Professional Documents
Culture Documents
صفات المرأة في أدب العقاد بعد المراجعة
صفات المرأة في أدب العقاد بعد المراجعة
إعداد:
1
املستخلص
تناولت هذه الدراسة صفات املرأة يف أدب العقاد ،حيث أوضحت أن العقاد قد عرف أكثر من نوع واحد من النســاء ،
فقــد عــرف املرأة أمـاً وأختـاً ،وعرفهــا موضــع دراســة أقــام عليهــا دراســاته الــيت اســتخلص من خالهلا آرائــه فيهــا ،مث عرفهــا
معشـوقة تأخـذ مبجـامع قلبـه ،وقـد هـدفت الدراسـة إىل :توضـيح أراء العقـاد يف املرأة من خالل أدبـه ،وتبـيني أن النسـاء
الاليت عــرفهن العقــاد كن ســبباً الســتنتاج هــذه اآلراء وتعميمهــا على مجيــع النســاء .تتبلــور مشــكلة الدراســة يف هــذه الورقــة
من أن البــاحثني مل يتعرضــوا لفلســفة احلب عنــد العقــاد وآرائــه املختلفــة حــول املرأة ،منصــبة نفسي للــرد على هــذه اآلراء
،وتــربز أمهيــة هــذه الورقــة يف تصــحيح مــا نســب إىل العقــاد من آراء حــول املرأة وتعميمهــا على موقفــه منهن مجيعـاً ،وقــد
اتبعت الدراســة املنهج الوصــفي التحليلي للوصــول إىل مــا هــدفت إليــه من نتــائج ..معتمــدة على ُأمــات املصــادر واملراجــع
ْ
والدواوين الشعرية
مث ُخ تمت الدراسة خبامتة احتوت أهم النتائج والتوصيات واليت كان من أبرزها إن العقاد إلـتزم موقفـاً واحـداً من النسـاء
مجيعاً فلم تتنوع مواقفه بتنوع من عرفهن .
Abstract
2
views about the woman and his stand towards them. The study used the
descriptive analytical method to achieve the objectives depending on
genuine sources, references and collections of poems. The study concluded
with a number of findings and recommendations, the most important one
is that Alagad had only one stand towards all the women and his stand does
not vary according to the various women he knew.
مقدمـ ـ ــة
اجا لِتَ ْس ُكنُوا ِإلَْي َها َو َج َع َل َبْينَ ُك ْم َم َو َّدةً َو َرمْح َةً [)1( } .. ِ ِ قال تعاىلِِ ِ :
{وم ْن آيَاته َأ ْن َخلَ َق لَ ُك ْم م ْن َأْن ُفس ُك ْم َْأز َو ً
َ
واضــح من اآلي ــة الكرمية أن املرأة ( س ــكن ) للرج ــل ،وليس من املألوف أن حيذر إنس ــان عن س ــكنه ،أو يتج ــاىف
عن اهلدوء والطمأنينــة فيــه ،ولكن األســتاذ العقــاد وحبكم معرفــيت بــه – من خالل أدبــه – كثــرياً مــا حيذر ذلــك الســكن ،
ويتجــاىف عن اهلدوء والطمأنينــة فيــه ،فقــد عرفتــه شــكاكاً ،يشــك يف املرأة حــىت يف أبســط األشــياء ،فيصــفها بصــفات ال
ترضاها وال يرضاها مناصريها :كالرياء ،واخليانة ،وجيردها من العطف ..
وبعد وقويف على جممل آرائه يف املرأة دفعتين الغرية على حقوق بنات جنسي أن أمجع ورقة حبثيــة يف هــذا املوضــوع
بعنوان (صفات املرأة يف أدب العقاد ) .حماولة الرد على بعض آرائه يف املرأة ما استطعت إىل ذلك سبيال .
مشكلة الدراسة:
تتمثل مشكلة هذه الدراسة يف إثارة عدد من التساؤالت اليت حتاول الورقة اإلجابة عنها:
- 2ما األسباب اليت دعت العقاد ليحكم على النساء بالسلوك السافل الدنئ ؟
أمهية الدراسة:
3
-1كشف آراء العقاد يف املرأة من خالل أدبه
توضيح املربرات املنطقية ملواقفه من املرأة عموماً أو من بعض النساء ممن تعرف عليهن يف مسرية حياته -2
أهداف الدراسة:
منهج الدراسة:
هيكل الدراسة:
تقــوم هــذه الدراســة على :خطــة قوامهــا :مقدمــة :تضــمنت مشــكلة الدراســة وأمهيتهــا وأهــدافها ،املنهجيــة املتبعــة يف
ـت املبحث األول ألمنــا حــواء والثــاين ألخالق املرأة ،
الدراســة ،وهيكلــة املوضــوع حيث قُســمت ألربعــة مبــاحث خصصـ ُ
وكان الثالث للتفاوت بني اجلنسني ،والرابع ومسته بنساء يف حياة العقاد مث خامتة تضمنت أهم النتائج والتوصيات تشفع
عتمدت يف دراسة هذه الورقة بقائمة املصادر واملراجع اليت اُ ِ
اجلدير بالذكر أن أراء العقاد حول املرأة ترتكز يف ثالثة حماور كربى ،هي :
أوالً :صفاهتا الطبيعية ،وتشمل الكالم على قدرهتا وكفايتها خلدمة نوعها وقومها
ثانياً :حقوقها وواجباهتا يف األسرة واجملتمع
ثالثاُ :املعامالت اليت تفرضها هلا اآلداب واألخالق ،ومعظمها يف شئون العرف والسلوك()2
املبحث األول
أمنا حـ ـ ـ ـ ـ ــواء
4
حتدث العقــاد عن املرأة منــذ أن أخــرجت حــواء آدم من اجلنــة إىل يومنــا هــذا ،حيث حتدث عنهــا يف كتابــه
املس ــمى ( ه ــذه الش ــجرة ) معتم ــداً يف ذل ــك على وسوس ــة الش ــيطان حلواء باألك ــل من الش ــجرة ال ــيت هنى اهلل عن أكله ــا ،
فيصــف طبيعتهــا بــالولوع بــاملمنوع والــدالل و االغــواء واالغــراء وســوء الظن واملراوغــة والتنــاقض والعنــاد وضــعف اإلرادة،
حيث يقــول " :رأت املرأة أن الشــجرة جيــدة لألكــل وأهنا هبجــة للعيــون شــهية للنظــر فأخــذت من مثرهــا وأكلت فــأعطت
بعلهــا معهــا أيضـاً فأكــل ،فــانتفخت أعينهمــا وعلمــا أهنمــا عريانــان ...ونــادى الــرب آدم وقــال لــه أين أنت ؟ فقــال مسعت
صوتك يف اجلنة فخشيت ألين عريان فاختبأت ،فقال :من أخربك أنك عريان؟ هل أكلت من الشجرة الــيت أوصــيتك أال
تأك ــل منه ــا؟ فق ــال آدم :املرأة ال ــيت جعلته ــا معي هي أعطت ــين من الش ــجرة ف ــأكلت ،فق ــال ال ــرب للم ــرأة :م ــاذا ال ــذي
فعلت ؟ فقالت املرأة :احلية غرتين فأكلت )3( " ... ِ
هــذه القصــة اخلالــدة يف األديــان الكتابيــة ،جعلهــا العقــاد رمــزاً خالــداً إىل طبيعــة املرأة :فهي – على حــد قولــه – تفعــل مــا
تنهى عن ــه ،وهي تغ ــري الرج ــل ،ويف ك ــل من ه ــذين اخللقني ،ي ــرى العق ــاد دليالً جممالً على خالئ ــق وص ــفات مفص ــلة
تنطوي يف ذلك الرمز الكبري ،معضداً حديثه يف ذلك بقول الشاعر اجلاهلي طفيل الغنوي:
مأكول
ُ املر
وبعض ِّ
ُ املرار
منها ُ إن النساءَ كأشجا ٍر َ
نبنت معاً َّ
مفعول ()4
ُ واجب ال بد
ٌ فإنَّه ينهني عن ُخ ٍلق
إن النساء مىت َ
حيث يرى أن هذا الشاعر البدوي – ابن الفطرة وابن البادية -اُهلِ َم خالصة قصة الشجرة يف بيتيه املطبوعني ،وخالصــتها
أن املرأة تغــري بأكــل املر الــذي ال يســاغ أو ال يســوغ ،وأهنا تفعــل مــا تنهى عنــه ،فهــو عنــدها ( واجب البــد مفعــول)ـ ،
فكل خلق كامن يف املرأة – عنده – يظهر يف هذا الولع املمنوع ()5
مث يواصل العقاد يف أن هـذه الشـجرة الـيت أكلت منهـا حـواء ألهنا هنيت عنهـا ،والـيت طعمت منهـا مث أطعمت آدم معهـا –
هذه الشـجرة هي عنـوان مـا يف املرأة من خضـوع يــؤدي إىل لـذة العصــيان ،ومن دالل يــؤدي إىل لـذة املمانعـة ،ومن سـوء
ظن وعناد وضعف ،واستطالع جهل ،وعجز يف املغالبة )6( ...
