيمة
المضافة لرأس المال المستثمر ليس معيا ار لتحليل المشاريع المنجزة ،فمعظم اإلدارات العمومية هي في حالة
1
16
إفالس و عجز مالي (البلديات مثال)،لذلك فإن نشاط المنظمات العمومية ال يقدر بسعر السوق و مثال ذلك
1
بناء المستشفيات و المدارس...الخ
انعدام المنافسة في ممارسة نشاطها :و ذلك بفعل القوانين و النصوص التنظيمية التي تستبعد المبادرة
الخاصة في مثل هذه النشاطات ،األمر الذي ينفي من االحتكار أو شبه االحتكار على هذه النشاطات ينتج
عنه حسب المنظرين استفحال للبيروقراطية السلبية في المنظمات العمومية و يجعل من الصعب تكيف النشاط
تعقد و عدم تجانس المهام الموكلة للمنظمات العمومية :فمثال البلدية تسير عدة مهام (النفايات ،التهيئة
العمرانية ،الثقافة ،األمن،السكن)...باإلضافة لتنظيم سلمي يطبع هذه المنظمات .مثاله تنظيم الوظيف العمومي
يعرف تعقيدات كثيرة في السلم الهرمي و الرتب وهو ما يخلف ميوال نحو انقطاع لالستراتيجيات
خضوع العمل اإلداري للسياسة :فاألعمال التي تقوم بها اإلدارة تخضع للق اررات السياسية ،ويظهر ذلك جليا في
فترات االنتخابات ،حيث تستغل المنظمات لتحقيق قيمة مضافة ،األمر الذي يقضي على عنصر المبادرة
لديها.
صعوبة قياس أداء المنظمات العمومية ،حيث يصعب إقامة موازنة بين ما تم التخطيط له و ما تم انجازه من
2
أهداف ليتم التعرف على مواطن الخلل و إعمال الرقابة.
يختلف تصنيف المنظمات العمومية بحسب الزاوية التي تتم من خاللها الدراسة مع األخذ بعين االعتبار نشاط
المنظمة و طريقة تمويلها و طريقة تنظيمها ،لكن مهما تباينت التصنيفات فإنها تلتقي في نقطتين أساسيتين:
/lطبيعة ملكية هذه المنظمات و التي تعود كليا أو جزئيا للدولة .
1
-idem .
17
و أبسط تصنيف قانوني ذلك الذي أقامه الفقه الفرنسي ،حيث يميز بين المنظمات العمومية بحسب نشاطها،فنجد
*الشركات المختلطة.
و الفرق بين النوعين أن اإلدارة ال تبيع منتجاتها ،أما الثانية فتبيع منتجاتها الن المؤسسات العمومية سلعية
1،Marchandesبينما اإلدارات غير سلعية الن منتجاتها ذات منفعة عامة ال تقدر بسعر السوق ،بل تقدم مجانا
أو بسعر رمزي ،كما هو الحال لبعض الخدمات العمومية( الصحة،التعليم،السكن ، )....وهو ما ال تقدمه المؤسسة
العمومية .كل ذلك مع األخذ بعين االعتبار نشاط المؤسسة و مصادر تمويلها و طريقة تنظيمها.
و عمليا يتسع مفهوم المنظمات العمومية ليشمل كال من اإلدارات المركزية و الالمركزية ،والهيئات االستشارية و
المؤسسات العمومية ومؤسسات االقتصاد المختلط وكل هيئة تابعة للدولة تعمل على إعداد و تقديم الخدمات و
يعتبر التسيير وظيفة أساسية في كل مستوى من مستويات المنظمات (العامة أو الخاصة ) يستعمل بمضمون
مختلف حسب الدول ،و يتضمن فكرة الرقابة و القيادة غالبا ،و أحيانا المتابعة المالية .
والتسيير العموم ي له خصوصيات ترتبط بطبيعة المنظمات العمومية و ما لها من مهام وأدوار مشتقة من مهام
الدولة يسري على إدارات القطاع العام ،أو ما يسمى باإلدارة العمومية.
و مصطلح التسيير العمومي هو مرادف لمصطلح انجليزي public managementمما يجعل مصطلح التسيير
و المناجمنت مرتبطان نوعا ما .هذا وقد اختلف الدارسون و الباحثون في إعطاء تعريف موحد و دقيق (المطلب
.
18
األول ) بعد تحديد أصوله ومميزاته(المطلب الثاني) ،المصطلحين تسيير و مناجمنت يستعمل في أيامنا كثي ار لكن
ليس دائما بشكل منسجم ألن هذين المفهومين متقاربين عمليا ،لكن يبقى تحديد مفهومهما ليس باألمر السهل.
الفرع األول:تعريفه
لمصطلح المناجمنت عدة مرادفات "اإل دارة العمومية "'التسيير العمومي' و إدارة الخدمة العمومية' .ففي كثير من
الكتابات في هذا المجال يستعمل مصطلح اإلدارة بمعنى managementكداللة على إدارة االعمال و اإلدارة
العمومية .كما يستعمل مصطلح إدارة مرادف لكلمة administrationباللغة الفرنسية أو لكلمة management
و الذي يرى البعض أن أصله من الفرنسية القديمة و التي تعني فن القيادة و التوجيه والتحكم . 1و باالنجليزية to
( public management )PMظهر ببعده الحالي في النصف الثاني من القرن l9مع أستاذ علم السياسة
) l9l3هذا و القانون الدستوري األمريكي ( thomas woodow nilsonالذي أصبح رئيسا للو.م.أ سنة
العملي للحكومة موضوعه إنجاز المشروعات العامة بأكبر قدر ممكن من الفعالية تماشيا مع رغبات األفراد و
حاجاتهم ،و عن طريق اإلدارة العام ة توفر الحكومات حاجات المجتمع التي يعجز النشاط الفردي عن الوفاء بها".2
األستاذ Gelinienيرى كذلك أن التسيير العمومي هو تنفيذ السياسة العامة للدولة عن طريق اإلدارات العمومية
أما االستاذ MC-NaMaRaفعرفه :التسيير هو الوسيلة التي يتم من خاللها التنظيم العقالني لكل التغيرات
االجتماعية و االقتصادية و التكنولوجية و السياسية ،حيث يتم نشر هذا التنظيم في المجتمع من خالل إدارة
أما األستاذ PG-Pergeronفيرى أنه ":العملية التي بواسطتها نخطط،ننظم ،ندير و نراقب موارد المنظمة
للوصول إلى أهداف معينة"و هو طريقة عقالنية يتم بواسطتها التنسيق بين الموارد البشرية و المادية والمالية نحو
.
19
تحقيق أهداف معينة ،هذه الطريقة تترجم في عملية تتضمن تخطيط ،تنظيم ،إدارة و رقابة النشاطات بطريقة تؤدي
من جهته الكاتب و الباحث الفرنسي الشهير جاك شوفاليي J- Chevallierيعرفه من خالل أهدافه :أن
المناجمنت العمومي يهدف أساسا لتحسين نوعية و جودة الخدمة عن طريق استخدام تقنيات جديدة في التسيير عن
أما األستاذ فوزي حبيش فقد عرفه بدوره على أنه':مجموع نشاطات و أعمال منظمة تقوم بأدائها قوى بشرية تعينها
السلطات الرسمية العامة نو توفر لها اإلمكانيات المالية الالزمة بهدف تنفيذ الخطط الموضوعة لها،و بالتالي تحقيق
األهداف العامة المرسومة لها بأكثر كفاية إنتاجية ،و أقصر وفت و أفل تكلفة '.3
و لما كان المناجمنت العمومي يحمل في طياته تجديدا ألساليب التسيير التقليدية ،فقد ارتبط مفهومه عند العديد
من الباحثين االنجلوسكسونيين بإعادة تكييف لوسائل التسيير مع أساليب و امتيازات اإلدارة ،فكما يوجد مناجمنت
صناعي و مناجمنت سياحي ،فال بد من وجود مناجمنت اإلدارة العمومية ،و مثال ذلك االعتماد على مفاهيم
كالتخزين (كما هو الحال في المجال العسكري للدولة)و التسويق في المرافق العمومية (خاصة مرفق المياه)
و في هذا السياق عرفته الباحث abessol B-Lucieبأنه ":استيراد لتقنيات من القطاع الخاص نحو التسيير
4
العمومي ...و االنتقال به من عملية تجميع للموارد إلى عملية استغالل للموارد.
بهذا المعنى فالمناجمنت العمومي أدى إلعادة تعريف اإلدارة العمومية و لمفهوم البيروقراطية .
مجال اهتمام المناجمنت هو البحث عن إجابة لسؤال أو أكثر بسيط في ظاهره ،معقد من حيث التطبيق العملي:
.
.
.
.
20
-كيف نجد الحلول لتسيير شراكة متعددة األطراف للوصول ألفضل النتائج و أقل التكاليف؟
اإلجابة عن هاته التساؤالت هو في الحقيقة في صلب اهتمام علم المناجمنت العمومي ،لذلك فهو يتميز ببعض
المميزات:
* فهو يضمن وجود الدولة في وظيفة التسيير على مستوى المؤسسات و اإلدارات العمومية ، 1ومختلف النشاطات
االجتماعية و الثقافية و التربوية السيما و أن المنظرين و المحللين( االقتصاديين و القانونيين و السياسيين) أكدوا
على ضرورة حضور الدولة في مثل هذه المهام العمومية تحت تسميات عديدة ( الدولة الضابطة،الرحيمة
،المساهمة ،المقاولة..الخ) ال سيما بعد األزمات االقتصادية التي عرفها العالم ،وهو ما يضفي على وظيفة
المناجمنت العمومي الطابع السلطوي .الذي يعكس سلطة الدولة و يجسد برامجها السياسية ميدانيا.
