Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة الثانية النظائر الفقهية في باب العبادات
المحاضرة الثانية النظائر الفقهية في باب العبادات
اتفقت املذاهب األربع ة على بطالن ص الة من ص لى بنجاس ة غ ري يس رية متعم دا ،غ ري ع اجز عن
إزالتها ،وعليه اإلعادة أبدا.
واختلفوا فيمن صلى متلبسا بنجاسة نسيها ،فلم يذكرها حىت قضى صالته ،على ثالثة أقوال:
القول األول :أن صالته باطلة وعليه اإلعادة أبدا؛ وبه قال احلنفية والشافعية واحلنابلة يف وجه ،وهو
الصحيح عندهم؛ واستدلوا بأن الطهارة من اخلبث واجبة وشرط يف صحة الصالة ،فال تسقط باجلهل
والنسيان كالوضوء.
القول الثاني :أن صالته صحيحة وال إعادة عليه ،وبه قال احلنابلة يف وجه صححه أكثر املتأخرين.
القول الثالث :أن صالته صحيحة ويندب له إعادهتا يف الوقت ،وهو مشهور مذهب املالكية ،لقوله
علي ه الص الة والس الم« :إن اهلل وض ع عن أم يت اخلط أ والنس يان وم ا اس تكرهوا علي ه »؛ واس تدلوا
لقوهلم باستحباب اإلعادة يف الوقت بالقياس على من أدى الصالة وحده ،مث أدرك اجلماعة يؤدوهنا يف
ال وقت ،فإن ه ين دب ل ه إعادهتا معهم باإلمجاع إذا ك انت ظه را أو عش اء ،ويف غريمها اختالف؛ ول و
أدركهم يؤدوهنا بعد الوقت.مل يأمره أحد بالدخول معهم ،فكان دليال على أن استدراك فضل السنة
يف مثل هذا إمنا ينبغي أن يكون يف الوقت ال بعده.
اختلف املالكية يف حكم نضح الثوب الذي شك يف إصابة النجاسة له على ثالثة أقوال ،واملشهور
يف املذهب أن النض ح واجب ،وه و طه ارة املش كوك في ه ،ختفيف ا من الش رع ،وي رتتب علي ه أن من
تركه وصلى فإنه يعيد الصالة ،كما يعيدها من ترك غسل النجاسة احملققة ،فإن كان عامدا أو جاهال
أعاد أبدا ،وإن كان ناسيا أو عاجزا أعاد يف الوقت .واستدلوا حبديث أنس بن مالك :أن
1
جدت ه مليك ة دعت رس ول اهلل لطع ام ص نعته ل ه ،فأك ل من ه مث ق ال« :قوم وا فألص ل
لكم» ،ق ال أنس :فقمت إىل حص ري لن ا ق د اس ود من ط ول م ا لبس ،فنض حته مباء فق ام
رس ول اهلل ،وص ففت والي تيم وراءه ،والعج وز من ورائن ا ،فص لى لن ا رس ول اهلل
ركعتني مث انصرف.
واحتلم عم ر يف س فر فجع ل يغس ل م ا رأى من ذل ك االحتالم ح ىت أس فر ،وس أله
عمرو بن العاص عن ذلك ،فقال « :أغسل ما رأيت وأنضح ما مل أر».
وذهب اجلمهور من احلنفية والشافعية واحلنابلة ،وأيدهم يف ذلك القاضي عبد الوهاب واللخمي
من املالكي ة إىل أن ه ال جيب غس ل الث وب بالش ك يف إص ابته النجاس ة ،عمال بقاع دة اليقني ال ي زول
بالشك؛ والنضح عندهم مستحب ألنه ال يزيل النجاسة ،وإمنا شرع نضح السراويل لدفع الوسواس
وتطيب النفس.
املشهور يف مذهب املالكية أن من ترك املواالة عامدا خمتار أعاد الوضوء والصالة ،ومن تركها
لعج ز أو نس يان ب ىن ،قال ه ابن القاس م ،ألن املواالة واجب ة م ع الق درة وال ذكر ،س اقطة م ع العج ز
والنسيان ،وهو قول الشافعي يف القدمي.
وقال احلطاب« :فتحصل من هذا أن املعتمد يف املذهب أن من فرق الطهارة عامدا أعاد الوضوء
والصالة أبدا ،ومن فرقها ناسيا أو عاجزا بىن».
