Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 18

‫د‪ .

‬لقرع بن عمي‬ ‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬

‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬


‫‪Turkish Foreign Policy and Arab Revolutions: Reviews, outputs, roles‬‬

‫الدكتور لقرع بن عمي‬


‫جامعة عبد الحميد بن باديس ‪ -‬مستغانم (الجزائر)‬

‫ممخص‪:‬‬

‫تتناوؿ ىذه الدراسة موضوع السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ ،‬فدولة تركيا تعتبر مف الدوؿ اإلقميمية الفاعمة في القضايا‬
‫العربية‪ ،‬وكذلؾ تتأثر بما يحدث في العالـ العربي مف تحوالت وأزمات‪ .‬وتعد تركيا واحدة مف الدوؿ اإلقميمية الفاعمة في القضايا‬
‫العربية الراىنة‪ ،‬فمنذ اندالع الثورات العربية انخرطت تركيا في مسار األحداث‪ .‬وليذا‪ ،‬تأتي ىذه الدراسة لمحاولة فيـ وتحميؿ‬
‫انعكاسات الثورات العربية عمى توجيات السياسة الخارجية التركية ومدى فاعميتيا في منطقة الشرؽ األوسط‪ .‬وفي سبيؿ تحقيؽ ذلؾ‪،‬‬
‫تتضمف ىذه الدراسة المحاور اآلتية; السياسة الخارجية لحكومة العدالة والتنمية في تركيا قبؿ الثورات العربية‪ ،‬مراجعات السياسة‬
‫الخارجية التركية بعد الثورات العربية‪ ،‬مخرجات الثورات العربية بالنسبة لمسياسة التركية; فرصة أـ أزمة؟‪ ،‬وأخي ار األزمات العربية‬
‫وثنائية الدور في السياسة التركية; دور الوساطة ودور الموازف‪.‬‬

‫الكممات المفتاحية‪:‬‬
‫السياسة الخارجية‪ ،‬تركيا‪ ،‬الثورات العربية‪ ،‬األزمات العربية‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪This study deals with the issue of Turkish foreign policy and the Arab revolutions. The State of‬‬
‫‪Turkey is one of the regional countries active in Arab issues, and it is also affected by changes and‬‬
‫‪crises in the Arab world. Turkey is one of the regional states active in the current Arab issues. Since‬‬
‫‪the outbreak of the Arab revolutions, Turkey has been involved in the course of events. Therefore, this‬‬
‫‪study comes to attempt to understand and analyze the repercussions of the Arab revolutions on the‬‬
‫‪orientations of the Turkish foreign policy and its effectiveness in the Middle East. In order to achieve‬‬
‫‪this, this study includes the following topics: the foreign policy of the government of justice and‬‬
‫‪development in Turkey before the Arab revolutions, the reviews of the Turkish foreign policy after the‬‬
‫‪Arab revolutions, the outputs of the Arab revolutions for the Turkish policy: opportunity or crisis?,‬‬
‫‪Finally Arab crises and dual roles in Turkish politics: The role of mediation and the role of balance.‬‬

‫‪Key words:‬‬
‫‪Foreign policy, Turkey, Arab revolutions, Arab crises‬‬

‫‪071‬‬ ‫مجمة العموم السياسية والقانون‪-‬العدد‪ 00‬أفريل‪/‬نيسان‪- 2010‬المجمد‪ – 02‬تصدر عن المركز الديمقراطي العربي ألمانيا‪-‬برلين‬
‫د‪ .‬لقرع بن عمي‬ ‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تعتبر تركيا مف أىـ الدوؿ اإلقميمية الفاعمة في منطقة الشرؽ األوسط‪ ،‬وىي تستمد ىذا الدور مف‬
‫موقعيا الجغرافي ومف تاريخيا المرتبط بيذه المنطقة‪ ،‬وكذلؾ تستمده مف مصالحيا الجيوسياسية ومف‬
‫وزنيا االقتصادي الذي اكتسبتو منذ بداية األلفية الثالثة‪ .‬فمنذ وصوؿ حزب العدالة والتنمية شيدت‬
‫السياسة الخارجية التركية تحوالت في مبادئيا وتوجياتيا وأساليبيا‪ ،‬بحيث قامت حكومة العدالة والتنمية‬
‫بإتباع سياسة خارجية مستميمة مف أفكار أحمد داوود أوغمو صاحب كتاب "العمؽ االستراتيجي"‪ ،‬سياسة‬
‫تتناغـ مع ىوية تركيا وتاريخيا ووزنيا اإلقميمي ومصالحيا الحيوية‪ .‬وقد حققت تركيا بفضؿ ىذه السياسة‬
‫نجاحات كبيرة في عالقاتيا الخارجية السيما مع دوؿ الجوار‪ ،‬وتـ ذلؾ بالتزامف مع نجاحيا الديمقراطي‬
‫واالقتصادي داخميا‪.‬‬

‫إف النجاحات التي حققتيا حكومة العدالة والتنمية جعمت مف تركيا محط أنظار مختمؼ القوى العالمية‬
‫الكبرى وكذلؾ القوى اإلقميمية في الشرؽ األوسط‪ ،‬لكف مع قياـ ثورات شعبية في مجموعة مف دوؿ العالـ‬
‫العربي منذ بداية سنة ‪ ،3122‬وضع السياسة الخارجية التركية أماـ اختبارات جدية وجعميا تواجو تحديات‬
‫لـ تشيدىا خالؿ الفترة ‪.3121-3113‬‬

‫وليذا‪ ،‬تأتي ىذه الدراسة لمحاولة فيـ وتحميؿ انعكاسات الثورات العربية عمى السياسة الخارجية التركية‬
‫في منطقة الشرؽ األوسط وبصفة خاصة تجاه الدوؿ العربية التي كانت مسرحا لمثورات الشعبية; فما مدى‬
‫تأثير الثورات العربية عمى السياسة اإلقميمية التركية؟ ىؿ قامت حكومة العدالة والتنمية بتغيير جذري‬
‫لسياستيا الخارجية أـ قامت بتجديدىا؟ ىؿ كانت مخرجات الثورات العربية في صالح تركيا أـ مناقضة‬
‫لمصالحيا؟ وما ىي األدوار التي أفرزتيا الثورات العربية عمى السياسة التركية في الشرؽ األوسط؟‬

‫تكمف أىمية ىذه الدراسة في كونيا تسمط الضوء عمى مجريات األحداث الراىنة في منطقتنا‬
‫العربية‪ ،‬والمقصود ىنا الثورات العربية بما أفرزتو مف أزمات وحروب داخمية في عدد مف الدوؿ العربية‪،‬‬
‫وكذلؾ ارتباطات ىذه األزمات بدولة تركيا التي تعد إحدى الدوؿ الفاعمة إقميميا في منطقة الشرؽ األوسط‪.‬‬
‫فدولة تركيا تجمعنا بيا عوامؿ جغرافية وتراكمات تاريخية ومصالح حيوية‪ ،‬مما يجعؿ الدوؿ العربية معنية‬
‫بالتحوالت التي تط أر عمى السياسة التركية سواء في سياستيا الداخمية أو عمى مستوى سياستيا الخارجية‪.‬‬

‫‪070‬‬ ‫مجمة العموم السياسية والقانون‪-‬العدد‪ 00‬أفريل‪/‬نيسان‪- 2010‬المجمد‪ – 02‬تصدر عن المركز الديمقراطي العربي ألمانيا‪-‬برلين‬
‫د‪ .‬لقرع بن عمي‬ ‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬

‫وبالتالي‪ ،‬تأتي ىذه الدراسة بيدؼ تناوؿ التحوالت في السياسة الخارجية التركية بعد الثورات العربية مع‬
‫محاولة فيـ مبررات ىذا التحوؿ واف ارزاتو عمى األزمات التي تعيشيا المنطقة العربية في الوقت الراىف‪.‬‬

‫‪-‬السياسة الخارجية لحكومة العدالة والتنمية في تركيا قبل الثورات العربية‪:‬‬

‫تكمف األىمية اإلقميمية والدولية لتركيا في كونيا دولة متعددة الروافد مف حيث بنيتيا الجغرافية‬
‫وا لسياسية والثقافية‪ ،‬فيي تعد ىمزة وصؿ بيف العالميف اإلسالمي والغربي‪ ،‬وىي بحكـ عضويتيا في حمؼ‬
‫شماؿ األطمسي تعد فاعال إقميميا في منطقة الشرؽ األوسط‪ ،‬وثقافيا فإف انتماءىا الطوراني يمنحيا امتدادا‬
‫ميما في آسيا الوسطى‪.1‬‬

‫يرى أحمد داوود أوغمو أنو منذ بداية القرف الواحد والعشريف‪ ،‬قامت تركيا بتطوير رؤيتيا وسياستيا‬
‫لمتكيؼ مع مستجدات القرف الجديد‪ ،‬وليذا وجب عمى تركيا االلتزاـ بمجموعة مف المبادئ األساسية‬
‫لتطبيؽ سياسة خارجية ايجابية وفعالة‪ .‬المبدأ األوؿ ىو التوازف السميـ بيف الحرية واألمف مف خالؿ توفير‬
‫األمف لمشعب داخمي ا مع عدـ تقميص الحريات‪ ،‬فالديمقراطية ىي أفضؿ قوة ناعمة تمتمكيا تركيا‪ .‬والمبدأ‬
‫الثاني ىو مبدأ تصفير المشكالت مع دوؿ الجوار (صفر مشاكؿ)‪ ،‬حيث تـ توطيد العالقات مع سوريا‬
‫وجورجيا وبمغاريا وايراف والعراؽ ثـ االنتقاؿ إلى التعاوف االقتصادي والتبادؿ التجاري مع ىذه الدوؿ‪ .‬أما‬
‫المبدأ الثالث فيقوـ عمى التأثير في األقاليـ الداخمية والخارجية لدوؿ الجوار‪ ،‬وىنا يتجمى تأثير تركيا في‬
‫البمقاف والشرؽ األوسط والقوقاز وآسيا الوسطى‪.2‬‬

