Professional Documents
Culture Documents
محاضرات في قانون العلاقات الدولية
محاضرات في قانون العلاقات الدولية
محاضرات في قانون العلاقات الدولية
قسم احلقوق
ــ
محاضرات
في قانون العالقات الدولية
(العالقات الدبلوماسية والقنصلية)
موجهة لطلبة السنة ثالثة ليسانس حقوق :تخصص قانون عام
(السداسي الخامس)
إعداد الدكتور :بدر شنوف
1
مقدم ـ ـ ــة
األمر الذي حتَّم على األمم المتحدة إبرام اتفاقية خاصة بتنظيم العالقات بين الدول والمنظمات الدولية
سنة .1691
تلك هي أهم االتفاقيات التي تُ ِّ
شكل اليوم ما ُيعرف بـ :قانون العالقات الدولية في شقه الدبلوماسي
والقنصلي ،والذي ُيعد من أقدم فروع القانون الدولي العام ،الناظم لقواعد تبادل التمثيل الدبلوماسي
والقنصلي فيما بين الدول أو بينها وبين المنظمات الدولية.
وتأتي هذه الدراسة كمحاولة لمعالجة أهم المسائل التي ينظمها قانون العالقات الدولية ،خصوصاً
إجراءات تبادل البعثات الدبلوماسية والقنصلية ،ومختلف الوظائف والمهام التي تقوم بها تلك البعثات
وااللتزامات التي تقع على عاتقها ،والحصانات واالمتيازات التي تتمتع بها ،وكذا كيفيات إنهاء عمل تلك
البعثات واآلثار المترتبة عليه.
وهي عبارة عن سلسلة محاضرات َّ
قدمتها في السداسي الخامس لطلبة سنة ثالثة ليسانس حقوق
(نظام ل.م.د) تخصص قانون عام في مقياس قانون العالقات الدولية ،وقد حاولت فيها االلمام بكل
المحاور المدرجة في البرنامج الرسمي ،رغم أن مدة سداسي واحد ال تكفي لإلحاطة بجميع جوانب هذا
الموضوع المتشعب ،وقد استعنت في ذلك بالمنهج الوصفي ومنهج تحليل المضمون اللذان يتناسبان مع
الدراسات القانونية.
وقد تناولت محاور هذا المقياس في أربعة فصول جاءت كما يلي:
-الفصل األول :السياق التاريخي والمفاهيمي للقانون الدبلوماسي والقنصلي.
-الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماسي والقنصلي.
-الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية.
-الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي.
ونأمل أن نكون من خالل هذه المحاضرات قد َّ
أدينا ما علينا ووفقنا في تقديمها لطلبتنا األعزاء
بأسلوب واضح وبسيط ،سائلين المولى عز وجل التوفيق والسداد في القول والعمل.
2
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
الفصل األول
السياق التاريخي والمفاهيمي للقانون الدبلوماسي والقنصلي
لكون الظاهرة الدبلوماسية والقنصلية هي ظاهرة اجتماعية ،فإنها -ومنذ ظهور التجمعات البشرية
في شكلها البسيط إلى نشأة الدولة الحديثة -ظلت تتطور بتطور تلك المجتمعات ،حيث كانت العالقات
الدبلوماسية والقنصلية في بداية عهدها مؤقتة وغير مستقرة ،ثم بدأت تأخذ طريقها إلى االستقرار فظهرت
الدبلوماسية الدائمة ،كما تطورت الحقاً من دبلوماسية شخصية إلى دبلوماسية تمثيلية ومن دبلوماسية
سرية إلى دبلوماسية علنية ومن ثنائية إلى متعددة األطراف ،ومن دبلوماسية عرفية إلى دبلوماسية مقننة.
لذلك سنستعرض في هذا الفصل السياق التاريخي والمفاهيمي للعالقات الدبلوماسية والقنصلية،
للوقوف على نشأة وتطور تلك العالقات إلى أن أصبحت أصولها وقواعدها مقننة فيما يعرف اليوم
بالقانون الدبلوماسي والقنصلي ،وقد تناولناه في ثالث مباحث ،األول نسلِّط فيه الضوء على مفهوم
وتطور العالقات الدبلوماسية والقنصلية ،والثاني ندرس فيه أنواع الدبلوماسية وتمييزها عن المفاهيم
المشابهة ،بينما الثالث نتعرف فيه على مصادر القانون الدبلوماسي والقنصلي.
3
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
المبحث األول
مفهوم وتطور العالقات الدبلوماسية والقنصلية
لم تظهر العالقات الدولية في شقها الدبلوماسي والقنصلي بالشكل الذي هي عليه اليوم فجأة ،بل
تطورت ،وما تزال ،بتطور وتنوع وتشابك المصالح بين المجتمعات والدول ،وسنتناول في هذا المبحث
اإلطار المفاهيمي للعالقات الدبلوماسية والقنصلية (المطلب األول) ،وأهم المراحل التاريخية والتطورات
التي مرت بها العالقات الدبلوماسية (المطلب الثاني).
المطلب األول :مفهوم العالقات الدبلوماسية والقنصلية
سنشرح في هذا المطلب األصل التاريخي والمعنى اللغوي لمصطلحي الدبلوماسية والقنصلية ،ثم
التعاريف الفقهية ،وأخي اًر تعريف القانون الدبلوماسي وعالقته بالقانون الدولي.
الفرع األول :أصل كلمة "دبلوماسية" و"قنصلية"
لقد شهد مصطلحا "دبلوماسية" و"قنصلية" تطو اًر ملحوظاً من حيث المدلول واالستعمال ،حيث ظه ار
في بداية األمر في البالد الغربية ،ثم انتش ار في بقية البلدان والحضارات ،بشكل يمكن تناوله كما يلي:
أولا :أصل كلمة "دبلوماسية"
الدبلوماسية كلمة يونانية األصل ومنها انتقلت أوالً إلى الالتينية القديمة ثم إلى لغاتها الحية
كاالنجليزية والفرنسية ،وفي مرحلة الحقة جرى استعمالها في اللغة العربية .وهي مشتقة في لغتها
األصلية من االسم " "Diplomaالمأخوذ من الفعل " .)1("Diplomوهو اسم يطلق على الوثيقة أو الشهادة
التي تطوى على نفسها ،والتي كان يبعث بها أصحاب السلطة إلى بعضهم البعض في عالقاتهم
خول لحاملها امتيازات خاصة(.)2
الرسمية ،وهي ت ِّ
واذا كان المعنى األصلي للكلمة عند اليونان اقتصر وركز على شكل الوثيقة وليس على حاملها،
فإنها لم تحافظ على مدلولها الضيق عند انتقالها إلى الرومان سواء في لغتهم الالتينية القديمة أو لغاتهم
الحية الحديثة ،بل ازداد مدلولها اتساعاً بحيث أصبحت تستغرق شكل الوثيقة وصفة حاملها والمهمة
الموكلة له ،فهي تعني عندهم الشهادة الرسمية أو الوثيقة التي تتضمن صفة المبعوث والمهمة الموفد
بها ،والتوصيات الصادرة بشأنه بقصد تقديمه وحسن استقباله أو تيسير انتقاله بين األقاليم المختلفة( .)3ثم
اتسع مدلول الكلمة ليشمل الوثائق الرسمية والمحفوظات والمعاهدات ذات الصلة بالعالقات الخارجية(.)4
()1
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،أصول العالقات الدبلوماسية والقنصلية ،ط ،1المركز العلمي للدراسات السياسية ،عمان ،األردن،
،5002ص .12
()2
زناتي مصطفى ،محاضرات في قانون العالقات الدولية – العالقات الدبلوماسية ،-ألقيت على طلبة السنة ثالثة ليسانس قانون عام ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية ،جامعة محمد بوضياف مسيلة ،السنة الجامعية ،5012/5012ص .00مايا الدباس ،ماهر ملندي ،العالقات الدبلوماسية والقنصلية ،منشورات
الجامعة االفتراضية السورية ،سوريا ،5012 ،ص .02
()3
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .00
()4
أحمد مرعي ،آثار قطع العالقات الدبلوماسية ،ط ،1منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان ،5010 ،ص .52
4
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
ولما انتقلت كلمة "دبلوماسية" إلى اللغة العربية تم اسقاط معناها اللغوي األصلي على ما يماثله في
اللغة العربية وهو "الكتاب" أو "الخطاب" للتعبير عن الوثيقة التي يتبادلها أصحاب السلطة بينهم ،والتي
تمنح حاملها مزايا الحماية واألمان(.)1
ثم تطور مدلول كلمة "دبلوماسية" عبر األزمنة والحضارات المختلفة ،بحيث أصبحت اليوم تعني
العالقات الخارجية للدول ،كما يدخل في مدلولها األشخاص الذين توكل إليهم مهمة تمثيل دولهم كالسفراء
واألجهزة المشرفة عليهم سلمياً وصوالً إلى رئيس الدولة ،وقد استقر هذا المفهوم مع إنشاء أول بعثة
دبلوماسية دائمة وتطور مع تطور الدولة القومية؛ إذ أصبح يستخدم مصطلح "دبلوماسية" وصفة
"الدبلوماسي" بمعناه الحديث في نهاية القرن الثامن عشر ،وبالتحديد أثناء مؤتمر فيينا سنة ،1212الذي
وسع هذا المفهوم ليشمل تسيير العالقات السياسية بين الدول ،بحيث حدد الوظائف الدبلوماسية ونظم
ترتيب أسبقية رؤساء البعثات وخصائصها(.)2
ثاني ا :أصل كلمة "قنصلية"
ترجع كلمة "قنصل" إلى األصل الالتيني ويقصد بها صاحب الرأي والمشورة ،أما ظهور القناصل
والتمثيل القنصلي فيرجع إلى منتصف القرون الوسطى ،حيث جرت العادة في الدول الواقعة غرب البحر
األبيض المتوسط على أن يجتمع التجار الذين ينتمون لدولة واحدة ،ليتشاوروا فيما بينهم وينتخبوا شخصاً
واحداً منهم كي يتولى مهمة الفصل فيما ينشب بينهم من منازعات ،وكان يطلق على ذلك الشخص
"القنصل التاجر"(.)3
وقد ظهر النظام القنصلي في أول األمر نتيجة الحتياجات تتعلق بمصالح التجار البحارة الذين
كانوا يتجهون إلى بلدان أخرى للقيام باألعمال التجارية ،حيث توجد هناك عادات وتقاليد وأعراف وقوانين
تختلف عما هو معمول به في بالدهم ،وكان من بواعث قلق هؤالء التجار هو هل بإمكانهم حل
خالفاتهم من قبل قضاة من اختيارهم يطبقون عليهم قوانينهم الوطنية(.)4
وهكذا عرفت الحضارات القديمة النظام القنصلي ،حيث منحت الدولة المصرية القديمة التجار
اليونانيين الموجودين فوق أراضيها الحق في تعيين قنصل تاجر من بينهم يطبِّق عليهم القانون اليوناني
فوق األراضي المصرية القديمة( ،)5وفي تلك الحقبة الزمنية ظهر هذا النظام أيضاً في الهند ،حيث وجد
قضاة خواص مكلفون بالسهر على حماية مصالح األجانب ،أما في عهد اإلغريق القدامى فلم يتمتع
()1
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .00
()2
زناتي مصطفى ،مرجع سابق ،ص .00
()3
أبو الخير أحمد عطية ،القانون الدولي العام ،ط ،1دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر ،1992/1992 ،ص .020
()4
عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،الحصانات والمتيازات الدبلوماسية والقنصلية في القانون الدولي ،ط ،1شركة العبيكان لألبحاث والتطوير ،الرياض،
المملكة العربية السعودية 1052 ،هـ 5002/م ،ص .520
()5
منتصر سعيد حمودة ،قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية ،ط ،1دار الفكر الجامعي ،االسكندرية ،مصر ،5002 ،ص .09
5
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
األجانب بالحماية من قبل هيئات السلطة العامة ،ولكن س ِمح لهم باختيار أحد مواطنيهم ليقوم بحمايتهم
ورعاية مصالحهم ،وقد ع ِرف هؤالء الحماة باسم " "Prostatesوكانوا مكلفون بمهمة الوسطاء عن
مواطنيهم في إطار الشؤون القضائية والعامة لدى سلطات المدينة التي يقيمون فيها(.)1
وفي عهد التنظيم الدولي بتأسيس عصبة األمم سنة ،1919والتي خلفتها منظمة األمم المتحدة
سنة 1902تبادلت الدول البعثات القنصلية مع بعضها البعض بشكل رسمي وتطورت مهامها ،بحيث
أصبحت هذه القنصليات المسؤولة عن تنفيذ العالقات القنصلية تقوم بوظائف هامة ومتنوعة لرعايا الدولة
الموفدة داخل الدول الموفد إليها ،مثل تسجيل المواليد والوفيات وابرام عقود الزواج وشهادات الطالق،
واصدار وثائق السفر والهجرة والتأشيرات ،وغيرها من المهام القضائية واإلدارية األخرى(.)2
الفرع الثاني :التعاريف الفقهية للدبلوماسية
لم يتفق فقهاء وشراح القانون الدولي العام على تعريف واحدة للدبلوماسية من الناحية القانونية
االصطالحية ،وذلك بالنظر الختالف نظرتهم لهذا المصطلح ،حيث نظر إليه بعضهم من زاوية طبيعة
الدبلوماسية والغرض منها ،في حين ركز البعض اآلخر على أسلوب أدائها واألشخاص القائمين بها.
أولا :تعريف الدبلوماسية من حيث الطبيعة والغرض
انطلق مجموعة من الفقهاء في تعريفهم للدبلوماسية من طبيعتها والغرض منها ،ومنهم الفقيه
"ريفييه" الذي عرفها بقوله" :الدبلوماسية هي علم وفن تمثيل الدول واجراء المفاوضات" ،وأيضاً الفقيه
"شارل كالفو" الذي عرفها بأنها" :علم العالقات القائمة بين مختلف الدول" ،وكذلك الدكتور إبراهيم محمد
العناني الذي رأى بأنها" :علم العالقات الدولية وفن التعامل مع اآلخرين"(.)3
أما الدكتور عبد العزيز سرحان فقد عرفها بأنها" :الطريقة التي يملكها أشخاص القانون الدولي
العام ،لتسهيل قيام عالقات ِّ
ودية وسلمية بينها ،وذلك بغية القضاء على ما قد يكون هناك من تضارب
في الرأي وتنازع في المصالح المتبادلة أياً كانت طبيعة هذه المصالح"( .)4كما عبر عنها معاوية بن أبي
سفيان بالقول" :لو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت ،إن أرخوها شددتها وان ُّ
شدوها أرخيتها"(.)5
ثانيا :تعريف الدبلوماسية من حيث األسلوب واألشخاص القائمين بها
بخالف الفريق األول فقد ركز هذا الفريق في تعريفه للدبلوماسية عن األشخاص القائمين بها،
ومنهم الكاتب الدبلوماسي البريطاني "هارولد نيكلسون" الذي عرفها بـ" :إدارة العالقات الدولية عن طريق
()1
عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص .484
()2
منتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص .09
()3
مشار إليه في المرجع نفسه ،ص .15
()4
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .02
()5
زناتي مصطفى ،مرجع سابق ،ص .02
6
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
المفاوضات ،أو أسلوب معالجة وادارة هذه العالقات من قبل السفراء والمبعوثين"( .)1كما عرفها آخر
بأنها" :الوظيفة التي ي ِّ
ؤدها الدبلوماسي حين يقوم بتمثيل دولته في الخارج أو خالل مفاوضات تجريها
دولته مع غيرها من الدول"(.)2
ما يمكن قوله حول التعاريف السابقة للدبلوماسية أنها نتاج الجتهادات فقهية ظهرت في فترات
زمنية متعاقبة ،حاول فيها أصحابها وصف الظاهرة الدبلوماسية من زوايا مختلفة ،فالمتأمل في تلك
التعاريف يستنتج اآلتي:
-أن بعض التعريفات ركزت في تعريفها للدبلوماسية على العالقات القائمة بين الدول دون المنظمات
الدولية ،مما يفيد أنها ظهرت في فترة ما قبل التنظيم الدولي.
-أن بعض الفقهاء كيف الدبلوماسية على أنها علم ،بينما كيفها البعض اآلخر على أنها فن ،والواقع أن
الوظيفة الدبلوماسية تجمع بين العلم والفن ،فهي علم ألنها تفترض فيمن يمارسها معرفة تامة بالعالقات
القانونية والسياسية القائمة بين مختلف الدول ،وبالمصالح الخاصة بكل منها وبتقاليدها التاريخية وبأحكام
المعاهدات ،وهي فن ألنها تهتم بإدارة الشؤون الدولية ،وهذا يتطلب دقة المالحظة والمقدرة على التوجيه
واإلقناع وتتبع األحداث ومتابعة المفاوضات بمهارة( ،)3فالدبلوماسية علم يجب معرفة قواعده وأصوله،
وفن يجب اكتشاف أس ارره(.)4
وعلى ضوء ما سبق يمكن تعريف الدبلوماسية بأنها" :علم إدارة العالقات بين أشخاص القانون
الدولي العام ،واجراء المفاوضات بمهارة كبيرة من طرف ممثلين مؤهلين ،لرعاية مصالحهم المتبادلة
والحفاظ على العالقات الودية والسلمية بينهم".
من خالل هذا التعريف يمكن أن نستنتج أهداف ومقاصد الدبلوماسية ،وهي(:)5
-هدف التمثيل ،وهو تمثيل الدبلوماسي لدولته من خالل االشتراك في البروتوكول والمناسبات الرسمية
لدى الدولة المعتمد لديها.
-حماية الدبلوماسي لمصالح دولته ومصالح رعاياها في الدولة المعتمد لديها وتطويرها بكل السبل
المشروعة.
-التفاوض مع حك ومة الدولة المعتمد لديها نيابة عن حكومة بالده ،بهدف التوصل إلى تسوية أو صلح
أو اتفاق ،بما يعود بالنفع عن مصالح البلدين.
-تعزيز العالقات الودية بين بالده والدولة المعتمد لديها ،وفتح آفاق ومجاالت جديدة للتعاون بينهما.
()1
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .02
()2
منتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص .10
()3
عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص .22
()4
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .02
()5
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .42
7
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
-جمع المعلومات عن أحوال الدولة المعتمد لديها وتطورات األحداث فيها ،واعداد التقارير حول
األوضاع السياسية واالقتصادية واالجتماعية فيها وتحليلها وتقويمها ومن ثم إرسالها إلى بالده.
الفرع الثالث :تعريف القانون الدبلوماسي وعالقته بالقانون الدولي
ال شك أن العالقات التي تقام بين أشخاص القانون الدولي ال تخرج عن دائرة القانون ،وانما
تخضع لمجموعة من الضوابط والقواعد يطلق عليها ما يسمى بـ :القانون الدولي الدبلوماسي ،فما هو
تعريف هذا القانون ،وما عالقته بالقانون الدولي العام؟
أولا :تعريف القانون الدبلوماسي
إذا كانت الدبلوماسية هي علم وفن إدارة العالقات الدولية بين أشخاص القانون الدولي ،فإن القانون
الدولي الدبلوماسي يهتم بالجانب القانوني للدبلوماسية من حيث تنظيم االتصال الخارجي بين أشخاص
القانون الدولي ،وبيان وسائل تمثيل كل منهم لدى اآلخر ،كما يعنى ببيان كيفية إدارة الشؤون الدولية عن
طريق المفاوضات.
وهناك العديد من المحاوالت الفقهية التي تناولت تعريف القانون الدبلوماسي ،ومنهم الفقيه "براديه
فودريه" الذي عرفه بأنه" :ذلك الفرع من فروع القانون الدولي الذي يتناول بصفة خاصة تنسيق العالقات
الخارجية للدول" ،بينما يرى الفقيه "جينيه" بأنه" :فرع من فروع القانون العام يعنى بتنظيم العالقات
الخارجية للدول وشكل التمثيل الخارجي وادارة الشؤون الدولية ،وأصول تسيير المفاوضات"(.)1
ما يالحظ على التعريفين السابقين أنهما حص ار أشخاص القانون الدبلوماسي في الدول فقط،
والحقيقة أن هذا القانون شهد تطو اًر في أشخاصه بعد ظهور المنظمات الدولية وتأثيرها في الحياة الدولية،
لذلك أعيد النظر في تعريف القانون الدبلوماسي من طرف الفقه المعاصر حيث عرفه الدكتور محمد
سامي عبد الحميد بأنه" :فرع من فروع القانون الدولي العام الذي يضم القواعد القانونية التي تهتم بتنظيم
العالقات الدبلوماسية بين أشخاص القانون الدولي العام"(.)2
وواقع األمر أن لمصطلح العالقات الدبلوماسية مفهومين واسع وضيِّق ،فالمفهوم الواسع يقصد به
ما يقوم عادة بين الدول والمنظمات الدولية من اتصاالت ودية استقر العمل على صورة محددة لها
تمارس الدول والمنظمات الدولية من خاللها السياسة الخارجية لكل منها ،وهذا المفهوم ينطبق على
مفهوم العالقات الدولية ككل ،أما المفهوم الضيق فيقصد به تبادل العالقات الدبلوماسية الدائمة فيما بين
دولتين أو دولة ومنظمة دولية أو منظمتين دوليتين ،وهذا النوع األخير من العالقات هي التي يهتم
القانون الدبلوماسي بتنظيمها.
()1
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .10
()2
محمد سامي عبد الحميد ،أصول القانون الدول العام ،ج ،0الحياة الدولية ،المجلد األول ،القانون الدبلوماسي والقنصلي والقانون الدولي للبحر ،ط،0
االسكندرية ،مصر ،5002 ،ص .00
8
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
()1
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .10
()2
المرجع نفسه ،ص .10
()3
عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص .29
9
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
أما القانون الدولي العام بصفته أصل للقانون الدولي الدبلوماسي ،فإنه من الطبيعي جداً أن يكون
له أثر واضح على مالمح هذا األخير ،فهو يمثِّل اإلطار العام الذي تمارس فيه الوظيفة الدبلوماسية
و ِّ
المحدد لمبادئها العامة ،كمبدأ حل النزاعات الدولية بالوسائل السلمية كالمفاوضة والوساطة والمساعي
الحميدة والتحقيق والتوفيق ،وكلها وسائل تجد لها مجاالً رحباً في العمل الدبلوماسي ،حيث يتقيد بها
الدبلوماسيون أثناء حل ما يقع بين دولهم من نازعات.
المطلب الثاني :التطور التاريخي للعالقات الدبلوماسية والقنصلية
على الرغم من أن الدبلوماسية قديمة قدم الشعوب والجماعات وتضرب بجذورها في عمق التاريخ،
إال أنها ظلت في حالة تطور مستمر إلى غاية الوقت الراهن ،ذلك أن الحركية والديناميكية التي تتميز
بها الدبلوماسية ما هي إال انعكاس لحركية وتطور الجماعات البشرية وتفاعلها مع بعضها البعض.
ومن خالل الفروع الموالية سنقوم برصد أهم مراحل تطور العالقات الدبلوماسية ،وأهم الخصائص
التي اتسمت بها كل مرحلة.
الفرع األول :الدبلوماسية في العصر القديم
يرى المتتبعون للعالقات الدبلوماسية أن هذه األخيرة ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ بحيث تعود
ممارستها إلى المجتمعات القديمة ،أين كانت القبائل والدويالت المكونة لها تتبادل الوفود الدبلوماسية
وتجري المفاوضات فيما بينها ،وفيما يلي توضيح ذلك.
أولا :الدبلوماسية عند الصينيين والهنود القدامى
كان للفالسفة الصينيون القدامى أثر كبير في الدعوة إلى إقامة عالقات دبلوماسية بين قبائل
الصين في بداية التاريخ ،ومن بينهم الفيلسوف "توانغ شينغ" الذي كان يرى بأن نشوب الحرب أمر ال
مفر منه ،لذلك دعا إلى أن تهتم تلك القبائل بالوسائل الدبلوماسية للحصول على مكاسبها بطريقة
سلمية(.)1
كذلك الحال بالنسبة الهنود القدامى ،حيث ت ِّ
ؤكد وثائقهم التاريخية وجود قانون يعود إلى القرن
العاشر قبل الميالد يسمى بقانون "مانو "Manouالذي تضمن بعض المواد الخاصة بالسياسة الخارجية
والسفراء ،من حيث كيفية اختيارهم وتحديد الصفات التي يجب أن تتوافر فيهم وطبيعة مهمتهم ،كما
تضمن أيضاً بيان واجبات الملك في تعيين المبعوثين من بين أوالئك الذين يتمتعون بمكانة طيبة وشرف
رفيع وقدرة عالية على تمثيل ملوكهم على أحسن صورة(.)2
()1
زناتي مصطفى ،مرجع سابق ،ص .00
()2
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .00
02
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
()1
خليل حسين ،التنظيم الدبلوماسي ،ط ،1منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان ،5015 ،ص .52
()2
عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص ص .100 ،99
()3
صالح محمد عبد الحميد ،فن التفاوض والدبلوماسية ،ط ،1مؤسسة طيبة للنشر والتوزيع ،القاهرة ،مصر ،5015 ،ص ص .50 ،50
()4
طارق حمو ،الدبلوماسية وأصول العمل الدبلوماسي ،المركز الكردي للدراسات ،بوخوم ،ألمانيا ،5012 ،ص .10
00
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
ورغم أن الرومان كانوا يفضلون استعمال القوة في عالقاتهم الخارجية على حساب األساليب
الدبلوماسية للسيطرة على غيرهم من الشعوب ،إال أن ذلك ال يعني إطالقاً أنهم لم يساهموا في تطوير
العمل الدبلوماسي ،ويمكن رصد ذلك من خالل النقاط التالية(:)1
-تعامل الرومان بالمعاهدات حيث انصب اهتمامهم على الشكل قبل المضمون في إبرامها وتسجيلها،
وقد أقروا مبدأ احترام العهود وقدسية المواثيق كأساس الستقرار العالقات الدولية.
-سن ما يعرف بقانون األجانب أو قانون الشعوب ،الذي يحكم عالقات روما بغير مواطنيها من
الشعوب الصديقة واألجانب المتحالفين معها.
-كان مجلس الشيوخ الروماني هو الذي يدير العالقات الخارجية ،حيث كان يقوم بقبول سفراء الدول
األجنبية واالستماع إلى مطالبهم.
-كان الممثلون الدبلوماسيون لدى روما يتمتعون بالحصانة الشخصية حتى وقت الحرب ،وعندما
يقترفون عمالً مخالفاً لقانون روما الداخلي يبعث بهم إلى دولتهم لتقوم بمحاكمتهم.
ما يمكن قوله عن الدبلوماسية في عهدي اإلغريق والرومان أنها اتسمت بالثبات في الشكل ،لكنها
كانت مناسباتية في ممارستها ،كما كانت محصورة في رقعة جغرافية محدودة نظ اًر لصعوبة التنقل
والمواصالت في ذلك الوقت.
الفرع الثاني :الدبلوماسية في العصور الوسطى
تميزت العصور الوسطى في أوروبا باالنحطاط والتردي ،حيث كان نظام الحكم فيها نظاماً إقطاعياً
يعتمد على الحروب ،وفي هذه األثناء انقسمت اإلمبراطورية الرومانية إلى دولتين ،الدولة الرومانية
عمر طويالً ،والدولة الرومانية الشرقية وعاصمتها بيزنطة ثم
الغربية وعاصمتها ميالنو ،ولم ت ِّ
القسطنطينية ،واستمرت هذه الدولة حتى ظهور الدولة اإلسالمية(.)2
أولا :الدبلوماسية عند البيزنطيين
بسبب الضعف العسكري للدولة البيزنطية فقد اتجهت لالعتماد أكثر على الدبلوماسية في بناء
عالقاتها مع الشعوب األخرى ،على عكس اإلمبراطورية الرومانية األم التي كانت قوية ،بحيث استعملت
الدبلوماسية فقط كوسيلة للسيطرة على الشعوب األخرى ،لذلك كانت مساهمة الدولة البيزنطية أكثر أهمية
على صعيد الممارسة الدبلوماسية ،فبعد أن كانت مهمة الممثل الدبلوماسي قبلهم قاصرة على إبداء وجهة
نظر بالده والدفاع عنها واقناع الغير بها ،أصبحت لديهم ترتكز على تحري أسرار الدولة الموفد إليها
()1
صالح محمد عبد الحميد ،مرجع سابق ،ص ص .45 ،44
()2
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .02
04
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
والتعرف على مواطن الضعف فيها وأطماع حاكمها وكيفية استغالل كل ذلك لصالح دولته ،وهكذا حل
الدبلوماسي الرقيب محل الدبلوماسي الخطيب(.)1
وقد كانت الدبلوماسية البيزنطية تقوم على ثالثة مرتكزات هي(:)2
-سياسة إضعاف الشعوب من خالل نشر التفرقة بينهم للحيلولة دون وحدتهم ،وذلك بهدف تقوية
وحدتهم الداخلية ،أي استخدام المكر والحيلة في العمل الدبلوماسي.
-شراء صداقة الشعوب المجاورة بطريق الرشوة والهدايا ،أي اعتماد سياسة التملق والمساعدات المالية.
-إدخال أكبر عدد ممكن في الديانة المسيحية ،أي استعمال الدبلوماسية ألغراض دينية.
من خالل ما سبق ذكره يمكن القول أن الدبلوماسية البيزنطية تميزت بالخصائص التالية(:)3
-اعتماد الممارسة الدبلوماسية عن فن ومهارات التفاوض للدفاع عن مصالحهم.
-إنشاء ديوان خاص للشؤون الخارجية ،بغرض تدريب المفاوضين واعدادهم للعمل الدبلوماسي.
-إعداد التقارير وجمع المعلومات عن األوضاع الداخلية في البالد الموفد إليها من أهم أهداف
الدبلوماسية البيزنطية.
-االهتمام الزائد بالمراسيم واجراءات الحماية والحصانة وحسن االستقبال للسفراء األجانب المعتمدين لدى
اإلمبراطورية البيزنطية.
ثاني ا :الدبلوماسية عند العرب والمسلمين
أما العرب قبل مجيء اإلسالم فقد اهتموا مثل غيرهم بتوثيق صالتهم الخارجية مع األمم األخرى
كالفرس والهنود وغيرهم ،وذلك بحكم الموقع االستراتيجي لشبه الجزيرة العربية الذي يمثِّل نقطة التقاء
القوافل التجارية القادمة من مختلف الجهات ،مما نتج عنه قيام االتصاالت والمفاوضات وعقد المعاهدات
التجارية( .)4ثم بعد ظهور اإلسالم ،الذي لم يقم على أنقاض حضارة سابقة له بل أنه بذرة جديدة وحدث
تاريخي متميز أحدث تغيي اًر في حياة البشرية في جميع المجاالت ومنها الدبلوماسية ،حيث عندما تمكن
النبي من إقامة دولة المدينة ،كان لزاماً عليه أن يوطِّد األمن واالستقرار ثم التفرغ لنشر الدعوة
اإلسالمية ،فعقد معاهدة سالم مع سكان المدينة من اليهود والمشركين ،وبعد ذلك بدأت البعثات
الدبلوماسية تنتشر في الوطن العربي والدول المجاورة لنشر الدعوة اإلسالمية بالوسائل الدبوماسية(.)5
()1
طارق حمو ،مرجع سابق ،ص .04
( )2صالح محمد عبد الحميد ،مرجع سابق ،ص .50
()3
أنظر في ذلك :عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص ص .00 ،09وصالح محمد عبد الحميد ،مرجع سابق ،ص .52
وزناتي مصطفى ،مرجع سابق ،ص .27
()4
أنظر :عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .00
()5
سهيل حسين الفتالوي ،الدبلوماسية اإلسالمية -دراسة مقارنة بالقانون الدولي العاصر ،-ط ،1دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن ،5002 ،ص
.02
03
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
أما عن أهداف الدبلوماسية في اإلسالم فقد تمددت وتنوعت لتشمل نشر العقيدة اإلسالمية واعالن
الحرب وتبادل األسرى ،وتقصي المعلومات عن الدول األخرى ،واإلصالح بين الممالك اإلسالمية،
وتدعيم الروابط الثقافية ،والحصول على المساعدات العسكرية لمواجهة أي عدوان خارجي كالغزو
الصليبي والمغولي .وقد بالغ المسلمون في الشروط الواجب توافرها في سفرائهم ،كالوسامة وحسن المظهر
ورجاحة العقل والفصاحة والذكاء والفطنة والعلم بالشريعة وسعة الثقافة .وقد حرص الحكام واألمراء على
تزويد سفرائهم بوثائق عرفت باسم التذاكر ،تتضمن أسماءهم وصفاتهم وطبيعة مهامهم ،وهي تشبه ما
يعرف اليوم بجوازات السفر وأوراق االعتماد .كما اهتم المسلمون بمراسيم استقبال المبعوثين األجانب،
ومنحهم الحصانة الدبلوماسية والسماح لهم بممارسة شعائرهم الدينية واعفائهم من الضرائب(.)1
ويمكن تلخيص أهم خصائص الدبلوماسية في العصر اإلسالمي فيما يلي(:)2
-اتسمت الدبلوماسية منذ بداية الدولة اإلسالمية بمبدأ العالمية والشمولية ألن الرسالة اإلسالمية رسالة
عالمية ،كما تميزت بالطابع السلمي ،الذي يقوم على عدم البدء بالحرب أو اللجوء إلى استخدام السالح
إال في حالة رد العدوان.
-عرفت الدبلوماسية اإلسالمية مقارنة بنظيراتها ُّ
تعدداً في األهداف والمقاصد كما أشرنا إليه منذ قليل.
-إنشاء ما يعرف بديوان الرسائل ،الذي كان مختصاً بالمكاتبات والرسائل مع الملوك وغيرهم من رؤساء
الدول المجاورة ،كما يهتم بتدوين المعاهدات الدبلوماسية التي تبرم بين المسلمين وغيرهم.
مما سبق يمكن أن نستنتج أن الدبلوماسية اإلسالمية محكومة بكل أبعادها ومستوياتها بالعقيدة
اإلسالمية ،وبأهداف الرسالة السماوية التي نزلت على محمد ،بينما الدبلوماسيات األخرى مرتبطة
بالمصالح اآلنية والمؤقتة ،مما قد يجعلها في بعض األحيان دبلوماسية خطرة على حياة الناس
والمجتمعات بسبب تعارض تلك المصالح.
الفرع الثالث :الدبلوماسية في العصر الحديث والمعاصر
بدأت مرحلة العصر الحديث مع بداية النهضة في أوربا وامتد إلى ما قبل الحرب العالمية األولى،
ليليه العصر المعاصر الذي بدأ بنهاية الحرب العالمية األولى إلى يومنا هذا ،وخالل هاتين المرحلتين
مرت الدبلوماسية بتطورات هامة ،إن على مستوى نطاقها أو أسلوب ممارستها ،وتفصيل ذلك كما يلي:
ًّ
أولا :الدبلوماسية في العصر الحديث
مرت الدبلوماسية الحديثة بمرحلتين أساسيتين ،األولى تسمى بمرحلة الدبلوماسية التقليدية والتي
بدأت مع عصر النهضة في القرن الخامس ميالدي إلى ما قبل الحرب العالمية األولى ،وما ميز هذه
المرحلة أنها كانت بداية لالنتقال من الدبلوماسية المؤقتة وغير المنتظمة إلى الدبلوماسية المستقرة
()1
طارق حمو ،مرجع سابق ،ص .10
( )2أنظر :عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص ص .00 ،00
04
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
والدائمة ،ولعل معالم هذا التطور بدأت تبرز بشكل أكثر وضوحاً بعد توقيع معاهدة وستفاليا سنة 1002
بين الدول األوروبية ،التي أقرت مبدأ توازن القوى فيما بينها ألول مرة ،أين تحتم على تلك الدول
المتنافسة تبادل البعثات الدبلوماسية الدائمة من أجل مراقبة بعضها البعض ،وبعد قيام الثورة الفرنسية
سنة 1229استمرت الدبلوماسية في التطور حتى أصبح التبادل الدبلوماسي الدائم من الحقوق المقررة
لكل دولة ذات سيادة(.)1
أما مرحلة الدبلوماسية الحديثة فقد عرفت تطو اًر كبي اًر سواء من حيث الوظائف واالهتمامات أو من
حيث األساليب والمراسيم والبروتوكوالت ،كما شهدت أولى محاوالت تقنين القواعد الدبلوماسية ،وذلك في
مؤتمر فيينا سنة 1212م ،الذي ت ِّوج بإبرام اتفاقية خاصة بترتيب أعضاء السلك الدبلوماسي أقرت ألول
مرة قواعد دولية ثابتة ومهمة ت ُّ
عد حجر األساس في بناء الدبلوماسية الحديثة ،أين بدأت الدبلوماسية تأخذ
طابع المهنة واالحتراف ،وأصبح المبعوث الدبلوماسي يمثل دولته وليس شخص الحاكم ،كما أصبح
أعضاء البعثة يتمتعون بنوع من االستقاللية وببعض من الحصانات واالمتيازات باعتبارهم من موظفي
دولتهم يمثلونها في الخارج(.)2
ويمكن القول أن التطور نحو الدبلوماسية الحديثة اتسم بمظهرين رئيسيين من ناحية األسلوب ومن
ناحية الممارسة ،فمن ناحية األسلوب فإن أهم أثر على تطور الدبلوماسية هو تقلص المسافات والحدود
بين الدول بسبب التقدم الهائل في مجال تكنولوجيا االتصاالت والمواصالت وسرعة تداول المعلومات،
أما من ناحية الممارسة فقد كان لظهور الديمقراطية وأنظمة الحكم الليبرالية ،وتعزيز المشاركة الشعبية في
تسيير شؤون الحكم من خالل المجالس المنتخبة تأثير بارز على الدبلوماسية ،فبعد أن كان المبعوث
الدبلوماسي يمثل شخص الملك أو الحاكم ويسعى لتحقيق رغباته ومصالحه ،وكانت العالقات الدولية
تدار بكل سرية ،أصبحت الشعوب تتمتع بدور مؤثر في صنع السياسة الخارجية خصوصاً من خالل
الممثلين المنتخبين واألحزاب السياسية ،وهنا أصبح الممثلون الدبلوماسيون يمثلون دولهم ومصالحها
القومية ،وبالتالي تطورت الدبلوماسية من أسلوب الدبلوماسية الشخصية إلى أسلوب دبلوماسية تمثيل
السلطة الحاكمة( ،)3أي التحول من الدبلوماسية الشخصية إلى الدبلوماسية التمثيلية.
وبصفة عامة يمكن ايجاز أهم خصائص الدبلوماسية في العصر الحديث فيما يلي(:)4
-ظهور البعثات الدبلوماسية الدائمة ،ورافق هذا التطور توسُّع في بعض قواعد التمثيل والتعامل.
-إعطاء أهمية خاصة للحصانات واالمتيازات التي يجب أن يتمتع بها الممثلون الدبلوماسيون من أجل
الحفاظ على سالمتهم ومهنتهم.
()1
علي حسين الشامي ،الدبلوماسية -نشأتها وتطورها ونظام الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية ،-دار العلم للماليين ،بيروت ،لبنان ،1990 ،ص .90
()2
أنظر :عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .02ومنتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص .00
( )3أنظر :عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص ص .22 ،22
()4
أنظر :علي حسين الشامي ،مرجع سابق ،ص ص .100 ،100
05
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
-انتشار دبلوماسية القمة ،وذلك من خالل المقابالت واالجتماعات التي كانت تحدث بين الملوك
واألمراء لتبادل الرأي حول القضايا المشتركة المعقدة.
-ظهور ما يعرف بنظام األسبقية في ُّ
التقدم بين المبعوثين والسفراء في االجتماعات واالحتفاالت.
-اقتصار التمثيل الدبلوماسي على الدول فقط لعدم ظهور المنظمات الدولية ،مما جعلها دبلوماسية
ثنائية تتسم بالطابع السري.
ثاني ا :الدبلوماسية المعاصرة
بدأت هذه الدبلوماسية في الظهور مع نهاية الحرب العالمية األولى وال زالت مستمرة إلى يومنا هذا،
حيث بعد نشوب الحرب العالمية الثانية سنة 1909تأكد فشل عصبة األمم في صيانة السلم واألمن
الدوليين بسبب عدم قدرتها على حل النزاعات الدولية بالطرق الدبلوماسية ،تم إنشاء هيئة جديدة لتخلفها
وهي منظمة األمم المتحدة سنة 1902لتعيد بناء دعائم السلم واألمن الدوليين والمحافظة عليهما ،والتي
أرسى ميثاقها مبادئ أساسية لها أبعاد دبلوماسية ،من بينها مبدأ الدبلوماسية العلنية من خالل منع
المعاهدات السرية ،وحق الشعوب في تقرير مصيرها وتعزيز عالقات التعاون والتفاهم بين الدول ،كما
أقر مبدأ المساواة في السيادة بين الدول التي يعتبر ايفاد المبعوثين الدبلوماسيين من أبرز مظاهرها(.)1
ثم ظهر على مسرح العالقات الدولية اتجاهات جديدة فرضتها التحوالت الدولية ،كان لها انعكاسات
واضحة على الدبلوماسية من أهمها ذلك التمايز بين دبلوماسية الدول الرأسمالية في الغرب ودبلوماسية
الدول الشيوعية في الشرق ،الذي ترتب عنه ظهور دبلوماسية المحاور والكتل واألحالف مقابل دبلوماسية
الحياد وعدم االنحياز .وعموماً فالعوامل التي ساهمت في تطوير الدبلوماسية المعاصرة تتمثل في(:)2
-التطور الكمي والنوعي في مكونات المجتمع الدولي ،بدخول دول جديدة من آسيا وافريقيا نالت
استقاللها حديثاً في عضوية األمم المتحدة بعد أن كان معظم أعضائها من القارة األوروبية ،وهكذا
وتنوعاً من التي كانت تعمل فيها ُّ
وتعدداً ُّ أصبحت الدبلوماسية تعمل في بيئة دولية أكثر اتساعاً
الدبلوماسية التقليدية.
-زيادة االعتماد المتبادل والمصالح المشتركة بين الدول ،ضاعف من حاجة الدول لبعضها البعض،
وبالتالي وجدت في الدبلوماسية الوسيلة الفعالة للتعاون الدولي وايجاد الحلول لمختلف المشكالت
والمنازعات الناجمة عن تضارب تلك المصالح.
-الثورة التكنولوجية والتقدم الهائل في وسائل االتصال والمواصالت ،كان لها أثر واضح على أسلوب
العمل الدبلوماسي ،حيث تم االنتقال من مرحلة الدبلوماسية غير المباشرة إلى الدبلوماسية المباشرة ،أين
()1
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص ص .01 ،00
()2
المرجع نفسه ،ص ص .02 ،05
06
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
أصبح بمقدور المبعوث الدبلوماسي الحصول على معلومات ضخمة في وقت وجيز ،مما يسر له مهمة
تجميعها وتحليلها وتقييمها وابالغ حكومته بها.
-ظهور مهام إضافية وجديدة للعمل الدبلوماسي ،بحيث لم تعد الدبلوماسية ترتكز فقط على التفاوض
من أجل إحالل السلم وحل المنازعات بين الدول ،بل أصبحت الدبلوماسية المعاصرة تهتم بقضايا أخرى
كالبيئة وحقوق اإلنسان ومكافحة الجريمة العابرة للحدود.
-اتساع مجاالت عمل وأنشطة المنظمات الدولية ،حيث كان لظهور هذه األخيرة بصماتها الجلية على
الدبلوماسية ،فقد أوجد نشاطها الدولي المتنامي إلى جانب الدبلوماسية الثنائية نوعاً جديداً من الدبلوماسية
وهي الدبلوماسية الجماعية أو متعددة األطراف.
التحرر
ُّ -تزايد دور الجماهير والرأي العام في التأثير على الدبلوماسية ،حيث كان النتشار قيم
والديمقراطية في نهاية القرن العشرين أثر واضح في القضاء على األنظمة الشمولية الدكتاتورية وظهور
األنظمة الديمقراطية ،وهذا التحول كانت له انعكاساته على ازدياد اهتمام الجماهير بالسياسة الخارجية
لدولهم إلدراكهم بأن مخرجاتها تنعكس ايجاباً أو سلباً على مصيرهم ومستواهم المعيشي ،وبذلك أصبحت
تمارس نوعاً من الرقابة على أجهزة صنع السياسة الخارجية وتنفيذها من خالل ممثليها في البرلمان.
المبحث الثاني
أنواع الدبلوماسية وتمييزها عن المفاهيم المشابهة
انتهينا في المبحث السابق إلى أن الدبلوماسية لم تنشأ فجأة ،بل تطورت من حيث مدلولها وشكلها
ومضمونها عبر مراحل تاريخية مختلفة ،األمر الذي يسمح بتصنيفها من حيث الواقع والممارسة العلمية
وتشعب موضوعاتها جعلها تتقاطع مع عدة
ُّ توسع نطاقها
إلى عدة أنواع حسب معايير مختلفة ،كما أن ُّ
مفاهيم أخرى ،وهو ما يجعل من مقارنتها بها لتمييزها عنها أمر ال بد منه.
المطلب األول :أنواع الدبلوماسية
لقد شهدت الممارسة الدبلوماسية أنماطاً وأشكاالً مختلفة ،تغيرت وتطورت عبر مختلف المراحل
التاريخية التي مرت بها ،لذلك يمكن تصنيف الدبلوماسية حسب عدة معايير كما يلي:
أولا :من حيث الشكل (الدبلوماسية السرية والدبلوماسية العلنية)
فمن حيث الطريقة التي تدار بها العالقات الدولية هناك الدبلوماسية السرية وهي التي تتم خلف
الكواليس بسرية تامة ويتم التكتم عن نتائجها ،وهناك الدبلوماسية العلنية وهي التي تظهر نتائجها للعلن
فور انتهائها حتى ولو جرت المفاوضات بشكل سري(.)1
وقد تم االنتقال من مرحلة الدبلوماسية السرية إلى مرحلة الدبلوماسية العلنية نتيجة تطور وسائل
اإلعالم وثورة المواصالت واالتصاالت المتنوعة بين الدول ،وزيادة وعي الشعوب وظهور المنظمات
()1
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .02
07
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
المتخصصة في مختلف المجاالت ،عندها ظهرت الدعوات المطالبة باالبتعاد عن الدبلوماسية السرية
التي تثير الشك والريبة في العالقات الدولية ،واستبدالها بالدبلوماسية العلنية أو المكشوفة ،وقد تم تكريس
ذلك في ميثاق األمم المتحدة ،الذي ألزم الدول بضرورة تسجيل ونشر المعاهدات التي تبرم بينها باألمانة
العامة لألمم المتحدة تحت طائلة عدم االحتجاج بها(.)1
ثانيا :من حيث عدد األطراف (الدبلوماسية الثنائية والدبلوماسية الجماعية)
بموجب هذا المعيار يمكن التمييز بين نوعين من الدبلوماسية هما الدبلوماسية الثنائية والدبلوماسية
الجماعية أو متعددة األطراف ،بحيث كانت األولى هي المعمول بها لوحدها قبل ظهور المنظمات
الدولية ،أين كانت ال دول تدخل في عالقات مع بعضها البعض بصورة مباشرة وعبر لقاءات ثنائية وما
ينجم عنها من معاهدات ثنائية وتحالفات عسكرية وغيرها.
ولكن بظهور بعض المشاكل والقضايا الدولية المعقدة والعابرة للحدود لم يعد بمقدور الدول
معالجتها عبر عالقاتها الثنائية ،فبرز ما يسمى بالدبلوماسية الجماعية أو الدبلوماسية البرلمانية التي تتم
عبر المنظمات الدولية المشكلة لهذا الغرض ،بحيث يتم مناقشة ومعالجة القضايا المشتركة في إطار
أجهزة هذه المنظمات ،فالقضايا الدولية يتم مناقشتها داخل منظمة األمم المتحدة والوكاالت المتخصصة
التابعة لها ،أما القضايا اإلقليمية فيتم مناقشها في إطار المنظمات اإلقليمية التي تضم عدد محدود من
الدول( .)2وهذه الدبلوماسية ليست بديلة عن الدبلوماسية الثنائية وانما هي موازية لها ،بخالف الدبلوماسية
العلنية التي كانت بديالً عن الدبلوماسية السرية.
والفرق بين الدبلوماسية الثنائية والدبلوماسية متعددة األطراف ،يكمن في النقاط التالية(:)3
-أن الدبلوماسية الثنائية تتم بين الدول فقط ،بينما الدبلوماسية المتعددة األطراف تتم بين الدول والمنظمة
الدولية ودولة المقر ،أي أنها عالقة ثالثية.
-في الدبلوماسية الثنائية ال بد من موافقة كل دولة على البعثة الدبلوماسية ليتم االعتماد المتبادل بينهما،
بينما في دبلوماسية المنظمات الدولية (الدبلوماسية الجماعية) ال يوجد مثل هذا التقليد سواء بالنسبة
للموظفين الدوليين التابعين للمنظمة أو بالنسبة للبعثات الدبلوماسية المعتمدة لديها من قبل الدول ،أي أن
الدولة المستقبلة للبعثة ليس لها حق رفض أو قبول البعثة.
()1
تنص المادة ( )5/105من الميثاق على -5" :ليس ألي طرف في معاهدة أو اتفاق دولي لم يسجل وفقا للفقرة األولى من هذه المادة أن يتمسك بتلك
المعاهدة أو ذلك االتفاق أمام أي فرع من فروع األمم المتحدة" .أنظر :ميثاق األمم المتحدة والنظام األساسي لمحكمة العدل الدولية سنة ،1902منشورات
إدارة شؤون اإلعالم لألمم المتحدة ،5000 ،ص .02
()2
أنظر :ديلمي أمال ،التنظيم القانوني الدولي للعالقات الدبلوماسية( ،مذكرة ماجستير في القانون العام ،كلية الحقوق ،جامعة مولود معمري،)5015 ،
ص ص .12 ،10ومايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .02
()3
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص ص .15 ،11
08
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
-من حق الدولة في التمثيل الدبلوماسي الثنائي أن تعلن عدم رغبتها في أي مبعوث دبلوماسي أو تقوم
بطرده أو سحبه من عضوية البعثة ،بينما -نظرياً – ال يتم ذلك في عالقة الدولة مع المنظمة الدولية،
حيث ال تملك دولة المقر أو الدولة المضيفة حق طرد عضو من أعضاء البعثات الدبلوماسية المعتمدة
لدى المنظمة أو طلب سحبه إال من المنظمة نفسها.
