Professional Documents
Culture Documents
الوصية بالاعضاء البشرية
الوصية بالاعضاء البشرية
law3e32@utq.edu.iq
المقدمة:
شهدت مهنة الطب خالل الفترات االخيرة من القرن االخ ير تط ور كب ير وطف رة س ريعة
من خالل ما توصل الي ه العلم والتج ارب الطبي ة فض ال عن االس تفادة االمث ل من ادخ ال
التكنولوجيا الحديثة في هذا المجال وم ا قدم ه من اس هامات كب يرة س اعدت البش رية على
اكتشاف الكثير من العالجات الهامة والكشف عن بعض االم راض ال تي لم يكن باإلمك ان
معرفتها في السابق ,ولعل التقدم والتط ور االب رز ال ذي ح دث خالل تل ك الف ترة ه و م ا
توصل الي ه الطب من حيث امكاني ة نق ل وزراع ة االعض اء البش رية من ش خص آلخ ر
وذلك في الحاالت التي يعج ز فيه ا الطب عن عالج الم ريض بالوس ائل المتاح ة وعن دما
يكون احد االعضاء ق د وص ل من التل ف الى مرحل ة ال يس تجيب فيه ا ألي عالج فيك ون
الحل الوحيد لذلك هو استبدال ذلك العضو التالف باخر سليم من قبل شخص متبرع.
ولما ساء استخدام هذا العمل من قبل ضعفاء النفوس وكثرت عملي ات التج ارة باألعض اء
البشرية عن طريق استغالل االشخاص ممن هم في حالة ع وز م ادي من خالل اغ راءهم
بالمال في سبيل الحصول على اعضاءهم ,ومع بروز هذه الظاهرة وانتشارها وما له ا من
اثار سلبية عمدت التشريعات في العالم الى مكافحتها والح د منه ا عن طري ق س ن ق وانين
التي تنظم عملية نقل وزراعة االعضاء البشرية س واء ك ان من ش خص مت برع على قي د
الحياة او كان المتبرع متوفي وفي هذه الحالة االخيرة يسمى الوص ية باألعض اء البش رية
1
حيث يقوم الموصي بتحرير طلب يبين فيه موافقته على التبرع بأحد اعضاءها او جميعه ا
الى شخص او مجموعة اشخاص بناء على رغبته ا من دون أي مقاب ل ل ه او الح د ذوي ه
وذلك سعيا منه إلنقاذ انسان اخر من الهالك يكون بحاجة ماسة لذلك العضو.
2
االستفادة منها مع االستعانة بالمنهج الوصفي التحليلي المكمل له وذل ك عن طري ق تحلي ل
بعض النصوص القانونية التي نظمت وتناولت االمور المتعلقة بموضوع الدراسة.
المبحث االول
مفهوم الوصية ,باألعضاء البشرية,
اجازت معظم التشريعات في العالم نقل االعضاء من االموات الى االحياء بشروط محددة قانونا,
وللتعريف اكثر حول هذا الموضوع سوف نقسم ه ذا المبحث الى مطل بين نتن اول في االول من ه
مفهوم الوصية باألعضاء وتمييزها عما يشتبه به ا ,وفي المطلب الث اني من ه ن بين تحدي د لحظ ة
الوفاة .
المطلب االول
تعريف الوصية باألعضاء وتمييزها عما يشتبه ,بها
تعددت التعاريف الفقهية واالصطالحية للوصية اذ يعرفها البعض على انها (هبة االنس ان
غيره عينا او دينا او منفعة على ان يملك الموصى له الهبة بعد موت الموص ي فهي عه د
خاص مضاف الى ما بعد الموت يوجب حقا التركة لمجرد الوفاة (. )2
____________________________________
3
( )1كمال الدين محمد بن منظور االنصاري االفريقي ,لسان العرب ,ج , 15دار الفكر ,بيروت ,ط, 3
, 1998ص. 394
( )2د .محمد ابو زهرة ,شرح قانون الوصية ,الدار االنجلو مصرية ,القاهرة , 1950 ,ص.12
وق ريب من ه ذا التعري ف م ا ذهب الي ه المش رع الع راقي في تعريف ه للوص ية في
قانون االحوال الشخصية النافذ اذ عرف الوصية بانها ( تصرف في التركة مضاغ الى ما
بعد الموت مقتضاه التمليك بال عوض) (. )2
وذلك فيما يتعلق بموضوع الوصية بمفهومه ا الع ام وام ا فيم ا يخص الوص ية باألعض اء
البشرية فلم يتطرق فقهاء الشريعة االسالمية سابقا لهذا النوع من الوصايا لكونه ا تع د من
المسائل المعاصرة والتي شاعت في العصر الح ديث م ؤخرا نتيج ة التط ور الحاص ل في
مج ال الطب وك ذلك لم يتن اول معظم فقه اء الق انون له ذا الموض وع تعري ف ش امل ب ل
تطرقوا الى احكامه بش كل مباش ر وموق ف التش ريعات من ه وه و م ا س ارت علي ه معظم
التشريعات التي نظمت عملية الوصية باألعضاء البش رية اذ لم تتط رق أي منه ا لتعري ف
هذه الحالة بشكل صريح بينما نظمت الشروط واالحكام المتعلقة بها واكتفت ببيان احكامها
من الناحي ة القانوني ة ام ا المش رع الع راقي فلم يتن اول ه ذه المس ألة خالل تنظيم الاحك ام
المتعلقة بالوص ية في ق انون االح وال الشخص ية الناف ذ لس نة ,1959ولكن من خالل م ا
ورد في الفقرة الحادية عشر من المادة االولى من قانون عمليات زرع االعض اء البش رية
ومنع االتجار بها العراقي النافذ لسنة 2016والتي عرفت الوصية وفق م ا وردت علي ه
ضمن نصوص هذا القانون بانها عبارة عن ( تصرف بعضو او اكثر من اعض اء الجس م
على سبيل التبرع مضافا الى ما بعد الموت مقتضاه التمليك بال عوض ) (. )3
وقد ذهب بعض الباحثين الى تعريف الوصية باألعضاء البشرية بانها ( عب ارة عن ت برع
من قب ل ش خص بجس ده او بعض اج زاءه مض اف الى م ا بع د م وت الموصي
_____________________________________,
( )1د .احمد الكبيسي ,الوجيز في شرح قانون االحوال الشخصية ,ج , 2مطبعة التعليم العالي ,الموصل ,
, 1982ص. 271
4
( )2المادة ( )64من قانون االحوال الشخصية العراقي النافذ رقم 188لسنة 1959وتعديالته .
