Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 23

‫البطاقة التعريفية ‪:‬‬

‫اسم األستاذ ‪ :‬صالي عبد العزيز‬


‫القسم ‪ :‬العلوم االجتماعية‬
‫الشعبة ‪ :‬علم االجتماع‬
‫المستوى الدراسي ‪ :‬السنة األولى علوم اجتماعية‬
‫السنة ‪ :‬األولى‬
‫السداسي ‪ :‬األول‬
‫التخصص ‪ :‬علوم اجتماعية‬
‫عنوان المقياس ‪ :‬الفرد و الثقافة‬
‫‪ :‬البريد االلكتروني ‪zizouguel@hotmail.fr‬‬
‫الفوج ‪09 :‬‬
‫طبيعة المادة ‪ :‬تطبيق‬
‫األهداف المنتظرة ‪ :‬من أهم أهداف هذا المقياس إعطاء الطالب حوصلة عن أهم المفاهيم و‬
‫التعريفات حول الثقافة و الفرد و توضيح العالقة بين المفهومين و تسليط الضوء حول دور‬
‫‪ .‬الثقافة كمفهوم سوسيولوجي في البناء االجتماعي‬

‫الحصة األولى‬
‫الثقافة ‪ :‬تعريفها و نشأتها‬
‫د‪:‬‬ ‫تمهي‬
‫يتم يز ك ل مجتم ع بثقافت ه الخاص ة ‪ ،‬كم ا إن لك ل ثقاف ة مميزاته ا وخصائص ها ومقوماته ا‬
‫المادي ة ال تي تت ألف من ط رق العيش واألدوات ال تي يس تخدمها أف راد المجتم ع في قض اء‬
‫ح وائجهم ‪ ،‬واألس اليب ال تي يض عونها الس تخدام ه ذه األدوات ‪ .‬ف أدوات الص يد والزراع ة‬
‫والقت ال أدوات ثقافي ة ‪ ،‬واألزي اء وأس لوب الترفي ه أيض ا أش كال ثقافي ة ‪ .‬وللثقاف ة أيض ا‬
‫مقوماته ا المعنوي ة وال تي تتمث ل في مجم وع الع ادات والتقالي د ال تي تس ود المجتم ع وال تي‬
‫يتوارثه ا أف راده جيال بع د جي ل ‪ ،‬مث ل الق انون أو الع رف ال ذي يحكمهم أو القيم والقواع د‬
‫األخالقية التي تحدد طبيعة العالقات بين بعضهم البعض‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مفهوم الثقافة ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫لم تش هد كلم ة ازده ارا وانتش ارا ككلم ة الثقاف ة ‪ Culture‬وليس هن اك مفه وم أك ثر ت داوال‬
‫واس تخداما كمفه وم الثقاف ة ‪ ،‬وم ع ذل ك يبقي الغم وض وااللتب اس متالزمين كلم ا ط رح‬
‫الموضوع للنقاش ‪ .‬وقد أحصي عالما االنثروبولوجيا األمريكيان كروبير وكلوكهون ما ال‬
‫يق ل عن مائ ة وس تين تعريف ا للثقاف ة قام ا بفرزه ا علي س بعة أص ناف ‪ :‬وص فية وتاريخي ة‬
‫وتقييمية وسيكولوجية وبنيوية وتكوينية وجزئية غير كاملة ‪.‬‬
‫وق د اكتس بت كلم ة ثقاف ة معناه ا الفك ري في أورب ا في النص ف الث اني من الق رن الث امن‬
‫عش ر ‪ .‬فالكلم ة الفرنس ية ك انت تع ني في الق رون الوس طي ” الطق وس الديني ة ” لكنه ا في‬
‫الق رن الس ابع عش ر ك انت تع بر عن ” فالح ة األرض“ ‪ .‬وم ع الق رن الث امن عش ر اتخ ذت‬
‫منحي يعبر عن التكوين الفكري عموما وعن التقدم الفكري للشخص بخاصة ‪.‬ولكن انتقال‬
‫الكلم ة الي األلماني ة في النصف الث اني من القرن الثامن عش ر أكسبها ألول مرة مضمونا‬
‫جماعي ا ‪ .‬فق د أص بحت ت دل بخاص ة علي التق دم الفك ري ال ذي يتحص ل علي ه الش خص أو‬
‫المجموعات أو اإلنسانية بصفة عامة ‪ .‬أما الجانب المادي في حياة األشخاص والمجتمعات‬
‫فقد أفردت لها األلمانية كلمة ” حضارة ” ‪.‬وإ ذا كانت كلمة ثقافة قد مرت بهذه التطورات‬
‫فأن كلمة مثقف هي ترجمة للكلمة الفرنسية ‪ “”Intellect‬ومعناها العقل أو الفكر وبالتالي‬
‫فهي تدل عندما تستعمل وصفا لشئ علي انتماء أو ارتباط هذا الشئ بالعقل أو بالروح ‪.‬‬
‫بعض التعريفات ‪:‬‬
‫الش ك في أن أق دم التعريف ات لمفه وم الثقاف ة وأكثره ا ذيوع ا ه و تعري ف االن ثروبولوجي‬
‫االنجل يزي ادوارد ت ايلور وال ذي قدم ه في كتاب ه ” الثقاف ة البدائي ة ” ع ام ‪1871‬م وال ذي‬
‫يذهب فيه الي التعريف الت الي ” الثقافة هي كل مركب يشتمل علي المعارف والمعتقدات‬
‫والفن والق انون واألخالق والتقالي د وك ل القابلي ات والع ادات األخ رى ال تي يكتس بها اإلنس ان‬
‫كعضو في مجتمع ” ‪ .‬ولعل أبسط التعريفات وأحدثها تعريف روبرت بيرستد الذي ظهر‬
‫في أوائ ل الس تينات من الق رن العش رين وال ذي يعت بر ”الثقاف ة هي ذلك الك ل الم ركب ال ذي‬
‫يتألف من كل ما نفكر فيه أو نقوم بعمله أو نتملكه كأعضاء في مجتمع ”‪ .‬إال إن تعريف‬
‫روشيه أكثر شموال وعمقا ويقدمه علي الشكل التالي ‪ ” :‬الثقافة هي مجموعة من العناصر‬
‫لها عالقة بطرق التفكير والشعور والفعل ‪ ،‬وهي طرق صيغت تقريبا في قواعد واضحة‬
‫وال تي أكتس بها وتعلمه ا وش ارك فيه ا جم ع من األش خاص – تس تخدم بص ورة موض وعية‬

‫‪2‬‬
‫ورمزي ة في آن واح د من أج ل تك وين ه ؤالء األش خاص في جماع ة خاص ة ومم يزة‬
‫” ‪.‬ويتم يز تعري ف كروب ير وكلوكه ون بأبع اد جدي دة فه و يعت بر ” الثقاف ة تتك ون من نم اذج‬
‫ظ اهرة وكامن ة من الس لوك المكتس ب والمنتق ل بواس طة الرم وز ‪ ،‬وال تي تك ون االنج از‬
‫المميز للجماعات اإلنسانية ‪ ،‬والذي يظهر في شكل مصنوعات ومنتجات ‪ .‬أم ا قلب الثقاف ة‬
‫فيتكون من األفكار التقليدية وبخاصة ما كان متصال منها بالقيم ‪ .‬ويمكن أن نعد األنساق‬
‫الثقافية نتاجا للفعل من ناحية ‪،‬كما يمكن النظر بوصفها عوامل شرطية محددة لفعل مقبل“‬
‫‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الحضارة والثقافة‬
‫استقطبت هذه الثنائية كتابات كثيرة ‪،‬وقد احتلت فرنسا وألمانيا صفوفها األمامية غير أن‬
‫تلك الكتابات التي دارت حول الثقافة والحضارة آلت الي تشتت األفكار في الغرب خالل‬
‫الثالثين سنة األولي من القرن العشرين ‪ ،‬بقي خاللها االستخدام الفرنسي لكلمة حضارة ”‬
‫‪” Civilization‬يشمل مختلف أنواع التقدم ‪ ،‬فكرية كانت أم مادية ‪ ،‬مقابل النزعة األلمانية‬
‫ال تي نحت نح و التمي يز بين الثقاف ة بمعناه ا ال روحي والفك ري والعلمي وبين الحض ارة‬
‫بمعناها المادي‪.‬‬
‫علي العموم لم يعر ع‪µ%‬لماء االنثروبولوجيا واالجتماع أي اهتمام لهذا التمييز الذي بدأ‬
‫لهم تمي يزا وهمي ا ‪ .‬إن الغالبي ة العظمي من علم اء االنثروبولوجي ا واالجتم اع تتجنب‬
‫استعمال مصطلح حضارة أو تستخدم مصطلح ثقافة بمعني حضارة ‪ ،‬وتعتبر االثنين من‬
‫الممكن أن تح ل اح دهما مح ل األخ رى وم ع ذل ك ق د نج د عن د بعض علم اء االجتم اع‬
‫واالنثروبولوجيا المعاصرين التمييز التالي ‪:‬‬
‫فبعضهم يستخدم مصطلح حضارة لكي يشير الي مجموعة من الثقافات الخاصة التي بينها‬
‫تش ابه أو أص ول مش تركة ‪ ،‬وبه ذا المع ني يتح دث البعض عن الحض ارة الغربي ة ال تي‬
‫تنض وي تحته ا الثقاف ات الفرنس ية واالنجليزي ة واأللماني ة وااليطالي ة واألمريكي ة الخ‪ ...‬أم ا‬
‫البعض األخ ر فيس تخدم مصطلح حضارة للدالل ة علي المجتمع ات التي بلغت درجة عالية‬
‫من التطور وتتصف بالتقدم العلمي والتقني والتنظيم المدني والتعقيد في التنظيم االجتماعي‬
‫في ك ل األح وال ورغم محاول ة مفك ري الق رن التاس ع عش ر األلم ان وض ع تفرق ة ص ارمة‬
‫بين الحضارة والثقافة ‪ ،‬من خالل التأكيد علي إن الحضارة تشمل العوامل المادية والتقنية‬

‫‪3‬‬
‫والثقافة تحتوي علي القيم والمثاليات والخصائص العقلية والفنية األخالقية العليا للمجتمع‬
‫إال إن هذه التفرقة لم تحظ بالقبول في أماكن أخري من العالم ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬نشأة الثقافة‬


