Professional Documents
Culture Documents
س1 مسرح حديث
س1 مسرح حديث
س1 مسرح حديث
قسم الفنون
السنة االولى جذع مشترك
د/نقاش غالم
1إنجلترا :
تجدر اإلشارة في هذه الحقبة إلى المسرحية التي كتبها -جوزيف إديسون -سنة ( 1813كاتو) ،وهي مأساة
كالسيكية سارت على الخطوط الفرنسية وقد أحدثت ضجة كبيرة في ذلك الوقت ،فقد حضيت بإشادة واسعة
من طرف النقاد ،ويرجع السبب إلى موضوعها الذي أثار قضية الحرية والتي كانت تشكل نقاشا واسعا
بسبب الوعي السياسي السائد آنذاك.
ومن بين األعمال كذلك التي لقيت صي تا واسعا مسرحية (تاجر لندن) للكاتب جورج ليلو 1839وهي
مستوحاة من حكاية قديمة تحكي قصة إنسان تحول من الفضيلة إلى االنحراف الخلقي بسبب وقوعه في
شراك الفتاة التي أغرم بها ،والتي دفعته إلى ارتكاب الجرائم من أجل الحصول على مكاسب مادية ،لكن
ينتهي به المطاف بأن ي علن توبته بعد أن أرادت هذه الفتاة إغوائه بقتل عمه ،فقد تفطن أنه كان مجرد لعبة
في يدها و من بين الذين استحسنوا وأشادوا بهذه المسرحية نجد كل من ديدرو – ليسنغ -شلر.
كانت األوبرا الشعرية شكال من أشكال التسلية ولعل أشهرها أوبرا -الشحاذ – لجون جاي -لقد كانت هذه
األوبرا إرهاصا لألوبرا الهزلية ،وهو خط فني أجاد اإلنجليز السير فيه إلى حد كبير ،كانت المسرحية
مشوبة بنقد سياسي بارع وفي الوقت نفسه تمكنت من إرضاء األذواق ،وذلك بما احتوت عليه من أغاني
رشيقة وواقعية تقدم صورة صادقة عن الحياة في لندن ،لقد أشار ت المسرحية بوضوح إلى حكومة –وول
بول -مما دفعه ال تخاذ إجراء عنيف ضد الممارسة المسرحية وذلك بإصدار قرار 1837والذي بموجبه
أبقي على مسرحين اثنين في لندن (دروري لين) و (كفنت جاردن).
برز كذالك في هذه الفترة (دافيد جاريك) ، 1879- 1817لقد كان أعظم ممثل آنذاك فقد أدى دورا مهما في
تطوير أساليب التمثيل ،كما عمل كاتبا إلى جانب (جورج كلومان )و برز كذلك العديد من الممثلين منهم
(دافيد كاديك) و(سارة سييدونور) وهم كلهم من ساهموا في إحياء المسرح اإلنجليزي وشدوا اهتمام
الجمهور وذلك بفضل جمالية وقوة تفسيراتهم.
2فرنسا
تواصلت في بداية هذه الفترة سطوة الثالثة العظام فال زالت أعمالهم تعرض ونقصد بهم كورناي -راسين –
موليار – ولكن ليس بمقدور أي مسرح أن يزدهر وهو يقتات على مخلفات الماضي ،لقد افتقد الكتاب
الفرنسيين في مطلع هذا القرن إلى الجرأة والشجاعة لكتابة روائعهم المعاصرة ،واكتفوا بتتبعي خطى
السابقين ،لذا أصبحوا مجرد ظالل ضعيفة لألعمال التي مضت من قبل.
ممن جسدوا روح التجريد في المسرح الفرنسي بهذه الحقبة ،نذكر الكاتب (ماريفو) ،الذي كتب بصورة
رئيسية للمثليين اإليطاليين الذين أغلقت مسارحهم في نهاية القرن السابع عشر ،مما اضطرهم لالشتغال
على مسرحيات كتبها لهم كتاب فرنسيون وأبرز هذه المسرحيات (لعبة الحب والمصادفة ) Le jeu de
l’amour et du hasard- 1830
تميزت هذه المسرحية بدقة األسلوب ورقته ذو الطابع الفرنسي الخالص ،كما تميزت بأسلوب خاص في
عرض األحداث ،حينما جعل الكاتب المشاهد مطلع على اتجاه األحداث أما الشخصيات فهي التي تجهل هذه
المجريات ،تتمحور قص ة هذه المسرحية على تفحص الحب الصادق بين شخصية (سيلفيا) التي تتنكر في
شخصية الخاد مة و (دورنت) الذي يتنكر في شخصية خادمة ليتحقق بعد ذلك الصدق في المشاعر بغض
النظر عن الجانب الطبقي فيتأكد دورنت أن سيلفيا انجذبت إليه بسبب ذاتي وليس بسبب انتمائه الطبقي حينما
تنكر في صورة الخادم.
