Professional Documents
Culture Documents
الدرس الأول حال العرب في العصر الجاهلي وأهم أغراض الشعر
الدرس الأول حال العرب في العصر الجاهلي وأهم أغراض الشعر
الشعرفي العصرالجاهلي
• تمهيد
عاش العرب قبل اإلسالم في بيئة صعبة اكتسبوا منها مالمح الصالبة والقسوة والغلظة فتحلوا
بالصبر والشجاعة والكرم واملروءة ،لذا فإن أثر البيئة كان واضحا في حياتهم حينما عبروا عنها في أشعارهم
من حرب وسلم فكانت مرآة عاكسة لتلك املدة الزمنية املظلمة التي لم تكن التدوين ظاهرا في ذلك الوقت
لندرة من كان يعرف القراءة والكتابة ،ولهذا فإن لألشعار الجاهلية قيمة تاريخية عظيمة ،فهي وثيقة من أهم
الوثائق التاريخية تلك األيام ،وقد جمعت من املعلومات الش يء الكثير حتى سمى بحق " ديوان العرب"1 ،
وملعرفة هذه البيئة بوضوح كان لنا أن نستعرض بعض األحوال التي كانت شائعة في تلك الحقبة 2،
ا
أول :أحوال العرب قبل اإلسالم
• األحوال الدينية
تعددت الديانات في بالد العرب قبل اإلسالم ،فكانت عبادة الوثنية هي السائدة في معظم قبائل
العرب ،إذ عبدوا األصنام واألوثان وقد ذكر القرآن الكريم بعض أسماء هذه األصنام كالالت والعزى ويغوث
ومناة ويغوث ونسرا .وانتشرت أيضا الديانات السماوية فكانت قبائل بني النضير ،وبني قريظة ،وبني قينقاع
تؤمن باليهودية في يثرب وخيبر وكانوا يعلمون أن نبي آخر الزمان سيهاجر إلى هذه األرض كما انتشرت اليهودية
في أرض اليمن وتعصب لها ملوك حمير ،أما املسيحية فانتشرت في قبائل الشمالية ،وكان من بين العرب
عبدوا هللا ويطلق على هؤالء الحنفاء ،منهم ورقة بن نوفل ،وأمية بن ابي الصلت وكعب بن لؤي بن غالب أحد
أجداد الرسول -صلى هللا عليه وسلم .-وقد تأثر سكان الجزيرة العربية بعبادات بعض أديان البلدان التي
اتصلوا بها خالل رحلة الشتاء والصيف املعرفة في القرآن ،وعبادة الظواهر الكونية كالشمس والقمر
الرتباطها بحرفة الرزراعة والتجارة وقد تحدث القرآن عن عباة الشمس في مملكة سبأ.
• األحوال الجتماعية
تنقسم الحياة االجتماعية عند العرب في العصر الجاهلي ،إلى قسمين3:
1
ُيعد البدو القسم األكبر فقد عاشوا في قبائل ،وكان يرأسهم شيخ القبيلة ،ويتم اختياره بين أفراد
القبيلة سنا ،وشرفا ،وحسبا ،ونسبا ،وكرما ،وثروة ،وحلما ،وشجاعة وخبرة ،وتجربة ،وكان يحكم ويفصل
بينهم بمقتض ى العرف والتقليد في أمور القتل ،والدية ،والثأر ،والزواج ،والطالق ،وكان يقود القبيلة في
الحروب ،وكانوا يتنقلون من مكان آلخر بحثا عن املاء والكالء.
وكان املجتمع القبلي عند العرب قبل اإلسالم تتكون من ثالث طبقات:
الطبقة األولى :أبناء القبيلة الخالص :وهم الذين انحدروا جميعا من أب واحد ومنهم تكون الرياسة والشرف.
الطبقة الثانية :وتتكون هذه الطبقة من عنصرين ،هما:
.1العنصر العربي ،وهم أسرى الحروب سواء أكان املأسور ذكرا أم أنثى
.2العنصر الغير العربي :وهم العبيد أو الرقيق الذين كانوا يجلبون من البالد املجاورة للجزيرة العربية
خاصة من الحبشة ،أو يخطفون أثناء سفرهم كما حدث لسلمان الفارس ي.