واجلدير بالذكر أن هذه الصفات قد ختتلف من امرأة إىل أخرى ،فقد ختتفي يف امــرأة متامــا ،وقــد تظهــر يف غريهــا
بنسب متفاوتة – وليس الرجل مبنأى عن بعضها .
مث إن جل كتب التفاسري برأت حواء بل وآدم من اخلطيئة وعزت الغواية إل إبليس حيث يقول الـرازي يف تفسـري اآليـات
أعاله عرضاً آراء من قال مبعصية آدم عليه السالم مث فند هذه اآلراء بالدليل والربهان فكان من ضمن هذه الوجوه
آد ُم َربَّهُ َفغَ َوى" ( )7وإمنا ص ٰى َ الوجه األول :أنه كان عاصياً والعاصي البد وأن يكون صاحب كبرية لقولهـ تعاىل َ " :و َع َ
ِإ "و َمن َي ْع ِ َّ
ص اللهَ َو َر ُسـولَهُ فَـ َّن لَـهُ نَ َـار َج َهن َ
َّم " قلنا إن العاصي صاحب كبرية ألن النص يقتضي كونـه معاقبـاً لقولـه تعـاىلَ :
5
الر ْشـ ُد ِم َن الْغَ ِّي "( )9فجعـل ()8الوجه الثاين :أنه كـان غاويـاً لقولــه" :فغــوى" والغي ضـد الرشــد لقولــه " :قَــد تََّبنَّي َ ُّ
الغي مقابالً للرشد
ُو ات َفتَ َ ِ ِإ الوجه الثالث :أنه تاب والتائب مذنب ،وإمنا قلنا إنه تاب لقوله تعاىل َ " :فَتلَقَّى آدم ِمن َّربِِّه َكلِم ٍ
اب َعلَْيه نَّهُ ه َ َ ٰ َُ
اب َعلَْي ِـه َو َه َـد ٰى "( )11وإمنا قلنـا التـائب مـذنب ألن التـائب هـو النـادم اجتَبَاهُ َربُّهُ َفتَ َ
الت ََّّواب َّ ِ
الرحيم )10(" وقال " :مُثَّ ْ ُ
على فعــل الــذنب والنــادم على فعــل الــذنب خمرب عن كونــه فــاعالً للــذنب فــإن كــذب يف ذلــك اإلخبــار فهــو مــذنب بالكــذب
وإن صدق فيه فهو املطلوب
ِِ ِ
َّجَر َة "()13 َّجَر ِةَ " )12(" واَل َت ْقَربَـا َٰـه ذه الشـ َ الوجه الرابع :أنه ارتكب املنهي عنه يف قوله " َأمَلْ َأْن َه ُك َما َعن ت ْل ُك َمـا الشـ َ
وارتكاب املنهي عنه عني الذنب
ِر لَنَ ــا َوَت ْرمَحْنَ ــا لَنَكُونَ َّن ِم َن ِإ
الوج ــه اخلامس :أن ــه اع ــرتف بأن ــه ل ــوال مغف ــرة اهلل إي ــاه لك ــان خاس ــراً يف قول ــه َ " :و ن مَّلْ َت ْغف ْ
ِ
ين " ( األعراف ) 23وهذا يقتضي كونه صاحب كبرية()14 اخْلَاس ِر َ
مث يفند الرازي هذه الوجوه من عدة جوانب :
أوالً :إن كالمكم يتم ل ــو أتيتم بالدالل ــة على أن ذل ــك ك ــان ح ــال النب ــوة ،وذل ــك ممن ــوع فلم ال جيوز أن يق ــال إن آدم –
عليه السالم – حاملا صدرت عنه هذه الزلة مل يكن نبياً ،مث بعد ذلك صار نبياً
ثاني ـاً :ال نســلم أن آدم وحــواء قبال من إبليس ذلــك الكالم وال صــدقاه فيــه ألهنمــا لــو صــدقاه لكــانت معصــيتهماـ يف هــذا
التصــديق أعظم من أكــل الشــجرة ألن إبليس ملا قــال هلمــا " :مــا هناكمــا ربكمــا عن هــذه الشــجرة إال أن تكونــا ملكني أو
تكونــا من اخلالــدين " ( )15فقــد ألقى إليهمــا ســوء الظن باهلل تعــاىل ودعامها إىل تــرك التســليم ألمــره والرضــا حبكمــه وإىل
أن يعتقـدا فيــه كـون إبليس ناصــحاً هلمـا وأن الـرب تعـاىل قـد غشـهما ،ال شـك أن هــذه األشــياء أعظم من أكـل الشــجرة ،
فــوجب أن تكــون املعاتبــة يف ذلــك أشــد ،وأيضـاً كــان آدم عليــه الســالم عاملاً بتمــرد إبليس عن الســجود وكونــه مبغضـاً لــه
وحاسداً له على ما أتاه اهلل من النعم ،فكيف جيوز من العاقل أن يقبل قول عدوه مع هذه القرائن ،وليس يف اآلية أهنمـا
أقدما على ذلك الفعل عند ذلك الكالم أو هبده؟!
