Professional Documents
Culture Documents
القياس والاستحسان-خلود الزواهرة
القياس والاستحسان-خلود الزواهرة
مثال ذلك :امرأة ليس لها زوج فحملت ،تقاس على الزانية ،فهي مقيس والزانية مقيس
عليه ،والعلة الجامعة بينهما الزنا ،وقد عرفنا الزنا في حالة المقيس ألثر العلة وهو الحمل،
للجماع؛ لذلك سمي بقياس الداللة؛ أي :بدليل العلة وليس بذات ال ِعلَّة ،والحكم
فالحمل أثر ِ
ثيباَّ ،
وإال فالجلد إن بالرجْ م إن كانت ِ
الالزم لها هو إقامة الحد على الحامل من غير زوج َّ
كانت ِب ْكرا.
إذا يوجد فرق في الحكم حسب الحالتين؛ حيث وقع التشابُه بين أصلَ ِ
ين؛ بين أن يُقاس على
ال ُح ِر ،فنعتبر أن ال ِعلَّة الجامعة بينهما أن كليهما بَش ٌَر ،أو يُقاس على البهيمة ،وتكون ال ِعلَّة
ش َبه.
الجامعة بينهما أنهما معا مملوكان ،ويُس َّمى هذا بقياس ال َّ
-6والقياس الخفي :وهو الذي فيه خالف بسبب عدم قطعية ال ِعلَّة ،مثال نبات في اليمن يُقال
حر ُموه قاسوه على ال َخ ْمر ،وقاسوه
له" :القات" ،اختلف علماء اليمن في تحريمه ،فالذين َّ
حر ُموه لم يقولوا ب ِعلَّة اإلسكار ،أو ب ِعلَّة ال َّ
ض َرر ،وبالتالي فهذا على السجارة ،والذين لم يُ ِ
قياس خفي ظنِي.
إذا فأنواع القياس مبحث شاسع أصولي مهم ،اعتنى به العلماء؛ ألنه من مصادر التشريع
واجب على طالب العلم؛ ألنه ال يُمكن أن يُفتي في دين هللا ،وأن يفهم
ٌ واستنباط األحكام ،وهو
سنَّة رسوله من غير أن ي َّ
ط ِلع على هذا المبحث المهم والضروري. كتاب هللا و ُ
االستحسان
االستحسان في اللغة :االعتقاد أن الشيء حسن ،أما في االصطالح هو :هو العدول عن
قياس خفي إلى قياس جلي أقوى منه ،أو هو العدول عن حكم معين إلى حكم يُناسب ملحة
األمة على أن ال يكون ُمخالفا لقرآن والسنة ،ومنهم من عرفه على أنه :العدول عن حكم كلي
إلى حكم جزئي استنادا إلى دليل راجح ،وتجدر اإلشارة هنا أن االستحسان يتفرع عن
القياس ،حيث يٌعرف القياس بأنه :إلحاق مسألة لم يرد في حكمها نص بمسألة ورد في
حكمها نص الشتراكهما في علة الحكم.
واالستحسان هو عبارة عن قياسين اختار المجتهد واحدا منهما وفق أسس وقواعد وضعها
علماء أصول الفقه ،ومن األمثلة على االستحسان :إن الحقوق االرتفاقية؛ كحق الشرب
والمسيل ال تدخل في عقد البيت إال إذا نُص عليها فإنها تدخل ،لذلك لم يتم قياس دخولها في
وقف األراضي الزراعية على البيع وإنما قاسوها على اإلجارة بحجة المنفعة ،لذلك تدخل
الحقوق االرتفاقية في وقف األراضي الزراعية استحسانا بالقياس على اإلجارة.
أنواع االستحسان
االستحسان بالنص :وهو أن يتم العدول عن حكم ُمعين لورود نص في جزئية معينة ويكون
ذلك من القرآن والسنة ،ومثال ذلك :خيار الشرط فقد جاز استحسانا لورود النص بجوازه
ثالثة أيام.
االستحسان باإلجماع :كعقد االستصناع ،فهو جائز استحسانا ،واألصل عدم جوازه ألنه عقد
على معدوم ،ولكن جاز ذلك لجريان التعامل به بين الناس.
االستحسان بالعرف :ومثال ذلك أن األصل في الوقف ثابت؛ كالعقارات واألراضي ،أما
بالنسبة لوقف المنقول؛ كاألواني والكتب ونحوه ،فهو جائز استحسانا لجريان العرف بذلك.
االستحسان بالضرورة :إن الشريعة اإلسالمية مبنية على رفع الحرج عن األمة ،لذلك فإن
األصل في رشاش البول والغبن اليسير في المعامالت الحرمة ،لكنه أصبح جائزا استحسانا
لضرورة ذلك.
نلخص الكالم في باب االستحسان .فاالستحسان لغة من الحسن وهو عد الشيء حسنا على
ضد االستقباح ،وفي تعريفه االصطالحي قد وقع الخالف بين العلماء ،فلكل مذهب تعريفات
عديدة ،وأما خالصة هذه التعريفات هي :العدول عن قياس حلي إلى قياس خفي ،أو
استثناء مسألة جزئية من أصلي كلي.
وأما أنواعه على اعتبارين :باعتبار ما عدل عنه وما عدل إليه ،وباعتبار السند الذي بنى
عليه العدول ،فباعبتار األول يتنوع االستحسان إلى ثالثة أنواع ،وباعتبار الثاني ينقسم إلى
سبعة أقسام :أي االستحسان بالنص ،وباالجماع ،والعرف ،والضروة ،وبالمصلحة ،
وبالقياس الخفي ،وبقوة األثر فيه .وقد وقع الخالف في حجية االستحسان بين األئمة وعند
الجمهور ،أن االستحسان دليل شرعي تثبت له األحكام وعلى هذا فهو حجة ،وخالف اإلمام
الشافعي -رحمه هللا -وقال " :من استحس
فقد شرع " والقول الراجح هو القول األول نظرا إلى األدلة من الكتاب والسنة واالجماع .
قائمة المراجع
.1محمد مصطفى الزحيلي ،الوجيز في أصول الفقه اإلسالمي ،صفحة .237-238
-2محمد حسين الجيزاني ،معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة ،صفحة .180
-3بتصرف 1.4 .محمد حسين الجيزاني ،معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة.
صفحة .194-193بتصرف.
-4بلقاسم الزبيدي ،االجتهاد في مناط الحكم الشرعي دراسة تأصيلية تطبيقية .صفحة -384
.385