ِ ِ َّ ِ
ين َآمنُوا ِإ َذا قُ ْمتُ ْم ِإىَل الصَّاَل ة فَا ْغسلُوا ُو ُج َ
وه ُك ْم( سورة املائدة :اآلية أ-قوله تعاىل :يَا َأيُّ َها الذ َ
،)06ووجه الداللة من ثالثة وجوه:
*قوله(إذا قمتم) شرط لغوي ،والشروط اللغوية أسباب ،واألصل ترتيب مجلة املسبب على
السبب من غري تأخري.
2
*قوله (فاغسلوا) الفاء للتعقيب ،فيجب تعقيب اجملموع .
ب-من القياس :قالوا :أهنا عبادة ذات أركان تتقدم الصالة ،فلم جيز تفريقها كاآلذان.
ِ ِ
أ-قوله تعاىلَ :ربَّنَا اَل ُتَؤ اخ ْذنَا ِإ ْن نَسينَا َْأو ْ
َأخطَْأنَا (سورة البقرة :اآلية )286
ب-قول رسول اهلل « :إن اهلل قد جتاوز عن أميت اخلطأ والنسيان ،وما استكرهوا عليه».
وق الت احلنفي ة والش افعية يف الص حيح عن دهم أن املواالة س نة ،والنس يان ع ذر يف أص ح ال وجهني
عندهم .وقالت احلنابلة يف رواية عنهم وهي املذهب عندهم أن املواالة فرض مطلقا فمن تركها أعاد
الوضوء.
يرى احلنفية واحلنابلة يف رواية هي املذهب عندهم وجوب الرتتيب يف قضاء الصلوات الفائتة ،وأن
النس يان ع ذر مس قط للوج وب ،وه و املش هور عن د املالكي ة؛ إذ ال رتتيب يف قض اء الص لوات الفائت ة
عندهم واجب مع الذكر ساقط بالنسيان يف اخلمس فدوهنن ،وليس بشرط يف صحة الصالة ،فلو ترك
الرتتيب ذاكرا أو ناسيا فال جتب اإلعادة عليه؛ إذ بالفراغ منها خرج وقتها.
أ-حديث أنس بن مالك عن النيب أنه قال « :من نسي صالة فليصلها إذا ذكرها ال كفارة هلا
إال ذلك قال تعاىلَ :وَأقِ ِم الصَّاَل ةَ لِ ِذ ْك ِري( سورة طه :اآلية ،»14وجه الداللة من هذه احلديث
أن النيب جعل وقت الفائتة وقت التذكر ،فتقدم على احلاضرة ولو فات وقت أدائها؛ إذ الوقت ال
يتسع لغريها فوجب تأخريها وهو املطلوب.
ب -عن جابر بن عبد اهلل أن عمر بن اخلطاب جاء يوم اخلندق بعد ما غربت الشمس فجعل
يسب كفار قريش قال :يا رسول اهلل ما كدت أصلي العصر حىت كادت الشمس تغرب ،قال النيب
« : واهلل ما صليتها» ،فقمنا إىل بطحان فتوضأ للصالة وتوضأنا هلا ،فصلى العصر بعد ما غربت
3
الشمس مث صلى بعدها املغرب ،ووجه الداللة منه :أن النيب قدم العصر على املغرب ،فدل على
وجوب ترتيب الفوائت.
ج -روى نافع عن عبد اهلل ابن عمر أنه كان يقول« :من نسي صالة فلم يذكرها
إال وهو مع اإلمام ،فإذا سلم اإلمام فليصل الصالة اليت نسي ،مث ليصل بعدها األخرى»،
ووجه الداللة منه أنه لو مل يكن الرتتيب واجبا ملا أمره باإلعادة.
د-اتفقت األمة على أن من نسي الظهر يوم عرفة ،وأحرم بالعصر ،مث ذكر الظهر فإهنا تفسد عليه،
فيجب تقدمي ما تقدم وجوبه إال ما استثين.
ب-حديث أنس املتقدم « :من نسي صالة فليصلها إذا ذكرها» ،ووجه الداللة منه أن وقت
الفائت ة وقت الت ذكر ،ف إن مل ي ذكرها ح ىت ص لى فهم ا ص التان مل جيمعهم ا وقت واح د ،فال جيب
الرتتيب.
ج-الصالة املنسية ليس عليها أمارة ،فجاز أن يؤثر فيها النسيان كالصيام.