3إيطاليـــــا:
ظلت أوبرا الملهاة المرتجلة تهيمن على الجو المسرحي في إيطاليا في القرن الثامن عشر ،لقد كانت
(الميلودراما) فرعا من المسرح (الرعوي) الذي كان ببساطة ،مسرحية تؤدى بمصاحبة الموسيقى وتكتب
لتعطي وزنا وقوة عاطفية للشعر الذي كان يلقى على خشبة المسرح ،وهناك نذكر الكاتب (ميتا سيتا
سيسيو) الذي كتب (أدريانو) و(رحمة تيتو) ،هذه األخيرة استخدمت فيما بعد بنجاح كنص إلحدى أوبرات
(موزار) المسماة بنفس االسم لقد استمالت أغانيه الرائعة والبليغة الكثير من المؤلفين الموسيقيين استمالة
كبيرة.
كان إليطاليا حلم بإرساء فن مسرحي كالسيكي تنافس به فرنسا ،ولقد قام بهذه المحاولة كل من (بييرجاكيو)
و (سيبوني ماني) و(فيتوريو أميديو ألفيري) ،هذا األخير كان متعصبا للقواعد الكالسيكية وبخاصة فيما
يخص الوحدات ،مستبعدا كل ما هو ثانوي من الموضوع الرئيسي ،لقد اقتبس أغلب أعماله من اإلغريق
معتبرا إياه النموذج الوحيد السليم للمأساة ،إال أن معالج ته تميزت بحدة النظر و قوة الشعر ،أهم أعماله
(اورست (- )1876انتمون(- )1883ميرا)1889
أما بالنسبة للملهاة فيبرز اسم الكاتب (كارلو قولد وني) ،حيث امتلك نظرة واضحة عن المسرح الذي رغب
الكتابة فيه ،كان متأثرا (بموليار) و في الوقت نفسه كان قد تذوق طعم المسرح االنجليزي المعاصر ،كان
يستهدف إلى إعادة النظام إلى المسرح االيطالي الذي طال ما تميز بالطابع التعليمي ،لقد هاجمت
مسرحيات -قولدوني -حماقات الكائن البشري و في هذا السياق قدم العديد من االعمال أهمها (السيد صاحب
الذوق السليم ) (-المروحة) (-الجالد الطيب) ،و المميز في طريقة كتابة قولدوني القوة في رسم الشخصيات
و القدرة على رسم الصورة الممتعة ألحوال مدينة البندقية ،سواء ما تعلق بالسلوكيات أو العادات .
- 4اسبانيا
لم يحقق المسرح االسباني انجازا يضاهي الذي حققه المسرح الفرنسي الكالسيكي باستثناء ما خلفه
كالدرون و لوب ديفيجا اللذان ابتعدا عن التقليد الصارم للكالسيكية .إال أن هذا المسرح اتجه نحو األوبرا
االيطالية التي وصل تأثيرها إلى اسبانيا فقد كتب (رامون الكروز) هزليات كثيرة ذات طابع شعبي
تصور الحياة غي العاصمة االسبانية.
لم تظهر تسمية -أو كلمة -الرومنسية -إال في سنة 1654في إنجلترا وكانت تعني القصة األدبية
وكانت تعني قبل ذلك في العصور الوسطى القصة الطويلة التي تصور المجتمع (العظامي األرسطوقراطي)
والتي تقوم على المغامرات البطولية والغرام العذري الشبيه بالعبادة كما شمل كذلك الورع الديني المليء
بالتضحية .حاول الناقد األلماني شلجر 1856- 1797تحديد الفرق الجوهري بين الكالسيكية والرومانسية
فيقول « الكالسيكية هي مذهب الحدود والقوانين الصارمة أما الرومانسية فهي مذهب الحرية واالنطالق عبر
عالم الروحانيات غير المحدود ولهذا يستوجب أن يكون الرمز إحدى أدواته.
