Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 21

‫تحليل سوسيولوجي لمجاالت تفاعل الطالب الجامعي وتأثيرها على الهوية والفعل‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬بن عيسى محمد المهدي‪ /‬جامعة ورقلة‬


‫االســود فطيمة‬

‫الملخص‬
‫إن األسرة الجزائرية المعاصرة كانت مثلها مثل أي ظاهرة اجتماعية خاضعة ال محالة لديناميكية‬
‫التغير وعمليات التحضر المصاحبة لها‪ .‬فظهرت مؤخ ار وبصورة واسعة االنتشار بنمط جديد وبارز‪ .‬تمثل‬
‫في شكل األسرة النووية أو بما يعرف باألسرة (الزواجية)‪ ،‬التي أصبح فيها الفرد ح ار في تصرفاته وفي‬
‫اتخاذ الق اررات التي تخصه‪ ،‬باإلضافة إلى إقامة العالقات االجتماعية أو رفضها دون أي رقابة أو ضغط‬
‫أو إلزام‪ .‬وأغلب الشباب اليوم هم األكثر عرضة إلى هذه التغيرات والتحوالت‪ .‬مما أدى بهم إلى الخروج‬
‫عن طوع متطلبات والتزامات الفضاء التفاعلي األسري الذي كان يمثل أهم مصدر ومجال للتنشئة‬

‫‪202‬‬
‫االجتماعية في تشكيل لهويتهم الذاتية‪ ،‬إلى البحث عن أكثر من مجال يتضمن تشكيل هوية ذوات‬
‫اجتماعية مستقلة تعيش واقعها‪ ،‬متحررة من هوية المجال الواحد (األسرة)‪.‬‬

‫والطالب الجامعي كغيره من أفراد المجتمع‪ ،‬ينتمي إلى عدة مجاالت تفاعل اجتماعية‪ ،‬كونه منتقال من‬
‫مجتمعه األسري األصلي إلى مجتمع جديد يتميز بتعددية المجاالت االجتماعية ذات النماذج‬
‫والخصوصيات الثقافية المغايرة‪ .‬والتي سوف نحاول من خالل هذه الدراسة معرفة طبيعة هذه النماذج‬
‫الثقافية للمجاالت االجتماعية األصلية للطالب الجامعي‪ ،‬ومدى تأثير المجال العمراني الجديد ‪-‬‬
‫الجامعة‪ -‬ذو المجاالت االجتماعية المختلطة‪ ،‬على إعادة تشكل هويته وانتاج أفعاله‪ .‬باإلضافة إلى‬
‫معرفة طبيعة العالقة الناتجة عن تشكالت الهوية وأشكال الفعل والتفاعالت االجتماعية التي ينتجها ويعيد‬
‫إنتاجها في هذه المجاالت االجتماعية الجديدة والمغايرة لمجاله األصلي‪.‬‬

‫نص المداخلة‪:‬‬

‫إن األس ـرة الجزائري ــة المعاص ـرة كان ــت مثله ــا مثــل أي ظ ــاهرة اجتماعي ــة خاضــعة ال محال ــة لديناميكي ــة‬
‫التغير وعمليات التحضر المصاحبة لها‪ .‬فظهرت مؤخ ار وبصورة واسعة االنتشار بنمط جديد وبـارز‪ .‬تمثـل‬
‫فــي شــكل األسـرة النوويــة أو بمــا يعــرف باألسـرة (الزواجيــة)‪ ،‬التــي أصــبح فيهــا الفـرد حـ ار فــي تصـرفاته وفــي‬
‫اتخاذ الق اررات التي تخصه‪ ،‬باإلضافة إلى إقامة العالقـات االجتماعيـة أو رفضـها دون أي رقابـة أو ضـغط‬
‫أو إلزام‪ .‬وأغلب الشباب اليـوم هـم األكثـر عرضـة إلـى هـذه التغيـرات والتحـوالت‪ .‬ممـا أدى بهـم إلـى الخـروج‬
‫ع ــن ط ــوع متطلب ــات والت ازم ــات الفض ــاء التف ــاعلي األسـ ـري ال ــذي ك ــان يمث ــل أه ــم مص ــدر ومج ــال للتنش ــئة‬
‫االجتماعي ــة ف ــي تش ــكيل له ــويتهم الذاتي ــة‪ ،‬إل ــى البح ــث ع ــن أكث ــر م ــن مج ــال يتض ــمن تش ــكيل هوي ــة ذوات‬
‫اجتماعية مستقلة تعيش واقعها‪ ،‬متحررة من هوية المجال الواحد (األسرة)‪.‬‬

‫والطالب الجامعي كغيره من أفراد المجتمع‪ ،‬ينتمي إلى عدة مجاالت تفاعل اجتماعية‪ ،‬كونه منتقال من‬
‫مجتمع ـ ــه األس ـ ــري األصـ ـ ــلي إل ـ ــى مجتمـ ـ ــع جدي ـ ــد يتميـ ـ ــز بتعددي ـ ــة المج ـ ــاالت االجتماعي ـ ــة ذات النمــ ــاذج‬
‫والخصوصــيات الثقافيــة المغــايرة‪ .‬والتــي ســوف نحــاول مــن خــالل هــذه الد ارســة معرفــة طبيعــة هــذه النمــاذج‬
‫الثقافيـ ــة للمجـ ــاالت االجتماعيـ ــة األصـ ــلية للطالـ ــب الجـ ــامعي‪ ،‬ومـ ــدى تـ ــأثير المجـ ــال العم ارنـ ــي الجديـ ــد ‪-‬‬
‫الجامعــة‪ -‬ذو المجــاالت االجتماعيــة المختلطــة‪ ،‬علــى إعــادة تشــكل هويتــه وانتــاج أفعالــه‪ .‬باإلضــافة إلــى‬
‫معرفة طبيعة العالقة الناتجة عن تشكالت الهوية وأشكال الفعل والتفاعالت االجتماعية التي ينتجها ويعيـد‬
‫إنتاجها في هذه المجاالت االجتماعية الجديدة والمغايرة لمجاله األصلي‬

‫‪203‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬مجاالت التفاعل االجتماعية‪ :‬مجال اجتماعي متجانس ومجال اجتماعي‬
‫المتجانس‪ ،‬تشكل الهوية‪ ،‬الهوية المستقلة‪ ،‬الهوية المغتربة‪ ،‬الفعل االجتماعي‪ ،‬الطالب الجامعي‪ ،‬النموذج‬
‫الثقافي‪.‬‬

‫إشكالية الدراسة‪:‬‬

‫إن سوسيولوجيا الحياة اليومية هي مخزن تفاعالت األفراد ضمن المجال الحيوي الذي لم يكن بعد‬
‫موضوعا للدراسة العلمية بالشكل الكافي وهو المجال الذي توجده التفاعالت وجها لوجه في الحياة اليومية‪،‬‬
‫والتي تبنيها معايير للتواصل االجتماعي‪70.‬فمجاالت تفاعل األفراد في الحياة اليومية عديدة وواسعة وال‬
‫يمكن حصرها واختزالها في تعاقب زمني للحظات متعاقبة‪ ،‬وال في مجرد انتقال الفرد من مجال تفاعل‬
‫اجتماعي معين إلى مجال تفاعل اجتماعي آخر‪ ،‬بكل ما يحتويه هذا المجال من خصوصية ثقافية ذات‬
‫معاني مشتركة بين أفراده‪ .‬كحقيقة هذه الدراسة السوسيولوجية التي جاءت ضمن متطلبات البحث عن‬
‫مصير هوية الطالب الجامعي المنتقل من مجال اجتماعي يتميز بالتجانس الكلي أو النسبي إلى مجال‬
‫اجتماعي يتميز بالتغاير وعدم التجانس‪ ،‬وتعدد مجاالته االجتماعية من حيث النموذج الثقافي الخاص‪،‬‬
‫وهذا باعتباره فردا متعدد المجاالت‪ .‬وهذا من خالل التساؤل الرئيسي لهذه الدراسة‪ ،‬والذي جاء على النحو‬
‫التالي‪:‬هل أن تعدد مجاالت تفاعل الطالب الجامعي القادم من مجال اجتماعي متجانس يتميز بنموذج‬
‫ثقافي خاص إلى مجال اجتماعي مغاير يتميز بالالمتجانس –الجامعة‪ ،-‬يؤدي به إلى إعادة تشكل‬
‫هوية منسجمة مع مجاله األصلي وقادرة على اإلستعاب التحكم في هذا التعدد‪ ،‬أم إلى إعادة تشكل‬
‫هوية استهالكية مغتربة عن مجاله االجتماعي األصلي؟‪.‬‬

‫و من أجل فهم وتوضيح هته اإلشكالية والتعمق فيهـا أكثـر‪ ،‬أرفقناهـا بجملـة مـن التسـاؤالت الجزئيـة المهمـة‬
‫في هذه الدراسة والمتعلقة بأهمية معرفة النموذج الثقافي للمجال االجتماعي المتواجد فيـه الطالـب الجـامعي‬
‫فكانت هذه األسئلة الجزئية كالتالي‪:‬‬

‫‪-‬هل أن تعدد مجاالت تفاعل الطالب الجامعي القادم من مجال اجتماعي متجانس ذو نموذج ثقافي‬
‫بدوي‪ ،‬يؤدي به إلى إعادة تشكل هوية منسجمة مع مجاله األصلي في المجال االجتماعي المغاير–‬
‫الجامعة‪-‬؟‪.‬‬
‫‪-‬هل أن تعدد مجاالت تفاعل الطالب الجامعي القادم من مجال اجتماعي متجانس ذو النموذج الثقافي‬
‫شبه حضري والحضري‪ ،‬يؤدي به إلى إعادة تشكل هوية مغتربة في المجال االجتماعي المغاير –‬
‫الجامعة‪-‬؟‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫مقال الكرتوين لباحثة تونسية تراكي الزناد بعنوان‪ :‬الذاكرة اجلماعية ال ميكن سرقتها‪ ..‬أو اقرتاضها‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫ما هي أنواع وأشكال الفعل والتفاعالت االجتماعية التي ينتجها ويعيد إنتاجها الطالب الجامعي‬ ‫‪-1‬‬
‫في هذه المجاالت االجتماعية الجديدة والمغايرة لمجاله األصلي؟‪.‬‬

‫_ فرضيات الدراسة‪:‬‬

‫‪ -‬الفرضية العامة‪:‬‬

‫_ إن تعدد مجاالت تفاعل الطالب الجامعي القادم من مجال اجتماعي متجانس يتميز بنموذج ثقافي‬
‫خاص إلى مجال اجتماعي مغاير يتميز بالالمتجانس –الجامعة‪ ،-‬يؤدي به إلى إعادة تشكل هوية‬
‫استهالكية مغتربة عن مجاله االجتماعي األصلي؟‪.‬‬

‫الفرضيات الجزئية‪:‬‬

‫‪ -‬الفرضــية األولــى‪ :‬إن تعــدد مجــاالت تفاعــل الطالــب الجــامعي القــادم مــن مجــال اجتمــاعي متجــانس ذو‬
‫النمــوذج الثقــافي البــدوي‪ ،‬يــؤدي بــه إلــى إعــادة تشــكل هويــة منســجمة فــي المجــال االجتمــاعي الالمتجــانس‬
‫والمغاير –الجامعة‪.-‬‬

