Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 22

‫السداسي الثالث‬

‫محاضرات حضورية في مادة النشاط اإلداري‬


‫د‪ .‬محمد يحيا‬

‫المحاضرة األولى و الثانية‬


‫تقديم عام‪ ..............................................................................................‬من الصفحة ‪ 2‬إلى ‪3‬‬
‫المحاضرة الثانية و الثالثة و الرابعة و الخامسة‬
‫المحور األول ‪ :‬القرارات اإلدارية‪ ...............................................................‬من الصفحة ‪ 4‬إلى الصفحة ‪8‬‬
‫المحاضرة السادسة و السابعة‬
‫المحور الثاني ‪ :‬العقود اإلدارية‪ ............................................................‬من الصفحة ‪ 9‬إلى الصفحة ‪12‬‬
‫المحاضرة السابعة والثامنة‬
‫المحور الثالث ‪ :‬الشرطة اإلدارية‪ ...........................................................‬من الصفحة ‪ 13‬إلى الصفحة ‪15‬‬
‫المحاضرة التاسعة و العاشرة‬
‫المحور الرابع ‪ :‬المرافق العامة‪ ............................................................‬من الصفحة ‪ 16‬إلى الصفحة ‪22‬‬

‫‪1‬‬
‫‪13 /09 / 2019‬‬ ‫المحاضرة األولى‬

‫مدخل عام‬
‫يهتم النشاط اإلداري بنشاط اإلدارة في مختلف مظاهره‪ ،‬فهو يهتم أساسا بإختصاصات اإلدارة و إمتيازاتها التي تنحصر في مهمة‬
‫الشرطة اإلدارية و المرافق العمومية إلشباع الحاجيات العامة لألفراد و السهر على تحقيق رغباتهم‪.‬‬
‫الشخصية المعنوية ‪:‬‬
‫يعتبر النشاط اإلداري جزءا من النظرية العامة للقانون اإلداري ‪ ،‬و هو جزء ال يتجزأ من القانون العام الداخلي إلى جانب قانون‬
‫المالية‪ ،‬و في القانون العام ال يمكن ألي عمل قانوني أن ينعقد في ظل غياب الشخصية المعنوية ألن العمل اإلداري هو عمل‬
‫متطور‪.‬‬
‫غايات العمل اإلداري ‪:‬‬
‫تدبير المرافق العمومية ‪ /‬الضبط اإلداري ( الشرطة اإلدارية )‪.‬‬
‫توجد اإلدارة في القانون الدستوري على ثالث حاالت‪ ،‬و تعتبر مجرد آلية تضعها الحكومة لتنفيذ القوانين‪ ،‬و هي سلطة تنفيذية‬
‫باعتبارها جهة إدارية‪.‬‬

‫يعتبر القانون اإلداري قانونا غير مقننا‪ ،‬حيث أنه ‪ 5%‬فقط من قواعده موجودة في النصوص‪ ،‬و ما تبقى ما شرعه القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬و من أهم مصادره اإلجتهاد القضائي و المبادئ العامة للقانون‪.‬‬
‫التمييز بين القضاء اإلداري و القضاء العادي ‪:‬‬

‫القضاء اإلداري يتمثل في المحاكم اإلبتدائية و المحاكم اإلستئنافية اإلدارية‪ ،‬و قبل سنة ‪ 2011‬كانت الغرفة اإلدارية في المجلس‬
‫األعلى و بعد ذلك صارت الغرفة اإلدارية في محكمة النقض‪ .‬أما القضاء اإلداري فيضم المحكمة اإلبتدائية و محكمة اإلستئناف‪.‬‬
‫مهام القاضي اإلداري ‪:‬‬
‫حماية المواطن‪ ،‬قبل سنة ‪ 1945‬كان القاضي اإلداري يدافع عن إمتيازات الدولة‪ ،‬لكن بعد ذلك أعطت منظمة األمم المتحدة مبادئ‬
‫جديدة تدخلت في القانون اإلداري فأصبح يحمي المواطن من التعسفات المحتملة للدولة‪.‬‬
‫يحكم القاضي اإلداري بقواعد اإلختصاص و هي من النظام العام‪ ،‬أي أنه يحكم بها من تلقاء نفسه‪ ،‬و ما يهم في القضاء اإلداري‬
‫هو قضاء اإللغاء‪ ،‬و ترفع دعوى اإللغاء ضد السلطات اإلدارية بسبب إستعمال الشطط في إستعمال السلطة‪.‬‬

‫‪20 / 09 / 2019‬‬ ‫المحاضرة الثانية‬

‫اإلدارة ‪:‬‬
‫وظيفة تقوم بمزاولتها أشخاص تحددها الدولة‪ ،‬و تقوم بمجموعة من اإلختصاصات التي تتخذها الدولة‪ ،‬و بمفهومها الدستوري‬
‫ال تعتبر سلطة‪.‬‬
‫أشخاص القانون العام ‪:‬‬
‫هم الدولة‪ ،‬الجهات‪ ،‬العماالت و األقاليم‪ ،‬الجماعات الترابية‪ ،‬و المؤسسات العمومية‪ ،‬و من هذا فإن النشاط اإلداري هو كل ما‬
‫تقوم به الدولة و اإلدارة و يختص به رجال القانون العام‪.‬‬
‫الوسائل التي وضعها المشرع في يد اإلدارة ‪:‬‬
‫الوسائل القانونية ‪:‬‬
‫و تنقسم إلى قسمين ‪:‬‬
‫قرارات إدارية فردية ‪:‬‬
‫تصدر من جانب واحد ( أحد أشخاص القانون العام ) دون أن يكون ألي جهة أخرى دخل في هذه القرارات ( دون إستشارة ) شرط‬
‫إحترام المشروعية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫عقود إدارية ‪:‬‬
‫أعمال إتفاقية و رضائية من طرفين‪ ،‬ال وجود لمبدأي سلطان اإلرادة و العقد شريعة المتعاقدين‪.‬‬
‫الوسائل البشرية ‪:‬‬
‫تتمثل في الموظفين ( ظهير ‪ 1958‬الذي ينظم الوظيفة العمومية )‪ ،‬العمال‪ ،‬المستخدمين‪ ...‬يخضعون للقانون التجاري و‬
‫اإلجتماعي‪.‬‬
‫الوسائل المادية ‪:‬‬
‫يقصد بها المال العام و قد تكون عقارا ثابتا أو ماال متحركا‪ ،‬و تسمى أيضا بأموال الضومين العام‪ ،‬و هو مخصص للمنفعة العامة‪،‬‬
‫و بالتالي فاإلدارة تبحث عن المنفعة العامة‪ ،‬و القواعد التي تحكم النشاط اإلداري ال دخل لها في العالقة بين األفراد‪ ،‬و العقود و‬
‫القرارات تعتبر وسائل القانون العام‪.‬‬
‫إذا كان ألشخاص القانون العام مبدئيا سلطة تقديرية واسعة فإن األنشطة التي تقوم بها تندرج ضمن اإلختصاص المقيد الذي يوجد‬
‫في دولة الحق و القانون‪.‬‬

‫األعمال القانونية ال بد أن تترتب عنها آثار قانونية ‪:‬‬


‫يعني أن كل القرارات التي تتخذها اإلدارة الهدف منها إنشاء مركز قانوني جديد أو تحديث مراكز قديمة يمكن أن تكون مراكز عامة‬
‫أو خاصة‪ ،‬و تنقسم األعمال القانونية إلى قسمين ‪:‬‬
‫‪ -‬أعمال قانونية صادرة من جانب واحد ‪ :‬قرارات تنظيمية و قرارات فردية‪.‬‬
‫‪ -‬أعمال قانونية صادرة من جانبين ‪ :‬عقود إدارية‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫المحور األول ‪ :‬القرارات اإلدارية‬
‫المبحث األول ‪ :‬ماهية القرار اإلداري‬
‫تعريف القرار اإلداري ‪:‬‬

‫هو عمل إنفرادي صادر عن اإلرادة شرط إحترام كل ما يتعلق بالمشروعية‪ ،‬و هو عمل حصري من إختصاص اإلدارة و يعبر عن‬
‫إرادتها‪ ،‬و تهدف من خالله اإلدارة إلى إحداث أثر قانوني في المراكز و الوضعيات القانونية لألفراد أو الجماعات بواسطة التعديل‬
‫أو الزيادة أو النقصان إستنادا إلى سلطتها التقديرية‪.‬‬
‫الطابع اإلنفرادي هو الذي يميز القرار اإلداري عن العقد‪.‬‬
‫القرار اإلداري يحدث آثار قانونية عكس األعمال اإلدارية المشابهة فهذه األخيرة ليس لها أي آثار قانونية‪.‬‬

‫المعايير المحددة للقرار اإلداري‬


‫المعيار العضوي ‪:‬‬
‫ظهر بداية القرن ‪ ،17‬و وفقه يتم تعريف العمل بالرجوع إلى الجهة التي صدر عنها‪ ،‬و القرارات اإلدارية وفق هذا الطرح هي‬
‫تلك القرارات التي تتخذها السلطة التنفيذية بإعتبارها جهة إدارية أو سلطة إدارية‪ ،‬و هو المعيار الذي يعتمد عليه في الغرفة‬
‫اإلدارية للمجلس األعلى كلما تعلق األمر بدعاوي اإللغاء بسب الشطط اإلداري في إستعمال السلطة‪.‬‬

‫المعيار المادي ‪:‬‬


‫معيار ال يهتم بالجهة التي أصدرت القرار بل يهتم بمضمونه‪ ،‬حيث أنه لمعرفة طبيعة العمل اإلداري يجب تناوله في ذاته‪ ،‬و هو‬
‫أقرب إلى حقائق األمور‪ ،‬يعتمد على تحليل العناصر األساسية لألعمال القانونية دون اإلعتماد على صفة القائم بالعمل‪.‬‬

‫‪27 / 09 / 2019‬‬ ‫المحاضرة الثالثة‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬أركان القرار اإلداري‬


‫لقيام و صحة القرار اإلداري ال بد من توفر الشروط الخمس التالية ‪ :‬الشكل‪ ،‬اإلختصاص‪ ،‬السبب‪ ،‬الغاية أو الهدف‪ ،‬و المحل‪.‬‬
‫قسم الفقه هذه العناصر على الشكل اآلتي ‪:‬‬
‫‪ -‬عناصر المشروعية الخارجية ‪ :‬الشكل‪ ،‬و اإلختصاص‪.‬‬
‫‪ -‬عناصر المشروعية الداخلية ‪ :‬السبب‪ ،‬الغاية أو الهدف‪ ،‬و المحل‪.‬‬
‫تم هذا التصنيف ألن العناصر الخارجية تهم الجانب الخارجي للقرار اإلداري‪ ،‬فيما العناصر الداخلية تكون مرتبطة بجانبه الداخلي‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬عناصر المشروعية الخارجية‬


‫الفقرة األولى ‪ :‬الشكل‬
‫جميع القرارات اإلدارية تصدر على شكلية معينة‪ ،‬و الشكل هو المظهر الخارجي الذي يتخذه القرار اإلداري‪ ،‬فاإلدارة غير ملزمة‬
‫بإصدار قراراتها وفق شكل معين أو محدد إال إذا نص القانون على إتباع شكل خاص بالنسبة لقرارات معينة‪ ،‬و الهدف منه حماية‬
‫حقوق المواطنين من التعسفات المحتملة لإلدارة و التأكد من أن كل شيء يسير نحو الشكل المطلوب‪ ،‬و من هذا فكلما كانت‬
‫الشكلية جوهرية يجب على اإلدارة إحترامها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬اإلختصاص‬

‫‪4‬‬
‫لما نص القانون على اإلختصاص إستهدف من خالله هدفا مزدوجا يتمثل في حماية القانون لألعمال و التصرفات اإلدارية التي‬
‫تكتسب حجة المشروعية بعد مرور مدة زمنية معينة من جهة‪ ،‬و من جهة أخرى الحماية القانونية لألفراد تحقيقا لمصالحهم و‬
‫تحديدا لمسؤولية اإلدارة تجاههم‪.‬‬

‫عناصر اإلختصاص ‪:‬‬


‫‪ -‬عنصر مكاني تمارس فيه اإلدارة إختصاصاتها‪.‬‬
‫‪ -‬عنصر زماني فاإلدارة أعمالها محددة زمانيا تنتهي و تزول إختصاصاتها بانقضاء تلك المدة‪.‬‬
‫‪ -‬عنصر موضوعي عن طريق تحديد األعمال التي ال يجوز لشخص عام القيام بغيرها‪ ،‬فإن بعدها كان تصرفه معيبا‪.‬‬
‫‪ -‬عنصر شخصي بالنسبة لألشخاص المزاولين لمهامهم ال يمكن تفويض إختصاصاتهم إلى أشخاص آخرين إال بمرسوم قانوني‬
‫يحق له بذلك‪ ،‬فالتفويض محدد قانونية‪.‬‬
‫و بالتالي فإن القرار اإلداري ليس قرارا إال إذا نتجت عنه آثار قانونية‪ ،‬فمن الالزم أن يكون من شأنه تغيير وضعية قانونية معينة‬
‫بالزيادة أو النقصان أو التعديل أو اإللغاء‪ ،‬و عليه فالقرارات التي ال تحدث أثر تعتبر مجرد آراء و تبقى عديمة المفعول‪.‬‬