‫يتمثؿ المبدأ الرابع في السياسة الخارجية متعددة األبعاد‪ ،‬فالعالقات مع الالعبيف الدولييف ليست بديمة‬
‫عف بعضيا البعض بؿ ىي متكاممة فيما بينيا‪ .‬والمبدأ الخامس ىو الدبموماسية المتناغمة مف خالؿ‬
‫األداء الدبموماسي لتركيا في المنظمات الدولية واإلقميمية واستضافتيا لممؤتمرات والقمـ الدولية مما جعؿ‬
‫تركيا تكتسب صورة لدى الرأي العاـ العالمي بوصفيا دولة ذات دور في تأسيس االستقرار‪ .‬وىنا تجدر‬
‫اإلشارة إلى تناغـ اإلستراتيجية الكبرى لدولة تركيا مع االستراتيجيات الصغرى لمشركات التركية ومؤسسات‬
‫المجتمع المدني في رسـ صورة تركيا الجديدة‪ .‬أما المبدأ السادس فيو إتباع أسموب دبموماسي جديد لنقؿ‬
‫تركيا مف دولة جسر بيف األطراؼ الدولية الكبرى إلى دولة مركز تنتج األفكار والحموؿ في محافؿ الشرؽ‬

‫‪ 1‬عبير الغندور‪» ،‬بدائؿ التوجو السياسي التركي المعاصر‪ «،‬المجمة العربية لمعموم السياسية‪ ،‬عدد ‪ ،44‬ص‪.3123 ،21:‬‬
‫أحمد داوود أوغمو‪ ،‬العمق االستراتيجي‪ :‬موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية ‪ ،‬ترجمة; محمد جابر ثمجي وطارؽ عبد الجميؿ‪ ،‬الدار العربية لمعموـ ناشروف‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫بيروت‪ ،3122 ،‬ص ص‪.724-723‬‬

‫‪071‬‬ ‫مجمة العموم السياسية والقانون‪-‬العدد‪ 00‬أفريل‪/‬نيسان‪- 2010‬المجمد‪ – 02‬تصدر عن المركز الديمقراطي العربي ألمانيا‪-‬برلين‬
‫د‪ .‬لقرع بن عمي‬ ‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬

‫والغرب‪ .‬وىذا المبدأ ال يقوـ بو الدبموماسيوف والسياسيوف فقط‪ ،‬بؿ يقوـ بو المثقفوف كذلؾ‪ ،‬ويجب أف‬
‫يكوف ىذا األسموب الدبموماسي الجديد أسموبا لممجتمع التركي بكاممو‪.3‬‬

‫نتيجة لتمؾ األسس والمبادئ التي وضعيا أحمد داوود أوغمو‪ ،‬حدث توجيو لمبوصمة الفكرية لموقع تركيا‬
‫وجعميا منسجمة مع عمقيا التاريخي والحضاري والثقافي المتمثؿ بالعالـ اإلسالمي والعربي‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإف‬
‫السياسة الجديدة تقتضي أالا تكوف تركيا دولة ‪ -‬طرفا في أي محور‪ ،‬بؿ يجب أف تتحوؿ إلى دولة‪ -‬مركز‬
‫بيف العوالـ المحيطة بيا‪ .4‬فقد سعى حزب العدالة والتنمية إلى الجمع بيف ثمار العضوية في االتحاد‬
‫األوربي كبوابة لمتحديث والتنمية‪ ،‬واستعادة الدور التركي في العالـ اإلسالمي كبوابة لجذور اليوية التركية‪.‬‬
‫يقدـ التجربة التركية الناجحة في الجمع بيف اإلسالـ والمعايير الغربية لحقوؽ اإلنساف‬
‫وىو بذلؾ يحاوؿ أف ا‬
‫والديمقراطية‪ .‬وتظير ميزة ىذا الحزب في تقديمو لخطاب سياسي واقتصادي وليس خطابا دينيا‪ ،‬في‬
‫محاولة منو لتحقيؽ خمسة أىداؼ حيوية‪ ،‬وىي; االنتقاؿ بتركيا إلى مصاؼ الدوؿ المتقدمة وجعميا دولة‬
‫فاعمة في مركز األحداث السياسية الفاعمة‪ ،‬وزيادة فرص االستقرار السياسي والتقدـ االقتصادي في تركيا‪،‬‬
‫وتعزيز الوزف االستراتيجي لالتحاد األوربي‪ ،‬والمساىمة في بناء توازف استراتيجي بيف أوربا وآسيا‪ ،‬وأخي ار‬
‫جيدة مع محيطيا مف دوف استقطابات‪.5‬‬
‫توجو تركيا إلقامة عالقات ا‬

‫إف العثمانية الجديدة التي ينادي بيا حزب العدالة والتنمية ليست أصولية ماضوية‪ ،‬بقدر ما ىي إعادة‬
‫توجيو لمسياسة التركية التي بدأت مع مصطفى كماؿ أتاتورؾ‪ .‬وىذا بواسطة ضبط المسافة بيف المصالح‬
‫والمنافع المشتركة مع أطراؼ مختمفة ومتصارعة‪ .6‬وىكذا تسعى السياسة التركية الجديدة إلى جعؿ تركيا‬
‫جيدة وصداقة مع الجميع‪ ،‬حيث تقوـ ىذه السياسة عمى الحركة‬
‫فاعال دوليا محوريا مباد ار لو عالقة ا‬
‫النشطة الدائمة كبديؿ عف الجمود والتيميش ورد الفعؿ‪ ،‬وتحقيؽ االستقرار والتعاوف في مناطؽ عمقيا‬
‫وتعد ىذه السياسة الجديدة جزءا مف سياسة القوة الناعمة وبناء الثقة‪ ،‬وتقديـ التعاوف عمى‬
‫االستراتيجي‪ .‬ا‬
‫الصراع‪ ،‬وبناء السالـ بحؿ الخالفات والحوار مع الجميع‪ ،‬وتصفية المشكالت مع دوؿ الجوار‪ .‬إف ىذه‬
‫السياسة تيدؼ إلى تحويؿ تركيا إلى "دولة مركز" في المحيط اإلقميمي المجاور ليا‪.7‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.727-725‬‬ ‫‪3‬‬

‫محمد نور الديف‪» ،‬تركيا ‪ ...‬إلى أيف؟ دور وتحديات‪ «،‬المستقبل العربي‪ ،‬عدد ‪ ،475‬ص‪.311: ،55‬‬ ‫‪4‬‬

‫عبير الغندور‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.223‬‬ ‫‪5‬‬

‫سالـ الربضي‪» ،‬التآكؿ في العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيمية واستبعاد التغير االستراتيجي‪ «،‬المجمة العربية لمعموم السياسية‪ ،‬عدد ‪ ،41‬ص‪.3122 ،226‬‬ ‫‪6‬‬

‫عبير الغندور‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.228‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪072‬‬ ‫مجمة العموم السياسية والقانون‪-‬العدد‪ 00‬أفريل‪/‬نيسان‪- 2010‬المجمد‪ – 02‬تصدر عن المركز الديمقراطي العربي ألمانيا‪-‬برلين‬
‫د‪ .‬لقرع بن عمي‬ ‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬

‫طبقت حكومة العدالة والتنمية أفكار أحمد داوود أوغمو في السياسة الخارجية التركية‪ ،‬وفؽ أربعة‬
‫لقد ا‬
‫مبادئ; أوليا أف تركيا تؤدي دور الدولة المحورية بسبب موقعيا المتوسط بيف ثالث مناطؽ جيوسياسية‪،‬‬
‫وأف سياستيا تحافظ عمى التوازف بيف ىذه المناطؽ‪ .‬وثانيا يجب عمى تركيا أف ترسـ إستراتيجية إقميمية‬
‫شاممة حتى تكوف قادرة عمى التأثير في الواقع السياسي بدال مف أف تتحممو أو تكتفي برد الفعؿ‪ .‬ويتمثؿ‬
‫المبدأ الثالث في استعادة الدبموماسية التركية لمعمؽ التاريخي الذي ىو أساس التوجيات اإلستراتيجية‪ .‬أما‬
‫رابع مبدأ فيو ضرورة تحقيؽ العمؽ االستراتيجي لتركيا مف خالؿ تأميف السالـ واالستقرار في جوارىا‪.8‬‬

