مراجعة كتاب رياح التغيير في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 8

‫مراجعات‪ :‬كتاب "رياح التغيير في الشرق األوسط وشمال أفريقيا‬

‫األزمة – اإلنفراج – التحول"‬


‫إصدار منتدى البرهان‪ ،‬للناشر دار الساقي البيروتية‬

‫حدود األزمة وسلوك التحول‬


‫مراجعة للكتاب بقلم الدكتور حمدي النورج‬

‫في بحث التجلي""ات الحديث""ة لع""الم الي""وم بتش""كالته كاف""ة ينبغي أن نق""رر أنن""ا ق""د تجاوزن""ا حال""ة الرص""د‬
‫المعرفي لتأثير الحداثة البالغ والفج‪ ،‬باعتبار المساحة الزمانية‪/‬المكانية التي يترسم خطوطها هذا الكت""اب‬
‫في نعومة وارتياب‪ .‬وإذا كان لنا أن نحدد عالمية الرصد فينبغي التأكيد أن الخطوات األولى لعالم البحث‬
‫في هذا الكتاب يبتدأ من عام ‪ ،1979‬أي منذ قيام الثورة اإلسالمية في إيران‪ .‬وهو بدء كان له الكثير من‬
‫المراجعات التي وضعت هذه الثورة بكامل أفعاله""ا في الم""يزان‪ ،‬وإن تم""يزت أغلبه""ا بالرؤي""ة األحادي""ة‬
‫فضال عن محدودية التأثير عند التقييم‪ ،‬بحيث لم يتعد النظر إلى حدود التأثير الثوري في الرقعة الكبرى‬
‫التي تعتبر المكون األمثل للتجربة اإلسالمية عامة‪ ،‬أقصد الشرق األوسط وشمال إفريقي""ا باإلض""افة إلى‬
‫الجمهورية اإلسالمية في إيران‪ ،‬وما يزاحمها من أقليات ودويالت وتكوينات عرقية كامن""ة وكامل""ة‪ .‬وال‬
‫أعتقد أنه من اليسير البحث في نقاط االتفاق فض""ال عن نق""اط االختالف ال""تي تعززه""ا ال""رؤى السياس""ية‬
‫التي حرص باحثو هذا الكتاب على النظر إليها ببعد غير استيرابي‪ .‬وهذا معناه أن ينتقل اإلطار البح""ثي‬
‫من الرؤية التنظيرية إلى البحث في الرؤية التفاعلية والواقعية‪ ،‬عالم تحقيق األفك""ار إلى أفع""ال وأح""داث‬
‫يكمن ظهورها في التشابك االجتماعي والتفاعل الثقافي داخ""ل المجتمع""ات‪ ،‬فالش""جار بين النخب لم يع""د‬
‫عامال مساعدا في تكوين شارات مس""عفة ق""در االنحي""از إلى ع""الم الفع""ل ال""ذي يكون""ه الخلي""ط المجتمعي‬
‫المتفاعل‪ .‬وهي رؤية كانت حاضرة عندما ضم هذا الكتاب العديد من وجهات النظر ال""تي أراه""ا ألص""ق‬
‫بالجانب التفاعلي في بنية المجتمعات وفي بالغة الوصف الهش ألفكار النخب التي ال تبني أصال‪.‬‬
‫ليس في اإلمكان تبيان الهدف من كتاب يتب""نى فك""ر االس""تمرارية والتجدي""د في ظ""رف غ""دا في""ه الح""دث‬
‫يمتلك بُنى اندهاشية مفرطة‪ ،‬وكسرا لك""ل آف""اق تحمله""ا التوقع""ات‪ .‬ف""التغيير واق""ع ك""ل وقت ع""بر ح""دود‬
‫األزمة ثم االنفراج ثم التحول‪ .‬غير أن التحدي الحقيقي في جملة الدراسات التي جمعها ه""ذا الكت""اب ه""و‬
‫وقوفه على محاولة رسم سياسات التحول‪،‬وكيف يقع؟ فمن اليسير أن نتفق كث"يرا ح"ول وق"وع أزم"ة م"ا‬
‫وأسبابها باعتبار أن ما نشاهده قابل للتفسير والمراوحة‪ ،‬وكذلك من العادة أن يق""ع أمامن""ا فع""ل االنف""راج‬
‫الذي الحظناه عند تعامل بعض الحكومات مع جمل""ة من الملف""ات الس""اخنة في الش""رق األوس""ط وش""مال‬
‫أفريقيا‪ ،‬وبخاصة عند صعود اإلرهاب المتنامي والخفي والمتزيي بسلوك التدين‪ .‬وهي مالمح ال نختلف‬
‫ح""ول وجوده""ا ومن ثم مالحظ""ة أفعاله""ا‪ .‬وكي""ف تم التعام""ل معه""ا؟ وألنن""ا لس""نا دوم""ا على خط""أ بينم""ا‬
‫اآلخرون على صواب‪ ،‬فإننا اآلن في بنية التحول الك""برى ال""تي تل""ونت مالمحه""ا م""ؤخرا وبمنط""ق أق""ل‬
‫تفاؤلية‪ ،‬وبسيف السرعة الذي يغلف بنية الحدث‪ ،‬وهنا ينبغي أن نكشف في طالقة عن بنية التحول التي‬
‫يقدمها هذا الكتاب ع""بر ع""دد من البح""وث والمق""االت (إث ني عش ر مقال ة في مجموعها) اهتمت بتن""اول‬
‫األحداث التي طغت على الساحة في الشرق األوسط‪ ،‬وشمال أفريقيا منذ قيام الثورة اإلسالمية اإليراني""ة‬