اتف ق مجه ور العلم اء على وج وب التس مية واش رتاطها يف ال ذكاة ،وأن من تركه ا عام دا مل تؤك ل
ذبيحته ،واستدلوا بعدة أدلة منها:
اس ُم اللَّ ِه َعلَْي ِه َوِإنَّهُ لَِف ْس ٌق( سورة األنعام :اآلية ).121 مِم
أ-قوله تعاىلَ :واَل تَْأ ُكلُوا َّا مَلْ يُ ْذ َك ِر ْ
ب-ح ديث راف ع بن خ ديج عن رس ول اهلل « :م ا أهنر ال دم وذك ر اس م اهلل فك ل ليس الس ن
والظفر».
ج-عن عائشة رضي اهلل عنها :أن قوما قالوا للنيب : إن قومنا يأتوننا بلحم ال ندري أذكر اسم
اهلل عليه أم ال؟ قال « :فسموا عليه أنتم و كلوه» ،قالت «:وكانوا حديثي عهد بكفر»
4
واختلفوا يف تركها نسيانا على قولني:
القول األول :يرى املالكية واحلنفية والشافعية وأمحد يف رواية هي املذهب أن من ترك
التسمية عند الذكاة ناسيا أن ذبيحته تؤكل؛ واستدلوا مبا يلي:
ِ ِ
أ-قوله تعاىلَ :ربَّنَا اَل ُتَؤ اخ ْذنَا ِإ ْن نَسينَا َْأو ْ
َأخطَْأنَا( سورة البقرة :اآلية )286
اس ُم اللَّ ِه َعلَْي ِه َوِإنَّهُ لَِف ْس ٌق( سورة األنعام :اآلية )121؛ مِم
ب-قوله تعاىلَ :واَل تَْأ ُكلُوا َّا مَلْ يُ ْذ َك ِر ْ
وق د انعق د اإلمجاع على أن الناس ي ليس بفاس ق ،فك انت اآلي ة حممول ة على م ا ت ركت التس مية علي ه
عمدا ،وصار األكل مما نسيت التسمية عليه ليس بفسق.
ج-قوله تعاىلَ :و َما َج َع َل َعلَْي ُك ْم يِف الدِّي ِن ِم ْن َح َر ٍج(سورة احلج :اآلية )78؛ إذ النسيان يكثر
طروءه على الناس ،وتكليفهم بتجنبه فيه حرج ،واحلرج مرفوع بنص اآلية.
د-حديث« :إن اهلل قد جتاوز عن أميت اخلطأ ،والنسيان ،وما استكرهوا عليه».
ه-أثر عن ابن عباس قوله« :من نسي التسمية فال بأس » ،ومل يعرف له خمالف من الصحابة.
القول الثاني :أن الذكاة غري صحيحة مطلقا نسي أو تعمد التسمية ،والذبيحة ميتة ال تؤكل،
وبه قال أمحد يف رواية اختارها أبو اخلطاب ،وهو مذهب الظاهرية ،يقول يف ذلك ابن حزم« :ال حيل
أكل ما مل يسم اهلل تعاىل عليه بعمد أو نسيان.
اس ُم اللَّ ِه َعلَْي ِه َوِإنَّهُ لَِف ْس ٌق( سورة األنعام: مِم
برهان ذلك :قول اهلل تعاىلَ :واَل تَْأ ُكلُوا َّا مَلْ يُ ْذ َك ِر ْ
اآلية ،)121فعم تعاىل ومل خيص».
ثانيا :نظائر اختلف فيها هل ترفع الحدث أو تبيح العبادة
اختلف املالكية هل التيمم رافع للحدث أو مبيح للعبادة على ثالثة أقوال :املشهور أن التيمم مبيح
للعبادة وال يرفع احلدث.
وأمجع العلم اء على أن ال تيمم ال يرف ع احلدث على ال دوام واالس تمرار ،وأن وج ود املاء ن اقض له،
إال خالفا شاذا روي عن أيب سلمة بن عبد الرمحن.
5
واختلفوا :هل يرفع احلدث رفعا مؤقتا أم ال ،على ثالثة أقوال:
الق&&&ول األول :مواف ق للمش هور عن د املالكي ة ،أن ال تيمم م بيح للعب ادة وال يرف ع احلدث ،وه و
الصحيح من الوجهني عند الشافعية ،والصحيح من الروايتني عند احلنابلة.
القول الثاني :أن التيمم برفع احلدث رفعا مؤقتا بوقت الفريضة ،وهذا وجه عند الشافعية ،قال به
ابن سريج ،واختاره أبو اخلطاب من احلنابلة ،وإليه مال القرايف ،وقال الشيخ تقي الدين ابن تيمية:
«التيمم لوقت كل صالة أعدل األقوال».
