Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 3

‫لكي يكون المجرب جديرا بهذه الصفة‪ ،‬عليه أن يكون منظرا و ممارسا في الوقت نفسه‪ ...

‬فاليد الماهرة التي ال يوجهها عقل‬


‫"هي أداة عمياء‪ +،‬و العقل دون اليد التي تنجز يظل عاجزا‬
‫تعتبر المعرفة نشاطا إنسانيا‪ .‬ألن اإلنسان هو الذي ينتجها ز ذلك من خالل عالقته‪ +‬بالطبيعة و المحيط الذي يعيش فيه‪،‬‬
‫فاإلنسان يحاول دائما فك الغموض على كل ما يحيط به و السيطرة على كل ما يشكل بالنسبة له أمرا مبهما‪ ،‬و تختلف‬
‫‪...‬المعارف باختالف المجاالت التي تنتمي إليها حيث نجد معارف دينية‪ ،‬فلسفية‪ ،‬أدبية‪،‬علمية‬
‫باإلضافة إلى أنها تختلف من حيث درجات الصعوبة‪ .‬ذلك أننا نجد معارف بسيطة و أخرى معقدة و صعبة‪ ،‬وقد نهج اإلنسان‬
‫طرق عديدة باعتباره كائنا فضوليا و محبا لالستطالع و المعرفة‪ ،‬للتخلص من اإلبهام و الغموض الذي يحيط بالطبيعة التي‬
‫يعيش فيه‪ ،‬فقد اعتمد النظرية باعتبارها تعتمد على العقل و كل ما ينتجه‪ ،‬باإلضافة إلى التجربة باعتبارها مجموعة من‬
‫الخطوات المنهجية التي تساعده على إنتاج المعارف‪ ،‬و تشكل المعارف العلمية محور اهتمام مجزوءة المعرفة التي تطرقت‬
‫إلى مجموعة الطرق التي اعتمدها اإلنسان على مر العصور إلنتاج هذا النوع من المعارف‪ ،‬وذلك في إطار مفهوم النظرية و‬
‫التجربة‪ .‬فقد حاول الفالسفة في إطار مجزوءة المعرفة اإللمام بمختلف المناهج المتبعة من أجل الوصول إلى المعرفة‬
‫العلمية‪.‬وهكذا نجد أن مجزوءة المعرفة و تحديدا مفهوم النظرية و التجربة قد اهتمت بعدة إشكاالت تتمحور حول المعرفة‬
‫العلمية‪ ،‬فعجز العقل في بعض األحيان عن بلوغ المعرفة العلمية‪ ،‬وهو اإلشكال الذي تعالجه القولة المطروحة‪ ،‬فكيف يمكن‬
‫اعتبار العقل و التجربة معا أساسا للمعرفة العلمية ؟ أال يمكن اإلقرار بأحادية مصدر المعرفة العلمية ؟‬
‫في ظل مقاربته لإلشكال المطروح يعتبر صاحب القولة أن المعرفة العلمية تقوم على العقل و التجربة معا‪ ،‬ذلك أن صفة‬
‫المجرب ال يمكن أن تمنح لشخص ما إال إذا ألم بالجانبين معا النظري و التطبيقي‪ ،‬فصاحب القولة يصف التجربة التي ال‬
‫يوجهها العقل بأنها تجربة عمياء أي أن المعرفة التي ستتوصل إليها هي معرفة ناقصة‪ .‬باإلضافة إلى أن العقل دون التجربة‬
‫يظل عاجزا عن اإلقناع‪ .‬فالعقل و التجربة متكامالن وكل موضوع في مجال العلم يقتضي دراسته من زاويتين‪ :‬العقل و‬
‫التجربة‪ ،‬فالعقل في حاجة إلى براهين ملموسة ووقائع مالحظة يكمل بها المعرفة المراد بلوغها و يجعلها أكثر غنى‪ .‬و‬
‫بالمقابل فإن التجربة أيضا تحتاج للعقل من أجل توجهيها و منحها صورة تنظيمية‪ .‬فإذا تطرقنا لخطوات المنهج التجريبي نجد‬
‫أنه يشتمل على خطوة الفرضية التي تجسد تأمال عقليا خالصا‪ .‬هكذا فال يمكن الفصل بين العقل و التجربة ذلك أن كل منهما‬