-يؤكد على الهوية الجماعية باسم الدولة و رموزها (اللغة،الذاكرة الجماعية ،الثقافة ...الخ)
-يثمن الحريات الفردية و الجماعية و يقر مبدأ التضامن و المساواة و يهدف لتحسين المستوى المعيشي
-يعمل على تحسين سير وعمل المؤسسات و الهيئات العمومية و تنمية السياسات العمومية و تسيير المالية
العمومية من خالل ترشيد اإلنفاق العمومي و تخفيف تواجد الدولة إال فيما هو ضروري ،وترقية ثقافة النتائج ،
وهو ما يؤدي لمعرفة جيدة برغبات و حاجات المواطن بصفته فاعال عموميا ،والبحث عن رضاه ،وهذا ما
تسيير تأمليا أي قبل رسم األهداف يجب التفكير أوال في كيفية تحقيقها ومدى تقبلها
ا يجعل من المناجمنت -
* المناجمنت العمومي هو علم يطبق ضمن بيئة تتميز بالتعقيد و تعدد الفاعلين و الهيئات ،كما أنه يتماشى مع
إطار تشريعي و تنظيمي جد كثيف( الدستور -القوانين المسيرة للدولة و مؤسساتها -قوانين المالية...الخ ) وإن
21
كانت المقاربة الجديدة للمناجمنت العمومي الجديد تتجه لتقترب شيئا فشيئا من وساءل تسيير المؤسسات (المنشآت
) الخاصة بهدف ترقية الفعالية و المردودية في سبيل تلبية رغبات المرفق العام أو الحاجات االجتماعية .1
* أنه تسيير تشاركي من خالل تسيير الموارد البشرية و مشاركة العاملين في اتخاذ الق اررات.
* أنه تسيير عالقات :انطالقا من أن اإلدارة العمومية تقدم خدمات عالئقية مرتبطة بالثقة ،األمر الذي يوحي بان
هدف التسيير العمومي هو تسيير عالقة ثقة مع المستخدمين بخصوص الخدمات المقدمة.2
يعد المناجمنت العمومي علم جديد يتصل بعديد القطاعات االقتصادية و اإلدارية و السياسية ،وتتسع أهميته
لتمس مجاالت أخرى اجتماعية ن وثقافية ،وإنسانية...الخ ،و إن كان يرتكز على ثالث مجاالت أساسية للبحث
و هي :القانون و االقتصاد و علوم التسيير .لذلك فالشخص الممارس للمناجمنت العمومي عليه اإللمام بهذه
و باعتباره أحد فروع العلوم االجتماعية ذو طبيعة إنسانية ،فهو على صلة بعديد العلوم االجتماعية أهمها
أوال :عالقته بعلم االقتصاد :يهدف علم االقتصاد إلى استغالل الموارد االقتصادية سواء أكانت مادية أم بشرية
بأقصى درجة من الكفاية إلشباع الحاجات اإلنسانية،و يلتقي هذا الهدف مع هدف علم المناجمنت العمومي
و المتمثل في تنسيق الموارد و الجهود لتحقيق أفضل استغالل اقتصادي لهذه الموارد.
/2عالقته بعلم السياسة :العلوم السياسية تعنى بفكرة السلطة و بوضع السياسات العامة للدولة ،3و تبحث في
شكل الحكم ،أما اإلدارة فمهمتها تنفيذ سياسة الدولة العامة التي يرسمها السياسيون بوسائلهم و إجراءاتهم الخاصة
وهي مهمة فنية ،فالعالقة هي عالقة تحديد هدف و تنفيذه ،4و قد ظل علم اإلدارة في نظر الكثيرين و لوقت
1
- ibid
.
-السياسة العامة للدولة هي األهداف التي تقرر الحكومة تنفيذها في مختلف مجاالت النشاط التي تتدخل فيها الدولة،و تتنوع األهداف التي3
تعمل اإلدارة على تحقيقها .و تظهر السيا سة العامة للدولة إما في صورة قرارات فردية (كقرار متعلق بتنظيم أحد المرافق العامة) و إما في
صورة قواعد قانونية أي نصوص عامة و مجردة سواء صدرت من البرلمان أو السلطة التنفيذية.
22
قريب أحد فروع علم السياسة لما بين العلمين من صلة قوية ،فالحدود الفاصلة بين العلمين تنطوي على قدر من
1
المرونة.
/3علم المحاسبة :يقال انه بدون نظام محاسبي حيد ال يوجد نظام إداري جيد ،هذه المقولة صحيحة بالنظر إلى
أن علم المحاسبة يهتم بتسجيل نشاط المؤسسة و األفراد في شكل أرقام و ميزانيات ،وهو ما يعطي نظرة صادقة
و واقعية لألوضاع المالية للمؤسسة ،األمر الذي يسمح بتقييم نشاطها سواء أكانت في القطاع الخاص أو القطاع
العام .2فالمحاسبة إذن تعطي لرجل اإلدارة نظرة صادقة حول تكاليف أي مشروع و كيفية تقليص النفقات ،لذلك
/4علم الحاسوب :أصبح علم الحاسوب من متطلبات اإلدارة الحديثة ،فهو يعد أداة هامة لحفظ البيانات
و معالجتها و مقارنتها و هو ما يسهل العمل اإلداري من خالل زيادة سرعة االتصاالت كما هو الحال في البريد
االلكتروني و معالجة األوراق المالية و الشيكات ،ورواتب الموظفين و يسهل عملية اتخاذ القرار اإلداري و يسهل
في تقديم الخدمة بأقل تكلفة و أسرع وقت ،ويتفادى األخطاء التي يقع فيها العمل البشري ،وهذا ما لمسناه عند
إدماج تكنولوجيات اإلعالم و االتصال في العمل اإلداري و تطبيق ما سمي باإلدارة االلكترونية ،والمدن الذكية
و الحكومات الذكية..الخ.
وفي ذات السياق يرتبط هذا المجال ارتباطا وثيقا بإدماج اللغات الحية .لذلك فالقائد اإلداري في العصر الحديث
/5عالقته بعلم اإلحصاء :يساعد علم اإلحصاء اإلداريين في وضع الخطط المستقبلية و تحليل النشاطات السابقة
ووضع التنبؤات الالزمة و كل العوامل المؤثرة على الق اررات و النشاط اإلداري بشكل عام.
.
23
/6عالقته بالقانون :إن إلمام رجل اإلدارة بعلم القانون أمر ضروري للغاية ،الن المناجمنت العمومي لم و ال
يتطور خارج أطر القانون ،فهو يطبق من خالل نفس النظام القانوني الذي يساهم في تطوير القواعد المطبقة على
فإن الخضوع للقانون يوفر عامل إضافي للفعالية و االلتزام بالعقالنية القانونية.1
التسيير العمومي ،من جهة أخرى ّ
/7عالقته بعلم النفس :يبحث علم النفس في النفس البشرية و سلوكياتها و يحاول التنبؤ بهذه السلوكيات
و ضبطها لما فيه خير للفرد و المجتمع ،و لما كان العنصر البشري أداة اإلدارة لتحقيق أهدافها ،فكان البد على
رجل اإلدارة اإللمام بأبجديات علم النفس في محاولة لفهم شخصيات موظفيه و دوافعهم و حاجاتهم ،و بالتالي
العمل على تحفيزهم .من جهة أخرى فإن المواطن سواء كان بصفته كمرتفق أو مستهلك فإن فهم ميوالته و رأيه في
الخدمة المقدمة يساعد بدون شك في توجيه سياسة المنظمة لتحسين أداءها. 2
يؤكد بعض الدارسين لعلم المناجمنت العمومي أن مبادئ اإلدارة السليمة تكون موحدة في كل المجاالت السيما
في العصر الحديث حيث الحدود و الفوارق بين اإلدارة العامة وإدارة األعمال تكاد تتالشى ،إال أن الغالب أن هناك
فوارق واضحة بين كال النوعين ،وإن كان بعضها أضحى نسبيا.
*أوجه التشابه :تقترب إدارة األعمال من المناجمنت العمومي في نواحي محددة أهمها :
-اتساع اإلجراءات و تقسيم العمل اإلداري الذي يتم من خالل عدة وظائف إدارية(التخطيط -التنظيم –التوجيه-
-مبدأ ضرورة اقتران السلطة بالمسؤولية ،فال سلطة بدون مسؤولية ،وال مسؤولية دون سلطة.
-ضرورة رسم أهداف و العمل على تحقيقها بأقل تكلفة و اقصر وقت و أفضل نوعية.
-lيمارس المناجمنت العمومي ضمن بيئة تتميز بكثافة النصوص القانونية والتنظيمية،ألنه يهدف أساسا لتنفيذ
السياسات العامة في مختلف المجاالت ،أما إدارة األعمال فتحكمها ق اررات مجالس اإلدارة التي تتبعها
.
24
و بالتعليمات التي يصدرها المديرون،ل ذلك فهي تتمتع بمرونة و حرية أكبر في مزاولة نشاطها رغم تقيدها بنظام
-2من حيث الهدف :يهدف المناجمنت العمومي لتحقيق المصلحة العامة عن طريق تقديم خدمات عامة ال
تهدف بالدرجة األساسية للربح في إطار السياسة العامة للدولة ،أما إدارة األعمال فهي ترمي أساسا لتحقيق
الربح حتى و إن كانت في بعض األحيان تقوم بأنشطة تخدم المجتمع بشكل عام.
