Professional Documents
Culture Documents
منظومة التربية في أفق الجهوية الموسعة
منظومة التربية في أفق الجهوية الموسعة
تعترب منظومة الرتبية والتكوين عماد التنمية مبختلف �أبعادها وجتلياتها االقت�صادية
واالجتماعية والثقافية� ،ضمن م�شروع جمتمعي متكامل يتوخى بناء دولة احلق والقانون،
ت�سود فيه الدميوقراطية والعدالة االجتماعية وتكاف�ؤ الفر�ص .ويف هذا ال�سياق ميثل
االهتمام مبجال الرتبية والتكوين رهانا كبريا يف م�سرية تنمية بالدنا ،باعتباره �أول �أ�سبقية
وطنية بعد ق�ضية الوحدة الرتابية .ويتجلى هذا االهتمام يف:
-املكانة التي حتتلها ق�ضايا الرتبية والتكوين يف خمتلف اخلطب امللكية ال�سامية؛
� -إحداث م�ؤ�س�سة د�ستورية -املجل�س الأعلى للتعليم -لل�سهر على درا�سة وتتبع �سري
ق�ضايا الرتبية والتكوين ببالدنا؛
-ن�سبة امليزانية املخ�ص�صة لقطاع الرتبية والتكوين والتي تتعدى % 25من امليزانية
العامة؛
� -أدبيات الأحزاب ال�سيا�سية واملنظمات النقابية واجلمعوية ؛
-املناق�شات داخل جمل�سي الربملان؛
-تعدد الندوات املنظمة يف املو�ضوع؛
-انتظارات الأمهات والآباء واملتعلمني من املدر�سة باعتبارها و�سيلة للرتقية
االجتماعية.
ويت�ضح �أن اجلميع يطمح �إىل :
•مدر�سة عمومية مفعمة بالروح الوطنية؛
• مدر�سة تقوم على تر�سيخ مبد�أ تكاف�ؤ الفر�ص بني كل �أبناء ال�شعب املغربي ،وتعمل على
الق�ضاء على كل �أ�شكال التمييز التي عمدت ال�سيا�سات ال�سابقة على تر�سيخها؛
� -2صدر التقرير ال�سنوي الأول للمجل�س الأعلى للتعليم �سنة 2008يف �أربع جملدات:
-املجلد الأول� :إجناح مدر�سة للجميع؛
-املجلد الثاين :التقرير التحليلي؛
-املجلد الثالث� :أطل�س املنظومة الوطنية للرتبية والتكوين؛
-املجلد الرابع :هيئة ومهنة التدري�س.
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
9 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
ماليني ،وعدد امل�ؤ�س�سات املدر�سية الع�شرة �آالف ،كما و�صل عدد املدر�سني �إىل ما يربو
عن مائتي �ألف ،عالوة على الإمكانات امل�ستثمرة يف جمال جتهيز امل�ؤ�س�سات وربطها
ب�شبكة الإنرتنت والإطعام املدر�سي والدعم االجتماعي 3».بيد �أن �إيقاع تفاعل املنظومة مع
التحوالت التي يعرفها املغرب خا�صة منذ �سنة ،2000وديناميتها البطيئة ،وغري املتوازنة،
وتراكم م�ؤ�شرات ال�ضعف واله�شا�شة الذي يهدد مردوديتها يدفع �إىل م�ساءلة املدر�سة
املغربية وحتديد مواطن االختالل ،باعتبارها قطاعا ي�ستهدف بناء امل�ستقبل و�إعداد
�أجيال الغد ،بغر�ض التفكري يف �إعادة البناء وا�ستعادة الثقة يف املدر�سة كف�ضاء �أن�سب
لبناء الذات واالرتقاء بقدرات الإن�سان املغربي ،و�ضمان تكاف�ؤ الفر�ص ،وحتقيق االندماج
االجتماعي والتقدم املرتقب.
فما هي �إذن يا ترى مواطن االختالل التي تواجه املدر�سة املغربية ؟
- 2االختالالت
تواجه املدر�سة املغربية اختالالت كثرية داخلية وخارجية مل ت�ستطع جتاوزها رغم
املجهودات املبذولة لإيجاد حلول مالئمة لها .ورغم �صعوبة ر�صد جميع هذه االختالالت
ف�سوف نحاول الوقوف عند �أهمها كما مت ر�صدها من طرف �أغلبية املهتمني بق�ضايا الرتبية
والتكوين ببالدنا ،وهي كالتايل:
•عدم القدرة على اال�ستجابة ملتطلبات املجتمع بالإيقاع واحلجم املطلوبني ،فبالرغم
من عمليات تو�سيع البنيات التحتية ،وتقدمي الدعم االجتماعي للتالميذ ،ف�إن
املدر�سة املغربية مل ت�ستطع بعد م�سايرة متطلبات املجتمع من الناحية االقت�صادية
واالجتماعية ،بدليل حالة الالتوازن القائمة بني منتوج املدر�سة و�سوق ال�شغل تعبريا
عن عالقة غري متوازنة بني املدر�سة وحميطها االقت�صادي عنوانها املزدوج بطالة
اخلريجني من جهة ،ونذرة الكفايات والأطر يف قطاعات �إنتاجية معينة؛
•�ضعف القدرة على ك�سب رهان التناف�سية العاملية يف املجالني االقت�صادي واملعريف،
ذلك �أن التعليم العمومي باملغرب ما يزال �أ�سري امل�ؤ�شرات الكمية يراهن على
رفع معدالت الولوج ،دومنا االلتفات �إىل نوعية اخلدمات املقدمة ،وهذا ما يجعل
م�س�ألة جودة التعلم واالنخراط يف جمتمع املعرفة بعيدة املنال وذلك يف غياب تبني
حممد اجلريي -مفت�ش تربوي -نيابة تنغري،املدر�سة العمومية املغربية والإ�صالح امل�ؤجل� ،شترب 2013 -3
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
يف �أفق اجلهوية املو�سعة
10
اختيارات بيداغوجية مالئمة وناجعة متكن زبناء املدر�سة املغربية من اكت�ساب
الكفايات التي تتيح لهم الإ�سهام يف تدبري املعرفة و�إنتاجها؛
•�ضعف يف التمكن من الكفايات الأ�سا�س املحددة لكل �سلك وخا�صة التمكن من اللغات
التوا�صلية مع العامل اخلارجي؛
•�ضعف االهتمام باملوارد الب�شرية داخل وخارج وزارة الرتبية الوطنية� ،إذ �أن خمتلف
الأبحاث والدرا�سات الدولية ت�ؤكد على مركزية املوارد الب�شرية ومكانتها يف �إجناح
املنظومة الرتبوية؛
•�ضعف ممار�سة احلكامة اجليدة يف تدبري املوارد الب�شرية (�ضعف امل�شاركة والت�شارك
يف تدبري العن�صر الب�شري ،نق�ص ال�شفافية� ،ضعف ثقافة التقييم واملحا�سبة)...؛
•عدم حتقيق تعميم التعليم على كافة الأطفال البالغني �سن التمدر�س .فرغم جميع
املجهودات املبدولة يف هذا الإطار ف�إن ن�سبة مهمة من الأطفال البالغني �سن
التمدر�س يف العامل القروي الزالت خارج �أ�سوار املدار�س ،وخا�صة الفتيات منهم؛
•غياب نظام ناجع لتقومي كل مكونات املنظومة الرتبوية� ،إذ غالبا ما يتم اعتماد
تقارير �سريعة �أو تخمينات غري مو�ضوعية التخاد قرارات م�صريية تهم جوانب
م�صريية يف حياة املجتمع؛
•انت�شار العنف املدر�سي يف �أو�ساط امل�ؤ�س�سات التعليمية مبختلف �أنواعه ،عنف رمزي
ولفظي وج�سدي ،وقد عرف طريقه �إىل املدر�سة املغربية يف ال�سنوات الأخرية
ب�شكل كبري؛
•التعامل غري الوا�ضح مع �إ�شكالية اللغات ،التي يعترب دورها وت�أثريها على النجاح
املدر�سي والإدماج املهني بديهيا؛
•اعتماد الكم والتلقني يف �إعداد املناهج والربامج بدل اعتماد الكفايات وتنمية
املهارات والقيم الإن�سانية الوطنية والكونية يف ت�صريفها؛
•�ضعف االنفتاح على املحيط وغياب املقاربة الت�شاركية يف تدبري �ش�ؤون املدر�سة �سواء
على امل�ستوى املحلي �أو اجلهوي �أو الوطني؛
•ت�سجيل ق�صور يف الن�صو�ص الت�شريعية والتنظيمية احلالية ويتجلى ذلك ح�سب عبد
الغفور العالم 4فيما يلي« :غياب الإطار املرجعي للكفاءات والوظائف ،والذي يحدد
- 4عبد الغفور العالم ،من �أين �سنبد�أ �إ�صالح منظومة الرتبية والتكوين ؟ ،االحتاد اال�شرتاكي ،العدد ال�صادر
يوم .2013 - 09 – 03
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
11 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
ب�شكل مف�صل وبدقة املهام والأدوار املنوطة بكل موظف وي�ضمن له احلقوق ويحدد
له الواجبات؛
-ق�صور النظام الأ�سا�سي احلايل يف معاجلة الإ�شكاليات الروتينية املتعلقة بتدبري
املوارد الب�شرية (الرتقية ،التقييم ،التكوين امل�ستمر ،حركية وانتقال املوظفني)...؛
-تعقد امل�ساطر الإدارية نتيجة تعدد وت�شعب امل�سالك الإدارية وكرثة القوانني
والت�شريعات املنظمة ،وكذا كرثة الوثائق و امل�ستندات».
- 3تقارير وطنية ودولية حول و�ضعية التعليم باملغرب
تناولت عدة تقارير و�ضعية التعليم املغربي بالدرا�سة والبحث .وهي تقارير �صادرة
عن م�ؤ�س�سات تت�صف بامل�صداقية واملو�ضوعية والنزاهة الفكرية .وت�سعى هذه التقارير يف
جمملها �إىل الوقوف عند نقط القوة وال�ضعف يف املنظومة التعليمية ويف نف�س الوقت تقدمي
جمموعة من االقرتاحات والتو�صيات املمكن اعتمادها لتجاوز مكامن اخللل املر�صودة.
وفيما يلي نقدم بع�ض هذه التقارير.
5
•تقرير خم�سني �سنة من التنمية الب�شرية باملغرب 2005
يعترب هذا التقرير ثمرة جمهود ملجموعة من الكفاءات الوطنية التي طلب منها ،ب�شكل
ر�سمي ،فح�ص الو�ضع املغربي يف خمتلف املجاالت بنوع من املو�ضوعية وقول احلقيقة
كيفما كان نوعها .وال �شك �أن اعتماد هذه املنهجية يف التعامل انطالقا من توجيهات
عليا تبني بو�ضوح ب�أننا نعي�ش مرحلة جديدة يف تاريخ املغرب و�أن هناك �إرادة قوية لتغيري
العقليات والأو�ضاع ال�سائدة .ويت�ضح ذلك يف ن�شر تقرير خم�سني �سنة من التنمية الب�شرية
يف خمتلف و�سائل الإعالم وعرب �شبكة الأنرتنيت لكي يطلع عليه اجلميع وليبني كذلك
روح الو�ضوح وال�شفافية التي تطبع املرحلة التاريخية اجلديدة التي يعي�شها املغرب مع
بداية الألفية الثالثة .لقد جاء هذا التقرير مبجموعة من احلقائق واملعطيات حول ما مت
�إجنازه يف خمتلف امليادين خالل خم�سني �سنة تلت ا�ستقالل املغرب ،ويف الوقت نف�سه
�أعطى جمموعة من ال�سيناريوهات التي ميكن اعتمادها خالل اخلم�س وع�شرين �سنة
املقبلة لتجاوز املع�ضالت التي تعرقل التنمية الب�شرية ببالدنا.
- 5اململكة املغربية ،تقرير« خم�سون �سنة من التنمية الب�شرية و�آفاق �سنة : » 2025امل�ستقبل ي�شيد والأف�ضل
ممكن ،ملخ�ص تركيبي ،ال�صادر �سنة 2005مبنا�سبة الذكرى اخلم�سينية ال�ستقالل اململكة املغربية.
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
يف �أفق اجلهوية املو�سعة
12
وتنطلق �أهمية التقرير �أ�سا�سا من لغة ال�صراحة واجلر�أة الفكرية التي اعتمدها .مما
�أدى �إىل جتنب �أ�سلوب التملق الذي عهدناه يف جلاننا وحا�صر كثريا من تقارير «خربائنا»
خالل عقود من الزمان .ومن هذا املنطلق ف�إن هذا التقرير يحقق هدفني رئي�سيني:
•�أولهما �أنه يعر�ض هذه احلقائق بلغة اخلبريوالعامل املتخ�ص�ص ويف ذلك كثري من
امل�صداقية التي تنزه امل�ضامني عن �أي مزايدة �سيا�سية؛
•وثانيهما �أنه يدقق هذه احلقائق مبنهجية علمية.
�إنها البداية ال�سليمة للمعاجلة ال�صحيحة لأو�ضاعنا املختلفة .فحينما يكون الت�شريح
علميا �أمينا ميكن من التعرف على الداء ف�إن حتديد و�صفة العالج تكون �أ�سهل و�أكرث
احتماال لل�صواب وهذا ما كان ينق�صنا يف املا�ضي.
وقد تناول الباحثون يف هذه الدرا�سة من بني ما تناولوه من املجاالت الكبرية جمال
الرتبية واملعرفة والتكنولوجيات واالبتكار .ويعترب كل تقرير �أر�ضية للتفكري وللعمل بالن�سبة
للم�س�ؤولني احلكوميني واجلمعويني �أو لغريهم� .إن هذه التقارير عبارة عن ت�شخي�ص
للو�ضعية كما هي ب�إيجابياتها و�سلبياتها وقد خل�صت �إىل �سيناريوهات وتو�صيات لتجاوز
تلك ال�سلبيات .وهذا ما ي�ضفي عليها طابعا عمليا يجعلها تندرج بامتياز يف عمق املبادرة
الوطنية للتنمية الب�شرية.
وبالرجوع �إىل امللخ�ص الرتكيبي للتقرير العام حول التنمية الب�شرية باملغرب ت�ستوقفنا
الغايات النبيلة التي يتوخاها والو�ضعية احلالية للمغرب وكذا �إمكانية جتاوز هذه الو�ضعية
لبلوغ مغرب ممكن وم�أمول .وهكذا «تتمثل الغاية الأوىل من هذا امل�شروع يف تغذية النقا�ش
العمومي وفتحه على �أو�سع نطاق حول ال�سيا�سات العمومية التي يتعني تفعيلها يف امل�ستقبل
القريب والبعيد وذلك يف �ضوء الدرو�س امل�ستخل�صة من �إخفاقات املا�ضي وجناحاته».6
وكما متت الإ�شارة �إليه يف امللخ�ص الرتكيبي ف�إن دوافع هذه الدعوة للنقا�ش ترتكز على
القناعات الثالث التالية:
“ـ �إن م�صري بالدنا يوجد بني �أيدينا؛ فبالدنا يف مفرتق الطرق وتتوفر اليوم على
و�سائل انخراطها احلازم يف طريق طموح وطني كبري ،يتقا�سمه اجلميع ويتمف�صل حول
التنمية الب�شرية .وللقيام بذلك يتعني على املجموعة الوطنية اعتماد اختيارات من�سجمة
- 6ملخ�ص تركيبي خا�ص بتقرير خم�سني �سنة من التنمية الب�شرية و�آفاق �سنة :2025امل�ستقبل ي�شيد والأف�ضل
ممكن �ص .2
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
13 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
وت�سريع الوثرية وتعميق �أورا�ش الإ�صالح وحتقيق القطيعة التامة مع املمار�سات وال�سلوكات
التي ظلت تعيق التنمية يف البالد؛
� -إن ف�ضائل النقا�ش العمومي ال تقدر بثمن وال �شيء ميكن �أن يعو�ض يف جمال تدبري
احلياة ال�سيا�سية جدال وتالقح الأفكار واملفاهيم والتحاليل طاملا �أن الهدف هو
خدمة امل�شروع الوطني املتقا�سم بني اجلميع؛
� -إن املمار�سة الدميقراطية املوطدة هي وحدها التي ميكن �أن توجه بالدنا نحو ال�سري
التابث على درب النجاح فممار�ستها مبثابرة مدعمة بتحمل كل واحد منا مل�س�ؤولياته مع
حتلي اجلميع باليقظة يجعل منها ال جمرد ترف فكري �أو حلما ي�ستحيل حتقيقه” .7
ويف جمال الرتبية والتكوين ،خل�ص تقرير اخلم�سينية �إىل �أن امل�شاكل املتواثرة
للمنظومة الرتبوية ت�أرجحت بني و�ضوح الت�شخي�صات وق�صور العالجات .وقد متيزت
خم�سون �سنة من الإ�صالحات التعليمية ،ح�سب تقرير اخلم�سينية ،باملوا�صفات التالية:
“ -الرتددات ،وعدم اال�ستقرار ،والعديد من التنازعات حول ت�صور املدر�سة بني
ثالثة اجتاهات متناق�ضة (االجتاه الع�صري املتفتح واالجتاه الإ�صالحي القومي،
واالجتاه التقليدي املحافظ) ،وكذلك وجود ا�ستقطابات مت�ضاربة (النخبوية
مقابل الدميوقراطية ،املجانية مقابل امل�ساهمة املالية) ،هذا �إ�ضافة �إىل �أن تنفيذ
الإ�صالحات ات�سم دوما بالنزعة االنتقائية ،التي تف�ضل الأبعاد الكمية الأكرث بروزا،
وت�ؤجل اجلوانب النوعية املتعلقة بالق�ضايا ال�صعبة واحل�سا�سة.
-عدم اال�ستقرار (بني 1955و 2005تعاقب على الوزارة �أكرث من 38وزيرا وكاتب دولة
ونائب كاتب دولة) ،حيث �أن املقاربات مل تكن دائما متجان�سة ،وال�سيا�سات ظلت
دائما تفتقر �إىل القدرة على اال�ستمرارية ،وذلك يف ميدان يكون فيه من ال�ضروري
�أن تتخذ فيه الأفعال والإجنازات �صفة اال�ستدامة .وكذلك فامليثاق الوطني للرتبية
والتكوين ،مثله مثل املحاوالت ال�سابقة ،ك�شف عن �صعوبات يف التطبيق ومل ي�سلم
من االختيار االنتقائي لقرارات معينة على ح�ساب �أخرى.
ومن �أجل جتاوز هذه الأو�ضاع تبنى تقرير اخلم�سينية جمموعة من املبادئ كمدخل
من �أجل البلورة احلقيقية لتح�سني النظام املدر�سي ومن بينها:
ميثل التقرير الذي �صدر يوم 4فرباير 2008عن البنك الدويل حول التعليم يف ال�شرق
الأو�سط و�شمال �إفريقيا ،وثيقة تن�ضاف �إىل جمموع الوثائق الدولية املتتبعة لل�سيا�سات
العمومية باملغرب يف جمال التعليم .وح�سب تقييمه ملجموعة من الدول يف جمال الرتبية
والتكوين فقد و�ضع التقرير امل�شار �إليه املغرب يف الرتبة 11من �أ�صل 14دولة خ�ضعت
للدرا�سة .ومل تتقدم بالدنا �إال على ثالثة دول عربية تعترب اثنتني منهما من �أفقر دول
العامل ،وهما اجليبوتي واليمن ،ودولة عرفت والزالت تعرف عدم اال�ستقرار هي العراق.