‫‪ -‬مراجعات السياسة الخارجية التركية بعد الثورات العربية‪:‬‬


‫فرضت الثورات العربية عمى تركيا إتباع سياسة تبدو مختمفة عف السياؽ العاـ الذي حكـ سياستيا تجاه‬
‫الدوؿ العربية منذ وصوؿ حزب العدالة والتنمية إلى السمطة في عاـ ‪ .3113‬فقد ظيرت المواقؼ التركية‬
‫رحبت بالتغيير السياسي في‬
‫مف الثورات العربية مرتبكة أحيانا ومزدوجة المعايير أحيانا أخرى‪ .‬فتركيا ا‬
‫تونس ومصر برحيؿ كؿ مف زيف العابديف بف عمي وحسني مبارؾ‪ .‬لكف مع بداية الثورة الميبية كاف ىناؾ‬
‫تدرج في الموقؼ التركي الذي كاف رافضا لتدخؿ حمؼ شماؿ األطمسي في البداية‪ ،‬ومع مرور الوقت‬
‫تطور ىذا الموقؼ لممشاركة في التدخؿ العسكري األطمسي في ليبيا والمطالبة برحيؿ معمر القذافي‪ .‬أما‬
‫ا‬
‫تميز بتأييد المطالب الشعبية وفي نفس الوقت عدـ‬
‫في اليمف والبحريف‪ ،‬كاف موقؼ تركيا مزدوجا‪ ،‬حيث ا‬
‫قطع الروابط مع النظاـ القائـ في كال البمديف‪ .‬ومع بداية الثورة في سوريا‪ ،‬طالبت تركيا نظاـ األسد‬
‫باإلصالح السياسي وعدـ قمع االحتجاجات‪ ،‬ثـ تجاوزت ذلؾ الحتضاف المعارضة السورية‪ ،‬وممارسة‬
‫الضغط النفسي عمى نظاـ األسد في مشيد أوحى بأف تركيا أصبحت طرفا في الصراع الداخمي السوري‪.9‬‬

‫إف قياـ الثورات الشعبية في العديد مف الدوؿ العربية منذ سنة ‪ ،3122‬وما أفرزتو مف تداعيات عمى‬
‫منطقة الشرؽ األوسط جعؿ الحكومة التركية تقوـ بمراجعات لسياستيا الخارجية في تعامميا مع الدوؿ التي‬
‫شيدت قياـ ىذه الثورات‪ .‬ومثمما كاف لو الفضؿ في رسـ معالـ السياسة التركية الجديدة‪ ،‬تولى أحمد داوود‬
‫أوغمو صياغة مراجعات لمسياسة التركية بعد الثورات العربية وفؽ األسس اآلتية;‬

‫‪ .1‬التوازن بين تعزيز القيم الديمقراطية والدفاع عن المصالح الوطنية‪:‬‬

‫فؤاد نيرا‪» ،‬السياسة اإلقميمية لتركيا واستراتيجية بناء العمؽ االستراتيجي‪ «،‬المستقبل العربي‪ ،‬عدد ‪ ،558‬ص ص‪.3127 ،212-211‬‬ ‫‪8‬‬

‫محمد نور الديف‪» ،‬تركيا بيف تحديات الداخؿ وتحوالت الخارج‪ «،‬المستقبل العربي‪ ،‬عدد ‪ ،49:‬ص‪.3122 ،226‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪073‬‬ ‫مجمة العموم السياسية والقانون‪-‬العدد‪ 00‬أفريل‪/‬نيسان‪- 2010‬المجمد‪ – 02‬تصدر عن المركز الديمقراطي العربي ألمانيا‪-‬برلين‬
‫د‪ .‬لقرع بن عمي‬ ‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬

‫دعا أحمد داوود أوغمو إلى جعؿ تركيا مف البمداف الحكيمة التي ال تكتفي بالدفاع عف مصالحيا‬
‫الوطنية‪ ،‬بؿ تتبع سياسة خارجية عمى أساس القيـ‪ .‬ويكوف ىذا بمنع الصراعات والوساطة وتسوية‬
‫النزاعات وتقديـ المساعدة اإلنمائية السيما في أوقات األزمات‪ .‬وليذا فيو يعتبر تركيا بمدا حكيما يجعؿ‬
‫منيا عضوا مسؤوال في المجتمع الدولي‪ ،‬مما يفرض عمييا تعزيز قدرتيا عمى رسـ مسار التطورات مف‬
‫حوليا مع المساىمة في حؿ القضايا اإلقميمية والدولية‪ .‬وفي ىذا السياؽ‪ ،‬دعا إلى الدفاع عف القيـ‬
‫العالمية لإلنسانية (حقوؽ اإلنساف‪ ،‬الديمقراطية‪ ،‬الحكـ الرشيد‪ ،‬الشفافية‪ ،‬وسيادة القانوف)‪ .‬وضرورة مد يد‬
‫العوف لمشعوب التي تنتفض لممطالبة بيذه القيـ‪ ،‬والدعوة إلى صوف حقوؽ األتراؾ في الخارج السيما بعد‬
‫تنامي خطاب الكراىية تجاه األجانب في بعض الدوؿ الغربية واألوربية‪.10‬‬

‫‪ .2‬استقاللية السياسة الخارجية التركية‪:‬‬


‫أشار أحمد داوود أوغمو أف تركيا تعاني مف تصور شائع بكوف القوى العالمية ىي التي تقرر السياسة‬
‫اإلقميمية وتركيا تؤدي األدوار المنوطة بيا فقط‪ .‬لذلؾ فتركيا بحاجة إلى التخمص مف ىذا اإلحساس‬
‫النفسي بالنقص الذي يسود بيف النخب السياسية وبيف شرائح واسعة في المجتمع التركي‪ .‬إف تركيا ىي‬
‫التي تقرر رؤيتيا‪ ،‬وتحدد أىدافيا‪ ،‬وتنفذ سياستيا الخارجية وفقا ألولوياتيا القومية بغض النظر عف‬
‫النجاح أو الفشؿ‪ .‬فتركيا ال تتمقى التعميمات مف القوى األخرى‪ ،‬وليست جزءا مف مخططاتيا‪ ،‬لكف في‬
‫المقابؿ قاـ أوغمو بالتذكير أف تركيا ستستمر في التنسيؽ مع سياسات شركائيا الغربييف حسبما تراه مناسبا‬
‫ودوف التأثير في عالقاتيا بدوؿ الجوار‪.11‬‬

‫‪ .3‬التوازن بين إدارة األزمات وادارة الرؤية‪:‬‬


‫جاء ىذا التوجو استجابة لظروؼ األزمة االقتصادية العالمية والثورات العربية في نفس الوقت‪ ،‬حيث‬
‫فعاؿ في الحراؾ السياسي العربي وفؽ دبموماسية متعددة األبعاد‪ .‬فعمى الصعيد‬
‫تدخمت تركيا ألداء دور ا‬
‫اإلقميمي تريد تركيا إقامة نظاـ إقميمي يقوـ عمى نظـ سياسية ديمقراطية وتمثيمية تعكس المطالب‬
‫المشروعة لمشعوب العربية‪ ،‬وتساعد عمى التكامؿ االقتصادي الحقيقي‪ .‬أما عمى الصعيد العالمي‪ ،‬فتطمح‬

‫أحمد داوود أوغمو‪» ،‬مبادئ السياسة الخارجية التركية وموقفيا السياسي اإلقميمي‪ «،‬مؤتمر السفراء السنوي الرابع‪ ،‬مركز البحوث اإلستراتيجية‪ ،‬أنقرة‪ ،‬ديسمبر‬ ‫‪10‬‬

‫‪ ،3122‬ص‪.6‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.8-7‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪074‬‬ ‫مجمة العموم السياسية والقانون‪-‬العدد‪ 00‬أفريل‪/‬نيسان‪- 2010‬المجمد‪ – 02‬تصدر عن المركز الديمقراطي العربي ألمانيا‪-‬برلين‬
‫د‪ .‬لقرع بن عمي‬ ‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬

‫تركيا إلى المساىمة في بناء نظاـ دولي جديد يقوـ عمى ثالثة أبعاد; نظـ سياسية تقوـ عمى الحوار‬
‫والتعددية‪ ،‬نظاـ اقتصادي يقوـ عمى العدؿ والمساواة‪ ،‬ونظاـ ثقافي يقوـ عمى أساس اإلدماج والتوافؽ‪.12‬‬

‫‪ .4‬التنسيق مع الشركاء اإلقميميين والدوليين‪:‬‬


‫يظير ىذا التنسيؽ في األزمة السورية‪ ،‬فمع مرور الوقت أدرؾ صانع القرار في تركيا أف األزمة في‬
‫سوريا طاؿ أمدىا وستفرز انعكاسات سمبية عمى األوضاع الداخمية في تركيا‪ .‬وبالتالي لـ يعد بإمكاف‬
‫تركيا تغيير الوضع في سوريا منفردة بؿ يجب التنسيؽ مع قوى إقميمية ودولية لمعالجة ىذه األزمة‪ .‬وفي‬
‫ىذا الشأف‪ ،‬أ اك ػد أحمد داوود أوغمو عمى عدـ قدرة فاعؿ واحد بمفرده في توفير األمف ومواجية بيئة أمنية‬
‫متغيرة بسرعة ومعقدة‪.13‬‬