‫في العام ‪ 1979‬حتى نشوب الثورات واالنتفاضات التي شهدها العقدان األول والثاني من القرن الحادي‬
‫والعشرين والتي عرفت بـ"الربيع العربي"‪ ..‬وصوال إلى ما الذي نرج""وه ع""بر ه""ذا التح""ول‪ .‬وفي بحث‬
‫لإلطار الهيكلي لهذا الكتاب‪ ،‬نكتشف أن جملة المقاالت تقف على رأسها سياس""ة التح""ول المنش""ود ال""ذي‬
‫يب""دأ ب""البحث في ثقاف""ة االنفت""اح والعيش المش""ترك‪ ،‬وسياس""ات الح""وار في مواجه""ة العن""ف‪ ،‬ومب""ادىء‬
‫إرش""ادية لفن القي""ادة في الق""رن الح""ادي والعش""رين‪ ،‬ثم سياس""ة االبتع""اد عن العن""ف وتح""ديات الش""رق‬
‫األوسط‪ ،‬ومن ثم ينطق المحور الثاني بجملة مقاالت كاشفة لروح الدين اإلسالمي باعتباره ال َمعين الحي‬
‫لسياسات هذا التحول عبر قراءة جديدة لمبدإ الحكم الرشيد‪ ،‬ومنظومة المبادىء االجتماعي""ة ال""تي ي""دعو‬
‫إليها واألخالق اإلسالمية بوصفها ميزانا للشريعة في سياحة فكرية واقعية ع""بر ثالث مق""االت تراتبي""ة‪.‬‬
‫ثم المحور األخير والذي يخاطب سياسة القرن العش""رين وواقع""ه‪ ،‬والبحث في سياس""ات التعليم وأخالق‬
‫العولمة وحقوق اإلنسان‪ ،‬وخطاب البيئة بكافة مشتمالتها ع""بر إج""راءات التفاع""ل اإليكول""وجي اله""ادف‬
‫إلى تفعيل التنمية المستدامة في مجتمعات الشرق األوسط‪ ،‬وواقع التواصل االجتماعي البناء‪ .‬وفي سعي‬
‫نحو تفعيل دور الحوار ورسم إط""ار عقالني من أج""ل التغي""ير ع""رض الكت""اب ل""دور المس""اهمين ال""ذين‬
‫تنوعت تخصصاتهم واهتماماتهم (بين االقتصاد السياسي والدولي والعولمة‪ ،‬ومج""االت ال""دين واألفك""ار‬
‫والحرك""ات السياس""ية المعاص""رة‪ ،‬والسياس""ة الش""رعية وش""ؤون المجتمع""ات اإلس""المية ق""ديما وح""ديثا‪،‬‬
‫والعل""وم السياس""ية‪ ،‬وح""وار األدي""ان‪ ،‬وفلس""فة الت""اريخ والعل""وم السياس""ية‪ ،‬ودراس""ات الق""انون‪ ،‬وحق""وق‬
‫األقلي""ات‪ ،‬ومج""ال التنمي""ة المس""تدامة‪ ،‬وسياس""ات التعليم والعالق""ة بين العلم والقيم اإلنس""انية‪ ،‬ثم عل""وم‬
‫االتصاالت والسينما‪ ،‬ومناهج االتصاالت العابرة للثقاف""ات ) وب""الرغم من وف""رة التخصص""ات وتنوعه""ا‬
‫والتي تصب بالتأكيد في صالح هذا الكتاب‪ ،‬وبالرغم من تنوع المشاركين اهتماما وموقعا‪ ،‬ينبغي التأكيد‬
‫على وجوب مشاركة تخصصات أخرى أراها جديرة باإلس""هام في مس""ألة التغي""ير وتفعي""ل دور الح""وار‬
‫مثل علماء اللغة واللهجات‪ ،‬وعلماء الجغرافيا الثقافي""ة‪ ،‬وب""احثو ال""تراث الثق""افي غ""ير الم""ادي وبخاص""ة‬
‫المش""تغلون ب""الجمع المي""داني باعتباره""ا نق""اط اتف""اق ال نق""اط اختالف‪ ،‬بحث""ا عن العام""ل المش""ترك في‬
‫التقارب والفعل‪ .‬وقبل اإلجابة على سؤال متواتر لمن سيكون المستقبل؟ وه""و الس""ؤال ال""ذي يش""غل ب""ال‬
‫الكثيرين فضال عن المساهمين في إنج""از ه""ذا الكت""اب‪ ،‬ي""أتي ه""ذا التص""ريح غ""ير الم""وارب في س""لوك‬
‫التمهيد في التأكيد على أن الجماعات اإلرهابية ليست لها فرص للنجاح على المدى الطويل عن""دما تق""ف‬
‫في مواجهة قوى الترقي والتقدم اإلنساني وزح""ف الت""اريخ‪ ،‬لكن ق""د يك""ون بإمكانه""ا أن تص""ل إلى مقع""د‬
‫الحكم بص""فة مؤقت""ة‪ ،‬لكنه""ا لن تس""تمر بس""بب رغب""ة الع""الم األكي""دة في االتج""اه نح""و االتح""اد واألمن‬
‫الجماعي‪ ،‬والتطورات اإليجابية في الشرق األوسط‪ ،‬فالنساء أكثر تعليما وأكثر وعي""ا وأك""ثر س""عيا نح""و‬
‫المطالبة بالحقوق والحريات‪ ،‬وحركة المجتمعات المدنية والحركات الشبابية باتت أكثر وعي""ا وارتباط""ا‬
‫وتواصال‪ ،‬مع وفرة البعد العمومي والس""مة العالمي""ة لإلس""الم وكون""ه وس""يلة للخ""روج من الم""أزق‪ ،‬ففي‬