( ) 3الفقرة الحادية عشر من المادة االولى من قانون عمليات زرع االعضاء البشرية وعدم االتجار بها
العراقي النافذ رقم 11لسنة . 2016
مقتضاه انقاذ حياة الموصى له او المستفيد او شفاءه بقصد االجر والثواب) (. )1
هن اك بعض من المص طلحات والمف اهيم ال تي تتش ابه م ع موض وع البحث وال تي قد
يخل ط البعض فيم ا بينه ا وبين الوص ية باألعض اء البش رية ل ذا فإنن ا س وف نتط رق الى
تلك المفاهيم لغرض التمييز فيما بينها من حيث مواضع الشبه واالختالف.
ويرى ج انب من الفق ه بان ه على ال رغم من ان للوق ف ش روطا منه ا م ا يتعل ق ب الواقف
او الموق وف او ص يغة الوق ف اال ان ه ذه الش روط ال يمكن تطبيقه ا على االعض اء
البش رية او على جس د االنس ان كك ل بع د وفات ه وتص ح م ع التنج يز ش رط ان ال ي ؤدي
ذل ك الى الهالك م ع قي ام ش روط ص حة التص رف وال يج وز وق ف الجس د ح ال حي اة
االنسان إلجراء التجربة الطبية لتع ارض ذل ك م ع قواع د النظ ام الع ام كم ا ان ه ال يصح
تص رف الش خص في وقف ه لعض و منف رد من اعض اءه ح ال حيات ه الن ذل ك ي ؤدي الى
الهالك الحال بال شك (. )3
اال ان الوقف قد يأخذ حكم الوصية حيث ان للواقف بإرادته المنفردة ان يوقف عض وا من
اعضائه ألغراض الخير والثواب حيث يصح تصرفه منجزا وه و ال تزام بس يط ال يق ترن
بوصف كاألجل وحينها يقع الوقف من الواقف حاال اذ ال يصح الوقف ان كان مضافا الى
_____________________________________
( )1حيدر حسين الشمري ،حكم الوصية باألعضاء ,البشرية في الشريعة والقانون ، ,مجلة جامعة
كربالء العلمية ،المجلد ، 5العدد , 2007 ، 4ص. 2
5
( )2د .احمد الكبيسي ,مصدر سابق ,ص. 253
( )3عارف علي القره داغي ,قضايا فقهية في نقل االعضاء البشرية ,دار المسيرة ,ماليزيا ,2015 ,ص.19
ما بعد الموت ولهذا ال يصح تصرف الشخص في القول بأن جسده موقوف بعد موت ه الن
هذا التصرف يكون وصية وش رط الوق ف التأبي د فال يص ح م ؤجال لف ترة زمني ة كم ا ان
وقف الجسد او العضو الذي يقع حال الحياة ويضاف الى ما بعد الموت يأخذ حكم الوصية
كما لو وقف شخص جسده الى جهة طبية بشرط وجود اهلية التبرع عند الواقف (. )1
ويع رف عق د ال بيع بان ه العق د ال ذي بموجب ه ينق ل اح د الط رفين وه و الب ائع ملكي ة أي
شيء او حق الى الطرف االخر مقابل ثمن مادي (. )2
ومن خالل هذا التعريف يتضح بان عملية بيع االعضاء تختلف عن الوص ية به ا من ع دة
نواحي فمن حيث االثار تكون الوصية نافذة بعد وفاة الشخص الموص ي في حين ان ال بيع
يكون نافذا في حياة البائع ،واما من حيث االعضاء المتعامل به ا ف ان الوص ية باألعض اء
ممكنة في معظم اعضاء االنسان سواء التي تتوقف عليها الحياة ام غيرها في حين ان بي ع
االعضاء ال يتصور ان يرد اال على االعضاء التي ال يشكل انتزاعها تلف ا للحي اة ،وك ذلك
يختلفان من حيث الغرض اذ ان الوص ية باألعض اء يش ترط ان تك ون بال ع وض أي بال
مقابل مادي يعود على الموصي من وراء هذا التبرع سواء له قبل الموت او لورثته بينم ا
في حين ان بيع االعضاء يكون بمقابل مادي نقدي كان ام عيني (. )3
كما يختلفان من حيث المشروعية القانونية اذ ان الوصية باألعضاء تصرف اباحتها معظم
التشريعات القانونية المعاصرة بم ا فيه ا التش ريع الع راقي م تى م ا تحققت فيه ا الش روط
الشرعية والقانونية ,بينما بيع االعضاء عمل غير مشروع قانونا ويمثل في معظم القوانين
جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي في الكث ير من ال دول ومنه ا الق انون الع راقي ,وذل ك
وفقا لقانون عمليات زرع االعضاء البشرية ومنع االتجار بها النافذ والذي جاء فيه (يكون
___________________________________
( )1د .منذر الفضل ,التصرف القانوني باالعضاء البشرية ,دار الشؤون الثقافية ,بغداد ,ط ,1990 ,1
ص. 138
6
( )2سعيد مبارك ,الوجيز في العقود المدنية ,دار الثقافة ,االردن ,ط , 2009 , 2ص. 62
( )3د .منذر الفضل ,مصدر سابق ,ص. 139
التبرع بالعضو او النسيج البشري وااليصاء به دون مقابل) ،فضال عما ج اءت ب ه الم ادة
التاس عة من نفس الق انون بقوله ا (يحظ ر بي ع العض و او النس يج البش ري او ش راءه او
االتجار به باية وسيلة كانت) (. )1
وبهذا التعريف تق ترب الهب ة كث يرا من حيث المفه وم من عملي ة الوص ية باألعض اء من
حيث ان كل منهما يكون بال ع وض او مقاب ل م ادي من وراء القي ام بك ل منهم ا كم ا ان
كالهما يعتبر فعل مباح وجائز من الناحية الشرعية والقانونية اال انهم ا يختلف ان من حيث
االثر فالوصية باألعضاء من شروطها ان تنف ذ بع د وف اة الموص ي في حين ان الهب ة به ا
تك ون اثن اء حي اة ال واهب ،ويختلف ان من حيث العض و مح ل التص رف ففي الوص ية
باألعضاء يمكن ان ترد على معظم او جميع االعضاء التي يمكن االس تفادة منه ا من قب ل
شخص اخر بما فيها االعضاء التي تتوق ف عليه ا حي اة الش خص ذل ك الن الش خص هن ا
متوفي وال يؤثر ذلك في حياته على العكس من الهبة باألعضاء فال ترد اال على عض و ال
()3
. يتوقف عليه حياة الواهب واال تكون باطلة لتعلق حياة االنسان وسالمته بالنظام العام
كما يختلفان من حيث االستثناء اذ ان الهبة في االصل تكون بدون مقابل اال ان القانون ق د
استثنى ان تكون الهبة بمقابل أي بعوض وهو ما نص ت علي ه الم ادة ( )611من الق انون
المدني العراقي النافذ والتي جاء فيه ا ( تص ح الهب ة بش رط الع وض ويعت بر الش رط فل و
وهب ماال آلخر بشرط ان يؤدي دينه المعل وم المق دار او بش رط ان يق وم بنفقت ه الى ي وم
وفاته لزمت الهبة فان لم يقم الموهوب له بالشرط كان للواهب اما ان يطالبه بالتنفيذ او ان
__________________________________
( )1المواد ( )9 ,,8من قانون عمليات زرع االعضاء البشرية ومنع االتجار بها الع,,راقي الناف,,ذ رقم 11لس,,نة
.2016
7
( )2صالح نجم الدين نادر ,نقل االعضاء البشرية بين التج,,ريم واالباح,,ة ,مكتب,,ة الس,,نهوري ,بغ,,داد ,ط, 1
, 2019ص. 169
يفس خ الهب ة) ( ,)1بينم ا لم ن رى مث ل ه ذا االس تثناء فيم ا يتعل ق بالوص ية باألعض اء
البشرية وذلك يبدو واض حا من خالل نص الم ادة التاس عة من ق انون عملي ات زرع
االعضاء البشرية بقولها (يحظر بيع العض و او النس يج البش ري او ش راءه ...ب اي
وسيلة كانت).