الق&&ول الث &&الث :إن ال تيمم يرف ع احلدث رفع ا مؤقت ا بوج ود املاء أو احلدث؛ وه ذا م ذهب احلنفي ة
والظاهرية ،وهو رواية عن أمحد اختارها الشيخ تقي الدين ابن تيمية ،وبه قال ابن املنذر.
-1حديث عمرو بن العاص ،قال :احتلمت يف ليلية باردة يف غزوة ذات السالسل ،فأشفقت إن
اغتسلت أن أهلك فتيممت مث صليت بأصحايب صالة الصبح ،فذكروا ذلك للنيب فقال« :يا
عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب».
وج&&ه االس&&تدالل :أن أصحاب عمرو وصفوه باجلنابة ،وأق رهم النيب على ذلك ،بدليل أنه مل
يبني هلم أنه ليس جبنب بعد التيمم.
-2حديث أيب ذر أن النيب قال « :إن الصعيد الطيب وضوء املسلم ،وإن مل جيد املاء إىل عشر
سنني ،فإذا وجد املاء فأمسه جلدك ،فإن ذلك خري» .
-3أنه لو وجد املاء لزمه استعماله لرفع احلدث الذي كان قبل التيمم إن كان جنبا أو حمدثا أو
امرأة حائضا ،ولو رفع احلدث الستوى اجلميع الستوائهم يف الوجدان.
-5أن التيمم ال يستبيح به الفريضة إال فريضة واحدة ،ولو كان يرفع احلدث لصلى به ما شاء من
نفل وفرض كالوضوء .
6
-2المسح على الخفين رافع للحدث أو مبيح للعبادة
اختلف املالكية يف املسح على اخلفني ،هل هو رافع للحدث أو مبيح هلا على قولني ،املشهور :أنه
مبيح للعبادة وال يرفع احلدث.
واختلفت مذاهب األئمة يف املسح على اخلفني ،هل هو رافع للحدث أم ال على قولني:
القول األول :موافق للمشهور عند املالكية ،أنه مبيح وليس برافع للحدث ،وبه قال احلنفية وبعض
الشافعية وبعض احلنابلة.
القول الثاني :أنه رافع للحدث ،وبه قال الشافعية يف األصح واحلنابلة.
استدل املالكية ومن وافقهم على أن املسح على اخلفني مبيح للعبادة مبا يلي:
-1أن املس ح على اخلفني طه ارة تق وم مق ام الغس ل ،وتبط ل بظه ور األص ل ،فلم يرف ع احلدث
كالتيمم.
-2أن ال نزع ليس حبدث ،ول و ارتف ع احلدث باملس ح ملا رج ع؛ ب ل احلدث م ا س لف ،وق د عم ل
مبوجبه؛ إال غسل الرجل أبدل باملسح ،فإذا ذهب املسح أكملت الطهارة بالغسل.
- 3أن االستتار باخلف مانعا من سريان احلدث إىل القدم يف مدة املسح ،فإذا ظهرت الرجالن ظهر
حكم احلدث السابق.
اختلف املالكية يف املسح على اجلبرية هل يرفع احلدث أو يبيح العبادة ،واملشهور يف املذهب أنه ال
يرفع احلدث ،ألنه طهارة تقوم مقام الغسل ،وتبطل بظهور األصل ،فلم يرفع احلدث ،كالتيمم واملسح
على اخلفني.
7
واتفقت مذاهب األئمة الثالثة أن املسح على اجلبرية يقوم مقام الغسل للعضو عند الضرورة ،وهو
رافع للحدث بدليل جواز أداء عدد من فرائض به ،وأنه ال يتوقت بوقت ،وأنه جيمع بني املسح على
اجلب ائر والغس ل يف عض و واح د ،وال جيوز اجلم ع بني الب دل واألص ل ،فك ان مبنزل ة الغس ل ملا حتت ه م ا
دامت العلة قائمة.
يرى املالكية يف املعتمد أن من توضأ ومسح على شعر رأسه فقد ارتفع حدثه ،فإذا حلق رأسه،
فال يعيد مسحه ،ألن الصحابة كانوا حيلقون مبىن مث ينزلون مبىن مث ينزلون لطواف اإلفاضة ،ومل ينقل
عن أحدهم إعادة مسح رأسه ،وألن املسح هنا أصل بنفسه وليس بدل الشعر تبع للرأس.