‫اإلسالم من المبادىء ما يجعله نقطة ارتكاز مهمة نح""و التغي""ير وتعزي""ز ثقاف""ة الس""الم والح""وار الجي""د‪،‬‬
‫وثقاف""ة الحب وتب""ني القيم المثالي""ة واله""دف النبي""ل من الحي""اة واإليم""ان وال""وعي والتحلي باألخالقي""ات‪،‬‬
‫والسعي الشغوف للعثور على معنى للوجود البش""ري والص""لة بين الحي""اة والم""وت وقيم الخ""ير والش""ر‪،‬‬
‫وكلها منطلقات عمومية تشترك فيها األديان كافة‪ .‬وفيما يلي جولة سريعة مختصر ع بر ماحوت ه د ّف تي‬
‫هذا الكتاب من مساهمات‪ ،‬ولكنها ال تغني أبدا عن قراءة الكتاب بكامل ما يحويه من أفكار ج ادت به ا‬
‫العديد من الشخصيات التي لها ثقل كبير على الصعيد العالميّ بينما ينص ب اهتمامه ا على هم وم ه ذه‬
‫المنطقة من العالم‪.‬‬
‫ثقافة مهمة وعيش مشترك – عبد الحميد األنصاري‪:‬‬
‫بما أن االنحراف هو الضالل‪ ،‬وبما أن التط""رف ه""و الالمعقولي""ة‪ ،‬وبم""ا أن اإلره""اب بيئت""ه الش""ر‪ ،‬ف""إن‬
‫محاربة االنحراف والتطرف واإلره""اب يجب أن تتم بص""ورة جماعي""ة متقن""ة تب""دأ من معرف""ة الطري""ق‬
‫المناس""ب الس""وي والمس""تقيم والموص""وف" باله""دف ثم االس""تقامة واالعت""دال والتوس""ط ال""ذي ه""و ض""د‬
‫التطرف‪ ،‬ثم السماحة واإلقناع والحوار الذي يجهز على بيئات اإلرهاب كافة‪ ،‬وتل""ك المس""لمات الس""ابقة‬
‫يتبناها إطار منهجي واضح هو االنفتاح اإليجابي على المعتقدات والحوار العقالني الناض""ج م""ع تعزي""ز‬
‫القواسم المشتركة وتفعيلها بما يحقق المصالح المتبادلة‪،‬ويعمق األخوة الدينية واإلنسانية والح""رص على‬
‫حق االختالف الذي هو حق أساسي من حقوق اإلنس""ان س""واء في المعتق"د ال"ديني أو الثق""افي‪ ،‬ولعلن""ا لن‬
‫نصل إلى عالقة صحية ناضجة مع اآلخر (داخليا وخارجيا ) إال بعد ترس""يخ ه""ذه األسس‪ .‬وه""ذا أم""ر –‬
‫كما يرى الدكتور عبد الحميد األنصاري أحد المساهمين في هذا الكت""اب ‪ -‬مره""ون بالق""درة على تفكي""ك‬
‫المنظومة الثقافية التي تش ّكل الفكر والسلوك المجتمعي الح""الي‪ ،‬تربي""ة وتعليم"ا ً وخطاب"ا ً ديني"ا ً وإعالمي"ا ً‬
‫وثقافيا ً وتشريعياً‪ ،‬وإعادة بنائها وترتيبها وفق رؤية شاملة‪.‬‬
‫سياسات الحوار في مواجهة العنف – سعد سلّوم‪:‬‬

‫لعلنا لن نجد مساحة لالختالف حول بنية العنونة المفترضة لهذا المقال الكاشف‪ ،‬كما أن""ه ليس من الح""ق‬
‫افتراض مشاحة حول ج""وهره البنّ""اء وتبنّي سياس""ات الح""وار ال""تي يجب أن تُف ّع""ل في مواجه""ة خط""اب‬
‫العنف المتصاعد قوال وفعال‪ .‬وألن الدين يملك موقعا مهما في شبكة العالقات االجتماعية والدولي""ة ك""ان‬
‫لزاما أن يكون حجر زاوية‪ ،‬ال في فقه التباعد الذي تعززه خطابات معينة‪ ،‬لكن في فقه الت""آزر والت""آخي‬
‫الذي يدعو إليه األستاذ الدكتور سعد سلوم أستاذ العلوم السياس""ية بالجامع""ات العربي""ة‪ .‬وبالمث""ل فنحن ال‬
‫نختلف كثيرا حول هذا التصريح الواضح لهانز ك""ونج ‪ -‬كم""ا نق""ل‪" -‬إن أش""د النزاع""ات السياس""ية قس""وة‬
‫وتعصبا هي تلك التي تختبىء تحت عباءة الدين"‪ .‬إن خطورة سفر هذا الفع""ل في البني""ات األيديولوجي""ة‬
‫والمجتمعي""ة للجماع""ات ال تحت""اج إلى تمث""ل إذا علمن""ا قطع""ا أن ج""ل األدي""ان ت""دعو إلى خل""ق ال""تراحم‬
‫وإن وقَ" َع االختالف فيجب أن يس""تملح فع""ل التج""ادل ال أن يب""تر س""ياقه المنهجي‬ ‫والتواص""ل والتح""اور‪ْ ،‬‬
‫البناء‪ .‬وحول آليات الحوار وتكويناته ينطلق المقال ليعرض ص""ورا للح""وار ال""دولي في ح""ل النزاع""ات‬
‫اإلثنية داخل بنية المجتمعات وعرض نماذج لتفاهم""ات وتحالف""ات اهتمت به""ذا الج""انب وص""وال لنج""اح‬