المطلب الثاني
تحديد لحظة وفاة الموصي
الوصية كما ذكرنا سابقا تصرف مضاف لما بعد الموت ,ولكي تحقق وترتب أثارها ال ب د
من تحقق وفاة الموصي اوال لكي يتم بعد ذلك استئصال العضو الموصى ب ه وهن ا يتب ادر
السؤال عن المعيار الذي من خالله يتحقق موت (وفاة) الموصي ومن ثم تنفيذ وصيته.
وقد أوضح الفقهاء مفاهيم عدة للموت حيث عرف البعض الموت بانه عبارة عن ( مفارقة
الروح للبدن ) ( ,)1وهن اك من انتق د ه ذا التعري ف باعتب اره تعري ف بمجه ول وأخفى من
المعرفة وهو الموت والتعريف األخفى مرفوض منطقي ا ً الن من ش روط ص حة التعري ف
أن يكون أجلى وأوضح معرفة ,لذا فان الم وت يع رف على ان ه (توق ف جمي ع الوظ ائف
الحيوية في الجسم دون أدنى أمكانية الستعادتها مرة أخرى) ( ,)2ويستعين األطباء بأكثر
من معيار في تحديد لحظة الموت سوف نتناولها بصورة مجملة .
__________________________________
8
( )1د .مصطفى الزلمي ,احكام الميراث والوصية واالنتقال في الفقه االسالمي ,مطبع,,ة وزارة التعليم
,بغداد , 2001 ,ص.164
( )2د .حسام الدين االهواني ,المشاكل القانونية ,التي تثيرها ,عملي,,ا ت,,زرع ,االعض,,اء البش,,رية , ,مجل,,ة
العلوم والقانون , ,مطبعة غين الشمس ,العدد , 1975 , 1ص. 181
لبعض األيام بعد الوفاة ,أما الكلى فال تبقى سوى ( )15دقيقة والكبد والقلب ( )5دقائق أما
.وقد أخذ على ()1
الدماغ فال تعد بقائه بعد انقطاع وصول الدم اليه سوى ( )5 -4دقائق
هذا المعيار اآلتي:
أنه غير دقيق الن العلم توصل إلى اكتشاف وسائل عديدة فاإلنعاش يعيد الحي اة إلى -1
القلب ألذي توقف بصفة مؤقتة ويحدث هذا في تدليك القلب أو الصدمة الكهربائية.
أنه ليس دليالً حاسما ً على الموت الحقيقي فقد يتوق ف القلب رغم بق اء خالي اه -2
حية ,فيكون الموت ظاهريا ً ال حقيقياً.
قد يحدث عكس ما سبق فقد يضل القلب و الجهاز التنفسي أحياء بينم ا تم وت -3
خاليا المخ وهنا يكون الموت حقيقيا ً ال ظاهريا ً ألنه بموت خاليا المخ تتوقف
وظ ائف المرك ز العص بية العلي ا ويعت بر اإلنس ان ميت ا ً هن ا رغم أن القلب
والجهاز التنفسي تؤدي دورهما بطريقة صناعية.
ان هذا المعيار يقف حجر عثرة أمام التقدم العلمي فه و ال يس اعد على أج راء -4
عمليات زراعة األعضاء ,فنقل القلب مثالً ال يتم أال أذا كانت خالياه حية ف إذا
توقف القلب وماتت خالياه أصبح غير صالح للزرع (.)2
وبسبب تلك االنتقادات وجد المعيار الثاني (المعي ار الح ديث) لتحدي د لحظ ة الم وت
لتالفي هذه االنتقادات.
الفرع الثاني //المعيار الحديث لتحديد لحظة الموت (موت الدماغ) :
يعرف موت الدماغ من الناحية الطبي ة بأن ه تل ف ال رجع ة في ه لألنس جة العص بية داخ ل
تجويف الجمجمة ووفقا ً لهذا المعيار يعتبر اإلنسان ميتا ً حال موت خالي ا ال دماغ ح تى ل و
ظلت خاليا بعض األعضاء األخر حية مث ل القلب والرئ تين ,وذل ك أساس ا ً على أن ه م تى
ماتت خاليا جذع المخ بشكل نهائي وقطعي ,فأن من االستحالة عودتها إلى الحياة وبالتالي
_______________________________________
9
( )1احم,,د ش,,رف ال,,دين ,الض,,وابط القانوني,ة ,لمش,,روعية نق,,ل وزراع,,ة االعض,,اء البش,,رية ,المجل,,ة
الجنائية القومية ,مصر ,العدد , 1المجلد ,1978 ,24ص.124
( )2د .سميرة عايد الديات ,عمليات ,نقل وزراعة االعضاء البشرية ,بين القانون ,والشرع ,منش,,ورات
الحلبي الحقوقية ,بيروت ,ط ,2004 ,1ص.235
يستحيل عودة اإلنسان إلى كامل وعيه وإلى إدراكه وإلى ممارسة حياته الطبيعية حتى ل و
أمكن حفظ وظائفه القلبية والتنفسية بصورة صناعية (. )1
ومن الجدير بالذكر أن المؤشرات الطبية لموت الدماغ المعتمد عالميا ً في ال وقت الحاض ر
والتي تبناها دستور السلوك المه ني الط بي الص ادر في الع راق 2002وذل ك في ملحق ه
الخامس كما يلي :
التأكد من أن المريض فاقد للوعي بصورة تامة م ع انع دام الق درة على االس تجابة أ-
للمحفزات الخارجية.
