Professional Documents
Culture Documents
سياسة سعر الصرف في الجزائر
سياسة سعر الصرف في الجزائر
الملخص:
كبير في الدراسات االقتصادية ،حيث يعتبر األداة الرئيسية ذات التأثير
حيز ًا
يحتل سعر الصرف ًا
المباشر على العالقة بين األسعار المحلية واألسعار الخارجية ،فهو يحدد قوة العملة وأهميتها الدولية من
خالل كونها تتمتع باالستقرار النسبي وتحتل مكانة كبيرة في التجارة الدولية وتحظى بالقبول الدولي عند
تسوية المعامالت الخارجية بها ،ويعد هذا المقياس من المتضمنات الرئيسية لسياسة االقتصاد الكلي في
الدول النامية والمتقدمة على حد سواء ،وبما أن معظم االقتصاديات مفتوحة على العالم الخارجي فان هذا
تطلب إنشاء إطار يتم فيه تحديد سعر الصرف من خالل التبادل بين وحدات النقد المحلي ووحدات النقد
األجنبي وبذلك ظهر مفهوم سوق الصرف األجنبي الذي يتحدد فيه سعر العملة بوصفها سلعة تباع
وتشترى حسب قانون العرض والطلب ،فبوجود هذه السوق أصبح سعر الصرف يتعرض للعديد من
التقلبات الناتجة مبدئيا عن مرونة نظام الصرف.
العدد -01مارس 2017 125 جملة التنمية واالقتصاد التطبيقي –جامعة املسيلة-
د .دردوري حلسن –جامعة بسكرة ، -د.لقليطي خلضر –جامعة املسيلة- سياسة سعر الصرف يف اجلزائر
تمهيد:
عرفت سياسة سعر صرف الدينار الجزائري تطورات هامة منذ االستقالل والى اليوم وذلك انطالقا
من تطبيق نظام الربط بالفرنك بعد االستقالل إلى نظام الربط بسلة من العمالت بداية من ،1973وصوال
إلى نظام التسيير الحركي للدينار في نهاية ، 1987ثم تطبيق نظام جلسات التثبيت بداية من أكتوبر
1994ليتم بعدها إنشاء سوق للصرف ما بين البنوك واتباع نظام الصرف العائم المدار ،وقد جرت كل
هذه اإلجراءات في ظل نظام الرقابة على الصرف مع السعي نحو قابلية تحويل الدينار في مجال
المعامالت الجارية ،وسنحاول توضيح ما سبق بشيء من التفصيل من خالل المحاور التالية:
المحور األول :تطور نظام الصرف للفترة 1986- 1962
المحور الثاني :سياسة سعر صرف الدينار من 2000 -1989
المحور الثالث :سياسة سعر صرف الدينار خالل الفترة (.)2015 -2000
المحور الرابع :احتياطي الصرف األجنبي في الجزائر
العدد -01مارس 2017 126 جملة التنمية واالقتصاد التطبيقي –جامعة املسيلة-
د .دردوري حلسن –جامعة بسكرة ، -د.لقليطي خلضر –جامعة املسيلة- سياسة سعر الصرف يف اجلزائر
-3تم إنشاء الوحدة النقدية الجزائرية" الدينار الجزائري "يوم 10أفريل 1964والتي ثبتت قيمتها آنذاك بـ
180ملغ من الذهب الخالص ،وبالتالي عوض" الدينار الجزائري "عملة" الفرنك الفرنسي الجديد "بسعر
صرف واحد دينار يساوي واحد فرنك فرنسي.
-4في سنة 1968تعرض بنك فرنسا لهجمات مضاربة حادة ،اضطرته إلى تخفيض قيمة الفرنك
الفرنسي ،وشرعت الجزائر خالل هذه الفترة في تطبيق مخططها التنموي الثالثي( ) 1969-1967الذي
يعتبر أول مخطط تنموي بعد االستقالل وضع الجزائر في طريق تطوير اإلنتاج وقد تطلب هذا المخطط
استقرار سعر الصرف ،لذا لم تقم الجزائر بإتباع الفرنك الفرنسي في التخفيض ,واستمرت العالقة الثابتة
بين الفرنك الفرنسي والدينار الجزائري.
-5نتج عن انخفاض الفرنك الفرنسي إعادة تقييم تكاليف مشاريع االستثمار التي انطلقت في إطار
المخطط الرباعي األول ( ) 1973- 1970الذي ركز على هي تقوية ودعم بناء االقتصاد االشتراكي
وتعزيز االستقالل االقتصادي وتطوير المناطق الريفية(.)3
ثانيا :المرحلة الثانية الربط بسلة عمالت :1989-1974مع انهيار نظام" بروتن وودز" سنة 1971
والغاء نظام الصرف الثابت واستبداله بنظام تعويم الصرف على المستوى الدولي من جهة ،وأمام األزمة
التي أصبح يتخبط فيها الفرنك الفرنسي أواخر سنوات 1960وبداية سنوات 1970من جهة أخرى،
قامت الجزائر بـ:
-1تثبيت عملتها على أساس سلة تتكون من 14عملة مختارة حسب أهمية شركائها التجاريين ابتداء من
جانفي ، 1974وعلى أساس معامالت ترجيح مرتبطة بالواردات ،في ظل أحادية أسعار الصرف لكل
المتعاملين على كافة التراب الوطني مما سمح للجزائر بالخروج نهائيا من منطقة الفرنك()4
-2تسيير العملة الوطنية من طرف الخزينة العمومية فأصبحت هي المكلفة بإصدار و عوضت البنك
المركزي الذي كان مجرد جهاز تنفيذي لسياسة أكثر مما يكون مركز إلصدار و تسيير العملة()5
-3صدور قانون 12-86بتاريخ 1986/08/19المتعلق بالبنوك والقروض الذي عمل على رفع الرقابة
كبير للبنوك التجارية والبنك المركزي في
دور ًا
على الصرف والتجارة الخارجية بشكل تدريجي ،وأعطى ًا
االستعادة التدريجية لصالحياتها في تنظيم مجال الصرف والتجارة الخارجية .
