-شعريّة الفضاء ودلالاته في رواية - المغامرة الغامضة - للشّيخ حامد كان -قراءة في تشظّي الذّات الإفريقيّة بين الأصالة والاستيلاب

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 12

‫عدد‪-46‬ديسمبر ‪ ،6102‬المجلد ب ص‪.‬ص‪84-73.

‬‬

‫شعريّة الفضاء ودالالته في رواية "المغامرة الغامضة" لل ّ‬


‫شيخ حامد كان‬
‫تشظي الذّات اإلفريقيّة بين األصالة واالستيالب‪-‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬قراءة في‬

‫ملخص‪:‬‬
‫يقف هذا المقال عند عالقة الفضاء‪ -‬بوصفه ملمحا من‬
‫مالمح آداب مابعد الكولونياليّة‪ -‬بك ّل من ّ‬
‫الرؤية السّرديّة‬
‫صيغة‪ ،‬ونحاول من خالل هذه العالقة الكشف عن التّوترات‬ ‫وال ّ‬
‫القائمة بين األفضية في شكل تقاطبات ضدّية تعبّر عن واقع‬
‫المتشظية للذّات اإلفريقيّة المستلبة في واقع كولونيالي‪،‬‬‫ّ‬ ‫الهويّة‬
‫إسكندر سكماكجي‬ ‫شيخ حامد كان في رواية‬ ‫ومن ث ّم إبراز كيفيّة اشتغال ال ّ‬
‫قسم اآلداب واللّغة العربية‬
‫"المغامرة الغامضة"على مختلف األفضية‪ /‬األمكنة في شكل‬
‫جامعة اإلخوة منتوري‬
‫عناصر منتجة للمعنى اإليديولوجي‪ ،‬من قبيل تعميق الهويّة‪،‬‬
‫قسنطينة‬
‫سلب الذّات‪ ،‬وممارسة الوجود‪...‬‬
‫الكلمات المفتاحيّة‪ :‬الفضاء‪ /‬المكان‪ ،‬الهويّة‪ ،‬مابعد‬
‫الكولونياليّة‪ ،‬اإليديولوجيا‪ ،‬الذّات اإلفريقيّة‪ ،‬الرؤية السّردية‪،‬‬
‫صيغة‪ ،‬رؤية العالم‪ ،‬البنية الدّالّة‪.‬‬‫ال ّ‬

‫مقدّمة‪:‬‬ ‫‪Abstract:‬‬
‫‪This article is about the relation of space-as an aspect‬‬
‫عانت إفريقياا مان "اتساتدمار" حقباا‬
‫‪of post-colonial literature- tnarrative vision and mode.‬‬
‫ماان ال ادّهر جاثمااا علااى صاادرها‪ ،‬خانقااا‬
‫ألنفاساها‪ ،‬كاتمااا فيهااا حتاى الكلمااة وبعااد‬ ‫‪This relation helps to uncover the tensions existing‬‬
‫زوال هذا النظام "القائم علاى المراقباة‪،‬‬ ‫‪between spaces in the form of dyads expressing the‬‬
‫والهيمنااااة اليقافيّااااة بواسااااطة ‪-‬القابليّااااة‬
‫لالسااتعمار حسااب تعبياار رامشااي‪ -‬قااد‬ ‫‪reality of the fragmented identity of the alienated‬‬
‫تماام مقاومتااه عاان طريااق الكشااف عاان‬ ‫‪African self in a colonial world. This helps highlight‬‬
‫آليته‪ ،‬ونهج إستراتيجية مضادة لاه تقاوم‬ ‫‪the way the author of the novel “the ambiguous‬‬
‫ساالبي‪ ،‬وتعيااد األشااياء‬ ‫بنسااف التميياال ال ّ‬
‫الطبيعااي")‪ ،(1‬أو مايسااميه‬ ‫إلااى وضااعها ّ‬ ‫‪adventure” acts on different spaces/places as elements‬‬
‫‪Helen‬‬ ‫"هيلاااااااااااين تااااااااااايفن‬ ‫‪producing ideology such as the deepening of identity,‬‬
‫‪("Tiffin‬بالخطااااب النّقاااير للتّااارا‬
‫‪the alienation of the self, and the practice of‬‬
‫المعتمااد )‪ ، 2‬والااذي تم ّخاار عنااه اتّجاااه‬
‫أدبي"مابعاااااااد كولونياااااااالي"‪ ،‬يحااااااااول‬ ‫‪existence....‬‬
‫أصاااااحابه أن يواجهاااااوا األياااااديولوجيا‬ ‫‪Key words: space/place, identity, post-colonialism,‬‬
‫اتساااتعماريّة مااان خاااالل إعاااادة قاااراءة‬
‫‪ideology, African self narrative vision, mode, the‬‬
‫النّصوص التي تتض ّمنها‪ ،‬ومن ث ّم‬
‫‪vision of the world, the signifying structure.‬‬

‫‪ ‬جامعة اإلخوة منتوري قسنطينة‪،1‬الجزائر‪6112‬‬


‫إسكندر سكماكجي‬

‫دفع محاوتت فرض تميّالت معيّنة على المستع َمر؛ مايعكس صراعا قائما على جدليّة الهيمنة والتّبعيّة‪.‬‬
‫بخطها الحضاري‬ ‫ّ‬ ‫وفي سياق مواجهة التّغريب‪ ،‬وتعزيز كينونة الذّات‪ ،‬ظهرت نزعة تعتمد اتلتزام‬
‫في نصوصها‪"،‬كحالة عقليّة للميقّف مابعد الكولونيالي‪ ،‬الذي يجد نفسه أمام الضّرورة الملحّة للتفكير في‬
‫ّ‬
‫عرف على التّوتر الدّائم الحاصل في كنف إثبات الهويّة"(‪. 3‬‬ ‫النّظريات إلى اية حدودها‪ ،‬والت ّ ّ‬
‫ّ‬
‫شيخ حامد كان هذا الخط الدّفاعي في مواجهة آلة التّحويل‬ ‫تتميّل رواية "المغامرة الغامضة" لل ّ‬
‫الغربي؛ وهو مانروم الوقوف عليه من خالل مقاربة الفضاء‪/‬المكان في تعالقه مع الهويّة‪/‬الذّات اإلفريقيّة؛‬
‫صة مابعد‬ ‫حيث عدّ المكان "ملمحا من مالمح آداب مابعد الكولونياليّة‪ ،‬وهو يعني هنا ظهور أزمة خا ّ‬
‫كولونياليّة تتعلّق بالهويّة واتهتمام بتطوير‪ ،‬أو استعادة عالقة ف ّعالة بين الذّات‪ ،‬والمكان لتحديد‬
‫أن هناك لبسا كبيرا بين الفضاء‬ ‫الهويّة"(‪ . 4‬ولع ّل قراءة متأنّية في الدّراسات الحديية تكشف على ّ‬
‫أدق‪ ،‬وبعضهم‬ ‫والمكان‪ ،‬وهو ماأدّى إلى اختالفات في وجهات النّظر عند الباحيين فمنهم من يعدّ الفضاء ّ‬
‫أن "حميد لحمداني" له موقف آخر‬ ‫ّ‬
‫مرتاض"إت ّ‬ ‫يرى أنّه أوسع وأد ّل من ذلك ماذهب إليه" عبد المالك‬
‫مكون الفضاء‪ ،‬ومادامم‬ ‫حين عدّ‪" :‬الفضاء أشمل وأوسع من معنى المكان‪ ،‬والمكان بهذا المعنى هو ّ‬
‫الرواية هو الذي ينقلها جميعا إلى العالم‬ ‫فإن فضاء ّ‬‫الروايات البا ماتكون متعدّدة‪ ،‬ومتفاوتة‪ّ ،‬‬ ‫األمكنة في ّ‬
‫شارع‪ ،‬أوالسّاحة‪ ،‬ك ّل واحد منها‬ ‫الروائيّة‪ ،‬فالمقهى‪ ،‬أوالمنزل‪ ،‬أوال ّ‬ ‫ّ‬ ‫األحدا‬ ‫مجموع‬ ‫يشمل‬ ‫الواسع الذي‬
‫(‪5‬‬
‫الرواية" ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لرواية تشمل هذه األشياء كلها فإنها جميعا فضاء ّ‬ ‫يعتبر مكانا محدّدا‪ ،‬ولكن إذا كانم ا ّ‬
‫أ ّما على مستوى المنهج المتّبع في الدّراسة‪ ،‬فنروم توظيف"البنيويّة التّكوينيّة"‪ ،‬ومفاهيمها‬
‫ميل‪":‬رؤية العالم"‪،‬و"البنية الدّالّة" هذه األخيرة؛ التي تعدّ مقولة متعدّدة الدّتتت‪ ،‬فتارة تعني خلفة‬
‫متناقضين‪( ،‬صراع شخصيات منتمية إلى طبقتين متعارضتين ‪ ،‬وتارة أخرى تعني مفهوم "الفاعل‬
‫ّ‬
‫وبالطبقة‬ ‫صة به‪،‬‬ ‫المابعد فردي"‪ ،‬أو "الفاعل الجماعي"‪ ،‬الذي يعبّر ببنيته عن رؤية العالم الخا ّ‬
‫اتجتماعيّة التي ينتمي إليها(‪ ، 2‬وهنا يمكننا اإلشارة إلى المكان كإيديولوجيا‪ ،‬من خالل توظيف فضاءات‬
‫الروائي‪ ،‬ليكون الفضاء بهذا المعنى ميخنا بحموتت ثقافيّة‪ ،‬وفكريّة‪ ،‬وعقائديّة‪،‬‬ ‫دون أخرى في النّص ّ‬
‫شمولي الذي "تتجاوز به اإلطار السّياسي‪ ،‬لترقى إلى مستوى رؤية‬ ‫تتمظهر خالله اإليديولوجيا بمعناها ال ّ‬
‫(‪7‬‬
‫العالم"‬
‫صيغة؛ "إذ ّ‬
‫إن‬ ‫الرؤية السّرديّة‪ ،‬وال ّ‬ ‫يرتكز البحث على دراسة (الفضاء‪/‬المكان ‪ ،‬وعالقته بك ّل من ّ‬
‫الروائي‪ ،‬تحكمه ضوابط صيغة النّص السّردي للعالقة بين‬ ‫الرؤية السّرديّة في النّص ّ‬ ‫المستوى الذي تبنيه ّ‬
‫من يرى‪ ،‬ومن يتكلّم"(‪. 8‬‬
‫وتتّخذ هذه الدّراسة مبدأ التّقاطبات المكانيّة كإجراء نحاول من خالله الكشف عن دتلة العالقة التي‬
‫تنشأ بين فضاء‪ ،‬وآخر في شكل تقاطعات بحموتتها األيديولوجيا‪ ،‬وقدرتها في إنتاج المعاني المتضادّة‪.‬‬
‫‪/0‬التّقاطبات الدّالليّة‪:‬‬
‫يتميّز الخطاب بيرائه وقدرته في إنتاج المعاني المتعدّدة‪ ،‬ويتح ّمل الفضاء من خالله كدالّ‪ ،‬مدلوتت‬
‫ترشح بحسب المنظورات التي تحقّق دتلته‪ ،‬وتماسكه األيديولوجي؛ و كذلك حُمِ َل الفضاء الدّتلي‪-‬حسب‬
‫جيرار جينيم‪ -‬على دتلتين فهو عنده‪ ":‬يتأسّس بين المدلول المجازي‪ ،‬والمدلول الحقيقي‪ ،‬وهذا المدلول‬
‫ّ‬
‫الخطي للخطاب"(‪. 9‬‬ ‫من شأنه أن يلغي الوجود الوحيد لالمتداد‬
‫ويتجلّى الفضاء الدّتلي في رواية المغامرة الغامضة‪ ،‬من خالل تقاطبات‪( :‬الكتاب≠ المدرسة‬
‫ّ‬
‫اتجنبيّة و(أرض جالوبي≠ أرض البير ؛ والتي تحمل دتتتها في تضادّها‪.‬‬