انعدام وجود أي منعكسات في جذع الدماغ مثل السعال والتنهد والشهقة والقرنية. ب-
انعدام القدرة على التنفس التلقائي ,ل ذلك ف أن ميت ال دماغ يجب أن يرتب ط بجه از ج-
التنفس الصناعي.
اختب ار اس تجابة ج ذع ال دماغ للتحف يزات العص بية المركزي ة وأهمه ا الفحص ح-
السعري الحراري لألذنين.
يجب أن تعاد هذه الفحوصات مرة أخرى بعد 6ساعات للتأكد من حالة االرجعية, د-
أم في حالة الموت الناجم عن التسمم أو بسبب التع رض لألنزيم ات يجب أن يع اد
الفحص بعد ( )36_24ساعة .
ووفقا ً لهذا المعيار فمتى ما تحقق موت الموصي تحققت الوص ية أمكن استئص ال العض و
الموصى به (. )2
وقد اتجه المشرع العراقي إلى األخذ بمعيار موت الدماغ وقد تب نى المش رع ه ذا المعي ار
في قانون عمليات زراعة األعض اء البش رية ومن ع االتج ار به ا رقم ( )11لس نة 2016
حيث ذهب المش رع في الم ادة ( )24حيث ج اء في الفق رة الخامس ة منه ا ب ان (تح دد
بتعليمات يصدرها وزير الصحة حاالت موت الدماغ) وقد اشترط المشرع تشكيل لجنة
10
_________________________________
( )1احمد حاجم ,نقل وزراعة االعضاء البشرية ,دراسة مقارنة ,مكتبة السنهوري ,بغداد ,ط, 1
, 2016ص. 124
طبية مختصة مؤلفة من ثالثة أطباء أو أكثر من ضمنهم طبيب أخصائي بالجهاز العصبي
ويتم االخذ برائيهم لغرض إثبات حالة موت ال دماغ في المستش فيات والمؤسس ات الطبي ة
المجازة للقيام بأجراء عمليات زرع ونقل األعضاء البشرية (. )1
11
_______________________________
( )1المادة ( )611من القانون المدني العراقي النافذ رقم 40لسنة . 1951
المبحث الثاني
احاط الفقه والقانون الوصية باألعضاء البشرية مجموعة من الضوابط والشروط إلض فاء
الصفة الشرعية والقانونية على هذه العمليات ,لذا سنقسم ه ذا المبحث لمطل بين نتن اول في
االول منه مشروعية الوصية باألعضاء البشرية وفي الثاني شروط الوصية باألعضاء.
المطلب االول
البحث في مشروعية الوصية باألعضاء يتطلب من ا تقس يمه إلى ف رعين نتن اول في االول
منه موقف الشريعة االسالمية من الوصية باألعضاء ,وفي الثاني نبين موقف القانون.
الكريم (.)1
12
اذ يرى بعض الفقهاء بأن الحكم بموت إنسان بمجرد توقف مخه أو تلفه هو ارتكاب لألمر
المنهي عنه وتعجل لموت النفس قبل أن تزهق ,لذا يرفض هذا الجانب فكرة التبرع والهبة
أو الوصية بأعضاء اإلنسان ألن اإلنسان ال يملك أعضائه فهي ملك هلل تعالى وهو
_______________________________________
( )1د .خال,,د مص,,طفى فهمي ,النظ,,ام ,الق,,انوني ,ل,,زرع ,االعض,,اء ,البش,,رية ومكافح,,ة ج,,رائم االتج,,ار
باألعضاء البشرية ,دراسة مقارنة ,دار الفكر الجامعي ,االسكندرية ,ط ,2012 , 1ص. 193
مكلف بالمحافظة عليها وعدم ألحاق ضرراً بها ,اذ أن اإلسالم يمنع تن ازل المس لم عن أي
عض و من أعض ائه ب البيع أو الهب ة ال في حيات ه وال في موت ه ألن ه ذا من التص رفات
الملكية التي ال يملكها اإلنسان في جسمه كله أو بعضه ألن مالك الجسم هو هللا (. )1
وقد استدل أصحاب هذا الرأي بأن الوصية ال ترد أال على األموال ال تي تص لح أن تك ون
محالً ,ولما كان جسم اإلنسان ليس من األموال فأن جثته ال تدخل ضمن التركة وال ت دخل
في القس مة المالي ة ل ذا ال تص ح الوص ية بالجث ة أو ب أجزاء منه ا لمخالف ة ذل ك لش روط
الوصية ,كما استدلوا بحديث الرس ول (ص لى هللا علي ة وس لم) روي عن أس ماء بنت
أبي بكر (رضي هللا عنها) قد جاءت إمرأة إلى النبي (صلى هللا علية وسلم) فقالت يا
رسول هللا لي ابنة عروسا ً أصابها الحصبة فتم زق ش عرها أفاص له؟؟ فق ال رس ولنا
لعن هللا واصله والمتوصلة (. )2
وقد تم الرد من قبل بعض الفقهاء المعاصرين المؤي دين للوص ية باألعض اء البش رية ب أن
قضية التعبير بالوصية شبيهة بتعبيرهم بالهبة بالنسبة إلى التبرع الحي بعضو من أعضائه
والمراد بالهبة بمعناها الواسع وليس بخصوص الهبة التي يشترط فيها أن يكون الموه وب
ماالً متقوما ً فهي أشبه بالتنازل عن حق االختصاص في ش يء أذن الش ارع في ه بالتن ازل,
ذلك ألن الحق في الحسم مشترك بين العبد وربه والتص رف بح ق هللا تع الى من وط ب أذن
الشارع ,والتصرف بحق العبد منوط بأذنه كذلك والقضية هنا كذلك فصيانة جسم اإلنس ان
بعد موته حق مشترك بين العبد ورب ه ,فالتص رف بالجث ة يحت اج إلى أذن ص احب الح ق
وحيث أباح الشارع التص رف بجث ة الميت عن د الض رورة ف أن أذن هللا تع الى ق د حص ل
