Professional Documents
Culture Documents
فتنة السرد وصورة الآخر في رحلة أبي حامد الغرناطي
فتنة السرد وصورة الآخر في رحلة أبي حامد الغرناطي
ﺗﻌﻣل ﻫذﻩ اﻟﻣداﺧﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﺗﺧﯾﯾل اﻟﺳردي وﺻورة اﻵﺧر ﻓﻲ رﺣﻠﺔ أﺑﻲ ﺣﺎﻣد
اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ''ﺗﺣﻔﺔ اﻷﻟﺑﺎب وﻧﺧﺑﺔ اﻹﻋﺟﺎب''؛ ﻫﻲ رﺣﻠﺔ ﻧﻘﻠت ﻟﻧﺎ ﺟﺎﻧﺑﺎ ﻛﺑﯾ ار ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ
وﺟﻐراﻓﯾﺔ اﻟﺷﻌوب ،ﻛﻣﺎ اﻋﺗﻣدت ﻋﻠﻰ ﻛﺛﯾر ﻣن ﻋواﻟم اﻟﻐرﯾب واﻟﻌﺟﯾب ،و ﯾﻌﻛس اﻟﻧص
اﻟرﺣﻠﻲ ''ﺗﺣﻔﺔ اﻷﻟﺑﺎب وﻧﺧﺑﺔ اﻹﻋﺟﺎب'' ﺣﺎﻻت اﻟﺗﺿﺎﯾف اﻟﺣﺿﺎري اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ﻣﻊ اﻵﺧر،
وﻓق ﺑﻧﺎء ﺳردي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻣﺗﺻﺎص ﻛﺑﯾر ﻟﻸﻧﺳﺎق )اﻷﺳطورﯾﺔ واﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ ،واﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺔ،
ؤدي ﺑﻧﺎ إﻟﻰ ﻣﻘﺎرﺑﺔ:
واﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺔ ،ﻫذا ﻣﺎ ﯾ ّ
ﻋﺗﺑﺎت اﻟﻧص اﻟرﺣﻠﻲ وﺑﻧﺎء اﻟﻣﺗﺧﯾل اﻟﺳردي )اﻟﻌﻧوان ـ اﻻﺳﺗﻬﻼل اﻟﺳردي (.
اﻟراوي /اﻵﺧر ﻓﻲ ﺗﺣﻔﺔ اﻷﻟﺑﺎب وﻧﺧﺑﺔ اﻹﻋﺟﺎب ـ ـ
أﺳطرة اﻟﻔﺿﺎء ﻓﻲ اﻟﻧص اﻟرﺣﻠﻲ.
اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﻣﻔﺗﺎﺣﯾﺔ :اﻟﺳرد؛ اﻵﺧر ؛ اﻟﻧص اﻟرﺣﻠﻲ ،اﻟﻐرﻧﺎطﻲ
summary:
The purpose of this paper is to approach the imaginative narrative and
the image of the other in the travel of Abu Hamid Al-Gharnati “Tuhfat
Al-Albab wa Nukhbat Al-Ijab”; it is a travel that reported us a great
part from the History and the Geography of peoples; also it has been
relied considerably on foreign and strange parameters. The original
travelling text “Tuhfat Al-Albab wa Nukhbat Al-Ijab” reflects the
57
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
ﺗﻘدﯾم:
أﻟف أﺑو ﺣﺎﻣد أﺑو ﻋﺑد اﷲ ﻣﺣﻣد ﺑن ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم اﻟﻣﺎزﻧﻲ اﻟﻘﯾﺳﻲ اﻟﻐرﻧﺎطﻲ
اﻷﻧدﻟﺳﻲ اﻷُﻗﻠﯾﺷﻲ اﻟﻘﯾرواﻧﻲ )473ه ـ565ه( رﺣﻠﺗﻪ /اﻟﻛﺗﺎب ﺑطﻠب ﻣن ﻣﻌﯾن اﻟدﯾن
أﺑﻲ ﺣﻔص ﻋﻣر ﺑن ﻣﺣﻣد اﺑن اﻟﺧﺿر اﻷردﺑﯾﻠﻲ ،ﻣؤﻟف ﻛﺗﺎب )وﺳﯾﻠﺔ اﻟﻣﺗﻌﺑدﯾن(،
اﻟذي ﯾﺛﻧﻲ ﻋﻠﯾﻪ أﺑو ﺣﺎﻣد ﻓﻲ ﻓﺎﺗﺣﺔ اﻟﻛﺗﺎب )وﻟم ﯾزل أﯾدﻩ اﷲ وأﺑﻘﺎﻩ وﻣن اﻟﻣﻛﺎرﻩ
وﻗﺎﻩ ﯾﺣﺛﻧﻲ ﻛﻠﻣﺎ ﻛﻧت أﻟﻘﺎﻩ أن أﺟﻣﻊ ﻣﺎ رأﯾﺗﻪ ﻓﻲ اﻷﺳﻔﺎر ﻣن ﻋﺟﺎﺋب اﻟﺑﻠدان
واﻟﺑﺣﺎر( ،ﻟم ﯾﺑن اﻟﻐرﻧﺎطﻲ رﺣﻠﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺳق ﻣﻧﺗظم ،ﻓﻘد» ﻛﺎن ﻛﺗﺎﺑﻪ ﻏﯾر ﻣﻧﺗظم أو
ﻣرﺗب ﺑﺻورة ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ وﺟﻐراﻓﯾﺔٕ ،واﻧﻣﺎ ﻫو ﻣؤﻟف ﺑﺎﻟﺗداﻋﻲ ،ﻓﻛل ﻣﺎ ﯾرد ﻋﻠﻰ ذﻫﻧﻪ
ﯾدوﻧﻪ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﯾﺗﺳم ﺑﺎﻟﻐراﺑﺔ وﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺛﯾر اﻟدﻫﺷﺔ « ،1و ﻗد ﻗﺎم أﺑو ﺣﺎﻣد
اﻟﻐرﻧﺎطﯾﻲ »ﺑﺄوﻟﻰ رﺣﻼﺗﻪ إﻟﻰ ﻣﺻر ﺣﯾث اﺳﺗﻣﻊ إﻟﻰ ﺑﻌض ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻘﺎﻫرة
واﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ﺛم رﺟﻊ إﻟﻰ وطﻧﻪ وﻟﻛﻧﻪ ﻟم ﯾﻠﺑث طوﯾﻼ ﻓﻐﺎدرﻩ ﻣرة أﺧرى ﺳﻧﺔ 511ه
ﺑﻧﯾﺔ اﻟرﺟوع إﻟﯾﻪ ﻣرة أﺧرى ،وﻓﻲ رﺣﻠﺗﻪ ﻫذﻩ ﻣر ﻋﻠﻰ ﺟزﯾرة ﺳردﯾﻧﯾﺎ وﻋﻠﻰ ﺻﻘﻠﯾﺔ
ﻓﺎﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ واﻟﻘﺎﻫرة ،وﻓﻲ ﻋﺎم 516ﻧﻠﺗﻘﻲ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺑﻐداد ؛ﺣﯾث أﻣﺿﻰ أرﺑﻌﺔ أﻋوام
ﻣﺗﻣﺗﻌﺎ ﺑﻌطف اﻟوزﯾر اﻟﻣﻌروف ﺑﺣﺑﻪ ﻟﻸدب واﻷدﺑﺎء ﯾﺣﻲ ﺑن ﺧﺑﯾر ،وﻓﻲ ﻋﺎم
524ه ﻧراﻩ ﺑﺄﺑﻬر ﺑﺈﯾران ،وﻓﻲ ﻋﺎم 225ه ﯾﻌﺑر ﺑﺣر ﻗزوﯾن ﻓﯾﺻل إﻟﻰ ﻣﺻب
ﻧﻬر اﻟﻔوﻟﺟﺎ ،وﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟﻔﺗرة ﻗﺎم ﺑﺛﻼث رﺣﻼت إﻟﻰ ﺧوارزم وﻧظ ار ﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻠﻐﺎر
58
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
ﺑﺷﺑﻪ ﺟزﯾرة اﻟﺑﻠﻘﺎن ﻓﻣن اﻟﺟﺎﺋز ﯾﻛون ﻗد زار ﻫﻧﻐﺎرﯾﺎ وﻛﺎن ﻣوﺟودا ﻋﺎم 545ه
وﻫﻧﺎك ﻛﺎن ﯾﻣﻠك ﻣﻧزﻻ ؛ ﺑل إن اﺑﻧﻪ اﻷﻛﺑر ﺣﺎﻣد ﺗزوج ﻣن ﺳﯾدﺗﯾن ﻣن أﻫل ﺗﻠك
اﻟﺑﻼد وأﻗﺎم ﻧﻬﺎﺋﯾﺎ ،أﻣﺎ اﻷﻋوام اﻷﺧﯾرة ﻣن ﺣﯾﺎﺗﻪ ﻓﻘد أﻣﺿﺎﻫﺎ ﺑﻣرﻛز اﻟﺧﻼﻓﺔ ﻓﻛﺎن
2
ﺑﺑﻐداد ﻋﺎم 555ه واﻟﻣوﺻل 557ه وﺗوﻓﻲ ﺑدﻣﺷق ﺳﻧﺔ 565ه«
أﻗﺳﺎم اﻟﻛﺗﺎب :ﺗﺣﻔﺔ اﻷﻟﺑﺎب وﻧﺧﺑﺔ اﻷﻋﺟﺎب
1ـ ﺻﻔﺔ اﻟدﻧﯾﺎ وﺳﻛﺎﻧﻬﺎ ﻣن إﻧﺳﻬﺎ وﺟﺎﻧﻬﺎ
2ـ ﺻﻔﺔ ﻋﺟﺎﺋب اﻟﺑﻠدان وﻏراﺋب اﻟﺑﻧﯾﺎن
3ـ ﺻﻔﺔ اﻟﺑﺣﺎر وﻋﺟﺎﺋب ﺣﯾواﻧﺎﺗﻬﺎ
4ـ ﺻﻔﺎت اﻟﺣﻔﺎﺋر واﻟﻘﺑور وﻣﺎ ﺗﺿﻣﻧت ﻣن اﻟﻌظﺎم إﻟﻰ ﯾوم اﻟﻧﺷور
60
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
اﻟرﺣﻠﻲ اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ أدﺑﯾﺔ اﻟرﺣﻠﺔ ؛ وﻣﺻطﻠﺢ أدﺑﯾﺔ اﻟرﺣﻠﺔ ﯾؤﻛد أن اﻟﻧص
اﻣﺗﻠك وﺟودﻩ اﻟﺷرﻋﻲ ؛ إذ» ﺗﺻﺑﺢ اﻟرﺣﻠﺔ أدﺑﺎ ﯾﺻدق ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺎ ﯾﺻدق ﻋﻠﻰ اﻟﻣدوﻧﺔ
اﻷدﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺑﻬﺎ اﻷﺳﻠوﺑﻲ ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻣن رﺷﺎﻗﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾر وﺟﻣﺎل اﻷداء وﺣﺳن
10
ﻛﻣﺎ ﱠ
أن ﺳﻌﻲ اﻟﻐرﻧﺎطﻲ إﻟﻰ ﺗرﺳﯾﺦ ﻓﻛرة ﻓﻲ ذﻫن ﻗﺎرﺋﻪ، اﺳﺗﺧدام اﻟﻣﺣﺳﻧﺎت«
ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن ﻛل ﻋﺟﯾب وارد اﻟﺣدوث ﺑﻘدرة اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ؛ ﻓﺎﻟﻣﻧطﻠق ﻫو أن ﻛل ﺷﻲء ﺑﺄﻣر
ﻣﻣﺎ ﻟن ﯾﺿﻊ ﺣﻛﺎﯾﺎﺗﻪ اﻟرﺣﻠﯾﺔ ﻣوﺿﻊ ﺷك أو ﺗردد ﻓﻲ ﺗﺻدﯾﻘﻬﺎ؛ إذ
اﷲ ﻋز وﺟلّ ،
ﯾﻘول » :ﻛﻣﺎ ﻓﺿل اﻟﻧﺎس ﺑﻌﺿﻬم ﻋﻠﻰ ﺑﻌض ﻓﻲ اﻟرزق وﺳﻌﺔ اﻟﻣﺎل ،ﻛذﻟك ﻓﺿل
ﺑﻌﺿﻬم ﻋﻠﻰ ﺑﻌض ﻓﻲ اﻟﻌﻘل ،ﻓﻌﻘول اﻟﻣﻼﺋﻛﺔ واﻷﻧﺑﯾﺎء أﻛﺛر ﻣن ﻋﻘول ﺟﻣﯾﻊ
اﻟﻌﻠﻣﺎء ..وﻋﻘول اﻟﻌﻠﻣﺎء أﻛﺛر ﻣن ﻋﻘول ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻌوام ﻓﻲ اﻟدﻧﯾﺎ ،وﻋﻘول اﻟﻌوام أﻛﺛر
ﻣن ﻋﻘول اﻟﻧﺳﺎء ،وﻋﻘول اﻟﻧﺳﺎء أﻛﺛر ﻣن ﻋﻘول اﻟﺻﺑﯾﺎن ،وﺑﻘدر ﻫذا اﻟﺗﻔﺎوت ﯾﻘﻊ
إﻧﻛﺎر ﻷﻛﺛر اﻟﺣﻘﺎﺋق ﻣن أﻛﺛر اﻟﻧﺎس ﻟﻧﻘﺻﺎن اﻟﻌﻘل« ،11ﺑﻬذا ﯾﻛون اﻟﻣﻔﺗﺗﺢ اﻟﺳردي،
ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﺗﻧﺑﯾﻪ –ﺑﺣﺳب اﻟﻐرﻧﺎطﻲ -إﻟﻰ ﻛل ﻏﺎﻓل ،ﯾﺿﻊ اﻟﺣﻛﺎﯾﺎت )اﻟﻌﺟﯾﺑﺔ ( ﻣوﺿﻊ
ﺷك.