‫‪04 / 10 /‬‬ ‫المحاضرة الرابعة‬


‫‪2019‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬عناصر المشروعية الداخلية‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬السبب‬
‫أي قرار يجب أن يكون مبنيا على سبب معقول ( تأديب موظف أخل بإلتزاماته الوظيفية )‪ ،‬هو األمر السابق على إتخاذ القرار‪ ،‬و‬
‫يتخذ شكل واقعة مادية أو قانونية‪ ،‬الوقائع المادية ‪ :‬أعمال غير متوقعة تهدد سالمة المواطن ( الزالزل‪ )...‬يكون النظام العام‬
‫مهددا‪ ،‬مهام اإلدارة ‪ :‬تدبير المرافق العامة و حماية النظام العام ( حادثة تارودانت)‪ ،‬اإلدارة ملزمة بالقيام بالعملية اإلستباقية‪ ،‬ال‬
‫بد من إستعمال الوسائل المناسبة في الوقائع المادية ( إستعمال ما هو مناسب إلحتواء الوضع )‪ ،‬الوقائع القانونية ‪ ( :‬التأديب‪)...‬‬
‫ال بد من تناسب العقوبة ( تناسب بين اإلجراءات المتخذة و الفعل )‪ ،‬جميع القرارات المتخذة يجب أن تكون مبنية على سبب مادي‬
‫أو قانوني أو ستكون معيبة‪ ،‬لإلدارة سلطة تقديرية واسعة‪ ،‬ليس من حق القاضي اإلداري تجاوز محطة معينة‪ ،‬القانون اإلداري‬
‫قانون قضائي بالدرجة األولى‪ ،‬القانون الذي ألزم اإلدارة بتسبيب قراراتها بالمغرب سنة ‪ 2003‬و بفرنسا ‪ 18‬يوليوز ‪ ،1979‬قبل‬
‫ذلك كان القاضي يلزم اإلدارة بتسبيب قراراتها‪ ،‬ليس هناك توازن بين اإلدارة و المخاطبين بأحكامها ( ال مساواة )‪ ،‬األحكام الكبرى‬
‫للقرارات اإلدارية ‪ :‬أول حكم هو التسبيب ‪ 1954‬فرنسا‪ ،‬سارالقضاء اإلداري في العالم على هذا المنوال‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الغاية أو الهدف‬


‫إشباع الحاجياتاألساسية في إطار المصلحة العامة‪ ،‬كل قرار يتخذ له هدف في إطار النظام العام‪ ،‬األعمال اإلدارية المشابهة ‪:‬‬
‫التوجيهات‪ ،...‬تقديم خدمات جوهرية مشروطة بتحقيق المصلحة العامة‪ ،‬و اإلدارة إن خرجت عن المصلحة العامة ستكون أمام‬
‫إعتداء مادي و على القاضي إلغاء القرار‪ ،‬المنفعة العامة غير محددة في الزمن و المكان‪ ،‬كلما كانت هناك دعوى يكون عبئ‬
‫اإلثبات على اإلدارة‪.‬‬

‫الفقرة ‪ :‬المحل‬
‫النتيجة التي تترتب مباشرة عن إتخاذ القرار اإلداري‪ ،‬النتائج التي ندخلها على الوضعية القائمة ‪ [ :‬إنشاء مركز قانوني ( تعيين‬
‫موظف )‪ ،‬تعديل مركز قانوني ( ترقية موظف أو تنقيله بقرار من جهة مختصة )‪ ،‬إنهاء مركز قانوني ( صدور قرار عزل أو‬
‫شطب موظف ) ]‪ ،‬يجب أن يكون لها تأثيرات قانونية‪ ،‬يجب أن يكون في عداد الممكن قانونا [ أن يحترم تدرج القوانين‪ ،‬أن يحترم‬
‫تدرج القواعد القانونية‪ ،‬القرارات اإلدارية المحطة الخامسة ال يمكن أن تتعارض مع الدستور و القوانين األخرى األعلى منها ]‪ ،‬ال‬
‫يجب أن يكون له تفسيرا غامضا‪ ،‬قد تخطئ اإلدارة في تطبيق القواعد على الوقائع و نقول أن محل القرار باطل‪ ،‬و تتوقف‬
‫مشروعية القرار على تحقيق الشروط‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬أنواع و تقسيمات القرارات اإلدارية‬

‫‪5‬‬
‫القرارات اإلدارية ال تتخذ شكال واحدا‪ ،‬يمكن تقسيمها على األقل إلى عدة أنواع‪ ،‬إستنادا إلى ثالثة معايير ‪ :‬مداها – أثرها بالنسبة‬
‫للمخاطبين بها‪ ،‬خضوعها لمراقبة القضاء‪ ،‬تنقسم القرارات اإلدارية من حيث المدى إلى قرارات إنفرادية و قرارات تنظيمية‪،‬‬
‫القرارات التنظيمية مجموعة قواعد متصفة بطابع العمومية و التجريد و ملزمة و مقترنة بجزاء‪.‬‬

‫الفرق بين القرارات التنظيمية و القوانين التنظيمية ‪:‬‬


‫القرارات التنظيمية تصدر عن اإلدارة أما القوانين التنظيمية فتصدر عن البرلمان‪ ،‬القوانين التنظيمية تتخذ أشكال متنوعة‪،‬‬
‫القوانين التنظيمية أعلى من القرارات التنظيمية و تسمو عليها‪ ،‬القرارات اإلدارية تصدر عن الحكومة بحكم أنها جهة إدارية‪ ،‬من‬
‫حيث المراقبة ‪ :‬للقرارات التنظيمية يراقبها القاضي اإلداري‪.‬‬

‫‪11 / 10 / 2019‬‬ ‫المحاضرة الخامسة‬


‫المطلب األول ‪ :‬القرارات اإلدارية من حيث مداها‬
‫القرارات اإلنفرادية تتميز بأنها قواعد تنظم الحياة الفردية ( تصدر عن اإلدارة )‪ ،‬تهم حاالت محددة شخص أو مجموعة من‬
‫األشخاص بذواتهم ( مثال ‪ :‬نزع ملكية أرض يمتلكها عدد من الناس معروفين بأسمائهم )‪ ،‬قرار غير تأديبي‪ ،‬أما القرار التنظيمي‬
‫فيخاطب أشخاص غير محددين بذواتهم‪ ،‬القرار اإلنفرادي ينتهي بتنفيذه‪ ،‬يختلفان من حيث الغاية‪ ،‬القرارات اإلدارية بمجرد‬
‫صدورها تصبح سارية التنفيذ‪ ،‬القوانين التنظيمية تصبح ملزمة لألفراد بعد صدورها في الجريدة الرسمية فال بد من تبليغها للمعني‬
‫باألمر‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬القرارات اإلدارية من حيث أثرها بالنسبة لألفراد‬


‫الفقرة األولى ‪ :‬القرار اإلداري الكاشف‬
‫القرار اإلداري الكاشف هو القرار الذي ال يأتي بأي جديد‪ ،‬مقتصرا على اإلقرار و إثبات حالة موجودة من قبل‪ ،‬إدخال حيز التنفيذ‬
‫ما هو موجود‪ ( ،‬مثال ‪ :‬قرار فصل موظف بسبب صدور حكم جنائي في حقه )‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬القرار اإلداري المنشأ‬


‫القرار اإلداري المنشأ هو القرار الذي يأتي بجديد‪ ،‬يحدث آثار قانونية جديدة‪ ( ،‬مثال تعيين موظف جديد )‪.‬‬
‫األولى تترتب عنها نتائج من التاريخ الذي ولدت فيه‪ ،‬و الثانية تترتب عنها نتائج من التاريخ الذي صدرت فيه‪.‬‬

‫المجال الرابع ‪ :‬القرارات اإلدارية من حيث مدى خضوعها لرقابة القضاء‬


‫المبدأ العام في دولة الحق و القانون هو أن جميع القرارات اإلدارية التي تصدر عن اإلدارة تخضع للمراقبة القضائية ( القضاء‬
‫اإلداري )‪ ،‬هناك إستثناءات كأعمال الحكومة ( أعمال السيادة ) و هي كل األعمال التي تتخذها الحكومة بإعتبارها جهة إدارية إما‬
‫في المجال السياسي ( عالقة الحكومة و البرلمان ‪ /‬إعالن الحرب ‪ /‬عالقة الحكومة مع الدول األجنبية‪.)...‬‬
‫تطور رقابة القضاء ‪:‬‬

‫قبل ‪ 1994‬القضاء العادي كان يراقب أعمال اإلدارة‪ 1994 ،‬إنشاء المحاكم اإلدارية‪ ،‬عالقة جدلية بين ثالثة مفاهيم ‪ :‬القرار‬
‫اإلداري‪ ،‬السلطة اإلدارية‪ ،‬و دعوى اإللغاء‪.‬‬

‫مبدأ عدم رجعية القرارات اإلدارية ‪:‬‬


‫قياسا بالمبادئ العامة ال يمكن تطبيق القرارات اإلدارية بأثر رجعي‪ ،‬هناك إستثناءات في حالة إعطاء إضافة لمصلحة المواطن‪،‬‬
‫القرارات اإلدارية يجب وضعها بين السلطة التقديرية لإلدارة و اإلختصاص المقيد‪.‬‬

‫رقابة اإللغاء ‪:‬‬


‫رقابة المشروعية ‪ :‬تكون عندما يكون اإلختصاص مقيد‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫رقابة المالءمة ‪ :‬تكون عندما تكون السلطة التقديرية لإلدارة‪ ،‬اإلدارة هي المطالبة باإلثبات في حالة رفع دعوى‪ ،‬المشروعية في‬
‫الدول الديمقراطية معناها خضوع الجميع للقانون بما فيه الدستور و القانون العادي‪...‬‬

‫المبحث الرابع ‪ :‬تنفيذ القرارات اإلدارية ‪:‬‬


‫المبدأ العام هو أن ينفذها المخاطبين بها ألنها تنسجم مع المشروعية‪ ،‬لمن في بعض الحاالت تكون صعوبات بسبب إمتناع‬
‫المخاطبين بها‪ ،‬تلجأ اإلدارة إلى طريقة التنفيذ اإلجباري‪.‬‬

‫محكمة التنازع ‪:‬‬


‫هناك حالتين كاآلتي ‪:‬‬

‫تنازع إيجابي ‪:‬‬


‫شخص يرفع دعوى أمام القضاء العادي و القضاء اإلداري و يقبلها اإلثنين منه‪ ،‬مشكل في تنازع اإلختصاص‪ ،‬تحال على محكمة‬
‫التنازع لتقرر القضاء الذي سيتكلف بالدعوى‪.‬‬

‫تنازع سلبي ‪:‬‬


‫شخص يرفع دعوى أمام القضاء العادي و القضاء اإلداري و يرفضها اإلثنين منه‪ ،‬تحال على محكمة التنازع لتقرر القضاء الذي‬
‫سيتكلف بالدعوى‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬التنفيذ الجبري المباشر‬


‫يمكن لإلدارة أن تنفذ قراراتها على األفراد دون حاجة إلى إلى اللجوء إلى القضاء‪ ،‬ألن السند األم للتنفيذ اإلجباري هو المشروعية‬
‫( حسن النية‪ ،‬المصلحة العامة‪ )...‬إلى أن يثبت عكس ذلك‪ ،‬و هناك ضمانات‪ ،‬ذلك أن العمل اإلداري محاط بضمانات خاصة متمثلة‬
‫في إستبعاد أشكال العنف و التعسف و الشطط في إستعمال السلطة‪ ،‬دعوى اإلستعجال ‪ ( :‬هدم البنايات القابلة للسقوط ال يمكن فيما‬
‫بعد التراجع عن القرار )‪ ،‬التنفيذ اإلجباري يلجأ إليه إستثناءا حالة رفض تنفيذ قرار‪ ،‬يجب إخبار و تبليغ المعني باألمر بواسطة‬
‫محاضر‪ ،‬يجب أن يكون هناك تناسب بين الغاية و تدخل اإلدارة ( التدخل على جزء و ليس على البناية ككل )‪ ،‬التنفيذ يكون على‬
‫مسؤولية اإلدارة‪ ،‬إذا أعلن قرار غير مشروع فاإلدارة ملزمة بالتعويض‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬التنفيذ بواسطة القضاء‬


‫في حالة اإلستعجال قد تلجأ اإلدارة إلى القضاء ‪:‬‬

‫الدعوى المدنية ‪:‬‬


‫المبدأ العام عدم جواز اإللتجاء إليها ( إتباعها )‪ ،‬هناك إستثناءات فقد يقر القانون اللجوء إليها في حالة إستحالة اللجوء إلى‬
‫الدعوى الجنائية‪.‬‬

‫الدعوى الجنائية ‪:‬‬


‫ال يمكن تطبيق عقوبة جنائية على شخص معنوي‪ ،‬تكون فقط إلجبار األفراد على الخضوع إلى القرارات اإلدارية‪.‬‬

