Professional Documents
Culture Documents
الثقة بالنفس
الثقة بالنفس
الثقة بالنفس
الثقة بالنفس صفة من أفضل الصفات التي يملكها البعض من الن اس ،إذ تُنمي في من
يمتلكها شعورا بأنه قادر على تحقيق ما يريد ،والتعبير عن رأيه ومواقفه بص راحة ،وه ذا
انيتهم، يدفعه للتعامل مع الغير من أقرباء وأصدقاء وغرباء بناء على نظرة إيجابية تقدر إنس
وتعترف بحقوقهم ،وتحترم آراءهم وأفكارهم وتقاليدهم مهما كانت مختلفة .وهذا من ش أنه أن
يعزز السلم االجتماعي والتنوع الثقافي في المجتمع ،ويقوي احتماالت شعور أغلبي ة الن اس
بالسعادة والرضا عن حياتهم .إن من يثق بنفسه ال بد وأن يعتز باس تقالليته ويح رص على
حريته ويتمتع بحياته ،ويشعر بواجبه تجاه تحديات عصره .الثقة بالنفس صفة ُمكتسبة ،ال تولد
مع اإلنسان ،وإنما يكتسبها صاحبها من خالل التربية الس ليمة ،والتعليم الس ليم ،والم رور
بتجارب حياتية مختلفة تدربته على التأمل والتفكير والوعي.
إن الحياة التي تعطي اإلنسان كل ما يريد دون عناء يذكر هي حياة بال معنى ،فالنجاح
فيها يأتي بال ثمن ،بال جد وبال مثابرة وبال احساس بالقدرة على مواجهة التح ديات ..إنه ا
رحلة مملة تنقصها المتعة واإلثارة .وفي المقابل ،تعتبر الحياة التي تأخ ذ وال تعطي رحل ة
طويلة مع الفشل تنتهي دوما باإلحباط ،ذلك الشعور القاسي ال ذي يس رق من العين األم ل،
ويضعف الثقة بالنفس ،ويحرم القلب من المتعة والطمأنينة .لذلك كان على اإلنسان الذي يواجه
لك حياة قاسية كثيرة العقبات أن يدرك أن الطريق أمامه مسدودة ،وأن من األفضل له أن يس
طريقا أخرى حتى وإن كانت أكثر مشقة ..إن العناد ومحاولة التجديف ضد تيار قوي ال يفيد.
إن تجربة الحب من أصعب التجارب الحياتية ،فكل حب يفقد مع األيام بريقه كما يفقد الش وق
ة الحب مع البعد حرقته ..إن من الممكن أن يتجدد الحب ،وأن يعيش طول العمر ،لكن عالق
تنتهي في كل الحاالت تقريبا بالفشل ،وأحيانا بالحسرة والندم .وبين حي اة تعطي وال تأخ د،
وحياة تأخذ وال تعطي تعيش غالبية الناس عمرها .إن من حق كل إنسان أن يحاول االق تراب
من الحياة األولى واالبتعاد عن الثانية ،لكن عليه أن يعي أن االبتعاد عن حياة تأخذ وال تعطي،
واالقتراب من حياة تعطي وال تأخذ هما تجربتان إنسانيتان تكمل إحداها األخ رى ..رحلت ان
تجعالن للكفاح هدف ،وللنجاح والفشل معنى ،وللحياة متعة.
اإلنسان الذي يتصف بالوعي والثقة بالنفس يتواضع أمام العلم ويسعى للحص ول على
المزيد منه ،أما اإلنسان الذي يتصف بالجهل وضعف الثقة بالنفس فيتجه عادة إلى الخوف من
العلم ويتصرف أحيانا بعنجهية إلخفاء ما يعانيه من جهل ،وذلك ألن العلم يقلق راح ة بال ه
ه ويربك ما في قلبه من مشاعر إيمانية وما في رأسه من حكايات خرافية .األول يميل بطبع
إلى االنفتاح على الغير ،بينما يميل الثاني إلى اإلنغالق على النفس .ل ذلك نالح ظ أن األول
يستمتع بالفرح بنشوة ،ويحس بالحزن بعمق ،ويتذوق طعم الحياة بحالوته ا ومرارته ا بنفس
القدر من الصدق .أما الثاني فنالحظ أنه يميل إلى إخفاء مشاعره في حالتي الفرح والح زن..
ال يفرح بالقدر الممكن ،وال يحزن بالقدر المطلوب ،ال يضحك وال يبكي إال ن ادرا ،وغالب ا
خلف جدران يخشى أن تكون لها آذان تسمع وعيون ترى.
إن ثقة اإلنسان بنفسه ووعيه بحقوقه واعتزازه بحريته واستقالليته تقوده عادة للشجاعة
واألمانة مع النفس ،إذا تكلم صدق وإذا وعد أوفى ،يتصرف بوعي وعقالني ة ،ال يك ره وال
يحسد وال يحقد ،ال يلقي مسئولية أخطائه على الغير ،وال يلوم الحظ أو القدر ..إنسان يتسامح
مع من يختلف معهم في الرأي ،يحترم حقوق الغير ،ويدرك أن الحياة فرصة رائعة ال يج وز
ا ،وإن التضحية بها من أجل فرصة أخرى قد ال تأتي أبدا ..إنسان يؤمن بأن الحياة جزء من
علينا أن نسافر في بحارها العاصفة ونغوص في أعماقها ونستكشف أسرارها ونتمتع بكل م ا
لديها من قدرة على العطاء ،فهذه حقوق ورثناها مع الحياة نفس ها .إن حب اإلنس ان للحي اة
تي وإدراكه لما لديها من قدرات على العطاء هو في حد ذاته احترام للكون ولعملية الخلق ال
أفرزت هذا الكون وكل ما فيه من كواكب وأقمار وبشر وحيوانات وعصافير وأشجار وأزهار
وجبال وبحار وأنهار وغير ذلك من أشياء تفتن العين ،وتُحير العقل ،وتُفرح القلب.