‫البحث في أصل الثقافة كخاصية مميزة للجنس البشري يقتضي دراسة وافية لعلم السالالت‬
‫البش رية المق ارن واالنثروبولوجي ا وعلم الع ادات‪ .‬إن ال رأي الس ائد ح تي اآلن عن د علم اء‬
‫االنثروبولوجيا واالجتماع يؤكد بأن الكائنات اإلنسانية هي الوحيدة بين المخلوقات جميعها‬
‫القادرة علي خلق ثقافة ‪ .‬وعلي الرغم من محاولة بعض الباحثين الكشف عن جذور ثقافة‬
‫في عالم الحيوان األقل شأنا من ثقافة اإلنسان ‪ ،‬فان هذه المحاوالت كان يرد عليها دائما‬
‫بأن ه لم توج د جماع ة حيواني ة تمل ك ”لغ ة ش فوية“ علي ال رغم من ان عدي دا من الحيوان ات‬
‫تم ارس حي اة اجتماعي ة كجماع ات النح ل والنم ل ‪ ،‬غ ير إن ه ذا الش كل من التنظيم ال يق وم‬
‫علي ثقافة بل يقوم علي الغريزة‪.‬‬
‫ي ري لنت ون أن مجم ل س لوك الف رد يتك ون من ثالث ة عناص ر هي‪ :‬س لوك غري زي في‬
‫الفرد ‪ ،‬وسلوك هو حصيلة خبرته‪ ،‬وسلوك تعلمه من أفراد آخرين ‪ .‬وذهب الكثيرون إلي‬
‫أن الس لوك اإلنس اني م دين بمعظم ه إلي ث الث ه ذه العناص ر وأن الس لوك الحي واني مب ني‬
‫بالدرجة األولي علي العنصرين األولين ‪.‬‬
‫إن اللغة أو االتصال الرمزي من أهم عناصر الثقافة ‪ ،‬والثقافة بدون لغة هي ضرب من‬
‫المحال ‪ .‬وكلما صارت الثقافة أكثر تعقيدا ازدادت الحاجة إلي االتصال ‪ ،‬لذلك فان القدرة‬
‫علي التفكير الرمزي والمجرد هو ما تحتاج إليه اللغة ‪ .‬فاللغة والقدرة علي االتصال بها‬
‫تعتبران شرطا أساسيا وضروريا ألي مجتمع إنساني وال يمكن تصور ثقافة بدونه‪.‬‬
‫مفاهيم أساسية مرتبطة بمفهوم الثقافة‪:‬‬
‫توجد مجموعة من المفاهيم األساسية المرتبطة بمفهوم الثقافة ‪ ،‬وسوف نشير –بإيجاز‪-‬‬
‫الي بعض من هذه المفاهيم‪:‬‬
‫‪ -‬السمات الثقافية‪:‬هي أبسط العناصر الثقافية التي تبدو في النواحي المادية أو المعنوية‪.‬‬
‫‪ -‬النم ط الثق افي‪:‬ه و مجموع ة من الس مات أو العناص ر ال تي تعم ل كك ل بالنس بة لموق ف‬

‫‪4‬‬
‫معين‪ ،‬فاألفع ال ال تي يق وم به ا الفالح ون في الزراعة وط رقهم في الحص اد وتخ زين‬
‫المحصول وطرق إعداد الطعام الخ‪...‬كل هذا يمثل نمطا ثقافيا‪.‬‬
‫‪ -‬التراكم الثقافي‪ :‬أي عملية نمو الثقافة جيال بعد جيل بفضل ما يضيفه األجيال الالحقة‬
‫من عناصر جديدة تتكون وتتراكم علي أساسها الثقافة‪.‬‬
‫‪ -‬الم ركب الثق افي ‪ :‬إن العناص ر الفرعي ة للثقاف ة تتك ون ب دورها من رواب ط متش ابكة‬
‫وعن دما ترك ز الص الت بين العناص ر الفرعي ة للثقاف ة على س مة ثقافي ة بعينه ا يطل ق عليه ا‬
‫عندئذ المركب الثقافي ‪.‬‬
‫‪ -‬التالقح الثقافي ‪ :‬وقد يطلق عليه مصطلح االتصال الثقافي أو” التثاقف“ وهو يشير إلي‬
‫التأثير المتبادل بين الثقافات‪ ،‬أو بمعني آخر إلى التغير الثقافي الذي يتم في ظروف خاصة‬
‫يح دث فيه ا اتص ال ش ديد بين ثق افتين أو أك ثر متناقض تين تناقض ا ملحوظ ا ‪ .‬كم ا يتض من‬
‫تغيرا واسع النطاق وسريع نسبيا في أي من الثقافتين أو كلتيهما‪.‬‬
‫‪ -‬الغزو الثقافي‪ :‬كما في حاالت االستعمار إليجاد الرغبة في التأليف مع الثقاف ة الخارجية‬
‫ويتم الغ زو الثق افي الي وم عن طري ق محاول ة ف رض التبعي ة الثقافية ومن خالل وس ائل‬
‫اإلعالم ومواقع االنترنت وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬التمثل الثقافي‪ :‬يشير إلي العملية التي عن طريقها تحاول الجماعات ذات أنم اط السلوك‬
‫المختلف ة أن تن دمج م ع بعض ها البعض في وح دة اجتماعي ة وثقافي ة مش تركة‪ .‬أي إن ه ذه‬
‫العملي ة ت ؤدي إلي ان دماج أو انص هار ثق افتين أو أك ثر في وح دة ثقافي ة متجانس ة ‪.‬‬
‫‪ -‬االنتش ار الثق افي ‪ :‬يش ير إلي عملي ة انتق ال الس مات الثقافي ة من ثقاف ة إلى أخ ري‪.‬‬
‫والنتش ار الثقاف ة الب د من ت وافر ع دة عناص ر ‪ ،‬منه ا وج ود بعض الس مات أو العناص ر‬
‫الثقافي ة ال تي تس تحق أن تنتش ر ‪ ،‬ومنه ا ض رورة وج ود مجتم ع يتقب ل ه ذه الس مات ‪،‬‬
‫باإلضافة إلي ضرورة وجود طريقة أو وسيلة تستعمل كأداة للنشر كالتلفاز أو اإلذاعة أو‬
‫الكتب واألشخاص الذين ينتقلون بين الثقافات المختلفة الخ‪....‬‬
‫‪-‬الهوة الثقافية ‪ :‬أو التخلف الثقافي وهو يحث نتيجة تغير بعض جوانب الثقافة بمعدالت‬
‫أس رع من تغ ير الج وانب األخ رى‪ ،‬فيح دث ه وة أو تخل ف لبعض العناص ر الثقافي ة نتيج ة‬
‫ع دم ت وازن عملي ات تغ ير الثقاف ة‪ .‬وق د ورد مفه وم اله وة الثقافي ة في كت اب ” التغ ير‬
‫االجتماعي“ للعالم األمريكي ” وليم أوجبرن“ الذي نشره عام ‪1922‬م ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪-‬النس بية الثقافية ‪ :‬أي منافس ة األش ياء بالنس بة لثقاف ات المن اطق المختلف ة‪ ،‬أي في ح دود‬
‫الثقافة الخاصة بكل منطقة‪.‬‬
‫‪ -‬الثقافة الفرعية‪ :‬ويقصد بها أن هناك جماعة من الناس يشتركون في أنماط متميزة من‬
‫القيم والمعتق دات‪ ،‬وتتم يز طريق ة حي اتهم عن الثقاف ة الكلي ة ال تي تس ود المجتم ع األك بر في‬
‫بعض األنم اط الثقافي ة الخاص ة بهم ‪ .‬وبمع ني أخ ر ف ان الثقاف ة الفرعي ة بمثاب ة نم ط من‬
‫السلوك تتميز به الجماعات الخاصة التي تعيش داخل المجتمع األكبر‪ ،‬وقد يختلف سلوك‬
‫أفراد تلك الجماعات عن سلوك أفراد المجتمع الكلي‪ ،‬ولكن في نفس الوقت تتضمن ثقافتهم‬
‫الفرعي ة علي عناص ر تش ترك فيه ا م ع الثقاف ة الكلي ة كم ا تحتف ظ لنفس ها بعناص ر أخ ري‬
‫تميزها عن غيرها من الثقافات ‪.‬‬
‫‪ -‬الحض ارة ‪ :‬تش ير إلي ن وع متق دم من المجتمع ات ال تي تتم يز بدرج ة متقدم ة من الفن ون‬
‫والعل وم والتنظيم ات االجتماعي ة ‪ .‬وق د م ال بعض الكت اب إلي إطالق لف ظ ”حض ارة“علي‬
‫األجهزة الفنية للمجتمع مثل العلم والتكنولوجيا واإلمكانيات المادية‪ .‬أما لفظ ”ثقافة“ فتعني‬
‫المحصلة النهائية للتراث اإلنساني واالجتماعي سواء كان هذا التراث ماديا أو غير ماديا‪.‬‬