-في الدبلوماسية الثنائية تطبق الدول مبدأ المعاملة بالمثل ،بينما ليس لهذا المبدأ أي دور في العالقة
غير المتكافئة بين الدولة والمنظمة الدولية ،والسبب أن الدولة صاحبة سيادة واقليم تستطيع القيام بكل ما
يتطلبه أمنها الوطني من إجراءات في مواجهة أجهزة المنظمة ،بينما ال تملك المنظمة سلطة فعلية للرد
بالمثل على ذلك.
ثالثا :من حيث الجهة القائمة بها (الدبلوماسية الرسمية والدبلوماسية الشعبية)
حسب معيار الجهة القائمة بالنشاط الدبلوماسي يمكن التمييز بين نوعين من الدبلوماسية هما:
الدبلوماسية الرسمية والدبلوماسية الشعبية ،فاألولى يقصد بها تلك التي يمارسها أشخاص القانون الدولي
كالدول والمنظمات الدولية الحكومية ،عن طريق األجهزة الدبلوماسية المعروفة ،أما الثانية فهي نمط
جديد من الدبلوماسية ظهر في الوقت الحاضر نتيجة التطور الحاصل في التركيبة العددية للفاعلين في
الساحة الدولية ،أين ظهرت المنظمات الدولية غير الحكومية التي ينشئها مجموعة من األفراد من دول
مختلفة بموجب اتفاقات خاصة ،لالضطالع بالقضايا الدولية المشتركة التي تمس األفراد مباشرة مثل
التنمية وحقوق اإلنسان وحماية البيئة.
وما يميز هذه المنظمات أنها لها قدرة فائقة في التأثير على الرأي العام لتوجيهه ولفت اهتمام
وسائل اإلعالم نحو القضايا الدولية المشتركة ،وبالتالي أصبحت تشكل قوة ضاغطة على المؤتمرات
الدولية الرسمية التي تنعقد لدراسة تلك القضايا .وقد كانت هذه المنظمات سبباً في إبرام العديد من
االتفاقيات التي تعالج القضايا البيئية.
رابع ا :من حيث الوسائل المستخدمة (دبلوماسية السلم ودبلوماسية الحرب)
من خالل هذا المعيار نميز بين نوعين من الدبلوماسية هما :دبلوماسية السلم ودبلوماسية الحرب
التي ظهرت بقوة في بداية القرن التاسع عشر إلى نهاية القرن العشرين أثناء فترة االستعمار التي
اجتاحت قارة آسيا وافريقيا ،فاألولى تقوم على التفاوض واإلقناع والتكافؤ بين األطراف المتفاوضة ،وهي
األصل ،بينما الثانية هي دبلوماسية عنف أو ما يسمى دبلوماسية السفن الحربية ،وتظهر من خالل لجوء
الدولة إلى وسائل الزجر واإلكراه بل والعنف ،بما في ذلك الحرب للوصول إلى تحقيق أغراضها ،وهذه
الوسائل يعتبرها البعض امتداداً للنشاط الدبلوماسي للدولة في ميدان آخر غير ميدان المفاوضات(.)1
()1
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .09
09
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
()1
سهيل حسين الفتالوي ،الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن ،5000 ،ص .100
()2
مشار إليها في :عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .02
42
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
()1
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .50
()2
أنظر :سعد حقي توفيق ،مبادئ العالقات الدولية ،ط ،2شركة العاتك لصناعة الكتاب ،القاهرة ،مصر 1001 ،هـ 5010/م ،ص .15
()3
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .51
40
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
الوسيلة األساسية لتنفيذ السياسة الخارجية وتحقيق أهدافها في أوقات السلم والحرب ،على اعتبار أن
العمل الدبلوماسي يبقى مستم اًر في أوقات السلم والحرب( ،)1وذلك بالرغم من أن الحرب تؤدي إلى قطع
العالقات الدبلوماسية المباشرة.
مما سبق يتضح أن السياسة الخارجية والدبلوماسية على ما بينهما من ترابط وتداخل في األهداف
واألداء ،إال أن ذلك ال يعني أنهما غير متمايزين ولكل منهما نطاقه ومحدداته ،فالسياسة الخارجية أوسع
نطاقاً من الدبلوماسية ،والدبلوماسية تشكل جزءاً من السياسة الخارجية ابتداء وانتهاء ،فهي أوالً تقوم
بتزويد صانعي السياسة الخارجية بالمعومات الضرورية التي تساعدهم على صناعة السياسة الخارجية،
وهي أخي اًر من تسهر على حسن تنفيذ السياسة الخارجية.
ثالثا :العالقات الدبلوماسية والعالقات القنصلية
رغم االختالف الموجود بين العالقات الدبلوماسية والعالقات القنصلية ،إال أن هناك من ال يميز
بينهما ،ولعل ذلك راجع لكون التمييز بينهما من الناحية العملية أمر في غاية الصعوبة ،بخالف التمييز
بينهما من الناحية النظرية الذي يبدو أم اًر في غاية الوضوح.
فمن الناحية النظرية العالقات القنصلية ينظمها القانون القنصلي الذي يضم مجموعة القواعد
القانونية الدولية المبينة للمركز القانوني للقناصل ومهامهم المتمثلة في رعاية مصالح رعايا دولهم
المقيمين في دول أخرى ،أما العالقات الدبلوماسية فينظمها القانون الدبلوماسي الذي يهتم بتنظيم
العالقات الدبلوماسية بين الدول بعضها ببعض أو بينها وبين المنظمات الدولية( .)2والفرق بين االثنين
واضح ،حيث طبيعة المصالح التي يرعاها القنصل تختلف عن تلك التي يرعاها الدبلوماسي ،فاألولى
هي مصالح خاصة تتعلق برعايا الدولة المقيمين بالخارج ،أما الثانية هي مصالح الدولة ذاتها أي أنها
مصالح عامة.
رابع ا :الدبلوماسية والقانون الدبلوماسي
إذا كانت الدبلوماسية تتمثل في األسلوب والطريقة التي تدار بها العالقات الدولية بين أشخاص
القانون الدولي باالعتماد على مهارتي المفاوضات واإلقناع ،فإن القانون الدبلوماسي يتمثل في مجموعة
المبادئ والقواعد الموجهة والمنظمة لتلك العالقات ،من حيث تنظيم االتصال الخارجي بين أشخاص
القانون الدولي ،وبيان وسائل تمثيل كل منهم لدى اآلخر.
44
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
المبحث الثالث
مصادر القانون الدبلوماسي والقنصلي
القانون الدبلوماسي والقنصلي هو مجموعة القواعد القانونية العامة والمجردة التي تنظم العالقات
الدبلوماسية والقنصلية بين أشخاص المجتمع الدولي (دول ومنظمات دولية) ،وتستمد هذه القواعد وجودها
من ذات المصادر التي يستمد منها القانون الدولي مصادره ،باعتبار القانون الدبلوماسي والقنصلي فرع
من فروع القانون الدولي .وتلك المصادر حددتها المادة ( )02من النظام األساسي لمحكمة العدل
الدولية ،وهي االتفاقيات الدولية ،األعراف والعادات الدولية المرعية ،مبادئ القانون العامة ،أحكام
المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين(.)1
لكن باعتبار الوظيفة الدبلوماسية والقنصلية من صميم الوظائف الداخلية الخاصة بكل دولة على
حدا ،فإن قواعد القانون الداخلي للدولة التي تعنى بتعيين الدبلوماسيين والقناصل وتحديد مهامهم تمثِّل
مصد اًر إضافياً بالنسبة للقانون الدبلوماسي والقنصلي( ،)2وبالتالي فإن هذا األخير ينفرد بهذا المصدر
اإلضافي عن القانون الدولي العام بالرغم من أن األول فرع من الثاني.
وانطالقاً من المادة ( )02المذكورة ،فإن بعض الفقه يقسِّم المصادر التي ذكرتها إلى مصادر
أصلية تتمثل في المعاهدات والعرف والمبادئ العامة للقانون ،ومصادر احتياطية أو استداللية تتمثل في
أحكام المحاكم والفقه الدولي( ،)3وهو ما سنوضحه في المطلبين المواليين.
المطلب األول :المصادر األصلية
تستمد قواعد القانون الدبلوماسي والقنصلي وجودها من مصادر دولية ذكرتها المادة ( )02من
النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية هي المعاهدات الدولية ،العرف الدولي ،المبادئ العامة للقانون،
مضاف إليها مصدر وطني يتمثل في القانون الداخلي الذي ينظم الوظيفة الدبلوماسية والقنصلية ،والذي
يجب أال يكون متعارضاً مع المصادر الدولية ،وفيما يلي بيان ذلك.
أولا :العرف الدولي
رغم أن المادة ( )02من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية ذكرت في تعدادها لمصادر القانون
الدولي المعاهدات الدولية قبل العرف الدولي ،إال أنه من الناحية التاريخية يعتبر العرف الدولي من أقدم
مصادر القانون الدولي العام ،وكذا قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية ،بل إن معظم القواعد التي
تضمنتها مختلف المعاهدات الدولية ما هي إال قواعد عرفية ثابتة ومستقرة في وجدان الجماعة الدولية
تكونت بمرور الوقت ،وما كان دور هذه المعاهدات إال كاشفاً لهذه القواعد العرفية وليس منشئاً لها(.)4
()1
أنظر :ميثاق األمم المتحدة والنظام األساسي لمحكمة العدل الدولية ،مرجع سابق ،ص ص .100 ،99
()2
محي الدين جمال ،قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية ،ط ،1منشورات بغدادي تعاونية التضامن ،الجزائر ،5010 ،ص .50
()3
محمد المجذوب ،القانون الدولي العام ،ط ،0منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان ،5002 ،ص .109
()4
منتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص .02
43
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
بالرجوع إلى المادة ( )02المذكورة نجدها أوردت تعريفاً مختص اًر للعرف الدولي في فقرتها األولى
(ب) بقولها" :العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون دل عليه تواتر االستعمال"( ،)1أما الفقه الدولي
فقد عرفه بأنه " :مجموعة من األحكام القانونية نشأت من تكرار التزام الدول بها في تصرفاتها مع غيرها
في حاالت معينة ،بوصفها قواعد تكتسب في اعتقاد غالبيتها وصف االلتزام القانوني"(.)2
واذا أسقطنا هذا التعريف على المجال الدبلوماسي فإن العرف الدبلوماسي هو" :مجموعة القواعد
والمبادئ المتعارف عليها في الحياة الدبلوماسية والعالقات القائمة بين الدول وممثليها الدبلوماسيين"(،)3
أو هو" :السلوك الذي تواترت الدول على العمل به على وجه االلزام بالنسبة لمجمل الموضوعات المتعلقة
بالتمثيل الدبلوماسي"(.)4
من خالل التعاريف السابقة يتضح أن العرف الدولي سواء في مجال القانون الدولي عموماً أو في
مجال القانون الدبلوماسي والقنصلي يتكون من ركنين أحدهما مادي واآلخر معنوي ،فأما المادي فيتمثل
في تكرار تصرف معين إزاء ذات الواقعة سواء أكان إيجابياً أم سلبياً من قبل أشخاص القانون الدولي،
والذي عبرت عنه المادة ( )02المذكورة بعبارة "تواتر االستعمال".
فالقاعدة العرفية إذن ال تكتسب قوتها اإللزامية إال إذا طبِّقت باستمرار واتصفت بالشمول وقامت
على أساس التبادل ،وال يقصد بذلك إجماع الدول على قبولها ،بل يكفي موافقة تلك التي طبقتها وعدم
اعتراض تلك التي لم تطبِّقها .فالتحكيم ،مثالً ،كان أسلوباً عارضاً لجأت إليه بعض الدول لتسوية
منازعاتها ،ولكن نجاحه وتك ارره وعدم احتجاج الدول األخرى على ممارسته ،ما لبث أن حوله إلى عرف
ثابت له قواعده وأصوله وأحكامه(.)5
كمل للركن المادي ،حيث ال يكفي تكرار العمل بالسابقة في الظروف
أما الركن المعنوي فهو م ِّ
المماثلة الكتسابها وصف القاعدة العرفية الملزمة ،بل يلزم أن يصدر هذا التكرار أو ذلك التواتر عن
اقتناع من الدول بأن إتيان ذلك السلوك إنما يفرضه واجب قانوني( ،)6وهو ما عبرت عنه المادة ()02
المذكورة بعبارة "العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون".
وعليه فإن الركن المعنوي للعرف يمكن تعريفه بأنه" :ذلك الشعور أو االعتقاد الموجود لدى
أشخاص القانون الدولي بضرورة اتباع قاعدة معينة على سبيل اإللزام القانوني ،وأن مخالفة ذلك يترتب
()1
أنظر :ميثاق األمم المتحدة والنظام األساسي لمحكمة العدل الدولية ،مرجع سابق ،ص .100
()2
حامد سلطان ،القانون الدولي العام وقت السلم ،ط ،0دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر ،1909 ،ص .02
()3
طارق حمو ،مرجع سابق ،ص .10
()4
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .102
()5
محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص .100
()6
أبو الخير أحمد عطية ،مرجع سابق ،ص .225
44
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
عليه توقيع الجزاء" ،وهذا الركن هو الذي يميِّز العرف الدولي عن قواعد المجاملة أو األخالق الدولية
التي تفتقر إلى وصف اإللزام القانوني(.)1
وبتوافر الركنين المادي والمعنوي يتشكل العرف الدولي بوعي وادراك من الدول ،وليس بإرادة فوق
إرادتها أو في غفلة منها ،وانما ينشأ بإرادة بعضهم تحقيقاً لمصالح الجماعة الدولية ،وأن عدم اعتراض
البعض اآلخر عليه ال يتم بشكل عفوي أو بدون وعي ،وانما بالرضا الضمني .وبالتالي فال بد من تولُّد
اإلحساس أو الشعور المتبادل باإللزام لدى المتعاملين بالعرف الدولي(.)2
ومن القواعد الدبلوماسية ذات النشأة العرفية قاعدة أن العالقات الدبلوماسية تنشأ بالرضا المتبادل
بين الدول ،أي أن التمثيل الدبلوماسي يقوم على مبدأ الرضائية بين الدولتين أو الدول المتبادلة
دبلوماسياً ،وهو ما قننته الحقاً اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة 1901في مادتها الثانية بقولها:
"تقام العالقات الدبلوماسية وتنشأ البعثات الدبلوماسية الدائمة بالرضى المتبادل"( .)4()3ومن القواعد العرفية
العرفية أيضاً تمتع أفراد السلك الدبلوماسي بالحصانة الالزمة ،وأن نشوء نزاع مسلح بين دولتين يعني
حكماً قطع العالقات الدبلوماسية بينهما ،أما قطع العالقات الدبلوماسية ال يعني أن نزاعاً مسلحاً قد نشأ
بينهما(.)5
واذا كان القانون الدبلوماسي التقليدي ولفترة قريبة قانون عرفي النشأة ،فإنه بعد توقيع اتفاقية فيينا
للعالقات الدبلوماسية سنة 1901تغير الوضع ،حيث أصبحت القواعد المكتوبة هي المصدر األساسي
للقانون الدبلوماسي ،وذلك بعد تقنين القواعد العرفية الموجودة في هذه االتفاقية ،ولكن هذا ال يعني أن
القواعد العرفية أصبحت ال أهمية لها ويمكن االستغناء عنها ،بل ما زالت ،حتى في ظل القواعد
المكتوبة ،صالحة للتطبيق أو االستدالل بها ألن أصل القانون الدبلوماسي هو العرف الدولي ،وهو ما
أكدت عليه اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية ذاتها في الفقرة الخامسة من ديباجتها بالقول" :واذ تؤكد
ضرورة استمرار قواعد القانون الدولي العرفي في تنظيم المسائل التي لم تنظمها صراحة أحكام هذه
االتفاقية".
()1
منتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص .00
()2
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .12
()3
ح ِّررت في فيينا وعرضت للتوقيع عليها بتاريخ 1901/00/12 :ودخلت حيز النفاذ بتاريخ 1900/00/50 :بعد ايداع الوثيقة الثانية والعشرين من وثائق
التصديق أو االنضمام كما تنص على ذلك المادة ( )21منها ،وقد بلغ عدد أطرافها إلى غاية فبراير 5012إلى 191دولة .أنظر :موقع ويكيبيديا على
الرابط ،https://ar.wikipedia.org :تاريخ الزيارة ،5019/10/02 :على الساعة.12:25 :
()4
انضمت الجزائر التفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية بموجب المرسوم رقم 20/00 :المورخ في ،1900/00/00 :الصادر بالجريدة الرسمية للجمهورية
الجزائرية الديمقراطية الشعبية عدد 59بتاريخ.1900/00/02 :
()5
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .19
45
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
وفي ظل االعتراف بمصدرية قواعد العرف الدولي جنباً إلى جنب مع القواعد المكتوبة المدونة في
عوضة للمعاهدات الدولية ،وتبرز أهميتها
كملة أو م ِّ
المعاهدات الدولية ،فإن قواعد العرف الدولي تصبح م ِّ
والحاجة إليها في المجال الدبلوماسي في الحاالت التالية:
-المسائل التي لم تنظم صراحة بقواعد مكتوبة في اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية واالتفاقيات األخرى
المرتبطة بها ،وهنا يسد العرف حالة الفراغ القانوني التي تركتها االتفاقيات ،ويلعب دور البديل عنها.
-عندما يكتنف القاعدة المكتوبة نوعاً من الغموض ،فهنا يتم الرجوع إلى العرف لتفسير القواعد التي تم
تقنينها باعتباره أصالً لها( ،)1وفي هذه الحالة ال يتمتع العرف إال بدور تفسيري ،وبالتالي يصبح مصد اًر
احتياطياً وليس أصلياً.
-يمكن أن يكون العرف مصد اًر للقواعد المستقبلية التي قد تنشأ في العالقات الدبلوماسية( ،)2وهنا يكون
للعرف دو اًر منشئاً للقواعد المكتوبة.
-يكون العرف الدولي مصد اًر أساسياً لقواعد التمثيل الدبلوماسي الدائم بالنسبة للدول غير األطراف في
اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة 1901م ،أو بين الدول األطراف وغير األطراف ،أو تلك التي
كانت طرفاً فيها وانسحبت منها( ،)3ذلك أن األصل في المعاهدات الدولية أنها ذات أثر نسبي فال تسري
أحكامها إال بين أطرافها(.)4
مما سبق نخلص إلى القول أنه إذا كان العرف الدولي يمتاز بالمرونة ويخضع دون معارضة
للمتغيرات الناتجة عن تطور حاجيات المجتمع الدولي ،إال أن نقطة الضعف فيه أن قواعده غير مستقرة
وتنطوي على غموض نسبي وغير محددة المعالم ،لذلك يتم اللجوء إلى تثبيت وتدوين القواعد العرفية في
المعاهدات الدولية ،التي تكون قواعدها أكثر دقة ووضوحاً.
ثانيا :المعاهدات الدولية
بحلول القرن 19وظهور حركة التقنين بدأ يتراجع دور العرف في تنظيم الحياة الدولية ،فاسحاً
المجال للمعاهدات الدولية أين بدأ موضوع العالقات الدولية يخضع لالشتراطات في المعاهدات
واالتفاقيات( ،)5وهو ما كرسته فعالً المادة ( )02من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية عندما جعلت
جعلت المعاهدات الدولية المصدر األساسي األول للقانون الدولي ومختلف فروعه ،التي من بينها القانون
الدبلوماسي والقنصلي.
()1
أحمد أبو الوفاء ،قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر ،5000 ،ص .10
()2
محسن أفكرين ،القانون الدولي العام ،ط ،1دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر ،5002 ،ص .022
()3
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص ص .109 ،102
()4
نصت على هذا األصل المادة ( )00من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1909م بقولها" :ال تنشئ المعاهدات التزامات أو حقوقاً للدولة الغير بدون
رضاها" .أنظر :اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات ،األمم المتحدة ،أعمال لجنة القانون الدولي ،ط ،0منشورات األمم المتحدة نييورك ،1922 ،ص .021
()5
ناظم عبد الواحد الجاسور ،أسس وقواعد العالقات الدبلوماسية والقنصلية -دليل عمل الدبلوماسي والبعثات الدبلوماسية ،-ط ،1دار مجدالوي للنشر
والتوزيع ،عمان ،األردن 1055 ،هـ 5001/م ،ص .01
46
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
وحسب الفقرة األولى (أ) من المادة ( )05من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات فإن المعاهدة الدولية
يقصد بها" :االتفاق الدولي المعقود بين الدول في صيغة مكتوبة والذي ينظِّمه القانون الدولي ،سواء
تضمنته وثيقة واحدة أو وثيقتان متصلتان أو أكثر ومهما كانت تسميته الخاصة".
ما يالحظ على هذا التعريف أنه جاء قاص اًر ألنه لم يستغرق االتفاقات التي تبرم بين الدول
والمنظمات الدولية ،لذلك جاء الفقه ليستدرك هذا النقص حيث عرف المعاهدة الدولية بأنها" :اتفاق
مكتوب بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي العام ،أياً كانت تسميته ،يتم إبرامه وفقاً
ألحكام القانون الدولي إلحداث آثار قانونية"( ،)1وهو ما نوهت به المادة ( )00من اتفاقية فيينا لقانون
المعاهدات ذاتها ،حين أشارت إلى أن نص المادة ( )05المشار إليه ال يؤثِّر على القوة القانونية
لالتفاقيات التي تبرم بين الدول واألشخاص األخرى للقانون الدولي.
والمعاهدات الدولية كما ذكرت المادة ( )02من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية هي على
نوعين عامة وخاصة ،أو كما يطلق عليها الفقه معاهدات شارعة ومعاهدات عقدية ،فالشارعة تكون
متعددة األطراف ألنها تبرم بين عدد معتبر من أشخاص القانون الدولي ،بهدف إنشاء قواعد عامة
ومجردة ،وبالتالي فهي تبقى مفتوحة لكل أشخاص القانون الدولي لالنضمام إليها حتى بعد إبرامها
ونفاذها ،أما المعاهدات العقدية أو الخاصة فهي التي تبرم بين شخصين أو عدد محدود من أشخاص
القانون الدولي ،بقصد تحقيق مصالح أو منافع خاصة بين هذه الدول ،وبالتالي فهي من المعاهدات
المغلقة التي ال تصلح ألن ينضم إليها أشخاص آخرون من أشخاص القانون الدولي.
ومهما يكن من أمر ،فإن هذه المعاهدات أو تلك وان كانت ت ُّ
عد مصد اًر أساسياً للقانون الدولي العام
بمختلف فروعه التي من بينها القانون الدبلوماسي والقنصلي ،ولكنها ليست على نفس القدر من األهمية،
فالمعاهدات الخاصة أو الثنائية في المجال الدبلوماسي والقنصلي تمتاز باألثر النسبي والمعالجة الجزئية
للوظيفة الدبلوماسية ،لذلك لم تكن لها أهمية ملحوظة في إنشاء القواعد العامة المتعلقة بالعالقات
الدبلوماسية ،بالرغم من أنها ساهمت في إقامة العالقات الدبلوماسية وتأسيس الوضع القانوني للبعثات،
وكذلك االمتيازات والحصانات الدبلوماسية وقاعدة المعاملة بالمثل( ،)2لذلك يمكن النظر إليها على أساس
أنها كانت مصد اًر للقواعد العرفية العامة التي تحكم العالقات الدبلوماسية في القانون الدولي ،وذلك بالقدر
الذي تعد فيه المعاهدات الثنائية مصد اًر للقواعد العرفية في القانون الدولي(.)3
أما المعاهدات الشارعة أو الجماعية في المجال الدبلوماسي والقتصلي ،وعلى ِقلتها ،إال أنها ت ُّ
عد
األكثر أهمية في ترسيخ القانون الدبلوماسي الذي أضحى بقواعده أساساً للعالقات الدبلوماسية ،ومن
()1
منتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص .00
()2
ناظم عبد الواحد الجاسور ،مرجع سابق ،ص .01
()3
عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص .112
47
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
االتفاقيات الدولية المتعددة األطراف ذات األهمية الكبيرة في العالقات الدبلوماسية نجد اتفاقية هافانا
المتعلقة بالموظفين الدبلوماسيين التي أبرمت بتاريخ 1952/05/50 :من قبل المؤتمر الدولي األمريكي
السادس( ،)1والتي عالجت النظام الدبلوماسي بشكل كامل ،حين تعرضت لرؤساء وأعضاء البعثة
الدبلوماسية وحددت واجباتهم وحصاناتهم وكيفية انتهاء مهامهم ،وتعتبر هذه االتفاقية ،رغم انحصارها في
مجال الدول األمريكية ،كبداية تقنين للقانون الدبلوماسي(.)2
ثم بعد ذلك أبرمت اتفاقيتي فيينا للعالقات الدبلوماسية والقنصلية كتتويج لجهود كبيرة ومضنية
للجنة القانون الدولي التابعة لألمم المتحدة سنتي 1901و 1900على التوالي ،واللتان تعتبران من
المعاهدات الدولية ذات الصبغة العالمية ،حيث قننتا معظم األعراف الدولية المعمول بها بين الدول في
العالقات الدبلوماسية والقنصلية ،واللتان ست ِّ
شكالن محور دراستنا في المحاضرات القادمة.
وما تجدر اإلشارة إليه أن مجلس جامعة الدول العربية قرر احتياطياً أن تتحفظ الدول العربية عند
قبول االتفاقية بأن هذا القبول ال يحوي بأي حال معنى االعتراف بإسرائيل ،وال يؤدي إلى دخول الدول
العربية معها في معامالت كما تنظِّمه هذه االتفاقية( ،)3وهو القرار الذي عمل به عدد معتبر من الدول
العربية ،حين أصدرت تحفظاً يقضي بأن الموافقة على هذه المعاهدة ال يعني اعترافاً بإسرائيل أو الدخول
معها في أي تعامالت تتطلبها المعاهدة(.)4
ثالث ا :المبادئ العامة للقانون
لقد نصت على هذا المصدر الفقرة األولى البند (ج) من المادة ( )02من النظام األساسي لمحكمة
ِّ
المتمدنة" ،مما يجعلها من المصادر العدل الدولية بقولها" :مبادئ القانون العامة التي أقرتها األمم
الرئيسية التي تحتل األولوية في الترتيب والتطبيق ،وحسب الرأي الغالب في الفقه الدولي فإن المبادئ
العامة للقانون يقصد بها المبادئ القانونية التي تستمد من األنظمة القانونية الداخلية والتي تعتبر مبادئ
مشتركة ومعترف بها من كافة األنظمة القانونية الرئيسية في العالم(.)5
ورغم أن الرأي الراجح في الفقه الدولي يذهب إلى أن المبادئ العامة للقانون هي من المصادر
األصلية للقانون الد ولي ،إال أنها تأتي في مرتبة دنيا من مراتب التدرج بين مصادر القانون الدولي العام،
مما يفيد عملياً أن القاضي ال يطبِّق تلك المبادئ على النزاع المعروض عليه إال حيثما ال يوجد اتفاق أو
عرف يمكن تطبيقه على وقائع النزاع(.)6
()1
ناظم عبد الواحد الجاسور ،مرجع سابق ،ص .00
()2
عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص .110
()3
المرجع نفسه ،ص .150
()4
من بين تلك الدول نجد :دولة البحرين والكويت وسلطنة عمان والسعودية واإلمارات العربية المتحدة .أنظر :عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق،
ص ص .150 ،151
()5
أبو الخير أحمد عطية ،مرجع سابق ،ص .292
( )6المرجع نفسه ،ص .001
48
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
ومن المبادئ العامة للقانون الناظمة للعالقات الدبلوماسية مبدأ المعاملة بالمثل؛ إذ تقوم العالقات
الدبلوماسية الحالية أساساً على مبدأ المعاملة بالمثل أو مبدأ التبادل ،بمعنى أن الدولة بإعمالها لمبدأ
المعاملة بالمثل يمكنها أن تمنح أو تزيد أو ت ِنقص من حجم االمتيازات والحصانات لممثلي الدولة
األخرى ،لكن هذا المبدأ أصبح من قواعد القانون الدبلوماسي المكتوبة بعدما قننته اتفاقية فيينا للعالقات
الدبلوماسية في مادتها ( )02بقولها -1" :ال يجوز للدولة المعتمد لديها التمييز بين الدول في تطبيق
أحكام هذه االتفاقية -5 .وال يعتبر ،مع ذلك أن هناك أي تمييز:
أ -اذ طبقت الدولة المعتمد لديها أحد أحكام هذه االتفاقية تطبيقاً ضيقاً بسبب تطبيقه الضيق على بعثتها
في الدولة المعتمدة.
ب -اذا تبادلت الدول بمقتضى العرف أو االتفاق معاملة أفضل مما تتطلبه أحكام هذه االتفاقية".
معنى هذا النص أنه يجب على الدول أن تتعامل بالمثل فيما يتعلق بمستوى التمثيل الدبلوماسي
وحجم البعثة الدبلوماسية ،أي تتماثل الدول في تبادلها الدبلوماسي من حيث عدد الدبلوماسيين ،وفئاتهم،
ووضعية رؤساء البعثات الدبلوماسية وترتيبهم ،وكيفية تسلُّم أوراق اعتمادهم ،وكذلك في مدى تمتعهم
بالحصانات واالمتيازات والدبلوماسية(.)1
ولكن المادة المذكورة أعاله استثنت من التمييز في المعاملة مقتضيات أو داعي المعاملة بالمثل
في حالتين هما:
-قيام الدولة المعتمدة لديها البعثة الدبلوماسية بالحد من المزايا التي تمنحها اتفاقية فيينا لسنة ،1901
إذا ما عوملت بعثتها لدى الدولة األخرى بذات المعاملة ،ومثال ذلك أنه إذا قامت الدولة المعتمدة لديها
البعثة الدبلوماسية األجنبية باالنتقاص من حصانات هذه البعثة وامتيازاتها ،فإنه يحق حينئذ للدولة
المعتمدة تطبيق ذات المعاملة على البعثة الدبلوماسية للدولة التي اتخذت مثل هذه اإلجراءات على
أراضيها.
-الحالة التي تستفيد فيها الدولتان المعتمدة والمعتمد لديها البعثة الدبلوماسية بشكل متبادل بمعاملة
أفضل مما تمنحه اتفاقية فيينا لسنة ،1901وذلك استناداً لعرف دولي أو اتفاق مشترك بينهما ،ومثالها
إذا كان العرف أو االتفاق المشترك يمنح حصانات وامتيازات للدبلوماسيين أفضل مما تمنحه اتفاقية
فيينا.
ومن الجدير بالذكر أن محكمة العدل الدولية أصدرت في 1920/02/50 :حكماً بشأن أهمية
الرجوع إلى مبادئ القانون الدولي التي تنظِّم العالقات الدبلوماسية والقنصلية ،والتي تتمثل في التزام
49
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
الدولة المعتمد لديها بضمان حرمة دار البعثة الدبلوماسية للدولة المعتمدة وحمايتها ،والتزام الدولة المعتمد
لديها بعدم جواز احتجاز الدبلوماسيين كرهائن(.)1
رابع ا :القوانين الوطنية
بالرغم من أن القوانين الوطنية تتصف بصفة باإلقليمية ألنها ال تطبق -كأصل عام -إال على
إقليم الدولة التي وضعتها وال تلتزم بأحكامها الدول األخرى ،إال أنها مع ذلك تلعب دو اًر مهماً في تنظيم
العالقات الدبلوماسية والقنصلية ،لذلك تحرص معظم دول العالم على أن تضع في تشريعاتها الوطنية
نصوصاً لتحديد كل ما يتعلق بتلك العالقات ،ومن أهم هذه النصوص نجد تلك المتعلقة بتحديد
الحصانات واالمتيازات التي يتمتع بها مبعوثو الدول األجنبية لديها(.)2
واذا كانت القوانين الوطنية تمثِّل مصد اًر مستقالً للقانون الدبلوماسي والقنصلي من جانب واحد ،إال
تمعن فيها يكتشف أنها في الغالب تكون كاشفة عن األعراف الدولية أو إعماالً لألحكام االتفاقية
أن الم ِّ
المقررة في االتفاقيات الدولية الدبلوماسية ،ألن هذه وتلك تمثِّل حداً أدنى ال يجوز النزول عنه من طرف
الدول عندما تصدر تشريعاتها الداخلية المنظمة للتمثيل الدبلوماسي ،أي أنه بإمكان التشريع الوطني أن
يمنح البعثات الدبلوماسية مرك اًز أكبر مما يمنحه لهم القانون الدولي ،ولكنه ال يجوز أن يمنحها مرك اًز
أدنى من ذلك المقرر لصالحها بمقتضى القانون الدولي(.)3
ومن بين القوانين الداخلية التي تمثِّل مصد اًر للقانون الدبلوماسي والقنصلي نذكر ما يلي:
-القوانين واألنظمة المتعلقة بالجمارك والضرائب واإلعفاءات الجمركية الخاصة باألجانب.
-القانون المتعلق بتنظيم و ازرة الخارجية وتحديد اختصاصاتها ،ويشمل هذا القانون تحديد البعثات
الدبلوماسية المعتمدة للدولة في الخارج وتشكيلها ،وشروط واجراءات التعيين فيها ،وواجبات المبعوث
الدبلوماسي ،والنظام التأديبي .ففي الجزائر مثالً نجد المرسوم الرئاسي رقم 500/19 :المؤرخ في:
5019/09/11الذي يتضمن تنظيم اإلدارة المركزية لو ازرة الخارجية ،والمرسوم الرئاسي رقم000/05 :
المؤرخ في 5005/11/50 :الذي يحدد صالحيات و ازرة الشؤون الخارجية ،والمرسوم الرئاسي رقم:
551/09المؤرخ في 5009/00/50 :المتضمن القانون األساسي الخاص باألعوان الدبلوماسيين
والقنصليين.
-قانون العقوبات واإلجراءات الجزائية ،الذي ينص على منح حصانات خاصة لرؤساء الدول وأعضاء
البعثات الدبلوماسية.
()1
أكدت المحكمة على هذه المبادئ بمناسبة فصلها في القضية المتعلقة بموظفي الواليات المتحدة الدبلوماسيين والقنصليين في طهران .أنظر :موجز
األحكام والفتاوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية ( ،)1991-1902منشورات األمم المتحدة ،1995 ،ص .100
()2
محسن أفكرين ،مرجع سابق ،ص .522
()3
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص ص .110 ،109
32
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
()1
عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص ص .22 ،20
()2
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .55
()3
طارق حمو ،مرجع سابق ،ص .12
30
الفصل ألاول :السياق التاريخي واملفاهيمي للقانون الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
-مشروع الفقيه بالنشيني :يعتبر أول مشروع قدمه فقيه سويسري األصل في كتابة القانون الدولي
الصادر سنة ،1202والذي يحتوي على 205مادة.
-مشروع الفقيه فيوريه :هذا المشروع قدمه فقيه ايطالي ،يتميز عن المشروع السابق بأنه حاول
التأصيل للجوانب النظرية للحصانات الدبلوماسية ،التي أسس لها باالستناد إلى نظرية امتداد اإلقليم.
-مشروع الفقيه ستروب :وهو فقيه ألماني وقد تميز مشروعه بتأصيل الحصانات الدبلوماسية باالستناد
إلى نظرية ضرورات الوظيفة ،والذي أخذت به لجنة الخبراء التي شكلتها عصبة األمم سنة .)1(1950
والى جانب هذه المشاريع والجهود الفردية للفقه ،هناك جهود جماعية يساهم بها الفقهاء في إطار
جمعيات وهيئات دولية ،تعقد المؤتمرات وتصدر المؤلفات ،نذكر منها على سبيل المثال معهد القانون
الدولي البلجيكي ،وجمعية القانون الدولي البريطانية ،والجمعية األمريكية للقانون الدولي ،ومجمع القانون
الدولي في الهاي ،وجمعية القانون الدولي المصرية(.)2
وعلى المستوى الرسمي نجد المشاريع التي تقدمت بها لجنة القانون الدولي التابعة لألمم المتحدة،
ومنها المشروع الذي أعدته في سنة 1922تنفيذاً لقرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم/222 :د2.
بتاريخ ،1925/15/02 :الذي عرض على مؤتمر األمم المتحدة للعالقات والحصانات الدبلوماسية
المنعقد في فيينا سنة ،1901والذي انتهت أعماله بإبرام اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة
.)3(1901
فال شك أن هذه الجهود الفقهية بكل أشكالها ستعين القاضي وترشده إلى مقاصد النصوص
وروحها ،بما تتضمنه من تعليقات وشروحات لما است ِ
شكل من نصوص المعاهدات والكشف عما أقرته
األعراف الدولية.
()1
علي حسين الشامي ،مرجع سابق ،ص .120
()2
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .50
()3
عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص .119
34
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
الفصل الثاني
التمثيل الدبلوماسي والقنصلي
لقد كشفت الممارسة الدولية المعاصرة عن صيغ وأشكال مختلفة للتمثيل الدبلوماسي ،فبعد أن كان
التمثيل الدبلوماسي الثنائي الذي يتم بين الدول من خالل أجهزتها الداخلية والخارجية هو األكثر شيوعاً،
أفرزت العالاقات الدولية المعاصرة صيغاً أخرى للتمثيل الدبلوماسي ،خاصة بعد ظهور المنظمات الدولية
وتعاظم دورها على الساحة الدولية ،أين ظهر للوجود ما ُيعرف بالتمثيل الدبلوماسي متعدد األطراف ،وهذا
بخالف التمثيل القنصلي الذي ظل ُمحافظاً على صبغته الثنائية.
وبعد استقرار العمل بتلك الصيغ المختلفة للتمثيل الدبلوماسي والقنصلي في األعراف الدولية،
اجتهدت المجموعة الدولية من خالل منظمة األمم المتحدة في تدوين تلك القواعد الناظمة لمختلف أشكال
التمثيل الدبلوماسي والقنصلي ،فوضعت اتفااقية فيينا للعالاقات الدبلوماسية لسنة 1691بغية تنظيم
التمثيل الدبلوماسي الثنائي الدائم ،واتفااقية فيينا للعالاقات القنصلية لسنة 1691المنظمة لقواعد تبادل
التمثيل القنصلي الثنائي بين الدول ،ثم اقامت بوضع اتفااقية البعثات الخاصة لسنة 1696لتنظيم عمل
البعثات الدبلوماسية الخاصة والمؤاقتة ،وأخي اًر أبرمت اتفااقية تمثيل الدول في عالاقاتها لدى المنظمات
ِّ
المتعددة األطراف. الدولية ذات الطابع العالمي لسنة ،1691لتنظيم اقواعد الدبلوماسية
ومهما اختلفت أشكال التمثيل الدبلوماسي والقنصلي ،فإن العامل المشترك بينها هو وجود أجهزة
محددة لتجسيد تبادل هذا التمثيل على أرض الوااقع ،وهو تابعة للدولة تُشرف على إدارتها ،تخضع لقواعد َّ
ما سنوضحه في مبحثين ،ندرس في األول أجهزة الدولة المكلفة بإدارة العالاقات الدبلوماسية والقنصلية،
ونتناول في الثاني اقواعد تبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي.
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
المبحث األول
األهجزة المللف بدداة اللقااا الدبلوماسي والقنصلي
إن تمتع الدولة والمنظمات الدولية بالشخصية القانونية يعني أنهما يتوافران على اإلرادة القانونية
ويعبِّر عن تلك اإلرادة
مكنهما من التعبير عن نفسهما ومباشرة اختصاصهما على المستوى الدوليُ ، التي تُ ِّ
في مجال القانون الدولي وفي عالاقتهما الخارجية مع بااقي أشخاص القانون الدولي ،أشخاص طبيعيون
ُي ِّ
شكلون أجهزة تنص عليها وتُ ِّ
حدد اختصاصاتها القوانين والتشريعات الداخلية لكل منهما.
واألجهزة التي تسهر على تطبيق اقانون العالاقات الدبلوماسية والقتصلية هي على نوعين :أجهزة
مركزية داخلية فتتولى إدارة العالاقات الدبلوماسية والقنصلية غالباً من داخل الدولة (المطلب األول)،
وأخرى ال مركزية خارجية تتولى مباشرة تلك العالاقات من خارج الدولة (المطلب الثاني).
المطلب األول :األهجزة الداخلي المسؤول عن مباشة اللقااا الدبلوماسي والقنصلي
تُ ِّ
حدد القوانين الداخلية لكل دولة األشخاص الذين لهم الحق في التعبير عن إرادتها وادارة عالاقاتها
الخارجية من الداخل مع سائر أشخاص القانون الدولي ،وهم في العادة رئيس الدولة (الفرع األول)،
ووزير الخارجية (الفرع الثاني).
الفةع األول :ةئيس الدول
ُيطلق رئيس الدولة عادة على أعلى شخصية في هرم السلطة التنفيذية في الدولة مهما كانت
حددها دستور كل دولة على حدا وال شأن التسمية أو اللقب الذي ُيعطى له ،فهذه التسميات واأللقاب ُي ِّ
للقانون الدولي بها؛ إذ كل ما يهم هذا األخير هو وجود رئيس للدولة يباشر اختصاصاته على مستوى
العالاقات الخارجية( .)1كما ال يهتم القانون الدولي كثي اًر بطبيعة الجهاز الداخلي في الدولة الذي ُيشرف
على إدارة الشؤون الخارجية ،سواء تمثَّل في رئيس الدولة كما هو سائد في األنظمة الرئاسية أو في رئيس
الحكومة كما عليه الحال في األنظمة البرلمانية(.)2
وغني عن البيان أن الدول اقبل أن تتبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي يجب أن يحصل اعتراف
متبادل بينها كدول وبرئيس الدولة ،حيث القاعدة المعروفة في هذا المجال أنه كلما تولى الحكم في الدولة
رئيس جديد وجب عليها إخطار الدول األجنبية رسمياً بذلك ،بغض النظر عن الكيفية التي وصل بها
رئيس الدولة للسلطة ،ويتضمن اإلخطار الوعد باستمرار العالاقات الودية وحسن المعاملة بين الطرفين
وفقاً لما كان جارياً من اقبل ،مع إظهار الرغبة في أن تتخذ الدولة المرسل لها اإلخطار مواقفاً مماثالً.
()1
عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص .111
()2
أنظر في هذا المعنى :منتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص ص .86 ،84
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
وال ُيشترط أن يكون االعتراف برئيس الدولة أو نظام الحكم الجديد في شكل معين أو أن يكون
صريحاً ،بل أن الصورة الغالبة لهذا االعتراف هو أن تقوم الدول األجنبية المعتمدة بعثتها الدبلوماسية
لدى الدولة التي تغير رئيسها أو نظام الحكم فيها بتقديم أوراق اعتماد جديدة إلى رئيس الدولة الجديد(.)1
وحسب القوانين الداخلية لمختلف الدول (الدساتير) فإن رئيس الدولة يتمتع بجملة من الصالحيات
في مجال العالاقات الخارجية (أوالً) ،كما يتمتع بجملة من الحصانات واالمتيازات التي تُ ِّ
مكنه من القيام
بالوظائف المنوطة به على أحسن وجه (ثانياً).
أولا :اختصاصا ةئيس الدول في مهجال اللقااا الخاةهجي
في السابق كان رؤساء الدول يتمتعون بصالحيات مطلقة في إدارة الشؤون الداخلية والخارجية على
تغير ،أين أصبحت دساتير الدول هي التي تُ ِّ
حدد حد سواء ،إال أن الوضع في الواقت الحاضر اقد َّ
صالحيات رئيس الدولة ،بل وفي كثير من األحيان أصبحت الدساتير تُلزم رئيس الدولة بالرجوع إلى
السلطة التشريعية في بالده ألخذ رأيها في األمور التي تتعلق بالسياسة الخارجية(.)2
ومهما يكن من أمر فإن تلك الدساتير تكاد تتفق على أن رئيس الدولة ُي ُّ
عد الجهاز األعلى للدولة
الذي يشرف على إدارة شؤونها الداخلية والخارجية ،فبغض النظر عن النظام الدستوري للدولة ،بقي رئيس
ِّ
متعددة في ميدان العالاقات الدولية ،فهو الذي يوفد البعثات الدبلوماسية الدولة يتمتع بصالحيات
والقنصلية ،ويستقبل ويعتمد بعثات الدول األجنبية الموفدة إلى دولته ،ويقوم بإبرام المعاهدات واالتفااقيات
قرر اقطع العالاقات والتعاون السياسي
وي ِّ
الدولية ،وُيعلن عن إاقامة عالاقات دبلوماسية مع الدول الجديدةُ ،
واالاقتصادي والثقافي( ،)3كما يتمتع بسلطة إعالن الحرب وعقد معاهدات الصلح ،وحضور المؤتمرات
الدولية وتبادل الزيارات الرسمية(.)4
وفي الجزائر مثالً يضطلع رئيس الجمهورية بتقرير السياسة الخارجية لألمة وتوجيهها ،وابرام
المعاهدات الدولية والمصاداقة عليها ،وتسليم أوسمة الدولة ونياشينها وشهاداتها التشريفية ،كما ُيعيِّن
وينهي مهامهم ،ويتسلَّم أوراق اعتماد الممثلين سفراء الجمهورية والمبعوثين فوق العادة إلى الخارجُ ،
الدبلوماسيين األجانب وأوراق إنهاء مهامهم ،كما يتمتع بسلطة إعالن الحرب بعد اجتماع مجلس الوزراء
واالستماع إلى المجلس األعلى لألمن ،وهو الذي ُيواقِّع اتفااقيات الهدنة ومعاهدات السلم(.)5
()1
زناتي مصطفى ،مرجع سابق ،ص ص .19 ،11
()2
عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص .118
()3
الخاةهجي -التمثيل الخارجي والمعاهدات ( ،-مذكرة ماجستير في القانون الدولي العام ،كلية الحقوق ،جامعة وليد عمران ،الوسائل المنظم لللقااا
اقسنطينة ،)1118/1111 ،1ص .19
()4
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .96
()5
أنظر :المادة ( )11 ،16 ،11/61والمادة ( )11/61والمادة ( )1/116والمادة ( )111من القانون راقم 11/19 :مؤرخ في ،1119/11/19 :يتضمن
التعديل الدستوري ،الصادر بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،عدد ،18بتاريخ ،1119/11/19 :ص ص .11-19
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
وحتى تُنتج الصالحيات الدستورية لرئيس الدولة أثرها في ميدان العالاقات الدولية ،فإن القانون
الدولي العام يعترف بالصفة التمثيلية لرؤساء الدول في العالاقات الخارجية كلها ،بغض النظر عن طبيعة
الجهاز أو السلطة التي تباشرها ،وهو ما َّ
أكدت عليه المادة ( )19من اتفااقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة
،1696التي اقضت بأن رؤساء الدول ُيعتبرون ممثلين لدولهم بحكم وظائفهم دون الحاجة إلى تقديم
وثائق تفويض فيما يتعلق بجميع األعمال الخاصة بإبرام المعاهدات الدولية.
ثانيا :حصانا وامتيا اة ةئيس الدول
أاقر العرف الدولي مجموعة من الحصانات واالمتيازات لرؤساء الدول عند تواجدهم في إاقليم أية
َّ
دولة أجنبية باعتبارهم رمز لسيادة دولهم في مواجهة الدول األخرى ،وهذه االمتيازات منها ما يستند إلى
مجرد المجاملة الدولية كاإلعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية وما شابه ذلك ،ومنها ما هو نتيجة
اقانونية لما تتمتع به الدولة من سيادة وسلطان ُيفضيان إلى عدم خضوع رئيسها لسلطان الدولة األجنبية
التي يتواجد على إاقليمها( .)1ومن أهم الحصانات واالمتيازات التي استقر عليها العرف الدولي ما يلي(:)2
لمرسيم خاصة تنطوي على اإلجالل واالحت ارم.
-وجوب استقبال رئيس الدولة وفقا ا
-حماية شخصه حماية خاصة ،ومعااقبة كل من تسبب له في اعتداء عقوبة مشددة.
إعفاء كامالً.
ً -عدم التعرض لشخصه ،وذلك بإعفائه من الخضوع للقضاء اإلاقليمي المدني والجنائي
ويشتمل اإلعفاء من القضاء اإلاقليمي (الجنائي والمدني) حاشية الرئيس وأفراد أسرته وما يحملون
من أموال منقولة ،أما األموال العقارية التي لرئيس الدولة في غير دولته فاألصل خضوعها للقضاء
اإلاقليمي إال إذا كان ُمقيماً بها .وهو ما ُيعرف بحرمة المسكن الذي ُيقيم به الرئيس ،وهو ما يفرض على
سلطات الدولة عدم دخوله أو اتخاذ أي إجراء فيه إال بعد استئذانه أو بطلب منه( ،)3وهذا بطبيعة الحال
في غير حاالت الضرورة التي اقد تتيح ااقتحام الدار إلنقاذ حياة من فيها من خطر جسيم ُي ِّ
هددهم كحريق
أو انهيار أو جريمة على وشك الواقوع.
وفي مقابل هذه الحصانات واالمتيازات الممنوحة له يتوجب على رئيس الدولة أن يحترم القوانين
واألنظمة والتقاليد المتعارف عليها في الدولة المضيفة ،وأن ال يقوم بأي عمل من شأنه اإلساءة إليها،
وان فعل فال تملك الدولة المضيفة إال تكليفه بمغاردة إاقليمها(.)4
()1
وليد عمران ،مرجع سابق ،ص .16
()2
المرجع نفسه ،الصفحة نفسها.
()3
سهيل حسين الفتالوي ،الدبلوماسية اإلسالمية ،مرجع سابق ،ص .111
()4
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .41
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
عد ضرورية للحفاظويرى السيد "رومان كولودكين" بأن هذه الحصانات الممنوحة لرؤساء الدول تُ ُّ
على استقرار العالاقات بين الدول( ،)1وأن الغاية منها تكمن في تسهيل زيارة رئيس الدولة للدول األخرى
وفي احترام سيادة دولته واستقاللها.
