Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 17

‫خطة البحث‪.

‬‬

‫مقدمة‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬عثمان بن عثمان وجمع القرءان والفتوحات الذي قامت في‬
‫عصره‪.‬‬
‫المطب األول‪ :‬التعرف على عثمان بن عفان‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬جهود عثمان بن عفان في جمع القرءان الكريم‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الفتوحات اإلسالمية في عهد الخليفة عثمان بن عفان‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الدولة والشورى في عهد عثمان بن عفان وإ غتياله‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الدولة االسالمية إبان خليفة عثمان بن عفان‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الشورى عند عثمان بن عفان‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مقتل عثمان بن عفان‪.‬‬

‫خاتمة‪.‬‬
‫مقدمة‪.‬‬
‫كانت دولة الخالفة الراشدة مقسمة إلى عدة واليات ذات حدود غير ثابتة‪ ،‬فقد كانت تتغير‬
‫بين الحين واآلخر وفق توسع الدولة‪ .‬واختلفت سياسات الخلفاء الراشدين وطرق تعاملهم‬
‫م ع ش ؤون الدول ة فيم ا بينهم‪ ،‬فك انت لك ل منهم مع اييره الخاص ة في انتق اء ال والة والعم ال‬
‫على أق اليم الدول ة‪ ،‬وق د ج اء أم ير المؤم نين عثم ان بن عف ان رض ي اهلل عن ه‪ ،‬ف أعلن من ذ‬
‫اللحظ ات األولى الس تخالفه‪ ،‬وه و ال ي زال على المن بر يتلقى البيع ة من الن اس‪ ،‬أن حكم ه‬
‫حكم هداية وعدل‪ ،‬وقد ظهر هذا جليا في تعامله مع والته فكم كان حريصا على تذكيرهم‬
‫بالرفق بالرعية وتخويفهم من عقاب اهلل تعالى ويحذرهم من ظلم الناس ويوصيهم بتقوى‬
‫اهلل ‪ ،‬ومن خالل الرسائل محل الدراسة تبينت سياسته تجاه والته حيث كان رضي اهلل عنه‬
‫سهال ‪،‬ورعا متواضعا ال تأخذه لومة الئم وكان يشاور والته ويكن لهم االحترام حتى بعد‬
‫ع زلهم وق د تم في ه ذا المق ال ع رض بعض رس ائل الخليف ة ال تي تعطي ول و لمح ة بس يطة‬
‫عن كيفية تعامله معهم متبعة في ذلك خطة بسيطة حيث تطرقت فيها إلى ثالثة عناصر ‪،‬‬
‫فكان األول منهم رسائل الخليفة الخاصة بحث وتوصية الوالة للرفق بالرعية أما الثاني فق د‬
‫تعرض ت في ه إلى الرس ائل الخاص ة بتولي ة وع زل ال والة في عه ده رض ي اهلل عن ه وم دى‬
‫حرص ه على انتق اء ال والة ذوي كف اءة وحس ن خلق لتمثيل ه على مس توى الوالية‪ ،‬ومن هنا‬
‫نط رح التس اؤل الت الي‪ :‬من ه و عثم ان بن عف ان وم ا أب رز أعمال ه وكي ف ك انت خالفت ه‬
‫ووالياته؟‬
‫المبحث األول‪ :‬عثمان بن عثمان وجمع القرءان والفتوحات الذي قامت في‬
‫عصره‪.‬‬
‫المطب األول‪ :‬التعرف على عثمان بن عفان‪.‬‬

‫ي القَُر ِش ُّي (‪ 47‬ق‪.‬هـ ‪ 35 -‬هـ ‪.)656 – 576 /‬‬ ‫ِ ِ‬


‫اُألم ِو ُّ‬
‫ان َ‬ ‫ان ْب ُن عفَّ َ‬
‫ثم ُ‬
‫أبو َعبد اهلل ُع َ‬

‫ثالث الخلفاء الراشدين‪ ،‬وأحد العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬ومن السابقين إلى اإلسالم‪ .‬يكنى ذا‬
‫النورين ألنه تزوج اثنتين من بنات نبي اإلسالم محمد‪ ،‬حيث تزوج من رقية ثم بعد وفاتها‬
‫تزوج من أم كلثوم‪.‬‬

‫ك ان عثم ان أول مه اجر إلى أرض الحبش ة لحف ظ اإلس الم ثم تبع ه س ائر المه اجرين إلى‬
‫أرض الحبش ة‪ .‬ثم ه اجر الهج رة الثاني ة إلى المدين ة المن ورة‪ .‬وك ان رس ول اللَّه يث ق ب ه‬
‫ويحبه ويكرمه لحيائه وأخالقه وحسن عشرته وما كان يبذله من المال لنصرة المسلمين‬
‫وبش ره بالجن ة ك أبي بك ر وعم ر وعلي وبقي ة العش رة‪ ،‬وأخ بره بأن ه‬
‫وال ذين آمن وا باهلل‪ّ ،‬‬
‫سيموت شهيداً‪.‬‬

‫بوي ع عثم ان بالخالف ة بع د الش ورى ال تي تمت بع د وف اة عم ر بن الخط اب س نة ‪ 23‬هـ (‬


‫‪1‬‬
‫‪644‬م)‪ ،‬وقد استمرت خالفته نحو اثني عشر عاماً‪.‬‬

‫تم في عهده جمع القرآن وعمل توسعة للمسجد الحرام وكذلك المسجد النبوي‪ ،‬وفتحت في‬
‫عهده عدد من البلدان وتوسعت الدولة اإلسالمية‪ ،‬فمن البلدان التي فتحت في أيام خالفته‬
‫أرميني ة وخراس ان وكرم ان وسجس تان وإ فريقي ة وق برص‪ .‬وق د أنش أ أول أس طول بح ري‬
‫إسالمي لحماية الشواطئ اإلسالمية من هجمات البيزنطيين‪ .‬في النصف الثاني من خالفة‬
‫عثمان التي استمرت لمدة اثنتي عشرة سنة‪ ،‬ظهرت أحداث الفتنة التي أدت إلى اغتياله‪.‬‬

