Professional Documents
Culture Documents
Sujet de These
Sujet de These
ونظرا لضخامة هذا التراث بالمغرب -إن على مستوى أماﻛﻦ انتشاره و زمﻦ إنتاجه -فإنه يحظى
باهتمام خاص .ومﻦ ﺫلﻚ انخراط المغرب -منذ مدة طويلة -بشكل فعال في الحفاظ عليه وتثمينه ،وال
أدل على ﺫلﻚ مﻦ انضمامه إلى عديد مﻦ المؤسسات الدولية التي تعنى به .باإلضافة لذلﻚ فقد قام
المشرع المغربي بإحداث منظومة قانونية قادرة على مواﻛبة تحديات تأﺛيرات الزمﻦ وحفظه مﻦ جرائم
إتالفه واإلضراربه.
تعد مدينة تطوان إحدى المدن المغربية التي تتوفر على إرث ﺛقافي و معماري ﻛبير بحيث تمتزج
فيه الهندسة اإلسالمية-الموريسكية بالهندسة اإلسبانية .ويتخلل هذا اإلرث بعض البنيات و
المؤسسات الثقافية وتنظم في ﺛنايتها أرقى األحداث والتظاهرات الثقافية والفنية .وقد جاء إعالن
ً
موقعا للتراث العالمي ومدينة مبدعة (الوحيدة بالمغرب حتى اآلن) في مجال الصناعة مدينة تطوان
التقليدية مﻦ طرف اليونسكو كاعتراف بأهمية ﺫلﻚ اإلرث الثقافي وإضفاء عليه صبغة الميراث
اإلنساني.
مﻦ جملة ﺫلﻚ اإلرث الثقافي نذﻛر اإلنسانش ي وهو إرث معماري خلفته الحماية اإلسبانية
بالمغرب ،ويتخلل هذا اإلرث بعض البنيات و المؤسسات الثقافية ،وتنظم في أروقتتها أرقى األحداث
والتظاهرات الثقافية والفنية .على الرﻏم مﻦ ﺫلﻚ،
هذا اإلرث الذي يمكﻦ اعتباره عامال جذابا لمدينة تطوان ،وقادرا على اإلسهام بقوة في تحسين
صورتها وسمعتها على الصعيديﻦ الوطني والدولي .واستغالله ﻛعالمة فارقة حقيقية ألﻏراض تجارية
كاف في السياسات الثقافية املحلية.
وترويجية ،لم يلق لحد ااآلن االهتمام الكافي الذي يدمجه بشكل ٍ
إن المتابع لإلرث التاريخي و الثقافي لمدينة تطوان سيفاجأ يقلة الدراسات المعمقة حول
اإلنسانش ي و ﻏياب ﺷبه تام للبيانات المتعلقة به ،لذلﻚ يأتي اقتراح دراسة اإلنسانش ي ﻛموضوع
ألطروحة دﻛتوراة لتسليط المزيد مﻦ الضوء إلبراز جملة مﻦ األمور والجوانب التي تهمه .ونعتقد أن
هذا العمل ضروري سواء لتصميم السياسات الثقافية أو التخاﺫ القرارات مﻦ جانب المسؤولين
1
والمنتخبين بشأن االستثمارات التي يتعين القيام بها في القطاع الثقافي املحلي.
ألول وهلة يتبادرللذهﻦ سؤاال :لماﺫا الترﻛيزعلى اإلرث المعماري ﻛوسيلة -مﻦ وجهة نظرالتنمية
املحلية المستدامة -موضوعا ألطروحة الدﻛتوراة المقترحة؟ ببساطة ألنه يشكل إحدى االهتمامات
الكبيرة التي يستهدفها علم التاريﺦ مﻦ خالل دراسة السكان الذيﻦ يعيشون في مساحة جغر افية
و إنتاجاتهم الثقافية والعمرانية،
الحافز األول :يشكل موضوع اإلرث الثقافي المادي بالشكل الذي نطرحه هو مﻦ اﳌواضيع
اﳌستجدة الﱵ ال تزال بكرا،ﱂ يشبعﻬا الباحثون دراسة وﲤحيصا و انحسر انشغالهم به ﻏالبا
وصفا وﻫي عبارة عﻦ نتﻒ ﻫنا وﻫناﻙ .وتبعاﹰ لذلﻚ ﱂ يطرح ﻫذا الموضوع ﰲ ﲝث علمي ﳏايد
ملتزم بطرائق البحث ومناهجه.