‫الحصة الثانية‬
‫المفهوم السوسيولوجي للثقافة‬
‫تمهيد ‪ :‬إن الثقافة كمفهوم سوسيولوجي تشمل كل ما في البعد األدبي والتراثي والمسرحي‬
‫والفني ‪ ،‬كما تشمل البعد األنثروبولوجي الذي يطال األدب والفن كما يطال حقل التعابير‬
‫التي نطلق عليها عادة صفة اجتماعية والتي تميز جماعة بشرية معينة‪ ،‬كالتقاليد والعادات‬
‫واالحتفاالت علي أنواعها ومسالك التعبير وتقاليد الطبخ وأشكال اللباس فضال عن‬
‫التصورات واألساطير والمعتقدات ‪.‬‬
‫وق د ق ام العدي د من السوس يولوجيين قب ل ذل ك بتف تيت الكلي ات الك برى للثقاف ة الي وح دات‬
‫أطلق عليها السمات الثقافية ‪ ،‬فأسلوب تبادل التحية بين األفراد وسلوكيات الفرح أو الحزن‬
‫بأبعاده ا وس ماتها المادي ة والالمادي ة علي س بيل المث ال هي الطريق ة ال تي يمكن من خالله ا‬
‫تحليل الثقافة السائدة في مجتمع ما‪. ‬‬
‫أوال – التأصيل بين النمط والنظام ‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫يوجد داخل األنماط الثقافية بعض التشابهات وهذا ما يطلق عليه األنماط العامة للثقافة ‪.‬‬
‫وك ان بعض السوس يولوجيين ومن أب رزهم رال ف لنت ون ي ري أن حاج ات الف رد هي دواف ع‬
‫السلوك األساسية ‪ ،‬ولذلك فهي الدوافع المسئولة عن تفاعل المجتمع والثقافة ‪ .‬وهو يوسع‬
‫مفه وم الحاج ات ليش مل الحاج ات النفس ية فض ال عن البيولوجي ة ‪.‬وم ع ذل ك يح ددها لنت ون‬
‫بثالثة عناصر أساسية صالحة لتفسير السلوك البشري وهي ‪:‬‬
‫‪-1‬الحاجة الي االستجابة العاطفية‪.‬‬
‫‪2-‬الحاجة الي الخبرة الجديدة‪.‬‬
‫‪3-‬الحاجة الي األمن‪.‬‬
‫وم ع ذل ك ف ان أش كال الس لوك المختلف ة ال يمكن تفس يرها علي أس اس الحاج ات الدافع ة‬
‫وحدها ‪ ،‬فهذه الحاجات مجرد قوي ومحركات ودوافع ‪ .‬والسلوك المعبر عنها يتشكل بع دد‬
‫ال نهاية له من العوامل األخرى في المحيط الذي يحيا فيه اإلنسان ‪.‬‬
‫ويعمق مالينوفسكي هذا االتجاه موكدا أن الحاجات األساسية للفرد وإ شباعها ترتبط ارتباط ا‬
‫وثيقا باشتقاق حاجات ثقافية جديدة ‪ ،‬وان هذه الحاجات الجديدة ال تتم إال بإنشاء بيئة جديدة‬
‫‪ ،‬بيئة ثانوية أو اصطناعية‪ .‬وهذه البيئة هي الثقافة بعينها ال أكثر وال أقل ‪.‬‬
‫ه ذه المقارب ة الوظيفي ة تتض من فك رة التنظيم ‪ ،‬ذل ك أن ه ال ب د من تع اون بين الن اس‬
‫والمجموعات إلشباع الحاجات وهذا ينطبق علي كل الجماعات في كل الثقافات ‪ .‬ويسمي‬
‫مالينوفس كي وح دة التنظيم اإلنس اني ” النظ ام االجتم اعي“ وال ذي يع ني ب ه االتف اق علي‬
‫مجموعة من القيم التقليدية تجمع الناس وتنظم حياتهم وعالقاتهم مع بعضهم ومع بيئاتهم‬
‫الطبيعية منها والصناعية‪. ‬وقد تنشأ النظم االجتماعية تلقائيا أو عن قصد لتأمين الرغبات‬
‫األساس ية والحاج ات األولي ة الض رورية فض ال عن أنه ا تم د األف راد باألص ول والقواع د‬
‫والمبادئ العامة التي يجب أن تقوم عليها معامالتهم وهناك عدة تعريفات للنظم االجتماعية‬
‫‪ ،‬ولكنها بشكل عام ليست إال نماذج منظمة للسلوك توجه سلوك األفراد ومواقفهم‪.‬‬
‫للنظم االجتماعية أهمية كبري ‪ ،‬فهي التي تعمل علي تشكيل سلوك األفراد والجماعات‬
‫وتض عه في ق والب ونم اذج تس هل االتص ال والتفاع ل ‪ ،‬وبالت الي فهي ت ؤثر في أفك ارهم‬
‫ومعلوم اتهم ومه ارتهم وخ براتهم ودوافعهم وقيمهم واتجاه اتهم ألنه ا تحملهم علي تك ييف‬
‫س لوكياتهم وفق ا لمقتض ياتها ‪ .‬وهي تنق ل الي الف رد ال تراث الثق افي وتطبع ه بالط ابع المم يز‬

‫‪7‬‬
‫ه‪.‬‬ ‫ذي يعيش في‬ ‫المجتمع ال‬ ‫اص ب‬ ‫الخ‬
‫يعت بر امي ل دورك ايم النظم االجتماعي ة ذات خاص ية إلزامي ة وإ جباري ة ‪ ،‬أي أنه ا تف رض‬
‫نفس ها علي األف راد وتج برهم علي طاعته ا ‪ .‬ونظريت ه في ه ذا المج ال تق وم علي أس اس‬
‫التمييز بين ما يسميه ‪:‬‬
‫‪-‬التص ورات الفردي ة ‪ :‬وأساس ها المش اعر الناتج ة عن تفاع ل كث ير من خالي ا المخ ‪ ،‬وم ا‬
‫ينتج عن هذا التفاعل من مركب ذي صفات خاصة به ‪ ،‬والمشاعر الناتجة تمتزج لتكون‬
‫الصور وهي بدورها تمتزج لتكون التصورات الفردية‪.‬‬
‫‪-‬التصورات الجمعية ‪ :‬وهي تنتج عن طريق مزج الضمائر الفردية واتحادها في النهاية ‪.‬‬
‫وي ري دورك ايم أن التص ورات الجمعي ة هي أعظم ش كل للحي اة النفس ية ‪.‬يكتس ب الف رد‬
‫األنم اط الثقافي ة المناس بة أثن اء عملي ة التنش ئة االجتماعي ة ب دءا باس اليب الس لوك المتنوع ة‬
‫وص وال الي األنش طة الجماعي ة ‪ .‬ويمكن الق ول ان لك ل مجتم ع أو طبق ة أو جماع ة أنماط ا‬
‫ثقافية تتشكل في أنساق متكاملة وتعمل كنماذج تفرض نفسها علي األفراد بما يضمن حد‬
‫أدني من التماثل في السلوك‪.‬‬
‫قد يكون النموذج الثقافي عموميا وشائعا في المجتمع كل ‪ ،‬كما قد يكون خاصا بقطاع‬
‫معين من المجتم ع ‪ ،‬وفي ه ذه الحال ة يس مي ثقاف ة فرعي ة ‪ .‬فط رق تن اول الطع ام ب دءا‬
‫بالمجتمع الغربي المدني وانتهاء بالمجتمع البدوي أو الريفي تعبر عن أنماط ونماذج ثقافية‬
‫‪ ،‬كما أن طرق التعبير عن الفرح أو الحزن واالحتفاالت وطقوس العبادات تعبر أيضا عن‬
‫أنماط ونماذج ثقافية تختلف باختالف المجتمعات ‪.‬‬
‫ان تحلي ل ش كل الثقاف ة ومحتواه ا في مجتم ع م ا مهم ا ب دأ عليه ا من تج انس وبس اطة ‪،‬‬
‫ينطوي علي كثير من الصعوبات التي تفرض تحليل السمات الثقافة وما يندرج تحتها من‬
‫خصوصيات حتي يمكن فهم الثقافة في وحدتها وتكامل أجزائها‪.‬‬
‫ثانيا – اس تمرارية األنس اق االجتماعي ة والثقافي ة وتفاعلها ‪:‬إذا ك ان دورك ايم واض حا في‬
‫رؤيته للمجتمع بصفته مصدر لتشكيل الفرد وقولبته كيفما شاء ضمن أطره الثقافية ‪ ،‬فان‬
‫الفرد هو ركيزة الحياة االجتماعية عند ماكس فيبر فهو يشكل المجتمع بإرادته الواعية ‪.‬‬
‫وق د ق دم بارس ونز مف اهيم تحليلي ة متقدم ة تض منت نظري ة عام ة عن المجتم ع ال ت برز‬

‫‪8‬‬
‫الرأس مالية بق در م ا تق دم تفس يرا وفهم ا لص عوبات الرأس مالية دون أن ت دينها ‪ .‬لق د رأي‬
‫بارسونز الحياة االجتماعية من خالل أفكار البشر وبخاصة من خالل معاييرهم وقيمهم‪.‬‬
‫نظ ر بارس ونز في كتاب ه ” بني ة الفع ل االجتم اعي“ الي البش ر علي اعتب ار أنهم يقوم ون‬
‫باالختيار أو المفاضلة بين أهداف مختلفة ووسائل تحقيق هذه األهداف ووفق هذه الخالصة‬
‫– النموذج‪ -‬هناك أوال اإلنسان الفاعل وثانيا نطاق األهداف التي ال بد أن يختار من بينها‬
‫الفاعل وهناك ثالثا الوسائل الممكنة لبلوغ تلك الغايات‪.‬‬
‫إن نقط ة االنطالق في التحلي ل البارس وني هي ” الفع ل ” أي الس لوك اإلنس اني الف ردي أو‬
‫الجمعي ‪ ،‬ل ذلك يش دد علي إن موق ع الفع ل يتح دد دائم ا في أربع ة س ياقات هي ‪:‬‬
‫بية ‪.‬‬ ‫ة والعص‬ ‫ه الفيزيولوجي‬ ‫ه ومتطلبات‬ ‫ديولوجي بحاجات‬ ‫ياق األي‬ ‫‪1-‬الس‬
‫–‪2‬الس ياق النفس ي وال ذي يت درج في اختص اص علم النفس وإ ط ار الشخص ية ‪.‬‬
‫–‪3‬الس ياق االجتم اعي بتفاعالت ه بين اإلف راد والجماع ات ‪.‬وه و من اختص اص علم‬
‫اع‬ ‫االجتم‬
‫–‪4‬الس ياق الثق افي وه و يتمث ل بالمع ايير والنم اذج والقيم واإلي ديولوجيات والمع رف وه و‬
‫السياق الذي درسته األنثروبولوجيا بداية ‪.‬‬
‫في التحليل البارسونزي نظر الي األنساق االجتماعية والثقافية والي األدوار بوصفها نتيجة‬
‫للفعل االجتماعي أو العكس ‪ ،‬إال إن ” التفاعلية الرمزية ” لم تقم بهذه النقلة ‪ ،‬بل ظلت مع‬
‫الفع ل االجتم اعي ‪ .‬أنه ا ت ري الب ني االجتماعي ة ض منا باعتباره ا ب ني لألدوار بطريق ة‬
‫بارس ونز نفس ها ‪ ،‬إال إنه ا ال تش غل نفس ها بالتحلي ل علي مس توي األنس اق ‪ .‬أنه ا تبقي‬
‫اهتماماته ا علي مس توي ” وح دة الفع ل الص غرى“ وال تهتم بقض ية االختي ار بين س لم‬
‫المفاض الت ق در اهتمامه ا بقض ية تش كيل المع اني ‪ .‬والمؤس س الفك ري له ذا االتج اه ه و‬
‫ج ورج مي د ‪ ،‬وه و اتج اه تجاذبت ه أك ثر من تي ار إال إن هرب رت بل ومر أوج ز فرض يات‬
‫الي ‪:‬‬ ‫كل الت‬ ‫ة علي الش‬ ‫التفاعلي‬
‫–‪1‬إن البش ر يتص رفون حي ال األش ياء علي أس اس م ا تعني ه تل ك األش ياء لهم ‪.‬‬
‫–‪2‬ه ذه المع اني هي نت اج للتفاع ل االجتم اعي في المجتم ع اإلنس اني ‪.‬‬
‫– ‪3‬وه ذه المع اني تح ور وتع دل ويتم ت داولها ع بر عملي ة تأوي ل يس تخدمها ك ل ف رد في‬
‫تعامله مع اإلشارات التي يواجهها ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ه ذه الفرض يات الثالث ة ترك ز علي ” الرم ز ال دال ” وهو م ا يف رق اإلنس ان عن الحي وان ‪.‬‬
‫فاللغة كرمز دال هي المعني المشترك ‪ ،‬وهو يتطور في سياق عملية التفاعل االجتماعي‬
‫الذي يولد المعاني ‪ ،‬والمعاني بدورها تشكل عالمنا ‪ .‬تبقي التفاعلية الرمزية مقربة معرفية‬
‫في دراسة الشخصية ويظل اهتمامها مركزا علي دراسة التفكير وعملياته ‪.‬‬