‫‪-‬الكامل في التاريخ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬عمر عبد السالم‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪1417 ،‬هـ ‪1997 -‬م‪ ،‬ص‪.60‬‬ ‫‪1‬‬
‫وك ان ذل ك في ي وم الجمع ة المواف ق ‪ 12‬من ش هر ذي الحج ة س نة ‪ 35‬هـ‪ ،‬وعم ره اثنت ان‬
‫‪2‬‬
‫وثمانون سنة‪ ،‬ودفن في البقيع بالمدينة المنورة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬جهود عثمان بن عفان في جمع القرءان الكريم‪.‬‬

‫في عهده انتشر اإلسالم في بالد كبيرة وتفرق الصحابة مما أدى إلى ظهور قراءات‬
‫متعددة وانتشرت لهجات مختلفة فكان الخوف من اختالف كتابة القرآن وتغير لهجته‪،‬‬
‫فجمع عثمان المسلمين على لغة قريش أي لهجة قريش وهي لهجة العرب‪.‬‬

‫عن أنس بن مالك‪« :‬أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح‬
‫أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق‪ ،‬فأفزع حذيفة اختالفهم في القراءة‪ ،‬فقال حذيفة‬
‫لعثمان‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬أدرك هذه األمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختالف اليهود‬
‫والنصارى‪ ،‬فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم‬
‫نردها إليك‪ ،‬فأرسلت بها حفصة إلى عثمان‪ ،‬فأمر زيد بن ثابت‪ ،‬وعبد اهلل بن الزبير‪،‬‬
‫وسعيد بن العاص‪ ،‬وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف‪ ،‬وقال‬
‫عثمان للرهط القرشيين الثالثة‪ :‬إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه‬
‫بلسان قريش‪ ،‬فإنما نزل بلسانهم‪ ،‬ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف‪ ،‬رد‬
‫عثمان الصحف إلى حفصة‪ ،‬فأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا‪ ،‬وأمر بما سواه من‬
‫‪3‬‬
‫القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق‪.‬‬

‫جم ع عثم ان المه اجرين واألنص ار وش اورهم في األم ر‪ ،‬وفيهم ع دد من أعالم وعلم اء‬
‫الص حابة‪ ،‬وفي طليعتهم علي بن أبي ط الب‪ .‬وع رض عثم ان ه ذه المس ألة وناقش هم فيه ا‬
‫فأج ابوه إلى رأي ه‪ ،‬وظه ر للن اس في أرج اء األرض م ا انعق د علي ه إجم اعهم‪ ،‬فلم يع رف‬
‫‪4‬‬
‫يومئذ لهم مخالف‪.‬‬

‫‪ - 2‬النهاية في غريب الحديث‪ ،‬تحقيق‪ :‬طاهر أحمد وآخرون‪ ،‬المكتبة العلمية للنشر‪ ،‬بيروت‪1399 ،‬هـ ‪1979 -‬م‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪ - 3‬أسد الغابة‪ ،‬تحقيق‪ :‬علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1415 ،‬هـ ‪ ،1994 -‬ص‪.16‬‬
‫‪ - 4‬الكامل في التاريخ‪ ،‬تحقيقـ ‪ :‬عمر عبد السالم‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫قال ابن التين‪« :‬الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان أن جمع أبي بكر كان لخشيته أن‬
‫يذهب شيء من القرآن بذهاب حملته‪ .‬ألنه لم يكن مجموعا في موضع واحد‪ ،‬فجمعه في‬
‫مرتب ا آلي ات س وره على م ا وقفهم علي ه الن بي‪ .‬وجم ع عثم ان ك ان لم ا ك ثر‬
‫ص حائف ً‬
‫االختالف في وجوه القراءة حتى قرؤوه بلغاتهم على اتساع اللغات‪ ،‬فأدى ذلك إلى تخطئة‬
‫بعض هم البعض‪ ،‬فخش ى من تف اقم األم ر في ذل ك فنس خ تل ك الص حف في مص حف واح د‬
‫مرتبا لسوره‪ ،‬واقتصر في سائر اللغات على لغة قريش محتج اً بأنه نزل بلغتهم‪ ،‬وإ ن كان‬
‫ً‬
‫قد وسع في قراءاته بلغة غيرهم‪ ،‬دفع اً للحرج والمشقة في ابتداء األمر‪ ،‬فرأى أن الحاجة‬
‫‪5‬‬
‫قد انتهت‪ ،‬فاقتصر على لغة واحدة‪.‬‬

‫لما فرغ عثمان من جمع المصاحف أرسل إلى كل أفق بمصحف‪ ،‬وأمرهم أن يحرقوا كل‬
‫مصحف يخالف المصحف الذي أرسله إلى اآلفاق‪ ،‬وقد اختلفوا في عدد المصاحف التي‬
‫فرقها في األمصار‪ ،‬فقيل‪ :‬إنها أربعة وهو الذي اتفق عليه أكثر العلماء‪ ،‬وقيل إنها خمسة‪،‬‬
‫وقي ل إنه ا س تة‪ ،‬وقي ل إنه ا س بعة‪ ،‬وقي ل إنه ا ثماني ة‪ .‬وأم ا كونه ا ثماني ة‪ ،‬ف إن الث امن ك ان‬
‫لعثمان يقرأ فيه‪ ،‬وهو الذي قتل وهو بين يديه‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الفتوحات اإلسالمية في عهد الخليفة عثمان بن عفان‪.‬‬

‫في خالف ة عثم ان فتحت العدي د من البل دان وتوس عت الدول ة اإلس المية‪ ،‬فق د فتحت في أي ام‬
‫خالفت ه أرميني ة وخراس ان وكرم ان وسجس تان وإ فريقي ة وق برص‪ .‬وق د أنش أ أول أس طول‬
‫بح ري إس المي لحماي ة الش واطئ اإلس المية من هجم ات البيزنط يين‪ ،‬بع د مقت ل عم ر بن‬
‫الخطاب تشجع أعداء اإلسالم وخصوصا في بالد الفرس والروم إلى العمل على استرداد‬
‫السيطرة في تلك البالد‪ ،‬فبدأ يزدجرد ملك الفرس يخطط في العاصمة التي يقيم فيها وهي‬
‫مدين ة فرغن ة عاص مة س مرقند‪ ،‬وأم ا زعم اء ال روم فق د ترك وا بالد الش ام وانتقل وا إلى‬
‫القسطنطينية العاصمة البيزنطية‪ ،‬وبدؤوا في البحث عن الوسائل التي تمكنهم من استرداد‬