وبقي حق العبد ,وهذا ال سبيل اليه اال عن طريق االذن وأولى الناس بحق مراع اة حرم ة
الجث ة ه و ص احبها وحين أذن الش ارع بالتص رف في الجث ة عن د الض رورة فمن ح ق
13
صاحبها حينئذ األذن بذلك أيضا ً ويعني أذنه حينئذ تنازل عن حقه في عدم المساس بجثت ه,
وإنما عبر بعضهم هنا بالوصية ,ألنها أقرب ص يغة يمكن أطالقه ا على تص رف اإلنس ان
بحقه بعد الموت ,فالتنازل عن الحق بعد الموت هو الذي يقصده الباحثون بالوصية هنا أو
_________________________________
ما ينبغي أن يقصدونه وليس المراد بذلك خصوص الوصية ال تي أش ترط فيهم ا أن يك ون
الموصى به ماالً (.)1
وأستدل الرأي الثاني قائالً بجواز وصية اإلنسان بجثت ه أو بج زء منه ا لغ رض علمي أو
عالجي _:بأن لإلنس ان والي ة على نفس ه وال يوج د دلي ل يعتم د علي ه في التح ريم وه ذه
الوص ية تك ون معت برة ش رعا ً ألنه ا وص ية بم أذون بم ا من قب ل الش ارع ,وعلي ه فأنه ا
كالوصية بأي شيء مأذون بالوصية به تنفذ بعد موت الموص ي ول ه أن يرج ع عنه ا قب ل
الموت ,كما أن الشريعة اإلسالمية تجوز الوصية بمال أو غير م ال أذا ت وافرت الش روط
الشرعية للوصية (.)2
اما الشيعة االمامية فان الرأي الراجح العلماء المعاصرين هو جواز الوصية باالعض اء اذ
ان قطع العض و من الميت وإن ك ان حرام ا ً إال أن أهمي ة االنتف اع به ذا العض و لإلنس ان
الحي وإن لم تكن واجب ة إال أنه ا ترف ع حرم ة قط ع العض و من الميت ،ألن الحرم ة هي
االعتداء على الميت ،ال لفائدة فيك ون العم ل منافي ا ً لوج وب اح ترام الميت ،أم ا م ع ه ذه
الفائدة الكبيرة فال يكون المساس بجسد الميت مخالفا ً الحترامه ،خصوص ا ً إذا ص رح قب ل
موته بقط ع أعض ائه المفي دة للمرض ى كم ا يج وز للط بيب إذا ك ان ي رى بنفس ه أن ه ذا
اإلنسان قد م ات فعالً وإلى جانب ه إنس ان يحت اج إلى بعض اعض اء ه ذا الميت لينق ذه من
الموت المحق ،فهنا يتوجب الى الطبيب خطابان ,األول يتمثل بحرمة قطع اعضاء الميت،
والثاني وجوب انقاذ انسان من الموت وبذلك يقع التزاحم ,وهن ا تقض ي القاع دة الش رعية
بتقديم األهم على المهم ،ومن الواضح أن األهم هو انقاذ حياة المريض من الموت المحق ق
ولو كان بواسطة أخذ عضو من الميت بغض النظر عن حرمت ه ،الن ذل ك يع د مث ل ش ق
14
بطن االم إذا ماتت ألجل انقاذ الجنين وهذا النوع من العمليات مباح باتف اق علماءن ا ح تى
()3
. وان كان دون موافقة االم قبل وفاته
__________________________________
( )1عارف علي القره داغي ,مصدر سابق ,ص. 135
( )2احمد حاجم ,مصدرسابق ,ص.147
( )3ابو القاسم ,الخوئي ,منية المسائل ,ج ,1مؤسسة ال البيت( ,عليهم السالم) ,بيروت ,ط,1991 ,1
ص,221
ومع تطور الطب والتقني ات الطبي ة والنس ب العالي ة ال تي حققته ا عملي ات نق ل وزراع ة
االعضاء البشرية فقد صاحب ذلك ظهور اراء فقهي ة مؤي دة من قب ل فقه اء الق انون تع بر
عن مشروعية هذا االتجاه وب ذلك فق د س اد نط اق تأص يل م دى مش روعية ممارس ة نق ل
وزرع األعضاء البشرية بين من الوجهة القانونية في الوقت الحاضر جانبين ك ان أولهم ا
ينادي بمنع هذه الممارسة بين استنادا الى الحجج التي ساقها هذا الجانب وساغ من خالله ا
توجهه ،أما الجانب اآلخر فقد أقر بجواز هذه العمليات ومشروعيتها من الناحية القانوني ة
مستندا في إجازته لها بأسس معينة ،كان من أهمها الرضا من جانب المنقول منه العض و
البشري مع اقترانه بالمصلحة االجتماعية والرضا المقترن بالضرورة العالجية (. )2
15
وتعتبر عملي ات نف ل وزراع ة األعض اء البش رية من بين أهم ص ور التعام ل باألعض اء
البشرية تحقيقا ً لمصلحة عالجية للغير والتي لها خطورة وحساسية ,وذلك بسبب اتصالها
______________________________________
( )1اسامة عصمت الشناوي ,الحماي,,ة الجنائي,ة ,لح,,ق االنس,,ان ,في التص,,رف بأعض,,ائه , ,دار الجامع,,ة
الجديدة ,االسكندرية , 2014 ,ص. 22
( )2علياء طه محمود ,مسؤولية الطبيب ,الجنائية عن نقل وزراعة االعضاء ,البشرية , ,دراسة مقارنة
,رسالة ماجستير , ,كلية الحقوق ,جامعة النهرين ,العراق , 2013 ,ص. 113
باألحي اء و األم وات على اعتب ار ان عملي ة الت برع باألعض اء من الممكن ان تك ون في
مرحلة ما بعد الموت والذي يعرف في االصطالح الق انوني بالوص ية باألعض اء البش رية