‫‪0-0‬ثنائيّة‪ :‬الكتّاب(المدرسة القرآنيّة)≠ المدرسة األجنبيّة‪:‬‬


‫‪0-0-0‬الكتّاب( المدرسة القرآنيّة)‪:‬‬
‫األول من رواية "المغامرة‬‫ّ‬ ‫للفصل‬ ‫كعنوان‬ ‫ترتسم‬ ‫ة‪،‬‬‫ّ‬ ‫ث‬‫با‬ ‫ّة‬ ‫ي‬‫مكان‬ ‫يط ّل فضاء "الكتّاب" كبؤرة‬
‫ّ‬
‫الرواية‪ ،‬وكأن المكان هو‬
‫الرواية بالمكان من أكير السّبل شيوعا إلى عالم ّ‬ ‫الغامضة"‪ ،‬ويعدّ "افتتاح ّ‬
‫البوابة األقدر على تمكين القارئ من النّفاذ إلى دواخل ّ‬
‫الروايات‪ ،‬واكتناه أعماقها"(‪. 11‬‬

‫‪74‬‬
‫شيخ حامد كان‬ ‫شعريّة الفضاء ودالالته في رواية "المغامرة الغامضة" لل ّ‬
‫تشظي الذّات اإلفريقيّة بين األصالة واالستيالب‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬قراءة في‬
‫يطرح عنوان "الكتّاب األجرد" جملة من األسئلة المتع ّلقة بالتّشكيل السّيميائي لدوال العنونة‪ ،‬فدال‬
‫الرجل‪ ،‬وأكتبه كتابا‪ :‬علّمه الكتاب"(‪ . 11‬والكتاب‬ ‫"كتّاب" ينتمي إلى إر دتلي علمي ديني؛"يقال‪ :‬كتّب ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(‪16‬‬
‫عز وجلّ‪{:‬ألم‪ ،‬ذلك الكتاب تريب فيه‪ ، }...‬و"الكتاب موضع تعليم الكتاب‪،‬‬ ‫"القرآن الكريم"‪ ،‬لقوله ّ‬
‫(‪13‬‬
‫والجمع الكتاتيب‪ ،‬والمكاتب" ‪.‬‬
‫ينفتح فضاء "الكتّاب" على بعد ثقافي وعقائدي‪ ،‬ويتّضح بعده الدّتلي‪ ،‬ويزداد هذا ترتباط "الكتّاب"‬
‫الرواية بمرجعيّتها الدّينية؛ ومن ثم نسجّل‬ ‫شخصية التي تتمظهر في ّ‬ ‫بشخصيّة "شيخ جالوبي"‪ ،‬هذه ال ّ‬
‫شخصيّة التي تؤثّيه‪.‬‬ ‫شخصيّة بفضائها‪ ،‬وأن ليس للفضاء استقالليّة إزاء ال ّ‬ ‫تعالق ال ّ‬
‫شخصيّة السّيرذاتيّة‬ ‫الرواية "سمبا جالو"‪ ،‬ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ببطل‬ ‫جالوبي"‪،‬‬ ‫"شيخ‬ ‫ّة‬ ‫ي‬‫شخص‬ ‫اب"‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫"الك‬ ‫فضاء‬ ‫يجمع‬
‫شخصيّة السّوية العارفة‬ ‫الرواية‪ ،‬إذ يختاره "الشيخ" ليض ّمه إلى كتّابه‪ ،‬متأ ّمال فيه ال ّ‬ ‫المحوريّة في مسار ّ‬
‫باهلل‪ ،‬وهو ماينبيق عن هذا الخطاب المعروض الذي يسأل فيه "الشيخ"‪ ،‬والد "سمبا جالو"‪:‬‬
‫‪ -‬كم عمره؟‬
‫‪ -‬سمّ سنوات‬
‫‪ -‬تنقصه سنة واحدة حتى يصبح واجبا عليه كما هو العرف أن يبدأ رحلة البحث عن هللا‪ ،‬كم ّ‬
‫يسرني‬
‫الطريق الالّحب"(‪. 14‬‬ ‫أن أكون دليله في ّ‬
‫في هذا الملفوظ يتجلّى (الفضاء‪ /‬الكتّاب ‪ ،‬في صورة عرف جرى بأرض "قبائل الفوتني"‬
‫المسلمة‪ ،‬بوصفه أولى محطات التّعليم التي يلجها األطفال في سن مبكرة‪ ،‬وتختلف تسمية الكتاتيب‬
‫باختالف قبائلها؛" فعند قبائل "الوولوف" يطلق عليها اسم "درارا‬ ‫القرآنية في إفريقيا الغربيّة‬
‫‪ ،" Dara‬وعند قبائل "الموريطانيين ‪"Les Maures‬يسمونها " محضرة"‪ ،‬وقبائل المندونغ تسميها‬
‫"كارا‪ ،" Kara‬وعند قبائل التكرور يطلق عليها اسم "ديان جانتي ‪. 15("Dayan Jinte‬‬
‫شخصيّته السّويّة في رحاب فضاء "الكتّاب"‪ ،‬بمعيّة شيخه الذي يسعى‬ ‫يبدأ "سمبا جالو" رحلة بناء ّ‬
‫لتخليص تلميذه من ك ّل ما قد يعيق بناء ذاته السّوية‪ ،‬من قبيل كبرياء مزعوم قد تحدّثه به نفسه؛ تنحداره‬
‫من أسرة "أرستقراطيّة"‪ ،‬حيث الملكة الكبرى" ع ّمته‪ ،‬و"أمير جالوبي" ع ّمه‪ ،‬وهو ما قد يفسّر إصرار‬
‫شيخ" على هذا المنهج التّربوي في هذا المشهد بصيغة الخطاب المنقول ير المباشر‪ ":‬ثم نادى‬ ‫"ال ّ‬
‫ّ‬
‫شيخ أفقر التالميذ‪ ،‬وأخلق‪ ،‬وأوسخ من في الكتاب لباسا فأمره أن يبادل سمباجالو بأسماله مالبسه‬ ‫ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الراوي تقديم الحكاية إلى‬ ‫ّ‬
‫الجديدة" ؛ ويفسَّر هذا الملفوظ بالبنية الدّالة في شكل مسرود"يتجاوز بها ّ‬ ‫(‪12‬‬

‫البحث عن حكاية الحكاية‪ ،‬عن أصل الحكاية"(‪ ، 17‬يقول‪...":‬فالدّافع لقسوته عليه هو اإلسراع في‬
‫الطويلة"(‪. 18‬‬ ‫تخليصه من ك ّل المعوقات التي يعانيها كي يجعل منه تحفة تكلّل مسيرته ّ‬
‫يتمظهر الفضاء‪/‬الكتّاب في نظر "الملكة المكبرى"‪ ،‬بوصفه فضاء ينعكس سلبا على شخصية‬
‫"سمباجالو وهذا ما يتجلّى في سياق الخطاب المعروض ير المباشر؛ إذ خاطبم "الملكة"‪"،‬ابن‬
‫شيخ‪ ،...‬ويسعى شيخك أن‬ ‫أن المكان الالئق بك ليس كتّاب ال ّ‬ ‫اخيها‪":‬كنم قد حذرت والدك المجنون من ّ‬
‫يقتل فيك الحياة‪ ،‬ويطفئ جذوتها المتّقدة في نفسك" ‪.‬‬
‫(‪19‬‬

‫يعرض هذا الملفوظ رؤية "الملكة"لفضاء الكتّاب‪ ،‬وهي رؤية معادية‪ ،‬معترضة على القيم التي‬
‫بقوة‪ ،...‬كأنّما تسعى بذلك إلى‬ ‫يكتسبها "سمبا" في رحابه‪،‬إذ كانم "كييرا ماتنتزع سمباجالو من الكتّاب ّ‬
‫تصرف "الملكة"‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫محو ماتلقاه في الكتّاب من تربية‪،‬وإزالة ك ّل أثر لها"(‪ ، 61‬وهنا يستهجن الراوي‬
‫بالراوي مبئّرا؛ أي رائيا مدركا وليس صوتا‬ ‫ويضطلع من خالل تد ّخله في الحكاية بوظيفة "تتعلّق ّ‬ ‫ّ‬
‫صلة بوظيفته التبئيريّة"(‪. 61‬‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫شديدة‬ ‫وهي‬ ‫ما‪،‬‬ ‫متكلّ‬
‫ّ‬
‫الراوي‪ ،‬والشخصيات للكتاب‪ ،‬في تباين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مرت معنا‪ ،‬تتجلى منظورات ّ‬ ‫من خالل الملفوظات التي ّ‬
‫رؤاها وتضادّ مواقعها اتّجاهه‪ ،‬ومن ث ّم تعبّر عن العالقات والتّوترات الحاصلة حول شخصيّة‬
‫ّ‬
‫الملفوظ‪...":‬إت‬ ‫المتصرف في حقّها‪ ،‬وهو يغادر‪" ،‬الكتّاب" كما اتُّفِق عليه في هذا‬ ‫َّ‬ ‫"سمباجالو" الضحيّة‬
‫يطلع على مات ّم تداوله‪ ،...‬ت ّم اتتفاق على إعادته إلى والده في"ل"(‪. 66‬‬ ‫الطفل لم ّ‬‫أن ّ‬ ‫ّ‬
‫الرؤية من الخلف أين‬ ‫وفي سياق تحويل البطل عن فضاء الكتّاب‪ ،‬ينقلنا الخطاب المسرود‪ ،‬وبتقنية ّ‬
‫صارمة‬ ‫مطلعا على ر بة صنعم بهجة البطل‪" ،‬وهو يم ّج اآليات تحم المراقبة ال ّ‬ ‫الراوي ّ‬ ‫تظهر رؤية ّ‬
‫‪75‬‬
‫إسكندر سكماكجي‬