-4قامت السلطة النقدية خالل الفترة الممتدة بين سبتمبر 1986ومارس 1987بتعديل طفيف في
تمهيدا لسياسة التسيير الحركي لمعدل الصرف
ً حساب معدل صرف الدينار الجزائري هذا التعديل كان
التي شرع في العمل به انطالقًا من مارس .)6( 1987
إصالحات جذرية في مختلف المجاالت أي التوجه إلى اقتصاد توجهه آليات السوق الحرة و بعد ذلك
الخارج (.)7 أصبح الدينار الجزائري قابال للتحويل في المعامالت الجارية مع
أوال :تطور نظام الصرف الجزائري بين 1994-1986
تميزت هذه المرحلة بصدور العديد من التشريعات والنصوص التنظيمية التي كانت ترمي في مجملها
توفير شروط استقاللية المؤسسات العمومية االقتصادية وتكريس الطابع التجاري للمعامالت إلى
باإلضافة إلى المشاركة الفعلية لمؤسسات القطاع الخاص في النشاط االقتصادي ،أما في ما يخص نظام
الصرف فقد حدثت فيه عدة تغييرات أهمها(:)8
-3وفي سنة 1989قامت الجزائر بتخفيضات متتالية للعملة الوطنية ،استنادا إلى شروط صندوق النقد
الدولي الذي تم اللجوء إليه عقب أزمة ،1986حيث تم عقد أول اتفاق استعداد ائتماني مع الصندوق في
ماي ،1989لتليه عدة اتفاقات أخرى ،وقد عملت الجزائر على تطبيق سياسة نقدية متشددة في تلك الفترة
هذا ما أدى إلى تحسن في الموازنة العامة ،لكن التدهور في احتياطي العملة الصعبة قد استمر ،واستمر
معه التخفيض في قيمة العملة حيث أصبح الدوالر الواحد يعادل 21.8دج سنة 1992؛
-4في سنة 1993حدث استقرار نسبي في قيمة الدينار الجزائري إلى غاية إبرام اتفاق آخر مع صندوق
النقد الدولي تمثل في برنامج التثبيت االقتصادي سنة 1994الذي تضمن إصالحات هيكلية واقتضى
تخفيضا لسعر صرف الدينار حيث انتقل من 23.4دج مقابل الدوالر الواحد سنة 1993إلى 34.1دج
ً
سنة 1994بقرار من مجلس النقد والقرض تحت وصاية صندوق النقد الدولي(.)9
ثانيا :تطور نظام الصرف من 2000-1994
وابتداء من أكتوبر 1994اتبعت سياسة مرنة إلدارة الصرف وذلك من خالل عقد جلسات يومية لتحديد
سعر الصرف تحت إدارة بنك الجزائر ،حيث يتم تحديد سعر الصرف لجميع المعامالت يوميا بناءا على
العروض المقدمة من قبل البنوك التجارية في بداية كل جلسة ،وأيضا في ضوء توفر العملة األجنبية،
وخالل فترة التصحيح الهيكلي فقد الدينار الجزائري جزءا كبي ار من قيمته بحيث انتقل من 24.1دج لكل
دوالر أمريكي في سنة 1993إلى 60.6دج لكل دوالر في سنة ،)10(1998وتعلق ثبات استقرار
الدينار بعاملين هما(:)11
-1وجود مخزون أو احتياطي صرف بكمية كافية :يسمح مستوى احتياطي الصرف بحماية سعر
الصرف ،فقوة وثبات سعر الدينار مرهونة بمستوى احتياطي الصرف لدى بنك الجزائر كذلك فان
الصدمات البترولية لسنتي 1998و 1999أدت إلى نقص مستوى احتياطي الصرف من 8مليار دوالر
سنة 1997إلى 6.8مليار سنة 1998و 4.6مليار سنة ، 1999مما شكل ضغوط واجهت سعر
الصرف وأدت إلى انخفض الدينار بـ %35بالنسبة للدوالر بين أكتوبر 1998و أكتوبر.2000
-2سياسة نقدية مناسبة :إن إتباع سياسة نقدية مناسبة في إطار التبادل التجاري للعملة الوطنية
يشكل شرط هام الستقرار سعر الصرف ،ألن أي انزالق تضخمي بسبب سوء تسيير العملة يؤدي إلى
العدد -01مارس 2017 128 جملة التنمية واالقتصاد التطبيقي –جامعة املسيلة-
د .دردوري حلسن –جامعة بسكرة ، -د.لقليطي خلضر –جامعة املسيلة- سياسة سعر الصرف يف اجلزائر
انخفاض العملة الوطنية ،وتبعا للصدمة البترولية لسنة 1998والتي بقيت حتى السداسي األول لسنة
1999تدهور سعر الصرف الفعلي الحقيقي لدينار الجزائري كما أن ارتفاع احتياطي الصرف تبعا
الرتفاع أسعار البترول في السداسي الثاني لسنة 1999كان له األثر الفوري لحالة توازن سوق الصرف.
وتميزت هذه الفترة بتطبيق الجزائر برنامج التعديل الهيكلي( )1998 -1995تحت وصاية صندوق
النقد الدولي وتم تحقيق استقرار نسبي لسعر صرف الدينار في حدود 1دوالر= 56دج ،وتلخصت أهم
أهداف هذا البرنامج في إحداث نمو اقتصادي والوصول إلى االستقرار المالي مع تطهير ميزان
المدفوعات ومواصلة تعميق اإلصالحات الهيكلية(.)12
ثالثا :قانون النقد والقرض و أهم تعديالت التي أدخلت عليه :بالرغم من اإلصالح الذي عرفه النظام
المصرفي في نهاية الثمانينات اتضح أنه ال يكفي لالنخراط في عجلة اقتصاد السوق ،مما استدعى
المصادقة على قانون جديد تمثل في قانون النقد والقرض ،ويمكن إبراز أهم ما جاء به هذا القانون في ما
يلي:
-1مبادئ قانون النقد والقرض :أدخل هذا القانون تعديالت على مستوى القطاع المصرفي ،سواء
تعلق األمر بهيكل البنوك أو الهيكل الداخلي لبنك الجزائر وأعطى استقاللية نسبية لبنك الجزائر تضمن
هذا القانون المبادئ التالية(:)2
أ -توحيد السلطة النقدية :حيث نص قانون النقد والقرض على وحدانية السلطة التي يجسدها مجلس
النقد والقرض الذي يعتبر مجلس إدارة بنك الجزائر والذي يصدر تعليمات تنظيم النشاط النقدي والمالي
والبنكي ويقوم باتخاذ القرار بكل حرية داخل الدائرة النقدية وفق مبادئ االستقاللية ،ويمثل المجلس
أعلى هيئة نقدية في البالد يخول لها القانون القيام بعمليات اإلصدار النقدي ،ومراقبة االئتمان وتوزيع،
تنظيم وتحديد الشروط البنكية وتسيير السياسة النقدية وأقلمتها مع مختلف المتغيرات ،بما يتماشى
وأهداف السياسة االقتصادية العامة.
ب -عزل القرار بين الدائرة الحقيقية و الدائرة النقدية :ويحقق هذا المبدأ مجموعة من األهداف
أهمها :
-استعادة البنك المركزي لدوره في قمة النظام النقدي و المسئول عن تسيير السياسة النقدية.
-استعادة الدينار لوظائفه التقليدية وتوحيد استعماالته داخليا بين المؤسسات العامة والمؤسسات
الخاصة.
-إنشاء وضع لمنح القروض يقوم على شروط غير تمييزية على حساب المؤسسات العامة
والمؤسسات الخاصة.