القول األول :ال يغسل حملهما ،قاله ابن القصار ،وهو املشهور ،قياسا على شعر الرأس.
الق&&ول الث&&اني :يغس ل موض عهما ،قال ه ابن بط ال والش ارقي وابن الطالع؛ قياس ا على املس ح على
اخلفني ،وفرقوا بينه وبني شعر الرأس بأنه أصلي ،خبالف شعر اللحية والشارب ،فإنه بدل عن الغسل
وجياب ب أن غس ل ظ اهر اللحي ة وإم رار الي د على اللحي ة ليس ب دال ،وإمنا ه و ت ابع لغس ل الوج ه،
فيكون أصال.
واتف ق مجاهري أه ل العلم وأص حاب املذاهب األربع ة أن من حل ق رأس ه بع د الوض وء فليس علي ه
إعادة مسح رأسه ،ألن الشعر ليس ببدل عما حتته ،فلم يلزمه بظهوره طهارة ،كما لو غسل يده مث
كشط جلده ،ومقتضى ذلك أن مسح شعر الرأس رافع للحدث.
اختلف املالكية هل غسل األظفار رافع للحدث ،فمن قلم أظفاره بعد الوضوء ال يلزمه إعادة غسل
مواضعهاـ؛ أو هو مبيح للعبادة فيلزمه إعادة غسلها على قولني:
8
القول األول :أن غسل أألظفار رافع للحدث ،وال يلزمه إعادة غسل مواضعها ،وهو املشهور يف
املذهب.
الق&&ول الث&&اني :يلزمه إعادة غسل مواضعها ،وه و حمكي عن اللخمي من قوله :لو قطعت يداه أو
بض عة من مواض ع الوض وء بع د أن توض أ لغس ل م ا ظه ر بع د ذل ك ،أو مس حه إذا ك ان ل ه ع ذر يف
غسله.
واتف ق مجاهري أه ل العلم وأص حاب املذاهب األربع ة أن من قلم أظف اره بع د الوض وء فليس علي ه
إعادة غسل ما ظهر ،ألن الظفر ليس ببدل عما حتته ،فلم يلزمه بظهوره طهارة ،كما لو غسل يده مث
كشط جلده ،ومقتضى ذلك أن غسل األظفار رافع للحدث.
اختلف املالكية فيمن ظن أنه على طهارة وجدد الوضوء طلبا للفضيلة وزيادة األجر وصلى ،مث
تبني أنه كان حمدثا على قولني:
القول األول :أن وضوء التجديد ال جيزيه عن وضوء الفرض ،قاله ابن القاسم وهو املشهور.
القول الثاني :جيزيه وضوء التجديد ،والصالة صحيحة ،وهو قول أشهب.
القول األول :يوافق مشهور مذهب املالكية أن وضوء التجديد ال جيزيه عن وضوء الفرض ،وهو
قول الشافعية يف الصحيح ،واحلنابلة يف رواية.
الق&&ول الث&&اني :أن ذل ك جبزي ه والص الة ص حيحة ،وهو ق ول الش افعية يف وج ه ،واحلنابل ة يف أص ح
الروايتني.
وأما احلنفية فال تشرتط النية عندهم يف الوضوء ألهنا طهارة معقولة املعىن.
9
أدلة القول األول:
أ-ح ديث عم ر ابن اخلط اب أن الن يب ق ال« :إمنا األعم ال بالني ات ،وإمنا لك ل ام رئ م ا
نوى» ،ووجه الداللة منه أن اجملدد تنوى الكمال والفضيلة ،فكان له ما نوى ،ومل ينو الطهارة وال
استباحة الصالة ،فلم يرتفع حدثه ومل جتزه صالته.
ب-أنه مل ينو رفع حدثه وال ما يستلزمه ،فأشبه ما نوى نوى التربد.
أ-أن جتديد الوضوء مندوب إليه ،فأشبه الوضوء ملا ال جيوز بغري وضوء.
ب-أنه نوى طهارة شرعية ،فينبغي أن يصح له ما نوى ،للحديث السابق وقياسا على ما لو نوى
رفع احلدث.
ج-أنه نوى أن يكون على أكمل احلاالت ،وذلك يستلزم رفع احلدث.