خصائص الرومانسية خصائص الكالسيكية
-االلتزام بوحدة الفكرة مع استعمال العقد الثانوية -وحدة الفكرة األساسية
-الخلط باألنواع –التراجي كوميدي -وحدة النغم الفصل بين التراجيد
-عدم االلتزام ال بوحدة المكان وال بوحدة الزمن والكوميديا
-تصوير شخصيات من مختلف شرائح المجتمع -االلتزام بوحدة المكان والزمان
-الشخصية تتحكم فيها نوازعها النفسية -البطل ينتمي للطبقة المرموقة من
المجتمع
-القضاء والقدر هو الذي يتحكم في مصير
الشخصيات
على مستوى الشخصيات
إن ظهور المذهب الرومانسي كتيار فكري قائم بذاته لم يكن إال في القرن 18لكن الثابت أنه كانت
هناك إرهاصات سبقته فالمسرح الكالسيكي كان في بعض جوانبه يحمل ح ًسا رومانسيا المتمثل في
المواضيع من الخوارق والمعجزات التي تثير العواطف ،أما المسرح اإلنجليزي المتمثل في مسرحيات مارلو
فقدحاول من خاللها تصوير صراع اإلنسان ونوازعه الداخلية .لكن يبقى شكسبير أب الرومانسية نظرا
لبراعته في تصوير النوازع البشرية ،حيث صور الكثير من الشخصية التي ال تشبه الواحدة األخرى
،إضافة إلى ثورته على قواعد الكالسيكية القديمة .لم يتبلور هذا االتجاه كمذهب قائم بذاته إال مع منتصف
القرن ( )18عندما ظهرت آراء (جون جاك روسو) ،الذي طالب بالعودة إلى حضن الطبيعة والثورة على
كل ما يقيد الروح البشرية من عادات وتقاليد .وأتى (شلجر) فعرف شكسبير لإل نجليز على أنه زعيم
الرومانسية ومن بين أعالم الرومانسية الحديثة فيكتور هيجو)( ،ليسنغ)( ،شيلر)( ،غوته)
ألمانيا
في طليعة المسرح الرومانسي بألمانيا يرد اسم الكاتب (ليسنغ) من خالل مسرحيتي ( من سارة سمبسون) و
(اميليا قالوتيه) ،و إلى جانبه يذكر اسم الكاتب ( جوهان وولف جان فون جوتيه) 1832- 1749الذي
أبدى إعجابا كبيرا بشكسبير ،حيث قال في إحدى محاضراته سنة " 1771إن أول صفحة قرأتها لشكسبير
جعلتني أسيرا مدى الحياة......لقد بدى لي أن وحدة المكان مرهقة مثل السجن أما وحدات الحدث و الزمان
فقد بدت لي قيودا ثقيلة العبء تكبل الخيال".
لقد اكتشف (غوته) أن القواعد األرسطية الصارمة ،كانت عامل كبح للخيال و اإلبداع فحينما قرأ لشكسبير
اكتشف أن تجاوز هذه القيود تجعل الكاتب في فضاء رحب من اإلبداع والتميز بهذا أصبحت هذه القواعد
بالنسبة له ال معنى لها.
تعد مسرحية (أحزان ورذار الصغير) 1774سببا في جعل غوته بطل الحركة الرومانسية رغم احتوائها
على نوع من الوحشية إال أنها تحمل قدر كبير من عناصر المسرح السليم و الحيوية و مزيج بين المناظر
المأساوية و الهزلية على طريقة شكسبير ،فقد كانت أذانا لبداية فيض كبير من األعمال ذات الطابع التاريخي
،رغم أن شهرة (غوته) ككاتب مسرحي اقل من شهرته كروائي و شاعر ،إال أن مسرحياته كانت انطالقة
فعلية للحركة الرومانسية.
في نفس الطريق سار (جوهان كريستوف فريدريك شيلر) ( )1805- 1759فقد كانت مسرحية (لصوص
الطرقات) مسرحية مثيرة افتتح بها مسيرته األدبية سنة ()1781و تالها بمسرحية (الحب المتآمر) (دون
كارلوس) (والنستاين)و غيرها من المسرحيات و قد ختم مسيرته بعمل يصور فيه كفاح الشعب السويسري
ضد التسلط النمساوي ،إنها معركة جماعية من اجل تحاشي االستعباد ،فهي ال تحمل مفهوم راقي و دفاع
بليغ عن الحرية فحسب بل هي عمل ختم به غوته مسيرته الفنية بشكل مشرق و موفق.