-إيجاد مرونة نسبية في تحديد سعر الفائدة من طرف البنوك ،وجعله يلعب دو ار مهما في
اتخاذ الق اررات المرتبطة بالقرض.
العدد -01مارس 2017 129 جملة التنمية واالقتصاد التطبيقي –جامعة املسيلة-
د .دردوري حلسن –جامعة بسكرة ، -د.لقليطي خلضر –جامعة املسيلة- سياسة سعر الصرف يف اجلزائر
جـ -الفصل بين الدائرة النقدية ودائرة الميزانية :ويحدث ذلك من خالل:
-وضع حد نهائي لتمويل الدين العمومي الداخلي عن طريق تسبيقات بنك الجزائر
-في هذا الصدد يجب على الخزينة أن تسدد ديونها الناتجة عن سنوات التخطيط المركزي تجاه
بنك الجزائر في شكل أقساط لمدة 15سنة
-أما اإلستراتيجية المستقبلية فتمثلت في عدم ترك المجال لتراكم دين الخزينة ،حيث تم تحديد
تسبيقات بنك الجزائر لها بـ % 10كحد أقصى للوفاء بها مع ضرورة تسديدها قبل نهاية كل سنة
مالية.
-حدد هذا القانون أيضا المبالغ العامة التي يمكن لبنك الجزائر االحتفاظ بها بنسبة % 20
كحد أقصى من اإليرادات العامة لسنة المالية السابقة.
د -الفصل بين دائرة ميزانية الدولة ودائرة القرض :ويسمح هذا المبدأ باستعادة البنوك لوظائفها
التقليدية وخاصة تلك المتمثلة في منح االئتمان ،كما يصبح توزيع القرض في ظل هذا المبدأ ال
يخضع إلى قواعد إدارية وانما يرتكز أساسا على مفهوم الجدوى االقتصادية للمشاريع.
-2أهم وظائف بنك الجزائر في مجال الصرف :أصبح بنك الجزائر على حسب قانون النقد والقرض يقوم
بعدة مهام بهدف تدعيم العملة الوطنية وضمان استقرارها منها(.)13
إدارة األرصدة النقدية بالعملة الصعبة (التدخل في سوق الصرف) . -
-شراء وبيع سندات الدفع بالعملة الصعبة واعادة خصمها.
فتح حسابات بالعملة األجنبية للشركات الخاضعة للقانون الجزائري للقيام بالتصدير. -
مراقبة الصرف وحركات رؤوس األموال ،تنفيذ عمليات الرهن.....الخ . -
-3أهم التعديالت التي أدخلت على قانون النقد والقرض :ومن أهم التعديالت التي مست قانون النقد
والقرض يمكن ذكر(:)14
أ -تعديالت سنة ( 2001األمر :)01/01إن التعديالت التي أدخلت على قانون النقد والقرض
خالل عام 2001تهدف أساسا إلى تقسيم مجلس النقد و القرض إلى جهازين هما :
األول يتكون من مجلس اإلدارة الذي يشرف على إدارة وتسيير شؤون البنك المركزي ضمن
الحدود المنصوص عليها في القانون .
الثاني يتكون من مجلس النقد والقرض وهو مكلف بأداء دور السلطة النقدية والتخلي عن دوره
كمجلس إدارة لبنك الجزائر
ب -تعديالت سنة ( 2003األمر : )11/03لقد جاء هذا النص التشريعي في ظرف تميز
بتخبط الجهاز المصرفي في ضعف كبير في األداء وخاصة بعد الفضائح المتعلقة بإفالس بنك
الخليفة والبنك الصناعي والتجاري ،والذي بين بصورة واضحة عدم فعالية أدوات المراقبة واإلشراف
التي يديرها بنك الجزائر باعتباره السلطة النقدية ،وقد جاء هذا التعديل مدعما ألهم األفكار
العدد -01مارس 2017 130 جملة التنمية واالقتصاد التطبيقي –جامعة املسيلة-
د .دردوري حلسن –جامعة بسكرة ، -د.لقليطي خلضر –جامعة املسيلة- سياسة سعر الصرف يف اجلزائر
والمبادئ التي تجسدت في القانون ،10/90مع التأكيد على بعض التعديالت الجزئية التي جاء
بها األمر ،01/01حيث حدد بوضوح عالقة بنك الجزائر مع الحكومة فمنح:
استقاللية للبنك المركزي في رسم السياسة النقدية المناسبة وتنفيذها في إطار الرقابة التي
تمارسها و ازرة المالية التابعة للحكومة
منح للحكومة السلطة المضادة التي تمكنها من أن تعدل ما يخلص إليه بنك الجزائر
فيما يتعلق بالسياسة النقدية .
المحور الثالث :سياسة سعر صرف الدينار خالل الفترة (.)2015 -2000
تمكنت الجزائر خالل الفترة الممتدة ما بين سنة 2000و 2015من إعادة تقويم مؤشرات اقتصادها
الكلي وانهاء هذه الفترة في وضعية خارجية مريحة ،وبتالي أزيح ثقل المديونية عن كاهل الجزائر والتفتت
إلى تنظيم سياساتها االقتصادية ،وكجزء من السياسة االقتصادية تعتبر سياسة سعر الصرف من أهم
العناصر التي أولت لها الجزائر أهمية كبيرة.
أوال :الوضعية االقتصادية للجزائر خالل الفترة( :)2015-2000شهدت الجزائر عدة تطورات انعكست
على وضعيتها االقتصادية الخارجية والداخلية ،وفي هذا السياق وقبل تحليل تطور سياسة سعر صرف
الدينار يجب معرفة ،تطور ديون الجزائر وأهم البرامج االقتصادية التي أنجزتها.