ﯾﺗﺑدى ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ آﺧر ﺣوارﻩ ﻣﻊ )اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟﻌﺑﺎس اﻟﺣﺟﺎزي ( ،وﯾطﻠب ﻣﻧﻪ أن
ﯾﺣدﺛﻪ ﺑﻣﺎ ﺷﺎﻫد ﻣن ﻋﺟﺎﺋب ﻋﻧد أﻫل اﻟﺻﯾن ﯾﻘول»ﯾﺎ أﺑﺎ اﻟﻌﺑﺎس ،إﻧﻲ ﺳﻣﻌت ﻋﻧك
أﺷﯾﺎء ﻛﺛﯾرة ﻣن اﻟﻌﺟﺎﺋب واﻵن أرﯾد أن أﺳﻣﻊ ﻣﻧك ﺷﯾﺋﺎ ﻋن ﻋﺟﺎﺋب ﺧﻠق اﷲ
ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﻛﺎن اﻟﺷﯾﺦ اﻹﻣﺎم أﺑو ﺑﻛر ﻣﺣﻣد ﺑن اﻟوﻟﯾد اﻟﻔﻬري ﺣﺎﺿ ار ،ﻓﻘﺎل أﺑو اﻟﻌﺑﺎس،
ﻗد رأﯾت أﺷﯾﺎء ﻛﺛﯾرة ،وﻻ ﯾﻣﻛن أن أﺣدث ﺑﻬﺎ؛ ﻷن أﻛﺛر اﻟﻧﺎس ﯾﺣﺳﺑون أﻧﻬﺎ ﻛذب،
ﻓﻘﺎل اﻟﺷﯾﺦ اﻹﻣﺎم أﺑو ﺑﻛر :ﯾﻛون ذﻟك ﻣن اﻟﻌوام اﻟﺟﻬﺎل ،وأﻣﺎ اﻟﻌﻘﻼء وأﻫل اﻟﻌﻠم
ﻓﺈﻧﻬم ﯾﻌرﻓون اﻟﺟﺎﺋز واﻟﻣﺳﺗﺣﯾل ،وذﻛر ﻋﺟﺎﺋب ﺧﻠق اﷲ ﯾﺳﺗﺣب اﻟﺗﺣدث ﺑﻬﺎ إظﻬﺎ ار
ﻟﻘدرﺗﻪ« ،12وﻟﻌل ﻫذا اﻻﺗﻛﺎء اﻟﻛﺑﯾر واﻻﻧﺻﯾﺎع وراء أن ﻛل ﺷﻲء ﻋﺟﯾب وﺧﺎرق ﻻ
ﯾﻘﺑل اﻟﻔﻬم ﯾﺗﺣﻘق وﺟودﻩ ﻟﻘدرة اﷲ ﻋز وﺟل ،ﻗﺎد اﻟرﺟل ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﺎﯾﯾن إﻟﻰ أن
ﯾورد اﻟﺣﻛﺎﯾﺎت دون ﺗﻘﺻﻲ ﺣﻘﯾﻘﺗﻬﺎ ؛ﺣﯾث إﱠﻧﻪ ﯾرﻫن ﻋﻘﻠﻪ ﻟﺗﺻدﯾق ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻊٕ ،وان
ﺧﺎﻟف ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺗﻪ ﻣﻧطق اﻟﻌﻘل إﻻ أﻧﻪ »ﯾورد أﺳﻣﺎء رواﺗﻪ ﺑدﻗﺔ وﯾﺗﺣدث ﻋن ﻧﻔﺳﻪ
ﺑﺿﻣﯾر اﻟﻣﺗﻛﻠم ،وﻟﻬذا ﯾﻣﻛن اﻟﺗﻔرﯾق ﺑﺳﻬوﻟﺔ ﺑﯾن ﻣﺻﺎدر ﻣﺎدﺗﻪ وﻛﺛﯾر ﻣﻣﺎ ﯾوردﻩ
61
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
ﻋﻠﻰ ﻟﺳﺎن اﻟﻐﯾر ﻻ ﯾﻣﺛل ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ أﻫﻣﯾﺔ ﻣﺎ وذﻟك ﻟﺳﻬوﻟﺔ ﺗﺻدﯾﻘﻪ ﻟﻠﻌﺟﺎﺋب واﻋﺗﻘﺎدﻩ
13
إن ﻫذا ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻧﺎ ﻧﻧﺻرف ﺑﺎﻟذﻫن إﻟﻰ اﻻﻋﺗﻘﺎد ﺑوﻟﻌﻪ اﻟﺷدﯾد ﺑﻛل
ﻓﯾﻬﺎ « .ﺑل ّ
ﻋﺟﯾب ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن ﻣﺻدرﻩ ؛ﺣﯾث إن ﺑﻌض اﻟﺣﻛﺎﯾﺎت اﻟواردة ﺗﺗﺑﻊ ﻧظﺎم
اﻟﺗﻧﺎﺳل اﻟﺣﻛﺎﺋﻲ )اﻟﺣﻛﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛﻲ( ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣﺣﻣﻠﺔ ﺑﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺗﺧﯾﯾل.
ﻣﺣدد ،ﻓﺎﻟﻧص ﯾﺣﺗﺎج ﻣﻧذ اﻟﻔﺎﺗﺣﺔ إﻟﻰ اﻹﻗﻧﺎع ﺑﻘﯾﻣﺗﻪ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻛﻼﻣﺎ ﺟدﯾدإ ،وان ﻛﺎﻧت
اﻟوﺷﺎﺋﺞ ﺑﺎﻟﺳﺎﺑق ﻣن اﻟﻛﻼم وﺛﯾﻘﺔ ،وﻓﻲ ﺿوء اﻟﻔﺻل واﻟوﺻل ﺗﺗﺑﺎﯾن اﻟﻔواﺗﺢ ﺑﺗﺑﺎﯾن
اﻷﺟﻧﺎس ﻓﻲ اﻟﺷﻔوي واﻟﻣﻛﺗوب «،21وﻗد ﺗﻣﺗﻌت ﻋﻠﻰ ﻣر اﻟﻌﺻور ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن
اﻷﺟﻧﺎس اﻷدﺑﯾﺔ ﺑﺗرﺳﯾﺦ ﺗﻘﻠﯾد أﺟﻧﺎﺳﻲ وﺛﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻻﺳﺗﻬﻼل اﻟﺳردي
)اﻟﺣﻛﺎﯾﺔ اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ،واﻟﺣﻛﺎﯾﺔ اﻟﻣﺛﻠﯾﺔ ،اﻷﺧﺑﺎر ،واﻟﻣﻘﺎﻣﺔ ( ﻣن ﺧﻼل ﻋﻼﻣﺎت ﺑدﺋﯾﺔ
ﻣﺧﺻوﺻﺔ .
ﯾﺷﺗﻐل اﻟﻔﺿﺎء اﻟﻧﺻﻲ ﻟرﺣﻠﺔ اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺗﺑﺗﯾن ﻧﺻﯾﺗﯾن وﺿﻌﺗﺎ ﺗﺣت
ﻣﺳﻣﻰ )ﺗﻣﻬﯾد ـ ﻣﻘدﻣﺔ ( ﺳﻧطﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﻣوع اﻻﺳﺗﻬﻼل.
اﻻﺳﺗﻬﻼل اﻷول /ﺗﻣﻬﯾد :ﯾﻘول » :اﻟﺣﻣد ﷲ اﻟذي أﺑدع اﻟﻌﺎﻟم ﻋﻠﻰ ﺗوﺣﯾدﻩ، أ.
ﻓﺷﻬد ﻛل ﻣوﺟود ﺑوﺟودﻩ ودﻧت ﻛل ﻧﻌﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻛرﻣﻪ ووﺟودﻩ ،وﺳﺧر اﻟﺳﻣوات
ﺑﺄﺻﻧﺎف ﺟﻧودﻩ ،وأﻣرﻫم ﺑﺗﺳﺑﯾﺣﻪ وﺗﻘدﯾﺳﻪ وﺗﻣﺟﯾدﻩ ،واﺳﻛن اﻷرض ﻣن ﺷﺎء ﻣن
ﻋﺑﺎدﻩ ،وﻗﺳﻣﻬم ﺷﻘﯾﺔ وﺳﻌﯾدة ،وﻏرﺑﻪ وﺷدﯾدﯾﻪ ،وﺟﻌل اﻟﻣﻐرب ﻗﺑﻠﺔ اﻟﻣﺷرق ﻓﻲ
رﻛوﻋﻪ وﺳﺟودﻩ ﻓﻛل ﻣﺣدث ﻣﻘﻬور ﺑﻘدرة ﻣﻌﺑودﻩ وأظﻬر ﻓﻲ اﻷﻓﺎق ﻣن ﻋﺟﺎﺋب
اﻟﻣﺧﻠوﻗﺎت ﻣﺎ ﺗﻛل اﻷوﻫﺎم ﻋن إﺣﺻﺎﺋﻪ وﺗﻘدﯾرﻩ وﺗﻛﯾﯾﻔﻪ وﺗﺣدﯾدﻩ..... ،وأﺷﻬد أن
ﻣﺣﻣدا ﻋﺑدﻩ ورﺳوﻟﻪ أﻓﺿل أﻧﺑﯾﺎﺋﻪ ،ورﺳﻠﻪ وأوﻟﯾﺎﺋﻪ وﺷﻬودﻩ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﻋﻠﻰ آﻟﻪ
وأزواﺟﻪ وذرﯾﺗﻪ وأﺻﺣﺎﺑﻪ وأﻧﺻﺎرﻩ « .22ﺗﻧدرج ﻫذﻩ اﻟﺑداﯾﺔ اﻟﻧﺻﯾﺔ ﻓﻲ اﻟرﺣﻠﺔ ﺿﻣن
اﻟﺗﺣﻣﯾدات ،ﻗد ﺗﻌ ﱡد ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ إﺷﻌﺎر ﻟﻠﻣﺗﻠﻘﻲ ،ﺑﻐﯾﺔ أن ﯾﺳﺗﺷرف ﻣﺳﺎر اﻟﺣﻛﻲ ،وﻫو ﺗﻘﻠﯾد
راﺳﺦ ﻓﻲ أدﺑﯾﺎت اﻟﺳرد اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻘدﯾم .
ب .اﻻﺳﺗﻬﻼل اﻟﺛﺎﻧﻲ /ﻣﻘدﻣﺔ :ﯾﻔﺗﺗﺢ ﻧص ﺗﺣﻔﺔ اﻷﻟﺑﺎب وﻧﺧﺑﺔ اﻹﻋﺟﺎب
ﺑﻣﻘدﻣﺔ »ﻛﻣﺎ ﻓﺿل اﻟﻧﺎس ﺑﻌﺿﻬم ﻋﻠﻰ ﺑﻌض ﻓﻲ اﻟرزق وﺳﻌﺔ اﻟﻣﺎل ،ﻛذﻟك ﻓﺿل
ﺑﻌﺿﻬم ﻋﻠﻰ ﺑﻌض ﻓﻲ اﻟﻌﻘل ،ﻓﻌﻘول اﻟﻣﻼﺋﻛﺔ واﻷﻧﺑﯾﺎء أﻛﺛر ﻣن ﻋﻘول ﺟﻣﯾﻊ
اﻟﻌﻠﻣﺎء.وﻋﻘول اﻟﻌﻠﻣﺎء أﻛﺛر ﻣن ﻋﻘول ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻌوام ﻓﻲ اﻟدﻧﯾﺎ ،وﻋﻘول اﻟﻌوام أﻛﺛر ﻣن
ﻋﻘول اﻟﻧﺳﺎء ،وﻋﻘول اﻟﻧﺳﺎء أﻛﺛر ﻣن ﻋﻘول اﻟﺻﺑﯾﺎن ،وﺑﻘدر ﻫذا اﻟﺗﻔﺎوت ﯾﻘﻊ إﻧﻛﺎر
ﻷﻛﺛر اﻟﺣﻘﺎﺋق ﻣن أﻛﺛر اﻟﻧﺎس ﻟﻧﻘﺻﺎن اﻟﻌﻘل ،ﻷن اﻟذي ﯾﻌرف اﻟﺟﺎﺋز واﻟﻣﺳﺗﺣﯾل
ﯾﻌﻠم أن ﻛل ﻣﻘدور ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻗدرة اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﻠﯾل ﻓﺎﻟﻌﺎﻗل إذا ﺳﻣﻊ ﻋﺟﺑﺎ ﺟﺎﺋ از
63
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
اﺳﺗﺣﺳﻧﻪ وﻟم ﯾﻛذب ﻗﺎﺋﻠﻪ ..واﻟﺟﺎﻫل إذا ﺳﻣﻊ ﻣﺎ ﻟم ﯾﺷﺎﻫد ﻗطﻊ ﺑﺗﻛذﯾب وﺗزﯾف ﻧﺎﻗﻠﻪ،
وذﻟك ﻟﻘﻠﺔ ﺑﺿﺎﻋﺔ ﻋﻘﻠﻪ وﺿﯾق ﺑﺎع ﻓﺿﻠﻪ وﻗد وﺻف اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺟﻬﺎل ﺑﻌدم
اﻟﻌﻘول ﺑﻘوﻟﻪ )أم ﺗﺣﺳب أن أﻛﺛرﻫم ﯾﺳﻣﻌون أو ﯾﻌﻘﻠون ( ﺳورة اﻟﻔرﻗﺎن آﯾﺔ .23« 44
ﻣﺎ ﻧﺗﻠﻣﺳﻪ ﻣن ﻫذﻩ )اﻟﻣﻘدﻣﺔ ( أن اﻟﻌﺟﯾب ﻓﻲ ﺗﺻور اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ﻟﯾس ﻣوﺿﻊ
ﺷك ـ ﺳﺑق وأﺷرﻧﺎ إﻟﻰ ذﻟك ـ وﻗد رﺗب ﻟﻪ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺗﻠﻘﯾن ،ﻛﻣﺎ ﻟم ﯾﺳﻣﺢ ﺑﺄي
ﻧزوة ارﺗﯾﺎﺑﯾﺔ ﻗد ﺗﺧﺎﻣر ﻣﺧﯾﻠﺔ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ؛ ﺑل ﱠ
إن اﻻرﺗﯾﺎب دﻟﯾل ﻧﻘﺻﺎن اﻟﻌﻘلٕ ،وان ﻛﻧﺎ
ﻧرى أﻧﻪ ﻣن» أﺳﻬل اﻷﻣور ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﻬﻣل ﻣﺎﻻ ﻧﺻدﻗﻪ ،وﻧطرﺣﻪ ﺟﺎﻧﺑﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ
ﺧراﻓﺔ أو ﻣﻐﺎﻻة ،ﻛﻣﺎ أن ﻣن أﺳﻬل اﻷﻣور ﻋﻠﻰ اﻟﻌوام ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﺳﻣﻌون ﺑﺗﻠك اﻟوﻗﺎﺋﻊ
أن ﯾﺻدﻗوﻫﺎ ،وأن ﯾﻌﻣﻠوا ﻋﻠﻰ إذاﻋﺗﻬﺎ ،إﻻ أﻧﻧﺎ إذا اﺗﺟﻬﻧﺎ ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ أﺧطﺄﻧﺎ ﻓﻬم
اﻟﻛﺛﯾر ﻣﻣﺎ ﺗوارد ﻋﻠﻰ أﻟﺳﻧﺔ اﻟرﺣﺎﻟﺔ واﻟﺟﻐراﻓﯾﯾن وﻣؤﻟﻔﻲ ﻛﺗب اﻟﻌﺟﺎﺋب ﻣن اﻟﻌرب
وﻏﯾرﻫم« ،24ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ﺟﻌل طﺑﻘﺔ اﻟﻌوام ؛ﻫﻲ اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن
ﺣﯾث ﻗدرة اﻟﻌﻘل ،وطﺑﻘﺔ اﻟﻧﺳﺎء ﻓﺻﻠت ﻋن اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻣ ﱠﻣﺎ ﯾﻔﺿﻲ ﺑﺎﻟﻘول ﱠ
إن اﻟﻧظرة
اﻟﻣﺗﺷﻛﻠﺔ ﺗﺿﻊ اﻟﻣرأة ﻓﻲ أدﻧﻰ درﺟﺔ ،وﺗرﻓﻊ طﺑﻘﺔ اﻟﻌوام/اﻟرﺟﺎل إﻟﻰ درﺟﺔ أﻋﻠﻰ،
وﻫذا ﯾﺑرز اﻟﻬﯾﻣﻧﺔ اﻟذﻛورﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺻﻧﯾف ،اﻟﻣﺳﺗﻧدة إﻟﻰ أن اﻟﻣرأة ﻧﺎﻗﺻﺔ ﻋﻘل ﺗﻠﯾﻬﺎ
ﻣﺑﺎﺷرة طﺑﻘﺔ اﻷطﻔﺎل ،وﻫذا ﻓﻲ اﻋﺗﻘﺎدﻧﺎ ﯾﺣﻣل ﻧوﻋﺎ ﻣن اﻻﻧﺗﻘﺎص ﻟﻠﻣرأة ،ﻓﻣﺎ ﻛﺎن
ﺿرﻩ ﻟو أدﺧل اﻟﻣرأة ﺿﻣن ﺟﻣوع اﻟﻌوام اﻟﻣﺗﻠﻘﯾن دون ﻓﺻل ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺟﻧس.