الحافز الثاني :ﲤتلﻚ تطوان إرﺛا ﺛقافيا مادي ا ﻛبيرا ،وخصوصا المعماري منه ،عزّ نظﲑه في
المغرب مهدد باإلتالف ،لذلﻚ يأتي مقترح ﻫذا الموضوع لتسليط الضوء عليه ودراسته بشكل
مستفيض.
الحافز الثالث :إمكانية استخدام هذا اإلرث الثقافي المادي في سياسات التنمية املحلية
ومﻦ الحقائق المؤﻛدة أن اإلرث الثقافي المادي تلعب دورا متناميا في سياسات التنمية املحلية
واالقتصادية وفي استراتيجيات التنمية الحضرية .نالحظ وجود ،في تطوان ،إرﺛا معماريا إسبانيا ﺫو
قيمة تاريخية وفنية ﻛبيرة تتخلله بنى تحتية ﺛقافية متميزة -والتي هي مصدر فخر – يمكﻦ استغاللها
ﻛمراﻛز تطوير قادرة على تنمية على المدينة التي تشهد تغيرات اقتصادية عميقة .إن االهتمام الذي
يثيره هذا الموضوع ،يتجاوز بشكل عام اإلطار التا يخي والثقافي لإلنسانش ي بل يتطرق ً
أيضا إلى صورة ر
المدينة وتنميتها االقتصادية.
2
الدافع الرايع :االﻛتفاء باستخدام األساليب الوصفية الكالسيكية في الدراسات دون االهتمام
باألساليب العلمية الحديثة لتقييم الدور اإليجابي لإلرث المعماري والثقافة عموما في التنمية املحلية.
فعلى مستوى تطوان ،يجري تقييم هذا الدور ،في ﻏياب تام للبيانات والمؤﺷرات التي تبين فعاليته في
االستراتيجيات اإلنمائية المقترحة .وتجدر اإلﺷارة هنا إلى أنه في ﻛثير مﻦ األحيان يعترف صانعو القرار
في خطاباتهم باآلﺛار اإليجابية الستخدامه على التنمية املحلية دون تعليل ﺫلﻚ ،وقد يكون ﺫلﻚ راجع
لعدم االهتمام بثقافة التقييم أو في الخوف مﻦ ﻛشﻒ عﻦ عدم وجود اآلﺛارالمتوقعة.
لذلﻚ في بحث األطروحة المقترحة ،سنحاول تقديم إجابات موضوعية على مسألة األﺛر
االقتصادي الستخدام الثقافة في سياسات التنمية املحلية .وسيتطلب ﺫلﻚ تطوير طرق علمية قادرة
على إﺛبات هذا التأﺛير.
.3أهداف األطروحة
سأسعى مﻦ خالل مشروع األطروحة هذه إﱃ ﲢقيق األﻫداف اآلتية:
.4إﺷكالية البحث
تشكل إﺷكالية البحث اإلطارالعملي لتطويرأطروحتنا ،لهذا مﻦ الضروري وجب تحديدها بشكل
دقيق وجيد .إن استعراض اإلرث المعماري باإلنسانش ي يثبت وجود تنوع مذهل ،إال أن توظيفه على
3
الشكل األمثل ال يزال بعيدا مما يجعله مهددا بالضياع .يمكﻦ تلخيص هذه الوضعية على النحو التالي:
ّ
التص ور لدى دو ائرالقرار بتطوان عﻦ الدور ،المتعدد عدم وجود استراتيجة مضبوطة وضعﻒ
األبعاد ،الذي يمكﻦ لإلنسانش ي أن يؤديه في تنشيط حرﻛة السياحة الثقافية بتطوان وإرساء
قواعد تنمية مستدامة.
عدم الترويج لإلرث المعماري باإلنسانش ي و قلة استعماله في المناسبات الثقافية والعلمية
واالقتصادية .
جهل سكان مدينة تطوان بأهمية اإلرث المعماري باإلنسانش ي وارتباطه بالهوية الثقافية
املحلية.
نقص واضح بخصوص البيانات و الدراسات التي تخص اإلرث المعماري باإلنسانش ي وﻛذلﻚ األﺛر
االقتصادي الستعماله.
تتحدد إﺷكالية البحث في محاولة للحفاظ على التراث الثقاقي المادي ،المتمثل في اإلنسانش ي،
وﺫلﻚ عﻦ طريق إدماجه في سياسات السياحة الثقافية وتفعيل دوره في إرساء قواعد تنمية محلية
مستدامة بتطوان.