10
تقرير املجل�س الأعلى للتعليم 2008
�سجل التقرير اجلوانب الإيجابية التي حتققت يف جمال الرتبية والتكوين بفعل تطبيق
امليثاق الوطني للرتبية والتكوين .ويتجلى ذلك يف كون هذا الإ�صالح “مكن من �إر�ساء لبنات
منوذج بيداغوجي جديد يف ال�سنوات الأخرية .و�أبانت املنظومة ،والفاعلون فيها ،عن قدرة
حقيقية على تعبئة �إمكانات هامة للم�ضي قدما يف ور�ش الإ�صالح ،وتعزيز البنيات التحتية
11
الرتبوية ،وو�ضع هياكل م�ؤ�س�ساتية وتنظيمية واعدة يف م�سار حتديث املدر�سة”.
- 8اململكة املغربية ،تقرير خم�سني �سنة من التنمية الب�شرية باملغرب و�آفاق �سنة � ،2025صادر �سنة .2005
- 9تقرير �صادر عن البنك الدويل عنوانه «�إ�صالح التعليم يف منطقة ال�شرق الأو�سط و�شمال �أفريقيا»،
�سنة .2008
- 10اململكة املغربية ،التقرير الأول للمجل�س الأعلى للتعليم حول حالة املنظومة الوطنية للرتبية والتكوين و�آفاقها
ال�صادر �سنة .2008
� - 11سامر �أبو القا�سم ،قراءة يف خال�صات تقرير املجل�س الأعلى للتعليم ،2008موقع احلوار املتمدن
ن�شر .2012
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
15 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
وعلى الرغم من هذه املكت�سبات الأكيدة ،فالتقرير �سجل ب�شكل وا�ضح جمموعة من
التعرثات احلقيقية والتي اعتربها ما تزال قائمة “ .فال �أحد -يقول التقرير -ميكنه اليوم
�أن يتجاهل اختالالت منظومتنا الرتبوية الناجتة ،بالأ�سا�س ،عن عدد من الإ�صالحات
املجه�ضة قبل �أوانها� ،أو املطبقة على نحو انتقائي ،وعن تقاطب �إيديولوجي طاملا رجح كفة
اعتبارات ظرفية خا�صة ،على ح�ساب م�صلحة املتعلمني.
فكثري من الأطفال ما يزالون يغادرون املدر�سة دون م�ؤهالت ،نتيجة للظروف
ال�سو�سيو ـ اقت�صادية لأ�سر املتعلمني� ،أ�سا�سا .ين�ضاف �إىل ذلك �أن ن�صف جماعاتنا
القروية فقط تتوافر على �إعدادية واحدة.
وتبقى ظاهرة التكرار ،التي تغذي �صفوف املنقطعني عن الدرا�سة ،م�صري قرابة كل
تلميذ من �أ�صل خم�سة يف ال�سلك االبتدائي� .أما الأمية فما تزال ن�سبها مرتفعة ،حتول دون
ا�ستفادة اقت�صادنا وجمتمعنا من طاقات هي يف �أم�س احلاجة �إىل اكت�شافها .من ناحية
�أخرى ،يبقى تعميم التعليم الأويل جد حمدود ،وتظل جودة عر�ض الرتبية ما قبل املدر�سية
حكرا ،يف الغالب ،على بع�ض الأ�سر .واحلقيقة �أن مدر�ستنا مل ترق بعد �إىل �أن ت�صبح
م�ؤ�س�سة لالندماج بفر�ص متكافئة.
عالوة على ذلك ،ما تزال عدة نقائ�ص بيداغوجية وتنظيمية قائمة .فجودة التعلمات
الأ�سا�سية( ،القراءة ،الكتابة ،احل�ساب ،والتحكم اللغوي) ،وطرائق التدري�س ،واملعينات
الديداكتيكية تظل حمدودة بالن�سبة للتالميذ الذين يتمكنون من البقاء يف املنظومة.
وكمثال على ذلك �ضعف التحكم يف اللغات ،مع ن�سبة هامة من التالميذ الذين ال يتقنون
لغة التدري�س (العربية) ،على الرغم من ا�ستفادتهم من � 3800ساعة من تعلم اللغة العربية
على امتداد مراحل التعليم الإلزامي.
�أما التوجيه املدر�سي ف�إنه ي�ؤدي ،يف كثري من الأحيان� ،إىل تغليب كفة ال�شعب الأدبية
على ح�ساب ال�شعب العلمية .كما �أن حمدودية مالءمة كفايات عدد مهم من اخلريجني
ملتطلبات احلياة املهنية ما فتئت تغذي معدل العاطلني من حاملي ال�شواهد .وبالن�سبة
ملدر�سينا و�أ�ساتذتنا ،ف�إنهم ال يحظون بالتكوين والدعم الكافيني ،للقيام باملهام املنوطة
12
بهم على الوجه الأمثل”.
�أكد هذا التقرير ال�صادر عن برنامج الأمم املتحدة للتنمية حول التنمية الب�شرية
يف العامل ل�سنة 2009تراجع املغرب على امل�ستوى العاملي ب 4درجات� ،إذ احتل الرتبة
130من بني 182دولة ،بعدما كان يحتل املرتبة 126يف تقرير �سنتي 2008/2007وجاء يف
الرتبة 12عربيا من بني 14دولة التي �شملها البحث .وكما هو معلوم فهذا التقرير يعتمد
يف درا�سته لن�سبة منو الدول على ما حققته الدول املعنية من تقدم يف جماالت ال�صحة
والتعليم والدخل الفردي.
14
تقرير املنتدى االقت�صادي العاملي 2013
ذكر التقرير الذي �أ�صدره املنتدى االقت�صادي العاملي �سنة ،2013حول و�ضعية التعليم
يف العامل ،ب�أن املغرب جاء يف املرتبة 77من بني 148دولة �شملها البحث واال�ستق�صاء حول
جودة النظام التعليمي .وهذا يعني ب�أن املردودية الداخلية واخلارجية ملدر�سنا ال ت�ستجيب
ملعايري اجلودة املحددة عامليا ،خا�صة ،للمخرجات املحددة عامليا للمنظومات التعليمية
التي �شملتها الدرا�سة.
15
خطاب جاللة امللك يف ذكرى 20غ�شت 2013
يعترب خطاب 20غ�شت ،2013الذي �ألقاه جاللة امللك حممد ال�ساد�س مبنا�سبة ثورة
امللك وال�شعب ،مبثابة بداية جريئة القرتاح حلول عملية لإ�شكاليات التعليم باملغرب ،ويف
نف�س الوقت دعوة �صريحة للحكومة وملختلف امل�س�ؤولني والفاعلني واملتدخلني يف ق�ضايا
الرتبية والتكوين للتعجيل مبعاجلة الو�ضعية التي توجد عليها املنظومة التعليمية ببالدنا.
�إنه خطاب الو�ضوح وال�صراحة يف الت�شخي�ص واقرتاح توجهات عامة حول �إ�صالح
مرتقب ملنظومة تربوية وتكوينية وطنية وفعالة .فهو مبثابة خريطة الطريق وبرنامج عمل
للوزارة الو�صية لالنكباب بنوع من اال�ستعجال على تدارك االختالالت التي تعاين منها
املدر�سة املغربية.
- 13تقرير �صادر عن برنامج الأمم املتحدة للتنمية حول التنمية الب�شرية يف العامل� .سنة .2009
-14تقرير �صادر عن املنتدى االقت�صادي العاملي (جنيف� -سوي�سرا) حول و�ضعية التعليم بالعامل� .سنة .2013
- 15خطاب جاللة امللك حممد ال�ساد�س يف ذكرى 20غ�شت 2013مبنا�سبة الذكرى ال�ستني لثورة
امللك وال�شعب.
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
17 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
ومما جاء يف هذا اخلطاب التاريخي حول و�ضعية منظومتنا الرتبوية نقتطف مايلي:
“� ...إن قطاع التعليم يواجه عدة �صعوبات وم�شاكل ،خا�صة ب�سبب اعتماد بع�ض
الربامج واملناهج التعليمية ،التي ال تتالءم مع متطلبات �سوق ال�شغل ،ف�ضال عن االختالالت
الناجمة عن تغيري لغة التدري�س يف املواد العلمية ،من العربية يف امل�ستوى االبتدائي والثانوي،
�إىل بع�ض اللغات الأجنبية ،يف التخ�ص�صات التقنية والتعليم العايل .وهو ما يقت�ضي ت�أهيل
املتعلم �أو الطالب ،على امل�ستوى اللغوي ،لت�سهيل متابعته للتكوين الذي يتلقاه.
� ...إن الو�ضع الراهن لقطاع الرتبية والتكوين يقت�ضي �إجراء وقفة مو�ضوعية مع
الذات ،لتقييم املنجزات ،وحتديد مكامن ال�ضعف واالختالالت .وهنا يجدر التذكري
ب�أهمية امليثاق الوطني للرتبية والتكوين ،الذي مت اعتماده يف �إطار مقاربة وطنية ت�شاركية
وا�سعة .كما �أن احلكومات املتعاقبة عملت على تفعيل مقت�ضياته ،وخا�صة احلكومة
ال�سابقة ،التي �سخرت الإمكانات والو�سائل ال�ضرورية للربنامج اال�ستعجايل ،حيث مل تبد�أ
يف تنفيذه �إال يف ال�سنوات الثالث الأخرية من مدة انتدابها .غري �أنه مل يتم العمل ،مع
كامل الأ�سف ،على تعزيز املكا�سب التي مت حتقيقها يف تفعيل هذا املخطط بل مت الرتاجع،
دون �إ�شراك �أو ت�شاور مع الفاعلني املعنيني ،عن مكونات �أ�سا�سية منه ،تهم على اخل�صو�ص
جتديد املناهج الرتبوية ،وبرنامج التعليم الأويل ،وثانويات االمتياز .وانطالقا من هذه
االعتبارات ،فقد كان على احلكومة احلالية ا�ستثمار الرتاكمات الإيجابية يف قطاع الرتبية
والتكوين ،باعتباره ور�شا م�صرييا ،ميتد لعدة عقود .ذلك �أنه من غري املعقول �أن ت�أتي �أي
حكومة جديدة مبخطط جديد ،خالل كل خم�س �سنوات ،متجاهلة الربامج ال�سابقة علما
�أنها لن ت�ستطيع تنفيذ خمططها ب�أكمله ،نظرا لق�صر مدة انتدابها .لذا ،ف�إنه ال ينبغي
�إقحام القطاع الرتبوي يف الإطار ال�سيا�سي املح�ض ،وال �أن يخ�ضع تدبريه للمزايدات �أو
ال�صراعات ال�سيا�سوية .بل يجب و�ضعه يف �إطاره االجتماعي واالقت�صادي والثقايف ،غايته
تكوين وت�أهيل املوارد الب�شرية ،لالندماج يف دينامية التنمية ،وذلك من خالل اعتماد نظام
تربوي ناجع ... .غري �أن ما يحز يف النف�س �أن الو�ضع احلايل للتعليم �أ�صبح �أكرث �سوءا،
مقارنة مبا كان عليه الو�ضع قبل �أزيد من ع�شرين �سنة .وهو ما دفع عددا كبريا من الأ�سر،
رغم دخلها املحدود ،لتحمل التكاليف الباهظة ،لتدري�س �أبنائها يف امل�ؤ�س�سات التعليمية
التابعة للبعثات الأجنبية �أو يف التعليم اخلا�ص ،لتفادي م�شاكل التعليم العمومي ،ومتكينهم
من نظام تربوي ناجع ...لذا ،ال بد من اعتماد النقا�ش الوا�سع والبناء ،يف جميع الق�ضايا
الكربى للأمة ،لتحقيق ما يطلبه املغاربة من نتائج ملمو�سة ،بدل اجلدال العقيم واملقيت،
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
يف �أفق اجلهوية املو�سعة
18
الذي ال فائدة منه� ،سوى ت�صفية احل�سابات ال�ضيقة ،وال�سب والقذف وامل�س بالأ�شخا�ص،
الذي ال ي�ساهم يف حل امل�شاكل ،و�إمنا يزيد يف تعقيدها”.
16
كلمة ال�سيد عمر عزميان ،الرئي�س املنتدب للمجل�س الأعلى للتعليم .نونرب 2013
�أ�شار الرئي�س املنتدب ،عمر عزميان ،يف كلمة مبنا�سبة �إطالق ال�صيغة اجلديدة
للبوابة الإلكرتونية للمجل�س الأعلى للتعليم يوم 25نونرب � 2013إىل �أن «منظومتنا الرتبوية
معتلة ،ب�شهادة خمتلف الفاعلني ،ال�سيا�سيني منهم واالقت�صاديني واالجتماعيني والثقافيني
والرتبويني؛ ت�شخي�ص تتقا�سمه نتائج امللتقيات والندوات املختلفة ،كما تعك�سه توج�سات
املتعلمني و�آبائهم و�أمهاتهم ،ويردد �صداه �أهل اخلربة واالخت�صا�ص .وعلى كل حال ،ف�إن
ناقو�س اخلطر قد دقته ،ال�صيف املا�ضي� ،أعلى �سلطة يف البالد ،مع الدعوة �إىل وجوب
القيام بوقفة «مل�ساءلة ال�ضمري» والعمل على �إعادة الت�أهيل والبناء.
م�ساءلة ال�ضمري هذه تتطلب ق�سطا وافرا من الر�صانة واملو�ضوعية واال�ستقامة،
وت�ستدعي القطع التام مع الأحكام امل�سبقة الذائعة حول وجود لعنة �أ�صلية ودوامة تراجعية
�أ�ضحت مالزمة للمنظومة؛ ذلك �أن اختالالت املنظومة الرتبوية لي�ست قدرا حمتوما يف
جميع الأحوال .هذه امل�ساءلة ت�ستلزم �أي�ضا القطع مع الو�صفات اجلاهزة ومفاعيل الع�صا
ال�سحرية وخمتلف �صيغ احللول ال�سهلة ،لأن املو�ضوع يف غاية الت�شعب .هذه «الوقفة» التي
�ستخول «حتديد املنجزات ور�صد النواق�ص واالختالالت» رهينة ب�إجناز تقومي نزيه وحازم
مل�سار املنظومة الرتبوية ،وو�ضع ت�صور ر�صني يندرج يف املدى البعيد ،مبا يتطلبه ذلك من
دقة وت�أن».
ي�ضيف ال�سيد عزميان�« :إن عملية �إعادة البناء تتطلب �أوال �إعادة النظر يف الفل�سفة
الناظمة للمنظومة الرتبوية ولآليات ا�شتغالها ،فاملجال الرتبوي الوطني ظل يعاين لردح من
الزمن من الفجوة القائمة بني التنظري والتفعيل ،ومن الهوة الفا�صلة بني الأفكار والتطبيق،
ومن الفارق بني الغايات الكربى للإ�صالحات وترجمتها �إىل حلول عملية .فحكامة منظومة
بدرجة كبرية من التعقيد ،وترابط اخليارات اال�سرتاتيجية وال�سيا�سات العمومية وبرامج
العمل وت�صريفها يف �شكل �إجراءات ونقلها �إىل داخل الف�صل الدرا�سي ،كلها مقومات تقع
يف �صميم �أي �إ�صالح لأي منظومة تربوية.
هذه امل�ساءلة وهذا البناء اجلديد ال ي�ستقيمان بدون م�شاركة وا�سعة يف التفكري
عمر عزميان ،كلمة من�شورة يف موقع املجل�س الأعلى للتعليم.www.cse.ma ، - 16
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
19 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
ويف العمل ،باعتبارها النهج ال�سليم لالنخراط الفعلى لكل الأطراف املعنية ولتحمل
الفاعلني امل�س�ؤولية ،كل من موقعه داخل هذا الن�سق ،بل لتعبئة وطنية حول �إ�صالح
املنظومة الرتبوية».
هذه هي الفل�سفة التي ت�ؤطر مبادرة املجل�س الأعلى للتعليم بفتح م�شاورات مو�سعة،
�شملت كل من له ر�أي يف املو�ضوع وكافة املواطنات واملواطنني الذين �أبدوا ا�ستعدادهم
للإ�سهام يف النقا�ش من خالل جل�سات ا�ستماع ،وم�ساهمات مكتوبة ،وبحوث ميدانية،
وذلك من �أجل �ضمان �إ�شراك �أكرب عدد ممكن من املغاربة يف «م�ساءلة ال�ضمري» هذه ويف
اقرتاح مداخل للعمل.
17
تقرير منظمة الأمم املتحدة للرتبية والعلوم والثقافة -اليون�سكو -يناير 2014
�صدر يف يناير 2014عن منظمة الأمم املتحدة للرتبية والعلوم والثقافة اليون�سكو
التقرير العاملي اجلديد حول حتقيق اجلودة يف التعليم يف العامل .وو�ضع هذا التقرير
املغرب �ضمن � 21أ�سو�أ دولة يف جمال التعليم �إىل جانب موريتانيا وباك�ستان وعدد من
البلدان الإفريقية الفقرية جدا .و�أو�ضحت الوثيقة اجلديدة لليون�سكو �أن �أقل من ن�صف
عدد التالميذ يف املغرب ويف هذه البلدان الأخرى التي توجد يف خانته هم من يفلحون
يف تعلم املهارات الأ�سا�سية .وك�شف التقرير اجلديد عن �أن �أكرث من ن�صف عدد التالميذ
املغاربة ،ال يتعلمون ما يلزمهم من مهارات �أ�سا�سية يف القراءة والريا�ضيات.
- 4اخلال�صات
ميكن �أن تتعدد القراءات وتختلف حول م�ضامني هذه التقارير ذات املرجعيات والروافد
املختلفة حول حالة املدر�سة املغربية .ولكن ب�صفة عامة ،رغم ذلك ،ميكن �أن نقول بدون
تردد كبري �إن منظومتنا الرتبوية يف و�ضعها احلايل يف حاجة ما�سة ،وب�شكل م�ستعجل،
لتدخل ُمف ًكر فيه بعناية فائقة ومهنية عالية .ذلك �أن �أغلبية هذه التقارير�أ�شارت �إما ب�شكل
�صريح �أو �ضمني �إىل:
� -ضعف التمكن من الكفايات الأ�سا�سية على م�ستوى التعليم الأ�سا�سي والتي هي
�ضرورية من �أجل اال�ستمرار يف م�سار تعليمي مقبول؛
� -ضعف التحكم يف لغات التدري�س وخا�صة اللغة العربية؛ التي تدر�س بها �أغلبية املواد
الدرا�سية؛
- 17تقرير منظمة الأمم املتحدة للرتبية والعلوم والثقافة -اليون�سكو -يناير .2014
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
يف �أفق اجلهوية املو�سعة
20
-تدين جودة التعلمات مقارنة مع دول �أخرى خا�صة الدول العربية؛
-ارتفاع الهدر املدر�سي املتمثل يف ن�سب التكرار املرتفعة واالنقطاع عن الدرا�سة؛
-انعزال املدر�سة عن حميطها مما يجعل التعلمات بعيدة عن ان�شغاالت واهتمامات
املتعلم من جهة واملجتمع من جهة �أخرى؛
-الرتددات وعدم اال�ستقرار والعديد من التنازعات حول ت�صور املدر�سة بني اجتاهات
ذات �إيديولوجيات متناق�ضة؛
-ات�سام تنفيذ الإ�صالحات بالنزعة االنتقائية ،التي تف�ضل الأبعاد الكمية الأكرث
بروزا ،وت�ؤجل اجلوانب النوعية املتعلقة بالق�ضايا ال�صعبة واحل�سا�سة.