‫‪ - 5‬الكامل في التاريخ‪ ،‬تحقيقـ ‪ :‬عمر عبد السالم‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫ملكهم‪ .‬وك انوا ق د تحص نوا باإلس كندرية في عه د عم ر بن الخط اب‪ 6،‬فطلب عم رو بن‬
‫الع اص من ه أن ي أذن بفتحه ا‪ ،‬وك انت مع ززة بتحص ينات كث يرة وك انت المج انيق ف وق‬
‫أس وارها‪ ،‬وك ان هرق ل ق د ع زم أن يباش ر القت ال بنفس ه وال يتخل ف أح د من ال روم؛ ألن‬
‫اإلس كندرية هي معقلهم األخ ير‪ .‬وفي عصر عثم ان تجم ع ال روم في اإلس كندرية‪ ،‬ونقضوا‬
‫الص لح واس تعانوا بق وة ال روم البحري ة‪ ،‬ك انت المعس كرات في عه د عثم ان تت وزع في‬
‫عواص م األقط ار الك برى‪ ،‬فمعس كر الع راق مرك زه الكوف ة والبص رة‪ ،‬ومعس كر الش ام في‬
‫دمش ق‪ ،‬ومعس كر مص ر مرك زه الفس طاط‪ ،‬وك انت ه ذه المعس كرات تق وم بحماي ة الدول ة‬
‫اإلسالمية كما تعمل على مواصلة الفتوحات‪ ،‬ونشر اإلسالم‪.‬‬

‫فتوحات أهل الكوفة‪ :‬كانت مغازي أهل الكوفة الري وأذربيجان‪ ،‬وكان يرابط بها عشرة‬
‫آالف مقات ل؛ س تة آالف بأذربيج ان‪ ،‬وأربع ة آالف ب الري‪ ،‬وك ان جيش الكوف ة العام ل‬
‫أربعين ألف مقاتل‪ ،‬يغزو كل عام منهم عشرة آالف‪ .‬ولما أخلص عثمان الكوفة للوليد بن‬
‫عقبة انتفض أهل أذربيجان‪ ،‬فمنعوا ما كانوا قد صالحوا عليه حذيفة بن اليمان أيام عمر‪،‬‬
‫وثاروا على واليهم عتبة بن فرقد السلمي‪ ،‬فأمر عثمان الوليد بن عقبة أن يغزوهم‪ ،‬فأسرع‬
‫إليه أهل أذربيجان طالبين الصلح على ما كانوا صالحوا عليه حذيفة‪ ،‬فأجابهم الوليد وأخذ‬
‫طاعتهم‪ ،‬وبث فيمن حولهم السرايا وشن عليهم الغارات‪ ،‬فبعث عبد اهلل بن شبيل األحمسي‬
‫في أربعة آالف إلى أهل موقان والببر الطيلسان‪ ،‬فأصاب من أموالهم وغنم وس بي‪ ،‬ولكنهم‬
‫تح رزوا من ه فلم يف ّل ح َّدهم‪ ،‬ثم جه ز س لمان بن ربيع ة الب اهلي في اث ني عش ر ألف ا إلى‬
‫أرميني ة فأخض عها وع اد منه ا مليء الي دين بالغن ائم‪ ،‬وانص رف الولي د بع د ذل ك عائ داً إلى‬
‫‪7‬‬
‫الكوفة‪.‬‬

‫ولكن أه ل أذربيج ان تم ردوا أك ثر من م رة‪ ،‬فكتب األش عث بن قيس والي أذربيج ان إلى‬
‫الولي د بن عقب ة فأم ده بجيش من أه ل الكوف ة‪ ،‬وتتب ع األش عث الث ائرين وه زمهم هزيم ة‬
‫‪- 6‬أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري (المتوفى‪ 282 :‬هـ)‪ :‬األخبار الطوال ‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد المنعم عامر ‪ ،‬دار إحياء الكتب العربي للنشر ‪،‬القاهرة ‪،‬ط‬
‫‪ ،1،1960‬ص‪.14‬‬
‫‪- 7‬أبو الفداء عماد الدين(المتوفى‪732 :‬هـ) ‪ :‬المختصر في أخبار البشر ‪ ،‬المطبعة الحسينية المصرية للنشر ‪،‬ط‪، 1‬دت‪ ،.‬ص‪.19‬‬
‫منك رة‪ ،‬فطلب وا الص لح فص الحهم على ص لحهم األول‪ ،‬وخ اف األش عث أن يعي دوا ال َك َّرة‬
‫فوضع حامية من العرب وجعل لهم عطايا وسجلهم في الديوان‪ ،‬وأمرهم بدعوة الناس إلى‬
‫اإلس الم‪ .‬ولم ا ت ولى أم رهم س عيد بن الع اص ع اد أه ل أذربيج ان وتم ردوا على ال والي‬
‫الجديد‪ ،‬فبعث إليه جرير بن عبد اهلل البجلي فهزمهم وقتل رئيسهم‪ ،‬ثم استقرت األمور بعد‬
‫أن أسلم أكثر شعبها وتعلموا القرآن الكريم‪ .‬وأما الري فقد صدر أمر الخليفة عثمان إلى‬
‫أبي موس ى األش عري وفي وقت واليت ه على الكوف ة‪ ،‬وأم ره بتوجي ه جيش إليه ا لتمرده ا‪،‬‬
‫فأرس ل إليه ا قريظ ة بن كعب األنص اري فأع اد فتحه ا‪.‬عن دما انتهى الولي د بن عقب ة من‬
‫مهمته في أذربيجان وعاد إلى الموصل جاءه أمر من الخليفة عثمان نصه‪« :‬أما بعد‪ ،‬فإن‬
‫إلي يخ برني أن ال روم ق د أجلبت (تجمعت للح رب) على‬
‫معاوي ة بن أبي س فيان كتب َّ‬
‫المس لمين بجم وع عظيمة‪ ،‬وق د رأيت أن يم دهم إخ وانهم من أه ل الكوفة‪ ،‬فإذا أت اك كتابي‬
‫ه ذا ف ابعث رجال ممن ترض ى نجدت ه وبأس ه وش جاعته وإ س المه في ثماني ة آالف أو تس عة‬
‫آالف أو عش رة آالف إليهم من المك ان ال ذي يأتي ك في ه رس ولي‪ ،‬والس الم» فق ام الولي د في‬
‫الن اس‪ ،‬فخطب فيهم ح تى خ رج ثماني ة آالف رج ل من أه ل الكوف ة‪ ،‬فمض وا ح تى دخل وا‬
‫وأه ل الش ام إلى أرض ال روم‪ ،‬وعلى جن د أه ل الش ام ح بيب بن مس لمة بن خال د الفه ري‪،‬‬
‫وعلى جن د أه ل الكوف ة س لمان بن ربيع ة الب اهلي‪ ،‬فش نوا الغ ارات على أرض ال روم‪،‬‬
‫‪8‬‬
‫فأصاب الناس ما شاؤوا من سبي‪ ،‬وملؤوا أيديهم من المغنم‪ ،‬وافتتحوا بها حصونا كثيرة‪.‬‬