.5أسئلة البحث
للتعمق أﻛثرفي بحثنا ودعما لإلﺷكالية السالفة الذﻛر یمكﻦ طرح يعض التساؤالت التالية:
ما هي نقاط القوة والضعﻒ التي تميز اإلرث المعماري والبنى التحتية الثقافية باإلنسانش ي ؟
ما هي نوعية المناسبات الثقافية المقامة بها ؟
ما هي صورة اإلرث المعماري والبنى التحتية الثقافية باإلنسانش ي لدى المواطﻦ والمستثمر على
السواء؟
ما هي ربحية استعمال اإلرث المعماري والبنى التحتية الثقافية باإلنسانش ي وﻛيفية تحسين
إنتاجيتها ؟
هل يمكﻦ تحقيق تنمية سياحية ﺛقافية مستدامة في ظل الوضعية الراهنة لإلنسانش ي ؟
ماهي اآلليات والطرق المثلى لتحقيق تنمية سياحية ﺛقافية مستدامة؟
.6فرضيات الدراسة
4
يحظى اإلنسانش ي على نصيب محدود مﻦ حرﻛة الطلب السياحي الثقافي الداخلي والدولي وﺫلﻚ
المنهج التاريخي الذي بالضرورة سي تصدر خطوات إنجاز هذا العمل ،وﺫلﻚ وفق تدرج في
مستويات البحث باعتماد مقاربة ترﻛيبية تروم تفعيل الحوار بين املجهود المونوﻏرافي وطرح
األفكار للنقاش آخذيﻦ بعين االعتبار التدقيق المعرفي الالزم أكاديميا .سيستعمل عند التطرّق
للتطور التارﳜي لإلرث المعماري لإلنسانش ي ،وتطور القوانين المؤطرة لحمايته وقواعد
اﳌسؤولية اﳉنائية ،وآليات تنفيذها وتطبيق قواعد ها لحمايته في جميع الحاالت.
ال منهج الوصفي باإلستعانة بمختلﻒ الكتب والدراسات السابقة إلى جانب مختلﻒ املجالت
والمقاالت المنشورة وال مراجع اإللكت رونية التي تناولت الموضوع ،والذي بإمكانه تكويﻦ صورة
دقيقة ومفصلة حول اإلرث المعماري لإلنسانش ي.
المنهج التحليلي الذي سيمكننا مﻦعرض األدلﱠة وﲢليلﻬا ومناقشتﻬا وصوال إﱃ الرأي الراجﺢ،
و خصوصا أﺛناء التحقق مﻦ الفرضيات ولتبيان مدى ﻛفايتﻬا أو قصورﻫا ،ومدى تحققها على
أرض الواقع.
المنهج االستكشافي ﻛون أن البحث سيقوم باستكشاف إرث معماري ،مﻦ وجهة نظر اقتصادية،
وتقدي م تفسيرات ﺫات صلة بالموضوع ومعالجة المتغيرات ﺫات األهمية واختبار ها مﻦ أجل
قياس العالقة بين متغيريﻦ اإلرث المعماري والتنمية االقتصادية املحلية .سيسمﺢ لنا هذا
المنهج جمع البيانات والمعلومات التي تخص اإلنسانش ي بالتالي استنتاج المعلومات ﺫات
الصلة بالموضوع دون إﻏفال نطاق األهداف ألطروحتنا.
لإلحاطة بجميع العناصرالمكونة للموضوع ،سيكون مﻦ البد معالجته اتباعا للخطوات التالية:
5
جمع وتوظيف المادة المصدرية والمرجعية والوﺛائقية ،الذي يبقى ،مﻦ ناحية ،عملية صعبة نظرا
لتواجد وتشتت تلﻚ المواد بين مختلﻒ دور الخزانات ،ومﻦ ناحية أخرى صعوبة حصرها
ومكابدة تصنيفها ،واستخراج المعطيات وفق ترﻛيب موضوعاتي.
االستفادة مﻦ الدراسات المعاصرة المرتبطة بشكل مﻦ األﺷكال بالموضوع بما قد تفيد في
الحصول على معطيات ومعلومات تخص وجهات نظر جديرة بالتقدير.
االستقراء كأداة لتجاوز النقص املحتمل و إﺛراء النظرة وفق وصﻒ و تحليل ﻛرهان لفتﺢ الباب
أمام أسئلة عديدة تخص تاريﺦ اإلرث المعماري لإلنسانش ي.