ﻣن اﻟﻼﻓت ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻌﺗﺑﺎت اﻟﺑدﺋﯾﺔ ،اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﺷواﻫد اﺳﺗﻬﻼﻟﯾﺔ وظﻔت ﺗﺑرﯾ ار
ﻟﻠﻣﻘﺎﺻد وﺗﺻوﯾﻐﺎ ﻟﻬﺎ ؛ﺑل إﻧﻬﺎ ﺑﻬذﻩ اﻟﺷﺎﻛﻠﺔ » ﺗزﻛﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛﻲ واﻟﻣﺣﻛﻲ ﻋﻧﻬم ﺟﻧﺑﺎ
25
اﻟﺑﯾن أﱠﻧﻬﺎ ﺗﺧدم إﻟﻰ ﺟﻧب « ،ﻓﻔﻲ اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﯾورد ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻵﯾﺎت اﻟﻘرآﻧﯾﺔ ،ﻣن ّ
أن أ ْﻛﺛَرﻫم ﯾﺳﻣﻌون أو اﻟﺳﯾﺎق اﻟذي ﯾﺑﺗﻐﯾﻪ اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ،ﻣﻧﻬﺎ :ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ )أم ﺗَ ْﺣ ِﺳب ﱠ
ون ِ ﯾﻌﻘﻠون (ﺳورة اﻟﻔرﻗﺎن 44 ،وﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ )و َﻛﺄَﯾ ْ ِ
ﱠﻣ َوات َو ْاﻷ َْرض َﯾ ُﻣﱡر َ
ﱢن ﻣ ْن َآﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳ َ َ
ون (ﺳورة ﯾوﺳف آﯾﺔ ،105وﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ) ُﻗ ْل ِﺳ ُﯾروا ِﻓﻲ ﺿ َ َﻋﻠَْﯾﻬَﺎ َو ُﻫ ْم َﻋ ْﻧﻬَﺎ ُﻣ ْﻌ ِر ُ
ق(ﺳورة اﻟﻌﻧﻛﺑوت آﯾﺔ ،20ﺛم ﯾورد ﺑﻌض اﻷﺑﯾﺎت ف َﺑ َدأَ ا ْﻟ َﺧ ْﻠ َض ﻓَ ْﺎﻧظُُروا َﻛ ْﯾ َ ْاﻷ َْر ِ
اﻟﺷﻌرﯾﺔ ﻟم ﯾﺣ ﱢدد ﺻﺎﺣﺑﻬﺎ :
ِ 26 ِ
اﻷﺷﯾﺎء ﻣن آﯾﺎﺗﻪ ﺋب ﻣﻧﻛر *** ِ ِ
ﻓﻌ َﺟﺎ ُ
َ آﯾﺎت ﻓﻼ ﺗك ًا
اﻷرض ٌ ﻓﻲ
64
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
ﺗﻌ ﱡد اﻟﺷواﻫد اﻻﺳﺗﻬﻼﻟﯾﺔ ﺣﺟﺔ ﻟﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ رﺣﻠﺔ )ﺗﺣﻔﺔ اﻷﻟﺑﺎب وﻧﺧﺑﺔ
ٍ
ﻣﺣدد ،ﻫو ذﻟك اﻟذي ﯾﺻدق اﻟﺣﻛﺎﯾﺎت ﻣن ﻣﻧطﻠق اﻷﻋﺟﺎب( ،ﯾﺗﺧﯾر ﻟﻬﺎ ﻣﺗﻠق ﺑﺄﻓق
إﯾﻣﺎﻧﻲ ﺑﻘدرة اﷲ ﻋز وﺟل دون ﺣﺎﻟﺔ ﺷك ﻓﻲ وﺟودﻫﺎ أو ﻛﯾﻧوﻧﺗﻬﺎ ،ودون اﻻﻟﺗﻔﺎت إﻟﻰ
ّ
أن ﻫذﻩ اﻟﺣﻛﺎﯾﺎت ﻣﻧﺳوﺟﺔ ﻣن ﻣﺧﯾﻠﺔ ﺟﻣﻌﯾﺔٕ ،وان ﻧﻘﻠت ﻣن رواة وﺻﻔﻬم اﻟﻐرﻧﺎطﻲ
ﺑـ)اﻟرواة اﻟﺛﻘﺎة ( ،وﻫو ﺑﻬذا ﯾﺻﺎدر ﺣﺎﻻت اﻟﺷك -اﻟﻣﺣﺗﻣل ﻓﻲ اﻟرواﯾﺔ اﻟﻣﻧﻘوﻟﺔ.
وﻟﺳﻧﺎ ﻧﺗﻔق–ﻫﻧﺎ -ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟرواة اﻟﺛﻘﺎة ﻟﻬذﻩ اﻟﺣﻛﺎﯾﺎت اﻟﻌﺟﯾﺑﺔ ،ﻓﻛل ﻓﻌل ﺣﻛﻲ
ﻣﻧﻘول ﻗﺎﺑل ﻟﻠزﯾﺎدة ﻓﯾﻪ أو اﻟﻧﻘﺻﺎن ،ﻟن ﯾﺳﻠم ﻣن ﺣﺎﻻت اﻟﺗﺧﯾﯾل ،ﻣﺎدام ﺑﺎب اﻟﻌﺟﯾب
ﻣﻔﺗوح ،ﻛﻣﺎ أن ذﻟك ﯾﺧﺿﻊ ﺑﺎﻟﺿرورة إﻟﻰ طرﯾﻘﺔ وأﺳﻠوب اﻟﻧﺎﻗل أو اﻟراوي .
ﺛﺎﻧﯾﺎ :اﻷﻧﺳﺎق اﻟﻐﯾرﯾﺔ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﻐرﻧﺎطﻲ )ﺗﺟﻠﯾﺎت اﻷﻧﺎ واﻵﺧر (:
ﺑداﯾﺔ ﻻﺑد أن ﻧﺣ ﱢدد ﱠ
أن » ﺻورة اﻵﺧر ﻟﯾﺳت ﻫﻲ اﻵﺧر ،ﺻورة اﻵﺧر ﺑﻧﺎء ﻓﻲ
اﻟﻣﺧﯾﺎل وﻓﻲ اﻟﺧطﺎب ،اﻟﺻورة ﻟﯾﺳت اﻟواﻗﻊ ﺣﺗﻰ ٕوان ﻛﺎن اﻟﺻراع ﺣوﻟﻬﺎ ﻣن
رﻫﺎﻧﺎت اﻟواﻗﻊ ،وﻷﻧﻬﺎ ﻛذﻟك ﻓﻬﻲ اﺧﺗراع « ،27واﻵﺧر ﻓﻲ أﻛﺛر ﻣﻌﺎﻧﯾﻪ ﺷﯾوﻋﺎ » ﯾﻌﻧﻲ
ﺷﺧﺻﺎ آﺧر أو ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﻐﺎﯾرة ﻣن اﻟﺑﺷر ذات ﻫوﯾﺔ ﻣوﺣدة ،وﺑﺎﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ذﻟك
اﻟﺷﺧص أو اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ أﺳﺗطﯾﻊ )ﻧﺳﺗطﯾﻊ( ﺗﺣدﯾد اﺧﺗﻼﻓﻲ )اﺧﺗﻼﻓﻧﺎ( ﻋﻧﻬﺎ وﻓﻲ ﻣﺛل
ﻫذﻩ اﻟﺿدﯾﺔ ﯾﻧطوي ﻫذا اﻟﺗﺣدﯾد ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻘﻠﯾل ﻣن ﻗﯾﻣﺔ اﻵﺧر « ،28ﯾﻧﺿﺎف إﻟﻰ ذﻟك
ﺗﻧﺎﻣﻲ »اﻟدراﺳﺎت اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ وﺗطور اﻟدراﺳﺎت اﻟﻐﯾرﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﻘول اﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺎت واﻟﺗﺣﻠﯾل
اﻟﻧﻔﺳﻲ واﻷﻧﺗروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ،واﻟدراﺳﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع اﻷدﺑﻲ واﻟدراﺳﺎت
اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ،ﻟم َﯾ ُﻌد ﻣن اﻟﻣﻘﺑول اﺧﺗزال ﺗﺟﻠﯾﺎت اﻟﻐﯾرﯾﺔ ،ﻓﻲ ﻣﻔﻬوم اﻵﺧر وﺻورﺗﻪ ﻣن
ﺣﯾث ﻫو أﺟﻧﺑﻲ ﻓﻘط ؛ﺑل ﺗﺧطﻰ اﻷﻣر ذﻟك ﻟﯾﺷﻣل ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺣدود واﻟﻘﯾم واﻷﻧﺳﺎق
اﻟذﻫﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗوﻟد ﺻﻼت اﻟﻛراﻫﯾﺔ واﻟﻌﻧف واﻷﻟم واﻟﻧﻔﻲ واﻟﺗﻬﻣﯾش ،أو اﻟرﻏﺑﺔ
واﻻﺣﺗﺿﺎن ،اﻟﺗﺳﺎﻣﺢ واﻻﻧدﻣﺎج« ،29ﺑﺻورة أﺧرى إن ﺣﺿور اﻵﺧر ﻓﻲ اﻟﻧﺻوص،
ﻫو ﺣﺿور ﻟﻸﻧﺳﺎق اﻟﻐﯾرﯾﺔ .
وﻻ ﺗﺧﻠو ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣن اﻟﺛﻘﺎﻓﺎت ﻣن ﺗﻣﺛﯾل ﻟﻠذات واﻵﺧر ،ﻓﺎﻷﻧﺳﺎق اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ
اﻟﻐﯾرﯾﺔ » ﻣواﺿﻌﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ دﯾﻧﯾﺔ ،أﺧﻼﻗﯾﺔ ،اﺳﺗﯾﺗﯾﻘﯾﺔ ،ﻓﻲ ﻟﺣظﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻣن ﺗطورﻫﺎ،
اﻟوﺿﻌﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ـ واﻟﺗﻲ ﯾﻘﺑﻠﻬﺎ ﺿﻣﻧﯾﺎ اﻟﻣؤﻟف واﻟﺟﻣﻬور «،30وﯾرﺗﻛز اﻟﻧﺳق »
65
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﯾﯾر وﻗﯾم ﺗﺷﻛل ﻣﻊ اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن اﻵﺧرﯾن ﺟزءا ﻣن ﺑﯾﺋﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن« .31وﺗﺧدﻣﻧﺎ
ﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻷﻧﺳﺎق ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ،ﻣن ﺗﺑﯾن ﺻورة اﻵﺧر/اﻟﻣﺧﺗﻠف )ﻋﻘﺎﺋدﯾﺎ،
واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ(.