-2حكم من غسل الثانية بنية الفضيلة وقد بقيت لمعة من الغسلة& األولى
اختلف املالكية يف من ترك ملعة من مغسول الوضوء يف الغسلة األوىل هل جيزئه غسلها يف الغسلة
الثانية أو الثالثة بنية الفضيلة على قولني:
القول األول :ال جيزئه ذلك والبد من غسلها بنية الفريضة ،فإن أخر غسلها عمدا حىت طال بطل
وضوءه ،وهو املشهور يف املذهب.
قال احلطاب « :ورأى بعض الناس أن اإلجزاء هنا أوىل؛ ألن نية الفرض هنا باقية منسحبة خبالف
مس ألة اجملدد ،ورد ب أن االنس حاب يف الني ة إمنا جبزيء إذا مل يكن يف احملل ني ة مض ادة ل ه وهن ا ني ة
10
الفضيلة موجودة ،وهي مضادة لنية الفريضة» ،وقال القرايف « :وخرج أصحابنا هذه املسألة وحنوها
على أن القصد إىل الفضائل إمنا يكون بعد اعتقاد حصول الفرائض ،فقد اندرجت نية الفرض يف نية
الفضيلة؛ وهذا ال يستقيم ألنا قد بينا أن النية من القصود واإلرادات ال من باب العلوم واالعتقادات.
واحلاصل أن الناسي لفرضه الفاعل للنفل إمنا هو على اعتقاد حصول الفرض واالعتقاد ليس بنية»
وذهب الشافعية يف األصح إىل أن من نسي ملعة يف وضوئه أو غسله فانغسلت يف الغسلة الثانية أو
الثالثة بنية التنفل أجزأه ،ألن الغسالت الثالث طهارة واحدة ،وقد تقدمت فيه نية الفرض والنفل
مجيعا ،ومقتضى أن ال يقع شيئا من النفل حىت يرتفع احلدث بالفرض ،وتومهه الغسل عن الثانية ال مينع
الوقوع عن األوىل ،كما لو ترك سجدة عن الركعة األوىل وسجد يف الثانية فإنه يتم هبا األوىل ،وإن
كان يتوهم خالف ذلك.
وأما احلنابلة فمقتضى مذهبهم اإلجزاء ،ألن الوضوء بنية النفل أو التجديد جيزئ عن الفرض.
الق &&ول األول :ال جيزي ه الغس ل للجمع ة عن الغس ل للجناب ة ،ألن غس ل اجلمع ة غ ري واجب ،فال
جيزئ عن غسل اجلنابة وهو واجب ،رواه ابن القاسم عن مالك ،وهو املشهور يف املذهب.
القول الثاني :جيزئ الغسل للجمعة عن اجلنابة ،ألن غسل اجلمعة مشروع مأمور به ،فوجب أن
جتزئ نيت ه عن ني ة غس ل اجلناب ة ،كمن توض أ لنافل ة فإن ه يص لي هبا فريض ة ،ق ال ب ه ابن وهب وابن
كنانة وابن املاجشون ومطرف وابن نافع ورووه عن مالك. .
الق&ول األول :موافق للمشهور عند املالكية أن الغسل للجمعة ال جيزئ عن الغسل للجنابة ،وهو
قول الشافعية واحلنابلة يف وجه.
الق&&ول الث&&اني :أن غسل اجلمعة جيزئه عن الغسل للجنابة ،وهو مذهب احلنابلة ومقتضى مذهب
احلنفية ،ألهنم ال يشرتطون النية يف صحة الغسل.
11
-4حكم من توضأ احتياطا ثم تيقن الحدث
اختلف املالكية يف من شك يف احلدث فتوضأ احتياطا ،وقال :إن كنت أحدثت فهذا الطهر لذلك
احلدث ،مث تبني أنه كان حمدثا ،هل جيزئه ذلك على قولني:
الق &&ول األول :ال جيزئ ه عن احلدث ،لل رتدد احلاص ل يف الني ة رواه عيس ى عن ابن القاس م ،وه و
املشهور يف املذهب ،ووجه الرتدد أن يف هذا تعليق للنية ال تنجيز فيه.
القول الثاني :موافق للمشهور عند املالكية أن الوضوء غري جمزئ؛ ألنه إمنا أراد االحتياط وحتصيل
الفضيلة ،وألن الرتدد يف النية مانع من الصحة ما مل يكن ذلك يف موضع الضرورة ،وهو قول الشافعية
يف أصح الوجهني ،ووجه عند احلنابلة.
القول الثالث :الطهارة جمزئة ،ويرتفع هبا احلدث ،ألن االحتياط مأمور به ومستحب ،وقد صادق
حدثا فرفعه ،وهو مذهب احلنابلة ،ووجه عند الشافعية .
