Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 28

‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫المتغيرات المؤثرة في القرار االستراتيجي لألمن الوطني العراقي‬


‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬صباح صاحب العريض‬
‫الباحث ذوالفقار علي هندول‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫ان األمن الوطني ألية دولة في عالمنا المعاصر سواء أكانت هذه الدولة متقدمة أم نامية‪ ،‬أصبح يحتل‬
‫قضية مركزية في قمة هرم األولويات االستراتيجية‪ ،‬تبعاً لخصائص األداء في النظام الدولي‪ ،‬إذ إن تشابك‬
‫المصالح وسرعة التغير والتأثير‪ ،‬يدفع بالدول منفردة أم مجتمعة إلى أن تجعل من أمنها المحور األساس‬
‫لحركتها الداخلية والخارجية‪ ،‬والتي تتأثر بدورها بمجموعة من العوامل والمتغيرات التي تمس المصالح‬
‫الحيوية التي تتصل بأسباب وجود الدولة وحمايتها وغاياتها‪.‬‬
‫أما األمن الوطني العراقي فيتميز بحساسية مفرطة كونه يتعرض إلى جملة من المتغيرات المتسارعة‬
‫بحيث ال تدع مجاال لصناع القرار في السياسة العراقية والمعنيين بالشأن األمني من اإلحاطة بكل تلك‬
‫المتغيرات والتعامل معها‪.‬‬
‫إ ن الدولة العراقية اهتمت بصياغة استراتيجية لألمن الوطني العراقي لمواجهة هذه المتغيرات‪ ،‬وقد عدتها‬
‫من التحديات التي يجب التغلب عليها رغم صعوبتها‪ ،‬وتحديد مصالح الدولة الحيوية وعلى ضوء تلك‬
‫المصالح ترسم األهداف وتحدد الوسائل‪.‬‬
‫علما أن استراتيجية األمن الوطني العراقي أصبحت من ركائز الدول األساسية وتطورها وترتيب عالقتها‬
‫داخل مجتمعنا أوال ومع محيطها اإلقليمي ثانيا‪ ،‬وتفاعالتها الدولية ثالثا‪ ،‬وهكذا بدأ األمن الوطني العراقي‬
‫وجهاً لوجه أمام ما تفرزه تلك الساحات من المتغيرات‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المتغيرات الداخلية‪:‬‬
‫شهد العراق تغي ار كبي ار وشامال لجميع مفاصله وأهمها شكل النظام السياسي الذي يعمل على ضمان‬
‫حقوق اإلنسان الذي حظي بالقبول والرضا الجماهيري الذي يسعى إلى إطالق الحريات العامة وإيجاد‬

‫‪123‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫التعددية الحزبية‪ ،‬واالعتراف بالرأي اآلخر‪ ،‬وتطوير مؤسسات المجتمع المدني والتي تعطي للجماهير اكبر‬
‫قدر من المشاركة في صنع القرار والتدخل في الحياة السياسية وفقاً لما يحدده القانون الذي يعتبر هو‬
‫السلطة السياسية في تنظيم المجتمع وإدارته وتحقيق أهدافه‪ ،‬والمتغيرات الداخلية تنبع من رغبة الشعب في‬
‫الحصول على المراد بمختلف المجاالت والوصول الى مستويات متقدمة من الحقوق التي فقدها من جراء‬
‫سياسات األنظمة السابقة(‪.)1‬‬
‫وان العراق يمر بمرحلة تعد من اعقد المراحل‪ ،‬لصعوبة البناء وتعدد القوميات والطوائف واألعراف‪،‬‬
‫فاالختالف فيها ال يعني االختالف بالمسائل الجوهرية كالبنية االجتماعية والحفاظ على الهوية الوطنية‬
‫ومن هذه المتغيرات هي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬مشكلة إعادة بناء الدولة‬
‫وقع العراق في حالة من الفوضى واالنعدام االمني واالنهيار التدريجي بعد احتالل الواليات المتحدة‬
‫االمريكية له عام ‪ ،2003‬وغدا محاص ار بضغوط وتدخالت دينية وقومية وطائفية وسياسية من قبل العديد‬
‫من األطراف الداخلية والخارجية‪ ،‬وكل هذه العوامل مجتمعة أثرت على طبيعة الحياة االجتماعية‬
‫واالقتصادية والسياسية واألمنية وعلى السلوك وأحدثت خلال وضعفا وصراعا زاد من حدة التحارب‬
‫السياسي والطائفي والطبقي‪ ،‬وكذلك من وتيرة العنف واإلرهاب‪ ،‬وبالتالي أثر على عملية بناء الدولة‬
‫وتقويض دعائم األمن واالستقرار (‪.)2‬‬
‫كما أن في العراق عاش الشعب ثقافة الخضوع لمدة طويلة‪ ،‬حتى انعكس تأثيرها في مزاج وتعامل الناس‬
‫مع بعضهم البعض‪ ،‬ولو تتبعنا ذلك لوجدنا بعض مالمحه في الحضارات العراقية القديمة‪ ،‬وقد عرض‬
‫عالم االجتماع ماكس فيبر تصوره للثقافة السياسية من حيث تمحورها على ثالثة أوجه وهي (الثقافة‬
‫القديمة وثقافة الخضوع والثقافة المسهبة)(‪.)3‬‬
‫كما ان الديموقراطية تؤكد على حق الشعوب في اختيار شكل أنظمة الحكم التي تالئمها‪ ،‬فتلك مسألة‬
‫داخلية يترك لكل شعب حرية اختيار أسلوب التعامل مع هذه المسألة لبلوغ الهدف المنشود المتمثل بإقامة‬

‫‪124‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫الحكم الذي يتالئم مع ظروفه‪ ،‬تكون ضمانا للنظام السياسي بخصائصه التي تضمن حقوق االفراد‬
‫(‪)4‬‬
‫وحرياتهم ومن المناسب تحديد هذه الخصائص بالشمولية اآلتية‪:‬‬
‫أ‪ .‬ينبغي تعزيز التماسك والتضامن االجتماعي والثقافي بغية تحقيق التكامل الوطني وهو من متطلبات‬
‫نجاح الحكم وسالمته ألنه ينبثق من الشعب ويعبر عن ضميره‪.‬‬
‫ب‪ .‬ضرورة إنشاء اقتصاد قوي ومتين يحقق المستوى المعاشي الالئق لعموم الشعب العراقي وحفظ كرامته‬
‫باتجاه تحقيق التنمية الشاملة‪.‬‬
‫ج‪ .‬أساس االزدهار وإشاعة االستقرار واألمن الوطني هو في وجود حكم ديموقراطي رصين رصانة‬
‫تنظيرية وتطبيقية‪.‬‬
‫ان االدراك العراقي للديموقراطية تجاذبته رؤى ومواقف متضادة ومتناقضة‪ ،‬فقد ذهبت التنمية العراقية‬
‫المثقفة وتحديدا اليسارية منها بالقول ان ما قيل عن الديموقراطية الكثير وما ال يعرف الكثير‪ .‬وقال‬
‫جوزيف مغيزل ان الديموقراطية تأخذ بعين االعتبار ثالثة أُسس رئيسة‪ :‬اولهما الحرية لي ولغيري‪ ،‬والثانية‬
‫نتيجة لالولى حق غيري في ان يعارضني ويعمل في سبيل فوز نظريته التي يعارضني بها‪ ،‬والثالث هو‬
‫(‪)5‬‬
‫ان تكون مصالح الشعب‪ .‬المقياس الذي يتغلب على الق اررات المتخذة والمنفذة‪.‬‬
‫كما ان االرادة السياسية والرغبة الفعلية بإقامة مشروع ديموقراطي عراقي تصطدم بجملة من المعوقات‬
‫(‪)6‬‬
‫والصعوبات الفعلية وهي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬الدستور العراقي‪ :‬ان الدستور العراقي لعام ‪ 2005‬قد وضع في بضعة أشهر من قبل عدد قليل من‬
‫الساسة العراقيين‪ ،‬األمر الذي جعله ال يعكس إنصافا سياسيا بالكامل فبعض نصوصه جاءت مقيدة لبناء‬
‫المشروع الديموقراطي العراقي‪ ،‬سيما في مواجهة الظروف غير الطبيعية التي مرت وتمر على العراق‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬النظام االنتخابي‪ :‬هو أحد أهم الق اررات المؤسساتية ألي مجتمع ديموقراطي‪ ،‬وان اعتماد نظام‬
‫انتخابي على أساس (القائمة المغلقة او المفتوحة) هو طريقة لضمان مصلحة االحزاب قبل ضمان‬
‫مصلحة المواطن‪.‬‬

‫‪125‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫ثالثاً‪ :‬فوضى االحزاب‪ :‬ان التعددية الحزبية شرط الديموقراطية الى انها تتقلب الى فوضى عندما تفتقد الى‬
‫منظم قانوني الذي ينظم نشاطها‪ ،‬لذا فإن تشريع قانون االحزاب من شأنه أن يقوم عمل االحزاب بما يخدم‬
‫الهدف من تأسيسها‪ ،‬وهذا ما يفتقد إليه الواقع العراقي‪ ،‬إذ لم يزل العراقيون غير قادرين على انتاج قانوناً‬
‫ينظم وجود األحزاب وعملها(‪.)7‬‬
‫رابعاً‪ :‬الفساد االداري والمالي‪ :‬إن الفساد االداري في العراق قد امتد ليطال قسما من أعضاء البرلمان‬
‫والوزراء والمدراء العامين الى أصغر موظف‪ ،‬فقد انعدمت المقاييس الموضوعية والشروط القانونية‬
‫والضوابط االدارية في تبوأ اغلب المناصب التي شغلوها‪ ،‬اما الفساد المالي فقد وصل الى مراحل متقدمة‬
‫حيث احتل العراق رأس قائمة الدول االكثر فسادا في العالم‪ ،‬وقد ساهم الفساد االداري والمالي في إعاقة‬
‫المشروع الديموقراطي العراقي(‪.)8‬‬
‫ثانياً‪ :‬الفيدرالية‬
‫الفيدرالية من المتغيرات الداخلية الفاعلة في بناء الدولة العراقية حيث ان تطبيقها يعطي صالحيات أكبر‬
‫ومتعددة لألقاليم على حساب المركز‪ ،‬وفقا لما نص عليه الدستور العراقي الجديد عام ‪ 2005‬في مادته‬
‫الرابعة والتي تضمنت أن العراق بلد فيدرالي اتحادي‪.‬‬
‫فأنم وذج الدولة الفيدرالية القائمة في العراق على األساس العرقي في الوقت الراهن والقابلة للتحول إلى‬
‫الفيدرالية الطائفية في المستقبل‪ ،‬يمكن أن يكون نموذجيا في القضاء على الدولة المركزية القوية القادرة‬
‫على إحياء فكرة التوازن اإلقليمي الذي حققت فيه إسرائيل وإيران طفرة نوعية على جميع دول المنطقة‪.‬‬
‫(‪)9‬‬