‫الحصة الثالثة ‪:‬‬


‫خصائص الثقافة‬
‫تمهيد ‪ :‬كم ا ينف رد اإلنس ان عن جمي ع المخلوق ات بقدرت ه علي ص نع الثقاف ة ‪ ،‬ك ذلك ينف رد‬
‫ك ل مجتم ع بش ري بخص ائص ثقافي ة تم يزه عن ب اقي المجتمع ات ‪ .‬وهن اك خص ائص‬
‫عمومية للثقافة ويمكن تحديد أبرزها فيما يلي ‪:‬‬
‫‪-‬الثقاف ة إنس انية ‪ :‬فهي تخص اإلنس ان فق ط ألنه ا نت اج عقلي ‪ ،‬واإلنس ان يمت از عن ب اقي‬
‫المخلوق ات بقدرت ه العقلي ة وإ مكانات ه اإلبداعي ة ‪ ،‬وال يش ارك اإلنس ان في ه ذه الظ اهرة ”‬
‫الثقاف ة“ أي ا من المخلوق ات الحي ة‪ .‬فالثقاف ة من ص نع اإلنس ان وال تنتق ل إال من خالل ه ‪ .‬فال‬
‫وجود للثقافة دون مجتمع إنساني وال وجود للمجتمع اإلنساني دون ثقافة ما‬
‫‪ -‬الثقاف ة مكتس بة ‪ :‬فالثقاف ة ليس ت ش يئا غريزي ا أو فطري ا أو ينتق ل بيولوجي ا ‪ ،‬ولكنه ا‬
‫مكونة من عادات واتجاهات مكتسبة يتعلمها كل فرد خالل خبرته الذاتية بعد والدته من‬
‫خالل ص لته وعالقت ه ب اآلخرين ‪ .‬فاألطف ال علي س بيل المث ال حين يش بون في أس رهم‬
‫وجماع اتهم ف إنهم يكتس بون عن طري ق عملي ة التنش ئة االجتماعي ة ط رق الس لوك والتفك ير‬
‫واالعتقاد والشعور التي يفصح عنها آبائهم وأقربائهم وجيرانهم ‪.‬‬
‫‪-‬الثقاف ة ك ل أو نس يج متكام ل ‪ :‬فال تتك ون الثقاف ة من مجموع ة من األعم ال واألفك ار‬
‫المنعزلة عن بعضها ‪ ،‬وإ نما تتكون من كل متداخل العناصر متكامل األجزاء ‪ .‬وقد يكون‬
‫التداخل أو التساند وظيفيا كما يقول الوظيفيون ‪ ،‬وقد يكون نوعا من التكامل البنيوي كما‬
‫يقول البنيويون ‪.‬‬
‫‪ -‬الثقافة انتقالية وتراكمية ‪ :‬تنتقل الثقافة من جيل الي جيل في شكل عادات وتقاليد ونظم‬
‫وأفكار ومعارف يتوارثها الخلف عن السلف عن طريق المخلفات المادية والرموز اللغوية‬
‫‪ ،‬كما أنها تنتقل من وسط اجتماعي الي وسط اجتماعي أخر ‪ .‬وبهذا المعني فأنها تراكمية‬
‫‪10‬‬
‫‪ ،‬فاإلنسان يستطيع أن يبني علي أساس منجزات الجيل السابق أو األجيال السابقة ‪ ،‬فهو‬
‫ليس في حاجة الي أن يبدأ دائما من جديد ‪.‬‬
‫‪-‬الثقافة أفكار وأعمال ‪ :‬لم يقف اإلنسان عاجزا أمام البيئة وإ نما أقام معها عالقات أخذت‬
‫أبعادا ثالثة‪ ،‬مادية وفكرية ورمزية‪:‬‬
‫فمن خالل البع د الم ادي تح ولت عالق ة اإلنس ان م ع البيئ ة الي أعم ال ومنج زات ‪ ،‬ب دءا‬
‫ب اآلالت واألدوات الي المن ازل والم دارس والمص انع ‪ ...‬وك ل عم ل إنس اني من ه ذه‬
‫األعم ال ال يمكن أن يتحق ق م ا لم تس بقه فك رة وإ رادة وتنفي ذ ‪ .‬وهك ذا فالبع د الم ادي ال‬
‫يخرج عن كونه أفكارا تم تجسيدها في أعمال‪.‬‬
‫‪ -‬الثقافة متباينة المضمون ومتشابهة الكل‪ :‬تختل ف الثقاف ات في مض مونها اختالف ا كب يرا‬
‫وق د يص ل االختالف الي درج ة التن اقض ‪ ،‬بحيث نج د أن النظم ال تي يتبعه ا مجتم ع م ا‬
‫ويعتقد أنها الفضيلة بعينها قد تعتبر أمرا مخالفا في مجتمع أخر وقد يعاقب عليه القانون ‪.‬‬
‫فمثال يستطيع العربي المسلم المقيم في دولة عربية أن يتزوج أمرآتين أو ثالثة أو أربعة‬
‫في ظ روف معين ة ‪ ،‬أم ا في الوالي ات المتح دة األمريكي ة فيع د ذل ك جريم ة تع رف باس م ”‬
‫جريمة تعدد الزوجات ” ويعاقب عيها الفرد حتي ولو كان مسلما ‪.‬‬
‫وب الرغم من إن الثقاف ات متنوع ة في مض مونها لدرج ة التن اقض ‪ ،‬ف ان اإلط ار الخ ارجي‬
‫لجميع الثقافات واحد ومتشابه ‪ .‬ففي كل ثقافة نجد أشكاال ثقافية واحدة مثل نظام العائلة‬
‫واللغ ة وال دين والفن ون والنظم االجتماعي ة الخ‪ ،...‬والتش ابه هن ا ينص ب علي الش كل الع ام‬
‫ات ‪.‬‬ ‫ارجي للثقاف‬ ‫الخ‬
‫‪ -‬الثقافة مثالية وواقعية ‪ :‬يمكن الق ول بأن ه الي درج ة كب يرة ف ان ع ادات الجماع ة وال تي‬
‫تتك ون منه ا الثقاف ة توض ع في مع ايير مثالي ة أو أنم اط س لوك مثالي ة ينبغي علي أعض اء‬
‫الجماعة أو أفراد المجتمع أن يحتذوها أو يمتثلوا لها ‪ .‬والثقافة أيضا واقعية من حيث أنها‬
‫تمثل السلوك الفعلي والواقعي في المجتمع ‪.‬‬
‫‪-‬الثقاف ة اش باعية فالثقاف ة دائم ا تش بع الحاج ات البيولوجي ة األساس ية والحاج ات الثانوي ة‬
‫المنبثقة عنها ‪ .‬فعناصر الثقافة وسائل مجربة إلشباع الدوافع اإلنسانية في تفاعل اإلنسان‬
‫بعالمه الخارجي ‪.‬ويترتب علي كون الثقافة اشباعيه وجود تش ابهات ثقافية واسعة المدى‬