الطبقة الثالثة :املوالي وهم العبيد العتقاء والعرب األحرار الذين لجأوا إلى قبيلة غير قبيلتهم ،وعاشوا في
حماها.
القسم الثاني :حياة الحضر
كان للحضر نظام آخر للحكم ،ففي اليمن كان فيها نظام امللكية كمملكة سبأ التي أشار إليها القرآن
في سورة سبأ .ولم تكن كل الحواضر تسير على نظام واحد في الحكم ففي بعض املدن مثل مكة فكان يحكمها
عدة رجال وفق العادات واألعراف املوروثة وكان لهم مكان يجتمعون ويتشاورون فيه وهو دار الندوة .أما يثرب
فقد تنازع الحكم فيها بين األوس والخزرج ،اللذان استقرا فيها بعد حروب كثيرة بينهما على أن يكون الحكم
بينهما باملناوبة كل عام.
• األحوال السياسية
كثرت الحروب بين القبائل العربية في الجاهلية بسبب السيادة ،أو التسابق على موارد املاء ومنابت
الكأل ،أو بسبب الثأر أو غير ذلك ،وعرفت هذه الحروب بأيام العرب ،من أشهرها:
.1حرب البسوس:وقد كانت بين قبيلتين بكر وتغلب واستمرت أربعين سنة بسبب ناقة كانت تملكها
امرأة من بكر تسمى "الباسوس"
.2حرب داحس والغبراء :وقد قامت بين عبس وذبيان وكان السبب فيها رهان على سباق بين جوادين
بهذا االسم.
.3أيام الفجار :وقد حدثت في الشهر الحرم ،لذا أطلق عليها هذا االسم
.4وقعة ذي قار :وكان بين العرب والفرس ،وقد عبر األعش ى في قصائده عن نصر العرب على الفرس في
هذه املعركة التي تعد أول انتصار للعرب.
2
لذا عرف العرف في الجاهلية نظام األحالف ،وقد كانت الحروب الدامية الطويلة باعثا لتحقيق هذه األحالف
إذ تزداد القبائل الضعيفة قوة بالتحالف مع القبائل القوية.
3
ثالثا :أغراض الشعرالجاهلي
تعددت أغراض الشعر في العصر الجاهلي ،فتجد أن من الشعراء الجاهليين قد برز في الغزل ،ومنهم
من اهتم باملدح والفخر ،ومنهم من قال في الرثاءإلى غير ذلك من املضامين الشعرية في العصر الجاهلي والتي
كانت سببا في تميز الشعر في العصر الجاهلي عن سائر العصور من جهة جزالة اللفظ واملعنى.
ومن أبرز أغراض الشعر في العصر الجاهلي ما يلي.
أ .املدح
مدح الشعراء الجاهليون األشخاص الذين بقومون باألعمال البطولية ،أو من يتحلى بالقيم
األخالقية الكريمة .وكانت السمة الغالبة في قصائد املدح في العصر الجاهلي الحرص على املقدمات والوقوف
على األطالل ،والحديث عن املرأة ،ثم وصف الناقة حتى يصل إلى الغرض األساس ي وهو املدح ،وندر من مدح
من أجل التكسب كاألعش ى والحطيئة5.
ب .الفخر
ضرب من ضروب الحماسة ،وفيه يفتخر الشاعر بنفسه أو بقومه ،وهو عندما يفتخر يتغنى بكل
الصفات النبيلة من كرم وشجاعة ومروءة وحلم وتضحية وعراقة وفروسية وكثرة املال والولد .وعندما يفتخر
بنفسه يصور نفسه بالقوي الذي ال يقهر ،ويعكس هذه القوة على راحلته فيصورها قوية ال تقهر أيضا رغم
الصعاب التي أحاطتها بها الطبيعة القاسية ثم يتخلص إلى الفخر،
لذا فإن املتتبع لقصائد الفخر في العصر الجاهلي يجدها أنها مرت باملراحل التي مر بها املديح ،فتبدأ
بالوقوف على األطالل ثم ذكر املحبوبة ثو وصف الناقة ثم يصل إلى الشاعر في النهاية إلى الغرض الساس ي
وهو الفخر .ونجد أيضا أن غرض الفخر قد تفرض على الشاعر اقتطاع أجزاء من املقدمات التي لم تعد في
حاجة إليها وبالتالي في كثير من األحيان نجد أن القصيد الفخرية أصبحت قاصرة على الفخر وحده دون
املقدمات6.