‫ونموذج العراق الفيدرالي يمكن أن يصمم على كل من مصر وسوريا والسعودية‪ ،‬وهو نموذج مجرب في‬
‫إضعاف قوى اإلقليم الكلية لصالح القوة الدولية بعد أن تتحول تلك الدول الى بؤر صراع وتنافس محلي‬
‫كالذي يجري في العراق على مستوى الصراع بين األحزاب السياسية‪ ،‬وعلى مستوى الصراع بين األقاليم‬
‫والمحافظات وبين المركز وما يجري في العراق هو أنموذج قادم لدول المنطقة(‪.)10‬‬

‫‪126‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫أما أنصار الفيدرالية يقدمون الكثير من المحاسن والمبررات الالزمة لتطبيقها فهي باتت تحتل االولوية‬
‫ضمن اهتمامات الدولة العراقية الجديدة‪ .‬وذلك ألهميتها االدارية والسياسية التي يراد بموجبها تحقيق جملة‬
‫)‪)11‬‬
‫من االنجازات أهمها‪:‬‬
‫أ‪ .‬الفدرالية تدعم الديموقراطية وتضمن مساهمة سكان الوحدات االدارية الصغيرة في إدارة مناطقهم‬
‫وايصال صوتهم ورغباتهم وحاجاتهم الى الحكومات المحلية‪.‬‬
‫ب‪ .‬الفيدرالية تتيح فرصه أكبر لسكان المجموعات العرقية والدينية المختلفة في التعبير عن رغباتهم في‬
‫اختيار ممثليهم في المجالس المحلية ومن ثم المركزية ضمن عملية ديموقراطية شفافة‪.‬‬
‫ج‪ .‬الفيدرالية تساهم في تحقيق مزايا اقتصادية مهمة وفي مقدمتها االستغالل االمثل للموارد المحلية‬
‫(البشرية والطبيعية والمالية) لصالح التنمية المتوازنة‪.‬‬
‫د‪ .‬الفيدرالية تساعد في تخفيض حدة النزاعات والتوتر اللذين قد ينجمان بين األقاليم المختلفة حول ملكية‬
‫األراضي واستغاللها او حول الموارد الطبيعية‪ ،‬فيكون دور السلطة المركزية أكثر فاعلية في حل مثل تلك‬
‫النزاعات‪.‬‬
‫ه‪ .‬الفيدرالية تؤمن زيادة مشاركة سكان االقاليم في وضع السياسات العامة واتخاذ الق اررات وتخلق الثقة‬
‫والشعور بالمسؤولية لدى سكان‪.‬‬
‫إن الفيدرالية تعزز القيم الديموقراطية الليبرالية عن طريق التأكيد على الشرعية الديموقراطية لكل من‬
‫الحكومات الفيدرالية وحكومات الوحدات المكونة للفيدرالية‪ ،‬التي انتخبها ناخبوها مباشرًة وهي مسؤولة‬
‫امامهم بما يؤدي إلى كبح حكم الفرد بتوزيع السلطات الشرعية بين المراكز متعددة لصنع القرار بداخل‬
‫الكيان المدني‪ ،‬وعلى المستوى السياسي ينبغي االشارة الى التوافق بين القيم الفيدرالية والقيم الليبرالية‬
‫والديموقراطية‪ ،‬حيث ان االخيرة ليس قائمة فقط على حكم االغلبية ولكنها ايضا تؤكد على الدستورية‬
‫(‪)12‬‬
‫وعلى حكم القانون واحترام االقليات وتوزيع السلطات السياسية‬

‫‪127‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫ان المتغيرات الرئيسة ادت دو اًر محوريا في معظم التجاوزات التي حدثت بين مختلف األطراف السياسية‬
‫على الساحة العراقية وهذه المتغيرات (السيادة الداخلية‪ ،‬المشاركة في السلطة‪ ،‬وتوزيع الثروات)‪ ،‬والمالحظ‬
‫ان موقف االطراف السياسية العراقية من هذه المتغيرات يتسم بعدم الثبات فغياب الرؤية بعيدة المدى‬
‫وعدم تحديد األولويات واألهداف للجماعات العراقية المختلفة‪ ،‬فضالً عن عدم فهم واضح للنظام‬
‫(‪)13‬‬
‫الفيدرالي‪ ،‬كان وراء تذبذب هذه المواقف‪.‬‬
‫(‪)14‬‬
‫أما أهم العقبات التي تواجهها الفيدرالية في العراق هي‪:‬‬
‫‪ .1‬هناك اختالف واضح على طبيعة الفيدرالية بين القوى السياسية‪ ،‬حيث ان الكورد الذين يطرحون‬
‫الفيدرالية على أساس القومي الجغرافي كصيغة لكيانهم القومي الخاص بهم‪ ،‬وبينما هناك بعض القوى‬
‫العربية التي طرحتها من باب وحدة العراق‪ ،‬أما القوى الثالثة تنظر الى المسألة من باب إداري أكثر‪ ،‬فيما‬
‫تبقى هناك مجموعات رافضة للفيدرالية من األساس‪.‬‬
‫إن الفيدرالية في العراق كصيغة للحكم تثير مخاوف وحفيظة الدول المجاورة‪ ،‬وبشكل خاص التي ترى‬
‫‪َّ .2‬‬
‫فيها مدخال إلقامة دولة كوردية في العراق ستنعكس بظاللها على اكرادها في الداخل‪ ،‬وكذلك االمر‬
‫بالنسبة إليران وسوريا ألسباب متشابهة‪.‬‬
‫من خالل ما تقدم يمكن ان نستنتج أن استباحة األمن الوطني العراقي قد جرى من عدة أطراف في‬
‫مقدمتها قوات االحتالل‪ ،‬وعند زوال االحتالل بقيت آثاره وسياساته (من حلفائه وأعدائه) في المنطقة من‬
‫العرب وغيرهم‪ ،‬يسيرون بذات التوجه التخريبي لكل ما تطاله قدراتهم‪ ،‬بغية تحقيق أهدافهم ومصالحهم‬
‫بدون النظر ولو بطرفة عين إلى مصالح العراق وشعبه‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المتغيرات اإلقليمية‪:‬‬
‫للمتغيرات االقليمية أثر فاعل في االمن الوطني العراقي وصياغة استراتيجيته‪ ،‬فأثرها يكون تارًة مباش ار‬
‫وأخرى غير مباشر من خالل ممارستها وتارة تحمل وتوصف بداللة التهديد ويكون أثرها سلبي على‬
‫العراق داخليا وخارجيا‪ ،‬وأخرى يكون دورها تفاعليا بما يحقق المصالح المشتركة ولو بالحد األدنى‪ .‬وهذا‬

‫‪128‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫االمر ي حتم عل صناع االستراتيجية العراقية النظر بدقة الى حقيقة التعاطي مع هذه المتغيرات‪ ،‬والسير‬
‫معها وفقا لما تقتضيه المصلحة العليا للبلد والحفاظ على الهوية والسيادة الوطنية(‪.)15‬‬
‫الشك أن االحتالل األمريكي للعراق حمل بين طياته أهدافاً تتعدى حدود العراق ليشمل عموم المنطقة‬
‫بكافة دولها‪ ،‬وهذا ما أدركته دول اإلقليم المجاورة للعراق جغرافياً‪ ،‬حيث دفعها ذلك إلى التدخل في الشأن‬
‫العراقي مستغلة حالة الفوضى التي أحدثها االحتالل بغية تحقيق أهدافها‪ ،‬لذلك فقد شكلت التدخالت‬
‫اإلقليمية عامل ارباك للوضع العراقي في مختلف المجاالت والسيما في مجال األمن الوطني العراقي‪،‬‬
‫يضاف إلى ذلك ما تسببت فيه التغييرات الكبيرة والعميقة في البلدان العربية بعد عام ‪ 2010‬من تأثيرات‬
‫داخلية في أوضاع تلك البلدان التي شهدت تلك التغييرات وما ترتب على ذلك كله من انعكاسات سلبية‬
‫على الساحة العراقية(‪ .)16‬سيتم ذلك وفق الفقرات الموزعة لكل دولة من هذه الدول وعلى النحو اآلتي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬إيران‬
‫يبدو أن إيران الدولة الرابحة األكبر من إسقاط النظام السياسي العراقي السابق الذي كان يشكل تهديداً‬
‫ألمنها القومي‪ ،‬حتى رأت أن من أهم مصالحها إزالته والتخلص منه‪ ،‬وفي الوقت نفسه العمل على منع‬
‫قيام نظام ٍ‬
‫معاد لها‪ ،‬فضال عن السعي إليجاد مواقع نفوذ لها في النظام الجديد(‪.)17‬‬
‫كما أن ايران لم تكن مستعدة لتقبل النفوذ األمريكي في المنطقة وعلى طول حدودها الغربية‪ ،‬بعد أن‬
‫جاورها هذا الوجود في حدودها الشرقية في افغانستان في عام ‪ ،2001‬وبذلك وجدت نفسها محاطة‬
‫بدولتين تعيشان وجوداً أمريكياً‪ ،‬ناهيك عن ما شهدته العالقات االيرانية – األمريكية من توترات منذ قيام‬
‫الثورة االسالمية في ايران عام ‪،)18(1979‬‬
‫قد تكون هذه القواعد مفيدة في مواجهة ايران التي ترى أنها تعد الهدف الثاني المرشح بعد العراق لتلقي‬
‫الضربة األمريكية القادمة‪ ،‬إذ كانت الواليات المتحدة األمريكية تنظر إلى ايران بوصفها احد عناصر‬
‫محور الشر الثالثة (العراق‪ ،‬ايران‪ ،‬وكوريا الشمالية) وتؤدي دو اًر يتناقض مع المصالح األمريكية في‬
‫المنطقة‪ ،‬وترى فيها طرفاً ويدعم حزب هللا في لبنان‪ ،‬وتدعم حركة حماس في فلسطين المحتلة‪ ،‬وبذلك فإن‬