و يترتب على هذا االختالف نتائج هامة ذكرها األستاذ ماجد راغب الحلو في مؤلفه" علم اإلدارة العامة" ،ونحاول
إيجازها :أ -غياب دافع الربح في اإلدارة العامة يستلزم البحث عن معيار آخر غير الربح لقياس مدى نجا اإلدارة
العامة،بخالف القطاع الخاص ،أين تعتبر األربا المحققة مقياسا لدرجة النجا (األرقام تتحدث عن نفسها) ،
و عليه كان لزاما أن تخضع اإلدارة العامة الختبارات عديدة لقياس الكفاءة للتأكد من مدى كفاءة رجال اإلدارة و
ب -كذلك يترتب على غياب هدف الربحية في اإلدارة العامة خضوعها و تبعيتها للسلطة السياسية ،و هو ما كان
له التأثير البالغ على العمل اإلداري و يؤدي على انحراف اإلدارة عن أصول علم اإلدارة المعمول بها ،وهو ما
- 3تعمل إدارة األعمال في جو المنافسة و هو ما يجعلها أكثر كفاءة ،بينما يعمل المناجمنت العمومي في ظروف
احتكارية،مما يضفي عليها بعض الجمود و عدم مواكبة التطور و التغير السريع للمجتمع و يشعرها باألمان ألن
بقاءها مضمون.2
4-يتحمل قطاع إدارة األعمال درجة أكبر من المخاطرة المالية ،فالمؤسسة الخاصة معرضة في كل وقت للربح
و الخسارة ،بينما اإلدارة العامة تتمتع بأريحية في هذا الشأن ،ألن مواردها مؤمنة و ال توجد احتمالية الخسارة
و الربحية في حساباتها،الن الخزينة العمومية تكفل لألجهزة الحكومية مواردها .رغم أن هذا األمر يعرف تحوال
25
كانت هذه أهم الفوارق بين إدارة األعمال و المناجمنت العمومي،غير أن التطورات المتسارعة للمجتمع و لوظيفة
الدولة أثرت و قلصت من هذه الفوارق حتى بالنسبة لتلك التي كانت تعد جوهرية كاختالف األهداف و درجة
المنافسة في السوق .و درجة المخاطرة المالية ،فقد ثبت من تحليل الواقع أن اإلدارة العامة أصبحت ملزمة بتحقيق
الربح أو على األقل تجنب الخسارة في ميزانيتها و البحث عن موارد مالية جديدة لتفادي ذلك(كالجماعات المحلية
مثال) و مؤسسات النقل،و غير ذلك من المشاريع التي تعمل على أسس شبه تجارية.
أما بالنسبة لمسألة االحتكار و المنافسة ،فهناك مؤسسات خاصة تحتكر العمل في قطاعات معينة ألسباب تقدرها
الحكومات،و هي بذلك تقترب من اإلدارة العمومية ،في حين تتخلى الحكومات عن احتكار العديد من القطاعات في
تقوم اإلدارة العامة بمهام متنوعة و معقدة بدءا بتنفيذ القوانين و الق اررات اإلدارية (وهي الوظيفة األساسية
لها)وصوال لتنظيم و إدارة المرافق العامة ،وذلك تنفيذا لنص دستوري أو تشريعي أو الئحي ،باإلضافة لمساعدة
ممارسة هذه المهام تعتمد على ما تتوفر عليه اإلدارة من موارد مادية و بشرية ،و عملية استغالل هذه الموارد
و التنسيق بينها هي موضوع نشاط التسيير العمومي ،و الذي يستند إلى مجموعة من الوظائف هي في الحقيقة
تشكل أدوات للعملية التسييرية ،وتتمثل قيما يلي:التخطيط -التنظيم –القيادة اإلدارية -التنسيق -الرقابة والعالقات
العامة.
التخطيط هو عملية تتصل بالمستقبل و التنبؤ به من خالل وضع برامج بهدف تحقيق أهداف معينة خالل مدة
زمنية محددة عن طريق حصر اإلمكانيات المتاحة وتكريسها لوضع هذه األهداف موضع التنفيذ ،فالتخطيط ليس
التخمين أو التمني ،بل هو عملية علمية مدروسة .و لعملية التخطيط أهمية قصوى خاصة في العصر الحديث
26
فتعقد مهام الدولة لم يعد يتماشى و منطق الصدفة دون خطط ،ألن العملية التسييرية ال تقوم على عادات
و تقاليد مليئة باألخطاء و العيوب .و عليه للتخطيط مزايا عديدة أهمها :
-إمكانية تحقيق األهداف الكبيرة التي يستغرق انجازها وقتا طويال ،وكلما كانت البيئة مستقرة كان التخطيط
رسالة المنظمة
هذا الجدول يوضح أن خطط المنظمة تتماشى مع األهداف التي ترسمها و المراد تحقيقها على مستوى كل إدارة .
و عليه فالخطط أنواع حسبه :خطط استراتيجيه ،تكتيكية ،تنفيذية.1وهناك تقسيم آخر للخطط حسب الفترة الزمنية
* التخطيط متوسط المدى :حيث تعتبر الخطط التكتيكية مثاال عن التخطيط متوسط المدى ،والذي قد يمتد ل93
سنوات .
* التخطيط قصير المدى :يمتد من شهور إلى سنة ،و يتناول في العادة آلية تنفيذ األمور اإلجرائية وفقا للخطط
1
متوسطة و طويلة المدى ،و هناك أنواع أخرى للتخطيط.
-1مثال عن التخطيط االستراتيجي هو أن تخطط الحكومة(اإلدارة العليا) لخلق اقتصاد قوي يعتمد على الموارد المحلية و يتحرر من التبعية
للريع البترولي .أما التخطيط التكتيكي فهو يهتم بتنفيذ الخطط اإلستراتيجية للحكومة على مستوى الوزارات أي اإلدارة الوسطى ،و أما
التخطيط التنفيذي فيركز على التخطيط لالحتياجات الالزمة النجاز مهام المدراء في اإلدارات الدنيا .
27
مع ذلك و حتى تنجح عملية التخطيط البد من مراعاة عوامل عديدة ،و تجنب معوقاتها.
أوال:عوامل نجاح التخطيط :حتى تأتي عملية التخطيط ثمارها ال بد من مراعاة عدة عوامل أهمها:
/2حصر اإلمكانيات الحقيقية و نقصد بها اإلمكانيات المادية و البشرية فال يمكن وضع خطط تفوق اإلمكانيات
المتاحة ،وبالتالي ال تبقى الخطط مجرد كلمات تكتب بعيد عن الواقع(و هذا ما نجده في العديد من الدول
المتخلفة).
/3تحديد مدة تنفيذ الخطة :ال بد من تحديد الوقت الالزم لتنفيذ الخطة ،فااللتزام بالوقت يعد من أهم عناصر التخطيط
/4مرونة التخطيط :أن يتماشى مع المتغيرات غير المتوقعة و التي قد تحدث أثناء تطبيق الخطة.
/0أن توضع الخطط بشكل تشاركي :فال بد من مشاركة كل األطراف المعنية بالخطة و تنفيذها.
/ 6متابع تنفيذ الخطة :فال بد من المتابعة الدائمة لمعرفة مدى تطابق بين النتائج المحققة و النتائج المأمولة في الخطة.
ثانيا :معوقات التخطيط :تعترض عملية التخطيط جملة من العراقيل تظهر آثارها عمليا فتحول دون الوصول
للوصول للنتيجة المرجوة من العملية التسيرية ،ويمكن حصرها في العوامل التالية :
/1اختيار أهداف غير مناسبة أو غير واقعية ،دون النظر لإلمكانيات المتاحة لتحقيق األهداف .
/3التغيرات البيئية المتسارعة :فتسارع التغيرات في المجاالت التكنولوجية و التشريعية...يؤثر ال محالة على كفاءة
/4مقاومة عملية التخطيط من طرف بعض المديرين ،ألن التخطيط و تحديد األهداف يشكل أساسا للرقابة على ما
يتحقق من هذه األهداف ،و بالتالي يقيم مسؤولية المديرين المعنيين،لذلك يثير التخطيط مقاومة لديهم.
.
28
الفقرة األولى :مفهومه و أهميته
يعد التنظيم أهم موضوعات اإلدارة ،حتى أن بعض الباحثين يطلقون على اإلدارة تسمية 'علم التنظيم'
و التنظيم ليس غاية في حد ذاته بل وسيلة لتنفيذ أعمال محددة سلقا ،و عرفه بعض المفكرين في علم اإلدارة
بأنه':عملية دمج الموارد البشرية و المادية من حالل هيكل رسمي يبين المهام و السلطات .1
ويعرفه األستاذ سليمان الطماوي أنه:الشكل الذي تفرغ فيه جهود جماعية لتحقيق غرض مرسوم" .كما يعرفه آخرون انه
:اإلطار الذي يمكن من خالله إدارة العمليات اإلدارية. 2من هنا يمكن استخال ص أهمية عملية التنظيم ،فبدونه تبقى
-يسهل عملية تحديد األدوار و تقسيم المهام ،حيث يتضح لكل موظف العمل المطلوب منه ،وهذا ما يمنع
من جهة أخرى فهو يوضح العالقات المختلفة بين العاملين في التنظيم،بحيث يعرف كل موظف تبعيته -
اإلدارية.
التنظيم ليس عملية سهلة بالنظر على المساءل التي يتناولها و اإلشكاالت التي يجب أن يتخذ موقفا منها ،لذلك
/lمبدأ وحدة الهدف :فال بد أن تشترك أجزاء التنظيم في تحقيق هدف عام.
3
/2ممارسة درجة من التفويض للسلطة لتسهيل أداء األعمال و متشاركة معظم العاملين في اتخاذ الق اررات.
/3وحدة األوامر :فالمرؤوس ال يتلقى األوامر إال من رئيس واحد ،ألن وجود أكثر من رئيس قد يؤدي للتعارض.
/0توازن السلطة و المسؤولية ،فال يمكن تكليف شخص بمسؤولية دون إعطاءه السلطة الالزمة للقيام بهذه
المسؤولية،كما أن السلطة تفوض و المسؤولية ال تفوض،فيبقى المفوض مسئوال عن أعمال المفوض إليه.
.
29
الفرع الثالث :القيادة اإلدارية
تعد وظيفة القيادة من أهم الوظائف اإلدارية ،ألن القائد اإلداري هو الذي يتولى كافة وظائف اإلدارة من تخطيط
و تنظيم و تنسيق و رقابة إدارية ،أي أن عملية القيادة تستغرق عملية اإلدارة كلها ،لذلك فدور القيادة أساسي في
لذلك فإن حاجة اإلدارة إلى قيادة حكيمة و كفأه ال تعادلها حاجة أخرى.
*القيادة والسلطة
يختل ف مفهوم القيادة عن مفهوم السلطة ،فالسلطة يستمدها صاحبها من قدرته القانونية التي يخولها إياه مركزه
القانوني و الوظيفي والمتمثل بحق إصدار األوامر و التعليمات و واجب المرؤوسين االمتثال لتلك األوامر تحت
طائلة توقيع العقوبات ،وبذلك فدافع المرؤوسين ليس القناعة بصحة أو قوة األسباب التي وجدت تلك التعليمات
أما القيادة فتعني قدرة تأثير القائد على مرؤوسيه ،وقبولهم لقيادته طواعية دون إلزام قانوني و ذلك العترافهم بدوره
تعددت النظريات في تفسير ماهية القيادة و طرق اكتسابها يمكننا التطرق ألهمها باختصار.