‫‪ -‬الفرضية الثانية‪ :‬إن تعدد مجاالت تفاعل الطالب الجامعي القادم من مجال اجتماعي متجانس ذو‬
‫النموذج الثقافي شبه حضري والحضري‪ ،‬يؤدي به إلى إعادة تشكل هوية مغتربة في المجال االجتماعي‬
‫المغاير –الجامعة‪-‬‬

‫‪ -‬الفرضية الثالثة‪ :‬إن طبيعة األفعال والتفاعالت االجتماعية التي ينتجها ويعيد إنتاجها الطالب الجـامعي‬
‫في المجاالت االجتماعية الجديدة هي أفعال مقلدة مغتربة‪.‬‬

‫_ أهمية الدراسة‪:‬‬

‫تكمن أهمية هذه الدراسة في أنها‪:‬‬

‫‪ _1‬تندرج الد ارسـة الحاليـة ضـمن اهتمامـات سوسـيولوجيا الفعـل والتفـاعالت االجتماعيـة فـي الحيـاة اليوميـة‬
‫للطالب الجامعي‪ .‬والتي تعد من أهم اهتمامات علم االجتماع‪ .‬حيث أن علماء االجتماع أصبحوا يدرسـون‬
‫كيف أن الحياة اليومية تتوزع إلى مناطق في الزمن والمساحة عن طريق النظر إلى كيفيـة النشـاطات التـي‬
‫تحدث خالل فتـرات محـددة‪ ،‬وتشـتمل فـي نفـس الوقـت علـى حركـة مكانيـة‪ .‬فد ارسـة حركـة األفـراد فـي الـزمن‬
‫والمســاحة يمكــن أن تلقــي الكثيــر مــن الضــوء علــى المعــاني المطــورة فــي التفاعــل االجتمــاعي‪.‬ولهــذا أردنــا‬
‫البحــث عــن مســببات العالقــة القائمــة بــين مضــامين وخصوصــيات المجــاالت االجتماعيــة وطبيعــة الفعــل‬
‫والتفاعالت االجتماعية الناتجة عن هذه العالقة وتأثيرها على تشكل الهوية للطالب الجامعي‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫‪ _2‬ك ــذلك ب ــالنظر إل ــى أهمي ــة موض ــوع الهوي ــة الفت ــي ف ــي الس ــاحة السوس ــيولوجية‪ -،‬خاص ــة سوس ــيولوجيا‬
‫الدراسات الجزائرية‪ -‬والذي يعد من أهم المواضيع الجديدة التي تهتم بها أغلب الدراسات العالميـة والمحليـة‬
‫المعاصرة‪.‬‬

‫‪ _3‬قلــة الد ارســات العلميــة والعمليــة حــول هــذه المواضــيع خاصــة المتعلقــة بمشــكالت وسوســيولوجيا الشــباب‬
‫والتعرف على تأثيرها وارتباطها بعوامل تربوية واجتماعية متنوعة‪.‬‬

‫_ بناء نموذج التحليل‪:‬‬


‫أ_ (تحديد مفاهيم الدراسة)‪:‬‬
‫تعد عملية بناء نموذج التحليل كما أطلق عليها "ريمون كيفي" في كتابه‪(manuel de :‬‬
‫)‪recherche en sciences sociales‬؛ أم ار ضروريا لكل بحث علمي‪ ،‬حيث أن وظيفة العمل‬
‫االستكشافي تقوم على توسيع منظورات التحليل واإللمام بفكر المؤلفين الذين يمكن ألبحاثهم وأفكارهم أن‬
‫تلهم عمل الباحث وابراز وجوده من المسألة المدروسة ما كان لهذا الباحث قطعا أن يفكر فيها بنفسه‪،‬‬
‫وتقوم وظيفة هذا العمل في نهاية األمر على اختيار إشكالية مالئمة‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬ينبغي أن نستغل هذه المنظورات واألفكار الجديدة على النحو األفضل لفهم الظواهر الملموسة‬
‫التي تستأثر باهتمام الباحث ودراستها دراسة دقيقة‪ ،‬واال فإنه ال طائل فيها‪ .‬ينبغي ترجمتها إلى لغة‬
‫والتعبير عنها في األشكال من شأنها توجيه العمل النظامي المتعلق بجمع وتحليل معطيات المعاينة أو‬
‫التجريب الذي يأتي بعدها‪.‬‬
‫_ هذا هو الغرض من مرحلة بناء نموذج التحليل‪ .‬إنها المرحلة التي تكون نقطة اتصال بين اإلشكالية‬
‫المعتمدة من قبل الباحث من جهة‪ ،‬وعمله التوضيحي في مجال التحليل هو حكما ضيق ومحدد من جهة‬
‫‪71‬‬
‫والتحليل المفهومي هو سيرورة تدريجية لتجسيد ما نريد مالحظته في الواقع‪ .‬يبدأ هذا التحليل‬ ‫ثانية‪.‬‬
‫أثناء شروع الباحث في استخدام المفاهيم من فرضيته (أو من هدف بحثه)‪ .‬ويستمر هذا التحليل أثناء‬
‫تفكيك كل مفهوم الستخراج األبعاد أو الجوانب التي ستأخذ بعين االعتبار‪ .‬ثم يتم تشريح كل بعد وتحويله‬
‫إلى مؤشرات أو ظواهر قابلة للمالحظة‪ .‬يمكن بعد ذلك أن يصل الباحث إلى تجميع بعض المؤشرات‬
‫إليجاد قياس تركيبي وهو ما يسمى بالدليل‪ .‬وفي األخير تأخذ بعض المؤشرات شكل متغيرات من أنواع‬
‫‪72‬‬
‫مختلقة‪.‬‬
‫وعليه اعتمدنا في هذه الدراسة على استعمال المفاهيم التي تتالءم مع طبيعة البحث‪ .‬كما أشارت في هذا‬
‫الصدد الباحثة "مادلين قراويتز ‪ " M. Grawitz‬في مناهج العلوم االجتماعية بقولها‪" :‬على الباحث أن‬

‫‪71‬‬
‫رميون كيفي ولوك فان كمبنهود‪ ،‬دليل الباحث يف العلوم االجتماعية‪ ،‬ط ‪ ،1‬تر‪ :‬يوسف اجلباعي‪ ،‬املكتبة العصرية‪ ،‬بريوت‪ ،1111 ،‬ص ‪.135‬‬
‫‪72‬‬
‫موريس أجنرس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.151_151 :‬‬

‫‪206‬‬
‫‪73‬‬
‫وكاستجابة لخطوات البحث العلمي حددت مفاهيم الدراسة‬ ‫يعرف ويحدد المفاهيم التي يستعملها"‪.‬‬
‫كالتالي‪:‬‬
‫‪ _1‬مجاالت التفاعل االجتماعية‪ :‬قدم "لوفير ‪ "lever‬مفهوما للمجال بحيث أنه‪( :‬ال يعني به فقط الوسط‬
‫الطبيعي‪ ...‬فهو المجال المفتوح‪ .‬فكل مجتمع يختلف مجاله‪ .‬إذ ال يعني القوة اإلنتاجية‪ ،‬وال فقط إلى‬
‫إنتاج األشياء لكن أيضا إلى ما توجد فيه هذه األشياء بما فيها المجال)‪ .‬فالمجال له امتداد وحجم وبعد‬
‫وعالقات حقيقية وفعلية‪ ،‬وبنية مخفية واطار موضوعي‪ ،‬وتفسير هدفي‪ .‬ولدراسته وترجمته ال يمكن بأي‬
‫حال االقتصار فقط على التحليل االقتصادي‪ ،‬بل يجب البحث أيضا في التطبيقات االجتماعية‪ .‬أي يجب‬
‫البحث في الدور الذي تلعبه كل العناصر للمجال‪ ،‬وكذلك السلوك والحاجات والرغبات والقيم التي يوليها‬
‫لها األفراد‪.‬ويشير الباحث األمريكي "أرفينغ غوفمان" بقوله‪ " :‬إنه يوجد مجال حيوي لم يكن بعد موضوعا‬
‫للدراسة العلمية بالشكل الكافي وهو المجال الذي توجده التفاعالت وجها لوجه في الحياة اليومية‪ ،‬تلك‬
‫التفاعالت التي تبنيها معايير لالجتماع والتواصل‪74".‬أما "يورغن هابرماس" فلقد أعطى مفهوما للمجال‬
‫‪75‬‬
‫العام وهو فضاء للتفاعل‪ ،‬أو التواصل اللفظي والفكري‪.‬‬
‫ويقصد بالمجال االجتماعي ذلك الحقل الذي يتم فيه عملية التفاعل بين المعني ومحيطه االجتماعي‪،‬‬
‫والمجال االجتماعي يتميز عن المجال العمراني‪ ،‬الن المجال العمراني هو منتوج للتفاعالت التي تتم في‬
‫المجال االجتماعي‪ ،‬ثم يصبح بعد ذلك نتاج لها‪.‬‬
‫إال أن تبنينا لمفهوم المجال االجتماعي يجنبنا الدخول في متاهات اعتماد جهاز مفاهيمي متحيز بوعي‬
‫أو بغير وعي كتبني مفاهيم البنية االجتماعية (من منظور بنيوي)‪ ،‬النسق‪ ،‬الطبقة‪ ،‬الشريحة‪ ...‬فتبني‬
‫مفهوم المجال االجتماعي كانطالقة للبحث الميداني يم ّكن الباحث من أن يكون محايدا في أطروحاته‬
‫النظرية إلى أن تنتهي الدراسة والخروج بالنتائج‪ ،‬ليتحدد بعد ذلك طبيعة ومضمون هذا المجال وبذلك‬
‫يتحدد المفهوم المناسب للواقع المدروس‪ ،‬ألن التغير السوسيوثقافي الذي يعيشه المجتمع الجزائري ومن‬
‫جملة ما أفرزه من وجهة نظرنا مجاالت اجتماعية متعددة ومعقدة من حيث مضامينها على خالف ما كان‬
‫‪76‬‬
‫عليه المجتمع التقليدي الذي يتميز بمجاالت اجتماعية ذات مضامين ثقافية متطابقة‪.‬‬
‫ولقد تبنينا نوعين من المجاالت االجتماعية في هذه الدراسة‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫‪ ‬المجال االجتماعي المتجانس‪ :‬وهو المجال الذي يكون فيه تجانس بين أفراده وفئاته الجزئية‪.‬‬
‫كالمجال االجتماعي المتجانس ذو النموذج الثقافي البدوي‪ ،‬والمجال االجتماعي المتجانس ذو‬
‫النموذج الثقافي الشبه حضري‪ ،‬والمجال الحضري‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫عبد الباسط حسن‪ ،‬أصول البحث العلمي‪ ،‬مطبعة جلنة البيان العريب‪ ،‬القاهرة‪ ،1113 ،‬ص‪.15 :‬‬
‫‪74‬‬
‫مقال الكرتوين لباحثة تونسية تراكي الزناد بعنوان‪ :‬الذاكرة اجلماعية ال ميكن سرقتها‪ ..‬أو اقرتاضها‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫إبراهيم البيومي‪ ،‬أصول اجملال العام وحتوالته يف االجتماع السياسي اإلسالمي‪ ،‬جملة الشريعة والدراسات اإلسالمية‪ ،‬العدد‪ ،15‬فرباير ‪ ،2212‬ص‪:‬‬
‫‪.141‬‬
‫‪76‬‬
‫بن عيسى حممد املهدي‪،‬بوسحلة إيناس‪ ،‬جتاوز اإلعاقة بني آليات الدمج وتشكالت اهلوية –مقاربة سوسيولوجية‪ -‬جملةالعلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫جبامعة قاصدي مرباح _ورقلة_ العدد‪ :‬فيفري ‪.2211‬ص‪.522 :‬‬