‫شيخ‪ ،‬فالحياة في الكتّاب مملوءة باآلتم‪ ،‬وتطبعها المعاناة التي لم تكن جسديّة فقط‪ ،‬إنّما كانم‬ ‫من ال ّ‬
‫تحصل باعتبارها لذّة جوهريّة"(‪. 63‬‬
‫هذا الحنين إلى الكتّاب يمعن السّارد في توصيفه؛ وهو مايتجلّى في هذا الملفوظ المسرود‪ ،‬الذي‬
‫يصور حسرة البطل‪ ،‬وألم فقده لفضاءه األليف‪ ،‬الذي يتذكر فراقه له وكأنّه اقتلع من ذاته‪..." ،‬لم يتمالك‬
‫مرة على مغادرته الكتّاب الخشن"(‪. 64‬‬ ‫مر‪ ،‬وندم ندم ألف ّ‬ ‫نفسه فأفلم منه ال ّزمام‪ ،‬ثم انخرط في بكاء ّ‬
‫‪6-0-0‬المدرسة األجنبيّة‪:‬‬
‫يميل الفضاء‪ /‬المدرسة األجنبيّة بؤرة معرفيّة في رواية "المغامرة الغامضة"‪ ،‬يتجلّى ذلك من خالل‬
‫الراوي قبل العرض‪ ،‬أو‬ ‫المقاطع الحواريّة بصيغة المعروض ير المباشر‪ "-:‬الذي نجد فيه مصاحبات ّ‬
‫المؤطرة لفضاء" المدرسة األجنبيّة"‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫خالله‪ ،‬أو بعده"(‪ - 65‬والتي رسمم مشهد التباين بين األصوات‬
‫ّ‬
‫متشظي ترتسم على محياه مالمح الحيرة‪ ،‬إزاء هذه التناقضات في المواقف‬ ‫ّ‬ ‫كوجهات نظر حول واقع‬
‫صية الحواريّة في‬ ‫ّ‬
‫والسّلوك وهو ماحاول الكاتب إبرازه والكشف عن توتراته التي "تتولد بالحوار‪ ،‬والخا ّ‬
‫صة التي تحتفظ للواقع بقوامه المليء‬ ‫رواية األصوات وسيلة أساسيّة لتقديم الحقيقة‪ ،‬والحقيقة الواقعيّة بخا ّ‬
‫بالمتناقضات‪ ،‬والتفاوتات الفكريّة"(‪. 62‬‬
‫شخوص إزاء فضاء "المدرسة األجنبيّة"‪ ،‬بين مؤيد لها ورافر‪ ،‬بين توافر النّيّة‬ ‫ترتسم حيرة ال ّ‬
‫لرفضها ومقتضيات "البرا ماتيّة ‪ "pragmatism‬لقبولها‪ ،‬وهو ماينبيق عن هذا المشهد من خالل‬
‫الخطاب المعروض ير المباشر‪ ،‬إذ يسأل "مدير المدرسة األجنبيّة"‪" ،‬والد سمباجالو"‪:‬‬
‫‪ -‬أت تستنكفوا ياسيّد جالوبي‪ ،‬أن ترسلوا أوتدكم إلى المدرسة األجنبيّة؟‪.‬‬
‫الرفر‪ ،‬إن شاء هللا‪.‬‬ ‫صرا على ّ‬ ‫‪ -‬إذا لم أر م فسأظ ّل م ّ‬
‫‪ -‬ث ّم وجّه المدير كالمه إلى السّيد‪:‬‬
‫‪ -‬أنا على رأيك‪ ،‬ولقد أدخلم ابني ألنّني ت أملك خيارا آخر‪ ،‬وكنّا ذهبنا قبلهم مر مين‪،...‬‬
‫المسألة محيّرة ومقلقة‪ ،‬نرفر المدرسة حتى نبقى كما نحن‪ ،‬ولكي نحافظ على وجود هللا في‬
‫المقومات مابها نبقي على‬ ‫ّ‬ ‫القوة‪ ،...‬ولدينا من‬ ‫ّ‬ ‫صميم قلوبنا‪ ،‬لكن أمازلنا نملك من‬
‫جوهرنا؟"(‪. 67‬‬
‫يكشف الملفوظ عن أسئلة الحيرة المعبّرة عن أزمة في الرؤى والمواقف إزاء أزمة الهويّة؛ إذ تعدّ‬
‫تتعرض لها إفريقيا بسبب فرض ثقافة أجنبيّة على تقاليدها‪ ،‬وتدعو كبرى‬ ‫ّ‬ ‫"المدرسة أكبر معضلة‬
‫الرهائن"(‪. 68‬‬‫العائالت اإلقطاعيّة هذه المدرسة "بمدرسة ّ‬
‫تنكشف المغامرة التي عزمم "الملكة" خوضها بابن أخيها‪ ،‬من خالل هذا الملفوظ المنقول ير‬
‫مفر من ابتعا طليعتنا إليها‪ ،...‬ألنّها‬ ‫شيخ‪ّ ...":‬أت ّ‬ ‫المباشر‪ ،‬حيث ترى مخاطِ بةً أخاها األمير بحضرة ال ّ‬
‫وألن الشيخ حاضر‪ ،‬فأضيف مايلي‪ ...":‬أرى أن يقوم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األكير التصاقا بالجذور‪ ،‬وأشدّ تشبيا بذواتهم‪،...‬‬
‫ّ‬
‫أوتدك ‪،‬وابن أخينا سمباجالو بتدشين المسيرة‪ ،...‬وعلى وقع هذه الكلمات انقبر قلب الشيخ بشكل‬
‫ريب‪. 69("...‬‬
‫الرافر لمذهب "الملكة"‪ ،‬والخائف على مستقبل "سمباجالو"‬ ‫شيخ ّ‬‫نستشف من آخر الملفوظ‪ ،‬رؤية ال ّ‬ ‫ّ‬
‫"جربم من خالله الملكة بك ّل تصميم‪ ،‬مغامرة الحداثة‪...‬ألسباب سياسيّة‪ ،‬وأخرى تكتيكيّة"(‪ 31‬ومن‬ ‫ّ‬ ‫الذي‬
‫ثم نجده يعقد مقارنة‪ ،‬يقف من خاللها على تجاذب هويّة اإلفريقي بين "فضائين"‪ ،‬فضاء يع ّمق هويّة‬
‫الذّات‪ ،‬وآخر سالب لكينونتها‪ ،‬وهو ما يرشح به الخطاب المعروض ير المباشر‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬إذا قلم لهم أن يذهبوا إلى المدرسة الجديدة‪ ،‬سيهرولون زرافات‪ ،‬ووحدانا‪ ،‬وسيتعلمون ك ّل فنون‬
‫جعل الخشب يلتصق بعضه ببعر‪ ،...‬لكنّهم سينسون شيئا‪ ،‬أيساوي ماسيتعلّمونه ذلك الذي‬
‫سينسونه؟‪...‬‬
‫‪ -‬فالذي نعلّمه األطفال في الكتّاب هو هللا‪ ،‬والذي ينسونه هو ذواتهم‪ ،‬وأجسادهم‪. 31("...‬‬
‫يعكس هذا الملفوظ عمق المشكلة التي تعصف بالذّات اإلفريقية التّائهة بين حتميّة تعلّم فنون الصناعة‬
‫حول عن كينونة الذّات‪.‬‬ ‫ومقتضيات العدّة التي بها أر مهم اآلخر‪ ،‬وبين خوف الت ّ ّ‬