إلى جانب شيلر و غوته يذكر اسم (ريتشارد فاجنار ، )1773- 1713الذي مزج بين الشعر و الموسيقى و
الفنون التصويرية و مفهوم المسرحية الموسيقية ،كان يكتب نصوص أوبراته بنفسه مستفيدا من المالحم و
األساطير األلمانية ،أما (كوتزبو) فقد كان أكثر شهرة من شيلر و ذلك بسبب رضوخه لذوق الجمهور،
وشكلت أعماله مصدر تأثير على المسرح االنجليزي و الفرنسي
انجلترا
ازدهرت في انجلترا األعمال ذات الطابع (الميلودرامي) ،و التي استقطبت عددا كبيرا من الجمهور مما دفع
إلى افتتاح دور صغيرة كثيرة ،و في الوقت الذي بدا انخفاض في مجال الكتابة ازدهر دور الممثلين و نذكر
على سبيل المثال (ادموندكين )1833- 1787الذي اشتهر بأدائه المتميز لشخصية (شيلوك) و (رتشارد
الثالث) و (ياغو) ،وهنا نسجل ذلك االنفصال الواضح بين األدب و المسرح و الذي لم يستطع أن يجد لنفسه
مكانة ضمن اإلبداعات المتميز آنذاك ،حيث تحول األداء إلى ما يشبه االستعراض الشبيه بالسيرك ارضاءا
لحثالة المشاهدين
فرنسا
تعد المقدمة التي كتبها (فيكتور هيجو) لمسرحية (كروم ول) التي نشرت سنة ،1827المنعطف األساسي
في إرساء قواعد الرومانسية ،كما شكلت مسرحية (هوناني) العمل المختار إلقامة المسرح الرومانسي و
اإلطاحة بمعاقل الكالسيكية الباقية ،لقد تميزت بعرض األحداث التي تتجاوز الرتابة الموجودة في الواقع
بفضل ما في شعرها من قوة و جالل
إلى جانب (هيجو) نجد (الكسندر توماس) ،حيث أبان من خالل أعماله و بخاصة مسرحية هنري الثالث و
حاشيته عن موهبة مسرحية أعظم ممن كان لمعاصريه
روسيا
قبل بزوغ فجر الوعي القومي كانت كل أنواع النشاط األدبي تميل إلى النماذج المستوردة من فرنسا و ألمانيا
و انجلترا ،لكن يحدث التحول عند هزيمة نابليون 1812التي جعلت المبدعين الروس يتجهون إلى خلق
إبداع فني أصيل و في هذا السياق نذكر أعمال الكسندر بوشكين ( )1837- 1799التي تعد أعماال روسية
من حيث الروح و تبعه في ذلك (ميخائيل لرمنتوف )1841- 18- 14من خالل مسرحيته ( مسكراد) التي
تحكي قصته رجل اتهم زوجته بالخيانة ثم يصاب بالجنون الن عندما يكتشف أن شكوكه ليس لها أساس من
الصحة
كما نجد اإلشارة إلى إسهامات كما تبين في جمال الملهاة و هما (الكسندر جفتين) و (نيكوالي فاسيلفتيس)
اللذان هاجما بشجاعة السلطة و المجتمع الفاسد في ذلك الوقت ،لقد حاوال مكاشفة الواقع المزيف الذي كانت
تعيشه روسيا من تسلط و نفاق و ضياع للقيم و غياب حسن المواطن لإلدارة ،انه الفساد العام الذي
استشرى في جميع مناحي المجتمع.
المحاضرة الثانية -الواقعية النقدية:
بدأ نجم الرومانسية يختفي وأصبح الناس يطالبون بإلحاح لرؤية مشاكلهم وحياتهم في األعمال
األدبية والفنية ألن زمن الخيال والحلم في ظل تغيرات على المستوى االجتماعي تزايدت فيها معاناة الناس
من قهر واضطهاد وصدام بين الطبقات .وكان كتاب القصة هم رواد المذهب الواقعية من أمثال (بلزاك)،
(ستندا ل)( ،فلوبير) في المنتصف الثاني من القرن ( ،)18حيث اتجهوا نحو التصوير الواقعي للحياة
المرتبطة بظروف المجتمع .وبالموازاة مع ذلك ظهر ما يسمى بالمذهب الطبيعي .والفرق بينهما يكمن في
أن المذهب الواقعي كل ما هو مستوحي من الواقع االجتماعي والذي تشكله جملة من الظروف والعوامل
الخارجية والتحوالت الطارئة ،وكذلك ما يتعارف عليه المجتمع من عرف وتقاليد في مجال األدب وما
يبتدعه في مجال الذوق العام ،أما المذهب الطبيعي هو كل أصيل والذي لم يتأثر بالعوام
ستندال :أول زعماء المذهب الواقعي في القصة الفرنسية ،والذي عجت حياته باألحداث
والمغامرات حيث شهد الكثير من األحداث مثل معارك نابليون ونكبة الجيش الفرنسي في روسيا ،أشهر
قصصه (األحمر واألسود) والتي حاول من خاللها رصد الواقع والتعبير عنه بكل صدق بعيدا عن جو
الرومانسية.
بلزاك :وصفه الناقد الكبير (سانت بيف) بأنه أعظم رجل أنجبته فرنسا على اإلطالق ،لقد بدأ
(بلزاك) مسيرته الفنية متأثر بالرومانسية ولكنه سرعان ما استفاق من هذا التيار فكتب في االتجاه الواقعي
سلسلة رائعة سماها (الملهات اإلنسانية) والتي استوعب من خاللها الحياة الفرنسية بكل متناقضاتها فلم يترك
ص نفا في المجتمع إال وصفه أو جماعة من الجماعات إال أعطانا صورة عنها ،من أمراء وملوك أو قادة أو
أدباء حتى الجزارين والحرفيين والفالحين نجدهم في هذه القصص ،إنه يصف بنفس الحرارة والصدق إنه
يتغلغل في دنيا المشاعر واألسرار.