ثالث ـاً :وهــو اختيــار أثــر املعتزلــة ،أنــه عليــه الســالم أقــدم على األكــل بســبب اجتهــاد أخطــأ فيــه ،وذلــك ال يقتضــي كــون
ِِ
َّجَر َة "فلفظ "هذه" قـد يشـار بـه إىل الشــخص وقــد الذنب كبرية ،بيان االجتهاد اخلطأ أنه ملا قيل له َ " :واَل َت ْقَربَا َٰهذه الش َ
يشار به إىل النوع ،وروي أنه عليه السالم أخذ حريراً وذهبـاً بيـده وقـال " :هـذان حـل إلنـاث أمـيت حـرام على ذكـورهم
" ()16وأراد بــه نوعهمــا ،وروي أنــه عليــة الصــالة والســالم توضـأ مــرة وقــال " هــذا وضــوءٌ ال يقبــل اهلل الصــالة إال بــه " (
)17وأراد نوع ــه ،فلم ــا مسع آدم علي ــه الس ــالم قول ــه تع ــاىل َ " :واَل َت ْقَربَ ــا ٰـَهـ ِذ ِه ال َّشـ ـ َجَرةَ " ظن أن النهي إمنا يتن ــاول تل ــك
الشجرة املعينـة فرتكهـا وتنـاول من شـجرة أخـرى من ذلـك النـوع إال أنـه كـان خمطئـاً يف ذلـك االجتهـاد ألن مـراد اهلل تعـاىل
من كلم ــة " ه ــذه" ك ــان الن ــوع ال الش ــخص واالجته ــاد يف الف ــروع إذا ك ــان خط ــًأ ال ي ــوجب اس ــتحقاق العق ــاب واللعنـ
الحتمال كونه صغرية مغفورة كما يف شرعنا()18
ه ــذا وإذا ب ـ َّـرأت كتب التفس ــري س ــيدنا آدم من اخلطيئ ــة وع ــزت ذل ــك إلبليس فتربيئ ــه ح ــواء من ب ــاب أوىل ،مث إذا
سلمنا بأن الغواية كانت من الشيطان ،فإهنا كانت لكليهماـ ،وأن احلديث يف هذا الشأن جاء من اهلل تعاىل بصيغة املثىن
6
ث ِش ـْئتُ َما َواَل َت ْقَربَ ــا َٰهـ ِذ ِه ال َّش ـ َجَر َة َفتَ ُكونَ ــا ِم َن ُك اجْلَنَّةَ فَكُاَل ِم ْن َحْي ُ َأنت َو َز ْوج َ آد ُم ا ْسـ ـ ُك ْن َ يف معظم اآلي ــات { َويَ ــا َ
ـال َمــا َن َها ُك َـمـا َربُّ ُك َمـا َع ْن َـه ِـذ ِه ال َّشـ َجر ِة ِإاَّل
ي َعْن ُه َمـا ِم ْن َسـ ْوآهِتِ َما َوقَ َ ِ ِ ِ ِِ
الظَّالم َ
َ ي هَلَُمـا َمـا ُوور َ س هَلَُمـا ال َّشـْيطَا ُن ليُْبـد َ ني َف َو ْسـ َو َ
ِ ِِ ِ ِ ِ
َّجَر َة ني ( )21فَ َـداَّل مُهَا بغ ُُرو ٍر َفلَ َّما َذاقَـا الشـ َ ين (َ )20وقَامَسَ ُه َما ِإيِّن لَ ُك َمـا لَم َن النَّاصـح َ ِ
َأ ْن تَ ُكونَا َملَ َكنْي َْأو تَ ُكونَا م َن اخْلَالِد َ
َأقُل لَ ُك َمـا ِإ َّن ان َعلَْي ِهمـا ِم ْن ور ِق اجْلَن َِّة ونَ َادامُهَـا ربُّ ُهمـا َأمَلْ َأْن َه ُكمـا َع ْن تِْل ُكمـا الشـ َ ِ ت هَل مـا سـوآتُهما وطَِف َقـا خَي ْ ِ
صـ َف ِ
َّجَرة َو ْ َ َ َ َ َ ََ َ بَ َـد ْ َُ َ ْ ُ َ َ
ني }()19 الشَّْيطَا َن لَ ُك َما َع ُد ٌّو ُمبِ ٌ
ث ِش ـْئتُ َما َواَل َت ْقَربَــا َٰـه ِذ ِه ال َّش ـ َجَر َة َفتَ ُكونَــا ِم َن الظَّالِ ِمينَــا، ُك اجْلَنَّةَ َو ُكاَل ِمْن َهــا َر َغـ ًـدا َحْي ُ
َأنت َو َز ْوج َ آد ُم ا ْس ـ ُك ْن َ " َو ُق ْلنَــا يَــا َ
ض ـ ُك ْم لَِب ْع ٍ ِِ مِم
ض ُم ْس ـَت َقٌّر َو َمتَــاعٌ ِإىَل ٰ ض َعـ ُـد ٌّو ۖ َولَ ُك ْم يِف ْ
اَأْلر ِ َأخَر َج ُه َـمـا َّا َكانَــا فيــه ۖ َو ُق ْلنَــا ْاهبِطُوا َب ْع ُ
فَ ََأزهَّلَُـمـا ال َّش ـْيطَا ُن َعْن َـهـا فَ ْ
ني "()20 ِح ٍ
واملالحــظ من اآليــات أعاله أن اخلطــاب مل يكن حلواء بــل كــان لكليهمــا ،فلم خص العقــاد حــواء باخلطيئــة دون آدم عليــه
السالم ،هذا ما نربر له يف املباحث املقبلة
املبحث الثاين
أخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالق املـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرأة
خيانة املرأة :
7
وصـ ــف املرأة بأهنا خائنـ ــة ختون من حتب ،ويصـ ــفها بعـ ــدم الوفـ ــاء من خالل قصـ ــته ( سـ ــارة ) حيث يقـ ــول على
لساهنا ( :امسع يافالن إنين ال أؤمن بصداقة املرأة للمرأة ،وال عزاء يل يف معاشــرة الصـديقات املزعومـات على اإلطالق ،
فـ ـ ــإن مل يكن إىل جـ ـ ـ ــانيب رجـ ـ ـ ــل أهابـ ـ ـ ــه ،وأحبـ ـ ـ ــه واعتمـ ـ ـ ــد على سـ ـ ـ ــنده ،فأنـ ـ ــا يف وحشـ ـ ــة اهلالكني ،وأنـ ـ ــا ضـ ـ ـ ــعيفة ...
ضــعيفة ...ضــعيفة ،الطاقــة يل على دفــع الغوايــة .......فمــا هــو إال موعــد أو موعــدان حــىت أحس كمــا حيس كــل رجــل
يفهم طباع املرأة اليت يهواها ،إهنا مل حتافظ على وفائها ،ومل حتفظ جسدها أيام الغياب ) ( )21
ومن هذا النص الذي ساقه العقـاد على لسـان حمبوبتـه سـارة ،نـدرك مـايرمي إليـه وهي أن املرأة خمادعـة غاويـة ،تفـىن
أمام من حتب لتومهه أنه املقصود بفنائها [،ويصورـ يف إحدى قصائده جتاهلها وخداعها له ....فيقول :
**********
**********
**********
[ وليس يف هــذه األبيــات مــا يشــري صــراحة إىل خــداعها أو ارتباطهــا بــه يف ســلوكها ،فعرَّب يف قصــيدة أخــرى ارتباطهــا
باخلداع ومدى مالزمتها له حىت صارت جزءاً من طبيعتها ؛ يقول يف قصيدة ( املرأة واخلداع ) ]:
8
ورياضةٌ للنفس حتييها هو سرتها وطالءُ زينتها
ختلص إىل أغلى غواليها ()23 خنها وال ختلص هلا أبداً
وقد أعجبـين رد د عبـداحلي ديـاب على األسـتاذ العقـاد يف مسـألة خـداع املرأة والـدعوة إىل خيانتهـا إذ قـال ديـاب :
« ولست أدري ما احلكمة يف الدعوة إىل خيانة املرأة ؟ هل خيانتها تؤدي حقيقة للوصول إىل قلبهـا ؟ أعتقـد عكس ذلــك
،وذلــك بأدلــة العقــاد نفســه ،إذ قــال لنــا فيمــا ســبق :إن املرأة أصــدق يف قــوانني األخالق فيمــا تــوحي بــه الفطــرة وأن كــل
امرأة يف هذه الشئون قادرة أن ترى الطري من مسرية األبد المن مسرية ثالثـة أيـام ،وإذا صـح كالم العقـاد – وهـو الشـك
وحينئذ تدعوها هذه املعرفة إىل اخلروج عن حد االعتدال ،حيث إن الوفاء حدٍ صحيح – فإهنا تعرف خيانات زوجها ،
– كما قال العقاد نفسه » ()24
من الصـفات الـيت تشـكل أخالق املرأة – كمـا يـرى العقـاد – التنـاقض ،والتنـاقض عنـده خلـة ال منـاص منهـا يف تكـوين
املرأة خاصــة ،ألهنا خلــة مالزمــة لألنوثــة يف الــزم لوازمهــا ،ومها :األمومــة واحلب بشــىت معانيــه ،فاللــذة واألمل نقيضــان يف
كل كائن حي ،لكن مها ميشيان سوياً يف أحساس املرأة فتجمــع بينهمــا اضــراراً من حيث تريــد ومن حيث ال تريــد إذ إن
أسعد ساعاهتا هي الساعة اليت تتحقق فيها أنوثتها اخلالدة وأمومتها املشتهاة ،وهي ساعة الوالدة ()25
ففي تلــك الســاعة يغمرهــا فــرح ال يوصــف إذ هي تنجب ذلــك املخلــوق احلي الــذي صــربت على محلــه حــىت أســلمته إىل
ال ــدنيا راض ــية مرض ــية ،ولكنه ــا م ــع ه ــذا هي أش ــد س ــاعات اآلالم واألوج ــاع يف جس ــد األم الط ــريح بني املوت واحلي ــاة .