‫‪129‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫إقامة حكومة عراقية موالية للواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬ستؤمن الهدف األمريكي األساسي المتمثل في‬
‫الحصول على موقع آمن للتواجد العسكري األمريكي لضمان أمن اسرائيل والنفط‪ ،‬وهو ما كان من أهم‬
‫األهداف من وراء الحملة األمريكية على العراق(‪.)19‬‬
‫ومن نافلة القول أن إيران دولة اقليمية مؤثرة نظ اًر لطبيعة مجتمعها‪ ،‬وعدد سكانها‪ ،‬وموقعها الجغرافي‬
‫االستراتيجي‪ ،‬وثروتها الطبيعية‪ ،‬وامتداداها الدينية والمذهبية‪ ،‬وتحالفاتها داخل المنطقة وخارجها‪ ،‬فضالً‬
‫عن سياساتها الرامية إلى تحقيق مجموعة من األهداف أبرزها الحصول على إقرار واعتراف أمريكي‬
‫بشرعية المصالح االيرانية في المنطقة‪ ،‬وكونها قوة اقليمية‪ ،‬والحصول على ضمانات بعدم تعرضها لعمل‬
‫عسكري أمريكي (‪.)20‬‬
‫وقد استمر في هذه الظروف التصعيد في المواقف بين ايران والواليات المتحدة األمريكية حول برنامج‬
‫ايران النووي‪ ،‬حيث زادت الواليات المتحدة األمريكية من ضغطها على ايران وتهديداتها بشأن ضرب‬
‫مفاعالتها النووية‪ ،‬وكان رد ايران بأن النفوذ االيراني في العراق سيظهر قدرة قتالية عالية ضد األمريكان‬
‫في العراق‪ ،‬فقد صرح رئيس الحرس الثوري االيراني (رحيم صفوي) (أن األمريكان يعرفون جيداً أن‬
‫مراكزهم العسكرية في كل من افغانستان وخليج عمان والعراق تكون تحت تهديدنا‪ ،‬وتكون عرضه للهجوم‬
‫ألنها تقع بجوار ايران)(‪.)21‬‬
‫ثم قامت ايران بعد ذلك باحتالل (بئر الفكة) النفطي العراقي على الحدود المشتركة بين إيران والعراق‪ ،‬في‬
‫(‪ ،)2009/12/18‬ألسباب لعل في مقدمتها إشعار الواليات المتحدة األمريكية بأن لدى ايران أوراقاً مهمة‬
‫تستطيع استخدامها لمواجهة العقوبات التي فرضها عليها مجلس االمن الدولي بتأثير الواليات المتحدة‬
‫بسبب مشروعها النووي‪ ،‬فضالً عن كونه اجراء للضغط على الحكومة العراقية إللزامها بتنفيذ بنود اتفاقية‬
‫الجزائر عام ‪.)22(1975‬‬
‫ثانياً‪ :‬تركيا‬

‫‪130‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫تعد تركيا من الالعبين المؤثرين في الساحة العراقية التي شهدت تدخالً تركيا واضحاً بعد االحتالل‬
‫ً‬
‫(‪)23‬‬
‫األمريكي للعراق في عام ‪ ،2003‬وذلك من خالل عدة محاور ‪:‬‬

‫‪.1‬المحور األول‪ :‬التالعب بالورقة االثنية بإعادة طرح تركيا لنفسها طرفاً مسؤوالً عن حماية المكون‬
‫الت ركماني في العراق‪ ،‬وتجديد المطالبة بالحق التاريخي لتركيا في الموصل وكركوك اللتان تقول تركيا‬
‫أنهما أصبحتا ضمن الحدود العراقية بموجب قرار عصبة األمم المتحدة في ‪ 19‬كانون األول ‪،1925‬‬
‫نتيجة للضغوط البريطانية‪.‬‬
‫‪.2‬المحور الثاني‪ :‬إعالن تركيا الى رفضها قيام دولة كوردية في شمال العراق من شأنها أن تغري كورد تركيا‬
‫المتواجدين في الجزء الجنوبي منها‪ ،‬ويقدر عددهم بـ (‪ )10‬ماليين كوردي بالسعي لتحقيق تطلعاتهم في‬
‫االنفصال عن تركيا واالنضمام إلى الدولة الكوردية الفتية‪ ،‬أو على األقل تكوين دولة مماثلة ومجاورة لها‪.‬‬
‫‪.3‬المحور الثالث‪ :‬تركيز االهتمام التركي على تطور النظام والعملية السياسية في العراق‪ ،‬بإعالن رفض‬
‫االعتراف بمجلس الحكم العراقي االنتقالي‪ ،‬ألنه وفقاً للتصور التركي‪ ،‬أتاح للكورد نفوذاً سياسياً كبي اًر في‬
‫الساحة العراقية‪ ،‬وأوجد هيمنة كوردية على المكون التركماني في ظل عدم وجود تمثيل عادل للتركمان‬
‫فيه‪.‬‬
‫‪.4‬المحور الرابع‪ :‬مخاوف تركيا من التصريحات التي صدرت من رئيس أقليم كوردستان العراق (مسعود‬
‫البرزاني) والتي أشار فيها إلى أن مدينة كركوك هي (قلب كوردستان) وهي شأن عراقي داخلي‪ ،‬وتزايدت‬
‫مخاوف االتراك أيضاً بعد تشكيل أول حكومة عراقية منتخبة تولى فيها االكراد مناصب مهمة في الدولة‬
‫وهي رئاسة الجمهورية‪ ،‬و ازرة الخارجية‪ ،‬ورئاسة أركان الجيش‪.‬‬
‫‪.5‬المحور الخامس‪ :‬الدوافع المهمة للتدخل التركي في العراق في موقف دول مجلس التعاون الخليجي التي‬
‫توصلت إلى صيغة للتفاهم مع تركيا حول العراق بما يضمن تحقيق التوازن بين النفوذ االيراني والنفوذ‬
‫التركي في العراق‪ ،‬إذ رأت دول المجلس أن بإمكان تركيا أن تكون عامالً موازناً للنفوذ االيراني في‬

‫‪131‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫العراق‪ ،‬العتبارات تمتاز بها تركيا‪ ،‬منها موقعها وعدد سكانها وقوتها العسكرية المشابهة إلى حد كبير لقوة‬
‫ايران (‪.)24‬‬
‫لقد حاولت تركيا أن تعزز موقعها وتأثيرها في المشهد السياسي العراقي عن طريق تطوير العالقات في‬
‫مجال الطاقة مع إقليم كوردستان‪ ،‬واالستثمار في قطاع النفط‪ ،‬وسعت إلى توقيع معاهدة استراتيجية في‬
‫مجال الطاقة مع حكومة إقليم كوردستان‪ ،‬تتلقى تركيا بموجبها كميات كبيرة من صادرات النفط والغاز من‬
‫ا لمنطقة الكوردية بشكل مستقل عن بغداد‪ ،‬والشك أن هذا السيناريو يتطلب بالضرورة بناء خطوط أنابيب‬
‫جديدة داخل تركيا وإقليم كوردستان(‪.)25‬‬
‫ومنذ التدهور في العالقات بين رئيس الحكومة التركية ورئيس الوزراء العراقي السابق السيد "نوري‬
‫المالكي" في عام ‪ ،2011‬سعت الواليات المتحدة األمريكية إلى ايقاف اندفاع تركيا نحو إقامة عالقة طاقة‬
‫حصرية مع حكومة كوردستان على حساب بغداد‪ .‬ولكن الواقع العملي يشير إلى أن الدور التركي في‬
‫العراق والمنطقة آخذ في السنوات منذ عام ‪ 2011‬حتى اآلن‪ ،‬بالتصعيد نتيجة التدخل في األزمة السورية‪،‬‬
‫وأن هذا الدور التركي يحمل مشروعاً طائفياً‪ ،‬يتوافق مع متبنيات كل من قطر والسعودية لدعم العناصر‬
‫المتشددة من القاعدة‪ ،‬بحجة حماية السنة في العراق(‪.)26‬‬
‫وغني عن القول إن للتغيير الحاصل في العراق بصورة عامة‪ ،‬وإقليم كوردستان بصورة خاصة‪ ،‬أهمية‬
‫كبيرة بالنسبة إلى تركيا ومصالحها وأمنها القومي‪ ،‬وقد أكد هذه األهمية رئيس الوزراء السابق ورئيس تركيا‬
‫الحالي (رجب طيب اردوغان) في أكثر من مناسبة قال في احداها‪" :‬إن العراق تحول إلى أولوية بالنسبة‬
‫إلى تركيا تتقدم على هدف انضمام تركيا إلى االتحاد االوربي"‪ ،‬والسبب في ذلك يعود إلى تطور األوضاع‬
‫في العراق عامة وإقليم كوردستان خاصة‪ ،‬لما لذلك من تداعيات وانعكاسات خطيرة على الشأنين الداخلي‬
‫(‪)27‬‬
‫والخارجي التركي‪ ،‬وهو ما سيدفع تركيا إلى المزيد من التدخل في الشأن العراقي‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬سوريا‬

‫‪132‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫تعد سوريا من أكثر الدول تأث اًر بأحداث العراق وتأثي اًر فيه ايضاً‪ ،‬فبعد االحتالل األمريكي للعراق‪ ،‬أصبحت‬
‫سوريا من أكبر الخاسرين بعد عملية التغيير‪ ،‬وخاصة الخسارة االقتصادية المتمثلة بخسارة السوق‬
‫العراقية‪ ،‬والخسارة الفورية لكميات النفط العابرة ألراضيها والتي قطعتها القوات األمريكية في نيسان عام‬
‫‪ ،2003‬فضالً عن شعور سوريا بالقلق لتواجد القوات األمريكية بجوارها‪ ،‬والقلق الكبير من الرغبة‬
‫األمريكية في تغيير األنظمة في الشرق األوسط (‪.)28‬‬
‫لذلك سعت سوريا بعد احتالل العراق إلى تعزيز نفوذها في العراق‪ ،‬وإفشال المشروع األمريكي في العراق‬
‫والشرق االوسط وذلك من خالل العمل على محورين (‪:)29‬‬
‫‪.1‬المحور اال ول‪ :‬جعل سوريا البوابة الرئيسة لدخول المقاتلين المتشددين االجانب إلى العراق األمر الذي‬
‫دفع الواليات المتحدة األمريكية إلى اتهام سوريا بأنها تتساهل في قضية دخول االرهابيين للعراق‪.‬‬
‫‪.2‬المحور الثاني‪ :‬احتضان سوريا للعديد من قيادات وأعضاء حزب البعث العراقي المنحل‪ ،‬وتقديم الدعم‬
‫لهم‪ ،‬حيث وجد هؤالء في سوريا مالذاً آمناً لمعاودة نشاطهم السياسي والمسلح ضد النظام السياسي الجديد‬
‫في العراق والواليات المتحدة األمريكية معاً‪.‬‬
‫وتعتمد الدوافع السورية بشكل جوهري للتدخل في الشأن العراقي على تطوير الوضع االمني الداخلي في‬
‫العراق واتجاه النظام في بغداد‪ ،‬وتقييم دمشق لمصالحها السياسية الخارجية الواسعة‪ .‬واالهتمام السوري‬
‫االبرز سيكون لمنع ظهور عراق مستقر تؤدي األوضاع فيه الى تهديد امن سوريا أو قادر عسكريا لدرجة‬
‫يمكن ان يستخدم لتهديد أمن سوريا نفسها‪ .‬وال شك أن االزمة بين العراق وسوريا ليست مفصولة عن‬
‫الواقع والترتيبات التي تشهدها المنطقة وخاصة لجهة اعادة فك وترتيب التحالفات وضبط التوازنات بما‬
‫(‪)30‬‬
‫يتناسب والتوجهات االمريكية الجديدة في المنطقة‬
‫ولعدم االستقرار في سوريا تداعيات كبيرة على االمن العراقي فبسبب الحدود الطويلة بين العراق وسوريا‬
‫فأن عدم االستقرار يفتح الباب على مصراعيه لتدفق العناصر االرهابية وعناصر القاعدة وال شك ان‬
‫تداعيات وجود مثل هذه المنطقة سوف تطال السعودية ودول الخليج ايضا‪ ،‬كما أن عدم االستقرار في‬