‫‪ .5‬الدبموماسية اإلنسانية (السياسة الناعمة)‪:‬‬


‫في سنة ‪ 3124‬قاـ أحمد داوود أوغمو بمراجعة ثانية لمسياسة التركية داعيا إلى تبني الدبموماسية‬
‫اإلنسانية التي تقوـ عمى ثالثة أبعاد; األوؿ ىو إعطاء األولوية لمبعد المحمي مف أجؿ حؿ مشاكؿ‬
‫المواطنيف األتراؾ وتسييؿ سبؿ عيشيـ عبر إيجاد الفرص ليـ في الداخؿ والخارج‪ .‬ويركز البعد الثاني‬
‫عمى القياـ بأعماؿ اإلغاثة بسبب تأزـ األوضاع في سوريا والعراؽ وتدفؽ الالجئيف‪ ،‬وفي نفس الوقت‬
‫يجب تقديـ المساعدات اإلنسانية لدوؿ إفريقيا وآسيا الوسطى والبمقاف‪ ،‬باعتبارىا تمثؿ مناطؽ حيوية‬
‫لممصالح التركية‪ .‬ويتجمى البعد الثالث في العمؿ مع األمـ المتحدة والمنظمات الدولية األخرى‪ ،‬ومحاولة‬
‫التأثير في ق ارراتيا وحشد التأييد لمقضايا العادلة‪ ،‬إضافة إلى تسوية النزاعات‪.14‬‬

‫وىكذا تأتي الدبموماسية اإلنسانية كبعد أساسي لترسيخ دور تركيا في التصدي لألزمات اإلنسانية‬
‫السيما في المناطؽ المحيطة بيا‪ .‬وفي ىذا السياؽ‪ ،‬أشار التقرير العالمي لممساعدات اإلنسانية لعاـ‬
‫‪ 3124‬أف تركيا احتمت المرتبة الرابعة عالميا بعد الواليات المتحدة األمريكية ومؤسسات االتحاد األوربي‬
‫وبريطانيا في تقديـ المساعدات اإلنسانية بقيمة تجاوزت المميار دوالر‪.15‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.8‬‬ ‫‪12‬‬

‫عماد يوسؼ قدورة‪ » ،‬مسألة التغير في السياسة الخارجية التركية; المراجعات واالتجاىات‪ «،‬تحميل سياسات‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬الدوحة‪،‬‬ ‫‪13‬‬

‫ص ص‪.3126 ،5-4‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.8-7‬‬ ‫‪14‬‬

‫فؤاد نيرا‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.::‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪075‬‬ ‫مجمة العموم السياسية والقانون‪-‬العدد‪ 00‬أفريل‪/‬نيسان‪- 2010‬المجمد‪ – 02‬تصدر عن المركز الديمقراطي العربي ألمانيا‪-‬برلين‬
‫د‪ .‬لقرع بن عمي‬ ‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬

‫جسدت تركيا دبموماسيتيا اإلنسانية منذ بداية الثورات العربية‪ ،‬حيث عممت عمى استخداـ قوتيا‬
‫لقد ا‬
‫تعرضت لمقصؼ مف طرؼ‬
‫الناعمة مف خالؿ تقديـ المساعدات اإلنسانية إلى مناطؽ الشرؽ الميبي التي ا‬
‫القوات التابعة لمعمر القذافي‪ ،‬وعممت كذلؾ عمى نقؿ المصابيف والجرحى إلى تركيا‪ .‬كما ساىمت في حؿ‬
‫أزمة العمالة المصرية في ليب يا مف خالؿ المساعدة في ترحيؿ بعضيـ مف الموانئ الميبية إلى األراضي‬
‫المصرية‪ .‬وفي السياؽ نفسو‪ ،‬أرسمت تركيا تجييزات عمى الحدود المشتركة مع سوريا مف أجؿ إيواء‬
‫المواطنيف السورييف‪.16‬‬

‫‪-6‬إحياء دور تركيا‪:‬‬


‫عمى إثر تفاقـ األزمات اإلقميمية في المنطقة العربية السيما في سوريا والعراؽ وتمدد تنظيـ "داعش"‬
‫وتشكيؿ تحالؼ دولي لمحاربتو‪ ،‬أدى إلى تدفؽ كبير لالجئيف عمى تركيا‪ ،‬وظيرت مخاوؼ كبيرة لدى‬
‫قدـ أحمد داوود أوغمو‬
‫األتراؾ مف احتماؿ قياـ كياف كردي في شماؿ سوريا‪ .‬في ظؿ ىذه الظروؼ‪ ،‬ا‬
‫مراجعتو الثالثة لمسياسة الخارجية التركية سنة ‪ 3125‬تحت عنواف "استعادة تركيا"‪ .‬وقد راكػز عمى ثالثة‬
‫مرتكزات; األوؿ ىو ترسيخ الديمقراطية داخميا وحمايتيا‪ .‬ويتمثؿ المرتكز الثاني في ديناميكية االقتصاد‬
‫وانعكاس التنمية االقتصادية إيجابا عمى المجتمع مف خالؿ العدالة في توزيع الدخؿ‪ .‬أما المرتكز الثالث‬
‫فيو الدبموماسية النشطة التي تضمف الييبة واالحتراـ‪ ،‬ألف أفوؿ النشاط الدبموماسي يؤدي إلى ضياع ىيبة‬
‫الدولة‪ .‬فتركيا بتاريخيا وجغرافيتيا السياسية لدييا القدرة عمى لعب دور رئيسي إقميميا ودوليا‪ ،‬وبيذا‬
‫أصبحت الدبموماسية النشطة سمة أساسية لحزب العدالة والتنمية وفي نفس الوقت اكتسبت بعدا إنسانيا‬
‫واسعا وعدـ االقتصار عمى الجوار اإلقميمي‪.17‬‬

‫لقد مثمت المبادئ السابقة الذكر منطمقا أساسيا لمرؤية التركية في تعامميا مع الثورات العربية‪ ،‬والتي‬
‫تجسدت في احتراـ إرادة الشعوب العربية في التغيير والديمقراطية والحرية‪ .‬والدعوة إلى الحفاظ عمى‬
‫ا‬
‫استقرار الدوؿ وأمنيا‪ ،‬وضرورة أف يحصؿ التغيير سمميا‪ ،‬فاألمف والحرية ليس أحدىما بديال عف اآلخر‬
‫بؿ البد مف كمييما معا‪ .‬وقد رفضت تركيا في البداية التدخؿ العسكري األجنبي في الدوؿ العربية تجنبا‬
‫لتكرار مأساة العراؽ‪ ،‬وتجنبا لخطر االحتالؿ أو التقسيـ‪ .‬وتقديـ الدعـ لمتحوالت الداخمية بحسب الظروؼ‬

‫محمد عبد القادر‪» ،‬تحوالت السياسة الخارجية التركية في عيد حزب العدالة والتنمية‪ «،‬في; سمير العيطة وآخروف‪ ،‬محمد نور الديف (تقديـ)‪ ،‬العرب وتركيا‪:‬‬ ‫‪16‬‬

‫تحديات الحاضر ورهانات المستقبل‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬الدوحة‪ ،3123 ،‬ص‪.714‬‬
‫عماد يوسؼ قدورة‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ص‪.:-8‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪076‬‬ ‫مجمة العموم السياسية والقانون‪-‬العدد‪ 00‬أفريل‪/‬نيسان‪- 2010‬المجمد‪ – 02‬تصدر عن المركز الديمقراطي العربي ألمانيا‪-‬برلين‬
‫د‪ .‬لقرع بن عمي‬ ‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬

‫الخاصة بكؿ دولة مع رعاية المصالح الوطنية لتركيا‪ ،‬وفي مقدمتيا االستثمارات والمصالح االقتصادية‬
‫والحفاظ عمى أرواح الرعايا األتراؾ وممتمكاتيـ‪ .‬مف جية أخرى‪ ،‬نادت تركيا باالستناد إلى الشرعية الدولية‬
‫والتحرؾ في إطار القوانيف الدولية وق اررات األمـ المتحدة‪ .‬وكذلؾ عدـ توجيو السالح التركي ضد أي‬
‫شعب عربي مع االقتصار عمى المياـ اإلنسانية والقياـ بأعماؿ اإلغاثة‪ .‬وفي األخير‪ ،‬مراعاة خصوصية‬
‫كؿ دولة وظروفيا ووضعيا الداخمي وعالقاتيا الخارجية ومصالح تركيا المتشابكة معيا‪.18‬‬

‫إف ىذه المراجعات التي جاءت استجابة لما أفرزتو الثورات الشعبية في الوطف العربي‪ ،‬ال تعني‬
‫بالضرورة أف حكومة العدالة والتنمية في تركيا قامت بتغيير جذري لسياستيا الخارجية‪ .‬وانما حافظت عمى‬
‫المبادئ األساسية لسياستيا الخارجية الجديدة التي بدأتيا منذ بداية القرف الواحد والعشريف‪ ،‬وفي نفس‬
‫الوقت حاولت تكييفيا مع التحوالت الجيوسياسية التي تشيدىا المنطقة العربية بيدؼ تجنب انعكاساتيا‬
‫السمبية وتعزيز دور تركيا كدولة مركز‪.‬‬