تنويع إلى حد ما أﺷكال التعبير التاريخي ،ﻛتوظيﻒ الجداول ،والخرائط نموﺫجا ،تساعدنا على
فهم أفضل لبعض الجوانب المرتبطة بالموضوع.
سيخصص الـجزء األول مﻦ األطروحة لعرض بالتفصيل لجميع المعطيات التي نهم تاريﺦ
اإلنسانتش ي وﺫلﻚ بغية فهم أعمق لبنياته العامة ،مع الترﻛيز على إبراز الفترات التاريخية التي مر منها
ومدى تأﺛره باالحدات والتحوالت السياسية وااليديولوجية السياسية التي كانت سائدة باسبانيا آنذاﻙ.
ﻛضرورة منهجية ،البد منها ،فإن هذا الـجزء سيقسم لعدة فصول يخصص كل واحد منها لعرض
موضوع خاص بذلﻚ التاريﺦ الستجالءه بدقة أﻛثروفهم أعمق له.
أما الـجزء الثاني فإنه سيخصص لوصﻒ و تحليل اإلرث المعماري الذي يشكل اإلنسانتش ي مع
إبراز الخصوصيات الهندسية التي تميزه ،والتوجهين المعماريين األساسيين المعتمديﻦ فيه (التوجه
العربي االندلس ي االسالمي والتوجه الباروكي) اللذيﻦ ﺷكال مصدر إلهام لكل العناصر المعمارية فيه،
وهذا دون إﻏفال العالقة الذي تربطه بالهندسة الموريسكية المنتشرة بالمدينة العتيقة لتطوان .ﻛما
سيشكل هذا الجزء فرصة لرصد وتسليط الضوء على ﺫلﻚ التنوع والتمازج المثير الذي يميز تلﻚ
الهندسة .وعلى ﻏرار الـجزء األول ،فإن هذا الجزء سيقسم لعدة فصول يختص كل واحد منها عرض
بشكل مفصل كل صنﻒ هندس ي على حدة ومميزاته التي تتمثل في الوحدات المكونة له والعناصر
6
المعمارية الكالسيكية التي تشكله.
وسنفرد الـجزء الثالث لعرض مختلﻒ المفاهيم النظرية التي تشكل اإلطار األساس ي لموضوع
بحثنا وﺫلﻚ في إطار تقسيم منهجي يحاول اإلحاطة نسبيا بأهم معانيها وتحديد طبيعة العالقات بينها .و
مﻦ أهم المفاهيم التي سنتطرق إليها بالتفصيل مفهوم التراث الثقافي .وعلى ﻏرار الـجزئين السابقين،
فإن هذا الجزء سيقسم لعدة فصول حسب الحاجة نتناول فيها معنى هذا المفهوم في مختلﻒ العلوم
وخصوصا مﻦ منظور التاريﺦ ،ولدى المنظمات الدولية ومراحل تطوره و أقسامه ،وعالقته بالسياحة
الثقافية والتنمية املحلية إلى ﻏيرﺫلﻚ مﻦ األمورالتي تهمه.
أما الـجزء الرابع فسنخصصه لمقترح يبرزﻛيفية توظيﻒ التراث الثقافي المتمثل في اإلنسانتش ي
ﻛمساهمة جزئية لتحقيق تنمية محلية مستامة .وهذا يمر عﻦ طريق تطوير مخطط سياحي يوفر
القاعدة لوضع األسس التي تسمﺢ بتحديد الخطوات المناسبة ابتداءا مﻦ مرحلة اإلعداد ومرورا
بمرحلة التنفيذ ﺛم مرحلة التقييم .وسنفرد في هذا المقترح حيزا للفاعلين األساسيين -سواء أكانوا مﻦ
القطاع الخاص أو العام -الذيﻦ مﻦ المفترض أن يلعبوا أدوارا مختلفة كل حسب موقعه ،وﻛذلﻚ
اآلليات والوسائل لتنفيذ المقترح دون نسيان وضع خطة مضبوطة لتسويق المنتوج الثقافي المطور.
مﻦ الناحية الشكلية يأخذ االنساتش ي ﺷكل ﺷبكة سكنية تحتوي على وحدات متراصة عموديا
ابتداء مﻦ جبل درسة ﺷماال نحو سهل مرتيل جنوبا ،و أفقيا ابتداء مﻦ المدينة العتيقة ﺷرقا وصوال
إلى الجهة الغربية للمدينة ،وتتخللها طرق و ممرات يتراوح اتساعها بين 8متر و 05متر .أﻏلب المباني ال
7
يتجاوز ارتفاعها 3طوابق باإلضافة إلى األرض ي .وتشكل الساحات العمومية كانت صلة الربط بين
مختلﻒ ﺷوارع اإلنسانتش ي وﻛذلﻚ بالمدينة العتيقة عﻦ طريق ساحة اسبانيا .