.1اﻟﻧﺳق اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ -اﻟﻧظرة اﻟﻌﻘﺎﺋدﯾﺔ وﻣرﻛزﯾﺗﻬﺎ :
ﺷﻛﻠت اﻟﺧﻠﻔﯾﺔ اﻟدﯾﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻷﻧﺎ ﺑﺎﻵﺧر ﻗﺎﻋدة أﺳﺎﺳﯾﺔ و»دو ار ﺣﺎﺳﻣﺎ ﻓﻲ
ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻟﻶﺧرﯾن ،ﻓﺎﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺗﻠك دﯾﻧﺎ ﺗﺧﺗﻠف ﻣن ﺣﯾث
درﺟﺔ اﻟﺗﺣﺿر ﻋن اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ دﯾن ﻟﻬﺎ ،وﻻ ﺷرﯾﻌﺔ « ،32ﺑﺻورة أﺧرى ﺗﺗﺣدد
اﻟﻧظرة إﻟﻰ اﻵﺧر ﺑﺎﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﻰ ﺟواﻧب دﯾﻧﯾﺔ ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻛﻔر واﻹﯾﻣﺎن ،أو ﻣﺎ ﻧﺳﻣﯾﻪ
ﺑﺎﻟﻣرﻛزﯾﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ؛ ﺣﯾث وﺳﻣت ﺻورة اﻵﺧر ﻋﻧد اﻟرﺣﺎﻟﺔ اﻟﻌرب ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن
اﻟﺗﺣدﯾدات ،ﻓﺎﻻﺑﺗﻌﺎد ﻋن اﻟﺷﻣس وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻋن ﻧور اﻟﺣﺿﺎرة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ واﻻﻗﺗراب
ﻣن ﺳﻠطﺔ اﻟرطوﺑﺔ ﻗد ورث اﻵﺧر ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺻﻔﺎت اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ )ﺳوء اﻷﺧﻼق،
ﻏﻠﺑﺔ اﻟﺣﯾواﻧﯾﺔ ( ،اﻟﺳﻛﯾوﻟوﺟﯾﺔ )ﻏﻠﺑﺔ اﻟﺷﻬوة ـ ﺳﯾطرة اﻟﻐﺿب ـ ﺣدة اﻟﻧﻔس ،ﻗﺳوة
33
. اﻟﻘﻠب ( ،اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ )ﻗﻠﺔ اﻟﻔطﻧﺔ ( اﻟﻔﯾزﯾوﻧوﻣﯾﺔ )ﻋظم اﻟﺑدن(
ﺑﻬذا اﻟﻣﻧظور ﻏدا ﻧص اﻟرﺣﻠﺔ ﻧﺻﺎ ﻏﻧﯾﺎ ﺑﺎﻷﻧﺳﺎق اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺟﻠﻰ
أﺛﻧﺎء اﻟﺗﻣﺎس ﻣﻊ اﻵﺧر ،وذﻟك ﺑﺣﻛم اﺧﺗﻼﻓﻪ ﺛﻘﺎﻓﯾﺎ وﺣﺿﺎرﯾﺎ ودﯾﻧﯾﺎ ﺧﺻوﺻﺎ ﱠ
أن
»ﻣرﺟﻌﯾﺎت اﻟﻧظر اﻟﻌرﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻶﺧر ﺗﺗﻛﻰء ،أوﻻ وﻗﺑل ﻛل ﺷﻲء ،ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋدة
دﯾﻧﯾﺔ ﺗﺄﺳﯾﺳﯾﺔ « ،34وﻗد أﻟﻔﯾﻧﺎ اﻟﻧظرة اﻟﻐﯾرﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ،ﻣﺣﻣﻠﺔ ﺑﺗﺣدﯾدات ﻗﺎﺋﻣﺔ
ﻋﻠﻰ ﺗوﺟﻬﺎت ﻋﻘﺎﺋدﯾﺔ ،ﻓﻼ ﯾؤﺳس اﻟﻧﺳق اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟدﯾﻧﻲ »اﻟرؤﯾﺔ اﻟﻛوﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣؤﻣﻧﯾن ﺑﻪ
ﻓﺣﺳب ،ﺑل ﻫو أﺳﺎس إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺑﺷر ﻓﻲ ﻫذا اﻟوﺟود ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾﺗﺣدد ﺑﺷﻛل وﻻ
ﻟون إﻧﻣﺎ ﯾﺗﺣدد ﺑﻣدى ﺗﻣﺛﻠﻪ ﻟﻸﻧﺳﺎق واﻷﻋراف اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ « ،35ﻟذﻟك طﺑﻌت ﻧظرة
اﻟرﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺑﺗﺣﻛم ﻋﺎﻣل اﻟدﯾن ﻣﻌﯾﺎ ار ﻟﻠﺗﻔوق اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ،ﻓﻣن ﻻ دﯾن ﻟﻪ ﻟﯾس ﻓﻲ
ﻋداد اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﱠ
؛ﻷن اﻟدﯾن ﻧﺳق ﺛﻘﺎﻓﻲ »أﻧﯾطت ﺑﻪ ﺗﻧظﯾم اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺑﺷرﯾﺔ ،وﻣﺳؤوﻟﯾﺔ
اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋن اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﻣﺣﯾرة« ،36ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟك ﯾﺗﺣدد اﻵﺧر ﻋﻧد اﻟﻐرﻧﺎطﻲ
ﺑﻣﻧطﻠق دﯾﻧﻲ ،ﻫذا ﻣﺎ أﻧﺗﺞ ﻟﻧﺎ اﻷﻧﺎ اﻟﻣﺳﻠﻣﺔ ﺑﺈزاء اﻵﺧر اﻟﻛﺎﻓر ،وﻗد ورد ذﻟك ﻓﻲ
ﺛﻧﺎﯾﺎ اﻟرﺣﻠﺔ وﻓﻲ ﻋدة ﻣواﺿﻊ ﻧﻣﺛل ﻟﻬﺎ ﺑـ ـ :
66
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
1ـ »أﻫل ﻏﺎﻧﺔ أﺣﺳن اﻟﺳودان ﺳﯾرة وأﺟﻣﻠﻬم ﺻورا ،ﻣﺑﺳط اﻟﺷﻌور ،ﻓﯾﻬم ﻋﻘول وﻓﻬم
37
وﯾﺣﺟون إﻟﻰ ﻣﻛﺔ«
2ـ »وﻣن أﻧواع اﻟﺳودان رﺑﻠﻊ وﻫم أﻋف أﻫل اﻟﺳودان ،ﻣﺳﻠﻣون ﯾﺻﻠون وﯾﺣﺟون إﻟﻰ
ﻣﻛﺔ ﻛل ﺳﻧﺔ ﻣﺷﺎة ،وﺑﻼد اﻟﺳودان ﻋﻠﻰ اﻟزﻧﺞ وأﺑﯾﺟﺎﻩ ﻣﺳﯾرة أرﺑﻊ ﻋﺷرة ﺳﻧﺔ ﯾﺄﻛﻠون
38
. اﻟﻛﻼب وﯾﻔﺿﻠوﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻧم وﯾﺄﻛﻠون اﻟﻔﺄر«
3ـ »وﻓﻲ ﺑﺣر اﻟروم ﻣن اﻟﺟزاﺋر ﻛﺛﯾر ﺟدا ﻣﻧﻬﺎ ﺟزﯾرة ﺗﺳﻣﻰ ﺑﺳرداﻧﯾﺔ وﻫﻲ ﻋظﯾﻣﺔ
ﺟدا ﻓﯾﻬﺎ أﻣﺔ ﻣن اﻟﻛﻔﺎر ﺧﻠق ﻛﺑﯾر ﺷﺟﻌﺎن«.39
اﻟﻣﻼﺣظ أن اﻻﻧﺗﻘﺎص ﻣن اﻵﺧر ،ﯾﺗوﻟﱠد داﺧل اﻟرﺣﻠﺔ ﺑﺳﺑب ﻏﯾﺎب اﻟﺟﺎﻧب
اﻟﻌﻘﺎﺋدي اﻟدﯾﻧﻲ )ﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﻣﻘطﻌﯾن اﻹﺻرار ﻋﻠﻰ اﻟدﯾن اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺳﺑﺑﺎ ﻟﻠﺗﻔوق (،
ﻓﻛﻠﻣﺎ ﻏﺎب اﻟدﯾن وﺑرز ﻣﺎ ﯾﺗﻌﺎرض ﻣﻊ اﻹﺳﻼم ،إﻣﺎ أن ﯾﺻﻔﻬم ﺑﺄﻣﺔ اﻟﻛﻔﺎر أو ﯾﺳوء
اﻟوﺻف وﺗﻧﺳب إﻟﯾﻬم )ﻫم /اﻵﺧرون ( أرذل اﻟﺻﻔﺎت ،وﻫﻧﺎ – ﻓﻲ ﻫذا اﻟوﺻف-
ﯾﻛون اﻟدﯾن ﻏﺎﺋﺑﺎ ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻋن ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت»أﻣﺎ ﻓﺎوة وﻗوﻗو ،ﻗﺻﺎر اﻷﻋﻧﺎق ،ﻓطس
اﻷﻧوف ،ﺣﺻر اﻟﻌﯾون ﻛﺄن ﺷﻌورﻫم ﺣب ﻓﻠﻔل ،وراﺋﺣﺗﻬم ﻛرﯾﻬﺔ ﻛﺎﻟﻘرون اﻟﻣﺣرﻗﺔ،
ﯾرﻣون ﺑﻧﺑﺎل ﻣﺳﻣوﻣﺔ ﺑدﻣﺎء ﺣﯾﺎت ﺻﻔر ،ﻻ ﺗﻠﺑث ﺳﺎﻋﺔ واﺣدة ﺣﺗﻰ ﯾﺳﻘط ﻟﺣم ﻣن
أﺻﺎﺑﻪ ذﻟك اﻟﺳم ﻋن ﻋظﻣﻪ وﻟو ﻛﺎن ﻓﯾﻼ« ،40وﯾﻠﺗزم اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ﺑﺎﻟﻣﻧظور اﻟﻌﻘﺎﺋدي
ﺗﻌﻣد إﻟﻰ ﺗﻐﯾﯾب اﻟدﯾن اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺑوﺻﻔﻪ ﺧﻠﻔﯾﺔ ُ ﺣﺗﻰ ﻣﻊ اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ
ﺣﯾﺎﺗﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻻﺑﺗﻌﺎد ﻋن ﺗﻌﺎﻟﯾﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﺣﯾﺎﺗﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ
واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﺗﺟﻠﻰ ﻫذا ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ »أﻫل اﻟﺣﺟﺎز أﺳرع اﻟﻧﺎس إﻟﻰ اﻟﻔﺗﻧﺔ وأﻋﺟزﻫم
ﻋﻠﯾﻬﺎ ،رﺟﺎﻟﻬﺎ ﺣﻔﺎة ﻋراة ،وﻧﺳﺎؤﻫﺎ ﻛﺳﺎة ﻋراة ،وأﻫل اﻟﯾﻣن أﻫل ﺳﻣﻊ وطﺎﻋﺔ ،وﻟزوم
ﺟﻣﺎﻋﺔ ،وأﻫل ُﻋﻣﺎن ﻋرب اﺳﺗﺑطوا وأﻫل اﻟﺑﺣرﯾن ﻧﺑط اﺳﺗﻌرﺑوا ،وأﻫل اﻟﯾﻣﺎﻣﺔ أﻫل
ٍ
وﻋﺎر ﻋﺗﯾد ،وأﻫل اﻟﻌراق ﺟﻔﺎء واﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟرأي ،وأﻫل ﻓﺎرس أﻫل ﺑﺄس ﺷدﯾد
أﺑﺣث اﻟﻧﺎس ﻋن اﻟﺻﻐﯾرة وأﺳﺑﻘﻬم ﻟﻛﺑﯾرة ،وأﻫل اﻟﺟزﯾرة أﺷﺟﻊ اﻟﻔرﺳﺎن وأﻗﺗل ﻟﻠﻘران،
وأﻫل اﻟﺷﺎم أطوﻋﻬم ﻟﻠﻣﺧﻠوق ،وأﻋﻣﺎﻫم ﻟﻠﺧﺎﻟق ،وأﻫل ﻣﺻر ﻋﺑﯾد ﻟﻣن ﻏﻠب ،أﻟﯾس
اﻟﻧﺎس ﺻﻐﺎ ار وأﺟﻠﻬم ﻛﺑﺎ ار« ،41وﻓﻲ ﻣوﺿﻊ آﺧر ﯾﺗﺣﺳر اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻠوك
اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،اﻟذﯾن ﻻ ﯾﺗﺑﻌون اﻟﻌدل وﻧﻣط ﺣﯾﺎة ،اﻟذي ﻛﺎن ﻟﻪ أن ﻋﺎﯾﺷﻪ ﻋﻧد أﻫل اﻟﻬﻧد
67
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
واﻟﺻﯾن» واﻟﻣﻠك اﻟﻌظﯾم واﻟﻌدل اﻟﻛﺛﯾر واﻟﻧﻌﻣﺔ اﻟﺟزﯾﻠﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺣﺳﻧﺔ واﻟرﺧﺎء
42
. اﻟداﺋم واﻷﻣن اﻟذي ﻻ ﺧوف ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻬﻧد وﺑﻼد اﻟﺻﯾن«
ﺗﺑرز ﻟﻧﺎ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗﺳﺎﻣﺢ واﻻﻋﺗراف ﺑﺗﻔوق اﻵﺧر ﻓﻲ ظل ﻏﯾﺎب اﻟﻧﺳق
اﻟدﯾﻧﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲٕ ،وان ﻛﻧﺎ ﻧﻘول ﺑوﺟود ﻧﺳق ﺣﺿﺎري ﻓﻛري ،ﺟﻌل اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ﯾﺑدي
إﻋﺟﺎﺑﻪ ﺑﻌدل ﻣﻠوك اﻟﺻﯾن وﺗﻧظﯾﻣﻬم ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ وﻓق ﻗواﻧﯾن ﻛﺎن اﻟﻣﺳﻠﻣون أوﻟﻰ ﺑﻬﺎ،
وﻧﺷﯾر إﻟﻰ أن ﺣﺟﺗﻪ وﺗﻔﺳﯾرﻩ ﻟﻛل ذﻟك اﻟرﺧﺎء ﻻ ﯾﻧﻔك ﯾرﺗﺑط ﺑﺎﻟﻧﺳق اﻟدﯾﻧﻲ
اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻣن ﺧﻼل اﻻﺳﺗﺷﻬﺎد ﺑﻘوﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم )"اﻟدﻧﯾﺎ ﺟﻧﺔ اﻟﻛﺎﻓر،
وﺳﺟن اﻟﻣؤﻣن(»،واﻟﺳﺟن ﻣوﺿﻊ اﻟﺿﯾق واﻟﺧوف ،ﻻ ﯾﻛون ذﻟك إﻻ ﻣﻊ ﻋدم اﻟﻌدل
وﻛﺛر اﻟظﻠم واﻟﺟور وﻗﻠﺔ اﻟﻣﺎل واﻟﺧﺻب وﺣﺗﻰ ﯾﺗﺣﻘق ﻓﻲ ﺣق اﻟﻣؤﻣن اﻟﺳﺟن ﻓﻲ
اﻟدﻧﯾﺎ واﻟﺟﻧﺔ ﻣوﺿﻊ اﻟرﺧﺎء واﻟﻧﻌﻣﺔ واﻷﻣن واﻟﻌدل واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ واﻟطﯾب وأﻧواع اﻟطﯾﺑﺎت،
واﻟﺣﻣد ﷲ اﻟذي ﺟﻌل ﺟور وﻻة اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻣن ﻣﻌﺟزات ﺳﯾد اﻟﻣرﺳﻠﯾن ﻣﺣﻣد ﺻﻠﻰ اﷲ
ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم«.43
ﻧﺷﯾر إﻟﻰ ﱠ
أن رﺣﻠﺔ اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ﻗد ﻣﻛﻧﺗﻧﺎ ﻣن رﺳم ﺻورة ﻟﻶﺧر ،اﻟذي ﯾﻘﻊ
ﺷرق اﻟدوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،دون أن ﺗﻠﻘﻲ ﺑﺎﻻ أو ﺣدﯾﺛﺎ أو وﺻﻔﺎ ﻣﺷﺎﺑﻬﺎ ﻷﺻﻘﺎع ﺗﻘﻊ
ﺟﻬﺔ اﻟﻐرب وﻋﻠﻰ اﻷﻏﻠب ،إن اﻟرﺣﺎﻟﺔ ﻟم ﯾﺻل إﻟﻰ ﺗﻠك اﻟﺑﯾﺋﺎت وﻟم ﯾﻌﺎﯾﻧﻬﺎ ﻓﻣﺎ وﺟد
ﯾﺳﯾر ،ﺟﺎء ﻣﺗﻧﺎﺛ ار ﻓﻲ ﺛﻧﺎﯾﺎ اﻟرﺣﻠﺔ ،وﻫذا ﻣﺎ ﺟﻌل اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﺗﺑدو
اً ﻧزر
ﻛﺎن اً
ﻣﺟﻬوﻟﺔ ﻟﻘﺎرئ اﻟرﺣﻠﺔ ،ﯾﻘول »ﻟﻣﺎ ﻛﻧت ﻓﻲ ﺑﺎﺷﻐرد ﺳﻧﺔ ﺧﻣس وأرﺑﻌﯾن وﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ
ﻛﺎن ﺑﯾﻧﻲ وﺑﯾن روﻣﯾﺔ أﯾﺎﻣﺎ ﯾﺳﯾرة وﺳﺄﻟت اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن اﻟذي ﯾﺳﺎﻓرون إﻟﯾﻬﺎ ﻣن ﺑﺎﺷﻐرد
ﻋن ﺻﻔﺗﻬﺎ ،ﻓوﺻﻔت ﻟﻲ ،ﻛﻣﺎ ﻛﺗﺑﺗﻬﺎ ﻫﺎﻫﻧﺎ وذﻛر أن أﻛﺛر اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻗد ﺧرب اﻵن ﻟن
44
.وﻫو ﺑﻬذا اﻷﻣراء ﺗﻧﺎﻓﺳوا ﻓﻲ اﻟﺑﻠد وﺗﻘﺎﺗﻠوا واﻟﻣﻠك اﻟﻛﺑﯾر ﻻ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ ﻗﻬرﻫم «
ﯾورد أﺧﺑﺎر اﻟﻣدن وﻓق ﻣﺎ وﺻﻠﻪ ﻣن ﺣﻛﺎﯾﺎت ﻋﻧﻬﺎ ،وﻟم ﯾﻠزم ذاﺗﻪ ﺑﺎﻟﺗﺷﻛﯾك ﻓﯾﻬﺎ .