والذي يعد من الحاالت األكثر شيوعا ً في الوقت الحاضر في مج ال نق ل وزرع األعض اء
كما تعتبر الوسيلة األكثر فعالية في إنقاذ المرضى وتحسين ح التهم الص حية وإنق اذهم من
الموت المحقق والعتبار الق انون مطالب ا ً بمواجه ة م ا يط رأ من تغ يرات في مجتم ع وم ا
يتحقق في مجال الطب من انجازات لفائدة البشرية فقد كان لزاما ً على التشريعات المختلف ة
أن تكفل االستفادة من التقدم العلمي في مجال نقل األعضاء ودون أه دار القيم االجتماعي ة
والدينية القائمة في المجتم ع من أج ل ذل ك عم دت معظم التش ريعات المختلف ة إلى البحث
عن اإلطار القانوني لممارسة هذه العمليات وفق ضوابط وشروط تض من حس ن اس تخدام
هذه العمليات بما يتحقق معه مصلحة الفرد والمجتمع بشكل عام (. )1
وعلى مس توى التش ريع الع راقي فق د ك ان أول ق انون تم تش ريعه في الع راق ينظم ه ذه
المس ألة ه و الق انون رقم ( )113لس نة 1970الملغي ,وال ذي ع رف بق انون مص ارف
العيون وقد كانت الغاية من تشريع هذا القانون هو بسبب كثرة حاالت أمراض القرني ة في
ذلك الوقت ولم ا يس توجب معالجته ا من أج راء عملي ات نق ل قرني ة له ا من عين أخ رى
وحيث أن ذلك يتطلب تنظيم الحصول على العيون المستأصلة وتع يين مص ادرها وت أمين
حفظها (. )2
وق د ج اءت الم ادة الثاني ة من ه ذا الق انون لتج يز وألول م رة على مس توى التش ريع في
العراق عملية الوصية باألعضاء البشرية وذل ك بقوله ا (تحص ل المص ارف على العي ون
الصالحة من خالل االتي:
16
عيون األشخاص الذين يوصون بها أو يتبرعون بها. )3( )..... -1
وقد حصر المشرع العراقي امكانية الوصية باألعضاء بالقرنية فقط إذ لم يكن هناك قانون
________________________________
يسمح لألشخاص الوصية بأعضائهم سوى هذا النص وقد أستمر هذا الح ال لغاي ة ص دور
قانون رقم ( )85لسنة 1986الملغى قانون عمليات زرع األعضاء البشرية والذي اعتبر
أول قانون يبيح الوصية بكافة األعضاء البشرية وذلك من خالل الم ادة الثاني ة من ه وال تي
نصت على أن (يتم الحصول على األعضاء ألجل أجراء عمليات الزرع من خالل:
من يتبرع بها أو يوصي بها حال حياته شريطة أن يكون كامل األهلية عن د الت برع -1
أو االيصاء وبإقرار كتابي) (. )1
وأستمر العمل بأحكام هذا القانون لغاي ة ص دور ق انون عملي ات زرع األعض اء البش رية
ومنع االتجار بها الناف ذ رقم ( )11لس نة 2016وال ذي الغى كاف ة الق وانين الس ابقة فيم ا
يتعلق بنقل وزراعة االعضاء البشرية والنصوص التي تتع ارض م ع احك ام ه ذا الق انون
وقد تجاوز المشرع في القانون النافذ االنتقادات ال تي ك انت موجه ة نح و الق انون الس ابق
الملغى وال ذي يعت بر قانون ا ً غ ير منظم ,فق د ك ان مقتص راً على م واد قليل ة أم ا ق انون
مص ارف العي ون ( )113لس نة 1970ك ان مقتص راً على الوص ية بن وع معين من
وبذلك فقد اجاز المشرع العراقي مثلما اج از نق ل االعض اء بين االحي اء استئص ال ونق ل
االعضاء البشرية من جسد االشخاص بعد وفاتهم الى جسم شخص حي أي بمعنى ان ه ق د
17
اباح استئص ال ونق ل االعض اء من جثث الم وتى الى االحي اء اال ان ذل ك ال يتم اال وف ق
ش روط لغ رض اباح ة ه ذا الفع ل ومن خالل ق راءة نص الم ادة ( )12اعاله من ق انون
زراعة االعضاء البشرية النافذ لسنة 2016يتبين لنا بان المشرع قد اجاز لكل شخص
___________________________________
( )1المادة الثانية ,من قانون عمليات زرع االعضاء البشرية ,العراقي رقم ( )85لسنة 1986الملغى.
( )3المادة ( )12من قانون زراعة االعضاء البشرية ,ومنع االتجار بها النافذ رقم 11لسنة .2016
والجدير بالذكر هو ان المشرع العراقي وفي التفاتة جيدة من وجهة نظر الباحث ة ق د عل ق
مسألة تنفيذ الوصية باألعضاء البشرية في بعض الحاالت التي تكون فيها الوفاة ناتجة عن
موض وع تحقي ق جن ائي وجعله ا بموافق ة من قاض ي التحقي ق المختص ب النظر في س ير
التحقيق الخاص بالوفاة وذلك وفقا لم ا ج اءت ب ه الم ادة ( )13من الق انون وال تي نص ت
على ان (ال يجوز االستئصال من جثة المتوفى اال بإذن من قاض ي التحقي ق المختص اذا
18
____________________________________
المطلب الثاني
شروط الوصية باألعضاء البشرية,
الوصية باألعضاء كأي وصية أخرى البد لقيامها من توفير شروط وهذه الشروط منها ما
يتعلق بالموصي ومنها ما يتعلق بالموصى له ومنها ما يتعلق بالموصى به.