قررة لغاية معينة ،فإنه ال ينبغي استغاللها الرتكاب جرائم
واذا كانت هذه االمتيازات والحصانات ُم َّ
فظيعة كجرائم اإلبادة الجماعية وجرائم الحرب والعدوان والجرائم ضد اإلنسانية ،التي تُعتبر من الجرائم
المحرمة بموجب المواثيق والنظم األساسية للمحاكم الجنائية الدولية الخاصة (كنورمبورغ وطوكيو
َّ الدولية
ويوغسالفيا ورواندا) والنظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية(.)2
ويشار في األخير إلى أنه إذا كانت هذه الحصانات واالمتيازات ذات منشأ عرفي ،إال أنه تم تدوين
ُ
أغلبها الحقاً في االتفااقيات ذات الصلة بالعالاقات الدبلوماسية والقنصلية ،كما ُنشير إلى أن هذه
الحصانات واالمتيازات مرتبطة بالصفة الرسمية لشخص رئيس الدولة ،ومن ثم فهي تبقى ما بقيت هذه
الصفة وتزول بزوالها.
الفةع الثاني :وةية الخاةهجي
ذكرنا فيما سبق أن رئيس الدولة هو الممثل األعلى لدولته في عالاقاتها الخارجية ،ولكن يوجد إلى
جانبه شخص آخر يساعده في تسيير الشؤون الخارجية ويعمل تحت رئاسته وهو وزير الخارجية .حيث
رئيس الدولة ال َّ
يتمكن بمفرده ،من الناحية العملية ،من تصريف وتسيير كافة الشؤون الخارجية لدولته،
فكان ال بد من وجود شخص آخر يساعده في تصريف هذه الشؤون.
ولما كان وزير الخارجية هو الذي ُيعبِّر عن إرادة دولته في الشؤون الخارجية نيابة عن رئيس
وي ِّقيدانها على المستوى الدولي ،وهو ما اقضت به
الدولة ،فإن نشاطه وتصريحاته ُينسبان إلى دولته ُ
المحكمة الدائمة للعدل الدولي في حكمها الصادر في اقضية جزيرة "جريالند" بين النرويج والدانمارك في:
اقررت بأن تصريح وزير خارجية النرويج ُي ِّقيد هذه الدولة ألنه صدر من
11أفريل سنة ،1611حيث َّ
عضو له حق التعبير عن إرادتها( .)3وهو الحكم الذي أخذت به الحقاً المادة ( )19من اتفااقية فيينا
لقانون المعاهدات لسنة ،1696من أن وزراء الخارجية هم في موضع مماثل لرؤساء الدول والحكومات
فيما يتعلق بإبرام المعاهدات والزامهم بها.
()1
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .18
()2
أاقر مبدأ عدم االعتداد بالصفة الرسمية لرؤساء الدول والحكومات وغيرهم من المسؤولين السامين في
فالنظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية مثالً َّ
الدولة .أنظر :المادة ( )19من نظام روما الموَّاقع في 1664/19/19 :والذي دخل حيز النفاذ في.1111/11919 :
()3
يعود سبب هذا النزاع إلى أن وزير خارجية النرويج سبق له التصريح كتابة لممثل دولة الدانمارك بأن دولته تعترف بسيادة الدانمارك على جزيرة
"جريالند" ،ثم عدلت النرويج بعد ذلك عن هذا المواقف ،فعرض النزاع على المحكمة الدائمة للعدل الدولي .أنظر :أبو الخير أحمد عطية ،مرجع سابق ،ص
ص .911 ،911ومنتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص .11
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
وفيما يلي نستعرض اختصاصات وزير الخارجية في مجال العالاقات الخارجية (أوالً) ،وأهم
الحصانات واالمتيازات التي يتمتع بها (ثانياً).
أولا :اختصاصا وةية الخاةهجي في مهجال اللقااا الخاةهجي
تتميز الوظائف والمهام الموكلة إلى وزير الخارجية بمظهرين داخلي وخارجي ،فعلى المستوى
الداخلي يمارس السلطات الممنوحة له لمتابعة أعمال و ازرته ،وتعيين الموظفين فيها وتأديبهم واقبول
استقالتهم ،كما يعمل على تنسيق أنشطة البعثات الدبلوماسية لدولته المعتمدة في الخارج ،والمساهمة في
صنع السياسة الخارجية لدولته وتنفيذها بصفته أحد أعضاء حكومتها .أما على الصعيد الدولي فهو الذي
ُيدير جهاز العالاقات الخارجية لدولته ،فعن طريقه تتم المراسالت الدبلوماسية ،ويقوم باستقبال المبعوثين
الدبلوماسيين األجانب للتباحث والتشاور معهم ،واجراء المفاوضات والمشاركة في المؤتمرات الدولية
واالجتماعات الدورية للمنظمات التي تكون دولته عضواً فيها.
عد مسألة المهام والصالحيات التي يتمتع بها وزير الخارجية من الشؤون الداخلية لكل دولة،وتُ ُّ
فالقوانين واألنظمة الداخلية لكل دولة هي التي تُحدد مختلف االختصاصات الموكلة لوزير الخارجية،
لذلك فهي تختلف في مداها ضيقاً واتساعاً حسب طبيعة النظام الدستوري لكل دولة ،إال أنه يمكن القول
أن الوظائف الرئيسية التي يضطلع بها وزير الخارجية والتي تمثِّل اقاسم مشترك بين معظم دول العالم
تتمثل في(:)2()1
-استقبال المبعوثين الدبلوماسيين األجانب وتقديمهم إلى رئيس الدولة.
-التفاوض مع المبعوثين الدبلوماسيين األجانب والرد على مذكراتهم وطلباتهم ،كما يسهر على تسهيل
أدائهم لوظائفهم ،وكذا حمايتهم في إطار الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية.
-تمثيل دولته في المؤتمرات الدولية ،ولدى المنظمات الدولية واإلاقليمية التي تكون دولته عضواً فيها.
-إجراء المفاوضات بشأن المعاهدات الدولية ،والعمل على حسن تنفيذ المعاهدات التي تم إبرامها مع
الدول األخرى.
-العمل عى حماية مصالح دولته بأبعادها المختلفة السياسية واالاقتصادية والتجارية والثقافية لدى الدول
األخرى ،كما يعمل على تقوية العالاقات الودية معها واستالم المراسالت منها.
-ااقتراح تعيين المبعوثين الدبلوماسيين والقنصليين التابعين لدولته لدى الدول األخرى ،وكذلك اإلشراف
على حركة التعيينات والتنقالت في السلك الدبلوماسي.
()1
أنظر في ذلك :عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص ص .41 ،48وعبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص ص
.181 ،188
ففي الجزائر مثالً صالحيات و ازرة الشؤون الخارجية َّ
محددة في المرسوم الرئاسي راقم 116/61 :مؤرخ في 1661/11/11 :المحدد لصالحيات وزير ()2
الشؤون الخارجية .وكذا المرسوم الرئاسي راقم 811/11 :مؤرخ في 1111/11/19 :المحدد لصالحيات و ازرة الشؤون الخارجية.
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
-استقبال الوفود والشخصيات األجنبية التي تزور بالده ،وكذا التحضير للمؤتمرات المختلفة التي تعقد
في بالده.
-اإلشراف على إعداد وتحرير كافة الوثائق الرسمية الخاصة بدولته بشأن عالاقاتها الدولية ،كما يقوم
بالرد على كافة المكاتبات الرسمية اآلتية من الدول األجنبية أو هيئات أو منظمات دولية.
ثاني ا :حصانا وامتيا اة وةية الخاةهجي
أشرنا فيما سبق أن وزير الخارجية يمارس صالحياته على مستوى العالاقات الدولية بصفته نائباً
عن رئيس دولته في تمثيلها خارجياً ،لذلك فهو يتمتع بذات المركز القانوني المقرر لرئيس الدولة فيما
يتعلق بنظام الحصانات واالمتيازات خالل وجوده في بلد أجنبي في مهمة أو زيارة رسمية ،أما إذا كان
وجوده في البلد األجنبي بصفة شخصية كأن يكون مثالً في إجازة أو عطلة لغرض العالج أو السياحة،
فال يستفيد من الحصانات واالمتيازات وال يكون له حق المطالبة بها النتفاء مبرراتها ،وذلك عكس الحال
بالنسبة لرئيس الدولة الذي اقد يوجد في بلد أجنبي في مهمة غير رسمية فإنه يبقى يستفيد من تلك
الحصانات واالمتيازات( ،)1ألنه رمز سيادة دولته.
ويذكر أن اتفااقية فيينا للبعثات الخاصة لسنة 1696في مادتها ( )1/11نصت على أن رئيس ُ
الحكومة ووزير الخارجية واألشخاص اآلخرين من المرتبة العليا عندما يكونون في بعثة خاصة لتمثيل
دولتهم ،فإنهم يتمتعون في الدولة المستقبلة أو الدولة الثالثة ،باإلضافة إلى ما ضمنته هذه االتفااقية
أاقرها القانون الدولي(.)2
بالتسهيالت واالمتيازات والحصانات التي َّ
واذا كانت رئاسة الدولة وو ازرة الخارجية هما الجهازان الداخليان اللذان يسهران على إدارة العالاقات
الدولية ،فإن هناك أجهزة أخرى في الخارج تابعة للدولة تشرف على إدارة الشؤون الخارجية من السفارات
والقنصليات المعتمدة لدى الدول األجنبية.
المطلب الثاني :األهجزة الخاةهجي المللف بدداة اللقااا الدبلوماسي والقنصلي
تُعتبر البعثات الدبلوماسية والقنصلية بمثابة همزة الوصل بين مختلف الدول ،ويتجلى ذلك من
خالل ممارسة هذه األخيرة لحق التمثيل الدبلوماسي الذي يشمل إرسال واستقبال المبعوثين الدبلوماسيين؛
إذ تُ ُّ
عد هذه البعثات أحد األجهزة الرئيسية التابعة للدولة ،والتي تُدير عالاقاتها الدولية من الخارج انطالاقاً
من السفارات والقنصليات المعتمدة لدى الدول األجنبية.
الفةع األول :البلثا الدبلوماسي
تتواصل الدولة مع بااقي أشخاص القانون الدولي بواسطة بعثات دبلوماسية ترعى مصالحها
وعالاقاتها الخارجية ،من خالل ايفاد بعثاتها إلى الدول (أوالً) ،والمنظمات الدولية (ثانياً).
()1
عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص .186ومنتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص .11ومحي الدين جمال ،مرجع سابق ،ص .11
()2
ُمشار إليها في :عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص .186
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
()1
عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص .198
()2
المرجع نفسه ،الصفحة نفسها .وطارق حمو ،مرجع سابق ،ص .11
34
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
(الفرانكوفونية) المرتبطة بفرنسا ،حيث يرأس المفوضية مفوض ٍ
سام يتمتع بامتيازات السفير وصالحياته،
قدم كتاب اعتماد طالما أن دولته عضو في تلك الجماعة(.)1 ويختلف عن السفير العادي بأنه ال ُي ِّ
واذا كان التعامل الدولي شهد هذه األشكال من البعثات الدبلوماسية ،فإن اتفااقية فيينا للعالاقات
الدبلوماسية أحدثت عليها نوعاً من التعديل حيث أبقت على السفارات والمفوضيات العادية ،وأحدثت
وظيفة القائمين باألعمال ،وهو ما تناولته المادة ( )18منها حين رتَّبت رؤساء البعثات الدبلوماسية في
ثالث مراتب كاآلتي(:)2
-مرتبة السفراء ومندوبي البابا من درجة اقاصد الرسول المعتمدين لدى رؤساء الدول ،وكذا رؤساء
ويطلق على البعثة التي يرئسها سفير اسم سفارة.
البعثات اآلخرون ذوو الرتبة المماثلةُ ،
-مرتبة المبعوثين والوزراء المفوضين ومندوبي البابا من درجة اقاصد رسولي المعتمدين لدى رؤساء
الدول كما يعتمدون لدى رؤساء الحكومات ،وهم في المرتبة التالية للسفراء ،وتسمى البعثة التي يرأسها
أحد هؤالء مفوضية.
-مرتبة القائمين باألعمال المعتمدين لدى وزراء الخارجية ،وهم يأتون في درجة متأخرة فيما يتعلق
بالمراسيم والصدارة.
الدبلوماسي الخاص :تعتبر البعثات الدبلوماسية الخاصة هي األصل التاريخي للبعثات -2البلثا
الدائمة ،لكنها عادت للظهور من جديد بعد الحرب العالمية الثانية ،بسبب تشابك العالاقات الدولية
وتعقُّدها وارتباطها بالمشكالت االاقتصادية والسياسية التي تستدعي السعي إلى وجود حلول سريعة
وعاجلة ،أو اقد تكون من أجل القيام بمهام ال يكون مرغوباً القيام بها من خالل الدبلوماسية الدائمة ،أو
ألن الموضوع الذي ستتولى البعثة الخاصة معالجته يتطلب الشروع في مفاوضات بين أشخاص رسميين
من مستوى رفيع ليس متواف اًر في مبعوثي وموظفي البعثات الدبلوماسية الدائمة(.)3
واقد تم تنظيم البعثات الدبلوماسية الخاصة بموجب اتفااقية البعثات الخاصة لسنة ،1696التي
عرفت البعثات الخاصة في الفقرة (أ) من مادتها األولى بما ُيفيد بأنها" :بعثة مؤاقتة تمثل الدولة وتوفدها
َّ
دولة ما إلى دولة أخرى بموافقة هذه األخيرة لتعالج معها مسائل محددة أو لتؤدي لديها مهمة محددة"(.)4
والفئات أو الوفود التي تدخل في مفهوم البعثات الخاصة بمقتضى اتفااقية البعثات الخاصة لسنة
1696هي على سبيل المثال ال الحصر(:)5
()1
طارق حمو ،مرجع سابق ،ص .11
()2
أنظر :المادة ( )18من اتفااقية فيينا للعالاقات الدبلوماسية لسنة .1691
()3
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .41
( )4أنظر :المادة األولى فقرة (أ) من اتفاقية البعثات الخاصة لسنة .4333
()5
الخاص في ضوء القانون الدولي الملاصة( ،مذكرة ماجستير في القانون الدولي والعالاقات الدولية ،كلية حرشاوي عالن ،النظام القانوني للبلثا
الحقوق ،جامعة الجزائر ،)1111/1118 ،ص ص .16 ،14
34
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
-زيارات رؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية للدول األخرى لغرض التباحث مع نظرائهم.
-مؤتمرات القمة التي تجمع رؤساء الدول ،التي يتم التباحث فيها في القضايا ذات االهتمام المشترك.
-السفراء المتجولون أو المندوبون الشخصيون لرؤساء الدول الموفدون بمهمة خاصة.
-السفراء أو الوفود المرسلة لوضع أسس مختلف المعاهدات السياسية أو االاقتصادية.
-الوفود المكلفة بتمثيل الدولة لدى دولة أخرى في احتفاالتها الرسمية كذكرى االستقالل ،أو مراسم تشييع
جنائز رؤسائها والشخصيات السامية فيها.
-الوفود الثقافية أو التجارية أو الفنية المكلفة بمهمة مؤاقتة ،كحضور أسبوع ثقافي أو حضور افتتاح
معرض دولي....إلخ.
ثاني ا :بلثا دبلوماسي لدى المنظما الدولي
مع تزايد المنظمات الدولية وأهميتها في الحياة الدولية كان ال بد من إيجاد تنظيم دولي يحكم اقواعد
تمثيل الدول في عالاقتها بالمنظمات الدولية ،واقد نجحت منظمة األمم المتحدة في عقد مؤتمر دولي في
فيينا نتج عنه ابرام اتفااقية تمثيل الدول في عالاقاتها بالمنظمات الدولية ،وهذا في 18 :مارس ،1691
وهذا النوع من التمثيل يشمل ثالث أطراف :دولة مرسلة ،ودولة مضيفة توجد على إاقليمها المنظمة ،وهذه
األخيرة التي تستقبل البعثة أو وفد الدولة المرسلة.
وتتميز البعثات الدبلوماسية الدائمة للدول لدى المنظمات الدولية عن بعثاتها الدائمة لدى الدول
بعدة مميزات تعود للطبيعة الخاصة للمنظمات الدولية ،منها أن البعثات الدبلوماسية بين الدول تعكس
عالاقة ثنائية بين دولتين هي الدولة الموفدة والدولة المستقبلة ،بينما البعثات الدبلوماسية لدى المنظمات
الدولية تتكون من عالاقة ثالثية األبعاد ،هي الدولة الموفدة والمنظمة المستقبلة ودولة المقر التي تأوي
المنظمة( .)1كما أن دبلوماسية المنظمات الدولية هي دبلوماسية مؤسسية وليست عالئقية ،فهي تمارس
في نهاية المطاف لمصلحة جهاز مؤسسي منفصل عن شخصية الدول األعضاء في المنظمة الدولية(.)2
واألساس القانوني للتمثيل الدبلوماسي للدول لدى المنظمات الدولية هو المادة ( )11من اتفااقية
فيينا لتمثيل الدول في عالاقاتها مع المنظمات الدولية العالمية لسنة ،1691التي نصت على:
" -1يمكن للدول األعضاء ،إذا سمحت اقواعد المنظمة ،بإنشاء بعثات دائمة للقيام بالمهام المشار إليها
بالمادة .9
-1يمكن للدول غير األعضاء ،إذا سمحت اقواعد المنظمة ،بإنشاء بعثات المالحظة الدائمة للقيام
بالوظائف المشار إليها في المادة .9
-1المنظمة تبلغ دولة المقر بإنشاء البعثة اقبل إنشائها".
()1
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .11
()2
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص ص .61 ،61
34
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
من خالل هذا النص نستنتج أن تمثيل الدول لدى منظمة األمم المتحدة وانشاء البعثات
الدبلوماسية الدائمة لديها يخضع للقواعد األساسية التالية:
-أنه بإمكان الدولة العضو إنشاء بعثة دائمة لدى منظمة األمم المتحدة إذا سمحت لوائحها بذلك،
مما يفيد أن إنشاء الدول لهذه البعثات ليس حقاً تلقائياً تتمتع به الدولة بمجرد انضمامها للمنظمة،
وانما يمكن لها ذلك إذا سمحت اقواعد المنظمة بذلك ،كما أنه ليس التزاماً يقع على عاتق الدولة
العضو بدليل أن النص بدأ بعبارة "يمكن للدول األعضاء".
-أنه بإمكان الدولة غير العضو في منظمة األمم المتحدة ،إذا سمحت اقواعد هذه األخيرة بذلك،
إنشاء بعثة مالحظة دائمة ،وهي بعثة أاقل أهمية من حيث الوظائف والحصانات ،كما سنرى ،إذا
ما اقورنت بالبعثات الدائمة للدول األعضاء.
-على منظمة األمم المتحدة أن تخطر دولة المقر بإنشاء البعثة اقبل مباشرة مهامها ،مما يفيد أن
الدولة المرسلة ليست ملزمة بإخطار دولة المقر ،ذلك أن بعثتها معتمدة لدى منظمة األمم المتحدة
وليس لدى دولة المقر ،األمر الذي ُيفهم منه منطقياً إلزام الدولة المرسلة بإخطار المنظمة فقط.
كما ألزمت المادة ( )11من ذات االتفااقية منظمة األمم المتحدة بواجب إخطار دولة المقر بكل
اإلخطارات التي تصل إليها من الدولة المرسلة ،والتي تتعلق أساساً بتعيين ووضع وصفة وأسماء
أعضاء البعثات وتاريخ وصولهم ومغادرتهم ألراضيها وانتهاء وظائفهم أو أية تغييرات تط أر على
مركزهم ،وهذا على اعتبار أن البعثة الدائمة تقيم على إاقليم دولة المقر وهي من ستسهر على
حمايتها ،لذلك من الضروري إشعارها ُمسبقاً بإنشاء البعثات الدائمة من خالل المنظمة التي
اعتمدوا لديها(.)1
-انتفاء آثار عدم االعتراف بالدولة أو الحكومة أو غياب عالاقات دبلوماسية واقنصلية في مواجهة
دولة المقر ،أي أن اعتماد البعثة الدائمة لدى المنظمة ال يتواقف على اعتراف دولة المقر بالدولة
المرسلة أو بحكومتها ،كما ال يمكن لدولة المقر أن تحتج بعدم وجود عالاقات دبلوماسية واقنصلية
بينها وبين الدولة المرسلة( ، )2وهذا يختلف عما هو موجود في إطار الدبلوماسية الثنائية؛ إذ نجد
أن اقاعدتي الرضا المتبادل واالعتراف شرطان ضروريان إلاقامة عالاقات وانشاء بعثات دبلوماسية
()1
الدبلوماسي الدائم للدول لدى منظم األمم المتحد في تطوية اللقااا الدولي ( ،أطروحة دكتوراه في القانون العام ،كلية بخدة صفيان ،دوة البلثا
الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة تلمسان ،)1111/1118 ،ص ص .19 -11
()2
وهو ما نصت عليه المادة ( )1/41من اتفااقية فيينا لسنة 1691بقولها " :بموجب هذه االتفااقية إن حقوق والتزامات دولة المقر والدولة المرسلة ال تتأثر
بعد اعتراف دولة من هاتين الدولتين بالدولة األخرى أو بحكومتها وال بعد وجود عالاقات دبلوماسية أو اقنصلية أو بقطعها بينهما".
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
واقتصلية ،وهو ما نصت عليه المادة ( )11من اتفااقية فيينا للعالاقات الدبلوماسية لسنة 1691
والمادة ( )11من اتفااقية فيينا للعالاقات القنصلية لسنة .)1(1691
مما سبق يتضح أن البعثات الدبلوماسية تُمثِّل وسيلة الدولة في تواصلها مع الدول األخرى أو
مع المنظمات الدولية ،إلدارة عالاقاتها الخارجية ورعاية مصالحها ومصالح رعاياها .لكن ال ُيمثِّل
هذا النوع من البعثات الوسيلة الوحيدة للتواصل بين أشخاص القانون الدولي ،بل هناك بعثات
أخرى تتبادلها الدول فيما بينها لرعاية مصالح تختلف من حيث طبيعتها عن تلك المصالح التي
ترعاها البعثات الدبلوماسية ،ويتعلق األمر بالبعثات القنصلية.
الفةع الثاني :البلثا القنصلي
تُ ُّ
عد البعثات القنصلية من الناحية التاريخية أاقدم بكثير من نظام البعثات الدبلوماسية الدائمة ،واقد
نشأ نظام التمثيل القنصلي في البداية نتيجة الحتياجات تتعلق بالمسائل التجارية واالاقتصادية ،ثم توسع
بعد ذلك أين أصبح القناصل يسهرون على رعاية كل المصالح اإلدارية لرعايا دولهم المقيمين في الدول
المعتمدين لديها.
ونظ اًر للتمايز الواضح بين الوظيفتين الدبلوماسية والقنصلية ،حيث تهدف األولى إلى تعزيز
العالاقات السياسية وحل الخالفات بين دول العالم ،والثانية تُسهم في تطوير التجارة وتعزيز العالاقات
االاقتصادية والعلمية والثقافية بينها( ،)2فقد ارتأت المجموعة الدولية تنظيم العالاقات القنصلية باتفااقية
مستقلة عن اتفااقية العالاقات الدبلوماسية ،هي اتفااقية فيينا للعالاقات القنصلية لسنة .)3(1691
وحسب المادة ( )11من االتفااقية المذكورة فإن تبادل البعثات القنصلية ،مثلها مثل تبادل البعثات
الدبلوماسية ،يتواقَّف على اإلرادة المشتركة والموافقة المتبادلة للدول ،واقد جاء نصها كما يلي:
" -1يجري إنشاء العالاقات القنصلية بين دولتين بالرضا المتبادل.
-1إن الموافقة المعطاة على إنشاء العالاقات الدبلوماسية بين دولتين تتضمن ،ما لم ينص على خالف
ذلك ،الموافقة على إنشاء البعثات القنصلية.
-1إن اقطع العالاقات الدبلوماسية ال يتضمن بصورة حكمية اقطع العالاقات القنصلية"(.)4
()1
بومكواز مسعودة ،نظام تمثيل البلثا الدبلوماسي الدائم للدول لدى منظم األمم المتحد ( ،مذكرة ماجستير في القانون الدولي والعالاقات الدولية ،كلية
الحقوق ،جامعة الجزائر ،)1116/1114 ،ص .11
()2
محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص .991
()3
انضمت إليها الجزائر بموجب المرسوم راقم 41/98 :المورخ في ،1698/11/18 :الصادر بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
بتاريخ ،1698/18/18 :العدد .18
()4
أنظر :المادة ( )11من اتفااقية فيينا للعالاقات القنصلية لسنة .1691
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
ُيستنتج من هذا النص أن العالاقات القنصلية مثلها مثل العالاقات الدبلوماسية تخضع لمبدأ
الرضائية ،حيث التراضي أساس تبادل البعثات الدبلوماسية والقنصلية بين الدول أو بينها وبين المنظمات
وي ُّ
عد هذا المبدأ من المبادئ الخاصة المميزة للقانون الدبلوماسي والقنصلي. الدوليةُ ،
وحسب النص كذلك فإن الموافقة الصريحة على تبادل البعثات الدبلوماسية بين دولتين تنطوي على
موافقتها الضمنية على إاقامة العالاقات القنصلية ،ما لم يوجد اتفاق يقضي بخالف ذلك والعكس غير
صحيح ،مما ُيفيد أن العالاقات الدبلوماسية بالنسبة للعالاقات القنصلية بمثابة األصل بالنسبة للفرع(.)1
بينما اقطع العالاقات الدبلوماسية ال يترتب عليه بالضرورة اقطع العالاقات القنصلية.
وطالما أن الوظائف القنصلية هي امتداد للوظائف الدبلوماسية فإن اتفااقية فيينا للعالاقات القنصلية
أعطت الخيار للدولة بين أن تُسند األعمال القنصلية إلى عمل البعثة الدبلوماسية ،أو أن تُنشئ بعثة
اقنصلية مستقلة عن البعثة الدبلوماسية ،وذلك في المادة ( )11منها التي نصَّت على" :األعمال القنصلية
تقوم بها البعثات القنصلية كما تقوم بها أيضاً البعثات الدبلوماسية وفقاً لنصوص هذه االتفااقية"(.)2
واذا كان األصل في االختصاص الشخصي للبعثة القنصلية أنه يقتصر على حماية ورعاية
مصالح الدولة ومصالح مواطنيها في الدولة المستقبلة ،إال أن نطاق االختصاص الشخصي للبعثة
القنصلية اقد يتَّسع ليشمل حماية ورعاية تلك المصالح في أكثر من دولة مستقبلة ،بل وحماية مصالح
دولة ثالثة أو أكثر ومصالح مواطنيها ،وذلك في الثالث حاالت اآلتية(:)3
-حالة البعثة القنصلية الواحدة التي تمارس مهامها في أكثر من دولة ،شريطة عدم اعتراض الدولة
المستقبلة األولى والثانية ،وهذا ما نصت عليه المادة ( )19من االتفااقية بقولها" :يجوز للدولة الموفدة بعد
إبالغ الدول المعنية ،تكليف بعثة اقنصلية منشأة في دولة معينة ممارسة األعمال القنصلية في دولة
أخرى ،إال إذا كان هناك اعتراض صريح على ذلك من اقبل إحدى الدول المعنية".
-حالة تعيين موظف اقنصلي واحد من اقبل دولتين أو أكثر ،شريطة موافقة الدولة المضيفة ،وهو ما
نصت عليه المادة ( )14من االتفااقية بقولها" :يجوز لدولتين أو أكثر ،بعد أخذ موافقة الدولة المضيفة،
أن تُعيِّنا ذات الشخص موظفاً اقنصلياً في تلك الدولة".
-حالة اقيام البعثة القنصلية بممارسة المهام القنصلية نيابة عن دولة ثالثة ،شريطة إبالغ الدولة المضيفة
بذلك وعدم اعتراضها هي والدولة الموفدة على ذلك ،وذلك ما نصَّت عليه المادة ( )14من االتفااقية
اقررت" :بعد تبليغ الدولة المضيفة وعدم اعتراض الدول المعنية ،يجوز لبعثة الدولة الموفدة ممارسة
حينما َّ
()1
منتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص .119
( )2أنظر :المادة ( )11من اتفااقية فيينا للعالاقات القنصلية لسنة .1691
()3
أنظر :المواد ( )19و( )14و( )14من اتفااقية فيينا للعالاقات القنصلية لسنة .1691
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
األعمال القنصلية بالنيابة عن دولة ثالثة" ،وتلجأ الدول ألسلوب التمثيل القنصلي بالنيابة في أثناء توتر
العالاقات الثنائية بينها ،أو في حالة الغلق المؤاقت للبعثة القنصلية أو اقطع تلك العالاقات بينهما.
هذا ،ونشير أخي اًر على سبيل المقارنة أن سفارات البعثات الدبلوماسية توجد عادة في العواصم
السياسية للدول ،بحيث ال توجد للدولة الموفدة إال سفارة واحدة في كل دولة مستقبلة ،بينما البعثات
القنصلية تنتشر حتى في المدن الكبرى ذات األهمية االاقتصادية والتجارية ،وبالتالي ُيمكن أن تكون
للدولة الواحدة أكثر من بعثة اقنصلية في دولة أخرى(.)1
المبحث الثاني
اواعد تبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي
عد ضرورة حتميةإن دخول الدول ذات السيادة والمنظمات الدولية في عالاقات دولية فيما بينها ُي ُّ
فرضتها طبيعة الدولة بوصفها وحدة سياسية واجتماعية ال تستطيع العيش بمعزل عن الجماعة الدولية،
ذلك أن الدولة ومهما توافرت لها من إمكانيات طبيعية ومادية وبشرية ال ُيمكنها االستغناء عن غيرها من
الدول ،بل يجب عليها التكافل والتكامل فيما بينها بالنظر إلى حجم القضايا والمشكالت الدولية التي
تعجز الجهود الفردية على مواجهتها.
واقد جرت عادة الدول والمنظمات الدولية على تبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي باعتباره األداة
الطبيعية لالتصال الدولي ،والذي ُي ُّ
عد تطبيقاً عملياً لمبدأ المساواة بين الدول ذات السيادة في نطاق
العالاقات الدولية .ولما كان تبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي على هذه الدرجة من األهمية ،فإنه يبدو
من الضروري تنظيم وتحديد اقواعده ،خصوصاً فيما يتعلق بقواعد تشكيل البعثات الدبلوماسية والقنصلية،
وتحديد وظائفها والواجبات التي تقع على عاتقها ،وهو ما سنتولى بيانه في المطلبين المواليين.
المطلب األول :اواعد تشليل البلثا الدبلوماسي والقنصلي
يخضع تبادل البعثات الدبلوماسية والقنصلية بين الدول وايفاد البعثات الدبلوماسية للدول لدى
المنظمات الدولية ،وكذا التركيبة البشرية لتلك البعثات لجملة من الشروط والضوابط التي َّ
حددتها اتفااقيات
العالاقات الدبلوماسية والقنصلية ،وهي التي سنبسط الحديث فيها في الفرعين المواليين.
الفةع األول :ضوابط تبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي
ِّ
ومحددات تبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي يتطلب منا أوالً تحديد الطبيعة إن اإللمام بضوابط
القانونية لتبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي ،وثانياً تحديد صاحب الحق في التمثيل الدبلوماسي
التعرف على شروط تبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي.
والقنصلي ،وثالثاً ُّ
()1
محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص .991
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
()1
أبو الخير أحمد عطية ،مرجع سابق ،ص .911
()2
أنظر :أبو الخير أحمد عطية ،مرجع سابق ،ص .911ومنتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص ص .91 ،91
( )3أنظر :المرجع نفسه ،الصفحة نفسها .والمرجع نفسه ،ص ص .91 ،91
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
ويؤيد أغلب الفقه الدولي هذا االتجاه األخير ويراه األاقرب للصواب ،ألنه ال ُيمكن إجبار أية دولة
على تبادل التمثيل الدبلوماسي مع غيرها من الدول ،لذلك فهم يرون بأن هذا التبادل ما هو إال مجرد
رخصة للدولة ،لها أن تستخدمها من خالل الدخول في عالاقات دبلوماسية مع من تشاء من الدول دون
اعتراض من الدول األخرى ،كما لها أال تستخدمها مع بعض الدول وذلك بعدم الدخول معها في تلك
العالاقات .وأن الذي ُيحتِّم على الدولة من الناحية العملية استقبال البعثات الدبلوماسية للدول األخرى ليس
تنفيذاً اللتزام اقانوني يترتب على اإلخالل به إثارة مسؤوليتها الدولية ،وانما الحاجة والضرورة االجتماعية
ومقتصيات المعاملة بالمثل هي التي تُحتِّم عليها ذلك(.)1
كما أخذت بهذا الرأي المادة ( )11من كل من اتفااقية فيينا لقانون العالاقات الدبلوماسية لسنة
1691واتفااقية فيينا للعالاقات القنصلية لسنة ،1691حين َّ
أكدتا بأن إاقامة العالاقات الدبلوماسية
والقنصلية يكون بالرضا المتبادل بين الدول.
ثانيا :صاحب الحق في التمثيل الدبلوماسي والقنصلي
يثبت الحق في التمثيل الدبلوماسي لكل الكيانات التي اعترف لها القانون الدولي بالشخصية
القانونية الدولية ،وهي الدول ،والمنظمات الدولية ،ومدينة الفاتيكان التي منحها القانون الدبلوماسي مركز
خاص .كما تتمتع الدول باإلضافة إلى ذلك بحق التمثيل القنصلي.
-1الدول المستقل :يرتبط حق التمثيل الدبلوماسي بشقيه االيجابي والسلبي (اإلرسال واالستقبال)
بسيادة الدول وباستقاللها ،فالدول ال تتمتع بهذا الحق إال إذا كانت مستقلة وكاملة السيادة ،ألنه حسب
فقهاء القانون الدولي تُ ُّ
عد ممارسة حق التمثيل الدبلوماسي أهم مظهر من مظاهر السيادة الخارجية
للدولة؛ إذ بموجب هذا الحق تمتد سيادة الدولة إلى خارج حدودها ،وفي هذا الصدد يقول الفقيه
األرجنتيني "شارل كالفو"" :إن حق التمثيل الذي ُيفيد حق الدولة في تمثيل نفسها بواسطة موظفين
دبلوماسيين واقنصليين هو مظهر من مظاهر استقالل األمم"(.)2
واذا سلَّمنا بأن الحق في التمثيل الدبلوماسي مظهر من مظاهر السيادة ،فإن ذلك ُيفيد بأن الدول
نااقصة السيادة كالدول المحمية والدول المشمولة بالوصاية ال تملك عادة حق ارسال مبعوثين دبلوماسيين
واقنصليين من طرفها إلى الدول األخرى ،وانما تتولى تمثيلها في الخارج الدولة الحامية أو القائمة
باإلدارة ،إال إذا كانت العالاقة بينهما تسمح بذلك ،غير أن حرمان الدول نااقصة السيادة من حق إيفاد
مبعوثين من اقبلها (التمثيل االيجابي) ،ال يمنعها من ممارسة التمثيل الدبلوماسي السلبي المتمثل في اقبول
( )1أنظر في هذا المعنى :منتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص .34وعبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .111
()2
أنظر :طارق حمو ،مرجع سابق ،ص .14وعبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص ص .111 ،111
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
مبعوثين من الدول األجنبية لديها( ،)1فمثالً دولة البحرين لما كانت تحت الحماية البريطانية كانت تمتلك
حق التمثيل الدبلوماسي السلبي فقط ،بينما حق التمثيل االيجابي تتواله بريطانيا صاحبة الحماية( ،)2وهذا
بموجب نظام الحماية الذي كان اقائماً بينهما.
أما بالنسبة للدول االتحادية فإن مدى ممارسة حقها في التمثيل الدبلوماسي منفردة أو مجتمعة
يتواقف على نوع االتحاد الذي تنخرط فيه ،ففي االتحادات الفدرالية (االتحادات الفعلية) التي تذوب فيها
شخصية الدول األعضاء في شخصية اقانونية دولية واحدة ،تتولى الدولة المركزية لالتحاد مباشرة التمثيل
الدبلوماسي بوجهيه )إيفاد واقبول المبعوثين الدبلوماسيين( ما لم يتضمن دستور االتحاد ما يخول لبعض
الدول الداخلة فيه حق إاقامة عالاقات دبلوماسية )كما كان عليه الحال في اإلتحاد السوفياتي سابقا حيث
أجاز دستور االتحاد للجمهوريات األعضاء فيه أن تقيم عالاقات دبلوماسية مع الدول األجنبية)(.)3
أما في االتحادات الكنفدرالية (االتحادات الشخصية أو التعاهدية) فإن كل دولة عضو فيها تحتفظ
بشخصيتها القانونية الدولية ،وبالتالي بحقها الكامل في إاقامة عالاقات دبلوماسية وتبادل التمثيل
الدبلوماسي مع غيرها من الدول األخرى ،وذلك ما لم تنص الوثيقة المنشئة لالتحاد على خالف ذلك(.)4
-2المنظما الدولي :لقد ظل موضوع تمتع المنظمة الدولية بالشخصية القانونية على المستوى الدولي
محالً للتجاذب والخالف الفقهي بين مؤيد ومعارض ،إلى أن حسمت محكمة العدل الدولية األمر بموجب
رأيها االستشاري الصادر في ،1686/18/11 :والذي جاء فيه بأن الدول ال تُمثِّل وحدها أشخاص
القانون الدولي العام ،بل توجد المنظمات الدولية أيضاً ضمن نطاق أشخاص القانون الدولي العام ،وتُ ُّ
عد
مسألة االعتراف لها بالشخصية القانونية أم اًر ضرورياً لتحقيق األهداف المنوطة بها(.)5
واذا سلَّمنا بأن المنظمة الدولية تتمتع بالشخصية القانونية على المستوى الدولي ،فإن ذلك يعني
أنها تتمتع بحق التمثيل الدبلوماسي سواء في جانبه االيجابي الذي َّ
أكدته المادة ( )118من ميثاق األمم
المتحدة من أنها تتمتع باألهلية القانونية في بالد كل عضو من أعضائها ،والمادتين ( )11و( )19من
اتفااقية امتيازات وحصانات األمم المتحدة لسنة ،1689من أن منظمة األمم المتحدة لها صالحية ايفاد
كرسته المادة ( )11من اتفااقية تمثيل الدول لدى
بعثات دبلوماسية للدول ،أو في جانبه السلبي الذي َّ
المنظمات الدولية لسنة ،1691من أن المنظمات العالمية لها أن تستقبل بعثات الدول األعضاء وغير
األعضاء ،إذا كان دستورها يسمح بذلك.
()1
لدغش رحيمة ،سياد الدول وحقزا في مباشة التمثيل الدبلوماسي( ،أطروحة دكتوراه في القانون العام ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة تلمسان،
،)1118/1111ص .114
()2
عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص .119
()3
سهيل حسين الفتالوي ،الدبلوماسي بين النظةي والتطبيق ،مرجع سابق ،ص .116
()4
أنظر :لدغش رحيمة ،مرجع سابق ،ص .114ووليد عمران ،مرجع سابق ،ص .11
()5
جمال عبد الناصر مانع ،التنظيم الدولي ،دار العلوم للنشر والتوزيع ،عنابة ،الجزائر ،1119 ،ص .61
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
-3مدين الفاتيلان( :)1كان بابا الفاتيكان يتمنع بالسلطة الروحية ومدينة الفاتيكان تتمتع بالشخصية
القانونية الدولية ،وحق إاقامة التمثيل الدبلوماسي السلبي واإليجابي مع أية دولة ،إال أنه في سنة 1491
عندما غزت الجيوش اإليطالية روما عاصمة الفاتيكان وضمتها للمملكة اإليطالية وجعلتها عاصمة لها،
فلم يتبق للبابا سوى صفة رئيس الكنيسة الكاثوليكية(.)2
ولكن في عهد "موسوليني" أُبرمت اتفااقية سنة 1616بين بابا الفاتيكان وايطاليا أطلق عليها
معاهدة "التران" ،الت ي بموجبها اعترفت ايطاليا بالشخصية القانونية الدولية للكرسي البابوي ودخلت معه
في عالاقات تمثيل دبلوماسي ،لذا اختلف فقهاء القانون الدولي في تكييف الوضع القانوني لمدينة
الفاتيكان فهل هي دولة أم مجرد شخص من أشخاص القانون الدولي العام ،على أن الجدل اقد انتهى إلى
أنها ليست دولة ألنها ال تستجمع مقومات الدولة وعناصرها( ،)3بل هي بحكم وضعها القانوني تتمتع
بالشخصية القانونية الدولية فقط ،وبالتالي لها القدرة في التأثير على العالاقات الدولية من خالل شخصية
البابا الدينية والدبلوماسية(.)4
وبالنسبة التفااقية فيينا للعالاقات الدبلوماسية فقد منحت للفاتيكان حق إاقامة العالاقات الدبلوماسية
بمظهريها السلبي وااليجابي مع جميع الدول ،حين نصَّت المادة ( )18منها على منح ممثلي البابا الصفة
الدبلوماسية ،كما نصَّت في مواد متفراقة منها على تمتعهم بكامل الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية.
ثالثا :شةوط تبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي
تستند إاقامة العالاقات الدولية وتبادل البعثات الدبلوماسية والقنصلية بين أشخاص القانون الدولي
إلى جملة من الشروط والضوابط يجب توافرها حتى َّ
تتمكن تلكم األشخاص من مباشرة التبادل الدبلوماسي
والقنصلي بينها ،وتتمثل هذه الشروط في اآلتي:
-1شةوط تبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي بين الدول :أشرنا فيما سبق أن الدولة المستقلة وذات
السيادة هي التي تتمتع بالحق في التمثيل الدبلوماسي والقنصلي ،ولكن حتى ًّ
تتمكن من ممارسة هذا
الحق على الساحة الدولية ،يجب توافر شرطين هما:
أ -العتةاف المتبادل بين الدولتينُ :ي ُّ
عد االعتراف الدولي عنص اًر ضرورياً إلنشاء البعثات الدبلوماسية
لدى الدول ،ألنه ليس من المنطقي تبادل بعثات دبلوماسية بين دولتين ال تعترف إحداهما باألخرى ،نظ اًر
()1
هي أصغر دولة في العالم إذ تبلغ مساحتها أاقل من نصف الكيلومتر المربع ،ويقارب عدد سكانها 681نسمة فقط .أنظر :مواقع ويكيبيديا على الرابط:
https://ar.wikipedia.orgتاريخ الزيارة ،1116/11/11 :على الساعة.11:81 :
()2
ديلمي أمال ،مرجع سابق ،ص .99
( )3مدينة الفاتيكان ال ُيمكن اعتبارها دولة حديثة ألنه ليس لها رعايا بالمعنى الصحيح فسكانها عبارة عن موظفي الفاتيكان ،أما فيما يتعلق باالختصاص العام
المعترف به للدول ،فإن الفاتيكان ال تباشر مثل هذه االختصاصات وانما تتوالها الحكومة االيطالية بناء على طلب من الفاتيكان ،وبالتالي لم تمنح اتفااقية
التران لسنة 1616الفاتيكان صفة الدولة ،وانما منحتها مباشرة بعض االختصاصات نابعة من ما للبابا من سيادة روحية على المسيحيين الكاثوليك .أنظر:
محمد بوبوش ،القو الناعم للبابا في اللقااا الدولي الملاصة ،تحليالت سياسية ،المعهد المصري للدراسات ،مارس ،1116ص .11
()4
المرجع نفسه ،ص .11
34
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
النصراف غاية إاقامة التمثيل الدبلوماسي بين الدول أساساً لتعزيز العالاقات الودية بينها ،لذلك يقوم حق
إنشاء البعثات على سبق وجود اعتراف بالكيان القانوني المعني بالعالاقة الدبلوماسية( .)1وهو شرط
استمررها بين الطرفين ،واذا ُسحب هذا االعتراف من اقبل أحد
ضروري إلاقامة العالاقات الدبلوماسية و ا
الطرفين فإن العالاقات الدبلوماسية تنتهي وال يعود لها أي وجود(.)2
ولكي ُينتج االعتراف أثره على مستوى العالاقات الدبلوماسية فيجب أن يكون صريحاً واقانونياً وليس
أمر وااقعياً( ،)3ويتحقق االعتراف الصريح بإرسال براقية أو مذكرة إلى رئيس الدولة
مجرد اعتراف ًا ضمنياً أو اً
الجديدة أو رئيس حكومتها حسب نظامها الدستوري(.)4
واذا كان التبادل الدبلوماسي مرهون باالعتراف القانوني الصريح ،فإن التبادل القنصلي اقد يحصل
حتى في ظل غيابه ،ألنه اقد تقوم عالاقات ااقتصادية أو تجارية بين دولتين ال يوجد بينهما اعتراف
اقانوني ،وهو ما أ ّكده المؤلف "لوتر باخت" بالقول أن إنشاء بعثات اقنصلية ال يعني اعترافاً اقانونياً ما لم
يظهر من واقائع اقانونية أخرى اتجاه نية الدول إلعطائه أث اًر كهذا ،وهو ما تفعله اليوم بعض الدول
العربية من استقبال ممثليات ومكاتب تجارية إلسرائيل في أاقاليمها دون أن يترتب عليه اعتراف اقانوني
بها( ،)5ولكن اقد يكون هذا التعامل ُممهِّداً لالعتراف ،فقد كان لمصر والعراق واليمن مثالً وغيرها من
الدول ،اقناصل في ألمانيا الشراقية اقبل االعتراف بها كدولة(.)6
وبالرغم من أن االعتراف ُي ُّ
عد شرطاً ُمسبقاً للدخول في عالاقات دبلوماسية بين دولتين ،وهو كأصل
عام ال ُينتج أثره إال بينهما ،إال أن حدوثه في بعض األحيان اقد يؤثر على دولة ثالثة ويكون سبباً في
اقطع العالاقات الدبلوماسية معها ،فمثالً عندما اعترفت يوغسالفيا سنة 1619بحكومة ألمانيا الشراقية
أدى ذلك إلى اقيام ألمانيا الفيدرالية بقطع العالاقات مع يوغسالفيا ،كما أعلنت فرنسا بأن الدول التي
تعترف بالحكومة الثورية المؤاقتة للجمهورية الجزائرية ستقطع عالاقاتها الدبلوماسية معها(.)7
هذا ،ونشير إلى أن شرط االعتراف المسبق هو مطلوب فقط ويسري على العالاقات الدبلوماسية
الثنائية التي تُقام بين الدول ،أما في العالاقات الدبلوماسية متعددة األطراف التي تُقام بين عدد من الدول
ومنظمة دولية ،فال وجود لمثل هذا الشرط سواء فيما بين الدول األعضاء في المنظمة أو بين الدولة
()1
أوكيل محمد أمين ،النظام القانوني للبلثا الدبلوماسي الدائم ،المجلة األكاديمية للبحث القانوني ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة بجاية ،بجاية،
العدد ،11المجلد ،1111 ،11ص .99
()2
يحي الجمل ،العتةاف في القانون الدولي اللام ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر ،1691 ،ص .111نقالً عن :وليد عمران ،مرجع سابق ،ص
.11
()3
لدغش رحيمة ،مرجع سابق ،ص .116
()4
عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص .114
()5
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص ص .118 ،111
()6
محمد المجذوب ،مرجع سابق ،ص .181
()7
عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص .116
34
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
الموفدة ودولة المقر ،بحيث ُيمكن لدولة معترف بها من بعض الدول وغير معترف بها من البعض اآلخر
المشاركة في مؤتمرات دبلوماسية جماعية ،دون أن يعني ذلك أنه اعتراف ضمني من اقبل الدول التي ال
تعترف بها ،لذلك تحرص الدول في المؤتمرات الجماعية أو عند االنضمام للمنظمات الدولية على التأكيد
على هذه المسألة ،وهو ما فعله الوفد األمريكي المشارك في مؤتمر جنيف الخاص بالوس المنعقد سنة
،1691عندما َّ
أكد منذ الجلسة األولى بأن مشاركتهم ال تُ ُّ
عد من اقبيل االعتراف الضمني ببعض الدول
المشاركة في المؤتمر ،كما حرصت العديد من الدول العربية عند انضمامها إلى ميثاق األمم المتحدة
على التأكيد أن عضويتها في المنظمة ال تعني مطلقاً اعترافها بإسرائيل( .)1كما أن تبادل البعثات
الدبلوماسية بين دولة ما ومنظمة دولية ال يترتب عنه إطالاقاً واقوع اعتراف ضمني بين الدولة الموفدة
ودولة المقر إن لم يكن بينهما اعتراف سابق أو الحق(.)2
كما نشير إلى أن االعتراف وتبادل التمثيل الدبلوماسي هما مسألتان منفصلتان عن بعضهما
البعض ،فقد يحصل االعتراف دون أي ينتج عنه اقيام عالاقات دبلوماسية ،كما اقد تُقطع العالاقات
الدبلوماسية دون أن يؤدي ذلك إلى سحب االعتراف( ،)3لكن مع ذلك يبقى االعتراف شرطاً الزماً إلاقامة
العالاقات الدبلوماسية بين الدول .إال أن توافره بمفرده ال يكفي إلاقامة تلك العالاقات وايفاد الممثلين
الدبلوماسيين واقبولهم ،بل ال بد من حصول اتفاق بينهم على ذلك.
