Professional Documents
Culture Documents
آخر نسخة
آخر نسخة
آخر نسخة
تقديم
تعمل منظمة العالم اإلسالمي للتربية والعلوم والثقافة – إيسيسكو – على تعزيز
شراكة حقيقية مع الدول األعضاء من أجل البحث عن الحلول الناجعة لمختل11ف
التحديات التي تهم مجاالت اختصاص11اتها ،كم11ا تعم11ل م11ع الش11ركاء والم11انحين
على توحي11د الجه11ود من أج11ل تواف11ق ال11رؤى والس11عي للمس11اهمة في بل11ورة
اقتراحات عملية وناجعة لتجاوز تلك التحديات.1
ومن أهم هذه المجاالت 1التربية والتعليم الذي يعد حجر الزاوية في نهضة األمم.
فهو الرك11يزة األس11اس ال11تي يب11نى عليه11ا الف11رد والمجتم11ع ،إذ ال تتق11دم األمم إال
بالتعليم .وق1د ب11نى الع1الم اإلس1المي أرك11ان نهض1ته من1ذ بدايته على العلم وعلى
نشر المعرفة وتشجيع العلماء؛ وبذلك انتشرت العلوم منذ مطلع عص11ر الت11دوين
كالطب ،والهندسة ،والكيمياء ،واألحياء ،والفلك ،والعلوم االجتماعية ،واللغوي11ة
وغيرها في كل أنحاء األرض بمشارقها ومغاربها لخدمة البشرية جمعاء.
السياق
في عصرنا الحديث ،واجهت العالم العديد من التحديات 1التي كانت مؤثرة بشكل
مباشر على التعليم ،وخاصة في ذروة األزمات ،التي كان آخرها أزمة كورون11ا
كوفيد 19وما تالها.
وتقصد اإليسيسكو من خالل ه1ذه الورق1ة ،إث1ارة االنتب1اه إلى عنص1رين ه1امين
البد من الوق11وف عليهم11ا بش11كل متعم11ق والبحث عن الط11رق األنج11ع للنه11وض
بهما؛ وهما :
تسرب الفتيات من المدارس
الهدر الذي يعرفه التعليم
وتعتبر النقطة األولى حجر الزاوية ،إذ تُعد مشكلة تسرب الفتيات 1من الم11دارس
أو الجامعات 1من أبرز التحديات المؤثرة على نمو المجتمعات وتطورها الي11وم؛
لم11ا له11ا من انعكاس11ات مس11تقبلية على دور الم11رأة ومش11اركتها االقتص11ادية
واالجتماعي11ة وعلى ص11حتها ،وخاص11ة في البيئ11ات ال11تي تع11اني من ص11راع
1
وأزمات ،ومن تأثير مباشر على نمو المجتمع11ات 1وعلى تحقي11ق أه11داف التنمي11ة
داخلها.
الوضع الحالي
إن اإليسيس11كو ،تت11ابع دوم 1ا ً الوض11ع الع11ام للتربية والتعليم وتتقص11ى مؤش11راته
والمراح11ل ال11تي يم11ر منه11ا هن11ا وهن11اك في ال11دول األعض11اء 1،بتفاوته11ا وتب11اين
تجاربها ،وكذا االختالف الحاص11ل أحيان1ا ً في الطرائ11ق ال11تي تعتم11دها من أج11ل
مواجهة مختلف اإلشكاليات 1البنيوي1ة ال1تي يعرفه1ا التعليم عموم1اً ،أو تل1ك ال1تي
تطفو على السطح بين الفينة واألخرى حسب الظروف والسياقات.
ويجب اإلشارة إلى أن نسبة التسرب المدرسي مرتبط11ة بالن11اتج المحلي عموما.
ففي بل11دان الخليج الع11ربي ،بلغت النس1بة ح1والي %3في الس11نة الخامس11ة من
التعليم االبتدائي ألن دول المنطقة تتميز باقتص11اد جي11د وبعائ11د إجم11الي يتج11اوز
5000دوالر.
وهو ما يفسر ،كيف أن دول الخليج تحت11ل الم11راتب المتقدم11ة من حيث النس11ب
على صعيد دول العالم اإلسالمي .كالسعودية وقطر واإلمارات العربية المتحدة
وسلطنة ُعمان .ويصبح األمر مفهوما عندما نعلم بأن معدل المشاركة في التعلم
المنظم م11ا قب11ل المدرس11ي يص11ل في اإلم11ارات العربي11ة المتح11دة ،مثال ،إلى
.%99.2وهو ما نجده ك11ذلك في ماليزي11ا ال11تي ب11ذلت جه11دا هام11ا في االرتق11اء
بالتعليم اعتمدت فيه على مبدإ الجودة ،مما جعلها تتبوأ مكان11ة متقدم1ة في س11جل
البلدان اإلسالمية.