‫وميما كانت طبيعة المراجعات عمى السياسة التركية‪ ،‬فإف تنامي القوة االقتصادية التركية وتنمية‬
‫الديمقراطية‪ ،‬والتوجو نحو النظاـ الرئاسي داخميا‪ ،‬يصب في تعزيز النفوذ التركي في المنطقة العربية‬
‫والمناطؽ األخرى المجاورة ليا‪ .‬ويبدو أف ىناؾ مشروعا إقميميا تعمؿ القيادة التركية عمى الوصوؿ إلى‬
‫تطبيقو مستقبال‪ ،‬حيث تكوف فيو الزعامة لتركيا‪ .‬ولتطبيؽ ىذا المشروع تريد القيادة التركية االعتماد عمى‬
‫ثالثة مداخؿ; مدخؿ ديمقراطي بتغيير األنظمة السياسية العربية المجاورة ليا وبناء أنظمة جديدة ليست‬
‫ليا نظرة عدائية تجاه تركيا‪ .‬والمدخؿ الثاني ىو المدخؿ االقتصادي‪ ،‬تحاوؿ مف خاللو تركيا إيجاد أسواؽ‬
‫لمنتجاتيا واستثماراتيا‪ ،‬وفي نفس الوقت الحصوؿ عمى موارد الطاقة مف الدوؿ العربية‪ .‬أما المدخؿ الثالث‬
‫فيو المدخؿ اإلنساني الذي يحمؿ أبعاد رمزية‪ ،‬حيث تعمؿ تركيا عمى تسويؽ نفسيا كدولة حامية لمشعوب‬
‫الضعيفة واليشة‪ ،‬والدفاع عف القضايا العادلة‪ ،‬ولتحقيؽ ىذا الغرض تستثمر إنسانيا في األزمات العربية‪.‬‬

‫‪-‬مخرجات الثورات العربية بالنسبة لمسياسة التركية‪ :‬فرصة أم أزمة؟‬

‫تعددت اآلراء والمواقؼ حوؿ السموؾ الذي انتيجتو تركيا تجاه الثورات الشعبية في المنطقة العربية‪،‬‬
‫فيناؾ مف يرى أف تركيا أرادت استغالؿ موجة األحداث التي تعيشيا المنطقة العربية مف أجؿ نشر‬

‫محمد عبد القادر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.699‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪077‬‬ ‫مجمة العموم السياسية والقانون‪-‬العدد‪ 00‬أفريل‪/‬نيسان‪- 2010‬المجمد‪ – 02‬تصدر عن المركز الديمقراطي العربي ألمانيا‪-‬برلين‬
‫د‪ .‬لقرع بن عمي‬ ‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬

‫تعبر عف‬
‫التجربة التركية في اإلقميـ العربي‪ .‬وىناؾ رأي آخر مفاده أف السياسة التركية تجاه ىذه األحداث ا‬
‫أزمة في السياسة الخارجية التركية‪.‬‬

‫‪ .1‬الثورات العربية فرصة لتسويق النموذج التركي‪:‬‬


‫مثمت الثورات العربية فرصة لحزب العدالة والتنمية لتسويؽ النموذج التركي وترويج التجربة التركية‬
‫القائمة عمى التعايش بيف اإلسالـ والديمقراطية والعممانية‪ .‬وليذا ساندت حكومة العدالة والتنمية منذ البداية‬
‫المطالب الديمقراطية في معظـ دوؿ الثورات العربية‪ ،‬وبذلؾ شيد الدور اإلقميمي التركي صعودا مرحميا‬
‫بعد نجاح الثورتيف التونسية والمصرية وشاركت بنشاط في العمؿ الدبموماسي اإلصالحي بعد اندالع الثورة‬
‫في سوريا‪ .‬وفي تمؾ المحظة بدا لمنخبة الحاكمة في تركيا أف الفرصة أصبحت مواتية ليا لتعميـ تجربة‬
‫حزب العدالة والتنمية في البالد العربية عمى مستوى التغيير الديمقراطي والتنمية االقتصادية‪ .‬وتزايد ىذا‬
‫الطموح أكثر بعد وصوؿ اإلسالمييف إلى الحكـ في تونس ومصر‪ .19‬ففي تونس فازت حركة النيضة‬
‫بانتخابات المجمس التأسيسي وأعمف عدد مف قياداتيا تأثرىـ بالنموذج التركي كرسالة لطمأنة القوى‬
‫السياسية األخرى‪ ،‬والتأكيد عمى أف ممارسة الحكـ في تونس ستتـ ضمف األطر الديمقراطية واإلجماع‬
‫السياسي الوطني‪.20‬‬

‫ولعؿ ىناؾ مجموعة مف العوامؿ التي تعزز مقولة ترويج النموذج التركي بعد الثورات العربية‪ ،‬وأىميا‬
‫األسموب الذي اعتمده حزب العدالة والتنمية في إدارة الشؤوف الداخمية لتركيا وتحديد السياسات‬
‫واالستراتيجيات اإلقميمية والدولية‪ .‬وقد نجح في تحقيؽ الكثير مف األىداؼ التنموية واإلصالحية في‬
‫المجاالت االقتصادية والسياسية‪ .‬إضافة إلى نجاح حكومة العدالة والتنمية في إبعاد المؤسسة العسكرية‬
‫عف الحياة السياسية في تركيا‪ ،‬إضافة إلى اإلصالحات السياسية التي أنجزت في الواقع وساىمت في‬
‫تعزيز التجربة الديمقراطية في المجتمع التركي الذي يتميز بتركيبة ثقافية ودينية وتاريخية تقترب مف‬
‫تركيبة المجتمعات العربية واإلسالمية‪.21‬‬

‫أحمد سعيد نوفؿ وآخروف‪» ،‬أزمة السياسة الخارجية التركية وانعكاسيا عمى العالقات العربية التركية ودور تركيا اإلقميمي« مركز دراسات الشرؽ األوسط‪ ،‬األردف‪،‬‬ ‫‪19‬‬

‫عدد‪ ،23‬ص‪.3127 ،7‬‬


‫فؤاد نيرا‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.214‬‬ ‫‪20‬‬

‫سمير صالحة‪ » ،‬األىداؼ والمصالح التركية في النظاـ العربي‪ «،‬في; مجموعة مف المؤلفيف‪ ،‬التداعيات الجيواستراتيجية لمثورات العربية‪ ،‬المركز العربي‬ ‫‪21‬‬

‫لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬الدوحة‪ ،3125 ،‬ص ص‪.452-451‬‬

‫‪078‬‬ ‫مجمة العموم السياسية والقانون‪-‬العدد‪ 00‬أفريل‪/‬نيسان‪- 2010‬المجمد‪ – 02‬تصدر عن المركز الديمقراطي العربي ألمانيا‪-‬برلين‬
‫د‪ .‬لقرع بن عمي‬ ‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬

‫لقد وجد تسويؽ النموذج التركي في العالـ اإلسالمي والعربي دعما أمريكيا‪ ،‬السيما أف تركيا تعد دولة‬
‫إسالمية تجمعيا الكثير مف القواسـ المشتركة مع باقي الدوؿ اإلسالمية والعربية‪ .‬وقد نجحت تركيا في‬
‫تبني النموذج الغربي والتفاعؿ معو بشكؿ ايجابي مما يدعـ إمكانية نجاحو في الدوؿ العربية‬
‫واإلسالمية‪ .22‬فالواليات المتحدة األمريكية عممت منذ عيد جورج بوش االبف عمى دعـ حزب العدالة‬
‫والتنمية الذي وصؿ لمسمطة س أواخر ‪ ،3113‬وتقديمو كنموذج حداثي يمكف تسويقو داخؿ المنطقة‬
‫العربية وبديؿ لألنظمة المستبدة ولمجماعات المتشددة‪.23‬‬

‫إف التدخالت اإلقميمية والدولية في سوريا والعراؽ واليمف وليبيا ثـ نجاح الثورة المضادة في مصر مع‬
‫منتصؼ سنة ‪ ،3124‬ىي التي ساىمت في تغيير المشيد السياسي العربي مف مالمح التوجو نحو‬
‫ال تغيير الديمقراطي والتنمية واالستقرار إلى مسار الحروب األىمية والنزاع الداخمي والتدمير الذاتي‪ ،‬وىذا‬
‫بدوره أثر سمبا عمى السياسة الخارجية التركية وطموحاتيا في المنطقة العربية‪ .24‬وتأثر أكثر مع المحاولة‬
‫االنقالبية الفاشمة التي وقعت في جويمية ‪ ،3127‬وما نتج عنيا مف تأزـ لمعالقات التركية األمريكية مقابؿ‬
‫التقارب التركي مع روسيا‪ ،‬في مشيد يوحي أف تركيا لـ تعد تحظى بثقة الواليات المتحدة األمريكية لتمعب‬
‫دو ار قياديا في منطقة الشرؽ األوسط‪.‬‬

‫‪ .2‬الثورة المضادة في مصر واألزمة السورية‪ :‬التأزم الدبموماسي لتركيا والتراجع عن تصفير المشكالت‬
‫مع مرور السنوات تحولت الثورات العربية إلى ثورة مضادة بعد االنقالب عمييا‪ ،‬وفي نفس الوقت‬
‫تحولت مف فرصة متاحة لتركيا إلى مصدر أزمة لمدبموماسية التركية‪ .‬فبعد أف دعمت تركيا مسارات‬
‫الثورات العربية بعد نجاحيا في تونس ومصر‪ ،‬أصبحت تركيا مرشحة لتكوف نواة لنظاـ إقميمي جديد في‬
‫الشرؽ األوسط تتقدمو الحركات اإلسالمية القادمة عبر االنتخابات‪ .‬لكف وقوع الثورة المضادة في مصر‬
‫واإلطاحة بالرئيس محمد مرسي في بداية شير جويمية ‪ 3124‬أخمط كثي ار مف األوراؽ في المنطقة‪ ،‬مما‬
‫جعؿ الحكومة التركية ترفض ذلؾ معتبرة إياه انقالبا‪ .‬ونتيجة لذلؾ‪ ،‬توترت العالقات التركية المصرية‬
‫وحدث فتور في العالقات التركية – الخميجية وصؿ إلى حد القطيعة بيف تركيا واإلمارات العربية المتحدة‬
‫عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬حيث انخفض حجـ التبادؿ التجاري بيف كؿ مف تركيا ومصر مف ‪ 6‬مميار دوالر في‬