‫‪207‬‬
‫‪ ‬المجال االجتماعي الالمتجانس‪ :‬وهو المجال الذي ال يكون فيه تجانس بين أفراده وفئاته الجزئية‪،‬‬
‫فهو عبارة عن خليط من المجاالت االجتماعية السابقة‪ .‬ويقصد به في هذه الدراسة هو‪ :‬الجامعة‬
‫بكل بناياتها ومكوناتها وما تحتويه من مزيج في الشريحة البشرية من خالل تنوع طلبتها القادمين‬
‫من مجاالت مختلفة‪.‬‬
‫‪ _2‬تشكل الهوية‪ :‬الهوية كمفهوم تناوله العديد من الباحثين في ميدان العلوم اإلنسـانية‪ .‬اختلـف بـاختالف‬
‫هــذه االتجاهــات‪ ،‬فكــل اتجــاه حــاول إعطــاءه تعريفــا خاصــا يخدمــه‪ ،‬فــإذا كــان علــم الــنفس يعطــي ل ـه جانــب‬
‫مرضيا كما هو الحال عند ‪S. FREUD‬في ضـياع الهويـة عنـد الهسـتيريا‪ ،‬وعلـم الـنفس االجتمـاعي يعتبـر‬
‫الهوية عامل من عوامـل الشخصـية‪ ،‬فـان علـم االجتمـاع ينتقـل فـي د ارسـته للهويـة مـن وحـدة التحليـل الكليـة‬
‫إلى الفرد المتعدد ‪ ،‬ألن الفرد المتعدد أصبح منتوج مجاالت التفاعل المتعـددة والمتنوعـة وحتـى المتناقضـة‪،‬‬
‫وبالتــالي االنســجام فــي هــذه الوحــدة ال يــأتي مــن خــارج الفــرد (خــارج الهويــة) بــل يــأتي مــن قــدرة الفــرد علــى‬
‫اختيار المعاني والتفاعالت التي تحقق له هذه الوحدة وهذا االنسجام في الذات‪.‬‬
‫والهوية هي‪ :‬ذلك الوعاء الحامل والمتضمن لنسق المعاني في لحظة معينة من تفاعالت الفرد التي تمكنه‬
‫من ضبط عالقاته بذاته وبالموضوعات الخارجية سواء كانت اجتماعية أو غير اجتماعية وهيكلتها على‬
‫ضوء ذلك‪ ،‬أو هي محصلة مختلف المعاني التي يكونها الفرد عن ذاته وعن الموضوعات األخرى‬
‫انطالقا من خبراته البيوغرافية و اللحظاويةالتي ينطلق منها في‪:‬‬
‫أوال‪-‬إقامة عالقات تفاعلية مع اآلخرين على أنه ذات مختلفة عنهم‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫ثانيا‪-‬القيام بأفعاله وبناء مشاريعه واستراتيجياته‪.‬‬
‫وعندما نتكلم عن الهوية الذاتية ال نقصد بها السمات الشخصية للفرد كما هو الحال في النظرية‬
‫السيكولوجية ‪ ،‬وانها نقصد بها بناء نسق من المعاني النموذجي للفرد ذاته‪ ،‬والذي يكون أكثر وضوحا له‪،‬‬
‫ويشكل في نفس الوقت القاعدة األساسية التي ينطلق منها وبها في بناء عالقاته التفاعلية مع الموضوعات‬
‫‪78‬‬
‫وفي هذه الدراسة انطلقنا من نوعين من الهوية وهما‪:‬‬ ‫الخارجية وحتى مع ذاته نفسها‪.‬‬
‫الهوية المستقلة‪ :‬وهي الهوية المنتجة والتي لها االستقاللية والقدرة على اختيار المعاني والتفاعالت التي‬
‫تحقق لها االنسجام في الذات‪ .‬وفي إنتاج واعادة إنتاج هذه المعاني والرموز المشكلة للمضامين الثقافية‬
‫لمجاالت التفاعل االجتماعية وبالتالي التحكم فيها‪.‬‬
‫الهوية المغتربة‪ :‬وهي الهوية المستهلكة والتي ليس لها القدرة على اختيار المعاني والتفاعالت وال حتى‬
‫التحكم في مضامين وخصوصيات مجاالت التفاعل االجتماعية فهي مغتربة فيها‪.‬‬
‫‪ _3‬الفعل االجتماعي‪ :‬يعتبر "ماكس ويبر" أول من استعمل اصطالح الفعل االجتماعي في علم‬
‫االجتماع عندما أراد أن يكون هذا االصطالح القاعدة األساسية للنظرية االجتماعية‪ .‬فقد قسم "ويبر" الفعل‬
‫أو السلوك االجتماعي إلى ثالثة أنواع هي السلوك االجتماعي االنفعالي‪ ،‬السلوك االجتماعي التقليدي‬

‫‪77‬‬
‫من حماضرات الدكتور‪ :‬بن عيسى حممد املهدي‪ ،‬ملقياس‪ :‬ملتقى التدريب عن البحث‪ ،‬للسنة الثانية ماجستري‪.2212_2211 ،‬‬
‫‪78‬‬
‫بن عيسى حممد املهدي‪،‬بوسحلة إيناس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.524 :‬‬

‫‪208‬‬
‫والسلوك االجتماعي العقلي‪ .‬أال أن "ماكس ويبر" اعتمد على اصطالح السلوك االجتماعي العقلي اعتمادا‬
‫‪79‬‬
‫ويقصد بالفعل االجتماعي في هذه الدراسة‪:‬‬ ‫كبي ار عندما قام بتحليل األنظمة االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬
‫كل فعل أو تصرف يقوم الطالب الجامعي بإنتاجه واعادة إنتاجه في مجاله االجتماعي المغاير الجامعة‪.‬‬
‫‪ _.‬الطالب الجامعي‪:‬عرف (‪ )le petit robert‬الطالب على أنه الفرد الذي يزاول دراسته ويتابع دروسا‬
‫‪80‬‬
‫بجامعة أو مدرسة عليا‪ .‬كقولنا‪ :‬طالب طب‪ ،‬طالب آداب‪ ،‬طالب فلسفة‪...‬‬
‫كما عرف "محمد إبراهيم" الطالب‪ :‬على أنه الفرد الذي اختار مواصلة الدراسة األكاديمية والمهنية‪ ،‬ويأتي‬
‫إلى الجامعة محمال معه جملة قيم وتوجيهات صقلتها المؤسسات التربوية األخرى‪ ،‬والجامعة من‬
‫المفروض أن تحضره للحياة العليا كما يرى (‪ 81.)coulon alain‬ويقصد بالطالب الجامعي في هذه‬
‫الدراسة‪ ،‬الطالب المتحصل على شهادة الباكالوريا‪ .‬والملتحق بجامعة ورقلة – محل الدراسة‪ -‬محمال معه‬
‫إرثا تراثيا مشكال له هويته الذاتية من المجال االبتدائي األصلي‪.‬‬
‫‪ _4‬النموذج الثقافي‪ :‬إن النموذج الثقافي هو مجمل التمثالت والقيم‪،‬واألفكار التي أنتجها المجال‬
‫االجتماعي‪ ،‬والتي تعمل على تأطير األفعال والتفاعالت التمثيلية‪،‬والتفاعلية في هذا المجال فتنصبغ بذلك‬
‫‪82‬‬
‫هوياتهم أو تتشكل وفق خصوصية هذا المضمون الثقافي الذي يعتبر هو في نفس الوقت هذا المجال‪.‬‬

‫_ عرض وتقييم الدراسات السابقة‪:‬‬


‫تعد عملية اسـتعراض الد ارسـات ومناقشـتها خطـوة مهمـة مـن خطـوات البحـث العلمـي‪ ،‬ألنهـا تمكـن البـاحثين‬
‫من معرفة البحث الحالي وموقعه مع البحوث األخرى التي سبقته في هذا المجال‪ ,‬فضال عن التعرف على‬
‫الدراسات التي تم إجرائها في بيئات ثقافية متنوعة تتعلق بمتغيرات البحث‪.‬‬

‫الدراسات األجنبية‪:‬‬

‫_ دراسة تايلور وآخرون ‪.)2..4(:Taylor &others‬‬

‫حول‪ :‬تشكيل الهوية العرقية خالل المراهقة‪ ،‬أزمة الدور في األسرة‪.‬‬

‫‪ -‬هــدفت الد ارســة إلــى بيــان أثــر النمذجــة البيئيــة فــي الهويــة االجتماعيــة لــدى )‪(639‬مــن المـراهقين فــي‬
‫الفيليبــين‪ ،‬الصــين‪ ،‬الهنــود‪ ،‬فيتنــام‪ ،‬الســلفادور‪ .‬أشــارت النتــائج إلــى أن التربيــة العائليــة لعبــت درواً مهمـاً فــي‬
‫عمليــة تشــكيل الهويــة االجتماعي ــة واالنتمــاء لــدى ك ــل الم ـراهقين بغــض النظــر ع ــن الخلفيــة االثنيــة‪ ،‬وق ــد‬
‫ارتبطت تقارير المـراهقين بشـكل ملحـوظ إيجابيـاً باالستكشـاف وااللتـزام والتأكيـد نحـو امـتالك هـويتهم‪ ،‬وهـذه‬

‫‪79‬‬
‫‪ -‬دينيكن ميتشيل معجم علم االجتماع‪ ،‬تر‪:‬إحسان حممد احلسن‪ ،‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪ ،‬بريوت ‪ ،1111‬ص‪.13:‬‬
‫‪80‬‬
‫‪Le petit dictionnaire de la langue Française, Montréal, Canada, 1992, p: 368.‬‬
‫‪81‬‬
‫مىن عتيق‪ ،‬الطلبة اجلامعيون بني تصور املستقبل وتأسيس اهلوية االجتماعية‪ ،‬جملة العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪( ،‬ب ع)‪ ،2212 ،‬ص‪.224 :‬‬
‫‪82‬‬
‫من حماضرات األستاذ‪ :‬حممد املهدي بن عيسى للسنة الثانية ماجستري لعلم االجتماع‪،2212_2211 ،‬مقياس‪ :‬ملتقى التدريب عن البحث‪،‬‬
‫جبامعة قاصدي مرباح‪ ،‬بورقلة‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫النتــائج متســقة مــع العمــل التجريبــي الــذي يجــد أن التربيــة العائليــة مكــون مركــزي فــي تشــكيل الهويــة عنــد‬
‫‪83‬‬
‫األطفال‪ ،‬والمنطلق النظري الذي أكد دور العائلة في تشكيل الهوية وفق األدوات الثقافية‪.‬‬