‫المطلب الخامس ‪ :‬نهاية و زوال القرارات اإلدارية ‪:‬‬


‫القرارات التنظيمة ت نتهي و تزول بظهور قرار جديد يحل محلها‪ ،‬و القرارات التنفيذية تزول بتطبيقها و تحقيق الغايات التي جاءت‬
‫من أجلها‪ .‬و بنهاية القرارات اإلدارية تسقط جميع آثارها القانونية‪ ،‬هذه النهاية قد تكون بالنسبة للمستقبل مع ترك آثارها قائمة‬
‫على الماضي عن طريق إصدار قرار إداري آخر يلغي األول‪ ،‬و قد تنتهي بالنسبة بالنسبة للماضي و المستقبل‪ ،‬أي إلغاء القرار‬
‫اإلداري بأثر رجعي و هو ما يعرف بسحب القرار اإلداري‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬إلغاء القرارات اإلدارية‬


‫فيما يتعلق بإلغاء القرارات اإلدارية أيإنهاء آثار القرار اإلداري موضوع اإللغاء بالنسبة للمستقبل مع ترك آثارها سارية على‬
‫الماضي‪ ،‬واضح أناإللغاء قد يشمل القرار كله أو جزءا منه فقط بهدف تعديله مع اإلبقاء على بعض آثاره و تعديل البعض بالنسبة‬

‫‪7‬‬
‫للمستقبل‪ .‬و اإلدارة حتى و إن كانت قراراتها غير مشروعة‪ ،‬فإنها ال تملك إتجاهاها سلطة مطلقة فهناك قيود زمنية‪ ،‬فالقرار الغير‬
‫المشروع حين تنتهي المدة المحددة قانونا إللغائه يصبح محصنا ليلتحق بالقرار المشروع‪ ،‬و يأخذ مكانته الطبيعية بين قواعد‬
‫القانون باعتباره مصدرا قانونيا للحقوق المكتسبة‪ .‬و عليه ال يمكن لإلدارة إلغاؤه بعد مرور المدة الزمنية المحددة لإللغاء‪.‬‬
‫أما فيما يخص القرارات المشروعة‪ ،‬فيجب التمييز بين القرارات التنظيمية الالئحية و القرارات الفردية‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬إلغاء القرارات التنظيمية‬


‫باعتباره أنه ال تنتج عن القرارات التنظيمية إال مراكز قانونية عامة مجردة و موضوعية كان في حكم الممكن تعديلها و إلغاؤها‬
‫في أي وقت‪ ،‬فالمخاطبين بها ليس لهم اإلحتجاج في مواجهة اإلدارة بأي حق مكتسب‪ ،‬اللهم إال إذا تم تطبيق اللوائح عليهم بصفة‬
‫فردية و شخصية‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬إلغاء القرارات الفردية‬


‫مبدئيا إستقر الفقه و القضاء على عدم إمكانية إلغاء القرارات اإلدارية الصحيحة و السليمةمتى أنشأت خخقا مكتسبا لفرد معين‪،‬‬
‫فالقانون ال يجيز المساس بحقوق األفراد المكتسبة‪ .‬و بديهي أن الوضعية القانونية التي تنشأ عن قرارات فردية مشروعة هي‬
‫وضعية نهائية ال يمكن اإلخالل بمحتوياتها‪ ،‬و عليه ال يجوز إلغاء أو تعديل القرار المشروع المتعلق بتعيين موظف إال طبقا‬
‫للشروط المحددة قانونا‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬سحب القرار اإلداري‬


‫بخصوص سحب القرارات اإلدارية أي إنهاؤها بكيفية كاملة مستقبال و ماضيا و بأثر رجعي‪ ،‬الشيء الذي يترتب عنه زوال جميع‬
‫آثارها اعتبارا من تاريخ صدورها بحيث تصبح و كأنها لم تصدر أصال‪ .‬عمليا‪ ،‬حتى يمكن سحب هذا القرارات اإلدارية بهذه الكيفية‬
‫يجب أن تكون قرارات غير مشروعة التي لم تتولد عنها حقوق مكتسبة للغير‪ .‬و قد يتم السحب صراحة بصدور قرار إداري آخر‬
‫ساحب‪ ،‬و لكن لما كان المشرع ال ينص على شكل معين لصدور القرارات اإلدارية فإن السحب قد يتم بكيفية ضمنية بأن يصدر عن‬
‫الجهة المختصة ما يدل و يفيد عدولها و تخليها عن قرارها السابق‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪25 / 10 / 2019‬‬ ‫المحاضرة السادسة‬

‫المحور الثاني ‪ :‬العقود اإلدارية‬


‫المبحث األول ‪ :‬ماهية العقد اإلداري‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريف العقد اإلداري‬
‫العقد اإلداري عقد تقوم بإبرامه اإلدارة أو أحد األشخاص المعنوية مع شخص آخر من األشخاص المعنوية العامة‪ ،‬أومع شخص‬
‫من أشخاص القانون الخاص‪ ،‬بهدف تسيير مرفق عام‪ ،‬أو إنجاز أشغال عامة‪ ،‬أو تدبير ملك عمومي‪ ،‬أو إبرام خدمات لفائدة‬
‫الدولة‪ ،‬أو التعهد بالقيام بالدراسات الضرورية لتحقيق بعض المنجزات‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬شروط العقد اإلداري ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬أن يكون شخص معنوي عام طرفا في العقد‬


‫المقصود بالشخص المعنوي العام هنا ‪ ،‬هو اإلدارة التي يجب أن تكون طرفا في العقد‪ ،‬و المشرع لم يعطي مفهومها أو تعريفا‬
‫واضحا و دقيقا لإلدارة ‪ ،‬مما يمكن معه القول أن العقود اإلدارية التي تبرمها الدولة‪ ،‬الجهة‪ ،‬الوالية‪ ،‬العمالة‪ ،‬اإلقليم‪ ،‬و الجماعات‬
‫الحضرية و القروية‪ ،‬باعتبارها أشخاص القانون العام بالمملكة المغربية هي بطبيعتها عقود إدارية‪ ،‬و تسري نفس المقتضيات و‬
‫التوجهات على األشخاص المعنوية المرفقية أو المصلحية أو المؤسسات العامة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أن يتعلق إبرام العقد اإلداري بتسيير مرفق عام‬


‫يجب أنيستهدف موضوع العقد تحقيق مصلحة عامة تأسيسا على إتصاله بمرفق عام من حيث تنظيمه‪ ،‬تسييره أو إدارته‪ ،‬إستغالله‬
‫أو المساهمة فيه‪ .‬فقواعد سير و تنظيم المرافق العامة هي المبررة لطبيعة النظام القانوني للعقود اإلدارية‪ ،‬و خروجها عن القواعد‬
‫الغير المألوفة في القانون المدني‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬أن تسلك اإلدارة إمتيازات السلطة العامة و وسائل القانون العام لتطبيق مقتضيات العقد‬
‫يعتبر هذا الشرط أساسيا للعقد اإلداري‪ ،‬تأسيسا على أن أهم ما يميز العقد اإلداري هو موضوعه‪ ،‬و ما يحتوي عليه من شروط‬
‫إستثنائية‪ ،‬و وسائل القانون العام غير مألوفة في عقود القانون الخاص‪.‬‬

‫الشروط التي تتميز بها العقود اإلدارية و الغير المألوفة في القانون الخاص ‪:‬‬
‫‪ ‬شروط تعطي اإلدارة إمتيازات في مواجهة المتعاقد معها‪ ،‬و تستطيع تحميله إلتزامات تجعله في مركز غير متكافئ‬
‫و متساوي معها‪ ،‬و قد تحتفظ اإلدارة لنفسها بالحق في تعديل مضمون العقد و سلطة اإلشراف على تنفيذه و تحديد‬
‫طريقة التنفيذ‪ ،‬إنهاء أو فسخ العقد بإرادتها المنفردة‪ ،‬و قد تحتفظ لنفسها يحق توقيع عقوبة على المتعاقد في حالة‬
‫عدم إحترامه لتعهداته‪.‬‬
‫‪ ‬الشروط الغير المألوفة تظهر كذلك على من خالل الوسائل المعترف بها للمتعاقد مع اإلدارة‪ ،‬و ذلكبمنحه مثال‬
‫سلطات إستثنائية في مواجهة الغير‪ ،‬كممارسة إمتيازات السلطة العامة تنفيذا لمقتضيات العقد‪ ،‬من شرطة إدارية و‬
‫حق نزع الملكية للمنفعة العامة‪ ،‬و تقاضي الرسوم‪...‬‬
‫‪ ‬اإلستناد على دفاتر الشروط اإلدارية العامة‪ ،‬و دفاتر الشروط الخاصة‪ ،‬هذه الدفاتر من صميم العقد اإلداري‪ ،‬و تلزم‬
‫على حد سواء اإلدارة و المتعاقد معها بما تقتضيه من شروط و قيود‪ ،‬و هي مجموع الشروط اإلستثنائية المضفية‬
‫للصفة اإلدارية على العقد‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬أنواع العقود اإلداري‬
‫العقود اإلدارية نوعان ‪ :‬عقود إدارية بطبيعتها‪ ،‬و عقود إدارية بنص القانون‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬العقود اإلدارية بطبيعتها‬


‫العقود اإلدارية بطبيعتها هي تلك العقود التي ال يوجد نص قانوني صريح و واضح يستفاد منه أنها عقود إدارية فالبحث في‬
‫محتواها و طبيعتها هو الكاشف لوجود كافة شروط العقد اإلداري‪ .‬و إذا كان جانب من الفقه يصفها بالعقود اإلدارية الغير المسماة‬
‫فإن جانبا آخر سماها بالعقود اإلدارية بتحديد القضاء معتبرا أن المرجعية في إعتبارها عقودا إدارية مؤسسة أصال علىالشروط‬
‫الواجب توفرها في العقد اإلداري‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬العقود اإلدارية بنص القانون‬


‫العقود اإلدارية بطبيعتها هي تلك العقود التي نص القانون صراحة على أنها عقود إدارية‪ ،‬و هذه األخيرة وضع المشرع نظاما‬
‫قانونيا خاصا بكل فئة منها‪ ،‬و التي سماها الفقه بالعقود اإلدارية المسماة‪.‬‬
‫أهم العقود اإلدارية بنص القانون ‪:‬‬

‫عقد النقل‬ ‫عقد التوريد‬ ‫عقد األشغال العامة‬ ‫عقد اإلمتياز أو اإللتزام‬
‫يتعهد الطرف الخاص‬
‫يتعهد الطرف الخاص‬ ‫يقوم المقاول ببعض‬ ‫الطرف الخاص يتعهد‬
‫بنقل البضائع أو‬
‫بتوريد أجهزة أو سلع‬ ‫األشغال العامة لفائدة‬ ‫بتدبير مرفق عام أو‬
‫المنقوالت لحساب‬
‫للشخص المعنوي العام‬ ‫الشخص المعنوي العام‬ ‫إنجاز أشغال عامة‬
‫الشخص المعنوي العام‬
‫مقابل ثمن معين متفق مقابل أجر معين يتفق‬
‫عليه في العقد‬ ‫عليه في العقد‬ ‫مقابل أجر معين يتفق‬ ‫يتقاضى الطرف الخاص‬
‫عليه في العقد‬ ‫رسومات من المنتفعين‬

‫بهدف تحقيق مصلحة‬ ‫بهدف تحقيق مصلحة‬ ‫بهدف تحقيق مصلحة‬ ‫بهدف تحقيق مصلحة‬
‫عامة‬ ‫عامة‬ ‫عامة‬ ‫عامة‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬آثار العقود اإلدارية‬


‫العقود اإلدارية عقود ال يحكمها مبدأ توافق اإلراداتين و سلطان اإلرادة أو قاعدة العقد شريعة المتعاقدين المعمول به في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬فاإلدارة لما كانت تبحث عن المصلحة العامة الواجب تغليبها على المصلحة الذاتية الخاصة في حالة التعارض‪ ،‬لذا كان‬
‫منطقيا أن تتمتع اإلدارة بنسبة مهمة من الحقوق و اإلمتيازات تسمح لها باحتالل موقع يصبح معه تنفيذ العقود يتم إستجابة‬
‫لمقتضيات المصالح العليا للوطن و المرتفقين‪ ،‬و عليه تنفرد العقود اإلدارية بخاصية التحرير المسبق دون إمكانية أن يجادل في‬
‫مضمونها المتعاقد مع اإلدارة‪ ،‬و سنجد أن بعض الشروط مفروضة على اإلدارة نفسها‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬إمتيازات و سلطة اإلدارة‬


‫أساس نظرية العقود اإلدارية هي إمتيازات و سلطات اإلدارة على إعتبار أن اإلدارة تنفرد بسلطات واسعة في هذا المجال غير‬
‫مألوفة في العالقات الموجودة بين الخواص‪ ،‬و بذلك من الالزم على المتعاقد مع اإلدارة أن يفي بإلتزاماته التعاقدية المتضمنة في‬
‫العقد‪ .‬و اإلدارة في مواجهة المتعاقد تظل مالكة لسلطات هامة و واسعة تندرج في سياق ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬حق اإلدارة في التوجيه‪ ،‬اإلشراف‪ ،‬و الرقابة على تنفيذ العقد‬
‫اإلدارة لها الحق في اإلشراف على تنفيذ المتعاقد معها إللتزاماته بإصدار األوامر‪ ،‬و المنشورات‪ ،‬و الدوريات‪ ،‬و التعليمات العامة‬
‫الملزمة للتصرف في إتجاه دون آخر‪ ،‬و ليس للمتعاقد حق في مناقشة أو رفض هذه المقتضيات فهو ملزم بالخضوع لشروطها و‬
‫إال أدى به األمر للمساءلة القانونية‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬حق اإلدارة في توقيع الجزاءات على المتعاقد‬