‫فتوح‪33‬ات ح‪33‬بيب بن مس‪33‬لمة الفه‪33‬ري‪ :‬بع د أن ق ام ال روم على المس لمين أول خالف ة عثم ان‪،‬‬
‫وكتب عثمان إلى الوليد بن عقبة بالكوفة أن يمد إخوانه بالشام‪ ،‬فأمدهم بثمانية آالف عليهم‬
‫س لمان ابن ربيع ة الب اهلي‪ ،‬فانتص ر المس لمون‪ .‬وك ان ال روم وال ترك ق د تجمع وا لمالق اة‬
‫المس لمين ال ذين غ زوا أرميني ة‪ ،‬وك ان على المس لمين ح بيب بن مس لمة‪ ،‬ف رأى أن يب اغت‬
‫قائدهم الموريان ليالً‪ ،‬فسمعته امرأته أم عبد اهلل بنت يزيد الكلبية‪ ،‬فقالت‪« :‬فأين موعدك؟»‬

‫‪ - 8‬أبو هالل العسكري (المتوفى‪ :‬نحو ‪395‬هـ) ‪ :‬األوائل ‪ ،‬دار البشير ‪ ،‬طنطا ‪ ،‬ط ‪ ،1408 ، 1‬ص‪.79‬‬
‫ق ال‪« :‬س رادق الموري ان أو الجن ة»‪ .‬ثم ب اغتهم فغلبهم‪ ،‬وأتى س رادق الموري ان فوج د أن‬
‫امرأته قد سبقته إليه‪.‬‬

‫وواص ل ح بيب جه اده وانتص اراته المتوالي ة في أراض ي أرميني ة وأذربيج ان‪ ،‬ففتحه ا‪ .‬لق د‬
‫كان حبيب بن مسلمة الفهري من أبرز القادة الذين حاربوا في أرمينية البيزنطية‪ .‬كما غزا‬
‫م ا يلى ثغ ور الجزي رة العراقي ة من أرض ال روم ف افتتح ع دة حص ون هن اك‪ ،‬مث ل شمش اط‬
‫وملطية وغيرهما‪ ،‬وفي سنة ‪ 25‬هـ غزا معاوية الروم فبلغ عمورية فوجد الحصون التي‬
‫بين أنطاكي ة وطرس وس خالي ة‪ ،‬فجع ل عن دها جماع ة من أه ل الش ام والجزي رة‪ ،‬وواص ل‬
‫قائ ده قيس بن الح ر العبس ي الغ زو في الص يف الت الي‪ ،‬ولم ا انتهى ه دم بعض الحص ون‬
‫‪9‬‬
‫القريبة من أنطاكية كي ال يستفيد منها الروم‪.‬‬

‫فتح بالد النوبة‪ :‬كانت البداية في عهد عمر بن الخطاب حيث أذن لعمرو بن العاص بفتح‬
‫بالد النوبة‪ ،‬فوجد حرباً لم يتدرب عليها المسلمون وهي الرمي بالنب ال في أعين المحاربين‬
‫حتى فقدوا مائة وخمسين عينا في أول معركة‪ ،‬ولهذا قبل الجيش الصلح‪ ،‬ولكن عمرو بن‬
‫العاص رفض للوصول إلى شروط أفضل‪،‬‬

‫وعن دما ت ولى عب د اهلل بن أبي الس رح والي ة مص ر غ زا النوب ة في ع ام إح دى وثالثين‬


‫هجري ة فقاتل ه األس اود من أه ل النوب ة قت اال ش ديدا‪ ،‬فأص يبت يومئ ذ عي ون كث يرة من‬
‫المسلمين‪ ،‬فقال شاعرهم‪:‬‬

‫والخيل تعدو بالدروع مثقلة‬ ‫لم تر عين مثل يوم ُدمقلة‬

‫فسأل أهل النوبة عبد اهلل بن سعد المهادنة‪ ،‬فهادنهم هدنة بقيت إلى ستة قرون‪ ،‬وعقد لهم‬
‫عقدا يضمن لهم استقالل بالدهم ويحقق للمسلمين االطمئنان إلى حدودهم الجنوبية‪ ،‬ويفتح‬

‫‪- 9‬البالدي الحربي عاتق بن غيث (ت‪1431 :‬هـ) ‪ :‬معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية‪ ،‬دار مكة مكة المكرمة‪1402 ،‬هـ ‪1982 -‬م‪،‬ص‬
‫‪.32‬‬
‫النوب ة للتج ارة والحص ول على ع دد من الرقي ق في خدم ة الدول ة اإلس المية‪ ،‬وق د اختل ط‬
‫المسلمون بالنوبة والبجة‪ ،‬واعتنق كثير منهم اإلسالم‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الدولة والشورى في عهد عثمان بن عفان وإ غتياله‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الدولة االسالمية إبان خليفة عثمان بن عفان‪.‬‬

‫شائعا أثناء خالفة عمر وعثمان‪.‬‬


‫أوال‪ :‬الشؤون المالية‪ :‬نقود فارسية من الطراز الذي كان ً‬
‫ُنقش ت على ه ذه النق ود ص ورة آخ ر أكاس رة اإلمبراطوري ة الفارس ية الساس انية‪ ،‬وق د تم‬
‫إضافة نقش البسملة عليها‪ .‬لما تولى عثمان الخالفة لم يغير من سياسة عمر المالية‪ ،‬وإ ن‬
‫ك ان ق د س مح للمس لمين باقتن اء ال ثروات وتش ييد القص ور وامتالك المس احات الكب يرة من‬
‫األراضي‪ ،‬فقد كان عهده عهد رخاء على المسلمين‪.‬‬