‫‪ _2‬الدراسات العربية‪:‬‬

‫_ د ارسة الدكتورة بشرى أحمد العكاشي‪:‬‬

‫حول‪ :‬تشكل هوية األنا والتحديات الثقافية التي تواجه الشباب الجامعي‪ :‬كلية التربية للبنات_ جامعة بغداد‬
‫_‬

‫_ استهدفت هذه الدراسة كيفية تشكل هوية األنا والتحديات الثقافية التي تواجـه الشـباب الجـامعي وتوصـلت‬
‫بنتائجهــا إلــى أن تشــكل الهوي ـة يتــأثر بعــدد مــن العوامــل تشــمل العوامــل البيولوجيــة واالجتماعيــة والثقافيــة‬
‫وتحقيـق الهويــة يـرتبط بإحسـاس الفــرد بالتماثــل واالســتمرار وتحقيـق التكامليــة مــن خـالل القــدرة علــى اختيــار‬
‫القيم واألدوار المناسبة وااللتزام بها‪.‬‬

‫_ الدراسات الجزائرية‪:‬‬

‫‪ _1‬دراسة الطالبة‪ :‬حفيظة خليفي واشراف األستاذ‪ :‬عبد الغني مغربـي‪ ،‬وهـي عبـارة عـن رسـالة ماجسـتير‬
‫علــم االجتمــاع تربــوي‪ ،‬ثقــافي واج ارمــي‪ ،‬بعنـوان‪ :‬تغيــر الوســط االجتمــاعي للطالبــة الجامعيــة المقيمــة بــالحي‬
‫الجامعي وعالقته بسلوكها االنحرافي‪ .‬وهـي د ارسـة ميدانيـة تحليليـة وبحـاالت تدعيميـة شـملتكل مـن األحيـاء‬
‫الثالث‪ :‬بن بو العيد (بالبليدة)‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬بن مسوس (بالعاصمة)‪.2003_2002 ،‬‬

‫_ ولقــد هــدفت هــذه الد ارســة إلــى معرفــة أثــر األســاليب المتبعــة مــن طــرف األسـرة فــي تنشــئتها للطالبــة علــى‬
‫ظهــور الســلوك االنح ارفــي لــديها‪ ،‬باإلضــافة إلــى معرفــة مــدى تــأثير غيــاب األهــل ومــن ثــم االتصــال بــين‬
‫الطالبــة وأس ـرتها بعــد إقامتهــا بــالحي الجــامعي علــى ظهــور الســلوك االنح ارفــي لــديها‪ ،‬وكذامعرفــة األســاليب‬
‫المتبعــة مــن طــرف األس ـرة ومــن ثــم الطالبــة المقيمــة فــي زياراتهــا ألس ـرتها‪ ،‬وبالتــالي طبيعــة االتصــال الــذي‬
‫يحكم الطرفين والعوامل المتدخلة في ذلك‪.‬‬

‫_ كــذلك معرفــة مــدى تــأثير اآلخ ـرين مــن المحيطــين بالطالبــة داخــل الحــي وخارجــه علــى ظهــور الســلوك‬
‫االنح ارفــي لــديها‪ ،‬باإلضــافة إلــى هــل مــا إذا كــان للعــاملين باألحيــاء الجامعيــة عالقــة بالســلوك االنح ارفــي‬
‫للطالبــة‪ ،‬انطالقــا مــن انعكــاس مســتوى التســيير والتــأطير والتنظــيم والبرمجــة علــى األداء الــوظيفي والعملــي‬
‫لتسيير الخدمات األحيـاء الجامعيـة‪ ،‬فيمـا يخـص كافـة الجوانـب الحياتيـة مـن‪ :‬إطعـام‪ ،‬إيـواء وترفيـه‪ ...‬ومـن‬
‫حيث عالقة مستوى معيشة وظروف اإلقامة بسلوكاتها االجتماعية‪ .‬من خالل فرضيات الدراسة التالية‪:‬‬

‫‪83‬‬
‫تشكل اهلوية االجتماعية وعالقتها باجملاالت األساسية‬
‫اقتباس من دراسة الطالبة فريال محود وإشراف الدكتور عيسى الشماس بعنوان‪ :‬مستويات ّ‬
‫املكونة هلا لدى عينة من طلبة الصف األول الثانوي من اجلنسني من جملة جامعة دمشق‪ ،‬جملد ‪ ،21‬ملحق_ ‪.2211‬ص‪.512 :‬‬

‫‪210‬‬
‫_ لتغير الوسط االجتماعي للطالبة الجامعية عالقة بالسلوك االنحرافي‪.‬‬

‫_ ألساليب زيارة األهل للطالبة بالحي الجامعي وأساليب زيارتها لهم بالبيت عالقة بسلوكها االنحرافي‪.‬‬

‫_ لعالقات الطالبة باآلخرين واألخريات داخل اإلقامة الجامعية وخارجها أثر في سلوكها االنحرافي‪.‬‬

‫_ للعاملين باألحياء الجامعية عالقة بالسلوك االنحرافي للطالبة الجامعية‪.‬‬

‫‪ _2‬دراســة األســتاذين‪( :‬جمــال تــالي وجميلــة بــن الـزاف)‪:‬وتعــد هــذه الد ارســةمداخلة بــالملتقى الــدولي األول‬
‫حــول الهويــة والمجــاالت االجتماعيــة فــي ظــل التغيــر السوســيوثقافي فــي المجتمــع الج ازئــري‪ ،‬ولقــد قــام بهــا‬
‫الباحثين من أجل التعرف أكثر عن القيم ومظـاهر االغتـراب فـي الوسـط الجـامعي‪ ،‬وكانـت الد ارسـة ميدانيـة‬
‫على عينة من طلبة الجامعة بالمسيلة‪ ،‬وتهدف هذه الدراسة إلى‪:‬‬

‫_ الكشــف عــن األبعــاد الرئيســية لالغت ـراب التــي وردت فــي األطــر النظريــة وعالقتهــا بالنســق القيمــي الــذي‬
‫يحملــه طلبــة الجامعــة‪ .‬باإلضــافة إلــى د ارســة عوامــل االغت ـراب لــدى طلبــة الجامعــة بــالجزائر‪ ،‬مــع تحديــد‬
‫مســتوى االغتـراب لــدى الطلبــة‪ .‬وكــان التســاؤل العــام هــو‪ :‬مــا هــي مســتويات االغتـراب لــدى طلبــة االقامــات‬
‫الجامعية بجامعة محمد بوضياف بالمسيلة؟ باإلضافة إلى الفرضيتين‪:‬‬
‫‪ -1‬توجــد حــاالت اغت ـراب أعلــى مــن المســتوى لــدى طلبــة االقامــات الجامعيــة بجامعــة محمــد بوضــياف‬
‫بالمسيلة‪.‬‬

‫‪ -2‬توجد عوامل تؤثر في مشكلة االغتراب لدى طلبة االقامات الجامعية بجامعة محمد بوضياف بالمسيلة‬
‫يمكن تحليلها‪.‬‬
‫وفي هذه الدراسة توصل األستاذين الباحثين إلى النتائج التالية‪:‬‬

‫‪ -‬توج ــد ح ــاالت اغتـ ـراب اعل ــي م ــن المس ــتوى ل ــدى طلب ــة اإلقام ــات الجامعي ــة بجامع ــة محم ــد بوض ــياف‬
‫بالمسيلة‪.‬‬

‫‪ -‬توجد عوامل تؤثر في مشكلة االغتراب لدى طلبة اإلقامات الجامعية بجامعة محمد بوضـياف بالمسـيلة‪.‬‬
‫أي تحقق الفرضيات الدراسة‪.‬‬

‫‪ _3‬دراسة الطالبات‪ :84‬ابتسام نسيل وآخرون‪ ،‬وتتمثل الدراسة في كونها مذكرة لنيل شـهادة الليسـانس فـي‬
‫علــم االجتمــاع االتصــال‪ ،‬بعن ـوان‪ :‬الص ـراع القيمــي وتــأثيره علــى تشــكيل هويــة الطالــب الجــامعي‪ .‬بجامعــة‬
‫قاصــدي مربــاح بورقلــة‪ :2012_2011،‬وتهــدف هــذه الد ارســة إلــى معرفــة أســباب حــدوث الص ـراع القيمــي‬
‫وانعكاسه على هويـة الطالـب الجـامعي‪ ،‬باإلضـافة إلـى تسـليط الضـوء علـى الصـراع الـذي يحـدث فـي نسـق‬

‫‪84‬‬
‫ابتسام نسيل وآخرون من إشراف األستاذ‪ :‬عبد اهلل كبار‪ ،‬الصراع القيمي وتأثريه على تشكيل هوية الطالب اجلامعي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الليسانس يف‬
‫علم االجتماع االتصال‪ ،‬قسم العلوم االجتماعية‪ ،‬فرع‪ :‬علم االجتماع‪ ،‬ورقلة‪ ،‬اجلزائر‪.2212_2211 ،‬‬

‫‪211‬‬
‫القــيم الســائدة فــي الجامعــة‪ .‬انطلقــت هــذه الد ارســة مــن التســاؤل الرئيســي‪ :‬هــل يــؤثر الص ـراع القيمــي علــى‬
‫تشكيل هوية الطالب الجامعي؟‪ .‬وأجريت الدراسة علـى عينـة مـن طلبـة علـم الـنفس وعلـم االجتمـاع بجامعـة‬
‫قاصــدي مربــاح بورقلــة‪ ،‬خــالل الموســم الد ارســي‪ .2012_2011 :‬وتــم اختيــار العينــة الطبقيــة العش ـوائية‪.‬‬
‫بالتباع المنهج الكمي التحليلي‪ .‬وتوصلت الد ارسة إلى النتائج التالية‪:‬‬

‫_ طــالب الجامعــة هــم أكثــر فئــة فــي المجتمــع تهــتم بــالقيم الجديــدة أو العص ـرية كالصــداقة واالخــتالط أو‬
‫االبتعاد عن القيم التقليدية ومعظم هذا القول يحدث في بداية المرحلة الجامعية‪.‬‬

‫_ تساهم البيئة الجامعية في ترسيخ االزدواجية القيم بتبنيها لقيم جديدة تتعـارض مـع قـيم المجتمـع األصـلي‬
‫للطالب‪.‬‬

‫_ المرحلــة الجامعيــة مرحلــة حاســمة حيــث ينتقــل الطالــب مــن الثانويــة إلــى الجامعــة وفيهــا يحــدث تعــارض‬
‫وصراع في القيم‪.‬‬

‫_ نقد وتقييم للدراسات السابقة‪:‬‬

‫إن هذه الدراسات التي تم عرضها لم تتناول بالشكل الدقيق متطلبات ومؤشرات دراساتنا الحالية‪ .‬فمنهـا‬
‫مــن تناولــت متغيــر تشــكل الهويــة وعالقتــه بمتغي ـرات أخــرى‪ ،‬ومنهــا مــن تناولــت متغيــر االغت ـراب وعالقتــه‬
‫بمؤشرات أخرى‪ ...‬الخ‪ .‬إال أنها تبقى عموما دراسات مهمة لنا في التعرف علـى النتـائج التـي توصـل إليهـا‬
‫هؤالء الباحثون في دراستهم‪ .‬واالستفادة من نتائجهـا فـي تفسـير نتـائج الد ارسـة الحاليـة‪ .‬فبالنسـبة إلـى د ارسـة‬
‫"تــايلور واآلخــرون" كانــت قــد ركــزت علــى أن التربيــة العائليــة لعبــت درواً مهم ـاً فــي عمليــة تشــكيل الهويــة‬
‫االجتماعية واالنتماء لدى كل المراهقين بغض النظر عن الخلفية االثنية‪.‬‬