‫‪11‬‬
‫بين المجتمع ات ناتج ة عن الحقيق ة القائل ة ب أن ال دوافع اإلنس انية األساس ية تتطلب أش كاال‬
‫متماثلة من اإلشباع‪.‬‬
‫‪ -‬الثقاف ة تكييفي ه ‪ :‬إن الثقاف ة تتغ ير وتتم يز عملي ة التغ ير الثق افي بأنه ا عملي ة تكييفي ه ‪،‬‬
‫فتميل الثقافات – خالل فترات زمنية معينة – الي التكيف مع البيئة الجغرافية ‪ ،‬وتتكيف‬
‫الثقاف ات أيض ا عن طري ق االس تعارة والتنظيم وذل ك بالنس بة للبيئ ة االجتماعي ة للش عوب‬
‫المجاورة ‪ ،‬وتتكيف الثقافات لنفسها كذلك ‪ ،‬بمعني أن تتكيف للتغيرات المختلفة التي تطرأ‬
‫علي مظاهره ا بس رعات مختلف ة ‪ .‬وأخ يرا ف ان الثقاف ات عليه ا أن تتكي ف للمتطلب ات‬
‫البيولوجية والسيكولوجية للكائن الحي ‪.‬‬
‫‪ -‬الثقاف ة انتقائي ة ‪ :‬يتم انتق ال الثقاف ة من جي ل الي أخ ر علي نح و مختل ف ك ل االختالف‬
‫عن توارث الصفات الجسمية والحيوية في اغلب الكائنات الحية ‪ .‬فقوانين الوراثة الحيوية‬
‫ثابت ة مط ردة الي ح د بعي د ‪ ،‬أم ا انتق ال الثقاف ة فال يتم بمث ل ه ذه اآللي ة والحتمي ة ‪ ،‬ب ل يتم‬
‫غالبا عن وعي وإ دراك وانتقاء ‪ .‬ولكن يجب أن نبرز تلك الحقيقة الجوهرية وهي أنه ليس‬
‫معني االنتقاء هنا أن لنا اختيارا تاما في قبول عناصر ثقافية أو رفضها ‪ .‬فما ال شك فيه‬
‫أن هذه العناصر تعلو علي مشيئتنا الي حد ما ‪ ،‬وغاية ما هنالك أن قبولنا الواعي لعناصر‬
‫الثقافة يجعل لنا نوعا من القدرة علي تكييفها تبعا لظروفنا والوقوف منها موقف االنتق اء ال‬
‫موقف التلقي السلب‪.‬‬
‫‪ -‬الثقافة مجتمعية ‪ :‬بمعني أنها عادات المجتمع ‪ ،‬ويلزم علي جميع أفراد المجتمع إتباعها‬
‫غ ير أن ه ال تتمت ع ك ل النظم الثقافي ة ب ذلك الش مول في التط بيق ‪ ،‬ب ل إن ع ددا كب يرا من‬
‫النظم يطبق علي جماعة معينة داخل المجتمع الواحد وال يطبق علي الجماعات األخرى‬
‫الحصة الرابعة ‪:‬‬
‫التفاعل الثقافي و آلياته ‪:‬‬
‫تمهيد ‪ :‬اإلنسان كائن اجتماعي ‪ ،‬وطالما هو كذلك فانه يعيش حياته في كل زمان ومكان‬
‫في اتصال مباشر وغير مباشر مع أقرانه ومحيطه‪ .‬واالتصال هو أبرز آلي ات التفاع ل بين‬
‫األف راد والجماع ات‪ .‬والتفاع ل تب ادلي يمكن مالحظت ه داخ ل الجماع ة وخارجه ا‪ ،‬وه و ق د‬
‫يأخذ ثالثة أشكال‪ :‬من شخص ألخر أو من شخص لجماعة أو من جماعة الي جماعة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫لكن آليات التفاعل متعددة تحاكي في كثرتها تعقد الحياة االجتماعية ‪ ،‬وبالتالي هي حاالت‬
‫ال يمكن تصنيفها بسهولة ألنها في الحياة العملية ال تعمل بمعزل بعضها عن بعض ‪ .‬وقد‬
‫اخترن ا خمس آلي ات أساس ية للتفاع ل الثق افي واالجتم اعي تتمث ل فيم ا يلي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬التب ادل ‪ :‬لطالم ا اعتبرن ا التب ادل عملي ة اقتص ادية بحت ه ‪ ،‬لكن علم اء االجتم اع‬
‫المعاص رين أوض حوا أن التب ادل ه و أح د أش كال التفاع ل االجتم اعي ‪ .‬يح دث التب ادل بين‬
‫المجموع ات س واء ك انت كب يرة تح اكي بحجمه ا ال دول الحديث ة ‪ ،‬أم ص غيرة مس اوية‬
‫لمجموعة الزوجين األساسية ‪.‬‬
‫إن علم االجتم اع م دين لج ورج س يمل في إب راز أهمي ة التب ادل في دراس ة التفاع ل‬
‫االجتم اعي ‪ .‬يش ير س يمل الي أن التب ادل ه و إعط اء ش كل محس وس للتفاع ل االجتم اعي‬
‫بحيث يصبح واقعة قابلة للقياس نوعا ما ‪ .‬وتتلخص نظرة سيمل بأنه مهما كانت العالقات‬
‫حميم ة وص ادقة ‪ ،‬فإنه ا تظ ل متم يزة بمع الم التب ادل بحيث يق وم س لوك أح د الط رفين علي‬
‫توق ع المكاف أة من الط رف األخ ر أو الش خص األخ ر ‪ .‬وال يقتص ر التب ادل علي ان ه يرس خ‬
‫روابط الصداقة بين اإلقران فحسب ‪ ،‬لكنه يوجد أيضا فوارق في المقام ‪ ،‬فالشخص الذي‬
‫يوفر لشخص أخر أشياء أو خدمات ال يمكن تعويضها أو مبادلة قيمتها ‪ ،‬ال يضع نفسه في‬
‫مقام أرفع فحسب ‪ ،‬وإ نما في مركز نفوز وسلطة ‪.‬‬
‫علي أي ة ح ال س واء ك انت آلي ة التب ادل مول دة للص داقة والحب أو لالس تياء والك ره ‪ ،‬فأنه ا‬
‫احدي أهم العناصر التي تدخل في عداد التفاعل االجتماعي ‪ .‬صحيح إنها أكثر وضوحا‬
‫في إط ار التب ادل االقتص ادي والعق ود القانوني ة ‪ ،‬إال أنه ا علي الق در نفس ه من األهمي ة في‬
‫ر‪.‬‬ ‫ية بين البش‬ ‫ات الشخص‬ ‫ار العالق‬ ‫إط‬
‫‪ -2‬التعاون ‪ :‬هو السلوك التضامني أو المشترك لتحقيق هدف ما ‪ ،‬فيه مصلحة مشتركة‬
‫لجميع األطراف‪ .‬والتعاون قد يكون عفويا أو موجها أو طوعيا أو قسريا ‪ ،‬رسميا أو غير‬
‫رسمي ‪ ،‬كبيرا وواسعا أو ضيقا وصغيرا ‪.‬‬
‫وعلي ال رغم من ض رورة التمي يز بين التع اون والتن افس ‪ ،‬إال إنن ا في الحي اة العملي ة قلم ا‬
‫نجد هذين النشاطين منفصل احدهما عن األخر ‪ ،‬ذلك أن التن افس يتطلب علي األقل حدا‬
‫اون ‪.‬‬ ‫من التع‬
‫‪ -3‬اإلل زام ‪ :‬ه و الس لوك الن اتج عن اإلك راه والقه ر في الغ الب ‪ .‬وق د يب دو اإلل زام س لوكا‬