‫كل إخالل من طرف الملتزم بإلتزاماته التعاقدية يؤدي إلى توقيع جزاءات عليه‪ ،‬و التي تتخذ صفة الجزاء المالي و الضغط و‬
‫اإلكراه و فسخ العقد و إنهاءه‪ ،‬بل و إجباره على التنفيذ المباشر على نفقته‪ ،‬أو توفيت المرفق العام إلى غيره‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬سلطة اإلدارة في تعديل شروط العقد‬

‫‪10‬‬
‫اإلدارة لها الحق في تعديل شروط العقد بكيفية إنفرادية دون موافقة المتعاقد معها‪ ،‬و هي سلطة و إمتياز مقرر لإلدارة في جميع‬
‫العقود اإلدارية‪ ،‬و مبدئيا سلطة التعديل ال يمكن أن تمس شروط العقد المالية و المتصلة بالمزايا المالية المعترف بها للمتعاقد‪.‬‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬سلطة اإلدارة في إنهاء العقد أو فسخه‬


‫لإلدارة سلطة وضع حد نهائي للعقد حتى و إن لم يرتكب المتعاقد معها أي خطأ‪ ،‬أي حتى إذا لم يخل بإلتزاماته‪ ،‬فاإلدارة يمكن‬
‫بإمكانها إنهاء العقد اإلداري إذا اتضح لها أنه أصبح غير ذي فائدة بالنسبة للمرفق العام‪ ،‬أو أنه أصبح خارج إطار المصلحة‬
‫العامة‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬حقوق المتعاقد مع اإلدارة‬


‫هذه الحقوق تطغى عليها مبادئ أساسية تجد سندها في واقع مفاده أن المتعاقد مع اإلدارة إنما يستهدف تحقيق الربح و المصلحة‬
‫الخاصة‪ ،‬و غالبا يمكن حصر حقوقه في ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬الحصول على المقابل المادي‬


‫من أهم حقوق المتعاقد مع اإلدارة حصوله على المقابل المادي أو النقدي أو المالي من اإلدارة أو من األفراد أو هما معا‪ ،‬و المقابل‬
‫المادي يتجسد واقعيا في ثالثة مظاهر‪ ،‬ففي عقود التوريد األشغال و النقل يتخذ صورة الثمن‪ ،‬و في عقود الوظيفة العمومية يتخذ‬
‫شكل األجرة أو المرتب‪ ،‬و في عقود القرض يعتبر فائدة‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬حق إقتضاء التعويض‬


‫الحق الوارد في حالة حدوث خطأ من طرف اإلدارة و ترتب عنه ضرر للمتعاقد‪ ،‬فتلتزم اإلدارة بتعوبضه وفق القواعد العامة‪ ،‬و‬
‫تسري نفس المقتضيات في حالة قيام المتعاقد بخدمات إضافية إتضح أنها صالحة أساسية للمرفق‪ ،‬و إعترف القاضي للمتعاقد‬
‫بالحق في التعويض في حالة تعرضه لصعوبات مادية أثناء تنفيذه إللتزاماته تجاه اإلدارة‪.‬‬

‫‪01 / 11 / 2019‬‬ ‫المحاضرة السابعة‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬التوازن المالي للعقد‬


‫مبدئيا يحب أن تتجه طبيعة العقد اإلداري إلى تحقيق التوازن بين األعباء التي يتحملها المتعاقد مع اإلدارة و اإلمتيازات التي ينتفع‬
‫بها‪ .‬و األعباء قد تزيد على عاتق المتعاقد بفعل إجراءات إدارية‪ ،‬تشريعية أو طبيعية غير متوقعة‪ ،‬كالكوارث الطبيعية‪ ،‬هذه‬
‫المستجدات إذا كانت غير متجهة إلى العقد مباشرة‪ ،‬فإن من شأنها التأثير على ظروف تنفيذه‪.‬‬
‫و فكرة التوازن المالي للعقد اإلداري هي األساس العام لتقييم التعويض العادل‪ ،‬و المناسب‪ ،‬للمتعاقد‪ ،‬إال أنها قد ال تكفي في كل‬
‫الفرضيات‪ .‬و بالرجوع إلى القضاء نالحظ أنه أقر للمتعاقد حق التعويض دون حاجة إلثبات خطأ اإلدارة في النظريات المعقدة‬
‫المعقدة التالية ‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬نظرية الظروف الغير المتوقعة‬


‫نظرية الظروف الغير المتوقعة هي التي تجعل المتعاقد في وضعية مرهقة و صعبة‪ ،‬ال يستطيع معها تنفيذ تعهداته و إلتزاماته‬
‫بكيفية عادية‪ ،‬هذه النظرية وضع إطارها العام مجلس الدولة الفرنسي أثناء بثه في القضية المعروفة بالشركة العامة لإلنارة‬
‫لمدينة بوردو في ‪ 30‬مارس ‪ ,1916‬و لتطبق هذه النظرية يحب ‪:‬‬
‫وقوع حوادث و ظروف غير متوقعة عند إبرام العقد‪ ،‬خارجة عن إرادة الطرفين ال يمكن مواجهتها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يجب أن تعمل تلك الظروف على جعل تنفيذ اإللتزام صعبا و معقدا‪ ،‬و إن كان ممكنا و غير مستحيل‪،‬و المتعاقد مادام‬ ‫‪‬‬
‫محروما من أرباحه‪ ،‬و قد يصاب بخسائر محتملة قد تكون لها إنعكاسات على السير العادي للمرفق الذي قد يتوقف‪ ،‬فإن‬
‫تلك الظروف تقلب المحتوى اإلقتصادي للعقد و تمسه‪.‬‬
‫المتعاقد في مثل هذه الفرضيات غير معقدة من إلتزامه‪ ،‬و إنما يتم توزيع األعباء مناصفة بين اإلدارة و المتعاقد بكيفية‬ ‫‪‬‬
‫مؤقتة حتى تزول الظروف الطارئة‪.‬‬
‫من الالزم أن تكون الظروف المهددة لتنفيذ اإللتزام مؤقتة‪ ،‬و هي السبب المباشر الذي حال إقتصاديا دون تنفيذ العقد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التعويض في هذه الحالة ال يمكن أن يكون إال جزئيا‪ ،‬لمساعدة المتعاقد على تخطي الصعوبات الطارئة‪ ،‬عكس نظرية‬ ‫‪‬‬
‫فعل األمير الذي يكون التعويض فيها شامال‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬نظرية فعل األمير‬

‫‪11‬‬
‫نظرية فعل األمير هيكل عمل صادر عن السلطة العامة دون خطأ من جانبها ينتج عنه وضع المتعاقد في وضعية سيئة‪ ،‬مما يصبح‬
‫معه في حكم الواجب تعويض اإلدارة للمتعاقد معها عن جميع األضرار التي تلحقه‪ ،‬و ذلك بشكل يعيد التوازن المالي للعقد‪.‬‬
‫و حتى تدخل نظرية فعل األمير حيز التنفيذ من الالزم توفر ضوابط معينة ‪:‬‬
‫وحود عقد إداري يترتب عن تعديله إلحاق ضرر بالمتعاقد يزيد من أعبائه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أنيكون اإلجراء اإلداري المتخذ غير متوقع وقت إبرام العقد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أنيكون اإلجراء صادرا عن الجهة اإلدارية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أن يصدر اإلجراء بكيفية مشروعة بدون خطأ من اإلدارة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫في مثل هذه الفرضية‪ ،‬لما كان المتعاقد يتحمل أعباء جديدة غير متوقعة أثناء إبرام العقد‪ ،‬فإن تعويضه يكون شامال على أساس‬
‫ضرورة تحقيق التوازن المالي للعقد‪.‬‬
‫و قد يتخذ فعل األمير شكل تدابير عامة صادرة عن المشرع المتمثلة في القوانين‪ ،‬أو قرارات تنظيمية اتخذتها اإلدارة المتعاقدة و‬
‫تزيد من أعباء المتعاقد مع اإلدارة عن طريق التعديل المباشر لشروط العقد‪ ،‬أو التأثير على ظروف التنفيذ الخارجية‪ .‬في كل هذه‬
‫الفرضيات‪ ،‬للمتعاقد الحق في التعويض‪ ،‬و هو ما أكده القضاء في عدة أحكام استنادا إلى المبادئ العامة للقانون و مبادئ العدالة‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬نظرية الصعوبات المادية الغير متوقعة‬


‫يترتب عن تطبيق نظرية الصعوبات المادية الغير المتوقعة اإلعتراف للمتعاقد في حقه الحصول على تعويض شامل‪ ،‬إذا ما واجهته‬
‫صعوبات مالية أثناء تنفيذه إللتزاماته و هذه الصعوبات المالية يجب أن تكون ذات طبيعة إستثنائية خاصة‪ ،‬و غير متوقعة أصال‬
‫عند إبرام العقد‪ ،‬و أدت إلى جعل تنفيذه مرهقا‪ ،‬و تسري هذه النظرية على عقود األشغال العامة‪ .‬و من شروط تطبيقها أن تكون‬
‫الصعوبات ذات طبيعة مادية‪ ،‬خارجة عن إرادة المتعاقدين‪ ،‬غير متوقعة أثناء إبرام العقد‪.‬‬
‫هذه النظريات الثالث متداخلة فيما بينها و يصعب التمييز بينها‪ ،‬القضاء اإلداري هو صاحب الضوابط و المعايير المميزة لها‪ ،‬فهو‬
‫الذي يحدد في كل حالة من هذه الحاالت‪ ،‬من خالل شروط نعرف أمام أي نظرية نحن‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫المحور الثالث ‪ :‬الشرطة اإلدارية‬
‫الضبط اإلداري هو مجموعة من األوامر و النواهي و التوجيهات التي من خاللها تعمل السلطات على العمومية على تنظيم‬
‫الحريات العامة و تقييد الحرية الفردية و الجماعية للمواطنين‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬تحديد مفهوم الشرطة اإلدارية‬


‫الشرطة اإلدارية و الشرطة القضائية ‪:‬‬
‫من البديهي أن هناك إختالف بين الشرطة اإلدارية و الشرطة القضائية‪ ،‬خصوصا بالنظر إلى وظيفة كل منهما‪ ،‬و عليه إذا كان‬
‫القاسم المشترك بينهما الغاية منه صيانة األمن العام‪ ،‬فالضبط اإلداري يهدف إلى وضع إجراءات وقائية لمنع وقوع اإلخالل بالنظام‬
‫العام عن طريق تقييد حريات األفراد و تحديد مجاالت نشاطهم درءا لحدوث الجرائم‪ ،‬فيما الشرطة اإلدارية فهي عالجية ال تتحرك‬
‫إال بعد وقوع الجريمة و مهامها األساسية البحث عن مقترفيها و جمع األدلة إلقامة الدعوى العمومية تمهيدا للمحاكمة و توقيع‬
‫العقوبة‪ ،‬و ذلك معناه إختصاص الضابطة القضائية في إتخاذ اإلجراءات العقابية‪ .‬و اإلختالف بين الشرطة اإلدارية و القضائية من‬
‫الناحية الوظيفية تترتب عنه نتيجة قانونية هامة يخضع وفقها رجال الشرطة القضائية للسلطة القضائية‪ ،‬فيما يخضع رجال‬
‫الشرطة اإلدارية للسلطة التنفيذية باعتبارهم جهة إدارية‪ ،‬مما يصبح معه ممكنا الطعن في أعمالها عن طريق دعوى اإللغاء بسبب‬
‫الشطط في إستعمال السلطة‪.‬‬

‫مفهوم الشرطة اإلدارية ‪:‬‬


‫يمكن تعريف الشرطة اإلدارية من الناحية العضوية بأنها نوع من الموظفين و األعوان الذين عهد إليهم بمقتضى النصوص‬
‫التشريعية و التنظيمية لممارسة تلك الوظيفة بإعتبارها نشاطا إداريا‪ .‬أما من الناحية المادية فالشرطة اإلدارية تعني نشاط قانوني‬
‫معين ‪ ،‬و المعيار المادي هو الذي يتم اإلعتماد عليه للتمييز بين مختلف أنواع الشرطة‪ .‬و بالتالي فالشرطة اإلدارية هي النشاط‬
‫الذي تباشره السلطات اإلدارية المختصة عن طريق اإلجراءات و القواعد التي تتخذها في مواجهة األفراد‪ ،‬عامة من خالل تقييد أو‬
‫تنظيم نشاطهم بهدف حماية النظام و األمن العام‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬صور الشرطة اإلدارية‬


‫المطلب األول ‪ :‬الشرطة اإلدارية العامة‬
‫تهدف الشرطة اإلدارية العامة إلى صيانة النظام العام بمفهومه الثالثي ‪ ،‬األمن العامة و الصحة العامة و السكينة العامة‪ ،‬أي أن‬
‫الهدف الرئيسي للضبط اإلداري العام هو تحقيق األمن العام عن طريق إتخاذ اإلجراءات الضرورية لمنع وقوع الجريمة‪ ،‬و إتخاذ‬
‫جميع اإلجراءات و الوسائل الوقائية لدرء إنتشار األوبئة و األمراض بقصد صيانة الصحة العامة‪ ،‬و توفير السكينة العامة بإدخال‬
‫حيز التنفيذ التدابير الضرورية لمنع الضوضاء و الفوضى داخل المناطق السكنية‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الشرطة اإلدارية الخاصة‬