-1الديون الخارجية والداخلية للجزائر :إن الجزائر كانت قد قررت لدى إطالق أول برنامج تنموي
خماسي استباق موعد تسديد ديونها الخارجية العمومية و الخاصة (الدين التجاري) بشكل يسمح لها
بتخفيف هذا العبء المالي الثقيل الذي قد يؤدي إلى ركود النمو االقتصادي ،و بذلك تمكنت الجزائر من
تخفيض ديونها الخارجية العمومية (نادي باريس) من 20.4مليار دوالر سنة 2000إلى 11.6مليار
دوالر في 2005ثم إلى 0.5مليار دوالر في 2010و 374.5مليون دوالر نهاية ،2013و يتعلق
األمر بجهد مالي استثنائي حيث رافقه تسديد جزء هام من الدين التجاري (نادي لندن)* المستحق لدى
دول شريكة ،لكن في نفس الوقت كان البد أيضا من التحكم في الميول إلى المديونية الداخلية جراء تمويل
مشاريع التنمية المحلية و الضغط المترتب عن زيادة أجور الموظفين في سياق ساده ضغط على مستوى
االقتصاد الكلي نجم عن عمليات هائلة لسحب األموال من الخزينة ،و هكذا سمح بالتسيير المالي الرشيد
الذي تبنته الجزائر بالتحكم في هذه المديونية العمومية الداخلية التي انخفضت لتصل 14.7مليار دوالر
فقط في .)15( 2013
-2البرامج االقتصادية التي طبقتها الجزائر خالل الفترة( :)2015-2000تعتبر هذه البرامج من أهم
التغيرات التي حدثت في الجزائر ،وجاءت إلعطاء نفس ودفعة جديدة لالقتصاد وقد تجسدت في:
العدد -01مارس 2017 131 جملة التنمية واالقتصاد التطبيقي –جامعة املسيلة-
د .دردوري حلسن –جامعة بسكرة ، -د.لقليطي خلضر –جامعة املسيلة- سياسة سعر الصرف يف اجلزائر
أ -برنامج اإلنعاش االقتصادي ( :)2004-2001عبر هذا البرنامج عن رغبة الدولة في انتهاج سياسة
توسعية تهدف إلى تنشيط الطلب الكلي من خالل تحفيز االستثمارات العمومية الكبرى بعد التجربة المريرة
التي مر بها االقتصاد الجزائري ()16
ب-البرنامج التكميلي لدعم النمو االقتصادي( :)2009-2005في سنة 2005تم بعث برنامج دعم
النمو االقتصادي وتضمن محورين رئيسين األول يقوم على بعث برنامج استثماري قدره 55مليار دوالر
لتدعيم البنية التحتية وتنشيط القطاعات االقتصادية أما الثاني فيقوم على التحكم في اإلنفاق الجاري
للحفاظ على استقرار كتلة األجور ولقد أعتبر هذا البرنامج غير مسبوق في تاريخ الجزائر بحكم المبالغ
المخصصة له والذي أدى إلى نمو حجم االستثمار العمومي بنسب مرتفعة بلغت في متوسطها
.)17(%23
جـ -برنامج توطيد النمو( : )2014-2010ويتضمن هذا البرنامج أهداف تتلخص ثالث محاور رئيسية
هي(:)18
تهيئة اإلقليم وتنمية البنية األساسية.
دعم التنمية البشرية وجعلها في خدمة التنمية االقتصادية.
تعزيز تنافسية االقتصاد الوطني
-3تقييم البرامج التي طبقتها الجزائر خالل الفترة( :)2015-2000خالل فترة 15سنة الماضية
تمكنت الجزائر مستندة إلى ثالثة برامج خماسية و تطور إيجابي لسوق النفط الدولية من تعزيز أسس
تنميتها المستقبلية بفضل سياسة ركزت على تأسيس مرافق تحتية اقتصادية و اجتماعية ،وتبين األرقام
المتوفرة أن الجزائر أنجزت خالل السنوات الـماضية من السكنات بمختلف الصيغ أكثر مما أنجزته
خالل كامل الفترة السابقة ،وتوج سجل قطاع األشغال العمومية بدوره بأكبر الخطوات من خالل الطريق
السيار شرق-غرب مع 1.132كلم منجزة لتبلغ شبكة الطرقات الوطنية سنة 2013مجموع 117.500
كلم أي بزيادة 13.000كلم مقارنة بسنة .2000في قطاعات أخرى ال تقل أهمية سجلت البيانات و
األرقام زيادات بلغت ضعفيها أو ثالثة أضعافها بين مرحلة و أخرى و تشمل هذه األرقام شبكة السكك
الحديدية (من 1.769كلم سنة 2000إلى 4.286سنة )2013و ربط األسر بنظام اإلنارة (7.9
مليون مقابل 3.7مليون) و معاهد التكوين المهني ( 101مقابل )54و العيادات متعددة الخدمات
( 1.616مقابل )497و المركبات الرياضية الجوارية ( 561مقابل )43و دور الثقافة ( 46مقابل )22
،وفي الوقت ذاته راحت احتياطات الصرف تزداد سنة بعد سنة لتبلغ 194مليار دوالر في نهاية 2013
( % 1.530+مقارنة بسنة ) 2000كل هذه األمثلة تدل على انطالقة مثالية على األقل على المستوى
الكمي حققتها قطاعات ترتبط نشاطاتها بالحاجيات األساسية للسكان(.)19
العدد -01مارس 2017 132 جملة التنمية واالقتصاد التطبيقي –جامعة املسيلة-
د .دردوري حلسن –جامعة بسكرة ، -د.لقليطي خلضر –جامعة املسيلة- سياسة سعر الصرف يف اجلزائر
ثانيا :تحليل تطور سعر صرف الدينار الجزائري خالل الفترة ()2015 -2000
إن أسعار صرف الدينار مقارنة بالعمالت الصعبة الرئيسية تتحدد بطريقة مرنة على مستوى السوق
البينية(سوق ما بين البنوك) للصرف على أساس ظروف العرض والطلب وفقا للقواعد الدولية المعمول بها
في هذا المجال ،ولكن من زاوية عرض العمالت الصعبة على مستوى السوق البينية للصرف فإن بنك
الجزائر يبقى المصدر األساسي للعمالت الصعبة المعروضة في هذه السوق أين تحدد أسعار الصرف
تتمثل في
المطبقة على العمليات المبرمة وفقا لميكانيزمات السوق وعليه ،فإن القيمة الخارجية للدينار ّ
سعر الصرف المحدد على مستوى السوق البينية للصرف أين يتدخل تسعة عشر مصرفا في الساحة إلى
جانب بنك الجزائر(.)19
ولتحليل تطور سعر صرف الدينار الجزائري خالل الفترة 2015 -2000يمكن عرض الجدول التالي:
الجدول ( :)-01تطور سعر صرف الدينار الجزائري خالل الفترة ()2015 -2000
(سعر صرف متوسط الفترة)
2007 2006 2005 2004 2003 2002 2001 2000 السنوات
66.82 72.64 73.36 72.06 77.37 79.68 77.26 75.31 سعر صرف الدينار مقابل الدوالر
94.99 91.24 91.30 89.64 87.47 75.34 69.2 69.43 سعر صرف الدينار مقابل األورو
2015 2014 2013 2012 2011 2010 2009 2008 السنوات
93,24 80.56 79.38 77.55 72.85 74.4 72.64 71.18 سعر صرف الدينار مقابل الدوالر
105 106.30 105.43 102.16 102.61 99.19 101.29 95.86 سعر صرف الدينار مقابل األورو
-2في الفترة الممتدة من 2004-2003شهدت أسعار البترول تحسنا كبير ،فانتقلت من 54.6دوالر
للبرميل سنة 2003الى 67.3دوالر للبرميل سنة ،2004هذا أدى إلى زيادة حجم الصادرات البترولية
الجزائرية ( .)20وبتالي ارتفع قيمة الدينار مقابل الدوالر من 77.37دج سنة 2003إلى 72.06دج
سنة .2004
-3استمرت قيمة الدينار مقابل الدوالر في االرتفاع في الفترة الممتدة من 2005إلى غاية 2007بسبب
ارتفاع الصادرات البترولية ،أما قيمة الدينار مقابل األورو فانخفضت لتصل إلى 94.99دج سنة 2007
مقابل 91.3دج سنة .2005
-4في سنة 2008أثرت األزمة المالية التي شهدها العالم على الدينار الجزائري حيث شهدت فيها
أسواق النفط تقلبات حادة فقفزت أسعار النفط الخام من 150دوالر للبرميل سنة 2008لتصل 40دوالر
للبرميل بحلول سنة )21(2009وكباقي عمالت العالم انخفضت قيمة الدينار مقابل الدوالر من 66.82
دج سنة 2007إلى 74.4دج سنة .2010
-5أدى تحسن قيمة الدوالر األمريكي مقابل األورو إلى تراجع قيمة العمالت التي تتبع نظم تعويم مدار
مقابل الدوالر مثل ما حدث للجزائر سنة 2009و 2010على التوالي( .)22للحفاظ على ثبات أسعار
صادراتها ووارداتها.