‫‪133‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫سوريا قد يؤدي الى مطالبة المناطق الكوردية فيها الى الحكم الذاتي وتشكيل نوع من الوحدة مع المنطقة‬
‫الكوردية في شمال العراق مما يؤدي الى تغيير الجغرافية السياسية في المنطقة بشكل جذري ويشكل‬
‫تهديدا واضحا لتركيا التي تتميز القضية الكردية فيها بالحساسية الشديدة(‪.)31‬‬
‫رابعا‪ :‬األردن‬
‫اتسمت السياسة االردنية إزاء العراق‪ ،‬بعد االحتالل األمريكي للع ارق‪ ،‬باتجاهين‪:‬‬
‫‪ .1‬االتجاه األول‪ :‬تطبيق سياسات براغماتية (نفعية) تنطلق من الواقع االقتصادي األردني الهش‪ ،‬غير القادر‬
‫على تحمل هزات كبيرة‪ ،‬وحاجة األردن للنفط العراقي من جهة‪ ،‬وحرص األردن على الحفاظ على عالقاته‬
‫االستراتيجية مع الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وبالتالي تأييد السياسة األمريكية في العراق من جهة أخرى‪.‬‬
‫(‪)32‬‬

‫‪ .2‬االتجاه الثاني‪ :‬تطبيق سياسات تعالج المخاوف من الوضع العراقي‪ ،‬إذ ازداد القلق االردني من تزايد‬
‫عبر الملك (عبد هللا الثاني) عن هذا‬
‫النفوذ االيراني في العراق بعد سقوط النظام العراقي السابق‪ ،‬وقد ّ‬
‫القلق في تصريح له في شهر كانون األول ‪ 2004‬قائالً (إذا أتيح لألحزاب الموالية إليران بالسيطرة على‬
‫العراق‪ ،‬فأن النتيجة ستكون هالالً شيعياً تسيطر عليه الحركات والحكومات الشيعية‪ ،‬يمتد من لبنان عبر‬
‫سوريا وايران والعراق إلى الخليج مطوقاً األردن)(‪.)33‬‬
‫وإذا كان هناك تأييداً أردنياً رسمي للغزو األمريكي للعراق‪ ،‬فإن هناك رفضاً أردنياً شعبياً معارضاً للواليات‬
‫المتحدة األمريكية وحربها على العراق ومؤيداً لنظام الرئيس العراقي السابق‪ ،‬السيما بين قطاعات االردنيين‬
‫من أصل فلسطيني والذين يكونون اكثر من نصف الشعب األردني‪ ،‬لذلك فقد غضت الحكومة االردنية‬
‫الطرف عن الجماعات المتشددة التي روجت األفكار الجهادية بين الشباب االردني وعملت على تجنيدهم‬
‫للذهاب إلى العراق(‪.)34‬‬
‫وفي ذات السياق احتضنت األردن عائلة الرئيس العراقي السابق‪ ،‬وفتحت الباب أمام عدد كبير من‬
‫القيادات البعثية والعسكرية الفارة من العراق‪ ،‬ودعمت المجموعات المعارضة للنظام الجديد في الساحة‬

‫‪134‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫العراقية‪ ،‬ودخلت العالقات بين البلدين العراق واالردن في أزمة حادة بعد تفجيرات الحلة االنتحارية‪ ،‬حيث‬
‫قام انتحاري أردني يدعى (رائد منصور البنا) بتفجير نفسه وسط مئات العراقيين‪ ،‬وتبع ذلك احتفاء‬
‫(‪)35‬‬
‫االردنيين به حتى عدوه شهيداً‪.‬‬
‫وقد بذلت جهود عراقية – اردنية لتطويق االزمة عبر زيارات رسمية عالية المستوى بين البلدين وقعت فيها‬
‫اتفاقات تعاون عديدة تضمنت عدم سحب الدعم االقتصادي وخاصة المشتقات النفطية العراقية لألردن‬
‫مقابل التزام االردن بإغالق حدودها أمام المتسللين االرهابيين للعراق‪ ،‬وبالفعل فقد بدأت أعدادهم بالتراجع‪،‬‬
‫خاصة بعد مقتل "احمد الخاليلة" الملقب بأبي مصعب الزرقاوي – االردني الجنسية‪ -‬في ‪2006-6-7‬‬
‫بالتنسيق بين القوات األمريكية والمخابرات االردنية كما اشارت إلى ذلك المصادر المتوافرة (‪.)36‬‬
‫خامساً‪ :‬السعودية‬
‫تعد المملكة العربية السعودية من أبرز الالعبين اإلقليميين في العراق‪ ،‬حيث ألقت سياساتها بظاللها على‬
‫األوضاع السياسية في العراق‪ ،‬فقد كان الهدف االساس للدبلوماسية السعودية هو احتواء النفوذ االيراني‬
‫عن طريق لعبة موازنة مزدوجة‪ ،‬فمن ناحية تحاول السعودية احتواء النفوذ االي ارني في المنطقة‪ ،‬وألنها ال‬
‫تستطيع تحجيم هذا النفوذ في العراق‪ ،‬فإنها تركز على تحجيمه في كل من لبنان وفلسطين‪ ،‬ومن ناحية‬
‫أخرى ترغب السعودية في تجنب المواجهة المباشرة مع ايران‪ ،‬ومن ثم تقوم اللعبة السعودية على احتواء‬
‫النفوذ االيراني على الساحتين اللبنانية والفلسطينية‪ ،‬ويمكن القول إن السياسة السعودية تعمل بالتوازي مع‬
‫(‪)37‬‬
‫السياسة األمريكية‪ ،‬إليقاف التأثير االيراني في المنطقة وفي العراق على حد سواء‪.‬‬
‫وتتمثل عالقة العراق بالسعودية بالعديد من الحلقات ومنها التاريخية والجغرافية فتتمثل تاريخيا من حيث‬
‫التداخل القبائلي بين قبائل العراق والسعودية واالحوال المشتركة لمعظم قبائل البلدين‪ ،‬اما جغرافيا فأن‬
‫الخط الحدودي بين العراق والسعودية فهو يمتد الى نحو (‪ 814‬كم) وتندمج بمحافظة االنبار مما يجعل‬
‫االمتداد الجغرافي عامال من التقارب العقائدي وهو ما يثير مخاوف البلدين‪ .‬ومن ناحية اخرى فان اغلب‬
‫االبار النفطية ومنشآت التصدير تقع على مقربة من الحدود العراقية وهي تتخذ اجراءات وقائية لالبتعاد‬

‫‪135‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫عن العراق الجديد اذ انها تقوم ببناء جدار عازل يمتد لمسافات طويلة متقطعة على الحدود العراقي كما‬
‫اعلنت ترددها قبل اعالن دخول سفيرها الى العراق عام ‪ 2008‬في ارسال الممثلين الدبلوماسيين الى‬
‫العراق بذريعة عدم االستقرار االمني(‪.)38‬‬
‫لقد أثار التغيير الذي حصل في العراق بعد عام ‪ ،2003‬المخاوف لدى السعودية من تغلغل النفوذ‬
‫االيراني في العراق بما يمكن أن يؤدي إلى تكوين ما يسمى بالهالل الشيعي‪ ،‬بعد صعود االحزاب الشيعية‬
‫ب حكم أغلبيتها في العراق‪ ،‬كما عبر عن ذلك وزير الخارجية السعودي (سعود الفيصل) عندما قال (لقد‬
‫حاربنا معاً من اجل منع ايران من احتالل العراق‪ ،‬بعد طرد العراق من الكويت‪ ،‬وإال فإننا لن نسلم البلد‬
‫بأكمله إلى ايران دون سبب)(‪.)39‬‬
‫إن السعوديين غير راضين عن الطريقة التي سارت عليها االمور في العراق وخاصة ما يتعلق برغبتها أن‬
‫يتم تغيير النظام السياسي العراقي السابق واالطاحة به من خالل االنقالب الداخلي عبر أدوات محلية‬
‫يمتلكها سنة العراق القائمون آنذاك على النظام‪ ،‬وليس عن طريق الغزو‪ ،‬كما انهم لم يكونوا راضين عن‬
‫تزايد نفوذ الشيعة في العراق وأخذهم دو اًر بار اًز فيه‪ .‬إال أن ما حصل بعد التغيير جاء بخالف الرغبة‬
‫السعودية‪ ،‬األمر الذي زاد من قلقها‪ ،‬ودفعها إلى التدخل ومحاولة زيادة نفوذها في العراق‪ ،‬وما ترتب على‬
‫ذلك من تعاظم االحداث التي شهدها العراق بعد التغيير(‪.)40‬‬
‫سادساً‪ :‬الكويت‬
‫ألقت الكويت‪ ،‬بعد االحتالل األمريكي للعراق في عام ‪ ،2003‬بكل نشاطاتها على الساحة العراقية‪ ،‬حيث‬
‫تد خلت في محاولة لتجيير والءات بعض القبائل في الجنوب العراقي لصالحها من خالل تقديم الدعم‬
‫المالي لها‪ ،‬كما قامت في الوقت نفسه بدعم العنف المتفجر في وسط العراق وغربه‪ ،‬واتخذت المؤسسة‬
‫الدينية في الكويت أيضاً ذات الموقف الذي اتخذته المؤسسة السعودية في دعم المجموعات المتطرفة التي‬
‫ترفع شعار المقاومة في العراق عبر العمليات االنتحارية(‪.)41‬‬