‫في حاجة لآلخر من أجل إنتاج معرفة علمية متكاملة‪ ،‬فالعلم باعتباره مجموعة من البراهين و القواعد وأيضا مجموعة من‬
‫الوقائع و الدالئل الملموسة يجعل من كل موضوع ينتمي إليه موضوعا قائما على كل ما تقدم لنا تلك القواعد و تلك الوقائع أي‬
‫أنه في حاجة للعقل و التجربة‪ .‬فال وجود لتجريبية خالصة وال لعقالنية محضة‪ .‬فإنتاج المعرفة العلمية يتطلب انفتاحا عقليا‬
‫‪ Le‬للتجارب‪ ،‬وال يجب االقتصار على جانب واحد فقط‪ ،‬وفي ظل ذلك يمكننا االستناد على مثال علمي يتمثل في مثال‬
‫وهو عالم الحظ اضطرابات في كوكب زحل فافترض أن هناك كوكبا آخر يؤثر عليه حيث حدد حجمه ووزنه و ‪Verrier‬‬
‫ومن خالل هذا ‪ Le Verrier .‬مسافته عن زحل وسماه نبتون و بعد سنوات ظهر هذا الكوكب بنفس المميزات التي أوجدها‬
‫المثال يتوضح لنا أن العقل و التجربة يلعبان دورا متكامال‪ .‬فالتجربة وحدها عاجزة عن تفسير الظواهر كما أن العقل أيضا‬
‫عاجز عن ذلك‪ ،‬لذلك وجب إكمال الواقعي بالخيالي‪ ،‬فالعلم يتميز بحركة مزدوجة أي أن المعرفة العلمية ثنائية القطب و بذلك‬
‫فإن صاحب القولة يقر بثنائية مصدر المعرفة العلمية و يرفض أن تكون هذه المعرفة قائمة على جانب واحد فقط إذن فالعقل‬
‫‪.‬و التجربة معا هو أساس المعرفة العلمية‬
‫نخلص مما سبق أن صاحب القولة يقر بثنائية مصدر المعرفة العلمية ويؤكد على أنه ال يمكن الفصل بين العقل و التجربة في‬
‫إطار مجال العلم‪ .‬وهو ما يؤكده "باشالر" الذي يقر بنفس األمر حيث يعتبر أن العقل عاجز عن اإلقناع التام بدون تجربة كما‬
‫أن التجربة بدورها غير قادرة على إنتاج معرفة علمية متكاملة دون االستناد على العقل‪ .‬حيث يؤكد ضرورة اإللمام بالجانبين‬
‫معا التطبيقي و النظري حيث يقول " إن بناء معارف علمية يتطلب انفتاحا عقليا للتجارب"‪ .‬وهذا فمصدر المعرفة العلمية‬
‫يكمن في العقل و التجربة معا‪ .‬و إذا كان "باشالر" يقر بثنائية مصدر المعرفة العلمية\ن فإن "رايشنباخ" يحصر هذا المصدر‬
‫في التجربة فقط‪ ،‬ذلك أنه يعتبر أن مصدر المعرفة العلمية هو التجربة فقط‪ ،‬فهو ينتقد القول بأن العقل أساس المعرفة‬
‫العلمية‪.‬كما يؤكد ذلك "إينشتاين" الذي يقر بأن العقل يأتي أوال‪ ،‬فالمرتبة األساسية التي يمنحها "راشتباخ"للتجربة في إطار‬
‫إنتاج المعارف العلمية يطبعها "أينشتاين" على العقل أما التجربة فهي تابعة له‪،‬ذلك أنها يجب أن تطابق ما توصل إليه العقل‬
‫يقول‪" :‬إن المبدأ الخالق في العلم ال يكمن في التجربة بل في العقل الرياضي" وهكذا فالعقل حسب "اينشتاين" قادر على‬
‫اكتشاف وبناء المعارف العلمية‪ ،‬حيث يتخذ إطار علم الفيزياء النظرية كمثال‪ ،‬فالنظريات الفيزياء تتكون من قواعد و قوانين‬
‫ينتجها الذهن البشري‪ ،‬يقول ‪":‬إن المفاهيم الفيزيائية هي إبداعات حرة للذهن البشري و ليس كما يمكن أن يعتقد محددة من‬