أ /نظريات السمات الشخصية :تقوم هذه النظرية على فرضية أن هناك مجموعة من الصفات و الخصائص التي
تفسر القدرات القيادية عند البعض ،و التي تسمى " بالشخص العظيم "و تتراو هذه الصفات بين مظاهر جسمية
فيزيولوجية (كالشكل ،نبرة الصوت ،الحجم ،الوسامة ...الخ) و صفات نفسية (كالحماس ،الثقة بالنفس ،امتالك
.
30
المبادرة ،النضج االجتماعي...الخ) وصفات أخرى ذهنية (كالذكاء ،والقدرة على التفكير و التحليل و حتى الشجاعة
و اإلبداع).
هذه النظرية تستند على فكرة أن القائد يولد و ال يصنع و أن القيادة موهبة ،وهذا يعني أن اإلدارة تنتظر مجيء
القائد "العظيم" ،1وال يكون لها أي دور في خلق و تطوير القادة عن طري التدريب.
و بالتالي فهي نظرية غير واقعية،ألن الواقع أثبت وجود قادة أكفاء و ال يتسمون بهذه الصفات ن وهو ما يفتح
/2النظرية السلوكية :ينطلق أصحاب هذه النظرية في تفسير القيادة من أهمية التدريب في خلق قادة قادرين على
وقد الق ت هذه النظرية قبوال واسعا لدى الباحثين االمريكين الذين عملوا على تطويرها لتفسير ظاهرة القيادة.
/3النظرية الموقفية :و ترى أن القيادة هي محصلة مجموعة من المواقف التي يتواجد فيها الفرد ،وترى أن أي
فرد مهما كان عاديا يمكنه أن يصبح قائدا إذا ما كان في موقف يوصف بأنه أزمة تستدعي الحل و استطاع أن
يقدم حلوال عملية مقبولة و تعامل بايجابية مع الموقف ،فالقائد ال يجب أن يكون استثنائيا ،بل إنسانا عاديا ا
قادر
هذه النظرية تهمل أيضا عنصر التدريب في خلق القادة وترتكز على العفوية فقط.
تتنوع القيادة اإلدارية إلى أنواع متعددة حسب وجهة النظر التي تتخذ كأساس للتقسيم ،أهمها مدى مشاركة العاملين
في اتخاذ الق اررات ،وعليه تنقسم القيادة إلى :قيادة فردية تسلطية ،وقيادة ديمقراطية
و هنا يعتبر الفرد مركز اتخاذ القرار فيستأثر بها دون االهتمام بآراء مرؤوسيه الذين يعتبرهم كأحد عناصر
اإلنتاج ،لذلك فهو يخضعهم لرقابة صارمة و توجي ه دقيق باالعتماد على األوامر الصارمة معتمدا على التخويف
.
31
و لهذا النوع من القيادة مساوئ عديدة1صعبت من تطبيقها في العصر الحاضر.
ب/القيادة الديمقراطية
وتقوم على أساس إشراك المعنيين من العاملين في صنع القرار بعد دراسة و مناقشة و تبادل وجهات النظر ،فالقائد
يستشير المرؤوسين و يشركهم في اتخاذ القرار .و تتم القيادة من خالل الترغيب ال الترهيب أو التخويف ،و ال
/ lتوجيه وتحديد و وصف المهام المنوطة بكل مصلحة من مصالح المؤسسة أو اإلدارة العمومية حسب النصوص
/ 2العمل على تحديد األهداف الواجب الوصول إليها ،و إشراك مختلف األطراف الفاعلة في ذلك( المجتمع
/3تجسيد االستراتيجيات و األهداف إلى مهام و أنشطة قابلة للتنفيذ على المدى القصير و تقييمها و تحيينها حتى
/5التدخل السريع و الفعال في حالة تضارب المصالح و تنازعها ووضع حد لها .
32
الفرع الرابع :التنسيق
تعريفه :وهو الجهد الذي يرمي إلى تعاون مختلف أجزاء اإلدارة و عدم تضاربها في سبيل تحقيق الهدف
المشترك،فأعمال اإلدارة – وكما هو معلوم -متنوعة و متباينة و مترابطة و متشابكة يؤثر بعضها في بعض و كلما
اتسع مجال اإلدارة و زادت أقسامها تعقدت األمور و تطلب حسن سيرها مزيدا من التنسيق و زيادة وساءل االتصال
أو هو ممارسة نوع من القيادة على المرؤوسين و اإلشراف عليهم و االتصال بهم و تحفيزهم على بذل جهود،و
2
تنسيق جهودهم الجماعية لتحقيق أهداف محددة من خالل اتخاذ الق اررات المناسبة.
ومن هنا تظهر أهمية التنسيق لمنع التضارب قي شتى أعمال اإلدارة ال سيما في الدولة الحديثة التي تعرف زيادة
و يساعد على سهولة عملية التنسيق تحديد مهام الوظائف اإلدارية بدقة و بيان عالقاتها ببعض ،و هو ما يربط
مهمة التنظيم العلمي السليم بمهمة التنسيق التي تهدف بدورها لتوجيه النشاط اإلداري على اختالف صوره و التي
ترمي لتحقيق هدف مشترك ،وهي مهمة أساسية و مستمرة للقائد اإلداري و جزء ال يتج أز من مقتضيات اإلدارة.
- l-نظام االتصال و المعلومات :من خاللها يمكن للرؤساء و المشرفين ممارسة وظيفة التوجيه و التنسيق
بشكل فعال يخدم األهداف ،فاالتصاالت حيوية لإلدارة و يترتب على تعثرها شلل لإلدارة و اختاللها و ضعف
/3نظام التوظيف و التعيين إلثراء العنصر البشري ،ألن عملية التنسيق تصادف مرحلة التنفيذ أي تنفيذ الموظفين
للعمليات المبرمجة.
33
/4القيادة و التفويض :فعملية التنسيق تتطلب من الرئيس اإلداري أن يتمتع بقدرة على التأثير في المرؤوسين بشكل
يجعلهم يتصرفون وفقا للخطط المرسومة فيما يحقق األهداف المشتركة .
ة أما تفويض السلطة خاصة للمستويات التي تقوم بأداء العمل يساهم في الرضا التقني ،فليس من المعقول أن تكلف
/0التكوين و نقل التكنولوجيا :فال شك أن التكوين المستمر و نقل التكنولوجيا لألعمال اإلدارية يساهم في تنفيذ مختلف
تعتبر الرقابة بمثابة صمام أمان يضمن و يحمي العملية اإلدارية من االنحرافات حتى تستمر المنظمة في مسارها
الصحيح ،لذلك يشبهه البعض بنظام البوصلة أو الرادار الذي يحدد اتجاه السير.
و المقصود بالرقابة في عمل اإلدارة تقدير انجازات العاملين لبيان مدى تحقيقها ألهدافها و أسباب النجا و الفشل
المتصل بها للتعامل معها و تحديد مسؤولية كل ذي سلطة بهدف الوصول باإلدارة إلى كفاءة اكبر. 1
إن البحث عن النجا الفعلي لإلدارة في انجاز مهامها وتحسين أداءها متوقف على تفعيل وظيفة الرقابة على أداءها
بخالف االعتقاد السائد بأن أهداف الرقابة تنحصر في الكشف عن األخطاء تمهيدا لمعاقبة المسؤولين عنها ،فإن الرقابة
تهدف إلى رفع الكفاءة اإلدارية و تحقيق الصالح العام من خالل :
-الكشف عن األخطاء و اإلشكاالت التي تواجهها اإلدارة و وضع الحلول المناسبة .
-التأكد من احترام القواعد القانونية السارية و مدى فعاليتها في تحقيق األهداف المرجوة.
34
الفقرة الثالثة :أنواع الرقابة
فهناك -:الرقابة الداخلية :وهي التي تمارسها السلطة اإلدارية بنفسها على أجهزتها كرقابة السلطة المركزية على
األجهزة الالمركزية.
-الرقابة الخارجية :وهي التي تفرض على اإلدارة من الخارج ،أي من سلطة أخرى غير إدارية كالرقابة الشعبية
و السياسية و القضائية.
-و هناك أيضا الرقابة السابقة :أي سابقة عن إصدار التصرف .
كثر الحديث في السنوات األخيرة عن ضرورة تقييم أداء المنظمات العمومية ،ومحاولة قياس أداءها من خالل
تقييم وساءل تسييرها ،و قد عرفت هذه الوسائل عيوبا عديدة خاصة في دول العالم العربي.
من حيث التخطيط :فقد اثبت الواقع غياب التخطيط في العديد من المجاالت التي تعاني وجود رؤية مستقبلية
و غياب تحديد واضح لألهداف و اإلمكانيات ،هذا من جهة ،و من جهة أخرى و إن وجد التخطيط فهو غير
فعال أو غير كفء ،فالخطط الموضوعة عادة ما تتسم بعدم الدقة التي تسمح بتحقيق األهداف المرسومة
ّ
أو أن تكون األهداف طموحة جدا لدرجة تفوق اإلمكانيات المادية والبشرية المتوفرة.
أما من حيث التنظيم :إذا كان التنظيم أداة هامة لتنظيم و توزيع العمل في اإلدارة ،فإنه لم يسلم من الخلل من
حيث طرق العمل و إجراءاته المعقدة ،وعدم الدقة في توزيع االختصاص ،و حتى العنصر البشري انتشر
أما التنسيق :فاإلدارة تعاني من نقص التنسيق ،من حيث ضعف االتصال بين مختلف األجهزة اإلدارية ،مما
يؤدي إلى خلق نوع من التضارب و تبديد الجهود و األموال ،ويقدم األستاذ ماجد راغب الحلو عن ذلك مثاال :
35
شركة المياه تقوم بحفر الطريق لمد تجهيزاته بعدما تم ترصيص الطريق و تعبيده من طرف شركة الكهرباء التي
بدورها حفرته لوضع األسالك ،لتأتي بعدها شبكة االتصاالت السلكية لتعيد الكرة مرة أخرى .فكان من الممكن
التنسيق بين هذه الجهود وتفادي ضياع الجهود و الوقت و المال و منع االضطراب لحركة المرور و تعطيل
مصالح الجمهور.