‫ملموس مثل مبادرة تحالف الحضارات الذي يمث""ل الي""وم حرك""ة دولي""ة تش""جع الح""وار بين الحض""ارات‬
‫واألديان لمحاربة األفكار الجامدة والمواقف السلبية‪ .‬إن األخذ بسياسة حوار األديان برز كأهمية إقليمي""ة‬
‫دشنت أساسها مثال مفوضة األمم المتحدة لحق""وق اإلنس""ان فض""ال عن المب""ادرات اإلقليمي""ة والمنظم""ات‬
‫الدولي"ة ال"تي اهتمت به"ذا الج"انب‪ .‬ل"ذلك يع"رض المق"ال لل ُم َوجِّه"ات األساس"ية لألط"ر الرس"مية وغ"ير‬
‫الرسمية للحوار وبخاصة عندما تساعد هذه األطر األفراد والجماعات على التكيّف مع العيش المش""ترك‬
‫واالحتفاء ب""ه بوص""فه مص""درا لق" ّوة ال" ّ‬
‫"ذات ومح""ورا للثقاف""ة المش""تركة‪ ،‬ومن أمثل""ة ذل""ك لجن""ة األزه""ر‬
‫الشريف للحوار الديني وجمعية اإلخاء الديني‪ ،‬والمركز القبطي للدراسات االجتماعي""ة‪ ،‬لكن بعض ه""ذه‬
‫األطر والجمعيات ينبغي أن تسترش"د بجمل"ة موجِّه"ات منه"ا اش"تراك الش"باب في الح"وار‪ ،‬تقبّ"ل اآلخ"ر‬
‫المختلف دينيا‪ ،‬تقبّل العمل تحت إدارة رئيس من دين آخر‪ ،‬وإشراك النس""اء وفئ""ات أخ""رى في الح""وار‪.‬‬
‫كذلك يطرح المقال استراتيجيات أخرى لتعزي""ز المواطن""ة الخاص""ة للتن" ّوع ال""ديني ومواجه""ة التوظي""ف‬
‫السياسي للدين‪ .‬وعلى َو ْعي المقال الستراتيجيات الحوار وطرق بنائ""ه وبعض نماذج""ه البن""اءة واله""دف‬
‫األسمى من ذلك ينبغي أال نغفل األرضيات المشتركة األخرى التي تسمح بتعزيز ذلك ال س""يما في ع""الم‬
‫الي""وم ال""ذي تجتاح""ه العدي""د من النع""رات الطائفي""ة والص""راعات" الدولي""ة مم""ا يس""توجب بن""اء أرض""يات‬
‫مشتركة لهذا الحوار الذي أضاء المقال عن معالمها وأبعادها وصورا لهذا التنفيذ‪.‬‬
‫مبادىء إرشادية وإطار تفاعلي – سيروس روحاني‪:‬‬
‫ي""رى الب""احث س""يروس روح""اني أح""د المس""اهمين في ه""ذا الكت""اب أن من أب""رز س""مات الق""رن الح""ادي‬
‫والعشرين ه""و حال""ة الاليقين‪ ،‬وص""عوبة التنب""ؤ‪ ،‬وفي اإلمك""ان أن نض""يف إلى ذل""ك س""قوط المرجعي""ات‬
‫الكبرى‪ ،‬والعبث المؤسسي‪ ،‬أو ه""و الخط"ر ال"دائم تحت أق"دامنا جميع""ا‪ ،‬أو ح"رب الجمي""ع ض"د الجميع‪.‬‬
‫وعليه فإن السعي لتقديم مبادىء إرشادية مس""اندة تنطل""ق من ك""ون الق""ادة عوام""ل تغي""ير من أولي""ات فن‬
‫القيادة في القرن الحادي والعشرين‪ ،‬والدور الذي يجب أن تمارسه القيادة في مجتمع ع""المي دائم التغ""ير‬
‫والتح""ول‪ ،‬فالمرون""ة والحيادي""ة والخالقي""ة والق""درة على التكي""ف وفن قي""ادة المواق""ف وإفس""اح المج""ال‬
‫لمختلف الحاجات والنظر للمؤثرات االجتماعية والثقافية‪ ،‬والرؤية االقتصادية المتأثرة بسلوك العولم""ة‪،‬‬
‫من األمور الجديرة باالهتمام واالعتبار من أج""ل خل""ق مجتم""ع ع""المي وحقيقي تس""وده قيم الديمقراطي""ة‬
‫والعمل بمقتضاها في كل مكان في العالم‪ .‬لكن السابق ال يمنع من التصريح بأن القيادة الفاعل""ة هي ال""تي‬
‫تحرص على تجسيد هذه القيم في مرؤوسيهم فال وجود للقائد الكام""ل‪ ،‬وأنهم ق""ادرون على إنج""از الجي""د‬
‫في ظل غياب القائد الفذ‪ ،‬فكل مساهمة تأتي من أي فرد كان هي قيمة فاعلة في التغيير المنشود‪.‬‬
‫خطاب العنف ‪ :‬القول والممارسة – رامين جهان بيقلو‪:‬‬
‫العنف مورد من موارد الشر الكبرى والتي تت""وزع ع""بر بني""ات ثالث""ة هي المنب""ع واألص""ل والمص""در‪،‬‬
‫ويلعب التكوين األساسي لإلنسان‪ ،‬والذي يشتبك فيه مع العالم ومع البشر الدور الكبير في تن""امي س""لوك‬
‫العنف الذي يؤدي حتما إلى الشر‪ .‬وبصدقية السابق ينبغي التأكي""د على أن العن""ف واق""ع ع""المي بامتي""از‬