تأﺛر المعمار بفضاء االنساتش ي باالحدات السياسية التي كانت تعم اسبانيا أﺛناء الحماية ،مﻦ
حيث الزمﻦ يمكﻦ تقسيم المعمار في اإلنسانتش ي إلى ﺛالث مراحل زمنية:
المرحلة األولى :هي المرحلة الملكية التقليدية ما بين 0101و 0130تميزت بمنازل بطابقين .أﻏلبها
يتواجد بالمنطقة الممتدة بين ساحة المشور و ساحة موالي المهدي حاليا (ﺷارع محمد الخامس).
معالم تلﻚ الفترة المبنى الحالي لمرﻛز الثقافة اإلسباني (معهد سيربنتيس ) حيث يعد أول بناية
ومﻦ ِ
ﺷيدت خارج أسوارتطوان العتيقة.
المرحلة الثانية :و هي المرحلة الجمهورية التي إمتدت مابين 0130و 0131م و ﺷابه فيها المعمار
هذا التوجه ينبع مﻦ تأﺛر إسبانيا بالهندسة الباروﻛية التي تتميز بفنون الزخرفة و النحت و
استعمال بعض الخدع البصرية .وقد أﺛرهذا التوجه بشكل ﻛبيرفي فﻦ العمارة ويبدو جليا باالنساتش ي
بتطوان .يتميز هذا االسلوب الهندس ي بخصائص عدة نوجزها في ما يلي :
الطابق السفلي وﻏالبا ما يتكون مﻦ رواق مغطى يغطي الواجهة كليا او جزئيا و هو يتألﻒ ايضا
مﻦ ﺛالث عناصر :
اسفل الجدار.
الجسم او الهيكل .
التتويج .
و يتميز مدخل هذا الطابق بروعة جماله وﺫلﻚ باستخدام أعمدة ﻏالبا ما تعلوها زخرفة في حين
هيكل الواجهة يتضمﻦ ﻏالبا نو افد الشرفات التي تتميزب زخرفة فنية.
الطابق العلوي الذي قد يأخذ أﺷكاال مختلفة و يحتوي على أ نواع مختلفة مﻦ األفاريز .ﻛما يتكون
المبنى االستعماري الباروكي االسباني في تطوان على مجموعة متنوعة مﻦ أﺷكال الزخرفة على
هيكل الواجهة و ﺫلﻚ عﻦ طريق استخدام المواد :
الحجر ﺃو الجبص .
الطوب ﺃألحمر الصلب .
زخﺎريف لبﺎنية طبيعية .
.11ملحة موجزة عﻦ اإلطارالنظري لموضوع البحث
تهدف هذه النقطة في هذه الورقة إلى تقديم ملحة عامة عﻦ ركائزالمفاهيم التأسيسية للموضوع
المقترح،
9
1.11مفهوم التراث الثقافي
تزايد اإلهتمام بالتراث الثقافي عبر العالم أدى بالمهتمين بهذا الشـأن إلى وضع تعريفات صريحة
له .مﻦ خالل تصفحنا لتلﻚ التعريفات تبين أنها تختلﻒ حسب الحقل العلمي الذي يتناوله
(التاريﺦ،الجغر افيا ،الثقافة )....،ﻏيرأنها تتوحد في ﺫﻛرأﻏلب العناصراملحددة له .نورد فيما يلي بعضا
مﻦ تلﻚ التعريفات.