و أما القيادة اإلدارية :فتعاني اإلدارات في غالب األحيان من غياب عامل القيادة الكفأة التي تكون قدوة لباقي
العاملين ،فعالة و قادرة على رسم توجهات و خطط عمل واضحة تمكن المنظمات العمومية من تحقيق أهداف
و أما الرقابة :فالحاجة ماسة للرقابة رغم غياب معايير موضوعية لقياس أداء العاملين في اإلدارة العمومية مما
فتح المجال أمام االعتبارات الشخصية و األهداف الخاصة في تقدير األعمال و النتائج ،وهو األمر الذي كان
الشك أن اإل دارة التقليدية ارتبطت بالطابع البيروقراطي ،الذي عانى من العديد من األخطاء و العيوب
التي كانت سببا مباش ار في ضعف أداء القطاع العام ،ويمكن حصرها و تصنيفها بالشكل اآلتي:
-إجراءات قديمة يغلب عليها الروتين و البطء الشديد األمر الذي تسبب في ظهور و انتشار الرشوة و ضياع
-التركيز على اإلجراءات و المعاقبة على مخالفتها و انعدام معيار النتائج (فالعبرة باحترام القواعد ال بتحقيق
النتائج).
-وضع حلول جاهز معدة مسبقا ال ترتبط بالواقع و ال بالبيئة المحيطة بها.
36
-وهناك عيوب أخرى ترتبط بالتنظيم تتمثل أساسا في -:ضعف العالقات العامة
-ضعف الرقابة و عدم فعاليتها مما أدى إلى عدم متابعة و قياس اآلثار و النتائج
على ضوء االنتقادات و العيوب و المشاكل التي عرفتها اإلدارة العمومية في ظل التسيير البيروقراطي و الذي
كان من نتائجه إضعاف أداء القطاع العمومي خاصة المنظمات العمومية اإلدارية و التي أضحت نموذجا لسوء
التسيير و ضعف الفعالية و الرقابة و غياب النتائج ،ظهر المناجمنت العمومي الحديث NPMكتصور جديد
لكيفية تسيير هذه المنظمات من أجل عصرتنها و الرفع من مستوى أداءها و بالتالي زيادة فعاليتها،محاكيا قواعد
37
إن البحث عن الفعالية في قلب الجهاز اإلداري استدعت من الدول إجراء إصالحات إدارية فرضتها مجموعة من
العوامل.
يعد اإلصال اإلداري عملية ديناميكية مستمرة في الزمن تمليها تغيرات الحياة ،تعنى بها جميع أنواع المنظمات
العمومية و منها اإلدارية ،لذلك البد من التطرق لماهية اإلصال كإستراتيجية أساسية لتفعيل المناجمنت العمومي
الحديث(المطلب األول)ثم نتطرق ألهم التجارب الدولية في هذا المجال بما فيها التجربة الجزائرية(المطلب الثاني).
اإلصال اإلداري فكرة شاملة لجميع القطاعات و كافة مستويات اإلدارة العمومية ،وهو إستراتيجية تتبناها القيادة
السياسية كعملية قيادية قبل أن تنتقل إلى عناصر التنفيذ ،وهو بذلك يختلف عن جملة اإلجراءات المؤقتة و
وبذلك يرى أنصاره أن عملية اإلصال الشامل ال تقبل أسلوب التدرج أو عملية الترميم الجزئية للجهاز اإلداري
على إعداد البرامج والخطط التنموية و تنفيذها بكفاءة عالية و تراجع اإلنتاجية و انخفاض معدالت النمو و تدني
مستوى المعيشة لألفراد...الخ ، 1و هو بذلك يخالف عن مفهوم التنمية اإلدارية و التطوير.
و أهم تعاريف اإلصال أنه ':عملية تكيف دائمة و مستمرة للبنى اإلدارية و مهامها مع مهام الدولة وهو مواكبة
دائمة لرو التجديد و التحديث التي يتطلبها النظام السياسي غير المتحجر و بالتالي المجتمع الديناميكي سواء
كانت إصالحات شاملة أم جزئيا،فهو عملية تطهير اإلدارة من مشاكلها و إيجاد الحلول المناسبة و المالئمة مع
رو التحديث و التطور العلمي و التكنولوجي بهدف إشباع حاجات المواطنين بأكبر قدر من الكفاءة' .2
يسعى اإلصال اإلداري لتحقيق جملة من األهداف يمكن حصر أهمها فيما يلي :
38
/lتوسيع مفهوم الالمركزية اإلدارية ،و االبتعاد عن مركزية اتخاذ القرار ،والعمل على توسيع تقنية التفويض لدى
/2تبني قيم العمل الجماعي و تعزيز اإلبداع و التطور لدى العنصر البشري لتحديث اإلدارة .
/3تبني توجه" اإلدارة اإلستراتيجية " في مختلف مجاالت العمل و ذلك من خالل تنمية قدرات منظمات الجهاز
/4زيادة االعتماد و العمل بالتقنيات الحديثة لإلعالم و االتصال تمهيدا لبناء مشاريع اإلدارة و الحكومة االلكترونية.
/6االقتراب من المواطن أكثر و إعادة رسم عالقة جديدة من خالل تحسين الخدمة العمومية وتطويرها.
/7اعتماد أسلوب المشاركة في عملية التطوير و التغيير (داخل الجهاز اإلداري من خالل تفعيل العنصر البشري)
و لتحقيق هذه األهداف يضع الباحثون في هذا الشأن جملة من المبادئ و المحاور إلستراتيجية اإلصال اإلداري.
حتى يمكن لعجلة اإلصال اإلداري أن تمضي قدما ال بد أن تركز على جملة من المبادئ أهمها :
-تفعيل مبدأ الثواب و العقاب في حياة الموظف و ربط حوافز الموظف بسلوكياته و اداءه في العمل.
-مراجعة أجور موظفي الجهاز اإلداري لتحسين معيشتهم و مدهم بالقدرة على العطاء الفعال في وظائفهم.
-تأهيل الجهاز اإلداري لوضع الخطط المستقبلية و استشراف آفاقه القريبة و البعيدة.
39
الفرع الثالث :دوافع اإلصالح اإلداري
هناك عوامل عديدة دفعت بالدول للقيام بإصالحات في أنظمتها اإلدارية ،ويمكن تلخيص هذه العوامل فيما يلي :
-انتشار األفكار النيوليبرالية الداعية لتقليص دور الدولة و حجم تدخالتها و اإلبقاء على الدور التقليدي ،ألن
. 1
السوق هو المسيطر الوحيد في هذه اإليديولوجية
و هو األمر الذي امتد أثره لإلدارة العمومية ،التي عرفت تضخما و نقصا في طرق التسيير التقليدية التي لم تعد
ذات فعالية كافية،األمر الذي أدى لتراجع شرعية الدولة و مصداقيتها،و هو ما استلزم اعتماد تقنيات المنظمات
-تداعيات العولمة:ساهمت العولمة في انتشار و سيادة ايديولوجة المنظمات الخاصة ال سيما بعد النجا الذي
حققته في مجال إدارة األعمال ،في المقابل تراجع مردود المنظمات العمومية اإلدارية خاصة ،األمر الذي دفع
2
بالدول للتفكير في ضرورة إصال األجهزة اإلدارية العمومية.
-زيادة مردودية اإلدارة العمومية :و ذلك من خالل تحسين الخدمة العمومية و عصرنة اإلدارة من خالل إدراج
مفاهيم الفعالية و الكفاءة و الجودة ضمن أبجديات التسيير العمومي و اقتصاد الوقت والجهد و المال.و هو ما
ساهمت فيه التكنولوجيا الحديثة لالتصال و اإلعالم من خالل تبني مفهوم اإلدارة االلكترونية التي ساهمت في
-فقدان شرعية التنظيم البيروقراطي :بالنظر للعوامل السابقة عرف التنظيم اإلداري البيروقراطي كما تصوره
ماكس ويبر صعوبات جمة لم يتم وضعها في الحسبان،أفقدت اإلدارة البيروقراطية شرعيتها من خالل انغالقها
و انفصالها عن التطورات المحيطة بها مما أدى النفصالها عن طموحات المواطنين وخلق فراغ كبير بين
اإلدارة والمواطن ،و هو ما يعرف بأزمة الشرعية،من جهة أخرى يرى الباحثون أن كثرة النصوص و القانونية
والتنظيمية التي تحكم قواعد العمل و تعقد اإلجراءات و توحيدها في كل اإلدارات العمومية و إهمال العنصر
3
البشري في أخذ المبادرة لم تعد صالحة مع متطلبات الحداثة.
40
المطلب الثاني :تطبيقات اإلصالح اإلداري في العالم
شملت عملية اإلصال اإلداري العديد من الدول المتطورة بغية عصرنة اإلدارة العمومية و االرتقاء بمفهوم
الخدمة العمومية ،و أهم ما ميز هذه اإلصالحات أنها كانت شاملة للعديد من المستويات و القطاعات المخالفة رغم
اختالف ايديلوجية و فلسفة كل دولة في تفعيل هذه اإلستراتيجية اإلصالحية .لذلك نتطرق ألهم التجارب
اإلصالحية في العالم،مركزين على أهم الخطوط األساسية للعملية اإلصالحية في كل دولة ،ثم نتطرق للتجربة
الجزائرية .
كما هو معلوم فقد عرفت بريطانيا إصالحات عميقة في إدارتها العمومية ارتبط باعتالء السيدة مارغريت تاتشر
سدة الحكم في بريطانيا سنة l979و التي كان تركيزها حول إعادة صياغة مفهوم الخدمة المدنية و إعادة هيكلة
القطاع العام و الذي عرف س ياسات تسييرية جديدة بعيدا عن مفهوم التسيير البيروقراطي ،األمر الذي استدعى
تغيير كلي في الهياكل اإلدارية (إنشاء الوكاالت المستقلة) ،و صيغ التوظيف التي حل محلها نظام التعاقد،
و لهذا الغرض انشئت لجنة خاصة لالهتمام بتفعيل المصالح اإلدارية البريطانية 2و التي أكدت في أشغالها على
ضرورة إصدار ميثاق المواطنين و هو وثيقة تصدرها الحكومة يكون الهدف منها رفع مستوى الخدمات المقدمة
للمواطن استنادا لفلسفة اإلدارة بالنتائج لتعزيز كفاءة القطاع العام. 3
بذلك أضحت التجربة البريطانية في اإلصال اإلداري تجربة أصيلة و رائدة يقتدى بها .