فالنقيضان يف إحساسها يلتقيان ويتجاوران ،فيمتزجـان أحيانـاً فال ينفصـالن .ومن هنـا تراهـا يف غبطـة وهي تعـاين األمل ،
وتراها يف أمل وهي ختتلج بالسرور ()26
ويفسر لنا سر هذا التناقض بأن املرأة ُخلِقت يتنازعها إحساسان :إحساس العاشـقة والوالـدة ،فـإذا تنبـه فيهـا إحسـاس
العاشــقة ،رأيت فيهــا مرامــا بعيــداً وســرها أن يكــون مســتعلياً على خصــومه ،وإذا تنبــه فيهــا إحســاس األمومــة آثــرت الرفــق
وودت لو أن األرض كلها رخاء ( ) 27
9
مث إن العقاد يرى أن هناك حالتان تضاعفان ظهورـ التناقض عند النساء اال ومها
طبيعــة املراوغــة :يف تــراوغ وتــدلل ألن قيمتهــا موقوفــة على غريهــا أو معلقــة بنظــرة غريهــا إليهــا ...فهي حتب أن تعــرف
قيمتها ،وال تعرف قيمتها إال مبقدار ما تكلف الرجل من الصرب عليها واحتمال الدالة احملببـة منهـا والــدالل واملراوغــة نــوع
وهن الراغبات
من اإلباء ،أو نوع من املخالفة والعصيان ،وإغراء بتكرار الطلب وتكرار املمانعة ...يتمن َّْع َن َّ
طبيعــة االســتغراق يف الســاعة الــيت هي فيهــا ونســيان مــا قبلهــا ومــا بعــدها ،فيبلــغ العجب أشــده مبن يراقبهــا أن يراهــا تنتقــل
بني أطواره ــا كم ــا ينتق ــل املمث ــل بني أدواره وال خيل ــط بينه ــا وال يس ــتبقي من س ــوابقها بقي ــة يف تواليه ــا .فمن املش ــاهد أن
الرج ــل إذا قض ــى يوم ـاً أو أســبوعاً يف من ــاداة اس ــم من األمساء – ال س ــيما ن ــداء املفاجــأة – أخط ــأ فس ــبق ب ــه لس ــانه يف حمل ــة
أخرى اليود أن يذكره فيها ،بل لعلهـ يـود أن يكتمـه وال يـومئ إليـه .وقلمـا يشـاهد هـذا يف حمادثـات املرأة ولـو تالحقت
بني س ــاعة وس ــاعة ،ألن الس ــاعة ال ــيت هي فيه ــا تس ــتويل عليه ــا فال ي ــزل لس ــاهنا باإلش ــارة إىل غريه ــا ،ألهنا تس ــتعني هن ــا
بطبيعتني أصليتني فيها ،مها :طبيعة النفاق ،وطبيعة االستغراق ()28
الـذي عنــدي أن العقــاد قـد أصـاب يف احلاق صـفة التنــاقض بـاملرأة ،إذ البـد من التنـاقض يف طبـع األنــثى ألهنا شخصــية
حيــة خاضــعة للمــؤثرات الــيت تتناوهلا من عــدة جهــات ،فهي مســتجيبة لألثــر احلاضــر ،وقــد تبــدها اآلثــار احلاضــرة من كــل
صوب ال من صوب واحد
فاملرأة من جهة عضو يف بيئة اجتماعية هي :األمة أو املدينـة أو القبيلـة ،فهي هنـا زوجـة أو بنت أو أخت أو صـاحبة
عمل ،جتمعها بتلك البيئة االجتماعية صلة العرف والشريعة
واملرأة من جهة انثى هلا تركيب حيوي يربطها مبخلوق آخر ال يتم وجوده بغريه
واملرأة من جهة أخرى أم حتب أبنائها بالغريزة واإللفة ،وتصرب يف سبيلهم على مشـقات وآالم يؤدهـا الصـرب عليهـا يف غـري
هذا السبيل
وهي بعــد هــذا كلــه كــائن حي من حيث هي وليــدة احليــاة يف مجلتهــا أي ـاً كــان هــذا النــوع الــذي تنتمي إليــه ،واألمــة الــيت
تعيش بينها ،والعالقة اليت جتمعها بالزوج أو األهل أو البنني
وقد ختتلف عليها هذه الوجهات مجيعاً ،فال مفر هلا من التناقض معها ،ألن مقاصد الفرد املســتقبل واألنـثى املفتونــة واألم
اليت تنسى نفسها يف حناهنا ،والكائن االجتماعي الذي يرعى مطالب العرف والشريعة ،أو الكائن احلي الذي هتزه احلياة
هبذه النوازع كما يهزه مبا عداها -كل أولئك خيتلف ويتناقض الحمالة ،وال يتأتى التوفيق بينه إال يف الندرة العارضة
10
والرياء
املرأة ِّ
ومن صـ ــفات املرأة ال ــيت تش ــكل أخالقهـ ــا – عن ــد العق ــاد – الري ــاء ،ول ــه يف مس ــألة ري ــاء املرأة آراء قدمية ق ــدم كتابـ ــه
(اإلنس ــان الث ــاين) حيث ذهب في ــه إىل أن املرأة ُأش ــتُ ِهرت بالري ــاء ،وه ــو من عالم ــات ض ــعف الثق ــة ب ــالنفس ،فتتظ ــاهر مبا
يروق للناس ويوافق آرائهم ارتياباً منها يف نفسها واستصغاراً لرأيها
فالعقاد يرى أن األداة البالغة من أدوات اإلغواء واإلغراء هي قدرة املرأة على الرياء والتظاهر بغري ما ختفيــه ،فهــذه اخلصــلة
قد تسمو فيها حىت تبلغ رتبة الصرب اجلميـل والقـدرة على ضـبط الشـعور ومغالبـة األهـواء ،وقـد تسـفل حـىت تعافهـا النفـوس
كما تعاف أقبح اخلصال والنفاق ،وقد أعانتها عليها روافد شىت من صميم طبيعة األنوثة
فمن أسباب القدرةـ على الرياء أن املرأة قد ريضـتـ زمنـاً على إخفـاء حبهــا وبغضـها ،ألهنا ختفي احلب أنفـة من املفاحتة بــه
والس ــبق إلي ــه ،وهي ال ــيت ُخلِقت لتتمن ــع وهي راغب ــة ،وختفي البغض ألهنا حمتاج ــة إىل املداراة كاحتي ــاج ك ــل ض ــعيف إىل
مداراة األقوياء
ومن أسباب القدرة على الرياء أو القدرة على ضبط الشعور –كما حتلـو تسـميتها لـه – أن مغالبـة اآلالم قـد عودهتا مغالبـة
اخلواجل النفسية مادامت يف غىن عن مطاوعتها والكشف عنها
أحلق العقــاد بــاملرأة صــفات هي بريئــة منهــا يف كثــري من األحيــان ،فيجردهــا من صــفة ُجبلت عليهــا منــذ األزل أال
وهي ( صــفة احليــاء ) ،يقــول العقــاد « :من ضــالل الفهم أن خيطــر على البــال أن احليــاء صــفة أنثويــة ،وأن النســاء أشــد
اســتحياء من الرجــال ،والواقــع أن املرأة ال تعــرف احليــاء مبعــزل عن تلــك الغريــزة العامــة ،وأن الرجــال يســتحون حيث ال
تســتحي النســاء ،فيســترتون يف احلمامــات العامــة ،وال تســترت املرأة مــع املرأة إال لعيب جســدي تواريــه ...وال تســرت املرأة
للفطرة شيئاً ميكنها أن تبديه ،إذا كان يف عرضه جملبة للنظر واالستحسان » ( )29
وحقيقــة األمــر أن هنــاك فئــة من النســاء من هــذا النــوع ،وقــد تكــون هــذه الفئــة ممن عــرفهن العقــاد ،ولكن ليس معــىن
هذا أن يعمم العقاد حكمه على مجيع النساء ،ألن لكل قاعدة شواذ
ويــرى العقــاد أن املرأة جاهلــة مســتبدة ،وحــىت النظافــة الــيت جبلت عليهــا منــذ زمن بعيــد – جيردهــا منهــا ،ويــرى أن املرأة
تتنظف بإيعاز من الرجل وإلرضائه)30(،
11
وال يتواىن العقاد من إحلاق الصفات املرذولة باملرأة ،فها هو ذا جيردها من الشجاعة ،وهو بذلك خيالف بعض ما عرفت
به النساء يف الواقع من ذلك أن بعض النساء متتعن بشجاعة وقــوة إرادة فــاقت الرجـال ،وإن كـانت السـمة الغالبــة عليهن
االحج ــام ،مما جع ــل الرج ــل – ال ــذي بفطرت ــه ،حب الس ــيطرة – حيظ ــر عليه ــا م ــا حباه ــا اهلل ب ــه ،ويناديه ــا ب ــالرجوع عن
رأيها ،وجيعلها قابعة يف املنزل ،وإذا أرادت اخلروج عن هذه الدائرة الضيقة ظن هبا الظنون .