‫‪136‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫وفي الوقت نفسه وقفت الكويت مع الحكومات العراقية التي تشكلت بعد التغيير‪ ،‬سواء المؤقتة منها أم‬
‫االنتقالية أم الدائمية‪ ،‬هذا التدخل المزدوج دعا اإلدارة األمريكية إلى لفت انتباه الحكومة الكويتية إلى‬
‫خطورة ما تفعله‪ ،‬وهو ذات االمر الذي دعا رئيس البرلمان الكويتي إلى الطلب من حكومته وقف هذه‬
‫التصرفات مشي اًر الى أن حكومة الكويت يجب أن تتصرف بقدر قدرات الكويت وحجمها بدون الحاجة‬
‫لالنغماس في الشأن العراقي لما يشكله هذا األمر من خطورة على الكويت(‪.)42‬‬
‫ولكن مع ذلك تبقى الكويت‪ ،‬كغيرها من دول الخليج‪ ،‬وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية‪ ،‬تعاني بشكل‬
‫أساسي من هاجس الخوف من نفوذ ايراني قوي في العراق يهدد مصالحها‪ ،‬األمر الذي قد يدفعها إلى‬
‫المزيد من التدخل في الشأن العراقي(‪.)43‬‬
‫سابعاً‪ :‬اسرائيل‬
‫تميز الدور االس ارئيلي بعد احتالل الواليات المتحدة االمريكية العراق بالكثير من الغموض‪ ،‬ورغم ان اكثر‬
‫أن الخوض في تفاصيله يكون من‬
‫من جهة وفي مقدمتهم الجانب االسرائيلي تؤكد هذا الدور‪ ،‬إال َّ‬
‫المحظورات بعد ان شهد العراق عمليات اغتياالت وتصفيات واسعة شملت أصحاب الكفاءات العملية‬
‫وكبار الضباط واالطباء وغيرهم‪ ،‬ولم يجد الكثيرون‪ ،‬لتلك الحمالت من تفسير منطقي سوى االشارة الى‬
‫أن عناصر الموساد االسرائيلي دخلت العراق مع قوات االحتالل(‪.)44‬‬
‫وان قرار غزو العراق واحتالله لم يكن بعيدا عن الدوائر الداعمة لعالقة الواليات المتحدة وإسرائيل‪ ،‬وقد‬
‫قال ن ائب الرئيس االمريكي السابق ديك تشيني (إن هدفنا في العراق هو إيجاد منطقة أكثر أمن‬
‫إلسرائيل)‪ .‬وكما صرح كولن بإول امام مؤتمر منظمة ايباك بان (القضاء على النظام العراقي سيحرر‬
‫اسرائيل والشرق االوسط من التهديد الذي تشكله أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها العراق)(‪.)45‬‬
‫ويتركز وجود الموساد االسرائيلي في العراق على اصطياد العلماء واآلثار والبحث عن تاريخ االجداد‬
‫والسعي الستعادة وثائق ومخطوطات وشراء األراضي‪ ،‬والعمل على التخطيط لسلسلة من العمليات االمنية‬
‫ذات االبعاد السياسية وبالتأكيد تلك التي تكرس عدم االستقرار في العراق وتفتيت البالد اكثر (‪.)46‬‬

‫‪137‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫وترى إسرائيل أن ضرب العراق وازالة اسلحة الدمار الشامل (المحتملة في السنوات العشرة القادمة) منه‬
‫وتغيير النظام سوف يعمل على(‪:)47‬‬
‫‪.1‬إضعاف جبهة قوى (التشدد) في العالم العربي والتي تحمل رؤية قومية وتعارض عملية التسوية‪.‬‬
‫‪.2‬إنهاء فكرة الجبهة الشرقية الى االبد‪ ،‬وهي الفكرة التي ظلت سوريا تراهن عليها للتغلب على الخلل الواضح‬
‫في موازين القوى بينها وبين اسرائيل‪.‬‬
‫‪.3‬وضع نظام البعث السوري تحت ضغط احتمال تعرضه لنفس المصير الذي واجهه البعث في العراق‪.‬‬
‫‪.4‬وضع ايران تحت حصار كامل وعجزها عن التأثير في مجريات الصراع العربي – االسرائيلي الضطرارها‬
‫الى التركيز على الخطر الذي يمثله الوجود االمريكي في العراق‪.‬‬
‫‪.5‬وجود نظام جديد في العراق يكون موالياً للواليات المتحدة يزيد من فرصة تجاوب هذا النظام مع الضغوط‬
‫االمريكية الرامية الى انتزاع اعترافه بإسرائيل وإقامة عالقات دبلوماسية معها‪.‬‬
‫وتطرقت كوندالي از رايس بكتابها "اسمى مراتب الشرف" الى (أن الواليات المتحدة لم تذهب الى العراق‬
‫لنشر الديموقراطية‪ ،‬لقد ذهبنا للحرب ألننا رأينا في العراق تهديدا ألمننا القومي وامن حلفائنا)‪ ،‬واستعرضت‬
‫أهدافهم غير المعلنة‪ ،‬عراق جديد يرسم حكمه االمريكان سيمهد لشرق اوسط جديد ينهي الصراع العربي –‬
‫اإلسرائيلي‪ ،‬وكان الرئيس االمريكي السابق جورج بوش كرر عدة مرات امام وسائل االعالم (ان‬
‫االمريكيين غزوا العراق لحماية إسرائيل)(‪.)48‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬المتغيرات الدولية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الواليات المتحدة االمريكية‬
‫عمدت الواليات المتحدة للعمل على إسناد دور فاعل وحيوي للعراق في المنطقة‪ ،‬وذلك بسبب األهمية‬
‫الجيولولتيكية والجيوستراتيجية للعراق سيكون له الدور في تحديد توجهات السياسة االمريكية في المنطقة‪،‬‬
‫إذ أن للواليات المتحدة مجموعة أهداف غير االهداف المعلنة تتعلق بمصالحها ومشاريعها المستقبلية في‬

‫‪138‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫الشرق االوسط وهي تحاول رسم مستقبل العراق ودوره حسب مصالحها ومن ضمنها مشروع الشرق‬
‫االوسط الكبير(‪.)49‬‬
‫في حين دعم العراق من أجل تقديمة كنموذج والعمل على استبدال حلفائها السابقين واحتواء االعداء‬
‫المحتملين وضمان وصول النفط لها وأخي اًر دعم فعلها العسكري‪ ،‬هذه المصالح تدفع الواليات المتحدة‬
‫إلعطاء العراق دو اًر فاعالً لكي يصبح مثاالً للشرق االوسط بأكمله‪ ،‬االمر الذي سيسمح وفق وجهة النظر‬
‫االمريكية الى إعادة رسم التفاعالت االقليمية بما يخدم ويحقق مصالحها‪ ،‬إنطالقاً من العراق‪ .‬ولكن‬
‫ضخامة تلك المهمة وتعقيداتها جعلت مسارات وضوح الخطة غير واضحة المعالم(‪.)50‬‬
‫أهم الشروط الموضوعية التي ستعمد الواليات المتحدة االمريكية من خاللها في تفعيل الدور العراقي ليكون‬
‫أحد أهم الركائز االستراتيجية للنظام اإلقليمي المحتمل (‪-:)51‬‬
‫ال في التعامل والتفاعالت االقليمية بوصفه عضوا أساسياً في النظام الجديد‬
‫‪ .1‬قيام العراق بلعب دو اًر فعا ً‬
‫المحتمل والمدعوم أمريكيا‪ ،‬وتتركز الرؤية االمريكية في هذا الصدد في‪:‬‬
‫أ‪ .‬دعوة الدول العربية الى تفعيل عالقتها مع العراق‪.‬‬
‫ب‪ .‬إعادة التمثيل الدبلوماسي الكامل للعراق مع دول العالم كافة وبالخصوص االقليمية‪.‬‬
‫ج‪ .‬السعي لعقد شراكة استراتيجية مع العراق في كل الميادين‪.‬‬
‫‪ .2‬الدخول في عالقات ثنائية متكافئة مع دول الجوار والمنطقة االمر الذي يستلزم إقامة تحالفات ثنائية‬
‫وشراكات استراتيجية مع باقي الدول‪ ،‬وزيادة التمثيل الدبلوماسي لجميع االطراف‪.‬‬
‫‪ .3‬الحد من القيود والعوائق كافة التي تمنع العراق من تأدية دورة الفاعل وحرية حركته‪ ،‬وبالخصوص‬
‫الخروج من البند السابع‪.‬‬
‫‪ .4‬السعي لبناء مؤسسات إقليمية جديدة تعمل على مواجهة قضايا ومشاكل المنطقة وفق مبدأ االمن‬
‫الجماعي‪.‬‬