فلوبير :يعتبر كاتب أروع قصة في األدب ال فرنسي وهي (مدام بوفاري) ،وهي عبارة عن صورة
بارعة للريف الفرنسي وقد عبر فيها عن الطبقة البورجوازية التي نشأ فيها.
اإلخوة كروجنيف :هم ما ابتكر المذهب الطبيعي وحتى المذهب الرمزي ،فقد كتبا في شتى األنواع
األدبية –القصة ،الشعر ،المقالة .هذه األعمال هي وصف دقيق للحياة العامة من خالل التجربة الشخصية
والمعايشة اليومية ،إال أنها تفتقر إلى الوحدة األدبية في موضوعاتها .إنهم مجرد آلة كاتبة أو كاميرا تصوير
وهم يبررون ذلك أن عرضهم الوحيد في كل ما يكتبون هو توفير لألجيال القادمة أكبر قدر من الحقائق
والمستندات لتلك الفترة.
إميل زوال :كان كاتبا بسيطا في إحدى الصحف وبدأ محاوال لنشر بعض القصص واألشعار ثم قام
بكتابة سلسلة من القصص تناول فيها عينة من األسر الفرنسية فصور كل أفرادها تصويرا وافيا ومستفيضا
دون أن يدافع أو يبرر تصرفاتها وهو بذلك متأثر باإلخوة كروجنيف.
موبسان :هناك من يعتقد أن هذا الكاتب أتلف المذهب الطبيعي لمغاالته فيه إلى وصل إلى أقصى
حدوده فقد صور تلك الحقبة التي تميزت بالتكالب والرذيلة لكن كان يتوخى األسلوب الجيد والعبارات
المفخمة كما تميز أسلوبه بالسخرية اللطيفة والنقد الالذع.
هناك الكثير من يرى أن هذا المذهب يؤدي إلى دمار كل القيم الدينية والخلقية ألنهم يعرض عينات
بشرية وقد اجتمعت فيهم كل الرذائل والموبقات والتي تتجاوز كل الشرائع السماوية وكل سنن الطبيعة.
والمالحظ في هذا األمر أن جل كتاب هذا المذهب كانوا أناس غير أسوياء فهناك من جن وهناك من انتحر
وفيهم من كان مدمنا.
ولكن هناك من استطاعوا أن يكونوا متوازنين واستطاعوا أن يحققوا كتابات ثرية ومهمة أمثال
تشكوف الكاتب الروسي الذي عبر من خالل مسرحياته (الشقيقات الثالث)( ،النورس) ،وغيرها عن طبيعة
المجتمع الروسي الذي كان برزخ تحت حكم القياصرة ،مجتمع كان يعاني الفقر والجوع والجمود ...فحاول
تشكوف تصوير الواقع بكل صدق وحرفية لكن شعبية تشكوف جاءت متأخرة ألن معاصريه شككوا في القيم
الفنية ألعماله لكن في العصر الحديث لقيت هذه األعمال رواجا كبيرا.
جمع حوله عدد كبير من الممثلين والمؤلفين الشباب إلخراج أربع مسرحيات من المذهب الطبيعي
كما عرض بعض أعمال (تشكوف) ،و(ستندبرج) ،و(زوال) وكان المسرح الحر بمثابة مخبر لتخريج
الكتاب .وحذا حذوه كل من (قرين) في انجلترا و(أتوبرهام)( ،ومكسمليان هارون) في ألمانيا ولكن بقي هذا
المسرح مسرحا خاصا بفئة معينة ومنع في الكثير من األحيان من عرض أعماله.
أما بالنسبة لكتاب الواقعية ،فظهرت نتيجة تلك التحوالت العميقة التي حدثت في المجتمع األوروبي
الحديث بعد قيام الثورة الفرنسية واضمحالل الطبقة النبيلة وظهور الطبقة البرجوازية وبروز األنظمة
السياسية الجديدة الديمقراطية واالشتراكية إلى جانب ما جلبه النظام الرأس مالي من فساد واستغالل لطبقة
العمال البسطاء.
يعد ابسن من أعظم كتاب الواقعية ،فقد كان الصرخة المدوية والمناهضة لتلك الظروف االجتماعية
والسياسية و ا لتقاليد الجامدة التي ورثها المجتمع األوروبي من الفترات القديمة ،ومن بين أعماله
(اإلمبراطور والجاليلي)( ،بيت الدمية)( ،األشباح) وتميُز ابسن جاء من منطلق قدرته على مزاوجة التعبير
الصادق عن الظروف الخارجية وما بين أعماق شخصياته.