‫‪76‬‬
‫شعريّة الفضاء ودالالته في رواية "المغامرة الغامضة" لل ّ‬
‫شيخ حامد كان‬
‫تشظي الذّات اإلفريقيّة بين األصالة واالستيالب‪-‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬قراءة في‬
‫تعدّد الملكة الكبرى المآسي التي ستحيق بأطفال مجتمعها‪ ،‬ولكن بصيغة المنقول ير المباشر؛ حيث‬
‫الراوي مع شخصيّة "الملكة"‪ ،‬فيسرد على لسانها رؤيته‪ ،‬لعلّه يريد تحميلها تبعات خياراتها‪،‬‬ ‫يتماهى ّ‬
‫وانعكاساتها السّلبيّة على األطفال‪ ،‬ومنهم البطل "سمبا"‪" ،‬فالمدرسة التي أدفع إليها أوتدنا ستقتل فيهم‬
‫ذكرياتنا‪ ،‬وقد يحد أن ننكرهم حين يعودون من المدرسة؟‪ ،‬أ ّما الذي أقترحه‪ ،‬فهو أن نقبل موتنا في‬
‫أطفالنا‪ ،‬ث ّم يأتي األجانب الذين هزمونا ليحلّوا محلّنا فيهم‪ ،‬ويأخذوا المكان الذي أخليناه‪. 36("...‬‬
‫يحاول هذا الملفوظ أن يستشرف واقع األجيال القادمة بعد أن تلج مصنع التّحويل‪" ،‬فضاء" يصوغ‬
‫صخور‪ ،‬وهو الوصف الذي يصدّقه الخطاب المسرود‪ ":‬ومن‬ ‫العقول ويتجاوز فعله فعل المدافع في ال ّ‬
‫وراء المدافع لحظم نظرات ملكة جالوبي اليّاقبة المدرسة الجديدة‪ ،‬والمدافع‪ ،‬والمغناطيس في‬
‫الطبيعة‪ ،...‬فالمدفع ير م األجسام‪،‬أ ّما المدرسة فتسوغ العقول‪ ،‬وتكيّف النّفوس‪ 33("...‬؛ تجلّي هذه‬ ‫ّ‬
‫الراوي‬ ‫ّ‬
‫الراوي النّاقد المعلِم أو ّ‬ ‫ّ‬
‫الراوي‪ ،‬بصفته"العليم المنقح‪ ،‬والذي يمكن أن نطلق عليه ّ‬ ‫"البنية" رؤية ّ‬
‫الواعظ‪ ،...‬يتد ّخل تد ّخال مباشرا ليظهر بهجته بالحد ‪ ،‬أو ضيقه به‪ ،‬أو سخريته منه‪ ،‬أو عدم تصديقه‬
‫له"(‪. 34‬‬
‫شن مرحلة جديدة في مسيرة‬ ‫للزج بابن أخيها في "المدرسة األجنبيّة"‪ ،‬لتد َّ‬ ‫لقد سعم "الملكة" جاهدة ّ‬
‫شره‬ ‫األول في مسيرة بناء هويّته‪ ،‬ومن ث ّم نجدها ترسل لوالده تب ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخطير‬ ‫شرخ‬‫عدَّ ال ّ‬ ‫البطل بانتقاله الذي ُ‬
‫الرسالة في صيغة المنقول ير المباشر‪ ،‬وبتقنيّة‬ ‫ّ‬
‫بما يسوءه‼‪ ،‬يعبّر عن ذلك "الفارس"معلقا على ّ‬
‫المونولوج الدّاخلي الذي ينقل لنا إدراك "الفارس" لحقيقة المعادلة التي تل ّخص‪-‬من منظوره‪ -‬مشهدا مؤلما‬
‫من مشاهد اتستالب الحضاري إذ يقول‪" :‬بهذا يكون انتصار األجانب شامال !هاهم آل جالوبي‪ ،‬هاهي‬
‫الركب أمام بريق المنار المزيّف‪ ،‬بريق شمس "صحيح" بريق الهاجرة لحضارة‬ ‫ذي أسرته يبحيون على ّ‬
‫هائجة"(‪. 35‬‬
‫بخطورة فضاء "المدرسة"‪ ،‬إلى اإلقرار بجنايته على ولده "سمبا"‪ ،‬كما يحمل‬ ‫َ‬ ‫"الفارس" وعيُه‬
‫َ‬ ‫يدفع‬
‫تتعرض لها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫رؤية نقديّة للذات اإلفريقيّة التي تتح ّمل جزءا من المسؤوليّة اتجاه محاوتت التغريب التي‬ ‫ّ‬
‫الرؤية المنبيقة عن الخطاب المعروض ير المباشر‪ ،‬أين يوجّه "الفارس" كالمه "لالكروا"‪:‬‬ ‫وهي ّ‬
‫‪ -‬كنم أريد أن أقول إنّني الذي سعى إلى إدخال ولدي إلى مدرستكم في النّهاية‪...‬‬
‫‪... -‬‬
‫‪ -‬أدخلم ولدي إلى مدرستكم‪ ،‬ث ّم سألم هللا أن ينقذنا جميعا نحن‪ ،‬وإيّاكم" ‪.‬‬
‫(‪32‬‬

‫الروائي‪ ،‬بوصفها فضاء تحويل للبطل "سمبا جالو"‬ ‫إلى هنا تتمظهر "المدرسة األجنبيّة" في النّص ّ‬
‫ّ‬
‫الخط الدّتلي‬ ‫عن ثقافته اإلفريقيّة ومن ث ّم تغريبه عن ذاته‪ ،‬وسلب كينونته‪ ،‬لترتسم "المدرسة" بحسب‬
‫للرواية بوصفها فضا ير أليف‪ ،‬ت يعبّر عن الذّات اإلفريقيّة إزاء المشاريع التّغريبيّة التّضليليّة التي‬
‫تشظي الذّات اإلفريقيّة‪.‬‬‫ّ‬ ‫يتّبعها الغرب في‬

‫‪6-0‬ثنائيّة‪ :‬أرض جالوبي≠أرض البيض‪:‬‬


‫‪0-6-0‬أرض جالوبي‪:‬‬
‫ظلّم تيمة األرض‪/‬الوطن‪/‬البالد‪ /‬المكان‪ ،‬فضاء هويّة‪ ،‬لتعالق البشر مع األمكنة التي ينتمون إليها‪،‬‬
‫تعرضم هويّة قاطنيها لسلب مماثل‪ ،‬فهويّة اإلنسان من هويّة‬ ‫تعرضم األرض لمحاولة سلب‪ّ ،‬‬ ‫ومتى ّ‬
‫الروائيّة اإلفريقيّة المستعمرة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّة‬ ‫ي‬‫خص‬ ‫ّ‬
‫ش‬ ‫ال‬ ‫لدى‬ ‫ّة‬ ‫ي‬‫للهو‬ ‫كسند‬ ‫بالفضاء‬ ‫الوعي‬ ‫من‬ ‫مانرصده‬ ‫هذا‬ ‫أرضه‪،‬‬
‫صفه السّارد‬‫ّ‬ ‫يو‬ ‫الذي‬ ‫جالوبي"‬ ‫"أرض‬ ‫فضاء‬ ‫خالل‬ ‫من‬ ‫الغامضة"‪،‬‬ ‫"المغامرة‬ ‫رواية‬ ‫به‬ ‫ماتطالعنا‬ ‫وهذا‬
‫في هذا الملفوظ‪":‬أ ّما أرض جالوبي المائجة فكانم تدور على نفسها كحصان أصيل حاصرته‬
‫النّيران"(‪. 37‬‬
‫الراوي‪ ،‬أمام فصل من‬ ‫يضعنا هذا الخطاب المسرود بتقنية الوصف‪ ،‬وببال ة التّشبيه الذي يعقده ّ‬
‫يتعرض للنّيران‪/‬الغزاة‪ ،‬طمعا فيها‪ ،‬وهو مات‬ ‫ّ‬ ‫فصول تاريخ "أرض جالوبي"‪/‬الحصان المحاصر‪ ،‬الذي‬
‫نجزم بدتلته كون "الخطاب يخفي داخله القدرة على أن يقول ير ما قاله‪ ،‬وأن يخلف عددا كبيرا من‬
‫المعاني‪ ،‬وهذا مايس ّمى بوفرة المدلول بالنّسبة للدّا ّل الواحد‪ ،‬والوحيد"(‪ ، 38‬ومن الدّتتت التي يتح ّملها‬
‫‪77‬‬
‫إسكندر سكماكجي‬

‫ملفوظ السّارد ماذهب إليه "بزيل دافيدسون ‪ "Basil Davidson‬من أ ّنه‪":‬إبّان الغزو اتستعماري كان‬
‫يمرون أصال بفترة عصيبة أ ّخر اتستعمار بشكل فضيع أمر الخروج منها"(‪. 39‬‬ ‫اإلفريقيّون ّ‬
‫يتكفّل الخطاب المسرود بتقنيّة اتستذكار من إنجاز نقالت زمنيّة تضع المتلقي أمام صراع األرض‪،‬‬
‫الرجة العظيمة في صباح‬ ‫وهو ما يجلّيه هذا الملفوظ" ليسم أرض جالوبي هي الوحيدة التي أيقظتها تلك ّ‬
‫ذلك اليوم‪ ،...‬وقد تالقى من ت تاريخ لهم‪ ،‬بمن يحملون العالم فوق أكتافهم‪ ،...‬أ ّما الذين نزلوا فكانوا بيضا‬
‫هائجين‪. 41("...‬‬
‫الراوي من خالل هذه "البنية الدّالّة"‪ ،‬أن يستحضر ذلك التّاريخ الذي يحكي واقعة مؤلمة‪ ،‬من‬ ‫يحاول ّ‬
‫وقائع لقاء "األنا"‪"/‬من يحملون العالم فوق أكتافهم"‪" ،‬باآلخر"‪ "/‬من تتاريخ لهم"؛ والتّاريخ يتمظهر هنا‬
‫بوصفه" مرجعيّة أساسيّة ومركزيّة فاعلة‪ ،‬ومنتجة‪ ،‬ومهيمنة على مقدرات السّرد‪ ،‬وهو الذي يسيّر‬
‫(‪41‬‬
‫الرؤية"‪.‬‬
‫الرواية‪ ،‬ويبعث في أعماقها تفاصيل ّ‬ ‫فعاليّات الحراك السّردي في ّ‬
‫تتجلّى رؤية البطل عبر تشبّيه باألرض وإصراره على التّمسك بمرتكزاتها وثوابتها حين يبدي جمال‬
‫أرض جالوبي وافتتانه بأصالتها واعتزازه باتنتماء إليها؛ هذه األرض المرتسمة على قسمات محيا‬
‫المرة األولى‬
‫الراوي من خالل الخطاب المسرود‪ ،‬الذي يتماهى فيه والبطل‪ ":‬في ّ‬ ‫يصورها ّ‬ ‫ّ‬ ‫"الملكة"‪،‬‬
‫التي رأى فيه سمباجالو هذا الوجه ظ ّل مبهورا به‪ ،‬إنّه يحكي صفحة حيّة لتاريخ أرض جالوبي‪ ،‬تستطيع‬
‫أن تقرأ فيه ك ّل مايختزن بأرض جالوبي من تقاليد‪ ،‬وميل‪. 46("...‬‬
‫ّ‬
‫يعتز" سمبا" بانتمائه‪ ،‬وارتباطه الوجداني بأرضه‪ ،‬وهنا يتكفل الخطاب المعروض ير المباشر‪،‬‬ ‫ّ‬
‫بتبيان ذلك‪ ،‬من خالل حوار "سمبا" مع زميله في الدّراسة "جان تكروا"‪:‬‬
‫‪ -‬قل لي سمباجالو مامعنى جالوبي؟‬
‫‪... -‬جالوبي‪...‬أسرتي الجالوبي‪ ،‬إنّهم شريحة‪ ،‬وجزء من أ ّمة الجالوبي‪ ،‬وتنحدر من ضفاف نهر‬
‫كبير‪ ،‬وبالدي تعرف كذلك ب"جالوبي"‪...‬‬
‫‪ -‬إذا كنم من جالوبي فلم لم تبق إذن في بالد الجالوبي؟‬
‫‪... -‬‬
‫‪ -‬هنا أيضا بالدي‪ ،‬وأرضي‪...‬دائما في بالدي" ‪.‬‬
‫(‪43‬‬