‫أمــا بالنســبة للد ارســات العربيــة‪ ،‬فد ارســة الــدكتورة بشــرى أحمــد العكاشــي والتــي اســتهدفت د ارســة تشــكل‬
‫هويــة األنــا والتحــديات الثقافيــة التــي تواجــه الشــباب الجــامعي‪ ،‬كانــت قريبــة إلــى حــد مــا فــي مؤش ـراتها إلــى‬
‫دراستنا الحالية‪ .‬فهي غطت في دراستها جانب العوامل‪ ،‬بينما دراستنا هذه تحاول الوصول إلى البحث عن‬
‫مضامين وخصوصيات النماذج الثقافية للمجاالت االجتماعية‪.‬‬

‫أمـا فيمـا يخــص الد ارسـات الجزائريـة فد ارســة الطالبـة‪ :‬حفيظـة خليفــي‪ .‬كانـت قريبـة إلــى د ارسـتنا الحاليــة‪،‬‬
‫حي ــث أنه ــا اهتم ــت بمتغي ــر (تغي ــر الوس ــط)‪ ،‬وال ــذي يقرن ــه متغي ــر (المج ــال االجتم ــاعي الالمتج ــانس) ف ــي‬
‫دراستنا‪.‬‬

‫أمـا د ارسـة األسـتاذين‪" :‬جمـال تـالي وجميلـة بـن الـزاف"‪ ،‬التـي كانـت تهـدف إلـى التعـرف عـن القـيم ومظـاهر‬
‫االغتـراب فــي الوســط الجــامعي‪ ،‬مــن خــالل الكشــف عــن األبعــاد الرئيســية لالغتـراب التــي وردت فــي األطــر‬
‫النظريــة وعالقتهــا بالنســق القيمــي الــذي يحملــه طلبــة الجامعــة‪ .‬باإلضــافة إلــى د ارســة عوامــل االغتـراب لــدى‬

‫‪212‬‬
‫طلبة الجامعة بالجزائر‪ ،‬مع تحديد مستوى االغتراب لدى الطلبة‪.‬وهذا ما يقارب متغيـر االغتـراب أو الهويـة‬
‫المغتربة بدراستنا‪.‬‬

‫ودراسة الطالبات‪" :‬ابتسام نسيل" وآخرون‪ ،‬والتي هدفت إلى معرفة أسباب حدوث الصراع القيمي وانعكاسه‬
‫عل ــى هوي ــة الطال ــب الج ــامعي‪ ،‬وتس ــليط الض ــوء عل ــى الصـ ـراع ال ــذي يح ــدث ف ــي نس ــق الق ــيم الس ــائدة ف ــي‬
‫الجامعــة‪ ،‬فهــي الد ارســة الوحيــدة التــي درســت الهويــة عنــد الطالــب الجــامعي‪ ،‬وهــذا مــا ترتكــز عليــه د ارســتنا‬
‫الحالية‪.‬‬

‫_ المقاربة السوسيولوجية للدراسة‪:‬‬

‫إن اســتعمال الباحــث للنظريــة يســاعده ذلــك علــى فهــم وتفســير بعــض الظ ـواهر التــي لهــا عالقــة بموضــوع‬
‫البحث‪ ،‬كما أنها تساعده كذلك على التنبؤ بما يحدث للظواهر المختلفة تحت ظروف معينة‪.‬‬

‫ويشير كل من "أنتوني غيدنز (‪ "(Anthony Giddeens‬و "جوناثان ترنـر (‪ ")Jonathan Turner‬إلـى‬


‫أن عــدم االتفــاق علــى معنــى النظريــة االجتماعيــة‪ ،‬تعكســه الخالفــات الفكريــة بــين البــاحثين حــول الموضــوع‬
‫األساسي للنظرية‪ ،‬وما يرتبط بذلك عن طبيعة الواقع االجتماعي‪ ،‬وعـن الخـواص األساسـية التـي تميـز هـذا‬
‫الواقــع‪ ،‬وعــن الطــابع التحليلــي الــذي يــتالءم مــع طبيعــة الخ ـواص الممي ـزة للمجتمــع‪85.‬والنظريــة االجتماعيــة‬
‫حسـب "كـابالن (‪ ،")Kaplan, 1954‬هـي مجموعـة قضـايا واقعيـة تفسـر الظـواهر وتمكننـا مـن التنبـؤ بهـا‪،‬‬
‫وهذه القضايا تتخذ لها ترتيبا معينا بحيث تجيء القضايا العامة كمقدمات تستنتج منها باقي القضايا‪ ،‬وهي‬
‫ما يعرف بالنسق االستنباطي وهو جوهر النظريات العلمية‪.‬‬

‫وعلــى هــذا األســاس حــدد "بلــوم (‪ ")Bloom‬معيــارين أساســيين‪ ،‬والتــي يــرى ضــرورة توفرهمــا فــي النظريــة‬
‫‪86‬‬
‫المثالية‪ .‬فالنظرية يجب أن تساعد على‪ :‬الفهم والتنبؤ‪ .‬باإلضافة إلى تفسير الظواهر وتنظيم المفاهيم‪.‬‬

‫‪ _1‬التفاعلية الرمزية‪:‬‬

‫ويشــير مفهــوم التفاعليــة الرمزيــة إلــى عمليــة التفاعــل االجتمــاعي الــذي يكــون فيــه الفــرد علــى عالقــة‬
‫واتصال بعقول اآلخرين وحاجاتهم ورغباتهم الكامنة ووسائلهم في تحقيق أهدافهم‪ .‬والتفاعلية الرمزية حسب‬
‫"أنتوني غيدنز" تعنى بالقضـايا المتصـلة باللغـة والمعنـى ألنهـا حسـب "ميـد" تتـيح لنـا الفرصـة لنصـل مرحلـة‬
‫الــوعي الــذاتي ونــدرك ذاتنــا ونحــس بفرديتنــا‪ ،‬كمــا أنهــا تمكننــا مــن أن نــرى أنفســنا مــن الخــارج مثلمــا ي ارنــا‬

‫‪85‬‬
‫العرايب حكمت‪ ،‬النظريات املعاصرة يف علم االجتماع‪ ،‬مطابع الفرزدق‪ ،‬الرياض‪ ،‬السعودية‪،1111 ،‬‬
‫‪86‬‬
‫وليد بن عبد العزيز بن سعد اخلراشي‪ ،‬دور األنشطة الطالبية يف تنمية املسؤولية االجتماعية‪ ،‬رسالة ماجستري بقسم الدراسات االجتماعية‪ ،‬جامعة‬
‫امللك سعود‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،2224 ،‬ص ص‪.21 ،25 :‬‬

‫‪213‬‬
‫اآلخـرون‪.‬ويعـد"تشـارلز كـولي‪ "C.H. Cooly‬و"جـورج هربـرت ميـد‪" G. H. Mead‬و"هربـرت بلـومر ‪H.‬‬
‫‪" Blumer‬من أبرز ممثلي منظور التفاعلية الرمزية‪.‬‬

‫_ ومن أهم مرتكزات ومنطلقات التفاعلية الرمزية ما يلي‪:‬‬

‫‪ _1‬أن الكائنــات اإلنســانية تســلك إزاء األشــياء فــي ضــوء مــا تنطــوي عليــه هــذه األشــياء مــن معــاني ظــاهرة‬
‫لهم‪.‬‬

‫‪ _2‬أن هذه المعاني هي نتاج التفاعل االجتماعي في المجتمع اإلنساني‪.‬‬

‫‪ _3‬أن هذه المعاني تتعدل وتتشكل من خالل عملية التأويل التي يستخدمها كل فرد في تعامله مع الرموز‬
‫‪87‬‬
‫التي تواجهه‪.‬‬

‫وبنــاءا علــى هــذه المقــدمات المنطقيــة الــثالث يصــبح التفاعــل الرمــزي مخططــا تحليليــا للمجتمــع اإلنســاني‬
‫يختلـف عــن بقيــة المخططــات وتتفــق معظــم مــدارس التفاعليـة الرمزيــة علــى التســليم بــأن الكائنــات اإلنســانية‬
‫إنما تصوغ الواقع الذي تعيش فيه من خالل عملية التفاعل االجتماعي‪.‬‬

‫مصطلحات النظرية‪:‬‬
‫ُ‬
‫‪ .1‬التفاعـــل‪ : Interaction‬وه ــو سلس ــة متبادل ــة ومس ــتمرة م ــن االتص ــاالت ب ــين ف ــرد وف ــرد‪ ،‬أو ف ــرد م ــع‬
‫جماعة‪ ،‬أو جماعة مع جماعة‪.‬‬

‫‪ .2‬المرونة‪ : Flexibility‬ويقصد بها استطاعة اإلنسان أن يتصرف في مجموعة ظروف بطريقة واحدة‬
‫في وقت واحد‪ ،‬وبطريقة مختلفة في وقت آخر‪ ،‬وبطريقة متباينة في فرصة ثالثة‪.‬‬

‫‪ .3‬الرمــوز ‪ :Symbols‬وهــي مجموعــة مــن اإلشــارات المصــطنعة‪ ،‬يســتخدمها النــاس فيمــا بيــنهم لتســهيل‬
‫عمليــة التواصــل‪ ،‬وهــي ســمة خاصــة فــي اإلنســان‪ .‬وتشــمل عنــد "جــورج ميــد" اللغــة‪ ،‬وعنــد "بلــومر" المعــاني‪،‬‬
‫وعند "جوفمان" االنطباعات والصور الذهنية‪.‬‬

‫‪ .6‬الـوعي الـذاتي ‪ :Self- Consciousness‬وهـو مقـدرة اإلنسـان علـى تمثـل الـدور‪ ،‬فالتوقعـات التـي‬
‫تكون لدى اآلخرين عن سلوكنا في ظروف معينة‪ ،‬هي بمثابة نصوص يجـب أن نعيهـا حتـى نمثلهـا‪ ،‬علـى‬
‫حد تعبير "جوفمان"‪.‬‬

‫‪ ..‬الذات‪ :‬وهو ما يتعلق عادة بتصور الفرد عن نفسه الناتج عن خبراته في التفاعـل مـع األفـراد اآلخـرين‪،‬‬
‫كم ــا يمك ــن تعري ــف مفه ــوم ال ــذات نفس ــيا بأنه ــا (تك ــوين معرف ــي م ــنظم وموح ــد وم ــتعلم للم ــدركات الش ــعورية‬
‫والتصورات والتعميمات الخاصة بالذات‪،‬يبلوره الفرد ويعتبره تعريفا نفسيا لذاته)‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫طلعت إبراهيم لطفي وكمال عبد احلميد الزيات‪ ،‬النظرية املعاصرة يف علم االجتماع‪ ،‬ص‪.125 :‬‬

‫‪214‬‬
‫‪4‬ـ‪ .‬الذات الفاعلة أو الفاعل االجتماعي‪ :‬إن مفهوم الذات الفاعلة عند علمـاء التفاعليـة الرمزيـة اقـرب إلـى‬
‫مفهوم النفس البشرية التي هي حصيلة تفاعل عوامل داخلية وراثية وخارجية مجتمعية‪.‬‬