-6وفي الفترة 2015-2010يمكن مالحظة تدهور قيمة الدينار الجزائري مقابل الدوالر واألورو بسبب
الركود في قطاع المحروقات الذي كانت من أسبابه أزمة منطقة اليورو.
وفي األخير يمكن القول أن تدهور قيمة الدينار الجزائري ظاهرة عرفتها الجزائر منذ الثمانينات،
وكانت نتيجة عوامل متراكمة يمكن ذكر أهمها في ما يلي(:)23
-1سماح السلطات النقدية تراجع تدريجي في سعر الصرف عقب الصدمة البترولية المعاكسة لعام 1986
كإجراء لمعالجة تداعيات انهيار أسعار النفط ،حيث تراجع الدينار مابين 1986و 1988بمعدل
%31مقابل سلة الربط ،تاله تراجع آخر مابين عامي 1989و. 1991
-2التخفيض الرسمي الذي مس قيمة الدينار خالل عامي 1991و 1994بضغط من صندوق النقد
الدولي مقابل تقديمه للمساعدة المالية للجزائر ،وقد كان الهدف من هذا التخفيض بحسب الصندوق هو
تصحيح االرتفاع في سعر الصرف الحقيقي (التقييم المفرط للدينار) وتقليص الفرق بين السعر الرسمي
والموازي الذي يزداد بشكل حاد.
-3التوجه إلى سياسة سعر الصرف الجديدة (التعويم المدار) منذ العام 1995بهدف حماية القدرة
التنافسية على المدى المتوسط من خالل الحفاظ على استقرار قيمة سعر الصرف الحقيقي الفعلي عبر
تدخل بنك الجزائر في سوق الصرف.
-4النمو المفرط للواردات في الجزائر حيث وصلت 58.33مليار دوالر عام 2014وهذا ما يعتبر
عائقا أمام استقرار قيمة الدينار ،و ذلك بسبب الطلب المتنامي على النقد األجنبي لتسوية هذه
العدد -01مارس 2017 134 جملة التنمية واالقتصاد التطبيقي –جامعة املسيلة-
د .دردوري حلسن –جامعة بسكرة ، -د.لقليطي خلضر –جامعة املسيلة- سياسة سعر الصرف يف اجلزائر
المستوردات ،والذي يؤدي إلى عدم وجود توازن بين العرض والطلب على الدينار في سوق الصرف ما
ينعكس في انخفاض قيمته.
-5استخدام السلطات الجزائرية النخفاض سعر صرف الدينار مقابل الدوالر كإجراء لرفع حصيلة
مداخيل النفط المقومة بالدوالر األمريكي عند تحويلها إلى الدينار الجزائري ،وهذا في فترات انهيار أسعار
النفط مثلما حصل مؤخرا.
مما سبق يمكن استنتاج أن سعر صرف الدينار رغم تعلقه الكبير بأسعار البترول لكنها ال تعد العامل
الوحيد المؤثر في سعر صرف الدينار ،فبحكم ارتباط الجزائر مع العالم الخارجي توجد عدة عوامل
خارجية تأثر في سعر صرف الدينار مثل األزمة المالية ،أزمة األورو وأيضا توجد هناك عدة عوامل
داخلية تساهم في تغير قيمة الدينار مثل ارتفاع حصيلة الواردات بسبب ارتفاع الطلب عليها ،واتباع
الجزائر خالل هذه الفترة سياسة اقتصادية توسعية من أجل برامجها التنموية.
المحور الرابع :احتياطي الصرف األجنبي في الجزائر
إن الزيادة المستمرة في مستوى احتياطات الصرف قد طرح النقاش والجدل حول الدور الذي يمكن أن
تلعبه في االقتصاد الجزائري ،ويمكن القول أن احتياطي الصرف األجنبي ما هو إال مجموع التراكمات
السنوية ألرصدة ميزان المدفوعات ،وتعتبر فوائض الحساب الجاري المصدر الرئيسي لتراكم االحتياطات
وباألخص فائض الميزان التجاري ،وذلك من خالل صادرات قطاع المحروقات)24(.
أوال :مكونات احتياطي الصرف في الجزائر :تمثل االحتياطيات للجزائر جهاز أمان يمكنها اللجوء إليه لسد
العجز الحادث في ميزان مدفوعاتها سواء كانت هذه االحتياطيات ذهبا أو عمالت أجنبية ،وهذا لكي ال
تضطر إلى تخفيض سعر صرف عملتها أو االقتراض بتكلفة باهظة وتتكون احتياطات الجزائر من(:)25
-1الذهب :انخفضت قيمة الذهب من احتياطيات الجزائر منذ مدة طويلة قابلها سيطرة الدوالر األمريكي
والعمالت األخرى ،حيث بلغت احتياطيات الذهب في الجزائر سنة 2006قيمة 1133825135.72
مليار دينار مقابل احتياطيات من العمالت األجنبية التي قدرت بقيمة 378920227466.21مليار
دينار لنفس السنة ،ويرجع االنخفاض في استخدام الذهب كوحدة احتياطية إلى تدخل الواليات المتحدة
األمريكية ومحاولة إلغاء دور الذهب في مركز النظام النقدي وسيطرة مكانة الدوالر األمريكي.