‫نستشف‬
‫ّ‬ ‫من خالل الحضور المكيّف للمكان‪"/‬أرض جالوبي" باسمه‪ ،‬وتكرار ذلك على لسان"سمبا"‪،‬‬
‫شخصيّة بفضائها‪/‬كيانها‪ ،‬وإحساسها بوطنها‪ ،‬إحساس تمظهر المكان من خالله هويّة‬ ‫التحام هذه ال ّ‬
‫تاريخيّة‪ ،‬وطنيّة ونفسيّة‪.‬‬
‫المحطات التي يؤ ّكد من خاللها "البطل" تعالقه بأرضه‪ ،‬وإعالن اتنتماء لها دونما تردّد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تتوالى‬
‫المرة في حواره مع "بيير لويس" القاضي المعتز بإفريقيّته‪ ،‬وهو الذي قضى عمره ينافح عن‬ ‫ّ‬ ‫وهذه‬
‫حريّة األفارقة‪ ،‬نجده هنا يسأل "سمبا"‪:‬‬
‫‪ -‬من أي البالد أنم؟‬
‫‪ -‬من أرض جالوبي‬
‫‪ -‬هيه من إفريقا السّوداء‪...‬من السّنغال كما أعتقد" ‪.‬‬
‫(‪44‬‬

‫يتصوره"ش‪.‬كريفل‬‫ّ‬ ‫ينبيق هذا الملفوظ المعروض‪ ،‬عن إيهام بواقعيّة المشاهد‪ ،‬على النّحو الذي‬
‫"من‪":‬أن تعيين المكان بتحديد موقعه الجغرافي‪ ،‬أو بذكر اسمه يحمل على اتعتقاد بحقيقة‬ ‫ّ‬ ‫‪Ch.Krevl‬‬
‫التّخييل"(‪. 45‬‬
‫تظ ّل "أرض جالوبي" فضاء حاضرا في وجدان "سمبا"‪ ،‬ملهما له‪ ،‬يؤنسه في ربته بباريس‪ ،‬فضاء‬
‫شكوك التي قد يدسّها له "الغرب" بمكر‪ ،‬يريد تحويله عن كيانه‪ ،‬وهذا الحضور لفضاء‬ ‫يدفع عنه تلك ال ّ‬
‫"أرض جالوبي"‪ ،‬يعدّ مزيّة ت تتوافر عند أميال "سمبا"‪ ،‬من السّنغاليين الذين ولدوا‪ ،‬ونشأوا في فضاء‬
‫"باريس"‪ ،‬فضاء اآلخر"‪ ،‬الذين لم يعرفوا "أرض جالوبي"‪ ،‬ومن ث ّم لم يكن لهم رصيد يذكرهم بوجود‬
‫نموذج مختلف ير ربي‪ ،‬وهي حال "آدل" حفيظة "بيرلويس"‪ ،‬تنبيق هذه الجدليّة عن الخطاب‬
‫المسرود "‪...‬النّموذج الدّائم لبالده يظ ّل دائما حيّا‪ ،‬وحاضرا ليدلّل له في لحظات ش ّكه‪ ،‬على واقع عالم‬
‫ير ربي‪ ،‬أ ّما "آدل" فال أرض جالوبي لها"(‪. 42‬‬
‫‪78‬‬
‫شعريّة الفضاء ودالالته في رواية "المغامرة الغامضة" لل ّ‬
‫شيخ حامد كان‬
‫تشظي الذّات اإلفريقيّة بين األصالة واالستيالب‪-‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬قراءة في‬
‫تتوضّح تلك العالقة بين الفضاء‪/‬الوطن‪ ،‬كهويّة‪ ،‬وبين اإلنسان الباحث عن ذاته ؛ إذ نجده يصبو‬
‫دائما إلى فضاء حميم يضرب فيه بجذوره من أجل تأهيل هويّته‪ ،‬والتّعبير عن كينونته‪ ،‬ووجوده حيث‬
‫يتحول هذا الفضاء المكاني إلى مرآة ترى فيها األنا صورتها"(‪. 47‬‬ ‫ّ‬
‫‪6-6-0‬أرض البيض‪:‬‬
‫يتمظهر فضاء"أرض البير"‪ ،‬مكانا سالبا لهويّة الذّات اإلفريقيّة‪ ،‬فضاء ير أليف تعاني فيه‬
‫الرواية‪ ،‬وميال ذلك ماينبري‬ ‫شخصيّة اإلفريقيّة ألم المنفى‪ ،‬كما يتجلّى فعله في ذوات بعر شخوص ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الملون بصيغة المنقول ير المباشر‪":‬وادّعى أنّه كان في بالد البير حيث‬ ‫ّ‬ ‫المسرود‬ ‫الخطاب‬ ‫لتبيانه‬
‫حارب هؤتء‪ ،...‬ومنذ ذلك اليوم أيضا أصبح المجنون ت يفيق من أزماته‪ ،...‬وبشكل دراماتيكي"(‪. 48‬‬
‫تعرضم فيه الذّات اإلفريقيّة‪ -‬وهي هنا مميلة في شخص المجنون‪ -‬لالستغالل‬ ‫يصور الملفوظ مشهدا ّ‬ ‫ّ‬
‫وظفها في حروبه‪-‬الحرب العالميّة اليّانية‪ ،-‬والحالة المأساوية التي آلم إليها‬ ‫البشع من قبل اآلخر الذي ّ‬
‫شيخ" عن فضاء "باريس"‬ ‫صفه "المجنون"‪" ،‬لل ّ‬ ‫شخصيّة في فضاء ت إنساني‪ ،‬قاتم ‪،‬قاتل‪ ،‬هذا مايو ّ‬ ‫هذه ال ّ‬
‫في هذا الملفوظ‪...":‬هنا أمامي في مدينة ضخمة‪،...‬أتيح لي أن أتملّى بسطا تإنسانيّا حقيقة‪ ،‬خاليا من‬
‫األناسي‪ ،...‬هناك المساحات القاتلة هناك السّيطرة المطلقة لآلتت"(‪. 49‬‬
‫من خالل الخطاب المنقول ير المباشر‪ ،‬وبصيغة المونولوج الدّاخلي؛ "الذي يقدّم فيه المؤلّف‬
‫يصور‬‫ّ‬ ‫الواسع المعرفة مادّة ير متكلّم بها‪ ،‬ويقدّمها كما لو أنّها كانم تأتي من وعي شخصيّة ما"(‪، 51‬‬
‫"الفارس" صورة الغرب "الممسوس" تلك العدوة التي ينقلها هذا "الفضاء" لك ّل من احتكّ به‪ ،‬ويجهد في‬
‫الزائفة تارة‪":‬‬ ‫الطمع في حضارته ّ‬ ‫قوة منه أحيانا‪ ،‬وبفعل ّ‬ ‫تحويل من ليس بغرب عن كينونته‪ ،‬بفعل ّ‬
‫يتغرب فكلّما أو ل النّاس الوقم الكافي‪ ،‬في مقاومتهم لجنون‬ ‫ّ‬ ‫ياللخسارة فالغرب ممسوس‪ ،‬والعالم‬
‫يتحولون في ضون جيل بتأثير هذا المنكر‬ ‫ّ‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫ث‬ ‫الكافي‪،...‬‬ ‫من‬ ‫ّ‬
‫الز‬ ‫الغرب‬ ‫الغرب‪ ،‬لجأو للتملّص من هذيان‬
‫الجديد الذي تناهى في القساوة التي يييرها الغرب"(‪. 51‬‬
‫يتجلّى الغرب‪/‬فضاء اآلخر في النّص بحمولته الفكريّة‪ ،‬وآلته اليّقافيّة‪ ،‬هذه اليّقافة التي سعى "سمبا"‬
‫تكتشافها مغامرا‪ ،‬ومقتحما لها من بوابة فالسفتها‪ ،‬في رحلة إشكاليّة؛ إذ البحث عن الذّات لم يكن ّإت عبر‬
‫هذه اليّقافة المغايرة؛ وهو ما يرشح به الخطاب المعروض ير المباشر‪ ،‬الذي يسأل فيه" الفارس" والد‬
‫"سمبا"‪:‬‬
‫‪ -‬ماذا تقرأ هناك؟‬
‫‪ -‬ابتسم الفارس الذي يطرح هذا السّؤال بين صالتين‪...‬‬
‫‪ -‬األفكار‪ ،‬هاه !إنّه باسكال وتريب‪ ،‬إنّه رجل الغرب الجدير باليّقة‪ ،‬لكن احذره أيضا‪ ،‬لقد شكّ‬
‫هو اآلخر‪ ،‬وعرف المنفي‪...‬‬
‫األخص فكرة الشّكّ الخطيرة التي‬ ‫ّ‬ ‫ولم يجرؤ سمباجالو على أن يطلع والده على حقيقة تفكيره‪ ،‬وعلى‬
‫ظن أنّه اكتشفها"(‪. 56‬‬ ‫ّ‬
‫يكشف آخر هذا الملفوظ قدرة المبدع على الولوج إلى عمق شخصيّته من خالل معرفته بأحوالها دون‬
‫شخصيّة "سمبا"‪ ،‬وهو يخفي‬ ‫الراوي وعي ّ‬ ‫أن يلفم انتباه القارئ مستفيدا من قدرته الفنيّة؛ إذ يخترق بها ّ‬
‫الراوي" إلى‬ ‫تسربم إليه‪ ،‬و يمتح من حموتت الغرب الفكريّة‪ ،‬فيعمد بذلك ّ‬ ‫عن أبيه فكرة الشّكّ التي ّ‬
‫صيّة‬ ‫الطبقة األلسنيّة المغلقة على ذاتها في بنيويّة النّص السّردي‪ ،‬ونصوصيّته‪ ،‬وفتح ممكناته النّ ّ‬ ‫كسر ّ‬
‫السّوسيوثقافيّة"(‪. 53‬‬
‫خلق (الغرب‪ /‬الفضاء بحمولته المعرفيّة "للبطل" ارتباكا هويّتيا؛ إذ "أمام استحالة الدّمج بين كياني‬
‫بأن التّعليم الذي يزعم أنّه تلقّاه يبقيه فار ا‪،‬‬ ‫خط سيره ّ‬ ‫إفريقيا والغرب في نفسه‪ ،‬يدرك سمباجالو‪ ،‬حسب ّ‬
‫الرؤية المنبيقة من الخطاب المعروض‪" ،‬لسمبا" في محاروته‬ ‫و ير أكيد من هويّته الحقيقيّة"(‪ ، 54‬وهي ّ‬
‫"لمارك" ابن "بيير لويس"‪:‬‬
‫صا من المعرفة‪ ،‬حيث كأنّه لم يكن ليت ّم‬ ‫‪ -‬ويبدو لي‪ ،‬وأنا قادم إلى هنا أنّني خسرت عالما خا ّ‬
‫ي من معلومات عن الكون"(‪. 55‬‬ ‫شيء ّإت بواسطتي‪ ،...‬وت يملك عالم أبدا ما اجتمع لد ّ‬