ﺛﺎﻟﺛﺎ ــ اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﻌﺟﺎﺋﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺣﻔﺔ اﻷﻟﺑﺎب وﻧﺧﺑﺔ اﻷﻋﺟﺎب :
ﺑﻧﯾﺔ اﻟوﺻف -اﻟﻌﺟﺎﺋﺑﻲ :ﺣﺳب ﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ ﺗدوروف ﯾﻘوم اﻟﻌﺟﺎﺋﺑﻲ (le
(fantastiqueﻋﻠﻰ »اﻟﺗردد اﻟذي ﯾﺣس ﺑﻪ ﻛﺎﺋن ﻻ ﯾﻌرف ﻏﯾر ﻗواﻧﯾن اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻓﯾﻣﺎ
ﯾواﺟﻪ ﺣدﺛﺎ ﻏﯾر طﺑﯾﻌﻲ ﺣﺳب اﻟطﺎﻫرة« ،45ﺑﻬذا ﻓﺎﻟﺗردد ﻫو» اﻟذي ﯾﻣ ﱡد اﻟﻌﺟﺎﺋﺑﻲ
68
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة « ،46وﻫﻛذا ﯾﺗﻧﺎﻣﻰ اﻟﻌﺟﺎﺋﺑﻲ »وﯾﺣدد ﻣوﻗﻊ اﻟواﻗﻌﻲ ،ﻓﻬو ﺑﻧﺎء ﻟﻐوي وﻟﻘﺎء ﺑﯾن
اﻟﻣﺄﻟوف واﻟﻼﻣﺄﻟوف ،ﺑﯾن أدوات طﺑﯾﻌﯾﺔ وأﺧرى ﻓوق طﺑﯾﻌﯾﺔ ـ ﻏﯾﺑﯾﺔـ ﻹﯾﺟﺎد ﺣﺎﻟﺔ ﻣن
47
. اﻟزج ﺑﺎﻟواﻗﻌﻲ«
ورد ﻓﻲ ﻗﺎﻣوس اﻟﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺳردي ﻟﺟراﻟد ﺑرﻧس اﻟوﺻف » Descriptionﻋرض
وﺗﻘدﯾم اﻷﺷﯾﺎء واﻟﻛﺎﺋﻧﺎت واﻟوﻗﺎﺋﻊ واﻟﺣوادث ) اﻟﻣﺟردة ﻣن اﻟﻐﺎﯾﺔ واﻟﻘﺻد( ﻓﻲ وﺟودﻫﺎ
اﻟﻣﻛﺎﻧﻲ ﻋوﺿﺎ ﻋن اﻟزﻣﻧﻲ ،وأرﺿﯾﺗﻬﺎ ﺑدﻻ ﻣن وظﯾﻔﺗﻬﺎ اﻟزﻣﻧﯾﺔ ،وراﻫﻧﯾﺗﻬﺎ ﺑدﻻ ﻣن
ﺗﺗﺎﺑﻌﻬﺎ ،وﻫو ﺗﻘﻠﯾد ﯾﻔﺗرق ﻋن اﻟﺳرد« ،48وﻻ ﯾﺄﺗﻲ »اﻟوﺻف ﻓﻲ ﻣﻌظم اﻷﺣﯾﺎن ﺷﻛﻼ
ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻣن أﺷﻛﺎل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء اﻷﺳﻔﺎر،وﻣن اﻟﻧﺎدر أن ﯾﻧﻬض اﻟوﺻف ﺑﻧﻔﺳﻪ
ﻣﺳﺗﻘﻼ؛ ﻓﺗﺄﺗﻲ اﻟﻔﻘرة اﻟوﺻﻔﯾﺔ ﺟزءا ﻣن ﻋﻣل أﻛﺑر« ،49وﻣن ﻫﻧﺎ ﻛﺎن ﻣن أﺑرز
اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﻔﻧﯾﺔ واﻟﺗﺻوﯾرﯾﺔ واﻟﺗﻌﺑﯾرﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﯾﻣﺗﻠك طراﺋﻘﻪ اﻟﺧﺎﺻﺔ »ﻛﺑﯾﺎن اﻟﺣﺎل
اﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﺗﻌﯾﯾن اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﻣوﺻوف )اﻟﺷﻛل ،اﻟﻠون ،اﻟﺣﺟم(،أو
ﺑﯾﺎن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺿﻲ ﺑﺗﻌﯾﯾن ﻣوﻗﻊ اﻟﻣوﺻوف داﺧل اﻟﻣﻛﺎن واﻟزﻣﺎن ،أو ﻋﻠﻰ
ﻣﻘﺎرﻧﺗﻪ ﺑﻣوﺻوﻓﺎت أﺧرى ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﺷﺑﯾﻪ واﻻﺳﺗﻌﺎرة ،وﯾﻣﻛن أن ﯾﺗﻧﺎول اﻟﻣوﺻوف
ﻣﺟﻣﻼ أو ﺟزءا ﻣﻧﻪ«.50
ﯾﻌﻣل اﻟوﺻف ﻋﻠﻰ »ﺗﻐﯾﯾر اﻟﻣﺳﺗوى اﻟذي ﺳﯾﺗﺑدى ﻓﯾﻪ أﻓق اﻧﺗظﺎر اﻟﻘﺎرئ،
ذﻟك ﻓﻌﻼ ،ﻷن أﻓق اﻻﻧﺗظﺎر اﻟذي ﯾﻔﺗﺣﻪ اﻟﻧظﺎم اﻟوﺻﻔﻲ ﯾﺑدو أﻛﺛر ﺗرﻛﯾ از ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻧﻰ
اﻟﺳﻣﯾﺎﺋﯾﺔ اﻟﺳطﺣﯾﺔ ﻣﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻧﻰ اﻟﻣﻌﻣﻘﺔ وﻋﻠﻰ اﻟﻬﯾﺎﻛل اﻟﻣﻌﺟﻣﯾﺔ ﻟﻠﻧص أﻛﺛر ﻣﻧﻪ
ﻋﻠﻰ ﺑﻧﯾﺗﻪ اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ اﻟدﻻﻟﯾﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺑدو أﻛﺛر ﺗرﻛﯾ از ﻋﻠﻰ ﺗﺟﻠﻲ اﻟﺣﻘول
اﻟﻣﻌﺟﻣﯾﺔ أو اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ وﺗﻔﻌﯾﻠﻬﺎ ﻣﻧﻪ ﻋﻠﻰ إﯾﺟﺎد ﻧﺣو ﻣﻧظم ﻟﺟدﻟﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺿﺎﻣﯾن«،51
ﻫو ﺑﻬذا اﺳﺗدﻋﺎء ﻟذاﻛرة اﻟﻣﺧزوﻧﺎت اﻟﻣﻌﺟﻣﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﯾدﻋو اﻟﻧص ﻗدرة اﻟﻘﺎرئ
اﻟﻣﻌﺟﻣﯾﺔ أﻛﺛر ﻣن ﻗدرﺗﻪ اﻟﻧﺣوﯾﺔ.
ﯾﺟﻧﺢ ﺻﺎﺣﺑﻪ اﻟرﺣﻠﺔ أﺑو ﺣﺎﻣد اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﺎﯾﯾن إﻟﻰ اﺳﺗﻐﻼل
اﻟوﺻف اﻟﻌﺟﺎﺋﺑﻲ ﻹﺑراز ﺻورة اﻵﺧر »وﻋن ﺻﻧﻌﺎء أﻣﺔ ﻣن اﻟﻌرب ﻗد ﻣﺳﺧوا ،ﻛل
إﻧﺳﺎن ﻣﻧﻬم ﻧﺻف إﻧﺳﺎن ﻟﻪ ﻧﺻف رأس ،وﻧﺻف ﺑدن وﯾد واﺣدة ،ورﺟل واﺣدة،
ﯾﻘﺎل ﻟﻬم وﯾﺎر ،وﻫم ﻣن وﻟد إرم ﺑن ﺳﺎم أﺧو ﻋﺎد وﺛﻣود ،وﻟﯾس ﻟﻬم ﻋﻘول ﯾﻌﺷون
69
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
اﻵﺟﺎم وﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺷﺣر ﻋﻠﻰ ﺷﺎطﺊ ﺑﺣر اﻟﻬﻧد« ،52وﻓﻲ ﻣوﺿﻊ أﺧر ﯾﺻف ﺑﻌض
أﻫل اﻟﻣﻐرب » وذﻛر أن ﻓﻲ ﻓﯾﺎﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب أﻣﺔ ﻣن وﻟد آدم ﻛﻠﻬم ﻧﺳﺎء وﻻ ﯾﻛون
ﺑﯾﻧﻬم ذﻛر ،وﻻ ﯾﻌﯾش ﻓﻲ أرﺿﻬم وأن أوﻟﺋك اﻟﻧﺳﺎء ﯾدﺧﻠن ﻓﻲ ﻣﺎء ﻋﻧدﻫم ﻓﯾﺣﻣﻠن
ﻣن ذﻟك اﻟﻣﺎء ،ﻓﺗﻠد ﻛل اﻣرأة ﺑﻧﺗﺎ وﻻ ﺗﻠد ذﻛ ار اﻟﺑﺗﺗﺔ« ،53ﺗﻌﻣل ﻫذﻩ اﻟﺣﻛﺎﯾﺎت ﻋﻠﻰ
اﺳﺗﻘطﺎب اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ وﺗوﺳﯾﻊ ﻣﺧﯾﻠﺗﻪ؛ ﻓﻬﻲ ﺣﻛﺎﯾﺎت ﺗﺗوﻓر ﻋﻠﻰ ﻋﻧﺻر اﻟﺗﺷوﯾق واﻹﺛﺎرة.
ُﺣ ﱢﻣل اﻟوﺻف اﻟوارد ﻓﻲ اﻟﻣﻘطﻌﯾن ﺑﺟﺎﻧب ﻋﺟﺎﺋﺑﻲ ؛ﺣﯾث اﺳﺗﻌﺎن اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ﺑﺎﻟﺳرد
اﻟوﺻﻔﻲ اﻟﻌﺟﺎﺋﺑﻲ وﻛﺎﻧت ﻧﯾﺗﻪ ﺗﺄﻛﯾد أن ﻓﻲ ﺧﻠق اﷲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻌﺟﺎﺋب اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﺣق
اﻟﺗﺻدﯾق ؛ وﻫﻲ ﻧﯾﺔ راﺳﺧﺔ ﻓﻲ ذﻫن اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ﻟم ﯾﺟﻧﺢ ﻋﻧﻬﺎ ؛ﺑل إﻧﻬﺎ ﺑؤرة اﻟرﺣﻠﺔ،
ﻓﯾﺎﻓﻲ اﻟﻣﻐرب ( ﯾﺑﻌث ﻋﻠﻰ أوردﻩ ﻣن وﺻف ﻟﻸﺧر )ﺻﻧﻌﺎء ـ ﻏﯾر أن ﻣﺎ
اﻻﺳﺗﻐراب وﯾوﻟد اﻻرﺗﯾﺎب ﻓﻲ ذﻫن اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ،ﻣﻣﺎ ﯾﻔﺿﻲ ﺑﺎﺳﺗﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﺻدﯾق ،وﻟﻧﺎ أن
ﻧﻘول إﻧﻪ ﻗد ﻟﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﺧﺎرق واﻟﻌﺟﯾب ﺗﻌوﯾﺿﺎ ﻋن ﺟﻬل ﻟﻬذﻩ اﻟﺑﯾﺋﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ،
ﻓﻌدم اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﯾﻧﺗﻬﺎ واﻗﻌﯾﺎ ،ﯾﻔﺿﻲ ﺑﺎﻧﻔﺗﺎح اﻟرﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺧﯾﯾل ،ﻓﺎﻷﻓﺿﯾﺔ
ﻣﺟﻬوﻟﺔ ﻋﻧد اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ وﺗﺄﺛﯾﺛﻬﺎ ﺑﺣﻛﻲ ﻋﺟﺎﺋﺑﻲ ﯾﺧﻠق ﻓﺗﻧﺔ ﺳردﯾﺔ.
.1ﺑﯾﻧﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺎت ﻓﻲ ﺗﺣﻔﺔ اﻷﻟﺑﺎب وﻧﺧﺑﺔ اﻷﻋﺟﺎب أﻫم ﺳﻣﺔ ﻻزﻣﺔ ﺑﻧص
اﻟرﺣﻠﺔ ﺣﺿور اﻟﺷﺧﺻﯾﺎت اﻟﻌﺟﺎﺋﺑﯾﺔ ،وﻗﺑل اﻟوﻗوف ﻋﻧد اﻟﺷﺧﺻﯾﺎت اﻟﻌﺟﺎﺋﺑﯾﺔ،ﻧﻔرد
ﺗﺣدﯾدا ﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻓﻘد ﻛﺎﻧت ﻣﺣط ﻋﻧﺎﯾﺔ ﻟدى ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟدارﺳﯾن ذﻟك أﻧﻬﺎ
ﺗﻣﺛل ﻣﻊ اﻟﺣدث ﻋﻣود اﻟﺣﻛﺎﯾﺔ» ،وﻗد ﻧﺑﻬت اﻟﺳردﯾﺎت ﻣﺳﺗﻧدة إﻟﻰ اﻟﻣﻘﺎرﺑﺎت اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ
واﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ ،«....وﻣن أﻫم ﺧﺻﺎﺋص اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻓﻲ اﻟرﺣﻠﺔ ،ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟرﺣﺎﻟﺔ ﻓﻬﻲ
»ﺑﺎﻓﺗﻘﺎدﻫﺎ ﻟﻣﻼﻣﺢ ﺳﯾﻛوﻟوﺟﯾﺔ أو ﻓﺳﯾوﻟوﺟﯾﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻻ ﺗﺑﻛﻲ أو ﺗوﺳم
ﺗﺿﺣك ﻻ ﻫﻲ ﺑﺎﻟﺳﻣﯾﻧﺔ أو اﻟﻧﺣﯾﻔﺔ ،إﻧﻬﺎ ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻓﻛرﯾﺔ ﺗﻣﺎرس ارﺗﺣﺎل ﻋﺑر ﺟدﻟﻬﺎ
ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣرﺋﻲ ﺑﻣﻛوﻧﺎﺗﻪ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ وﻏﯾر اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ « ،54وﺗﻘﺳم اﻟﺷﺧﺻﯾﺎت وﻓق
ﺗﺣدﯾد ﻓﯾﻠﯾب ﻫﺎﻣون إﻟﻰ :
اﻟﺷﺧﺻﯾﺎت اﻟﻣرﺟﻌﯾﺔ :وﻫﻲ ﺷﺧﺻﯾﺎت ﻟﻬﺎ ﺣﺿور واﻗﻌﻲ ﻛﺎﻟﺷﺧﺻﯾﺎت أ.
اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،اﻟﺷﺧﺻﯾﺎت اﻷﺳطورﯾﺔ )ﻓﯾﻧوس روس ( ﺷﺧﺻﯾﺎت ﻣﺟﺎزﯾﺔ )اﻟﺣب،
70
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
71
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
أﻋود«،62وﺑﻌد أن ﻓﺗﺣوا اﻟﺟب اﻟﺛﺎﻟث وﺧرج ﻣﻧﻪ» ﻓﺎرس ﻛﺎﻟﺻﻘر ﻋﻠﻰ ﻓرس ﻛﺎﻟﺻﻘر
ﻓﻲ ﯾدﻩ رﻣﺢ ﻛﺎﻟﺻﻘر ﻓطﺎر ﻓﻲ اﻟﻬواء وﻫو ﯾﻧﺎدي ﯾﺎ ﻧﺑﻲ اﷲ ﻻ أﻋود « ،63ﻗﺎل
اﻷﻣﯾر ﻣوﺳﻰ وﻣن ﻛﺎن ﻣﻌﻪ ﻣن اﻟﻌﻠﻣﺎء ،ﻟﯾس اﻟﺻواب أن ﺗﻔﺗﺢ ﻫذﻩ اﻟﺟﺑﺎب ﻷن
ﻓﯾﻬﺎ ﺟﻧﺎ ﻗد ﺳﺟﻧﻬم ﺳﻠﯾﻣﺎن ﺑن داود ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ اﻟﺳﻼم ﻟﺗﻣردﻫم ،ﻓﺄﻋﺎد ﺑﻘﯾﺔ اﻟﺟﺑﺎب إﻟﻰ
اﻟﺑﺣﯾرة ،64ﻛﻣﺎ أورد ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ آﺧر ﺣدﯾﺛﺎ ﻋن ﺧﻠق اﻟﺟﺎن »ﻟﻣﺎ أراد اﷲ أن ﯾﺧﻠق
اﻟﺟﺎن ﺑﻘدر ﺧﻠق ﻧﺎر اﻟﺳﻣوم ،وﺧﻠق ﻣن ﻣﺎرﺟﻬﺎ ﺧﻠﻘﺎ ﺳ ﱠﻣﺎﻩ ﺟﺎﻧﺎ) (...ﺛم ﺧﻠق ﻣن
اﻟﺟن زوﺟﺗﻪ وﺳﻣﺎﻫﺎ ﺟﻧﯾﺔ ،ﻓﻐﺷﺎﻫﺎ زوﺟﻬﺎ اﻟﺟﺎن ﻓﺣﻣﻠت ﻣﺎ ﺷﺎء اﷲ ﻓﻠﻣﺎ أﺛﻘﻠت
وﺿﻌت إﺣدى وﺛﻼﺛﯾن ﺑﯾﺿﺔ ،ﻓﺎﻧﻔﻠﻘت ﺑﯾﺿﺔ واﺣدة ،ﻓﺧرج ﻣﻧﻬﺎ ﺣﯾوان ﻋﻠﻰ ﺧﻼف
اﻟﺟن ﻓﻲ اﻟﺧﻠق واﻟﺷﻛل ،ﻓﻘﺎﻟت ﻟﻬﺎ اﻟﺟﻧﯾﺔ :ﻣن ِ
أﻧت ،ﻓﻘﺎﻟت ﻗُطرﺑﺔ أم اﻟﻘطﺎرب
ﻓﻘﺎﻟت اﻟﺟﻧﺑﺔ :ﯾﺎ ﻗطرﺑﺔ ﻟﻣﺎذا ﺧﻠﻘت؟ ﻗﺎﻟت ﻗطرﺑﺔ ﺧﻠﻘت ﻷﺣﺿن ﻫذا اﻟﺑﯾض وأﻓرﻗﻪ
ﻓﻲ ﻣﺿﺎﻧﻪ ،ﻗﺎﻟت اﻟﺟﻧﯾﺔ ﻓدوﻧك.ﻓﺟﻠﺳت اﻟﻘطرﺑﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﺑﯾض ﺷﻬ ار واﺣدا،
ﻓﻘﺻت ﻣﻧﻬﺎ ﺑﯾﺿﺔ واﺣدة ﻓﺧرج ﻣﻧﻬﺎ ﺳﺗون أﻟف إﺑﻠﯾس وﺳﺗون أﻟف إﺑﻠﯾﺳﺔ ،ذﻛو ار
ٕواﻧﺎﺛﺎ واﷲ أﻋﻠم /إﺑﻠﯾس اﻟﻠﻌﯾن ﻣﻧﻬم ،وﻓﻘﺳت ﺑﯾﺿﺔ أﺧرى ﻓﺧرج ﻣﻧﻬﺎ ﺳﺗون أﻟﻔﺎ ﻣن
اﻟﺳﻌﺎﻟﻲ وﺳﺗون أﻟﻔﺎ ﻣن إﻧﺎﺛﻬم ،وﻓﻘﺳت ﺑﯾﺿﺔ أﺧرى ﻓﺧرج ﻣﻧﻬﺎ ﺳﺗون أﻟﻔﺎ ﻣن
اﻟﻐﯾﻼن وﻣﺛﻠﻬم ﻣن إﻧﺎﺛﻬم « ،65ﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻗوﻟﻪ إن اﻟﻌﺟﺎﺋﺑﻲ »ﯾﺳﺗﻣد وﺟودﻩ ﻣن
اﻟﺗراث اﻟﻌرﺑﻲ واﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺑﻪ اﻟﺳردي ﻣن ﺣﻛﺎﯾﺎت وﺗﺻوف وأﺧﺑﺎر ..وﻣن
اﻟﻣﻠل واﻟﻧﺣل واﻟﻣﻌﺗﻘدات اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ وﻣن ﻋﻧف اﻟواﻗﻊ ٕواﻛراﻫﺎﺗﻪ ﻓﺿﻼ ﻋن ﺗﺄﺛﯾرات
اﻟﻣﺛﺎﻗﻔﺔ« ،66وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻐذي اﻟﻧص اﻟرﺣﻠﻲ ،وﯾﺟﻌﻠﻪ ﻣﻧﻔﺗﺣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎﻟق اﻟﻧﺻﻲ.
ﯾﺗﺟﻠﻰ ﻟﻧﺎ وﻣن ﺧﻼل اﻟوﺻف أن اﻟﺣﻛﺎﯾﺔ ﺗﺿﻔﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺎن ﺑﻌدا ﺣﯾواﻧﯾﺎ ﻓﻲ
ﺗﻛﺎﺛرﻫم ،ﻛﻣﺎ ﯾﺳﺗﺣﺿر ﺷﺎﻫدﻩ ﻣن اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ،ﻟﯾوﺟﻪ اﻟﻘﺎرئ ﺑذﻟك إﻟﻰ ﺗﻌدﯾل أﻓﻘﻪ
ﻧﺣو اﻟﺗﺻدﯾق دون اﻟﺗﻛذﯾب؛ ﻷﻧﻪ ﯾدرك أن ﻗﺎرءﻩ ﻟن ﯾﺻدق ﻫذﻩ اﻟﺣﻛﺎﯾﺎت ،وﺑﻐﯾﺔ
ﺗﺣﻘﯾق ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﺻدﯾق ،ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﻧص اﻟﻘرآﻧﻲ ﻟﯾﺛﺑت أن اﻟﺟن ﻗد ورد ذﻛرﻩ وﺑﻬذا ﻻ
ﻣﺟﺎل إﻟﻰ اﻟﺗﻛذﯾب ﻛﺄﻧﻪ ﻧوع ﻣن ﺿﺑط أﻓق اﻟﻘﺎرئ وﺗوﺟﯾﻪ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻠﻘﻲ ﺑ ـ ﻗوﻟﻪ
ﱠﻣ ِ ِ ِ
وم(ﺳورة اﻟﺣﺟر آﯾﺔ .27 ﺎن َﺧﻠَ ْﻘَﻧﺎﻩُ ﻣ ْن ﻗَْﺑ ُل ﻣ ْن َﻧ ِﺎر اﻟﺳ ُ
ﺗﻌﺎﻟﻰ ) َوا ْﻟ َﺟ ﱠ
72
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
اﻟﻣﺳﺦ :ﺗﺑدو اﻟﺣﻛﺎﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﻋن أﻫل ﺻﻧﻌﺎء ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ »وﻋن ﺻﻧﻌﺎء أﻣﺔ
ﻣن اﻟﻌرب ﻗد ﻣﺳﺧوا ،ﻛل إﻧﺳﺎن ﻣﻧﻬم ﻧﺻف إﻧﺳﺎن ﻟﻪ ﻧﺻف رأس ،وﻧﺻف ﺑدن
وﯾد واﺣدة ،ورﺟل واﺣدة ،ﯾﻘﺎل ﻟﻬم وﯾﺎر ،وﻫم ﻣن وﻟد إرم ﺑن ﺳﺎم أﺧو ﻋﺎد وﺛﻣود،
67
ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ وﻟﯾس ﻟﻬم ﻋﻘول ﯾﻌﺷون اﻵﺟﺎم وﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﺷﺣر ﻋﻠﻰ ﺷﺎطﺊ ﺑﺣر اﻟﻬﻧد«
ﻟﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺳﻣﯾﻪ اﻟﻣﻣﺳوﺧﺎت وﻫﻲ» ﻛﺎﺋﻧﺎت ﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن ﺗرﻛﯾب أﻛﺛر ﻣن ﺟﻧس ،أو
اﻟﺗﻲ ﻧﺟدﻫﺎ ﺟﻧﺳﺎ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗرﻛﯾب ﻋن ﺑﺎﻗﻲ اﻷﺟﻧﺎس« ،68وﻻ ﻧﻌﺗﻘد أن اﻟﻌﻣﺎﻟﻘﺔ ﻣن
اﻟﺑﺷر ﻛﺎﺋﻧﺎت ﻣﻣﺳوﺧﺔ ،ﻛﻣﺎ ﻗد ﯾذﻫب اﻟﺑﻌض ﻓرﻏم ﻛﺑر ﺣﺟﻣﻬﺎ وﺿﺧﺎﻣﺗﻬﺎ إﻻ أﻧﻬﺎ
ﺗﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ ﺗرﻛﯾﺑﺗﻬﺎ اﻟﺑﺷرﯾﺔ اﻟﺳوﯾﺔ.
73
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
اﺧﺗﻠف اﻟﻧﻘﺎد ﻓﻲ دراﺳﺎﺗﻬم ﻟﻠﻔﺿﺎء »ﻓﺈن ﻛﺎن اﻟﻔﺿﺎء ﻣﺟﺎﻻ ﻣﻔﺗوﺣﺎ ﻟﻼﺟﺗﻬﺎد
واﻟﺗﺻورات اﻟﻣﺗﻌددة اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﺻل إﻟﻰ ﺣد ﺑﻠورة ﻧظرﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠﻔﺿﺎء ،ﺑل ظﻠت
وﺟﻬﺎت ﻧظر اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﺗﺗﺄﺳس وﻓق ﻗﺎﻋدة ﻣﺎ ﺗﻘدﻣﻪ أﻋﻣﺎل ﻣﺣددة ،وﻟم ﯾﺻل اﻷﻣر
إﻟﻰ ﺗﺻورات ﻟﻬﺎ ﺣد اﻟﺷﻣوﻟﯾﺔ واﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ« ،72ﻗﺑل اﻟﺣدﯾث ﻋن ﺑﯾﻧﺔ اﻟﻔﺿﺎء ﻓﻲ
ﻧﺣدد أﻧواع اﻷﻓﺿﯾﺔ.
اﻟﻧص اﻟرﺣﻠﻲّ ،
.2أﻧواع اﻟﻔﺿﺎءات:
اﻟﻔﺿﺎءات اﻟﻣرﺟﻌﯾﺔ :وﻫﻲ اﻟﻔﺿﺎءات اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن اﻟﻌﺛور ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ أرض أ.