‫كم ا أن ه وج ه كتاب اً إلى ال والة وكتاب ا آخ ر إلى عم ال الخ راج‪ ،‬وأذاع كتاب اً على العام ة‪،‬‬
‫وك انت عناص ر السياس ة المالي ة العام ة ال تي أعلنه ا الخليف ة ق د ق امت على األس س العام ة‬
‫التالية‪:‬‬

‫تطبيق سياسة مالية عامة إسالمية‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫عدم إخالل الجباية بالرعاية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أخذ ما على المسلمين بالحق لبيت مال المسلمين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إعطاء المسلمين ما لهم من بيت مال المسلمين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أخ ذ م ا على أه ل الذم ة ل بيت م ال المس لمين ب الحق‪ ،‬وإ عط اؤهم م ا لهم‪ ،‬وع دم‬ ‫‪‬‬
‫ظلمهم‪.‬‬
‫تخلق عمال الخراج باألمانة والوفاء‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪10‬‬
‫تفادي أية انحرافات مالية يسفر عنها تكامل النعم لدى العامة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ثاني‪33‬ا‪ :‬القض‪33‬اء‪ :‬عن دما ت ولى عثم ان الخالف ة ك ان على قض اء المدين ة علي بن أبي ط الب‪،‬‬
‫وزي د بن ث ابت‪ ،‬والس ائب بن يزي د‪ .‬وي ذكر البعض أن عثم ان لم ي ترك للقض اة االس تقالل‬
‫بالفصل في القضايا‪ ،‬كما كان الحال في عهد عمر‪ ،‬بل كان ينظر في الخصومات بنفسه‪،‬‬
‫رأي ه أمضاه‪ ،‬وإ ن لم‬
‫ويستشير هؤالء وغيرهم من الصحابة فيما يحكم به‪ ،‬فإن وافق رأيهم َ‬
‫يوافق رأيهم رأيه نظر في األمر بعد ذلك‪ .‬وهذا يعني أن عثمان قد أعفى القضاة الثالثة‬
‫في المدينة من والية القضاء وأبقاهم مستشارين له في كل شجار يرفع إليه مع استشارة‬
‫آخرين‪ ،‬ويرى بعضهم أنه لم يثبت نص صريح يفيد اإلعفاء‪ ،‬ولكنه تحمل عنهم النظر في‬
‫كثير من القضايا الكبيرة مع استشارتهم فيها‪.‬‬

‫تذكر بعض الكتب أن من مآثر ذي النورين اتخاذه داراً للقضاء‪ ،‬وقد جاء ذلك في رواية‬
‫رواه ا ابن عس اكر عن أبي ص الح م ولى العب اس ق ال‪ :‬أرس لني العب اس إلى عثم ان أدع وه‬
‫فأتيت ه في دار القض اء إلى آخ ر الح ديث‪ ،‬ف إذا ص ح فيك ون عثم ان ه و أول من اتخ ذ دارا‬
‫للقضاء في اإلسالم‪ ،‬ألن من سبقه كان يتخذ المسجد كمكان للقضاء‪.‬‬

‫وك ان ق د ت رك أحكام اً فقهي ة في مج ال القص اص والجناي ات والح دود والتعزي ر والعب ادات‬
‫‪11‬‬
‫والمعامالت‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬والية الواليات‪ :‬حينما تولى عثمان الخالفة في بداية سنة ‪ 24‬هـ‪ ،‬أقر الوالة الذين‬
‫ق د تم تع يينهم من ِقب ل عم ر بن الخط اب في والي اتهم عام اً ك امالً‪ ،‬بع د ذل ك أبقى البعض‬
‫وع زل آخ رين‪ ،‬وعم ل على التع يين في ه ذه األمص ار حس ب الحاج ة وذل ك بع د األخ ذ‬
‫بمش ورة الص حابة‪ .‬في عه ده ق ام بض م بعض الوالي ات إلى بعض ها لم ا ي راه في مص لحة‬
‫المسلمين‪ ،‬فقد ضم البحرين إلى البصرة‪ ،‬كما ضم بعض واليات الشام إلى بعضها اآلخر‬

‫‪ - 10‬الكامل في التاريخ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬عمر عبد السالم‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.68‬‬
‫‪ - 11‬أبو الفداء عماد الدين(المتوفى‪732 :‬هـ) ‪ :‬المختصر في أخبار البشر ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫نتيج ة لوف اة بعض ال والة أو طلب البعض منهم اإلعف اء من العم ل‪ .‬وق د ك ان دائم النص ح‬
‫لوالت ه بالع دل والرحم ة بين الن اس‪ ،‬كم ا أن ه ح دد لهم مع الم السياس ة ال تي يجب أن يعمل وا‬
‫به ا‪ ،‬من إعط اء الحق وق للمس لمين ومط البتهم بم ا عليهم من واجب ات وإ عط اء أه ل الذم ة‬
‫حقوقهم ومطالبتهم بما عليهم من واجبات‪ ،‬وبالوفاء حتى مع األعداء‪ ،‬وأن ال يكون همهم‬
‫جباي ة الم ال‪ .‬ك ان يكتب إلى عمال ه ببعض التعليم ات في األم ور المس تجدة ال تي تتعل ق‬
‫بإدارتهم للواليات‪ ،‬إضافة إلى كتبه للعامة والتي كان يصدر فيها تعليمات محددة يلتزم بها‬
‫الجمي ع‪ ،‬ومن ذل ك إلزام ه الن اس في الوالي ات بالمص احف ال تي كتبت في المدين ة على مأل‬
‫من الص حابة‪ .‬ك ان حريص اً على أن يتن افس األم راء فيم ا بينهم في الجه اد وفتح بل دان‬
‫جدي دة‪ .‬ك ان يش ترط أحيان اً بعض الش روط على ال والة ليض من أن تص رفهم في ص الح‬
‫المسلمين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الشورى عند عثمان بن عفان‪.‬‬