وعلى الرغم من هذا التقدم المحرز في العدي11د من ال11دول ،ف11إن خط11ر التس11رب
واالنقطاع يظل حاضرا فيها وإن كانت أسبابه غ11ير مرتبط11ة ب11الفقر ،التس11رب
واالنقط11اع مرتب11ط أك11ثر ب11المحفزات 1الذاتي11ة للطلب11ة وال11دعم األس11ري وطبيع11ة
المقرررات ،مما يفسر كيف أن نسبة %14من الطالب المسجلين في اإلمارات
العربي11ة المتح11دة هي عرض11ة للتس11رب الج11امعي على ال11رغم من التم11يز على
مستوى البنيات التحية والدخل الفردي.
وباإلض11افة إلى ذلك ،هن اك الج11انب األم11ني والص11راعات والح11روب له11ا دور
كبير في إغالق المدارس وتسرب الطالب ،وبخاصة الفتيات 1منهم .فعلى س11بيل
المث11ال ،في بوركينافاس11و خالل الف11ترة من أكت11وبر 2021إلى م11ارس 2022
2
أغلقت ما بين 2877إلى 3664مدرسة .وبلغ عدد النازحين بسبب الصراع
902.150ألف نسمة منهم %61.27من األطف11ال ،مم11ا أث11ر بش11كل ب11الغ على
التعليم وعلى تعليم الفتيات بوجه خاص.
وخالل سنة ،2019واجهت دول الساحل جن11وبي الص11حراء 1،مثال ،العدي11د من
المش11اكل الديموغرافي11ة واألمني11ة وتل11ك المرتبط11ة ب11الهجرة ،حيث أث11رت على
النظام التعلمي بدول المنطقة ،وانح11درت به11ا إلى مس11تويات دني11ا ،بم11ا في ذل11ك
التراجع الكبير في تعليم الفتيات.
وللداللة على ذلك ،كما يكفي أن نشير إلى الوضع الذي ترتب عن انتشار وباء
إيبوال منذ سنة ، 2014في جمهورية سيراليون التي ارتفعت فيها نسبة الفتيات
الحوام11ل وأث11رت مباش11رة على مس11ارهن الدراسي ،م11رورا بالمش11اكل اإلثني11ة
واللغوية التي تعرفه11ا بعض البل11دان هن11ا وهن11اك ،ووص11وال إلى التص11دع ال11ذي
أحدثته جائحة كورونا والتي مست مختلف الدول ومختلف المستويات التعليمية.
ففي الصومال ،انقطعت نسبة 50في المائة من المتعلمين ،وهجرت فص11ول
الدراس11ة ،بفع11ل الح11رب 1األهلي11ة من11ذ ،1990وازداد الوض11ع ح11دة م11ع جائح11ة
كورونا .وفي النيجر ،كذلك ،غ11ادرت %54من الفتي11ات 1المدرس11ة و %46من
الذكور في ظل الجائحة.
وحسب تقري11ر ح11ديث ،ح11ذرت منظم11ة األمم المتح11دة للطفول11ة يونيس11يف ،إث11ر
إغالق الم11دارس أثن11اء الجائح11ة ،من تف11اقم أزم11ة ح11ادة في التعليم في إفريقي11ا
تحدي11داً؛ إذ ارتف11ع ع11دد المتس11ربين من الم11دارس من11ذ ،2020ألول م11رة من11ذ
عشرين عاماً ،بسبب الوباء.
وفي السياق نفسه ،عزت العديد من الدراسات والتقارير الدولية تسرب الفتي11ات
في المدرس11ة والجامع11ة إلى العدي11د من األس11باب ،ك11الفقر والعن11ف األس11ري
والبطال11ة وزواج القاص11رات 1وعمال11ة األطف11ال وغي11اب المحي11ط المش11جع على
مواص1لة الفتي1ات لمس1ارهن الدراس1ي ،وغيره1ا من العوام1ل ال1تي تح1ول دون
االندماج الفعلي والتام للفتيات 1في مجتمع الي1وم .وحس1ب دراس1ة ال1تي ق1ام به1ا،
المجلس األعلى للس11كان ب11األردن ،اتضح ب11أن نس11بة التس11رب خالل الس11نوات
العشر األخيرة 2020-2011بلغت ما بين 20و 91ألف ط11الب وطالب11ة ،بم11ا
يمثل نسبة %3.6للذكور و % 1,4لإلناث في مجتمع أغلبه متعلم.