اﻟواﻗﻊ ،ﺿﻣن اﻟﻣﺻﻧﻔﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ أو اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ واﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺣدد إﻻ
ﻣن ﺧﻼل اﻻﺳم أو اﻟﺻﻔﺎت وﺗﻛون ﺑذرة ﻟﻠﻌﺟﺎﺋﺑﻲ ،ﻛﻣﺎ ﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ اﻟﻧﺳﺎء
اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻓﯾﺎﻓﻲ اﻟﻣﻐرب » وذﻛر أن ﻓﻲ ﻓﯾﺎﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب أﻣﺔ ﻣن وﻟد آدم ﻛﻠﻬم
ﻧﺳﺎء وﻻ ﯾﻛون ﺑﯾﻧﻬم ذﻛر ،وﻻ ﯾﻌﯾش ﻓﻲ أرﺿﻬم وأن أوﻟﺋك اﻟﻧﺳﺎء ﯾدﺧﻠن ﻓﻲ ﻣﺎء
ﻋﻧدﻫم ﻓﯾﺣﻣﻠن ﻣن ذﻟك اﻟﻣﺎء ،ﻓﺗﻠد ﻛل اﻣرأة ﺑﻧﺗﺎ وﻻ ﺗﻠد ذﻛ ار اﻟﺑﺗﺗﺔ«.73
ب .اﻟﻔﺿﺎءات اﻟﺗﺧﯾﯾﻠﯾﺔ :ﻫﻲ ﻓﺿﺎءات ﯾﻘوم اﻟراوي ﺑﺎﺧﺗﻼﻗﻬﺎ ﺑﻣﺎ ﯾﻘﺗﺿﯾﻪ
اﻟﺳرد ﻛﺎﻟﻔﺿﺎء اﻟوردي ـ اﻟﻔﺿﺎء اﻟﻘﻔري ـ ﻓﺿﺎء اﻟﻣﻌﺎرك ـ وـﺎﻟﻔﺿﺎء اﻟﻣﺗﺧﯾل ﺑﻛل
أﺷﻛﺎﻟﻪ ﻛﻔﺿﺎء اﻟﻌﺎﻟم اﻵﺧر ـ وﻓﺿﺎء اﻟرؤﯾﺎ واﻟﺣﻠم واﻟﻣﻧﺎﻣﺎت ،74ﻫذا اﻷﺧﯾر »اﻟذي
ﯾﻧﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﺳﯾﺞ ﻓﻛري ﻓﻧﻲ ﯾﻐﺎﯾر اﻟﻧﺻوص اﻟﺳردﯾﺔ اﻟﻣﻌروﻓﺔ ،ﻫو ﻧص رﻣزي
ﻣﺷﺑﻊ ﺑﺎﻟدﻻﻻت واﻟرؤى ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﻘرﺑﻪ ﻣن اﻟﻧص اﻟﻣﺣﯾر « ،75وﻣن ﺑﯾن
اﻟﻣﻧﺎﻣﺎت اﻟﺗﻲ وظﻔت ﻓﺿﺎء اﻵﺧروي ُﻧﻠﻔﻲ اﻟﻣﻧﺎم اﻟﻛﺑﯾر ﻟﻠوﻫراﻧﻲ ،76اﻟذي ﺳﻌﻰ
ﺻﺎﺣﺑﻪ إﻟﻰ ﺗﻌرﯾﺔ واﻗﻊ اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﺳﯾﺎﺳﻲ ودﯾﻧﻲ وأدﺑﻲ ﻣﺳﯾطر،ﻋﺑر ﺗﺻوﯾر
ﺑﺎﻧوراﻣﻲ اﻧﺗﻘﺎدي ﺳﺎﺧر ﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻘرن اﻟﺳﺎدس ﻫﺟري » وﻗد أطر ﻣﻧﺎﻣﻪ اﻟﻛﺑﯾر
ﺑﺳﺧرﯾﺔ ﻻذﻋﺔ ﻣﺎﺟﻧﺔ ،إﻻ أﻧﻪ ﺣﻣﻠﻬﺎ ﺳؤاﻻ واﺿﺣﺎ ﻋن دوﻟﺔ اﺗﺧذت أرﺑﺎب اﻟﻌﻠم
واﻷدب واﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺿﺎء ،وﻫم ﻣﺗﻬﻣون ﻓﻲ ذﻟك ﻛﻠﻪ ،أرﻛﺎﻧﺎ ﻟﻬﺎ«،77إن ﻣﺛل ﻫذﻩ
اﻟﻧﺻوص –ﻋﻣوﻣﺎ -ﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﻛﺷف ﻋﯾوب ﻧﺳﻘﯾﺔ )ﻓﻛرﯾﺔ ،ﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ،اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ،
دﯾﻧﯾﺔ( داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ.
74
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
75
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
ﻓﺎﻗﺗرب ﻣﻧﻪ إﻟﻰ أن دﺧل اﻟﻣدﯾﻧﺔ اﻟﺗﻲ ﻋظﻣت ﻓﻲ ﻋﯾﻧﻪ وﻗﺎل ﻓﻲ ﻧﻔﺳﻪ :ﻫذﻩ ﺗﺷﺑﻪ
اﻟﺟﻧﺔ اﻟﺗﻲ وﻋدﻫﺎ اﷲ ﻋﺑﺎدﻩ اﻟﻣﺗﻘﯾن ﻓﻲ اﻵﺧرة ،وﺣﻣل ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﻗدر ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﺟواﻫر
وﯾواﻗﯾت وﺑﻠﻎ ﺧﺑرﻩ ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﻓﺄﺣﺿرﻩ وﻗص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﺑﺣث ﻋن ﻛﻌب اﻷﺣﺑﺎر وﺳﺄﻟﻪ ﻋن
ذﻟك ﻓﻘﺎل :ﻫﻲ إرم ذات اﻟﻌﻣﺎد أﺧﻔﺎﻫﺎ اﷲ ﻋن أﻋﯾن اﻟﻧﺎس ،وﺳﯾدﺧﻠﻬﺎ ﻣن ﻫذﻩ اﻷﻣﺔ
رﺟل ﯾﻘﺎل ﻟﻪ ﻋﺑد اﷲ ﺑن ﻗﻼﺑﺔ اﻷﻧﺻﺎري ،وﺟﻌل ﯾﺻﻔﻪ ﺛم إﻧﻪ ﻧظر إﻟﻰ ﻋﺑد اﷲ
اﻟﻣذﻛور ﺟﺎﻟﺳﺎ ﻋﻧد ﻣﻌﺎوﯾﺔ ﻓﻘﺎل :ﻫذا ﻫو ذاك اﻟﻘﺎﻋد ﻓﺳﻠﻪ ﻋﻣﺎ ﻗﻠت ﻟك ،ﻓﺈن
ﺻﻔﺗﻪ واﺳﻪ ﻓﻲ اﻟﺗوراة وﻻ ﯾدﺧﻠﻬﺎ أﺣد ﺑﻌدﻩ إﻟﻰ ﯾوم اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ .82
ﻣن اﻟﻼﻓت ﱠ
أن ﻫذا اﻟوﺻف اﻟﻌﺟﺎﺋﺑﻲ ﻟﻣدﯾﻧﺔ )إرم ذات اﻟﻌﻣﺎد ( ،ﯾﺷﻲ ﺑﺄن ﻣﺧﯾﻠﺔ
اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﺳردﯾﺔ ﺗﻣﺗﻠك ﻗدرة ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺳﺞ ﻓﺿﺎءات وﻣﻧﺣﻬﺎ ﺷرﻋﯾﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ
اﻟوﻫﻣﯾﺔٕ ،وان ﻛﺎﻧت ﻗد ﺗﻌود ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﻛﺎﯾﺎت إﻟﻰ اﻹﺳراﺋﯾﻠﯾﺎت ،83واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ إن
ﻫﺎﺟس اﻟﻐرﻧﺎطﻲ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻛﺎن »ﻣطﺎردة اﻹﺷﻌﺎﻋﺎت اﻷﺳطورﯾﺔ اﻟﻣﻧﺗﺷرة ﻫﻧﺎ وﻫﻧﺎك
ﺗداع ﯾﻧﺎﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎر اﻟﻔﻌﻠﻲ اﻟذي ﯾﺳﻠﻛﻪ
ٍ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﻘل وﻓق ﻋﻠﻰ اﻟرﻗﻊ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ
اﻟﻣﺳﺗﻛﺷف اﻟﺟﻐراﻓﻲ أﺛﻧﺎء ارﺗﯾﺎدﻩ اﻷﻓﺎق ،وﻫو ﻣﺎ ﺟﻌل ﺑﻧﯾﺔ اﻟﻧص ﻣﻧذ اﻧﺑﺛﺎﻗﻪ ﻋﻠﻰ
ﻧﻬﺎﯾﺗﻪ ﯾﺗﺄﻟف ﻣن ﻣﻘﺎطﻊ وﺻﻔﯾﺔ ﺗﺣﺗل ﻓﻘرة أو ﻓﻘرﺗﯾن ،وﻫﻲ وﺣدة ﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻻ
ﺗرﺗﺑط ﻋﺿوﯾﺎ ﺑﻣﺎ ﻗﺑﻠﻬﺎ « ،84وﻗد أﻟﻔﯾﻧﺎ وﺻﻔﺎ ﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻔﺿﺎءات اﻟﻌﺟﺎﺋﺑﯾﺔ
ﻛـ)ﻣدﯾﻧﺔ اﻟﻧﺣﺎس( واﻟﺗﻲ ﺗزﻋم اﻟﺣﻛﺎﯾﺎت أن )ﻣوﺳﻰ ﺑن اﻟﻧﺻﯾر( ﻗد ﺳﺎر إﻟﻲ اﻷﻧدﻟس
ﻟﻠﺗﻌرف ﻋﻠﯾﻬﺎ ،وﻣﻧﺎرة اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ﺑﺣﺟﺎرة ﻣﻬﻧدﻣﺔ ﻣﺿﺑﺑﺔ ﺑﺎﻟرﺻﺎص ﻋﻠﻰ
ﻗﻧﺎطر ﻣن زﺟﺎج ،وﺣﺎﺋط اﻟﻌﺟوز ﺑﻣﺻر وﻫو ﻣن اﻟﻣﺑﺎﻧﻲ اﻟﻘدم ﻓﻲ ﻣﺻر ،واﻟﺗﻲ
ﺑﻧﺗﻪ دﻟوﻛﺎ أﺣد ﻣﻠوك ﻣﺻر ،وﻫذا اﻟﺣﺎﺋط ﻣن اﻟﻌرﯾش ﻋﻠﻰ أﺳوان ﺷﺎﻣﻼ أﻋﻣﺎل
ﻣﺻر ﻣن اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺷرﻗﻲ ،وﺗزﻋم اﻟﻘﺑط ﻓﻲ ﺳﺑب ﺑﻧﯾﺎﻧﻬﺎ ﻟﻪ ،أن اﷲ ﻟﻣﺎ أﻏرق ﻓرﻋون
ﺧﺎﻓت دﻟوﻛﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺻر أن ﺗطﻣﻊ اﻟﻣﻠوك ﻓﯾﻬﺎ ﻓﺑﻧﺗﻪ وزوﺟت اﻟﻧﺳﺎء ﻣن اﻟﻌﺑﯾد ﺣﺗﻰ
ﺗﻛﺛر اﻟذرﯾﺔ .85
.2اﻟﻔﺿﺎء اﻟﺑﺣري :ﯾﻣﺗﺎز ﺑﺧﺻﺎﺋص ﻋدة ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ اﻟﻐﻣوض ،وﺳﯾطرة
اﻟرﻋب ﻋﻠﻰ اﻟرﺣﺎﻟﺔ أﺛﻧﺎء اﺟﺗﯾﺎزﻩ »وﻟﻘد ﻛﻧت ﻓﻲ ﻣﺟﻣﻊ اﻟﺑﺣرﯾن ﻓﻲ ﺳﻔﯾﻧﺔ ﻓﺧرﺟت
ﺳﻣﻛﺔ ﻣن اﻟﺑﺣر ﻣﺛل اﻟﺟﺑل اﻟﻌظﯾم ﻓﺻﺎﺣت ﺻﯾﺣﺔ ﻟم اﺳﻣﻊ ﻗط أوﺣش ﻣﻧﻬﺎ وﻻ
76
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
أﻫول وﻻ أﻗوى ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻛﺎد أن ﯾﻧﺧﻠﻊ ﻗﻠﺑﻲ وﺳﻘطت ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻲ أﻧﺎ وﻏﯾري ،وأﻟﻘت
ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺑر واﺿطرب اﻟﺑﺣر ﻋﻠﯾﻧﺎ ،وﻋظﻣت أﻣواﺟﻪ وﺧﻔﻧﺎ اﻟﻐرق ﺣﺗﻰ ﻧﺟﺎﻧﺎ اﷲ
« ،86ﻛﻣﺎ ﯾﺷﻬد ﻫذا اﻟﻔﺿﺎء اﻧﺗﺷﺎر اﻟﻌﺟﯾب واﻟﻐرﯾب .
.3اﻟﻔﺿﺎء اﻟﺑري :ﯾﻔﺳﺢ ﻫذا اﻟﻔﺿﺎء اﻟﻣﺟﺎل ﻟﻠوﺻف ،ﻋن طرﯾق ﺗﻌداد
ﺟزﺋﯾﺎﺗﻪ اﻟﻛﺛﯾرة ،واﺧﺗﻼف ﺻورﻩ وأﺣداﺛﻪ ،87وﻗد ﺗﺟﻠﻰ ذﻟك ﻓﻲ وﺻﻔﻪ ﻟﻣﻧﺎرة
اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ.
ﺑﻬذا ﻓﻘد ،ﺑﻧﯾت اﻷﻓﺿﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻐرﻧﺎطﻲ وﻓق ﻫﻧدﺳﺔ ﺗﺗﻛﺊ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺷوﯾق ؛ﺣﯾث
اﻋﺗﻣد ﻋﺟﯾب اﻟﺣﻛﻲ ،إﻻ أن اﻟﻼﻓت ﻫو رﻫﺎن ﺻﺎﺣب )ﺗﺣﻔﺔ اﻷﻟﺑﺎب (ﻋﻠﻰ ﺗﺣوﯾل
ﻣﺎ ﻫو ﻋﺟﯾب إﻟﻰ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﺻدﯾق ،ﻣﻣﺎ ﯾﺧول ﻟﻧﺎ اﻟﻘول ﻟﻘد ﺷﻛل ﻧﺻﺎ رﺣﻠﯾﺎ،
ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﻔﺗﻧﺔ ﺳردﯾﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ .
وﻓﻲ اﻟﺧﺗﺎم ﻟﻧﺎ أن ﻧﻘول :
ﺣﻣﻠت ﻧظرة اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ﻓﻲ ﺗﺷﻛﯾل ﺻورة اﻵﺧر ﺑﺎﻟﺑﻌد اﻟﻌﻘﺎﺋدي ﻋﺑر ﺗﺣﻛم
اﻟﻧﺳق اﻟدﯾﻧﻲ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ واﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺧﺻوص .وﻗد ﺗﻠﻣﺳﻧﺎ أن
اﻻﻧﺗﻘﺎص ﻣن اﻵﺧر ﯾﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻏﯾﺎب اﻟدﯾن ،وﺗﺗﺣﻘق درﺟﺔ اﻟﺗﻔوق واﻻﻧﺳﺟﺎم
ﻛﻠﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻷﻣﺔ اﻟﺗﻲ ارﺗﺣل إﻟﯾﻬﺎ اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ﻣﺳﻠﻣﺔ .
ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ﺑﺎﻟﺑﻌد اﻟﻌﺟﺎﺋﺑﻲ وﺗﺟﻠﻰ ذﻟك ﻣﻊ ﺗوﺳم اﻷﻓﺿﯾﺔ
اﻷﺻﻘﺎع اﻟﺗﻲ ﺗﺻﻌب ﻓﯾﻬﺎ ﺣرﻛﺎت اﻟﺗواﺻل وﻣﻌﺎﯾﻧﺗﻬﺎ ﻓﺗﺗﺣول إﻟﻰ ﻓﺿﺎءات ﻣﺗﺧﯾﻠﺔ
ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺛﻣﺎر اﻟﻣدﻫش واﻟﺧﺎرق واﻟﻌﺟﯾب ﻣﺛل ﻣﺎ ﻫو ﻓﻲ وﺻف ﻓﺿﺎء /ﻣدﯾﻧﺔ
اﻟﻧﺣﺎس .