ب -التفاق على تبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي :إذا كان التمثيل الدبلوماسي والقنصلي حقاً
طبيعياً يثبت لكل دولة مستقلة وذات سيادة ،فإن تبادل البعثات ليس أم اًر إلزامياً تباشره الدولة لمجرد
كونها دولة مستقلة وذات سيادة ،بل يتطلب ذلك وجود التراضي واالتفاق بين الدول على تبادل البعثات
الدبلوماسية والقنصلية ،ألن األمر ال يتعلق بتنفيذ التزام اقانوني بقدر ما ُيعبِّر عن عالاقات حسن الجوار
والتعاون بين الدول ،وهو ما َّ
أكدته اتفااقيتي فيينا للعالاقات الدبلوماسية والقنصلية في مادتهما الثانية من
أن إاقامة العالاقات الدبلوماسية والقنصلية وارسال البعثات الدائمة ،تجري بين الدول المتساوية في السيادة
على اقاعدة الرضا المتبادل(.)4
ولم تشترط اتفااقية فيينا للعالاقات الدبلوماسية أو للعالاقات القنصلية أن يكون اتفاق تبادل البعثات
الدبلوماسية أو القنصلية مكتوباً أو شفوياً ،ولكن التراضي واالتفاق يجب أن يكون صريحاً وال يكفي فيه
التلميح ،وعادة ما يبدأ بإيجاب توجهه إحدى الدول إلى األخرى تُعبِّر فيه عن رغبتها في إيفاد بعثة
دبلوماسية أو اقنصلية دائمة واستقبال مثلها ،فيلقى هذا اإليجاب اقبوالً من جانب الدولة المتلقية له ،وبذلك
()1
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .111
()2
أنظر في هذا المعنى :أوكيل محمد أمين ،مرجع سابق ،ص .99
()3
عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص .116
()4
أنظر في هذا المعنى :عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .111
34
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
تبدأ العالاقات الدبلوماسية أو القنصلية بين الدولتين( .)1كما أنه في العادة ما يتم عقد هذا االتفاق إما
بواسطة زيارة وفد رفيع المستوى إلى إحدى البلدين الطرفين في االتفاق ،أو بواسطة سفراء الدولتين في
بلد ثالث تربط كالهما به عالاقات دبلوماسية(.)2
مما سبق نستنتج أن للدولة كل الحرية في االعتراف من عدمه ،كما لها كامل السلطة التقديرية في
إاقامة أو عدم إاقامة عالاقات دبلوماسية مع من تشاء من الدول ،حيث ال يوجد اقاعدة في القانون الدولي
تُلزمها بذلك ،فاألمر يخضع إلرادتها والتفااقاتها مع غيرها من الدول.
-2شةوط تبادل التمثيل الدبلوماسي بين الدول والمنظم الدولي :يخضع إنشاء البعثات الدبلوماسية
الدائمة لدى المنظمة الدولية لشرطين أساسيين نصت عليهما المادة ( )11من اتفااقية فيينا الخاصة
بتمثيل الدول في عالاقاتها مع المنظمات الدولية العالمية لسنة ،1691هما:
أ -سماح لوائح المنظم بدنشاء بلثا دبلوماسي دائم لديزاُ :يشترط إليفاد الدول األعضاء لبعثاتها
الدبلوماسية الدائمة لدى المنظمة الدولية ،أن تسمح اللوائح الداخلية لهذه األخيرة (دستورها أو ميثااقها أو
اقانونها الداخلي) بذلك ،لكن يبقى إيفاد الدول األعضاء لبعثاتها الدبلوماسية لدى المنظمة الدولية يخضع
لحريتها التامة وبما يتوافق مع تحقيق مصالحها ،فهو ال ُي ِّ
شكل التزاماً عليها كما أنه ليس حقاً تلقائياً
تتمتع به الدول األعضاء بمجرد إجازة اقواعد المنظمة له(.)3
واذا سمحت اقواعد المنظمة بإنشاء بعثات دبلوماسية لديها ،فإن التمتع بهذا الحق ال يقتصر على
الدول األعضاء في المنظمة ،بل حتى الدول غير األعضاء ُيمكنها إيفاد بعثات لها لدى هذه المنظمة،
لكن بعثاتها ال تتمتع بذات المركز الذي تتمتع به بعثات الدول األعضاء من حيث الصالحيات
والحصانات واالمتيازات ،فهي مجرد بعثات مالحظة بصالحيات وحصانات محدودة ،كما أشارت إلى
ذلك المادتين ( )11و( )19من اتفااقية فيينا للعالاقات الدبلوماسية.
ب -ايام المنظم الدولي بدخطاة دول المقة بدنشاء البلث الدبلوماسي :الشرط الثاني يتمثل في
ضرورة إبالغ المنظمة الدولية للدولة المضيفة (دولة مقر المنظمة) بإنشاء البعثة الدبلوماسية اقبل
مباشرتها لمهامها ،وهو التزام يقع على عاتق المنظمة وليس على الدولة الموفدة مثلما هو الحال بالنسبة
لتبادل البعثات بين الدول ،فإنشاء بعثة دبلوماسية لدى المنظمة الدولية يتم بعمل انفرادي من جانب
الدولة المرسلة ،بمراعاة حدود عمل المنظمة واقواعدها ،دون الضرورة للتراضي على ذلك مع دولة مقر
المنظمة ،ذلك أن تمثيل الدولة المرسلة لدى المنظمة ُيرتِّب عالاقة بينها وبين المنظمة فقط(.)4
()1
ديلمي أمال ،مرجع سابق ،ص .91
()2
لدغش رحيمة ،مرجع سابق ،ص .116
( )3أنظر في هذا المعنى :أوكيل محمد أمين ،مرجع سابق ،ص .99
()4
المرجع نفسه ،ص ص .99 ،99
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
وال ينتهي التزام المنظمة بمجرد إخطار دولة المقر بإنشاء البعثة الدبلوماسية فقط ،بل يقع على
عاتقها أيضاً موافاة هذه األخيرة بكل اإلخطارات التي تصل إليها من الدولة المرسلة ،والتي تتعلق أساساً
بتعيين ووضع وصفة وأسماء أعضاء البعثات وتاريخ وصولهم ومغادرتهم ألراضيها وانتهاء وظائفهم أو
أية تغييرات تط أر على مركزهم ،وهو ما نصت عليه المادة ( )11من اتفااقية فيينا الخاصة بتمثيل الدول
في عالاقاتها مع المنظمات الدولية العالمية لسنة .1691
الفةع الثاني :تلوين البلثا الدبلوماسي والقنصلي
نتناول في هذا الفرع االعتماد المتبادل ألعضاء البعثات الدبلوماسية والقنصلية (أوالً) ،ثم تشكلية
البعثات الدبلوماسية والقنصلية (ثانياً).
أولا :العتماد المتبادل ألعضاء البلثا الدبلوماسي والقنصلي
لم تنص اتفااقيتي فيينا للعالاقات الدبلوماسية والقنصلية وال اتفااقية تمثيل الدول لدى المنظمات
الدولية على شروط ومواصفات محددة ،يجب توافرها للتعيين في السلك الدبلوماسي والقنصلي ،بل تركت
تنظيم ذلك للقوانين الداخلية للدول ،التي لها كامل الحق والحرية في وضع الشروط المناسبة للتعيين في
الوظائف الدبلوماسية والقنصلية ،ولقد استقرت تشريعات الدول على توافر عدة شروط في من ُي َّ
رشح
لشغل وظيفة دبلوماسية ،أهمها أن يكون المبعوث الدبلوماسي حامالً لجنسية الدولة الموفدة ،وأن يكون
من األشخاص المرغوب فيهم لدى الدولة الموفد إليها ،وأن تكون له خبرة كافية تؤهله للقيام بالمهام
الدبلوماسية(.)1
واذا كانت الدولة الموفدة للبعثة الدبلوماسية حرة في تحديد شروط التعيين في الوظائف الدبلوماسية،
فإن الدولة المستقبلة أيضاً تتمتع بذات القدر من الحرية في اقبول أو رفض كل أو بعض أعضاء البعثة
الموفدين لديها ،دون أن تكون ملزمة بإبداء األسباب التي َّ
أدت لذلك ،وهو ما نصت عليه كل من اتفااقية
العالاقات الدبلوماسية واتفااقية العالاقات القنصلية(.)2
واذا ما أُخطرت الدولة الموفد إليها بأسماء أعضاء البعثة ووافقت عليهم ،فإنه يتم االعتماد الرسمي
ألعضاء البعثة ،وتبدأ البعثة عملها في الدولة الموفد إليها من تاريخ تقديم رئيس البعثة ألوراق اعتماده
إلى الجهة الرسمية المتفق عليها في الدولة المضيفة( ،)3والتي تختلف عادة باختالف نوع البعثة وأهميتها،
حيث يتم اعتماد أوراق رئيس البعثة من فئة سفير ووزير مفوض من جانب رئيس الدولة المستقبلة للبعثة،
وذلك عن طريق خطاب يتم توجيهه من رئيس الدولة الموفدة إلى رئيس الدولة الموفد إليها ،أما اعتماد
()1
منتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص ص .91 ،98
()2
نصت المادة ( )18من اتفااقية العالاقات الدبلوماسية على -1" :يجب على الدولة المعتمدة التأكد من اقبول الدولة المعتمد لديها للشخص المزمع اعتماده
رئيساً للبعثة المنشأة فيها -1 .ال تلتزم الحكومة المعتمد لديها بإبداء أسباب رفض القبول للدولة المعتمدة" ،كما نصت المادة ( )1/18من اتفااقية العالاقات
القنصلية على -1" :يجري إنشاء البعثة القنصلية في أراضي الدولة المضيفة بموافقة تلك الدولة".
()3
أوكيل محمد أمين ،مرجع سابق ،ص .41
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
أوراق رئيس البعثة من درجة اقائم باألعمال فيتم من طرف وزير خارجية الدولة الموفد إليها ،وذلك بناء
على خطاب صادر من وزير خارجية الدولة الموفدة(.)1
واذا كان تعيين أعضاء البعثات لدى الدول مقترن بشرط سبق اقبول الدولة المضيفة لهم حتى يتم
تعيينهم رسمياً بصفتهم أعضاء في البعثة ،فإن الدولة المرسلة لبعثة دبلوماسية لدى منظمة دولية تُعفى
من شرط سبق الحصول على موافقة المنظمة الدولية أو دولة المقر على تعيين أعضائها لدى
المنظمة( .)2كما أن طريقة ومراتب االعتماد التي أشرنا إليها في اعتماد البعثات بين الدول ،ال وجود لها
في اعتماد البعثات لدى المنظمات الدولية ،حيث ال ُي ُّ
عتد في التمثيل الدائم لدى المنظمة بمراتب رؤساء
البعثات نظ اًر لعدم وجود مراتب أصالً لرؤساء هذه البعثات ،عالوة على استحالة إعمال مبدأ المعاملة
بالمثل بين الدولة المرسلة والمنظمة المعتمد لديها .ولم تنص اتفااقية التمثيل لدى المنظمات الدولية لسنة
1691عن الجهة المكلفة باستالم خطاب االعتماد لديها ،إال أن أصول الممارسة الدبلوماسية تقضي
بأن يقوم األمين العام للمنظمة باستالم أوراق اعتماد رؤساء البعثات الدائمة لدى المنظمة(.)3
هذا ،ونشير أخي اًر إلى أن اعتماد البعثة الدبلوماسية يترتب عليه أثر اقانوني مهم ،وهو مباشرة
أعضاء البعثة لمهامهم في الدولة المعتمدين لديها منذ تاريخ االعتماد ،وبالتالي تمتع أعضاء البعثة
بالحصانات واالمتيازات منذ اللحظة التي يغادرون فيها دولتهم ،وهو ما أشارت إليه المادة ( )11من
اتفااقية العالاقات الدبلوماسية(.)4
ثانيا :تشليل البلثا الدبلوماسي والقنصلي
يتواقف نوع الموظفين في البعثات الدبلوماسية والقنصلية وعدد األعضاء فيها على طبيعة وتنوع
مجاالت التعاون بين الدول المتبادلة لتلك البعثات ،وفيما يلي نتناول كل من تشكيلة البعثات الدبلوماسية
والقنصلية ،من حيث نوعها وحجم الموظفين فيها بشكل مستقل.
الدبلوماسي :تتكون البعثة الدبلوماسية من مجموعة من األشخاص الذين توفدهم -1تشليل البلثا
شكلون في مجموعهم أعضاء البعثة الدبلوماسية وي ِّ
دولتهم لتمثيلها لدى دولة أخرى أو منظمة دوليةُ ،
العاملين تحت سلطة رئيس البعثة ،وذلك للقيام بوظائف دبلوماسية دائمة أو مؤاقتة ،فما هي التركيبة
العضوية لهذه البعثات؟
()1
منتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص .94
()2
أوكيل محمد أمين ،مرجع سابق ،ص .96
()3
المرجع نقسه ،ص ص .41 ،41
()4
تنص المادة ( )11على -1" :يعتبر رئيس البعثة متولي ًا وظيفته في الدولة المعتمد لديها منذ تقديمه أوراق اعتماده أو منذ إعالنه لوصوله وتقديم صورة
طبق األصل عن أوراق اعتماده إلى و ازرة خارجية تلك الدولة أو أية و ازرة أخرى اقد يتفق عليها ،وذلك وفقا لما جرى عليه العمل في الدولة المذكورة مع مراعاة
وحدة التطبيق".
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
الدائم :تتضمن البعثة الدبلوماسية الدائمة مجموعة من األشخاص ،يكون على أ -تشليل البلثا
رأسهم شخص مسؤول يتمتع بالسلطة الرئاسية في مواجهة موظفي هذه البعثة واألفراد العاملين فيها(،)1
ويمكن تقسيم أعضاء البعثة الدبلوماسية على أساس مدى تمتعهم بالصفة الدبلوماسية إلى طائفتين ،هما:
-المبلوثون الدبلوماسيون :وهم الموظفون الذين تعينهم الدولة الموفدة للعمل في البعثة الدبلوماسية،
وتشمل هذه الطائفة ما يلي:
-ةئيس البلث :حسب المادة (/11أ) من اتفااقية فيينا للعالاقات الدبلوماسية لسنة 1691فإن رئيس
البعثة هو الشخص الذي تُكلِّفه الدولة المعتمدة بالتصرف بهذه الصفة ،أي هو الذي يرأس البعثة
ويمل دولته لدى الدولة المستقبلة ،وهو المسؤول المباشر عن جميع أعضاء البعثة(.)2
الدبلوماسيةُ ،
وينفرد اقانون كل دولة ببيان الشروط التي يجب توافرها للتعيين في وظائف السلك الدبلوماسي،
وبيان ما يجب أن يكون متوف اًر في رؤساء البعثات الدبلوماسية من شروط خاصة ،وعادة ما يرأس البعثة
دبلوماسي من فئة سفير أو وزير مفوض( ،)3لكن في بعض األحيان اقد يرأسها دبلوماسي من فئة اقائم
باألعمال ،وبالنسبة لبعثات بابا الفاتيكان لدى الدول المسيحية يكون رئيس البعثة من فئة اقاصد رسولي
أو اقاصد رسولي وكيل ،وهو ما أشارت إليه المادة ( )1/18من اتفااقية العالاقات الدبلوماسية( .)4و َّ
أكدت
الفقرة الثانية من ذات المادة أن هؤالء ال يتمايزون في الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية ،إال فيما يتعلق
بحق التقدم و"االتيكيت".
ويعهد لهم
-الموظفون الدبلوماسيون :وهم األشخاص الذين يشغلون مناصب وظيفية دبلوماسيةُ ،
بالعمل تحت إشراف رئيس البعثة ويساعدونه في القيام بالوظائف الدبلوماسية المختلفة( ،)5وهؤالء
الموظفون يتدرجون من درجة مستشار إلى سكرتير أول وثاني وثالث وملحق(.)6
-اللاملون في البلث من غية الدبلوماسيين :يتكون هؤالء من مجموع الموظفين الذين يقومون بمهام
ثانوية ليست من صميم الوظيفة الدبلوماسية لكنها ضرورية في عمل البعثة ككل ،لذلك فهم ال يتمتعون
بالصفة الدبلوماسية ،ويشمل هذا الصنف الموظفون اإلداريون والفنيون ،ومستخدمو البعثة ممن يقومون
()1
اللةااي – دراسة مقارنة بالتشريعات البخيت مصطفى سالم ،تغريد محمد اقدوري ،التنظيم القانوني للتليين في الوظائف الدبلوماسي وفقا للتشةيلا
الجزائرية واتفااقية فيينا للعالاقات الدبلوماسية ،-المجلة األكاديمية للبحث القانوني ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة بجاية ،بجاية ،العدد ،11المجلد
،1114 ،16ص .119
()2
غازي حسن صباريني ،الدبلوماسي الملاصة – دراسة مقارنة ،-ط ،1دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن ،1116 ،ص .64
()3
البخيت مصطفى سالم ،تغريد محمد اقدوري ،مرجع سابق ،ص .114
()4
نصت المادة ( )1/18من اتفااقية العالاقات الدبلوماسية على أن رؤساء البعثات ينقسمون إلى الفئات الثالث التالية :أ -السفراء أو القاصدون الرسوليون
المعتمدون لدى رؤساء الدول ،ورؤساء البعثات اآلخرون ذوو الرتبة المماثلة .ب -المندوبون والوزراء المفوضون والقاصدون الرسوليون الوكالء المعتمدون
لدى رؤساء الدول .ج -القائمون باألعمال المعتمدون لدى وزراء الخارجية".
()5
البخيت مصطفى سالم ،تغريد محمد اقدوري ،مرجع سابق ،ص .114
()6
غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص .64
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
بأعمال الصيانة والحراسة وسائقو السيارات التابعة للبعثة ،وكذلك الخدم الخصوصيون الذين يعملون في
الخدمة المنزلية لرئيس البعثة أو ألحد أعضائها ممن يتمتعون بالصفة الدبلوماسية(.)1
والتمييز بين هذه الطوائف المختلفة من العاملين في البعثات الدبلوماسية له أهميته من الناحية
القانونية ،فشروط وضوابط تعيين هؤالء في الدولة الموفدة ليست متماثلة بين الموظفين الدبلوماسيين
وغيرهم من العاملين غير الدبلوماسيين في البعثة ،كما تختلف طريقة اقبولهم واستقبالهم في الدولة
المستقبلة .أما من حيث مدى تمتعهم بالحصانات واالمتيازات الدبلوماسية ،فإن العاملين الذين يتمتعون
بالصفة الدبلوماسية تثبت لهم جميع الحصانات واالمتيازات المقررة في اتفااقية العالاقات الدبلوماسية،
بخالف العاملين الذين ال يتمتعون بتلك الصفة ،حيث يثبت لهم حصانات وامتيازات أاقل بكثير من
الصنف السابق كما سنرى ،واقد َّ
أكدت هذا التمايز اتفااقية فيينا للعالاقات الدبلوماسية(.)2
هذا ،ونشير أخي اًر إلى أن اتفااقية فيينا للعالاقات الدبلوماسية لم تنص على ضرورة أن تشمل البعثة
الدبلوماسية على كل هذه الفئات من العاملين ،وال على ضرورة أن تكون البعثة محددة بعدد معين ،وانما
تركت تنظيم ذلك لالتفااقيات الثنائية بين الدولتين المتبادلتين دبلوماسياً ،ألن حجم هذه البعثات وعدد
أعضائها يتواقف بالدرجة األولى على حجم العالاقات الدولية بين هاتين الدولتين ،بحيث كلما زادت هذه
العالاقات زاد حجم البعثة وكثر عدد أعضائها والعكس صحيح ،كما يتواقف على بالدرجة الثانية على
القدرة المالية واالاقتصادية للدول(.)3
ب -تشليل البلثا الخاص :حسب اتفااقية البعثات الخاصة لسنة ،1696فإن هذه البعثات ُيمكن أن
تتكون من ممثل واحد أو أكثر للدولة الموفدة ،كما ُيمكن أن تضم أعضاء دبلوماسيين وآخرين إداريين
وفنيين وأفراداً للخدمة العامة ،ويجوز أن تضم البعثة الخاصة فرداً واحداً أو أكثر من أعضاء البعثة
الدبلوماسية الدائمة للدولة الموفدة في الدولة المستقبلة ،وفي هذه الحالة يحتفظ هؤالء األعضاء بالمزايا
والحصانات المقررة لهم بوصفهم أعضاء بعثة دبلوماسية دائمة ،إلى جانب االمتيازات والحصانات التي
تمنحها لهم اتفااقية البعثات الخاصة( .)4ولعل الغرض من وجودهم يرجع إلى معرفتهم بأحوال الدولة
المستقبلة أكثر من غيرهم ،وذلك بسبب وجودهم شبه الدائم فيها .لذلك يكون من الضروري وجود عضو
أو أكثر من البعثة الدبلوماسية الدائمة في تكوين البعثة الخاصة ،لمساعدتها في أداء مهمتها ونجاحها
على أكمل وجه(.)5
()1
البخيت مصطفى سالم ،تغريد محمد اقدوري ،مرجع سابق ،ص .114وعبد العزيز بن ناصر العبيكان ،مرجع سابق ،ص .194
()2
أنظر :المادة ( )19من اتفااقية فيينا للعالاقات الدبلوماسية لسنة .1691
()3
أنظر في هذا المعنى :منتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص .99
()4
أنظر :المادة ( )16من اتفااقية البعثات الخاصة لسنة .1696
()5
حرشاوي عالن ،مرجع سابق ،ص .11
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
وفي ظل تعدد وتنوع مجاالت العالاقات الدولية (الفنية ،الثقافية ،االاقتصادية ،البيئية ،السياحية)،
فإن الشروط والكفاءات والخبرات الفنية التي يجب أن تتوافر في أعضاء البعثات الخاصة ،األكيد أنها في
مستوى أعلى من تلك التي يجب توافرها في أعضاء البعثات الدائمة ،حيث طبيعة مهمة البعثة الخاصة
حدد نوع تلك الكفاءات ،كأن تضم أخصائيين في الشؤون االاقتصادية أو مهندسين متخصصينهي التي تُ ِّ
في المهمة التي من أجلها أرسلت البعثة الخاصة(.)1
هذا ،ونشير إلى أن البعثات الخاصة مثلها مثل البعثات القنصلية ال ُيشترط في إيفادها حصول
اعتراف متبادل ُمسبق بين الدولة الموفدة والدولة المستقبلة ،كما هو الحال بالنسبة للبعثات الدائمة ،وهذا
يعني أن إرسال بعثة خاصة من دولة إلى دولة أخرى ال ُيفيد اعتراف أي منهما باألخرى(.)2
ج -تشليل البلثا للمنظما الدولي :حسب اتفااقية فيينا المتعلقة بتمثيل الدول لدى المنظمات الدولية
لسنة ،1691فإن هذه البعثات باإلضافة إلى رئيس البعثة ُيمكن أن تتكون من موظفين دبلوماسيين
واداريين وفنيين وعاملين في خدمة البعثة(.)3
من خالل هذه المادة يتضح أن بعثات الدول الدائمة لدى المنظمات الدولية مثلها مثل بعثاتها
الدائمة والخاصة لدى الدول تتشكل من رئيس البعثة والموظفين الدبلوماسيين واإلداريين والفنيين والخدم
الخاص ،وبالتالي تعتبر البعثات الدبلوماسية الدائمة في نيويورك ،والتي تُمثِّل الدول لدى منظمة األمم
المتحدة بمثابة سفارات تتكون بصفة عامة من دبلوماسيين أكفاء ومهنيين(.)4
واذا كانت البعثات الدائمة للدول لدى المنظمات الدولية متشابهة من حيث تركيبتها البشرية للبعثات
الدائمة والخاصة بين الدول ،فالفارق بينها هو نظام األسبقية والترتيب فيما يخص التشريفات أو
االتيكيت ،حيث يتم فيما بين البعثات الدائمة لدى منظمة األمم المتحدة وفقاً لمعيار آلي وجامد ،يتمثل
في الترتيب الهجائي ألسماء الدول ،وهذا ما ورد في المادة ( )1/19من اتفااقية ،)5(1691وهذا خالف
العالاقات الدبلوماسية الثنائية أين يتم الترتيب واألسبقية وفقاً لمعيار زمني ،يتمثل أساساً في تاريخ تقديم
أوراق االعتماد أو إخطار و ازرة الخارجية وتقديم صورة من أوراق االعتماد(.)6
ومهما كان نوع البعثات الدبلوماسية سواء كانت بين الدول فيما بينها أو بينها وبين المنظمات
الدولية ،فإن اتفااقيات فيينا المتعلقة بالوظيفة الدبلوماسية نصت على أن أفراد أسرة المبعوث الدبلوماسي
()1
حرشاوي عالن ،مرجع سابق ،ص .11
()2
عطا محمد صالح زهرة ،أصول اللمل الدبلوماسي والقنصلي ،ط ،1مركز بحوث العلوم االاقتصادية ،بنغازي ،ليبيا ،1668 ،ص .116
()3
أنظر :المادة ( )11من اتفااقية فيينا حول تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية ذات الصفة العالمية لسنة .1691
()4
بخدة صفيان ،مرجع سابق ،ص .19
()5
نصت المادة ( )1/19من اتفااقية سنة 1691على " :األسبقية بين الممثلين الدائمين تتحدد وفق ترتيب هجائي ألسماء الدول كما تجري عليه العادة في
كل منظمة".
()6
بومكواز مسعودة ،مرجع سابق ،ص .11
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
يتمتعون بالصفة الدبلوماسية فيما يتعلق بمنحهم الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية التي يتمتع بها
المبعوث الدبلوماسي ،كما سنرى.
القنصلي :تسهر البعثات القنصلية على رعاية وحماية مصالح مواطني دولها في -2تشليل البلثا
الدولة المعتمد لديها ،ومن ثم فهي ال تتمتع بالصفة التمثيلية لدولها وبالتالي ال يتمتع أعضاؤها بالصفة
الدبلوماسية ،وان كانوا يتمتعون بجملة من الحصانات واالمتيازات التي هي في جميع األحوال أاقل مما
يتمتع به األشخاص الذين يحملون الصفة الدبلوماسية .إال أن غالبية الدول المعتمدة تحاول في الواقت
الحاضر منح القناصل الصفة الدبلوماسية عن طريق إشعار الدولة المعتمد لديها بأن هؤالء يحملون
الصفة الدبلوماسية ويعملون في البعثة الدبلوماسية بصفة سكرتير أول أو ثاني ،إال أن بعثتهم تُنسبهم
للقيام باألعمال القنصلية ،فيصبح القنصل في هذه الحالة دبلوماسياً ولكنه مكلف بأعمال اقنصلية(.)1
وتتكون كل بعثة اقنصلية من مجموعة من الموظفين والعاملين ،يعملون تحت سطلة واشراف رئيس
البعثة القنصلية ،وفيما يلي توضيح ذلك:
أ -ةئيس البلث القنصلي :نصت الفقرة (/1ج) من المادة األولى من اتفااقية فيينا للعالاقات القنصلية
على أن رئيس البعثة القنصلية هو الشخص المكلف للقيام بالعمل بتلك الصفة في البعثة ،واقد حصرت
المادة ( )16من ذات االتفااقية رئاسة البعثات القنصلية في أربع فئات من القناصل ،وهم:
-القنصل اللام :وهو أرفع درجات البعثة القنصلية ،يشرف على جميع موظفي البعثة القنصلية بجميع
درجاتها ومراتبها.
-القنصل :يباشر مهام الوظيفة القنصلية في دائرة اقنصلية معينة تكون أاقل أهمية من الدوائر التي ُي َّ
عين
بها القنصل العام.
-نائب القنصل :يساعد القنصل العام أو القنصل عند اقيامه بأعباء وظيفته ،ويتمتع نائب القنصل
بالصفة القنصلية ،مما يسمح له القيام باالختصاصات القنصلية في حالة غياب أحدهما.
-القنصل الوليل :يعهد إليه بإدارة وكاالت اقنصلية يتم إنشاؤها باتفاق خاص بين الدولتين المعنيتين،
وي َّ
عين من اقبل القنصل العام أو القنصل ،ويعمل تحت سلطته في مدينة تقع في دائرة اختصاصه(.)2 ُ
وُي َّ
صنف القناصل حسب المادة ( )1/11من اتفااقية العالاقات القنصلية إلى اقناصل مسلكيون أو
مبعوثون ،وهم المشار إليهم أعاله الذين ُيعينون من اقبل دولهم للقيام بالوظائف القنصلية في الدول
الموفدين إليها ،بشكل دائم ومنتظم لقاء أجر ُيدفع إليهم نظير عملهم ،وال ُيسمح لهم القيام بأي نشاط
مهني في الدولة المضيفة يخرج عن وظائهم القنصلية ،والى جانبهم القناصل الفخريون أو المختارون وهم
()1
سهيل حسين الفتالوي ،الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق ،مرجع سابق ،ص ص .118 ،111
()2
القنصلي ( ،مذكرة ماجستير في القانون العام ،كلية الحقوق ،جامعة مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .119وبن صاف فرحات ،اللقااا
اقسنطينة ،)1118/1111 ،1ص ص .99 ،91
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
سمون في السابق بالقناصل التجاريون ،بحيث يتم اختيارهم من بين رجال األعمال أو الذين كانوا ُي ُّ
التجار ،وهم في الغالب يحملون جنسية البلد الذي يقيمون فيه ،فتعهد إليهم دولة أجنبية بتمثيل مصالح
رعاياها في ذلك البلد ،كما يمكن أن يكونوا من رعايا الدولة الموفدة أو دولة ثالثة .وهؤالء ليسوا موظفين
لدى الدول التي يمثلونها وفي الغالب يقومون بمهامهم بدون أي مقابل أو يتقاضون منها مرتبات رمزية،
لذلك ُيسمح لهم بممارسة أعمال وأنشطة أخرى في الدولة المضيفة يتقاضون عليها أج اًر(.)1
وحسب المادة ( )11من اتفااقية العالاقات القنصلية يتم تعيين رئيس البعثة القنصلية وفقاً لقوانين
وأنظمة الدولة الموفدة ،ثم يتم اقبولهم من طرف الدولة الموفد إليها ،واقد جرى العرف على أن يختص
رئيس الدولة أو وزير خارجيتها بتعيين رئيس البعثة القنصلية وأعضائها في الخارج(.)2
ويتم اعتماد رئيس البعثة القنصلية وأعضاؤها في الدولة المضيفة بناء على كتاب التفويض
القنصلي أو ما ُيسمى بـ" :البراءة القنصلية" ،والذي يتضمن المعلومات الخاصة بصفة رئيس البعثة واسمه
الكامل ودرجته وحدود صالحياته ومركز بعثته القنصلية( .)3غير أن رئيس البعثة ال يمكنه مباشرة مهامه
إال بناء على ترخيص أو إذن يجيز له ذلك ،تمنحه إياه الدولة المستقبلة بموجب وثيقة تُسمى "اإلجازة
القنصلية" ،لكن تلقي الدولة المستقبلة لكتاب التفويض القنصلي ال ُيلزمها بمنح اإلجازة القنصلية تلقائياً،
بل يبقى األمر خاضعاً لسلطتها التقديرية ،وفي حالة رفضها منح اإلجازة القنصلية فهي غير ملزمة كذلك
بإبالغ الدولة الموفدة بأسباب رفضها(.)4
ب -أعضاء البلث القنصلي :إلى جانب رئيس البعثة تتألف البعثة القنصلية من مجموعة من الموظفين
القنصليين والمستخدمين يختلف عددهم من بعثة إلى أخرى حسب أهمية وحجم العالاقات والمصالح بين
الدولتين المعنيتين ،حيث ال يوجد اقاعدة في القانون الدولي تُ ِّ
حدد عدد موظفي البعثة القنصلية ،فالمسألة
متروكة التفاق الدولتين المعنيتين ،غير أنه في حالة عدم وجود هذا االتفاق الصريح يجوز للدولة
المضيفة تقييد حجم البعثة القنصلية في حدود ما تعتبره معقوالً وعادياً بالنظر التساع المنطقة القنصلية
واحتياجات العمل لكل بعثة(.)5
واذا كانت اتفااقية فيينا لسنة 1691اقد منحت الدولة الموفدة مطلق الحرية في تعيين أعضاء
بعثتها القنصلية ،فإنها اقد منحت في مقابل ذلك للدولة المستقبلة ذات القدر من الحرية في اقبول أو عدم
اقبول أي شخص من أعضاء تلك البعثة ،بل وحتى اإلعالن بأنه شخص لم يعد مرغوباً فيه حتى بعد
اقبوله ،وفي هذه الحالة يتعين على الدولة الموفدة اتخاذ اإلجراءات المتعلقة باستبداله خالل مدة معقولة،
()1
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص ص .111 ،111وغازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص .119
()2
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .119
()3
أنظر :المادة ( )11من اتفااقية فيينا للعالاقات القنصلية لسنة .1691
()4
أنظر :المادة ( )11من اتفااقية فيينا للعالاقات القنصلية لسنة .1691
()5
أنظر :المادة ( )11من اتفااقية فيينا للعالاقات القنصلية لسنة .1691
34
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
واال جاز للدولة المضيفة أن تسحب منه اإلجازة القنصلية ،أو عدم اعتباره في عداد موظفي البعثة
القنصلية(.)1
واذا كان األصل في موظفي البعثة القنصلية أن ُيعيَّنوا من رعايا الدولة الموفدة ،إال أنه يجوز
تعيينهم من رعايا الدولة المضيفة أو دولة ثالثة بعد أخذ موافقة الدولة المضيفة الصريحة والمسبقة ،على
أن تبقى تحتفظ بحق سحب هذه الموافقة متى شاءت ،سواء بالنسبة للموظفين القنصليين الذين من
رعاياها أو من رعايا الدولة الثالثة(.)2
وعموماً يتكون أعضاء البعثة من غير القناصل من عدد ٍ
كاف من الموظفين اإلداريين والفنيين من
الكتبة والمترجمين وأمناء المحفوظات وكذا العمال والحرس ،وهؤالء ليسوا من ذوي الدرجات القنصلية،
وبالتالي فهم في األصل ال يباشرون الوظائف القنصلية ،إال أنه يمكن تكليف أحدهم بمباشرة وظيفة
اقنصلية معينة تحت إشراف رئيس البعثة القنصلية(.)3
المطلب الثاني :وظائف وواهجبا البلثا الدبلوماسي والقنصلي
تضطلع البعثات الدبلوماسية والقنصلية باعتبارها مرافق عامة من مرافق الدولة على أاقاليم الدول
األخرى ،واألداة الرئيسية للتواصل بين الدولة الموفدة والدولة الموفد لديها ،بعدد من المهام والوظائف في
الدولة الموفد لديها لصالح الدولة الموفدة ،والتي تتباين وتختلف بين البعثات الدبلوماسية والقنصلية ،وفي
المقابل تفرض اتفااقيات فيينا للعالاقات الدبلوماسية والقنصلية مجموعة من الواجبات والقيود لصالح الدولة
الموفد لديها ،ونستعرض في الفروع الثالث الموالية وظائف البعثات الدبلوماسية ،ثم وظائف البعثات
القنصلية ،وأخي اًر واجبات البعثات الدبلوماسية والقنصلية.
الفةع األول :وظائف البلثا الدبلوماسي
تُرسل الدولة عادة بعثات دبلوماسية دائمة للدول األخرى وللمنظمات الدولية ،كما ترسل بعثات
أخرى خاصة ومؤاقتة للدول مكلفة بمهام خاصة تختلف عن المهام العامة التي تؤديها البعثات الدائمة،
قسم هذا الفرع إلى بندين ،نتناول في األول وظائف البعثات الدبلوماسية الدائمة ،وفي الثاني
لذلك ُن ِّ
وظائف البعثات الدبلوماسية الخاصة.
أولا :وظائف البلثا الدبلوماسي الدائم
لم تتضمن اتفااقية فيينا للعالاقات الدبلوماسية تحديداً حصرياً لوظائف البعثات الدبلوماسية الدائمة،
وانما اكتفت المادة ( )11منها بتحديد أهم الوظائف الدبلوماسية التقليدية المتداولة في إطار العالاقات
الدبلوماسية بين الدول ،بقولها" :تتألف أهم وظائف البعثة الدبلوماسية مما يلي ،"... :مما ُيفيد بأنها َّ
تبنت
( )1أنظر :المادتين ( )16و( )11من اتفااقية فيينا للعالاقات القنصلية لسنة .1691
( )2أنظر :المادة ( )11من اتفااقية فيينا للعالاقات القنصلية لسنة .1691
()3
أبو الخير أحمد عطية ،مرجع سابق ،ص .994ومنتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص .111
34
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
نظام الوظائف المفتوح ،ألن الوظائف المذكورة في تلك المادة وردت على سبيل المثال واألهمية ،لتترك
المجال مفتوحاً لتلك البعثات لممارسة أي وظيفة تتفق عليها الدول في عالاقاتها الثنائية(.)1
واقد سارت اتفااقية تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية لسنة 1691على نسق اتفااقية العالاقات
الدبلوماسية لسنة 1691باعتمادها نظام الوظائف المفتوح ،حين نصت المادة ( )19منها على أهم
االختصاصات التي تقوم بها البعثات الموفدة من طرف الدول لدى المنظمة الدولية ،ولم تنص على
حصرها ،وأغلب هذه االختصاصات تتماثل في نوعها مع تلك التي تمارسها البعثات الدبلوماسية المعتمدة
لدى الدول ،ولكن هذا التماثل ال يعني بالضرورة أنها متطابقة في مضمونها أو في كيفية أدائها(.)2
وعموماً تتمثل تلك الوظائف فيما يلي:
-1وظيف التمثيل :تُ ُّ
عد وظيفة التمثيل من أهم الوظائف الدبلوماسية ،ويتولى هذه المهمة التمثيلية رئيس
البعثة الدبلوماسية أو من يقوم مقامه في حالة غيابه أو خلو منصبه( ،)3واقد نصت على هذه الوظيفة
اتفااقية فيينا للعالاقات الدبلوماسية في ديباجتها والمادة (/1/11أ) ،وتتلخص هذه المهمة في حضور
رئيس البعثة أو من ينوبه لالحتفاالت والمناسبات واألعياد الوطنية واالجتماعات التي تدعو لها الدولة
المستقبلة أو الهيئات الدبلوماسية األجنبية( ،)4وعموماً تقوم البعثة من خالل هذه الوظيفة بكل مظاهر
التمثيل السياسي من خالل معالجة كل المواضيع التي تهم دولتها ،فهي التي تُ ِّ
عبر عن وجهة نظرها
وتطلعاتها في الدولة المضيفة ،عن طريق المذكرات والتقارير المكتوبة أو بإجراء اتصاالت شفوية
متبادلة(.)5
أما بالنسبة لمهام التمثيل التي تمارسها البعثات المعتمدة لدى المنظمات الدولية ،فهي ال تقل في
أهميتها عن تلك الممارسة بين الدول ،غير أن أساليب إجرائها تختلف عن هذه األخيرة ،فبمقتضى هذه
الوظيفة التمثيلية تقوم البعثة الدائمة لدى المنظمة بتقديم االاقتراحات في المسائل المطروحة للنقاش في
إطار المنظمة ،وتقوم بالتصويت نيابة عن دولتها على مشاريع الق اررات واللوائح التي تصدر في نطاق
اختصاص المنظمة ،كما تقوم البعثة بالعمل على توطيد الصلة بالجهاز اإلداري للمنظمة المعتمدة لديها،
وببعثات الدول األخرى المعتمدة لدى ذات المنظمة(.)6
واذا كانت مهام التمثيل التي يمارسها رئيس البعثة لدى الدول األخرى عامة وشاملة ويقوم بها أمام
جميع هيئات الدولة المضيفة دون استثناء ،فإن اقيام بعثات الدول لدى المنظمات الدولية بالمهام التمثيلية
()1
أنظر في هذا المعنى :أوكيل محمد أمين ،مرجع سابق ،ص .48
()2
أوكيل محمد أمين ،مرجع سابق ،ص .48
()3
سهيل حسين الفتالوي ،الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق ،مرجع سابق ،ص .189
()4
غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص .119
()5
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .89
()6
أوكيل محمد أمين ،مرجع سابق ،ص .41
34
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
ال يتم في كل األحوال أمام جميع فروع المنظمة ،حيث يمكن أن ينحصر مجال رئيس البعثة في تمثيل
دولته لدى فرع واحد فقط من فروع المنظمة ،وذلك بحسب إرادة دولته(.)1
واذا كان األصل العام يقضي بأن رئيس البعثة الدبلوماسية ال ُيمثِّل دولته إال في دولة مضيفة
واحدة ،إال أن اتفااقية العالاقات الدبلوماسية أجازت للدولة الموفدة اعتماد نظام التمثيل المتعدد ،أي اعتماد
رئيس بعثة أو انتداب أحد الموظفين الدبلوماسيين لدى عدة دول أو حتى منظمات دولية في نفس الواقت
ما لم تعترض صراحة إحدى الدول المستقبلة على ذلك .كما أجازت االتفااقية من جهة أخرى للدولة
الموفدة اعتماد نظام التمثيل المشترك ،أي اشتراك عدة دول في اعتماد شخص واحد كرئيس بعثة مشترك
لدى دولة أخرى ،ما لم تعترض الدولة المستقبلة على ذلك(.)2
استثناء باعتماد نظام التمثيل المتعدد والمشترك يمكن في رغبة
ً ولعل السبب من وراء السماح للدول
المجموعة الدولية لمساعدة الدول الصغيرة والضعيفة الموارد المالية والفنية لتخطي عائق التكاليف
الباهضة التي يتطلبها التمثيل الدبلوماسي(.)3
-2وظيف التفاوض :من الطبيعي جداً أن تعهد الدولة إلى بعثتها الدبلوماسية لدى الدولة المستقبلة
بإجراء المفاوضات مع هذه األخيرة على مختلف الموضوعات والمسائل ذات االهتمام المشترك ،ألن
الوظيفة الدبلوماسية اقائمة أساساً على علم إدارة العالاقات الخارجية وفن إدارة المفاوضات على ٍّ
حد سواء،
وعليه اعتبرت اتفااقية 1691التفاوض من المهام الرئيسية للبعثة( ،)4القائم أساساً على االتصال والتباحث
والتباحث مع حكومة الدولة المضيفة؛ إذ تمارسه البعثة للتوفيق بين المصالح المتعارضة وتقريب وجهات
النظر ومنااقشة المسائل الثنائية والعمل على تسويتها .والتفاوض ليس مفهوماً ضيقاً يقتصر فقط على
التحضير واإلعداد للمعاهدات الدولية والتواقيع عليها ،بل يتسع ألكثر من ذلك ،حيث تتخذه البعثة كأداة
لمعالجة جميع القضايا مع الدولة المضيفة والسعي لحلها بكافة السبل المتاحة(.)5
واقد اعتبرت اتفااقية 1691أيضاً أن المفاوضات التي تجريها بعثات الدول لدى المنظمات الدولية
تعتبر من صميم مهام تلك البعثات( ،)6فهي تتم مع المنظمة المعنية وفي نطااقها ،وبالتالي فإن التفاوض
يجري بين البعثة الدبلوماسية والمنظمة المعتمد لديها ممثلة في جهازها اإلداري ،كما ُيقام أيضاً بين البعثة
()1
أوكيل محمد أمين ،مرجع سابق ،ص .41
()2
أنظر :المادتين ( )11و( )19من اتفااقية فيينا للعالاقات الدبلوماسية لسنة .1691
()3
علي حسين الشامي ،مرجع سابق ،ص .161
()4
أنظر :المادة (/1/11ج) من اتفااقية فيينا للعالاقات الدبلوماسية لسنة .1691
()5
أوكيل محمد أمين ،مرجع سابق ،ص ص .49 ،41
()6
أنظر :المادة (/19ج) من اتفااقية فيينا حول تمثيل الدول في عالاقاتها مع المنظمات الدولية ذات الطابع العالمي لسنة .1691
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
الدبلوماسية وغيرها من البعثات المعتمدة لدى ذات المنظمة من اقبل الدول األعضاء فيها ،وهذا هو المراد
من التفاوض الذي يجري في نطاق المنظمة على حد وصف المادة (/19ج) من اتفااقية .)1(1691
وفيما يتعلق بصالحية رئيس البعثة للقيام بمهام التفاوض نيابة عن دولته تلقائياً ،فإن اتفااقية تمثيل
الدول لدى المنظمات الدولية لسنة 1691في مادتها ( )11اقد منحت رئيس البعثة هذه الصالحية بشكل
مطلق دون الحاجة لتقديم أوراق التفويض ،وهذا بخالف اتفااقية 1691التي لم تبين هذه الصالحية
بالتفصيل واكتفت بالنص على التفاوض كإحدى وظائف البعثة فقط ،غير أن اتفااقية فيينا لقانون
المعاهدات التي تُبرمها الدول فيما بينها لسنة 1696اقد استدركت هذا القصور في مادتها (،)1/19
والتي منحت رؤساء البعثات الدبلوماسية صراحة صالحية التفاوض نيابة عن دولهم بشأن إبرام
المعاهدات وااق ار ار نصوصها كذلك ،دون الحاجة إلبراز وثيقة التفويض لهذه الغاية(.)2
-3حماي مصالح الدول الموفد :أدرجت اتفااقية العالاقات الدبلوماسية لسنة 1691هذه الوظيفة ضمن
أهم الوظائف الدبلوماسية ،وذلك في المادة (/1/11ب) بقولها" :حماية مصالح الدولة المعتمدة ومصالح
قرها القانون الدولي" ،وبالتالي فإن اقيام البعثة بهذه
رعاياها في الدولة المعتمد لديها ،ضمن الحدود التي ُي ِّ
الوظيفة يفترض أن تكون تلك المصالح في خطر ،وتحتاج فعالً إلى حماية ،وال ُيعد مجرد اقيام البعثة
بالدفاع عن المصالح المذكورة تدخالً غير مشروع في الشؤون الداخلية للدولة المضيفة ،وذلك ألن عدم
تدخل البعثة يعني ترك المصالح دون حماية(.)3
وال شك أن هذه الحماية تستهدف بالدرجة األولى أموال الدولة الموفدة ومصالحها السياسية
واالاقتصادية والثقافية ،كما تستهدف في الدرجة الثانية رعاية مصالح رعايا الدولة الموفدة ،خصوصاً فيما
يتعلق بمواضيع الهجرة واإلاقامة ،وشروط العمل والضمان االجتماعي ،والدراسة والسياحة ،ومنح جوازات
السفر والتأشيرات وتجديدها( ،)4واذا تعرض رعايا تلك الدولة ألية أضرار فإن البعثة الدبلوماسية تنوب
عنهم للمطالبة بالتعويض عن طريق الحماية الدبلوماسية ،وذلك بالتدخل لدى حكومة الدولة المعتمد لديها
عن طريق المساعي الدبلوماسية ،ولكن بشرط أن يكون المتضرر حامالً لجنسية الدولة الموفدة ،وأن
يكون اقد استنفذ جميع طرق الطعن القانونية أمام الهيئات الرسمية للدولة المستقبلة ،وأال يكون اقد تسبب
بخطئه في حدوث الضرر الذي أصابه(.)5
هذا عن وظيفة حماية المصالح في إطار الدبلوماسية الثنائية ،أما في إطار دبلوماسية المنظمات
الدولية فإنها تأخذ مفهوماً مزدوجاً ،ذلك أن ايفاد بعثة دائمة للتمثيل لدى المنظمة الدولية ُي ُّ
عد أوالً مساهمة
()1
أوكيل محمد أمين ،مرجع سابق ،ص .49
( )2المرجع نفسه ،ص .33وعبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .119
()3
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .89
()4
المرجع نفسه ،الصفحة نفسها.
()5
منتصر سعيد حمودة ،مرجع سابق ،ص ص .91 ،91
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
من الدولة المرسلة في تحقيق أهداف المنظمة كما تنص عليه المادة ( )9/19من اتفااقية ،1691كما
يهدف في الواقت ذاته إلى حماية مصالح الدولة المرسلة في المنظمة كما تنص عليه المادة ( )9/19من
ذات االتفااقية .غير أن البعثة لدى المنظمة ال تملك صالحية االدعاء لحماية مصالح األفراد على غرار
ما تقوم به البعثات الدبلوماسية لدى الدول إعماالً لحق الحماية الدبلوماسية( ،)1لعدم إمكان ذلك.