‫‪139‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫‪ .5‬بناء سلسلة من التحالفات الجديدة من خالل اعادة ترتيب أولويات التحالف االمريكية في المنطقة بناء‬
‫على البيئة االستراتيجية الراهنة‪.‬‬
‫إن التغيرات في المنطقة العربية جاءت بدعاوى مختلفة‪ ،‬منها الديموقراطية وحقوق االنسان‪ ،‬اال انها في‬
‫الحقيقة تقدم خدمة (إلسرائيل)‪ ،‬وقد استخدمت إدارة بوش هجمات ‪ 11‬ايلول ‪ 2001‬ألطالق سياسة‬
‫خارجية عدوانية‪ .‬فاحتالل افغانستان ثم العراق لها اغراض واهداف اكثر من مكافحة االرهاب‪ ،‬والنتيجة‬
‫فإنه دعم (إلسرائيل) والحملة االمريكية لمناهضة االرهاب قد أصبحت من القضايا االمريكية األساسية‪،‬‬
‫وهو بال شك جزء من المخطط الصهيوني ألجل ارهاب المنطقة وتهديد استقرارها وامنها(‪.)52‬‬
‫وان االستراتيجية االمريكية لتحقيق أهداف غزوها للعراق كانت قائمة منذ البداية على فهم خاطئ لما‬
‫يتمخض عنه غزو العراق(‪:)53‬‬
‫‪ .1‬اعتقد االمريكيون أن الشعب العراقي الذي رحب بتحريرهم من طغيان حكومة النظام السابق سيدعم‬
‫الوجود االمريكي المستمر في بالدهم‪.‬‬
‫‪ .2‬اعتقدوا أن االدارة العراقية بما فيها الجيش والشرطة‪ ،‬ستبقى موجودة‪ ،‬وباإلمكان اعادة بنائها سريعا‪.‬‬
‫‪ .3‬اعتقدوا أن بوسعهم التوصل الى اتفاق لتقاسم السلطة بين الجماعات السياسية العراقية‪.‬‬
‫إن االتفاقية االمنية بين العراق والواليات المتحدة االمريكية واتفاقية اإلطار االستراتيجي‪ ،‬فاألخيرة التي لم‬
‫تحظ بذات االهتمام الذي حظيت به االتفاقية االمنية‪ ،‬وربما يعود ذلك الى ارجحية المتغير االمني‬
‫وضرورة تداعياته على سيادة العراق ومستقبله‪ .‬وعلى الرغم من الجوانب اإليجابية التي تحتويها هذه‬
‫االتفاقية اال انها ال تخلوا من الجوانب السلبية فقد تم المصادقة عليها من قبل مجلس النواب العراقي فهي‬
‫ملزمة للعراق‪ ،‬وبنفس الوقت لم يصادق الكونغرس االمريكي‪ ،‬حتى انها لم تعرض عليه رسميا‪ ،‬فهي اذا‬
‫غير ملزمة للواليات المتحدة(‪.)54‬‬
‫وكما ان االتفاقية االمنية بين العراق والواليات المتحدة لم تؤخذ بالحسبان ما يتطلبه الوضع في العراق‬
‫والظروف االمنية المحيطة بالبيئة العراقية‪ ،‬فقد ضمت ثغرات عديدة منها انتهاء الفترة القانونية لبقاء‬

‫‪140‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫القوات االمريكية على أرض العراق‪ ،‬عدم اكتمال بناء جاهزية القوات العراقية لضبط االمن‪ ،‬وال توجد‬
‫خطة هيكلية لسحب القوات االمريكية من العراق وتحديد الفترة الزمنية لالنسحاب‪ ،‬وغيرها من األمور التي‬
‫دعت إلى إيجاد وتنظيم واتفاق للقوات االجنبية المتواجدة في األراضي العراقية(‪.)55‬‬
‫وفي اعتقاد الكثيرين أن الواليات المتحدة االمريكية خططت للحرب أكثر مما خططت لما بعد الحرب‪،‬‬
‫وهناك عدد من الدراسات نشرت في مجلة الشؤون الخارجية في عام ‪ 2003‬تشير إلى الصعوبة ليست في‬
‫احتالل العراق‪ ،‬وإنما الصعوبة فيما بعد االحتالل‪ ،‬كذلك فأنه من الواضح للغاية أن أية فكرة تذهب إلى‬
‫(‪)56‬‬
‫أن الواليات المتحدة مشتركة في عمليات ما بعد الحرب ال تكاد تزيد عن مهزلة‬
‫إن المتغيرات الدولية التي تخص األمن الوطني العراقي محصورة في الغالب بالجانب االمريكي من خالل‬
‫اعتماده على استراتيجيات طويلة األمد‪ ،‬في الشرق األوسط وتحديداً في العراق‪ ،‬فإن العالقات العراقية‬
‫االمريكية بعد االحتالل االمريكي سارت مسا اًر ايجابياً لصالح الواليات المتحدة وهي عالقة تابع ومتبوع‪،‬‬
‫بسبب الهيمنة الكبيرة للواليات المتحدة على رسم السياسة الداخلية للعراق وقد انسحب ذلك على بقية‬
‫مناحي الدولة العراقية االقتصادية واالجتماعية وغيرها‪ ،‬واالهم من ذلك العسكرية‪ ،‬فعلى الصعيد العسكري‬
‫فإن تأثيرها السلبي وصل إلى حد إضعاف الجيش العراقي الجديد‪ ،‬وعدم تسليحه إلبقائه محتاجاً للدعم‬
‫االمريكي‪ ،‬مما انعكس سلباً على واقع االمن الوطني العراقي(‪.)57‬‬
‫ثانيا‪ :‬روسيا االتحادية‬
‫‪ .1‬المتغيرات السياسية‬
‫ركزت روسيا جهودها على صعيد السياسة الدولية ومنذ عام ‪ 2003‬على التعامل مع المتغيرات التي تهدد‬
‫بتغيير الوضع الدولي‪ ،‬وشكلت مسألة مناقشة قضية العراق في االمم المتحدة ومجلس االمن محور‬
‫االهتمام الروسي‪ ،‬اذ أَعلنت روسيا أنها ستستخدم حق النقض ضد أي قرار يخول الواليات المتحدة‬
‫(‪)58‬‬
‫االمريكية باستخدام القوة ضد العراق وحددت روسيا موقفها بضوء مصالحها‬

‫‪141‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫في حين أدى موقفها المعارض الستخدام القوة وتوافقه مع الموقف االلماني والفرنسي الى زيادة الخالف‬
‫والتناقض في المواقف داخل المجموعة االطلسية حول قضية العراق وهذا هدف استراتيجي روسي‬
‫ألضعاف تماسك التحالف الغربي ضدها‪ ،‬فضال عن خشيتها من ظهور نتائج وعواقب غير محسوبة قد‬
‫تقع في المنطقة وتهدد أمنها ومصالحها جراء الحرب على العراق(‪.)59‬‬
‫روسيا االتحادية وضعت الملف النووي االيراني وأزمته في مقدمة المتغيرات التي يدور حولها التنافس‬
‫بينها وبين الواليات المتحدة االمريكية والغرب على صعيد التوازنات الجيوستراتيجية‪ ،‬إذ ساندت روسيا حق‬
‫إيران في امتالك برنامج نووي سلمي‪ ،‬ورفضت العقوبات احادية الجانب من قبل الواليات المتحدة‬
‫االمريكية والقوى الغربية‪ ،‬ووصفت هذه العقوبات بأنها خرق لمبادئ القانون الدولي‪ ،‬وانتهاك لسيادة إيران‪،‬‬
‫وترى روسيا أن عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعزز الثقة في الشرق‬
‫االوسط‪ ،‬إذ تعكس عمليات التفتيش مظه اًر من مظاهر الشرعية الدولية ألنها تأتي في إطار إتفاق جماعي‬
‫لقوى دولية‪ ،‬ومنظمة دولية(‪.)60‬‬
‫أما االزمة السورية التي كان في عام ‪ 2011‬بداية انطالق الحراك الشعبي فيها فقد ظهرت بوادرها في‬
‫كانون الثاني ‪ 2011‬اثر عمليات نشر وحدات من الجيش السوري في درعا لقمع االحتجاجات‪.)61( ،‬‬
‫ولسوريا مكانة مهمة في الشرق االوسط بوصفها عنص اًر مؤث اًر في مسارات التنافس والصراع في االقليم‪،‬‬
‫وانعكس ذلك على عالقات القوى الكبرى واستراتيجياتها تجاه سوريا خاصة بالنسبة لروسيا االتحادية التي‬
‫ارتبطت بعالقات استراتيجية مع سوريا منذ الحقبة السوفيتية واستمرت هذه العالقة بعد إنهيار االتحاد‬
‫السوفيتي مع روسيا االتحادية وتتداخل العديد من القضايا االقليمية والدولية ضمن تفاعالت االزمة‬
‫السورية ومن أبرزها(‪:)62‬‬
‫أ‪ .‬التنافس االمريكي الروسي للسيطرة على الممرات البحرية عبر مضيق جبل طارق‪ ،‬والبحر االحمر‬
‫والقرن االفريقي عبر قناة السويس‪ ،‬وترى روسيا في ميناء طرطوس السوري الذي عززت وجودها فيه‪،‬‬
‫البوابة االستراتيجية للبحرية الروسية والتي تؤمن فاعليتها في البحر المتوسط والمحيط االطلسي عبر‬

‫‪142‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫الممرات المذكورة آنفاً‪ ،‬والوجود البحري الروسي في طرطوس عنصر توازن استراتيجي تجاه النشاط‬
‫(‪)63‬‬
‫البحري االمريكي في هذه المناطق‬
‫ب‪ .‬أمن الخليج العربي وامدادات الطاقة‪ ،‬وبرنامج ايران النووي‪ ،‬ودورها االقليمي والصراع بين محور‬
‫أيران وسوريا وحزب هللا وحماس‪ ،‬وبين تركيا ومعها السعودية وقطر على الدور االقليمي ومستقبل‬
‫المنطقة‪.‬‬
‫ج‪ .‬الصراعات الطائفية والعرقية ونشاط الجماعات المتطرفة واالرهاب في الشرق االوسط‪.‬‬
‫‪ .2‬المتغيرات العسكرية‬
‫لعل شعور روسيا االتحادية بالتهديد القريب بعد االحتالل االمريكي للعراق عام ‪ ،2003‬دفعها ذلك لدراسة‬
‫ً‬
‫وتحليل استخدام الواليات المتحدة االمريكية للقوة‪ ،‬والتركيز على نتائج الحرب والدروس المستخلصة منها‪،‬‬
‫لتحديد مكامن الضعف والخلل في االداء العسكري على المستوى االستراتيجي وعلى مستوى كفاءة أداء‬
‫(‪)64‬‬
‫االفراد واالسلحة والمعدات‬
‫وقد أجرت روسيا اصالحات وعمليات تطوير في بنية قواتها المسلحة‪ ،‬وحددت اولويات االصالحات‬
‫والمهام الجديدة لقواتها المسلحة في مجال الدفاع والتعرض بضوء الرؤية الروسية للبيئة االستراتيجية‬
‫والتغيير الحاصل في موازين القوى على الصعيدين االقليمي والدولي‪ ،‬وقامت القوات المسلحة الروسية‬
‫بصنوفها البرية والجوية والبحرية وسالح الصواريخ البالستية بفعاليات ومناورات في اشارة لتأكيد مكانتها‬
‫بوصفها قوة نووية كبرى‪ ،‬وأَعلن بوتين في كانون االول ‪ 2004‬عن تطوير جيل جديد من السالح النووي‬
‫لحماية روسيا من التهديدات والتحديات االمنية المستقبلية(‪.)65‬‬
‫كما أن االحتالل األمريكي للعراق جعل روسيا تعيد النظر في اجراء عملية اعادة هيكلة وتطوير القدرات‬
‫وعدته روسيا‬
‫العسكرية الروسية كمحصلة لتأثير عوامل عديدة في مقدمتها الهاجس االمني من االحتالل ّ‬
‫تهديداً إستراتيجياً تكاملت حلقاته مع عملية توسيع حلف الناتو شرقاً باتجاه تخوم روسيا مع أوروبا‪ ،‬ومع‬
‫مشروع الدرع الصاروخي في وسط وشرق أوروبا‪ ،‬ودفعت استجابة روسيا لهذه المتغيرات التي جرت على‬