‫سواء على المستوى الفردي أو الجماعات أو حتى الدول التي تقع في صدام مسلح م""ع غيره""ا‪ ،‬غ""ير أن‬
‫التمثالت الثالثة األخيرة تشهد ثبتا لها داخل الشرق األوسط‪ .‬وفي تبيان ذلك نلمح هذا السعي نحو إيج""اد‬
‫مس""ببات للعن""ف لع""ل أوله""ا ‪ -‬كم""ا ي""ري رامين جه""ان (فيلس""وف إي""راني) ه""ذا االقتب""اس لفك""ر العولم""ة‬
‫والتحديث على النموذج األوروبي‪ ،‬والبعيد تماما عن حركة المجتمع وتفاعله في الشرق األوسط‪ ،‬األمر‬
‫ال""ذي أوج""د ه""وة س""حيقة م""ا بين االقتب""اس والفع""ل‪ ،‬أو التنظ""ير والتط""بيق‪ ،‬أو رغب""ة الح""اكم وس""لوك‬
‫المحكومين‪ ،‬أو القبول والرفض المبني على مبررات منه""ا اعتب""ار تط""بيق العلماني""ة ض""غوطا خارجي""ة‬
‫معادية لإلسالم وتراثه‪ .‬إننا نتفق جميعا في رغبة نبذ العنف‪ ،‬لكننا نختلف أيضا في تحديد مسبباته‪ ،‬ومن‬
‫ثم يلفت صاحب المقالة النظر إلى تبني نقاط االتفاق إطارا لالنطالق وتحقيق اله""دف الع""المي األس""مى‪،‬‬
‫وهو نبذ العنف الذي يقابله السالم الدائم‪.‬‬
‫المثل اإلسالمية‪ L‬والحكم الرشيد – كريستوفر باك‪:‬‬
‫ثم"ة مس""لمات مؤك""دة على دور ال"دين في اس""تمرار المجتمع""ات وتماس""كها وتحقي"ق التكام""ل الشخص""ي‬
‫واالجتماعي لألفراد وحفز المجتمع ناحية الرقي والتقدم‪ ،‬لكنه وبالرغم من دوره البن""اء والفاع""ل وقيم""ه‬
‫الحافزة على االتحاد‪ ،‬غ""دت رس""الة ال""دين في بعض دول الش""رق األوس""ط عام""ل فرق""ة وس""يف عن""ف‪،‬‬
‫وتلفحت بعباءة الدين العديد من ب""ؤر العن""ف والجماع""ات المس""لحة في س""وريا والع""راق واليمن وإي""ران‬
‫وص""وال إلى دول تبتع""د في نطاقه""ا الجغ""رافي عن الش""رق األوس""ط مث""ل أفغانس""تان و نيجيري""ا وم""الي‬
‫وغيرها‪ .‬لكن ذل"ك ال يع"د م"دخال للنق"د الح"اد ال"ذي يطالعن"ا ب"ه كريس"توفر ب"اك في مقالت"ه ‪ -‬وه"و أح"د‬
‫المساهمين في هذا الكتاب ويعمل باحثا في شؤون األقليات والدراسات الدينية – بأن "وصف المتمسكين‬
‫بروح الدين من بين المسلمين دينهم على أنه (دين سالم) يفتقر المنحى التبريري الدفاعي ال""ذي ال يوج""د‬
‫على الساحة سواه كما يفتقر المصداقية بمعنى الكلمة" فالمتفق عليه أنه ال يوج""د دين إال ويحم""ل رس""الة‬
‫حب وس""الم‪ ،‬كم""ا أن جمل""ة نص""وص اإلس""الم وخطاب""ه ال ينف""ك ي""أمر ب""الحب والتس""امح والحلم والعلم‬
‫والمعرف""ة واألخالق القويم""ة‪ ،‬والنج""دة والعف""و والح""وار والتناص""ح‪ .‬وي""رفض الب""احث اعتب""ار"دس""تور‬
‫المدينة" الذي وض"عه رس"ول هللا ص"لى هللا علي"ه وس"لم وثيق"ة تح"دد مع"الم ومب"ادىء الحكم الرش"يد في‬
‫اإلسالم‪ ،‬نظرا للفارق التاريخي بين ماضي البشرية وحاضرها‪ ،‬مع كونه تغاضى عن ذلك عندما اعتبر‬
‫رسالة الخليفة علي بن أبي طالب إلى مالك األشتر نقطة بداية إلعادة خل""ق إجم""اع على نم""اذج إس""المية‬
‫في الحكم الرشيد‪ .‬أما التبرير فكونها ذخرت بالعدي""د من المب""ادىء وال ت""زال ملفت""ة لألنظ""ار‪ .‬وك""ان من‬
‫األحرى لو أفاد من الوثيقة المحمدية في المدينة ثم أضاف إليها ما انفردت به رسالة الخليفة علي بن أبي‬
‫طالب لمالك بن األشتر‪ .‬وكان يجب أن يقوم تحديد التميز والتفرد معيارا للقبول أو الرفض‪ .‬وما يهم فيما‬
‫يعرضه الباحث هنا جملة الضوابط" التي أرسلها الخليفة إلى عامل""ه على مص""ر ويراه""ا الب""احث ج""ديرة‬
‫باالعتبار والتطبيق وهي كذلك بالتأكيد‪ ،‬وبعيدا عن اإلسهاب في تحري نسبة الرس""الة لإلم""ام علي ك""رم‬
‫هللا وجهه والتي أفاض الباحث في تتبعها‪ ،‬فإن من تجليها الجيد قيامها بفك""ر التق""ريب بين مفك""ري الس""نة‬
‫والشيعة‪ ،‬وإيجاد مساحة للتقارب بين الفريقين باإلضافة إلى احتوائها على جمل"ة من التوص"يات المهم"ة‬