‫‪ .9‬التنشئة االجتماعية‪ :‬والتي تشير إلى عملية تشكيل نفس اإلنسان تشكيال اجتماعيـا بشـكل يجعلـه قـاد ار‬
‫على الحياة في مجتمعه‪ ،‬ويتماثل طبيعيا مع السلوك المقبول اجتماعيا‪.‬‬

‫‪ .5‬التحلل االجتماعي‪ :‬يعني عدم خضوع األفـراد فـي تفـاعلهم االجتمـاعي إلـى ضـوابط ومعـايير اجتماعيـة‬
‫الخاصة بالمجتمع كالقيم واألعراف‪.‬‬

‫‪.7‬التنظيم االجتمـاعي‪ :‬أي خضـوع تفـاعالت األفـراد إلـى ضـوابط ومعـايير المجتمـع الخاصـة بـه‪ ،‬كـالقيم و‬
‫‪88‬‬
‫العراف و التنشئة االجتماعية‪.‬‬

‫إن تبنينا لنظرية التفاعلية الرمزية في هذه الدراسة يعود إلى اعتبار أن المجال االجتماعي الالمتجانس‬
‫‪-‬الجامعــة‪ ،-‬الــذي يتواجــد فيــه الطالــب الجــامعي يــتم فيــه إنتــاج واعــادة إنتــاج أفعــال فرديــة وجماعيــة ذات‬
‫معا ني مشتركة ورموز مشفرة يتم تداولها فيما بينهم كفاعلين اجتماعيين لها دالالت يفهمونها‪ .‬فهم يشـكلون‬
‫الواقــع االجتمــاعي الــذي يعيشــونه مــن خــالل عمليــات التفاعــل الرمــزي فيمــا بيــنهم‪ .‬والتــي مــن خاللهــا هــي‬
‫األخرى تعيد تشكل وتحدد هويتهم‪.‬‬

‫اإلجراءات المنهجية‪:‬‬

‫‪ -‬المناهج المتبعة في الدراسة‪:‬‬

‫يتفق أغلب الباحثين على أن المنهج يختلف باختالف المواضيع‪ .‬ذلك أن األهداف المراد تحقيقها‬
‫واإلشكاليات المطروحة هي التي تفرض على الباحث منهج معين‪ ،‬والمنهج يتطلب من الباحث إتباع‬
‫خطوات منهجية تتالءم مع طبيعة المعلومات المطلوبة‪ .‬أي أنه ال توجد في الواقع طريقة علمية واحدة‬
‫يمكن االعتماد عليها بمفردها للكشف عن الحقيقة‪ .‬ألن الطرق تختلف باختالف المواضيع التي يدرسها‬
‫كل باحث‪ ،‬واختالف المواضيع يقودنا أيضا إلى اختالف الوسائل التي تستعمل في محاولة البحث عن‬
‫تحقيق أهداف الدراسة‪89.‬والمنهج حسب "عمار بوحوش" هو‪" :‬الطريقة التي يتبعها الباحث في دراسة‬
‫‪90‬‬
‫ولذلك أردنا التوفيق بين طبيعة موضوع الدراسة و المنهج المختار‪ .‬فكان‬ ‫المشكلة الكتشاف الحقيقة"‪.‬‬
‫اختيارنا لمنهج البحث الميداني‪ .‬والذي جاء حسب المؤلف "موريس أنجرس" أن في العلوم اإلنسانية توجد‬
‫‪91‬‬
‫ثالث مناهج نموذجية‪ .‬المنهج التجريبي‪ ،‬والمنهج التاريخي‪ ،‬ومنهج البحث الميداني‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪http://www.startimes.com/?t=21141443‬‬
‫‪89‬‬
‫‪ ،‬ص‪ 1989 .04 :‬عمار بوحوش ومحمد محمود الذنببات‪،‬مناهج البحث العلمي أسس وأساليب‪ ،‬مكتبة المنار‪،‬األردن‪،‬‬
‫‪4_ Maurice Angers ,inutation pratique a la méthodologie de science humaines, éd casbah université, Alger,‬‬
‫‪1997, p: 09‬‬
‫‪5‬‬
‫عمار بوحوش ومحمد الذنيبات‪ ،‬مناهج البحث العلمي وطرق إعداد البحوث‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2330 ،‬ص‪.32:‬‬
‫‪91‬‬
‫موريس أنجرس‪ ،‬منهجية البحث العلمي في العلوم اإلنسانية‪ ،‬تر‪ :‬بوزيد صحراوي وآخرون‪ ،‬دار القصبة للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2440 ،‬ص‪.242 :‬‬

‫‪215‬‬
‫أ‪ -‬منهج البحث الميداني‪ :‬يعتبر منهج البحث الميداني حسب "موريس"‪ ،‬طريقة تناول موضوع بحث‬
‫بإتباع إجراءات تقصي مطبقة على مجتمع بحث‪ 92.‬ويتم اللجوء إليه عادة لدراسة ظواهر موجودة في‬
‫الوقت الراهن‪ .‬ويطبق غالبا على مجموعات كبيرة من السكان‪ .‬ويسمح لنا بدراسة طرق العمل والتفكير‬
‫واإلحساس لدى هذه المجموعات‪ 93.‬ويندرج ضمن هذا المنهج منهجين رئيسيين وهما‪ :‬المنهج الكمي‬
‫والمنهج الكيفي‪.‬‬

‫فالمناهج الكمية يكمن هدفها األساسي في قياس الظاهرة موضوع الدراسة‪ .‬وهي المناهج التي تستخدمها‬
‫أغلبية البحوث في العلوم اإلنسانية التي تعتمد على القياس‪.‬‬

‫أما المناهج الكيفية‪ ،‬فيكمن هدفها األساسي هي األخرى في فهم الظاهرة موضوع الدراسة‪ .‬وعلية ينصب‬
‫االهتمام أكثر هنا على حصر معنى األقوال التي تم جمعها أو السلوكات التي تمت مالحظتها‪ .‬لهذا يركز‬
‫‪94‬‬
‫الباحث أكثر على دراسة الحالة أو دراسة عدد قليل من األفراد‪.‬‬

‫إن تبنينا لمنهج البحث الميداني يعتمد أكثر على اعتبار أن هذه الدراسة تندرج ضمن بحوث الدراسات‬
‫االستطالعية‪ .‬والدراسات االستطالعية هي عبارة عن بحوث تتناول موضوعات جديدة لم يتناولها باحث‬
‫من قبل‪ ،‬أو ال تتوفر عنها معلومات أو بيانات يجهل الباحث الكثير من جوانبها وأبعادها‪95.‬وعليه كان‬
‫اختيارنا في هذه الدراسة للمنهج الكيفي الذي حاولنا خالله فهم تأثير المجاالت االجتماعية على تشكل‬
‫واعادة تشكل الهوية للطالب الجامعي‪ ،‬وقياس األفعال التي ينتجها ويعيد إنتاجها الطالب الجامعي داخل‬
‫هذه المجاالت االجتماعية الجديدة‪.‬‬

‫ب‪ -‬منهج تحليل المضمون (المحتوى)‪ :‬وهو أسلوب من أساليب البحث العلمي‪ ،‬التي تهدف إلى‬
‫الوصف الموضوعي المنظم والكمي للمحتوى الظاهر لمضمون االتصال‪96.‬ويتناول هذا المنهج تحليل‬
‫المضمون مهمات متنوعة‪ ،‬كاألعمال األدبية‪ ،‬ومقاالت الصحف‪ ،‬والوثائق الرسمية‪ ،‬والبرامج السمعية‬
‫‪97‬‬
‫البصرية‪ ،‬والتصريحات السياسية‪ ،‬وتقارير االجتماعات أو المقابالت شبه الموجه‪.‬‬

‫‪-‬التحليل الفئوي‪ :‬وهو التحليل الذي يركز على احتساب ومقارنة تك اررات بعض الخصائص المصنفة‬
‫مسبقا في فئات ذات داللة‪ .‬وهي تقوم على فرضية مفادها أن إحدى الخصائص عندما يتردد ذكرها أكثر‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫بمعنى ذلك أنها مهمة بالنسبة للمتحدث‪.‬‬

‫‪ _3‬خطوات البحث الميداني‪:‬‬

‫‪92‬‬
‫موريس أنجرس‪ ،‬ص‪.243 :‬‬
‫‪93‬‬
‫موريس أنجرس‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫موريس أنجرس‪ ،‬ص‪24:‬‬
‫‪95‬‬
‫مروان عبد المجيد ابراهيم ‪ :‬أسس البحث العلمي إلعداد الرسائل الجامعية‪ ،‬ط‪ ،2:‬مؤسسة الوراق‪ ،‬عمان‪ ،2444 ،‬ص‪.32 :‬‬
‫‪96‬‬
‫‪Bernard, B, Content Analysis in Communication Research, Glencoe, IL, Free Press, 1952, p:18.‬‬
‫‪97‬‬
‫ريمون كيفي و لوك قان كمبنهود‪ ،‬دليل الباحث في العلوم االجتماعية‪ ،‬ص‪.230 :‬‬
‫‪98‬‬
‫ريمون كيفي ولوك فان كمبنهود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.237 :‬‬

‫‪216‬‬
‫‪-‬تقنيات جمع المعلومات‪ :‬نظ ار لمتطلبات المنهج الكيفي الذي استخدم في هذه الدراسة كمنهج أساسي‪،‬‬
‫تم استخدم تقنيتين منهجيين لجمع المعلومات متبعة بطريقة علمية تندرج ضمن متطلبات البحث العلمي‬
‫وهي‪:‬‬

‫‪ _1‬المالحظة المباشرة)‪:(Direct Observation‬‬

‫يعد استعمالنا لهذه التقنية منذ بداية الشروع في البحث لهذه الدراسة‪ .‬ذلك أن المالحظة قبل أن تكون تقنية‬
‫علمية‪ ،‬فهي ممارسة اجتماعية‪99،‬وتكتسي أهميتها من كونها طريقة خاصة لفهم النشاط البشري‪.‬‬

‫واستعمالنا لهذه التقنية يرجع لتواجدنا في الجامعة منذ حوالي ست سنوات (مرحلة الليسانس‪ +‬مرحلة‬
‫الماجستير)‪ .‬فهذه المدة الكافية والطويلة نسبيا‪ ،‬سمحت لنا بمشاهدة ومعاينة الظاهرة المدروسة المعبرة عن‬
‫شدة واستمرار التفاعل والتواصل للطلبة فيما بينهم ورصد لحركاتهم وممارستهم للحياة اليومية‪ ،‬ومالحظة‬
‫التغيرات والتحوالت البارزة التي ينتجها ويعيد إنتاجها الطلبة الجامعيين من تمثالت في مظاهر وأفعال‬
‫اجتماعية وثقافية‪.‬‬