مث يص ــف العق ــاد املرأة بأهنا ض ــعيفة ،وعن ــد العق ــاد أن الول ــع ب ــاملمنوع والعن ــاد خالص ــة طب ــائع املرأة ال ــيت تنمي إىل
أس ــباب كثــرية ال تنحص ــر يف س ــبب واحــد ،ولكن الســبب األكــرب أهنا تُؤمر وتُنهى ،وأهنا تُؤمر وتنهى ألهنا أضــعف من
آمرهـا وناهيهـا ،والتـزال معـه أبـدًأ بني لـذة اخلضـوع ولـذة العصـيان ،ولعلهـا ال تعصـي إال لتعـود كـرة أخـرى إىل خضـوع
أعمق وأشهى من خضــوع البدايــة وال تولــع املرأة بـاملمنوع ألهنا حمكومــة وكفى ،أو ألهنا حمكومـة لضــعفها واعتمادهــا على
من مينعه ــا ،ب ــل هي تول ــع ب ــاملمنوع ألهنا تت ــدلل وألهنا تس ــئ الظن وألهنا تعان ــد ،وألهنا جته ــل وتس ــتطلع ،وألهنا موهون ــة
اإلرادة ال تطيــق الصــرب على حمنــة الغوايــة واالمتنــاع .وكــل أولئــك عنــوان خلصــلة أخــرى من ورائهــا ،هي خصــلة الضــعفـ
األصيل ())31
وإن العطف الذي تُعامل به إمنا هو ناتج عن ضعفها ،وعندي أن هذا الرأي فيه الكثري من التعســف ،وإن نــادت الشــرائع
اإلسالمية حبسن معاملتهـاـ للمـرأة فهـذا ال يعـين التقليـل من شـأهنا أو أهنا ضـعيفة -كمـا يـزعم العقـاد بـل على العكس فهـو
ع ــزة هلا وكرام ــة ،فاهلل س ــبحانه وتع ــاىل يق ــدرها ح ــق تق ــدير فق ــد أك ــد اإلس ــالم على دور املرأة يف احلروب ومش ــاركتها
للرجل يف ذلك مبا يتالءم مع طبيعتها؛ فاملرأة تستطيع مشاركة الرجل يف املعارك من خالل االعتناء باجلرحى والعناية هبم،
سجل التاريخ مشاركة بعض النساء يف املعارك من خالل القتال كما فعلتـ نسيبة بنت كعب املازنية الــيت زادت عن
كما ّ
رســول اهلل عليــه الصــالة والســالم يــوم معركــة أحــد .ومن مظــاهر تكــرمي اإلســالم كــذلك للمــرأة أن أ ّكــد على حقهــا يف
التعليم؛ سواءً كان بتحصيل العلم أو تعليم الناس ،ومثال على ذلك السـيدة عائشـة رضـي اهلل عنهـا الـيت كـانت تعلم النـاس
علوم الفقه والشريعة رضي اهلل عنها وأرضاه ،فاملرأة إذن صانعة األجيال وملهمةـ الرجال
ويس ــتطرد ش ــاعرنا يف وص ــفه للم ــرأة ،حيث يلح ــق هبا ص ــفة العن ــاد ،فهي عني ــدة تفع ــل م ــا تُنهى عن ــه وتنتهي عن
مــاتؤمر بــه ،وهي تغــري الرجــل ،وعنــده أن كــل ولــع كــامن يف املرأة يظهــر يف الولــع بــاملمنوع ( ، )32مســتنداً يف ذلــك
على قول الشاعر اجلاهلي ( طفيل الغنوي )
مأكول
ُ املر
وبعض ِّ
ُ املرار
منها ُ إن النساءَ كأشجا ٍر َ
نبنت معاً َّ
مفعول
ُ واجب ال بد
ٌ فإنَّه ينهني عن ُخ ٍلق
إن النساء مىت َ
12
ونـ ــراه يع ـ ــزي س ـ ــبب عناده ـ ــا إىل أهنا حمكوم ـ ــة ؛ وأن من دأب احملك ـ ــوم أن حين إىل التمـ ــرد واملخالفـ ــة ،ويتلـ ــذذ العص ـ ــيان
للمسيطرين عليه ؛ حىت يثبت وجوده .والذي عندي أن مترد احملكوم على حاكمه صفة تشمل الرجال والنســاء على حـ ٍـد
سواء ال النساء فقط كما يقول العقاد
ويذهب العقاد إىل املقارنـة بني املرأة والرجـل يف كثـري من األمـور ،ففي مسـألة اإلجـرام مثالً ،يقـول األسـتاذ :
إن املرأة ليس ــت بأس ــلم جانبـ ـاً من الرج ــل يف ه ــذا اجلانب ،ألهنا أمي ــل من ــه إىل الش ــحناء والش ــجار ،ولق ـدـ أغناه ــا عن أن
13
تكــون جمرمــة بنفســها أهنا جترم بيــد الرجــل ،ألن أكــثر اجلرائم إمنا يقــع بســببها وألجلهــا ،فهي تــدرك مــا تشــاء من اجلرمية
دون أن تتحمل تبعاهتا ،وقلما تقع مصيبة أو كارثة – يف رأي العقاد – إال وكانت وراءها امــرأة ،فهي وإن كــانت أقــل
من الرجل عبثاً فليس أقل منه خطايا وآثام ()33
واملرأة وإن أجرمت ،إال إن إجرامها يف الواقع دون إجرام الرجـل ،وليس هنـاك أدىن مقارنـة بني نسـبة إجـرام الرجـل
وإجرام املرأة ،أياً كان السبب يف ذلك .ومن الغريب أن العقـاد جيعـل املرأة جترم بيـد الرجـل .وال يفعـل الرجـل ذلـك إال
إذا وصل به الضعف أمامها حبيث ال ميلك نفسه فتشكله املرأة على حسب هواها ،فتجعله جمرماً !!
هذا ،ويستمر العقاد يف ربطه بني املرأة والرجل يف كل شيء كأهنا كلبه األمني ،فهي عنده ال تستطيع أن تؤدي يف
حياهتا أبســط األدوار الــيت يقــوم هبا الرجــل ،مث يقــول جميبـاً على من يعــزون ســبب تفــوق الرجــل على املرأة بــأن املرأة كــان
حمجور عليها يف القرون املاضية – يقــول :إن احلجـر نفســه دليـل على التفـوق ،مث يســتطرد أن املرأة مل يكن حمجـور عليهــا
يف طبخ الطعــام بــل زاولتــه قبــل الرجــل بــألوف الســنني ،ولكنــه تفــوق عليهــا ،كــذلك احلال يف اســتعمال أدوات الزينــة ،
حيث إن املرأة تلجــأ إىل الرجــل يف أفــانني الــتزيني ) ( )34يقــول يف ذلــك " :فــاملرأة ال تبتــدئ وال تبتــدع يف صــناعة من
الصـناعات أو فن من الفنــون ،وإن طــال عملهــا فيــه وانقطعت لـه أحقابـاً بعـد أحقــاب .فـإن شـاركها الرجـل يف الطهي أو
اخلياطــة أو النســيج أو الــتزيني أو التجميــل – وهي صــانعتها الــيت غــربت على مزاولتهــا مئــات األحقــاب – كــان لــه الســبق
بالتجويد واالفتتان ،واستطاع يف هذه الصناعات نفسها أن يستأثر بإقبال املرأة وثقتها دون أن ينافسـه فيهـا من النسـاء" .