-2العمالت األجنبية :منذ بداية تكوين االحتياطيات في الجزائر والدوالر األمريكي هو المسيطر
األساسي في قيمة االحتياطيات ،حيث وصلت نسبة احتياطي الدوالر % 48سنة 2000ونسبة % 45
سنة 2001وما أكسب الدوالر ميزة العملة الصعبة يستخدم من خاللها كأساسي احتياطي هي مرونة
تمويل العجز في ميزان مدفوعات الواليات المتحدة األمريكية ألن تمويله يكون أكثر سهولة من تمويل
العجز لدى الدول األخرى على أساس أسعار الصرف السائدة ،ومنذ بداية 2002ظهر األورو كعملة
منافسة للدوالر إذ سجلت الجزائر نسبة احتياطياتها من الدوالر % 42والمالحظ هو انخفاض هذه النسبة
بنسبة % 6.2عن سنة ، 2001وبلغ احتياطي الجزائر من األورو % 30من إجمالي االحتياطيات
العدد -01مارس 2017 135 جملة التنمية واالقتصاد التطبيقي –جامعة املسيلة-
د .دردوري حلسن –جامعة بسكرة ، -د.لقليطي خلضر –جامعة املسيلة- سياسة سعر الصرف يف اجلزائر
ومثلت باقي العمالت األخرى نسبة % 28وقدرت نسبة الين الياباني منها ،% 12ويتم تحديد األصول
االحتياطية في الجزائر بالطلب حيث يعمل بنك الجزائر على تحديد حجم االحتياطيات التي يمكنه تكوينها
وبعدها يقرر العمالت التي يشكل منها هذه
االحتياطيات.
ثانيا :تحليل سلوك سعر صرف الدينار الجزائري من خالل عناصر الميزان التجاري
إن الميزان التجاري يتكون من عنصرين مهمين هما الصادرات والواردات وعادة ما تكون هناك أثار
تبادلية بين هذين العنصرين وسياسة سعر صرف الدينار الجزائري ،فمن جهة تعتبر الصادرات السبب
الرئيسي للتخفيض سعر صرف الدينار ،مما ينتج عنه ارتفاع الطلب الخارجي على هذه الصادرات بسبب
أن أسعارها تنافسية ،ومن جهة أخرى تظهر الواردات مدى اعتماد الدولة على الخارج في تمويل
احتياجاتها من السلع األساسية ،وبتالي فان تغير سعر صرف الدينار بالنسبة لعملة الشريك التجاري
سيسبب اختالل في حجم الواردات والصادرات على حد سواء( .)26والجدول التالي يبرز التأثيرات
المتبادلة بين كل من مكونات الميزان التجاري وسعر صرف الدينار:
الجدول ( :)-02تطور حالة عناصر الميزان التجاري الجزائري خالل الفترة()2014-2000
الوحدة :مليار دوالر أمريكي
الرصيد واردات صادرات خارج صادرات السنوات
المحروقات المحروقات
12.858 9.35- 0.59 21.06 2000
9.192 9.48- 056 18.53 2001
6.816 12.01- 0.61 18.11 2002
11.078 13.32- 0.47 23.99 2003
13.775 17.95- 0.66 31.55 2004
25.644 19.86- 0.74 45.59 2005
33.157 20.68- 1.13 53.61 2006
32.532 26.35- 0.98 59.61 2007
40,52 -38,07 1,40 77,19 2008
7,78 -37,40 0,77 44,41 2009
18.20 38,89- 0.97 56,12 2010
25.26 -46,93 1.23 71.66 2011
20.17 -51,57 1.15 70.58 2012
9.73 -54,99 1.05 63.66 2013
0.32 -59.67 1.63 58.36 2014
العدد -01مارس 2017 136 جملة التنمية واالقتصاد التطبيقي –جامعة املسيلة-
د .دردوري حلسن –جامعة بسكرة ، -د.لقليطي خلضر –جامعة املسيلة- سياسة سعر الصرف يف اجلزائر
-3التعامل في سوق النفط العالمي ال يتم سوى بالدوالر األمريكي ما يعني أن نسب عالية من إيراداتنا
تأتينا بالدوالر األمريكي في حين نتبضع باليورو باعتبار أن معظم وارداتنا من دول اإلتحاد األوروبيون ،و
بفعل أزمة اليورو تراجعت عائدات النفط بفعل انخفاض استهالك األوروبي للمحروقات جراء تعطل
الجهاز اإلنتاجي وبفعل سياسة التقشف التي تعتمدها الدول األوروبية ،كما لجأ األوروبيون لرفع أسعار
المنتجات الموجهة للتصدير لتغطية تلك الخسائر ،مما رفع فاتورة استيراد الجزائر وهذا ما نالحظه خالل
الفترة ( ،)2014-2010وبتالي ستتأثر البرامج التنموية للجزائر وسياسة تخفيض الدينار ستزيد الطين
بلة.
وفي األخير نستنتج أن أثر التخفيض معدوم على الصادرات الجزائرية ما دامت المحروقات تشكل معظم
الصادرات وهذا ما يضع أكثر من عالمة استفهام حول جدوى تطبيق سياسة ( التخفيض) التي لم تعط
ثمارها .
ثالثا :عالقة احتياطي الصرف األجنبي بسعر صرف الدينار :إن تطور حجم احتياطي الصرف األجنبي
في الجزائر مرتبط بشكل أساسي بتطور أسعار النفط في األسواق الدولية ،وعادة ما يكون حجم االحتياطي
هو السبب الرئيسي في تغير سعر الصرف وإلبراز العالقة يمكن عرض الجدول التالي:
الجدول( :)03تطور حجم احتياطي الصرف األجنبي وأسعار البترول في الجزائر
خالل الفترة 2014-2000
الوحدة(مليار دوالر ،دوالر للبرميل -متوسط سنوي)-
السنة
2014
2013
2012
2011
2010
2009
2008
2007
2006
2005
2004
2003
2002
2001
2000
109.
111.
112.