‫إال أن الشروع الفعلي في استخدامها كان منذ بداية البحث في هذه الدراسة‪ .‬وكان الهدف األساسي في‬
‫استعمالها يتمثل أكثر في تحديد النماذج الثقافية لمجاالت التفاعل االجتماعية التي ينتمي إليها الطالب‬
‫الجامعي‪ ،‬كتصور أولي‪ .‬مما تطلب منا مالحظة الطلبة بنوع من المشاركة والتي كانت بطريقة جد حذرة‬
‫في بعض المالحظات‪ .‬وهذا ما يسميها "ابن خلدون" ب ـ ـ‪:‬ـ (الحيطة)‪ ،‬و"غاستون باشالر" باليقظة والحيطة‬
‫أثناء المالحظة‪ .‬مما تطلب منا في هذا األمر وقت وصبر طويلين من أجل خلق جو الثقة بينا وبين‬
‫المبحوثين بغية الحصول على أكبر كمية ممكنة من المعلومات التي تساعدنا في تدعيم بحثنا واثرائه‪ ،‬ألن‬
‫صحة المعلومات تعمل على إثبات الفرضية أو نفيها‪ .‬قمنا بتسجيل أهم المالحظات التي الحظنا أنها‬
‫مهمة بالنسبة لنا وهذا عن طريق تدوينها في دفتر خاص‪ ،‬ومن ثم تم بناء نموذج لشبكة المالحظة‪.‬‬

‫‪ _0‬المقابلة‪:INTERVIEW‬‬

‫ولقد استخدمت المقابلة في هذه الدراسة كأداة أساسية ومناسبة للمنهج الكيفي الذي تم اعتماده في هذه‬
‫الدراسة‪ .‬وهذا من خالل مساءلة بعض الطلبة والطالبات الجامعيون عن طريق استخدام المقابلة الشبه‬
‫موجهة‪ ،‬والتي تعرف على أنها‪ :‬وسيط بين المقابلة المغلقة والمقابلة المفتوحة‪ ،‬فهي تجمع بين متناقضين‬
‫هما‪ :‬من جهة السماح للمبحوث بناء فكرة حول الموضوع‪ .‬ومن جهة أخرى تنفي من مجال االهتمام‬
‫‪100‬‬
‫مختلف االعتبارات التي يريد إثارتها المبحوث‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫‪A, M. Ardorio et P. Fournier, L'enquête et ses méthode: L'observation directe, Ed NATHAN, Paris, 2001, p: 05.‬‬
‫‪100‬‬
‫عن صديقي فاطنة‪ ،‬العالقة العالجية وفاعلية عالجها‪ ،‬رسالة ماجستير في علم االجتماع االتصال‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة‬
‫قاصدي مرباح‪ ،‬ورقلة‪ ،‬الجزائر‪ ،2424_2443 ،‬ص‪.33 :‬‬

‫‪217‬‬
‫‪ -7‬العينة وكيفية اختيارها‪ :‬يعتبر أسلوب المعاينة هو األسلوب المستخدم في أغلب الدراسات‪ ،‬وتعتبر‬
‫العينة من أهم الخطوات المنهجية التي يتوقف عليها نتائج البحث‪ .‬وطريقة اختيارها تختلف من بحث‬
‫آلخر‪ .‬والعينة التي ال تمثل المجتمع تمثيال صادقا وحقيقيا ال يمكن تعميم نتائجها على كل مفردات‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫إن اختيارنا لعينة البحث لهذه الدراسة تمثل في ‪ -‬العينة المتعددة الراحل‪-‬والتي هي نوع من النوع من‬
‫العينات االحتمالية‪ .‬ذلك ألن هذا االختيار كان قد مر بعدة مراحل وهي‪:‬‬

‫‪ -‬في أول األمر‪ ،‬قمنا بالتقرب لمديرية الخدمات الجامعية لجامعة ورقلة‪ ،‬بغية الحصول على‬
‫معلومات عن الطلبة فيما يخص بتحديد المجاالت االجتماعية األصلية لهم (كمكان الميالد‬
‫ومكان اإلقامة)‪ .‬إال أننا لم نوفق في ذلك باعتبار هذا األمر هو من خصوصيات المهنة وممنوع‬
‫التحصل عليه ألسباب خاصة تتعلق بخدمات الجامعة‪.‬‬
‫‪ -‬اكتفينا بالمعلومات اإلدارية الخاصة بإحصائيات الطلبة من مرحلة تدرج وما بعدها‪ ،‬وكذا توزيع‬
‫الطلبة عبر الكليات وما إلى غير ذلك‪ .‬فحددنا خاللها مجتمع البحث بطريقة أكثر منهجية‬
‫والموضح أكثر في عنصر تحديد المجال البشري لمجاالت الدراسة‪.‬‬
‫‪ -‬بعد حصر مجتمع الدراسة‪ .‬ومن خالل الدراسة االستطالعية واألساسية قمنا بإجراء عدة مقابالت‬
‫مع العديد من الطلبة‪ ،‬ومن كل كلية من كليات الجامعة أخدنا عينة معتبرة‪ ،‬لمعرفة ماهية‬
‫المجاالت االجتماعية األصلية للطلبة التي نستطيع الحكم عليها واعتمادها كمجاالت أساسية‬
‫للدراسة‪ .‬وذلك وفق المؤشرات والمقاييس التي صممت لتحديد المجاالت والتي سنوضحها أكثر‬
‫في الفصل الالحق ‪-‬بحول اهلل‪ .-‬حتى تبين لنا أنه بإمكاننا تمييز ثالث مجاالت اجتماعية‬
‫خاصة بالطلبة‪ .‬وهي المجال البدوي‪ ،‬والمجال الشبه الحضري‪ ،‬والمجال الحضري‪ .‬وكان أغلبية‬
‫الطلبة ينحدرون من المجال االجتماعي الشبه حضري‪ .‬إلى الحضري‪.‬‬
‫‪ -‬بلغ عدد المقابالت التي قمنا بها حوالي‪ 21‬مقابلة شبه موجة‪ .‬ونظ ار لصعوبة تحديد وضبط‬
‫مجتمع الدراسة والتحكم في حصره بشكل دقيق‪ ،‬اخترنا من هذه المقابالت التي رأينا أنها األكثر‬
‫مالئمة لهذه الدراسة وتخدم فرضيات وأهداف البحث‪ .‬حيث وزعت حسب المجاالت بأخذ (‪)21‬‬
‫حاالت من المجال البدوي‪ ،‬وهذه العينة تمثل جميع الطلبة الذين تمت مقابلتهم والذين هم من‬
‫أصل اجتماعي بدوي فأخذناها كلها‪ .‬و (‪ )21‬حاالت من المجال الشبه حضري‪ ،‬و (‪ )21‬حالة‬
‫من المجال الحضري‪ .‬فكان مجموع أفراد العينة المدروسة هو‪ 22 :‬من المبحوثين‪ .‬وهذا ما أدى‬
‫بنا للتالقي بنوع آخر من أنواع المعاينة وهي‪ :‬المعاينة الطبقية والتي تعد بدورها هي األخرى‬
‫صنف من أصناف المعاينة االحتمالية الذي ينطلق من فكرة أن هناك خاصية أو عدة خصائص‬
‫تميز عناصر مجتمع البحث‪ .‬والتي البد من أخذها بعين االعتبار قبل االنتقاء‪ .‬ويسمح هذا‬
‫اإلجراء بإنشاء مجموعات صغيرة أو طبقات سيكون لها بعض االنسجام ألننا نعتقد أن العناصر‬

‫‪218‬‬
‫المكونة لكل طبقة لها بعض التشابه وأن كل منها يتميز في نفس الوقت عن المجموعات‬
‫‪101‬‬
‫األخرى‪.‬‬

‫نتائج الدراسة‪:‬ولقد أسفرت هذه الدراسة على عدة نتائج من ميدان البحث وأهمها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬حسب فرضيات الدراسة‪ ،‬تبين لنا أن مجاالت التفاعل االجتماعية المتجانسة األصلية للطالب الجامعي‬
‫في جامعة ورقلة هي ثالث مجاالت مرتبة حسب التصنيف السوسيولوجي للمجال االجتماعي وهي‬
‫كالتالي‪:‬‬
‫* المجال االجتماعي المتجانس البدوي ذو النموذج الثقافي البدوي‪ :‬المتميز بأن أغلب سكانه يتميزون‬
‫بطابع العروشية‪ .‬وتربطهم صلة القرابة والمصاهرة باألقارب بالدرجة األولى‪ ،‬وذلك للمحافظة على هوية‬
‫العرش وعلى العادات والتقاليد والضوابط االجتماعية التي يمليها عليهم قانون العروشية‪ .‬فهم يشكلون‬
‫وحدة اجتماعية تجمع بين أعضائها مجموعة من األمور المشتركة‪ ،‬و تسود بينهم قيم عامة وشعور‬
‫باالنتماء‪.‬وأن أغلب أفراده أميون لم يدخلوا المدارس إال القليل من أبنائهم الذين جاءوا من بعدهم‪ .‬فلذلك‬
‫هم يكتفون بممارسة النشاط الفالحي أو الرعوي حسب المنطقة‪ ،‬كنشاط مهني أساسي ويعيشون من‬
‫مردوده‪ ،‬كما أنهم ال يزالون محافظون على نمط العائلة الكبيرة الذي يظم أكثر من أسرة‪ .‬بما فيهم األجداد‬
‫واألعمام في بعض العائالت‪.‬‬

‫* والمجال االجتماعي المتجانس الشبه حضري ذو النموذج الثقافي الشبه حضري‪ :‬والمتميز هو اآلخر‬
‫بأن أغلب سكانه تربطهم صلة الجوار الطيب (الجيرة قديمة) بالدرجة األولى بما في ذلك القرابة في‬
‫البعض منهم‪.‬مما أدى ذلك على المحافظة على العادات والتقاليد‪ .‬حيث أن أغلبهم مستواهم الدراسي جيد‬
‫يتراوح ما بين الثانوي والجامعي عند اآلباء‪ ،‬وحسن ما بين االبتدائي والمتوسط عند األمهات‪ ،‬كما أن‬
‫تنظيمهم العائلي أصبح يقتصر تقريبا فقط على نمط األسرة النووية (الزواجية)‪ ،‬المتميزة بصغر حجمها‬
‫والحرية والديمقراطية بين أفرادها وفي أمورها الحياتية‪ .‬أي أنها في هذا المجال أكثر فردانية‪ ،‬حيث أن‬
‫‪102‬‬
‫الفاعل بها يهتم أوال بأذواقه ورغباته واندفاعاته (طموحاته) ونجاحه االجتماعي‪.‬‬

‫* المجال االجتماعي المتجانس الحضري ذو النموذج الثقافي الحضري‪ :‬والمتميز هو اآلخر بأن أغلب‬
‫سكانه يتميزون بعالقات اجتماعية ضعيفة إلى عالقات عمرانية تفتقد إلى التفاعل االجتماعي فيما بينهم‪.‬‬
‫كما أنهم يمتازون باألسر النووية (الزواجة)‪ ،‬فأغلبهم يختلفون في العادات والتقاليد االجتماعية‪ .‬وهذا راجع‬
‫إلى تعدد أصولهم االجتماعية والجغرافية بحكم طبيعة العمل‪ ،‬خاصة أوالئك الذين يقطنون بمدينة حاسي‬

‫‪: 304‬موريسأجنرسص‪:‬‬
‫‪101‬‬

‫‪102‬‬
‫‪Marie, Lacourse, thèses Famille et société, McGraw-Hill, 1964, p: 134.‬‬