‫‪143‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫أرض االطار المحيط بقلب االرض الذي تتحكم به‪ ،‬الى سعيها لتحقيق التوازن الجيوستراتيجي مع الواليات‬
‫المتحدة االمريكية وحلف الناتو(‪.)66‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫مرت على العراق منذ االحتالل االمريكي في العام ‪ ،2003‬أحداث جسيمة جعلته في وضع شائك وفي‬
‫ظرف غاية في الصعوبة‪ ،‬وال زالت تأثيراتها تحيط به‪ ،‬ال شك أن سبب ذلك كله هو التدخل االجنبي‪،‬‬
‫سواء أكان تدخالً من قبل الواليات المتحدة االمريكية التي سعت الى التركيز على إقامة نظام سياسي‬
‫يحمل مالمح النظام الديموقراطي دون أن تتركه يواصل مسيرته على مبادئ الديموقراطية المعمول بها‬
‫عالمياً‪ ،‬والتي تنبع من عمق المجتمعات وخصوصيتها ورغبتها في التغيير واإلصالح السياسي‪ ،‬وإنما‬
‫تدخلت بكافة تفاصيل العملية السياسية منذ بداياتها األولى‪ ،‬وأخضعتها لمعايير ال تتطابق مع الشعارات‬
‫التي أعلنتها خالل استعدادها للحرب‪ ،‬فقد اتبعت‪ ،‬بعد احتاللها العراق سياسة تفكيك الدولة وإعادة‬
‫صياغتها وفق المنظور االمريكي بعيداً عن االعتبارات الوطنية العراقية والمحيط اإلقليمي واالسالمي‬
‫للعراق‪ ،‬األمر الذي أثار حفيظة دول المنطقة وخصوصاً دول الجوار الجغرافي التي أدركت مسبقاً أن‬
‫الواليات المتحدة االمريكية تحمل رؤياها وتصوراتها الخاصة اتجاه االصالحات السياسية والدعوات الى‬
‫الديموقراطية التي نادت بها‪ ،‬ولذلك كان للعاملين الدولي واإلقليمي تأثير ملموس في خلق أوضاعاً أمنية‬
‫نتجت عنها آثار سلبية مباشرة وغير مباشرة ساهمت في خلق األزمة األمنية الراهنة وتصاعدها في‬
‫العراق‪ ،‬وستستمر هذه األزمة طالما استمرت فاعلية هذين العاملين وتأثيراتهما‪ ،‬واستمرت السياسات‬
‫الحكومية العاجزة عن مواجهتها والتصدي لها‪.‬‬
‫الهوامش‪:‬‬

‫(‪ )1‬ليث عبد الحسن جواد الزبيدي‪ ،‬مستقبل النظام السياسي في العراق‪ ،‬مجلة قضايا سياسية‪ ،‬العددان ‪ ،30 -29‬كلية‬
‫العلوم السياسية‪ ،‬جامعة النهرين‪ ،‬بغداد‪ ،2012 ،‬ص ‪.60‬‬
‫(‪ )2‬نظلة الجبوري‪ ،‬الحراك السياسي وتداعياته على التخطيط االستراتيجي‪ ،‬بيت الحكمة‪ ،‬بغداد‪ ،2012 ،‬ص‪.135-93‬‬

‫‪144‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫(‪ )3‬حميد حمد السعدون‪ ،‬العراق وثقافة اإلخضاع السياسي‪ ،‬في إستراتيجية التدمير‪ ،‬آليات االحتالل األمريكي للعراق‬
‫وثقافة الطائفية‪ .‬الهوية الوطنية‪ ،‬السياسات االقتصادية‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز ودراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت ‪ ،2006‬ص‪.95‬‬
‫(‪ )4‬سعيد رشيد عبد النبي‪ ،‬مالمح النظام السياسي الضامن لحقوق االنسان‪ .‬مجلة المرصد الدولي‪ ،‬العدد‪،2008 ،7‬‬
‫ص‪.32‬‬
‫(‪ )5‬عبد الجبار أحمد‪ ،‬آليات المصالحة الوطنية العراقية‪ ،‬مجلة شؤون عراقية‪ ،‬مركز العراق للدراسات‪ ،‬العدد‪ ،1‬بغداد‪،‬‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.163‬‬
‫(‪ ) 6‬حافظ علوان حمادي الدليمي‪ ،‬المشروع الديمقراطي في العراق (الواقع والطموح) دراسة نقدية‪ ،‬مجلة قضايا سياسية‪،‬‬
‫كلية العلوم السياسية‪ ،‬جامعة النهرين‪ ،‬العددان ‪ ،2012 ،30-29‬ص‪.70‬‬
‫(‪ )7‬حافظ علوان حمادي الدليمي‪ ،‬المشروع الديمقراطي العراقي (الواقع والطموح)‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫(‪ )8‬سالم سليمان وخضر عباس عطوان‪ ،‬الفساد السياسي واالداء االداري‪ ،‬دراسة في جدلية العالقة‪ ،‬مجلة دراسات‬
‫سياسية‪ ،‬العدد‪ ،20‬بيت الحكمة‪ ،‬بغداد‪ .2012 ،‬ص‪.6‬‬
‫(‪ )9‬نجدت صبري ئاكري‪ ،‬اإلطار القانوني لالمن القومي‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫(‪ )10‬حسين حافظ وهيب‪ ،‬مالمح التحول في النظم العربية‪ ،‬دورية اوراق دولية‪ ،‬العدد ‪ ،215‬جامعة بغداد‪ ،‬مركز الدراسات‬
‫الدولية‪ ،‬تموز ‪ .2012‬ص‪.7-5‬‬
‫(‪ )11‬دهام محمد العزاوي‪ ،‬االحتالل االمريكي للعراق وأبعاد الفيدرالية الكردية‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز الجزيرة للدراسات‪ ،‬الدوحة‬
‫‪ ،2009‬ص‪.54 ،53‬‬
‫(‪ )12‬جورج اندرسون‪ ،‬مقدمة عن الفيدرالية‪ ،‬ما هي الفيدرالية؟ وكيف يتجه نحوها العالم؟ منتدى االتحادات الفيدرالية‪ ،‬بال‬
‫طبعة‪ ،‬كندا ‪ ،2007‬ص‪.73‬‬
‫(‪ )13‬جواد كاظم البكري‪ ،‬العراق السنة صفر‪ ،‬اشكالية الهوية االقتصادية في ظل االحتالل‪ ،‬في المواطنة والهوية العراقية‪،‬‬
‫عصف احتالل ومسارات تحكم‪ ،‬مركز حمورابي للبحوث والدراسات االستراتيجية‪ ،‬بغداد‪ ،2011 ،‬ص‪.189‬‬
‫(‪ )14‬طه حميد حسن العنبكي‪ ،‬العراق بين المركزية والالمركزية االدارية والفيدرالية‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫(‪ ) 15‬ابراهيم سعيد البيضاني‪ ،‬الدولة العراقية الهشة‪ :‬نتاج داخلي أم ضرورة امريكية‪ ،‬مجلة حمواربي‪ ،‬العدد(‪ ،)9‬السنة‬
‫الثالثة اذار ‪ ،2014‬بغداد‪ ،‬مركز حمورابي للبحوث والدراسات االستراتيجية‪ ،‬ص ‪.30‬‬

‫‪145‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫(‪ )16‬عامر هاشم عواد‪ ،‬دور العراق الجديد في االستراتيجية األمريكية اتجاه الشرق األوسط‪ ،‬مجلة الدراسات الدولية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،2007 ،33‬مركز الدراسات الدولية‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬ص ‪.199‬‬
‫(‪ )17‬حسن لطيف الزبيدي واخرون‪ ،‬العراق والبحث عن المستقبل‪ ،‬المركز العراقي للبحوث والدراسات‪ ،‬النجف االشرف‪،‬‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.478‬‬
‫(‪ )18‬ايناس عبد السادة العنزي‪ ،‬أثر المحددات الخارجية والداخلية في بناء الدولة العراقية‪ ،‬مجلة العلوم السياسية‪ ،‬كلية‬
‫العلوم السياسية‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬العدد(‪ ،)36‬السنة ‪ ،2008‬ص ‪.139‬‬
‫(‪ ) 19‬ابراهيم سعيد البيضاني‪ ،‬الدولة العراقية الهشة‪ :‬نتاج داخلي أم ضرورة امريكية‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.35‬‬
‫(‪ )20‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫(‪ )21‬محمد كامل محمد الربيعي‪ ،‬مستقبل العالقات العراقية –االيرانية‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬كلية العلوم السياسية‪،‬‬
‫الجامعة المستنصرية‪ ،‬العدد (‪ ،)10‬السنة ‪ ،2007‬ص ‪.68‬‬
‫(‪ )22‬ايناس عبد السادة العنزي‪ ،‬أثر المحددات الخارجية والداخلية في بناء الدولة العراقية‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.68‬‬
‫(‪ )23‬هيثم كريم صيوان‪ ،‬العالقات العراقية – التركية‪ :‬رؤية في امكانية التعاون واحتماالت الصراع ‪ /‬في‪ :‬العراق تحت‬
‫االحتالل‪ :‬تدمير الدولة وتكريس الفوضى‪ ،‬سلسلة كتب المستقبل العربي‪ ،‬العدد (‪ ،)60‬بيروت‪ ،‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،2008 ،‬ص ‪.350‬‬
‫(‪ )24‬علي حسين باكير‪ ،‬نحو عالقات تركية – خليجية استراتيجية‪ ،‬دبي‪ ،‬مركز الخليج لألبحاث‪ ،‬مجلة آراء حول الخليج‪،‬‬
‫العدد (‪ ،)49‬السنة ‪ ،2008‬ص ‪.64‬‬
‫(‪ )25‬ابراهيم سعيد البيضاني‪ ،‬الدولة العراقية الهشة‪ ،..‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫(‪ )26‬ابراهيم سعيد البيضاني‪ ،‬الدولة العراقية الهشة‪ ،..‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫(‪ )27‬عامر كامل احمد‪ ،‬مواقف الدول اإلقليمية من آراء مرشحي الرئاسة األمريكية حيال العراق‪ ،‬مجلة شؤون عراقية‪،‬‬
‫العدد (‪ )1‬السنة ‪ ،2008‬بغداد‪ ،‬مركز العراق للدراسات‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫(‪ )28‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫(‪ )29‬حسين لطيف الزبيدي وآخرون‪ ،‬العراق والبحث عن المستقبل‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.497‬‬
‫(‪ )30‬همام خضير مطلك‪ ،‬اثر المتغيرات االقليمية على االوضاع الداخلية العراقية (ايران – سوريا) انموذجا‪ ،‬مجلة قضايا‬
‫سياسية‪ ،‬العدد ‪ 28-27‬جامعة النهرين‪ ،‬كلية العلوم السياسية ‪ ،2012‬ص‪.259/256،1‬‬