في الدول المستقبل :بالرغم من أن المادة ( )9/11من ميثاق األمم -4استطقاع األحوال والتطو اة
المتحدة أرست مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ،إال أن اتفااقية العالاقات الدبلوماسية في
مادتها (/1/11د) اعتبرت استطالع األحوال والتطورات في الدولة المضيفة من أهم وظائف البعثات
الدبلوماسية ،وليس هناك تنااقض بين المادتين ألن مجرد استطالع ما يجري في الدولة المضيفة من
أحداث وتطورات سياسية وااقتصادية وغيرها ،بغرض إبالغ دولته بها التخاذ مواقف معين والتعامل معها
بالشكل المناسب ال ُي ُّ
عد تدخالً في الشؤون الداخلية للدول ،خصوصاً وأن اتفااقية العالاقات الدبلوماسية
اشترطت أن يتم االستطالع والحصول على المعلومات بالطرق المشروعة وليس عن طريق التجسس(.)2
الودي بين الدولتين :لقد جاءت هذه الوظيفة الدبلوماسية التي أوردتها المادة -5تلةية اللقااا
(/1/11ه) من اتفااقية العالاقات الدبلوماسية ،متناغمة مع مقاصد األمم المتحدة المنصوص عليها في
المادة األولى من ميثااقها ،والتي على رأسها إنماء العالاقات الودية بين األمم ،باإلضافة إلى تحقيق
التعاون الدولي ،وجعل األمم المتحدة مرك اًز لتنسيق الجهود الدولية وتوجيهها نحو تحقيق الغايات
المشتركة ،كل ذلك لتحقيق المقصد األول المتمثل في الحفاظ على السلم واألمن الدوليين .لذلك ُي ُّ
عد تبادل
التمثيل الدبلوماسي الوسيلة الفعالة التي تتمكن من خاللها الدول من تحقيق مقاصد األمم المتحدة،
باعتبارها تعمل على تقريب وجهات النظر المختلفة بين الدولتين في كل المجاالت ،كما تعمل على
تعزيز الروابط بينهما ،من خالل تذليل الخالفات والصعوبات بينهما(.)3
وباإلضافة إلى الوظائف األساسية للبعثة الدبلوماسية المنوه بها في المادة ( )1/11المذكورة ،فإن
البعثة الدبلوماسية ُيمكن أن تضطلع بالمهام القنصلية في حالة عدم وجود بعثة اقنصلية للدولة ،وهو ما
أشارت إليه ذات المادة في فقرتها الثانية بقولهاُ " :يحظر تفسير أي حكم من أحكام هذه االتفااقية على أنه
يمنع البعثة الدبلوماسية من مباشرة الوظائف القنصلية" .كما ُيمكن للبعثة الدبلوماسية أن تضطلع مؤاقتاً
بالمهام الدبلوماسية لدولة ثالثة في حالة اقطع العالاقات الدبلوماسية بين تلك الدولة والدولة المضيفة(.)4
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
()1
حرشاوي عالن ،مرجع سابق ،ص .81
()2
المرجع نفسه ،ص ص .81 ،81
()3
المرجع نفسه ،ص .88
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
()1
أنظر :المادة (/11ج) من اتفااقية العالاقات القنصلية لسنة .1691
()2
غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص ص .111-186
()3
المرجع نفسه ،ص .111
()4
أنظر :المادة (/11د ،و) من اتفااقية فيينا للعالاقات القنصلية لسنة .1691
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
( )1أنظر :المادة (/11ط ،ي) من اتفااقية فيينا للعالاقات القنصلية لسنة .1691
()2
أنظر :المادة (/11ك ،ل) من اتفااقية فيينا للعالاقات القنصلية لسنة .1691
()3
غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص .111
()4
أنظر :المادة ( )1/81من اتفااقية فيينا للعالاقات الدبلوماسية لسنة .1691
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
للقضاء الوطني للدولة المضيفة ،فإن الهدف الحقيقي من ذلك هو تسهيل األداء الفعال للوظائف
الدبلوماسية ،وليس بغرض تمكينهم من انتهاك القوانين المعمول بها في الدولة المضيفة( ،)1ألن المبعوث
الدبلوماسي لم ُيرسل إلجراء تغيير في نظام الحكم أو السياسة المتبعة لدى الدولة المستقبلة أو انتهاك
اقوانينها ،بل أُرسل ليعمل على توطيد العالاقات الودية بين الدولتين ،وبالتالي عليه االبتعاد عن كل ما من
شأنه تعكير هذه العالاقات ،وذلك بالقدر الذي ال تتعارض فيه هذه القوانين مع ما يتمتع به المبعوث
قررها اقواعد القانون الدولي(.)2
الدبلوماسي من حصانات وامتيازات تُ ِّ
نصت على هذا الواجب كذلك المادة ( )1/11من اتفااقية العالاقات القنصلية ،والمادة ()1/89 واقد َّ
من اتفااقية البعثات الخاصة ،والمادة ( )1/99من اتفااقية تمثيل الدول في عالاقاتها مع المنظمات الدولية،
غير أن هذه االتفااقية اقد تضمنت حكماً لم يرد في االتفااقيات األخرى ،وهو استدعاء المبعوث في حال
اقيامه بمخالفة خطيرة للتشريع الجنائي للدولة المضيفة أو تدخله في شؤونها الداخلية ،حيث تلزم الدولة
المرسلة في هذه الحالة بإسقاط حصانة المبعوث المعني أو استدعاءه وانهاء مهامه(.)3
ثانيا :عدم التدخل في الشؤون الداخلي للدول المضيف
نصَّت على هذا االلتزام المواد ( )1/81من اتفااقية العالاقات الدبلوماسية ،و( )1/11من اتفااقية
العالاقات القنصلية ،و( )1/89من اتفااقية البعثات الخاصة )1/99( ،من اتفااقية تمثيل الدول في
عالاقاتها مع المنظمات الدولية ،واقد جاء هذا االلتزام متناغماً مع ما أحد أهم مبادئ القانون الدولي،
أاقره ميثاق األمم المتحدة في المادة (.)9/11
المتمثل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ،والذي َّ
وبإعمال هذا المبدأ في مجال العمل الدبلوماسي والقنصلي فإنه ُيمنع على أعضاء البعثات اإلدالء
بأي تصريح من شأنه اإلساءة للدولة المستقبلة ولنظام الحكم فيها ولرئيسها ،كما ُيمنع عليه توجيه أي نقد
أو إبداء أي مواقف معارض لسياستها العامة ،وعموماً عليه االبتعاد عن كل ما من شأنه إثارة
االضطرابات والفتن في إاقليمها ،كما يلتزم بعدم التحريض على االضطرابات الداخلية(.)4
وال يتعارض هذا االلتزام مع وظيفة استطالع األوضاع والتطورات وجمع المعلومات عن الدولة
المضيفة التي نصَّت عليها اتفااقية العالاقات الدبلوماسية في مادتها (/1/11د) ،ألن مجرد استطالع ما
يجري في تلك الدولة من أحداث وتطورات ،بغرض إبالغ دولته بها التخاذ مواقف معين والتعامل معها
بالشكل المناسب ال ُي ُّ
عد تدخالً في الشؤون الداخلية للدول ،خصوصاً وأن اتفااقية العالاقات الدبلوماسية
اشترطت أن يتم االستطالع والحصول على المعلومات بالطرق المشروعة وليس عن طريق التجسس(.)5
()1
أوكيل محمد أمين ،مرجع سابق ،ص ص .46 ،44
()2
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .11
( )3أنظر :المادة ( )1/99من اتفااقية تمثيل الدول في عالاقاتها مع المنظمات الدولية لسنة .1691
( )4مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .11
()5
سهيل حسين الفتالوي ،الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق ،مرجع سابق ،ص .189
33
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
( )1أنظر :المادة ( )8/99من اتفااقية تمثيل الدول في عالاقاتها مع المنظمات الدولية لسنة .1691
()2
ناظم عبد الواحد الجاسور ،مرجع سابق ،ص .161
()3
أوكيل محمد أمين ،مرجع سابق ،ص ص .61 ،46
34
الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
التي تحظر القيام بمثل هذه الممارسات( ،)1ولكن األنشطة الثقافية والعلمية التي ال تهدف في األساس
إلى الكسب المادي وتحقيق الربح كإلقاء المحاضرات واصدار النشريات التعريفية ببالده ال يشملها هذا
المنع بل هي مطلوبة(.)2
هذا ،ونشير في األخير إلى أن عدم التقيد بهذه الواجبات واإلخالل بها ،ال يترتب عليه إثارة
المسؤولية القانونية للمبعوث المخالف ألنه يتمتع بالحصانات واالمتيازات التي سنتحدث عنها في الفصل
الموالي ،كما ال ُيثير المسؤولية الدولية للدولة الموفدة ،وكل ما في وسع الدولة المضيفة فعله هو اإلعالن
بأن هذا المبعوث المخالف أصبح غير مرغوب فيه ،مما يمنحها الحق في سحب اعتماده نهائياً ،وبالتالي
استدعائه من طرف دولته وانهاء خدمته في بعثتها واستبداله بشخص آخر ،وهو ما نصَّت عليه المادة
( )1/16من اتفااقية العالاقات الدبلوماسية ،والمادة ( )1/11من اتفااقية العالاقات القنصلية.
()1
أوكيل محمد أمين ،مرجع سابق ،ص .61
()2
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .11
34
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
الفصل الثالث
الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية
ُي ُّ
عد موضوع الحصانات واالمتيازات من أهم المبادئ التي يتفرد بها القانون الدولي الدبلوماسي
والقنصلي ،وينصرف مصطلح الحصانات واالمتيازات( )1الدبلوماسية والقنصلية إلى الحقوق والمزايا التي
تتمتع بها البعثات الدبلوماسية وأعضائها وممتلكاتها في مواجهة الدولة المضيفة ،وأحياناً في مواجهة دولة
ثالثة بالنسبة للحصانات واالمتيازات الشخصية.
ويتمثل الهدف األساس من االعتراف بالحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية في تمكين
البعثة والمبعوثين الدبلوماسيين والقنصليين من ممارسة مهامهم والقيام بالوظائف الملقاة على عاتقهم على
أكمل وجه ،وهو ما أ ّكدت عليه أوالً المادة ( )501من ميثاق األمم المتحدة( .)2كما َّ
أكدته اتفاقية العالقات
الدبلوماسية لسنة 5695في ديباجتها من أن الغرض من هذه االمتيازات والحصانات ليس إفادة األف ارد،
بل ضمان األداء الفعال لوظائف البعثات الدبلوماسية وبوصفها ممثلة لدولها ،وقد جاء التنصيص عليه
أيضاً في ديباجة كل من اتفاقية العالقات القنصلية لسنة ،5691واتفاقية البعثات الخاصة لسنة ،5696
واتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية لسنة .5691
ولدراسة موضوع الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية من كل جوانبه ،سوف نتناول هذا
الفصل في ثالث مباحث ،نخصِّص األول ألساس ونطاق الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية،
والثاني لحصانات وامتيازات مقر البعثة ،والثالث لحصانات وامتيازات المبعوثين.
()1
كلمة حصانة ( )immunitéفي اللغة األجنبية وخاصة الفرنسية مشتقة من اللغة الالتينية من كلمة ( )immunitasوجذرها ( )munusوتعني اإلعفاء من
أعباء معينة ،وهذا اإلعفاء يكون ذو طابع مالي .وتكاد كلمة "حصانة" تتطابق مع كلمة "امتياز" ،بدليل أن قاموس روبير عرَّف الحصانة بأنها" :إعفاء من
عبء أو امتياز (ُ )prérogativesيمنح قانوناً لفئة معينة من األشخاص" .أما القانون الحديث حسب قاموس روبير فيعطي لكلمة حصانة معنى "اإلعفاء
من القواعد العامة في مادة القضاء والمالية" .أنظر :علي حسين الشامي ،مرجع سابق ،ص ص .856 ،854
()2
تنص المادة ( )501من الميثاق على " :تتمتع الهيئة في أرض كل عضو من أعضائها بالمزايا واإلعفاءات التي يتطلبها تحقيق مقاصدها .وكذلك يتمتع
المندوبون عن أعضاء األمم المتحدة وموظفو هذه الهيئة بالمزايا واإلعفاءات التي يتطلبها استقاللهم في القيام بمهام وظائفهم المتصلة بالهيئة".
27
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
المبحث األول
أساس ونطاق الحصانات الدبلوماسية والقنصلية
أقرتها اتفاقيات العالقات الدبلوماسية والقنصلية ،سواء
تعكس جملة الحصانات واالمتيازات التي َّ
تلك المقررة لمقرات البعثات أو للعاملين فيها ،تعطيالً لممارسة الدولة المضيفة الختصاصاتها في إقليمها
على بعض األشخاص واألشياء ،لذلك فإن فقهاء القانون الدولي قد اجتهدوا في البحث عن المبررات
المقنعة لحل هذا التناقض القائم بين مبدأ سيادة الدولة الذي يقتضي خضوع جميع األفراد والممتلكات
استثناء عليها.
ً لقوانينها واختصاصاتها ،وبين مبدأ الحصانات واالمتيازات الذي ُي ُّ
عد
لذلك سندرس في هذا المبحث أساس ونطاق هذا االستثناء ،بحيث نتناول في مطلبه األول أساس
الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية ،في حين ُن ِّ
حدد في مطلبه الثاني نطاق تلك الحصانات
واالمتيازات.
المطلب األول :األساس القانوني للحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية
اختلف الفقهاء في مجال القانون الدولي عموماً وفي مجال القانون الدبلوماسي والقنصلي حول
السند واألساس القانوني ،الذي ُي ِّبرر تمتع مقرات وأعضاء البعثات الدبلوماسية والقنصلية بالحصانات
مكنهم من اإلفالت وعدم الخضوع لقوانين الدولة المضيفة ،على ثالث اتجاهات واالمتيازات التي تُ ِّ
متباينة ،باإلضافة اتجاه رابع توفيقي حاول الجمع بين محاسن تلك االتجاهات ،وبيان ذلك كما يلي:
الفرع األول :نظرية االمتداد اإلقليمي
المبررات التي تقوم عليها
تعتبر هذه النظرية من أهم النظريات التي بحثت في األسس و ِّ
الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية ،والتي سادت طوال القرن السابع عشر وجزء من القرن
الثامن عشر( ، )1فما هي األسس التي قامت عليها ،وما مدى كفايتها لتفسير تلك الحصانات واالمتيازات؟
أوالا :أساس النظرية
تنطلق هذه النظرية من افتراض أن المبعوث الدبلوماسي لم يغادر إقليم دولته ،وأن إقامته في
الدولة التي يباشر فيها مهمته هي في حكم امتداد إلقامته في موطنه ،وبذات المنطق تعتبر المباني
الدبلوماسية (مقر البعثة وسكن المبعوث الدبلوماسي) كذلك من أمالك الدولة الموفدة وامتداد إلقليمها(،)2
وبالتالي عدم خضوع المبعوث الدبلوماسي ومباني البعثة الدبلوماسية لالختصاص اإلقليمي للدولة
()1
موسى محمد مصباح ،القانون الدولي الدبلوماسي والقنصلي ،ط ،5دار المشرق العربي ،الجيزة ،مصر ،9056 ،ص .69
()2
المرجع نفسه ،الصفحة نفسها.
27
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
المستقبلة( .)1وطبقاً لهذه النظرية فإن الجرائم واألفعال التي تتم داخل السفارة ،إنما تعتبر واقعة في إقليم
أجنبي ويحكمها بالتالي قانون الدولة التي يمثلها السفير ،كما أن هذه النظرية تبرر حق الملجأ(.)2
بقوله: ()3
وقد َّأيد هذه النظرية عدد معتبر من الفقهاء على رأسهم الفقيه الهولندي "غروسيوس"
"بما أن السفير افتراضاً ممثل ملكه ،فإنه أيضاً عمالً بافتراض مماثل يعتبر كأنه خارج إقليم الدولة التي
يمارس نشاطه لديها ،وبالتالي فليس عليه التزام بمراعاة القانون الوطني لتلك الدولة األجنبية التي توجد
بقوله" :الحقيقة أن المبعوثين يجب أن ُيعاملوا كما لو ()4
فيها سفارته" ،كما َّأيدها الفقيه األلماني "أوبنهايم"
كانوا غير مقيمين في إقليم الدولة المستقبلة"( ،)5أما الفقيه "دي مارتنز" فقد َّبرر لها بالقول" :أن الحقوق
توسعاً اُعتبر معه الممثل
توسعت في مفهوم مبدأ االستقالل عن السلطة اإلقليمية ُّ
الدولية الوضعية قد َّ
السياسي كأنه لم يغادر الدولة التي أوفدته وال يزال مقيماً في أراضيها"(.)6
ثاني ا :تقييم النظرية
بالرغم من أن هذه النظرية تعتبر أولى المحاوالت الجادة لتفسير الحصانات واالمتيازات
الدبلوماسية والقنصلية كاستثناء يرد على وجوب خضوع جميع األشخاص والممتلكات الختصاص الدولة
تعرضت إلى العديد من االنتقادات ،أهمها ما يلي:
الموجودين بها ،إال أنها ًّ
-يرى الفقيه "فوشي" بأن هذه النظرية تستند إلى افتراض غامض ووهمي ،وهي غير كافية لتفسير
الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية ،كما أن القانون الدولي ال يحتاج إلى االفتراض لتفسير قواعده(.)7
-أن هذه النظرية من الناحية العملية تقف عاجزة عن تفسير بعض الحاالت التي يخضع فيها المبعوث
الدبلوماسي الختصاص محاكم الدولة المعتمد لديها كالدعاوى العينية المتعلقة بالعقارات التي يملكها،
والدعاوى المتعلقة بالميراث واألعمال التجارية التي يزاولها لمصلحته الشخصية.
-أن هذه النظرية ال تصلح لتفسير الحاالت التي تتنازل فيها دولة المبعوث الدبلوماسي عن الحصانة
التي يتمتع بها ،ففي مثل هذه الحاالت هل تعتبر دولة المبعوث قد تنازلت عن سيادتها ،أم تعتبر الدولة
()1
غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص .515
()2
خليل حسين ،مرجع سابق ،ص .109
()3
هوغو غروسيوس ( 50أبريل 94 – 5141أوت )5981هو قاض من جمهورية هولندا ،وضع مع فراشيسكو دي فيتوريا وألبريكو غنتيلي أسس القانون
الدولي اعتماداً على الحق الطبيعي .أنظر موقع ويكيبيديا على الرابط ،https://ar.wikipedia.org :تاريخ الزيارة ،9056/55/55 :على الساعة:
.50:58
()4
ماكس فون أوبنهايم ( 51يوليو 52 – 5681نوفمبر )5478وهو دبلوماسي ألماني ،كما له اهتمامات بعلم اآلثار .أنظر موقع ويكيبيديا على الرابط:
،https://ar.wikipedia.orgتاريخ الزيارة ،9056/55/55 :على الساعة.50:56 :
()5
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص .69
()6
غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص .515
()7
المرجع نفسه ،الصفحة نفسها.
27
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
المعتمد لديها قد تدخلت في الشؤون الداخلية للدولة المعتمدة ،عن طريق محاكمة مبعوثها الدبلوماسي
أمام محاكمها(.)1
-باإلضافة إلى ذلك ،فإن مقرات المنظمات الدولية في الدول المضيفة غدت تتمتع بحصانات وامتيازات
دبلوماسية مماثلة لتلك الممنوحة لبعثات الدول ،دون أن يكون لها إقليم أو سيادة إقليمية ،فهذه النظرية ال
ُيمكن أن تُفسِّر علة منح الحصانات لمقرات وأماكن عمل المنظمات الدولية(.)2
الفرع الثاني :نظرية الصفة التمثيلية
أمام العيوب التي اعترت نظرية االمتداد اإلقليمي ،وعدم صمودها من الناحية العملية ،ومساسها
بسيادة الدول األجنبية المضيفة ،فقد اتجه جانب آخر من الفقه لتأسيس الحصانات واالمتيازات
الدبلوماسية والقنصلية على فكرة الصفة التمثيلية .وقد ظهرت هذه النظرية في القرن الثامن عشر في
أوروبا( ،)3فما هي المرتكزات التي تقوم عليها ،وما مدى نجاحها في ايجاد التفسير المناسب للحصانات
واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية.
أوالا :مرتكزات النظرية
تنطلق هذه النظرية من فكرة أن العالقات الدولية إنما هي عالقات شخصية بين الملوك ،وبالتالي
فالمبعوثون الدبلوماسيون هم الممثلون الشخصيون لهم ،ومن ثم فإن أي اعتداء عليهم هو اعتداء على
()5
الذي قال في الملك نفسه( .)4وقد كان على رأس المؤيِّدين لهذه النظرية الفقيه الفرنسي "مونتسكيو"
كتابه الشهير "روح القوانين" ما ُيفيد بأن قانون الشعوب اقتضى أن يرسل األمراء سفراء لبعضهم البعض،
والحكمة المستقاة من طبيعة األمور لم تتح المجال بأن يتبع هؤالء السفراء األمير الذي يوفدون إليه وال
أن يخضعوا لسلطانه وقضائه .فهم صوت األمير الذي بعث بهم وهذا الصوت يجب أن يكون ح اًر،
فيجب أال تعترض سبيل عملهم أية عقبة ...لذا يجب أن يتبع هؤالء السفراء قواعد مستنبطة من حقوق
األمم ال قواعد مشتقة من الحقوق السياسية ،فإذا أساءوا استعمال صفتهم التمثيلية جاز إعادتهم إلى
أميرهم حتى ُيمكن مجازاتهم أمامه ،الذي يصبح بذلك قاضيهم أو شريكهم(.)6
يتضح من كالم الفقيه "مونتسكيو" أن أساس الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية يتمثل في السيادة
الشخصية التي يتمتع بها الملوك واألمراء ،والتي تفيض على المبعوثين الدبلوماسيين باعتبارهم الممثلون
()1
سهيل حسين الفتالوي ،الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق ،مرجع سابق ،ص ص .599 ،595
()2
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .594
()3
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص .61
()4
زناتي مصطفى ،مرجع سابق ،ص .14
()5
اسمه األصلي "شارل لوي دي سيكوندا" المعروف بـ" :مونتسكيو" ( 54يناير 50 – 5946فبراير ،)5911وهو فيلسوف فرنسي من أهم فالسفة عصر
التنوير في القرن الثامن عشر ،صاحب نظرية الفصل بين السلطات ،اشتهر بكتاب "روح القوانين" المتكون من 15جزاءاً الذي نشره في جنيف سنة .5984
أنظر :موقع ويكيبيديا على الرابط ،https://ar.wikipedia.org :تاريخ الزيارة ،9056/55/55 :على الساعة.50:08 :
()6
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .599
21
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
الشخصيون لملوكهم .لكن مع تطور مفاهيم السيادة واالنتقال من السيادة الشخصية إلى سيادة الدولة لم
يعد المبعوث الدبلوماسي ممثالً ألميره أو سيده ،بل أصبح لدولته نيابة عن رئيسها(.)1
ثاني ا :تقييم النظرية
على الرغم من وجاهة األساس الذي قامت عليه هذه النظرية ،على األقل قبل مرحلة الدولة
الحديثة أين كانت الدولة مرتبطة بشخص األمير ،إال أنها ال تُ ِّ
قدم تفسي اًر كافياً للعديد من المسائل
المرتبطة بالحصانات واالمتيازات الدبلوماسية ،ومن ذلك(:)2
-أن هذه النظرية ال تُ ِّ
قدم تبري اًر للحصانات واالمتيازات التي يتمتع بها المبعوثون الدبلوماسيون فوق إقليم
دولة ثالثة ،حيث ال صفة تمثيلية لهم تجاهها.
-كما أنها ال تصلح بتاتاً لتبرير منح حصانات وامتيازات ألشخاص من غير الممثلين الدبلوماسيين
للدول ،شأن الموظفين والمستخدمين الدوليين لدى المنظمات الدولية.
-كما تقف هذه النظرية عاجزة عن تفسير تمتع عائلة الدبلوماسي بالحصانات واالمتيازات ،خصوصاً
وأنها ال تتمتع بأية صفة تمثيلية.
-أنها غير كافية لتفسير كل الحصانات واالمتيازات التي يتمتع بها المبعوث الدبلوماسي ،فهي ال تُفسِّر
إال تلك اإلعفاءات التي يتمتع بها بالنسبة ألعماله الرسمية ،أما اإلعفاءات التي تُمنح له بصفته
قررها له الدولة المستقبلة من باب المجاملة والمعاملة بالمثل فال نجد لها
الشخصية ،واالمتيازات التي تُ ِّ
تفسي اًر(.)3
الفرع الثالث :نظرية مقتضيات الوظيفة
أمام عجز نظرية االمتداد اإلقليمي ونظرية الصفة التمثيلية عن تفسير كل الحصانات واالمتيازات
الدبلوماسية ،وكذلك تطور العالقات الدولية بتطور وظائف الدولة من جراء تدخلها في شتى المجاالت،
وكذلك ظهور المنظمات الدولية وتزايد نشاطها ودورها على الصعيد الدولي ،كأشخاص جديدة للعالقات
الدولية ،فقد اتجه فقهاء القانون الدولي إلى البحث عن أسس جديدة للحصانات واالمتيازات الدبلوماسية
تتالءم مع هذه التطورات المستحدثة ،بما يضمن أيضاً تمتع هذه المنظمات بحصانات وامتيازات تتالءم
مع طبيعتها ،فتوصلوا إلى أن متطلبات الوظيفة الدبلوماسية هي األساس المناسب لتلك الحصانات
واالمتيازات.
()1
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص .61
()2
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .599
()3
غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص .519
28
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
()1
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص .68
()2
خليل حسين ،مرجع سابق ،ص .159
()3
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .545
()4
المرجع نفسه ،ص ص .549 ،545
22
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
()1
سهيل حسين الفتالوي ،الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق ،مرجع سابق ،ص .599
()2
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .549
()3
المرجع نفسه ،الصفحة نفسها.
26
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
نستنتج مما سبق أن الجمع بين الصفة التمثيلية ومتطلبات الوظيفة الدبلوماسية أمر ضروري
لتفسير أسباب منح كل الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية المقررة للبعثات الدائمة والخاصة
للدول ،لكن في اعتقادي أن نظرية مقتضيات الوظيفة لوحدها كافية بالنسبة لتبرير الحصانات واالمتيازات
الدبلوماسية المقررة لبعثات الدول لدى المنظمات الدولية أو لموظفي ومستخدمي هذه األخيرة ،على
اعتبار أن موظفي هذه المنظمات ال يؤدون عملهم نيابة عن دولة ما وانما نيابة عن المجموعة الدولية،
وهو ما نوهت به اتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية في ديباجتها بالقول" :واعترافاً منها بأن
غرض االمتيازات والحصانات الواردة في هذه االتفاقية ليست لمنفعة األفراد ،بل لضمان األداء الفعال
لمهامهم فيما يتصل بالمنظمات والمؤتمرات".
المطلب الثاني :نطاق الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية
استثناء يحد من امتداد
ً لما كانت الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية تُمثِّل قيداً و
االختصاص اإلقليمي للدولة المضيفة لبعض األشخاص والممتلكات ،فإنها جاءت ُم َّ
حددة ومحصورة في
نطاق ثالثي األبعاد ،نطاق شخصي يقتصر على عدد معين من األفراد وبدرجات متفاوتة ،ونطاق زماني
يجعلها غير دائمة بل هي مؤقتة تبدأ وتنتهي في وقت معين ،وأخي اًر نطاق مكاني يجعلها تتحدد بمكان
معين ،وهو ما يسمح لنا بتناول كل نطاق بشكل مستقل في ثالثة فروع كما يلي:
الفرع األول :النطاق الشخصي
َّ
يتحدد النطاق الشخصي للحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية بمجموعة من األفراد
يتفاوتون في التمتع بها ،وقد يكونوا عاملين في البعثة أو غير عاملين فيها.
أوالا :أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي
أعضاء السلك الدبلوماسي هم أعضاء البعثة الذين تُوكل لهم مهمة القيام بالوظائف الدبلوماسية،
لذا فهم يتمتعون بالصفة الدبلوماسية ،وهم رئيس البعثة والموظفون الدبلوماسيون من المستشارين وال ُكتَّاب
والملحقين ،وهؤالء يتمتعون بكافة الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية المنصوص عليها في المواد ()15
و( )11و( )18و( )11و( )19من اتفاقية العالقات الدبلوماسية لسنة ،5695شرط أن ال يكونوا من
رعايا الدولة المعتمد لديها ،ففي هذه الحالة يتمتعون بالحصانة واإلعفاء القضائي بالنسبة لألعمال
الرسمية التي يقومون بها خالل تأدية وظائفهم باإلضافة إلى االمتيازات واإلعفاءات التي تمنحهم إياها
الدولة المعتمد لديها(.)1
كما يتمتع أعضاء السلك القنصلي في البعثات القنصلية بكل الحصانات واالمتيازات التي منحتها
اتفاقية العالقات القنصلية لسنة ،5691وهم رئيس البعثة القنصلية والموظفون القنصليون المسلكيون بكل
()1
فاوي المالح ،سلطات األمن والحصانات واالمتيازات الدبلوماسية في الواقع النظري والعملي مقارنا بالشريعة اإلسالمية ،دار المطبوعات الجامعية،
االسكندرية ،مصر ،5661 ،ص .991
24
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
درجاتهم ،بشرط أن ال يكونوا من رعايا الدولة المعتمد لديها ،وغير مقيمين إقامة دائمة فيها ،وال يتعاطون
عمالً ُمكسباً خارج وظائفهم القنصلية(.)1
وبالنسبة للبعثات الخاصة فإنه حسب المادة (/05ه) من اتفاقية البعثات الخاصة لسنة 5696
يتمتع بكل الحصانات واالمتيازات المقررة في هذه االتفاقية أعضاء البعثة الذين يتمتعون بالصفة التمثيلية
الواردة أسماؤهم في كتاب االعتماد( ،)2باإلضافة إلى أعضاء البعثات الدائمة إذا كانوا في تشكيلة البعثة
الخاصة عالوة عن حصاناتهم وامتيازاتهم في إطار بعثتهم الدائمة .كما َّ
مدت هذه االتفاقية نطاقها
الشخصي إلى رئيس الدولة ورئيس الحكومة ووزير الخارجية ،إذا ترأسوا أو شاركوا في أعمال بعثة
خاصة ،وقررت تمتعهم أيضاً بالتسهيالت والحصانات واالمتيازات التي يقررها لهم القانون الدولي،
باإلضافة إلى ما هو ممنوح لهم بموجب هذه االتفاقية(.)3
أما أعضاء السلك الدبلوماسي لبعثات الدول لدى المنظمات الدولية ،والذين يتمتعون بكامل
الحصانات واالمتيازات ،فهم موظفو البعثة أو الوفد المراقب الذين يتمتعون بالمركز الدبلوماسي( ،)4وهو
أكدته المادة ( )94من اتفاقية بعثات الدول لدى المنظمات الدولية لسنة 5691بقولها" :يتمتع رئيس ما َّ
البعثة والموظفون الدبلوماسيون للبعثة بالحرمة الشخصية ،وال يكونوا عرضة ألي شكل من أشكال
االعتقال أو االحتجاز ،وعلى الدولة المضيفة أن تعاملهم باالحترام الواجب".
وبالمثل فإن الموظفين الدوليين التابعين لألمم المتحدة كاألمين العام واألمناء العامون المساعدون
يتمتعون هم وأزواجهم وأوالدهم القصر بحصانات دبلوماسية مماثلة لتلك المعترف بها لرجال السلك
الدبلوماسي( .)5كما يتمتع أعضاء الجمعيات البرلمانية والقضاة الدوليين وأفراد القوات الدولية والخبراء
مكنهم من أداءالدوليين الذين يعملون لحساب منظمة األمم المتحدة بالحصانات واالمتيازات التي تُ ِّ
مهامهم بكل استقاللية(.)6
ثاني ا :المستفيدون من األشخاص اآلخرين
ويوجد ضمن هؤالء صنفين من األشخاص وهم :أوالً األشخاص العاملون في البعثة الدبلوماسية
أو القنصلية من غير الذين يتمتعون بالصفة الدبلوماسية أو القنصلية مثل المستخدمون الدبلوماسيون
والقنصليون من اإلداريين والفنيين وعمال الصيانة والحرس وسائقوا السيارات ،وثانياً بعض األشخاص
()1
بن صاف فرحات ،مرجع سابق ،ص .594
()2
حرشاوي عالن ،مرجع سابق ،ص .91
()3
أنظر :المادة ( )95من اتفاقية البعثات الخاصة لسنة .5696
()4
أنظر :المادة ( )94/05من اتفاقية فيينا لتمثيل الدول في عالقاتها مع المنظمات الدولية ذات الطابع العالمي لسنة .5691
()5
أنظر :المادة ( )56من اتفاقية امتيازات وحصانات األمم المتحدة لسنة .5689
()6
مقيرش محمد ،النظام القانوني للدبلوماسية متعددة األطراف – في ضوء القانون الدبلوماسي المعاصر والممارسة الدولية( ،-أطروحة دكتوراه في
القانون العام ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر ،)9051 ،5ص ص .569-546
61
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
غير العاملين في البعثات مثل الخدم الخصوصيون العاملون في بيوت الدبلوماسيون والقنصليون ،فهؤالء
كلهم يتمتعون بدرجات متفاوتة من الحصانات واالمتيازات ،والتي بالضرورة تكون أقل من حصانات
وامتيازات الدبلوماسيين والقنصليين ،بشرط أال يكونوا من رعايا الدولة المضيفة أو ممن يقيمون فيها إقامة
دائمة .كما تمتد الحصانات واالمتيازات ألفراد أسر الدبلوماسيون والقنصليين من المقيمين معهم تحت
سقف واحد ،بشرط أال يكونوا من مواطني الدولة المضيفة(.)1
الفرع الثاني :النطاق الزماني
أشرنا فيما سبق إلى أن الحصانات واالمتيازات مرتبطة بمتطلبات الوظيفة التي ُي ِّ
ؤديها الدبلوماسي
والقنصلي ،وبالتالي َّ
يتحدد النطاق الزماني لها ببداية ونهاية هذه الوظيفة ،وهو ما سنوضِّحه فيما يلي:
أوالا :بداية التمتع بالحصانات واالمتيازات
لقد أخذت اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة 5695بما استقر عليه العرف الدولي في
ممارسة الدول والرأي الغالب في الفقه الدولي( ،)2في تحديد الوقت الذي يبدأ فيه سريان الحصانات
واالمتيازات ،حين نصت مادتها ( )5/16على" :يجوز لصاحب الحق في االمتيازات والحصانات أن
يتمتع بها منذ دخوله إقليم الدولة المعتمد لديها لتولي منصبه ،أو منذ إعالن تعيينه إلى و ازرة الخارجية أو
أية و ازرة أخرى قد ُيتَّفق عليها إن كان موجوداً في إقليمها".
حددت بداية تمتع المبعوث بالحصانات واالمتيازاتيتضح من النص المتقدم أن االتفاقية َّ
الدبلوماسية بأحد المعيارين التاليين:
-وقت الدخول إلقليم الدولة المضيفة لتولي منصبه في البعثة الدبلوماسية.
-أو وقت إخطار الجهات المعنية في الدولة المضيفة بتعيينه إن كان موجوداً فعالً على أراضيها.
وأن لحظة البداية التي َّ
حددتها اتفاقية العالقات الدبلوماسية للتمتع بالحصانات واالمتيازات تسري
على رئيس البعثة وأعضائها والمرافقين لهم ممن يتمتعون بالحصانات واالمتيازات ،وهو ما ُيستنتج من
عبارة "يجوز لصاحب الحق في االمتيازات والحصانات".
وقد أخذت كل من اتفاقية العالقات القنصلية لسنة ،5691واتفاقية البعثات الخاصة لسنة
،5696واتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية لسنة ،5691بذات المعايير لتحديد بداية التمتع
بالحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية( ،)3مع اختالف بسيط بالنسبة لبعثات الدول لدى
المنظمات الدولية ،حيث تبدأ الحصانات واالمتيازات منذ دخول دولة مقر المنظمة أو الدولة المضيفة
()1
أنظر :المادة ( )19من اتفاقية العالقات الدبلوماسية لسنة ،5695والمواد من ( )89إلى ( )19من اتفاقية العالقات القنصلية لسنة ،5691والمواد من
( )19إلى ( )16من اتفاقية البعثات الخاصة لسنة ،5696والمادة ( )19من اتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية لسنة .5691
()2
أنظر :سهيل حسين الفتالوي ،الدبلوماسية المعاصرة بين النظرية والتطبيق ،مرجع سابق ،ص .959
()3
أنظر :المادة ( )11من اتفاقية العالقات القنصلية لسنة ،5691والمادة ( )81من اتفاقية البعثات الخاصة لسنة .5696
65
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
التي ستحتضن اجتماع الهيئة أو المؤتمر ،أو في اللحظة التي تقوم فيها المنظمة أو المؤتمر أو الدولة
المرسلة بإخطار الدولة المضيفة بتعيينهم إذا كانوا موجودين فيها(.)1
ثاني ا :نهاية الحصانات واالمتيازات
تنتهي مهام البعثات الدبلوماسية والقنصلية بشكل طبيعي بانتهاء مهامها لدى الدولة المعتمدة
حدد اتفاقيات العالقات الدبلوماسية والقنصلية مدة عمل تلك البعثات ،بل تركت تحديد ذلكلديها ،ولم تُ ِّ
إلى التشريعات الداخلية للدول( ،)2كما تنتهي بالوفاة أو بقطع العالقات الدبلوماسية ،وقد ذهب غالبية
الفقهاء وممارسات الدول ،إلى أن الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية ال تنتهي بمجرد انتهاء مهام البعثة،
بل تستمر لفترة معقولة حتى َّ
يتمكن أعضاء البعثة من ترتيب إجراءات مغادرتهم إقليم الدولة المضيفة(.)3
وهو ما أخذت به اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية في مادتها ( ،)9/16وقد َّ
حددت لحظة نهاية
التمتع بالحصانات واالمتيازات بواحد من المعيارين التاليين:
-وقت مغادرة أراضي الدولة المعتمد لديها.
-أو بعد انقضاء فترة معقولة من الزمن لتصفية أعماله وترتيب إجراءات مغادرته النهائية.
ويسري هذا الحكم على كل شخص انتهت مهامه بالبعثة أو تم استدعاؤه من طرف دولته ،وتظل
الحصانات واالمتيازات قائمة إلى ذلك الوقت حتى في حالة نشوب نزاع مسلح بين الدولتين ،ويالحظ أن
تلك الفترة المعقولة تُ ِّ
حددها الدول المضيفة ،والتي عادة ما تتساهل في تحديدها في الحاالت العادية(،)4
أما في حالة قطع العالقات الدبلوماسية فإنها َّ
تتشدد في تحديدها ،حيث ُيمنح ألعضاء البعثة عادة فترة ال
تتجاوز يومين أو أسبوع لمغادرة أراضي الدولة المعتمد لديها(.)5
وفي حال وفاة أحد أعضاء البعثة ،فإن أعضاء أسرته يستمرون في التمتع بالحصانات
واالمتيازات المقَّررة لهم لحين انقضاء فترة معقولة من الزمن تُمنح لهم لمغادرة إقليم الدولة المضيفة،
ويحق لهم سحب أموال مورثهم المنقولة باستثناء ما يكون منها محظور تصديرها وقت وفاته(.)6
وهي ذات األحكام التي اعتمدتها اتفاقية العالقات القنصلية لسنة ،5691واتفاقية البعثات
الخاصة لسنة ،5696واتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية لسنة .)7(5691
( )1أنظر :المادتين ( )14و( )94من اتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية.
( )2سهيل حسين الفتالوي ،الدبلوماسية المعاصرة بين النظرية والتطبيق ،مرجع سابق ،ص .956
()3
المرجع نفسه ،الصفحة نفسها.
وحددتها المحاكم الفرنسية بعشرين يوماً ،بينما المحاكم األمريكية َّ
حددتها بخمسة أشهر .أنظر :سهيل حسين حددها القانون البريطاني بمدة شهرينَّ ،
َّ ()4
الفتالوي ،الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق ،مرجع سابق ،ص ص .990 ،956
()5
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص .515
()6
أنظر :الفقرتين ( )8 ،1من المادة ( )16من اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة .5695
()7
أنظر :المادة ( )11من اتفاقية العالقات القنصلية لسنة ،5691والمادة ( )81من اتفاقية البعثات الخاصة لسنة ،5696والمادتين ( )14و( )94من
اتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية لسنة .5691
67
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
()1
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص .515
()2
أنظر :المادة ( )14من اتفاقية العالقات الدبلوماسية لسنة ،5695والمادة ( )80من اتفاقية البعثات الخاصة لسنة ،5696والمادة ( )19من اتفاقية
تمثيل الدول في عالقاتها مع المنظمات الدولية لسنة .5691
()3
لقد عرَّفت المادة (/5/05ب) من اتفاقية العالقات القنصلية لسنة 5691المنطقة القنصلية بأنها" :المساحة المحددة للبعثة القنصلية لممارسة أعمالها
القنصلية".
67
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
سوى بعثة قنصلية واحدة في الدولة المضيفة أو كانت المهام القنصلية منوطة بالبعثة الدبلوماسية بسبب
عدم وجود بعثات قنصلية ،فإن أعضاء البعثة القنصلية يكون لهم اختصاص شامل ،وبالتالي يتمتعون
بالحصانات واالمتيازات في جميع أنحاء الدولة المضيفة(.)1
ثانيا :التمتع بالحصانات واالمتيازات في إقليم الدولة الثالثة
قد يحدث أن يعبر أعضاء البعثة الدبلوماسية أو القنصلية للوصول إلى الدولة المضيفة أو العودة
منها إقليم دولة ثالثة ،لذلك جرى العرف الدولي على تمتعهم بالحصانات واالمتيازات الالزمة عند مرورهم
العرضي في أراضي هذه الدولة .وقد عجزت كل النظريات التي بحثت في األساس الفلسفي للتمتع
بالحصانات االمتيازات في تفسير هذه الحالة ،إال أن البعض فسَّرها بوجود مصلحة مشتركة للدول في
عدم إعاقة سير البعثات الدبلوماسية والقنصلية ،ألن قيام أية دولة بذلك سوف يؤدي إلى عدم ُّ
تمكنها من
إرسال مبعوثيها إلى الخارج(.)2
وقد سايرت اتفاقيات العالقات الدبلوماسية والقنصلية العرف الدولي في هذا الشأن ،حين ألزمت
الدولة الثالثة بمنح جميع الحصانات التي يقتضيها ضمان المرور أو العودة لجميع أعضاء البعثة وأفراد
أسرهم ممن كانوا معهم أو بمفردهم ،وتمتد هذه الحصانة لجميع مراسالتهم وحقائبهم الدبلوماسية(.)3
المبحث الثاني
حصانات وامتيازات مقرات البعثات الدبلوماسية والقنصلية
يتطلب تجسيد المهام الدبلوماسية والقنصلية حصول البعثات على مقر في إقليم الدولة المضيفة
لتمارس فيه عملها وتحفظ فيه وثائقها ،لذلك تكون الدولة المضيفة ملزمة بمنح البعثات المعتمدة لديها
التسهيالت الالزمة للقيام بعملها( ،)4ومنها توفير مقرات لتلك البعثات.
ويقصد بمقر البعثة حسب اتفاقيات العالقات الدبلوماسية والقنصلية المباني وأجزاء المباني ُ
واألراضي الملحقة أياً كان مالكها ،والمستخدمة من أجل ممارسة البعثة لمهامها بما في ذلك السكن الذي
يشغله رئيس البعثة( .)5وتبدأ حصانة مقر البعثة ودور سكن الممثلين الدبلوماسيين فور إبالغ السلطات
المحلية عن مركزها وعنوانها وأشغالها فعلياً(.)6
()1
بن صاف فرحات ،مرجع سابق ،ص .60
()2
سهيل حسين الفتالوي ،الدبلوماسية المعاصرة بين النظرية والتطبيق ،مرجع سابق ،ص .999
()3
أنظر :المادة ( )80من اتفاقية العالقات الدبلوماسية ،والمادة ( )18من اتفاقية العالقات القنصلية ،والمادة ( )89من اتفاقية البعثات الخاصة ،والمادة
( )45من اتفاقية تمثيل الدول في عالقاتها مع المنظمات الدولية.
()4
ال :المادة ( )91من اتفاقية العالقات الدبلوماسية ،والمادة ( )94من اتفاقية العالقات القنصلية.
أنظر مث ً
()5
ال :المادة (/05ح) من اتفاقية العالقات الدبلوماسية ،والمادة (/05ف) من اتفاقية العالقات القنصلية.
أنظر مث ً
()6
سموحي فوق العادة ،الدبلوماسية الحديثة ،دار اليقظة العربية ،بيروت ،لبنان ،5691 ،ص .940
67
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
وتتعدد الحصانات واالمتيازات الخاصة بمقرات البعثات الدبلوماسية والقنصلية بشكل ُيمكن تناوله
في مطلبينُ ،يخصص األول لحصانات وامتيازات مباني ووسائل البعثة ،والثاني لحصانات وامتيازات
وثائق ومحفوظات البعثة.
المطلب األول :الحصانات واالمتيازات المتعلقة بمباني ووسائل البعثة
ال تقتصر التسهيالت والحصانات التي تتمتع بها مقرات البعثات على كل المباني التابعة للبعثات
الدبلوماسية والقنصلية ،بل تمتد للوسائل المملوكة لها حتى وان كانت بعض الوقت خارج مقر البعثة،
وتوضيح ذلك كما يلي:
الفرع األول :التسهيالت والحصانات المتعلقة بمباني البعثة
تتمثل هذه التسهيالت والحصانات في:
أوالا :تسهيل حيازة مقر البعثة
ألزمت المادة ( )95من اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة 5695الدولة المضيفة بأن تُيسِّر
للدولة الموفدة حيازة واقتناء العقارات الالزمة لعمل البعثة الدبلوماسية ،سواء في إطار تشريعها الوطني أو
بأية طريقة أخرى ،وكذلك مساعدة البعثة في الحصول على المساكن المالئمة ألعضائها( .)1ولم تحدد
االتفاقية طريقة قانونية معينة القتناء دار البعثة أو سكن أعضائها ،مما ُيمكن أن يتم بالتملك أو
االستئجار أو اإلعارة أو بأية طريقة أخرى مناسبة(.)2
كما نصت على هذا االلتزام كذلك كل من اتفاقية العالقات القنصلية لسنة ،5691واتفاقية
البعثات الخاصة لسنة ،)3(5696واتفاقية تمثيل الدول في عالقاتها مع المنظمات الدولية لسنة ،5691
غير أن هذا االلتزام ال يقع على الدولة المضيفة فقط بالنسبة لبعثات الدول لدى المنظمات الدولية ،بل
يقع كذلك على المنظمة المستقبلة والمؤتمر المستقبل معاً(.)4
ثاني ا :استخدام علم وشعار الدولة المعتمدة
يحق للبعثة رفع علمها الوطني وشعار دولتها فوق مقر البعثة ،وفوق سكن رئيسها ووضعه على
وسائل تنقالته ،وهو ما نصت عليه اتفاقيات العالقات الدبلوماسية والقنصلية( ،)5مع اختالف طفيف في
النطاق المكاني لتطبيق هذا الحق ،حيث سمحت اتفاقية العالقات الدبلوماسية واتفاقية العالقات القنصلية
()1
تنص المادة ( )95على" :يجب على الدولة المعتمد لديها إما أن تيسر ،وفق قوانينها ،اقتناء الدار الالزمة في إقليمها للدولة المعتمدة ،أو أن تساعدها
على الحصول عليها بأية طريقة أخرى .ويجب عليها كذلك أن تساعد البعثات عند االقتضاء على الحصول على المساكن الالئقة ألفرادها".
()2
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص ص .64 ،69
()3
أنظر :المادة ( )10من اتفاقية فيينا للعالقات القنصلية ،والمادة ( )91من اتفاقية البعثات الخاصة.
( )4أنظر :المادة ( )19من اتفاقية فيينا لتمثيل الدول في عالقاتها مع المنظمات الدولية ذات الطابع العالمي.
()5
أنظر :المادة ( )90من اتفاقية العالقات الدبلوماسية ،والمادة ( )96من اتفاقية العالقات القنصلية ،والمادة ( )56من اتفاقية البعثات الخاصة ،والمادة
( )56من اتفاقية تمثيل الدول في عالقاتها مع المنظمات الدولية.
61
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
واتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية بوضع العلم الوطني للدولة الموفدة فوق مقر البعثة وفوق
سكن رئيسها وعلى وسائل تنقالته عند استخدامها في األغراض الرسمية ،بينما لم تعط اتفاقية البعثات
الخاصة الحق لرئيس البعثة لرفع علمه الوطني فوق مقر إقامته ،ولكنها وسَّعت من نطاق وسائل التنقل
التي يوضع عليها علم وشعار الدولة الموفدة ،ليشمل كل سيارات البعثة وليس سيارة رئيس البعثة فقط.
ولعل الهدف المتوخى من السماح للدولة الموفدة برفع علمها وشعارها فوق مقرات بعثاتها
الدبلوماسية والقنصلية هو اعالم مواطنيها ورعاياها ،وكذلك اعالم السلطات المحلية بوجودها ،وذلك
لتوفير الحماية الالزمة لها ،خصوصاً في أوقات االضطرابات كالمظاهرات والمسيرات الشعبية(.)1
ثالثا :حرمة مباني البعثة
يعترف القانون الدولي وكافة القوانين الداخلية للدول بحرمة مقر البعثة الدبلوماسية ،ألنها حسب
وجهة نظر لجنة القانون الدولي مستمدة من مقومات الدولة الموفدة وسيادتها ،وكذلك الحال بالنسبة
لحرمة سكنات المبعوثين الدبلوماسيين والقنصليين ،ألنها مستمدة من حصانتهم الشخصية ،وفي هذا
السياق يقول الفقيه "فاتل"" :إن حرية الممثل الدبلوماسي تبقى ناقصة وطمأنينته مهددة إذا لم تكن حرمة
داره مصونة ،بحيث يحظر دخولها على رجال السلطتين القضائية والتنفيذية ،ولوال ذلك ألمكن انتحال
شتى األعذار في سبيل ازعاجه واهانته واالطالع على الوثائق السرية الموجودة لديه"(.)2
تطرقت المادة ( )5/99من اتفاقية العالقات الدبلوماسية إلى مبدأ حرمة مقر البعثة
وقد َّ
الدبلوماسية ،حيث نصَّت على" :تكون حرمة دار البعثة مصونة .وال يجوز لمأموري الدولة المعتمد لديها
دخولها إال بموافقة رئيس البعثة" ،ونفس الشيء بالنسبة لسكن المبعوث الدبلوماسي ،حيث نصًّت المادة
( )5/10على" :يتمتع المنزل الخاص الذي يقطنه المبعوث الدبلوماسي بذات الحصانة والحماية اللتين
تتمتع بهما دار البعثة".
وهذا يعني أن سلطات الدولة المضيفة يقع عليها التزام حماية دار البعثة وكذا سكن المبعوث
الدبلوماسي من أي اقتحام أو تفتيش أو ضرر لمقر البعثة ،كما يقع عليها التزام بمنع أي إخالل بأمن
البعثة أو مساس بكرامتها ،وهو ما نصَّت عليه المادة (.)9/99
تطرقت لذات المبدأ كل من اتفاقية العالقات القنصلية لسنة 5691في مادتها (،)1 ،5/15
كما َّ
واتفاقية البعثات الخاصة لسنة 5696في مادتها ( ،)9 ،5/91واتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات
الدولية في مادتها ( ،)9 ،5/91غير أنه يالحظ أن اتفاقية العالقات القنصلية واتفاقية البعثات الخاصة
افترضت حصول موافقة رئيس البعثة على دخول مقر البعثة في حالة الحريق أو أية كارثة أخرى تهدد
()1
بن صاف فرحات ،مرجع سابق ،ص .581
()2
غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص .511
68
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
بطريقة خطيرة األمن العام( ،)1كما أضافت اتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية أنه في حالة
حدوث هجوم على مباني البعثة ،فإن الدولة المضيفة تلتزم بمحاكمة األشخاص الذين ارتكبوا هذا الهجوم
ومعاقبتهم(.)2
هذا ،وتجدر اإلشارة إلى أن التزام الدولة المضيفة بحماية مقر البعثة يبقى قائماً حتى في حالة
الحرب التي قد تنشب بينها وبين الدولة الموفدة ،ما لم تعهد هذه األخيرة بحراسة دار البعثة وأموالها
ومحفوظاتها إلى دولة ثالثة تقبل بها الدولة المضيفة ،وهو ما نصًّت عليه المادة (/81أ ،ب ،ج) من
اتفاقية العالقات الدبلوماسية ،والمادة (/5/99أ ،ب) من اتفاقية العالقات القنصلية.