80.1
62.2
99.9
74.9
65.8
54.6
38.6
28.9
25.2
24.8
28.5
71
55
04
94
5
5
7
5
5
4
6
6
4
5
0
(صحاري بالند)
احتياطي
178.9
194.0
190.6
182.2
162.2
148.9
143.1
110.1
77.78
56.18
43.11
32.94
23.11
17.96
11.9
3
1
6
2
2
1
0
8
الصرف(دون الذهب)
المصدر :بوزيد بورنان "،تغيرات أسعار الصرف وتأثيرها على االحتياطات الوطنية دراسة حالة الجزائر"،
مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير ،قسم العلوم االقتصادية ،تخصص نقود مالية وبنوك ،كلية العلوم
االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير ،غير منشورة ،جامعة البليدة ،2الجزائر،2015-2014،
ص203
ويمكن إيضاح العالقة بين احتياطي الصرف األجنبي للجزائر وسعر صرف الدينار وأسعار البترول من
خالل البيان التالي:
العدد -01مارس 2017 138 جملة التنمية واالقتصاد التطبيقي –جامعة املسيلة-
د .دردوري حلسن –جامعة بسكرة ، -د.لقليطي خلضر –جامعة املسيلة- سياسة سعر الصرف يف اجلزائر
الشكل( :)-01تطور حجم احتياطي الصرف األجنبي في الجزائر بالموازاة مع تغير أسعار صرف الدينار
خالل الفترة 2014-2000
100%
95%
Titre de l'axe
احتياطي الصرف األجنبي
90%
سعر صرف الدينار مقابل األورو
85% سعر صرف الدينار مقابل الدوالر
80% السنوات
75%
15 14 13 12 11 10 9 8 7 6 5 4 3 2 1
العدد -01مارس 2017 139 جملة التنمية واالقتصاد التطبيقي –جامعة املسيلة-
د .دردوري حلسن –جامعة بسكرة ، -د.لقليطي خلضر –جامعة املسيلة- سياسة سعر الصرف يف اجلزائر
العالم ،وتأثيرها على قرار منظمة األوبك الذي يمثل إنتاجها حوالي ثلثي إمدادات العالم من هذه المادة (
30مليون برميل يوميا) مما حذا باإلبقاء على نفس سقف اإلنتاج؛
-5إن توظيف أغلب احتياطات الجزائر في سندات الخزانة األمريكية بمعدالت مردودية ضعيفة جدا ال
ترقى لحجم المبالغ الموظفة ،في ظل تدني معدالت الفائدة وارتفاع معدل التضخم في الواليات المتحدة
األمريكية ،ناهيك عن مخاطر الصرف،هذا ما سيزيد من تآكل القيمة الحقيقية الحتياطات البلد (.)29
النتائج:
استطاعت الجزائر تسديد معظم دينها الخارجي خالل الفترة ( )2006 -2000وهذا ما جعلها
في وضعية خارجية مريحة ،حيث كان الدين الخارجي من بين أسباب إتباع الجزائر سياسة
تخفيض الدينار وهذا ساهم بدوره في تيسير انطالق برامج التنمية االقتصادية لأللفية.
أدى تحسن قيمة الدوالر األمريكي مقابل األورو إلى تراجع قيمة العمالت التي تتبع نظم تعويم
مدار مقابل الدوالر مثل ما حدث للجزائر وهذا للحفاظ على ثبات أسعار صادراتها ووارداتها ،وقد
تدهورت قيمة الدينار الجزائري لعدة عوامل من أهمها التخفيض الرسمي الذي مس قيمة الدينار
بضغط من صندوق النقد الدولي و التوجه لنظام التعويم .
ال تعد أسعار البترول العامل الوحيد المؤثر في سعر صرف الدينار ،فبحكم ارتباط الجزائر مع
العالم الخارجي توجد عدة عوامل خارجية تأثر في سعر صرف الدينار مثلما أحدثته األزمة
المالية و أزمة األورو ،وأيضا توجد هناك عدة عوامل داخلية تساهم في تغير قيمة الدينار مثل
ارتفاع حصيلة الواردات بسبب ارتفاع الطلب عليها ،واتباع الجزائر خالل هذه الفترة سياسة
اقتصادية توسعية من أجل برامجها التنموية.
تعد سوق الصرف في الجزائر سوقا مابين البنوك والمؤسسات المالية ،حيث تعالج فيها كل
عمليات الصرف العاجلة واآلجلة للعملة الوطنية مقابل العمالت األجنبية ،وتج أز سوق الصرف
عادة إلى سوق الصرف مابين البنوك العاجل و سوق الصرف مابين البنوك اآلجل وتسمى
السوق الرسمية ،لكن قلة عرض العملة الصعبة في هذه السوق أنشأ ما يسمى بالسوق الموازية،
ومع أزمة البترول الحالية حاولت الجزائر امتصاص السيولة من السوق الموازي عبر إنشاء
مكاتب صرف جديدة .
إن تخفيض سعر الصرف الدينار بموجب أسلوب المرونات الذي نصح به صندوق النقد الدولي
لم يكن له األثر اآلني على الميزان التجاري ،وبالتالي فان الحجة القائلة باآلن الرفع من
الصادرات وتخفيض قيمة الواردات يتطلب تخفيض سعر الدينار هي حجة باطلة عمليا على
األقل بالنسبة للجزائر والدول األحادية مادة التصدير ،وبما أن رصيد الميزان التجاري هو
المصدر الرئيسي الحتياطات الصرف ،فانه يمكن القول أن سياسة سعر الصرف غير الفعالة
تساهم في ضياع فرصة الحصول على إيرادات أكبر جراء ارتفاع الصادرات ،ومع اختالف عملة
العدد -01مارس 2017 140 جملة التنمية واالقتصاد التطبيقي –جامعة املسيلة-
د .دردوري حلسن –جامعة بسكرة ، -د.لقليطي خلضر –جامعة املسيلة- سياسة سعر الصرف يف اجلزائر
الدفع والتحصيل في التجارة الخارجية للجزائر يحدث تآكل في القيمة الحقيقية الحتياطات
الصرف الجزائرية ،وهذا ما سيزيد من تدهور قيمة الدينار.
أصبحت احتياطات صرف الجزائر منذ بداية 2000المصدر الرئيسي لإلصدار النقدي ،حيث
تعتبر المقابل الرئيسي لمجاميع الكتلة النقدية في الجزائر ،وبالتالي االرتفاع في احتياطي الصرف
سيؤدي إلى زيادة المعروض النقدي الذي بدوره يرفع من معدالت التضخم وهذا ما يساعد على
تدهور قيمة الدينار الجزائري .وتجدر اإلشارة أنه منذ سنة 2003أصبح معدل الصرف الفعلي
االسمي هدف وسيط لتحقيق استقرار سعر الصرف الفعلي الحقيقي للدينار بالموازاة مع الهدف
النهائي وهو استهداف التضخم .
المراجع:
)1(Ahmed Henni ," Economie De L’Algérie Indépendante" ,ENAG ,Algérie ,1991 ,P26.
()2
بن علي بلعزوز "،محاضرات في النظريات النقدية والسياسات النقدية" ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،2004 ،ص ص .217-216
()3
سمير آيت يحي" ،مرجع سبق ذكره" ،ص. 154 -149
()4
محمد بلقاسم حسن بهلول"،سياسة تخطيط التنمية واعادة تنظيم مسارها في الجزائر(بناء قطاع اقتصادي عمومي رائد)" ،الجزء األول ،ديوان
المطبوعات الجامعية ،الج ازئر ،1999 ،ص ص .163،195،194
*
عمالت الشركاء التجاريين في تلك الفترة هي :الدوالر األمريكي ،الشيلينغ النمساوي ،الفرنك البلجيكي ،الدوالر الكندي ،الكورون الدانماركي،
المارك األلماني ،الفرنك الفرنسي ،الليرة االيطالية ،الفلورة الهولندية ،الكورون النرويجي ،الجنيه اإلسترليني ،البيزيتا االسبانية ،الكورون السويدي،
والفرنك السويسري.