يعرف التراث المادي على أنه أحد أﺷكال التراث الثقافي الذي ُيستخدم للتعبير عﻦ جميع اآلﺛار
ُ
بشكل عام ،مثل :المباني التراﺛية ،المو اقع األﺛرية ،واآلﺛارالتاريخية ،والتحﻒ ،والقطع األﺛرية
ٍ المادية
ً
المادية التي تصنع وترمم وتنتقل عبراألجيال كاإلبداعات الفنية ،وﻏيرها مﻦ المواد الملموسة ،إضافة
1
ألمة محددة ،أو للبشرية جمعاء. إلى ُج ّل اآلﺛارالمهمة ملجتمع ما ،أو ّ
ِ
منظمة األمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" تعرف المنظمة التراث الثقافي على
أنه "اآلﺛارواألعمال المعمارية أعمال النحث والتصوير على المباني والعناصرأوالتكوينات ﺫات الصفة
األﺛرية والنقوش والكهوف ومجموعات المعالم التي لها جميعا قيمة عالمية إستثنائية مﻦ وجهة نظر
التاريﺦ أو الفﻦ أو العلم".2
مﻦ خالل ما سبق ﺫ ﻛره يتبين أن التراث الثقافي يخص كل ما أنتجه اإلنسان مع الترﻛيز على كل
ما هو مادي صرف كاألعمال المعمارية والمباني ...،التي تمثل تجسيدا لألحداث التي مرت عبر تاريﺦ
مجتمع ما وتشكل تعبيرا اجتماعيا عنه.
الحقا وضعت نفس المنظمة تعريفا أخرللتراث الثقافي " :ميراث المقتنيات المادية وﻏيرالمادية
التي تخص مجموعة ما أومجتمع لديه موروﺛات مﻦ األجيال السابقة...وظلت باقية حتى الوقت الحاضر
ووهبت لألجيال المقبلة".3
هذا التعريﻒ يقر بأن التراث الثقافي هو ميراﺛا للمجتمع يربط بين الماض ي والحاضرويستشرف
المستقبل ،مع التأﻛيد على إدماج العنصريﻦ المادي و الالمادي مع بعضهما البعض.
51 بالنسبة التفاقية "الفارو" المتعلقة بالتراث الثقافي مﻦ أجل املجتمع الموقعة بتاريﺦ
1موضوع.كوم : https://mawdoo3.com/%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81_%D8%A7%D9%84
%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AB_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%AF%D9%8A
-2اليونسكو ( )3002اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي البنداألول ،باريس.
3-https://al-ain.com/article/sites-heritage-unesco-arabs ()19/11/2119
10
أﻛتوبر 5112تعتبر أن التراث الثقافي" :مجموعة مﻦ الموارد الموروﺛة مﻦ الماض ي خارج نظام ملكية
الممتلكات ،يرى الناس أنفسهم على أنها انعكاس وتعبير عﻦ قيمهم ومعتقداتهم ومعارفهم وتقاليدهم،
وهذا يشمل جميع جوانب البيئة الناتجة عﻦ التفاعل مع مرورالوقت بين الناس واألماﻛﻦ".4
هذا التعريﻒ رﻛز أساسا على الجانب الالمادي للتراث الثقافي والذي يشكل تجسيدا لهوية
املجتمع .ويتماش ى مع هذا الطرح نظرة منظمة العواصم والمدن اإلسالمية ،الذي تعرفه على أنه":ﺫاﻛرة
األمة بما فيها مﻦ أحداث تمت على مر التاريﺦ ،وتأﺛرت بالظروف االقتصادية ،االجتماعية ،المكانية،
العمرانية للمقومات الحضارية لإلنسان بكل ما فيها مﻦ تغيرات".5
نشيرإلى أنه رﻏم ﻛثرة التعاريﻒ -ﻛما سبق وأن أﺷرنا إلى ﺫلﻚ -إال أن أﻏلبها تالمس المفهوم الذي
وضعته منظمة اليونسكو ،والتي رﻛزت فيه على العناصر المكونة له و أيضا على ضرورة توفر ﺷرط
التوارث الثقافي بين األجيال.
2.11مفهوم الثقافة
مفهوم الثقافة مﻦ األلفاظ المعنوية التي يصعب تحديدها لذلﻚ تتعدد تعريفاته وال يوجد
تعريﻒ تو افقي لمفهوم الثقافة قادرعلى تلبية اآلراء المتباينة للعلوم املختلفة .ولتبسيط هذا العرض،
يمكﻦ القول إن مفهوم الثقافة موجود في جميع العلوم اإلنسانية واالجتماعية وقد يكاد يكون مﻦ
ً ً
مفهوما مستقال .ونتيجة لذلﻚ ،يبدو لنا أنه مﻦ الضروري المستحيل تحديد متى يصبﺢ مفهوم الثقافة
ً
تجاوز مساره األصلي واإلصرار على تعريﻒ ﻛالسيكي معترف به بشكل عام .ووفقا لما جاء في ( Denys
،)Cuche 2004, p. 8 and 9فإن هذه الكلمة تعود أصلها إلى الجذرالالتيني ،culturaالذي يعني الرعاية
ً
المقدمة للحقول أو الماﺷية .خالل القرن الثامﻦ عشر فقط اتخذ هذا المفهوم معنى حديثا ﻛما هو
معروف اليوم بحيث ارتقت الثقافة إلى العمل المعرفي المميز للعقل البشري .وتواصل تطورهذا
المفهوم بحيث ﺷهد القرن التاسع عشرظهورﺷكله المعياري و أصبﺢ موضوعا للعلم.