‫بعد االنتهاء من دفن عمر بن الخطاب ذهب رهط الشورى وأعضاء مجلس الدولة األعلى‬
‫إلى االجتم اع في بيت عائش ة بنت أبي بك ر‪ ،‬وقي ل إنهم اجتمع وا في بيت فاطم ة بنت قيس‬
‫الفهري ة أخت الض حاك بن قيس‪ ،‬ليقض وا في األم ر‪ ،‬وق د تكلم الق وم وبس طوا آراءهم‬
‫واهتدوا إلى كلمة سواء رضيها الخاصة والكافة من المسلمين‪.‬عندما اجتمع أهل الشورى‬
‫ق ال لهم عب د ال رحمن بن ع وف‪« :‬اجعل وا أم ركم إلى ثالث ة منكم»‪ ،‬فق ال الزب ير‪« :‬جعلت‬
‫أمري إلى علي»‪ ،‬وقال طلحة‪« :‬جعلت أمري إلى عثمان»‪ ،‬وقال سعد‪« :‬جعلت أم ري إلى‬
‫عب د ال رحمن بن ع وف»‪ ،‬وأص بح المرش حون الثالث ة علي بن أبي ط الب‪ ،‬وعثم ان بن‬
‫عفان‪ ،‬وعبد الرحمن بن عوف‪ ،‬فقال عبد الرحمن‪« :‬أيكما تبرأ من هذا األمر فنجعله إليه‬
‫واهلل علي ه واإلس الم لينظ رن أفض لهم في نفس ه» فأس كت الش يخين‪ ،‬فق ال عب د ال رحمن بن‬
‫إلي واهلل على أن ال آل و عن أفض لكما»‪ ،‬ق اال‪« :‬نعم»‪.‬ب دأ عب د ال رحمن‬
‫ع وف‪« :‬أفتجعلون ه َّ‬
‫بن ع وف اتص االته ومش اوراته ف ور انته اء اجتم اع المرش حين الس تة ص باح ي وم األح د‪،‬‬
‫واستمرت مشاوراته واتصاالته ثالثة أيام كاملة‪ ،‬حتى فجر يوم األربعاء الرابع من محرم‬
‫وهو موعد انتهاء المهلة التي حددها لهم عمر‪ ،‬وبدأ عبد الرحمن بعلي بن أبي طالب فقال‬
‫علي‪ ،‬فمن ترش ح للخالف ة؟ ق ال علي‪ :‬عثم ان بن عف ان»‪ ،‬وذهب‬
‫ل ه‪« :‬إن لم أبايع ك فأش ر َّ‬
‫عبد الرحمن إلى عثمان وقال له‪« :‬إن لم أبايعك‪ ،‬فمن ترشح للخالفة؟ فقال عثمان‪ 12:‬علي‬
‫بن أبي ط الب»‪ .‬وذهب ابن ع وف بع د ذل ك إلى الص حابة اآلخ رين واستش ارهم‪ ،‬وك ان‬
‫يش اور ك ل من يلق اه في المدين ة من كب ار الص حابة وأش رافهم‪ ،‬ومن أم راء األجن اد‪ ،‬ومن‬
‫يأتي للمدينة‪ ،‬وشملت مشاورته النساء في خدورهن‪ ،‬وقد أبدين رأيهن‪ ،‬كما شملت الصبيان‬
‫والعبي د في المدين ة‪ ،‬وك انت نتيج ة مش اورات عب د ال رحمن بن ع وف أن معظم المس لمين‬
‫ك انوا يشيرون بعثمان بن عف ان‪ ،‬ومنهم من كان يشير بعلي بن أبي طالب‪ .‬وفي منتصف‬
‫ليلة األربعاء‪ ،‬ذهب عبد الرحمن بن عوف إلى بيت ابن أخته‪ :‬المسور بن مخرمة‪ ،‬فطرق‬
‫البيت‪ ،‬فوجد المسور نائما‪ ،‬فضرب الباب حتى استيقظ فقال‪« :‬أراك نائما فواهلل م ا اكتحلت‬
‫هذه الليلة بكبير نوم‪ ،‬انطلق فادع الزبير وسعداً‪ ،‬فدعوتهما له‪ ،‬فشاورهما ثم دعاني فقال‪:‬‬
‫ابهار (انتصف) الليل ثم قام علي من عنده‪ ،‬ثم قال‪ :‬ادع‬
‫َّ‬ ‫ادع لي علياً فدعوته فناجاه حتى‬
‫لي عثمان فدعوته فناجاه حتى فرق بينهما المؤذن بالصبح‪.‬‬

‫وبعد صالة صبح يوم البيعة (اليوم األخير من شهر ذي الحجة ‪23‬هـ‪ 6 /‬نوفمبر ‪644‬م)‬
‫وكان صهيب الرومي اإلمام إذ أقبل عبد الرحمن بن عوف‪ ،‬وقد اعتم بالعمامة التي عممه‬
‫بها رسول اهلل‪ ،‬وكان قد اجتمع رجال الشورى عند المنبر‪ ،‬أرسل إلى من كان حاض را من‬
‫المه اجرين واألنص ار وأم راء األجن اد منهم‪ :‬معاوي ة أم ير الش ام‪ ،‬وعم ير بن س عد أم ير‬
‫حمص‪ ،‬وعمرو بن العاص أمير مصر‪ ،‬وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر وصاحبوه إلى‬
‫‪13‬‬
‫المدينة‪.‬‬