()5
محمود حميدات " ،مرجع سبق ذكره" ،ص ص . 158 -157
()6
أحمد هني "،العملة والنقود" ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،1999 ،ص.139
*
قانون القروض والبنوك :هدفه األساسي إصالح جذري للمنظومة المصرفية ،وحدد بوضوح مهام ودور البنك المركزي والبنوك التجارية مع إعادة
االعتبار لدور السياسة النقدية في تنظيم ومراقبة حجم الكتلة النقدية المتداولة وتحقيق أهداف السياسة االقتصادية الكلية ،معتمدا على المخطط
الوطني للقرض.
سياسة التسيير الحركي لمعدل الصرف :لجأت إليه السلطات النقدية بداية من سنة 1987حيث يتم تعديل سعر صرف الدينار بهدف إيجاد توافق
بين المتاح من العمالت الصعبة وحجم الطلب على السلع والخدمات األجنبية.
()7
محمود حميدات" ،مرجع سبق ذكره" ،ص .15
()8
شاكر القزويني "،محاضرات في اقتصاد البنوك" ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،1989 ،ص .160
()9
محمد أمين بربري "،البعد االقتصادي لتحرير سعر صرف الدينار الجزائري" ،ملتقى دولي بعنوان أبعاد الجيل الثاني من اإلصالحات االقتصادية
في الدول النامية ،كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ،جامعة بومرداس ،2006 -02-20 ،ص . 4
*مجلس النقد والقرض :لقد تم إنشاءه وفقا للقانون النقد والقرض في ، 1990-04-14وتم من خالله الفصل بين السلطة النقدية و السلطة
التنفيذية.
( )10إكرام مياسي "،االندماج في االقتصاد العالمي وانعكاساته على القطاع الخاص في الجزائر" ،دار همومة ،الجزائر ،2012 ،ص ص -182
.288
( )11دالل بن سمينة "،مرجع سبق ذكره" ،ص ص .277-276
( )12مراد عبد القادر "،دراسة أثر المتغيرات النقدية على سعر صرف الدينار الجزائري مقابل الدوالر األمريكي خالل الفترة ،"2003-1974
مذكرة مقدمة لنيل شهادة الم اجستير في العلوم االقتصادية ،تخصص نمذجة اقتصادية ،قسم العلوم االقتصادية ،كلية العلوم االقتصادية والتجارية
و علوم التسيير ،غير منشورة ،جامعة ورقلة ،الجزائر ،ص ص .32-31
العدد -01مارس 2017 141 جملة التنمية واالقتصاد التطبيقي –جامعة املسيلة-
د .دردوري حلسن –جامعة بسكرة ، -د.لقليطي خلضر –جامعة املسيلة- سياسة سعر الصرف يف اجلزائر
( )1
إكرام مياسي"،مرجع سبق ذكره" ،ص ص . 192-191 3
( )1
4دالل بن سمينة"،مرجع سبق ذكره" ،ص ص .253-252
( )15مفيد عبد الالوي"،مرجع سبق ذكره" ،ص ص .118،119،123
( )16علي بطاهر"،إصالحات النظام المصرفي وأثرها على تعبئة المدخرات والتمويل والتنمية" ،أطروحة لنيل شهادة دكتوراه دولة في العلوم
االقتصادية ،فرع تحــليل اقتصـادي ،قسم العلوم االقتصادية ،كلية العلوم االقتصادي ــة و علوم التس ــيير،غير منشورة ،جامعة الجزائر،2006-2005،
ص ص .55-52
، 2016-03-29 ،الساعة 11:30صباحا" )17(www.aps.dz،" http://www.aps.dz/ar/economie/1944-2000-2015 .
(( ))18نادية بولورغي "،تداعيات أزمة منطقة اليورو على الشراكة األرومتوسطية (دراسة حالة الجزائر)" ،مذكرة مقدمة الستكمال متطلبات نيل
شهادة الماجستير ،قسم العلوم االقتصادية ،تخصص اقتصاد دولي ،كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير،غير منشورة ،جامعة بسكرة،
الجزائر ،2014-2013 ،ص .215
( )19زهير بن دعاس وشافية كتاف " ،سياسات االستثمار العمومي بين جدلية دعم النمو االقتصادي ومخاطر تفشي الضغوط التضخمية (حالة
الجزائر ،")2014-2001المؤتمر الدولي حول تقييم آثار االستثمارات العامة وانعكاساتها على التشغيل واالستثمار والنمو االقتصادي خالل الفترة
( ، )2014 -2001أيام 12،11مارس ، 2015كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير ،جامعة سطيف ،الجزائر ،ص .17
()20
نادية بولورغي "،مرجع سبق ذكره" ،ص.220
" )21(www.essalamonline.com،" http:// /www.essalamonline.com
14:30مساءا ،2016 -03-08 ، .الساعةar/%D8%A7%D9%86%D9%87%D9%8A%D8%
( )2
عبد الحميد مرغيت "،تقييم أداء الدينار الجزائري بعد خمسين سنة من االستقالل" ،كلية العلوم االقتصادية ،جامعة جيجل ،الجزائر، 2
13:30 ،2016 -04 -20 ،http://iefpedia.com/arab/wp-content/uploads/2016/01/مساءا.
( )23داود سعد اهلل "،األزمات النفطية والسياسة المالية في الجزائر دراسة على ضوء األزمة المالية العالمية" ،دار هومة ،الجزائر،2013 ،
ص.69
( )24رشيد دريس " ،انعكاس االنفتاح التجاري في الجزائر على هيكل ميزان مدفوعاتها خالل الفترة ،"2012-2000مجلة األكاديمية لدراسات
االجتماعية واإلنسانية ،قسم العلوم االقتصادية والقانونية ،كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ،جامعة الجزائر ،العدد ،11جانفي ،2014ص
.26
( )25هدى بوحنيك "،دور بنك الجزائر في تسيير العمليات المالية المرتبطة بالخارج" ،مجلة الباحث ،2010-08،جامعة تبسة ،الجزائر ،ص،7
15:30 ،2016/02-02 ، httprevues.univ-ouargla.dzimagesbannersASTimageselbahithimagesBAHIN08R0808.pdf
مساءا.
( )26نادية بلورغي" ،تداعيات أزمة منطقة اليورو على الشراكة االورو متوسطية (دراسة حالة الجزائر)" ،مذكرة مقدمة الستكمال متطلبات نيل
شهادة الماجس تير ،قسم العلوم االقتصادية ،تخصص اقتصاد دولي ،كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير ،غير منشورة ،جامعة بسكرة،
،2014-2013ص .215
( )27بوزيد بورنان"،مرجع سبق ذكره" ،ص.199
( )2
مداخلة محافظ بنك الجزائر أمام المجلس الشعبي الوطني" ،تطور الوضعية المالية والنقدية في الجزائر "، 8 www.bank-of-
،صalgeria.dz،http://www.bank-of-algeria.dz/pdf/interventions/APN_2009.pdf.18
( )29بوزيد بورنان"،مرجع سبق ذكره" ،ص.204
العدد -01مارس 2017 142 جملة التنمية واالقتصاد التطبيقي –جامعة املسيلة-