واذا كانت اتفاقية العالقات الدبلوماسية واتفاقية العالقات القنصلية قد أقرتا الحرمة المطلقة لمقر
البعثة ،إال أنهما نصتا في المقابل على التزام أعضاء البعثة بعدم إساءة استخدام مقر البعثة ،وذلك في
المادتين ( )1/85و( )9/11على التوالي ،وذلك بهدف تحقيق التوازن والتكافؤ بين مصالح وواجبات كل
من الدولة المضيفة من جهة والبعثة من جهة أخرى ،فإذا لم يحترم أعضاء البعثة االلتزامات المفروضة
عليهم فمن الممكن أن تتجاوز الدولة المضيفة التزامها الذي تفرضه مقتضيات حرمة المقر بالدخول إليه
في حالة الضرورة الملحة السيما عند تهديد أمنها ،وبالتالي ُيمكن القول أن الحرمة المطلقة تبقى مرهونة
بأداء البعثة لواجباتها على أكمل وجه تجاه الدولة المضيفة(.)3
رابع ا :إعفاء مقر البعثة من الضرائب والرسوم
أعفت المادة ( )5/91من اتفاقية العالقات الدبلوماسية البعثات من أداء جميع الرسوم والضرائب
الوطنية واإلقليمية والبلدية المتعلقة باألماكن التي تشغلها البعثة – بما فيها مسكن رئيس البعثة -بالتملك
أو االيجار ،إال ما كان مقابالً لخدمات فعلية كرسوم التزويد بشبكات الهاتف والكهرباء والماء .وأضافت
المادة ( )94من ذات االتفاقية إلى دائرة اإلعفاء واردات البعثة الدبلوماسية العائدة من أعمالها الرسمية.
غير أن ذات المادة ( )91في فقرتها الثانية استثنت من ذلك الرسوم والضرائب المفروضة
بموجب قوانين الدولة المضيفة على المتعاقدين مع البعثة الدبلوماسية ،كالمتعهدين وغيرهم ممن يقومون
بأعمال البناء والصيانة والترميم والنقل لصالح البعثة وأعضائها(.)4
وقد نصت كذلك على كل هذه االمتيازات المالية واالستثناء الوارد عليها اتفاقية العالقات القنصلية
في مادتيها ( )19و( ،)16واتفاقية البعثات الخاصة في المادة ( ،)98واتفاقية تمثيل الدول لدى
المنظمات الدولية في المادة (.)18
()1
أنظر :المادة ( )9/15من اتفاقية العالقات القنصلية ،والمادة ( )5/91من اتفاقية البعثات الخاصة.
()2
أنظر :المادة (/9/91ب) من اتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية.
()3
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص ص .99 ،95
()4
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص .591
62
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
( )1تنص المادة ( )5/19على" :تقوم الدولة المعتمد لديها ،وفقا لما قد تُ ِسنُّه من قوانين وأنظمة ،بالسماح بدخول المواد اآلتية واعفائها من جميع الرسوم
الجمركية والضرائب والتكاليف األخرى غير تكاليف التخزين والنقل والخدمات المماثلة :أ -المواد المعدة الستعمال البعثة الرسمي .ب -المواد المعدة
لالستعمال الخاص للمبعوث الدبلوماسي أو ألفراد أسرته من أهل بيته ،بما في ذلك المواد المعدة الستق ارره".
()2
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص .509
66
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
استثناء
ً أما فيما يتعلق بتفتيش سيارات البعثة فإنه أيضاً محظور من الناحية المبدئية ،غير أنه
ُيمكن تفتيشها إذا كانت هناك شكوك أو ورود معلومات مؤكدة على احتواءها على مواد تخضع للحجر
الصحي في الدولة المضيفة أو مواد يحظر قانونها استيرادها أو تصديرها ،وذلك بحضور المبعوث
الدبلوماسي المعني أو مندوب عنه وفقاً نصَّت عليه المادة ( )9/19من اتفاقية العالقات الدبلوماسية.
واذا لم يتم العثور على مواد محظورة في السيارة فيقتضي األمر االعتذار للمبعوث المعني(.)1
وقد نصَّت على هذا االستثناء كذلك المادة ( )1/10من اتفاقية العالقات القنصلية ،والمادة
( )9/11من اتفاقية البعثات الخاصة ،والمادة ( )9/11من اتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية.
المطلب الثاني :الحصانات واالمتيازات المتعلقة بوثائق ومحفوظات البعثة
بالنظر إلى أن عمل البعثة يتطلَّب تحرير مجموعة من الوثائق والمراسالت لعدد من الجهات،
فإن اتفاقيات العالقات الدبلوماسية والقنصلية وسَّعت من مجال حماية البعثة ،ليشمل موجوداتها من
وثائق ومراسالت ومحفوظات ،حتى وان كانت خارج مقر البعثة ،وتوضيح ذلك في اآلتي:
الفرع األول :حرمة الوثائق والمحفوظات
إن الكالم عن حرمة الوثائق والمحفوظات التابعة للبعثة ،يفرض علينا أوالً تحديد وثائق
ومحفوظات البعثة المشمولة بالحرمة ،وثانياً تحديد نطاق هذه الحرمة.
أوالا :وثائق ومحفوظات البعثة المشمولة بالحرمة
حدد اتفاقيات العالقات الدبلوماسية والقنصلية المقصود بوثائق ومحفوظات البعثة ولم تُ ِّ
حدد لم تُ ِّ
نوعها ،غير أن المادة ( )55/05من اتفاقية العالقات القنصلية َّبينت لنا المقصود بالمحفوظات القنصلية
بأنها" :جميع األوراق والمستندات والمراسالت والكتب واألفالم وأشرطة التسجيل والسجالت واألوراق
المكتبية والمفروشات المعدة لحفظها وحمايتها" .أما حرمتها فتعني عدم جواز االطالع عليها أو العبث
بها أو اتالفها أو تصويرها أو استنساخها ،أو كل ما يكشف عن فحواها من قبل السلطات ووكالء الدولة
المستقبلة( .)2كما ال يجوز تفتيشها أو مصادرتها أو التعرض لها مهما كانت األسباب والذرائع(.)3
الواضح من هذا التعريف أن هذه المحفوظات تمثل تلك الوثائق والسجالت والمراسالت التي تم
استعمالها وأصبحت في شكل أرشيف للبعثة ،والهدف منها هو توثيق عمل البعثة ،حتى يسهل الرجوع
إليه واالستفادة منه في أي وقت.
()1
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق.91 ،
()2
حجام دريس ،حصانات وامتيازات البعثات الدبلوماسية الخاصة( ،مذكرة ماجستير في القانون الدبلوماسي ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر،5
،)9051/9059ص .89
()3
علي حسين الشامي ،مرجع سابق ،ص ..868
64
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
()1
أنظر كذلك :المادة ( )11من اتفاقية العالقات القنصلية ،والمادة ( )99من اتفاقية البعثات الخاصة ،والمادة ( )91من اتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات
الدولية.
()2
حجام دريس ،مرجع سابق ،ص .89
()3
غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص .581
()4
علي حسين الشامي ،مرجع سابق ،ص .861
()5
أنظر في هذا المعنى :غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص .581
41
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
()1
علي حسين الشامي ،مرجع سابق ،ص .869
()2
هذه المادة تقابلها المادة ( )5/11من اتفاقية العالقات القنصلية ،والمادة ( )5/94من اتفاقية البعثات الخاصة ،والمادة ( )5/99من اتفاقية تمثيل الدول
لدى المنظمات الدولية ،وقد تضمنت هذه المواد كذلك النص على حرية االتصاالت بذات المضمون.
()3
غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص .589
()4
لم تتضمن اتفاقيات العالقات الدبلوماسية والقنصلية أي تعريف للحقيبة الدبلوماسية ،غير أن "فليب كاييه" استنبط تعريفها من نصوص تلك االتفاقيات بما
يفيد أنها رزم أو طرود بريدية تحمل عالمات خارجية ظاهرة تبين طابعها الرسمي .أنظر :غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص .589
45
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
المراسالت الرسمية للبعثة عدم تعرضها للتفتيش والحجز واإلطالع عليها أو استعمالها كدليل أمام
المحاكم الوطنية في الدولة المضيفة(.)1
لذلك نصَّت كل اتفاقيات العالقات الدبلوماسية والقنصلية على حرمة المراسالت الرسمية للبعثات
وحقيبتها الدبلوماسية ،ومنها المادة ( )8 ،1 ،9/99من اتفاقية العالقات الدبلوماسية بقولها:
" -9تكون حرمة المراسالت الرسمية للبعثة مصونة .ويقصد بالمراسالت الرسمية جميع المراسالت
المتعلقة بالبعثة ووظائفها.
-1ال يجوز فتح الحقيبة الدبلوماسية أو حجزها.
-8يجب أن تحمل الطرود التي تتألف منها الحقيبة الدبلوماسية عالمات خارجية ظاهرة تبين طبيعتها،
وال يجوز أن تحتوي إال الوثائق الدبلوماسية والمواد المعدة لالستعمال الرسمي"(.)2
ما ُيمكن مالحظته من النصوص السابقة أنها لم تُحدد طبيعة الوثائق التي تكون في الطرود التي
تتكون منها الحقيبة الدبلوماسية ،لكن الممارسات الدولية المستقرة بهذا الشأن تدل على إمكانية احتواء
الحقيبة الدبلوماسية والقنصلية على فئات مختلفة من الوثائق والمواد كالرسائل والتقارير والمستندات
والكتب وأجهزة االتصال واألشرطة والمواد الفنية والطبية .كما يالحظ أن تلك النصوص لم تُ ِّ
حدد حجم
الحقيبة أو وزنها أو شكلها ،إال أن التعامل الدبلوماسي استقر على تقدير كل حالة على حدة حسب اتفاق
األطراف المعنية(.)3
وحسب النصوص المختلفة في تلك االتفاقيات فإن حصانة المراسالت والحقيبة الدبلوماسية تشمل
عدم تعرضها للتفتيش في المعابر الجمركية وعدم حجزها واإلطالع عن محتوياتها ،ولكن حتى تتمتع
الحقيبة الدبلوماسية أو القنصلية بتلك الحصانة ،فقد َّ
أكدت اتفاقيات العالقات الدبلوماسية والقنصلية على
توافرها على شرطين هما:
-أن تحمل الحقيبة الدبلوماسية أو القنصلية عالمات ظاهرة تميزها عن غيرها من األشياء.
-أن تكون محتوياتها من الوثائق والمواد المعدة لالستعمال الرسمي للبعثة.
واذا كانت الحصانة التي تتمتع بها الحقيبة الدبلوماسية والقنصلية تُمثِّل حقاً للدولة الموفدة يقابله
التزاماً يقع على عاتق الدولة المضيفة ،إال أن تنفيذ هذه األخيرة اللتزامها مرهون باحترام الدولة الموفدة
ويعطي الحق للدولة للشروط التي أوردتها االتفاقيات المذكورة ،لذلك فإن اإلخالل بها ُيسقط حصانتها ُ
المضيفة بتفتيشها أو منع دخولها ألراضيها ،وهو ما أشارت إليه المادة ( )1/11من اتفاقية العالقات
()1
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص .559
()2
أنظر كذلك :المادة ( )8 ،1 ،9/11من اتفاقية العالقات القنصلية ،والمادة ( )1 ،8 ،9/94من اتفاقية البعثات الخاصة ،والمادة ( )8 ،1 ،9/99من
اتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية.
()3
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص ص .96 ،94
47
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
القنصلية بقولها" :ال يجوز فتح الحقيبة القنصلية وال احتجازها ،أما إذا كان لدى السلطات المختصة في
الدولة المضيفة أسباب جدية تدعو لالعتقاد بأن الحقيبة تحتوي على غير المراسالت والوثائق والمواد
المشار اليها في الفقرة 4من هذه المادة ،فإنه يحق لها أ ن تطلب فتح الحقيبة بحضورها من قبل ممثل
مفوض عن الدولة الموفدة .واذا رفضت سلطات الدولة الموفدة إجابة مثل هذا الطلب فيحق للدولة
المضيفة إعادة الحقيبة إلى محل مصدرها".
المبحث الثالث
حصانات وامتيازات أعضاء البعثات الدبلوماسية والقنصلية
أشرنا فيما سبق إلى البعثات الدبلوماسية والقنصلية تتكون من مجموعة من األشخاص ،بعضهم
يؤدون وظائف أساسية في تلك البعثات ،والبعض اآلخر يقوم بوظائف ثانونية ليست من صميم العمل
الدبلوماسي والقنصلي .لذلك فالحصانات واالمتيازات التي يتمتع بها كل هؤالء ليست على درجة واحدة
من حيث مضمونها ونطاقها ،بل هي متفاوتة بحيث ُيمنح لألعضاء الذين يتمتعون بالصفة الدبلوماسية
أو القنصلية حصانات وامتيازات متعددة ،بينما األعضاء اآلخرون في البعثة من غير المتمتعين بالصفة
الدبلوماسية أو القنصلية ال ُيمنحون إال حصانات وامتيازات نسبية ومحدودة.
وعليه ،سنقوم بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين ،نتناول في األول حصانات وامتيازات المبعوثين
الدبلوماسيين والقنصليين ،ونخصص الثاني للحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية التي يتمتع بها
األعضاء اآلخرون للبعثة.
المطلب األول :حصانات وامتيازات المبعوثين الدبلوماسيين والقنصليين
إن الحصانات واالمتيازات الممنوحة للمبعوثين الدبلوماسيين والقنصليين ليست حقوقاً ومزايا
مرتبطة بأشخاصهم بل هي مرتبطة بمهامهم الوظيفية ،التي يجب أن يقوموا بأدائها في جو من الحرية
واالطمئنان ،وهي متنوعة ومتعددة بحيث ُيمكن تصنيفها إلى حصانات شخصية ،وحصانات قضائية
وتنفيذية ،وأخي اًر امتيازات واعفاءات مالية ،وهو ما سنوضحه في الفروع الثالثة الموالية.
الفرع األول :الحصانات الشخصية
تتمثل الحصانات الشخصية التي يتمتع بها المبعوثون الدبلوماسيون والقنصليون فيما يلي:
أوالا :احترام شخص المبعوث الدبلوماسي والقنصلي وحمايته
تُ ُّ
عد الحرمة الشخصية للمبعوث الدبلوماسي والقنصلي من أقدم المبادئ الراسخة في القانون
الدبلوماسي والقنصلي ،وهي األساس الجوهري الذي انبثقت عنه سائر الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية
والقنصلية( ،)1ألنه ال معنى لتمتعه مثالً بحصانات قضائية وادارية واعفاءات مالية وذاته غير مصونة.
()1
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .95
47
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
ويكمن الهدف من هذه الحرمة في ضرورة تهيئة الجو المالئم للمبعوث الدبلوماسي ليباشر مهامه
()1
عرف
بحرية وطمأنينة واستقاللية ،كما يكمن في ضرورة الحفاظ على كرامة المبعوث وهيبة دولته .وتُ َّ
الحرمة عند الفقيه "كالفو" بأنها" :ميزة تضع الشخص الذي يتمتع بها فوق كل اعتداء وكل مالحقة أو
محاكمة"( .)2وهي بهذا المعنى تفرض على سلطات الدولة المضيفة معاملة المبعوثين الدبلوماسيين
والقنصليين المعتمدين لديها معاملة الئقة تتسم باالحترام والتقدير ،دون اللجوء إلى استعمال وسائل العنف
ضدهم ،كما تفرض عليها عدم القبض عليهم أو تقييد حريتهم .وليس هذا فحسب بل يتعين على سلطات
الدولة المضيفة أن تتخذ الوسائل الالزمة لحماية المبعوث الدبلوماسي والقنصلي في شخصه وحتى ماله
ومسكنه الخاص ضد أي اعتداء أو إساءة ُيمكن أن يتعرض لها في إقليمها سواء من قبلها أو من قبل
رعاياها أو من قبل األجانب المقيمين على أراضيها(.)3
أقرها القانون الدبلوماسي والقنصلي
ولم تبق هذه الحصانة حبيسة العرف والتعامل الدولي ،بل َّ
الحقاً َّ
وحدد ضوابطها في مختلف االتفاقيات المكونه له ،ومنها المادة ( )96اتفاقية فيينا للعالقات
الدبلوماسية لسنة ،5695التي نصت على" :تكون حرمة شخص المبعوث الدبلوماسي مصونة .وال
يجوز اخضاعه ألية صورة من صور القبض أو االعتقال .ويجب على الدولة المعتمد لديها معاملته
باالحترام الالئق واتخاذ جميع التدابير المناسبة لمنع أي اعتداء على شخصه أو حريته أو كرامته" .كما
أقرتها المادة ( )96من اتفاقية البعثات الخاصة لسنة ،5696والمادة ( )94من اتفاقية تمثيل الدول لدى
َّ
المنظمات الدولية لسنة .5691
من خالل تلك النصوص يتبين أن الحصانة الشخصية للمبعوث الدبلوماسي سواء كان في بعثة
دائمة أو خاصة هي حصانة مطلقة ،وهذا بخالف الحال بالنسبة للموظفين القنصليين الذين منحتهم
اتفاقية العالقات القنصلية لسنة 5691حصانة شخصية نسبية ومحدودة ،ذلك أن المادة ( )85من هذه
االتفاقية سمحت لسلطات الدولة المضيفة باعتقال أو توقيف الموظف القنصلي في حالة متابعته بجريمة
خطيرة ،وفي هذه الحالة يتوجب عليها مراعاة مركزه الرسمي عند القيام بإجراءات مالحقته.
وفي ذات السياق ألزمت المادة ( )89من ذات االتفاقية سلطات الدولة المضيفة بضرورة إبالغ
رئيس البعثة القنصلية عند القيام بالتوقيف االحتياطي ألحد مأموري بعثته أو مالحقته جزائياً ،أما إذا كان
رئيس البعثة هو محل التوقيف أو المالحقة فيجب على الدولة المضيفة أن تبلغ ذلك فو اًر للدولة الموفدة
بالطرق الدبلوماسية.
()1
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص .599
()2
أنظر :علي حسين الشامي ،مرجع سابق ،ص .196
()3
فاوي المالح ،مرجع سابق ،ص .589
47
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
وسواء تعلق األمر بالحصانة الشخصية للمبعوثين الدبلوماسيين أو القنصليين فإن تجسيدها
يفرض على الدولة المضيفة التزامين هما:
-التزام ذو طابع سلبي يفرض على سلطات الدولة المضيفة االمتناع عن كل ما من شأنه المساس
بحرمة المبعوث بأية صورة ومعاملته باالحترام الالئق بمركزه.
-التزام ذو طابع ايجابي يتمثل في حماية المبعوث ضد أي اعتداء قد يقع عليه من قبل المقيمين على
أراضيها ،وفي حالة وقوعه يقع عليها واجب مالحقة الجناة ومحاكمتهم وتعويض المبعوث عن الضرر
الذي لحق به.
وهذا االلتزام األخير له شقين :شق وقائي مقتضاه أن تقوم الدولة المضيفة باتخاذ كافة التدابير
الكفيلة بإحباط أي محاولة لالعتداء على المبعوث ،أما الشق الثاني فهو ردعي أو عقابي يفرض عليها
معاقبة كل من يتعرض للمبعوث باالعتداءات الجسدية أو اإلهانات اللفظية أو االعتداء على أمواله(.)1
هذا ،وتجدر اإلشارة إلى أن الحصانة الشخصية المقررة للمبعوثين الدبلوماسيين والقنصليين ال
تسري فقط في إقليم الدولة المضيفة بل يتمتعون بها أيضاً في إقليم الدولة الثالثة أثناء العبور عليها
للذهاب إلى الدولة المضيفة أو الرجوع للدولة الموفدة ،بل األكثر من ذلك تبقى هذه الحصانة قائمة حتى
في حالة الحرب بين الدولتين بالرغم من انتهاء مهمة بعثته ،ويتمثل واجب الدولة المضيفة في هذه الحالة
في تسهيل ترحيل الدبلوماسيين األجانب وأفراد أسرهم ،وقد نصت على هذا االلتزام المادة ( )88من
اتفاقية العالقات الدبلوماسية ،والمادة ( )99من اتفاقية العالقات القنصلية .ويترتب على إهمال الدولة
المضيفة لواجبها المتمثل في تأمين حماية الموظفين الدبلوماسيين والقنصليين أو ثبوت تقصيرها في ذلك
قيام مسؤوليتها الدولية عن أي ضرر أو أذى يلحق بهم(.)2
لكن السؤال المطروح هو هل تبقى هذه الحصانة الشخصية قائمة في حالة انتهاك المبعوث
الدبلوماسي أو القنصلي لواجب احترام سلطات الدولة المضيفة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ،كأن
يرتكب فعالً ذا خطورة جسيمة أو يشترك في التآمر أو التجسس ضدها.
لم تعالج اتفاقيات العالقات الدبلوماسية هذه المسألة ،لكن من المألوف في العالقات الدبلوماسية
قيام الدولة المضيفة بتوقيف وطرد المبعوث الدبلوماسي الذي قامت ضده أدلة كافية تفيد اشتراكه في
أعمال موجهة ضد حكومة الدولة المعتد لديها ،لكن في الحالة التي تكون فيها األفعال المنسوبة إليه ال
تنطوي على خطر جسيم ،ال يحق للدولة المضيفة أن تعمد إلى توقيف المبعوث الدبلوماسي المسؤول
()1
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص ص .599 ،599
()2
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .99
41
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
عن الفعل أو طرده ،وانما بإمكانها اللجوء إلى إجراءات أقل خطورة كأن تُعلن أنه شخص غير مرغوب
فيه وتطلب من دولته استدعاءه(.)1
وفي المقابل ُيطرح تساؤل آخر يتعلق باإلجراءات التي ُيمكن للمبعوث الدبلوماسي أو القنصلي
اتباعها إذا ما وقع عليه أي اعتداء .لم تعالج كذلك اتفاقيات العالقات الدبلوماسية والقنصلية هذه
المسألة ،لكن ما جرى عليه العمل الدولي هو أن يتقدم رئيس البعثة إذا ما وقع عليه أو على أحد أعضاء
البعثة اعتداء ما بشكوى إلى وزير خارجية الدولة المضيفة ،التي يتعين عليها مالحقة المعتدي ومحاكمته
في حدود ما تقضي به قوانينها الداخلية وتقديم الترضية المناسبة(.)2
ثانيا :حرمة مسكن المبعوث الدبلوماسي
يستتبع واجب الدولة المضيفة بحماية المبعوث الدبلوماسيي ،ضرورة حماية مسكنه الخاص
وأمواله ومحفوظاته ،ألن هذه األخيرة امتداد لألولى ومتفرعة عنها ،وهي الحماية ذاتها المقررة لمباني
البعثة ووثائقها ومراسالتها التي أشرنا إليها في المبحث السابق .وقد نظمت اتفاقيات العالقات الدبلوماسية
هذه الحصانة ،وعلى رأسها اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية وذلك في المادة ( )5/10التي نصت على:
"يتمتع المنزل الخاص الذي يقطنه المبعوث الدبلوماسي بذات الحصانة والحماية اللتين تتمتع بهما دار
البعثة".
كما تم النص عليها في المادة ( )5/10من اتفاقية البعثات الخاصة ،والمادة ( )5/96من اتفاقية
تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية ،لكن هذين النصين كانا أكثر وضوحاً في امتداد هذه الحصانة
لمساكن كل الموظفين الدبلوماسيين ،ويؤكد هذا عبارة" :يتمتع المسكن الخاص لممثلي الدولة الموفدة في
البعثة الخاصة ولموظفيها الدبلوماسيين "...التي وردت في المادة ( )5/10من اتفاقية البعثات الخاصة،
وعبارة" :تتمتع المساكن الخاصة لرئيس البعثة والموظفين الدبلوماسيين بالبعثة "...التي وردت في المادة
( )5/96من اتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية ،وهذا بخالف المادة ( )5/15التي وردت بها
عبارة" :يتمتع المنزل الخاص الذي يقطنه المبعوث الدبلوماسي ،"...لكن هذا ال يعني أن سكنات باقي
الموظفين الدبلوماسيين في البعثات الدائمة ال تتمتع بالحصانة ،ألن عبارة "المبعوث الدبلوماسي" تشمل
رئيس البعثة وباقي أعضاء البعثة الذين يتمتعون بالصفة الدبلوماسية.
وبإقرار حرمة المساكن التي يقطنها المبعوثون الدبلوماسيون تكون اتفاقيات العالقات الدبلوماسية
قد وفرت الحصانة الشخصية لهؤالء سواء في أثناء عملهم من خالل إقرار الحصانة لمقر البعثة ،أو
خارج أوقات عملهم من خالل إقرار الحصانة لمساكنهم ،وتشمل عبارة "المسكن الخاص" الواردة في تلك
()1
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .569
()2
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص .518
48
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
النصوص المسكن الذي يقيم فيه الدبلوماسي إقامة دائمة ،كما تشمل كل األماكن التي يقيم فيها بشكل
مؤقت بغرض السياحة وقضاء أوقات فراغه(.)1
ويقع االلتزام بضمان حرمة هذه المساكن على عاتق الدولة المضيفة ،وال تُعتبر قد وفَّت بالتزامها
بمجرد االستناد إلى الضمانات التي تنص عليها تشريعاتها الداخلية لصيانة حرمة المساكن الخاصة ،ألن
هذه الضمانات تسمح أو تبيح للسلطات العامة دخول هذه المساكن في حاالت معينة ،وقد يكون في ذلك
مساساً بكرامته واستق ارره ،لذلك يجب أن تكون حرمة مسكن المبعوث الدبلوماسي مستمدة من حرمته
الشخصية(.)2
وتمتد حرمة مسكن المبعوث الدبلوماسي إلى جميع ممتلكاته كسيارته الخاصة وأمتعته وحسابه
المصرفي ،كما تمتد إلى مستنداته ومراسالته الخاصة به ،إذ أنها تتمتع بحرمة مماثلة لحرمة المستندات
والمراسالت الخاصة بالبعثة ،وهو ما نصت عليه المادة ( )9/10من اتفاقية العالقات الدبلوماسية،
والمادة ( )9/10من اتفاقية البعثات الخاصة ،والمادة ( )9/96من اتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات
الدولية.
هذا ،ونشير أن حرمة وحصانة المسكن وما به من ممتلكات هي مضمونة فقط لمساكن المبعوثين
الدبلوماسيين سواء كانوا في بعثات دائمة لدى الدول أو المنظمات الدولية أو كانوا في بعثات خاصة ،أما
بالنسبة لمساكن الموظفين القنصليين فإن اتفاقية العالقات القنصلية لم تمنحها مثل هذه الحصانة.
ثالث ا :حرية الحركة والتنقل للمبعوث الدبلوماسي والقنصلي
بموجب هذه الحرية يحق للمبعوث الدبلوماسي والقنصلي التجول والتنقل داخل أراضي الدولة
المضيفة ،حيث ال يجوز فرض اإلقامة الجبرية عليه في مقر البعثة أو مسكنه ،إذ بإمكانه التجول في أية
منطقة يرغب في زيارتها ،باستثناء المناطق التي ُيمنع فيها التجول نظ اًر لطابعها األمني كالثكنات
العسكرية ،أو المناطق الشعبية التي ُيخشى فيها على شخص المبعوث الدبلوماسي ،إال إذا حصل على
تصريح من و ازرة الخارجية يسمح له بدخولها في أوقات محددة( .)3وتُعد هذه الحرية امتداد طبيعي لحرمة
شخص المبعوث الدبلوماسي والقنصلي ،وهي ذات عالقة وطيدة بوظيفة استطالع األوضاع والتطورات
في الدولة المضيفة ،ألن هذه الوظيفة ال ُيمكن القيام بها بدون تنقل ،أضف إلى ذلك أن مصالح الدولة
الموفدة التي يرعاها هؤالء المبعوثون ال تكون دائماً مركزة في العاصمة السياسية للبلد المضيف(.)4
()1
علي حسين الشامي ،مرجع سابق ،ص .189
()2
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص .519
()3
سهيل حسين الفتالوي ،مرجع سابق ،ص .599
()4
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص .580
42
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
وهذه الحرية في التنقل والتجوال في أراضي الدولة المضيفة ليست مقتصرة على الموظفين
الدبلوماسيين والقنصليين في البعثة ،وانما هي مقررة لجميع أعضاء البعثة ،وهو ما نصت عليه المادة
( )99من اتفاقية العالقات الدبلوماسية بقولها" :تكفل الدولة المعتمد لديها حرية االنتقال والسفر في
إقليمها لجميع أفراد البعثة ،مع عدم اإلخالل بقوانينها وأنظمتها المتعلقة بالمناطق المحظور أو المنظم
دخولها ألسباب تتعلق باألمن القومي" ،وكذلك المادة ( )18من اتفاقية العالقات القنصلية ،والمادة ()99
من اتفاقية البعثات الخاصة ،والمادة ( )99من اتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية.
الفرع الثاني :الحصانات القضائية
إن تمتع المبعوث الدبلوماسي والقنصلي بحصانة شخصية وحرمة ذاتية ال يكفي وحده إن لم يكن
متمتعاً بحصانة قضائية تعفيه من الخضوع لقضاء الدولة المضيفة ،وتمتد إلى جميع األعمال والتصرفات
التي يقوم بها أثناء ممارسته لوظائفه في تلك الدولة وذلك ضماناً الستقالله .وقبل صدور اتفاقيات
العالقات الدبلوماسية والقنصلية لم يستقر العرف الدولي على مدى الحصانة القضائية التي يتمتع بها
المبعوث الدبلوماسي ،فبعض الدول كانت تمنحه حصانة قضائية في حدود أعمال وظيفته الرسمية أي
حصانة مقيدة ،بينما اتجهت دول أخرى إلى منحه حصانة قضائية مطلقة.
ثم بعد ذلك اتفقت المجموعة الدولية على رأي وسط قائم على التمييز بين الحصانة المدنية
كرسته اتفاقيات العالقات الدبلوماسية
والحصانة الجنائية ،يقضي بتقييد األولى واطالق الثانية ،وهو ما َّ
والقنصلية.
أوالا :تقييد الحصانة القضائية المدنية
لقد أجمع فقهاء القانون الدولي على أن المبعوث الدبلوماسي ال يتمتع بذات الحصانة القضائية
المدنية بالنسبة لجميع تصرفاته وأعماله ،حيث تكون مطلقة بالنسبة ألعماله الرسمية التي يقوم بها نيابة
عن دولته ،بينما تكون مقيدة بالنسبة ألعماله الشخصية ،وهو ما أخذت به كل من اتفاقية العالقات
الدبلوماسية واتفاقية البعثات الخاصة واتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية.
معنى ذلك أن جميع الدعاوى المدنية التي تُقام ضد المبعوث الدبلوماسي بسبب أدائه لوظائفه
الرسمية تبقى من اختصاص محاكم دولته وال يجوز النظر فيها أمام المحاكم المحلية في الدولة المضيفة،
ألن ذلك سيؤثر على قيامه بالمهام المعهودة إليه ،وفي هذا السياق نصت المادة ( )5/15من اتفاقية
العالقات الدبلوماسية ،والمادة ( )9 ،5/15من اتفاقية البعثات الخاصة ،والمادة ( )5/10من اتفاقية
تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية بما ُيفيد أن المبعوث الدبلوماسي يتمتع بالحصانة القضائية فيما
يتعلق بالقضاء الجنائي للدولة المعتمد لديها ،وكذلك فيما يتعلق بقضائها المدني واإلداري.
أقرتها تلك
أما بالنسبة للدعاوى المدنية التي تُقام ضده بسبب أعماله الخاصة ،فالقاعدة التي َّ
االتفاقيات هي تمتع المبعوث الدبلوماسي كذلك بالحصانة حيال القضاء المدني في الدولة المضيفة،
46
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
ولكنها ليست مطلقة كما هو الحال بالنسبة للتصرفات الرسمية ،بل هي مقيدة حيث استثنت تلك
االتفاقيات بعض الدعاوى من هذه الحصانة ،وهي:
-الدعاوى العينية المتعلقة باألموال العقارية الخاصة الكائنة في إقليم الدولة المعتمد لديها ،ما لم تكن
حيازته لها بالنيابة عن الدولة المعتمدة الستخدامها في أغراض البعثة.
-الدعاوى المتعلقة بشؤون اإلرث والتركات والتي يدخل فيها بوصفه منفذاً أو مدي ًار أو وريثاً أو موصى
له ،وذلك باألصالة عن نفسه ال بالنيابة عن الدولة المعتمدة.
-الدعاوى المتعلقة بأي نشاط مهني أو تجاري يمارسه في الدولة المعتمد لديها خارج وظائفه الرسمية.
-وهناك استثناء رابع نصت عليه اتفاقية البعثات الخاصة في الفقرة (د) من المادة ( )9/15وهو
الدعاوى المتعلقة بالتعويض عن األضرار الناشئة عن حادث سببته مركبة مستعملة خارج وظائف
الشخص المعني الرسمية.
واذا كانت الحكمة من جعل المبعوث الدبلوماسي ُمحصَّناً من القضاء المدني في الدولة المضيفة
بصفته ُم َّدعى عليه تكمن في ضمان استقالليته ،فإن ذلك يستتبع عدم جواز إجباره على اإلدالء بالشهادة
أمام الجهات القضائية في تلك الدولة ،وهو ما نصت عليه المادة ( )9/15من اتفاقية العالقات
الدبلوماسية بقولها" :يتمتع المبعوث الدبلوماسي باإلعفاء من أداء الشهادة" ،وكذلك المادة ( )1/15من
اتفاقية البعثات الخاصة ،والمادة ( )1/10من اتفاقية تمثيل الدول لدى المنظمات الدولية.
وال يجوز باإلضافة إلى ذلك اتخاذ أية إجراءات تنفيذية بحق المبعوث الدبلوماسي إال في الحاالت
التي يخضع فيها للقضاء المدني ،أي فيما يتعلق بالدعاوى العقارية المنصبة على أمالكه الخاصة،
وقضايا اإلرث والتركات ،وفي حال ممارسته ألي نشاط مهني أو تجاري خاص في الدولة المضيفة(.)1
هذا فيما يتعلق بالحصانة القضائية المدنية للمبعوثين الدبلوماسيين ،أما عن الموظفين القنصليين
فإن اتفاقية العالقات القنصلية لم تمنحهم تلك الحصانة إال فيما يتعلق بأعمالهم الرسمية ،وهو ما نصت
عليه المادة ( )5/81بقولها" :ال يخضع الموظفون القنصليون لصالحية السلطتين العدلية واإلدارية في
الدولة المضيفة فيما يتعلق باألفعال المنجزة في مجرى ممارستهم األعمال القنصلية" ،أما الدعاوى المقامة
ضدهم بمناسبة أعمالهم الشخصية فإنها تخضع كلية لقضاء الدولة المضيفة.
ويترتب على خضوع أعضاء البعثة القنصلية للقضاء المدني في الدولة المضيفة فيما يتعلق
بتصرفاتهم الشخصية التزامهم بأداء الشهادة أمامه أو تقديم ما ُيطلب منهم من وثائق إلى المحكمة،
بشرط أال تتعلق هذه الوثائق بأعمال وظيفتهم ،وهو ما نصت عليه المادة ( )5/88من اتفاقية العالقات
()1
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص .588
44
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
القنصلية بقولها" :يجوز دعوة موظفي البعثة القنصلية للمثول كشهود في الدعاوى العدلية والبلدية ،وال
يجوز للمستخدمين القنصليين والمأمورين القنصليين التمنع عن تقديم االثبات."...
وخوفاً من استغالل الدولة المضيفة هذه الشهادة للتدخل في شؤون الدولة الموفدة واإلطالع عن
أسرارها ،فقد َّ
قيدت هذه االتفاقية حدود هذه الشهادة في الفقرة الثالثة من ذات المادة ،التي نصت على:
"إن موظفي البعثة القنصلية غير ملزمين بتقديم أي إثبات يخص أمور متعلقة بممارسة أعمالهم أو بتقديم
المحررات الرسمية والمستندات العائدة لها .ويحق لهم التمنع عن أداء الشهادة بوصفهم خبراء في قانون
الدولة الموفدة".
ثانيا :إطالق الحصانة القضائية الجنائية
يتفق أغلب الفقهاء على أن المبعوث الدبلوماسي يتمتع بالحصانة القضائية المطلقة في القضايا
الجزائية عن الجرائم التي يرتكبها في الدولة المعتمد لديها سواء ارتكب تلك الجرائم بصفته الرسمية أو
الخاصة ،وسواء أكانت الجريمة جناية أم جنحة أم مخالفة ،أم كانت من الجرائم الخطيرة أو العادية أو
تلبس بها( ،)1وفي هذا الصدد يقول الفقيه "فوشي"ُ " :يعفى المبعوث الدبلوماسي مهما كانتالم َّ
من الجرائم ُ
درجته من الخضوع للقضاء الجنائي للدولة المستقبلة"(.)2
أقر العرف الدولي ومعظم القوانين الداخلية للدول والممارسات الحكومية واالتفاقيات الدولية
كما َّ
هذه الحصانة المطلقة ،ومنها المادة ( )59من نظام معهد القانون الدولي لعام 5461على الحصانة
الجنائية للمبعوث الدبلوماسي ،ولكنها َّ
أكدت على خضوعه للقانون الجنائي لدولته في حالة ارتكابه جناية
في الدولة المستقبلة(.)3
وهو ما َّ
أكدته الحقاً اتفاقية العالقات الدبلوماسية في مادتها ( )5/15بقولها" :يتمتع المبعوث
الدبلوماسي بالحصانة القضائية فيما يتعلق بالقضاء الجنائي للدولة المعتمد لديها" ،وكذلك المادة ()5/15
من اتفاقية البعثات الخاصة بقولها" :يتمتع ممثلو الدولة الموفدة في البعثة الخاصة وموظفوها
الدبلوماسيون بالحصانة من القضاء الجنائي للدولة المستقبلة" ،وكذلك المادة ( )5/10من اتفاقية تمثيل
الدول في عالقاتها مع المنظمات الدولية بقولها" :يتمتع رئيس البعثة والموظفون الدبلوماسيون بالبعثة
بالحصانة من الوالية القضائية الجنائية للدولة المضيفة".
غير أن تمتع المبعوث الدبلوماسي بالحصانة القضائية الجنائية المطلقة لدى الدولة المضيفة ال
يعفيه من الخضوع لقضاء دولته ،وهو ما نصت عليه المادة ( )8/15من اتفاقية العالقات الدبلوماسية
بقولها" :تمتع المبعوث الدبلوماسي بالحصانة القضائية في الدولة المعتمد لديها ال يعفيه من قضاء الدولة
()1
سهيل حسين الفتالوي ،الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق ،مرجع سابق ،ص .569
()2
غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص ص .598 ،591
()3
المرجع نفسه ،ص .598
511
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
المعتمدة" ،وكذلك المادة ( )1/15من اتفاقية البعثات الخاصة ،والمادة ( )8/10من اتفاقية تمثيل الدول
في عالقاتها مع المنظمات الدولية ،وعليه إذا خالف المبعوث الدبلوماسي عمداً القوانين الجنائية للدولة
المضيفة أو قام بأية أعمال ُيعاقب عليها قانونها ،فإن الدولة المضيفة تقوم بتبليغ حكومته عن طريق
و ازرة خارجيتها ،هذا في حالة كون رئيس البعثة هو الجاني ،أما إذا كان الجاني أحد أعضاء البعثة فإنها
تتصل برئيس البعثة وتطلب منه أن يرفع الحصانة عن الجاني أو استدعائه أو سحبه ،لكن في حالة قيام
المبعوث الدبلوماسي بارتكاب جريمة خطيرة يمكن للدولة المضيفة أن تعتبره شخصاً غير مرغوب فيه
وتطرده من إقليمها ،وفي هذه الحالة يجب على الدولة التي ينتمي إليها المبعوث أن تعاقبه عن الجريمة
التي ارتكبها في الدولة المضيفة(.)1
واذا كان المبعوث الدبلوماسي حسب االتفاقيات السابقة يتمتع بحصانة قضائية مطلقة في القضايا
الجنائية ،فإن اتفاقية العالقات القنصلية لم تمنح الموظفين القنصليين الحصانة القضائية الجنائية إال فيما
يتعلق بأعمالهم الرسمية ،أما بالنسبة ألعمالهم الخاصة فإن اتفاقية العالقات القنصلية منحتهم حصانة
جنائية منقوصة تقتصر على الجرائم البسيطة ،أما فيما يتعلق بالجرائم الخطيرة فقد أخضعتهم االتفاقية
للقضاء اإلقليمي ،وبالتالي إذا ارتكب الممثل القنصلي جريمة خطيرة في الدولة المضيفة فيمكن توقيفه
ومحاكمته ،وهو ما نصت عليه المادة ( )5/85بقولها" :ال يخضع الموظفون القنصليون لالعتقال أو
التوقيف االحتياطي بانتظار المحاكمة إال في حالة الجرم الخطير وتنفيذاً لقرار السلطة العدلية
المختصة".
ولهذا قصرت قوانين بعض الدول ،بشرط المعاملة بالمثل ،محاكمة القناصل األجانب جنائياً في
حالة ارتكابهم جريمة من الجرائم الجسيمة كالجنايات والجنح الخطيرة دون الجنح البسيطة والمخالفات،
ويرجع عادة لتقرير ما ُيتَّبع في هذا الشأن إلى تشريع الدولة التي يعمل فيها القنصل والى أحكام
ُ
()2
المعاهدات القنصلية التي ترتبط بها إن وجدت .
هذا ،ونشير إلى أنه يجور للدولة المضيفة االنتقاص من الحرمة الشخصية والحصانة القضائية
التي يتمتع بها المبعوث الدبلوماسي إذا كان يحمل جنسيتها أو من المقيمين فيها إقامة دائمة ،وحصرها
فقط في األعمال التي تتعلق بممارسة وظائفه الدبلوماسية ،وهو ما نصت عليه المادة ( )5/14من
اتفاقية العالقات الدبلوماسية بقولها" :ال يتمتع المبعوث الدبلوماسي الذي يكون من مواطني الدولة المعتمد
لديها أو المقيمين فيها إقامة دائمة ،إال بالحصانة القضائية وبالحرمة الشخصية بالنسبة إلى األعمال
الرسمية التي يقوم بها بمناسبة ممارسة وظائفه ،وذلك ما لم تمنحه الدولة المعتمد لديها امتيازات
وحصانات إضافية" ،وكذلك المادة ( )5/80من اتفاقية البعثات الخاصة.
()1
غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص .591
()2
المرجع نفسه ،ص .999
515
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
ومن جهة أخرى يجوز للدولة الموفدة أن تتنازل عن الحصانة القضائية دون التنازل عن الحرمة
الشخصية لمبعوثها الدبلوماسي ،وهو ما نصت عليه المادة ( )5/19من اتفاقية العالقات الدبلوماسية
بقولها" :يجوز للدولة المعتمدة أن تتنازل عن الحصانة القضائية التي يتمتع بها المبعوثون الدبلوماسيون
واألشخاص المتمتعون بها بموجب المادة ،"19وقد َّ
أكدت الفقرة الثانية من ذات المادة أن هذا التنازل ال
يكون إال صريحاً في جميع األحوال ،أما فقرتها الثالثة فقد نصت على أنه إذا تم التنازل عن الحصانة
القضائية فال يحق للمبعوث الدبلوماسي االحتجاج بها بالنسبة ألي طلب عارض له صلة مباشرة بالطلب
األصلي موضوع التنازل عن الحصانة ،في حين َّ
أكدت فقرتها الرابعة على أن التنازل عن الحصانة
بالنسبة إلى أية دعوى مدنية أو إدارية ال يعني تلقائياً التنازل عن الحصانة بالنسبة لتنفيذ الحكم ،بل ال بد
في هذه الحالة األخيرة من تنازل مستقل.
الفرع الثالث :االعفاءات المالية
باإلضافة إلى الحصانات الشخصية والقضائية يتمتع المبعوثون الدبلوماسيون والقنصليون بجملة
من االمتيازات واإلعفاءات المالية ،تتمثل في:
أوالا :اإلعفاءات الضريبية
جرى العرف الدولي وممارسات الدول على إعفاء المبعوث الدبلوماسي من الضرائب المباشرة
كالضريبة على رأس المال والدخل ورسوم اإلقامة التي تُفرض على األجانب ،كما ُيعفى من بعض
الضرائب غير المباشرة ،بشرط المعاملة بالمثل ،ومن باب المجاملة الدولية مثل اإلعفاء من الرسوم
الجمركية بالنسبة لما له عالقة بعمل البعثة أو لالستعمال الشخصي ألعضائها ،إال أنه ال ُيعفى المبعوث
من دفع الرسوم التي تُفرض مقابل خدمات فعلية كالماء والكهرباء(.)1
وقد أخذت اتفاقية العالقات الدبلوماسية الحقاً بذات االعفاءات تقريباً في مادتها ( )18عندما
نصت على أنه ُيعفى المبعوث الدبلوماسي من جميع الرسوم والضرائب الشخصية أو العينية ،والقومية أو
اإلقليمية أو البلدية ،باستثناء ما يلي:
أ -الضرائب غير المباشرة التي تدخل أثمانها عادة في ثمن األموال أو الخدمات.
ب -الرسوم والضرائب المفروضة على األموال العقارية الخاصة الكائنة في إقليم الدولة المعتمد لديها ،ما
لم تكن في حيازته بالنيابة عن الدولة المعتمدة الستخدامها في أغراض البعثة.
ج -الضرائب التي تفرضها الدولة المعتمد لديها على التركات.
د -الرسوم والضرائب المفروضة على الدخل الخاص الناشئ في الدولة المعتمد لديها والضرائب
المفروضة على رؤوس األموال المستثمرة في المشروعات التجارية القائمة في تلك الدولة.
()1
غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص .598
517
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
ه -الرسوم والضرائب المفروضة مقابل خدمات معينة( .كتلك المتعلقة بالماء والكهرباء والهاتف).
و -رسوم التسجيل ،والتوثيق والرهن العقاري والدمغة والرسوم القضائية بالنسبة إلى األموال العقارية
الخاصة.
وقد نصت على ذات اإلعفاءات كذلك المادة ( )86من اتفاقية العالقات القنصلية ،والمادة ()11
من اتفاقية البعثات الخاصة.
ثاني ا :اإلعفاءات الجمركية
وتشمل اإلعفاء من الرسوم الجمركية على السلع التي يستوردها المبعوث الدبلوماسي مثل األثاث
والمالبس والمشروبات ووسائل النقل الخاصة له ولعائلته ،سواء كانت هذه لالستخدام الرسمي في عمل
ا لبعثة أو الستخدامه الشخصي ،كما تشمل اإلعفاء من تفتيش األمتعة الشخصية له في المعابر الحدودية
إال حالة الشك ووجود مبررات جدية لدى السلطات الجمركية المحلية ،على أن األمتعة الشخصية تحتوي
على بضائع ومواد يحظر قانون الدولة المستقبلة استعمالها أو استيرادها ،فعند ذلك تضطر السلطات
الجمركية إلى تفتيش تكل األمتعة بحضور المبعوث شخصياً أو مفوض عنه ،وقد جرى على هذا العرف
الدولي واالتفاقيات الدولية التي سبقت اتفاقية العالقات الدبلوماسية(.)1
أقرته فيما بعد اتفاقية العالقات الدبلوماسية في مادتها ( )19التي نصَّت على -5" :تقوم
وهو ما َّ
الدولة المعتمد لديها ،وفقاً لما قد تُ ِّ
سنه من قوانين وأنظمة ،بالسماح بدخول المواد اآلتية واعفائها من
جميع الرسوم الجمركية والضرائب والتكاليف األخرى غير تكاليف التخزين والنقل والخدمات المماثلة:
أ -المواد المعدة الستعمال البعثة الرسمي.
ب -المواد المعدة لالستعمال الخاص للمبعوث الدبلوماسي أو ألفراد أسرته من أهل بيته ،بما في ذلك
المواد المعدة الستق ارره.
-9تُعفى األمتعة الشخصية للمبعوث الدبلوماسي من التفتيش ،ما لم توجد أسباب تدعو إلى االفتراض
بأنها تحتوي مواد ال تشملها اإلعفاءات المنصوص عليها في الفقرة 1من هذه المادة ،أو مواد يحظر
القانون استيرادها أو تصديرها ،أو مواد تخضع ألنظمة الحجر الصحي في الدولة المعتمدة لديها ،وال
يجوز إجراء التفتيش إال بحضور المبعوث الدبلوماسي أو ممثله المفوض".
كما نصت على اإلعفاء من الرسوم الجمركية ومن تفتيش األمتعة الشخصية المادة ( )10من
اتفاقية العالقات القنصلية ،والمادة ( )11من اتفاقية البعثات الخاصة.
ثالث ا :اإلعفاءات والتسهيالت األخرى
517
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
باإلضافة إلى اإلعفاءات الضريبية والجمركية فقد اتفاقيات العالقات الدبلوماسية والقنصلية
إعفاءات وتسهيالت أخرى لم تكن موجودة في السابق على صعيد الممارسة الدبلوماسية( ،)1وتتمثل تلك
اإلعفاءات والتسهيالت في:
-إعفاء المبعوث الدبلوماسي من نظام الضمان االجتماعي في الدولة المضيفة بالنسبة للخدمات المقدمة
إلى الدولة الموفدة ،لكن ذلك ال يمنعه من االشتراك االختياري فيه إذا أجازت هي مثل هذا االشتراك(،)2
وهو ذات اإلعفاء الذي منحته اتفاقية العالقات القنصلية للموظفين القنصليين بموجب المادة ( )84منها،
وكذلك اتفاقية البعثات الخاصة بالنسبة لممثلي الدولة الموفدة في البعثات الخاصة بموجب المادة ()19
منها.