إحدى تعريفات الثقافة المعروفة بحيادها ،ألنها ال تنحاز إلى أية مجموعة ،هو تعريﻒ ﻛروبر
وكلوﻛهولﻦ ( Kroeberو .)0125( ) Kluckholولذلﻚ فهو مقبول بنفس القدر لدى مؤيدي الرؤية
التفسيرية والوظيفية .وينص على أن "الثقافة تتكون مﻦ أنماط ،صريحة وضمنية ،للسلوﻙ المكتسب
-4اتفاقية اإلطار الفارو ( )5002المتعلقة بالتراث الثقافي من أجل المجتمع المنغقدة بتاريخ 52أكتوبر.5002
5
(-https://www.iccrom.org/sites/default/files/publications/2020-12/arab_forum_proceedings.pdf )13/12/2119
11
والمتوارث بالرموز ،ويثبت إنجازا مميزا للجماعات البشرية ،وهي تتجسد في القطع األﺛرية ؛ والجوهر
األساس ي لألفكار التقليدية (أي األفكار المستمدة والمنتقاة تاريخيا) وخاصة قيمها المرتبطة بها ؛
( .)Kroeber & Kluckhon, 1952, p. 181وباإلضافة إلى هذا التعريﻒ ،يمكﻦ ﺫﻛرتعاريﻒ أخرى توضح
ً
هذا المفهوم .وهكذا ،وفقا لـ Crozierو ،Friedberg Cultureلم تعد الثقافة مﻦ عالم القيم واألعراف
التي ال يمكﻦ المساس بها والذي توجه ،وينظم السلوﻛيات المرصودة .تتكون مﻦ مجموعة مﻦ عناصر
الحياة النفسية والعقلية ،بمكوناتها العاطفية والمعرفية والفكرية و العالئقية .وهي األداة ،و القدرة
التي يكتسبها األفراد ويستخدمونها لبناء عالقاتهم وتبادلهم مع اآلخريﻦ والعيش معهم .وتشكل القيم
والمعاييروالمو اقﻒ جزء مﻦ ﺫلﻚ ،ولكنها هنا فقط عبارة عﻦ عناصرتنظم قدرات األفراد والجماعات
لكنها ال تحدد االستراتيجيات الفردية والجماعية "( .)Crozier & Friedberg, 1977, p. 210يشير هذا
التعريﻒ إلى أن الثقافة هي أداة في أيدي األفراد لتشكيل الجماعات وتنظيم التعاون.
ً
وفقا لـ Geertzإن الثقافة ليست قوة ،أو ﺷيئا يمكﻦ أن ترتبط به األحداث االجتماعية أو
السلوﻛيات أو المؤسسات أو العمليات بطريقة سببية بل إنه سياق ،يمكﻦ به وصﻒ هذه العناصر
بوضوح. (Geertz, 1998, p. 85.
ً ً
معقدا للباحثين ،فيجب مالحظة أن مؤلفين إﺫا كانت الثقافة بالنسبة للمؤلﻒ السابق أفقا
آخريﻦ قد تجاهلوا ﺫلﻚ مﻦ خالل تطوير أدوات لفهم هذا المفهوم .يستخدم هوفستيد استعارة مﻦ
عصرنا لوصﻒ الثقافة« :أتعامل مع الثقافة على أنها البرمجة الجماعية للعقل التي تميز أعضاء
مجموعة أو فئة مﻦ الناس عﻦ فئة أخرى» ( ،)0181( 5110 ،G. H. Hofstedeص .)1يوضح هذا
التعريﻒ بوضوح أن الثقافة هي بناء بشري مشترﻙ مع املجتمع ويتم مالحظته مﻦ خالل مظاهرمختلفة.
بالنسبة له ،مﻦ الممكﻦ فهم الثقافة مﻦ خالل خمسة أبعاد ﺛقافية تستخدم اآلن بشكل ﺷائع في
البحث لدراسة الفرق بين الثقافات.