-البطء يف اتخاذ القرارات ويف تنفيذها� .إذ غالبا مات�سجل فجوات كبرية بني وقت
الإعالن عن القرار ووقت تنفيذه.
وبدون �شك هذا ما جعل جاللة امللك حممد ال�ساد�س يقول:
“� -إن الو�ضع الراهن لقطاع الرتبية والتكوين يقت�ضي �إجراء وقفة مو�ضوعية
مع الذات ،لتقييم املنجزات ،وحتديد مكامن ال�ضعف واالختالالت .وهنا يجدر التذكري
ب�أهمية امليثاق الوطني للرتبية والتكوين ،الذي مت اعتماده يف �إطار مقاربة وطنية ت�شاركية
وا�سعة؛
� ... -إن ما يحز يف النف�س �أن الو�ضع احلايل للتعليم �أ�صبح �أكرث �سوءا ،مقارنة مبا
كان عليه الو�ضع قبل �أزيد من ع�شرين �سنة؛
-ال ينبغي �إقحام القطاع الرتبوي يف الإطار ال�سيا�سي املح�ض ،وال �أن يخ�ضع تدبريه
للمزايدات �أو ال�صراعات ال�سيا�سوية .بل يجب و�ضعه يف �إطاره االجتماعي واالقت�صادي
والثقايف ،غايته تكوين وت�أهيل املوارد الب�شرية ،لالندماج يف دينامية التنمية ،وذلك من
خالل اعتماد نظام تربوي ناجع”.18
ومن بني مقرتحات املجل�س الأعلى للتعليم لتجاوز الو�ضعية احلالية مايلي:
-القطع التام مع الأحكام امل�سبقة الذائعة حول وجود لعنة �أ�صلية ودوامة تراجعية
�أ�ضحت مالزمة للمنظومة؛ ذلك �أن اختالالت املنظومة الرتبوية لي�ست قدرا حمتوما يف
جميع الأحوال؛
�إن ال�س�ؤال الذي ميكن �أن يتبادر �إىل الذهن هو ما العالقة بني اجلهوية ب�صفة عامة
واجلهوية املو�سعة ب�صفة خا�صة وبني املنظومة التعليمية؟ وكيف ميكن �إذن تر�سيخ الطابع
املحلي واجلهوي ملنظومة الرتبية والتعليم يف �أفق جتاوز االختالالت التي تعاين منها
املدر�سة املغربية؟
هذا ال�س�ؤال ميكن اعتباره م�شروعا يف بلد تر�سخت فيه ثقافة املركز يف التدبري
والت�سيري ب�شكل كبري .ومن جانب �آخر ميكن اعتباره منافيا للحقيقة لأن املغرب عرف
عرب تاريخه الطويل التدبرياجلهوي يف كثري من املجاالت واملمار�سات .بل ميكن القول
�إن اجلهوية يف املغرب �أ�ضحت ،منذ �أمد طويل ،جزءا من ثقافته وتر�سخت يف �سلوكاته
وممار�ساته .وهذا ما يف�سر االهتمام الكبري بهذا النوع من املقاربة يف التدبري والت�سيري
ل�ش�ؤون املغرب منذ بداية اال�ستقالل �إىل الآن .وجتدر الإ�شارة �إىل �أن مو�ضوع اجلهوية �أخذ
يف ا�ستقطاب اهتمام الكثري من الدول منذ مدة ك�إطار مالئم لبلورة ا�سرتاتيجية بديلة
للتنمية االقت�صادية واالجتماعية على امل�ستوى املحلي تقوم على تعبئة املوارد والطاقات
املحلية من �أجل تر�سيخ الدميقراطية وتطوير البناء اجلهوي الكفيل بتقدمي حلول مل�شاكل
ت�ؤرق �إىل حد ما الأنظمة املركزية.
والبد من الإ�شارة �إىل �أن الغر�ض مما �سي�أتي من احلديث عن اجلهوية لي�س كتابة
مدخل مو�سع عن تاريخ اجلهوية باملغرب -فهذا الأمر من اخت�صا�ص فقهاء القانون
الد�ستوري -بل نتوخى تقدمي معطيات ت�ساهم يف و�ضع ت�صور لنظام تعليمي يتما�شى مع
ما ي�سمى اليوم باجلهوية املو�سعة �أو اجلهوية املتقدمة التي ي�سعى املغرب �إىل اعتمادها يف
التدبري والت�سيري لل�ش�أن املحلي .لذا فالذي يهمنا يف هذه الدرا�سة هو ال�شكل اجلهوي الذي
يريد املغرب �إقراره لتفعيل هذا النمط من التدبري والتنمية يف مرحلة �أوىل ،ويف مرحلة
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
23 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
ثانية كيفية جت�سيده وتفعيله يف جمال الرتبية والتكوين حتى اليبقى مفهوم اجلهوية فارغا
من م�ضمونه الرتبوي .وحتى تكون الأمور �أكرث و�ضوحا فماذا نعني باجلهة؟ وماذا نعني
باجلهوية؟
- 1مفهوم اجلهة
ميكن لغري املخت�ص �أن تتبادر �إىل ذهنه جمموعة من الأ�سئلة تتعلق مبو�ضوع اجلهة
واجلهوية .ويف هذا ال�سياق ميكن �صياغة هذه الأ�سئلة على ال�شكل التايل:
-ماذا نعني باجلهة؟
-كيف تطور مفهوم اجلهة باملغرب؟
-ما هو م�ضمون اجلهة املو�سعة �أو اجلهة املتقدمة املتداول يف اخلطب وخمتلف
الكتابات حاليا ببالدنا؟
-ما املعايري التي ميكن اعتمادها لتحديد مفهوم وظيفي للجهة؟ �أي ما هي املداخيل
التي ميكن الرتكيز عليها لتحديد جهات متكاملة من�سجمة قادرة على رفع خمتلف
التحديات وحتقيق التنمية الب�شرية ال�ضامنة لكرامة الإن�سان ،اعتمادا على �إمكاناتها
الذاتية حمليا ويف نف�س الوقت قادرة على البحث على موارد �إ�ضافية يف تفاعل مع جهات
�أخرى وطنيا وجهويا ودوليا؟.
البحث عن اجلواب على هذه الأ�سئلة جعلنا نقف �أمام جمموعة من الإ�شكاالت خا�ض
فيها املهتمون مبو�ضوع اجلهة .وميكن القول �إن هذه الإ�شكاالت الزالت ت�ؤرق الكثري من
الباحثني و�ستبقى دائما مطروحة للنقا�ش يف البحث عن ال�سبل الناجعة لبلورة نظام جهوي
مقبول وقادر يف نف�س الوقت على مواجهة التحديات الداخلية واخلارجية .فالتق�سيم
اجلهوي لي�س تق�سيما تقنيا تقوم به جمموعة من االخت�صا�صيني داخل مكاتب �إدارية بل
هو عمل �شاق يتطلب التجربة والن�ضج واملعرفة والإملام بالتاريخ والتحديات التي تواجه
البالد .كما يتطلب هذا العمل من القائمني به التوفر على ر�ؤية م�ستقبلية وا�ست�شرافية
ملا ميكن �أن ت�صري �إليه الأمور يف امل�ستقبل القريب واملتو�سط والبعيد على امل�ستوى املحلي
واجلهوي والدويل .وقد اعرتف د.حميد �أبوال�س بهذه الإ�شكالية بقوله يف �إحدى الندوات
حول مو�ضوع اجلهوية املو�سعة �أنه « ي�صعب حتديد مفهوم اجلهوية ،واالتفاق حوله،
- 19حميد �أبوال�س ،مقاربة ت�صورية لتوزيع االخت�صا�صات مابني الدولة واجلهات يف ظل اجلهوية املو�سعة املزمع
تطبيقها ,عدد خا�ص من “جملة طنجي�س” حول اجلهوية املتقدمة باملغرب ،كلية العلوم القانونية واالقت�صادية
واالجتماعية بطنجة ،التابعة جلامعة عبد املالك ال�سعدي.
- 20مداخالت الأ�ساتذة يف ندوة “حول مبادرة اجلهوية املو�سعة” نظمتها كلية متعددة التخ�ص�صات ب�سلوان،
الناظور ،نونرب .2010
- 21عبد الإله واردي ،اجلهوية باملغرب خما�ضها التاريخي ،ودوافع �إحداثها مقال من�شوريف موقع احلوار
املتمدن
- 22احل�سني عماري« ،البحـث يف تاريخ اجلهــة :ت�سا�ؤالت ومالحظات منهجية ».مقال من�شوريف موقع انفا�س
نت .Net
- 26الر�سالة امللكية التي وجهها جاللة حممدال�ساد�س �إىل امل�شاركني يف ندوة «مغربية ال�صحراء يف الرتاث
التاريخي والأدبي» املنظمة بتطوان ما بني 20و� 22أبريل .2001
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
يف �أفق اجلهوية املو�سعة
28
ويظل الت�ضامن الوطني حجر الزاوية يف اجلهوية املتقدمة� ،إذ �أن حتويل االخت�صا�صات
للجهة يقرتن بتوفري موارد مالية عامة وذاتية .كما �أن جناح اجلهوية رهني باعتماد تق�سيم
ناجع يتوخى قيام مناطق متكاملة اقت�صاديا وجغرافيا ومن�سجمة اجتماعيا وثقافيا.
وعلى غرار نهجنا يف تدبري الق�ضايا الكربى للأمة ،ارت�أينا اعتماد مقاربتنا الدميقراطية
والت�شاركية يف �إعداده...ولهذه الغاية ،نعتزم بحول اهلل� ،إقامة جلنة ا�ست�شارية متعددة
االخت�صا�صات .مكونة من �شخ�صيات م�شهود لها بالكفاءة واخلربة الوا�سعة وبعد النظر،
مكلفني �إياها باقرتاح ت�صور عام للجهوية ،يف ا�ست�شعار لكل �أبعادها وا�ستح�ضار لدور
امل�ؤ�س�سات الد�ستورية املخت�صة يف تفعيلها ،بعد رفع الأمر �إىل نظرنا ال�سامي .و�إننا
حلري�صون على �أن يتمخ�ض الت�صور العام لهذا امل�شروع الكبري عن نقا�ش وطني وا�سع
وبناء ،ت�شارك فيه كل امل�ؤ�س�سات وال�سلطات املخت�صة والفعاليات التمثيلية واحلزبية
والأكادميية واجلمعوية امل�ؤهلة.
ومهما وفرنا للجهوية من تقدم ،ف�ستظل حمدودة ،ما مل تقرتن بتعزيز م�سار الال
متركز ،لذلك ،يتعني �إعطاء دفعة قوية لعمل الدولة على امل�ستوى الرتابي ،خا�صة يف جمال
�إعادة تنظيم الإ دارة املحلية .وجعلها �أكرث تنا�سقا وفعالية وتقوية الت�أطري عن قرب .ويف
هذا ال�صدد ،نوجه احلكومة لأن ترفع �إىل نظرنا ال�سديد اقرتاحات ب�ش�أن �إحداث عماالت
و�أقاليم جديدة ،على �أن تراعي يف ذلك م�ستلزمات احلكامة الرتابية اجليدة وخ�صو�صيات
و�إمكانات بع�ض املناطق واملتطلبات التنموية ل�سكانها .كما نهيب باحلكومة� ،إىل �إعداد
ميثاق وطني لعدم التمركز يتوخى �إقامة نظام فعال لإدارة ال ممركزة ،ي�شكل قطيعة
حقيقية مع املركزية املتحجرة ،نظام يعتمد مقاربة ترابية ويقوم على نقل �صالحيات
مركزية للم�صالح اخلارجية وانتظامها يف �أقطاب تقنية جهوية .كما يتعني ت�ضمني هذا
امليثاق الآليات القانونية املالئمة حلكامة ترابية تخول للوالة والعمال ال�صالحيات الالزمة
للنهو�ض مبهامهم ،وال�سيما ما يتعلق منها بالإ�شراف على جناعة ممار�سة اخت�صا�صات
�أجهزة الدولة وتنا�سق عمل كافة املتدخلني على امل�ستوى الرتابي الإقليمي واجلهوي .و�إننا
ندعو اجلميع �إىل التحلي بروح الوطنية واملواطنة لرفع التحدي الكبري النبثاق منوذج
مغربي جلهوية متميزة ،نريدها ،بحكم ما جت�سده من تقدم دميقراطي وتنموي ،تر�سيخا
للحكامة اجليدة وت�أهيال للإ�صالح امل�ؤ�س�سي العميق».27
- 28اخلطاب امللكي ال�سامي الذي �ألقاه جاللته مبنا�سبة تن�صيب اللجنة اال�ست�شارية للجهوية يوم الأحد
3يناير .2010
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
31 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
االنطالقة الفعلية لو�ضع الأ�س�س ال�صلبة لنموذج اقت�صادي واجتماعي وثقايف و�سيا�سي
للمغرب يعتمد �أ�سا�سا على تر�سيخ دعائم اجلهوية املو�سعة .ويف هذا ال�سياق يقول جاللة
امللك�“ :أخاطبك اليوم ،ب�ش�أن ال�شروع يف املرحلة املوالية ،من م�سار اجلهوية املتقدمة ،مبا
تنطوي عليه من تطوير لنموذجنا الدميقراطي التنموي املتميز ،وما تقت�ضيه من مراجعة
د�ستورية عميقة ،نعتربها عمادا ملا نعتزم �إطالقه من �إ�صالحات جديدة �شاملة ،يف جتاوب
دائم مع كل مكونات الأمة ... .وتفعيال ملا �أعلنا عنه يف خطاب 20غ�شت ،2010مبنا�سبة
ذكرى ثورة امللك وال�شعب ،ندعو اجلميع لالنخراط يف موا�صلة �إن�ضاج ما جاء يف هذا
الت�صور العام ،يف نطاق نقا�ش وطني وا�سع وبناء.
لقد اقرتحت اللجنة ،يف نطاق التدرج� ،إمكانية �إقامة اجلهوية املتقدمة بقانون ،يف
الإطار امل�ؤ�س�سي احلايل ،وذلك يف �أفق �إن�ضاج ظروف د�سرتتها .بيد �أننا نعترب �أن املغرب،
مبا حققه من تطور دميقراطي ،م�ؤهل لل�شروع يف تكري�سها د�ستوريا .وقد ارت�أينا الأخذ
بهذا اخليار املقدام ،حر�صا على انبثاق اجلهوية املو�سعة ،من الإرادة ال�شعبية املبا�شرة،
املعرب عنها با�ستفتاء د�ستوري .لقد قررنا ،يف نطاق الإ�صالح امل�ؤ�س�سي ال�شامل ،الذي
عملنا على توفري مقوماته ،منذ اعتالئنا العر�ش� ،أن يقوم التكري�س الد�ستوري للجهوية،
على توجهات �أ�سا�سية ،من بينها :
-تخويل اجلهة املكانة اجلديرة بها يف الد�ستور� ،ضمن اجلماعات الرتابية ،وذلك يف
نطاق وحدة الدولة والوطن والرتاب ،ومتطلبات التوازن ،والت�ضامن الوطني مع اجلهات،
وفيما بينها ؛
-التن�صي�ص على انتخاب املجال�س اجلهوية باالقرتاع العام املبا�شر ،وعلى التدبري
الدميقراطي ل�ش�ؤونها.
-تخويل ر�ؤ�ساء املجال�س اجلهوية �سلطة تنفيذ مقرراتها ،بدل العمال والوالة ؛
-تعزيز م�شاركة املر�أة يف تدبري ال�ش�أن اجلهوي خا�صة ،ويف احلقوق ال�سيا�سية عامة؛
وذلك بالتن�صي�ص القانوين على تي�سري ولوجها للمهام االنتخابية ؛
� -إعادة النظر يف تركيبة و�صالحيات جمل�س امل�ست�شارين ،يف اجتاه تكري�س متثيليته
الرتابية للجهات.
ويف نطاق عقلنة عمل امل�ؤ�س�سات ،ف�إن متثيلية الهيئات النقابية واملهنية ،تظل مكفولة
بعدة م�ؤ�س�سات ،وعلى ر�أ�سها املجل�س االقت�صادي واالجتماعي.
- 29خطاب �صاحب اجلاللة امللك حممد ال�ساد�س ليوم الأربعاء 9مار�س 2011حول اجلهوية املو�سعة ،و�إعالن
جاللته عن تكوين جلنة خا�صة ملراجعة الد�ستور.
� - 30سمري هالل ،اجلهوية املو�سعة تتويج مل�سار طويل نحو تكري�س الدميقراطية والتنمية على امل�ستوى املحلي،
جريدة ال�صحراء املغربية عدد يوم .2013 –12 -31
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
يف �أفق اجلهوية املو�سعة
34
- 3اجلهوية يف د�ستور 2011
يف جميع الدول يعترب الد�ستور مبثابة خريطة الطريق لتنفيذ ت�صورعام لإر�ساء
القواعد الأ�سا�سية التي �سيتم بها تدبري ال�ش�أن العام داخل بلد معني .فهو مبثابة مرجع
تكون االنطالقة منه والرجوع �إليه لتح�سني وظائف امل�ؤ�س�سات وتفعيلها عرب قوانني
ومرا�سيم هي مبثابة ترجمة لهذا الد�ستور .ويف هذا ال�سياق ف�إن د�ستور 2011يعترب
بالن�سبة للمغرب نقلة نوعية يف بناء دولة امل�ؤ�س�سات وتفعيل الدميوقراطية املحلية .ومن بني
امل�ستجدات البارزة لد�ستور 2011جند �إقرار اجلهوية املتقدمة .باعتبارها دعامة �أ�سا�سية
لتدبري ال�ش�أن املحلي .ويف هذا اجلانب مت تخ�صي�ص باب «تا�سع» وما اليقل عن 12ف�صال
(من � 135إىل )146يف ال�صيغة اجلديدة لد�ستور 2011للجماعات املحلية ممثلة باجلهات
والعماالت والأقاليم واجلماعات التي �أ�ضحت هيئات المركزية تتوفر على �آليات و�أدوات
وو�سائل قانونية ومالية لتمكينها من اال�ضطالع بالدور املناط بها كمحرك �أ�سا�سي للتنمية.
ويف قراءته لوثيقة الد�ستور احلايل يقول الأ�ستاذ ح�سن �أورا�ش« :ف�إن ر�ؤ�ساء جمال�س اجلهات
ور�ؤ�ساء جمال�س اجلماعات الرتابية الأخرى يقومون بتنفيذ مداوالت هذه املجال�س ومقرراتها
(الف�صل ، )138كما ت�ساهم اجلهات واجلماعات الرتابية يف تفعيل ال�سيا�سة العامة للدولة
ويف �إعداد ال�سيا�سات الرتابية ،من خالل ممثليها يف جمل�س امل�ست�شارين (الف�صل .)137
ول�ضمان م�شاركة حقيقية للمواطنني يف تدبري ال�ش�أن املحلي ،ف�إن ن�ص امل�شروع
اعتمد مقاربة ت�شاركية من خالل الف�صل ( ،)139حيث �أن جمال�س اجلهات
واجلماعات الرتابية الأخرى ت�ضع �آليات ت�شاركية للحوار والت�شاور لتي�سري
م�ساهمة املواطنات واملواطنني واجلمعيات يف �إعداد برامج التنمية وتتبعها.