‫منها حث المتلقي على مراعاة مبدأ المصلحة العامة لمصر‪ ،‬وهو أم""ر بال ش""ك ينس""حب على المص""لحة‬
‫العامة لألمة الواحدة ثم اإلقليم ثم الشؤون الداخلية والدولية للدولة‪ ،‬وتولي الرسالة أيضا اهتمام""ا خاص""ا‬
‫بالسياسة الخارجية وتوصي الحكام ب"احترام التزام"اتهم تج"اه المعاه"دات والتمس"ك به"ا‪ .‬وتق"دم الرس"الة‬
‫أيضا النصح في التجارة والصناعة واقتصاديات البالد‪ ،‬وإدارة دخ""ل الخزان""ة العام""ة‪ ،‬ومراع""اة حق""وق‬
‫الطبقات والفقراء‪ ،‬وفصل االختصاصات بين األذرع التنفيذية والتش""ريعية والقض""ائية‪ ،‬والح""رص على‬
‫شؤون القضاء‪ ،‬وضمان دفع رواتب عمال األقاليم وحقوق الجن""د ومج""الس الش""ورى المقترح""ة للجمي""ع‬
‫وما إلى ذلك‪ .‬وكلها مقترحات تصلح ولو بصفة مؤقتة منطلقات لمبادىء الحكم اإلسالمي الرش""يد‪ ،‬وهي‬
‫أمور قد نجد صداها في تعريفات الحكم الرشيد ل""دى ال""دوائر المهتم""ة ب""ذلك‪ ،‬ف""الحكم الرش""يد ه""و الحكم‬
‫الذي تقوم به قيادات سياسية منتخبة‪ ،‬وكوادر إدارية ملتزمة بتطوير موارد المجتمع‪ ،‬وبتقدم المواطنين‪،‬‬
‫وبتحسين نوعي"ة حي"اتهم ورف"اهيتهم‪ ،‬وذل"ك برض"اهم وع"بر مش"اركتهم ودعمهم‪ .‬أو كم"ا يعرف"ه البن"ك‬
‫الدولي (‪ )WB‬وه"و أول مؤسس"ة اس"تخدمت مص""طلح الحكم الرش"يد في ع"ام ‪1989‬م بأن"ه "مجموع""ة‬
‫القواعد والمؤسسات ال""تي يتم من خالله""ا ممارس""ة الس""لطة في إدارة الم""وارد االقتص""ادية واالجتماعي""ة‬
‫للدولة من أجل تحقيق المصلحة العامة"‪ ،‬أو كما عرفته منظم""ة التع""اون االقتص""ادي والتنمية (‪)OCED‬‬
‫بأنه "استخدام السلطة السياسية وممارسة السيطرة في المجتم""ع إلدارة م""وارده من أج""ل تحقي""ق التنمي""ة‬
‫االقتص""ادية واالجتماعي""ة"‪ .‬ومن منطل""ق التعري""ف ي""ذهب كريس""توفر ب""اك لتعري""ف الفك""ر اإلس""المي‬
‫األصولي‪ ،‬والفكر اإلسالمي التقليدي‪ ،‬والفكر اإلسالمي التقليدي الجديد‪ ،‬وفكر الحداثة والفكر العلم""اني‪،‬‬
‫وفكر م""ا بع""د الحداث""ة وفك""ر م""ا بع""د اإلس""الم وكله""ا تعريف""ات جي""دة في بابه""ا ل""و تبنت مفه""وم التمثي""ل‬
‫والتوضيح‪ ،‬فضال عن شرحه لمفهوم األخالق القرآنية بوصفها ميزانا للشريعة‪ ،‬وهي نقاط إلغاز ساخنة‬
‫وحادة تس""تأهل أن يع""رض له""ا في مق""االت أخ""رى‪ .‬م""ع التأكي""د على اختالفن""ا ح""ول مص""طلح األخالق‬
‫القرآنية ال""ذي أرى أن يس""تبدل ب""األخالق اإلس""المية ليك""ون أك""ثر ش""موال ووض""وحا وليض""م إلى ج""وار‬
‫منظومة األخالق القرآنية التي جاءت بالقرآن الكريم منظومة األحاديث النبوية الشريفة المهتمة باإلطار‬
‫األخالقي والقيمي‪.‬‬
‫أزمة التعليم في الشرق األوسط – بهروز ثابت‪:‬‬
‫وحول أزمة التعليم في الشرق األوسط يشير بهروز ث""ابت وه""و أك""اديمي ش""هير إلى أن التعليم ج""زء ال‬
‫يتجزأ من أي حوار مجتمعي‪ ،‬وأن تطوير األنظمة التعليمية يعد واحدا من مؤشرات التحول االجتم""اعي‬
‫والتحديث‪ ،‬وهو بالتأكيد أحد مكونات الهيكل الحكومي‪ ،‬فضال عن خطورة العملية التعليمية كونها جزءا‬
‫من عمليات تربوية أعظم تجرى في نسيج الحي""اة االجتماعي""ة‪ .‬وإذا ب""انت لن""ا أهمي""ة التعليم وخطورت""ه‪،‬‬
‫ي بالمسؤلين عند إعادة بن""اء منطق""ة الش""رق األوس""ط إج""راء التغي""يرات والتح""ويالت على المش""هد‬ ‫فحر ّ‬
‫التربوي مع التحول الشامل في المدارس والجامعات‪ .‬أما عن جودة التعليم فبالرغم من الجهود المبذول""ة‬
‫لرفع جودة التربية والتعليم في الشرق األوسط فإنها تزال متدنية عن المستويات العالمية بص""ورة كب""يرة‬
‫وه""و أم""ر ن""اتج عن نقص ب""رامج ت""دريب المعلمين‪ ،‬ومن اإلبق""اء على المنظوم""ة التعليمي""ة العتيق""ة‬