نجد ان هناك شرطين أساسيين قد اشارت لهما المادة اعاله أولهما يتعلق بص يغة الوص ية
(شكلها) وثانيهما يتعلق بأهلية الموصي وعليه سنتناول هذين الشرطين بشكل مفصل:
-1صيغة الوصية -:وهي األسلوب الذي من خالله يعبر الموص ي عن أرادت ه في أنش اء
وصيته ,وهي في موضوع الوصية باألعضاء البشرية يمكن تعريفها بأنها األسلوب الذي
من خالله ينشئ الموصي وصيته ويعبر من خاللهما عن أرادته بإنشائها (.)1
وإذا ما كانت القاعدة بصورة عامة في الوصية أن الكتابة ليست شرطا ً لالنعقاد وإنم ا هي
بينة ثبوت لالنعقاد ,على أن الكتابة في الوصية باألعضاء البشرية هي لالنعقاد ال لإلثب ات
على اعتبار أنها استثناء من األص ل الع ام القاض ي بع دم ج واز التص رف باألعض اء فال
19
يجوز التوس ع في تفس يرها ,أض افة إلى ذل ك ص راحة النص وص القانوني ة ال تي أج ازت
الوصية باألعضاء والتي ابتداء النعقاد الوصية اشترطت الحصول على اق رار كت ابي من
الموصي وهذا يعني عدم جواز أثبات مث ل ه ذه الوص ية عن د الخالف بالش هادة أو اق رار
الورثة بعد وفاة الموصي (المورث) (. )2
__________________________________
-2أهلية الموصي القانونية -:األهلية نوعان أهلية وجوب و أهلية أداء ,فأهلي ة الوج وب
يقصد بها صالحية الشخص الكتساب حق ا ً وتحم ل التزام اً ,ول ذلك فاإلنس ان من ذ والدت ه
وح تى ممات ه لدي ه أهلي ة وج وب كامل ة أم ا أهلي ة األداء فيقص د به ا ص الحية الش خص
لصدور العمل القانوني من ه على وج ه يعت د ب ه ش رعا ً أي أنه ا ص الحية الش خص لقي ام
التصرفات القانونية (. )1
وأن أهلية األداء هي األعم وال شك بأن األهلية المطلوبة فيم ا يتعل ق بالوص ية باألعض اء
هي أهلية األداء ذل ك لك ون التص رف باألعض اء يعت بر من التص رفات الض ارة ض رراً
محضا وان امتد أثره إلى ما بع د وف اة الش خص الموص ي ,ل ذا فق د تطلب الق انون ت وافر
األهلية الكاملة في مثل هذا التصرف والتي تتوافر في الشخص بإكماله سن الثامن ة عش ر,
وهذا يعني عدم جواز قبول وصية من لم يكمل هذا العمر وفضالً عما تقدم فان ه ذا الحكم
يسري على القاصر المأذون أيضا ً على الرغم من اعتباره (كامل األهلي ة) وبمنزل ة الب الغ
سن الرش د في التص رفات المالي ة الم أذون ل ه في القي ام به ا ألن والي ة الص بي الم أذون
محصورة بالمال وليس له والية على روحه وعلى جسده (. )2
20
وفاته كما أن مرض الموت باعتباره عارض ال يعدم األهلي ة وال ينقص ها وبالت الي يتمت ع
المريض بكامل أهليته (. )3
_______________________________
-1الحصول على موافقته لزرع العض,,و البش,,ري -:حيث نصت الم ادة ( )14من ق انون
عمليات زراع ه األعض اء البش رية الع راقي على ه ذا الش رط بقوله ا (ال يج وز زراع ة
النسيج أو العضو في جسم الشخص المتلقي اال بعد موافقته الصريحة أو الكتابة أو موافق ة
ذويه) (. )2
ويع د من المب ادئ الراس خة في الق انون الط بي ض رورة الحص ول على رض ا الم ريض
كأساس للعالج الذي يقرره له الطبيب ,ويعتبر رض ا الم ريض ش رطا ً جوهري ا ً و أساس يا ً
لنقل وزرع األعضاء البشرية وفي حال قيام الطبيب ب أجراء عملي ة ال زرع العض وي في
جسم المريض دون الحصول على رضاه ودون و دون أن تكون هناك ضرورة للحص ول
على موافقته فأن فعلة هذا يخرج من نطاق اإلباحة ويدخل في أعمال التعدي (. )3
ويشترط في مجال عمليات زرع األعضاء أن يكون رض ا الم ريض ص حيحا ً أي ص ادرا
من إنسان بالغ عاقل يملك قواه العقلية ويجب أن يكون رضاه صادرا بكامل الحرية ودون
خوف أو أكراه أو غش ,وموافقة المريض إلجراء عملية الزرع العضو له تعني مشاركة
21
في تحمل المخاطر والمشاركة في تحم ل المخ اطر تف ترض األهلي ة قانوني ة كامل ة ,وق د
يكون الشخص المريض قاصراً أو غير مميز ففي هذه الحال ة يس توجب موافق ة ال ولي أو
الوصي الشرعي (. )3
__________________________________________
( )2المادة ( )14من قانون زراعة االعضاء البشرية ,ومنع االتجار بها العراقي النافذ رقم 11لسنة
. 2016
( )2أحمد شوقي أبو خطوة ,القانون ,الجنائي ,والطب الحديث ,المطبعة العربية الحديثة ,القاهرة, ,
, 1986ص.50
-2تبص,,ير الم,,ريض بمخ,,اطر العالج -:حيث أش ترط الق انون تبص ير الم ريض بحقيق ة
وضعه الصحي وبطبيعة الزرع التي ستجري له وأن الطريقة إلنقاذ حياته تتمثل في القيام
بعملية زرع العضو له كما يجب أن يتبين له خطورة العملية الجراحية ونتائجه ا المحتمل ة
فق د نص ت الم ادة ( )15من ق انون عملي ات زرع األعض اء البش رية ومن ع االتج ار به ا
العراقي النافذ لسنة 2016وال تي ج اء فيه ا (على الط بيب أن ه يبص ر المتلقي باألخط ار
أنه يحقق مص لحة عالجي ة راجح ة للم ريض وإبقائ ه في الحي اة وإنق اذه من الهالك -1
وليس لهدف أخر .
أن ال يكون من األعضاء التناسلية ,حيث ال يجوز نقل األعضاء التناسلية الذكري ة أم -2
األنثوية ألنها تؤدي إلى اختالط األنساب بين الموصي و الموصي له وه ذا يص طدم
ويتعارض بقواعد النظام العام واآلداب العامة (. )2
وقد نصت المادة ( )16من قانون زرع األعضاء البشرية ومنع االتج ار به ا على ان ه (ال
يجوز نقل األعضاء التناسلية من جثة المتوفي وزرعها في جسم إنس ان حي) ,وعلى ذل ك
22
يكون زرعها محرم ا ً مطلق اً ,وعلي ه ف أن الض ابط ال ذي يمكن أن نتوص ل ب ه إلى ج واز
الوصية بالعضو البشري هو كل عضو يترتب على نقله مصلحة عالجية راجحة للمريض
تقتضيها المحافظة على حيات ه وأن ال ي ؤدي نقل ه إلى اختالط األنس اب أو مخالف ة للنظ ام
العام أو اآلداب العامة (. )3
_______________________________________
( )1المادة ( )14من قانون زراعة االعضاء البشرية ,ومنع االتجار بها الع,,راقي الناف,,ذ رقم 11لس,,نة
. 2016
الخاتمة
من خالل البحث الموس وم بـ ( الوص ية باألعض اء البش رة في الفق ه االس المي
والقانون الوضعي ) أمكن التوصل إلى مجموعة من النتائج والتوصيات التالية :
النتائج
الوصية باألعضاء البشرية عبارة عن تبرع من قبل شخص بجس ده أو بعض -1
أجزائه مضاف إلى ما بعد موت الموصي مقتضاه إنقاذ حياة الموص ى ل ه أو
شفاؤه بقصد األجر والثواب.