وف�ضال عن هذه االخت�صا�صات اجلديدة� ،أ�ضحت اجلهات واجلماعات الرتابية الأخرى،
تتوفر �أي�ضا ،يف جماالت اخت�صا�صاتها وداخل دائرتها الرتابية ،على �سلطة تنظيمية
ملمار�سة �صالحياتها (الف�صل ،)140يف حني ي�ساعد والة اجلهات والعمال ،وفق الف�صل
( ،)145ر�ؤ�ساء اجلماعات الرتابية ،وخا�صة ر�ؤ�ساء املجال�س اجلهوية ،على تنفيذ املخططات
والربامج التنموية». 31
- 31ح�سن �أورا�ش ،اجلهوية املتقدمة يف الد�ستور اجلديد :ماذا لو قارنا مع الد�ستور احلايل ،موقع ه�سربي�س،
25يناير .2011
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
35 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
خال�صة
يت�ضح من امل�ضامني ال�سابقة �سواء تعلق الأمر باخلطب امللكية �أو بن�صو�ص د�ستور
نونرب � 2011أن املغرب �أمام ت�صور وا�ضح ومتكامل ملا ميكن �أن يت�أ�س�س علية النموذج
اجلهوي املرتقب .فالد�ستور اجلديد ميهد ،من خالل �أحكامه ،الطريق �أمام �إعادة
تنظيم دميقراطي لالخت�صا�صات بني الدولة واجلهات ،مع تكري�س املبادئ الأ�سا�سية
للجهوية املغربية ،واملتمثلة يف الوحدة الوطنية والرتابية ،والتوازن والت�ضامن واملمار�سة
الدميقراطية ،وانتخاب جمال�س اجلهات عرب االقرتاع املبا�شر ونقل ال�سلطات التنفيذية
لهذه املجال�س �إىل ر�ؤ�سائها وذلك �ضمن ت�صور �أ�صيل للثقافة واحل�ضارة املغربيتني.
وهكذا فالد�ستور اجلديد يعك�س الأ�شواط الهامة التي قطعها املغرب يف بناء دولة احلق
والقانون .وهو خطوة �أ�سا�سية على درب تعزيز ا�ستقاللية الهيئات املنتخبة ،بهدف جعل
الالمركزية واجلهوية على اخل�صو�ص ،رافعة حقيقية للتنمية.
وقبل عر�ض �إمكانية التطبيق الفعلي للجهوية يف جمال التعليم باملغرب نت�ساءل �أوال
كيف طبقت اجلهوية يف املجال الرتبوي يف بع�ض البلدان التي �سبقت �إىل اعتماد املقاربة
اجلهوية يف تدبري وت�سيري ال�ش�ؤون املحلية؟
�إن جهوية قطاع الرتبية والتكوين لي�س جديدا يف العامل .فمختلف الدول التي
اعتمدت مقاربة اجلهوية يف تدبري �ش�ؤونها ويف جمال التنمية املحلية طبقت ب�شكل �أو
ب�آخر جهوية الرتبية والتكوين باعتباره من بني املكونات الأ�سا�س لهيكلة اجلهوية ولتفعيلها
على �أر�ض الواقع .وجتدر الإ�شارة �إىل �أن لكل دولة تاريخها وثقافتها وجتربتها اخلا�صة
يف جمال التعامل مع اجلهوية .فلكل دولة خ�صو�صياتها املتحكمة يف جتربتها .ومن �أجل
�إغناء التفكرييف ت�صور منوذج لت�سيري جهوي ملنظومة الرتبية والتكوين ببالدنا ي�ساير
اخل�صو�صيات املغربية نقدم فيما يلي بع�ض النماذج يف هذا املجال .ولي�س الغر�ض من
هذه النماذج هو النقل احلريف لأحدها ،ولكن نتوخى من ذلك �إغناء التجربة املغربية يف
جمال جهوية منظومة الرتبية والتكوين مبجموعة من الأفكار والإجراءات القابلة للتطبيق
يف الواقع املغربي وتتما�شى يف نف�س الوقت مع خ�صو�صياته .ويف هذا ال�سياق وقع اختيارنا
على جمموعة من التجارب ذات املرجعيات املختلفة.
- 1جتربة الواليات املتحدة الأمريكية
تعترب جتربة الواليات املتحدة الأمريكية من بني التجارب العاملية الناجحة يف �شان
التدبري اجلهوي وتطبيق الالمركزية الرتابية ب�شكل وا�ضح وفعال ب�صفة عامة ،ويف جمال
التعليم ب�صفة خا�صة .ففي درا�سة ن�شرتها «امللحقة الثقافية ال�سعودية يف �أمريكا» حول نظام
التعليم يف �أمريكا خل�صت الباحثة �إىل �أن نظــام التعليم يف �أمريكا نظام « ال مركزي» تديره
احلكومات املحلية .ولهذا ال�سبب ف�إن القوانني التي حتكم هيكل وم�ضمون برامج التعليم
تتنوع بدرجة كبرية ما بني والية و�أخرى ،ومع ذلك تبدو هذه الربامج مت�شابهة ب�شكل
ملحوظ ب�سبب العوامل امل�شرتكة بني هذه الواليات كاحلاجات االجتماعية واالقت�صادية
والتنقل املتكرر للطالب واملدر�سني من والية �إىل �أخرى .ومن ثم ف�إن التجريب والتنوع يف
كل والية ال يعوق دون ظهور �شكل عام للنظام التعليمي يف �أمريكا.
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
37 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
ومن الناحية العملية فهناك ا�شرتاك لثالث جهات يف �إدارة التعليم يف �أمريكا:
احلكومة الفيدرالية ،وحكومة الواليات ،واحلكومات املحلية .وتقع امل�س�ؤولية يف �إدارة
التعليم يف النظام الأمريكي على احلكومات املحلية».32
وح�سب املو�سوعة احلرة “ويكيبيديا” فكل جهة تقوم ب�أدوار حمددة نقدمها على
ال�شكل التايل:
�أو ًال :احلكومة الفيدرالية:
احلكومة الفيدرالية ال ت�شرف �إ�شراف ًا مبا�شر ًا على التعليم� ،إال �أنها ت�سهم �إ�سهام ًا
فعا ًال يف كثري من نواحيه .وميثلها مكتب الواليات املتحدة للتعليم ،وقد مت �إن�شا�ؤه عام
1876م وللمكتب ثالث وظائف رئي�سية هي:
-البحث الرتبوي.
� -إدارة املنح الفيدرالية التعليمية.
-تقدمي اخلدمات التعليمية للواليات املتحدة والهيئات القومية.
-جمع الإح�صاءات والبيانات الالزمة عن التعليم ون�شر املعلومات عن املدار�س
وت�شجيع التعليم.
ثاني ًا :حكومة الواليات:
�أعطى التعديل العا�شر لد�ستور الواليات املتحدة الأمريكية �سنة 1791م للواليات
الإ�شراف على �ش�ؤون التعليم بها وبذلك يكون التعليم م�س�ؤولية الواليات .ولكل
والية حاكم ينتخب من جانب ال�شعب وله �سلطات هامة على التعليم .فهو يتمتع
ب�سلطات على ميزانية الوالية التي ينفق منها على التعليم وله ت�أثري على الت�شريعات
التي ت�صدرها الوالية .وبع�ض حكام الواليات ي�شاركون يف ر�سم ال�سيا�سة التعليمية
للوالية .ويف معظم الواليات يعني حاكم الوالية �أع�ضاء جمل�س التعليم بالوالية.
وتقوم الوالية بت�صريف كل �ش�ؤون التعليم مبا فيها حتديد امل�ستويات التعليمية وتوزيع
امل�ساعدات املقدمة من احلكومة الفيدرالية وتنفيذ القوانني وحتديد املناهج ومواد الدرا�سة
وتبني الكتب املدر�سية �أو تقدمي تو�صيات لها.
- 32من�شورات امللحقة الثقافية ال�سعودية يف �أمريكا «درا�سة حول نظام التعليم يف �أمريكا».
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
يف �أفق اجلهوية املو�سعة
38
ويوجد يف كل والية يف تنظيمها العام ما يلي:
.1الهيئة الت�شريعية للوالية :وهي ال�سلطة املخت�صة بر�سم ال�سيا�سة التعليمية وحتديد
االعتمادات املالية للإنفاق على التعليم و�إ�صدار القوانني التعليمية كما تقوم بتعيني �أع�ضاء
جمل�س الوالية للتعليم.
.2جمل�س الوالية للتعليم :ويعترب �أعلى �سلطة يف الغالبية العظمى من الواليات بعد
الهيئة الت�شريعية .وامل�س�ؤولية الرئي�سية ملجل�س الوالية هي تخطيط التعليم يف �ضوء قرارات
الهيئة الت�شريعية واحتياجات الوالية .وتعيني من يدير التعليم بالوالية وي�ضم �أع�ضاء يرتاوح
عددهم )15-5( وهم مواطنون عاديون يتم اختيارهم باالنتخاب �أو التعيني ،ولي�ست
هناك م�ؤهالت معينة ت�شرتط لع�ضوية املجل�س ،كما �أن الأع�ضاء ال يتقا�ضون �أجور ًا على
ع�ضويتهم .وتكون مدة الع�ضوية بني (� )6-2سنوات.
.3مدير التعليم العام :وهو املدير التنفيذي امل�س�ؤول و�سكرتري جمل�س التعليم .ويتم
تعيينه مبعرفة حاكم الوالية �أو جمل�س التعليم .وقد يتم تعيينه باالنتخاب .وي�شرتط فيه �أن
يكون جامعي ًا وله خربة منا�سبة يف جمال التعليم.
.4مديرية التعليم للوالية :وتقوم بتنفيذ ال�سيا�سة التعليمية التي ير�سمها ويحددها
جمل�س التعليم .وتعترب مديرية التعليم للوالية الهيئة التنفيذية للتعليم بها ،وت�ساعد
مدير التعليم على توجيه التعليم والإ�شراف عليه .وت�ضم املديرية �أق�سام ًا خمتلفة للتعليم
االبتدائي والثانوي والفني والعايل و�إعداد املدر�سني وتعليم الكبار والبحوث الرتبوية.
ثالث ًا :احلكومات املحلية:
تنق�سم كل والية �إىل مدن وقرى ومقاطعات .ويوجد بكل منها جمل�س للتعليم هو
“جمل�س التعليم املحلي” الذي ي�ضطلع بكل �أمور التعليم بتفوي�ض من الواليات التابع لها.
وير�أ�س هذا املجل�س مدير حملي للتعليم .ويقوم جمل�س التعليم املحلي ب�إن�شاء املدار�س
و�إعدادها و�صيانتها وتعيني املدر�سني واملوظفني والإداريني وتنظيم قبول الطالب مبختلف
املراحل.
متويل التعليم يف الواليات املتحدة الأمريكية
تختلف ميزانية التعليم من والية �إىل �أخرى اختالف ًا كبري ًا نتيجة الفروق الناجتة عن
وجود �أحياء فقرية و�أخرى غنية .وت�ضطلع مب�س�ؤولية متويل التعليم يف الواليات املتحدة
الأمريكية ثالث م�صادر رئي�سية وهي:
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
39 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
.1احلكومة الفيدرالية التي ت�شارك بتمويل التعليم بن�سبة % 4؛
.2حكومة الوالية التي ت�شارك بحوايل % 39؛
.3احلكومة املحلية وتتحمل اجلانب الأكرب بن�سبة .% 57
ومن ثم يقع العبء الأكرب يف متويل التعليم الأمريكي على عاتق ال�سلطات املحلية
وحكومات الواليات و�سبب ذلك �أن التعديل العا�شر لد�ستور الواليات املتحدة الأمريكية قد
منح كل والية �سلطة تنظيم م�ؤ�س�ساتها التعليمية.
وتعتمد احلكومات اعتماد ًا رئي�سي ًا على ال�ضرائب ب�أنواعها املختلفة يف متويل التعليم.
ولذا يعترب الإنفاق على التعليم م�شكلة كبرية نظر ًا الختالف الواليات داخل �أمريكا يف
م�ستوياتها االجتماعية واالقت�صادية .ولذلك �إذا كانت الوالية غنية وح�صيلة ال�ضرائب
كبرية يكون الإنفاق على التعليم كبريا .و�ساعد ذلك على تقدمي خدمة تعليمية جيدة .كما
�أن انخفا�ض امل�ستوى االقت�صادي يف بع�ض املناطق يدفع بع�ض الواليات الأخرى لتقدمي
املنح للجهات واملناطق الفقرية.
وتفر�ض ال�ضرائب يف الواليات املتحدة الأمريكية بغر�ض الإنفاق على التعليم على
امل�ستويات التالية:
.1ال�ضرائب املحلية :ويفر�ضها جمل�س التعليم املحلي بغر�ض زيادة نفقات التعليم.
ويتوىل جمع هذه ال�ضرائب و�إنفاقها يف جمال التعليم باملنطقة املحلية.
� .2ضرائب على م�ستوى الوالية :ويفر�ضها جمل�س الوالية لتعوي�ض النق�ص يف امليزانية
التعليمية لكل جمل�س من جمال�س التعليم املحلية من ميزانية الوالية� ،إذا مل تكن ال�ضرائب
املحلية كافية لإي�صال م�ستوى التعليم �إىل احلد الأدنى املقرر الو�صول �إليه.
� .3ضرائب على امل�ستوى الفيدرايل :ومن �أهم ال�ضرائب املفرو�ضة للإنفاق على التعليم
يف معظم الواليات الأمريكية هي ال�ضريبة العقارية التي يدور حولها جدل كبري على �أ�سا�س
�أنها غري كافية وغري عادلة ،حيث �أن القيمة املادية للعقار �أو ال�شركة ال تعرف قيمتها
احلقيقية �إال عند بيعها .ولذلك يقرتح املعار�ضون لل�ضريبة العقارية �أن الدخل هو �أن�سب
مقيا�س للرثوة املحلية ،وبالتايل ميكن للنا�س دفع �ضرائبهم .ولكن م�ؤيدي هذه ال�ضريبة
يرون �أن العقارات مقيا�س للرثوة والإمكانات املادية مثل الدخل �أو �أي مقيا�س للرثوة.
ال يوجد منهاج قومي ر�سمي للتعليم يف الواليات املتحدة الأمريكية .وتقع م�س�ؤولية
املناهج وتخطيطها وتطويرها على عاتق �إدارات التعليم بالواليات مع �إتاحة الفر�صة
للواليات املحلية واملدار�س بقدر معني من امل�شاركة .وعادة ما ي�شارك يف تخطيط املناهج
وتطويرها املتخ�ص�صون يف املادة ومديرو املدار�س واملدر�سون ،وذلك بالإ�ضافة �إىل �أ�ساتذة
اجلامعات من املتخ�ص�صني يف الرتبية ،وجمموعات ذات اهتمامات جتارية (منتجو
الكتب واملواد التعليمية) وامل�ؤ�س�سات القومية للمعلمني والوكاالت القومية لالختبار.
وميكن القول �إن م�س�ؤولية حتديد املناهج وتخطيطها وتطويرها تقع على اجلهات التالية:
� -إدارات التعليم يف الواليات؛
-امل�ؤ�س�سات املحلية واملدار�س؛
-امل�ؤ�س�سات القومية للمعلمني؛
-املتخ�ص�صون يف املادة ومديرو املدار�س واملدر�سون؛
-الوكاالت القومية لالختبار؛
� -أ�ساتذة اجلامعات من املتخ�ص�صني يف الرتبية؛
� -أولياء الأمور وذوو االهتمام؛
-الطالب يف بع�ض الواليات.
وقد متيزت املناهج الأمريكية ب�شكل عام يف �أيامها الأوىل بالت�أثري الديني القومي ،مع
وجود اجتاه نفعي متنامي .ثم حدثت حتوالت �أ�سا�سية يف مناهج التعليم نتيجة جلعل التعليم
تعليم ًا مدني ًا والنظر �إىل الرتبية باعتبار �أن لها دور ًا هام ًا يف توحيد ويف �إعداد النا�شئة
للحياة املنتجة يف املجتمع ال�صناعي واملدين اجلديد .مما �أدى �إىل االهتمام باحلاجات
املختلفة للمتعلمني وتوجيه االهتمام نحو حاجاتهم الفردية الأمر الذي انعك�س ب�صورة
كبرية يف �إدخال مواد جديدة يف م�ستوى التعليم الثانوي وزيادة فر�ص الطالب يف االختيار.33
وهكذا يت�ضح �أنه يف الواليات املتحدة الأمريكية لي�س هناك منهج موحد� ،أو نظام
تعليمي موحد ،بل كل والية ويف �أحيان كثرية كل مدينة �أو مدر�سة حملية على حدة ح�سب
خ�صو�صياتها ب�إمكانها و�ضع نظامها التعليمي اخلا�ص يف �إطار التوجهات العامة القومية
وب�إ�شراف حكومات الواليات واحلكومات املحلية .ويت�ضح كذلك الو�ضوح يف حتديد
امل�س�ؤوليات مما ي�سهل التتبع والتقييم واملحا�سبة.
- 33املو�سوعة احلرة «ويكيبيديا».
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
41 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
- 2جتربة اجلمهورية الفيدرالية الأملانية
فكما هو معروف تنق�سم �أملانيا �إىل �ستة ع�شر �إقليم ًا احتادي ًا (ت�سمى لآندر ،)Lander
يتمتع كل منها ب�سيادته وحكومته املحلية اخلا�صة .وكل �إقليم �أو والية لديها وزارة للتعليم
خا�صة بها .لذلك ف�سيا�سة التعليم ال تخ�ضع لر�ؤية واحدة .فال�سيا�سة التعليمية يف هذا
البلد ،ح�سب املو�سوعة احلرة «ويكيبيا» ،تنطلق من نف�س املبد�إ االحتادي (الفيدرايل)
الذي ين�ص على توزيع ال�صالحيات بني احلكومة االحتادية والواليات ال�ستة ع�شر ،و�إعطاء
هذه الواليات �صالحيات الإ�شراف على �ش�ؤون التعليم .وترتكز مهمة احلكومة االحتادية
يف ال�ش�ؤون الت�شريعية واملالية والتخطيط الرتبوي ،حيث ي�ؤكد الد�ستور الأملاين االحتادي
على �ضرورة التعاون بني احلكومة االحتادية والواليات الأملانية يف ميدان التعليم .ومن
الناحية التنفيذية ،تقوم جلنة تعرف با�سم جلنة االحتاد للتخطيط الرتبوي والبحث
العلمي ،وكذلك م�ؤمتر وزراء التعليم والثقافة يف الواليات ،املعروف با�سم امل�ؤمتر الدائم
لوزير الثقافة يف الواليات الأملانية االحتادية ،بالعمل على تن�سيق العمل الرتبوي ،يف �إطار
النظام التعليمي الأملاين وكذا اجلماعات ويف تنظيم املن�ش�آت الرتبوية وحتديد االجتاهات
الرتبوية وم�ضمون املناهج الدرا�سية ،واالعرتاف بال�شهادات املمنوحة .وقد �ساعد كل ذلك
على توفري عرو�ض تربوية ومن�ش�آت تعليمية مت�شابهة ومتنا�سقة ،وذات كفاءة.