‫والتقليدية‪ ،‬وعجز الهياكل واللوائح" التربوية عن أداء وظائفها‪ ،‬وعدم اتباع الط""رق واألس""اليب التعليمي""ة‬
‫الجدي""دة‪ .‬ويلفت الب""احث النظ""ر تمثيلي""ا إلى أن من""اهج م""واد المواطن""ة والتربي""ة االجتماعي""ة والعدال""ة‬
‫االجتماعية وحقوق اإلنسان تح""ولت من تعزي""ز اس""تراتيجية االستقص""اء والتفك""ير الناق""د إلى أداة في ي""د‬
‫الحكومات لفرض سلوكيات وقيم وتقاليد خاصة مع التشديد على س""لوك الطاع""ة‪ ،‬م""ع ك""ون المتعلم اآلن‬
‫في حاجة إلى تعليم هادف يعزز حري""ة الفك""ر‪ ،‬وينمي مه""ارة البحث واالستقص""اء واالس""تقالل البح""ثي‪،‬‬
‫ويحمي مقومات الفكر النقدي واالبتكار والحرية األكاديمية مستشهدا بما يراه رائد التربية الشهير ج""ون‬
‫ديوي في أن القيم المثالية – كالديمقراطية والحرية والتحول االجتماعي هي التي تشكل مختلف النواحي‬
‫التربوية‪ ،‬وأن عمليات التعليم والتعلم تحدث كنتيجة لتفاعالت اجتماعي"ة متبادل"ة‪ ،‬وي"ترتب على ذل"ك أن‬
‫تلعب المنظومة التربوية بوصفها إحدى المؤسسات المجتمعية دورا حيوي""ا في تحوي""ل المجتم""ع وإع""ادة‬
‫بنائه‪ .‬ويشير بهروز ثابت إلى أن تعليم المرأة هو أحد مؤشرات التنمي""ة ألي""ة دول""ة من ال""دول‪ ،‬كم""ا أن""ه‬
‫س""بب مهم في بعض الن""واحي اإليجابي""ة‪ ،‬منه""ا خفض مع""دالت اإلنج""اب‪ ،‬وزي""ادة المس""اهمة في ال""دخل‬
‫األسري‪ ،‬وتحسين الحالة الغذائية لألطفال‪ ،‬وزيادة الوعي الصحي والغذائي وتفعيل المشاركة السياس""ية‬
‫للنساء وتوعيتهن بضرورة ممارسة حقوقهن القانونية‪.‬‬
‫حول ترشيد المفاهيم وعولمة الشرق األوسط – شهرزاد ثابت‪:‬‬
‫ليس هناك مصطلح يحمل في طياته آليات القبول والرفض مثل مصطلح العولمة‪ ،‬ذلك أنه يحمل مزيج""ا‬
‫من قوى البناء وقوى الهدم – كما تشير صاحبة المقال الدكتورة شهر زاد ثابت – التي تتساءل عن كون‬
‫العولمة منقذة لجماهير البشر من الفقر أم أنها تعزز مصالح النفر القليل المحظوظ ؟ وفي محاوالت الشد‬
‫والج""ذب عن العولم""ة في الش""رق األوس""ط ي""برز مح""وران األول يتعل""ق بهيمن""ة القيم المادي""ة الغربي""ة‬
‫والنزعة االستهالكية المفرطة والتغاضي الواضح عن بعض القيم األخالقية وهو أمر يخالف م""ا درجت‬
‫عليه المنطقة من قيم أخالقية وديني""ة‪ .‬أم""ا المح""ور الث""اني فه""و القل""ق المترس""ب من ق""درة العولم""ة على‬
‫إحداث التماثل والتجانس بين بقاع األرض ومشاربها‪ .‬وفي بحث لهذين المحورين تولي الباحثة األهمي""ة‬
‫حول قيمة التوجه المنفتح الفاعل المنصف والتوجيه المبتعد عن السلبية الفكرية‪ ،‬وكيف يمكن الدمج ولو‬
‫بدرجة محدودة القتصاد منطقة الشرق األوسط في االقتصاد العالمي‪ .‬ويتفق معظم خ""براء االقتص""اد في‬
‫الرأي بأن الضغوط االقتصادية التي تواجه الشرق األوسط آخذة في التفاقم جراء عدم ان""دماج بلدان""ه في‬
‫االقتصاد العالمي‪ .‬وتتبنى الباحثة استراتيجية الثنائيات المتضادة إلظهار قيم العولمة ونقدها والمتوزع""ة‬
‫بين الماديات في مقابل الروحانيات والعمومي" في مقابل الخصوصي‪".‬‬
‫ثالث مقاالت مهمة‪: L‬‬
‫هي المقاالت التي يختتم به""ا ه""ذا الكت""اب‪ ،‬وال""تي تض""م أش""د الملف""ات س""خونة في المنطق""ة وهي حق""وق‬
‫اإلنسان في الشرق األوسط والذي كتب بقلم (نازيال ق"انع) والتواص"ل اإللك"تروني أثن"اء الربي"ع الع"ربي‬
‫وصوال لتجليه اآلن للكاتبة (ديب""ورا كالرك ف""انس) ثم البيئ""ة المس""تدامة وتح""ديات المس""تقبل في الش""رق‬
‫األوسط لخبير البيئة الشهير الدكتور (آرثر ليون دال)‪.‬‬
‫ويولي المقال المهتم بحقوق اإلنسان في الشرق األوسط حقوق المرأة تحديدا أهمي""ة بالغ""ة مث""ل‬ ‫(‪) 1‬‬
