Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 2

‫إن التفكر في اإلسالم فريضة من فرائضه‪ ،‬وعبادة من عباداته‪،‬‬

‫وشعيرة من شعائره‪ ،‬وأصل من أصوله‪ ،‬هي عبادة عالية القدر‪،‬‬


‫جليلة الشأن‪ ،‬رحبة المعنى‪ ،‬واسعة المجال‪ ،‬عظيمة النفع‪ ،‬هي‬
‫عبادة األنبياء‪ ،‬والمرسلين‪ ،‬والعلماء‪ ،‬والصالحين؛ يثاب عليها‬
‫المسلمون‪ ،‬ويؤجرون عليها‪ ،‬وبها يتقدمون حضار ًيا في جميع‬
‫المجاالت المعنوية والمادية كما حدث في العصور الذهبية لإلسالم‪.‬‬
‫أما إن تركوها فإنهم يأثمون‪ ،‬ويتأخرون‪ ،‬ويتقهقرون إلى الوراء‪،‬‬
‫ويتخلفون عن الركب البشري‪ ،‬والتقدم الحضاري‬
‫لقد أولى اإلسالم التفكر عناية بالغة‪ ،‬واهتم به اهتما ًما منقطع‬
‫النظير‪ ،‬كونه مفتاح الوصول إلى معرفة هللا تعالى واإليمان به‪،‬‬
‫واالنتفاع بخيرات الكون‪ ،‬فالتفكر هو أفضل شيء يقضى فيه‬
‫الوقت‪ ،‬ويشغل به العقل‪ ،‬فالتفكر في خلق السماوات واألرض‪ C‬يؤدي‬
‫إلى اإليمان بوحدانية هللا تعالى‪ ،‬ومعرفة عظمته‪ ،‬وقدرته‪ ،‬وعلمه‪،‬‬
‫وحكمته‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬االستفادة‪ ،‬واالنتفاع بما‬
‫في السماوات وما في األرض‪ C‬من خيرات‪ ،‬ومنافع‪ ،‬وسنن‪،‬‬
‫وقوانين‪ ،‬وظواهر‪ ،‬وهي ال شك مسخرة لإلنسان‪ ،‬يقول هللا تعالى‪:‬‬
‫ت َو َما فِي اَأْل ْر ِ‬
‫ض َجمِي ًعا ِّم ْن ُه ۚ ِإنَّ فِي‬ ‫س َّخ َر َل ُكم َّما فِي ال َّ‬
‫س َم َاوا ِ‬ ‫(و َ‬ ‫َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ت لق ْو ٍم َيتفك ُرونَ )‬ ‫ذلك َيا ٍ‬‫آَل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٰ‬

‫وجاء في األثر‪« :‬تفكر ساعة خير من عبادة سنة» وعن ابن‬


‫عباس رضي هللا عنهما فيما أثر عنه أنه قال‪« :‬ركعتان مقتصرتان‬
‫بتفكر أفضل من قيام ليلة بال تفكر» وعن الحسن البصري قال‪:‬‬
‫‪«».‬تفكر ساعة خير من قيام ليلة‬
‫أثنى هللا تبارك وتعالى على الذين يستعملون عقولهم االستعمال‬
‫الحسن‪ ،‬ويوظفونها التوظيف الموفق‪ .‬يقول هللا تعالى‪ِ( :‬إنَّ فِي‬
‫ار َوا ْلفُ ْلكِ ا َّلتِي َت ْج ِري‬ ‫ف ال َّل ْي ِل َوال َّن َه ِ‬ ‫اخ ِتاَل ِ‬
‫ض َو ْ‬ ‫ت َواَأْل ْر ِ‬ ‫س َم َاوا ِ‬ ‫َخ ْل ِق ال َّ‬
‫اء َفَأ ْح َيا‬ ‫اء مِن َّم ٍ‬ ‫س َم ِ‬ ‫نزل َ ال َّلـ ُه مِنَ ال َّ‬ ‫اس َو َما َأ َ‬ ‫فِي ا ْل َب ْح ِر ِب َما َين َف ُع ال َّن َ‬
‫اح‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫الر‬
‫ِّ‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫ص‬
‫ْ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ة‬ ‫ب‬
‫َّ‬ ‫ا‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ل‬‫ك‬‫ُ‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ِي‬ ‫ف‬ ‫َّ‬
‫ث‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫و‬‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ض‬ ‫َ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ِب ِه اَأْل‬
‫ِ‬
‫ت ِّل َق ْو ٍم َي ْعقِلُونَ )‬ ‫ض آَل َيا ٍ‬ ‫اء َواَأْل ْر ِ‪C‬‬
‫الس َم ِ‬‫س َّخ ِر َب ْينَ َّ‬ ‫ب ا ْل ُم َ‬‫س َحا ِ‬ ‫‪.‬وال َّ‬ ‫َ‬
‫وقد وصف هللا تعالى أولي األلباب بصفتين أساسيتين جامعتين لكل‬
‫صفات الخير‪ ،‬وخصال البر هما؛ ذكر هللا تعالى والتفكر في خلق‬
‫ض‬‫ت َواَأْل ْر ِ‬ ‫السماوات واألرض‪ C‬يقول سبحانه‪ِ( :‬إنَّ فِي َخ ْل ِق َّ‬
‫الس َم َاوا ِ‬
‫ت ُأِّلولِي اَأْل ْل َبابِ* ا َّلذِينَ َي ْذ ُك ُرونَ ال َّلـ َه‬ ‫ار آَل َيا ٍ‬ ‫ف ال َّل ْي ِل َوال َّن َه ِ‬ ‫اخ ِتاَل ِ‬ ‫َو ْ‬
‫ض‬ ‫ت َواَأْل ْر ِ‬ ‫س َم َاوا ِ‬ ‫وب ِه ْم َو َي َت َف َّك ُرونَ فِي َخ ْل ِق ال َّ‬ ‫قِ َيا ًما َوقُ ُعودًا َو َع َل ٰى ُج ُن ِ‬
‫ار)‬ ‫اب ال َّن ِ‬ ‫س ْب َحا َن َك َفقِ َنا َع َذ َ‬ ‫َر َّب َنا َما َخ َل ْق َت َه ٰـ َذا َباطِ اًل ُ‬
‫لقد أنزل هللا هذه اآليات لنتدبرها ونعمل بما جاء فيها‪ ،‬والتفكر في‬
‫خلق السماء واألرض ال يكون بمجرد النظر إليهما بل من خالل‬
‫دراسة علم الفلك وعلم الجيولوجيا وعلم الذرة وغير ذلك من‬
‫العلوم لنتمكن من فهم حقائق الكون وندرك عظمة النظام الذي‬
‫أودعه هللا في هذا الكون‬
‫إن القرآن يؤكد أن العلماء هم أشد خشية هلل سبحانه وتعالى‪،‬‬
‫شى هَّللا َ مِنْ عِ َبا ِد ِه‬
‫واستمع معي إلى هذا البيان ( اإللهي ِإ َّن َما َي ْخ َ‬
‫ا ْل ُع َل َما ُء ِإنَّ هَّللا َ َع ِزي ٌز َغفُورٌ) فاطر‪28 :‬‬

You might also like