وتخ�ضع �إدارة النظام التعليمي – يف �أملانيا – لنظام يقوم على ثالثة م�ستويات:
•امل�ستوى الأول : م�ستوى (القمة) متمثلة يف وزارة الثقافة يف الوالية؛
•امل�ستوى الثاين( : الو�سط) يتمثل يف الدوائر الإدارية التابعة للمحافظ� ،أو هيئات
املدار�س العليا امل�ستقلة ،التي ي�شرف عليها املديرون احلكوميون ،واملجال�س املدر�سية ،التي
ت�شرف بدورها على املدار�س املهنية؛
•امل�ستوى الثالث( : القاعدة) تتمثل يف الإدارات التعليمية ،التي ت�شرف على املدار�س
الأ�سا�سية والعامة واملدار�س املتخ�ص�صة .وير�أ�س الإدارة التعليمية «م�ست�شار املدار�س».
ويت�ضح مما �سبق �أن التنظيم الإداري يف �أملانيا يتكون من مدير املدر�سة ،فم�ست�شار املدرا�س
(مدير التعليم) فاملحافظ ،فوزارة الثقافة يف كل والية من الواليات الأملانية .وتن�ص املادة
( )21من الد�ستور الأملاين االحتادي على م�ساهمة الأحزاب ال�سيا�سية يف �أملانيا ،يف و�ضع
ال�سيا�سة التعليمية والرتبوية ،املعمول بها يف البالد.
يتوزع متويل التعليم يف �أملانيا بني احلكومة االحتادية والواليات (�أكرب ن�صيب من
ميزانية التعليم) وبني بلديات املدن والقرى ،وتقوم الواليات والبلديات بدفع مرتبات
ونفقات املدر�سني والعاملني بالقطاع.
�أ�س�س الإنفاق على التعليم يف �أملانيا
•االعتماد على ال�سلطات املحلية وحكومات الواليات يف توفري ميزانية التعليم
وال�صرف عليه؛
•ميول التعليم من ال�ضرائب العامة التي حت�صلها الواليات ،وتخ�ص�ص ل�صالح
التعليم والإنفاق عليه؛
•حت�صل بع�ض املدار�س على دعم مايل يف �شكل �إعانات ومنح لتعوي�ض العجز يف
ميزانيتها.
وتقوم ال�شركات وامل�صانع بتقدمي امل�ساعدات الفنية مثل برامج التدريب املهني
والفني للطالب من �أجل �إعداد الطلبة للوظائف املختلفة ،وتزويدهم باملهارات واخلربات
العملية التي ت�ساعدهم على االلتحاق ب�سوق العمل .كما تقدم احلكومة الفيدرالية حوايل
% 7من جملة الإنفاق على التعليم ،بينما تقدم الواليات حوايل ،% 32وتتحمل ال�سلطات
املحلية باقي نفقات التعليم التي ت�صل �إىل مايقرب من � ،% 23إىل جانب الأموال العامة،
وامل�ساعدات املوقوفة من قبل اجلمعيات العلمية.
جماالت الإنفاق على التعليم يف �أملانيا
-تتحدد �أهم �أوجه الإنفاق على التعليم فيما يلي:
-دفع رواتب ومكاف�آت املدر�سني واملعا�شات املخ�ص�صه لهم من خالل حكومات
الواليات الأملانية؛
� -إن�شاء املباين املدر�سية ،و�صيانتها من خالل ماتقدمه اجلهات املحلية؛
-توفري الأجهزة والأدوات لهذه املدار�س.
بناء املناهج الدرا�سية
يف �أملانيا ،ثمة نظام هرمي يف بناء املناهج الدرا�سية تبد�أ ق َّمته من احلكومة االحتادية
التي ت�ضع الثوابت الرئي�سة لهوية الأمة ووحدتها والر�ؤية امل�ستقبلية لنه�ضتها ،ثم ي�أتي دور
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
43 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
املقاطعات ،حيث �إن لكل مقاطعة �صالحيات تطوير املناهج اخلا�صة مبدار�سها ،يف �إطار
الر�ؤية اال�سرتاتيجية لل�سيا�سة التعليمية الر�سمية.34
- 3جتربة كندا
يف نف�س ال�سياق ،يقدم ح�سني عبد احلافظ 35جتربة كندا يف جمال تطبيق اجلهوية يف
جمال التعليم ،خا�صة ماله عالقة باملناهج التعليمية .وهكذا يرى �أن نظام كندا التعليمي
يت�سم بالالمركزية ،لذا ف�إن ثمة قا�سمـًا م�شرت ًكا ،تقوم عليه �صناعة املناهج الدرا�سية يف
املقاطعات الكندية كافة ،يتمثل يف �صيانة ِوحدة الرتاب الكندي قاطبة� ،إىل جانب غر�س
والتو�سع يف مفهوم الرتبية من �أجلّ قيم الت�سامح والرتبية من �أجل ال�سالم وحقوق املواطنة
التنمية امل�ستدامة .وبداية من عام ،1993حدثت نقلة نوعية بتطوير املناهج الدرا�سية يف
ظل التو�سع با�ستخدام الإنرتنت كو�سيلة ف َّعالة يف منظومة التعليم .وقد ط ِّبق يف هذا ال�ش�أن
ما يعرف مب�شروع ،Net Schoolالذي ر�صدت له احلكومة الكندية 30مليون دوالر ،وطال
جميع املناهج يف املراحل التعليمية املختلفة .وقد حظي هذا امل�شروع مب�شاركة العديد من
ال�صلة بالرتبية والتعليم .ويف �إطاره نـ ِّفذت ِع َّدة برامج لتدريب املدر�سني،
اجلهات ذات ِ
على طرق التدري�س للمناهج اجلديدة ،با�ستخدام الأن�شطة ال�ص ِّفية املبن َّية على الولوج
الآمن يف الف�ضاء املعلوماتي للإنرتنت.
- 4جتربة �أ�سرتاليا
يف تقرير �صدر م�ؤخ ًرا بعنوان «منهج التعاون ..نحو �إعادة التفكري يف الوطنية»،
ورد �أنه منذ ت�شكيل نظام التعليم يف �أ�سرتاليا عام 1870م ،فقد خ�ضعت �صناعة املناهج
الدرا�سية للم�س�ؤولية الد�ستورية للدولة� ،إ َّال �أنه بعد التح ّول من مركزية التعليم �إىل
الالمركزية �صار لكل والية كثري من ال�صالحيات يف �صناعة وتطوير املناهج املعتمدة يف
مدار�سها ،مع االحتفاظ بالثوابت العامة للدولة ،ويف مقدمتها احلفاظ على �سالمة ال ِوحدة
أدخلت تعديالت يف مناهج التعليم الإلزامي ،بحيث الوطنية .ومنذ بداية الألفية اجلديدةِ � ،
�أنها حتقق:
-1املرجعيات الأ�سا�س
�إذا كانت اخلطب امللكية وا�ضحة فيما يخ�ص الت�صور العام للجهوية ،ف�إن ال�صعوبة،
بدون �شك ،تكمن يف كيفية تنزيل هذا الت�صور وجت�سيده يف م�ؤ�س�سات ت�ضمن بلوغ الأهداف
النبيلة املتوخاة منه .فاجلهوية يف هذا ال�سياق ،لها جمال ترابي حمدد وم�ؤ�س�سات
منتخبة ب�شكل دميوقراطي ومنظمة بكيفية ت�سمح بتعبئة خمتلف املوارد ،ب�شرية كانت �أو
مادية ،املتاحة حمليا من �أجل حتقيق التنمية الب�شرية ال�شاملة وذلك يف ان�سجام تام بني
اخل�صو�صيات اجلهوية والتوابت الوطنية.
فكيف ميكن �إذن حتقيق االنتقال من �سيا�سة “�سيطرة املركز” �إىل �سيا�سة
“اقت�سام وتوزيع املهام بني املركز واجلهات بنوع من ال�سال�سة والنجاعة والفعالية؟
وبعبارة �أخرى كيف ميكن حتقيق هذا االنتقال من �سيا�سة التمركز �إىل �سيا�سة
الالمتركز �ضمن ت�صور متكامل وذلك :وفق توجيهات اخلطب امللكية ال�سامية وكذا
وفق النتائج التي تو�صلت �إليها اللجنة امللكية املكلفة ب�إعداد ت�صور ملا ميكن �أن
يكون عليه التق�سيم اجلهوي املرتقب للمغرب ،و�أخريا وفق م�ضامني د�ستور 2011؟.
البد من الإ�شارة �إىل �أن امل�س�ألة لي�ست ب�سيطة وال�سهلة التنفيذ بل عملية تتطلب
النف�س الطويل واعتماد التدرج كمقاربة لتفعيل م�ضامني اجلهوية املو�سعة .فالأمر يعني
�إر�ساء وتفعيل ثقافة جديدة يف تدبري وت�سيري ق�ضايا املجتمع� .إنه م�شروع جمتمعي
جديد يت�أ�س�س يف املغرب ويفعل عرب تطبيق اجلهوية مما يتطلب ا�ستيعاب ووعي
خمتلف فئات املجتمع بغاياته و�أهدافة ق�صد �ضمان االنخراط امل�شرتك يف تفعيله.
فكيف ميكن �إذن تفعيل هذا النمط من التدبري والت�سيري على م�ستوى منظومة
الرتبية والتكوين؟ وكيف ميكن جت�سيده على م�ستوى املناهج والربامج التعليمية؟
وبالرجوع �إىل الر�سائل واخلطب امللكية ال�سابقة الذكر جند �أنها ت�ؤكد على ما يلي:
- 36خطاب املغفور له جاللة امللك احل�سن الثاين �سنة 1984بفا�س �أمام اجتماع املجل�س اال�ست�شاري اجلهوي
للمنطقة الو�سطى ال�شمالية.
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
يف �أفق اجلهوية املو�سعة
48
ويف اخلطاب امللكي ال�سامي ليوم الأحد 3يناير 2010مبنا�سبة تن�صيب اللجنة اال�ست�شارية
للجهوية يقول جاللته ...“ :ف�إن اجلهوية املو�سعة املن�شودة ،لي�ست جمرد �إجراء تقني �أو
�إداري ،بل توجها حا�سما لتطوير وحتديث هياكل الدولة ،والنهو�ض بالتنمية املندجمة...
و�إننا ننتظر من هذه اللجنة� ،إعداد ت�صور عام ،لنموذج وطني جلهوية متقدمة ،ت�شمل كل
جهات اململكة؛ على �أن ترفعه ل�سامي نظرنا يف نهاية �شهر يونيو القادم .وكما �سبق �أن �أكدنا
على ذلك ،ف�إننا ندعو اللجنة �إىل االجتهاد يف �إيجاد منوذج مغربي -مغربي للجهوية،
نابع من خ�صو�صيات بلدنا .ويف �صدارتها انفراد امللكية املغربية بكونها من �أعرق امللكيات
يف العامل .فقد ظلت ،على مر الع�صور� ،ضامنة لوحدة الأمة ،وجم�سدة للتالحم بكافة
فئات ال�شعب ،والوقوف امليداين على �أحواله ،يف كل املناطق .كما �أن املغرب يتميز بر�صيده
التاريخي الأ�صيل ،وتطوره الع�صري امل�شهود ،يف انتهاج الالمركزية الوا�سعة .لذا ،يجدر
باللجنة العمل على �إبداع منظومة وطنية متميزة للجهوية؛ بعيدا عن اللجوء للتقليد احلريف،
�أو اال�ستن�ساخ ال�شكلي للتجارب الأجنبية .غايتنا املثلى الت�أ�سي�س لنموذج رائد يف اجلهوية
بالن�سبة للدول النامية ،وتر�سيخ املكانة اخلا�صة لبالدنا ،كمرجع يحتذى ،يف اتخاذ مواقف
وطنية مقدامة ،و�إيجاد �أجوبة مغربية خالقة ،للق�ضايا املغربية الكربى� : ...إننا نتوخى
من هذا الور�ش امل�ؤ�س�س بلوغ �أهداف جوهرية .ويف مقدمتها �إيجاد جهات قائمة الذات،
وقابلة لال�ستمرار ،من خالل بلورة معايري عقالنية وواقعية ،ملنظومة جهوية جديدة.
وي�أتي يف املقام الثاين ،انبثاق جمال�س دميقراطية ،لها من ال�صالحيات واملوارد ،ما
ميكنها من النهو�ض بالتنمية اجلهوية املندجمة .فجهات مغرب احلكامة الرتابية اجليدة،
ال نريدها جهازا �صوريا �أو بريوقراطيا؛ و�إمنا جمال�س متثيلية للنخب امل�ؤهلة ،حل�سن تدبري
37
�ش�ؤون مناطقها”.
- 2منطلقات الت�أ�سي�س جلهوية الرتبية والتكوين باملغرب
�إذا كان املغرب قد عرف التدبري الإقليمي لق�ضايا الرتبية والتكوين عرب ما تقوم
به النيابات الإقليمية لوزارة الرتبية الوطنية منذ بداية اال�ستقالل ف�إن التدبري اجلهوي
لبع�ض اخت�صا�صات هذه الوزارة مل ير النور ب�شكل فعلى �إال يف بداية الألفية الثالثة(.)2000
وجتلى ر�سميا هذا التوجه فيما جاء يف امليثاق الوطني للرتبية والتكوين الذي ن�ص ب�شكل
وا�ضح على �إحداث �شبكة من امل�ؤ�س�سات اجلهوية لهذا الغر�ض ،تتمتع بال�شخ�صية املعنوية
-37اخلطاب امللكي ال�سامي الذي �ألقاه جاللته يوم الأحد 3يناير 2010مبنا�سبة تن�صيب اللجنة اال�ست�شارية
للجهوية.
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
49 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
واال�ستقالل الإداري واملايل� ،سميت ب“الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين” .وجاء
هذا الإقرار لتج�سيد الالمركزية والالمتركز يف جمال الرتبية والتكوين .وهو ما ي�شكل
خطوة هامة يف جمال تدبري ق�ضايا الرتبية والتكوين على امل�ستوى اجلهوي.
ويف هذا الإطار ،ن�ص امليثاق الوطني للرتبية والتكوين يف دعامته اخلام�سة ع�شرة،
املتعلقة ب�إقرار الالمركزية والالمتركز يف قطاع الرتبية والتكوين ،على ما يلي:
«حيث �إن املغرب ،مبقت�ضى الد�ستور والقوانني املنظمة للجهات وللجماعات املحلية ،
ينهج �سيا�سة الالمركزية والالمتركز الإداريني :واعتبارا ل�ضرورة مالءمة الرتبية والتكوين
للحاجات والظروف اجلهوية واملحلية ؛ ومن �أجل الت�سهيل والرت�شيد والت�سريع مل�ساطر
تدبري العدد املتزايد من التجهيزات الأ�سا�سية ،والعدد املتعاظم للمتعلمني وامل�ؤطرين يف
قطاع الرتبية والتكوين.
و�سعيا لتي�سري ال�شراكة والتعاون امليداين مع كل الأطراف الفاعلة يف القطاع �أو املعنية
به ،من حيث التخطيط والتدبري والتقومي.
وحر�صا على �ضرورة �إطالق املبادرات البناءة ،و�ضبط امل�س�ؤوليات يف جميع �أرجاء
البالد حلل امل�شكالت العملية للقطاع يف عني املكان ,ب�أقرب ما ميكن من امل�ؤ�س�سات
التعليمية والتكوينية ,والنهو�ض بها ب�صفة �شاملة وعلى النحو املق�صود بالإ�صالحات
املت�ضمنة يف امليثاق.
تقوم �سلطات الرتبية والتكوين بتن�سيق مع ال�سلطات الأخرى املخت�صة ،بت�سريع بلورة
نهج الالمركزية والالمتركز يف هذا القطاع ،باعتباره اختيارا حا�سما وا�سرتاتيجيا,
وم�س�ؤولية عاجلة.
حتدث هيئات متخ�ص�صة يف التخطيط والتدبري واملراقبة يف جمال الرتبية والتكوين،
على م�ستوى اجلهة والإقليم و�شبكات الرتبية والتكوين امل�شار �إليها يف املادتني 41و 42من
امليثاق ،وكذا على �صعيد كل م�ؤ�س�سة ،بغية �إعطاء الالمركزية والالمتركز �أق�صى الأبعاد
املمكنة ،وذلك عن طريق نقل االخت�صا�صات وو�سائل العمل ب�صفة تدريجية حثيثة وحازمة،
من الإدارات املركزية �إىل امل�ستويات املذكورة �أعاله» .38
وهكذا فم�ضمون امليثاق الوطني للرتبية والتكوين ي�ؤ�س�س لإر�ساء دعائم اجلهوية يف
جمال الرتبية والتكوين وفق مايلي:
- 38اململكة املغربية ،اللجنة اخلا�صة بالرتبية والتكوين ،امليثاق الوطني للرتبية والتكوين ،الدعامة اخلام�سة
ع�شرة� .إقرار الالمركزية والالمتركز يف قطاع الرتبية والتكوين �سنة � 1999ص.33 :
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
يف �أفق اجلهوية املو�سعة
50
•التقلي�ص من االخت�صا�صات الت�سيريية والتدبريية للإدارة املركزية داخل املنظومة
الرتبوية ؛
•�إعادة هيكلة نظام الأكادمييات وتو�سيع �صالحياتها ،لت�صبح �سلطة جهوية للرتبية
والتكوين الممركزة تتمتع بال�شخ�صية املعنوية واال�ستقالل الإداري واملايل ؛
•تعزيز امل�صالح الإقليمية املكلفة بالرتبية والتكوين من حيث �ضبط االخت�صا�صات
وجعلها تندرج يف �إطار الهيكلة اجلهوية ؛
•�إحداث جمال�س التدبري على م�ستوى امل�ؤ�س�سات التعليمية ،مل�ؤازرة هيئة الإدارة
الرتبوية ،باعتبارها الأداة املج�سدة لالمركزية والالمتركز ؛
•حت�سني التدبري العام لنظام الرتبية والتكوين ،ق�صد تر�شيد وتوحيد املبادرات
واملخططات وحتقيق �شفافية امليزانية املر�صودة ،وكذا تقلي�ص تكاليف الت�سيري
الإداري ،ف�ضال عن عقلنة تدبري املوارد الب�شرية ؛
•�إحداث هيئات متخ�ص�صة يف التخطيط والتدبري واملراقبة يف جمال الرتبية والتكوين
على امل�ستوى اجلهوي والإقليمي واملحلي.
- 3الأكادمييات :ال�سلطة الرتبوية اجلهوية لتدبري ق�ضايا الرتبية والتكوين
ميكن اعتبار خلق نظام الأكادمييات مبثابة جت�سيد التفكري الفعلى للتدبري اجلهوي
ل�ش�ؤون الرتبية والتكوين باملغرب .فهذا الإجراء لي�س عمال ب�سيطا يف ثقافة الت�سيري يف
املغرب .بل ميكن اعتباره خطوة �أ�سا�سية لإقرار الالمركزية والالمتركز يف كيفية تدبري
وت�سيري جمال الرتبية والتكوين.