أن الموصي ال يمكن تصوره أال أن يكون شخصا ً طبيعي ا ً كام ل األهلي ة وأن -2
يكون رضاه خاليا ً من أي عارض من ع وارض األهلي ة أو عيب ا ً من عي وب
الرضا وال يمكن تص ور عي وب الرض ا في الوص ية باألعض اء البش رية اال
االكراه اذا وقع فال تصح الوصية باألعضاء البشرية.
أخ ذ المش رع الع راقي معي ار (م وت ال دماغ) أساس ا في تحدي د لحظ ة وف اة -4
الموصي وتنفيذ الوصية .
23
تبين لنا أن الوص ية باألعض اء البش رية من المواض يع المس تحدثة وال تي لم -5
يعرفها الفقه اإلسالمي في السابق فلم نجد من الفقهاء القدامى من تطرق لبيان
أحكام الوصية باألعضاء أال أنه ومع بروز عمليات نقل األعضاء وانتش ارها
بفض ل الطب والتقني ات المس تحدثة في ه وارتف اع نس ب نجاحه ا فق د أباحه ا
جمه ور من الفقه اء المعاص رين بخالف البعض ال ذين خ الفوهم ولم يج يز
المساس بجسم اإلنسان بعد وفاته .
لم يكن المشرع الع راقي مت أخرا في مج ال التش ريع فيم ا يخص مس ألة نق ل -6
وزراعة األعضاء والوصية بها من خالل تنظيم مجموعة من الق وانين ب دأت
عام 1970عن طريق أصدر قانون مص ارف العي ون الملغي ومن ثم تلبي ة
مجموعة من التش ريعات إلى أن اس تقر على الق انون الناف ذ رقم ( )11لس نة
. 2016
التوصيات
لم يتناول المشرع العراقي في القانون النافذ رقم 11لسنة 2016ضرورة اج راء -1
عمليات نقل وزراعة االعضاء البشرية في مؤسسات خاصة او مراكز متخصص ة
تابعة لوزارة الصحة كما في القوانين السابقة الملغاة بم وجب الق انون الناف ذ وال تي
حددت بعض المستشفيات في مركز مدينة بغداد إلجراء هذه العمليات .
نوص ي ب إجراء مراجع ة ش املة لنص وص الق انون الناف ذ رقم 11لس نة 2016 -2
ومقارنتها مع االحكام المتعلقة بها في القوانين االخرى كقانون االح وال الشخص ية
والقانون المدني وان يكون هناك مراجعة دورية نظرا لما يتميز به ه ذا الموض وع
من حساسية واهمية عالية كونه يتطور مع تقدم العلم والطب على وجه الخص وص
لذا يجب ان يكون القانون مواكب لتل ك التط ورات بش كل مس تمر لغ رض معالج ة
جميع االحك ام والح االت المتعلق ة به ذه المس الة فض ال عن س د الب اب ام ام ال ذين
يح اولون اس تغالل بعض الثغ رات القانوني ة لغ رض تحقي ق مط امع ومكاس ب
شخصية غير مشروعة من وراء ذلك.
ندعو المشرع العراقي لمعالجة مسألة الوصية واليتها اذ يعاني الق انون الناف ذ لس نة -3
2016نقص تشريعي به ذا الخص وص في مس ألة بي ان الي ة كتاب ة الوص ية فه ل
يكتفي بان تكون شفهيا بحضور بعض الشهود او ان تكوون الكتاب ة اح د ش روطها
24
وفي هذه الحالة ما حكم الشخص االمي او الذي يعاني من مرض يمنعه من الكتاب ة
او النطق فهل يكتفي بالشهود في مثل هذه الح االت ام يتطلب االم ر اج راء توثي ق
في الكاتب او ما شابه ذلك العدل لتمام الوصية.
ضرورة نشر الوعي الطبي بين أفراد المجتمع لتشجيعهم على الوصية بأعضائهم -4
إلنقاذ الكثير من المرضى الذين هم بحاجة الى تلك االعضاء ولم يتوفر أي وسيلة
اخرى إلنقاذهم سوى زرع عضو بشري من احد االشخاص بعد وفاته.
المصادر
القرآن الكريم
25
سعيد مبارك ,الوجيز في العقود المدنية ,دار الثقاف ة للنش ر والتوزي ع ,األردن ,الطبع ة
الثانية.2009 ,
سميرة عايد داي ات ,عملي ات نق ل وزراع ة األعض اء البش رية بين الق انون والش رع,
منشورات الحلبي الحقوقية ,الطبعة األولى ,لبنان.2004 ,
شهاب ال دين أحم د أبن أحم د س المة القيل وبي ,حاش ية القيل وبي ,الج زء الث الث ,دار
الفكر ,بيروت.1998 ,
صالح نجم ال دين ,نق ل األعض اء البش رية بين التج ريم واإلباح ة ,مكتب ة الس نهوري ,
بغداد ,الطبعة األولى.2019 ,
عارف علي القره داغي ,قضايا فقهية في نقل األعضاء البشرية ,سلسلة بح وث فقهي ة
معاصرة ( )4الجامعة اإلسالمية الماليزية العالمية ,الطبعة األولى.2011 ,
فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي ,تبين الحقائق شرح ك نز ال دقائق ,الج زء الس ادس,
دار المعرفة ,بيروت ,بدون سنة نشر.
مصطفى إبراهيم الزلمي ,أحكام الميراث والوصية واالنتقال في الفقه اإلسالمي مطبعة
وزارة التعليم العالي ,بغداد.2001 ,
منذر الفضل ,التصرف الق انوني في األعض اء البش رية ,دار الش ؤون الثقافي ة العام ة,
بغداد.1990 ,
أحمد شرف الدين ,الضوابط القانونية لمشروعية نقل وزراعة األعضاء البش رية ,بحث
مقدم إلى المجلة الجنائية ,القومية ,مصر ,العدد ,1مجلد .1978 ,24
حيدر حسين الش مري ,حكم الوص ية باألعض اء البش رية في الش ريعة والق انون ,بحث
منشور في مجلة جامعة كربالء العلمية ,المجلد ,5العدد.2007 ,4
علياء ط ه محم ود ,مس ؤولية الط بيب الجنائي ة عن نق ل وزراع ة االعض اء البش رية ,
دراسة مقارنة ,رسالة ماجستير ,كلية الحقوق ,جامعة النهرين ,العراق .2013 ,
26
قانون األحوال الشخصية العراقي رقم( )188لسنة 1959النافذ وتعديالته.
انون عمالت زراعة األعضاء البشرية ومنع االتجار بها رقم ( )11لسنة .2016
القانون المدني العراقي رقم ( )40لسنة .1915
قانون مصارف العيون العراقي رقم ( )113لسنة 1970الملغى .
27