اإلقليمية في ذات السنة و الذي عرف تعزيز لمفهوم الالمركزية من خالل تحويل لبعض صالحيات اإلدارة المركزية إلى
اإلدارة المحلية ،األمر الذي استدعى إصدار مجموعة من القوانين المرتبطة به و التي تسمح بتفعيله على غرار قانون
تحويل الكفاءات و قانون الوظيف العمومي سنة l983و قانون حق المواطن في عالقته باإلدارة .
هذه القوانين كان الهدف منها عصرنة اإلدارة الفرنسية من خالل تبني عدة مبادئ أهمها االنتقال من االهتمام
باإلجراءات إلى التركيز على األهداف و النتائج و تبني مفهوم الق اررات المشتركة بدل الق اررات األحادية الصادرة من
قمة النموذج الهرمي،و بالتالي فهي تهدم أهم ركائز التسيير البيروقراطي.
و على غرار بريطانيا بادرت الدولة الفرنسية بإنشاء لجنة سميت "فعالية الدولة" برئيسها François de Closts
خلصت أعمالها بانجاز تقرير يسمى "رهان المسؤولية" ،وكخالصة أقرت اللجنة بان العصرنة تحول شامل متعدد
األبعاد يشكل امتدادا لجملة اإلصالحات التي بادرتها الدولة سنة l 982تتمحور أساسا حول تجديد مفهوم الخدمة
العمومية (وضع ميثاق الخدمة العمومية )و خلق مراكز عديدة للقرار و المسؤولية،تطوير العالقة مع المواطن
و تم تجسيد أكثر لهذه األهداف بمجيء حكومة أالن جوبي في l 990التي وضعت أهداف ذات مستوى أعلى
أهمها:
من المعلوم أن اإلدارة العمومية في الجزائر سواء من حيث هيكلها التنظيمي أو الثقافة المناجيريالية المساندة كانت
وال تزال مستوحاة من النموذج الموروث من االستعمار الفرنسي و المستوحى من الدول المهيمنة أو ما يعبر عنه
42
( )jacobin –omnipresent-réglienيضاف لها الخيارات السياسية و االقتصادية التي تبنتها الجزائر غداة
االستقالل ،والتي كانت تستند لفكرة أساسية هي أن الدولة فاعل أساسي في الشأن االقتصادي و باقي الشؤون
العامة نو باعتبار اإلدارة العمومية أداة في يدها لتنفيذ سياساتها ،األمر الذي خلق تزاوج بين تصور الدولة و تصور
اإلدارة العمومية ،مما نتج عنه إدارة شديدة التمركز تخدم وحدة الدولة رغم المناداة بالالمركزية .
أما من الناحية التسييرية فالنموذج البيروقراطي القائم على الهيكل الهرمي و ضرورة االلتزام بالقواعد و اإلجراءات
على حساب النتائج ،وضعف الرقابة و غياب المبادرة و المشاركة في اتخاذ الق اررات ،كانت ثقافة تسييرية سائدة.
غير أن التحوالت و التطورات الحاصلة على المستويين الداخلي و الخارجي أعادت رسم العالقات دولة/اقتصاد و
فعلى المستوى الداخلي سجلت الجزائر عدة تطورات وضعت الدولة أمام تحديات اجتماعية (انفتا المجتمع)
أما على المستوى الخارجي فتحديات العولمة رسمت توجهات جديدة للعالقات الدولية .فكل هذه المتغيرات أثرت
على وظيفة الدولة و بالتالي وضعت أجهزتها و منها اإلدارة العمومية في إشكالية الشرعية .األمر الذي استدعى
المبادرة بإصالحات على عدة مستويات كانت أوال اإلصالحات االقتصادية و السياسية ،ليبقى اإلصال اإلداري
متعث ار مما جعل منه حجرة عثرة في وجه اإلصالحات االقتصادية خاصة و السياسية ،السيما إذا علمنا أن
اإلصالحات التي بادرت بها الدولة l989كانت قد وضعت أعباء و التزامات جديدة على اإلدارة العمومية لم تستطع
وفاءها ،مما أثر على عالقتها بالمواطن نتيجة تردي الخدمة العمومية و جمود المرفق العام الخاضع لمنطق
االحتكار العمومي .هذه الحقائق شككت في شرعية العمل و مصداقية أجهزة الدولة و مدى فعاليتها ،مما استدعى
43
فشهدت سنة 12999إنشاء لجنة إصال هياكل و مهام الدولة (بعد تخطي أزمة اإلرهاب و عودة األمن
واالستقرار السياسي للبالد)التي نصبت شهر نوفمبر من سنة 2999إنشاء رئيس الجمهورية تظم 79عصوا كلهم
موظفون سامون ومسئولون لمؤسسات كبرى ،جامعيين منتخبين،كلهم مارسوا و لسنوات عديدة وظائف ومسؤوليات
هامة في القطاع .وقد كانت لها مهام محددة و حرية كبيرة إلعداد و صياغة التقرير و التوصيات الالزمة.2
أنهت اللجنة عملها بتقرير هام و كبير مس مختلف مجاالت اإلدارة العمومية (من مرافق عمومية ،موارد بشرية
عاملة لدى الدولة و الجماعات المحلية)...كما حدد الفلسفة العامة لإلصال و أهدافه،و التركيز على التشخيص
الذي تم تقديمه.
دولة تكون في خدمة المجتمع و المواطن (من خالل توطيد العالقة دولة /مجتمع).
دولة قوي حديثة و فعالة (من خالل تبني نموذج جديد للتسيير القطاع العام،يضمن دوام و استم اررية النشاط
العمومي،و انسجام العمل الحكومي و تنمية السياسيات العمومية من خالل إعادة توزيع المهام و المسؤوليات
بين مختلف الهياكل اإلدارية من خالل تقنية التفويض و تجسيد فعلي لالمركزية ،حيث تكون الدولة اإلقليمية
باإلضافة لتبني سياسات جديدة للموارد البشرية تقوم على تنميتها و تقليل اإلنفاق الحكومي.
-1سبقت هذه المبادرة محاوالت لإلصالح اإلداري السيما في مرحلة النقاش حول الميثاق الوطني لسنة l 679الذي أظهر عدم رضا
المواطن عن اإلدارة ،فكلفت الرئاسة لجنة وزارية إلجراء تحقيق حول البيروقراطية .بعدها وفي سنة l 689أنشئت لجنة وطنية لإلصالح
اإلداري ثم المحافظة للصالح و التجديد اإلداري في ، l 680ليتم حل المحافظة و توزيع مهامها على مختلف الوزارات في l 687و في
نفس السنة قدمت وزارة الداخلية ملفا تحت عنوان " البيروقراطية مظاهر و رهانات " و على أساسه اتخذت الحكومة عدة نصوص أهمها:
-المرسوم l9l - 88المؤرخ في ( l 688-57-50ج ر رقم ) 07ينظم العالقات بين اإلدارة و المواطن– .قرار وزارة الداخلية المؤرخ في
( l 688-56-50ج ر ) 96ينظم العالقة بين اإلدارة المحلية و المواطن .رغم ذلك بقي المواطن غير راض على أداء اإلدارة و الخدمات
التي تقدمها و هو ما تجل عند مناقشة مشروع الوئام المدني سنة l 666و ظهر مصطلح اإلرها اإلداري .لكن قبل ذلك نذكر إنشاء هيئة
وسيطة بين اإلدارة والمواطن وهي 'وسيط الجمهورية' و دورها في محاربة البيروقراطية ،ليتم إلغاؤها فيما بعد.
-
44
الحوار و دمقرطة عملية اتخاذ القرار في تحضير و تطبيق السياسة العامة.
هذه األهداف سعت الدولة لتجسيدها من خالل تبني تشريعات هامة أهمها -:قانون الوظيف العمومي
-التنازل عن بعض صالحيات اإلدارة المركزية للجماعات المحلية (كالتنازل عن صالحية منح العقار الصناعي
رسمت اإلصالحات اإلدارية في مختلف دول العالم أهدافا إستراتيجية عديدة للنهوض بالقطاع العام و تحديث
طرق تسييره و رفع مردوديته و زيادة كفاءته ،ولتحقيق هذه األهداف اقتر المنظرون في االقتصاد و العلوم اإلدارية
و السياسيون اللجوء لمقاربة المناجمنت العمومي الحديث في القطاع العمومي اإلداري كأسلوب جديد لتسيير
المنظمات العمومية ،و الذي يرتكز بشكل أساسي على نقل أدوات و وسائل تسيير القطاع الخاص على القطاع
العمومي .لذلك سنتطرق لماهية المناجمنت العمومي الحديث (المطلب األول) ثم لوسائله مع اإلشارة كلما سنحت
التسيير العمومي الحديث أو ما يرمز له ب) new public management( NPMكتصور جديد لكيفية إدارة
المنظمات العمومية اإلدارية عرف عدة تعاريف فقهية (الفرع األول) و التي رغم اختالفها تشترك في تحديد أهدافه
ومبادئه (الفرع الثاني) األمر الذي وّلد تقارب و تفاعل مع مفاهيم جديدة أخرى(الفرع الثالث) .