وجتدر الإ�شارة �إىل �أن الالمركزية تقت�ضي نقل االخت�صا�صات التي كانت جمتمعة
يف املركز� ،أي يف وزارة الرتبية الوطنية� ،إىل الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين التي
يفرت�ض فيها �أن تتمتع بجميع ال�صالحيات لتدبري ق�ضايا التعليم يف اجلهة الرتابية التي
تتواجد فيها وذلك عرب �شبكة النيابات وخمتلف امل�ؤ�س�سات التابعة لها ،وكذا مب�شاركة
هيئات منتخبة وفق الن�صو�ص املنظمة للأكادمييات ووفق ما جاء يف امليثاق الوطني للرتبية
والتكوين� .أما الالمتركز فهو يتج�سد يف تفوي�ض ال�سلط من املركز �إىل الأكادمييات
التي بدورها تقوم بنف�س ال�شيء بالن�سبة للنيابات التعليمية وخمتلف امل�ؤ�س�سات التابعة
لهذه الأخرية وذلك وفق الن�صو�ص الت�شريعية والتنظيمية ال�صادرة يف هذا ال�ش�أن .ويف
هذا ال�سياق فالأكادمييات ،ح�سب الظهري املنظم لها ،م�ؤ�س�سات عمومية م�ستقلة تتمتع
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
51 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
بال�شخ�صية املعنوية واال�ستقالل املايل .هذه الو�ضعية القانونية ووفق ثقافة الالمركزية
والالمتركز جتعل �أكادمييات الرتبية والتكوين م�س�ؤولة عن ال�ش�أن الرتبوي يف اجلهة
التي تتواجد بها .فهي م�س�ؤولة عن �إعداد وحت�ضري و�إجناز وتتبع وتقومي خمطط عملها
ال�سنوي ،وم�س�ؤولة عن تنفيذ ال�سيا�سة الرتبوية والتكوينية واالختيارات والتوجهات الكربى
والأولويات والأهداف العامة واخلا�صة التي و�ضعتها ال�سلطة الو�صية املتمثلة يف وزارة
الرتبية الوطنية.
وحتى نتعرف �أكرث على هذه امل�ؤ�س�سات نقدم فيما يلي القانون املحدث لها واملعروف
ب «قانون رقم 07.00املتعلق ب�إحداث الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين» .ويت�ألف هذا
القانون من عدة مواد وهي على ال�شكل التايل:
الباب الأول :الإحداث واملهام واالخت�صا�صات
-املادة :1حتدث يف كل جهة من جهات اململكة م�ؤ�س�سة عمومية تتمتع بال�شخ�صية
املعنوية واال�ستقالل املايل تدعى« : الأكادميية اجلهوية للرتبية والتكوين» .تخ�ضع هذه
الأكادميية « لو�صاية الدولة ،ويكون الغر�ض من هذه الو�صاية �ضمان تقيد �أجهزتها
املخت�صة ب�أحكام هذا القانون خ�صو�صا ما يتعلق باملهام امل�سندة �إليها ،واحلر�ص بوجه عام
على تطبييق الن�صو�ص الت�شريعية والتنظيمية املتعلقة بامل�ؤ�س�سات العمومية .وتهدف هذه
الو�صاية كذلك �إىل ال�سهر على احرتام الأكادمييات لتطبيق الن�صو�ص املتعلقة مب�ؤ�س�سات
الرتبية والتكوين والنظام املدر�سي ،وكذا �شروط التعيني يف مهام الإدارة الرتبوية .ومتار�س
هذه الو�صاية من لدن ال�سلطة احلكومية املخت�صة طبقا للظهري ال�شريف املتعلق بتعيني
�أع�ضاء احلكومة والن�صو�ص املتخذة لتطبيقه .كما تخ�ضع الأكادمييات للمراقبة املالية
للدولة املطبقة على امل�ؤ�س�سات العمومية وفقا للن�صو�ص الت�شريعية اجلاري بها العمل.
-املادة :2تناط بالأكادميية يف حدود دائرة نفوذها الرتابي ،ويف �إطار االخت�صا�صات
امل�سندة �إليها ،مهمة تنفيذ ال�سيا�سة الرتبوية والتكوينية ،مع مراعاة الأولويات و الأهداف
الوطنية املحددة من لدن ال�سلطة احلكومية الو�صية .ولهذا الغر�ض ،ت�ضطلع الأكادميية
باملهام التالية:
� -1إعداد خمطط تنموي للأكادميية ي�شمل جمموعة من التدابري والعمليات ذات
الأولوية يف جمال التمدر�س طبقا للتوجهات و الأهداف الوطنية ،مع �إدماج اخل�صو�صيات
واملعطيات االجتماعية واالقت�صادية والثقافية اجلهوية يف الربامج الرتبوية مبا يف ذلك
الأمازيغية؛
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
يف �أفق اجلهوية املو�سعة
52
-2و�ضع اخلرائط الرتبوية التوقعية على م�ستوى اجلهة بتن�سيق مع اجلهات املعنية
وبالت�شاور مع اجلماعات املحلية واملندوبيات اجلهوية للتكوين املهني .ولهذا الغر�ض تقوم
املندوبيات ب�إخبار الأكادمييات برباجمها يف جمال التكوين املهني؛
-3ال�سهر على �إعداد اخلريطة املدر�سية اجلهوية وتكوين �شبكات م�ؤ�س�سات الرتبية
والتكوين املهني يف اجلهة ،وذلك بتن�سيق مع املندوبية اجلهوية للتكوين املهني ؛
-4امل�ساهمة يف حتديد حاجيات ال�شباب يف جمال التكوين املهني �أخذا يف االعتبار
اخل�صو�صيات االقت�صادية اجلهوية ،واقرتاحها على املندوبية اجلهوية للتكوين املهني؛
-5و�ضع وتطوير التكوينات التقنية الأ�سا�سية ذات الأهداف املهنية اخلا�ضعة للنظام
املدر�سي وكذا التكوين املهني بالتمر�س �أو بالتناوب الذي تقوم به الإعداديات والثانويات؛
-6و�ضع برنامج توقعي متعدد ال�سنوات لال�ستثمارات املتعلقة مب�ؤ�س�سات التعليم
والتكوين ،وذلك على �أ�سا�س اخلريطة الرتبوية التوقعية ؛
-7حتديد العمليات ال�سنوية للبناء والتو�سع والإ�صالحات الكربى والتجهيز املتعلقة
مب�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين؛
� -8إجناز م�شاريع البناء والتو�سع والإ�صالحات الكربى والتجهيز مب�ؤ�س�سات الرتبية
والتكوين والقيام بتتبعها ،مع �إمكانية تفوي�ض �إجنازها عند االقت�ضاء �إىل هيئات �أخرى
يف �إطار اتفاقيات ؛
-9القيام يف عني املكان مبراقبة حاالت كل م�ؤ�س�سات الرتبية والتكوين وجودة �صيانتها
ومدى توفرها على و�سائل العمل ال�ضرورية .ولهذا الغر�ض ،يتعني عليها �أن تتدخل على
الفور لتدارك كل اختالل يعوق ح�سن �سري امل�ؤ�س�سات املذكورة وجتهيزاتها �أو يلحق �ضررا
مبحيطها �أو جماليتها �أو مناخها الرتبوي؛
-10ممار�سة االخت�صا�صات املفو�ضة �إليها من لدن ال�سلطة احلكومية الو�صية يف
جمال تدبري املوارد الب�شرية؛
-11الإ�شراف على البحث الرتبوي على امل�ستوى الإقليمي واملحلي وعلى االمتحانات
وتقييم العمليات التعليمية على م�ستوى اجلهة ومراقبة هذه العمليات على امل�ستوى
الإقليمي واملحلى والعمل على تطور الرتبية البدنية والريا�ضة املدر�سية بتن�سيق مع امل�صالح
املخت�صة؛
- 39القانون رقم 00.07املتعلق ب�إحداث الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين ،ال�صادر باجلريدة الر�سمية،
عدد ،4798بتاريخ 25ماي .2000
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
يف �أفق اجلهوية املو�سعة
56
هل �أدت الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين ما كان منتظرا منها ،وفق م�ضامني
القانون امل�ؤ�س�س لها ،لتحقيق الالمركزية يف تدبري ق�ضايا ال�ش�أن الرتبوي والتعليمي،
باعتبارها منوذجا حيا يف الالمركزية والالمتركز؟ وهل هي امل�س�ؤولة ،كل واحدة يف
اجلهة التي تتواجد بها ،عن تردي احلالة التي تعي�شها املدر�سة املغربية؟
�إذن فح�سب القانون ال�سالف الذكر فقد مت تفوي�ض عدة اخت�صا�صات مركزية �إىل
الأكادمييات اجلهوية وذلك من �أجل:
-تب�سيط امل�ساطري الإدارية؛
-فتح املجال �أمام املبادرة اجلهوية؛
-التخفيف من البريوقرطية الإدارية؛
-النجاعة يف اتخاد القرارات ويف تفعيلها؛
-اعتماد الدميوقراطية وال�شفافية يف تدبري وت�سيري خمتلف ق�ضايا الرتبية والتكوين
يف اجلهة.
والآن وبعد التجربة الفعلية لأكادمييات الرتبية والتكوين التي دامت منذ ن�ش�أتها �إىل
حد الآن ( )2014ويف �إطار البحث عن االختالالت التي تعاين منها املنظومة التعليمية
ببالدنا فقد حان الوقت مل�ساءلة هذه التجربة باعتماد الن�صو�ص الت�شريعية املنظمة لها
من جهة ،ومن جهة �أخرى ،باعتماد الإجنازات الفعلية لهذه امل�ؤ�س�سات .ويف هذا ال�سياق
ميكن طرح الأ�سئلة البديهية التالية:
•هل فعال مت نقل خمتلف االخت�صا�صات �إىل �أكادمييات الرتبية والتكوين وفق
مفهومي الالمركزية والالمتركز كما مت التن�صي�ص عليه يف امليثاق الوطني للرتبية
والتكوين �أم �أن البريوقراطية املركزية املثمثلة يف تدخالت وزارة الرتبية الوطنية
الزالت قائمة بال�شكل الذي كانت عليه قبل �إحداث هذه امل�ؤ�س�سات؟
•هل هذه الأكادمييات متار�س فعال اخت�صا�صاتها وفق الن�صو�ص الت�شريعية املنظمة
لها؟
•ما هي حدود الوزارة يف ت�سيري ال�ش�أن التعليمي باجلهة؟
•ما هي املعيقات التي حتول دون حتقيق الأكادمييات لأهدافها؟
ففي وثيقة �صادرة عن مديرية ال�ش�ؤون القانونية واملنازعات بوزارة الرتبية الوطنية
- 40وزارة الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي ،قطاع الرتبية الوطنية ،مديرية
ال�ش�ؤون القانونية واملنازعات ،جتربة الالمركزية والالمتركز بقطاع الرتبية الوطنية ،ماي . 2007
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
يف �أفق اجلهوية املو�سعة
58
وكذلك و�ضع اخلرائط الرتبوية التوقعية على م�ستوى اجلهة مع حتديد حاجيات ال�شباب يف
جمال التكوين املهني ،وو�ضع وتطوير التكوينات التقنية الأ�سا�سية ذات الأهداف املهنية.
كما �أن القانون �أعطى كذلك احلق للمجال�س الإدارية للأكادمييات ،ب�إجناز م�شاريع البناء
والتو�سيع والإ�صالح والتجهيز ،ومراقبة حاالت امل�ؤ�س�سات ،وجودة التكوين ،وتوفري و�سائل
العمل ،وتدبري املوارد الب�شرية ،والإ�شراف على البحث الرتبوي ،والقيام مببادرات ال�شراكة.
اليوم يطرح املتتبعون ال�س�ؤال ،هل �أجنزت كل الأكادمييات اجلهوية ما ظل م�سطرا لها� ،أم �أن
تعرث الكثري من �أ�شغالها وملفاتها ،هو الذي ت�سبب اليوم فيما �آل �إليه و�ضع املدر�سة املغربية؟
فحينما راهن امليثاق الوطني للرتبية والتكوين على جتربة الأكادمييات ،اعتقد �أن الكثري
من امللفات �سيتم حلها جهويا ،بالنظر خل�صو�صيتها� ،سواء تعلق الأمر بق�ضايا ذات بعد
تعليمي� ،أو ذات بعد تربوي .غري �أن الرهان مل يتحقق بنف�س احلما�س ،وال بحجم الإمكانات
التي ر�صدت للتجربة .عيب على بع�ض الأكادمييات اجلهوية �أنها ف�شلت يف تفعيل عدد من
ال�سلط التي منحها القانون .ومن ذلك ح�سن تدبري ماليتها ب�شفافية .لذلك ك�شفت بع�ض
التقارير ،ومنها تقارير املجل�س الأعلى للح�سابات ،عن وجود جتاوزات مالية همت على
اخل�صو�ص تلك الأموال التي ر�صدها املخطط اال�ستعجايل لكل الأكادمييات ،خ�صو�صا
و�أن ملف البنايات و�ضع رهن �إ�شارتها ،قبل �أن يظهر عجزها يف تدبري امللف ،ويفوت تلك
الفر�صة على عدد من اجلهات لإحداث م�ؤ�س�سات تعليمية كانت يف �أم�س احلاجة �إليها.
لقد وجدت جل الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين نف�سها �أنها ال تتوفر على
امل�ؤهالت الب�شرية القادرة على تدبري ال�شق املايل .كما وجدت �أن تتبع ملف البناءات
والتجهيزات ،لي�س من �صميم اخت�صا�صها بالنظر �إىل �أن جل مواردها الب�شرية
ال تتوفر �إال على م�ؤهالت يف الرتبية والتعليم ولي�س يف الهند�سة �أو تتبع الأ�شغال.
لذلك ارتكبت الكثري من الأخطاء ،و�سجل املخطط اال�ستعجايل تعرثا كبريا يف ملف
البنايات وهي بيد الأكادمييات اجلهوية .غري �أنه حينما نطرح ال�س�ؤال عن الأ�سباب
اجلوهرية لتعرث ال�سري العادي لبع�ض الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين ،ال بد
�أن نتوقف مليا عند مكونات هذه امل�ؤ�س�سات ،التي راهنت عليها املدر�سة املغربية.
يكاد يجمع جل املتتبعني �أن تركيبة املجل�س الإداري للأكادميية� ،صورية و�شكلية بالنظر
�إىل �أنها ت�ضم ممثلني منتخبني .لكن الأغلبية ال�ساحقة من هذه الرتكيبة ،معينة.
لذلك بد�أ احلديث عن �ضرورة جتريب �صيغة االنتخاب يف كل مكونات املجل�س الإداري
للأكادميية لكي تعطي النتائج املرجوة منها .وهي املكونات التي ميكن �أن تنتخب رئي�سا
يتوفر على كل ال�سلط ،مبا فيها �سلطة الآمر بال�صرف بعيدا عن �سلطة الإدارة املركزية.
� - 41أحمد ام�شكح ،كيف �ساهم و�ضع الأكادمييات اجلهوية يف تردي املدر�سة املغربية ،جريدة امل�ساء ،العدد
� 2247سنة .2013
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
يف �أفق اجلهوية املو�سعة
60
ب -على امل�ستوى التدبريي:
�إن �أهم ما ميكن �إثارته يف هذا ال�صدد ،هو مدى ا�ستيعاب الهيكلة املركزية احلالية
للوظائف والأدوار اجلديدة ،املرتكزة �أ�سا�سا على الت�صور واملراقبة واالفتحا�ص والتقومي،
ومدى ان�سجام املهام املنوطة بالبنيات املكونة لهذه الهيكلة ،حيث يربز نوع من التداخل
يف االخت�صا�صات ،وهذا ما يف�سر اللجوء �إىل �إحداث وحداث �إدارية م�ستقلة (املركز
الوطني لالمتحانات ،الوحدة املركزية لتكوين الأطر ،)...يف حماولة لتجاوز هذا الت�شعب
والتداخل.
�أما على امل�ستوى اجلهوي ،ف�إن ان�شغال الأكادمييات بالتدبري اليومي ،يحول يف كثري
من الأحيان دون التفرغ لإجناز مهام التخطيط التي تقت�ضي ،بالإ�ضافة �إىل باقي املهام،
تو�صيفا وت�صنيفا دقيقا .وقد يعزى ذلك �إىل �صعوبة تدبري املوارد الب�شرية على هذا
امل�ستوى ،يف و�ضع يت�سم بعدم التوازن بني احلاجيات واملتطلبات والإكراهات املرتبطة
بنذرة وم�ؤهالت هذه املوارد.
و�إن �أهم ما ميكن ت�سجيله على امل�ستوى الإقليمي ،يتجلى يف طبيعة العالقة بني
الأكادميية والنيابة ،وبني هذه الأخرية وامل�صلحة املركزية يف املجال التدبريي.
�أما على امل�ستوى املحلي ،فيمكن �إثارة م�س�ألة التباين يف م�ستوى انخراط الفاعلني يف
خمتلف جمال�س امل�ؤ�س�سات التعليمية ،وال�سيما جمال�س التدبري ،التي تعترب بنية حمورية
�ضمن �آليات الت�أطري والتدبري الرتبوي والإداري.
و�إذا كان �إ�صالح املنظومة الرتبوية يراهن على انخراط كافة مكونات املجتمع ،ف�إن
ال�شراكة باعتبارها �آلية �أ�سا�سية يف هذا املجال ،الزالت ال ترقى �إىل تغطية كافة املجاالت
والت�شمل كافة املتدخلني والفاعلني ،وخا�صة اجلماعات املحلية. 42
يت�ضح من خالل ما تقدم �أن جتربة �إحداث الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين
واالرتقاء بها �إىل م�ستوى م�ؤ�س�سات عمومية ،متار�س اخت�صا�صات وا�سعة يف خمتلف
املجاالت الرتبوية والتكوينية ،مل ترق بعد �إىل امل�ستوى املطلوب وفق ما هو من�صو�ص عليه
يف امليثاق الوطني للرتبية والتكوين .فهذه امل�ؤ�س�سات حققت فعال تراكمات مهمة خالل
عملها الذي دام الآن ما يقرب من خم�سة ع�شر �سنة �إال �أنها يف حاجة �إىل:
- 42حممد ال�صديقي ،املناظرة الثالثة ملركز الدرا�سات والأبحاث يف منظومة الرتبية والتكوين ،املنعقدة يومي
11و 12ماي 2013بتزنيت يف مو�ضوع «�إ�صالح منظومة الرتبية والتكوين� :أية جهوية تربوية يف ظل اجلهوية
املتقدمة».
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
61 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
•قراءة نقدية ومو�ضوعية من طرف خمت�صني لهذه التجربة؛
•تو�ضيح العالقة بني الأكادمييات والوزارة الو�صية يف �ضوء اجلهوية املو�سعة؛
•اعتماد الكفاءة العلمية واملهنية يف اختياراملكلفني مبهام الت�سيري؛
•تعبئة كل الفعاليات وخمتلف املتدخلني جهويا وحمليا بغية تدعيم امل�شاريع
املربجمة؛
•اعتماد احلكامة اجليدة ك�أداة لبلوغ الأهداف الآنية وامل�ستقبلية التي حددها امليثاق
الوطني للرتبية والتكوين وما يفر�ضه التوجه نحو اجلهوية املو�سعة؛
•التو�ضيح املعقلن والدقيق للم�س�ؤوليات بني الأكادميية اجلهوية وبني م�صاحلها
اخلارجية؛
•الرتجمة العملية لتوجهات الوزارة الو�صية �إىل م�شاريع واقعية قابلة للتنفيذ؛
•االنفتاح على املحيط مبختلف مكوناته :منتخبني ،جمعيات ،مقاوالت� ،أحزاب؛
نقابات؛...
•العناية باملوارد الب�شرية يف خمتلف املجاالت والتي بدون انخراطها يف م�شروع
الأكادميية الميكن لهذه الأخرية �أن حتقق �أهدافها.