إنه بحق إمام المدرسة الواقعية في المسرح الحديث ،رغم أن الحس الواقعي في المسرح قديم قدم
هذا الفن فمسرحيات (يوربيدس) ومالهي (أرسطو فانيس) و(مينادر) كانت تعبر كلها عن الواقع اليوناني
في تلك الفترة ،حتى موليار الذي ينتمي إلى الكالسيكية الجديدة لم يخلوا مسرحه من التعبير الواقعي ،واألمر
نفسه ينطبق على (ديدرو) كلهم أخذوا على عاتقهم السخرية من مبدأ سياسي أو تقليد سخيف في مجتمعهم.
بدأ ابسن حياته الفنية بسلسلة من الروايات العاطفية الرومانسية ،لكنه سرعان ما انتهج منهج التعبير
الواقعي من خالل الكتابة النثرية في المسرح ،طارحا المشاكل االجتماعية بكل موضوعية ،دافعا المتفرج
إلى إعادة النظر في كل األفكار االجتماعية التقليدية بل أوضاع الحياة ككل ،حتى الموروثات الروحية ،كما
هاجم (ابسن) كل النظم السياسية التي تحمي المجرمين وتبرر جرائمهم التي ترتكب في حق المستضعفين.
بطبيعة الحال ال توجد قفزات في الفن بل هناك تطور في مسيرة كل مبدع والتي تتحكم فيها جملة
من الظروف والمعطيات .لقد كتب ابسن في بداية مشواره فيما يسمى بالواقعية االجتماعية ،وقد مهد لهذه
الفترة من خالل مسرحية (اإلمبراطور والجاليلي) مزج فيها بين األهداف التاريخية والتجربة الداخلية،
(اإلمبراطور) شخصية طم وحة بشكل غير متناهي وهي تريد أن تمتلك العالم وربما كانت هذه المسرحية
نبوءة بظهور شخصية مثل (هتلر) ،إضافة إلى محاولة إبراز خالل هذه المسرحية الرموز التي تحمي النظم
والتي تظهر ما ال تبطن ومنهم رجال الدين (القس مندوز)
أما مسرحية البطة البرية فتعتبر التحول في نمط الكتابة المسرحية عند هذا الكاتب والتي تسمى
بمرحلة الواقعية النفسية التي تجبر كل مشاهد على محاسبة نفسه واالنسالخ عن المجتمع ،إنها محاولة
لتحليل السلوكات الفردية المرتبطة بالدوافع النفسية.
تبدو هذه المسرحية أول األمر وكأنها تحمل موضوع سياسي لكن سرعان ما تكشف عن اتجاه
آخر ،فهي محاولة لتتبع المسار الروحي والنفسي ألبطال هذه المسرحية (روزمر) (وبيكا) فكلتا
الشخصيتين تحمل نوعا من الرمزية الموحية والتي تعبر عن الحرية التي تخلو من األخطاء.
كانت إلبسن طريقة خاصة في تصوير شخصياته ،فهو يركز بشكل كبير على وصف شخصياته من
الناحية الفيزيولوجية ،لذلك نجده يكثر من الشروحات فهو يصف شخصياته في أدق التفاصيل المتعلقة
بمظهرها الخارجي ألنه يؤمن بأن البعد الفيزيولوجي له عالقة مباشرة مع الطبيعة النفسية ،إضافة إلى ذلك
فإن دقة تصويره لشخصياته هي نتاج لخبرته الغنية والمعاشرة المستمرة لشخصياته ،حيث يقول :كنت أكتب
في العمل الواحد ثالث مسودات ،في المسودة األولى أعرف عن شخصياتي كما يعرفه أي شخص عن أناس
التقي بهم في الطريق ،أما في المسودة الثانية فاعرف عن شخصياتي كما يعرفه شخص عن أشخاص التقي
به في القطار وأجالسهم لساعات ،أما في المسودة الثالثة فقد وقعت في الجد من المعرفة إني أعرف
شخصياتي ولن يخذلوني
هناك من يجد في الشخصية البطلة ،في مسرحية "بيت الدمية" أنها شخصية سلبية ورجعية ،لكن هذا
النقد الذي وجه إليها لم يكن نقدا موضوعيا ،ألنها شكلت بحق ذلك النمو المستمر للشخصية الدرامية،
"نورة" تحولت من زوجة ال تعرف إال الطاعة واالنصياع كانت تبدو كالدمية التي ال عقل لها إلى امرأة
تغادر بيتها بدافع الحرية ،لكن الشيء الذي يعيب هذه الشخصية أن هذه الحرية وهذه الثورة كانت على
حساب عالمها الصغير –األسرة -لقد كان ثمنا غاليا ،لقد تخلت عن أطفالها دون أن تهتم لمصيرهم
لمصيرهم ،في هذه المسرحية ال يبدو أن إبسن نصب نفسه مدافعا عن قضية المرأة وحريتها ،لكن فعل
ذلك بدافع إنساني يصدر عن فنان مرهق الحس والوجدان.