()35
مث يستطرد العقاد يف مقارنته بني مقدرةـ املرأة ومقدرةـ الرجل يف شىت اجملاالت إذ يقول :وال ينكشف قصور املرأة وتفوق
الرجــل عليهــا يف فن من الفنــون ،كمــا ينكشــف يف فن الغنــاء واملوســيقى على اإلمجال ،فقــد ظُ َّن خطــأ أن الغنــاء صــناعة
نســائية ينبغي أن حتذقها املرأة كمــا حيذقها الرجــل أو تــرىب عليــه ،وقــد ســنحت هلا فــرص احلذق واالتقــان يف هــذا الفن بني
القصـ ــورـ ويف األكـ ــواخ واألسـ ــواق ،فلم يـ ــؤثر هلا ابتكـ ــار يف التلحني وال اخـ ــرتاع يف اآلالت وال افتنـ ــان يف معـ ــاين التعبـ ــري
باألحلان واألصوات ،إذ الواقع أن االبتداء بالغناء خاصة من خواص الرجل المعىن لتفوق النساء فيها ()36
وقد أعجبين جداً تربير العقاد لتفوق الرجال على النساء يف مسألة الغناء ألنه فعال " كل ميسر ملاخلق لـه" يقـول " :وهلذا
يستويف صوت الرجل مناءه بعد البلوغ ويعظم جتويف صدره وتكمل أوتار حنجرته وتتم له عــدة املخــارج الصــوتية حينمــا
تتم ل ــه مقوم ــات الرجول ــة وممتلكاهتا ...وينعكس األم ــر إذا ُسـ ـلب ه ــذه املقوم ــات وامللك ــات ،فتض ــعفـ حنجرت ــه وتض ــيق
كتفــاه ويشــتبه صــوته بأصــوات النســاء واألطفــال ،وقلمــا يظهــر التغيــري على خمارج املرأة الصــوتية بعــد املراهقــة أو بلوغهــا
مبلغ النساء ()37
14
وخالفـاً ملا ذهب إليــه العقــاد ؛ مل يكن عــدم تفــوق املرأة على الرجل قصــوراً منهــا ،ولكن األهليــة الــيت وضــعها اهلل
لك ــل من اجلنس ــني ختتل ــف وظيفته ــا حس ــب ك ــل جنس ،فتف ــوق الرج ــل فيم ــا يناس ــب طبيعت ــه ،بينم ــا تف ــوقت املرأة فيم ــا
يناســبها ،فلــو قــام الرجـل مثالً فـادعى أنــه يسـتطيع أن يـزاحم املرأة يف احلمـل والــوالدة والرضــاع ،لقــام يف وجهــه مكـذب
من تركيب اجلسم ونظام أجهزته وأعضائه
وال يفــوت أســتاذنا العقــاد أن يطــرق بــاب املرأة كعاملــة وأديبــة وينكــر براعتهــا يف األدب ويف شــعر املراثي على وجــه
اخلصوص ،فعنده أن املرأة منذ القدم كانت تنوح وتبكي وتطيل الرثاء واحلداد وترثي موتاهــا ،لكن مـع ذلـك مل جند يف
اآلداب العامليــة مرثيــة من نظم شــاعرة تضــارع مــراثي الفحــول من الشــعراء ،الــذين مل ينقطعــوا للرثــاء ومل ينظمــوا فيــه إال
عرضـاً .والــذي عنــدي أن الشــاعرة الــيت فــاقت الرجــال يف شــعر املراثي موجــودة ،وليس لنــا أن هنضــمها حقهــا ،أال وهي
اخلنساء .
وهو وإن أنكر براعة املرأة يف األدب والفنون فإن قرحيته أوحت له أن يكتب عن أم كلثوم قائالً :
واليفوتين يف ختام هذا املبحث أن اسرد نصاً ألحد بنات حواء الذي اعتربه العقاد غروراً لكين أراه عني الصواب ،يقــول
":ليس إال غرور كغرور بنت حواء يزين هلا أن تقول للرجل :أنا ربة اجلمال وصاحبة القوة فوق اجلمال ،أسعى ســعيك
وأدأب دأبك وليس هذا كل ماعندي ،بل إنك لتعمل والعائق لك يثنيك عما أنت آخذ فيه ،أما أنا فأعمـل كمـا تعمـل
يف حني أهنض بأعبــاء احلمــل والوضــع واحلضــانة والرتبيــة ،فأغــالب عامــل التعب واألمل وأنت تنــوء بواحـ ٍـد منهــا ،والأراين
وأشد جلداً وأمجل منظراً َّ
وأحد ذكاءً قانعة بأن أكون مثلك ،فإين ألصلب منك عوداً َّ
املبحث الرابع
15
هــذا ،وبعد العــرض الســريع للصــفات الــيت أحلقهــا العقــاد بــاملرأة من خالل أدبــه ،البــد يل من وقفــة ســريعة مــع نســاء
ع ــرفهن العق ــاد وارتب ــط هبن يف حيات ــه .ففي قص ــته ( س ــارة) ،جتد أن حمبوب ــة العق ــاد س ــارة مل تكن تع ــرف للحي ــاء س ــبيالً
شـغلتها جــواذب اجلسـد قبــل أن تفقـه معناهــا وتســمع بامسها ومســماها ،فلمـا كـانت بنيَّة دارجــة يف املدرســة ذهبت يومـاً
إىل كرســي االعــرتاف تســتغفر الكــاهن عن خمالفــة وصــية من الوصــايا العشــر الــيت حفظتهــا وتتــوب عن مغارفــة اخلطيئــة الــيت
دعوها يف املدرسة ( متعة أو ترفاً ) – على سبيل الكناية ،فذعر الكاهن ومل يصدق ما يسمع ،واستعادها مـرة بعـد مـرة
.....مــاذا ؟؟؟ فيمــا دون العاشــرة وبني جــدران املدرســة ليس فيهــا إال البنــات والتــزال بنيَّة مل يكعب ثــدياها وتغــرتف أم
اخلطايا اليت يغرتفها النساء والرجال؟ ()39
هــذه هي ســارة إحــدى النســاء الاليت عــرفهن العقــاد ،عــرفت طريقهــا للخطيئــة وهي طفلــة مل تتجــاوز العاشــرة ،والعقــاد
نفس ــه ي ــذكر لن ــا أهنا ك ــانت ت ــزوره دون تكل ــف وتص ــحبه أينم ــا أراد ،دون أن تلتفت إىل الع ــرف واملب ــادئ واألخالق ،
وتذهب هبا اجلرأة أن تعرتف بأن عالقتهــا بالعقـاد مل تكن األوىل ،وتعــرتف بال خجـل بإمياهنا بصـداقة الرجـال دون النســاء
وخلوهتم هبا هنا وهناك ()40
فالعقــاد معــذورـ إن وصــفها بالشــذوذـ والتخلي عن القيم واملبــادئ ،فهي وثنيــة بكــل املقــاييس ،ومعــذورـ أيض ـاً إن