‫‪13‬‬
‫وحي د الج انب ال نمط ا من التفاع ل ‪ ،‬لكن ه م ع ذل ك ال ينفص ل عن الش خص أو الفري ق‬
‫الممارس عليه فعل اإللزام ‪ .‬كذلك يمكن للفرد أن يمارس اإللزام أو اإلكراه علي نفسه ‪،‬‬
‫فم ا نطل ق علي ه ”ق وة اإلرادة“ م ا ه و إال ش كل من أش كال اإلل زام ‪ ،‬يك ون فيه ا الفاع ل‬
‫ه‪.‬‬ ‫ا واحدابعين‬ ‫ه شخص‬ ‫ول ب‬ ‫والمفع‬
‫إن لإللزام درجات متفاوتة من الشدة في العالقة بين البشر والمجموعات ‪ ،‬وهي آلية عام ة‬
‫وشاملة ‪ ،‬ألنها فضال عن وجودها المستقل نظريا ‪ ،‬ال تعمل بمعزل عن األنماط األخرى‬
‫‪ -4‬الصراع ‪ :‬انه السلوك الذي يحمل أفرادا أو مجموعات علي التنافس أو التناحر في ما‬
‫بينهم لبل وغ ه دف يس عي إلي ه الجمي ع ‪ .‬ويمكن للص راع أن ين دلع في اإلنس ان نفس ه وذل ك‬
‫حين يشتهي اإلنسان شيئا لكنه يقاوم تلك الشهوة وينشأ نتيجة لذلك صراع نفسي داخلي ‪.‬‬
‫ومع ذلك يبقي الصراع بين اإلفراد والجماعات أكثر بروزا وتأثيرا في التعامل االجتماعي‬
‫‪.‬‬
‫إن مظ اهر الص راع كث يرة فق د يك ون بين شخص ين أو بين جم اعتين أو بين دول تين ‪ ،‬وق د‬
‫يكون الصراع بصفة مباشرة ووجه لوجه ‪ ،‬وقد يكون بصفة غير مباشرة حينما يسعي ك ل‬
‫طرف لتحقيق مصلحته الخاصة وهو يعلم أن ذلك لن يتم إال بالحيلولة دون تحقيق مصالح‬
‫الط رف األخ ر ‪ ،‬وق د ينم و الص راع في الخف اء ويتخ ذ مظ اهر غ ير مش روعة كالقت ل‬
‫ؤامرات ‪.‬‬ ‫ائس والم‬ ‫ال والدس‬ ‫واالغتي‬
‫وإ ذا كان الصراع بين قوتين متكافئتين ‪ ،‬فأنه قد ينتهي الي التعاون بينهما ألن كال منهما‬
‫يسأم من استمرار فترة الصراع فتكون النتيجة تقارب وجهات النظر وإ مكان الوصول الي‬
‫حل ول وس طي ‪ .‬أم ا إذا ك ان الص راع بين ق وتين غ ير متك افئتين ف ان النص ر يك ون حلي ف‬
‫األق وى ولن يس تطيع األض عف االس تمرار في الص راع وغالب ا م ا ينتهي الص راع بس يادة‬
‫عف ‪.‬‬ ‫وع األض‬ ‫وى وخض‬ ‫األق‬
‫وأخ يرا يمكنن ا الق ول أن ه ب دون التفاع ل ال يك ون هن اك حي اة اجتماعي ة أو ثقافي ة ‪ .‬فبمج رد‬
‫وضع األفراد في جوار مادي ينشأ عنه نوع من التفاعل البسيط ‪ ،‬لكنه يأخذ بالتعمق عندما‬
‫يتحدث أو يعمل األشخاص والجماعات مع بعضهم البعض في إطار هدف معين أو عندما‬
‫يتنافس ون أو يتش اجر م ع بعض هم البعض ‪ .‬وق د يح دث التفاع ل ويك ون مباش را وق د يك ون‬
‫رمزيا حين يتكون من أصوات أو إشارات أخري أو لغة سواء كانت منطوقة أو مقروءة ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫الحصة الخامسة‪:‬‬
‫نسق القيم و التراث الشعبي و عالقته بالثقافة‬
‫تمهيد ‪ :‬من أين تأتي الثقافة ؟ من المجتمع ‪ ،‬أم من التاريخ ‪ ،‬أم من الدين‪ ،‬أم من عمليات‬
‫التفاعل بين األفراد وبينهم وبين البيئة ؟ هل يكتسب اإلنسان القيم والعادات أم ينتجها ؟ هل‬
‫يكتفي باكتسابها أم يضيف عليها ويعدلها ؟ هل تأتي الثقافة من القيم والع ادات أم ان القيم‬
‫والعادات تأتي من الثقافة ؟‬
‫في الحقيقة تأتي الثقافة من كل االتجاهات وتشرب من أكثر من نبع ‪ .‬وبقدر تفاعل األفراد‬
‫م ع بيئ اتهم واس تجابتهم للحاج ات المس تجدة تنم و الثقاف ة ويتك ون المجتم ع ‪ .‬فتحت ه ذه‬
‫العن اوين ‪ :‬الثقاف ة والمجتم ع والت اريخ تت درج عملي ة التك وين ‪ ،‬فحيث ال ثقاف ة ‪ ،‬ال‬
‫مجتمع ‪.‬وعندما توجد الثقافة البد من مجتمع ‪ ،‬ذلك أنه في الوقت الذي يصنع فيه اإلنسان‬
‫ثقافته يصنع بل يبني فيه مجتمعه ‪.‬‬
‫وسوف نتناول عبر تلك المحاضرة والمحاضرة القادمة أبرز مصادر الثقافة كالدين والقيم‬
‫والعادات واألعراف والتقاليد والشعائر والطقوس والتراث الشعبي ‪.‬‬
‫أوال – الثقافة والدين‪:‬‬
‫يمث ل ال دين ثقاف ة كامل ة لش عب أو أم ة أو حض ارة ‪ ،‬ليس في كون ه مجموع ة نص وص‬
‫وتعاليم وقيم فحسب ‪ ،‬بل بما هو كيان مجسد اجتماعيا ومبلور بالممارسة في أنماط وتقالي د‬
‫وأفعال ‪ .‬فالدين ثقافة كاملة فهو يعبر عن رؤية للعالم وللطبيعة والوجود واإلنسان وهو‬
‫كذلك أيضا ألنه يقدم تصور لبناء االجتماع اإلنساني علي نحو يغطي أحيانا أدق تفاصيل‬
‫ه ذا االجتم اع اقتص ادا وسياس ة وأخالق ا وأح وال شخص ية ‪...‬الخ وبق در م ا يق وم ال دين‬
‫بتشكيل الثقافة وتعبئتها يقوم أيضا بشحنها بالرموز والمضامين والقيم بل يسهم في تشكيل‬
‫حقله ا الخ اص داخل االجتم اع الم دني ‪ .‬إذا ثم ة حالتان يمث ل ال دين في األولي نسقا كامال‬
‫يم د المؤم نين بأنم اط متكامل ة فيم ا يتعل ق ب القيم وإ دراك الوج ود ويمث ل في الثاني ة عنص را‬
‫ف اعال وق درة دينامي ة داخ ل نس ق أش مل يتمث ل في االجتم اع الم دني بأبع اده السياس ية‬
‫واالجتماعية واالقتصادية والوطنية واإلنسانية ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ثانيا – القيم الثقافية‪:‬‬
‫يعت بر مفه وم القيم من أك ثر مف اهيم العل وم االجتماعي ة غموض ا وارتباط ا بع دد كب ير من‬
‫المف اهيم األخ رى كاالتجاه ات والمعتق دات وال دوافع والرغب ات ‪ ....‬وق د ص اغ ميلت ون‬
‫روكيش عددا من االفتراضات التي ينبغي أن يبدأ منها تحليل طبيعة القيم اإلنسانية منه ا ‪:‬‬
‫بيا ‪.‬‬ ‫ل نس‬ ‫رد قلي‬ ‫اه الف‬ ‫تي يتبن‬ ‫وع الكلي للقيم ال‬ ‫‪1-‬إن المجم‬
‫–‪2‬إن األش خاص في أي مك ان يتبن ون ب درجات متباين ة مجموع ة من القيم العام ة ‪.‬‬
‫ة‪.‬‬ ‫اق للقيم‬ ‫ل أنس‬ ‫ة داخ‬ ‫‪3-‬إن القيم منتظم‬
‫ية ‪.‬‬ ‫ع والشخص‬ ‫ة والمجتم‬ ‫انية في الثقاف‬ ‫ابع القيم اإلنس‬ ‫ع من‬ ‫–‪4‬يمكن تتب‬
‫– ‪5‬نتائج أو آثار القيم اإلنسانية تتبدي واضحة في كل الظواهر التي يجد المتخصصون‬
‫في العلوم االجتماعية أنها جديرة بالبحث‪.‬‬
‫إشكالية التعريف ‪ :‬هناك محاوالت عديدة لوضع تعريف واحد للقيم ‪ ،‬لكنها لم تسفر إال‬
‫عن تع دد وتب اين واض ح في ال رأي بين المش تغلين في العل وم االجتماعي ة وفيم ا يلي أب رز‬
‫ال ‪:‬‬ ‫ذا المج‬ ‫ات في ه‬ ‫التعريف‬
‫‪ -‬روب رت ب ارك وب رجس يري ان ” إن أي ش يء يحظى بالتق دير والرغب ة ه و قيم ة ” ‪.‬‬
‫‪ -‬جورج لندبرج يري” إن شيئا ما يصبح هو في ذاته قيمة حينما يسلك الناس إزاءه سلوكا‬
‫ه ”‪.‬‬ ‫ه أو تملك‬ ‫تهدف تحقيق‬ ‫يس‬
‫ات ” ‪.‬‬ ‫بر عن حاج‬ ‫وعات تع‬ ‫ري أن ” القيم هي موض‬ ‫ري‬ ‫وارد بيك‬ ‫‪-‬ه‬
‫‪-‬ميلتون روكيش يري ” أن القيمة هي معتقد يحظى بالدوام ويعبر عن تفضيل شخصي أو‬
‫ود ”‪.‬‬ ‫ات الوج‬ ‫ة من غاي‬ ‫اعي لغاي‬ ‫اجتم‬
‫ال ش ك في أن ه ذه التعريف ات وغيره ا تعكس التب اين في وجه ات النظ ر تبع ا للم دارس‬
‫واالتجاهات المختلفة للباحثين ‪ ،‬غير أن هناك مجموعة من النقاط تمثل مؤشرات إجرائية‬
‫ا يلي ‪:‬‬ ‫رها فيم‬ ‫وم القيم ‪ ،‬يمكن حص‬ ‫ف مفه‬ ‫د تعري‬ ‫عن‬
‫‪1 -‬القيم هي محك نحكم بمقتضاه ونحدد علي أساسه ما هو مرغوب فيه في موقف توجد‬
‫دائل ‪.‬‬ ‫دة ب‬ ‫هع‬ ‫في‬
‫ائل ‪.‬‬ ‫ات ووس‬ ‫ة أو غاي‬ ‫داف معين‬ ‫ا أه‬ ‫دد من خالله‬ ‫‪2-‬تتح‬

‫‪16‬‬
‫‪3-‬يمكن من خالله ا الحكم س لبا أو إيجاب ا علي مظ اهر معين ة من الخ برة في ض وء عملي ة‬
‫التقييم التي يقوم بها الفرد‬
‫–‪4‬التعب ير عن ه ذه المظ اهر يتم في ظ ل ب دائل متع ددة أم ام الف رد‪.‬‬
‫‪5-‬تأخذ هذه البدائل أحد أشكال التعبير الو جوبي مث ل ” يجب أن ‪ “...‬حيث يكشف ذلك‬
‫ا القيم ‪.‬‬ ‫م به‬ ‫تي تتس‬ ‫زام ال‬ ‫وب واإلل‬ ‫ية الوج‬ ‫عن خاص‬
‫– ‪6‬يختل ف وزن القيم ة من ف رد ألخ ر بق در احتك ام ه ؤالء األف راد الي ه ذه القيم ة في‬
‫ة‪.‬‬ ‫ف المختلف‬ ‫المواق‬
‫–‪7‬تمثل القيم ذات األهمية بالنسبة الي الفرد وزنا نسبيا أكبر في نسق القيم وتمثل القيمة‬
‫ق‪.‬‬ ‫ذا النس‬ ‫ل في ه‬ ‫بيا أق‬ ‫ا نس‬ ‫ة وزن‬ ‫ل أهمي‬ ‫األق‬
‫ولمزيد من التحديد في توضيح مفهوم القيم ينبغي التمييز بينه وبين عدد من المفاهيم التي‬
‫عادة ما تختلط بها وذلك علي النحو التالي ‪:‬‬

‫أ – القيم ة ومفه وم االتج اه ‪ :‬علي المس توي الوص في ف ان الف رق بين االتجاه ات والقيم‬
‫كالفرق بين العام والخاص ‪ ،‬حيث تقف القيم كمحددات التجاهات الفرد ‪ ،‬فهي عبارة عن‬
‫تجري دات وتعميم ات عام ة تتض ح من خالل تعب يرات األف راد عن اتجاه اتهم حي ال‬
‫ددة‬ ‫وعات مح‬ ‫موض‬
‫ويمكن النظ ر الي االتجاه ات والقيم في ض وء مس تويات مختلف ة تمت د من الخصوص ية الي‬
‫العمومية ‪ .‬فالمستوي األول يتمثل في المعتقدات والثاني في االتجاهات ثم المستوي الثالث‬
‫حيث توجد القيم ثم المستوي الرابع ويتمثل في الشخصية ‪ .‬فالقيمة بناء أكثر عمومية من‬
‫االتج اه ‪ ،‬فهي عب ارة عن مجموع ة من االتجاه ات المرتبط ة فيم ا بينه ا ‪.‬‬
‫ب – القيم والمع ايير االجتماعي ة ‪ :‬ثم ة ثالث ة ج وانب تختل ف فيه ا القيم عن المع ايير‬
‫االجتماعي ة ‪ ،‬فالقيمة تشير الي نم ط مقفل للس لوك أو غاي ة من غاي ات الوجود بينم ا يشير‬
‫المعي ار االجتم اعي الي نم ط س لوكي واح د ‪ .‬القيم تتس امي علي المواق ف الخاص ة بينم ا‬
‫المعي ار ه و تحدي د لس لوك أو من ع لس لوك أخ ر في موق ف معين ‪ .‬والقيم أيض ا هي أك ثر‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة وخارجي‬ ‫ايير اتفاقي‬ ‫ا المع‬ ‫ة بينم‬ ‫ية وداخلي‬ ‫شخص‬
‫ويع ني ه ذا أن المع ايير هي قواع د للس لوك ‪ ،‬فهي تح دد م ا يجب وم ا ال يجب من أنم اط‬