الق&&ول األول :إن طال الفصل أو ركع يف النافلة بطلت الفريضة ،وإن مل يطل ومل يركع عاد إىل
الفريض ة وب ىن على م ا ص لى منه ا ،مث س جد للس هو ،رواه ابن القاس م عن مال ك ،وه و املعتم د يف
املذهب.
الق&ول الث&اني :إن طال الفصل بطلت الفريضة ،وإن مل يطل الفصل وشرع يف الصالة أخرى عاد
ف أمت الفريض ة مث س جد للس هو ،وه و ق ول ابن وهب ومط رف وابن املاجش ون وابن عب د احلكم
وروايتهم عن مالك واختاره ابن أيب زيد .
القول الثالث :يعتد مبا صلى بنية النافلة ،وجيعل ما دخل فيه من الصالة الثانية متاما لألوىل،ذكره
ابن رشد تفريعا على مذهب أشهب أن حتول النية يف الصالة ال تأثري له يف إفسادها ،وعلى مذهب
من يرى أن السالم سهوا لغو ال خيرج املصلي من صالته.
12
واختلفت املذاهب يف هذه املسألة على أقوال:
القول األول :إن طال الفصل بطلت الفريضة ،وإن مل يطل الفصل وشرع يف الصالة األخرى عاد
ف أمت الفريض ة ،مث س جد للس هو ،ألن ه عم ل عمال من جنس الص الة س هوا ،فلم تبط ل ،كم ا ل و زاد
خامسة ،وهو قول الشافعية ،والصحيح من مذهب احلنابلة .
القول الثاني :إن سالمه من الفريضة لغو ،وجيعل ما دخل فيه من الصالة الثانية متاما لألوىل ،فينبين
إحدامها على األخرى؛ ألنه سهو معذور فيه ،وهو قول أيب الفرج من احلنابلة.
الق&&ول الث&&الث :أن الفريضة تبطل مبجرد دخوله يف النافلة ،ألن تكبريه بنية النفل قطع لنية صالة
الفريضة ،فتبطل كالقطع ينقض الوضوء وهو قول احلنفية وأمحد يف رواية .
-6حكم من أعاد الصالة في جماعة ثم تبين له أنه كان محدثا في صالته األولى
القول األول :أن صالة اجلماعة جتزئه عن فرضه ،قاله ابن القاسم ورواه عن مالك ،وهو املشهور
يف املذهب املالكي ،وقال به بعض الشافعية.
القول الثاني :أن صالته باطلة ،وال جتزئه اجلماعة عن فرضه ،وعليه اإلعادة ،وهو قول أشهب،
وهو املعتمد عند الشافعية ،ومقتضى مذهب احلنابلة واحلنفية ،ألنه دخل مع اإلمام لفضل اجلماعة،
فتكون األوىل هي فرضه ،والثانية نافلة .قال ابن رشد« :وقوله ليس جبار على املذهب؛ إذ لو كانت
األوىل هي صالته على كل حال ،والثانية نافلة ،ملا جاز ملن صلى الصبح والعصر وحده أن يعيدمها يف
مجاعة».
أ-أن ه مل ي دخل م ع اإلم ام بني ة النافل ة ،وإمنا دخ ل مع ه بني ة اإلع ادة لفرض ه؛ ف وجب أن جتزئ ه
الصحيحة عن الباطلة منهما ،كاملتوضئ يغسل وجهه مرتني أو ثالثا ،إن مل يعم يف بعضها أجزأه ما
13
عم ،وأي دوا ه ذا مبا روي عن ن افع أن رجال س أل عب د اهلل ابن عم ر فق ال :إين أص لي يف بي يت مث
أدرك الص الة م ع اإلم ام ،أفأص لي مع ه؟ فق ال ل ه عب د اهلل بن عم ر :نعم ،فق ال الرج ل :أيتهم ا أجع ل
صاليت؟ فقال له بن عمر :أو ذلك إليك؟ إمنا ذلك إىل اهلل جيعل أيتهما شاء.
ب-عن حيي بن س عيد أن رجال س أل س عيد ابن املس يب ،فق ال إين أص لي يف بي يت مث آيت املس جد،
فأجد اإلمام يصلي ،أفأصلي معه؟ فقال سعيد :نعم ،فقال الرجل فأيهما أجعل صاليت؟ فقال سعيد:
أو أنت جتعلها؟ إمنا ذلك إىل اهلل.