-إعفاء المبعوث الدبلوماسي من جميع أنواع الخدمات الخاصة والعامة ،ومن االلتزامات واألعباء
العسكرية كالخضوع لتدابير االستيالء على سيارته أو منزله الستخدامه في العمليات الحربية وعدم إجباره
على تقديم التبرعات أو القيام بعمليات االنقاذ عند تعرض البالد لكوارث طبيعية( ،)3وهو ما نصَّت عليه
المادة ( )11من اتفاقية العالقات الدبلوماسية ،والمادة ( )19من اتفاقية العالقات القنصلية ،والمادة ()18
من اتفاقية البعثات الخاصة.
المطلب الثاني :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية ألعضاء البعثة اآلخرين
ال يقتصر نظام الحصانات واالمتيازات على أعضاء البعثة المتمتعين بالصفة الدبلوماسية أو
القنصلية ،بل يمتد ليشمل أعضاء البعثة اآلخرين من الموظفين اإلداريين والفنيين والخدم بل وحتى أفراد
أسرهم الذين يقيمون معهم ،لكن من حيث نوعها ومداها هي بالطبع أقل من تلك الممنوحة للصنف األول
من أعضاء البعثة ،وهو ما سنوضِّحه في الفروع الثالثة الموالية.
الفرع األول :الحصانات الشخصية
أقرتها ألفراد البعثة
لقد نظمت اتفاقيات العالقات الدبلوماسية والقنصلية ،الحصانة الشخصية و ّ
اآلخرين من غير الموظفين الدبلوماسيين أو القنصليين ،وتشمل هذه الحصانة الشخصية الموظفين
الفنيين والمستخدمين والخدم الخاصين وحامل الحقيبة الدبلوماسية ،هذا باإلضافة إلى أفراد
اإلداريين و ّ
أسرهم وأفراد أسر المبعوثين الدبلوماسيين من أهل بيتهم.
وطبقاً المادة ( )19من اتفاقية العالقات الدبلوماسية يتمتع جميع هؤالء األفراد بحصانة شخصية
مقيدة بشروط مختلفة ،وقد نصت على هذه الحصانة بالنسبة ألفراد أسرة المبعوث الدبلوماسي المادة ّ
( )5/19بقولها " :يتمتع أفراد أسرة المبعوث الدبلوماسي من أهل بيته إن لم يكونوا من مواطني الدولة
()1
علي حسين الشامي ،مرجع سابق ،ص ص .141 ،149
()2
أنظر :المادة ( )8/5/11من اتفاقية العالقات الدبلوماسية لسنة .5695
()3
غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص .545
517
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
المعتمد لديها ،باالمتيازات والحصانات المنصوص عليها في المواد من 96حتى ."19أي الحصانات
المتعلقة بحرمة الذات ،وحرمة المنزل ،وحرمة األغراض الشخصية من أموال منقولة ومستندات
أساسيين ،أولهما أن يعيش هؤالء األفراد ألسرة المبعوث
ّ ومراسالت وأمتعة خاصة ،وذلك ضمن شرطين
تحت سقف واحد ومعه ،ثانيهما أن ال يحملوا جنسية الدولة المعتمد لديها ،حيث في هذه الحاالت ال
يتمتع هؤالء األفراد بأية حصانة شخصية.
أما الفقرة الثانية من هذه المادة فقد تناولت الحصانة الشخصية بالنسبة لموظفي البعثة
الدبلوماسية من اإلداريين والفنيين وأفراد أسرهم ،حين نصَّت على :أن "يتمتع موظفو البعثة اإلداريون
والفنيون ،وكذلك أفراد أسرهم من أهل بيتهم ،إن لم يكونوا من مواطني الدولة المعتمد لديها ،أو المقيمين
فيها إقامة دائمة ،باالمتيازات والحصانات المنصوص عليها في المواد من 96حتى ،11شرط أن ال
تمتد الحصانة المنصوص عليها في الفقرة 5من المادة ،15فيما يتعلق بالقضاء المدني واإلداري للدولة
المعتمد لديها إلى األعمال التي يقومون بها خارج نطاق واجباتهم ،ويتمتعون كذلك باالمتيازات
المنصوص عليها في الفقرة 5من المادة 19بالنسبة إلى المواد التي يستوردونها أثناء أول استقرار لهم".
الفنيين وأفراد أسرهم ،أحكام الحصانة الشخصية التي
تسري ،إذن على هؤالء األف ارد اإلداريين و ّ
تشمل المبعوث الدبلوماسي ما عدا تلك التي تتعلق بحرمة أمتعتهم الشخصية التي ال تشملها أحكام الفقرة
الفنيين وأفراد أسرهم إلى
الثانية من المادة ،19حيث تخضع األمتعة الشخصية لهؤالء اإلداريين و ّ
إجراءات التفتيش.
ُيالحظ أن هذه الفقرة الثانية من هذه المادة اشترطت لتمتع هؤالء األفراد بالحصانة الشخصية
ثالثة شروط ال شرطين كما حصل في الفقرة األولى .وهذه الشروط هي :أوالا :شرط معيشة أفراد أسر
الفنيون جنسية
هؤالء اإلداريين والفنيين تحت سقف واحد ومعهم ،وثانيا :أن ال يحمل هؤالء اإلداريون و ّ
الدولة المعتمد لديها ،وثالث ا :أنهم ال يقيمون فيها إقامة دائمة ،وذلك بمعزل عن تمتعهم بجنسية الدولة
المعتمدة أو جنسية دولة ثالثة ،حيث في هذه الحاالت ال يتمتعون بأية حصانة شخصية.
أما بالنسبة لمستخدمي البعثة فقد اشترطت الفقرة الثالثة من ذات المادة بأن ال يتمتع هؤالء األفراد
بالحصانة الشخصية إال فيما يتعلق باألعمال التي يقومون بها أثناء أدائهم واجباتهم أو وظائفهم ،أما
خارج نطاق قيامهم بوظائفهم فال يتمتعون بأية حصانة .واشترطت كذلك هذه الفقرة لتمتعهم بهذه
الحصانة بأن ال يكونوا من مواطني الدولة المعتمد لديها ،وأن ال يكونوا من المقيمين في هذه الدولة إقامة
بأي عمل
بأية حصانة ،وذلك لعدم قيامهم ّ دائمة ،وبالتالي فإن أفراد أسر هؤالء المستخدمين ال يتمتعون ّ
ُقرت لمستخدمي البعثة نظ اًر لألعمال التي يقومون بها
يرتبط بالوظائف الدبلوماسية باعتبار أن الحصانة أ ّ
أثناء أدائهم لواجباتهم.
511
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
518
الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
البعثة .أما إذا كان هؤالء األشخاص ينتمون بجنسياتهم إلى الدولة المعتمد لديها أو يقيمون فيها إقامة
دائمة ،فإنهم ال يتمتعون بالحصانات إال بقدر ما تسمح به هذه الدولة التي يجب عليها ،مع ذلك ،عند
ممارسة قضائها على هؤالء األشخاص أن ال تُعيق بشكل زائد أداء وظائف البعثة.
وتجدر اإلشارة أخي اًر إلى أن اتفاقية العالقات الدبلوماسية لم تميز بين األجانب المتمتعين
باالمتيازات والحصانات ،وبين أفراد أسرهم ًّأيا كانت جنسيتهم ،في حالة وجود نزاع مسلح ،حيث بموجب
المادة ( ،)88يجب على الدولة المعتمد لديها منح هؤالء جميعاً و ًّأيا كانت جنسية أسر الدبلوماسيين،
جميع التسهيالت الالزمة لمغادرة إقليمها في أقرب وقت.
الفرع الثالث :االمتيازات واإلعفاءات المالية
لم تقتصر اتفاقيات العالقات الدبلوماسية والقنصلية على تأكيد منح امتيازات واعفاءات مالية
أكدت كذلك على منح أعضاء البعثة اآلخرين من غير من للمبعوثين الدبلوماسيين والقنصليين ،بل َّ
يتمتعون بالصفة الدبلوماسية والقنصلية امتيازات واعفاءات ضريبية وجمركية ،وذلك بموجب المواد ()19
و( )14و( )16و( )80من اتفاقية العالقات الدبلوماسية ،وتشمل هذه االمتيازات أفراد أسرة المبعوث
الدبلوماسي ،والموظفين اإلداريين والفنيين وأفراد أسرهم ،والمستخدمين والخدم الخاصِّين.
غير أن هذه التمتع االمتيازات مشروط بثالث شروط كما رأينا في التمتع بالحصانات الشخصية
والقضائية ،وهي عدم شرط التمتع بجنسية الدولة المضيفة ،وشرط عدم اإلقامة الدائمة فيها ،وشرط
المعيشة تحت سقف واحد بالنسبة ألفراد أسر المبعوثين الدبلوماسيين والموظفين اإلداريين والفنيين .وأن
أفراد تلك األسر يتمتعون بذات اإلعفاءات التي يتمتع بها الشخص الذي يتبعونه.
512
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
الفصل الرابع
انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي
أشرنا فيما سبق أن إقامة العالقات الدبلوماسية والقنصلية هي حق مطلق وسيادي تباشره الدول
ذات السيادة .ل ذا فإن تبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي يتم على أساس التراضي واالتفاق بين األطراف
المعنية ،وذلك للقيام بالوظائف والمهام الدبلوماسية والقنصلية المختلفة.
واذا كان األصل هو ديمومة العالقات الدبلوماسية والقنصلية انطالقاً من ديمومة المصالح التي
تربط بين الدول المعنية ،إال أنه قد تحدث وقائع وتصرفات معينة تضع حداً للتمثيل الدبلوماسي
والقنصلي ،إما باإلرادة المشتركة ألطراف العالقة أو بإرادة إحداهما فقط دون األخرى ،األمر الذي يترتب
عليه آثا اًر متباينة تختلف أهميتها وخطورتها حسب التصرف أو الواقعة التي كانت سبباً في انتهاء التمثيل
الدبلوماسي والقنصلي ،وهو ما يدعونا إلى معالجة هذا الفصل في مبحثين ،ندرس في األول حاالت
انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي ،وفي الثاني اآلثار المترتبة على انتهاء التمثيل الدبلوماسي
والقنصلي.
801
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
المبحث األول
حاالت انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي
قد تط أر على العالقات الدبلوماسية والقنصلية القائمة بين الدول تغيرات مختلفة تكون سبباً في
انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي بينها ،وأثر هذه التغيرات على تلك العالقات قد يقتصر على مجرد
انتهاء المهام الدبلوماسية والقنصلية ،وقد يتطور إلى إنهاء العالقات الدبلوماسية والقنصلية وقطعها ،وهو
ما سنتطرق له في المطلبين المواليين.
المطلب األول :انتهاء المهام الدبلوماسية والقنصلية
إن حاالت انتهاء المهام الدبلوماسية والقنصلية ترجع ألسباب مختلفة ومتعددة ،منها ما يتعلق
بالمبعوث الدبلوماسي أو القنصلي ،ومنها ما يتعلق بالبعثة ككل بصفتها هيئة تمثل دولة ذات سيادة.
الفرع األول :انتهاء مهام المبعوث
أشارت المادة األولى فقرة (ه) من اتفاقية العالقات الدبلوماسية إلى أن مصطلح المبعوث
الدبلوماسي ُيطلق على أي عضو في البعثة الدبلوماسية يتمتع بالصفة الدبلوماسية ،كما أشارت المادة
األولى فقرة (د) من اتفاقية العالقات القنصلية إلى أن تعبير الموظف القنصلي ُيطلق على أي موظف
في البعثة القنصلية يقوم باألعمال القنصلية ،ونظ اًر لطبيعة المهام الموكلة لهؤالء فإن انتهاء مهامهم يعود
ألسباب خاصة تختلف عن أسباب انتهاء مهام البعثة ككل ،كما أن انتهاء مهامهم ال ُينهي عمل البعثة.
واألسباب التي تؤدي إلى انتهاء مهام المبعوث الدبلوماسي أو القنصلي ،منها ما يعود إلى أسباب
ذاتية تتعلق بالمبعوث الدبلوماسي أو القنصلي ،ومنها ما يعود إلى إرادة الدولة الموفدة ،ومنها ما يعود
إلى إرادة الدولة المضيفة.
أوالا :انتهاء مهام المبعوث ألسباب شخصية
ال يهتم القانون الدولي كثي اًر باألسباب الشخصية التي تؤدي إلى انتهاء مهمة المبعوث
الدبلوماسي أو القنصلي ،وهي ترتبط أكثر بأحكام القانون الداخلي ،وحسب ما استقرت عليه التشريعات
المقارنة فإن تلك األسباب تتمثل في:
-1االستقالةُ :يعبر المبعوث الدبلوماسي أو القنصلي عن رغبته في االستقالة بتقديم طلب استقالة إلى
حكومة دولته قبل أن ُيغادر مركز عمله وينتظر الرد عليه إما بالقبول أو الرفض ،وفي حالة الرفض
يستمر المبعوث في أداء مهامه ،واذا أخل بالتزاماته أو توقف عن مهامه الدبلوماسية فتقوم عليه
المسؤولية الوظيفية( .)1واألسباب التي تدعو المبعوث الدبلوماسي أو القنصلي إلى االستقالة كثيرة ،فقد
()1
بن ساسة سفيان ،انتهاء التمثيل الدبلوماسي واآلثار المترتبة عليه ( ،مذكرة ماجستير في القانون الدولي والعالقات الدولية ،كلية الحقوق ،جامعة
الجزائر ،)0211/0212 ،1ص .02
801
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
تكون عائلية كالرغبة في استقرار عائلته في بلدها األصلي أو وظيفية كعدم رضاه عن مواقف وسياسة
حكومته ،أو ألي سبب آخر(.)1
-2التقاعد :عادة ما تُحدد الدول في تشريعاتها الداخلية سن تقاعد موظفيها العاملين في السلك
الخارجي (الدبلوماسي أو القنصلي) ،وتختلف عادة عن سن تقاعد الموظفين العاملين ،وبالتالي تنتهي
المهمة الدبلوماسية أو القنصلية حكماً بحلول سن التقاعد.
-3المرض الشديد أو الوفاة :المرض ال يؤدي في العادة إلى إنهاء مهام المبعوث الدبلوماسي أو
القنصلي ولو تسبب في انقطاعها بصورة مؤقتة ،لكن إذا اشتد المرض أو العجز وأصبح من المتعذر
معه أداء المبعوث الدبلوماسي أو القنصلي لمهامه بشكل طبيعي ،فال بد من صدور قرار بإحالته على
عطلة مرضية لغاية شفائه ،وهنا ال تنتهي مهامه بصفة آلية بل بعد إعالن الدولة المعتمدة بذلك(.)2
أما فيما يخص الوفاة فإنها تُعتبر واقعة طبيعية يترتب عليها من الناحية القانونية االنتهاء الفوري
لمهام المبعوث الدبلوماسي أو القنصلي دون الحاجة إلى اإلعالن عن ذلك ،وفي كلتا الحالتين يتولى
الموظف األعلى رتبة منصب القائم باألعمال بالنيابة(.)3
هذا ،ونشير أخي اًر إلى أن انتهاء مهمة المبعوث ال يؤثر على البعثة التي يعمل فيها ،بل تبقى
مهمتها قائمة ومستمرة ،كما نشير إلى أن انتهاء مهمة المبعوث الدبلوماسي أو القنصلي ال تؤدي إلى
انتهاء تمتعه بالحصانات واالمتيازات المقررة له فو اًر ،بل يبقى متمتعاً بها إلى حين مغادرته إلقليم الدولة
المضيفة أو بعد مرور فترة معقولة تُمنح له حتى يتمكن من المغادرة(.)4
ثانيا :انتهاء مهام المبعوث بإرادة الدولة الموفدة
يتحقق انتهاء مهام المبعوث الدبلوماسي أو القنصلي بإرادة الدولة الموفدة في حالتين هما:
االستدعاء وانتهاء أجل المهمة.
-1االستدعاء :تقوم الدولة الموفد باستدعاء المبعوث الدبلوماسي أو القنصلي أو استدعاء رئيس البعثة
لدى الدولة المضيفة وانهاء مهمته ،وذلك لعدة أسباب منها :فقدان الثقة فيه نتيجة سوء تنفيذ سياسة
حكومته أو نتيجة سوء تصرف أو سلوك قام به في الدولة المضيفة ،أو تعيينه في منصب آخر ،أو إقالته
نتيجة ارتكابه بعض المخالفات في أداء مهامه .كما ُيمكن للدولة الموفدة أن تعمد إلى استدعاء مبعوثها
للتعبير عن استيائها من سياسة الدولة المعتمد لديها ،كما ُيمكن أن تنتهي مهمة المبعوث إذا كان رئيساً
()1
غازي حسن صباريني ،مرجع سابق ،ص .110
()2
بن ساسة سفيان ،مرجع سابق ،ص .02
()3
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص .121
()4
عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،مرجع سابق ،ص .111
880
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
للب عثة بحصوله على ترقية من قائم باألعمال إلى وزير مفوض أو إلى رتبة سفير ،وفي هذه الحالة يجب
عليه أن ُيقدم كتاب اعتماد جديد بسبب انتهاء مهمته السابقة(.)1
-2انتهاء أجل المهمة :تتعلق هذه الحالة بالبعثات الخاصة أين تتفق الدولتان الموفدة والمضيفة على
تحديد أجل معين إلنجاز المهمة الدبلوماسية ،بحيث بانقضائها تنتهي مهمة البعثة الدبلوماسية ،وذلك
كإيفاد بعثة خاصة للتفاوض بشأن معاهدة أو للمشاركة في مؤتمر أو في جنازة ،فإذا انتهى التنفيذ انتهت
المهمة( .)2ومهمة المبعوث الدبلوماسي أو القنصلي ال تنتهي بالنسبة للدولة المضيفة بمجرد صدور قرار
الدولة الموفدة بإقالته أو استدعائه أو إحالته على التقاعد أو قبول استقالته بل بتبليغها رسمياً ذلك
القرار(.)3
هذا ،ونشير إلى أن إنهاء مهمة المبعوث الدبلوماسي أو القنصلي هي حق مطلق للدولة الموفدة،
فهي التي تملك الحق في استدعاء مبعوثها وقت ما تشاء بناء على تقديراتها الخاصة بها ،وليس من حق
الدولة المضيفة أن تحتج على ذلك(.)4
ثالثا :انتهاء مهام المبعوث بإرادة الدولة المضيفة
كما تملك الدولة الموفدة حق إنهاء مهام مبعوثها الدبلوماسي أو القنصلي ،فإن اتفاقية العالقات
الدبلوماسية واتفاقية العالقات القنصلية قررت للدولة المضيفة ذات الحق ،وذلك بالرغم من حجم
الحصانات واالمتيازات المقررة له ،وتقوم بذلك في حالتين هما :حالة اعتبار الشخص غير مرغوب فيه،
وحالة الطرد.
-1حالة اعتبار المبعوث شخص غير مرغوب فيه :األصل في الموظف الدبلوماسي أو القنصلي أنه
شخص مرغوب فيه ومقبول به ،لكونه ُيختار من بين األشخاص الذين يتمتعون بصفات النزاهة والحياد
والكفاءة وحسن السلوك والسمعة الحميدة ،لكن الدولة المضيفة قد يكون لها رأي آخر في هذا الشخص
طبقاً لتقديراتها الخاصة ،لذلك منحتها اتفاقيات العالقات الدبلوماسية والقنصلية الحق في اعتبار المبعوث
الدبلوماسي شخص غير مرغوب فيه ،ومنها المادة ( )1/20من اتفاقية العالقات الدبلوماسية التي نصت
على" :يجوز للدولة المعتمد لديها ،في جميع األوقات ودون بيان أسباب قرارها ،أن تُعلن للدولة المعتمدة
أن رئيس البعثة أو أي موظف دبلوماسي فيها شخص غير مرغوب فيه أو أن أي موظف آخر فيها غير
مقبول .وفي هذه الحالة ،تقوم الدولة المعتمدة ،حسب االقتضاء ،إما باستدعاء الشخص المعني أو بإنهاء
()1
علي حسين الشامي ،مرجع سابق ،ص .012
()2
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص .121
()3
بن صاف فرحات ،مرجع سابق ،ص .110
()4
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص .122
888
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
خدمته في البعثة .ويجوز إعالن شخص ما غير مرغوب فيه أو غير مقبول ،قبل وصوله إلى إقليم
الدولة المعتمد لديها"(.)1
من خالل النص يتضح أن الدولة المضيفة لها كامل الحق في اإلعالن أن رئيس البعثة
الدبلوماسية أو أي شخص آخر في البعثة أنه غير مرغوب فيه ،دون أن يكون للدولة الموفدة إمكانية
االحتجاج عن ذلك أو حتى مطالبة الدولة المضيفة بإبداء األسباب التي أدت بها إلى ذلك .كما يتضح
أن الدولة المضيفة ُيمكن أن تُعلن أن المبعوث غير مرغوب فيه حتى قبل اعتماده ،لذلك أوجبت المادة
( )1/21من اتفاقية العالقات الدبلوماسية على الدولة الموفدة خصوصاً فيما يتعلق باعتماد رئيس بعثتها
أن تستطلع رأي المضيفة قبل اعتماده حتى ال تُفاجؤ بالرفض من ِقبلها ،وهذه في الحقيقة ال تُمثل حالة
إلنهاء مهام المبعوث الدبلوماسي ألنه لم يتسلم مهامه أصالً .كما لها الحق أن تُعلن أن المبعوث أو أي
موظف آخر في البعثة أصبح شخصاً غير مرغوب فيه وذلك بعد اعتماده ،وهذا بسبب سلوكه السيئ أو
تدخله في شؤونها الداخلية أو عدم احترامه لقوانينها الداخلية(.)2
وحسب النص فإن على الدولة الموفدة القيام باستدعاء الشخص غير المرغوب فيه من الدولة
المضيفة للقيام بتأديبه ،أو بإنهاء مهامه في تلك البعثة .غير أنه إذا لم تستجب الدولة الموفدة لطلب
عرض مبعوثها للطرد من
الدولة المضيفة أو تماطلت في استدعاء مبعوثها خالل فترة معقولة ،فإنها قد تُ ٍّ
طرف الدولة المضيفة.
-2حالة الطرد :في الحالة التي ال تستجيب فيها الدولة الموفدة لطلب الدولة المضيفة المتمثل في
استدعاء مبعوثها غير المرغوب فيه أو تقاعست في القيام بذلك ،فإن المادة ( )0/20من ذات االتفاقية
أجازت للدولة المضيفة أن ترفض االعتراف بالشخص المعني بوصفه عضواً في البعثة ،وبالتالي تسقط
عنه الصفة الدبلوماسية وتنزع عنه كل الحصانات واالمتيازات ،وبعد إخطارها للدولة الموفدة تعتبر مهام
هذا المبعوث منتهية باالستناد إلى المادة (/10ب) من اتفاقية العالقات الدبلوماسية(.)3
وبعد إبالغ الدولة المضيفة للدولة الموفدة بأن ذلك الشخص لم يعد بالنسبة إليها عضواً في
البعثة ،يبقى لها الخيار بين أن تُنهي التعامل معه بصفته شخصاً دبلوماسياً مع السماح له باإلقامة في
إقليمها بوصفه شخصاً أجنبياً( ،)4أو أن تقوم بطرده خارج إقليمها وهو إجراء أكثر خطورة من اعتباره
()1
نصت على هذه الحالة كذلك المادة ( )1/00من اتفاقية العالقات القنصلية ،والمادة ( )1/10من اتفاقية البعثات الخاصة.
()2
بن ساسة سفيان ،مرجع سابق ،ص .12
( )3نصت على هذه الحالة كذلك المادة ( )0/00من اتفاقية العالقات القنصلية ،والمادة ( )0/10من اتفاقية البعثات الخاصة.
()4
لقد أكد هذا الحكم الصادر عن المحكمة االبتدائية بنيويورك الذي أيدته محكمة االستئناف والقاضي برفض ادعاء صاحب العالقة استمرار صفته القنصلية
ألن دولته لم تقم بسحبه ،واعتبر الحكم أن مجرد سحب إجازته القنصلية ُينهي صفته القنصلية التي ال تقوم إال بقبول الدولة المضيفة بها .أنظر :بن صاف
فرحات ،مرجع سابق ،ص .110
881
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
شخصاً غير مرغوب فيه أو غير مقبولُ ،يمكن أن ُيؤدي إلى توتر شديد في العالقات بين الدولتين(.)1
وفي هذه الحالة تسلمه الدولة المضيفة جواز سفره وتبلغه بمغادرة إقليمها دون انتظار استدعائه من قبل
دولته ،وعندئذ تقوم هذه األخيرة إما بتعيين خلف وذلك إذا كان سبب الطرد عمالً مستنك اًر ارتكبه
المبعوث ،واما قطع العالقات الدبلوماسية مع الدولة المضيفة إذا كانت مبررات الطرد غير مقنعة(.)2
واألفعال التي يرتكبها المبعوث الدبلوماسي أو القنصلي والتي تكون سبباً في طرده من الدولة
المضيفة األكيد أنها أشد إساءة لهذه األخيرة من تلك التي تجعله مجرد شخص غير مرغوب فيه ،ومثالها
ارتكاب المبعوث الدبلوماسي أو القنصلي لجرائم تمس بأمن الدولة المضيفة كالتجسس والتآمر ودعم
الفئات المعارضة لنظام الحكم في الدولة المضيفة وغيرها من االنتهاكات الجسيمة والمتكررة في محيط
العالقات الدولية ،فالطرد إجراء غير ودي وخطير ُيعبر عن استياء شديد للدولة المضيفة ،ال ُي ٍّبرره إال
تصرف بالغ الخطورة أقدم عليه المبعوث الدبلوماسي أو القنصلي ،لذلك على الدولة المضيفة أال تُ ِ
قدم
عرض الدولة
عليه إال في الحاالت الخطيرة التي تمس بأمنها القومي ،ألنه إذا لم يستند لمبرر قوي فإنه ُي ٍّ
التي أقدمت عليه للمسؤولية الدولية وطلب التعويض ،أو لمعاملتها بالمثل أو لتوتر شديد في العالقات قد
تنتهي إلى قطع العالقات الدبلوماسية معها(.)3
الفرع الثاني :انتهاء مهام البعثة
األصل أن البعثات الدبلوماسية والقنصلية تعمل بصفة دائمة ،لكن قد تتوفر بعض األسباب كما
قد تط أر بعض الوقائع القانونية تجعل من استمرارها أم اًر ُمتعذ اًر فينتهي عملها ،وتتمثل تلك األسباب
والوقائع فيما يلي:
أوالا :تغير الوضع القانوني للدولة الموفدة أو المضيفة
أشرنا فيما سبق أن حق التمثيل الدبلوماسي والقنصلي يثبت للدول المستقلة كاملة السيادة بوصفها
تتمتع بالشخصية القانونية الدولية ،وبالتالي فإن أي تغير في الوضع القانوني للدولة الموفدة أو الدولة
المضيفة من شأنه أن يؤدي إلى زوال شخصيتها القانونية أو يؤثر على سيادتها ،سوف يؤدي إلى انهاء
التمثيل الدبلوماسي والقنصلي.
-1زوال الشخصية القانونية للدولة :تزول الشخصية القانونية للدولة بإرادتها باالتفاق مع غيرها على
االنضمام أو االنقسام:
حالة االنضمام :إن تأثير انضمام الدولة إلى اتحاد ما على شخصيتها القانونية ،وبالتالي انتهاء
التمثيل الدبلوماسي والقنصلي يتوقف على نوع االتحاد المنضمة إليه.
()1
علي حسين الشامي ،مرجع سابق ،ص .010
()2
موسى محمد مصباح ،مرجع سابق ،ص .121
()3
مايا الدباس ،ماهر ملندي ،مرجع سابق ،ص .01
881
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
االنضمام إلى اتحاد فيدراليُ :يعرف االتحاد الفيدرالي بأنه اتحاد مركزي بين دولتين أو أكثر
بحيث ال تكون الشخصية الدولية إال للحكومة المركزية ،مع احتفاظ الوحدات المكونة لالتحاد ببعض
االستقالل الداخلي بينما تفقد كل منها مقومات سيادتها الخارجية( .)1ويترتب عليه زوال الشخصية
القانونية للدول المنضمة إليه ،وبالتالي انتهاء مهام بعثات الدول المنضوية تحته وانصهارها في بعثة
واحدة وهي بعثة الحكومة المركزية.
اال نضمام إلى اتحاد شخصي :وهو جمع رئاسة دولتين أو أكثر في يد شخص واحد ،وقد يتحول
هذا اإلتحاد إلى اتحاد فعلي من خالل االتفاق على إدارة بعض الشؤون المشتركة للدول المتحدة بواسطة
هيئات مشتركة ولعل أهمها هي الشؤون الدبلوماسية ،وهنا تنتهي بعثات تلك الدولة التي كانت قائمة قبل
قيام هذا االتحاد لتنصهر في بعثة واحدة مشتركة .وقد يبقى هذا االتحاد مجرد إتحاد شكلي دون أن يؤثر
على سيادة كل دولة منضمة إليه ،وبالتالي يبقى لكل دولة حق إقامة بعثات دبلوماسية بمفردها.
االنضمام إلى اتحاد تعاهدي :ينشأ هذا االتحاد بموجب معاهدة بين عدة دول تُنشئ فيما بينها
هيئة مشتركة دائمة ُيناط بها القيام باختصاصات مشتركة بصفة مفردة أو باالشتراك مع الدول األعضاء
في االتحاد( .)2وما ُيميز هذا االتحاد هو احتفاظ كل دولة بسيادتها ،مع منح هيئة االتحاد الشخصية
الدولية ،وبالتالي فإن كالهما يبقى له حق إقامة العالقات الدبلوماسية والقنصلية .وهذا النوع من اإلتحاد
ال ينهي مهمة البعثات الدبلوماسية للدول المنضمة لالتحاد ،ولكن ينشئ هيئة جديدة تكون لها صالحية
إقامة العالقات الدبلوماسية.
حالة االنقسام :عندما تنشطر دولة ما إلى دولتين أو أكثر ،فإنه تنتهي تبعاً لذلك البعثات
الدبلوماسية والقنصلية للدولة األم لزوال شخصيتها القانونية ،وال ترث أي من الدول الجديدة
البعثات السابقة ،لكن في الحالة التي تبقى فيها الدولة األم قائمة وينفصل جزء من إقليمها أو
أكثر إلى دول مستقلة ،فإن بعثات الدولة األم تبقى قائمة وتنشأ بعثات جديدة للدولة أو الدول
المنفصلة عنها ،ومثال ذلك انفصال جنوب السودان عن الدولة األم السودان.
-2تقييد أو انعدام سيادة الدولة :في بعض الحاالت تط أر على المركز القانوني للدولة أوضاع معينة ال
تُزيل شخصيتها القانونية ،وانما تؤثر على سيادتها فتُقيدها أو تُعدمها ،وهي تتمثل في:
الوضع تحت الحماية أو االنتداب أو الوصاية :يحفظ نظام الحماية للدولة المحمية حق إدارة
شؤونها الداخلية على أن تتولى الدولة الحامية إدارة شؤونها الخارجية ،ومن بينها إقامة العالقات
الدبلوماسية ،وبالتالي تفقد الدولة المحمية حق إقامة البعثات من يوم دخولها في نظام الحماية ،وقد تترك
الدولة الحامية للدولة المحمية حق التمثيل السلبي دون االيجابي .وكذلك الحال بالنسبة لنظامي االنتداب
()1
ساسة سفيان ،مرجع سابق ،ص .02
()2
أنظر :المرجع نفسه ،ص ص .02 ،00
881
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
والوصاية ،حيث يحفظان للدولة الموضوعة تحت االنتداب أو المشمولة بنظام الوصاية استقاللها
الداخلي ،لكنها تكون خاضعة لدولة أخرى سيدة في مجال الشؤون الخارجية بالنسبة لالنتداب ،وخاضعة
لألمم المتحدة بالنسبة للدول المشمولة بنظام الوصاية ،ويترتب على هذا أن التمثيل الدبلوماسي يكون من
اختصاص الدولة المتبوعة أو القائمة بالوصاية.
وضع االحتالل :االحتالل هو طور من أطوار الحرب ،نكون بصدده عندما تتمكن قوات الغزو
من اقتحام دولة ما وهزيمة قواتها إذا تصدت للغزو ،ومن ثم الهيمنة على اإلقليم أو جزء منه ،واقامة
سلطة عسكرية للمحتل تحل محل سلطة الحكومة الشرعية( .)1ويؤثر االحتالل على سيادة الدولة المنهزمة
فيعدمها ،وبالتالي ُيلغي شخصيتها القانونية ويجعلها تابعة للدولة الغازية أو المحتلة ،ومن ثم انتهاء عمل ُ
بعثاتها الدبلوماسية والقنصلية.
ثاني ا :تغير نظام الحكم في الدولة الموفدة أو المضيفة
إن الطريقة التي يتغير بها نظام الحكم في الدولة هو شأن داخلي ،فسواء تم التغيير بطرق
دستورية أو طرق غير دستورية (االنقالب ،الثورة) ،فإن مصير بعثاتها الدبلوماسية والقنصلية يكون كما
يلي:
إذا تم تغيير نظام الحكم بطرق دستورية فإن نشاط البعثة ال ينتهي وانما ُيعلق إلى حين تقديم رئيس
البعثة أوراق اعتماده لرئيس الدولة الجديد.
أما إذا تم تغيير نظام الحكم عن طريق االنقالب أو الثورة فإن مصير البعثة يبقى مرهوناً باعتراف
حكومتها بالنظام الجديد في الدولة المضيفة ،ويعتبر سحب البعثة بمثابة عدم اعتراف ضمني من
جانب الدولة بالحكومة الجديدة ،أما اإلبقاء عليها فهو بمثابة اعتراف ضمني بالحكومة الجديدة.
ثالث ا :رفع أو تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي
أشرنا في ما سبق أن التمثيل الدبلوماسي يكون على ثالث مستويات:
-السفارات التي يرأسها السفير.
-المفوضيات التي يرأسها وزير مفوض.
-السفارات والمفوضيات التي يرأسها قائم باألعمال.
كما قلنا أن مستوى التمثيل تتحكم فيه عدة عوامل ،منها الظروف السياسية ،مدى تجدر العالقات
بين الدولتين ،حجم المصالح القائمة بين الدولتين .ودرجة التمثيل بين الدولتين الموفدة والمضيفة ال تكون
بالضرورة متماثلة ،فمثالً إذا اتفقت دولتان على تبادل التمثيل الدبلوماسي بمستوى سفارة فإنه ال يوجد ما
()1
مصطفى كامل شحاتة ،االحتالل الحربي وقواعد القانون الدولي المعاصر ،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ،الجزائر ،1021 ،ص .110
881
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
ُيلزم الدولة أن يكون رئيس بعثتها سفير ،فقد تُوفد إحداهما رئيس بعثة برتبة سفير ،بينما األخرى تُوفد
رئيس بعثة برتبة قائم باألعمال وذلك تبعاً لظروف خاصة تتحكم في كل منهما.
فإذا تغيرت درجة التمثيل الدبلوماسي بالترفيع أو التخفيض فإن ذلك يكون له أثر على مصير
البعثة ،حيث يؤدي رفع مستوى التمثيل إلى إنهاء مهمة البعثة بالصفة التي كانت عليها وينتقل إلى
الصفة الجديدة بعد تقديم رئيس البعثة أوراق اعتماد جديدة .وكذلك الحال في حالة التخفيض.
هذا في الحالة التي يمس فيها التغيير البعثة ككل ،أما في الحالة التي يمس فيها التغيير رئيس
البعثة فقط كترقيته من قائم باألعمال إلى رتبة سفير فإن مهام البعثة تبقى قائمة كما هي ،والذي يتغير
هو مركز رئيس البعثة فتنتهي مهمته كقائم باألعمال ويتولى المهمة الجديدة برتبة سفير بتقديم أوراق
اعتماد جديدة.
رابع ا :تعليق أو إلغاء أو سحب البعثة الدبلوماسية
كل هذه الحاالت تُعبر عن وضع االنتهاء المؤقت للبعثات وليس النهائي ،لتستأنف عملها بعد
زوال الظرف أو السبب الذي ُيبررها.
-1حالة التعليق :وتتحقق في الحالة التي لم تعد فيها البعثة قادرة على تمثيل مصالح الدولة الموفدة
لدى الدولة المضيفة ،ومع ذلك تبقى العالقة قائمة بين الدولتين ،ويمكن أن يشمل التعليق المبعوثين
الدبلوماسيين ،أو البعثة أو كالهما معاً ،وعادة ما يكون التعليق أحادي الجانب عكس القطع الذي يكون
ويمثل توقف كامل للبعثة أو للتمثيل الدبلوماسي.
من الجانبين ُ
واألسباب التي تدعو الدولة إلى تعليق مهمة المبعوث أو البعثة تتمثل في:
-استدعاء الدولة الموفدة لرئيس البعثة لدى الدولة المضيفة للتشاور وقد يكون االستدعاء ألجل غير
مسمى ،فهذا اإلجراء ُيعلق نشاط المبعوث المستدعى مؤقتاً ،وال ُينهي مهام البعثة تماماً وانما يؤدي إلى
تعليق بعض وظائفها الجوهرية المرتبطة برئيس البعثة المستدعى السيما وظيفة التمثيل والتفاوض ،غير
أن إعادة رئيس البعثة إلى منصبه لممارسة مهامه ال يتطلب منه تقديم أوراق اعتماد جديدة.
-اندالع الحرب أو االضطرابات الداخلية في الدولة المضيفة.
-2حالة اإللغاء :يمكن أن تنتهي مهام البعثة ألسباب اقتصادية ،وعادة ما يكون هذا اإللغاء وحيد
الجانب ،دون أن يؤثر ذلك على العالقات الدبلوماسية مع الدولة المضيفة ،وفي هذه الحالة ال تُقطع
العالقات الدبلوماسية بل تستمر ،حيث تُكلف الدولة الموفدة دولة ثالثة برعاية مصالحها في الدولة
المضيفة ،أو تقوم بتكليف بعثتها القنصلية لتأمين نشاطها الدبلوماسي أو العكس.
-3حالة السحب :هو من الحاالت التي تُنهي مهمة البعثة الدبلوماسية ،وهو وسيلة تلجأ إليها الدول
للتهديد وممارسة الضغوط على الدولة المضيفة وقد يتطور إلى قطع العالقات الدبلوماسية ،وعادة ما
881
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
ُيستخدم من قبل الدول الكبرى إلكراه الدول الصغرى على إتحاد مواقف سياسية معينة تتفق مع
مصالحها.
المطلب الثاني :انتهاء العالقات الدبلوماسية والقنصلية
على عكس الحاالت التي تناولناها في المطلب السابق ،فإن هناك بعض الحاالت التي ال تُؤثر
فقط على المهام الدبلوماسية والقنصلية ،بل تتعداها إلى العالقات الدبلوماسية والقنصلية ذاتها فتنهيها،
وتتمثل في حالتين هما:
الفرع األول :قطع العالقات الدبلوماسية والقنصلية
ُيعد قطع العالقات الدبلوماسية من مظاهر التوتر الشديد في العالقات بين الدول ،بحيث يؤدي
إلى إنهاء عمل البعثة الدبلوماسية ،أما البعثة القنصلية فليس بالضرورة أن ينتهي عملها بمجرد قطع
العالقات الدبلوماسية فقد يبقى عملها مستم اًر وقد ينتهي بانتهاء عمل البعثة الدبلوماسية ،وهو ما أشارت
إليه المادة ( )0/20من اتفاقية العالقات القنصلية بقولها" :إن قطع العالقات الدبلوماسية ال يتضمن
بصورة حكمية قطع العالقات القنصلية".
أوالا :القطع الثنائي للعالقات الدبلوماسية والقنصلية
رغم أن ميثاق األمم المتحدة يحث الدول األعضاء على التعاون واقامة العالقات الودية بينها ،إال
أنه لم يمنع إمكانية قطع العالقات الدبلوماسية بشكل صريح.
-1أساس وطبيعة قطع العالقات الدبلوماسية والقنصلية
يجد إجراء القطع أساسه القانوني في مختلف اتفاقيات العالقات الدبلوماسية والقنصلية ،حيث
أشارت المادة ( )12من اتفاقية العالقات الدبلوماسية إلى معالجة أثاره مما يفيد أنه تصرف مشروع ،أما
المادة ( )20من اتفاقية العالقات القنصلية فقد أشارت صراحة إلى قطع العالقات الدبلوماسية لما نصت
على" :إن قطع العالقات الدبلوماسية ال يتضمن بصورة حكمية قطع العالقات القنصلية" ،أما المادة
( )0/02من اتفاقية البعثات الخاصة فقد نصت على" :إن قطع العالقات الدبلوماسية أو القنصلية بين
الدولة الموفدة والدولة المضيفة ال ُيعد بحد ذاته سبباً إلنهاء البعثات الخاصة الموجودة في وقت قطعها".
كما أن المادة ( )10من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات أشارت إلى قطع العالقات الدبلوماسية لما تحدثت
عن أثاره بالنسبة للمعاهدات الدولية.
ويكيف قطع العالقات الدبلوماسية على أنه إجراء أو تصرف إنفرادي غير عادي تُصدره هذا ُ
الدولة بموجب سيادتها وسلطتها التقديرية في إدارة شؤونها الخارجية ،كما ُيمكن أن تتخذه الدول أو
المنظمات الدولية كتدبير مضاد ،كما يمكن اعتباره أسلوباً من أساليب االحتجاج.
881
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
881
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
-قطع العالقات الدبلوماسية بين مصر وايطاليا سنة ،1012الذي صاحبه سحب البعثات القنصلية
المتبادلة بين الدولتين.
-قطع مصر لعالقتها الدبلوماسية والقنصلية مع بريطانيا وفرنسا نتيجة حرب قناة السويس سنة .1021
-قطع الواليات المتحدة األمريكية عالقتها الدبلوماسية والقنصلية مع كوبا على إثر استيالء فيدال
كاسترو على الحكم سنة .1011
ثاني ا :القطع الجماعي للعالقات الدبلوماسية والقنصلية
هذا النوع من القطع يكون كرد فعل جماعي عن انتهاك قاعدة قانونية دولية من طرف دولة ما،
وهو يعتبر فعل دولي مشروع للرد على فعل آخر غير مشروع للدولة المنتهكة ُيثير مسؤوليتها الدولية.
-1القطع الجماعي في إطار تكتل سياسي (منظمات إقليمية أو مواقف جماعية) :يصدر عن
مجموعة من الدول ترتبط فيما بينها بمصالح مشتركة ذات طابع سياسي أو عسكري أو قومي ،وهو تدبير
زجري انتقامي ُيشكل وسيلة ضغط سياسي ،وكأمثلة على القطع الجماعي في إطار منظمة إقليمية ما
قامت به جامعة الدول العربية من قطع العالقات الدبلوماسية مع مصر سنة .1020وما قامت به كذلك
منظمة الوحدة األفريقية سابقا (االتحاد االفريقي حالياً) بقطع العالقات الدبلوماسية مع البرتغال وجنوب
افريقيا سنة .1010
أما القطع الجماعي في إطار تكتل سياسي أو موقف جماعي ما قام به االتحاد السوفييتي والدول
االشتراكية التي تسير في فلكه من قطع العالقات الدبلوماسية مع إسرائيل سنة 1012على إثر احتاللها
لألراضي العربية ،وما قامت به الدول العربية من قطع العالقات الدبلوماسية مع كل من فرنسا وبريطانيا
إثر عداوتها الثالثي على مصر سنة ،1021وكما حدث أيضاً سنة 1012لما قطعت بعض الدول
العربية عالقتها مع الواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا بسبب تأييدها احتالل إسرائيل لبعض األراضي
العربية سنة .1012
-2القطع الجماعي في إطار منظمة األمم المتحدة :هذه الحالة نصت عليها المادة ( )11من ميثاق
األمم المتحدة بقولها" :لمجلس األمن أن ُيقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي ال تتطلب استخدام للقوات
المسلحة لتنفيذ ق ارراته ،وله أن يطلب إلى أعضاء األمم المتحدة تطبيق هذه التدابير ،ويجوز أن يكون من
بينها وقف الصالت االقتصادية والمواصالت الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية والالسلكية
وغيرها من وسائل المواصالت وقفاً جزئياً أو كلياً وقطع العالقات الدبلوماسية".
ويعتبر هذا اإلجراء من التدابير القصرية غير العسكرية التي يجوز لمجلس األمن أن يطلب إلى
الدول األعضاء في األمم المتحدة تطبيقها ضد أي دولة ترتكب عمالً من األعمال التي تُهدد السلم
واألمن الدوليين .كما للجمعية العامة بموجب المادة ( )11من الميثاق أن تقوم بهذا اإلجراء ،ومن أمثلة
881
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
ذلك قرار الجمعية العامة رقم 00 :الصادر بتاريخ 1011/10/10المتعلق بقطع العالقات الدبلوماسية
مع اسبانيا بسبب إقامة نظام يتعارض مع مبادئ األمم المتحدة وهو نظام دكتاتوري أقامه الجنرال
"فرانكو" ،وكذلك قرارها رقم 1211 :سنة 1010القاضي بقطع العالقات الدبلوماسية مع جنوب افريقيا
بسبب تبنيها لنظام التمييز العنصري.
الفرع الثاني :قيام الحرب بين دولتين
تُعرف الحرب بأنها" :نزاع مسلح بين دولتين أو أكثر في سبيل تحقيق هدف سياسي أو عسكري
وتخوض غمارها جيوشها النظامية ،وتحاول كل منهما من حيث النتيجة فرض إرادتها بالقوة على الدولة
الثانية واخضاعها لسيطرتها"(.)1
أوالا :أثر الحرب على العالقات الدبلوماسية فيما بين الدول المتحاربة
إن قيام حالة الحرب بين دولتان تتبادالن التمثيل الدبلوماسي والقنصلي يعني تلقائياً انتهاء حالة
السلم والعالقات الودية بينهما وتحل محلها حالة العداء ،وبالتالي انتهاء كل أوجه العالقات بينهما ومن
بينها العالقات الدبلوماسية والقنصلية.
وقد اختلف الفقه الدولي في األثر التلقائي للحرب على العالقات الدبلوماسية على اتجاهين ،اتجاه
يرى بأن وضع العالقات الدبلوماسية يبقى مرهوناً بإرادة األطراف المتحاربة ،فإن شاءت أبقت عليها وان
لم ترغب في ذلك قامت بقطعها ،حيث أثبت الواقع العملي بقاء العالقات الدبلوماسية قائمة أثناء عدة
حروب ،ومن بينها الحرب الباكستانية الهندية سنة .1012أما االتجاه اآلخر فيرى بأن قطع العالقات
الدبلوماسية ُيعد أث اًر آلياً إلعالن الحرب التي تعتبر حالة استثنائية تتغير معها كل العالقات الودية إلى
عالقات عداء( ،)2وهو الرأي األقرب للصواب والمنطق.
ثاني ا :أثر الحرب على العالقات الدبلوماسية مع الدول الغير
قد تتعدى آثار الحرب فيما يتعلق بالعالقات الدبلوماسية والقنصلية التي تجمع الدول المتحاربة
إلى غيرها من الدول ،وذلك في بعض الحاالت الخاصة ،يمكن إجمالها فيما يلي(:)3
-حالة االرتباط مع الدولة المعتدي عليها بمعاهدة مساعدة متبادلة.
-حالة االعتداء على دولة حيادية.
-حالة تقديم مساعدات ودعم للدولة المتحارب معها.
-حالة دولة ثالثة حليفة للدولة المتحاربة مع الدولة األخرى.
()1
سموحي فوق العادة ،مرجع سابق ،ص .110
()2
أحمد أبو الوفاء ،قطع العالقات الدبلوماسية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر ،1001 ،ص .01
()3
علي حسين الشامي ،مرجع سابق ،ص .020
810
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
-قيام حكومة دولة معينة بقطع عالقاتها الدبلوماسية مع الدولة األخرى التي تعترف بالحكومة
االنفصالية بسبب حرب أهلية داخل بلدها.
المبحث الثاني
آثار انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي
إن اآلثار التي تترتب عن انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي ال تقل أهمية عن إقامة العالقات
الدبلوماسية والقنصلية ذاتها وما يترتب عليها من آثار ،ذلك أننا سنكون أمام وضعية قانونية جديدة سواء
بالنسبة للبعثة وموظفيها أو بالنسبة للعالقات بين الدولتين ،وهو ما سنوضحه في المطلبين المواليين:
المطلب األول :اآلثار المترتبة بالنسبة للبعثة وموظفيها
تشتمل كل بعثة دبلوماسية أو قنصلية على عنصرين ،عنصر بشري يتمثل في أفراد البعثة وهو
الذي يتولى تنفيذ المهام الدبلوماسية والقنصلية كل حسب مرتبته في البعثة ،وباإلضافة إلى ذك عنصر
مادي يتمثل في دار البعثة وموجوداتها ومحفوظاتها .لذلك سنتناول اآلثار المترتبة على انتهاء التمثيل
الدبلوماسي والقنصلي بالنسبة لكل عنصر على حدة في الفرعين المواليين:
الفرع األول :اآلثار المترتبة على انتهاء مهام المبعوث
يجب التذكير أوالً بأن انتهاء مهام المبعوث الدبلوماسي أو القنصلي ال يعني نهاية مهام البعثة
في حد ذاتها ،وبالتالي فإن اآلثار المترتبة على انتهاء مهام المبعوث تتوقف عنده وال تنصرف إلى البعثة
ككل .واآلثار المترتبة على انتهاء مهام المبعوث تختلف باختالف سبب اإلنهاء ،وهي عموماً كما يلي:
أوالا :مغادرة المبعوث إلقليم الدولة المضيفة
إذا انتهت مهمة المبعوث الدبلوماسي أو القنصلي ألي سبب من األسباب فإنه يجب عليه مغادرة
إقليم الدولة المضيفة في أقرب وقت ممكن ،وذلك النتهاء مبرر وجوده فيها وهو أداء المهام الدبلوماسية
أو القنصلية أو كالهما معاً.