أما مسرحية "األشباح" فجاءت ،كردة فعل لتلك االنتقادات التي وجهت ألعماله السابقة كما أنها تحمل
ذلك المضمون النقدي الذي يرفض األخالقيات البرجوازية المتعفنة ،فالحياة الفاسدة ال تأتي إال بحصيلة
فاسدة ،بسبب ذلك رفضت الكثير من المسارح عرض هذه المسرحية ،باستثناء مسرح واحد هو مسرح
"ستوكهولم.
ثم كتب إبسن مسرحية عدو الشعب ،وبعد ذلك حدث تحول عميق وبارز في المبنى العام للكتابة
المسرحية عند "إبسن" فانطالقا من البطة البرية ،واألعمال التي جاءت بعدها ،اتخذ من المنهج
االستقصائي النفساني الصرف ،كأسلوب للكتابة ،إنه يجبر كل مشاهد على محاسبة نفسه وال االنسالخ
عن المجتمع.
كان اهتمام الجيل الراديكالي يرتكز على البيولوجيا وعلى قضية المرأة وتحرير الفرد سياسيا وفلسفيا،
وبعد مجيء الرمزية أصبحت الغلبة للنفساني على البيولوجي ،وكال من القارئ والمشاهد يشغفه
الغموض ،وفي نوع من التناقض الظاهر نجد أن علم النفس في الوقت الذي أعلن ذاته علما مستقال راح
يدرس أغوار الضمير وأع راض الشخصية وبذلك جعل جمهور الشعراء والمفكرين يتساءلون حول تعليل
األفعال اإلنسانية على الوجه الذي كان يتصوره المسرحي الكالسيكي ،لقد عمل كل من "ستندبرج"
و"إبسن" ،في اتجاه واحد لكن إبسن كان هو المبدع في المنهج الجديد فلم يعد ينساق الى تيارات عصره،
بل انطلق كرائد في مقدمة الطليعة (،فسيجموند فرويد) كان معجبا جدا "بروزمر هولم" وهي إحدى
شخصيات مسرحيات إبسن ،وقد حللها ببالغ التقدير والفكر.
في بداية مسرحية "بروزمر هولم" يبدو وكأننا نشاهد مسرحية سياسية ،لكن ال نلبث حتى يتبين لنا أن
مركز ثقل الرواية هو في محل آخر ،انه تطور وتحول شخصية "ريبيكا النفسي ،ومسار" روزمر
هولمارص" الروحي.
وقد كانت المرحلة األخيرة من نتاج "إبسن" تعبر عن خبرة واسعة عبر الدراما االجتماعية ،التي تعمق
من خاللها في النفس البشرية بروح شعرية قوية ،والتي يغلب عليها طابع الرمز وتنم على قوة إبداعية
فذة ،ألنها تجمع بين المتناقضات ،الحب والسياسة فمسرحية "روزمر هولم" هي قصة شخصية لها مكانة
مرموقة ،باإلضافة إلى كونه رجل دين –قس -يعيش في عزلة تامة مع صديقة زوجته ،وهذه العزلة كان
سببها انتحار زوجته "بيتا" .ع ند تتبع الشخصيتين فيبدو أنهم هجروا الدين والتراث بحثا عن التحرر
االجتماعي .لكن فيما بعد يكتشف "روزمر" حقيقة مرعبة ،فقد انتحرت من أجله عندما علمت أنه هو
و"ريبيكا" صديقتها تجمعهما عالقة عاطفية وفي النهاية تقف كل الشخصيتين "روزمر" و"ريبيكا" بنبل
ال مثيل له ،ل يحاكما نفسيهما ألن الخطيئة تلبسها فيسيران نحو الطاحونة المكان الذي انتحرت فيه "بيتا"
فينتحر "روزمر" للصدق والنبإلن كلتا الشخصيتين حملتا نوعا من الرمزية الموحية التي تعبر عن
الحرية التي ال تخلوا من األخطاء ،وهذا المعنى تمثله شخصية "ريبيكا" أما "روزمر" فيمثل صراع
اإلنسان مع نفسه ومع عالمه الخارجي ،فرغم أنه اختار العزلة واختزل العالم إال أنه وجد في عالمه
الجديد حقيقة أكثر رعبا من حقيقة العالم الخارجي ،فال يبدو أن الخلل يكمن في تلك القيم إنما في نسيج
العالقة اإلنسانية التي ال تسير بتوازي مع تلك القيم اإلنسانية الخالصة.