‫طرف العالم الخارجي"‪ .‬وهكذا "فإنشتاين" يقتصر على العقل في إنتاج المعارف العلمية أما التجربة فيتجلى دورها في مطابقة‬
‫النتائج النظرية فقط وهو ينفيه "رايشنباخ" حيث يعتبر أن التخلي عن التجربة يسقطنا في النزعة الصوفية و نصبح بذلك‬
‫أقرب إلى التصوف منه إلى العلم يقول‪ " :‬إن تخلي الفيلسوف عن المالحظة التجريبية باعتبارها مصدرا للحقيقة يجعل بينه‬
‫وبين النزعة الصوفية خطوة قصيرة‪ ،‬وهكذا ينتقد "رايشنباخ" الموقف الذي يقر بأن العقل مصدر المعرفة العلمية حيث يعتبر‬
‫أن االعتقاد بأن العقل ينتج المعارف يستلزم اعتبار كل ما ينتجه العقل من أمور أخرى معارف أيضا‪ ،‬و بالتالي فما يجعلنا‬
‫نتوصل إلى المعرفة العلمية هو التجربة‪ ،‬إال أن "روني طوم " يؤكد على ضرورة إكمال هذه التجربة بعنصر الخيال‪.‬‬
‫فالتجربة وحدها عاجزة عن انتاج المعارف العلمية ذلك أنها في حاجة للعقل‪ ،‬حيث يقول‪ ":‬إن االعتقاد بأن التجربة وحدها‬
‫قادرة على التفسير السببي لظاهرة معينة مجرد وهم‪ ،‬ففي جميع األحوال ينبغي إكمال الواقعي بالخيال‪ ،‬وهكذا نخلص إلى أن‬
‫"روني طوم" يؤكد على ضرورة االعتماد على الجانبين معا ‪ ،‬الجانب النظري و الجانب التطبيقي كما يؤكد ذلك "بالنشي"‬
‫الذي يقر بأنه البد من االنفتاح على العقل و التجربة معا‪ ،‬فالعلم مجال انفتاح وال يجب االنغالق على جانب واحد فقط‪ .‬و‬
‫بالتالي البد من دراسة المواضيع العلمية من زاوتين مختلفين أي أننا يجب أن نستند على الجانب العقلي و الجانب التجريبي و‬
‫خالفا "لبالنشي" يؤكد "بيير دوهيم" أن للمعرفة العلمية مصدرا واحدا فقط‪ .‬فالدور التابع الذي يمنحه "إينشتاين" للتجربة‪،‬‬
‫بمنحها "دوهيم " للعقل ذلك أنه يحصر دور العقل في تنظيم ما توصلت إليه التجربة و إعطاء صورة عقالنية للنتائج‬
‫التجريبية‪ ،‬هكذا فحسب "دوهيم" فالتجربة هي مصدر المعارف العلمية‪ ،‬يقول " إن االتفاق مع التجربة يشكل المعيار الوحيد‬
‫للحقيقة"‪ .‬وبالتالي نصل إلى أن "دوهيم" يقر بأحادية مصدر المعرفة العلمية كما يقر بذلك كل من "رايشنباخ" الذي يعتبر‬
‫التجربة هي ما يمكننا من التوصل إلى المعرفة العلمية‪ .‬و" إيشتاين" الذي يؤكد على أن العقل قادر على إنتاج معارف علمية‬
‫و باإلضافة إلى "كلودبرنارد" الذي يقر بأن خطوات المنهج التجريبي من مالحظة‪ ،‬فرضية‪ ،‬تجريب و استنتاج كافية لوحدها‬
‫إلنتاج معرفة علمية‪ ،‬وخالفا لهؤالء يؤكد كل من "باشالر" و "روني طوم" و "بالنشي" على ضرورة اإللمام بالعقل و‬
‫‪.‬التجربة و االستناد عليهما معا من أجل بلوغ المعرفة العلمية أي يقرون بثنائية مصدر المعرفة العلمية‬
‫نستنتج مما سبق أن المعرفة العلمية هي معرفة عقالنية تجريبية‪ ،‬ذلك أن كال من العقل و التجربة يلعبان دورا مهما في إنتاج‬