ولكن بالرغم من هذا ال يوجد في اتفاقيات فيينا للعالقات الدبلوماسية والقنصلية أي مانع قانوني
يمنع المبعوث من البقاء في الدولة المضيفة ،ألن أهم ما في الموضوع ليس المغادرة أو البقاء وانما هو
الفترة التي يتمتع فيها المبعوث بالحصانات واالمتيازات ،لكن في الحالة التي تقوم فيها الدولة المضيفة
بطرد المبعوث فعليه المغادرة حاالً حسب ما ُيطلب منه.
وقد نصت المادة ( )0/00من اتفاقية العالقات الدبلوماسية على هذا األثر بقولها" :تنتهي عادة
امتيازات وحصانات كل شخص انتهت مهمته بمغادرة البالد أو بعد انقضاء فترة معقولة من الزمن تُمنح
له لهذا الغرض ،ولكنها تظل قائمة إلى ذلك الوقت حتى في حالة وجود نزاع مسلح" .كما نصت على
ذات األثر المادة ( )01من اتفاقية العالقات القنصلية ،والمادة ( )0/10من اتفاقية البعثات الخاصة.
818
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
811
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
الممنوحة له بصفته األصلية أم أنها ستتطور إلى الحصانات واالمتيازات التي يتمتع بها رئيس البعثة،
لكن المؤكد أنه ال يتمتع بها ألنه ال يملك الصفة الدبلوماسية والصفة التمثيلية.
هذا ما يتعلق باستخالف رئيس البعثة الدبلوماسية ،أما استخالف رئيس البعثة القنصلية فلم
تشترط اتفاقية العالقات القنصلية في ُمستخلف رئيس البعثة أية شروط ،ولكن العادة جرت على أن يكون
من بين المتمتعين بالصفة القنصلية برتبة قنصل أو نائب قنصل أو قنصل وكيل ،وفي المقابل ُمنحت
الدولة المضيفة الحق لقبول رئيس البعثة القنصلية بالوكالة أن تشترط بأال يكون من عداد موظفي الدولة
الموفدة الدبلوماسيين أو القنصليين المعتمدين لديها (م .)0/12كما أن الدولة المضيفة ليست ملزمة
بمنح رئيس البعثة بالوكالة الحصانات واالمتيازات التي يتمتع بها رئيس البعثة األصيل ولكنها في المقابل
ملزمة بتقديم المساعدة والحماية له (م .)0/12
وفي الحالة التي يتم فيها إسناد مهمة رئيس البعثة القنصلية بالوكالة إلى أحد الموظفين
الدبلوماسيين ،فإنه يبقى يتمتع بالحصانات واالمتيازات الدبلوماسية ما لم تعترض الدولة المضيفة على
ذلك (م ،)1/12وذلك بخالف الحال إذا تولى الموظف القنصلي المهمة الدبلوماسية مؤقتاً فإنه ال يحق
له اإلدعاء والمطالبة للتمتع بالحصانات واالمتيازات الدبلوماسية (م .)0/12
ثالث ا :استئناف المبعوث لمهامه
يترتب هذا األثر في الحاالت التي تنتهي فيها مهام المبعوث الدبلوماسي أو القنصلي بصفة
مؤقتة ،وتتمثل هذه الحاالت في استدعاء الدولة الموفدة لمبعوثها لغرض التشاور في مسألة معينة تتعلق
بتصريح أدلى به أو فعل قام به ،أو استدعاءه بغرض التعبير عن استيائها من سياسة الدولة المضيفة،
أو في حالة التوقف المؤقت عن مهامه بسبب المرض الشديد.
وفي مثل هذه الحاالت ال يتطلب استئناف المبعوث لمهامه تقديم أوراق اعتماد جديدة للدولة
المضيفة ،وانما يكفي إعالنها بوصول المبعوث الذي سيستأنف عمله.
رابعا :تجديد أوراق االعتماد
يتحقق هذا األثر سواء في الحاالت التي تنتهي فيها مهام المبعوث بصفة نهائية وال يمكنه الرجوع
للدولة المضيفة لممارسة مهامه فيها من جديد (كحالة الطرد ،حالة اعتباره شخصا غير مرغوب فيه،
حالة الوفاة أو التقاعد أو االستقالة) ،أو في الحاالت التي يمكنه الرجوع إلى الدولة المضيفة لممارسة
مهام دبلوماسية ج ديدة مستقلة عن المهام التي انتهت ،كحالة انتهاء المدة المحددة في أوراق االعتماد،
وحالة الترقية في الدرجة ،أو في حالة وفاة أو تغير رئيس الدولة في أي من الدولتين.
ففي كل هذه الحاالت يجب على المبعوث أن ُيقدم أوراق اعتماد جديدة ُيتبع بشأنها نفس
اإلجراءات المتبعة عند إرسال مبعوث دبلوماسي جديد.
811
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
811
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
811
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
اتفاقية العالقات القنصلية بأجل معين ،أما اتفاقية البعثات الخاصة فقد نصت في المادة ( )1/11أن
يكون ذلك خالل فترة معقولة من الزمن.
ثالثا :إمكانية تكليف دولة ثالثة بحماية مقر البعثة وموجوداتها
أجازت اتفاقيات العالقات الدبلوماسية والقنصلية للدولة الموفدة بأن تعهد بحراسة مقر بعثتها
وأموالها ومحفوظاتها إلى دولة ثالثة شريطة أن تقبل بها الدولة المضيفة ،وهو ما أكدت عليه المادة
(/12ب) من اتفاقية العالقات الدبلوماسية ،والمادة (/1/02ب) من اتفاقية العالقات القنصلية ،والمادة
( )0/11من اتفاقية البعثات الخاصة.
واذا عهدت الدولة الموفدة لدولة ثالثة بحماية وحراسة مقر بعثتها الدبلوماسية أو القنصلية ،فإن
هذا ال يعفي الدولة المضيفة من التزامها بحمايتها واحترامها ،وبالتالي فإن تكليف الدولة الموفدة لدولة
ثالثة بحماية بعثتها ال ُيمثل بديالً وال ُيعوض االلتزام بالحماية المفروض على الدولة المضيفة ،بل
التزامها هذا يبقى قائماً في كل الحاالت وبغض النظر عن الحراسة التي قد تعهد بها الدولة الموفدة لدولة
ثالثة.
المطلب الثاني :اآلثار المنصرفة إلى أوجه العالقات األخرى بين الدولتين
إن انتهاء التمثيل الدبلوماسي ال يؤدي بالضرورة إلى انتهاء أوجه التمثيل األخرى ،كالتمثيل
القنصلي أو عمل البعثات الخاصة ،كما أن انتهاء هذا التمثيل – باستثناء حالة انتهاء التمثيل بسبب
الحرب -ال يضع حداً لكل أوجه العالقات القائمة بين الدولتين ،لكن ال يعني ذلك أنه ال ُيؤثر فيها ،بل
ستتأثر مختلف أوجه تلك العالقات ولو بشكل نسبي.
الفرع األول :اآلثار المنصرفة ألوجه التمثيل األخرى
باإلضافة إلى التمثيل الدبلوماسي الدائم ترتبط الدولة بعالقات تمثيل أخرى مع باقي الدول،
كالتمثيل القنصلي والتمثيل الدبلوماسي المؤقت (البعثات الخاصة) ،وبالتالي ُيطرح التساؤل عن مدى
تأثير انتهاء التمثيل الدبلوماسي الدائم بين دولتين أو أكثر في باقي أوجه التمثيل األخرى بالنسبة إليها؟
إن اإلجابة عن هذا التساؤل تقتضي منا البحث في مدى هذا التأثير على التمثيل القنصلي
(أوالً) ،وعلى عمل البعثات الخاصة (ثانياً).
أوالا :اآلثار بالنسبة للتمثيل القنصلي
إذا كانت االتفاق على تبادل التمثيل الدبلوماسي بين دولتين يستتبع بالضرورة – ما لم ُيتفق على
خالف ذلك – االتفاق على تبادل التمثيل القنصلي ،فإن قطع العالقات الدبلوماسية كأصل عام ال يؤدي
بالضرورة إلى قطع العالقات القنصلية ،وهو ما نصت عليه المادة ( )0/0/20من اتفاقية العالقات
811
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
القنصلية بقولها -0" :إن الموافقة المعطاة على إنشاء العالقات الدبلوماسية بين دولتين تتضمن ،ما لم
ينص على خالف ذلك ،الموافقة على إنشاء العالقات القنصلية.
-0إن قطع العالقات الدبلوماسية ال يتضمن بصورة حكمية قطع العالقات القنصلية".
من خالل هذا النص نستنتج أنه إذا كان هناك تالزم وتبعية قانونية بين العالقات الدبلوماسية
والقنصلية في حالة إنشاء العالقات الدبلوماسية ،فإن تلك التبعية ال وجود لها في حالة قطعها ،وبالتالي
فإن األثر المباشر النتهاء العالقات الدبلوماسية على العالقات القنصلية هو استمرار هذه األخيرة بشكل
طبيعي ،بل تزداد أهميتها حيث تصبح وسيلة االتصال الوحيدة بين الدولتين ومحط رعاية مصالح
الدولتين( ،)1خصوصاً عند تولي البعثة القنصلية لمهام البعثة الدبلوماسية بعد انتهاء تمثيلها حسب المادة
( )12من اتفاقية العالقات القنصلية.
ثاني ا :اآلثار بالنسبة للبعثات الخاصة
إن تبادل التمثيل الدبلوماسي بواسطة البعثات الخاصة منفصل تماماً من حيث وجوده وانعدامه
عن تبادل التمثيل الدبلوماسي الدائم ،وبالتالي فإقامة هذا األخير ال يستتبع بالضرورة إنشاء البعثات
الخاصة ،بل أن تبادل هذه األخيرة ال ُيشترط فيه سبق تبادل البعثات الدبلوماسية الدائمة أو البعثات
القنصلية ،وهو ما أكدته المادة ( )22من اتفاقية البعثات الخاصة بقولها" :ال يلزم وجود العالقات
الدبلوماسية أو القنصلية إليفاد أحد البعثات الخاصة أو الستقبالها".
كما أن انتهاء التمثيل الدبلوماسي الدائم ال ُينهي بالضرورة عمل البعثات الخاصة ،وهو ما أكدت
عليه المادة ( )0/02من اتفاقية البعثات الخاصة بقولها" :قطع العالقات الدبلوماسية أو القنصلية بين
الدولة الموفدة والدولة المستقبلة ال ُيعد بحد ذاته سبباً إلنهاء البعثات الخاصة الموجودة في وقت قطعها".
يتضح من خالل هذا النص أن قطع العالقات الدبلوماسية أو القنصلية ألي سبب من األسباب
ليس له تأثير مباشر على عمل البعثات الخاصة التي كانت موجودة وقت قطع تلك العالقات.
الفرع الثاني :اآلثار بالنسبة للمعاهدات الدولية
األصل العام أن قطع العالقات الدبلوماسية أو القنصلية ال تأثير له على استمرار العمل
بالمعاهدات واالتفاقيات التي أُبرمت قبل قطع تلك العالقات ،وبالتالي فإن الحقوق وااللتزامات المقررة
بموجب تلك االتفاقيات تبقى نافذة وسارية المفعول ،وهو ما نصت عليه المادة ( )10من اتفاقية فيينا
لقانون المعاهدات لسنة 1010بقولها" :ال يؤثر قطع العالقات الدبلوماسية أو القنصلية بين أطراف
المعاهدة على العالقات القانونية القائمة بينهم بموجب المعاهدة ،"...ولعل الفصل بين قطع العالقات
الدبلوماسية أو القنصلية وبقاء المعاهدات الدولية سارية المفعول يكمن في المبررات التالية:
()1
أحمد أبو الوفاء ،قطع العالقات الدبلوماسية ،مرجع سابق ،ص .122
811
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
-االستقالل بين العالقات القانونية االتفاقية والعالقات الدبلوماسية ذات الطابع السياسي.
-انتهاء التمثيل الدبلوماسي ال يعني التحلل من االلتزامات التي تفرضها أحكام القانون الدولي االتفاقية.
-المعاهدات الدولية لها أساليب خاصة إلنهائها وايقاف العمل بها ،ليست من بينها انتهاء التمثيل
الدبلوماسي.
-أن مبدأ حسن النية ومبدأ الوفاء بالعهد يفرضان على الدول تنفيذ التزاماتها التعاقدية رغم كل الظروف
وأن ال تتهرب منها ،ألن حاالت التوتر السياسي وقطع العالقات الدبلوماسية بين الدول ال تُعد أداة
للتحلل من االلتزامات التعاقدية.
لكن هذا األصل العام يرد عليه استثناء يتمثل في أن قطع العالقات الدبلوماسية أو القنصلية
يؤدي بالتبعية إلى ايقاف العمل بالمعاهدات التي يتطلب أو ال ُيصور نفاذها إال بوجود تلك العالقات،
وهو ما نصت عليه العبارة األخيرة من المادة ( )10ذاتها بقولها" :إال بقدر ما يكون وجود العالقات
الدبلوماسية أو القنصلية ضرورة ال غنى عنها لتطبيق المعاهدة" ،ومثالها االتفاقيات الثنائية التي تتعلق
باالمتيازات والحصانات الدبلوماسية إذ يتوقف تطبيقها على تبادل الدبلوماسيين بين الدولتين ،وكذلك
المعاهدات التي تتطلب وجود عالقات حسنة بين الدولتين كمعاهدات التحالف.
وقد ذهبت المادة ( )21من اتفاقية قانون المعاهدات إلى أكثر من ذلك لما أجازت إبرام
المعاهدات الدولية بين الدول التي قطعت عالقاتها الدبلوماسية أو القنصلية أو التي لم يسبق لها االرتباط
بتلك العالقات أصالً ،والتي جاء نصها كما يلي" :قطع العالقات الدبلوماسية أو القنصلية وغياب مثل
هذه العالقات بين دولتين أو عدة دول ال يعوق إبرام المعاهدات بين هذه الدول .إن إبرام المعاهدة بذاتها
ليس له أثر فيما يتعلق بالعالقات الدبلوماسية والقنصلية".
الفرع الثالث :آثار الحرب على مختلف أوجه العالقات الدولية
إن قيام الحرب بين دولتين ال تؤدي إلى قطع العالقات الدبلوماسية القائمة بينهما فقط ،بل تتأثر
مجمل مظاهر عالقاتهما الدولية ،وهذا هو الفارق الجوهري بين الحاالت األخرى التي تؤدي إلى انتهاء
التمثيل الدبلوماسي وبين انتهائه بسبب حالة الحرب ،ففي هذه الحالة تتوقف كل الصالت االقتصادية
والتجارية والمواصالت واالتصاالت والعالقات القنصلية ،بينما في الحاالت األخرى السيما قطع العالقات
الدبلوماسية بغير سبب الحرب ال يكن لها مثل هذا األثر(.)1
أما فيما يتعلق بآثار الحرب على المعاهدات المبرمة بين الدولتين المتحاربتين فإن الفقه التقليدي
كان يرى بأن الحرب تُعد سبباً النقضاء المعاهدات ،أما الفقه الحديث فله نظرة مغايرة حيث يرى بأن أثر
()1
علي حسين الشامي ،مرجع سابق ،ص .012
811
الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي محاضرات في قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية
الحرب على المعاهدات الدولية يختلف باختالف طبيعة ونوع المعاهدة في حد ذاتها ،وقد ميز بين عدة
أنواع من المعاهدات بالشكل التالي(:)1
-المعاهدات التي يكون موضوعها تنظيم حالة الحرب ،ال تنتهي وال ُيعطل تنفيذها بقيام حالة الحرب بل
تضعها موضع التنفيذ ،وذلك ألنها تُعد بمثابة الشرط الواقف في تنفيذها.
-المعاهدات التي يكون موضوعها تنظيم حالة دائمة ،كمعاهدات الحدود والمعاهدات التي نصت
صراحة على عدم تأثرها بالحرب ،تبقى سارية المفعول رغم قيام الحرب.
-أما المعاهدات السياسية والمعاهدات التي كانت سبباً في قيام الحرب فتنتهي بقيام الحرب ،وهو ما
قامت به مصر سنة 1022من إنهاء معاهدة الجالء التي بينها وبين بريطانيا ،وذلك بسبب العدوان
الثالثي عليها ولم تنازعها بريطانيا في هذا اإلنهاء.
()1
أحمد اسكندري ،محمد ناصر بوغزالة ،القانون الدولي العام ،ج ،1المدخل والمعاهدات الدولية ،مطبعة الكاهنة ،الجزائر ،1002 ،ص ص .022 ،021
811
خاتم ـ ـ ـ ـ ـ ــة
الخاتمــــــــــــــة
من خالل ما تم تناوله في هذه المحاضرات خلصنا إلى جملة من النتائج ُيمكن إيجازها في النقاط
التالية:
-أن العالقات الدبلوماسية بالشكل الذي هي عليه اليوم لم تظهر فجأة ،بل تطورت ،وما تزال ،بتطور
وتنوع وتشابك المصالح بين المجتمعات والدول ،فبعد أن كانت مؤقتة أصبحت دائمة ،وبظهور الدولة
الحديثة والنظم الديمقراطية انتقلنا من الدبلوماسية السرية إلى الدبلوماسية العلنية ،وبظهور المنظمات
الدولية وتعاظم دورها في الساحة الدولية انتقلنا من الدبلوماسية الثنائية إلى الدبلوماسية متعددة األطراف،
أي دبلوماسية المنظمات الدولية.
-أن العالقات الدبلوماسية والقنصلية لم تبق خاضعة للمجامالت والقواعد العرفية ،بل تم تنظيمها بقواعد
قانونية أصبحت تشكل فرعاً مستقالً من فروع القانون الدولي ُيعرف بـ :القانون الدبلوماسي والقنصلي،
يضم مجموعة من االتفاقيات أهمها اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية لسنة ،1691واتفاقية فيينا
للعالقات القنصلية لسنة ،1691واتفاقية البعثات الخاصة لسنة ،1696واتفاقية تمثيل الدول لدى
المنظمات العالمية لسنة .1691
-أن زيادة االعتماد المتبادل والمصالح المشتركة بين الدول ،ضاعف من حاجة الدول لبعضها البعض،
وبالتالي وجدت في الدبلوماسية الوسيلة الفعالة للتعاون الدولي وايجاد الحلول لمختلف المشكالت
والمنازعات الناجمة عن تضارب تلك المصالح.
-ظهور مهام إضافية وجديدة للعمل الدبلوماسي ،بحيث لم تعد الدبلوماسية ترتكز فقط على التفاوض
من أجل إحالل السلم وحل المنازعات بين الدول ،بل أصبحت الدبلوماسية المعاصرة تهتم بقضايا أخرى
كالبيئة وحقوق اإلنسان ومكافحة الجريمة العابرة للحدود.
-أن األجهزة التي تسهر على إدارة العالقات الدبلوماسية والقتصلية في الدولة هي على نوعين :أجهزة
مركزية داخلية تتولى إدارة تلك العالقات غالباً من داخل الدولة تتمثل في رئاسة الجمهورية وو ازرة
الخارجية ،وأخرى ال مركزية خارجية تتولى مباشرة تلك العالقات من خارج الدولة وتتمثل في البعثات
الدبلوماسية الدائمة أو الخاصة والبعثات القنصلية.
-أن الطبيعة القانونية للتمثيل الدبلوماسي والقنصلي ليست حقاً يقابله واجب ،بل هي مجرد رخصة
للدولة ،لها أن تستخدمها من خالل الدخول في عالقات دبلوماسية مع من تشاء من الدول دون اعتراض
من الدول األخرى ،كما لها أال تستخدمها مع بعض الدول وذلك بعدم الدخول معها في تلك العالقات.
وأن الذي ُيحتِّم على الدولة من الناحية العملية استقبال البعثات الدبلوماسية للدول األخرى ليس تنفيذاً
031
خاتم ـ ـ ـ ـ ـ ــة
اللتزام قانوني يترتب على اإلخالل به إثارة مسؤوليتها الدولية ،وانما الحاجة والضرورة االجتماعية
ومقتصيات المعاملة بالمثل هي التي تُحتِّم عليها ذلك.
-أن تبادل العالقات الدبلوماسية والقنصلية بين الدول يقوم على شرطي االعتراف المتبادل بين الدول
واالتفاق والتراضي على إقامة تلك العالقات.
-أن الهدف األساس من إقرار نظام الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية هو تمكين البعثات
الدبلوماسية والقنصلية من ممارسة المهام والقيام بالوظائف الملقاة على عاتقها على أكمل وجه ،دون
التعرض ألية ضغوطات من سلطات الدولة المضيفة.
-في مقابل الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية يقع على المبعوثين الدبلوماسيين والقنصليين
في مواجهة الدولة المضيفة جملة من االلتزامات تتمثل احترام قوانينها وأنظمتها الداخلية ،عدم التدخل في
شؤونها الداخلية ،عدم استخدام مقر البعثة لإلضرار بمصالحها والمساس بأمنها واستقرارها ،واالمتناع عن
ممارسة أي نشاط مهني أو تجاري.
-أن العالقات الدبلوماسية والقنصلية األصل فيها الديمومة واالستمرار انطالقاً من ديمومة المصالح
التي تربط بين أعضاء المجتمع الدولي ،إال أنه قد تحدث وقائع وتصرفات معينة تضع حداً للتمثيل
الدبلوماسي والقنصلي ،إما باإلرادة المشتركة ألطراف العالقة أو بإرادة إحداهما فقط دون األخرى ،األمر
الذي يترتب عليه آثا اًر متباينة تختلف أهميتها وخطورتها حسب التصرف أو الواقعة التي كانت سبباً في
انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي.
وفي األخير نخلص إلى القول أنه وبعد ُمضي أكثر من نصف قرن على سن المنظومة القانونية
الدولية الخاصة بالعالقات الدبلوماسية والقنصلية بات من الضروري إعادة النظر في الكثير من
أحكامها ،ولعل أهمها نظام الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية الذي تعسفت الدول ومبعوثيها
في استخدامه ،فتحولت تلك الحصانات واالمتيازات من كونها ضرورة أملتها طبيعة الوظائف الدبلوماسية
والقنصلية إلى كونها مصدر خطورة لإلفالت من العقاب.
030
قائمة املراجع
قائمة المراجع
أولا :الكتب
-1أبو الخير أحمد عطية ،القانون الدولي العام ،ط ،1دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر،
.1991/1991
-2أحمد أبو الوفاء ،قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر،
.2002
-2أحمد أبو الوفاء ،قطع العالقات الدبلوماسية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر.1991 ،
-4أحمد اسكندري ،محمد ناصر بوغزالة ،القانون الدولي العام ،ج ،1المدخل والمعاهدات الدولية،
مطبعة الكاهنة ،الجزائر.1991 ،
-5أحمد مرعي ،آثار قطع العالقات الدبلوماسية ،ط ،1منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان،
.2012
-6جمال عبد الناصر مانع ،التنظيم الدولي ،دار العلوم للنشر والتوزيع ،عنابة ،الجزائر.2006 ،
-1حامد سلطان ،القانون الدولي العام وقت السلم ،ط ،4دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر.1969 ،
-1خليل حسين ،التنظيم الدبلوماسي ،ط ،1منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان.2012 ،
-9سعد حقي توفيق ،مبادئ العالقات الدولية ،ط ،5شركة العاتك لصناعة الكتاب ،القاهرة ،مصر،
1421هـ 2010/م.
-10سموحي فوق العادة ،الدبلوماسية الحديثة ،دار اليقظة العربية ،بيروت ،لبنان.1912 ،
-11سهيل حسين الفتالوي ،الدبلوماسية اإلسالمية -دراسة مقارنة بالقانون الدولي العاصر ،-ط،1
دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن.2005 ،
-12سهيل حسين الفتالوي ،الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان،
األردن.2006 ،
-12صالح محمد عبد الحميد ،فن التفاوض والدبلوماسية ،ط ،1مؤسسة طيبة للنشر والتوزيع ،القاهرة،
مصر.2012 ،
-14طارق حمو ،الدبلوماسية وأصول العمل الدبلوماسي ،المركز الكردي للدراسات ،بوخوم ،ألمانيا،
.2011
-15عبد العزيز بن ناصر العبيكان ،الحصانات والمتيازات الدبلوماسية والقنصلية في القانون
الدولي ،ط ،1شركة العبيكان لألبحاث والتطوير ،الرياض ،المملكة العربية السعودية1421 ،ه2001/م.
231
قائمة املراجع
-16عبد الفتاح علي الرشدان ،محمد خليل الموسى ،أصول العالقات الدبلوماسية والقنصلية ،ط،1
المركز العلمي للدراسات السياسية ،عمان ،األردن.2005 ،
-11عطا محمد صالح زهرة ،أصول العمل الدبلوماسي والقنصلي ،ط ،1مركز بحوث العلوم
االقتصادية ،بنغازي ،ليبيا.1994 ،
-11علي حسين الشامي ،الدبلوماسية -نشأتها وتطورها ونظام الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية ،-
دار العلم للماليين ،بيروت ،لبنان.1990 ،
-19غازي حسن صباريني ،الدبلوماسية المعاصرة – دراسة مقارنة ،-ط ،1دار الثقافة للنشر والتوزيع،
عمان ،األردن.2009 ،
-20فاوي المالح ،سلطات األمن والحصانات والمتيازات الدبلوماسية في الواقع النظري والعملي
مقارنا بالشريعة اإلسالمية ،دار المطبوعات الجامعية ،االسكندرية ،مصر.1992 ،
-21محسن أفكرين ،القانون الدولي العام ،ط ،1دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر.2005 ،
-22محمد المجذوب ،القانون الدولي العام ،ط ،6منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان.2001 ،
-22محمد سامي عبد الحميد ،أصول القانون الدول العام ،ج ،2الحياة الدولية ،المجلد األول القانون
الدبلوماسي والقنصلي والقانون الدولي للبحر ،ط ،2االسكندرية ،مصر.2005 ،
-24محي الدين جمال ،قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية ،ط ،1منشورات بغدادي تعاونية
التضامن ،الجزائر.2012 ،
-25مصطفى كامل شحاتة ،الحتالل الحربي وقواعد القانون الدولي المعاصر ،الشركة الوطنية للنشر
والتوزيع ،الجزائر.1911 ،
-26منتصر سعيد حمودة ،قانون العالقات الدبلوماسية والقنصلية ،ط ،1دار الفكر الجامعي،
االسكندرية ،مصر.2001 ،
-21موسى محمد مصباح ،القانون الدولي الدبلوماسي والقنصلي ،ط ،1دار المشرق العربي ،الجيزة،
مصر.2019 ،
-21ناظم عبد الواحد الجاسور ،أسس وقواعد العالقات الدبلوماسية والقنصلية -دليل عمل الدبلوماسي
والبعثات الدبلوماسية ،-ط ،1دار مجدالوي للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن1422 ،هـ2001/م.
-29يحي الجمل ،العتراف في القانون الدولي العام ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،مصر.1962 ،
ثانيا :المذكرات والرسائل الجامعية
233
قائمة املراجع
-1بخدة صفيان ،دور البعثات الدبلوماسية الدائمة للدول لدى منظمة األمم المتحدة في تطوير
العالقات الدولية( ،أطروحة دكتوراه في القانون العام ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة تلمسان،
.)2015/2014
-2بن ساسة سفيان ،انتهاء التمثيل الدبلوماسي واآلثار المترتبة عليه( ،مذكرة ماجستير في القانون
الدولي والعالقات الدولية ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر.)2011/2010 ،1
-2بن صاف فرحات ،العالقات القنصلية( ،مذكرة ماجستير في القانون العام ،كلية الحقوق ،جامعة
قسنطينة.)2014/2012 ،1
-4بومكواز مسعودة ،نظام تمثيل البعثات الدبلوماسية الدائمة للدول لدى منظمة األمم المتحدة،
(مذكرة ماجستير في القانون الدولي والعالقات الدولية ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر.)2009/2001 ،
-5حجام دريس ،حصانات وامتيازات البعثات الدبلوماسية الخاصة( ،مذكرة ماجستير في القانون
الدبلوماسي ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر.)2012/2012 ،1
-6حرشاوي عالن ،النظام القانوني للبعثات الخاصة في ضوء القانون الدولي المعاصر( ،مذكرة
ماجستير في القانون الدولي والعالقات الدولية ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر.)2005/2004 ،
-1ديلمي أمال ،التنظيم القانوني الدولي للعالقات الدبلوماسية( ،مذكرة ماجستير في القانون العام،
كلية الحقوق ،جامعة مولود معمري.)2012 ،
-1لدغش رحيمة ،سيادة الدولة وحقها في مباشرة التمثيل الدبلوماسي( ،أطروحة دكتوراه في القانون
العام ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة تلمسان.)2014/2012 ،
-9مقيرش محمد ،النظام القانوني للدبلوماسية متعددة األطراف – في ضوء القانون الدبلوماسي
المعاصر والممارسة الدولية( ،-أطروحة دكتوراه في القانون العام ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر،1
.)2012
-10وليد عمران ،الوسائل المنظمة للعالقات الخارجية -التمثيل الخارجي والمعاهدات ( ،-مذكرة
ماجستير في القانون الدولي العام ،كلية الحقوق ،جامعة قسنطينة .)2014/2012 ،1
ثالثا :المقالت
-1البخيت مصطفى سالم ،تغريد محمد قدوري ،التنظيم القانوني للتعيين في الوظائف الدبلوماسية
وفق ا للتشريعات العراقية – دراسة مقارنة بالتشريعات الجزائرية واتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية ،-
المجلة األكاديمية للبحث القانوني ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة بجاية ،بجاية ،العدد ،02
المجلد .2011 ،09
231
قائمة املراجع
-2أوكيل محمد أمين ،النظام القانوني للبعثات الدبلوماسية الدائمة ،المجلة األكاديمية للبحث القانوني،
كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة بجاية ،بجاية ،العدد ،01المجلد .2015 ،11
-2محمد بوبوش ،القوة الناعمة للبابا في العالقات الدولية المعاصرة ،تحليالت سياسية ،المعهد
المصري للدراسات ،مارس .2019
رابعا :المطبوعات والمحاضرات
-1زناتي مصطفى ،محاضرات في قانون العالقات الدولية – العالقات الدبلوماسية ،-أُلقيت على
طلبة السنة ثالثة ليسانس قانون عام ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة محمد بوضياف مسيلة،
السنة الجامعية .2011/2011
-2مايا الدباس ،ماهر ملندي ،العالقات الدبلوماسية والقنصلية ،منشورات الجامعة االفتراضية السورية،
سوريا.2011 ،
خامس ا :نصوص ووثائق دولية
-1ميثاق األمم المتحدة والنظام األساسي لمحكمة العدل الدولية سنة ،1945منشورات إدارة شؤون
اإلعالم لألمم المتحدة.2006 ،
-2اتفاقية حصانات وامتيازات األمم المتحدة التي أقرتها الجمعية العامة لألمم المتحدة بتاريخ:
.1946/02/12
-2اتفاقية فيينا للعالقات الدبلوماسية الموقعة بتاريخ 1961/04/11 :والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ:
.1964/04/24
-4اتفاقية فيينا للعالقات القنصلية الموقعة بتاريخ 1962/04/24 :والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ:
.1961/02/19
-5اتفاقية البعثات الخاصة الموقعة بتاريخ 1969/12/16 :والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ:
.1915/06/21
-6اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة ،1969األمم المتحدة ،أعمال لجنة القانون الدولي ،ط،4
منشورات األمم المتحدة نييورك.1911 ،
-1اتفاقية فيينا لتمثيل الدول في عالقاتها مع المنظمات الدولية ذات الطابع العالمي التي أقرتها الجمعية
العامة لألمم المتحدة بتاريخ.1915/02/14 :
-1موجز األحكام والفتاوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية ( ،)1991-1941منشورات األمم
المتحدة.1992 ،
231
قائمة املراجع
-9النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية الموقع في 1991/01/11 :والذي دخل حيز النفاذ في:
.2002/01101
سادس ا :نصوص ووثائق وطنية
-1المرسوم رقم 14/64 :المورخ في ،1964/02/04 :المتضمن انضمام الجزائر التفاقية العالقات
الدبلوماسية ،الصادر بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،عدد ،29بتاريخ:
.1964/04/01
-2المرسوم رقم 15/64 :المورخ في ،1964/02/04 :المتضمن انضمام الجزائر التفاقية العالقات
القنصلية ،الصادر بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،عدد ،24بتاريخ:
.1964/04/24
-2المرسوم الرئاسي رقم 259/90 :مؤرخ في 1990/11/10 :المحدد لصالحيات وزير الشؤون
الخارجية ،الصادر بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،عدد ،50بتاريخ:
.1990/11/21
-4المرسوم الرئاسي رقم 402/02 :مؤرخ في 2002/11/26 :المحدد لصالحيات و ازرة الشؤون
الخارجية ،الصادر بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،عدد ،19بتاريخ:
.2002/12/01
-5القانون رقم 01/16 :مؤرخ في ،2016/02/06 :يتضمن التعديل الدستوري ،الصادر بالجريدة
الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،عدد ،14بتاريخ.2016/02/01 :
سابعا :المواقع اللكترونية
-موقع ويكيبيديا على الرابط ،https://ar.wikipedia.org :تاريخ الزيارة ،2019/10/01 :على
الساعة.11:52 :
-موقع ويكيبيديا على الرابط https://ar.wikipedia.org :تاريخ الزيارة ،2019/10/20 :على
الساعة.11:40 :
-موقع ويكيبيديا على الرابط ،https://ar.wikipedia.org :تاريخ الزيارة ،2019/11/11 :على
الساعة.10:04 :
-موقع ويكيبيديا على الرابط ،https://ar.wikipedia.org :تاريخ الزيارة ،2019/11/11 :على
الساعة.10:14 :
-موقع ويكيبيديا على الرابط ،https://ar.wikipedia.org :تاريخ الزيارة ،2019/11/11 :على
الساعة.10:19 :
231
الفهرس
فهرس المحتويات
الصفحة العنوان
10 ..................................................................................... ..................................................................... مقدمـــة
13 .............................. الفصل األول :السياق التاريخي والمفاهيمي للقانون الدبلوماسي والقنصلي
10 .........................................................المبحث األول :مفهوم وتطور العالقات الدبلوماسية والقنصلية
10 ...................................................................... المطلب األول :مفهوم العالقات الدبلوماسية والقنصلية
10 ............................................ ....................................... الفرع األول :أصل كلمة "دبلوماسية" و"قنصلية"
10 ..................................................................................................................... أولا :أصل كلمة "دبلوماسية"
10 ............................................ ............................................................................ ثاني ا :أصل كلمة "قنصلية"
10 ......................................................... ................................... الفرع الثاني :التعاريف الفقهية للدبلوماسية
10 .......................................... .................................أولا :تعريف الدبلوماسية من حيث الطبيعة والغرض
10 ............................................ثانيا :تعريف الدبلوماسية من حيث األسلوب واألشخاص القائمين بها
10 ................................................... الفرع الثالث :تعريف القانون الدبلوماسي وعالقته بالقانون الدولي
10 ............................................................................................................... أولا :تعريف القانون الدبلوماسي
10 ........................................................................ ثانيا :عالقة القانون الدبلوماسي بالقانون الدولي العام
01 ................................................... المطلب الثاني :التطور التاريخي للعالقات الدبلوماسية والقنصلية
01 .......................................................................... ................. الفرع األول :الدبلوماسية في العصر القديم
01 ................................................................................... أولا :الدبلوماسية عند الصينيين والهنود القدامى
00 .............................................................................................. ثاني ا :الدبلوماسية عند اإلغريق (اليونان)
00 ................................................................................................................. ثالث ا :الدبلوماسية عند الرومان
01 ................................................................................... الفرع الثاني :الدبلوماسية في العصور الوسطى
01 .............................................................................................................. أولا :الدبلوماسية عند البيزنطيين
03 ................................................ ................................................ ثانيا :الدبلوماسية عند العرب والمسلمين
00 .................................................................. الفرع الثالث :الدبلوماسية في العصر الحديث والمعاصر
00 ...................................................................................................... أولا :الدبلوماسية في العصر الحديث
731
الفهرس
00 ............................................................................................ .......................... ثاني ا :الدبلوماسية المعاصرة
01 ......................................... ..........المبحث الثاني :أنواع الدبلوماسية وتمييزها عن المفاهيم المشابهة
01 ................................................. ........................................................... المطلب األول :أنواع الدبلوماسية
01 ................................................ .......أولا :من حيث الشكل (الدبلوماسية السرية والدبلوماسية العلنية)
00 .................................. ثانيا :من حيث عدد األطراف (الدبلوماسية الثنائية والدبلوماسية الجماعية)
00 .............................. ثالثا :من حيث الجهة القائمة بها (الدبلوماسية الرسمية والدبلوماسية الشعبية)
00 ................................... رابعا :من حيث الوسائل المستخدمة (دبلوماسية السلم ودبلوماسية الحرب)
11 ................................... خامسا :من حيث قوة األطراف (الدبلوماسية المتكافئة ودبلوماسية الهيمنة)
11 .................................................................. المطلب الثاني :تمييز الدبلوماسية عن المفاهيم المشابهة
10 .......................................................................................................... أولا :الدبلوماسية والعالقات الدولية
10 ...................................................................................................... ثاني ا :الدبلوماسية والسياسة الخارجية
11 ................................................................................... ثالث ا :العالقات الدبلوماسية والعالقات القنصلية
11 ................................................................................................... رابع ا :الدبلوماسية والقانون الدبلوماسي
13 ...................................................................... المبحث الثالث :مصادر القانون الدبلوماسي والقنصلي
13 ....................................................... ................................................... المطلب األول :المصادر األصلية
13 .................................................................................................................................... أولا :العرف الدولي
10 ................................................ ........................................................................... ثانيا :المعاهدات الدولية
10 ................................................................... .................................................ثالثا :المبادئ العامة للقانون
31 ...................................................................................... .......................................... رابعا :القوانين الوطنية
30 ............................................................ ......................................... المطلب الثاني :المصادر الحتياطية
30 .................................... ...................................................................... .......................... أولا :أحكام المحاكم
30 .................................................... ثاني ا :آراء كبار الفقهاء والمؤلفين في القانون الدولي والدبلوماسي
33 ..................................................................................... الفصل الثاني :التمثيل الدبلوماسي والقنصلي
30 ................................. ..........المبحث األول :األجهزة المكلفة بإدارة العالقات الدبلوماسية والقنصلية
30 ..............المطلب األول :األجهزة الداخلية المسؤولة عن مباشرة العالقات الدبلوماسية والقنصلية
731
الفهرس
30 ...................................................................................................... .................... الفرع األول :رئيس الدولة
30 ........................................................... أولا :اختصاصات رئيس الدولة في مجال العالقات الخارجية
30 ....................................................................................... ........... ثاني ا :حصانات وامتيازات رئيس الدولة
31 ..................................................... ................................................................ الفرع الثاني :وزير الخارجية
30 ....................................................... أولا :اختصاصات وزير الخارجية في مجال العالقات الخارجية
30 .............................................................................................. ثانيا :حصانات وامتيازات وزير الخارجية
30 .........................المطلب الثاني :األجهزة الخارجية المكلفة بإدارة العالقات الدبلوماسية والقنصلية
30 ............................................................................................................. الفرع األول :البعثات الدبلوماسية
01 ............................................................................................................أولا :بعثات دبلوماسية لدى الدول
01 ..................................................................................... ثاني ا :بعثات دبلوماسية لدى المنظمات الدولية
00 ................................................................................................................ الفرع الثاني :البعثات القنصلية
00 ............................................................... المبحث الثاني :قواعد تبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي
00 ............................................................ المطلب األول :قواعد تشكيل البعثات الدبلوماسية والقنصلية
00 .................................................................. الفرع األول :ضوابط تبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي
01 ....................................................... ....... أولا :الطبيعة القانونية لتبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي
00 ثانيا :صاحب الحق في التمثيل الدبلوماسي والقنصلي
........................................................... ............
731
الفهرس
01 ..................أولا :رعاية المصالح القتصادية للدولة الموفدة وتنمية عالقاتها مع الدولة المضيفة
01 .................................................................................. ثاني ا :رعاية مصالح وحقوق رعايا الدولة الموفدة
01 ..................................................................... ثالث ا :القيام باألعمال اإلدارية والتوثيق والشؤون المدنية
00 ...................................................................................... ..........................رابعا :القيام باألعمال القضائية
00 ............................... خامسا :اإلشراف على أنشطة المالحة البحرية والجوية التابعة للدولة الموفدة
00 .......................................................................... الفرع الثالث :واجبات البعثات الدبلوماسية والقنصلية
00 ............................................................................................ أولا :احترام قوانين وأنظمة الدولة المضيفة
00 ...................................................................... ثانيا :عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة المضيفة
11 .............................................................................................. ثالث ا :عدم إساءة استخدام مقرات البعثات
11 ........................................................ رابع ا :عدم ممارسة أعضاء البعثة ألي نشاط مهني أو تجاري
11 ................................................. .......الفصل الثالث :الحصانات واالمتيازات الدبلوماسية والقنصلية
13 ..................................................... المبحث األول :أساس ونطاق الحصانات الدبلوماسية والقنصلية
13 .......................... المطلب األول :األساس القانوني للحصانات والمتيازات الدبلوماسية والقنصلية
13 ............................................ ......................................................... الفرع األول :نظرية المتداد اإلقليمي
13 .................................................................................... ................................................ أولا :أساس النظرية
10 ........................................................................................................................... ........... ثانيا :تقييم النظرية
10 ...................................................... .................................................. الفرع الثاني :نظرية الصفة التمثيلية
10 .............................................................................................................. .................. أولا :مرتكزات النظرية
10 ....................................................................................................................... ............... ثانيا :تقييم النظرية
10 ......................................................................... ......................... الفرع الثالث :نظرية مقتضيات الوظيفة
11 .................................................................................................................................... أولا :أساس النظرية
11 ..................................................................................................................................... . ثاني ا :تقييم النظرية
10 ............................................................ الفرع الرابع :الجمع بين الصفة التمثيلية ومقتضيات الوظيفة
10 ................................................................................................................................ أولا :مضمون النظرية
10 .................................................. ............................................................................. ثاني ا :تطبيقات النظرية
741
الفهرس
10 .............................................. المطلب الثاني :نطاق الحصانات والمتيازات الدبلوماسية والقنصلية
10 ................................................... ............................................................. الفرع األول :النطاق الشخصي
10 ............................................................................................ أولا :أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي
01 ............................................................................................. ثانيا :المستفيدون من األشخاص اآلخرين
00 ............................................ ........................................................................ الفرع الثاني :النطاق الزماني
00 .................................................... .......................................... أولا :بداية التمتع بالحصانات والمتيازات
01 ............................................................................. ............................ ثانيا :نهاية الحصانات والمتيازات
03 ....................................................................................... ............................ الفرع الثالث :النطاق المكاني
03 ........................................................... أولا :التمتع بالحصانات والمتيازات في إقليم الدولة المضيفة
00 .............................................................. ثاني ا :التمتع بالحصانات والمتيازات في إقليم الدولة الثالثة
00 ................................... المبحث الثاني :حصانات وامتيازات مقرات البعثات الدبلوماسية والقنصلية
00 ........................................... المطلب األول :الحصانات والمتيازات المتعلقة بمباني ووسائل البعثة
00 .............................................................. الفرع األول :التسهيالت والحصانات المتعلقة بمباني البعثة
00 .......................................................................................................... ......... أولا :تسهيل حيازة مقر البعثة
00 ................................................................................ ............ثانيا :استخدام علم وشعار الدولة المعتمدة
00 ....................................................................................................................... ....ثالثا :حرمة مباني البعثة
01 ..................................................................................... رابعا :إعفاء مقر البعثة من الضرائب والرسوم
00 ............................................................. الفرع الثاني :الحصانات والمتيازات المتعلقة بوسائل البعثة
00 .............. أولا :إعفاء أموال البعثة المنقولة من الضرائب والرسوم واإلجراءات اإلدارية والقضائية
00 ................................................................................................................ ........... ثاني ا :حرمة وسائل النقل
00 ................................... المطلب الثاني :الحصانات والمتيازات المتعلقة بوثائق ومحفوظات البعثة
00 ..................................................................................... ........... الفرع األول :حرمة الوثائق والمحفوظات
00 ................................................................................. أولا :وثائق ومحفوظات البعثة المشمولة بالحرمة
01 ................................................................................................. ثاني ا :نطاق حرمة الوثائق والمحفوظات
00 .......................................... الفرع الثاني :حرية التصالت وحرمة المراسالت والحقيبة الدبلوماسية
747
الفهرس
00 ....................................................................................................................... ........ أولا :حرية التصالت
00 ................................................................................. ........ ثاني ا :حرمة المراسالت والحقيبة الدبلوماسية
03 ................................ المبحث الثالث :حصانات وامتيازات أعضاء البعثات الدبلوماسية والقنصلية
03 ........................................ المطلب األول :حصانات وامتيازات المبعوثين الدبلوماسيين والقنصليين
03 ......................................................................................................... الفرع األول :الحصانات الشخصية
03 ............................................................ أولا :احترام شخص المبعوث الدبلوماسي والقنصلي وحمايته
00 ................................................................................................ ثانيا :حرمة مسكن المبعوث الدبلوماسي
01 ................................................................ ثالثا :حرية الحركة والتنقل للمبعوث الدبلوماسي والقنصلي
00 ........................................................................................ ...................الفرع الثاني :الحصانات القضائية
00 ..................................................................................................... أولا :تقييد الحصانة القضائية المدنية
011 ............................................................................................... ثاني ا :إطالق الحصانة القضائية الجنائية
011 ............................................................................................................... الفرع الثالث :العفاءات المالية
011 .......................................................................................................... ................ أولا :اإلعفاءات الضريبية
013 ........................................................................................................ ................ثاني ا :اإلعفاءات الجمركية
013 ..................................................................................................... ثالثا :اإلعفاءات والتسهيالت األخرى
010 .............المطلب الثاني :الحصانات والمتيازات الدبلوماسية والقنصلية ألعضاء البعثة اآلخرين
010 ......................................................................................................... الفرع األول :الحصانات الشخصية
010 ........................................................................................................... الفرع الثاني :الحصانات القضائية
011 ..................................... ..................................................... الفرع الثالث :المتيازات واإلعفاءات المالية
010 .................................................................. .......الفصل الرابع :انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي
010 ............................................................ المبحث األول :حالت انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي
010 ...................................................................... ..... المطلب األول :انتهاء المهام الدبلوماسية والقنصلية
010 ............................................ ..................................... .......................... الفرع األول :انتهاء مهام المبعوث
010 ......................................................................................... أولا :انتهاء مهام المبعوث ألسباب شخصية
001 ................................................................................... ثاني ا :انتهاء مهام المبعوث بإرادة الدولة الموفدة
741
الفهرس
000 ................................................................................ ثالث ا :انتهاء مهام المبعوث بإرادة الدولة المضيفة
003 ..................................................... .......................................................... الفرع الثاني :انتهاء مهام البعثة
003 ........................................................................ أولاُّ :
تغير الوضع القانوني للدولة الموفدة أو المضيفة
000 ....................................................................... ثانياُّ :
تغير نظام الحكم في الدولة الموفدة أو المضيفة
000 ................................................................ ............... ثالثا :رفع أو تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي
000 ............................................................... ............... رابعا :تعليق أو إلغاء أو سحب البعثة الدبلوماسية
001 ...................................................................... المطلب الثاني :انتهاء العالقات الدبلوماسية والقنصلية
001 ............................................................... ............... الفرع األول :قطع العالقات الدبلوماسية والقنصلية
001 .............................................................. ............... أولا :القطع الثنائي للعالقات الدبلوماسية والقنصلية
000 ....................................................................... ثاني ا :القطع الجماعي للعالقات الدبلوماسية والقنصلية
011 ...................................................................................................... الفرع الثاني :قيام الحرب بين دولتين
011 ............................................ أولا :أثر الحرب على العالقات الدبلوماسية فيما بين الدول المتحاربة
011 ............................................................ ثاني ا :أثر الحرب على العالقات الدبلوماسية مع الدول الغير
010 ................................................................. المبحث الثاني :آثار انتهاء التمثيل الدبلوماسي والقنصلي
010 ...................................................................... المطلب األول :اآلثار المترتبة بالنسبة للبعثة وموظفيه
010 ...................................................................... الفرع األول :اآلثار المترتبة على انتهاء مهام المبعوث
010 .......................................................................................... أولا :مغادرة المبعوث إلقليم الدولة المضيفة
011 ........................................................................................................... ثانيا :تعيين قائم باألعمال بالنيابة
013 ............................................................................................................... ثالثا :استئناف المبعوث لمهامه
013 ...................................................................................................................... رابع ا :تجديد أوراق العتماد
010 ........................................................................................... الفرع الثاني :اآلثار المنصرفة ألفراد البعثة
010 ..................................................................................... الفرع الثالث :اآلثار المنصرفة إلى مقر البعثة
010 ............................................................................ أولا :غلق مقر البعثة وانزال العلم والشعار من فوقه
010 ................................................................... ثاني ا :حماية واحترام مقر البعثة وموجوداتها ومحفوظاتها
010 ........................................................ ثالث ا :إمكانية تكليف دولة ثالثة بحماية مقر البعثة وموجوداتها
743
الفهرس
010 ...................................المطلب الثاني :اآلثار المنصرفة إلى أوجه العالقات األخرى بين الدولتين
010 ..........................................................................الفرع األول :اآلثار المنصرفة ألوجه التمثيل األخرى
010 ....................................................................................................... أولا :اآلثار بالنسبة للتمثيل القنصلي
011 ..................................................................................................... ثانيا :اآلثار بالنسبة للبعثات الخاصة
011 ..................................................................................... الفرع الثاني :اآلثار بالنسبة للمعاهدات الدولية
010 ......................................................... الفرع الثالث :آثار الحرب على مختلف أوجه العالقات الدولية
031 .......................................................................................................... ..................................... قائمة المراجع
031 ................................................................................................... ..................................... فهرس المحتويات
744