‫مدلول الشرطة اإلدارية الخاصة مفهوم ضيق يقتصر على حماية األمن و النظام في قطاع من القطاعات أو في مجال من المجاالت‪،‬‬
‫و تحديدا على عنصر واحد منه‪ ،‬و بالتالي فالضبط اإلداري الخاص يعتبر بمثابة مجال يفترض وجود أنشطة تحتاج إلى تشريعات‬
‫خاصة تعمل السلطات على تنظيمها و رقابتها ‪ ،‬و هي مجموعة من القوانين التي تضيف إلى سلطات الشرطة اإلدارية إختصاصات‬
‫جديدة بخصوص موضوع محدد‪ ،‬غير الموضوع المستهدف من كل الشرطة اإلدارية العامة بمفهومها الثالثي‪ ،‬و الضبط اإلداري‬
‫الخاص يستهدف بذلك أغراضا أخرى كالمحافظة على أنواع معينة من الثروات أو حيوانات في الطريق إلى اإلنقراض‪.‬‬

‫‪/ 11 / 2019‬‬ ‫المحاضرة الثامنة‬


‫‪08‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬وسائل الضبط اإلداري‬

‫‪13‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬الوسائل القانونية‬
‫الوسائل القانونية هي مجموعة من الوسائل و اآلليات القانونية تستند عليها الشرطة اإلدارية بكيفية إنفرادية أو وفق طلب‬
‫المعنيين باألمر‪ ،‬و قد تكون قرارات تنظيمية أو قرارات فردية ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬لوائح الضبط اإلداري { القرارات التنظيمية }‬


‫لوائح الضبط اإلداري هي قواعد عامة و مجردة و غير شخصية‪ ،‬و هي أهم وسيلة تعتمد عليها الشرطة اإلدارية في ممارسة‬
‫مهامها الضبطية‪ ،‬و الهدف منها تقييد بعض أوجه النشاط الفردي حماية للنظام العام‪ ،‬و نظرا لطبيعتها التنظيمية فهي تكتسي‬
‫صيغة اإللزام بالنسبة للمخاطبين بها‪.‬‬
‫و اللوائح قد تعمل على تنظيم النشاط الفردي عن طريق وضع توجيهات معينة بخصوصه‪ ،‬مثال أن يقر الدستور حرية التجمع أو‬
‫التظاهر في حدود القانون و يترك لالئحة أمر تنظيم الطريقة التي يمارس بها األفراد هذه الحريات‪ ،‬مثال ‪ :‬تحديد الطرقات التي‬
‫ستمر منها المظاهرة أو مكان التجمع الخطابي‪...‬‬
‫و يتقيد نشاط األفراد بمقتضى هذه اللوائح وفق إحدى الطرق التالية ‪:‬‬

‫الحظر ‪:‬‬
‫المغزى من الحظر أن تمنع الالئحة من إتخاذ إجراءات أو تدابير معينة‪ ،‬مانعة ممارسة نشاط على أن يكون المنع مؤقتا و جزئيا‬
‫دون إلغاء حرية األفراد في ممارسة ذلك النشاط مستقبال‪ ،‬و إال كان الحظر غير مشروعا‪،‬‬

‫اإلذن ‪:‬‬
‫قد تفترض لوائح الضبط اإلداري في بعض الحاالت وجود إلزامية الحصول على إذن مسبق من الجهة اإلدارية المختصة لممارسة‬
‫نشاط معين ‪ ،‬في هذه الحالة من الالزم أن ينص القانون المنظم لهذه الحرية موضوع الممارسة صراحة على ضرورة إشتراط‬
‫الحصول على اإلذن‪.‬‬

‫اإلخطار ‪:‬‬
‫قد تشترط لوائح الضبط اإلداري في بعض الحاالت ضرورة إخطار السلطات اإلدارية مسبقا لممارسة المواطنين لنشاط معين حتى‬
‫تتمكن السلطات من إتخاذ اإلجراءات الضرورية لدرء المخاطر التي قد تهدد النظام العام لمنع وقوع كل ما من شأنه اإلضرار‬
‫بأرواح أو ممتلكات المواطنين‪ ،‬و النشاط في هذه الحالة غير محضور و ال يشترط عادة الحصول على إذن سابق لمزاولته‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬أوامر الضبط اإلداري { القرارات اإلدارية }‬


‫أوامر الضبط اإلداري هي القرارات الصادرة عن اإلدارة بهدف تطبيقها على فرد معين تحديدا أو على عدد من األفراد المعنيين‬
‫شخصيا‪ ،‬كاألمر الصادر باإلستالء على للمنفعة العامة على ملكية خاصة أو مصادرة جريدة أو دورية معينة‪ ،‬و األمر الفردي قد‬
‫يك ون مجرد تطبيق لقاعدة تنظيمية عامة على حالة فردية‪ ،‬و سلطات اإلدارة إذا أعطيت لها إمكانية مخالفة هذا المبدأ بأن تعمل‬
‫على الترخيص باستثناءات مخالفة للقواعد العامة التنظيمية‪ ،‬فإن مشروعية تلك اإلستثناءات متوقفة على أن تكون القواعد‬
‫التنظيمية قد نظمت اإلستثناء‪ ،‬و أن يسعى اإلستثناء إلى تحقيق هدف يجيزه األمن و النظام العام‪ ،‬و أن تعمل اإلدارة على تحقيق‬
‫المساواة في هذا الخصوص بين األفراد‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الوسائل المادية‬


‫ال تكفي صياغة و إصدار القوانين التنظيمية و القرارات الفردية للحفاظ على النظام العام‪ ،‬بل من الالزم سريانها و إدخالها حيز‬
‫التنفيذ‪ ،‬و قد يرفض المخاطبين بهذه القوانين اإلنضباط لها‪ ،‬و لذلك تملك الشرطة اإلدارية في مواجهتهم الوسائل المادية التي‬
‫تمكنها من تحقيق ذلك‪ ،‬و تأتي هذه الوسائل كالتالي ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬التنفيذ الجبري { التنفيذ المباشر }‬


‫التنفيذ الجبري هو السلطات اإلستثنائية التي تملكها اإلدارة للقيام بنفسها بتنفيذ القرارات التي تصدرها جبريا‪ ،‬و بكيفية قسرية إذا‬
‫رفض المخاطبون بها اإلمتثال لها طواعية دون اللجوء إلى القضاء‪،‬‬
‫شروط التنفيذ الجبري ‪:‬‬
‫‪ ‬أن يكون هناك رفض من األفراد و إمتناع عن التنفيذ‪.‬‬
‫‪ ‬إثبات إمتناع األفراد عن التنفيذ عن طريق إعطائهم مدة كافية و معقولة للقيام بما هم ملزمون به طواعية‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ ‬أن تبلغ اإلدارة األفراد قبل التنفيذ الجبري على ضرورة التصرف إختياريا ]‬
‫‪ ‬عدم اإللتجاء إلى القوة إال في حالة الضرورة و اإلستعجال وفق متطلبات المصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ ‬أن يكون هناك تناسب بين إستعمال القوة و بلوغ الهدف الذي رسمه القانون‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬اللجوء إلى القوة العمومية‬


‫من أخطر التدابير الزجرية التي تستعملها السلطات اإلدارية فس حالة الضرورة و اإلستعجال هي اللجوء إلى القوة العمومية‬
‫خصوصا المسلحة منها‪ ،‬و صدر في هذا السياق منشور رئيس المجلس الوزاري بتاريخ ‪ 3‬يناير ‪ 1959‬لتحديد شروط إستعمال‬
‫القوة العمومية من طرف سلطات الشرطة اإلدارية‪ ،‬و أهم الشروط أن يكون النظام مهددا و معرضا إلختالالت‪ ،‬الشيء الذي يبيح‬
‫لجوء سلطات الضبط اإلداري إلى رجال األمن و القوات المساعدة و الدرك إذا كان التهديد خطيرا‪ .‬و يعد أساسيا التأكيد على أن‬
‫إختيار هذه الوسيلة ال يمكن تبنيها إلى في حالة الضرورة القصوى التي يكون معها النظام مهددا بشكل خطير إذ ال يمكن المحافظة‬
‫عليه إال باللجوء إلى إستعمال السالح‪.‬‬

‫المبحث الرابع ‪ :‬الهيئات اإلدارية الممارسة للضبط اإلداري‬


‫المطلب األول ‪ :‬على المستوى الوطني‬
‫الذي يمارس السلطة التنظيمية هو الذي يمارس الشرطة اإلدارية‪ ،‬و نستنتج من الفصل ‪ 90‬من الدستور أن رئيس الحكومة هو‬
‫الذي يمارس الشرطة اإلدارية‪ ،‬و في حالة اإلستثناء ال يبقى رئيس الحكومة بل رئيس الدولة هو الذي يعمد إليه مزاولة الضبط‬
‫اإلداري‪ ،‬هو الذي يصبح السلطة العليا على رأس الحكومة ( الفصل ‪ .) 90 / 89‬الوزراء ال يزاولون سلطات الضبط اإلداري‪،‬‬
‫السلطة األساسية لرئيس الحكومة ‪ ،‬قد يفوض إختصاصات لهم خصوصا في الضبط اإلداري الخاص في مجال معين و لمدة معينة‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬على المستوى المحلي‬


‫كل محطة من يمارس فيها الشرطة اإلدارية مرتبط بمفهوم معين لسيادة الدولة‪ ،‬المغرب من اإلستقالل سنة ‪ ( 1956‬التأسيس )‬
‫ظهير ‪ 29‬مارس ‪ 1963‬إلى غاية ‪ 1976‬كان يمارس الضبط اإلداري على المستوى المحلي كل من العامل و القائد و الباشا‪ ،‬و في‬
‫سنة ‪ 1976‬سيعهد أول مرة لرؤساء المجالس بمزاولة الضبط اإلداري على المستوى المحلي تحت إشراف السلطة اإلدارية‪،‬‬
‫إختصاص مشترك بين الرئيس و القائد أو العامل‪ ،‬فلم تظل لرجال السلطة إختصاصا لهم فقط بل إختصاص مشترك بين رجال‬
‫السلطة و رؤساء المجالس‪ ،‬و إلى حدود ‪ 2003‬تم إعادة النظر ( الميثاق الجماعي ) الفصل ‪ ،53‬مطالبة بنقل إختصاصات إلى‬
‫رؤساء المجالس‪ ،‬المشرع يرى أن ليس لرؤساء المجالس نضجا لمزاولة هذه اإلختصاصات‪ ،‬في ‪ 2003‬نقلت بعض اإلختصاصات‬
‫إلى رؤساء المجالس‪ ،‬مسألة غير واضحة بالنسبة للجهات و العماالت و األقاليم‪ ،‬الجماعة هي الخلية األساسية للديمقراطية على‬
‫المستوى المحلي بالنسبة لجميع دول العالم‪ ،‬ال يكفي تحويل اإلختصاصات بل منح إختصاصات لرؤساء المجالس‪ ،‬مهمة تتوقف‬
‫على العالقة الجدية بين المركز و المحيط‪ ،‬المجال المعني هو الجماعات‪.‬‬

‫المبحث الخامس ‪ :‬الرقابة القضائية على قرارات الضبط اإلداري‬


‫تخضع قرارات الشرطة اإلدارية إلى رقابة القضاء كباقي القرارات اإلدارية األخرى‪ ،‬أي أنها خاضعة لمراقبة المشروعية بل و‬
‫كذلك لمراقبة المالءمة‪ .‬و عليه فرقابة القضاء تتناول بشكل دائم التدابير و اإلجراءات المتخذة من طرف الشرطة اإلدارية من حيث‬
‫موضوعها و الظروف الدقيقة التي اتخذت فيها بما في ذلك تكييف معايير الضرورة و الفحص الواقعي لجميع عناصر المشروعية‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬رقابة المشروعية‬


‫تخضع السلطة اإلدارية في جميع مظاهر نشاطها لقواعد القانون‪ ،‬فأية مخالفة تؤدي إلى جعل تصرفاتها باطلة و غير مشروعة‪ ،‬و‬
‫هو ما ينتج عنه إلغاء تلك القرارات‪ ،‬باإلضافة إلى حق المضرور في مطالبة الدولة بالتعويض عن الضرر‪ .‬و الرقابة القضائية في‬
‫هذا المجال تتناول فحص مشروعية اإلختصاص و مطابقتها مع القواعد القانونية‪ ،‬كما تتناول السبب من حيث وجوده المادي و‬
‫تكييفه القانوني ‪ ،‬و الغاية المتواخاة‪ .‬مما يستوجب اإللغاء كلما كان هناك إنحراف أو شطط في إستعمال السلطة‪ .‬و سلطات الضبط‬
‫اإلداري ليس لها إستخدام سلطاتها إال من أجل تحقيق و صيانة النظام العام بمفهومه الثالثي ( الصحة العامة و السكينة العامة و‬
‫األمن العام )‪ ،‬فعلى سبيل المثال إذا انحرفت الشرطة اإلدارية عن الغرض المرسوم لها أو صدر قرارها وفق وقائع غير سليمة كان‬
‫تصرفها غير مشروعا يجب إلغاؤه‪ ،‬حتى و لو كان الهدف من عمل الشرطة اإلدارية تحقيق مصلحة عامة ال يمكن التذرع بها كلما‬
‫انحرفت عن األهداف المحددة قانون‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬رقابة المالءمة‬