وحين نحاول تتبع السمات التي تميزت بها شخصيات "إبسن" فأول ما نقف عنده ،هو ذلك الرسم الدقيق
والوافي لهذه الشخصيات فقد كان إبسن ينفرد بها ويعاشرها أسابيع وشهور كانت تتجسد أمامه شخصية
"نورة" في أدق تفاصيلها ،حتى الثوب الذي يجب أن ترتديه كان يفحص شخصيا ته بتمحيص شديد.
هاهو يصف "هيدا علبر" :دخلت من اليسار ،إنها سيدة في العشرين لوجهها وقدمها رقةورفعة بشرتها
شاحبة وسحنتها غير المعة.
من خالل هذا الوصف الدقيق يحاول إبسن إبراز ذلك التوازي بين مظهر الشخصية المادي ،وبين موقفه
المعنوي ،حتى أسماء شخصياته كان يختار ها بعناية فائقة ،فقد كانت تحمل مدلوالت معينة مثال "ألفينغ"
ابن جن الفضاء ،إنه يرتبط بفكرة الخفة والالمباالة والطيش ،أما "ربيكا" تعني في الكتاب المقدس
شخصية ماكرة ،هكذا كانت تتضح صور الشخصيات في ذهن هذا المبدع ،في مظهرها الجسماني
وأسلوب حديثها ،حتى االسم يج ب أن يجسد ضمنيا بعض صفاتها ،وبهذا تكون الشخصية "اإلبسنية" قد
اكتسبت وجودا ذاتيا ،هذا الوجود المادي هو الذي يكشف عن آالمها الذي قبلت به وتضاعف بسبب
إخالصها لنفسها ولمكانتها وللقيمة اإلنسانية ،إنها شخصيات ال تعاني العزلة عن اآلخرين فحسب بل عن
الماضي والحاضر والمستقبل ،إنها تمثل اندحار اإلنسان أمام قوى الشر لكن هذا الفناء يحمل دائما بذور
التطهير ،يموت الجسد ويبقى الجوهر.
تمكن إبسن وبكل براعة أن يجعل عناصر النسق الدرامي تتداخل فيما بينها محدثة وحدة كلية في انسجام
تام "فالفعل لم يلعب دورا ثانويا بالنسبة للشخصية ،فهو ال يهتم بتراكم المعلومات عن الشخص بقدر
اهتمامه بالكشف عن حقيقة عظيمة فيه بومضة درامية صاعقة ،لكن في المقابل ال تلعب الشخصية
دورا ثانويا بالنسبة للفعل ،فكل العنصرين قد بني بتناسق تام.
إلى جانب ذلك لعبت الشخصيات الثانوية دورا مهما في مسرح إبسن فهي تساعد على إضفاء مزيد من
روح التهكم لتتحول إلى السخرية القاسية الس نابعة من الواقع الدرامي نفسه.
المصادر و المراجع
- 1أنيكست ،تاريخ دراسة الدراما نظرية الدراما من هيجل إلى ماركس ،ترجمة ضيف هللا مراد ،منشورات وزارة الثقافة
المعهد العالي للفنون المسرحية ،سوريا ،دمشق 2000
- 2تشيلدون تشيني ،تاريخ المسرح في ثالثة أالف سنة ،ترجمة دريني خشبة ،ج ،2المؤسسة المصرية العامة للتأليف
والترجمة والطباعة والنشر ،القاهرة( ،د ت)،
- 3إيريك بنتلي "الحياة في الدراما" ،تر /جبرا إبراهيم جبرا ،المكتبة العصرية صيدا ،لبنان1968 ،
. 4األرديس نيكول :علم المسرحية ،ترجمة ريني حبشة ،مكتبة اآلداب ،مصر (د.ت)
. 5رياض عصمت :البطل التراجيدي في المسرح العالمي ،دار الطليعة ،بيروت. 1980 ،
- 7االرديس نيكول المسرحية العالمية ،تر /عبد هللا عبد الحافظ متولي،ج،3هال للنشر والنتوزيع 2000-
- 8فيكتورهيج و مقدمة كرامويت،تر/علي نجيب ابراهيم دار الينابيع للطباعة والنشر و التوزيعدمشق 1994
- 9اليوس أجري :فن كتابة المسرحية ،تر /دريني خشبة ،مكتبة األنجلومصرية ،القاهرة.
.- 10مارتن أسلن :تشريع الدراما ،تر /يوسف عبد المسيح ثروت ،منشورات وزارة الثقافة والفنون ،ط . 1978
- 11مارغن كارليسون ،نظريات المسرح ،عرض نقدي تاريخي من اليونان إلى الوقت الحاضر ،تر وجدي زيد ،مكتبة
األنجلو مصرية1997 ،
12-موريس غرافيه" :إبسن" ،تر/صالح الدين برمول ،منشورات وزارة الثقافة1985 ،
تحياتي األخوية