- 4امليثاق الوطني للرتبية والتكوين ي�ؤ�س�س للجهوية الرتبوية
�شكل امليثاق الوطني للرتبية والتكوين ،الذي متت امل�صادقة على وثيقته املرجعية
�سنة ،1999فر�صة �أ�سا�سية لإ�صالح �شامل ملنظومتنا التعليمية من �أجل ولوج عامل املعرفة
واالنخراط بوعي يف م�ستجدات الألفية الثالثة املت�سمة بالتناف�سية واجلودة .وقد حظيت
هذه الوثيقة بتوافق جميع مكونات املجتمع املغربي مما اعترب يف حينه م�ؤ�شرا �أ�سا�سيا
ل�ضمان جناح الإ�صالح املرتقب بعد تعرث جمموعة من املحاوالت ال�سابقة .
وميكن القول �إن امليثاق الوطني للرتبية والتكوين جاء ،من جهة ،لإخراج منظومة
التعليم من امل�أزق الذي و�صلت �إليه ومن جهة �أخرى لتحديث هذه املنظومة وجعلها ت�ساير
التحوالت التى يعرفها املغرب يف بداية الألفية الثالثة وكذا تلك التي يعرفها العامل بفعل
تو�سع وازدياد حتديات العوملة .لذا فوثيقة امليثاق الوطني للرتبية والتكوين التي الزالت
حتافظ على راهنيتها يف كثري من حمتوياتها ملا الم�سته من ق�ضايا ميكن �أن ت�شكل وثيقة
مرجعية ومدخال لإ�صالحات جوهرية لنظامنا التعليمي.
� - 46أحمد املهدي عبد احلليم� ،أ�شتات جمتمعات يف الرتبية والتنمية ،دار الفكر العربي ،القاهرة.2003 ،
�ص174:
وقد تطور مفهوم املناهج يف كليات علوم الرتبية هناك ،بل �أ�صبحت « املناهج» علما
يدر�س داخل هذه الكليات ومبحثا لنيل ال�شواهد العليا .وظهرت اختالفات يف مقاربة مفهوم
املنهاج مما �أدى �إىل ظهور ت�صورات عديدة له خا�صة يف اجلامعات واملعاهد الأمريكية ثم
فيما بعد الربيطانية والكندية .ويف هذا ال�سياق نقدم بع�ضها باعتبارها حماوالت لتف�سري
مفهوم املنهاج �إجرائيا:
•منوذج رالف تايلر: R .Tyler
عر�ض منوذجه يف �أول م�ؤمتر للمناهج عقد يف جامعة «�شيكاغو» �سنة .1947وظهر
فيما بعد على �شكل كتاب .ويف هذا ال�سياق يرى تايلر �أن املنهاج يتكون من �أربع خطوات
متتالية وباعتماد معايري وا�ضحة هي:
-حتديد الأهداف املتوخاة من تعليم املنهاج بعد ا�شتقاقها من م�صادر متعددة.
-اختيار اخلربات التعليمية.
-تنظيم هذه اخلربات حول مراكز وفقا ملبادئ منا�سبة للمادة الدرا�سية وللمتعلم.
-تقييم مدى حتقق الأهداف.48
•منوذج جوزيف �شواب Schwab Joseph
يتميز منوذج �شواب بكونه �أكرث و�ضوحا و�إجرائيا مما جعله النموذج الأكرث تداوال
بني املهتمني بالفكر الرتبوي .وقد قدمه �صاحبه �سنة 1969يف �إحدى املجالت التعليمية
الأمريكية « .» review Schoolويرى �شواب �أن هذا النموذج يت�ألف من عنا�صر �أ�سا�سية وهي
كالتايل:
-املواد الدرا�سية؛
-املدر�سون ؛
� - 47أحمد املهدي عبد احلليم ،نف�س املرجع.
- 48جابر عبد احلميد جابر و�أحمد خريي كا�ضم �أ�سا�سيات املناهج .دار النه�ضة العربية .القاهرة.1995 ،
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
يف �أفق اجلهوية املو�سعة
70
-الطالب ؛
-البيئة التعليمية.
ويف هذا ال�سياق اعترب �شواب �أن البيئة التعليمية هي التي تتحكم يف املنهاج برمته.
فجودة التعلمات والتحكم يف الكفايات كلها �أمور مرهونة بطبيعة البيئة التعليمية .ويف هذا
ال�سياق �أورد الكاتب �أمثلة وا�ضحة عن الآثار املتبادلة بني عنا�صر النموذج « .فهو يرى �أن
تغيري املادة الدرا�سية يجب �أن ي�صحبه �إعداد للمعلمني �أوتدريبهم يف �أثناء اخلدمة ،ويجب
�أن ترتبط املواد وبرامج �إعداد املدر�س �أو تدريبه يف �أثناء اخلدمة بخ�صائ�ص الطالب
49
واحتياجاتهم».
•منوذج �إزنري وفالن�س Vallance & Eisner
هذا النموذج له خ�صو�صياته اخلا�صة فهو الذي مت اعتماده – ح�سب �أحمد املهدي
عبد احلليم – من طرف اجلمعية الوطنية لدرا�سة الرتبية يف �أمريكا « .»NSSEوهذا
النموذج عبارة عن جمموعة من االعتبارات التي يجب اعتمادها يف �صنع �أو حت�سني
الأو�ضاع الراهنة للمنهاج .وهي كالتايل:
�-أن العناية الرئي�سية للمدر�سة يجب �أن تتوجه �إىل تنمية العمليات العقلية عند
املتعلمني ،وذلك عن طريق تزويدهم باملهارات العقلية التي جتعلهم �أكرث قدرة على مواجهة
م�شكالت احلياة ،و�أكرث �سيطرة على امل�صادر املادية يف البيئة التي تكتنفهم.
-العمل الرئي�سي للمدر�سة هو �أن تي�سر ملن يرتادونها حتقيق ذواتهم ،و�أن ت�ساعدهم
على التحرر من كل ما يعوق الإجنازات التي ت�ساير ما لديهم من قوى عقلية ووجدانية
و�سلوكية.
-املدر�سة يجب �أن ت�ستغل بطريقة مق�صودة يف �إحداث التغري االجتماعي يف املجتمع
الذي تخدمه .وال�سبيل �إىل هذا هو �أن يرتبط منهاج الدرا�سة ارتباطا وثيقا بامل�شكالت
االجتماعية واالقت�صادية والثقافية يف املجتمع ،ب�صورة من �ش�أنها �أن يزداد وعي املتعلمني
بهذه امل�شكالت وباحللول التي تق�ضي عليها� ،أو تخفف من حدتها.
-املهمة الرئي�سية للمدر�سة هي نقل الرثاث الثقايف للأجيال النا�شئة.
2001( -و : )2002بلورة منهجية �إعداد املناهج اجلهوية واملحلية ،وذلك من خالل
درا�سات نظرية وجتارب ميدانية �أجنزت يف موقع جتريبي ب�أكادميية مراك�ش ،تان�سيقت،
احلوز.
: )2003( -جتريب �صالحية املنهاجية يف مواقع جتريبية (احلوز ،ال�صويرة،)..
والت�أكد من فاعليتها ومالءمتها للغر�ض املق�صود ،و�إدخال تعديالت لتطويرها وحت�سينها.
كما �أن هذه املرحلة كانت منا�سبة لإعداد العدة البيداغوجية اخلا�صة بطرق التنفيذ
و�أ�ساليب التدري�س.
� :)2003( -إ�صدار دليل منهجية �إعداد املناهج اجلهوية واملحلية ،وهو وثيقة وا�صفة
لأهداف امل�شروع ،وخطواته املنهجية.
:)2004( -توظيف املنهجية على م�ستوى �أربع �أكادمييات (مراك�ش تان�سيفت احلوز،
و�سو�س ما�سة درعة ،وطنجة تطوان ،واحل�سيمة)؛ مما مكن من �إنتاج مناذج للمناهج
اجلهوية تت�ضمن و�صفا للكفايات املراد تطويرها لدى املتعلمني للتفاعل مع خ�صو�صيات
اجلهة ،وعر�ضا للم�صوغات التي ميكن تنفيذها يف و�ضعيات تربوية متمف�صلة مع
املناهج الوطنية.
� :)2004( -إنتاج مرجعية للكفايات املمكن تفعيلها على م�ستوى كل جهة ،وهي مبثابة
بنك للمعطيات اجلهوية واملحلية التي ميكن لكل �أكادميية �أن تنطلق منها لتحديد الكفايات
اخلا�صة بها .كما ميكن �أن تتغري بح�سب خ�صو�صيات كل جهة �أوالتغريات التي تطر�أ
على الو�سط.
- 55مت �إجناز هذه امل�شاريع والأعمال بدعم من منظمة اليوني�سيف ،و�إ�شراف مديرية املناهج ،والأكادمييات
امل�ساهمة ،مع �إ�شراك متدخلني من قطاعات ال�صحة والثقافة والفالحة والريا�ضة وغريها ،وجمعيات من املجتمع
املدين ...وبت�أطري اخلبريين :عبد اللطيف فاربي وحل�سن مادي.
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
79 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
ومن �أجل تعميم التجربة على كافة �أكادمييات اململكة ،ومتكينها من �آليات العمل
الرتبوي على م�ستوى املناهج اجلهوية واملحلية ،ف�إن مديرية املناهج قد و�ضعت خطة
جديدة ت�سعى �إىل ا�ستثمار الأعمال املنجزة وتطويرها بتن�سيق مع الأكادميات امل�ستهدفة؛
وذلك بهدف تكوين فرق جهوية تكون قادرة على تطبيق منهجية �إعداد املناهج اجلهوية
واملحلية ،وال�سهر على ت�أطري وتتبع عمليات بنائها لغاية التو�صل �إىل �إنتاج مناذج من
املنهاج تكون خا�صة بكل جهة .و�ستمكن هذه العمليات من حتقيق مقا�صد �أ�سا�سية ،منها:
•تفعيل مبد�أ اجلهوية والالمتركز على م�ستوى بيداغوجي ا�ستجابة ملتطلبات امليثاق
الوطني للرتبية والتكوين؛
•�إن�شاء مدر�سة منفتحة على حميطها؛
•اال�ستجابة حلاجات الأطفال الكت�شاف حميطهم والتكيف معه؛
•�إ�شراك جميع املتدخلني اجلهويني يف امل�شروع؛
•متكني الأكادميية من التوفر على �أطر متتلك خربة منهجية وعملية يف جمال املناهج
56
اجلهوية؛
•التمكني من انبثاق طاقات تربوية حملية وجهوية يف�سح املجال لها لإجناز �أعمال
لفائدة اجلهة؛
•التمكني من تغذية املنهاج العام مببادرات جمددة تنطلق من مبادرات املمار�سني
حمليا؛
•م�ساعدة الأكادميية على �إعداد بنك املعطيات اخلا�ص باجلهة ،والذي �سي�شكل
مرجعية لبلورة م�شاريع و�أعمال على امل�ستوى اجلهوي.
ولتحقيق هذا امل�شروع نظمت الوزارة بتن�سيق مع الأكادمييات امل�ستهدفة وبتعاون مع
منظمة اليون�سيف ،دورات تكوينية لفائدة �أطر هذه الأكادمييات ،وا�ستهدفت هذه الدورات
حتقيق ما يلي :
•معرفة ال�سياق العام الذي تندرج فيه املناهج اجلهوية واملحلية.
•الإملام باملبادئ واخلطوات املنهجية لإعداد املناهج اجلهوية.
- 56وفعال تتوفر جميع الأكادمييات على بنك للمعومات ذات اخل�صو�صيات اجلهوية وعلى جمموعة من اخلرباء
املخت�صني يف �إعداد املناهج والربامج ذات اخل�صو�صيات اجلهوية واملحلية وعلى دليل خا�ص باجلهة يت�ضمن
املنهجية وطرق التنفيذ والتقومي لهذا النوع من املناهج والربامج.
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
يف �أفق اجلهوية املو�سعة
80
•التدرب على �أ�ساليب وتقنيات البحث عن املعطيات اخلا�صة باجلهة .
•بلورة هذه املعطيات يف منهاج جهوي يت�شكل من م�صوغات ت�صف م�شاريع و�أعمال
و�أن�شطة وم�ضامني متمف�صلة مع الربامج الوطنية.
-5الإ�شكالية التي توجه البحث يف املناهج اجلهوية واملحلية
من بني الإ�شكاالت الأ�سا�سية التي تواجه �إعداد املناهج اجلهوية واملحلية مايلي:
•ما الكفايات التي ينبغي �أن يكت�سبها املتعلمون ليتحكموا يف حميطهم وي�ؤثروا فيه؟
•كيف ميكن جعل كفايات الربامج املقررة ( )70%املحددة يف اجلدع امل�شرتك
متناغمة مع الكفايات النوعية ()30%املحددة يف املنهاج اجلهوي واملحلي؟
•ما املعلومات املنا�سبة وال�ضرورية التي �ستدمج يف املناهج اجلهوية واملحلية ؟
•كيف تنظم هذه املعلومات التي �ستدمج وكيف ندجمها يف املناهج الدرا�سية؟
•كيف �سيتم تنفيد املناهج يف �سياق و�ضعيات بيداغوجية فعلية .؟
مرامي املنهاج اجلهوي واملحلي ومبادئ �إعداده
تروم مرامي ومبادئ املناهج اجلهوية واملحلية حتقيق جمموعة من الغايات الرتبوية
التي غالبا ما الت�ستطيع الربامج العامة� ،أي اجلدع امل�شرتك ،بني كافة املتعلمني ،حتقيقها.
وميكن �إجمال هذه الأبعاد الرتبوية اجلديدة على ال�شكل التايل:
�أ -املرامي
•التحكم يف املحيط والت�أثريعليه ومعاجلة م�شكالت من الو�سط ؛
•ا�ستثمار مكت�سبات اجلدع امل�شرتك عن طريق �إعادة توظيفها على م�ستوى الواقع ؛
•اكت�ساب قدرات متكن من اال�ستق�صاء واملالحظة ،واملعاجلة وحل امل�شكالت؛
•دعم التعلمات الأ�سا�سية.
ب -املبادئ
ي�ستلزم حتقيق هذه املرامي بناء ت�صور منفتح على خربات املتعلم وعلى حميطه
االجتماعي والبيئي ،وعلى و�سطه املدر�سي؛ ولذلك ف�إن اال�شتغال على منهجية �إعداد
املناهج اجلهوية واملحلية يتطلب االلتزام باملبادئ التالية:
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
81 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
أ -التن�سيق مع خمتلف الفاعلني واملتدخلني
•م�شاركة الأطراف املعنية يف بناء املنهاج؛
•�إقامة تن�سيق م�ستمر بني كافة الفاعلني واملتدخلني ل�ضمان ح�سن �سري امل�شروع؛
•عقد لقاءات جتمع خمتلف الفاعلني تتم حتت �إ�شراف الأكادمييات؛
•زيارة خمتلف املتدخلني ،ومبا�شرة حوار دائم معهم؛
•االت�صال املبا�شر مع ال�شركاء االجتماعيني ،وبخا�صة اجلمعيات ،واملنظمات غري
احلكومية و�أولياء التالميذ.
ب -التناغم مع مكونات اجلذع امل�شرتك:
-العمل على �إجناز م�شروع مندمج �ضمن ا�سرتاتيجية متكاملة ت�ستجيب ملنهجية عامة
ويتو�صل �إىل نتاجات يطبعها التناغم بالرغم من كونها �صادرة عن فرق عمل خمتلفة؛
-اعتبار التناغم بني اجلدع امل�شرتك ( )70%واملناهج اجلهوية واملحلية ( . )30%
ج -الواقعية من حيث مراعاة الظروف :
-اعتبار الإمكانات املتوفرة على م�ستوى املوارد الب�شرية والإمكانات املادية؛
-التحلي بالواقعية �أثناء بلورة املنهجية.
د -اجلودة يف م�سار الإعداد والتنفيد والتتبع :
-توقع املجازفات ومواطن النق�ص واتخاذ تدابري وقائية؛
� -إعداد �أدوات اجلودة كدفرت التحمالت ،ولوحة القيادة ،والتعاقدات لأجل
ال�شراكة؛
-حتديد معايري �ضبط اجلودة (التقومي واالفتحا�ص )؛
-تكوين املتدخلني املحليني و�إعدادهم ال�ستخدام املنهجية و�أدواتها؛
-متكينهم من امل�ساهمة يف خمتلف مراحل الإجناز (التخطيط ،التنفيذ)...؛
-تنفيذ العمليات من خالل و�ضعيات حقيقية ي�ساهم فيها املعنيون بالأمر؛
-مقاربة املنهاج باعتباره نظاما يتوفر على مداخل وعمليات وخمرجات .
- 57مرجعية الكفايات تعني يف هذه الدرا�سة جمموع الكفايات املتو�صل اليها واملتفق عليها من طرف خمتلف
الفاعلني واملتدخلني �أثناء مراحل البحث عن اخل�صو�صيات اجلهوية واملحلية.
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
85 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
جمال �صحة الطفل وتغذيته :
الكفاية الرقم
-ا�ستعمال الإمكانات الغذائية املحلية من �أجل تغذية �سليمة ومتوازنة. 4
� -إظهار �سلوكات وقائية جتاه الأمرا�ض الناجمة عن العالقة بني الطفل وبيئته الطبيعية
5
واالجتماعية.
-توقع املخاطر الناجمة عن قيام الأطفال ب�أعمال مهنية �أو حرفية حملية ال تنا�سب
6
�سنهم.
جمال البيئة واملحيط الطبيعي :
الكفاية الرقم
-التموقع يف اجلهة ،وتوطني املواقع فيها. 7
-تطبيق حلول مالئمة للبيئة املحيطة (.مثل :ا�ستعمال تقنيات ال�ستخدام املاء يف الو�سط
8
�شبه اجلاف �أو ا�ستعمال تقنيات ملحاربة الت�صحر).
-بلورة م�شروع حلماية املحيط البيئي املبا�شر. 9
معنى الإدماج
هو جتميع املوارد (املعارف ،املهارات ،املواقف )...املتفرقة ،وجعل عالقات منظمة
بينها ،وترتيبها بكيفية مالئمة ،حيث ت�صبح ذات معنى ووظيفية؛ وميكن ا�ستخدامها
بطريقة �ضمنية حلل و�ضعية م�شكلة �أو �إجناز مهمة مركبة.
الإدماج ح�سب املركز العاملي للرتبية بكيبك هو:
«�سريورة يربط من خاللها املتعلم معارف ـ ــه ال�سابقة باملعارف اجلديدة ،فيعيد بالتايل
58
بناء عامله املعريف ،ويطبق املعارف التـ ـ ـ ــي اكت�سبها يف و�ضعيات جديدة ملمو�سة»
فالإدماج يف املجال التعليمي هو :الربط بني مو�ضوعات درا�سية خمتلفة من جمال
معينّ �أو جماالت خمتلفة .ون�شاط الإدماج هو الذي ي�ساعد على �إزالة احلواجز بني املواد،
و�إعادة ا�ستثمار مكت�سبات املتعلم املدر�سية يف و�ضعية ذات معنى ،وهذا ما يدعى ب�إدماج
املكت�سبات �أو الإدماج ال�سياقي.