‫هذه المعرفة فالعقل يقدم القواعد و القوانين التي تحتاجها المعرفة العلمية أما التجربة فتمنحها البراهين الملموسة التي من‬
‫إثباتها و إكمال و هكذا فال يمكن الفصل بين العقل و التجربة فهما متكامالن وفي إطار ذلك سيتم التفكير من جديد في مدى‬
‫علمية هذه النظريات و المعارف المتوصل إليها ما يفتحنا على إشكال جديد يتمثل في إشكال معايير علمية النظريات أي كيف‬
‫يمكن الحكم على نظرية ما بأنها نظرية علمية‪ .‬فما هي معايير علمية النظريات ؟‬
‫المــوضــوع‬

‫تتأطر هذه القولة داخل مجال المعرفة العلمية التي تطرح مشكلة بناء المعرفة‪ ،‬أدواتها‪ ،‬مناهجها وغاياتها‪،‬‬
‫واإلشكال الذي تطرحه القولة هو إشكال العالقة بين "العقل" و"الي‪##‬د"‪ ،‬فالع‪##‬الم الحقيقي حس‪##‬ب القول‪##‬ة ه‪##‬و‬
‫العالم التجريبي الذي يجمع بين تفكيره النظ‪#‬ري "العق‪##‬ل"‪ ،‬وعمل‪#‬ه التجري‪#‬بي الي‪##‬دوي داخ‪#‬ل المخت‪#‬بر‪ .‬فالي‪#‬د‬
‫الماهرة أو المجربة الب‪##‬د له‪#‬ا من تفك‪#‬ير عقلي منظم يوجهه‪#‬ا‪ ،‬غ‪#‬ير أن العق‪##‬ل وح‪##‬ده يبقى ع‪##‬اجزا عن بن‪##‬اء‬
‫تجربة علمية‪.‬‬

‫فما هي خصوصية التجربة العلمية؟ وهل التجربة وحدها كافية لتكوين معرفة علمية؟ أال يحتاج العق‪##‬ل لمن‬
‫يوجهه في عالم التجربة؟‬

‫قدم القولة إثباتا حول العلم التجريبي بوصفه علما يقوم على العقل الذي يفكر ويوجه‪ ،‬وعلى اليد التي‬
‫تعمل وتجرب‪ ،‬من هنا تؤكد األطروحة على نظرة تكاملية بين التفكير النظري في قضايا العلم التجريبي‪،‬‬
‫والتجربة الميدانية الخاضعة لقواعد المنهج التجريبي‪ .‬هذا الموقف اإلبستيمولوجي من المعرفة العلمية‬
‫يجد أساسه في تاريخ العلم الفيزيائي والبيولوجي بدءا من القرن ‪ ،18‬فالعقل العلمي مع "غاليلي"‬
‫و"نيوتن" هو عقل رياضي يبني المفاهيم ويصوغ الظواهر عبر قوانين علمية رياضية‪ ،‬كما أن التجربة‬
‫هي لحظة أساسية من لحظات بناء النظرية العلمية‪ ،‬فهي اللحظة الحاسمة التي نتأكد من خاللها من صحة‬
‫الفروض التي ينطلق منها العالم‬
‫إن الموضوع العلمي‪ ،‬من خالل هذه األطروحة التجريبية‪ ،‬هو استنطاق منهجي للطبيعة عبر إخضاعها‬
‫لخطوات علمية منظمة تقوم على المالحظة واالفتراض والتجريب وصياغة القوانين صياغة رياضية‪.‬‬
‫وهذا ما يجعل هذه األطروحة أطروحة تجريبية تنتصر لالتجاه التجريبي المرن في العلم‪ ،‬وليس إلى‬
‫األطروحة العقالنية التي تعتبر التجربة العلمية ال قيمة لها من الناحية اإلبستمولوجية‪ .‬إن القولة وإن‬
‫كانت في الظاهر تؤكد على الطابع التكاملي لبناء النظرية العلمية‪ ،‬فإنها مع ذلك تنطلق من التأكيد على‬
‫الصفة الجوهرية التي تميز العالم التجريبي وليس العالم العقالني‪ .‬فما هي حدود هذه األطروحة؟ وما‬
‫طبيعة العالقة بين النظرية والتجربة في بناء المعرفة العلمية؟‬
‫قد نجد في بعض األطروحات التجريبي‪#‬ة‪ #‬م‪##‬ا ي‪##‬دعم‪ ،‬جزئي‪##‬ا‪ ،‬أطروح‪##‬ة ص‪##‬احب القول‪##‬ة‪ ،‬وفي‬