أدلة القول الثاني:
استدل الفريق الثاين من العلماء مبا يلي:
أ -جابر بن يزيد بن األسود العامري عن أبيه شهدت مع رسول اهلل حجته ،فصليت معه
صالة الفجر يف مسجد اخليف ،وأنا غالم شاب ،فلما قضى صالته ،إذا هو برجلني يف آخر القوم مل
يصليا معه فقال :علي هبما .فأتى هبما ترعد فرائصهما ،فقال ما منعكما أن تصليا معنا؟ فقاال :يا
رسول اهلل ،قد صلينا يف رحالنا ،قال:ال تفعال إذا صليتما يف رحالكما ،مث أتيتما مسجد مجاعة فصليا
معهم؛ فإهنا لكما نافلة»
ب-عن أيب ذر ق ال :ق ال يل رس ول اهلل « :كي ف أنت إذا ك انت علي ك أم راء ي ؤخرون
الصالة عن وقتها ،أو مييتون الصالة عن وقتها؟ قال :قلت :فما تأمرين؟ قال :صل الصالة لوقتها ،فإن
أدركتها معهم ،فصل ،فإهنا لك نافلة»؛ ذلك ألن األوىل قد وقعت فريضة ،وأسقطت الفرض ،بدليل
أهنا ال جتب ثانيا؛ وإذا برئت الذمة باألوىل استحال كون الثانية فريضة ،وجعل األوىل نافلة.
-7حكم من نسي طواف اإلفاضة ،وقد طاف طواف الوداع وبعد عن مكة
ي رى املالكي ة يف املش هور وه و ق ول احلنفي ة والش افعية يف األص ح أن من نس ي ط واف اإلفاض ة ،أو
طاف وتبني له أن طوافه غري صحيح لفقد شرط من شروطه ،فإنه يرجع لذلك من بلده ،إال أن يكون
طاف بعد طواف اإلفاضة طوافا صحيحا ،تطوعا أو لوداع فإنه جيزئه ما طافه تطوعا عن طواف
اإلفاضة.
14
ووجه ذلك :أن أركان احلج ال حتتاج إىل تعيني نية بدليل الوقوف واإلحرام والسعي ،ونية احلج
مشتملة على مجيع أفعاله ،وال يصح غري احلج يف زمان احلج ،فلما صح الطواف يف نقسه ،وجب أن
حيكم أنه طواف اإلفاضة.
وذهب ابن عب د احلكم وه و ق ول احلنابل ة ووج ه عن د الش افعية إىل ع دم إج زاء ط واف التط وع أو
الوداع عن طوف اإلفاضة ،ألهنا عبادة واجبة متصلة بالبيت ،فافتقرت إىل تعيني النية ،ألن تعيني النية
يف طواف اإلفاضة شرط لصحته ،وال جيزئ عنه طواف التطوع.
أدلة الجمهور:
أ-أن أركان احلج ال حتتاج إىل تعيني نية ،ألن اإلحرام ينسحب عليها ،كما ينسحب إحرام الصالة
على أفعاهلا ،فال حيتاج إىل نية يف الركوع وال غريه.
ب-أن الطواف ال حيتاج إىل تعيني النية يف احلج أصله الوقوف بعرفة؛ فإنه لو وقف به ناسيا أجزأه
باإلمجاع ،ألن بق اء ني ة الف رض الش املة ل ه حكم املوج ود حقيق ة ،وهلذا ص ح الط واف م ع غفلت ه
..
استصحابا
ج-وألنه إذا أجزأه يف احلج أو العمرة أن حيرم به نافلة فيكون فرضا كان يف بعض عمله أوىل أن
جيزيه.
د-أن أيام النحر متعينة لطواف الزيارة ،فال حاجة لتعيني النية ،كما لو صام يف رمضان بنية التطوع
أو واجب آخر ،فإنه يقع عما يستحقه الوقت .
.أدلة الفريق الثاني:
أ-قوله « :إمنا األعمال بنيات وإمنا لكل امرئ ما نوى»؛ قالوا وهذا مل ينو طواف الزيارة فال
يكون له.
ب-الطواف عبادة تفتقر إىل البيت ،فافتقرت إىل تعيني النية كركعيت املقام.
ج-نية النفل موجودة حقيقة ،فتتقدم على نية احلج املوجودة ضمنا واستصحابا.
د-أن الطواف صالة والصالة تفتقر إىل النية اتفاقا.
15
16