اﺳﺗﻐل اﻟﻐرﻧﺎطﻲ اﻟﺷﺧﺻﯾﺎت اﻟﻌﺟﺎﺋﺑﯾﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ اﻟﻣﺧطط اﻟذي
اﺑﺗﻐﺎﻩ ﻓﻲ إﯾراد ﻋﺟﺎﺋب ﺧﻠق اﷲ ﻓﻲ اﻷرض .
77
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
ﻫواﻣش:
1
ـ ﻓؤاد ﻗﻧدﯾل :أدب اﻟرﺣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻌرﺑﻲ ،ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟدار اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب ،ط ،2ﻣﺻر2002 ،
ص 358
2
ـ اﻏﻧﺎطﯾوش ﺑوﻟﯾﺎﻧوﺛﺗش ﻛراﺗﺷﻛوﻓﺳﻛﻲ :ﺗﺎرﯾﺦ اﻷدب اﻟﺟﻐراﻓﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ،ﺗرﺟﻣﺔ ﺻﻼح اﻟدﯾن ﻋﺛﻣﺎن
ﻫﺎﺷم ،ج ،1اﻹدارة اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ﻣﺻر ،1957 ،ص 295
-3ﻣﺣﻣد ﻓﻛري اﻟﺟزار :اﻟﻌﻧوان وﺳﯾﻣﯾوطﯾﻘﺎ اﻻﺗﺻﺎل اﻷدﺑﻲ ،ط،1اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب ،ﻣﺻر،
،1998ص23
-4ﻣﺣﻣد ﻣﻔﺗﺎح :دﯾﻧﺎﻣﯾﺔ اﻟﻧص )ﺗﻧظﯾر ٕواﻧﺟﺎز( ،ط ،2اﻟﻣرﻛز اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ،ﺑﯾروت /اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء،
،1990ص.57
-5ﻣﺣﻣد ﻣﻔﺗﺎح :دﯾﻧﺎﻣﯾﺔ اﻟﻧص ،ص.57
-6اﺑن ﻣﻧظور :ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ،ﻣﺎدة ﺗﺣﻔﺔ .
-7اﺑن ﻣﻧظور :ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ﻣﺎدة ﻧﺧب.
-8ﻋﺑد اﻟﻣﺟﯾد ﻧوﺳﻲ :اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺳﯾﻣﯾﺎﺋﻲ ﻟﻠﺧطﺎب اﻟرواﺋﻲ )اﻟﺑﻧﯾﺎت اﻟﺧطﺎﺑﯾﺔ ـ اﻟﺗرﻛﯾب ـ اﻟدﻻﻟﺔ (،
ﺷرﻛﺔ اﻟﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ،اط ،1اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء ،اﻟﻣﻐرب ،2002 ،ص 109
-9ﺣﺳﯾن ﻣؤﻧس :اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ واﻟﺟﻐراﻓﯾون ،ﻣﻛﺗﺑﺔ ﻣدﺑوﻟﻲ ،ط ،1ﻣﺻر،1986 ،ص 242
-10ﺣﺳن ﻣودن أدﺑﯾﺔ اﻟرﺣﻠﺔ ،دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،ط ،1اﻟﻣﻐرب ،1996 ،ص 25
-11أﺑو ﺣﺎﻣد اﻟﻐرﻧﺎطﻲ :ﺗﺣﻔﺔ اﻷﻟﺑﺎب وﻧﺧﺑﺔ اﻷﻋﺟﺎب ،ﺗﺣﻘﯾق ﻋﻠﻲ ﻋﻣر ،ط ،1ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ
اﻟدﯾﻧﯾﺔ ،ﻣﺻر ،2003 ،ص 15
-12أﺑو ﺣﺎﻣد اﻟﻐرﻧﺎطﻲ :ﺗﺣﻔﺔ اﻷﻟﺑﺎب وﻧﺧﺑﺔ اﻷﻋﺟﺎب ،ص 75
-13اﻏﻧﺎطﯾوش ﺑوﻟﯾﺎﻧوﺛﺗش ﻛراﺗﺷﻛوﻓﺳﻛﻲ :ﺗﺎرﯾﺦ اﻷدب اﻟﺟﻐراﻓﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ،ص.296
-14ﯾﺎﺳﯾن ﻧﺻﯾر :اﻻﺳﺗﻬﻼل ﻓن اﻟﺑداﯾﺎت ﻓﻲ اﻟﻧص اﻷدﺑﻲ ،ص.21
-15أﺳﺎﻣﺔ ﺑﻧﻣﻧﻘد ـ اﻟﺑدﯾﻊ ﻓﻲ ﻧﻘد اﻟﺷﻌر ،ﺗﺣﻘﯾق أﺣﻣد ﺑدوي ،وﺣﺎﻣد ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد،اﻟﻘﺎﻫرة،1960 ،
ص.285
-16اﺑن اﻷﺛﯾر :اﻟﻣﺛل اﻟﺳﺎﺋر ج،2ص.304
-17ﺷﻌﯾب ﺣﻠﯾﻔﻲ :ﻫوﯾﺔ اﻟﻌﻼﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﺗﺑﺎت وﺑﻧﺎء اﻟﺗﺄوﯾل ،دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،ط ،1اﻟﻣﻐرب،2005 ،
ص.91
-18اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ :اﻟﺻﻔﺣﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ.
-19ﻧﺎﻫﺿﺔ ﻋﺑد اﻟﺳﺗﺎر :ﺑﻧﯾﺔ اﻟﺳرد ﻓﻲ اﻟﻘﺻص اﻟﺻوﻓﻲ ،اﻟﻣﻛوﻧﺎت ،واﻟوظﺎﺋف ،واﻟﺗﻘﻧﯾﺎت ،دراﺳﺔ،
اﺗﺣﺎد اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌرب ،ط ،1دﻣﺷق ،2003 ،ص.86
78
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
-20ﺻدوق ﻧور اﻟدﯾن :اﻟﺑداﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧص اﻟرواﺋﻲ ،دار اﻟﺣوار ،ط ،1ﺳورﯾﺎ ،ص.17
-21ﻣﺣﻣد اﻟﻘﺎﺿﻲ وآﺧرون :ﻣﻌﺟم اﻟﺳردﯾﺎت ،اﻟراﺑطﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﻠﻧﺎﺷرﯾن اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﯾن ،ط ،1ﺗوﻧس،
،2010ص .302
-أﺑو ﺣﺎﻣد اﻟﻐرﻧﺎطﻲ :ﺗﺣﻔﺔ اﻷﻟﺑﺎب وﻧﺧﺑﺔ اﻷﻋﺟﺎب ،ص .15
22
79
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
80
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
56
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ :ص .24
57
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ :ص .25
58
-دﻋد ﻧﺻﺎر :اﻟﻣﻧﺎﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﻣوروث اﻟﺣﻛﺎﺋﻲ اﻟﻌرﺑﻲ دراﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻧص اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ واﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺳردﯾﺔ،
ص .294
59
-ﻣﺣﻣد اﻟﻘﺎﺿﻲ وآﺧرون :ﻣﻌﺟم اﻟﺳردﯾﺎت ،ص.270
60
-ﺳﻌﯾد ﯾﻘطﯾن :ﻗﺎل اﻟراوي ،اﻟﺑﻧﯾﺎت اﻟﺣﻛﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾرة اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ،اﻟﻣرﻛز اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌرﺑﻲ ،ط،1
ﺑﯾروت /اﻟدار اﻟﺑﯾﺿﺎء1997 ،ص .99
61
-أﺑو ﺣﺎﻣد اﻟﻐرﻧﺎطﻲ :ﺗﺣﻔﺔ اﻟﻠﺑﺎب وﻧﺧﺑﺔ اﻷﻋﺟﺎب ،ص .33
62
-اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ :اﻟﺻﻔﺣﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ .
63
-اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ :ص.33
64
-اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ :ص .34
65
-اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ :ص .23
66
-ﺷﻌﯾب ﺣﻠﯾﻔﻲ :ﻫوﯾﺔ اﻟﻌﻼﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﺗﺑﺎت واﻟﺑﻧﺎء ،ص .199
67
-أﺑو ﺣﺎﻣد اﻟﻐرﻧﺎطﻲ :ﺗﺣﻔﺔ اﻷﻟﺑﺎب وﻧﺧﺑﺔ اﻷﻋﺟﺎب ،ص.19
68
-ﺳﻌﯾد ﯾﻘطﯾن :ﻗﺎل اﻟراوي اﻟﺑﻧﯾﺎت اﻟﺣﻛﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾرة اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ،ص .102
69
-اﺑن ﻣﻧظور :ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ﻣﺎدة أﻓﺿﺎ ،ج.13
-70ﻣطﺎع اﻟﺻﻔدي :ﻣﻐﺎﻣرة اﻻﺧﺗﻼف واﻟﺣداﺛﺔ ،ﺿﻣن ﺟﻠﺔ اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻣﻌﺎﺻر ،ﻋدد،45/44
،1967ص.4
-71ﻋﺑد اﻟﻣﻠك ﻣرﺗﺎض :ﻓﻲ ﻧظرﯾﺔ اﻟرواﯾﺔ ،ﺑﺣث ﻓﻲ ﺗﻘﻧﯾﺔ اﻟﺳرد ،ﯾﺻدر ﻋن اﻟﻣﺟﻠس اﻟوطﻧﻲ
ﻟﻠﺛﻘﺎﻓﺔ واﻟﻔﻧون وا اﻵداب ،اﻟﻛوﯾت ،198 ،ص .141
-72ﺳﻌﯾد ﯾﻘطﯾن :ﻗﺎل اﻟراوي اﻟﺑﻧﯾﺎت اﻟﺣﻛﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾرة اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ،ص.238
-73أﺑو ﺣﺎﻣد اﻟﻐرﻧﺎطﻲ :ﺗﺣﻔﺔ اﻷﻟﺑﺎب وﻧﺧﺑﺔ اﻷﻋﺟﺎب ،ص 19
74
-ﺳﻌﯾد ﯾﻘطﯾن :ﻗﺎل اﻟراوي اﻟﺑﻧﯾﺎت اﻟﺣﻛﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾرة اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ،ص274
75
-دﻋد اﻟﻧﺎﺻر :اﻟﻣﻧﺎﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﻣوروث اﻟﺣﻛﺎﺋﻲ اﻟﻌرﺑﻲ دراﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻧص اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ واﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺳردﯾﺔ،
اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت واﻟﻧﺷر ،ط 1ن ﺑﯾروت ،2008 ،ص 23
-76رﻛن اﻟدﯾن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣﺟﻣد ﺑن ﻣﺣرز اﻟوﻫراﻧﻲ اﻟﻣﺗوﻓﻲ ﺳﻧﺔ ،1575ﯾﻛﺎد ﯾﻛون ﻣﺟﻬوﻻ ﻟدي
ﺟﻣﻬرة اﻟﻣﺗﺄدﺑﯾن ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﺣﺎﺿر ،واﻟﻣﺗﺧﺻﺻون ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻷدب اﻟﻌرﺑﻲ ﻻ ﯾﻌرﻓون ﻋﻧﻪ إﻻ
اﻟﻘﻠﯾل ،ﯾﻌود ﻧﺳﺑﻪ إﻟﻰ ﻣدﯾﻧﺔ وﻫران ﺑﺎﻟﻐرب اﻟﺟزاﺋري ﻟم ﺗﺻر اﻟﻣﺻﺎدر ﺷﯾﺋﺎ ﻋن وﻻدﺗﻪ وﻧﺷﺄﺗﻪ
81
ISSN: 2335-1586 ﻣﺟﻠﺔ إﺷﻛﺎﻻت
رﻗم اﻟﻌدد اﻟﺗﺳﻠﺳﻠﻲ 14 ﻣﺟﻠد 07 :ﻋدد 01 :اﻟﺳﻧﺔ 2018
ودراﺳﺗﻪ ،واﻛﺗﻔت ﺑﺎﻟﻘول إﻧﻪ ﻋﺎﻟم أدﯾب ﺷﺎﻋرـ ﺟﺎء ﻣﺻر ﺛم ارﺗﺣل إﻟﻰ اﻟﺷﺎم ﻓﻲ ﻋﻬد اﻟﻣﻠك اﻟﻌﺎدل
ﻧور اﻟدﯾن ﻣﺣﻣود ﺑن ﻋﻣﺎد اﻟدﯾن زﻧﻛﻲ .
-77دﻋد اﻟﻧﺻﺎر :اﻟﻣﻧﺎﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﻣوروث اﻟﺣﻛﺎﺋﻲ ،دراﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻧص اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ واﻟﺑﻧﯾﺔ اﻟﺳردﯾﺔ،
ص195
78
ـ ﻋﺑد اﻟﻣﻠك ﻣرﺗﺎض :ﻓﻲ ﻧظرﯾﺔ اﻟرواﯾﺔ ﺑﺣث ﻓﻲ ﺗﻘﻧﯾﺔ اﻟﺳرد ،ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻋﺎﻟم اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﺗﺻدر ﻋن
اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﺛﻘﺎﻓﺔ ،اﻟﻛوﯾت ،1988 ،ص.161
-79ﻋﺑد اﻟﻣﻠك ﻣرﺗﺎض :اﻟﻣﯾﺛوﻟوﺟﯾﺎ ﻋﻧد اﻟﻌرب دراﺳﺔ ﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﺳﺎطﯾر واﻟﻣﻌﺗﻘدات اﻟﻘدﯾﻣﺔ،
اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟوطﯾﻧﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب ،اﻟﺟزاﺋر ،1989 ،ص .97
80
-أﺑو ﺣﺎﻣد ﻻﻏرﻧﺎطﻲ :ﺗﺣﻔﺔ اﻷﻟﺑﺎب وﻧﺧﺑﺔ اﻷﻋﺟﺎب ،ص .27
81
ـ اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ :ص .28/27
82
-اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ :ص.30
83
-ﻋﺑد اﻟﻣﻠك ﻣرﺗﺎض :اﻟﻣﯾﺛوﻟوﺟﯾﺎ ﻋﻧد اﻟﻌرب ،ص.97
84
-ﻛﻣﺎل ﺑوﻟﻌﺳل :ﺳﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ اﻟﻔﺿﺎء ﻓﻲ رﺣﻠﺔ أﺑﻲ ﺣﺎﻣد اﻟﻐرﻧﺎطﻲ ،ﻣﺧطوط ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ،ﺟﺎﻣﻌﺔ
ﻣﻧﺗوري ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ ،اﻟﺟزاﺋر ،ص .72
85
-أﺑو ﺣﺎﻣد اﻟﻐرﻧﺎطﻲ :ﺗﺣﻔﺔ اﻷﻟﺑﺎب وﻧﺧﺑﺔ اﻷﻋﺟﺎب ،ص .49
86
-اﻟﻣﺻدر ﻧﻔﺳﻪ ،:ص .69
87
-ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم ﻣودن :أدﺑﯾﺔ اﻟرﺣﻠﺔ ،ص.49
82