‫س""ن ال""زواج‪ ،‬وحض""انة األبن""اء‪ ،‬ومفه""وم القوام""ة الزوجي""ة‪ ،‬وض""رورة التص"" ّدي لج""رائم‬
‫واجتراجات ترتكب يوميا في حق النساء مثل القتل بدعوى الشرف‪ ،‬وتزويج القصر‪ ،‬واالتجار‬
‫بالبشر‪ .‬ويرصد المقال للفجوة الواسعة بين القوانين وتطبيقها عند النظر لحقوق الم""رأة‪ ،‬فض""ال‬
‫عن الفجوة الثقافية التي تحرم المرأة من ممارسة حقوقها‪ ،‬والذي يترجم""ه ه""ذا البن""د من جمل""ة‬
‫التدابير المناسبة لتفعيل الحقوق‪ ،‬وهو يتعلق بتعديل األنماط االجتماعية والثقافية لسلوك الرجل‬
‫والمرأة به"دف تحقي"ق القض""اء على التح"يزات والع"ادات العرفي""ة‪،‬وك"ل الممارس"ات األخ"رى‬
‫القائمة على فكرة دونية أو تفوق أحد الجنسين أو على أدوار تقليدية للرجل والمرأة‪.‬‬
‫وعن دور شبكات التواصل االجتماعي في ثورات الربيع العربي تس"تعرض الباحث"ة مجري"ات‬ ‫(‪) 2‬‬
‫األحداث في أكثر من بلد في الشرق األوسط (تونس – مصر – سوريا – اليمن) وترصد لواقع‬
‫الحركة والتفاعل‪ ،‬األمر الذي أوجد زخما معرفيا وثوريا‪ .‬وتلفت النظر إلى أن التاريخ يخبرن""ا‬
‫بمقدرة الجمهرة العظمى من الناس على التخاطب في حرية‪ ،‬وأن القبضة الحديدية التي تطوق‬
‫بها بعض السلطات الشعوب أصبحت تلقى اآلن تحديا على يد التقدم التكنولوجي الح""ديث‪ .‬لكن‬
‫الباحثة تلفت النظر لعالقة االطراد الواقعة بين كل مظهر من مظاهر التقدم في ع""الم التواص""ل‬
‫وتكنولوجيا االتصاالت‪ ،‬وبين السعي المتنامي للسلطة في فرض قيودها بص"ورة أك"ثر إحكام"ا‬
‫وتلصصا‪.‬ومع أن الناس – على حد تعبير الباحثة – شديدة االشتياق للتعبير عن اآلراء عالني""ة‬
‫وبك""ل حري""ة‪ ،‬ف""إن ه""ذه الحري""ة تتطلب الحف""اظ على قيم المواطن""ة‪ ،‬والمش""اركة في القض""ايا‬
‫الحواري""ة ال""تي ينتج عنه""ا الحل""ول‪ ،‬وانته""اج المس""لك الط""وعي الم""راعي للق""انون ودول""ة‬
‫المؤسسات‪.‬‬
‫وعن قضايا التنمية ومحاولة رسم خطة اقتصادية انتقالية من أجل التحول إلى اقتص""اد أخض""ر‬ ‫(‪) 3‬‬
‫يحافظ على سالمة البيئة‪ ،‬وإدارة الموارد المائية‪،‬وبخاصة بعد تفاقم مشكالت المياه (أزم""ة س""د‬
‫النهضة بين مصر والسودان وأثيوبي"ا‪ ،‬ون"درة المي"اه في الع"راق واليمن وليبيا) وتحقي"ق األمن‬
‫الغذائي والتكيف مع الظروف المناخي""ة غ""ير المتوقع""ة (يمكن مالحظ""ة الحرائ""ق ال""تي تش""تعل‬
‫بوتيرة سنوية في تركيا واليونان والجزائ""ر وغيرها) ومسلس""ل الفيض""ان ال""ذي ال ينقض""ي (في‬
‫السودان وبعض دول جنوب شرق آسيا ) يلفت (آرثر دال) النظر إلى ضرورة ال""وعي بحماي""ة‬
‫البيئة‪،‬وتفعيل القيم االجتماعية التي من شأنها أن تحافظ على البيئة مث""ل منظوم""ة القيم ال""واردة‬
‫في اإلسالم‪ ،‬مع توجيه النظام التنموي السائد نح""و االس""تدامة‪ ،‬ونب""ذ سياس""ة االس""تهالك البي""ئي‬
‫المجحف‪ ،‬وتبني الخط"اب ال"ذي يع"زز التوج"ه نح"و األنم"اط المس"تدامة إنتاج"ا واس"تهالكا في‬
‫دوائر التعليم المختلفة‪،‬ومحاوالت كتابة سيناريوهات المستقبل ع""بر فرض""يات مختلف""ة ت""راعي‬
‫طاقات اإلقليم البيئية وحدود موارده الطبيعية‪.‬‬
‫وأخيرا يلزمني التأكيد على شيئين يرتبطان بهذا الكتاب‪ ،‬األول تنوع مادة الكتاب المقص""ودة" بُغي""ة رس""م‬
‫سياسة شاملة للتحول في الش"رق األوس"ط وش"مال أفريقي"ا‪ ،‬ت"راعي الس"ياقات الراهن"ة وتحتف"ظ في اآلن‬
‫نفسه بالخصوصية الثقافية واالجتماعية لشعوب المنطقة‪ ،‬مع بقاء ملفات هذا الكتاب مفتوحة للنقد وثقافة‬
‫المراجعة ألجل خلق بيئة تسعى للتغيير بالتوعية والمعرفة‪ .‬وأخيرا نحن ال نعاني من ندرة المعرفة لكننا‬
‫نفتقد في بعض اللحظات كيف نفيد منها‪.‬‬

You might also like