‫‪- 12‬البالذري أحمد بن يحي (ت‪279 :‬ه‪ )10– :‬فتوح البلدان‪ ،‬دار الهالل‪ ،‬بيروت‪1988 ،‬م‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫‪- 13‬أنساب األشراف ‪ ،‬تحقيق‪ :‬سهيل زكار ورياض الزركلي ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروتـ ‪ ،‬ط ‪1417 ، 1‬هـ ‪1996-‬م‪ ،‬ص‪.87‬‬
‫وما يروى عند أهل السنة فقد جاء في البخاري‪« :‬فلما صلى للناس الصبح واجتمع أولئك‬
‫الره ط عن د المن بر فأرس ل إلى ك ل حاض ر من المه اجرين واألنص ار‪ ،‬وأرس ل إلى أم راء‬
‫األجناد وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر‪ ،‬فلما اجتمعوا تشهد عبد الرحمن ثم قال‪« :‬أما‬
‫بعد‪ ،‬يا علي إني قد نظرت في أمر الناس فلم أراهم يعدلون بعثمان‪ ،‬فال تجعلن على نفس ك‬
‫سبيالً»‪ ،‬فقال عبد الرحمن مخاطب اً عثمان‪« :‬أبايعك على سنة اهلل ورسوله والخليفتين من‬
‫بع ده»‪ ،‬فبايع ه عب د ال رحمن وبايع ه الن اس المه اجرون واألنص ار وأم راء األجن اد‬
‫والمسلمون‪ ».‬وجاء في رواية أن علي بن أبي طالب هو أول من بايع بعد عبد الرحمن بن‬
‫عوف‪.‬أما الشيعة فهم يرون بأن الصحابة حابوا في أمر المسلمين‪ ،‬وأن علي بن أبي طالب‬
‫لم يرض بأن يقوم عبد الرحمن بن عوف باختيار الخليفة‪ ،‬فقد ورد في الروايات الشيعية‬
‫عن أبي مخنف وهشام الكلبي عن أبيه وأحمد الجوهري أن عمر جعل ترجيح الكفتين إذا‬
‫تس اوتا بعب د ال رحمن بن ع وف‪ ،‬وأن علي اً أحس ب أن الخالف ة ذهبت من ه ألن عب د ال رحمن‬
‫سيقدم عثمان للمصاهرة التي بينهما‪ .‬كما أشارت رواية أبي مخنف إلى وقوع مشادة بين‬
‫ب ني هاش م وب ني أمي ة أثن اء المبايع ة‪ .‬ومن األق وال ال تي نس بت لعلي‪ ،‬ق ال ابن كث ير‪ :‬وم ا‬
‫ي ذكره كث ير من الم ؤرخين ك ابن جري ر وغ يره عن رج ال ال يعرف ون أن علي اً ق ال لعب د‬
‫الرحمن‪« :‬خدعتني‪ ،‬وإ نك إنما وليته ألنه صهرك وليشاورك كل يوم في شأنه‪ ،‬وأنه تلكأ‬

‫ون اللَّ َه َي‪3ُ 3‬د اللَّ ِه فَ‪3ْ 3‬و َ‬


‫ق‬ ‫ح تى ق ال عب د ال رحمن بن ع وف‪ِ﴿ :‬إ َّن الَِّذ َ‬
‫ين ُي َبا ِي ُعو َن ‪َ 3‬ك ِإَّن َم‪33‬ا ُي َب‪33‬ا ِي ُع َ‬
‫َأج‪ً 3‬را‬
‫يه ْ‬ ‫س ‪ُ 3‬يْؤ ِت ِ‪3‬‬
‫‪3‬ه اللَّ َه فَ َ‬ ‫ث َعلَى َن ْف ِس ‪ِ 3‬ه َو َم ْن َْأوفَى ِب َم‪33‬ا َع َ‬
‫اه‪3َ 3‬د َعلَ ْي‪ُ 3‬‬ ‫َْأي‪3ِ 3‬دي ِه ْم فَ َم ْن َن َك َث فَِإ َّن َم‪33‬ا َي ْن ُك ُ‬
‫يما۝﴾ سورة الفتح‪.10 :‬‬ ‫ِ‬
‫َعظ ً‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مقتل عثمان بن عفان‪.‬‬

‫كان عثمان قد ولي اثنتي عشرة سنة خليفة للمسلمين‪ ،‬وقد بدأت أحداث الفتنة في النصف‬
‫الث اني من واليت ه وهي ال تي أدت إلى استش هاده‪ .‬ومن أس باب تل ك الفتن ة الرخ اء في عه ده‬
‫وأث ره في المجتم ع‪ ،‬وطبيع ة التح ول االجتم اعي وظه ور جي ل جدي د غ ير جي ل الص حابة‪،‬‬
‫باإلض افة إلى الش ائعات‪ ،‬والعص بية الجاهلي ة‪ ،‬ومن أهم األس باب خ وض المن افقين حيث‬
‫‪14‬‬
‫وجدوا من يستمع إليهم‪.‬‬

‫وف ق معتق د أه ل الس نة أن الم دبر الرئيس ي للفتن ة ه و عب د اهلل بن س بأ ال ذي ك ان يهودي اً‬
‫وأظهر اإلسالم في عهد عثمان‪ .‬ومنهم من عمل على محاصرة عثمان بن عفان في داره‬
‫وزوروا علي ه كتاب اً ورد في ه بأن ه يري د قتلهم بع د أن أعط اهم األم ان على أنفس هم‪ .‬وعن دما‬
‫اشتد أمر أهل الفتنة وتهديدهم للخليفة بالقتل تحرك الصحابة لردهم وقتالهم وهو ما رفضه‬
‫عثمان وأمر بأال يرفع أحد السيف للدفاع عنه‪ ،‬وأن ال ُيقتل أحد بسببه‪ ،‬فقد كان يعلم بأنهم‬
‫ال يريدون أحد غيره‪ ،‬فكره أن يتوقى بالمؤمنين‪ ،‬وأحب أن يقيهم بنفسه‪ ،‬ولعلمه بأن هذه‬
‫الفتن ة فيه ا قتل ه‪ ،‬عن عب د اهلل بن حوال ة أن رس ول اهلل محم د ق ال‪« :‬من نج ا من ثالث فق د‬
‫نج ا‪ ،‬ثالث م رات‪ ،‬م وتي‪ ،‬وال دجال‪ ،‬وقت ل خليف ة مص طبر ب الحق معطي ه»‪ .‬عن ابن عم ر‬
‫«يقتل فيها هذا المقنع يومئذ مظلوم اً»‪ ،‬قال‪:‬‬
‫قال‪( :‬ذكر رسول اهلل فتنة‪ ،‬فمر رجل‪ ،‬فقال‪ُ :‬‬
‫فنظ رت ف إذا ه و عثم ان بن عف ان)‪.‬بينم ا تق ول الرواي ة الش يعية أن أه ل المدين ة ك انوا من‬
‫الث ائرين على عثم ان‪ ،‬وبعض هم غ ير مناص ر ل ه‪ ،‬وأنهم كتب وا إلى األمص ار بالق دوم إلى‬
‫وأن الجهاد فيها‪ .‬ويرون بأن هناك من الصحابة من هم قد خرجوا على عثم ان ولم‬
‫المدينة ّ‬
‫ينص روه‪ ،‬فأرس ل إلى معاوي ة بن أبي س فيان ليق اتلهم‪ ،‬ولكن ه لم يبعث بجيش إلى نص رة‬
‫بي‪ .‬كم ا ي رى الش يعة بأن ه ال‬
‫بأن ه ك ره مخالف ة أص حاب الن ّ‬
‫الخليف ة عثم ان‪ ،‬وق د علّ ل ذل ك ّ‬
‫وجود لعبد اهلل بن سبأ‪.‬‬