الفقرة األولى:تعريفه
45
هناك تعاريف متعددة تختلف من حيث الزاوية التي ينظر بها إليه ،لكنها تتفق من حيث التركيز على عناصر
و أهداف التسيير الحديث كما تصوره أول مرة المفكر كريستوفر هود (في دراسة أجراها في.1 )l99l
و أهم التعاريف أنه "مجموعة عناصر جديدة في تسيير اإلدارات العمومية و التي تفرض عليها أن تتخلى عن
المنطق و البعد القانوني و تصبح تخضع لمنطق اقتصادي من خالل إدراج مفهوم األداء الناجح و الجودة' .2لذلك
يقول G.Pollitأن الكلمات الدالة على التسيير العمومي الجديد هي :ميكانيزمات السوق-الالمركزية-تحسين
من جهة أخرى عرفته لجنة اإلدارة العامة التابعة لمنظمة التعاون االقتصادي و التنمية OCDEبأنه":نموذج جديد
يقوم على نشر ثقافة تحسين األداء في القطاع العام و تقليل المركزية.3 "...
كم عرفه آخرون أنه :تصور جديد لكيفية إدارة المنظمات العمومية اإلدارية يقوم على نقل قواعد تسيير المنظمات
االقتصادية الخاصة و آليات السوق من أجل عصرنة هذه المنظمات و الرفع من مستوى أداءها ،و بالتالي زيادة
فعاليتها مما يقتضي تعيين واضح لألهداف ،مع األخذ بعين االعتبار التأثير الذي تمارسه البيئة على هذه
أهم ما يمكن مالحظته من خالل هذه التعاريف أنها تعاريف غير قانونية أي أن مفهوم المناجمنت العمومي الجديد
ليس مادة قانونية ،فقد يغلب عليه الطابع االقتصادي أو التسييري أو اإلداري حسب اتجاه صاحب التعريف ،وهذا
بخالف مفهوم التسيير القديم الذي يستمد مبادئه من العلوم القانونية و اإلدارية .
و عليه نستنتج أن سبب ظهور NPMهو االختالالت و النقائص التي عرفها التنظيم البيروقراطي ،وإخفاقه في
إيجاد حلول حقيقية ألبرز عيوبه و التي لم يتنبأ بها 'ويبر' أو أبقاها في الظل.5
-1كريستوفر هود ) ) Christopher crooper Hoodولد سنة l 607و هو بروفيسور في جامعة اكسفورد و رئيسا لبرنا مج البحث
للخدمات العامة () 20l0 - 0550أهم كتاباته :حدود اإلدارة سنة. l679
-أدوات الحكومةl 689
أدوات الحكومة في عصر المعلماتية. 0557
-فن اإلدارة أو الدولة
و مقاالت عديدة و كتب أخر في مجال اإلدارة العامة و الخدمة العمومية و إصالحها .
.
46
الفقرة الثانية :األصول النظرية لمقاربة التسيير العمومي الحديث
يرتكز المناجمنت العمومي الحديث على أسس نظرية تعود أصولها لتيارين أساسين :األول اقتصادي و سمي ب
االقتصاد المؤسساتي الجديد ،والثاني في علم التسيير ممثال في التسييرية أو المناجيريالية managerialism
فاالقتصاديون ركزوا على المنطق االقتصادي في عمليات الحكومة Kفي حين أدمج المسيرون تقنيات الخبرة
و عليه ظهرت عدة نظريات لإلصال على أساس هذين االتجاهين ،و كان ذلك بين سنوات l969أهمها نظريتي
و عموما يرى االقتصاديون أن النموذج التقليدي و البيروقراطي لم يحدث توازنا هيكليا سواء من حيث الكفاءة
و الفعالية و الحوافز التي توجد في السوق ،ويرجع ذلك لتدخالت الحكومة غير المجدية و التي شكلت مع الوقت
عقبة قيدت نمو و حرية االقتصاد ،لذلك دعوا للتخلص من تدخل الحكومة و االستناد لآلليات السوق لتحسين
الكفاءة.
أما التسييرية فترى أن تطبيقات و مبادئ تسيير القطاع الخاص كفيلة بحل إشكاالت و عيوب البيروقراطية التي
تطبع القطاع العام ،وبالتالي البد من تبني المفاهيم التسييرية للقطاع الخاص في القطاع العام.
وكما قال أحد المفكرين البد أن تسير الحكومة كما تسير المؤسسة ألن ذلك من شأنه تغيير ثقافة و قيم و مهارات
المديرين(المسيرين).
من خالل التعاريف السابقة يمكن استخالص أهم مقومات التسيير العمومي الحديث كاآلتي:
من حيث طبيعة البيئة التي تنشط فيها المنظمات العمومية :فقد سبقت اإلشارة إلى أن اإلدارة التقليدية تنشط
في بيئة تتميز باحتكار عمومي للخدمة العمومية و للوسائل و الموارد ،ومحاطة بكثرة القوانين و التنظيمات
و التعليمات ،األمر الذي كان مركز انتقاد لطالبي الخدمات العامة،ألنها لم تستطع مواكب التطورات
47
و مسايرتها و بذال من خلق إدارة ديناميكية ظهرت إدارة عمومية تتسم بالجمود و التقوقع ،و عليه أضحى
االستناد لقواعد السوق و إضفاء الطابع التجاري على الخدمة أكثر من ضرورة.
من حيث الوسائل :جاء NPMإلحداث قطيعة مع أدوات التسيير التقليدية و الحد من االعتماد الحصري على
البيروقراطية و تقليصها في تقديم الخدمات و استبدالها بآليات (ذات طبيعة اقتصادية)أكثر نجاعة ترتكز أساسا
على االعتماد المتزايد للقطاع الخاص و المؤسسات غير الحكومية ) ) NGOSكآلية بديلة لتقديم الخدمة من
خالل التعاقد الخارجي و االستعانة بالمصادر و اإلمكانيات الخاصة و التأكيد على إقامة شراكة بين القطاع
العام و القطاع الخاص و المنافسة و االعتماد على قوى السوق ،وخلق بيئة مناسبة لنمو المشاريع الخاصة
(المؤسسات الصغيرة والمتوسطة) .و من جهة أخرى (من الناحية اإلدارية)استبدال للبنى التقليدية و التسلسل
الهرمي و المركزي بأنظمة و هياكل ال مركزية(أو عدم التركيز)و تحديد المسؤوليات و استبعاد للبواعث
السياسية ،وتقديم الخدمة للمواطن(عن طريق التفويض'اترك المسير يسير')و إحكام الرقابة و تفعيل
الحوافز...الخ و استخدام تكنولوجيات الحديثة ،وهو ما عبر عنه الباحثان كالرك و نيومان( l997في كتابهما
من حيث األهداف :يقوم التسيير التقليدي على مفاهيم محددة كالمركزية – التسلسل-التخطيط –المسؤولية-
حد ذاتها ،والمعنى البد من إعادة ضبط مهام اإلدارة العمومية ،و تحديدها بدقة لتصبح أهدافا،و من أهدافه:
تحسين األداء ،الفعالية ،الفاعلية ،تغيير مركز االهتمام،ترشيد استعمال الموارد العمومية و التقشف في النفقات
العمومية اإلنتاجية،المساءلة ،الشفافية وهي كلها مستوحاة من المناجمنت الخاص ،وهو ما يسمى 'بإعادة
اختراع الحكومة' أو ' إعادة صياغة الدولة' .كما عبر عنه البعض.لذلك فإن مساءلة اإلدارة العمومية سوف
يكون بناء على النتائج و رضا المواطن ال على أساس مدى احترام القواعد و اإلجراءات .2وهو ما يوضحه
2
-voir.
48
اإلدارة الحديثة اإلدارة العامة التقليدية العناصر
المواطن
على أساس الجدارة و الكفاءة و القدرة على أساس األقدمية االرتقاء في سلم الوظيفة
يثير المناجمنت العمومي الحديث مفاهيم ذات صلة أهمها الحكم الراشد و الشراكة مع القطاع الخاص.
ساهمت مقاربة التسيير العمومي الحديث بلورة و بروز مفهوم جديد و هو الحكم الراشد ،فما العالقة بينها؟
هناك عدة اتجاهات فكرية لتعريف الحكم الراشد مثال :تعريف البنك الدولي :فهو أسلوب ممارسة الحكم في إدارة
و عرفه كوفمان (باحث وخبير لدى البنك الدولي) على انه :الحكم الراشد يتضمن القواعد و العمليات و الممارسات
التي تمارس من خاللها السلطة في بلد ما معتمدة في ذلك على التسيير الحسن للمؤسسات و اختيار السياسات و
2
تنسيقها من أجل تقديم خدمات جيدة و فعالة".
49
و عرفه برنامج األمم المتحدة اإلنمائي UNDPبأنه :ممارسة السلطة االقتصادية و اإلدارية إلدارة شؤون الدولة
في كل المستويات من خالل آ ليات و عمليات و مؤسسات يستطيع من خاللها األفراد و الجماعات التعبير عن
1
مصالحهم و ممارسة حقوقهم القانونية و الوفاء بالتزاماتهم و تسوية خالفاتهم" .
يتضح من هذه التعاريف أن الحكم الراشد هو مقاربة تعكس تحوال في إدارة شؤون الدولة من شكلها التقليدي إلى
إ دارة متكيفة و متجاوبة و متطلبات مواطنيها و تستخدم كل الوسائل الالزمة للوصول لهذه األهداف بشفافية
لذلك يرى الباحثون أن اعتماد مقاربة الحكم الراشد و تطبيق مبادئه من شأنه تهيئة اإلطار العام المساعد على
الفقرة الثانية :الشراكة بين القطاع العام و الخاص أحد مرتكزات NPM
الشراكة بين القطاع العام والخاص (2)PPPهي نوع من أنواع التعاقدات التي تتم بين قطاعات الدولة مع القطاع
الخاص لتنفيذ مشروعات ضخمة تحتاج على تمويل كبير (مثل مشروعات البنية التحتية) وقد عرف هذا المجال
تطو ار ملحوظا كان نتاج إرساء مبادئ التسيير العمومي الحديث الذي ظهر أواخر القرن العشرين ،باإلضافة
لضغوطات العولمة التي فرضت إجراء توازنات جديدة تستند أساسا لتقليص دور الدولة من الناحية االقتصادية
و االجتماعية و البحث عن الفعالية في تقديم الخدمة العمومية بجودة وكفاءة ،في ظل نقص الموارد و شح
الميزانيات .األمر الذي فرض اللجوء بداية للخوصصة كحل أو كأداة تسمح بتفعيل القطاع الخاص ،غير أن هذه
األخيرة أنتجت مشاكل أكثر ،فكان اللجوء للشراكة بين القطاعين العام والخاص (في شكل عقود مختلفة كعقد
االمتياز ،عقد البوت )... BOTفي مجاالت عديدة (الصحة –اإلسكان –التعليم –البنية التحتية –و الخدمات
االجتماعية) 3هي الحل األمثل إذا ما توافرت شروط معينة حددها القانون( كضرورة إضفاء رقابة الدولة الدائمة
وتحمل المخاطر).