معنى بيداغوجيا الإدماج
بيداغوجيا الإدماج ،تعني ال�سريورة التي يتم بها الربط املن�سجم بني التعلمات
املكت�سبة من �أجل حل و�ضعية مركبة� .إنها ال�سريورة التي يدمج بها املتعلم معارفه ال�سابقة
مبعارفه اجلديدة ،ويربط بينها ليعيد هيكلة خطاطاته ومتثالته الداخلية ،ويطبق كل ما
اكت�سبه على و�ضعيات جديدة ملمو�سة ودالة .فالإدماج �إذن عملية ربط وتفاعل بني املوارد
تكون مت�صلة مبادة درا�سية ،وت�ستهدف اكت�ساب التعلمات اجلديدة ،فهي و�ضعية
يهيئها املدر�س ب�إتقان ويطرحها على املتعلمني يف بداية الدر�س من �أجل �إ�شراكهم يف
البحث عن تعلمات جديدة وفق الأهداف املحققة للكفاية.
•الو�ضعية امل�شكلة الإدماجيةSituation problème d’intégration :
تكون مت�صلة مبادة درا�سية �أو مبواد درا�سية ت�ستهدف �إدماج التعلمات املكت�سبة.
هدفها الت�أكد من مدى اكت�ساب املتعلم للكفاءة التي ا�شتغل عليها املدر�س من خالل تنفيذ
جمموعة من الدرو�س .فهي بهذا املعنى و�ضعية لتقومي التعلمات املكت�سبة عرب حتقيق عدة
�أهداف تعلمية �أو تكوينية.
مما تق ّدم :
ي�ستخل�ص ّ
�أ ّوال� :إنّ الو�ضعية امل�شكلة هي منوذج لتنظيم التدري�س من خالل :
ق�صة ،غمو�ض ما�...إلخ؛ � -إيقاظ الدافعية والف�ضول عرب ت�سا�ؤلّ ،
-و�ضع املتعلم يف و�ضعية بناء للمعارف؛
يوظف كل متعلم العمليات الذهنية امل�ستوجبة ق�صد التعلم . -هيكلة امله ّمات لكي ّ
ثانيا� :إنّ الو�ضعية امل�شكلة ت�ؤ ّدي :
-وظيفة حتفيزية ،كونها ت�سعى �إىل �إثارة اللغز الذي يو ّلد الرغبة يف املعرفة؛
-وظيفة ديداكتيكية� ،إذ تعمل على �إتاحة الفر�صة للمتعلم متلُّك اللغز؛
-وظيفة تط ّور ّية تتيح لكل متعلم �أن ُيبلور تدريجيا �أ�ساليبه الف ّعالة حلل امل�شكل.
•النموذج البيداغوجي التفاعلي
60 - De Ketele, J.-M. L’approche par compétence : ses fondements. Bruxelles, 2006.
.3 E.P
ème
121
•زيارة املالعب وامليادين ومتابعة املناف�سات املحلية .
•عر�ض �أ�شرطة و�صور عن الأبطال واملناف�سات ومناق�شتها ...
الأن�شطة الرتبوية •يجرد املتعلمون �إمكانات املدينة الريا�ضية ( املالعب ،املركبات ،مراكز التكوين،
النوادي … ) وفنيا (امل�سارح ،املتاحف ،قاعات العرو�ض وال�سينما ،املعاهد الثقافية
…)
•اال�ستماع ل�شهادات �أبطال وجنوم قدماء وممار�سني يف جماالت خمتلفة.
•عرو�ض لذوي االخت�صا�ص وا�ستجوابهم.
•بحوث وتقارير وا�ستق�صاء مع حتليل النتائج واخلروج بخال�صات...
•عقد �شراكات بني امل�ؤ�س�سة التعليمية و�أحد النوادي الريا�ضية �أو �إحدى اجلمعيات
املهتمة بالريا�ضة والرتفيه وتنمية املواهب...
•�إعداد وتنفيذ م�شاريع وبرامج ريا�ضية وترفيهية باملدر�سة...
•تنظيم مقابالت ومناف�سات وحفالت فنية يف هذه املجاالت بني مدار�س اجلهة...
•�أ�شغال يدوية يف جماالت الت�شكيل والعزف والنحت � ...إلخ
•م�شاهدة �أ�شرطة لتظاهرات ريا�ضية وفنية �أقيمت �سابقا باجلهة...
•ح�ضور تظاهرات ريا�ضية وترفيهية باملنطقة...
•الأدوات والآالت والو�سائل املتعلقة باملمار�سات والتمارين الريا�ضية.
الو�سائل التعليمية • ور�شات� ،أعمال يدوية...
•�أدوات ريا�ضية وفنية/ترفيهية.
•�أ�شرطة ووثائق ،زيارات ،ور�شات� ،أعمال يدوية...
•�إقامة مناف�سات وم�سابقات ريا�ضية وفنية وترفيهية ...
•�إقامة دوري لأنواع الريا�ضات املمكنة حمليا وتنظيم ت�صفيات و�إق�صائيات ... �إجراءات
• �إجنازات املتعلمني يف جماالت الريا�ضة والرتفيه وتنمية املواهب.
•جودة الإنتاج ومراعاته للمقايي�س املحددة. التقومي
•عر�ضه يف منا�سبات خمتلفة ،تثمينه واالعتزاز به.
•يطلب من املتعلم يف �آخر ح�صة للتعلمات ذكر وت�صنيف �أنواع ال�سمك التي تعرف عليها.
•يطلب منه �إعداد ت�صور له عالقة باحلفاظ على الرثوة البحرية وبتطويرها. و�ضعية
التقومي
الكفاية امل�ستهدفة:
•متييز خ�صو�صيات ذات عالقة بتاريخ املنطقة..
•الأهداف املحققة للكفايات:
•التعرف على املناطق التاريخية املوجودة باملنطقة.
•التعرف على �أ�شكال اللبا�س والزينة املحلية واجلهوية.
•التعرف على �أعالم املنطقة واحلفاظ على الذاكرة اجلماعية.
•الوعي باالنتماء للمنطقة.
الو�ضعية االندماجية
تو�صلت مدر�ستنا مبرا�سلة من مدر�سة بالدار البي�ضاء تخربنا ب�أن تالميذها يرغبون يف زيارة جلهة �سو�س ما�سة
درعة ومن �أجل ذلك تقرر حتديد برنامج لإطالع الزوار على املعامل التاريخية و الثقافية التي تنتمي �إليها منطقتنا.
املو�ضوع الأول :امل�آثر التاريخية باجلهة
و�ضعية االنطالق:
تعرفت على بع�ض امل�آثر التاريخية من خالل وحدة االجتماعيات ،هل توجد م�آثر �أخرى مبنطقتك ؟ حددها
عن طريق ا�ستق�صاء ميداين.
حمتويات التعلم:
•�إ�سهام املنطقة يف الكفاح من �أجل اال�ستقالل .
•عالقة املنطقة بالدول املتعاقبة على حكم املغرب.
•الطرق التجارية باملنطقة .
•املدار�س العتيقة ودورها يف ت�شكيل ال�شخ�صية املحلية.
• ق�صبة �أكادير �أفال ...الق�صبات باجلهة � :آيت بن حدو ،تالوين...
الطريقة :
•التعلم عن طريق البحث امليداين وا�ستثمار الوثائق وذلك كما يلي :
-حتديد م�صادر املعلومات.
-تكوين جمموعات عمل.
-حتديد حماور جمع املعطيات.
� -إجراء البحث ميدانيا.
-ا�ستخال�ص النتائج.
الو�سائل التعليمية :
•اال�ستق�صاء امليداين:
�إعداد �أدوات ب�سيطة لال�ستق�صاء وجمع املعلومات مثل اال�ستمارات و�أ�سئلة املقابلة وغريها .حيث
يتعود التالميذ على االت�صال مب�صادر املعلومات مبا�شرة.
التقومي:
العمران مبنطقتك يتميز بعدة خ�صو�صيات� ،أذكر واحدة منها وا�شرحها.
و�ضعية االنطالق:
•تزخر منطقتك ب�أ�شكال تعبريية فنية (رق�صات �أهازيج)� ،أذكرها مع حتديد مميزاتها.
•حمتويات التعلم:
•تعلم وحفظ �أنا�شيد وق�صائد �شعرية باللغة الأمازيغية – �أحوا�ش� -أكوال� -أقالل – الرواي�س -الركبة-
الرق�صة الهوارية� -إمع�شارن،
الطريقة:
•التعلم باملحاكاة والتماثل:
ي�ساعد هذا الأ�سلوب على متثيل و�ضعيات �أو حاالت ومتكني املتعلمني من �إدراك متغرياتها عن طريق التماثل
واملحاكاة ،ويعتمد هذا الأ�سلوب تقنيات �أهمها:
-حماكاة الأدوار عن طريق ت�شخي�ص و�ضعية متاثل تلك التي توجد يف الواقع :حفالت �أعرا�س وما ت�ستلزمه
من لبا�س وزينة حملية.
الو�سائل :
•الو�سيلة املعتمدة هي املالحظة حيث ت�ساعد املتعلم على جتميع املعطيات من املحيط عن طريق مالحظة
الظواهر واحلاالت وغريها.
•التقومي :من بني الرق�صات التي تقام مبنطقتك ،اخرت واحدة منها وكون فريقا من التالميذ لأدائها
مب�ؤ�س�ستك.
و�ضعية التقومي:
•تكوين فرقة (�أحوا�ش) مكونة من تالميذ وتلميذات الق�سم بكامل زينتهم وتقدمي لوحة فلكلورية مرتبطة
1
باملنطقة وتقومي �أداءات املتعلمني من خاللها.
� - 1أجنزت هذه اجلذاذات من طرف الفرق الرتبوية التابعة للأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين،
ب�إ�شراف مديرية املناهج وبت�أطري من طرف ال�سادة الأ�ساتذة :عبد اللطيف الفاربي ،وعبد الرحمان فرياطي
وحل�سن مادي.
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
137 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
مقرتحات من �أجل امل�ساهمة
يف الإ�صالح الرتبوي املرتقب يف �إطار اجلهوية املو�سعة
انطالقا مما �سبق ،نخل�ص �إىل �أن نظام التعليم املغربي ،يف املرحلة الراهنة يتطلب
�إ�صالحات جذرية وقرارات جريئة .ميكن �أن تكون هذه القرارات يف بع�ض الأحيان م�ؤملة
وغري مقبولة من طرف البع�ض ،ولكنها �ضرورية لإنقاد البالد من خمتلف املخاطر التي
ميكن �أن تهدده �سواء على امل�ستوى القريب �أواملتو�سط �أو البعيد� .إن ق�ضية �إ�صالح التعليم
يف مغرب اليوم �أ�ضحت م�ستعجلة وغري قابلة للت�أخري نظرا لعوامل ذكرنا البع�ض منها
�سابقا .وتتجلى بالأ�سا�س يف االرتفاع املتزايد لعدد العاطلني احلاملني لل�شواهد اجلامعية
و�ضعف القدرة على املبادرة و�ضعف االنفتاح على املحيط و�إيالء الأهمية للمحتويات
بدل الكفايات.
ويف هذا ال�سياق ف�إن ال�س�ؤال البديهي الذي يجب �أن نبد�أ بطرحه -يف نظرنا -هو
كالتايل:
-ما هي انتظارات املجتمع املغربي من منظومة الرتبية والتكوين :اليوم وغذا
وبعد غذ؟
هذا ال�س�ؤال العام يقودنا �إىل �س�ؤال �آخر �أقل عمومية ميكن �صياغته على
النحو التايل:
-ماذا نريد �أن يكت�سبه املتعلمون يف خمتلف م�ستويات تعليمنا متا�شيا مع م�ضامني
امليثاق الوطني للرتبية والتكوين ومع امل�ستجدات التي يعرفها العامل حاليا؟
فباعتماد خرباء مت�شبعني بالروح الوطنية ،لهم معرفة �شاملة مبختلف الإ�صالحات
التي عرفتها املنظومة التعليمية خالل العقود املا�ضية ولهم القدرة العلمية الكافية على
ا�ست�شراف رهانات امل�ستقبل وتطلعاته ولهم كذلك الكفاية الالزمة على تفكيك الأزمات
التي تعي�شها املنظومة التعليمية احلالية وكما لهم القدرة االقرتاحية الالزمة حللول
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
145 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
مو�ضوعية ق�صد جتاوزاالختالالت املعقدة التي تعاين منها منظومة الرتبية والتكوين،
بعيدين – كما قال جاللة امللك يف خطاب 20غ�شت - 2013عن املزايدات ال�سيا�سية التي
ت�ؤدي غالبا �إىل التطاحن بني خمتلف الأحزاب والنقابات على ح�ساب م�صلحة املتعلم التي
هي م�صلحة الوطن ،ميكن ،له�ؤالء ،و�ضع ت�صور جديد لإ�صالح هذه املنظومة.
�إن املغرب يف حاجة �إىل حتديد وظائف جديدة للمدر�سة العمومية جتعل من روح
الد�ستور اجلديد ،القائم على مبادئ احلكامة اجليدة وحقوق الإن�سان والت�شبث بالقيم
الدينية ال�سمحة وباالعتزاز باحل�ضارة املغربية الأ�صيلة مبختلف مكوناتها وباالنفتاح على
العامل ،مدخال �أ�سا�سيا لإقرار مدر�سة ي�سعد فيها املتعلمون وي�شعرون فيها بانخراطهم يف
بناء م�ستقبلهم و تقوية وطنهم ودعمهم لل�سالم العاملي وم�شاركتهم يف التنمية الب�شرية
امل�ستدامة بوا�سطة تربية حديثة علمية وعملية تتجاوز �سلبيات املا�ضي .وبالتايل فالبد
من امل�ؤ�س�سة الرتبوية �أن يكون لها يد يف �صناعة اجليل اجلديد من املواطنني املت�شبعني
بالدميقراطية �سلوكا و�أفكارا وقيما وبروح الت�سامح وقبول الآخر ،مما يحتم �إعادة النظر
يف �صياغة املناهج والربامج ب�شكل جديد وجدري مب�ضامني متجددة وبطرق جديدة تتيح
مكانة �أكرب لالختيار �سواء تعلق الأمر باملتعلم �أو باملدر�س �أو مبختلف الفاعلني الرتبويني
واالجتماعيني وذلك يف �أفق جت�سيد اجلهوية املو�سعة.
� -أحمد ام�شكح ،كيف �ساهم و�ضع الأكادمييات اجلهوية يف تردي املدر�سة املغربية،
جريدة امل�ساء ،العدد � 2247سنة .2013
� -أحمد املهدي عبد احلليم�،أ�شتات جمتمعات يف الرتبية والتنمية ،دار الفكر العربي،
القاهرة.2003 ،
� -إبراهيم يو�سف العبداهلل الإ�صالحات الرتبوية ملواجهة متطلبات الع�صر وحتديات
امل�ستقبل� ، 2004 ،شركة املطبوعات للتوزيع والن�شر القاهرة.
-املكي املروين ،الإ�صالح التعليمي باملغرب ،من�شورات جامعة حممد اخلام�س ،كلية
الآداب والعلوم الإن�سانية الرباط� ،سنة .1994
-اململكة املغربية ،التقرير ال�سنوي الأول للمجل�س الأعلى للتعليم� ،سنة 2008
-الر�سالة امللكية التي وجهها جاللته حممدال�ساد�س �إىل امل�شاركني ،يف ندوة «مغربية
ال�صحراء يف الرتاث التاريخي والأدبي» املنظمة بتطوان ما بني 20و � 22أبريل .2001
-اخلطاب امللكي ال�سامي مبنا�سبة الذكرى 33للم�سرية اخل�ضراء نونرب . 2008
-اخلطاب امللكي ال�سامي الذي �ألقاه جاللة امللك حممد ال�ساد�س مبنا�سبة تن�صيب
اللجنة اال�ست�شارية للجهوية يوم الأحد 3يناير .2010
-اخلطاب امللكي ال�سامي حول اجلهوية املو�سعة ،و�إعالن جاللته عن تكوين جلنة
خا�صة ملراجعة الد�ستور ،يوم الأربعاء 9مار�س . 2011
-املو�سوعة احلرة «ويكيبيديا».
-اململكة املغربية ،اللجنة اخلا�صة بالرتبية والتكوين ،امليثاق الوطني للرتبية والتكوين،
�سنة .1999
-التقرير الأول للمجل�س الأعلى للتعليم حول حالة املنظومة الوطنية للرتبية والتكوين
و�آفاقها ال�صادر �سنة .2008
-القانون رقم 07.00املتعلق ب�إحداث الأكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين ،ال�صادر
باجلريدة الر�سمية ،عدد ،4798بتاريخ 25ماي .2000
منظومة الرتبية والتكوين باملغرب
147 يف �أفق اجلهوية املو�سعة
-احل�سني عماري« ،البحـث يف تاريخ اجلهــة :ت�سا�ؤالت ومالحظات منهجية ».مقال
من�شوريف موقع �أنفا�س نت
-جابر عبد احلميد جابر و�أحمد خريي كا�ضم �أ�سا�سيات املناهج .دار النه�ضة العربية.
القاهرة.1995 ،
-وزارة الرتبية الوطنية ،دليل بيداغوجيا الإدماج ال�صادر عن املركز الوطني للتجديد
الرتبوي والتجريب.2010 ،
-وزارة الرتبية الوطنية والتعليم العايل وتكوين الأطر والبحث العلمي ،قطاع الرتبية
الوطنية ،مديرية ال�ش�ؤون القانونية واملنازعات ،جتربة الالمركزية والالمتركز
بقطاع الرتبية الوطنية ،ماي . 2007
-حميد �أبوال�س ،مقاربة ت�صورية لتوزيع االخت�صا�صات مابني الدولة واجلهات يف
ظل اجلهوية املو�سعة املزمع تطبيقها ،عدد خا�ص من جملة «طنجي�س» حول اجلهوية
املتقدمة باملغرب .كلية العلوم القانونية واالقت�صادية واالجتماعية بطنجة ،التابعة
جلامعة عبد املالك ال�سعدي.
-ح�سن �أورا�ش ،اجلهوية املتقدمة يف الد�ستور اجلديد :ماذا لو قارنا مع الد�ستور
احلايل ،موقع ه�سربي�س 25 ،يناير .2011
-ح�سني عبد احلافظ ،املناهج الدرا�سية :ر�ؤى وجتارب عاملية ،جملة املعرفة ،العدد
،204عدد مار�س .2012
-مادي حل�سن ،تكوين املدر�سني :نحو بدائل لتطوير الكفايات ،مطبعة النجاح
اجلديدة ،الدار البي�ضاء.2001،
-مادي حل�سن ،ال�سيا�سة التعليمية باملغرب و رهانات امل�ستقبل ،مطبعة النجاح
اجلديدة ،الدار البي�ضاء.1999 ،
-مادي حل�سن ،املخطط اال�ستعجايل دعامة لتحقيق مدر�سة النجاح ،جملة علوم
الرتبية ،العدد الثاين والأربعون ،يناير .2010
-مادي حل�سن ،املناهج والربامج الرتبوية وفق اخل�صو�صيات اجلهوية واملحلية ،مداخلة
يف املناظرة الثالثة ملركز الدرا�سات والأبحاث يف منظومة الرتبية والتكوين ،املنعقدة
يومي 11و 12ماي 2013بتزنيت يف مو�ضوع « �إ�صالح منظومة الرتبية والتكوين� :أية
جهوية تربوية يف ظل اجلهوية املتقدمة».
-حممد ال�سوايل ،ال�سيا�سات الرتبوية :الأ�س�س والتدبري .ن�شر دار الأمان ،الرباط،
�سنة .2011