5انظر :أبو السعود سالمة أبو السعود و رمضان خميس القسطاوي ،األدب العربي في مختلف العصور ،العصر الجاهلي ،عصر صدر اإلسالم ،العصر األموي ،العصر
العباس ي ،العصر األندلس ي ،العصر الحديث ،،ص51 -45 :
6انظر :أبو السعود سالمة أبو السعود و رمضان خميس القسطاوي ،األدب العربي في مختلف العصور ،العصر الجاهلي ،عصر صدر اإلسالم ،العصر األموي ،العصر
العباس ي ،العصر األندلس ي ،العصر الحديث ،ص56- 51 :
4
جـ .الهجاء
اتخذت القصيدة في الهجاء املقدمات املالوفة ،وإن كانت املقدمات مختصرة ،آلن حالة الغضب في
الشاعر لم تدع له مجاال لهذه املقدمات ،ولم يقف عند هذه املقدمات في غرض الهجاء سوى زهير بن أبي
سلمى في هجاءه آلل حصن ،حيث بدأ بالوقوف على األطالل ،ثم الغزل ،ثم وصف الناقة والرحلة في
الصحراء ،ثم أضاف زهير صورة أخرى في هذه املقدمة وهي صورة الخمر ،ثم انتقل إلى غرضه األساس ي وهو
الهجاء7.
د .الرثاء
تخلصت قصيدة الرثاء في األغلب األعم من املقدمات املألوفة ،ألن الرثاء في حقيقته تعبير عن اللوعة
والحسرة والحزن ،بل رأى الكثير من النقاد أن من العيب أن تبدأ القصيدة بتلك املقدمات ،ومع ذلك
فقصائد الرثاء التي بدأت بالغزل قليلة ،واملقدمة ال تتجاوز األبيات القليلة ،وهي في كل األحول يمهد الشاعر
لذكر امليت ،وغالبا ما تشتمل على جو يسوده الحزن واأللم والشكوى والتفكير ،فهذه املقدمة القصيرة
يتخذها الشاعر وسيلة أو جسرا للوصول إلى غرضه وهو الرثاء.
ه .الوصف
يعد الوصف جزءا ال يتجزأ من موضوعات القصيدة في العصر الجاهلي ،فالشاعر نظر إلى الطبيعة
فوصف الصحراء والنباتات والحيوانات والديار واألمطار والسماء والنجوم والليل وغيرها وسجلها في
األغراض الرئيسة في شعره8.
و .الغزل
كانت املرأة املحور األساس ي في الغزل عند شعراء الجاهليين ،فذكروا محاسنها وصفاتها وسحرها،
وجعلوها أول موضوع قصائدهم ،فلم يكن افتتاح القصيدة بالغزل أو الوقوف على األطالل عفويا وإنما كان
إلتزاما شعري في بعض األغراض الشعرية .وكانت مقدمات الغزليه في القصائد الجاهلية تمتزج بروح البطولة
والقوة ،وكانت تبين أهمية وجود املرأة في حياة العربي ،فهي موطن سعادته ،ومركز تفكيره ،ومخزون ذكرياته،
وكانت القصائد الجاهلية عندما يقترب من املرأة فإنها تصف الجسد ،غير أن هناك من الشعراء َمن عرف
السمو والعفة واإلخالص,
7انظر :أبو السعود سالمة أبو السعود و رمضان خميس القسطاوي ،األدب العربي في مختلف العصور ،العصر الجاهلي ،عصر صدر اإلسالم ،العصر األموي ،العصر
العباس ي ،العصر األندلس ي ،العصر الحديث ،ص56 :
8انظر :أبو السعود سالمة أبو السعود و رمضان خميس القسطاوي ،األدب العربي في مختلف العصور ،العصر الجاهلي ،عصر صدر اإلسالم ،العصر األموي ،العصر
العباس ي ،العصر األندلس ي ،العصر الحديث ،ص 64
5
• تدريبات
.1اذكر بعض األبيات الشعرية الجاهلية التي ذكرت فيها بعضا من صور حياة البيئة في العصر الجاهلي ،ثم
وضح تلك الصور.
6