‫فارس تركي محمود‪ » ،‬المحدد األمريكي في السياسة التركية تجاه المنطقة العربية‪ «،‬دراسات إقميمية‪ ،‬عدد ‪ ،41‬ص‪.3124 ،362‬‬ ‫‪22‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.366‬‬ ‫‪23‬‬

‫أحمد سعيد نوفؿ وآخروف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.8‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪081‬‬ ‫مجمة العموم السياسية والقانون‪-‬العدد‪ 00‬أفريل‪/‬نيسان‪- 2010‬المجمد‪ – 02‬تصدر عن المركز الديمقراطي العربي ألمانيا‪-‬برلين‬
‫د‪ .‬لقرع بن عمي‬ ‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬

‫عاـ ‪ 3123‬إلى ‪ 5.4‬مميار دوالر في عاـ ‪ ،3126‬وفي نفس الفترة انخفض مف ‪ 22.9‬مميار دوالر إلى‬
‫‪ 7.8‬مميار دوالر بيف تركيا ودولة اإلمارات‪.25‬‬

‫بدأت بوادر التأزـ الدبموماسي التركي مع دوؿ الجوار تظير منذ اإلطاحة بالرئيس محمد مرسي‬
‫في مصر مف طرؼ المؤسسة العسكرية استجابة لمميونية ‪ 41‬جواف ‪ .3124‬فالموقؼ التركي المناىض‬
‫لمحكـ المصري الجديد بعد ‪ 4‬جويمية ‪ ،3124‬وقع في فخ االنقساـ السياسي في الداخؿ المصري بيف‬
‫حركة اإلخواف المسمميف وأنصارىا وبيف معارضييا‪ .‬ونتيجة لذلؾ واجيت حكومة العدالة والتنمية في تركيا‬
‫عداءا مف طرؼ الحكـ العسكري في مصر الذي بذؿ جيده إلضعاؼ النفوذ التركي‪ ،‬وفي نفس الوقت‬
‫واجو عداءا مف طرؼ الرأي العاـ المصري المناىض لإلخواف المسمميف‪ ،‬كما أف الحمفاء اإلقميمييف لمحكـ‬
‫العسكري في مصر ابدوا غضبيـ مف الموقؼ التركي والمقصود ىنا دوؿ مجمس التعاوف الخميجي‬
‫باستثناء قطر‪.26‬‬

‫تعد األزمة السورية حالة واضحة لمتأزـ الدبموماسي الناتج عف تعامؿ الحكومة التركية مع تطورات‬
‫األوضاع الداخمية في سوريا‪ .‬فبعد فشؿ الدبموماسية التركية في إقناع نظاـ بشار األسد بإحداث‬
‫إصالحات سياسية المتصاص الغضب الشعبي المتزايد ألكثر مف ستة أشير بعد بداية الثورة السورية‪،‬‬
‫قامت تركيا باستقباؿ قوى المعارضة السورية وقدمت ليا تسييالت مختمفة سياسيا وأمنيا وعسكريا‬
‫تطور الموقؼ التركي بعد ذلؾ ليصؿ إلى حد مطالبة بشار األسد بالتنحي عف السمطة باعتباره‬
‫واعالميا‪ .‬ا‬
‫جزءا مف المشكمة وليس جزءا مف الحؿ‪ .‬وقد اصطدـ ىذا الموقؼ التركي مع المصالح اإليرانية والروسية‬
‫الداعمة لنظاـ األسد‪ ،‬مما أدى إلى تعقيد األزمة السورية وتحوليا إلى صراع مسمح داخمي‪.27‬‬

‫لقد انعكست مواقؼ تركيا المتعمقة باألزمة السورية سمبا عمى أدائيا الدبموماسي‪ ،‬حيث توترت العالقات‬
‫التركية مع األطراؼ الفاعمة في األزمة السورية (نظاـ األسد‪ ،‬إيراف‪ ،‬روسيا)‪ ،‬ونتيجة لذلؾ تراجع الدور‬
‫اإلقميمي لتركيا‪ .‬مف جية أخرى‪ ،‬أدى استعصاء الحؿ في سوريا إلى انعكاسات سمبية عمى األمف الداخمي‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.23-22‬‬ ‫‪25‬‬

‫فؤاد نيرا‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.215‬‬ ‫‪26‬‬

‫أحمد سعيد نوفؿ وآخروف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.25‬‬ ‫‪27‬‬

‫‪080‬‬ ‫مجمة العموم السياسية والقانون‪-‬العدد‪ 00‬أفريل‪/‬نيسان‪- 2010‬المجمد‪ – 02‬تصدر عن المركز الديمقراطي العربي ألمانيا‪-‬برلين‬
‫د‪ .‬لقرع بن عمي‬ ‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬

‫التركي‪ ،‬وخاصة ما يتعمؽ منو بنشاط تنظيـ "داعش"‪ ،‬وحزب العماؿ الكردستاني‪ ،‬إضافة إلى التنظيمات‬
‫الكردية في سوريا‪.28‬‬

‫عالوة عمى ذلؾ‪ ،‬أفض ت السياسة التركية تجاه األزمة السورية إلى كسر العالقات اإلستراتيجية بيف‬
‫البمديف وبموغ نقطة الالعودة لكمييما‪ .‬وقد أدت ىذه السياسة إلى نياية سياسة تصفير المشكالت والعمؽ‬
‫االستراتيجي لتركيا والتحوؿ نحو سياسة تصفير الثقة مع دوؿ الجوار السيما مع سوريا والدوؿ الحميفة ليا‪.‬‬
‫ويبدو أف القيادة التركية كانت تراىف مف خالؿ تطورات األوضاع عمى تغيير سريع لمنظاـ الحاكـ في‬
‫سوريا عمى غرار ما حدث في تونس ومصر‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يسيؿ ضرب المحور السوري – اإليراني –‬
‫العراقي – المبناني (حزب اهلل) مف خاصرتو السورية بما يفتح المجاؿ واسعا أماـ الييمنة التركية عمى‬
‫منطقة الشرؽ األوسط‪ .‬وباعتبار أف ىذا األمر لـ يحدث‪ ،‬فقد طغى االرتباؾ عمى السياسة التركية تجاه‬
‫األزمة السورية بيف منح األسد الوقت لتحقيؽ اإلصالح‪ ،‬وفي نفس الوقت إتباع لغة التصعيد انسجاما مع‬
‫السياسات الغربية والخميجية تجاه نظاـ األسد‪.29‬‬

‫لقد ظمت الدبموماسية التركية في تعامميا مع األزمة السورية أسيرة مبدأ "الدفاع عف شعب يذبح‬
‫ومحاسبة المجرميف"‪ ،‬وىي دبموماسية التدخؿ اإلنساني التي انتيجتيا الدوؿ الغربية‪ ،‬لكف مف دوف أف‬
‫تتمتع تركيا بقدرات تمؾ الدوؿ وال بدعميا عمى األرض‪ .‬ونتيجة لذلؾ وجدت تركيا نفسيا طرفا في األزمة‬
‫السورية التي أخذت أبعادا معقدة في شكؿ حرب استنزاؼ طويمة المدى أفرزت أثريف جانبييف لمنزاع‬
‫المسمح داخؿ سوريا‪ ،‬وىما; انتشار الميميشيات الكردية المتشددة والداعمة لحزب العماؿ الكردستاني إضافة‬
‫إلى الدعـ الذي تتمقاه مف القوى الدولية الكبرى‪ ،‬ومف جية أخرى تنامي تنظيـ الدولة اإلسالمية في العراؽ‬
‫والشاـ (داعش) الذي جعؿ المعارضة السورية تحارب عمى جبيتيف‪ .‬وبحموؿ سنة ‪ 3126‬وجدت حكومة‬
‫العدالة والتنمية نفسيا تواجو معارضة داخمية متشددة لسياستيا الخارجية السيما مف طرؼ حزب الشعب‬
‫الجميوري‪ ،‬وحزب األمة القومي‪ ،‬وحزب الشعوب الديمقراطي حيث انتقدت تدخؿ الحكومة التركية في‬
‫النزاعات الداخمية لمدوؿ العربية ووقوفيا إلى جانب المعارضات‪.30‬‬

‫‪ .3‬العودة إلى تصفير المشكالت‪:‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.25‬‬ ‫‪28‬‬

‫حمد نور الديف‪» ،‬تركيا وسورية; مف تصفير المشكالت إلى تصفير الثقة‪ «،‬المستقبل العربي‪ ،‬عدد ‪ ،4:3‬ص ص‪.3122 ،43-42‬‬ ‫‪29‬‬

‫فؤاد نيرا‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ص‪.219-218‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪081‬‬ ‫مجمة العموم السياسية والقانون‪-‬العدد‪ 00‬أفريل‪/‬نيسان‪- 2010‬المجمد‪ – 02‬تصدر عن المركز الديمقراطي العربي ألمانيا‪-‬برلين‬
‫د‪ .‬لقرع بن عمي‬ ‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬

‫شيدت سنة ‪ 3127‬تحوالت جديدة في السياسة الخارجية التركية تميزت بتقديـ االعتذار التركي لروسيا‬
‫عف إسقاط طائرتيا‪ ،‬وتبادؿ الزيارات مع إيراف لتطوير حجـ التبادؿ التجاري معيا إلى مستوى ‪ 41‬مميار‬
‫دوالر سنويا‪ ،‬والتوسع في اتفاقيات التعاوف االقتصادي مع السعودية ألكثر مف ‪ 236‬اتفاقية‪ ،‬وابداء مرونة‬
‫نسبية إزاء حؿ األزمة السورية بالتزامف مع التدخؿ عسكريا ودعـ قوات المعارضة المسمحة لمواجية تمدد‬
‫األكراد وتنظيـ "داعش" عمى الحدود التركية السورية‪ ،‬إضافة إلى التعيدات األمنية التي قدمتيا تركيا‬
‫إلسرائيؿ بمنع حركة حماس الفمسطينية مف النشاط العسكري عبر األراضي التركية‪ ،‬وتراجعيا عف شرط‬
‫فؾ حصار غزة كجزء مف صفقة تطبيع العالقات مع إسرائيؿ‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فيذه المستجدات تعد مؤشرات‬
‫ميمة عمى تحوالت جديدة في السياسة التركية تندرج في إطار إعادة تحسيف العالقات التركية مع إيراف‬
‫وسوريا والعراؽ‪ ،‬ويمكف أف يمتد تحسيف العالقات إلى مصر‪.31‬‬

‫وىكذا‪ ،‬يظير أف القيادة التركية قامت بمراجعة جديدة لسياستيا الخارجية عمى ضوء تطورات المشيد‬
‫الذي يسود المنطقة العربية والسيما األزمة السورية‪.‬‬

‫‪-‬األزمات العربية وثنائية الدور في السياسة التركية‪ :‬دور الوساطة ودور الموازن‬

‫لقد اتجيت تركيا إلى اعتماد إستراتيجية خاصة بيا في منطقة الشرؽ األوسط ال يكوف فييا بالضرورة‬
‫ارتباط عضوي وكمي مع الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وفي نفس الوقت ال يكوف فييا مواجية أو عداء‬
‫ألمريكا‪ .‬وليذا‪ ،‬فإف أحمد داوود أوغمو الذي يعد المنظر االستراتيجي لمسياسة التركية الجديدة نجده واعيا‬
‫بأىمية تركيا اإلستراتيجية بالنسبة لمواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬حيث عمؿ عمى الربط بيف مصالح تركيا‬
‫الوطنية وتحقيؽ المصالح األمريكية في قوس جغرافي كبير‪ ،‬ممتد بيف آسيا الوسطى والقوقاز والشرؽ‬
‫األوسط‪.32‬‬

‫‪ .1‬دور الوساطة‪:‬‬
‫مف خالؿ توقيع وثيقة سميت "رؤية مشتركة بيف الواليات المتحدة وتركيا"‪ ،‬اعترفت الواليات المتحدة‬
‫األمريكية بالدور التركي كوسيط رئيسي في منطقة الشرؽ األوسط‪ ،‬عمى اعتبار أف حرية وصوؿ تركيا‬

‫أحمد سعيد نوفؿ وآخروف‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ص‪.27-26‬‬ ‫‪31‬‬

‫سالـ الربضي‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ص‪.228-227‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪082‬‬ ‫مجمة العموم السياسية والقانون‪-‬العدد‪ 00‬أفريل‪/‬نيسان‪- 2010‬المجمد‪ – 02‬تصدر عن المركز الديمقراطي العربي ألمانيا‪-‬برلين‬
‫د‪ .‬لقرع بن عمي‬ ‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬

‫إلى جميع األطراؼ يمكف أف يكوف مفيدا في أوقات األزمات‪ .‬وىو دور مفضؿ لدى اإلدارة األمريكية بدؿ‬
‫التدخؿ الروسي أو الصيني أو حتى األوربي‪.33‬‬

‫أثناء األشير األولى مف الثورات العربية حاولت القيادة التركية توظيؼ الرصيد السياسي والشعبي الذي‬
‫اكتسبتو خالؿ السنوات التي سبقت الثورات‪ ،‬مف خالؿ محاولة التوسط في األزمة الميبية بيف نظاـ القذافي‬
‫والمجمس الوطني االنتقالي‪ ،‬كما عرضت وساطتيا في البحريف أيضا وطرحت مبادرة لمحوار بيف الحكومة‬
‫والمعارضة‪.34‬‬

‫إف األطراؼ اإلقميمية والدولية ىي بحاجة ماسة إلى الدور التركي الوسيط‪ ،‬ميما اتخذت تركيا مف‬
‫مواقؼ تبدو في بعض الحاالت منحازة لطرؼ عمى حساب طرؼ آخر‪ ،‬حيث لـ تتمكف أي دولة أخرى‬
‫في الشرؽ األوسط امتالؾ مواصفات الدور الوسيط الذي انفردت بو تركيا منذ وصوؿ حزب العدالة‬
‫والتنمية إلى الحكـ‪ .‬وفي ىذا السياؽ‪ ،‬تأتي إشادة الرئيس األمريكي السابؽ باراؾ أوباما بالدور القيادي‬
‫الذي يقوـ بو رجب طيب أردوغاف في الشرؽ األوسط‪.‬‬

‫لقد أكسبت سياسة الوساطة تركيا مزايا عديدة‪ ،‬عمى الرغـ مف أف الحكومة التركية لـ تعط اىتماما كبي ار‬
‫لألسباب التي أدت إلى فشؿ مساعي الوساطة في العديد مف الصراعات‪ .‬لذا يبدو أف تركيا ستواصؿ‬
‫مبادرات الوساطة‪ ،‬وستواصؿ حركتيا النشطة عمى مسرح عمميات الشرؽ األوسط‪ ،‬والسيما عمى المستوى‬
‫الداخمي في الدوؿ العربية التي شيدت ثورات شعبية‪ .‬وقد سبؽ أف أشار أحمد داووا وغمو في ىذا الصدد‬
‫أف االختبار ليس بالضرورة الوصوؿ إلى سالـ ايجابي لكف يمكف اعتبار الوصوؿ إلى وضع يغيب فيو‬
‫الصراع انجا از‪.35‬‬

‫‪ .2‬دور الموازن‪:‬‬
‫تقوـ تركيا بدور الموازف اإلقميمي والدولي بكيفية مركبة سواء بشكؿ طبيعي أو بشكؿ قصدي استجابة‬
‫لما تطمبو السياسات األخرى‪ .‬وىناؾ تداخؿ بيف األبعاد الموضوعية والقصدية ليذا الدور‪ ،‬وفي نفس‬
‫الوقت تداخؿ بيف ما تريده تركيا لنفسيا وما يريده اآلخروف منيا‪ .‬وىنا قد تؤدي تركيا دور الموازف كجزء‬

‫عبير الغندور‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص ص‪.229-228‬‬ ‫‪33‬‬

‫حمد عبد القادر‪ ،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.714‬‬ ‫‪34‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ص‪.722-721‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪083‬‬ ‫مجمة العموم السياسية والقانون‪-‬العدد‪ 00‬أفريل‪/‬نيسان‪- 2010‬المجمد‪ – 02‬تصدر عن المركز الديمقراطي العربي ألمانيا‪-‬برلين‬
‫د‪ .‬لقرع بن عمي‬ ‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬

‫مف سياسات المكانة‪ ،‬وسياسات األمف القومي‪ ،‬والتحالؼ اإلقميمي واحتواء مصادر التيديد وتعظيـ‬
‫المكاسب مف األطراؼ المتصارعة‪.36‬‬

‫يظير دور الموازف اإلقميمي الذي تمارسو تركيا في الساحة العراقية بيف مكونات الداخؿ العراقي‬
‫بامتداداتيا اإلقميمية‪ ،‬فيي توازف العرب السنة أماـ العرب الشيعة‪ ،‬والتركماف أماـ األكراد‪ ،‬وعرب العراؽ‬
‫أماـ أكراده‪ .‬كما توازف بيف األطراؼ السنية المتنافسة واإلدارة األمريكية‪ ،‬وىي توازف بالنسبة إلى الدولة‬
‫العراقية دور إيراف ودوؿ أخرى داخؿ العراؽ‪ .37‬وبعد االنسحاب األمريكي مف العراؽ‪ ،‬اكتشفت الواليات‬
‫المتحدة األمريكية أف حكومة العراؽ ليست لدييا القدرة عمى حفظ األمف في البالد‪ .‬وليذا برزت في أوساط‬
‫صنع القرار داخؿ اإلدارة األمريكية في عيد باراؾ أوباما فكرة إعادة التنسيؽ مع تركيا‪ ،‬واعطائيا دو ار‬
‫أمنيا في العراؽ تقوـ مف خالؿ بإحداث التوازف مع الدور اإليراني القوي في الداخؿ العراقي‪.38‬‬