‫بالنسبة لمراقبة المالءمة فكما هو الشأن بالنسبة لقضاء مجلس الدولة الفرنسي فإن رقابة قضاء الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى‬
‫قد تتعدى المشروعية لتنصب على المالءمة‪ ،‬مالءمة القرارات و تناسبها‪ ،‬فالتدابير الخاصة بالضبط اإلداري لما يمكن أن يكون لها‬

‫‪15‬‬
‫من إنعكاسات خطيرة على حقوق و حريات األفراد في دولة الحق و القانون‪ ،‬ال يمكن للسلطات اإلدارية أن تنكر أو أن تتجاهل‬
‫بكيفية مطلقة تلك الحقوق و الحريات‪.‬‬

‫‪/ 11 / 2019‬‬ ‫المحاضرة التاسعة‬


‫‪15‬‬

‫المحور الرابع ‪ :‬المرافق العامة‬


‫المبحث األول ‪ :‬محتوى فكرة المرفق العام‬
‫قسم الفقه المرافق العامة ألسباب منطقية‪ ،‬و يتجلى دور المرافق العامة في اإلستجابة لحاجيات السكان‪ ،‬و مجال المرافق العامة‬
‫مجال خاضع لتذبذبات ‪ ،‬كان الحديث على أنه لم يكن وجود للمرفق العام‪ ،‬الدول ستعرف إشكاالت‪ ،‬لم يعد بإمكانها أن تدبر شؤونها‪،‬‬
‫مما إضطرها إلى تفويض إختصاصات لألفراد‪ ،‬لم تعد هناك مرافق عمومية‪.‬‬
‫في كل مرة يحدث شيء ليعيد المرفق العام للوجود ‪ ،‬هناك مجتمعات تدافع بقوة عن المرفق العام كالنموذج الفرنسي‪ ،‬و بعد أزمة‬
‫‪ 1929‬تم تأميم القطاع البنكي في كل من بريطانيا و الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬و تفاديا إلنهيار النظام الرأسمالي عاد المرفق‬
‫العام من جديد‪.‬‬
‫مفهوم المرفق العام مفهوم خاضع لتذبذبات‪ ،‬و له أهمية فاإلدارة تمارس هذا النشاط بكيفية أساسية‪ ،‬و هناك مرفق عامة إدارية‪،‬‬
‫و كذلك مرافق عامة ذات صبغة إقتصادية [ صناعية‪ ،‬تجارية ]‪ ،‬و توجد أيضا مرافق عامة ذات صبغة إجتماعية أسسها مجلس‬
‫الدولة الفرنسي و توجد بنسبة كبيرة في الدول اإلشتراكية‪ ،‬و توزيع هذه األنواع و وجودها يكون حسب طبيعة الدولة‪ ،‬فلم يعد‬
‫هناك نوع واحد بل أنواع بنسب متباينة‪.‬‬
‫في مجال المرافق العامة ال نقول زبون فهي خاصة بالقانون التجاري و ليس القانون العام‪ ،‬بل نقول المرتفق أو المضار‪ ،‬و الدولة‬
‫لها كامل السلطات في تغيير وضعية المرفق العام حسب اإلكراهات و الحاالت‪ ،‬وطنيا البرلمان يتحكم في شكل و تدبير المرافق‬
‫العامة‪ ،‬أما على المستوى المحلي فتتولى ذلك المجالس عن طريق المداولة ( األغلبية داخل المجلس )‪ ،‬ال يمكن للمرتفق أن‬
‫يتمسك بطريقة من الطرق أو أن يلزم الدولة بالتشبث بطريقة من الطرق‪.‬‬

‫مفهوم المرفق العام ‪:‬‬


‫المرفق العام من الناحية العضوية‪ ،‬هو مجموعة الهيئات العامة التي تمارس نشاطا ذو صبغة المنفعة العامة‪ ،‬و كمثال على ذلك‬
‫المستشفيات و الكليات و المدارس‪ ،‬أما المفهوم المادي للمرفق العام فينصرف إلى النشاط و مضمون العمل الذي يمارسه المرفق‬
‫تحقيقا للمصلحة العامة‪ ،‬كحماية المواطنين صحيا أو توفير السكينة و األمن لهم‪ ،‬و قد جمع جانب من الفقه بين المفهومين‬
‫العضوي و المادي للمرافق العامة‪ ،‬و وفق هذا المفهوم المرافق العمومية هي مؤسسات تعمل بانتظام و اضطراد تحت إشراف و‬
‫مراقبة الدولة بهدف أداء خدمة عامة للمواطنين مع خضوعها لنظام قانوني معين‪.‬‬
‫تتجلى أهمية التمييز بين المعيار المادي و المعيار العضوي لمفهوم المرفق العام في الفرضيات التي تمارس فيها النشاط المرفقي‬
‫هيئة خاصة ‪ ،‬و التمييز أيضا من األهمية بمكان بخصوص تحديد القوانين الواجب الخضوع لها‪ ،‬القانون العام أو القانون الخاص‪،‬‬
‫فالمرافق عضويا تخضع عادة هيئة و نشاطا ألحكام القانون العام‪ ،‬إذ تصبح خاضعة للدولة في جميع عناصرها تنظيما‪ ،‬عماال و‬
‫أمواال‪ ،‬أما المرافق المادية فإن النشاط موضوع المرفق هو الذي يخضع لمبادئ القانون العام‪ ،‬أما المشرفون عليه فيخضعون‬
‫ألحكام القانون الخاص‪ ،‬و يطبق القانون العام و القانون الخاص في نفس الوقت إذا تعلق األمر على سبيل المثال بشركات اإلقتصاد‬
‫المختلط‪.‬‬
‫بناءا على ما سبق يكمن القول أن المرفق العام هو كل نشاط يعمل بإنتظام و اضطراد بهدف تحقيق المنفعة العامة‪ ،‬و قد يدار‬
‫بواسطة الدولة مباشرة فتستخدم أموالها الخاصة و موظفيها و إمتيازات السلطة العامة‪ ،‬على إعتبار أن األفراد غير قادرين على‬

‫‪16‬‬
‫مزاولة هذا النشاط ألنه ال يحقق األرباح و كثير النفقات‪ ،‬أو ألن الدولة ترى أن األفراد ال يمكن أن يزاولوا هذا النشاط في ظروف‬
‫جيدة‪ ،‬و قد يعهد بتسييره للخواص و الشركات‪ ،‬و هو ما يطلق عليه إصطالحا بامتيازات المرفق العام‪.‬‬

‫مالحظات حول العناصر التي شيدت حولها المرافق العامة ‪:‬‬


‫إشباع الحاجيات العامة قد ال يكون حكرا على الدولة‪ ،‬بل قد يقوم بذلك األفراد بواسطة مؤسسات خاصة ذات النفع العام‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يمكن تسيير المرافق التجارية و اإلقتصادية و اإلجتماعية وفق قواعد و أحكام القانون الخاص‪ ،‬بعيدا عن أساليب السلطة‬ ‫‪‬‬
‫العامة التي قد تعقد من سيرها‪.‬‬
‫يجب أن تسير المرافق العامة بانتظام و اضطراد على إعتبار أن الحاجيات التي تشبعها ضرورية لعموم المواطنين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الدولة ملزمة بتحقيق المساواة بين المواطنين في اإلنتفاع بالخدمات التي تسديها المرافق تأسيسا على مبدأ المساواة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫قرار إنشاء و إدارة مرفق عام يكون بعيدا عن هاجس الربح‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫للدولة حق ا لتدخل في أي لحظة للتغيير من قواعد سير المرافق العامة دون أن يكون ذلك اإلجراء مشروطا بأي إعتبار آخر‬ ‫‪‬‬
‫غير مراعاة المصلحة العامة‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬إنشاء‪ ،‬إلغاء‪ ،‬و تنظيم المرفق العام‬


‫المطلب األول ‪ :‬إنشاء المرافق العامة‬
‫الفرع األول ‪ :‬إحداث المرافق العامة الوطنية‬
‫فيما يخص إحداث المرافق العامة الوطنية فالدساتير المغربية الثالثة األخيرة قبل دستور ‪ 2011‬نصت على المسائل المحصورة‬
‫على القانون‪ ،‬أي التي تدخل في إختصاص السلطة التشريعية بمقتضى الفصل ‪ ،46‬باإلضافة إلى بعض األمور المنصوص عليها‬
‫في الباب األول من الفصل األول إلى الفصل ‪ 18‬المنظمة للحقوق األساسية للمواطنين و حرياتهم‪ ،‬ما دون ذلك معهود به للسلطة‬
‫التنظيمية وفق مقتضيات الفصل ‪ 47‬من الدستور‪ ،‬و هو نفس المنظور المختص به أحكام دستور ‪2011‬و تحديدا الفصل ‪ ،71‬و‬
‫عليه بإستقراء تلك النصوص يتضح أن المؤسسات العامة معهود بإحداثها صراحة للقانون‪ ،‬أما غيرها من المرافق العامة فإن‬
‫التأويل المباشر للنصوص الدستورية يستنتج أن إحداثها من إختصاص السلطة التنظيمية‪ ،‬و هو ما أكده قضاء الغرفة الدستورية‬
‫للمجلس األعلى على األقل في بعض قراراته‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬إحداث المرافق العامة المحلية‬


‫إن الجهة صاحبة اإلختصاص إلنشاء المرافق العامة المحلية هي المجالس الجماعية المحلية المختصة‪ ،‬عمال بمقتضيات الفصل‬
‫‪ ،39‬الفقرة ‪ ، 4‬من قانون التنظيم الجماعي الجديد الذي ينص ‪ " :‬يقرر المجلس الجماعي إحداث و تدبير المرافق العمومية‬
‫الجماعية خاصة في القطاعات التالية ‪:‬‬
‫التزود بالماء الصالح للشرب‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫توزيع الطاقة الكهربائية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التطهير السائل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫جمع الفضالت المنزلية و النفايات المشابهة لها و نقلها و إيداعها بالمطرح العمومي و معالجتها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اإلنارة العمومية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫نقل المرضى و الجرحى‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫النقل العمومي الحضري‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫السير و الجوالن و تشوير الطرق العمومية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الذبح و نقل اللحوم و األسماك‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المقابر و مرفق نقل الجثث‪" .‬‬ ‫‪‬‬
‫و عليه فيما يخص إحداث المرافق العامة المحلية فبالنسبة للمرفق الجهوي فإن إحداثه من إختصاص المجلس الجهوي عمال‬
‫بمقتضيات المادة ‪ 41‬الفصل ‪ 8‬من قانون تنظيم الجهات لسنة ‪ ،1997‬و بالنسبة للمرفق الجماعي فإن إحداثه من إختصاص‬
‫مجلس الجماعة الحضرية أو القروية عمال بمقتضيات المادة ‪ 39‬من القانون ‪ 80.17‬المتعلق بالميثاق الجماعي‪ ،‬و بالنسبة‬
‫للمرافق المحلية المشتركة بين الجماعات المحلية فيتم إحداثها بإذن من وزيرالداخلية و وفق اإلجراءات القانونية المنصوص‬
‫علي ها في إطار المقتضيات الخاصة بالمرافق العامة الجماعية و لجان التعاون المشتركة ما بين المجالس المحلية‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تنظيم المرافق العامة‬
‫يقصد بتنظيم المرافق العامة وضع القواعد المتعلقة بتشغيلها على الوجه المحقق للصالح العام من حيث كيفية إدارتها‪ ،‬و تنظيم‬
‫شؤون العاملين بها‪ ،‬و تنظيم العالقة بين أقسامها و فروعها‪ ،‬و تحديد إختصاصات كل من هذه االقسام و تلك الفروع‪ ،‬فهذه‬
‫القواعد هي التي تبين ما إذا كان المرفق الجديد سيلحق بشخص إداري أم ستكون لشخصية مستقلة و تبين طريقة إستقالله‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬إلغاء المرافق العامة‬


‫يعني إلغاء المرفق العام وضع نهاية لنشاطه‪ ،‬و ذلك إذا قدرت الدولة في وقت من األوقات ان إشباع حاجة عامة معينة يكمن أن‬
‫يتم بغير وسيلة المرفق العام‪ ،‬أي بواسطة المشروعات الخاصة أو المشروعات الخاصة ذات النفع العام‪ ،‬فتترك هذه المهمة لمجال‬
‫النشاط الفردي‪ ،‬و إذا قد رت اإلدارة بدافع الرغبة في توفير الجد و المال‪ ،‬كما أن الخدمة التي يؤديها المرفق العام المجمع إلغاؤه‬
‫يمكن أن يعهد بها إلى مرفق عام عام آخر قائم‪ ،‬فإلغاء المرفق العام يتم بنفس الوسيلة التي تم بها إحداثه‪ ،‬فالمرافق التي أنشأت‬
‫بقانون تلغى بموجب قانون‪ ،‬و المرافق التي أنشأت بناءا على قانون تقوم الجهة التي أنشأتها بذات الطريقة‪ ،‬كما تلغى المرافق‬
‫التي أنشأت بقرار جمهوري بنفس األداة‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬تقسيمات و أنواع المرافق العامة‬