3
وتسجل اإليسيسكو كيف أن وضع تعلم الفتيات ونسب التس11رب ق11د اس11تفحل مع
جائح11ة كورون11ا ـ كوفيد 19ال11تي أدت إلى إبع11اد جي11ل كام11ل في إفريقي11ا عن
منظومة التربي11ة والتعليم .وذل11ك بع11د االض11طرار إلى إغالق الم11دارس لف11ترات
طويلة ،ولتأثر األس11ر اقتص11اديا بس11بب ه11ذا الوب11اء 1،وتراج11ع ق11درة اآلب11اء على
االلتزام بتوفير المستلزمات الدراسية ورس11وم الم11دارس في الكث11ير من ال11دول،
وفتور محفزات 1األسر .وتوصلت دراسة في كيني11ا إلى أن %16من الفتي11ات 1و
%8من الذكور ،لم يع1ودوا إلى مقاع1د الدراس1ة في ع11ام ، 2021بع1د إغالق
المدارس بسبب جائح11ة كورون11ا ،ومغ11ادرة م11ا يق11ارب %90من الطالب على
مستوى العالم لمدارسهم .والحال أن ما يقارب 800مليون من هؤالء هن فتيات
ف11اقمت الجائح11ة وض11عهن بش11كل فج11ائي واض11طراري .علم1ا ً ب11أن الماليين من
هؤالء الطالب لم يتمكنوا من الولوج إلى التعليم اإللك11تروني أو التعليم الم11نزلي
ن1زر قلي11ل من
ٍ (عن بُعد) من الذكور واإلناث على ح11د س1واء؛ ولم يتلق11وا س1وى
الدروس أو لم يتلقوا أي تعليم خالل العامين الماضيين.
أسباب التسرب
لقد اتضح أن أسباب الهدر والتسرب التعليمي داخل بلدان العالم اإلسالمي تعود
إلى تلك المرتبط11ة بالنظ11ام التعليمي ،وإلى أس11باب ترتبط بالس11ياق االجتم11اعي
والسياسي واالقتصادي:
1ـ األسباب المرتبطة بالنظام التعليمي:
اإلحباط وضعف الجاذبية؛ -
اإلخفاق في الدراسة؛ -
ضعف الوسائل التربوية؛ -
ضعف البنية التحتية للمدارس؛ -
ندرة األنشطة الترفيهية والموازية؛ -
ضعف التدريب المستمر للهيئة التربوية واإلدارية. -
2ـ أما األسباب المتعلقة بالسياقات 1،فهي:
ضعف دخل األسر؛ -
تشغيل األطفال؛ -
الزواج المبكر للبنات؛ -
4
الوضع الصحي؛1 -
المشاكل العائلية واألسرية؛ -
انتشار األمية لدى أولياء األسر؛ -
ردود الفعل السلبية ألولياء األسر تجاه المدرسة وغياب التحفيز؛1 -
بُعد المدارس وتمركز أغلبها في الحواضر والمدن. -
هذا فضالً عن غياب األخذ بعين االعتبار ذوي االحتياجات 1الخاصة.
نماذج
تجب اإلشارة إلى أن هناك العديد من المجتمعات الفقيرة والمحافظة التي تعت11بر
أن تعليم الفتيات ليس أولوية مقابل تعلم ال11ذكور ،وخاص11ة أثن11اء األزم11ات ال11تي
تعصف بالكثير من الجهود المبذولة في ه1ذا الص1دد .وتتض1اعف نس1بة انقط1اع
الفتيات عن الدراسة اليوم بحوالي مرتين ونصف عن الفترات السابقة.
أما فيما يخص مغادرة الفتيات 1للدراسة في المرحلة الثانوية وفي الجامع11ة ،ف11إن
نسبتها تتزاي11د بش11كل مث11ير للقلق .حيث ذك11رت التق11ارير الرس11مية في الس11نوات
األخيرة ،بأنه على الرغم من التحاق الفتيات بنسبة %51بالمدارس االبتدائي11ة،
لم يلتحق منهن سوى %9.7بالمدارس الثانوية؛ مما أدى إلى خلل في التركيب11ة
الثقافي11ة بين اإلن11اث وال11ذكور وأثّر بش11كل مباش11ر على البن11اء األس11ري وعلى
استقراره في عدد من المجتمعات والدول ،كما أثر سلبا ً على اقتصاداتها 1ونس11ب
نموها على حد سواء.