‫هاجم المتمردون دار عثمان وأصيب ذلك اليوم أربعة من شبان قريش وقتل منهم أربعة‪،‬‬
‫ثم هجم وا على عثم ان بن عف ان فقتل وه‪ ،‬وه و يق رأ في المص حف فانتض ح ال دم على قول ه‬
‫يم﴾ (سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪.)137 :‬‬ ‫ِ‬ ‫تعالى‪﴿ :‬فَسي ْك ِفي َكهم اللَّ ُه و ُهو َّ ِ‬
‫السميعُ ا ْل َعل ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُُ‬ ‫ََ‬

‫‪ - 14‬أبو الفداء عماد الدين(المتوفى‪732 :‬هـ) ‪ :‬المختصر في أخبار البشر ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫وك ان ذل ك في ي وم الجمع ة المواف ق ‪ 18‬من ش هر ذي الحج ة س نة ‪ 35‬هـ‪ ،‬وعم ره اثنت ان‬
‫وثمانون سنة‪ ،‬ودفن ليلة السبت بين المغرب والعشاء في حش كوكب الذي كان قد اشتراه‬
‫‪15‬‬
‫ووسع به البقيع‪.‬‬

‫استش هد في أوس ط أي ام التش ريق (‪ 12‬ذي الحج ة) لص حة نقل ه عن أبي عثم ان النه دي‪،‬‬
‫المعاص ر للحادث ة‪ .‬وم ا س واه من أق وال لم يص ح إس ناد ش يء منه ا‪ ،‬وك ل م ا ج اء ب ه من‬
‫أسانيد فهي ضعيفة‪ ،‬وبعض منها صدر ممن لم يعاصر الحادثة‪.‬‬

‫خاتمة‪.‬‬

‫نظرا للسياسة الحكيمة التي انتهجها الخليفة عثمان بن عفان رضي اهلل عنه في انتقاء والته‬
‫عم االس تقرار واألمن في الوالي ات اإلس المية‪ ،‬فق د ك ان يب ذل النص يحة لل والة من منطل ق‬
‫األم ر ب المعروف والنهي عن المنك ر‪ ،‬وه و األس اس ال ذي تق ره األم ة اإلس المية بأكمله ا‪،‬‬
‫والذي وردت األوامر به من خالل اآليات القرآنية واألحاديث النبوية الشريفة التي تحدثت‬
‫عن ه ‪ ،‬وق د دأب الخليف ة على الكتاب ة لوالت ه باس تمرار من أج ل ايص ال النص يحة لهم‪،‬‬
‫فاس تطاع ب ذلك أن يح دد لوالت ه مع الم السياس ة ‪ ،‬ال تي يجب أن يس يروا عليه ا‪ ،‬من اعط اء‬
‫الحقوق والمطالبة بالواجبات والوفاء بالعهود‪.‬‬

‫‪-‬الثقات وزارة المعارف‪ ،‬مراقبة‪ :‬محمد عبد المعيد‪ ،‬دائرة المعارف‪1393 ،‬هـ‪1973-‬م‪ ،‬ص‪.48‬‬ ‫‪15‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫الكام ل في الت اريخ‪ ،‬تحقي ق ‪ :‬عم ر عب د الس الم‪ ،‬دار الكت اب الع ربي‪ ،‬ب يروت‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪1417‬هـ ‪1997 -‬م‪.‬‬
‫النهاي ة في غ ريب الح ديث‪ ،‬تحقي ق‪ :‬ط اهر أحم د وآخ رون‪ ،‬المكتب ة العلمي ة للنش ر‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫بيروت‪1399 ،‬هـ ‪1979 -‬م‪.‬‬
‫أس د الغاب ة‪ ،‬تحقي ق‪ :‬علي محم د مع وض وع ادل أحم د عب د الموج ود‪ ،‬دار الكتب‬ ‫‪.3‬‬
‫العلمية‪1415 ،‬هـ ‪.1994 -‬‬
‫أب و حنيف ة أحم د بن داود ال دينوري (المت وفى‪282 :‬هـ)‪ :‬األخب ار الط وال ‪ ،‬تحقي ق‪:‬‬ ‫‪.4‬‬
‫عبد المنعم عامر ‪ ،‬دار إحياء الكتب العربي للنشر ‪،‬القاهرة ‪،‬ط‪.1،1960‬‬
‫أب و الف داء عم اد ال دين(المت وفى‪732 :‬هـ) ‪ :‬المختص ر في أخب ار البش ر ‪ ،‬المطبع ة‬ ‫‪.5‬‬
‫الحسينية المصرية للنشر ‪،‬ط‪، 1‬دت‪.‬‬
‫أب و هالل العس كري (المت وفى‪ :‬نح و ‪395‬هـ) ‪ :‬األوائ ل ‪ ،‬دار البش ير ‪ ،‬طنط ا ‪ ،‬ط‬ ‫‪.6‬‬
‫‪.1408 ، 1‬‬
‫البالدي الح ربي ع اتق بن غيث (ت‪1431 :‬هـ) ‪ :‬معجم المع الم الجغرافي ة في‬ ‫‪.7‬‬
‫السيرة النبوية‪ ،‬دار مكة مكة المكرمة‪1402 ،‬هـ ‪1982 -‬م‪.‬‬
‫البالذري أحم د بن يحي (ت‪279 :‬ه‪ )10– :‬فت وح البل دان‪ ،‬دار الهالل‪ ،‬ب يروت‪،‬‬ ‫‪.8‬‬
‫‪1988‬م‪.‬‬
‫أنساب األشراف ‪ ،‬تحقيق‪ :‬سهيل زكار ورياض الزركلي ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت ‪،‬‬ ‫‪.9‬‬
‫ط ‪1417 ،1‬هـ ‪1996-‬م‪.‬‬
‫الثق ات وزارة المع ارف‪ ،‬مراقب ة‪ :‬محم د عب د المعي د‪ ،‬دائ رة المع ارف‪1393 ،‬هـ‪-‬‬ ‫‪.10‬‬
‫‪1973‬م‪.‬‬

You might also like