وصــفها بكــل الصــفات الدنيئــة الــيت تتمثــل فيهــا وتتجســد يف شخصــها ،فهــا هــو ذا يقــول عنهــا " :هي من ذوات املالمح
والوجوه اللوايت اليطالعنك مبنظر واحد يف حمضرين متتاليني – تراهـا مـرة فـأنت مـع طفلـةـ الهيـة ،تفتح عينيهـا الربيئـتني يف
دهشة الطفولة و سذاجة الفطرة بغري كلفة وال رياء ،وتراها بعد حني – وقد تراهـا يف يومهـا – فـأنت مـع عجـوز مـاكرة
أفنت حياهتا يف م ــرامي كي ــد النس ــاء وده ــاء الرج ــال ،تض ــحك ض ــحكة فتع ــرض ل ــك وجه ـاً ال يص ــلح لغ ــري الش ــهوات ،
وضحكة أخرى – وقد تكون على إثر األوىل – فذاك عقل يضحك ولب يسخر " ()41
إذن كيف للعقاد أن يعيب على املرأة التناقض ،وقد استوىل قلبه على امرأة هبذه الصفات املتناقضة؟؟؟
وكــل نســاء العقــاد الاليت عــرفهن مل خيرجن من هــذا املســار ،فهن شــبيهات ( بســارة ) وإن كــان لبعضــهمـ بقيــة من حيــاء
مثل (مي زيادة ) و( هدية الكروان ) ،
لكن الذي اليُعقـل أن جيعـل العقـاد هـؤالء النسـوة مثـاالً لكـل نسـاء العـامل فيصـدر احلكم عليهن بالسـلوك السـافل
الدنئ ،مث إن العقاد نفسه يدرك مكانتهن جيداً ،لذلك وجدناه يصف إحدى حمبوباته (املمثلة) بقوله
16
مل ختطري يل ببال لوكان فيك بقائي
هنت واهلل ِ
هنت قد ِ
حىت يقال ِ
جننت
هنت واهلل ِ
هنت ()42 قد ِ
فهــذه املمثلــة خائنــة ولــوع بامللــذات ال حتفــظ جســدها أيــام الغيــاب ومــادامت تلــك صــفاهتا فحــري بالعقــاد أن يصــفها
بكل الصفات السابقة الذكر ،ولكن ليس من حقـه أن يعمم هـذه الصـفات على مجيـع النسـاء ،إذن هـذه هي املمثلـة كمـا
عرفها العقاد غادرة غاوية ،ويقول فيها أيضاً
**********
واملالحظــة اجلديرة بالــذكر أعاله قولــة ( وآه من حلــف النســاء ) إذ كــان األجــدر أن يقــول ( حلفــك يامسراء ) بــدالً
من ( حلف النساء ) – ألن املمثلة كانت تدعى السمراء ،لكنه العقاد يأخذ صفات حمبوباته فيجعلها قاعدة عامة تشــمل
مجيع النساء
ويكفي هنا ندحض تعميم آراء العقاد على املرأة بأن نذكره مبحبوبته ( صاحبة الكــروان ) -اجلدير بالــذكر أن العقــاد
ترجم حبه هلذه الفتاة يف ديوان أمساه (هدية الكروان )-كيــف وصــف بنفسـه قداســتها و عفتهـا وطهرهـا واعتـداهلا ووفائهــا
()43فبعد أن مألت تلك احملبوبة حياة العقـاد هبجـة وضـياء ،وأخـذت حتتـل من قلبـه الكبـري املكـان الـذي كـانت تـرتبع فيـه
ســارة ،فجــأة يهــدد هــذا اهليــام – ســفر تلــك احملبوبــة إىل الصــعيد يف زيــارة لبعض أهلهــا ،فكــانت خالل غياهبا وفيــة حلبهــا
تراسل حمبوهبا وتفقده ()45
فالعقاد جنده رغم وفاء حمبوبته هذه يصفها باخليانة وعدم الوفاء
أال يكون حفظ هذه احملبوبة لعهده حىت يف غياهبا عنه ومراسلتها له أثناء البعد –أاليكـون ذلــك دليالً على وفائهــا ،فلمــاذا
يــاترى جرده ــا من ه ــذه الصــفة ،رمبا ألهنا من النــوع املعتــدل الــذي يعطي بقــدر على خالف حمبوبتــه ســارة وال ــيت كــانت
ولوعاً بامللذات
كمــا نــذكره ب ـ (مي زيــادة) الــيت هي واحــدة ممن عشــقهن وهــام هبن كيــف كــانت عفيفــة طــاهرة شــريفة بعيــدة عن اللهــو
واالغــواء وكــانت إذا غازهلا العقــاد جمرد مغازلـةـ – تــومي لــه بأصــبعها كاملنــذرة املتوعــدة ( )46فيبــدو أن مي لعبت أخطــر
دور يف حياة العقاد ،ألهنا أعطته من السعادة ما مل يكن خيطر له على بال ،ولكنها وقفت أمامه نِداً لند وناوأت رجولتــه
وسطوته وكربيائه ،وصدمت أحالم العقاد بفرديتها واستغالهلا وشباهبا املتأنق املدرك ألصول العالقات ()47
18
فالعقاد إذن أصبح حمباً ل ـ ـ ـ ـ (مي ) بكـل مـايف الكلمـة من مع ٍ
ـان وموحيـات ،وإذا مـا أحب العقـاد فالبـد من أن يكـون حلبـه
مثرة تطفي غليله الذي احرتق به قلبه وتتنزه هبا أحاسيسه ،ومن هنا نراه يتلهف لتقبيـل يـد حبيبتــه ،ويعـد منعهــا لـه غضـباً
أو دالالً أو خوفاً من الرقيب ،فيقول:
ويــزداد تلهــف العقــاد على أن يقطــف الفاكهــة احملرمــة ،فهــو ال يرضــى من حمبوبتــه أن يكــون احلب طــاهراً فقــط ،
(كيف ال وهي وعيناها حتريان مبا فيهما من شعاع وأنفهـا الـذي جيمـل تقاسـيم وجهـه ،الـذي حيتـل فيـه الفم الـوردي عطـر
أنوثتهــا وبســمة فمهــا ) ( )49بــل يريــد منهــا أن متأل قلبــه بــاحلب الطــاهر واحلب امللتهب املتقــد ،ولكن ممن يريــد العقــاد أن
خيطــف تلــك الفاكهــة؟ من مي زيــادة الــيت ُخلقت راهبــة يف ديــر –على حــد تعبــري العقــاد نفســه ( - )50أمن هــذه يريــد أن
خيطف الفاكهة كال وألف كال ،بل إهنا إذا تعدى حدوده نصبت من نفسها معلمة لـه وأشـارت لـه ليقـف عنـد حـدوده (
)51
هذه هي مي نراها تقف للعقـاد بكـل قـوة وصـرامة تقـف لـه كاملنـذرة املتوعـدة ،أوال يكفي هـذا بـأن يكـون دليالً على قـوة
املرأة ال ضعفها ؟!