‫‪17‬‬
‫س لوكية في ظ روف مح ددة ‪ ،‬بينم ا القيم هي مس تويات للتفض يل مس تقلة الي ح د م ا عن‬
‫المواقف الخاصة ‪.‬فمثال من القيم السائدة في المجتمعات عموما العدالة والحرية والتهذيب‬
‫واللياق ة ‪ ،‬وفي المجتمع ات العربي ة الك رم والتس امح ‪ .‬ومن أمثل ة المع ايير نزاه ة الم درس‬
‫درس ‪.‬‬ ‫ة ال‬ ‫ل قاع‬ ‫يزه داخ‬ ‫دم تح‬ ‫ه وع‬ ‫وعدالت‬
‫واع ‪:‬‬ ‫ة أن‬ ‫دات الي ثالث‬ ‫م المعتق‬ ‫د‪ :‬تنقس‬ ‫ة والمعتق‬ ‫ج–القيم‬
‫ف‬ ‫حة والزي‬ ‫ف بالص‬ ‫تي توص‬ ‫فية‪ :‬وهي ال‬ ‫–‪1‬وص‬
‫‪2-‬تقييمي ه‪ :‬أي ال تي يوص ف علي أساس ها موض وع االعتق اد بالحس ن أو القبح ‪.‬‬
‫‪3-‬آم رة وناهي ة‪ :‬حيث يحكم الف رد بمقتض اها علي بعض الوس ائل أو الغاي ات بج دارة‬
‫الرغبة أو عدم الجدارة ‪.‬‬
‫لذلك يري ميلتون روكيش أن القيمة أشبه بمعتقد من النوع الثالث ‪ ،‬ثابت نسبيا يحمل في‬
‫فحواه تفضيال شخص يا أو اجتماعيا لغاية من غايات الوج ود أو لش كل من أشكال السلوك‬
‫الموص لة الي ه ذه الغاي ة ‪ .‬وفي المقاب ل يف رق بعض الب احثين بين القيم والمعتق دات علي‬
‫أس اس أن القيم تش ير الي الحس ن مقاب ل الس يئ أم ا المعتق دات فتش ير الي الحقيق ة مقاب ل‬
‫ف‪.‬‬ ‫الزي‬
‫د – القيم ة والس لوك ‪ :‬القيم ة هي أك ثر تجري دا من الس لوك ‪ ،‬فهي ليس ت مج رد س لوك‬
‫ها‪.‬‬ ‫يل علي أساس‬ ‫دث التفض‬ ‫تي يح‬ ‫ايير ال‬ ‫من المع‬ ‫ل تتض‬ ‫ائي ب‬ ‫انتق‬
‫‪ -‬مفهوم نسق القيم ‪ :‬تؤلف مجموع القيم المكتسبة نسقا متماسكا حيث تحتل كل قيمة في‬
‫هذا النسق أولوية خاصة بالقياس الي القيم األخرى ‪ .‬ويتضمن نسق القيم نوعين رئيسين‬
‫من القيم ‪ :‬القيم الغائي ة – وتمث ل غاي ات الوج ود اإلنس اني ‪ ،‬والقيم الوس يطة وهي أس اليب‬
‫الس لوك المفض لة لتحقي ق الغاي ات المرغوب ة ‪ .‬ومن األهمي ة التمي يز بين م درج القيم ونس ق‬
‫القيم فاألول يعني ترتيب الشخص للقيم من أكثرها أهمية الي أقلها أهمية بينما يشير الثاني‬
‫الي التنظيم الع ام لقيم الف رد وال ذي من خالل ه تتح دد أهمي ة ك ل قيم ة من ه ذه القيم وكي ف‬
‫تنتظم وما هي عالقة كل منها باألخرى ‪.‬‬
‫تصنيف القيم ‪ :‬قدم نيكوالس ريتشر محاولة قيمة لعرض مختلف أسس تصنيف القيم علي‬
‫النحو التالي ‪:‬‬

‫‪18‬‬
‫‪-‬التص نيف علي أس اس محتض ني القيم ة ‪ :‬حيث ينص ب االهتم ام في ه ذا التص نيف علي‬
‫أولئ ك ال ذين يحتض نون قيم ة من القيم مث ل القيم الشخص ية وقيم العم ل ‪...‬‬
‫‪ -‬التص نيف في ض وء موض وعات القيم ‪ :‬وفي ه ينص ب االهتم ام علي موض وعات مح ددة‬
‫تكتس ب خاص ية قيمي ة ‪ ،‬فيتم مثال تق ييم الرج ال علي أس اس نس بة ال ذكاء واألمم في ض وء‬
‫ا‪.‬‬ ‫ائدة فيه‬ ‫ة النظم الس‬ ‫عدال‬
‫‪ -‬التصنيف علي أساس الفائدة أو المنفعة ‪ :‬ترتبط القيم بفائدة أو منفعة يحققها أولئك الذين‬
‫يؤمن ون به ا س واء ك انت المنفع ة تتعل ق بإش باع حاج ة أم اهتم ام أم مص لحة‪.‬‬
‫‪ -‬التصنيف علي أساس األغراض واألهداف ‪ :‬أي تصنيف القيم وفقا للغرض المحدد أو‬
‫الهدف الخاص الذي يتحقق بوجودها ‪ ،‬مثل القيمة الغذائية للطعام والقيمة التبادلية لبعض‬
‫برامج‪.‬‬ ‫ة لبعض ال‬ ‫ة التعليمي‬ ‫لع والقيم‬ ‫الس‬
‫‪ -‬التص نيف علي أس اس العالق ة بين محتض ن القيم ة والفائ دة ‪ :‬يقص د به ذا التص نيف‬
‫مالحظ ة أن الش خص يحتض ن قيم ة معين ة ألن ه ي ري في وجوده ا فائ دة بالنس بة إلي ه أو‬
‫ة ‪...‬‬ ‫ة والقومي‬ ‫رية أو المهني‬ ‫ل القيم األس‬ ‫رين مث‬ ‫بة الي اآلخ‬ ‫بالنس‬
‫‪ -‬التص نيف علي أس اس العالق ة بين القيم ذاته ا ‪ :‬ويعتم د ه ذا التص نيف علي م دي ارتب اط‬
‫القيم بعض ها ببعض ‪ ،‬فقيم ة الك رم نفس ها مثال تحق ق قيم ة أعلي هي س عادة اآلخ رين ‪ .‬في‬
‫ه ذه الحال ة تعت بر القيم ة األولي قيم ة وس يطة أو وس يليه ‪ ،‬وهن اك قيم أخ ري ل ذاتها مث ل‬
‫الوالء ‪ ،‬األمانة ‪ ،‬تلك هي القيم الغائية ‪.‬‬
‫الحصة السادسة‬
‫العادات واألعراف‬
‫تمهي د ‪ :‬من بين العناص ر الثقافي ة تب دو الع ادات األك ثر عمومي ة ‪ ،‬فهي بطبيعته ا اس تجابة‬
‫لحاج ات ثابت ة نس بيا ومتغ يرة تبع ا ل ذلك ‪ ،‬ألنه ا تس تجيب في الزم ان والمك ان لحاج ة‬
‫اجتماعية ‪ .‬فإذا كان الطعام حاجة اجتماعية ثابتة ‪ ،‬فان عادة تحضير الطعام وكيفية صنعه‬
‫وطريقة تقديمه وتناوله خاضعة جميعها لمقولة الزمان والمكان ‪ .‬فالحاجة هنا ثابتة ‪ ،‬أما‬
‫عادة إشباع هذه الحاجة فهي متغيرة ‪.‬‬
‫تنقس م الع ادات ال تي يكتس بها الف رد إلي ع ادات فردي ة وأخ ري جماعي ة ‪:‬‬
‫‪ -‬الع ادات الفردي ة ‪ :‬وهي ظ اهرة شخص ية يمكن أن تتك ون وتم ارس في ح االت العزل ة‬
‫‪19‬‬
‫عن المجتم ع ‪ .‬ويك اد يك ون اإلنس ان مجم وع ع ادات تمش ي علي األرض ‪ ،‬ب ل إن قيمت ه‬
‫تعتم د في بعض األحي ان علي عادات ه فطريق ة لبس ه ونظافت ه وكالم ه ومش يه وأكل ه‬
‫ربه‪....‬الخ‬ ‫وش‬
‫كلها عادات فردية تسهم في نجاح المرء وانسجامه في الحياة ‪ .‬والعادات الفردي ة ال تس تمر‬
‫إال ألنها تقوم بوظيفة فهي تسهل العمل المعتاد وتجعل تكراره سهال ‪ ،‬وهي أيضا تؤدي‬
‫ل‪.‬‬ ‫يز أق‬ ‫ل وبترك‬ ‫ه في زمن أق‬ ‫ان بأعمال‬ ‫ام اإلنس‬ ‫إلي قي‬
‫‪ -‬الع ادات الجماعي ة ‪ :‬إذا نش أت ع ادة تبع ا لظ روف مش تركة في مجتم ع معين ومارس ها‬
‫ع دد كب ير ‪ ،‬فمن الممكن أن تص بح ع ادة جماعي ة ‪ .‬أنه ا مجموع ة من األفع ال واألعم ال‬
‫وأل وان الس لوك ال تي تنش أ في قلب الجماع ة بص فة تلقائي ة لتحقي ق أغ راض تتعل ق بمظ اهر‬
‫سلوكها وأوضاعها ‪ ،‬وتمثل ضرورة اجتماعية وتستمد قوتها من هذه الضرورة‪.‬‬
‫بعض العادات مفيد للحياة االجتماعية ويؤدي إلي تعزيز وحدة المجتمع وتقوية الروابط‬
‫بين أف راده ‪ ،‬مث ل آداب الس لوك الع ام وآداب الح ديث والمائ دة وص الت ذوي الق ربى ‪.‬‬
‫وبعضها سلبي وقد يشيع الفرقة بين أبناء المجتمع الواحد مثل العادات الخرافية وتعاطي‬
‫الخمور والمخدرات ‪.‬‬
‫تميل العادات الجماعية إلي الجمود وتقف حائال أمام التجديد ويعتبر البعض هذه الخاصية‬
‫من عوام ل االس تقرار االجتم اعي ‪ ،‬وم ع ذل ك فالع ادات الجماعي ة قابل ة للتط ور والخ روج‬
‫عن قوالبه ا الجامدة والقديم ة‪ .‬فقد انتقلت األشكال االجتماعية من البس اطة إلي التعقيد مما‬
‫أدي إلي اختفاء العادات الجماعية القديمة ونشوء عادات فردية بديلة عنها ‪.‬‬
‫األع راف ‪ :‬يع رف ”س منر“ األع راف بأنه ا تل ك الس نن االجتماعي ة ال تي ت دل علي المع ني‬
‫الش ائع للع ادات والتقالي د والمعتق دات واألفك ار والق وانين وم ا ش ابه وبخاص ة عن دما تح وي‬
‫حكما ‪ .‬إنها تحوي جانبا كبيرا لما يطلق عليه ” الصواب“ أو ” الخطأ“ ‪ .‬فاألعراف يمكن‬
‫النظر إليها بأنها قوانين اجتماعية غير مكتوبة لكن متعارف عليها ‪ .‬ويتكون العرف أساسا‬
‫ة‪.‬‬ ‫عورية وتدريجي‬ ‫ة ال ش‬ ‫ة بطريق‬ ‫مير الجماع‬ ‫في ض‬
‫الف رق بين الع ادة الجمعي ة والع رف ه و ف رق تكوي ني فلكي يتك ون الع رف ال ب د من ت وافر‬
‫ع املين ‪ :‬األول م ادي يتمث ل بع ادة قديم ة وغ ير مخالف ة للنظ ام الع ام ‪ .‬والث اني معن وي‬