‫‪146‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫(‪ )31‬سامية بيبرس‪ ،‬الف ارغ واشكاليات غياب الدور السوري في الشرق االوسط‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬عدد ‪ ،185‬مطابع‬
‫االهرام‪ ،‬القاهرة‪ ،2011 ،‬ص‪.78‬‬
‫(‪ ) 32‬عمار الكعبي‪ ،‬مشوار الطائفية في العراق‪ :‬دراسة في تغييب مجتمع الدولة‪ ،‬مجلة مدارك‪ ،‬العددان الخامس والسادس‪،‬‬
‫بغداد‪ ،‬مؤسسة مدارك‪ ،2008 ،‬ص‪.33‬‬
‫(‪ )33‬ستار جبار عالي‪ ،‬عالقات العراق مع دول الجوار العربية‪ ،‬مجلة دراسات دولية‪ ،‬العدد (‪ ،)13‬السنة ‪ ،2008‬بغداد‪،‬‬
‫دار الحكمة‪ ،2008 ،‬ص‪.27‬‬
‫(‪ )34‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫(‪ )35‬مازن الياسري‪ ،‬العراق والمجتمع الدولي‪ ،‬بغداد‪ ،‬دار السالم‪ ،2010 ،‬ص ‪.227‬‬
‫(‪ )36‬مازن الياسري‪ ،‬العراق والمجتمع الدولي‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.229‬‬
‫(‪ )37‬ابراهيم سعيد البيضاني‪ ،‬الدولة العراقية الهشة‪ ،..‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫(‪ )38‬عبد علي المعموري‪ ،‬الحراك السياسي في دول الخليج بين عصف الديمقراطية وارث السلفية‪ ،‬مجلة حمورابي‪،‬‬
‫العدد‪ ،4‬مركز حمورابي للبحوث والدراسات االستراتيجية‪ ،‬كانون االول ‪ ،2012‬ص‪.256‬‬
‫(‪ )39‬محمد ماضي‪ ،‬العالقات السعودية األمريكية بعد حرب العراق‪ ،‬جريدة الشرق االوسط‪ ،‬العدد ‪.2004 ،1493‬‬
‫(‪ )40‬ابراهيم سعيد البيضاني‪ ،‬الدولة العراقية الهشة‪ ،..‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫(‪ )41‬حسن لطيف الزبيدي‪ ،‬العراق والبحث عن المستقبل‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.501‬‬
‫(‪ )42‬حميد حمد السعدون‪ ،‬ازمة العالقات العراقية – الكويتية المتكررة‪ ،‬مجلة الدراسات الدولية‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬مركز‬
‫الدراسات الدولية‪ ،‬العدد (‪ ،2008 ،)33‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ )43‬المصدر نفسة‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫(‪ )44‬ياسين البكري وحيدر علي‪ ،‬متغيرات الشأن العراقي وعالقتها باستراتيجية امريكا في المنطقة‪ :‬قراءة مستقبلية‪ ،‬مجلة‬
‫حمورابي‪ ،‬العدد‪ ،2‬مركز حمورابي للبحوث والدراسات االستراتيجية‪ ،‬اذار‪ ،2012 ،‬ص‪.55‬‬
‫(‪ )45‬كوثر عباس الربيعي‪ ،‬االختراق االمني االسرائيلي في العراق ومواقف دول الجوار االقليمي‪ ،‬مجلة شؤون عراقية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،4‬مركز العراق للدراسات‪ ،‬نيسان ‪ ،2010‬ص‪140‬‬
‫(‪ )46‬غازي العريضي‪ ،‬ادارة االرهاب‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬بيروت‪ ،2009 ،‬ص‪.20‬‬
‫(‪ )47‬كوثر عباس الربيعي‪ ،‬االختراق االمني االسرائيلي في العراق ومواقف دول الجوار االقليمي‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.145‬‬

‫‪147‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫(‪ )48‬مجموعة باحثين‪ ،‬حال االمة العربية‪ ،2011-2010 ،‬رياح التغيير‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،2011‬ص‪.117‬‬
‫(‪ )49‬برهان غيلون‪ ،‬العرب وتحوالت العالم من سقوط جدار برلين الى سقوط بغداد‪ ،‬حاور اجراه رضوان زيادة‪ ،‬ط‪ 2‬المركز‬
‫الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2003 ،‬ص‪.282‬‬
‫(‪ )50‬أحمد فايز صالح‪ ،‬دور المحافظين الجدد في السياسة الخارجية االمريكية‪ ،‬ط‪ ،1‬مركز باحث للدراسات‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.129‬‬
‫(‪ )51‬المصدر نفسه ص‪.72‬‬
‫(‪ )52‬ايهاب علي الشموري‪ ،‬المشروع الصهيوني االمريكي الجديد ومخاطرة على العالمين العربي واالسالمي‪ ،‬مصدر سبق‬
‫ذكره‪ ،‬ص‪.396،397‬‬
‫(‪ )53‬مايكل روز‪ ،‬حل النزاعات في عالم ما بعد الحرب الباردة وانعكاساته على العراق‪ ،‬ط‪ ،1‬سلسة محاضرات االمارات‪،‬‬
‫مركز االمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية‪ ،‬ابو ظبي‪ ،2007 ،‬ص‪.14،15‬‬
‫(‪ )54‬منى حسين عبيد وخلود محمد خميس‪ ،‬العالقات العراقية‪-‬االمريكية في ضوء اتفاقية االطار االستراتيجي في‬
‫استراتيجية بناء دولة بعد االنسحاب االمريكي من العراق‪ ،‬المؤتمر السنوي لقسم الدراسات السياسية‪ ،‬بيت الحكمة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫بغداد‪ ،2011 ،‬ص ‪.134‬‬
‫(‪ )55‬عالء عبد الوهاب المنذري‪ ،‬خيارات الوجود االمريكي في العراق في ظل االتفاقية االمنية العراقية واالمريكية‪ ،‬مجلة‬
‫دراسات سياسية‪ ،‬العدد ‪ ،19‬بيت الحكمة‪ ،‬بغداد‪ ،2011 ،‬ص ‪.98‬‬
‫(‪ )56‬ياسين سعيد البكري‪ ،‬حيدر علي‪ ،‬متغيرات الشأن العراقي وعالقتها باستراتيجية امريكا بالمنطقة‪ :‬قراءة مستقبلية‪،‬‬
‫مصدر سبق ذكره‪ .‬ص ‪.57‬‬
‫(‪ ) 57‬عامر هاشم عواد‪ ،‬العالقات العراقية االمريكية‪ :‬الواقع الموضوعي واحتماالته المستقبلية‪ ،‬دورية أوراق دولية‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،208‬مركز الدراسات الدولية‪ ،‬بغداد‪ ،2011 ،‬ص ‪.7‬‬
‫)‪ (58‬ديفيد دبليو‪ .‬ليش‪ ،‬سوريا وسقوط مملكة االسد‪ :‬ماذا يحدث لولم يسقط االسد بالفعل؟‪ ،‬شركة المطبوعات للتوزيع‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،2014 ،‬ص‪.183-182‬‬
‫)‪ (59‬ليليا شيفستوفا‪ ،‬روسيا يلتسين الخرافات والحقيقة‪ ،‬ترجمة عبد هللا حسن‪ ،‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،2001‬ص‪.436‬‬

‫‪148‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫)‪ (60‬وسام الدين العكلة‪ ،‬تعثر المفاوضات النووية بين ايران والسدادسية‪ :‬الخلفيات والتداعيات‪ ،‬مركز عمران للدراسات‬
‫االستراتيجية‪ ،‬استانبول‪ ،2014 ،‬ص‪.4‬‬
‫)‪ (61‬شذى زكي حسن‪ ،‬الموقف الروسي من االزمة السورية‪ :‬الدوافع واالهداف‪ ،‬دراسات سياسية‪ ،‬العدد (‪ ،)124‬بيت‬
‫الحكمة‪ ،‬بغداد‪ ،2013 ،‬ص‪.77-76‬‬
‫)‪ (62‬ناصر زيدان‪ ،‬دور روسيا في الشرق االوسط وشمال روسيا من بطرس االكبر حتى فالديمير بوتين‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪،‬‬
‫ص‪.303‬‬
‫)‪ (63‬عالء سالم‪ ،‬ادوار متقاطعة‪ :‬تأثير العوامل الخارجية في مسار االزمة السورية‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬العدد (‪ ،)188‬مركز‬
‫االهرام‪ ،‬القاهرة‪ ،2012 ،‬ص‪.115-114‬‬
‫)‪ (64‬زهير حامدي‪ ،‬االثار الجيوسياسية الكتشافات الغاز االسرائيلية في شرق المتوسط‪ ،‬مجلة سياسات عربية‪ ،‬العدد(‪،)1‬‬
‫المركز العربي لالبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬الدوحة‪ ،2013 ،‬ص‪.112‬‬
‫)‪ (65‬شانون ن‪ .‬كايل وهانس م‪ .‬كريستن‪ ،‬القوى النووية العالمية لسنة ‪ ،2005‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،2005‬ص‪.833-832‬‬
‫)‪ (66‬عبد المنعم سعيد‪ ،‬االتجاهات الراهنة لتطور القوة العسكرية الروسية‪ ،‬السياسة الدولية‪ ،‬العدد (‪ ،)170‬مؤسسة االهرام‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬اكتوبر ‪ ،2007‬ص‪.97‬‬

‫‪149‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬


‫املتغريات املؤثرة يف القرار االسرتاتيجي لألمن الوطني العراقي‬

‫‪150‬‬ ‫‪.‬العدد ‪ 59‬كانون األول ‪2020‬‬

You might also like