.
2
- public private partenership
-3ظهر هذا النوع من األعمال في تسعينات القرن ال، 05و ظهر في العديد من الدول مثل بريطانيا و الهند وروسيا و كندا وروسيا و
استراليا نو يزداد الطلب في الوقت الحالي على هذ ا النوع من األعمال نظرا لعدم كفاية االستثمارات الحكومية في الدول ،و الطلب المتزايد
على مشاريع البنية التحتية األساسية نظرا لزيادة السكان.
50
هذا وقد وردت تعريفات عديدة لهذا األسلوب من التعاقد :
فقد عرفه صندوق النقد ا لدولي بأنها ":الترتيبات التي يقوم فيها القطاع الخاص بتقديم أصول و خدمات تتعلق
بالبنية التحتية ،جرت العادة أن تقدمها الحكومة ،وقد تنشأ هذه الشراكة من خالل عقود االمتياز ،التأجير
التشغيل. 1
و عرفته المفوضية األوربية للشراكة بين القطاعين العام والخاص في الكتاب األخضر الصادر في 39نيسان
2994بأنها ":شكل من أشكال التعاون بين السلطات العامة و عالم الشركات و الني تهدف لتحقيق تمويل
2
إنشاء –تجديد –إدارة و صيانة بنية أساسية أو تأثيث مرفق.
التعاون من خاللها يتولى الشريكان (العام والخاص) معا الملكية و المسؤولية ،وغالبا ما تكون الشراكة في
من جهتها الوحدة المركزية للشراكة مع القطاع الخاص بو ازرة المالية المصرية ترى أن الشراكة مع القطاع
الخاص تعد بمثابة عالقة طويلة األجل بين الجهات اإلدارية بالدولة و القطاع الخاص تهدف إلى قيام القطاع
بتقديم خدمات أو بتنفيذ مشروعات كانت أجهزة الدولة منوطة بتنفيذها ،دون اإلخالل بدور الحكومة في
في حين يرى بعض األكاديميين أن PPPهو عقد إداري يعهد بمقتضاه أحد أشخاص القطاع العام على احد
أشخاص القطاع الخاص القيام بتمويل االستثمار المتعلق باألعمال و التجهيزات الضرورية للمرفق العام و
إدارتها و صيانتها طوال مدة العقد المحدد مقابل مبالغ مالية تلتزم اإلدارة المتعاقدة بدفعها إليه بشكل مج أز
5
طوال فترة التعاقد.
.
.
51
فيما يخص الدولة الجزائرية سعت إلرساء هذا األسلوب لتقديم الخدمة من خالل ميثاق الشراكة بين القطاع
أما من حيث الصيغة القانونية فالشراكة تتم من خالل عقود من القانون العام بتسميات مختلفة كعقد االمتياز –
التأجير تضمنها قانون الصفقات العمومية ،باإلضافة لمؤسسات االقتصاد المختلط (الشراكة في رأس المال).
يعتمد التسيير العمومي الحديث على عدة وسائل أهمها :االتصال ،التسيير المالي،إدارة الموارد البشرية.
الفرع األول:االتصال
و يعد أحد أهم وسائل NPMو قد عرفه التسيير البيروقراطي لكنه لم يتم تفعيله و إعطاءه األهمية الالزمة في
ممارسات اإلدارة العمومية .فاالتصال في أي منظمة عمومية يمثل همزة الوصل بين اإلدارة العليا و موظفيها في كافة
مستويات الهيكل التنظيمي و هو ما يعرف باالتصال الداخلي،من جهة أخرى تزداد أهميته في عالقة المنظمة بالمواطن
لالتصال أنواع – كما هو معروف (في مقياس اإلدارة العامة) – فهناك االتصاالت العمودية و األفقية،و االتصاالت
الموثقة وغير الموثقة،و االتصاالت الرسمية و غير الرسمية. 1و المالحظ أن تفعيل االتصال له أهمية قصوى في
تحسين الخدمة العمومية و رضا المواطن عن الخدمة،و قد كانت أبرز عيوب اإلدارة العمومية في الج ازئر هو غياب
أو نقص في آلية االتصال ،لذلك فإن كل مبادرات اإلصال اإلداري ركزت على هذه التقنية بالنظر ألهميتها في اتخاذ
الق اررات المناسبة و تحسين األداء ،األمر الذي من شانه إعطاء نتائج ملموسة و سريعة السيما بعد إدماج
التكنولوجيات الحديثة التي ساهمت في تطوير هذه اآللية و إعطاء نظرة جديدة ( للمستخدم-المرتفق) الذي أصبح ينظر
إليه كزبون يجب إرضاؤه و هو ما يعني إدخال مفهوم التسويق في األجهزة اإلدارية العمومية، 2لذلك ظهر هذا
من خاللها ملزمة بتحسين تعاملها مع المواطن و تزويده بالمعلومات و التقرب منه لمعرفة حاجياته و طموحاته،بل
في الوقت الراهن تعرف عملية التسويق العمومي ازدها ار ملموسا في المرافق العمومية ذات الطابع الصناعي و
التجاري (الهاتف-الكهرباء -المياه )...و هو ما لم تبلغه في المرافق اإلدارية (اإلدارة العمومية )بالنظر لخصوصية
يرتكز المناجمنت العمومي الحديث في جانبه المالي على عدة مبادئ ترتكز أساسا على خفض التكاليف و النفقات
العمومية ،وتغ طية الميزانيات (تجنب العجز المالي) و السعي لتحقيق أكبر قدر من الشفافية المالية في المعامالت و
توزيع الموارد ،الفصل بين المشتري و الموفر ،الالمركزية في التسيير ،استحداث إدارة األداء و إدخال آليات السوق
و من جهة أخرى ،و نظ ار الرتفاع حجم نفقاتها العمومية،اعتمدت الحكومات و بدواعي اإلصال العتماد أسلوب
المحاسبة التحليلية و إدماجه في القطاع العام اإلداري بعد النجا الذي حققته في القطاع االقتصادي (منذ سنوات
الثمانينات)و ذلك بهدف التحكم في النفقات العمومية و ترشيدها 2و تحديد المسؤوليات بالنظر لكونها تعتمد –و بخالف
المحاسبة العمومية التقليدية -على الرقابة على عناصر التكاليف و توفير المعلومات و البيانات التفصيلية التي تسمح
باتخاذ القرار المناسب األمر الذي يساعد و بشكل فعال في إعداد الميزانية .
و ازدياد االستهالك و كثرة المنافسة .و يعرف على أنه :مجموع التقنيات أوالنشاطات التي تهدف إلى ترقية المنتوجات أو الخدمات بما
يتوافق مع احتياجات المستفيدين .
التسويق العمومي عملية معقدة بالمقارنة مع الماركتينغ الخاص بسبب صعوبة إحصاء و جمع المعلومات لتحديد احتياجات المستفيدين من
الخدمة .و أهم التقنيات المس تعملة في التسويق هي :صبر اآلراء ،االحتجاجات ،شكاوي المواطنين المستفيدين من الخدمة( شفوية أو كتابية)
في سجل االحتجاجات ،قائمة األسئلة( ( questionnaireالمقدم من طرف اإلدارة.
1
-s
-2بالفرنسية يطلق عليه )rationalisation des choix budgét aires ( RCBو باالنجليزية Planning Progaming (PPBS
Budgeting
53
هذا وتعتبر المحاسبة التحليلية إحدى إف ارزات التطور االقتصادي خصوصا بعد فشل المحاسبة العامة غي توفير
المعلومات الكافية لتحليل نشاط المؤسسة ،فهي تسمح بحماية المؤسسة من الخسائر بسبب االستخدام غير الرشيد
تعتبر الموارد البشرية ركيزة كل إصال إداري باعتبار العنصر البشري أهم عوامل اإلنتاج ،و هو المتحكم في نجا
تسيير الموارد المادية و المالية ألي جهاز إداري ،وبالتالي تحقيق األهداف المسطرة .و على هذا األساس أولى
المناجمنت العمومي الحديث اهتماما كبي ار بإدارة الموارد البشرية من خالل نقل أدوات تسييرها و تنميتها من القطاع
الخاص إلى القطاع العام في بحثه عن الفعالية و األداء و تشجيع العمل الجماعي و التي يوفرها العنصر البشري
الكفء و المؤهل باألعداد و النوعية الالزمة ،السيما في ظل التحوالت و التحديات الداخلية و الخارجية(كاشتداد
. 2
المنافسة و تسارع وتيرة التكنولوجيا)...
* اعتماد معايير جديدة للتوظيف تقوم عل أساس الكفاءة و ليس مبدأ المساواة.
3
* االعتماد على مبدأ التعاقد ال التوظيف مدى الحياة .
*االعتماد على أ سس جديدة لتقييم األداء و تحديد األجر و المكافآت على أساس الكفاءة و المردودية و التحفيز.4
* التسيير التوقعي للموارد البشرية العمومية من خالل وضع خطط سنوية للتسيير على مستوى مختلف المؤسسات
و اإلدارات العمومية ،5في إطار تسيير تقديري لتعدادات الوظيفة العمومية ،وتشمل هذه المخططات مختلف عمليات
-5راجع مثال :المرسومين التنفيذيين l 09 -60و 60 -69اللذان يبينان أن تسيير الموارد البشرية في الوظيفة العمومية غايته إبراز تسيير
توقعي للوظائف و تحسين مؤهالت الموظفين من خالل المخططات السنوية و المخططات القطاعية السنوية أو متعددة السنوات للتكوين و
تحسين المستوى و تجديد المعلومات لفائدة الموظفين .
54
تسيير الموارد البشرية بعنوان السنة المالية المعنية السيما ما تعلق بالتوظيف ،الترقية ،الحركات الدورية للموظفين
55