‫وعالوة عمى ما سبؽ ذكره‪ ،‬أصبح دور الموازف اإلقميمي ظاى ار في األزمة السورية كذلؾ‪ ،‬فتركيا توازف‬
‫قوى المعارضة السورية في مواجية النظاـ السوري‪ ،‬وىي بذلؾ توازف دور إيراف الداعـ لنظاـ األسد‪ .‬وفي‬
‫نفس الوقت تحاوؿ تركيا أف توازف بيف الدوريف الروسي واألمريكي في األزمة السورية‪ ،‬حيث كشفت‬
‫األحداث أف كال مف روسيا والواليات المتحدة يعمالف عمى استمالة الدور التركي إلييما داخؿ سوريا‪.‬‬
‫وحدث نفس األمر تقريبا بالنسبة لألزمة اليمنية‪ ،‬حيث بدت تركيا مف خالؿ دعميا لمتدخؿ السعودي أف‬
‫تمعب دور الموازف تجاه إيراف التي تدعـ الحوثييف‪.‬‬

‫إف ثنائية الدور في السياسة الخارجية التركية مف حيث لعب دور الوساطة في بعض الحاالت ولعب‬
‫دور الموازف في حاالت أخرى‪ ،‬مكانت تركيا مف المشاركة مع القوى اإلقميمية والدولية في مناطؽ النفوذ‬
‫السيما في سوريا والعراؽ‪ .‬وفي نفس الوقت‪ ،‬أتاح ليا ىذا الدور المزدوج إمكانية منافسة القوى األخرى‬
‫(إيراف‪ ،‬وروسيا) عمى المصالح الحيوية في الشرؽ األوسط‪ ،‬وخاصة المصالح االقتصادية والمصالح‬
‫المرتبطة بالطاقة (النفط والغاز)‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬

‫عقيؿ سعيد محفوض‪ ،‬السياسة الخارجية التركية‪ :‬االستمرارية‪ ،‬التغيير‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬الدوحة‪ ،3123 ،‬ص ص‪234-233‬‬ ‫‪36‬‬

‫المرجع نفسو‪ ،‬ص‪.237‬‬ ‫‪37‬‬

‫محمد نور الديف‪" ،‬تركيا ‪ ...‬إلى أيف؟ دور وتحديات‪ "،‬مرجع سابؽ‪ ،‬ص‪.63‬‬ ‫‪38‬‬

‫‪084‬‬ ‫مجمة العموم السياسية والقانون‪-‬العدد‪ 00‬أفريل‪/‬نيسان‪- 2010‬المجمد‪ – 02‬تصدر عن المركز الديمقراطي العربي ألمانيا‪-‬برلين‬
‫د‪ .‬لقرع بن عمي‬ ‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬

‫لقد أحدثت الثورات العربية زلزاال سياسيا في منطقة الشرؽ األوسط بحكـ عامؿ المفاجأة الذي‬
‫تميزت بو وسرعة انتشارىا مف بمد إلى آخر‪ ،‬مما جعؿ القوى الدولية واإلقميمية في وضع صعب ومطالبة‬
‫برسـ سياسات تستجيب إلف ارزات ىذه الثورات‪ .‬وفي ىذا السياؽ‪ ،‬ظير أف حكومة العدالة والتنمية في تركيا‬
‫أرادت االستثمار في ىذه الثورات الشعبية إلحداث تغييرات تتناسب مع اإلستراتيجية التركية ورؤيتيا لمشرؽ‬
‫األوسط‪ .‬لكف االنحراؼ الذي أخذه الحراؾ السياسي العربي منذ التدخؿ العسكري لمحمؼ األطمسي في ليبيا‬
‫ثـ عسكرة الثورة السورية انعكس سمبا عمى السياسة التركية التي أصبحت أكثر تدخمية في شؤوف الداخؿ‬
‫العربي إلى درجة الظيور في بعض الحاالت كطرؼ في الصراع‪.‬‬

‫ليذا‪ ،‬وجدت الحكومة التركية نفسيا مجبرة عمى إحداث مراجعات في سياستيا الخارجية دوف تغييرىا‬
‫جذريا باالعتماد عمى أفكار منظارىا أحمد داوود أوغمو‪ .‬فبعد أف كانت الثورات العربية تمثؿ فرصة لتسويؽ‬
‫تحولت فيما بعد إلى مأزؽ لمسياسة التركية والسيما األزمة السورية‬
‫النموذج السياسي واالقتصادي التركي ا‬
‫التي ألقت بظالليا عمى الداخؿ التركي‪ .‬وىنا تعددت أدوار السياسة التركية مف حيث الوساطة بيف القوى‬
‫المتصارعة أحيانا‪ ،‬والموازنة بيف األطراؼ المتنافسة أحيانا أخرى‪.‬‬

‫المراجع;‬

‫الكتب‪:‬‬
‫‪ -‬داوود أوغمو أحمد‪ ،‬العمق االستراتيجي‪ :‬موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية‪ ،‬ترجمة; محمد جابر ثمجي وطارؽ‬
‫عبد الجميؿ‪ ،‬الدار العربية لمعموـ ناشروف‪ ،‬بيروت‪.3122 ،‬‬
‫‪ -‬سعيد محفوض عقيؿ‪ ،‬السياسة الخارجية التركية‪ :‬االستمرارية‪ ،‬التغيير‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪،‬‬
‫الدوحة‪.3123 ،‬‬
‫‪ -‬العيطة سمير وآخروف‪ ،‬محمد نور الديف (تقديـ)‪ ،‬العرب وتركيا‪ :‬تحديات الحاضر ورهانات المستقبل‪ ،‬المركز العربي‬
‫لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬الدوحة‪.3123 ،‬‬
‫‪ -‬مجموعة مف المؤلفيف‪ ،‬التداعيات الجيواستراتيجية لمثورات العربية‪ ،‬المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪،‬‬
‫الدوحة‪.3125 ،‬‬

‫الدوريات‪:‬‬
‫‪ -‬تركي محمود فارس‪» ،‬المحدد األمريكي في السياسة التركية تجاه المنطقة العربية‪ «،‬دراسات إقميمية‪ ،‬عدد ‪،41‬‬
‫‪.3124‬‬

‫‪085‬‬ ‫مجمة العموم السياسية والقانون‪-‬العدد‪ 00‬أفريل‪/‬نيسان‪- 2010‬المجمد‪ – 02‬تصدر عن المركز الديمقراطي العربي ألمانيا‪-‬برلين‬
‫د‪ .‬لقرع بن عمي‬ ‫السياسة الخارجية التركية والثورات العربية‪ :‬المراجعات‪ ،‬المخرجات‪ ،‬األدوار‬

‫‪ -‬الربضي سالـ‪» ،‬التآكؿ في العالقات التركية ‪ -‬اإلسرائيمية واستبعاد التغير االستراتيجي‪ «،‬المجمة العربية لمعموم‬
‫السياسية‪ ،‬عدد ‪ ،41‬ص‪.3122 ،226‬‬
‫‪ -‬الغندور عبير‪» ،‬بدائؿ التوجو السياسي التركي المعاصر‪ «،‬المجمة العربية لمعموم السياسية‪ ،‬عدد ‪ ،44‬ص‪،21:‬‬
‫‪.3123‬‬
‫‪ -‬ني ار فؤاد‪» ،‬السياسة اإلقميمية لتركيا واستراتيجية بناء العمؽ االستراتيجي‪ «،‬المستقبل العربي‪ ،‬عدد ‪.3127 ،558‬‬
‫‪ -‬نور الديف محمد‪» ،‬تركيا ‪ ...‬إلى أيف؟ دور وتحديات‪ «،‬المستقبل العربي‪ ،‬عدد ‪.311: ،475‬‬
‫‪ -‬ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ‪» ،‬تركيا بيف تحديات الداخؿ وتحوالت الخارج‪ «،‬المستقبل العربي‪ ،‬عدد ‪.3122 ،49:‬‬
‫‪ -‬ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ‪» ،‬تركيا وسورية; مف تصفير المشكالت إلى تصفير الثقة‪ «،‬المستقبل العربي‪ ،‬عدد ‪.3122 ،4:3‬‬

‫الدراسات البحثية‪:‬‬
‫‪ -‬داوود أوغمو أحمد‪» ،‬مبادئ السياسة الخارجية التركية وموقفيا السياسي اإلقميمي‪ «،‬مؤتمر السفراء السنوي الرابع‪ ،‬مركز‬
‫البحوث اإلستراتيجية‪ ،‬أنقرة‪ ،‬ديسمبر ‪ ،3122‬ص‪.6‬‬
‫‪ -‬قدورة عماد يوسؼ‪» ،‬مسألة التغير في السياسة الخارجية التركية; المراجعات واالتجاىات‪ «،‬تحميل سياسات‪ ،‬المركز‬
‫العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬الدوحة‪ ،‬ص ص‪.3126 ،5-4‬‬
‫‪ -‬نوفؿ أحمد سعيد وآخروف‪ » ،‬أزمة السياسة الخارجية التركية وانعكاسيا عمى العالقات العربية التركية ودور تركيا‬
‫اإلقميمي« مركز دراسات الشرؽ األوسط‪ ،‬األردف‪ ،‬عدد‪ ،23‬ص‪.3127 ،7‬‬

‫‪086‬‬ ‫مجمة العموم السياسية والقانون‪-‬العدد‪ 00‬أفريل‪/‬نيسان‪- 2010‬المجمد‪ – 02‬تصدر عن المركز الديمقراطي العربي ألمانيا‪-‬برلين‬

You might also like