وقد أنجز البنك الدولي دراس11ة س11نة ، 2018قب11ل أزم11ة كورون11ا ،توص11ل من
خاللها إلى أن 9فتيات من كل 10أكملن تعليمهن االبتدائي ،لكن ثالثة من كل
أربع فتيات فقط استطعن مواصلة تعليمهن الثانوي في البل11دان الفق11يرة والبل11دان
منخفضة الدخل الفردي .أي أن أقل من ثلثي الفتي11ات 1يكملن تعليمهن االبت11دائي،
تتمكن من استكمال المرحلة الثانوية .وت11تراوح َ وواحدة فقط من كل ثالثة فتيات
خسائر عدم استكمال الفتيات ل 12عاما ً من التعليم ،ما بين 15و 30ترليون
دوالر على المستوى العالمي .وتتضاعف هذه الخسائر أثناء ه11ذه الخس11ائر مع
األزمات كأزمة كورونا التي فاقمت نس11بة هج11ر مقاع11د الدراس11ة بالمقارن11ة بم11ا
كان عليه الوضع قبل الجائحة
5
أما في آسيا ،فنجد ،أن نسبة %32من األطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5
و 16عاما ً في باكستان )ثاني أعلى معدل للتسرب المدرسي في العالم بالنس11بة
للفتيات سنة (2016قد غادرت فصول الدراسة ،أي حوالي الثلث منهم ،حسب
دراس11ة نش11رت س11نة .2021وه11و األم11ر ال11ذي يمكن تفس11يره بالتف11اوت بين
الجنسين في الولوج إلى التعليم في ه11ذا البل11د ،مم11ا ي11ؤثر على نس11ب المغ11ادرة،
حيث تصل هذه األخيرة إلى %54بالنسبة للفتيات المغادرات 1مقابل %46من
الذكور .وهذا يترجم أن ما يزي11د عن 10ملي11ون فت11اة ق11د غ11ادرن الم11دارس في
جمي11ع أنح11اء البالد .وتنطب11ق مث11ل ه11ذه النس11ب على دول عدي11دة في المنطق11ة،
بتفاوت11ات في األس11باب ،إذ في أفغانس11تان ،تغ11ادر ثالث11ة من بين عش11ر فتي11ات
فصول الدراسة بسبب بلوغهن ،في حين يشكل ض11غط المق11ررات 1في بنغالديش
أزمة كبيرة بالنسبة للمتعلمين يُفضي بهم إلى االنقطاع لعدم القدرة على التتبع.
وفي هذا الصدد ،ترى اإليسيسكو أنه من الواجب اليوم إع11ادة مراجع11ة اإلنف11اق
على التعليم وضرورة استغالله لبلوغ تعليم ذي ج11ودة عالي11ة ،م11ع توجي11ه نس11بة
كبيرة من اإلنفاق إلى البحث العلمي وإلى إكساب الطالب مهارات تتناس11ب م11ع
متطلبات العصر وس11وق الش11غل ،وتقوي11ة ال11برامج المناهض11ة لله11در والتس11رب
والمساهمة في تقليص دائرة إقصاء الفتيات.1
اقتراحات
ال ب د من الوق11وف ض11د ه11ذه التح11ديات ،من خالل إع11داد ب11رامج دراس11ية أو
توعوية إعالمي11ة أو تدريبي11ة بم11ا يتناس11ب م11ع ك11ل حال11ة وك11ل س11ياق .ن رى أن
محاربة تسرب الفتيات عن التعليم والحد من اله11در التعليمي عموم 1ا ً يق11وم على
إيجاد شركاء جادين في دعم هذه المهمة وتنفيذها بالشكل الذي يرضي الطم11وح
في بناء منظومات تعليمية قوية وفعالة في العالم اإلسالمي بأسره.
من ه11ذا المنطل11ق ،تق11دم اإليسيس11كو بعض المقترح11ات أم11ام ال11دول األعض11اء
والشركاء المانحين للنظر في مدى إمكانية العمل عليها مستقبالً ،ومنها:
تص11ميم برن11امج للتوعي11ة بأهمي11ة تعليم الفتي11ات واس11تكمال مس11اراتهن .1
الدراسية لخدمة المجتمع؛
دعم ب11رامج تعليم الكب11ار لمن غ11ادر أس11الك التعليم إث11ر تس11رب س11ابق، .2
وخاصة منهم الفتيات؛
6
المساهمة مع الشركاء في التهيئة العامة للمب11اني المدرس11ية ب11أهم البني11ات .3
األساس11ية ال11تي يش11كل غيابها أح11د أس11باب تس11رب الفتي11ات ومنعهن من
استكمال تعليمهن؛
المساهمة في دعم الدول بالخبرات الالزمة في التدريب وإع11داد ال11برامج .4
بما يساهم في خفض نسبة تسرب الفتيات عن التعليم؛
وضع خطط عم11ل تش11اركية إليج11اد آلي11ات تس11اعد على تقليص التس11رب .5
التعليمي؛
االعتماد في ذلك كله على التجارب 1الفضلى في هذا المجال. .6
وفي األخ11ير ،تق11ترح منظم11ة الع11الم اإلس11المي للتربي11ة والعل11وم والثقاف11ة ،عق11د
منت11دى تعلم الفتي11ات ’TES 2022 ICESCO HIGH LEVEL – FORUM ON GIRLS
،EDUCATIONيجم11ع مختل11ف الف11اعلين والش11ركاء للت11داول في قض11ايا 1التس11رب
وتعلم الفتيات.1
7