‫قسم الفقه المرافق العامة إلى أنواع متعددة‪ ،‬و ذلك إستنادا إلى معايير مختلفة ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬تقسيم المرافق العامة من حيث طبيعة النشاط الذي تزاوله‬
‫من هذه الزاوية يمكن تصنيف المرافق العامة إلى األنواع التالية ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬المرافق العامة اإلدارية‬


‫المرافق العامة اإلدارية هي مجموعة المرافق التي تدخل في نطاق الوظيفة اإلدارية للدولة‪ ،‬مثل مرافق األمن و الدفاع و القضاء و‬
‫الصحة العمومية و التعليم العمومي‪ ،‬و تنطبق المرافق اإلدارية على مختلف أنواع الوزارات‪ ،‬و يمتاز هذا النوع من المرافق أن‬
‫الدولة تديره مباشرة‪ ،‬و ذلك بعمالها و أموالها‪ ،‬فيعتبر عمالها موظفين عموميين يشغلون وظائف و تربطهم بالدولة عالقات‬
‫تنظيمية‪ ،‬و تخضع المرافق العامة اإلدارية كقاعدة عامة ألحكام القانون العام‪ ،‬فتعتبر أموالها أمواال عامة‪ ،‬و يعتبر الموظفون بها‬
‫موظفين عموميين‪ ،‬كما تعتبر تصرفاتها تصرفات إدارية سواء كانت عقودا أو قرارات إدارية‪.‬‬

‫الفرع الثاتي ‪ :‬المرافق العامة اإلقتصادية‪ ،‬التجارية‪ ،‬و الصناعية‬


‫المرافق العامة اإلقتصادية هي تلك المرافق التي ال تختلف بطبيعتها عن نوع و جنس األنشطة التي يقبل عليها األفراد‪ ،‬فهي‬
‫تمارس نشاطا إقتصاديا سواء كان ماليا أو صناعيا أو تجاريا أو زراعيا‪ ،‬أي أنها تمارس نشاطا من طبيعة صناعية أو تجارية‪،‬‬
‫مثل مرافق البريد و التليفون و الكهرباء‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬المرافق العامة النقابية أو المهنية‬


‫المرافق العامة النقابية أو المهنية هي مرافق تنشأ بغرض إدارة شؤون مهنية أو نقابية لمهنة معينة أو لطائفة معينة و تتمتع‬
‫ببعض إمتيازات القانون العام‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬تقسيم المرافق العامة على أساس اإلمتداد الترابي و الجغرافي لنشاطها‬
‫تأسيسا على هذا المعيار تقسم المرافق العامة إلى األنواع التالية ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬المرافق العامة الوطنية‬


‫المرافق العامة الوطنية هي مجموعة المرافق التي تتسع دائرة نفوذ نشاطها لتضم الدولة ككل‪ ،‬مقدمة الخدمات الضرورية‪ ،‬و‬
‫األساسية ألكبر عدد ممكن من المواطنين‪ .‬و هي التي تتولى بنفسها اإلشراف على نشاطها‪ ،‬و وسيلتها في ذلك هي اإلدارة‬
‫المركزية‪ ،‬و الهيئات الحكومية‪ ،‬و كأمثلة على ذلك مرفق التعليم‪ ،‬و قد تعطى مسؤولية اإلشراف عليها إلى مؤسسة عامة ذات‬
‫الشخصية المعنوية المستقلة و المنفردة باإلستقالل المالي و اإلداري مع خضوعها لرقابة و وصاية الدولة‪ ،‬كالمكتب الوطني‬
‫للسكك الحديدية‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬المرافق العامة المحلية‬
‫المرافق العامة المحلية هي تلك المرافق المعهود بإدارتها للجماعات المحلية‪ ،‬و هي وفق المقتضيات الدستورية لتعديلي ‪ 1992‬و‬
‫‪ 1996‬و كذا ‪ 2011‬الجهات‪ ،‬العماالت‪ ،‬األقاليم‪ ،‬و الجماعات الحضرية و القروية‪ .‬و المشرع يعمل على تحديد اإلختصاصات‬
‫المعهود بها لهذه الجماعات ‪ ،‬و غالبا ما يعمل على حصرها في إطار ترابي و جغرافي محدد‪ ،‬و عليه تسمى بالمرافق الجهوية‪ ،‬أو‬
‫المرافق اإلقليمية‪ ،‬أو المرافق الحضرية أو البلدية أو القروية‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬تقسيم المرافق العامة من حيث مدى تمتعها بالشخصية المعنوية‬
‫من هذه الزاوية يمكن تصنيف المرافق العامة إلى األنواع التالية ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬المرافق العامة ذات الشخصية المعنوية‬


‫المرافق العامة ذات الشخصية المعنوية هي تلك المرافق التي تنفرد بشخصية قانونية متميزة عن الشخص اإلعتباري الذي يرعى‬
‫نشاطها‪ ،‬و تتمتع باإلستقالل اإلداري و المالي حتى يتسنى لها التخصص في مجال معين‪ ،‬هذه المرافق إذا كانت لها ذاتية مستقلة‬
‫فإن ذلك اإلستقالل ترد عليه بعض اإلستثناءات‪ ،‬فهو مقيد بعنصري التخصص و الرقابة اإلدارية‪ ،‬وطنيا يطلق على هذه المرافق‬

‫المرافق العامة اإلدارية إصطالح الصندوق ( الصندوق الوطني القرض الفالحي )‪ ،‬أو المركز ( المركز السينماتوغرافي المغربي )‪،‬‬
‫أو المكتب ( مكتب إستغالل الموانئ )‪ ،‬و هي مؤسسات عامة وطنية‪ ،‬أما محليا فنجد مصطلح الوكالة ( الوكالة المستقلة لتوزيع‬
‫الماء و الكهرباء )‪ ،‬و هي مؤسسات عامة محلية‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬المرافق العامة غير ذات الشخصية المعنوية‬


‫المرافق العامة غير ذات الشخصية المعنوية هي مرافق مجردة من الشخصية المعنوية‪ ،‬رأت الدولة ضرورة اإلحتفاظ بتدبيرها و‬
‫تسييرها بنفسها نظرا لخصوصيتها و أهميتها بالنسبة لعموم المواطنين‪ ،‬كمرافق الصحة او البريد مثال‪ ،‬هذه المرافق غالبا ما‬
‫تكون موزعة بين مختلف الوزارات‪.‬‬

‫المطلب الرابع ‪ :‬تقسيم المرافق العامة على أساس سلطة الدولة في إحداثها‬
‫تأسيسا على هذا المعيار تقسم المرافق العامة إلى األنواع التالية ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬المرافق العامة اإلختيارية‬


‫المرافق العامة اإلختيارية هي تلك المنشآت التي تتمتع الدولة بخصوص سلطة إنشائها برؤية تقديرية‪ ،‬بحيث ال يمكن ألي كان‬
‫إلزامها بإحداث تلم المرافق‪ .‬فالدولة تبقى سيدة الموقف وفق ما تمليه الضرورات‪ ،‬و الحاجيات و المصلحة العامة إلستحداث‬
‫مرفق من عدمه‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬المرافق العامة اإلجبارية‬


‫المرافق العامة اإلجبارية هي المنشآت التي تكون إجبارية متى صدر قانون يقضي بضرورة إنشاء مرفق معين‪ .‬و في هذه الحالة‬
‫الدولة تكون ملزمة بإحداث المرفق‪ ،‬و لألفراد المطالبة بذلك بإعتباره إحدى الحقوق األساسية التي ال يمكن التنازل عنها‪ ،.‬على‬
‫أنه في حالة الرفض‪ ،‬يجوز لهم الطعن في قرار الرفض أمام الجهات القضائية المختصة‪.‬‬

‫المطلب الخامس ‪ :‬المرافق العامة الواقعية أو الفعلية‬


‫المرافق العامة الواقعية أو الفعلية هي المرافق التي يحدثها األفراد بمجرد أخذ تصريح لذلك من طرف السلطات اإلدارية المختصة‪،‬‬
‫و أكد مجلس الدولة الفرنسي على أنها تدخل في عداد المرافق العامة ألنها تؤدي خدمات أساسية و جوهرية للمواطنين‪ ،‬على‬
‫الرغم من كونها مشروعات فردية غايتها أداء خدمة عامة لها نوع من األهمية‪ ،‬شريطة أن تكون من األنشطة الغير الممكن‬
‫مزاولتها بترخبص سابق من السلطات اإلدارية‪ ،‬مع إحترام الواجبات و اإللتزامات المطبقة في المرافق العمومية األخرى‪ .‬و على‬
‫سبيل المثال نجد مرافق المواصالت ( النقل )‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪22 / 11 / 2019‬‬ ‫المحاضرة العاشرة‬

‫المبحث الرابع ‪ :‬المبادئ األساسية للمرفق العام‬


‫المبادئ األساسية للمرفق العام هي مجموعة من المبادئ تطبق على جميع المرافق‪ ،‬و هي معيار التمييز بين ما يعتبر مرفقا‬
‫عموميا و بين ما ال يعتبر مرفقا عموميا‪ ،‬و وفق هذه المبادئ األساسية نعرف هل نحن أمام مقاولة أو شركة أو مرفق عام‪.‬‬

‫القضاء اإلداري هو الذي وضع المبادئ األساسية المرفقية الجوهرية أول مرة‪ ،‬لويس غولون كان وراء صياغتها ألول مرة‪ ،‬و‬
‫بعد ذلك عمل القضاء اإلداري على تطوير هذه المبادئ األساسية‪،‬‬

‫كانت في البداية مبادئ كالسيكية تقليدية متمثلة في اإلستمرارية‪ ،‬المساواة‪ ،‬و القابلية للتغيير‪ ،‬لكن بعد الحرب العالمية الثانية و‬
‫التطورات الكبرى التي شهدها العالم أضيفت إلى هذه المبادئ مبادئ عصرية تماشات مع التطورات وفق ما تطلبته الحاجيات‬
‫األساسية للمرتفقين‪ ،‬و تتمثل هذه المبادئ في الشفافية و الجودة‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬مبدأ اإلستمرارية‬


‫مبدأ اإلستمرارية معناه أنه ألي سبب كان ال يمكن أن تتوقف المرافق العمومية عن أداء خدماتها للمواطن‪ ،‬هذه الخدمات في إطار‬
‫االمصلحة العامة‪ ،‬الهدف منها إشباع الحاجيات األساسية للمرتفقين‪ .‬و وفق مبدأ اإلستمرارية فإن المرافق العامة يجب أن تعمل‬
‫على أداء هذه الخدمات دون توقف أو إنقطاع و لو بصفة مؤقتة‪ ،‬فأي توقف فيه إضرار للنظام العام‪.‬‬

‫اإلدارة لها مسؤولية ضمان إستمرار سير المرافق العمومية‪ ،‬و مبدأ اإلستمرارية من القواعد الجوهرية و األساسية‪ ،‬ال تحتاج‬
‫لنص تنظيمي أو تشريعيي يقرها ‪ ،‬بل هي من الحاجيات األساسية‪ ،‬من باب تحصيل الحاصل‪ .‬على اعتبار أن وجود مرفق عام‬
‫طبيعته تقتضي ضمان سيره خدمة للمصلحة العامة‪.‬‬

‫إن قاعدة إستمرارية المرافق العامة مؤسسة على ضرورة كفالة حقوق المنتفعين بكيفية فعالة و مستديمة‪ ،‬و هي مسألة إذا كانت‬
‫متعذرة الحصول بالنسبة لبعض المرافق فهي واجبة بالنسبة لمرافق أخرى مما يصبح معه إلزاميا فتح أبواب قسم المستعجالت‬
‫بالمستشفيات العامة بصفة دائمة‪ ،‬و تسري نفس القواعد على مكاتب البريد‪ ،‬و مصالح الماء و الكهرباء‪.‬‬

‫تطبيقا لمبدأ اإلستمرارية‪ ،‬من الالزم اإلعتداد بالتوقيت اإلداري بكيفية منتظمة للمرفق‪ ،‬لذا وجب فتح أبوابه في الساعة النظامية‬
‫القانونية‪ ،‬و ال يمكن إغالقها قبل األوقات المحددة‪ ،‬فالعبرة أن يتمكن المرتفقون من الخدمات بشكل جيد حتى يستجيب المرفق‬
‫للغاية التي أنشأ من أجلها‪.‬‬

‫و في جميع الحاالت‪ ،‬فإن تطبيق مبدأ اإلستمرارية يؤدي إلى نتائج مقيدة للحريات الفردية و الجماعية‪ ،‬و إلى حماية إمتيازات‬
‫الدولة و سلطاتها اإلدارية‪ ،‬و يتضح ذلك على األقل في خمسة مجاالت ‪:‬‬

‫مجال تحريم اإلضراب‪.‬‬ ‫‪)1‬‬


‫مجال تنظيم اإلستقالة‪.‬‬ ‫‪)2‬‬
‫نظرية الموظف الفعلي‪.‬‬ ‫‪)3‬‬
‫مجال تحريم الحجز على أموال المرافق العمومية‪.‬‬ ‫‪)4‬‬
‫نظرية الظروف الطارئة‪.‬‬ ‫‪)5‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬تحريم و منع اإلضراب على عمال المرافق العامة‬