‫‪79‬‬
‫إسكندر سكماكجي‬

‫يعكس هذا الملفوظ اتنطباع المرتسم لدى" الفيلسوف ال ّناشئ" ابن إفريقيا‪ ،‬انطباع ين ّم عن العزلة‪،‬‬
‫وبهذا المعنى وحده اكتشف المغالطة التي تأسّس عليها تعليمه كلّه‪ ،‬لتتمظهر المعرفة والحمولة اليّقافيّة‬
‫"لآلخر"‪" ،‬كآلة فرضها العقل الغربي المدجّج برسائل وتقانات والمدرك لمقاصد‪ ،‬وأهداف ذات طبيعة‬
‫أيديولوجيّة باألساس تستخدم المعرفة أداة من أجل إر ام العقل المناوئ على النّحو الذي يؤسّس بين‬
‫األنا‪ ،‬واآلخر حوار هويّات‪ ،‬أو تنازع هويّات"(‪. 52‬‬
‫‪ /6‬التّقاطبات الجغرافيّة‪:‬‬
‫صه‪ ،‬كما يميل مجموع‬ ‫الروائي في ن ّ‬‫يميل "الفضاء الجغرافي" المرجعيّة الواقعيّة التي يحدّدها له ّ‬
‫ويتحرك خاللها األبطال‪ ،‬وفي حدييها "جوليا كريستيفا ‪Julia‬‬ ‫ّ‬ ‫األمكنة التي تدور فيها األحدا ‪،‬‬
‫ّ‬
‫‪ "Kristeva‬عن الفضاء الجغرافي "لم تجعله أبدا منفصال عن دتلته الحضاريّة‪ ،‬فهو إذ يتشكل من‬
‫خالل العالم القصصي يحمل معه جميع الدّتتت المالزمة له‪ ،‬والتي تكون عادة مرتبطة بعصر من‬
‫صة للعالم"(‪. 57‬‬ ‫العصور‪ ،‬حيث تسود ثقافة معيّنة‪ ،‬أو رؤية خا ّ‬
‫وتتميّل مقاربتنا لهذا الفضاء‪ ،‬من خالل ثنائيّة (أماكن اتنتقال‪/‬أماكن اإلقامة ‪ ،‬وهي هنا الشارع‪/‬‬
‫شخوص المؤثّية‬ ‫المقهى‪ /‬البيم ‪ ،‬وتترواح معانيها بين األلفة‪ ،‬والعداء‪ ،‬كما تتمظهر بوظيفة تأطير حكي ال ّ‬
‫لها‪.‬‬
‫‪0-6‬أماكن االنتقال‪:‬‬
‫شوارع‪:‬‬‫أ‪ /‬ال ّ‬
‫الروائي‪ ،‬بأهميّة بالغة‪ ،‬كونها أفضية عاكسة لروح المدن التي تخترقها‪،‬‬ ‫شوارع في النّص ّ‬ ‫ّ‬
‫تضطلع ال ّ‬
‫شخوص التي تؤثّيها‪ ،‬والمشاعر التي‬ ‫خلوها‪ ،‬بهجتها‪ ،‬أو كآبتها‪ ،‬وبطبيعة ال ّ‬ ‫فبحسب ازدحامها‪ ،‬أو ّ‬
‫والروحي‪ ،‬وأن نمسك من خالل‬ ‫نستشف طابع الفضاء‪/‬المدينة‪ ،‬اليّقافي‪ ،‬والحضاري‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫صفها‪ ،‬يمكننا أن‬‫تو ّ‬
‫وصفها بمجموع القيم والدّتتت المتّصلة بها‪.‬‬
‫شخوص التي‬ ‫شوارع الباريسيّة في رواية "المغامرة الغامضة"‪ ،‬كأفضية ير أليفة لل ّ‬ ‫وتتمظهر ال ّ‬
‫ّ‬
‫تنتقل بين منعطفاتها وهي حال المهاجر اإلفريقي‪ ،‬وهو يعاني استالب الذات ضمن فضاءات المنفى‪،‬‬
‫الطريد في هذا الخطاب المعروض ير‬ ‫شريد‪ّ ،‬‬ ‫صف شعور ال ّ‬ ‫كحال شخصيّة "المجنون"‪،‬وهو يو ّ‬
‫المباشر‪ ،‬الذي تتخلّله صيغة المنقول بضمير المتكلّم‪:‬‬
‫صة‪:‬‬‫‪... -‬طفق المجنون يتكلّم بطريقته الخا ّ‬
‫‪ -‬كان ذلك يوم حططم رحالي‪ ،‬ومع أولى خطواتي في الشارع‪ ،‬أحسسم بحزن مبهم كان قلبي‬
‫ّ‬
‫المارة‬
‫ّ‬ ‫يتقلّص وجسدي ينكمش‪ ،...‬وضعم حقائبي‪ ،‬ث ّم جلسم على البالط البارد‪ ،‬وحولي بدأ‬
‫يتوقّفون"(‪. 58‬‬
‫ليعوضه خطاب بضمير المتكلّم‪ ،...‬وقد تكون‬ ‫في هذا الملفوظ "يتوقّف المسرود بضمير الغائب بغتة ّ‬
‫حق الكلمة عكس الحالة النّفسيّة التي هي عليها؛ فهي‬ ‫شخصيّة عن ّ‬ ‫الغاية من ا ّمحاء السّارد فجأة‪ ،‬وتخلّيه لل ّ‬
‫لم تشأ أن تستأذن للتّلفظ‪ ،‬ولم يقدر السّارد على منعها من التعبير عن أحاسيسها" ‪.‬‬
‫(‪59‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫شخوص التي تؤثيها‪ ،‬ويأتي الوصف‬ ‫الرواية موصوفة من وجهة نظر ال ّ‬ ‫قدّمم شوارع باريس في ّ‬
‫مح ّمال بإيديولوجيا رفر فضاء اآلخر وعدم األنس له‪ ،‬وهو ما ينطق به الملفوظ‪..." :‬نزل سمباجالو إلى‬
‫شوارع عارية‪ ،‬لكنّها‬ ‫صغيرة(هذه ال ّ‬ ‫شارع "سان ميشيل"‪ ،...‬وفي رأسه تلمع فكرة مضيئة‪،...‬تلك الفكرة ال ّ‬ ‫ّ‬
‫ليسم فار ة تصطدم فيها بأشياء‪ ،‬وكتل من اللّحم‪ ،‬وأخرى من حديد‪ ،‬باستيناء هذا فهي خالية‪.‬آه !‪،...‬كما‬
‫فالزمن مسدود األفق بتعقيدات آتتهم الجامدة "(‪. 21‬‬ ‫شوارع مزدحمة‪ّ ،‬‬ ‫تجعل األشياء ال ّ‬
‫تحمل هذه "البنية الدّالّة"‪ ،‬رؤية "سمبا" لشوارع "باريس"‪ ،‬رؤية فلسفيّة‪ ،‬شعوريّة‪ ،‬تنزع عن هذه‬
‫األفضية ك ّل بعد إنساني‪ ،‬ويأتي توصيف الفضاء هنا في شكل "مونولوج منقول ‪quoted‬‬
‫‪ "monologue‬الذي يعتبره "دوريم كون‪ "Dorit Cohen‬بأنّه‪ ":‬استشهاد حرفي بتلك األفكار كما‬
‫يعبّر عنها باأللفاظ في الخطاب الدّاخلي‪ ،‬الذي ليس المونولوج الدّاخلي‪ّ ،‬إت متغيّره األكير استقالت"(‪. 21‬‬
‫ب‪ /‬المقهى‪:‬‬