‫‪20‬‬
‫ويتمث ل ب أن يش عر الن اس بض رورة اح ترام ه ذا الع رف وبأن ه يوج د ج زاء يق ع عليهم إذا‬
‫خالفوها‪.‬‬
‫أما العادة فال يلزم لنشوئها إال توفر العامل المادي وهم يحترمونها بالتعود‪ .‬وهكذا فالعادة‬
‫عرف ناقص إذ يعوزها لتصبح عرفا أن يشعر الناس بضرورة احترامها ‪ ،‬كذلك تختلف‬
‫العادة عن العرف في إن األخير قانون يطبق علي الناس سواء رغبوا أم لم يرغبوا ‪ ،‬أما‬
‫العادة فهي ليست قانون وهي تلزم الناس بذاتها وإ نما تطبق عليهم إذا قصدوا إتباع حكمها‬
‫وب ذلك يك ون ك ل ع رف ع ادة ولكن ليس ك ل ع ادة عرف ا ‪.‬‬
‫رابعا – التقاليد والشعائر والطقوس‪:‬‬
‫التقاليد والشعائر والطقوس ‪ :‬تعرف التقاليد بأنها عبارة عن مجموعة من قواعد السلوك‬
‫الخاص ة بطبق ة معين ة أو طائف ة أو بيئ ة محلي ة مح دودة النط اق ‪ ،‬وهي تنش أ من الرض ي‬
‫واالتفاق الجمعي علي إجراءات وأوضاع معينة خاصة بالمجتمع المحدود الذي تنشأ فيه ‪.‬‬
‫أما المظهر الغالب للشعائر والطقوس ‪ ،‬أنها من طبيعة دينية وهي تنطوي في جانب منها‬
‫علي مجموعة من المحرمات المقدسة المعروفة باسم ” التابو“ وهي تشير الي مجموعة من‬
‫األم ور واألفع ال والمواق ف ال تي يجب علي األف راد القي ام به ا وبخاص ة أنه ا تس تند الي‬
‫الجزاء الديني والردع الخلقي‪.‬‬
‫ويقص د بالش عائر والطق وس الديني ة مجموع ة األفع ال المرعي ة والممارس ات ال تي تنظمه ا‬
‫قواع د نظامي ة من طبيع ة مقدس ة أو م وقرة ذات س لطة قهري ة ملزم ة ض ابطة لتت ابع بعض‬
‫الحركات الموجهة لتحقيق غايات ذات وظيفة محددة ‪ .‬هي إذن قواعد ضابطة للمناسبات‬
‫ال ته دف الي تحقي ق منفع ة وإ نم ا هي أدوات تنظيمي ة من طبيع ة الحي اة االجتماعي ة تعم ل‬
‫علي تث بيت قواع د الحي اة الجمعي ة ألنه ا تتك رر بص فة منتظم ة‪.‬‬

‫خامسا التراث الشعبي‪:‬‬


‫ال تراث الش عبي ‪ :‬يتجلى ال تراث الش عبي في عناص ر كث يرة منه ا الفولكل ور والم وروث‬
‫الثق افي والمعتق دات الش ائعة من خراف ات وأس اطير ‪ .‬ولف ظ ”ت راث“ يع ني بش كل ع ام‬
‫ل‪.‬‬ ‫ل عن جي‬ ‫ا جي‬ ‫تي تلقاه‬ ‫ة ال‬ ‫ر الثقافي‬ ‫العناص‬

‫‪21‬‬
‫‪ -‬الفولكل ور ‪ :‬مع ني كلم ة فولكل ور حرفي ا ه و مع ارف الن اس أو حكم ة الش عب ‪ ،‬وه و‬
‫اس تخدام لي دل علي الع ادات والمعتق دات واآلث ار الش عبية القديم ة الم أثورة ‪ .‬وق د اختلفت‬
‫م دارس الفولكل ور ح ول تحدي د موض وعه فمنه ا من قص ره علي األدب الش عبي وبعض ها‬
‫حدده في الحكايات الخرافية واألساطير وبعضها األخر ضم إليه طرائق الحياة الشعبية‪.‬‬
‫ويمكن القول إن المتخصصين بالفولكلور قد حدد ميدانه أخيرا في تلك الفنون التي تمتاز‬
‫بعراقتها وانتقالها عن طريق التقليد والمحاكاة أو النقل الشفهي وهي غالبا ما تكون مجهولة‬
‫ا يلي ‪:‬‬ ‫المؤل ف‪ .‬يتض من ال تراث الش عبي اعتق ادات متنوع ة منه ا م‬
‫‪-‬االعتق اد بالكائن ات العلوي ة والس فلية ك الجن والعف اريت وأرواح الم وتى ‪.‬‬
‫‪-‬االعتقادات الخاصة بالتشاؤم أو بالتفاؤل من أشياء أو أفعال أو التوقي مما يجلب النحس‬
‫ة“ ‪.‬‬ ‫” األحجب‬
‫‪-‬ماله عالقة باستقراء الغيب والكشف عن المستقبل بقراءة الكف وما يطلق عليه ” ضرب‬
‫ودع ”‪.‬‬ ‫ال‬
‫زيم ‪.‬‬ ‫حر والتع‬ ‫اد في الس‬ ‫من االعتق‬ ‫ا يتض‬ ‫‪-‬م‬
‫رابين ‪.‬‬ ‫ات والق‬ ‫ان بالهب‬ ‫طاء واإليم‬ ‫اء والوس‬ ‫اد باألولي‬ ‫‪-‬االعتق‬
‫‪-‬الع ادات المرتبط ة ب دورة الحي اة وال تي ت دور ح ول ال والدة والس بوع والخت ان والخطب ة‬
‫وت‪.‬‬ ‫رض والم‬ ‫والم‬
‫‪-‬منها ما يتعلق بالحكايات واألدب الشعبي كالسير الشعرية والنثرية والقصص واألس طورة‬
‫اني‬ ‫وال واألغ‬ ‫والم‬
‫‪-‬ومنه ا م ا يتعل ق بالمواس م الزراعي ة أو الزمني ة أو األعي اد والموال د ‪.‬‬
‫خص ائص الثقاف ة الش عبية ‪ :‬يمكن أن ن وجز أهم الخص ائص ال تي تتس م به ا الثقاف ة الش عبية‬
‫ا يلي ‪:‬‬ ‫فيم‬
‫اإللزام ‪ :‬مما الشك فيه أن نفوذ الثقافة الشفهية كبير وهو يصل الي حد اإللزام ‪ .‬وقد أشار‬
‫اميل دور كايم الي خاصية القهر واإللزام فيما أسماه بالعقل أو ” الضمير الجمعي“ الذي‬
‫جع ل من ه ” فك رة ق اهرة“ متحقق ة في ذاته ا وخارج ة عن إرادة األف راد ‪.‬‬
‫التلقائي ة ‪ :‬وهي في أساس ها تلقائي ة غ ير واعي ة ألن أساس ها المحاول ة العش وائية في س د‬
‫الحاج ات الطبيعي ة الض رورية وإ ش باعها وال تي تتح ول م ع ال وقت الي ع ادات فردي ة‬

‫‪22‬‬
‫وجماعية ‪ .‬غير مدونة ‪ :‬فالمجتمع ال يتصدى لبناء ثقافته الشعبية وعاداته وتقاليده بعمل‬
‫ش عوري واع ل ذلك ه و ال ي دونها بين أخب ار تاريخ ه ‪ ،‬وإ ذا أردن ا الوق وف عليه ا فهي في‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة متناهي‬ ‫ا بدق‬ ‫ة ويتم تناقله‬ ‫ة محفوظ‬ ‫ذاكرة الجماعي‬ ‫ال‬
‫االستمرار والثبات ‪ :‬تبدو هذه الخاصية واضحة بانتقال تلك الثقافة من جيل الي جيل دون‬
‫تغي ير أو تحري ف في األس لوب الع ام ‪ ،‬م ع قابلي ة نس بية للتع ديل تبع ا لظ روف جدي دة ‪.‬‬
‫الجاذبي ة ‪ :‬تبقي الثقاف ة الش عبية مقبول ة ومرغوب ة علي ال رغم مم ا فيه ا من إل زام وقه ر ‪،‬‬
‫فهي تنط وي علي م ا تواض ع علي ه أف راد الجماع ة من أفع ال س لوكية ‪.‬‬
‫وأخيرا يمكننا القول إن للثقافة الشعبية وظائف متعددة منها الوظيفة االقتصادية والتوجيهية‬
‫والجمالية والتنبؤية ‪ ،‬لكن أهمها بال شك وظيفة الضبط االجتماعي‬

‫‪23‬‬

You might also like