‫إن اإلضراب باعتباره انقطاع العمال عن تأدية مهامهم بكيفية مؤقتة تعبيرا عن عدم رضائهم عن أمر معين أو بحثا عن الوصول‬
‫إلى تحقيق مطالب معينة‪ ،‬عملت أغلب الدول على تحريمه على عمال المرافق العمومية‪ ،‬خصوصا اإلضرابات الجماعية لما فيها‬
‫من تهديد لقاعدة سير تلك المرافق بانتظام و اضطراد‪ .‬و اإلضراب هو اتفاق بين العمال أو الموظفين أو المستخدمين على االمتناع‬
‫الجماعي عن العمل لمدة زمنية محددة‪ ،‬دون أن تنصرف نيتهم إلى التخلي عن وظائفهم أو تركها بصفة نهائية‪ ،‬تعبيرا عن تذمرهم‬
‫من شروط العمل و ظروفهم المادية االقتصادية و االجتماعية‪ ،‬أمال في تحقيق تلك المكاسب المادية و المعنوية‪ ،‬و تحسين ظروف‬
‫معيشتهم‪ .‬هناك مجاالت ممنوع فيها اإلضراب‪ ،‬كقطاع‪ .‬الصحة‪ ،‬مراقبة الحدود‪ ،‬المالحة الجوية‪ ،...‬و تبقى هناك ضرورة التوفيق‬
‫بين حقوق المرتفق و المكتسبات و الحقوق للعاملين بالمرافق العامة‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬قاعدة تنظيم االستقالة‬
‫االستقالة إنهاء لخدمة الموظف بناءا على رغبته في التخلي نهائيا عن الوظيفة التي يشغلها‪ ،‬و االستقالة حتى تصبح سارية النفاذ‬
‫فإنها خاضعة لشكلية تقديم طلب كتابي من المعني باألمر‪ ،‬يعبر فيه بشكل صريح و واضح عن رغبته في مغادرة أسالك الوظيفة‬
‫بصفة نهائية‪ ...‬و االستقالة لما كانت إحدى الحقوق التي بإمكان الموظفين مزاولتها‪ ,‬فإنهم ملزمون بعدم اإلخالل بالمصلحة العامة‬
‫و احترام المبادئ األساسية الضامنة لسير المرفق بانتظام و باضطراد‪ .‬و قد عمل المشرع المغربي على تنظيم االستقالة بمقتضى‬
‫الفصول ‪ 75‬إلى ‪ 79‬من ظهير ‪ 24‬فبراير ‪ ,1958‬المعتمد بمثابة النظام األساسي للوظيفة العمومية‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي‬


‫نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي هي نظرية تقتضي صدور عن موظف فعلي أو واقعي تصرفات متصلة بتسيير المرافق العامة‬
‫في الظروف االستثنائية‪ ،‬كالحرب و الكوارث الطبيعية مثال‪ ،‬أ‪ ,‬في الظروف العادية‪ .‬و الموظف الفعلي هو ذلك الموظف الذي صدر‬
‫في حقه قرار بتعيين بكيفية خاطئة‪ ،‬أو ذلك الموظف الذي لم يصدر في شأنه أًصل أي قرار تعيين‪ ،‬و الذي زاول وظيفته عامة على‬
‫الرغم من ذلك‪ .‬ألسباب مرتبطة بالمصلحة العامة و تقديم خدمات ضرورية للجمهور‪.‬‬

‫و أعمال و تصرفات الموظف الفعلي تعتبر صحيحة و مشروعة‪ ،‬خالل فترة ممارستها‪ ،‬على الرغم من كون أ‪ ،‬التطبيق المنطقي‬
‫لقواعد المشروعية يقتضي عدم االعتراف بصحتها‪ ،‬و تعتبر صحيحة و مشروعة بالنسبة للقضاء على اعتبار انها اساسية للحفاظ‬
‫على مبدأ االستمرارية‪.‬‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬تحريم الحجز على األموال المعتمدة و المخصصة لتسيير المرافق العامة‬
‫مبدأ تحريم الحجز على األموال المعتمدة و المخصصة لتسيير المرافق العامة باعتبارها أداة لتحقيق المصلحة العامة‪ ،‬و عليه ال‬
‫يمكن أن تكون موضوع حجز ضمانا الستمرارية المرافق العمومية‪ ،‬و قد يتساءل المرء من هذا المنطلق عن الضامن الفعلي‬
‫لحقوق دائني الدولة ما دام ال يمكن الحجز على أموال المرافق العمومية ؟‬

‫إجابة عن هذا السؤال‪ ،‬يمكن الجزم أن تصرف الدولة كقاعدة عامة يفترض المالءمة‪ ،‬أي تأخذ مالها من حقوق عامة و تنفذ ما‬
‫عليها من التزامات دون إكراه‪ ،‬أو لجوء إلى االحتيال على الغير أو اإلضرار بحقوقه‪ .‬و الجهاز القضائي متى ما كان مستقال‪ ،‬يعد‬
‫خير و أفضل سلطة مراقبة لإلدارة حماية للمواطن من اعتداءاتها المفترضة‪.‬‬

‫الفرع الخامس ‪ :‬نظرية الظروف الطارئة‬


‫نظرية الظروف الطارئة هي نظرية بلورها القضاء اإلداري في مجال العقود اإلدارية‪ ،‬و يستفاد منها أنه قد تظهر أثناء تنفيذ العقد‬
‫ظروف غير متوقعة لألطراف المتعاقدة‪ ،‬و لما كانت غير مسؤولة عن حدوثها‪ ،‬أو في ظهورها الشيء الذي يصبح معه صعبا‪،‬‬
‫مرهقا‪ ،‬و عسيرا للمتعاقد مع اإلدارة تنفيذ مقتضياته‪ .‬و هي مسألة قد تؤدي إلى فسخ العقد و توقف المرفق العمومي عن أداء‬
‫خدماته‪ ،‬خصوصا إذا تم ذلك الفسخ من طرف واحد بدعوى الصعوبات المرتبطة بتنفيذ مقتضياته‪ .‬و خالفا لما هو جاري به العمل‬
‫في القانون المدني حيث العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬فإن قيام و ظهور قوة طارئة ال يؤثر على إستمرار المتعاقدين بسبب إرهاق مالي‬
‫يخل بالتوازن المالي للمشرع‪ .‬أما في ظل أحكام القانون اإلداري‪ ،‬فالمتعاقد مع اإلدارة بإمكانه المطالبة بالتعويض تحقيقا للتوازن‬
‫المالي للمشروع‪ ،‬و تتحمل الدولة الخسائر جزءا أو كال من المتعاقد بسبب تلك الظروف تحقيقا لمبدأ استمرارية المرفق العام في‬
‫أداء خدماته األساسية للمواطنين‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬مبدأ المساواة‬


‫مبدأ المساواة هو مبدأ مستمد من القواعد المهيمنة على جميع الدساتير‪ ،‬و إعالنات حقوق اإلنسان‪ ،‬و المؤكدة لمساواة األفراد في‬
‫الحقوق و الواجبات‪ .‬من هذا المنطلق‪ ،‬كان بديهيا أن تؤدي المرافق العامة خدماتها للموطنين على قدم المساواة عند توفر شروط‬
‫معينة‪ .‬و عليه‪ ،‬مبدأ المساواة يجب االعتداد بمحتوياته و المرافق العامة ملزمة باحترامه‪ ،‬مع وجوب معاملة المواطنين‬
‫المستفيدين من المرفق معاملة تحكمها المساواة من حيث شروط االنتفاع‪ ،‬و من حيث مقدار تحمل اإللتزامات و األعباء‪ .‬و تطبيق‬
‫هذا المبدأ يفترض استقاللية و حياد المرفق في التعامل مع المواطنين و معامالتهم دون تمييز جنسي‪ ،‬سياسي‪ ،‬عرقي‪ ،‬أو ديني‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬مبدأ قابلية المرافق العامة للتغيير و التكييف‬


‫لإلدارة حق التدخل مبدئيا لتعديل أو تغيير القواعد ألتي تحكم المرافق العامة‪ ،‬حتى تكون مطابقة و مسايرة للظروف االجتماعية و‬
‫االقتصادية‪ ،‬المتطورة باستمرار تحقيقا للمصلحة العامة‪ .‬هذا المبدأ حسب رأي أغلب الفقه ما هو إال امتداد لتكييفها مع المتغيرات‪،‬‬
‫هو شرط أساسي لعمل المرفق في ظروف جيدة‪ ،‬و شرط أساسي الستمرارية الخدمات التي يقدمها‪ .‬و عليه كلما تغيرت الظروف‬

‫‪21‬‬
‫أو رأت اإلدارة أن هناك وسيلة أحسن للزيادة في تفعيل أدائها كان من حقها إدخال تعديالت في كيفية تدبيرها‪ ،‬إدارته‪ ،‬و تنظيمه‪،‬‬
‫كأن تفرض رسوما على االنتفاع‪ .‬فالدولة في هذا المجال‪ ،‬تنفرد بسلطات تقديرية واسعة‪ ،‬فالشرط الوحيد المقيد لتصرفاتها هو‬
‫مراعاة المصلحة العامة‪ ،‬و المساواة بين المنتفعين‪.‬‬

‫المبحث الخامس ‪ :‬طرق إدارة المرافق العامة‬


‫تأسيسا على تنوع المرافق العامة من حيث أهدافها‪ ،‬طبيعة نشاطها‪ ،‬من حيث السلطات اإلدارية المختصة بإحداثها أو التشريعية‪،‬‬
‫و من حيث مدى تمتعها بالشخصية المعنوية و من حيث نظامها القانوني‪ ،‬كان في حكم هذا المنطق أن تتعدد و أن تختلف طرق و‬
‫أساليب إدارتها و تسييرها ال سيما بسبب انتهاج أغلب دول العالم في فترة زمنية معينة‪ ،‬تحديدا انطالقا من ‪ ،1945‬سياسية التدخل‬
‫في المجاالت االقتصادية‪ ،‬و االجتماعية‪ ،‬و المهنية‪ ،‬مما أصبح معه إلزاميا تبني أساليب جديدة إلدارة مجموع هذه المرافق و التي‬
‫لم تعد لتتالءم و طرق تسيير المرافق العامة‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬االستغالل المباشر‬


‫يقصد باالستغالل المباشر أن تقوم السلطة اإلدارية بنفسها أو تحت مسؤوليتها بإدارة مرفق عام مستعينة في ذلك بأموالها و‬
‫موظفيها و مستخدمة وسائل القانون العام‪ .‬و طريقة االستغالل المباشر غالبا ما تتخذ شكلين ‪:‬‬

‫‪ -‬أسلوب االستغالل المباشر البسيط‪.‬‬

‫‪ -‬أسلوب مشاطرة االستغالل ‪ :‬هذا األسلوب مختلف عن األسلوب السابق في كون أن الشركة أو الشخص الذي عهد إليه تدبير‬
‫المرافق يخضع لنظام تعاقدي مع اإلدارة‪ ،‬و ال يستفيد من المكافآت إال إذا حقق أرباحا نتيجة حسن تسييره‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬المؤسسة العامة‬


‫تعد المؤسسة العامة أكثر الطرق انتشارا في الوقت الحاضر‪ ،‬كوسيلة مثلى لتدبير المرافق العامة‪ ،‬نتيجة ما توفره من إمكانية‬
‫تبني نوع من اإلدارة يتطابق مع طبيعة كل مرفق على حدى بما يضمن حسن سير تلك المرافق‪ ،‬و يزيد من قدرتها اإلنتاجية‪ .‬و‬
‫المؤسسة العامة هي كل هيئة عامة تحدثها الدولة و تعطيها الشخصية المعنوية المستقلة‪ ،‬و تترك لها حرية إدارة و تدبير مرفق‬
‫عام مخصص تحديدا‪ ،‬و بديهي أن المؤسسة العامة شكل من أشكال الالمركزية المرفقية أو المصلحية الخاضعة لوصاية الدولة و‬
‫السلطة العمومية التي أحدثتها‪ ،‬و لرقابتها اإلدارية و المالية‪ .‬و على ضوء الممارسة‪ ،‬فإن جميع المؤسسات العامة خاضعة في‬
‫تدبيرها لمرفق عام معين لقيدين ‪:‬‬

‫‪ -‬التخصص ‪ :‬مفاده أن إحداثها الغاية منه تدبير و إدارة مرفق عام معين‪ ،‬و محدد‪ ،‬على سبيل الحصر و ال يمكنها العمل خارج‬
‫إطاره‪ .‬و هي بذلك مقيدة بالغرض و األهداف التي أنشأت من أجلها‪.‬‬

‫‪ -‬إلزامية خضوع المؤسسات العامة لقواعد الرقابة أو الوصاية اإلدارية‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أنه توجد طرق أخرى لتدبير المرافق العامة‪ ،‬كالمقاولة العامة‪ ،‬االمتياز أو االلتزام‪ ،‬أسلوب االقتصاد‬
‫المختلط‪ ،‬و التدبير المفوض‪.‬‬

‫‪22‬‬

You might also like