‫‪219‬‬
‫مسعود ومدينة تقرت وورقلة‪ .‬فطبيعة نشاطهم المهني كان يتراوح مابين الموظف واألعمال الحرة‪ .‬هذا‬
‫وباإلضافة إلى االرتفاع في مستواهم التعليمي واالجتماعي والثقافي وكذا االقتصادي‪.‬‬
‫*الطالب الجامعي في المجال االجتماعي الالمتجانس ‪-‬الجامعة‪ -‬والمغايرة لمجاله االجتماعي المتجانس‬
‫األصلي البدوي يرى أن الحياة الجامعية هي حياة صعبة نوعا ما‪ ،‬وهذا راجع إلى االختالف القيمي‬
‫والعاداتي والتقاليدي الظاهري بين الذي ما تربى ونشأ عليه وبين ما وجده في المجال االجتماعي الجديد‬
‫بالجامعة‪ .‬إال أنه وبصعوبة يحاول التمسك قدر اإلمكان بقيم مجتمعه األصلي‪.‬‬

‫* أماكل من الطالب الجامعي في المجال االجتماعي الالمتجانس الجديد ‪-‬الجامعة‪ -‬والمغاير لمجاله‬
‫االجتماعي األصلي المتجانس الشبه حضري والحضري يريا أن الجامعة هي ال تقتصر في كونها مكان‬
‫لكسب العلم والمعرفة فقط‪ ،‬بل أنها مكان للتعرف على األصدقاء الجدد وهي كذلك خالية من الضغوط‬
‫والمشاكل األسرية‪.‬وأنه يوجد اختالف في القيم والعادات والتقاليد بين مجتمعه األصلي والقيم والعادات‬
‫والتقاليد الموجودة بالجامعة‪ .‬مما جعلهما يعيشان حالة اغت ارب بين المزج بينهما أو حالة التخلي عن قيم‬
‫وعادات وتقاليد مجتمعهما األصلي والتي أصبحت في الحياة الجامعية ال تعني لهما شيء‪ .‬والتعلق بما‬
‫يساير الحياة العصرية في نظرهما‪ ،‬والتي هي حسب اعتقادهما متطلبات العصر الحالي‪.‬‬

‫*أن الطالب الجامعي في المجال االجتماعي الالمتجانس ‪-‬الجامعة‪ -‬والمغايرة لمجاله االجتماعي‬
‫األصلي البدوي لم يتأثر بمن حوله من الفاعلين االجتماعيين‪ ،‬فهو بقي محافظا على نمط وشكل اللباس‬
‫والمظهر الخارجي مع االقتناع به وبمقامه كطالب جامعي وثقته بنفسه كبيرة في أن هذا األمر بأنه يليق‬
‫بمستواه االجتماعي والثقافي واالقتصادي وهو رمز من رموز الهوية ويجب المحافظة عليه‪ .‬كما أنه كذلك‬
‫بقي محافظا على طبيعة إنتاج واعادة إنتاج أفعاله وتصرفاته‪ .‬فهو لم يتأثر بمن حوله من الفاعلين‬
‫االجتماعيين ولم يتعاط أية مخدر وال حتى التدخين خالل حياته الجامعية‪ .‬وهذا يعود لتقيده بالضوابط‬
‫والمعايير األسرية واالجتماعية لمجاله البدوي األصلي‪ .‬وصرامة القيود والضوابط االجتماعية التي تربى‬
‫ونشأ عليها‪.‬كما أنه يستشير أهله ومن حوله في اتخاذه للق اررات التي تخصه‪.‬‬

‫* أما كل من الطالب الجامعي في المجال االجتماعي الالمتجانس‪ -‬الجامعة‪ -‬والمغايرة لمجاله‬


‫االجتماعي األصلي المتجانس الشبه الحضري‪ ،‬والحضري تأث ار بمن حولهما من الفاعلين االجتماعيين‪،‬‬
‫فهما يريا أنهم –الفاعلين االجتماعيين‪ -‬األكثر تحض ار ورقيا (الثقافة الغربية)‪ .‬ولذلك اتجها إلى ضرورة‬
‫التغيير في نمط اللباس والشكل الخارجي‪ ،‬وهذا لمسايرة الموضة والتميز أكثر من أجل إثبات ذاته وتقبل‬
‫الذات االجتماعية له‪ .‬كما أنهما يتمتعان بحرية أكثر ودرجة استقاللية عالية مما جعلتهما ينتجان ويعيدا‬
‫إنتاج أفعال وتصرفات تعلماها ممن حولهما كتناولهما للتدخين وتعاطيهما للمخدرات‪ .‬مما جعلهما يعانيان‬
‫من مشاكل دراسة وخوفهما من المستقبل المجهول‪ .‬يريا كذلك ضرورة االختالط وتكوين عالقات زمالة‬
‫وصداقة بما فيها حتى (عالقات الحب) مع الطرف اآلخر‪ ،‬باعتبار أن هذا األمر يندرج ضمن تحضير‬

‫‪220‬‬
‫الدروس والبحوث الجامعية والتعامل والتعاون فيما بينهم وأن الجامعة في حد ذاتها من فرضت ذلك وهذا‬
‫األمر من متطلبات العصر‪.‬‬

‫خالصة عامة‪:‬‬

‫من خالل ماسبق يمكن الوصول للقـول بـأن الطالـب الجـامعي القـادم مـن المجـال االجتمـاعي متجـانس ذو‬
‫النموذج الثقافي الشـبه الحضـري‪ ،‬والحضـري‪ .‬إلـى مجـال اجتمـاعي مغـاير يتميـز بالالتجـانس يكسـبه إعـادة‬
‫تشكيل هوية استهالكية مغتربة عن مجاله االجتماعي األصلي وغير قادرة على التحكم في هذه التعدد من‬
‫المجاالت‪.‬‬
‫أمــا بالنســبة إلــى الطالــب الجــامعي القــادم مــن مجــال اجتمــاعي متجــانس ذو نمــوذج ثقــافي بــدوي إلــى مجــال‬
‫اجتماعي مغاير يتميز بالالتجانس يكسبه تشكيل هوية منسجمة ومستقلة قادرة على التحكم فـي هـذا التعـدد‬
‫من المجاالت‪.‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬

‫قائمة الكتب باللغة العربية‪:‬‬

‫‪ .1‬إبراهيم البيومي‪ ،‬أصول اجملال العام وحتوالته يف االجتماع السياسي اإلسالمي‪ ،‬جملة الشريعة والدراسات‬
‫اإلسالمية‪ ،‬العدد‪ ،15‬فرباير ‪.2212‬‬

‫‪ .2‬دينيكن ميتشيل معجم علم االجتماع‪ ،‬تر‪:‬إحسان حممد احلسن‪ ،‬دار الطليعة للطباعة والنشر‪ ،‬بريوت‬
‫‪.1111‬‬
‫‪ .3‬رميون كيفي ولوك فان كمبنهود‪ ،‬دليل الباحث يف العلوم االجتماعية‪ ،‬ط ‪ ،1‬تر‪ :‬يوسف اجلباعي‪ ،‬املكتبة‬
‫العصرية‪ ،‬بريوت‪.1111 ،‬‬
‫‪ .4‬عبد الباسط حسن‪ ،‬أصول البحث العلمي‪ ،‬مطبعة جلنة البيان العريب‪ ،‬القاهرة‪.1113 ،‬‬
‫‪ .5‬عمار بوحوش وحممد الذنيبات‪ ،‬مناهج البحث العلمي وطرق إعداد البحوث‪ ،‬ديوان املطبوعات‬
‫اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪.1115 ،‬‬

‫‪221‬‬
‫‪ .1‬عمار بوحوش وحممد حممود الذنببات‪،‬مناهج البحث العلمي أسس وأساليب‪ ،‬مكتبة املنار‪،‬األردن‪،‬‬
‫‪.1111‬‬
‫‪ .1‬مروان عبد اجمليد ابراهيم ‪ :‬أسس البحث العلمي إلعداد الرسائل اجلامعية‪ ،‬ط‪ ،1:‬مؤسسة الوراق‪،‬‬
‫عمان‪.2222 ،‬‬
‫‪ .1‬موريس أجنرس‪ ،‬منهجية البحث العلمي يف العلوم اإلنسانية‪ ،‬تر‪ :‬بوزيد صحراوي وآخرون‪ ،‬دار القصبة‬
‫للنشر‪ ،‬اجلزائر‪ ،2224 ،‬ص‪.122 :‬‬
‫قائمة الكتب باللغة األجنبية‪:‬‬

‫‪1- Bernard, B, Content Analysis in Communication Research,‬‬


‫‪Glencoe, IL, Free Press, 1952.‬‬
‫‪2-Kouaouci Ali:familles, femmes et contribution à une sociologie de la‬‬
‫‪famille Algérienne_ C E N E A P, ALGER, 1992.‬‬
‫‪3-A, M.Ardorio et P. Fournier, L'enquête et ses méthode:‬‬
‫‪L'observation directe, Ed NATHAN, Paris.‬‬
‫‪4-Le petit dictionnaire de la langue Française, Montréal, Canada, 1992.‬‬
‫‪5-Maurice Angers ,inutation pratique a la méthodologie de science‬‬
‫‪humaines, éd casbah université, Alger, 1997.‬‬
‫‪6-Marie, Lacourse, thèses Famille et société, McGraw-Hill, 1964.‬‬
‫المجالت‬
‫‪-1‬بن عيسى حممد املهدي‪،‬بوسحلة إيناس‪ ،‬جتاوز اإلعاقة بني آليات الدمج وتشكالت اهلوية –مقاربة‬
‫سوسيولوجية‪ -‬جملة العلوم اإلنسانية واالجتماعية جبامعة قاصدي مرباح _ورقلة_ العدد‪ :‬فيفري ‪.2211‬‬
‫‪ -2‬مجال تايل وبن الزاف مجيلة‪ ،‬القيم ومظاهر االغرتاب يف الوسط اجلامعي‪ ،‬جملة العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬
‫جبامعة قاصدي مرباح _ورقلة_ ‪ ،‬العدد‪ :‬فيفري ‪.2211‬‬
‫الرسائل و البحوث والمقاالت االلكترونية‪:‬‬
‫‪ -1‬صديقي فاطنة‪ ،‬العالقة العالجية وفاعلية عالجها‪ ،‬رسالة ماجستري يف علم االجتماع االتصال‪ ،‬كلية العلوم‬
‫اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪ ،‬ورقلة‪ ،‬اجلزائر‪.2212_2221 ،‬‬
‫‪ -2‬حممد املهدي بن عيسى‪ ،‬من حماضرات مقياس ‪-‬ملتقى التدريب عن البحث‪ -‬للسنة ثانية ماجستري مدرسة‬
‫الدكتوراه جبامعة قاصدي مرباح بورقلة‪.2212_2211 ،‬‬
‫‪-3‬كاترين هالبرين مقال الكرتوين‪ ،‬بعنوان‪ :‬مفهوم اهلوية تارخيه وإشكاالته‪ ،‬ترمجة وتعليق الدكتور‪ :‬الياس بلكا‪.‬‬
‫املقال بعدد‪ :‬يوليو ‪ ،2224‬رقم ‪ ،151‬ويوجد املقال باجمللة الفرنسية‪.sciences humaines :‬‬

‫‪222‬‬

You might also like