‫‪80‬‬
‫شعريّة الفضاء ودالالته في رواية "المغامرة الغامضة" لل ّ‬
‫شيخ حامد كان‬
‫تشظي الذّات اإلفريقيّة بين األصالة واالستيالب‪-‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬قراءة في‬
‫الرواية (بييرلويس‪/‬لوسيان‪/‬آدل ‪،‬‬ ‫يؤطر فضاء "المقهى" حوارات البطل "سمبا" مع عديد شخوص ّ‬ ‫ّ‬
‫المعبّرة عن وجهات نظرها ضمن سياق بحث الذّات عن إفريقيّتها‪ ،‬أو عالقتها "باآلخر"‪ ،‬ضمن‬
‫أطروحة حوار اليّقافات تنازع الهويّات‪ ،‬يتمظهر من خالل ذلك "المقهى" كفضاء دالّ‪ ،...‬ومايدور بين‬
‫الجلساء من أحاديث‪ ،‬وأفعال مدلول"(‪. 26‬‬
‫صف " بيير لويس" في حواره مع "سمبا"‪ ،‬جرائم الغرب‪/‬فرنسا في بني جلدته‪ ،‬هذه الجنايات التي‬ ‫يو ّ‬
‫عرفم أبشع تجلّياتها‪ ،‬في محاولة سّلب اإلفريقي هويّته‪ ،‬حدّا حرمته فيه حتّى من اسمه‪ ،‬وهو اتستالب‬
‫الذي نستشفّه من الخطاب المعروض ير المباشر‪:‬‬
‫الرجالن مكانهما على شرفة المقهى‬ ‫‪ -‬أخذ ّ‬
‫‪ -‬اسمي بييرلويس ‪ ،‬كنم قاضيا‪،...‬ورحم أدافع عن إخواني‪...‬‬
‫‪ -‬من أين أنم بالتّحديد؟‬
‫إن جدّي األعلى كان يدعى محمد كاتي‪ ،...‬ومن قلب إمبراطوريّة مالي العظيمة‬ ‫‪ -‬تأدري‪ّ ،‬‬
‫الرق‪ ،‬فأرسل إلى الجزر حيث ت ّم تعميده باسم"‬ ‫العتيدة‪ ،‬وقد وقع جدّي األكبر في مصيدة ّ‬
‫بييرلويس كاتي"‪ ،‬وحتى ت يمتهن اسم "كاتي" تع ّمد حذفهن واكتفى ببيرلويس فقط"(‪. 23‬‬
‫يحفل هذا الملفوظ حضورا تاريخيا مكيّفا‪ ،‬تطبعه معاناة الذّات اإلفريقيّة المستلبة‪ ،‬هذا اتستدعاء‬
‫الرواية فحسب‪ ،‬وإنّما ليكون إطارا شكليّا تستمدّ منه التّقنيات‪ ،‬واللّغة أحيانا‬ ‫للتّاريخ‪" ،‬ت ليكون مادّة ّ‬
‫الهيكل العام للبناء"(‪. 24‬‬
‫يحتضن فضاء "المقهى" بعر السّجاتت الفكريّة‪ ،‬التي ينبري لها ذلك "الفيلسوف النّاشئ"‪"،‬سمبا"‪،‬‬
‫صراع الذي يخوضه إزاء تجاذب الهويّة في نفسه‪ ،‬ويتجلّى هذا الوعي لدى "البطل"‬ ‫دفاعا عن كيانه‪ ،‬وال ّ‬
‫شيوعيّة‪ ،‬ويتكفّل بنقل هذا الحوار‬ ‫شابّة الفرنسيّة ذات الخلفيّة ال ّ‬‫بمعركته‪ ،‬في حواره مع "لوسيان" ال ّ‬
‫الخطاب المعروض ير المباشر‪:‬‬
‫‪ -‬وعندما دلف سمباجالو إلى المقهى لمح اليد التي ّلوحم بها لوسيان ث ّم اتّجه نحوها مبتسما‪:‬‬
‫‪... -‬‬
‫إن معركتي لتطغى على تلك التي تخوضينها في ك ّل اتتّجاهات‪ ،‬وتتجاوزها‬ ‫‪ -‬لوسيان ّ‬
‫بمراحل‪. 25("...‬‬
‫صراع الذي يخوضه البطل‪ ،‬وأهميّته‪ ،‬كونه صراع األرض والفكر‪،‬‬ ‫صف الملفوظ خطورة ال ّ‬ ‫يو ّ‬
‫ّ‬
‫والوجود يضمحل الخاسر فيه‪.‬‬
‫يلتقي "سمبا" بشخصيّة"آدل" فرنسيّة المولد‪ ،‬والمنشأ‪ ،‬إفريقيّة األصل التي تشاركه منفيّته‪ ،‬لكن‬
‫يقص "آلدل" الحكاية‪ ،‬ويسرد‬ ‫ّ‬ ‫وعرضته لسبي هويّاتي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بجريرة ير الجريرة التي أورثته محنة الذّات‪،‬‬
‫تعرض لها وينبري الخطاب المعروض لتقديمها "‪...‬آدل‬ ‫ّ‬ ‫لها بلسانه قناعته إزاء المؤامرة التي‬
‫لكنّهم‪...‬لكنّهم حالوا دون ذلك فبدأوا يحولونني إلى صوتهم وتدريجا جعلوا األشياء تنبيق في فؤادي‪،‬‬
‫وتعودت اتبتعاد عن العالم"(‪. 22‬‬
‫‪ 6-6‬أماكن اإلقامة‪:‬‬
‫أ‪ /‬البيت‪:‬‬
‫يتمظهر (البيم‪ /‬الفضاء في رواية "المغامرة الغامضة"‪ ،‬كمكان تألفه الذّات اإلفريقيّة‪ ،‬وتجد فيه‬
‫ذاتها‪ ،‬تتعالق معه فتظفي عليه ظاللها‪ ،‬وتمارس فيه ألفتها‪ ،‬ويتيح لها هو إحساسها بالوجود‪ ،‬هذا ماينطق‬
‫صالة هو اآلخر‪ ،‬وجلس على‬ ‫به الملفوظ المسرود"‪...‬وعندما دلف إلى رفة األمير وجده في ال ّ‬
‫الحصير‪ ،...‬وكان عمود من الدّخان العطر ينبعث من الكانون الموضوع تحم السّرير األبير‬
‫العرير‪ ،...‬وك ّل شيء في الغرفة كان يش ّع نظافة‪ ،‬وجمات‪ ،‬أ ّما األمير فكان يرتدي قميصا أبير‬
‫فضفاضا‪ ،‬ويجلس بسكون تجاه القبلة‪ ،‬وبال ريب فهو التّش ّهد األخير"(‪. 27‬‬
‫الروحي‪ ،‬كما يضعنا أمام شخصيّة األمير‪ ،‬وهي تمارس‬ ‫صف لنا السّارد البيم في جماله‪ ،‬وبعده ّ‬ ‫يو ّ‬
‫شخصيّة‪ ،‬وتوصيف المكان الذي تؤثّيه‪ ،‬ومن‬ ‫فعل كينونتها‪ ،‬والسّارد في هذا الخطاب يتنقّل بين وصف ال ّ‬
‫ث ّم فهو فضاء يعبّر عن أصحابه‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫إسكندر سكماكجي‬

‫تطرح رواية "المغامرة الغامضة" عالقة الذّات "بالمقدّس"‪ ،‬ويظهر خاللها الجانب الدّيني بوصفه‬
‫يضطلع بتأطير هذه العالقة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المتأزمة‪ ،‬وهنا نجد فضاء البيم‬ ‫ّ‬ ‫رافدا من روافد الهويّة اإلفريقيّة للذّات‬
‫ّ‬
‫التي يرشح بتباينها الملفوظ السّردي‪" :‬وفي هذه األثناء تسلل سمباجالو من رفته خفية إلى ردهة‬
‫المنزل فأخذ يذرع السّاحة طوت‪ ،‬وعرضا فما لبث أن افتتح ليلة القرآن"(‪. 28‬‬
‫شخصيّة اإلفريقيّة وجودها‬ ‫الرواية‪ ،‬تمارس فيه ال ّ‬ ‫ت ينكفئ "البيم" عن دوره كفضاء ألفة في ّ‬
‫ُهرع إليه أنّى‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫الذي‬ ‫جالوبي"‪،‬‬ ‫شيخ‬ ‫"بيم‬ ‫كحال‬ ‫ّة‪،‬‬ ‫يضطلع بأدوار اجتماعية‪ ،‬وسياسي‬ ‫ّ‬ ‫الروحي‪ ،‬بل نجده‬ ‫ّ‬
‫طرأ طارئ‪ ،‬وطارئ آل جالوبي‪ ،‬مسألة تقف بالقوم على هاوية استالب الذّات‪ ،‬وهو شأن "المدرسة‬
‫األجنبيّة"‪ ،‬التي يتدارس القوم أمر معضلتها‪ ،‬في هذا الملفوظ المسرود‪...":‬وكان الوفد قد جاء مساء‬
‫اليوم السّابق بقيادة "أرط" جالوبي‪ ،‬عميد أبناء جالوبي قاطبة‪ ،‬وض ّم"جالتابي" سيد صيادي األسماك‪،‬‬
‫شيخ"(‪. 29‬‬‫ص بهم منزل ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫"فرب" زعيم الحدّادين‪ ،‬و"جون" رأس النّساجين‪ ،‬و يرهم حتّى‬
‫ص إلى آخره‪ ،‬وقد‬ ‫لقد تمظهر الفضاء في رواية "المغامرة الغامضة" خيطا رفيعا ممتدا من ّأول النّ ّ‬
‫الروائي من خالله إخراج اإليديولوجيات المتصارعة صراع الذّات بحيا عن هويّتها‪ ،‬ومحاولتها‬ ‫حاول ّ‬
‫وظف خاللها الكاتب تقنية الحوار‪،‬‬ ‫اتنعتاق من فرض تميّالت اآلخر عليها‪ ،‬وك ّل ذلك بلمسة فنيّة راقية ّ‬
‫شخوص أن تكشف عن‬ ‫وتجلّى ذلك من خالل صيغ المعروض ير المباشر؛ فاسحا المجال لرؤى ال ّ‬
‫الروائي كذلك من تقنيات تيّار الوعي التي تج ّلم من خالل صيغ المونولوج‬ ‫وعيها‪ ،‬واستفاد ّ‬
‫تشظي الذّات اإلفريقيّة التي تمظهرت مترقّبة‪ ،‬متوجّسة من اآلخر‪ ،‬بل ومن‬ ‫ّ‬ ‫الدّاخلي‪،‬التي عكسم حالة‬
‫حولين بفعل التغريب الذي حاول الواقع الكولونيالي أن يحقق بها طموحه‪ ،‬ورافع أدب‬ ‫بني جلدتها الم ّ‬
‫مابعد الكولونيالية لدفعه‪.‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫‪ .1‬أوبيدي كروبونيل كورتيس‪ :‬ترجمة اآلخر‪ ،‬نظريّة التّرجمة‪ ،‬الغرابة ومابعد الكولونياليّة‪ ،‬تر‪:‬‬
‫الزاوية‪ ،‬المغرب‪ ،‬ط‪ ،6‬ص‪.19‬‬ ‫أنور المرتجي‪ ،‬منشورات ّ‬
‫شركة المصريّة العالميّة للنّشر لونجمان‪ ،‬مصر‪،‬‬ ‫‪ .6‬نبيل را ب‪ :‬موسوعة النّظريّات األدبيّة‪ ،‬ال ّ‬
‫ط‪ ،6113 ،1‬ص‪.555‬‬
‫‪ .3‬المرجع السّابق‪ :‬ص‪.61‬‬
‫‪ .4‬شيخ حامد كان‪ :‬المغامرة الغامضة‪ ،‬تر‪ :‬محمد سعيد باه‪ ،‬مر‪:‬وطفى هاشم ح ّمادي‪ ،‬المجلس‬
‫الوطني لليّقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويم‪ ،6116 ،‬ص‪.98‬‬
‫ص السّردي‪ ،‬المركز اليقافي العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1991 ،1‬ص‪.23‬‬ ‫‪ .5‬حميد لحمداني‪ :‬بنية النّ ّ‬
‫ص األدبي ‪ ،‬إفريقيا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ .2‬مح ّمد السّويرتي‪ :‬المناهج النقديّة الحديية(آليات اشتغالها في تحليل الن ّ‬
‫(بتصرف ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫شرق‪ ،‬الدّار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،6115 ،‬ص‪161‬‬ ‫ال ّ‬
‫ص‬‫الرواية إلى سوسيولوجيا النّ ّ‬ ‫الروائي واإليديولوجي( من سوسيولوجيا ّ‬ ‫‪ .7‬حميد لحمداني‪ :‬النّقد ّ‬
‫الروائي ‪ ،‬المركز اليّقافي العربي بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬ط‪.1991 ،1‬‬ ‫ّ‬
‫الروائي(دراسة سوسيوبنائيّة في روايات عبد الحميد بن‬ ‫ّ‬ ‫والخطاب‬ ‫عيالن‪:‬اإليديولوجيا‬ ‫عمرو‬ ‫‪.8‬‬
‫هدّوقة ‪ ،‬منشورات جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪ ،6111،‬ص‪116‬‬
‫ص السّردي‪ ،‬ص‪.21-21‬‬ ‫‪ .9‬حميد لحمداني‪ :‬بنية النّ ّ‬
‫الرواية الجزائريّة(‪ ، 6116-1996‬رسالة دكتوراه‪،‬‬ ‫شطاح‪ :‬شعريّة المكان في ّ‬ ‫‪ .11‬عبد هللا ّ‬
‫ّ‬
‫مالح‪ ،‬قسم اللغة العربيّة وآدابها‪ ،‬كليّة اآلداب واللغات‪ ،‬جامعة الجزائر بن‬ ‫ّ‬ ‫إشراف‪ :‬علي ّ‬
‫يوسف بن خدة‪ ،‬الجزائر‪،‬دت‪ ،‬ص‪.364-363‬‬
‫‪ .11‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.3818‬‬
‫‪ .16‬القرآن الكريم‪ :‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية(‪ ، 6-1‬ص‪.6‬‬
‫‪ .13‬ابن منظور‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.3817‬‬
‫شيخ حامد كان‪ :‬رواية المغامرة الغامضة‪ ،‬ص‪.36‬‬ ‫‪ .14‬ال ّ‬