وبعـ ــد كـ ــل ه ـ ــذه الص ـ ــفات ال ـ ــيت احلقهـ ــا العقـ ــاد بـ ــاملرأة وأغض ـ ــبها هبا ،يرجـ ــع لينصـ ــفها حقهـ ــا ،يف رده على
(أوتــووبتجر) األملاين الــذي وصــف املرأة بالقســاوة وبالدة احلس مســتنداً على ذلــك بأهنا تســتطيع أن ترافــق املرضــى وتصــرب
على خدم ــة املص ــابني .يق ــول العق ــاد ( :وأوىل ذل ــك عن ــدي أن يك ــون دليالً على االس ــتغراق يف عاطف ــة الرمحة ال اخلل ــو
منها ...إىل أن يقول :إن الشفقة إذا جلت بصاحبها فقد ينسى أمل املعذب الذي حرك شفقته حباً إلنقاذه وختفيــف أمله ،
وقذ يصرب على رؤيته يف أشد ساعات األمل واحلزن) ()52
ومما يعضد دفاع العقاد عن املرأة رده على علقمة بن عبدة يف أبياته اليت يقول فيها
19
وفــوق كــل هــذا وذاك جنده صــاحب رأي خــاص يف مســألة نــزول املرأة إىل ميــدان العمــل ،حيث إنــه ال ميانع يف شــغل
املرأة -فهذا حق من حقوقها – لكنه الشغل الذي يتفق واستعدادها الطبيعي لرعاية البيت واألمومة( )54
طويلــة هي قصــة العقــاد مــع املرأة ،ولعل ـهـ خلصــها لنــا يف ســطور ضــمنها قصــته الوحيــدة ( ســارة ) حني قــال ( :حــواء
أخرجت الرجـل من جنـة وبناهتا كـل يـوم خُيْـ ِرجن من جنـات ...فهـل املرأة ضـرة اجلنـة تغـار منهـا غـرية الضـرائر ؟ النـدري
ولكنها هي املرأة أبداً التريد للرجل أن ينعم بغري نعيمها أو يسعد بغــري سـعادهتا ،وليس يعنيهـا أن تفـرح معـه كمــا يعنيهـا
أن تكون سبب فرحه وينبوع سعادته دون كل ينبـوع ،رمبا أرضـاها أن تكـون سـبب أمله وأملهـا ،ومل يرضـها أن تشـاركه
السعادة الوافية ،إن كان للسعادة سبب سواها ( )55
ومجلــة مــا ميكن أن يقــال عن املرأة :إهنا تريــد يف كــل احلاالت أن تكــون شــغل الرجــل الشــاغل وقــد كــانت من واقــع
أدب العقــاد ...فهــو إن وصــفها بتلــك الصــفات ففي نظــره هي الــدنيا بكــل حماســنها ،هي الــدنيا بكــل مــا تزخــر من مجال
وقبح وفرح وحزن هي الدنيا ..يقول :
ِ
انت هي الدنيا فهل من مزيد ؟ ماذا من الدنيا – لعمري – أريد
وأجنـ ـ ــم زه ـ ـ ــر وأفق بعيد فيك لنا نــور ونـ ــار معا
وجوهـ ــر ح ـ ـ ــر و در نضي ــد وفيـك روض مسف ـ ــر عاط ـ ــر
بنش ـ ــوة منك مت ـ ـ ـ ــاع زهيد ونشــوة اخلمــر إذا قُوبلـ ــت
وعلى كل فالعقاد أحب املرأة ،ومهما يقسو عليها فسرعان ما يعود ليربر تلك القسوة
**********
20
كلما شئيت اكذبيين اكذبيين واكذبيين
بعد هذا العرض السريع آلراء العقـاد حـول املرأة ،نقـول :إذا كـان العقـاد قـد هـاجم املرأة بقسـوة يف كتبـه ومقاالتـه ،حـىت
حاول أن يسلبها أخص صفاهتا حني قال ( :تضحيات األمومة تتساوى فيها مع بعض إناث احليوان وليست فضالً هلا أو
فضيلة) ( )58فإن هـذا املوقـف يتالشـى متامـاً يف شـعره وإذا بـه يعتـذر إليهـا ويتحمـل قسـوهتا وتـدللها ويسـمح لنفسـه وهـو
الشامخ املعتز بكرامته أن يقبل يديها اللتني جترحانه
ونقول أيضاً :سواء اهاجم العقاد املرأة أو هادهنا فقد دان هلا وجاش بالدمعـ وما ارتوى يقول:
وحان التنائي جشت بالدمع باكيا وملا تقضى الليل إال أقـلـ ــه
**********
21
وعن ــدي أن ليس للم ــرأة أن تغض ــب من العق ــاد ،ب ــل عليه ــا أن تك ــربه ألن ــه وق ــف إىل جانبه ــا يف الع ــام ، 1912
فنادى بتعليمها تعليماً عاماً ال نسوياً ،صاعداً هبا إاىل األفق األعلى من الثقافة اإلنسانية الرحبة
مجعت هذه الورقة بالوصـف والتحليـل آراء العقـاد يف املرأة ،وتعميمـه املغـايل فيمـا وصـفهن بـه من صـفات رذيلـة :
كالريــاء واخليانــة وعــدم الوفــاء ،...معتمــداً فيمــا ذهب إليــه أن من بني النســاء الاليت عــرفهن العقــاد من ال يعــرفن للحيــاء
ليعممـ آراءه على كل النساء .
سبيالً ،ومنهن الضعيفةـ املتخاذلة اليت ال سند هلا سوى الرجل ؛ فكان ذلك مدعاة له ِّ
النتائ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــج
من خالل هذا العرض توصلت الدراسة إىل النتائج التالية
-1إن العقـ ــاد يف عالقتـ ــه بـ ــاملرأة مل يهتم بالصـ ــفات اجلسـ ــدية والتشـ ــبيهات احلسـ ــية ،بـ ــل كـ ــان جـ ــل اهتمامـ ــه بالصـ ــفات
الروحية ،حيث جلأ إىل الروح يكشف مجاهلا
-2العقاد أحب املرأة بكل نبض من نبضات قلبه ،وكان احلب الشريف الطاهر عنــده (احلب الفــردي) ،فكــان اليرضــى
أن تكــون املرأة مشــاعة بني الرجــال ،وإذا أحب املرأة واكتشــف أن هلا عالقــة برجــل غــريه – تركهــا ،وهــذا مــا فعلــه مــع
بعض حمبوباته ،فوصفهن باخليانة
-3إن تعميم العقــاد آلرائــه حــول املرأة على مجيــع النســاء كــان مبني ـاً أساس ـاً على أن نوعيــة النســاء الاليت عــرفهن كن من
هذا القبيل
التوصيات :
فيما يتعلق مبوضوع املرأة يف أدب العقاد نوصي باآليت
-1دراسة فلسفة اجلمال عند العقاد
-2وميكن إفراد دراسة مستقلة لفلسفة احلب عنده ومقارنة ذلك بالصفات اليت أحلقها باملرأة
-3كمــا نوصــي بــإفراد دراســة خاصــة ملن عــرفهن العقــاد – كــل على حــدة –ودراســة صــفات هــؤالء النســوة ملعرفــة مــا إذا
كان العقاد حمقا
22
اهلوامـ ـ ــش
23
-27العقاد – مطالعات يف الكتب واحلياة –دار املعارف -الطبعة الثالثة – – 1966 ، 1386ص149
-28هذه الشجرة ،ص 63
-29عباس حممود العقاد – هذه الشجرة –دار هنضة مصر للطباعة والنشر – 2008الطبعة -4ص6
-30عباس حممود العقاد – مراجعات يف األدب والفنون –املكتبة العصرية – -1966الطبعة - 1ص255
-31هذه الشجرة ،ص 6
-32د عبداحلي دياب – املرأة يف حياة العقاد –الناشر القاهرة – دار الشعب - 1968 -ص 338
-33العقاد – بني الكتب والناس –الطبعة الثانية – دار املعارف – 1985 -ص53
-34السابق – ص 54
-35هذه الشجرة، ،ص 41
-36السابق ،ص42
-37السابق ،الصفحة نفسها
-38العقاد – بعد األعاصري –ص 816
-39العقاد -سارة – الطبعة الثالثة – دار املعارف -ص 84
-40السابق -ص 85وما بعدها
-41السابق ،ص 99
-42مخسة دواوين للعقاد – أعاصري مغرب – ص 135
-43مخسة دواوين للعقاد – أعاصري مغرب – ص127
-44ديوان العقاد – بعد األعاصري – ص 778
-45العقاد -هديه الكروان –الطبعة – 1دار العودة للنشر - 1982 -ص 54وما بعدها
-46عـامر العقـاد –غراميـات العقــاد–الطبعـة األوىل – -1971دار الثقافــة العربيــة – مصــر -ص 58ومابعـدها و املرأة
يف حياة العقاد – د عبداحلي دياب – ص86
-47املرأة يف حياة العقاد ،ص 133
-48ديوان العقاد ،اجمللد األول ،ص 312
-49دواد سكاكيين ،مي زيادة يف حياهتا وآثارها ،دار املعارف ،ص 34
-50راجع سارة ،ص 144
-51املرأة يف حياة العقاد ،ص 86
24
-55سارة –ص 128
-56ديوان العقاد – ج – 4أشجان الليل – دار هنضة مصر للطباعة والنشر ص 303
-57مخسة دواوين – العقاد – أعاصري مغرب – ص117
-58أمحد عبد السالم ضيف – مع عباس حممود العقاد -الطبعة اخلامسة – دار املعارف – -1988ص 152
-59أشجان الليل –ص 302
25