‫مقدمة ه‪##‬ذه األطروح‪##‬ات أطروح‪##‬ة الع‪##‬الم ال‪##‬بيولوجي‪" ‬كل‪##‬ود برن‪##‬ار"‪ ‬ال‪##‬ذي ي‪##‬رى أن الع‪##‬الم‬
‫التجريبي الحقيقي ه‪##‬و ال‪##‬ذي يجم‪##‬ع بين الممارس‪##‬ة العلمي‪##‬ة التجريبي‪#‬ة‪ #‬والممارس‪##‬ة العقلي‪##‬ة‬
‫النظرية‪ .‬فمالحظ‪##‬ة الظ‪##‬اهرة ال يمكن أن تتم دون أس‪##‬ئلة نظري‪##‬ة موجه‪##‬ة‪ ،‬واالف‪##‬تراض ه‪##‬و‬
‫تفسير‪ #‬مؤقت ألسباب حدوث الظاهرة‪ ،‬والتجربة‪ #‬هي إعادة أحداث الظاهرة داخل مختبر في‬
‫شروط مصطنعة للتأكد من خطأ أو صحة الفرضية‪#.‬‬

‫والقانون هو صياغة رياضية لعالقة بين متغيرين أو أكثر‪ .‬هذه الخطوات التجريبية تقوم على‬
‫الموضوعية واالستقرار‪ ،‬ودور العالم التجريبي هو "اإلنصات" بموضوعية لما تقوله الطبيعة قبل‬
‫استنطاقها‪ .‬غير أن هذا التصور الكالسيكي للعلم‪ ،‬وإن انتصر في تاريخ محدد من التاريخ الفيزيائي‪،‬‬
‫سيجد صعوبة كبيرة في االشتغال على ظواهر علمية جديدة‪ ،‬خاصة في مجال الخلية والذرة‪ .‬إن المفاهيم‬
‫والمبادئ التي يتكون منها النسق النظري للفيزياء مثال ال تقوم على الواقع التجريبي‪ ،‬بل على العقل‬
‫الرياضي المبدع القادر على بناء الموضوع العلمي الذي يعتبر موضوعا مجردا يقوم على عالقات‬
‫رمزية رياضية‪ ،‬وليس على حدوس تجريبية‪ ،‬وهذا ما أكد عليه العالم واإلبستمولوجي "إينشتاين" في‬
‫كتابه "كيف أرى العالم؟"‪ .‬كما أن التجريب العلمي ال يلغي دور الخيال في بناء الموضوع العلمي إذا ال‬
‫يمكن أن نحصر دور التجربة في مسألة التأكيد أو نقل ما هو موضوعي في العالم الخارجي‪ ،‬فالتجريب‬
‫العلمي في معناه الكالسيكي ليس هو المفهوم الوحيد في تفسير الظواهر‪ ،‬بل البد من إدخال عنصر‬
‫الخيال إلغناء التجربة العلمية‪ .‬إن الممارسة الفعلية في العلم الحديث تنبني على حوار مستمر بين العقل‬
‫والتجربة في بناء النظرية العلمية‪ .‬والتجربة العلمية هي تصحيح مستمر ألخطاء العلم وليس لحقائقه‬
‫الثابتة‪ ،‬وهذا ما يؤكد عليه "غاستون باشالر" في أطروحته العقالنية المفتوحة‪ .‬فالعقل فعالية ونشاط‬
‫يتدخل في بناء الموضوع‪ ،‬والتجربة مجال الختبار قدرات العقل ومفاهيمه المجردة‬
‫‪ .‬يمكن أن نستنتج من تحليلنا ومناقش‪##‬تنا له‪##‬ذه القول‪##‬ة الط‪##‬ابع التف‪##‬اعلي بين العق‪##‬ل والتجرب‪##‬ة في بن‪##‬اء‬
‫المعرف‪##‬ة العلمي‪#‬ة‪ ،‬فالع‪#‬الم التجري‪#‬بي ال ينص‪#‬ت إلى الطبيع‪#‬ة ب‪##‬ل يتوج‪#‬ه إليه‪#‬ا ويس‪##‬تنطقها بوص‪#‬فها ذات‪#‬ا‬
‫مشرعة‪ ،‬ويتجاوز موضوعية الواقع باستعماله لفروض وكيانات ال توجد دائما في الواقع‪.‬‬
‫فال وجود لنظرية علمية خالصة‪ ،‬وال وجود لتجربة علمية مستقلة عن العقل‪ ،‬فك‪##‬ل انغالق ألح‪##‬دهما عن‬
‫اآلخر هو عزلته ونهايته‪.‬‬

You might also like