‫‪82‬‬
‫شيخ حامد كان‬ ‫شعريّة الفضاء ودالالته في رواية "المغامرة الغامضة" لل ّ‬
‫تشظي الذّات اإلفريقيّة بين األصالة واالستيالب‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬قراءة في‬
‫صحراء‪،‬‬‫الهادي الدّا ّلي‪ :‬دراسة في حركات التّبشير والتّنصير بمنطقة إفريقيا فيما وراء ال ّ‬ ‫‪.15‬‬
‫الدّار المصر ّية اللّبنانيّة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.6116 ،1‬ص‪.64‬‬
‫المرجع نفسه‪ :‬ص‪.99‬‬ ‫‪.12‬‬
‫ص القصصي‪ ،‬دار النّشر للجامعات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.1992 ،6‬‬ ‫الراوي والنّ ّ‬ ‫الرحيم الكردي‪ّ :‬‬ ‫عبد ّ‬ ‫‪.17‬‬
‫شيخ حامد كان‪ :‬المغامرة الغامضة‪ ،‬ص‪.45‬‬ ‫‪.18‬‬
‫المصدر نفسه‪ :‬ص‪.43‬‬ ‫‪.19‬‬
‫المصدر نفسه‪ :‬ص‪.43‬‬ ‫‪.61‬‬
‫الرواية‪ ،‬دار الحوار‪ ،‬الالذقيّة‪ ،‬سورية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫في‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫الجمع‬ ‫الفواعل‬ ‫تبئير‬ ‫جبارة‪:‬‬ ‫كوثر مح ّمد علي‬ ‫‪.61‬‬
‫ط‪،6116 ،1‬ص‪.147‬‬
‫شيخ حامد كان‪ :‬المغامرة الغامضة‪ ،‬ص‪.96‬‬ ‫‪.66‬‬
‫المصدر نفسه‪ :‬ص‪..25‬‬ ‫‪.63‬‬
‫شيخ حامد كان‪ :‬المغامرة الغامضة‪.99 ،‬‬ ‫‪.64‬‬
‫الزمن‪ -‬السّرد – التّبئير ‪ ،‬المركز اليّقافي العربي‪،‬‬ ‫الروائي( ّ‬ ‫سعيد يقطين‪ :‬تحليل الخطاب ّ‬ ‫‪.65‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،1997 ،3‬ص‪.197‬‬
‫الرواية الجزائريّة(‪ ، 6111-1991‬رسالة د كتوراه‪،‬‬ ‫الرؤية في ّ‬ ‫نبيل بالسّليو‪ :‬مرجع سابق‪ّ ،‬‬ ‫‪.62‬‬
‫إشراف‪ :‬رشيد قريبع‪ ،‬قسم اللّغة العربيّة كليّة اآلداب والعلوم اإلنسانيّة‪ ،‬جامعة األمير عبد‬
‫القادر للعلوم اإلنسانيّة‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪ ،6111-6111 ،‬ص‪.172‬‬
‫شيخ حامد كان‪ :‬المغمرة الغامضة‪ ،‬ص ‪.31-69‬‬ ‫‪.67‬‬
‫‪28. Chevrier, Jacques : Littératures francophones d’Afrique noire-‬‬
‫‪éditions ; éd sud,Aix-en- Provence, 2000,P :78.‬‬
‫المصدر السّابق‪ :‬ص‪.21‬‬ ‫‪.69‬‬
‫‪30. Chevrier, Jacques : Littérature francophones, P : 79.‬‬
‫شيخ حامد كان‪ :‬المغمرة الغامضة ص‪.58‬‬ ‫‪.31‬‬
‫المصدر نفسه‪ :‬ص‪.76‬‬ ‫‪.36‬‬
‫المصدر نفسه‪ :‬ص‪.72‬‬ ‫‪.33‬‬
‫ص القصصي‪ ،‬ص‪.119‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫وال‬ ‫اوي‬ ‫الكردي‪:‬الر‬
‫ّ‬ ‫الرحيم‬
‫عبد ّ‬ ‫‪.34‬‬
‫شيخ حامد كان‪ :‬المغامرة الغامضة‪ ،‬ص‪.92‬‬ ‫‪.35‬‬
‫المصدر نفسه‪ :‬ص‪.119‬‬ ‫‪.32‬‬
‫المصدر نفسه‪ :‬ص‪.32‬‬ ‫‪.37‬‬
‫ميشال فوكو‪ :‬حفريات المعرفة‪ ،‬سالم يفوت‪ ،‬المركز اليّقافي العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،6‬‬ ‫‪.38‬‬
‫‪ .1987‬ص‪.113‬‬
‫‪39. Chevrier, Jacques : Littératures francophones, P :114.‬‬
‫شيخ حامد كان‪ :‬المغامرة الغامضة ‪ ،‬ص‪.75‬‬ ‫‪.41‬‬
‫ّ‬
‫الرائي( أسئلة القيمة وتقانات التشكيل ‪ ،‬شركة المؤسّسة الحديية‬ ‫ص ّ‬ ‫مح ّمد صابر عبيد‪ :‬النّ ّ‬ ‫‪.41‬‬
‫للكتاب‪ ،‬لبنان‪ ،6114 ،‬ص‪.316‬‬
‫شيخ حامد كان‪ :‬المغامرة الغامضة‪ ،‬ص‪.46‬‬ ‫‪.46‬‬
‫المصدر نفسه‪ :‬ص‪.85‬‬ ‫‪.43‬‬
‫شيخ حامد كان‪ :‬المغامرة الغامضة‪ ،‬ص‪.171‬‬ ‫‪.44‬‬
‫شطاح‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.449‬‬ ‫عبد هللا ّ‬ ‫‪.45‬‬
‫المصدر السّابق‪ :‬ص‪.195‬‬ ‫‪.42‬‬
‫يوري لوتمان‪ :‬مشكلة المكان الفنّي‪ ،‬تر‪:‬سيزا قاسم درزا‪ .‬عن كتاب‪ :‬جماليات المكان‪ :‬جماعة‬ ‫‪.47‬‬
‫من الباحيين‪ ،‬عيون المقاتت الدّار البيضاء‪ ،‬ط‪ ،1988 ،6‬ص‪.23‬‬

‫‪83‬‬
‫إسكندر سكماكجي‬

‫‪ .48‬شيخ حامد كان‪ :‬المغامرة الغامضة‪ ،‬ص‪.119‬‬


‫‪ .49‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.164‬‬
‫الروائي في ضوء المنهج البنيوي‪ ،‬دار الفارابي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬ ‫‪ .51‬يمنى العيد‪ :‬تقنيات السّرد ّ‬
‫ط‪ ،6111 ،3‬ص‪.22‬‬
‫‪ .51‬شيخ حامد كان‪ :‬المغامرة الغامضة‪ ،‬ص‪.98‬‬
‫‪ .56‬المصدر نفسه‪ :‬ص‪.131‬‬
‫الرائي‪ ،‬ص‪.698‬‬‫ص ّ‬ ‫‪ .53‬مح ّمد صابر عبيد‪ :‬النّ ّ‬
‫‪54. Chevrier, Jacques : Littérature francophones, P :101‬‬
‫‪ .55‬شيخ حامد كان‪ :‬المغامرة الغامضة‪ ،‬ص‪.191‬‬
‫‪ .52‬مح ّمد عبيد صابر‪ :‬الذّات السّاردة (سلطة التّاريخ ولعبة المتخيّل ‪ ،‬قراءات في ّ‬
‫الرؤية اإلبداعيّة‬
‫لسلطان بن مح ّمد القاسمي‪ ،‬دار نينوى للدّراسات والنّشر والتّوزيع‪ ،‬دمشق‪ ،‬سورية‪،6113 ،‬‬
‫ص‪.671‬‬
‫ص السّردي‪ ،‬ص‪.54‬‬ ‫‪ .57‬حميد لحمداني‪ :‬بنية النّ ّ‬
‫‪ .58‬شيخ حامد كان‪ :‬المغامرة الغمضة‪ ،‬ص‪.161‬‬
‫الرواية الجزائريّة‪ ،‬ص ‪.179‬‬ ‫الرؤية في ّ‬ ‫‪ .59‬نبيل بالسّليو‪ّ :‬‬
‫‪ .21‬المصدر السّابق‪ :‬ص‪.129‬‬
‫‪ .21‬جيرار جينيم‪ :‬عودة إلى خطاب الحكاية‪ ،‬تر‪ :‬مح ّمد معتصم‪ ،‬المركز اليّقافي العربي‪ ،‬الدّار‬
‫البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬ط‪ ،6111 ،1‬ص‪.75‬‬
‫الرواية والمكان‪ ،‬دار الشؤون اليّقافيّة العا ّمة‪ ،‬بغداد‪ ،1982 ،‬ص‪.61‬‬ ‫‪ .26‬ياسين النّصير‪ّ :‬‬
‫‪ .23‬شيخ حامد كان‪ :‬المغامرة الغامضة‪.171 ،‬‬
‫الرواية‪ ،‬مؤسسة حورس الدّوليّة‪ ،‬القاهرة‪6111 ،‬‬ ‫‪ .24‬عالء الدّين جاويش‪ :‬اتتّجاه السّياسي في ّ‬
‫ص‪.23‬‬
‫‪ .25‬المصدر السّابق‪ :‬ص‪.179-175‬‬
‫‪ .22‬المصدر نفسه‪ :‬ص‪.613‬‬
‫‪ .27‬المصدر نفسه‪ :‬ص‪.55‬‬
‫‪ .28‬المصدرنفسه‪ :‬ص‪.99‬‬
‫‪.69‬المصدر نفسه‪ :‬ص‪.112‬‬

‫‪84‬‬

You might also like