يعلﻦ إيريبارن ( )0181في ﻛتابه « " »La logique de l' honneurأنه في بلد ما ،تم ترتيب مجموعة
ً
وأحيانا ﻏريبة ،لكنها تدر ً
يجيا ،تلد ﻛومة مﻦ الطوب تشكل مﻦ البيانات التي تبدو في البداية متباينة،
مبنى يتميز بمنطق يوجه هيكله وﺷكله .بعد استيعابنا لهذه العقد مﻦ المؤسسات و األعراف ،تمكنا
مﻦ إعطاء معنى ملموس أﻛثر فأﻛثر لمفهوم "الثقافة الوطنية" التي ً
ﻏالبا ما تستخدم الستحضار تفرد
بلد ما .".في هذا التعريﻒ ،يستحضرالثقافة باعتبارها بنية وطنية قادرة على ترتيب كل وخلق هوية كل
12
الثقافة لبلد ما.
حسب " "Ducasse Pierreأن التنميـة املحليـة هي حلقـة تكامـل بـين العديـد مـﻦ األطـراف ﺫات
الصـلة بالمكـان ،بحيـث ال يجـب اسـتثناء أي طـرف في هـذه الحلقـة ،و هـي ليست فقـط بـرامج ملحاربـة
الفقـر والبطالـة بل هي إسـتراتيجية لتنميـة الجماعـات املحليـة،وتهتم بكـل الفئـات .هـذه اإلسـتراتيجية
يجـب أن تضـم العناصراآلتية :
األهــداف :تحــدد األهــداف مــﻦ طــرف المعنيــين بشــكل واضــﺢ ودقيــق ،بحيــث يعتمــد هــذا الــدافع
علــى المــوارد واإلمكانيات المتوفرة ،ألنه ال يمكﻦ تحديد أهداف دون الوصول إلى تحقيقها.
النتــائج :التنميـة املحليـة ال يمكـﻦ اعتبارهـا حلقـة بـين األطـراف الفاعلـة فيهـا دون نتـائج محققـة،
فالتنميـة املحليـة الفعلية تكون لها آﺛارونتائج على الو اقع املحلي.
تقيـيم النتـائج :إن تقيـيم النتـائج املحققـة علـى المسـتوى املحلـي ليسـت بـاألمر السـهل ،إنمـا
المتابعـة الفعليـة المسـطرة يمكﻦ أن تبين مدى العالقة بين ما تحقق والوسائل المستخدمة لذلﻚ.
يعتقد كل مﻦ ) Vachon (1993و )0111( Julienأن التنمية املحلية تتو افق مع استراتيجية
التدخل التي تفضل اإلجراءات أو المبادرات المنبثقة مﻦ القاعدة ،أي لهذا السبب نتحدث عﻦ التنمية
الداخلية.
استخدم برونو جان (في برولكس )0111 ،مصطلح «التنمية المناسبة» لتعريﻒ التنمية املحلية.
ولتحقيق تلﻚ التنمية االفتراضية ،يصبﺢ مﻦ الضروري أن توحد جميع الجهات الفاعلة في الميدان،
13
والمهتمة بها ،جهودها وأن تبني مكوناتها املختلفة (الثقافية والبيئية واالقتصادية واالجتماعية).
وبالتالي ،يمكﻦ القول إن التنمية املحلية تعتبر عملية يجب فيها الجمع بين الممارسة
واستراتيجية إنمائية تضع سياسات وبرامج للمشاريع الجماعية المصممة لتحسين رفاه املجتمع املحلي
باستمرار.
ً
رؤى أخرى أﻛثر تعبيرا اقترحها مؤلفون آخرون مثل ( ;Husson, 2001ويعتقد برنامج األمم
المتحدة اإلنمائي )0111 ،أن التنمية املحلية تقابل عملية جماعية لالبتكار اإلقليمي مدرجة في
االستدامة .وتهدف هذه العملية إلى تنفيذ بعض المشاريع بهدف تحسين الحياة اليومية والرفاه
الجماعي لإلنسان ،مﻦ خالل الجمع بين جميع الجهات الفاعلة (الثقافية واالقتصادية واالجتماعية وما
إلى ﺫلﻚ) العاملة داخل اإلقليم المستهدف.
.12خاتمة
هذا العمل البحثي الذي نتطلع أن يكون معمقا ومتفردا ،سيقودنا منطقيا إلى إعادة النظر في
اإلرث المعماري لإلنسانتش ي وﻛذلﻚ البنى التحتية واألحداث الثقافية في تطوان ،بحيث ال ينبيي
اعتبارها مجرد أﺷياء ،بل وسائل إيصال تنقل الهويات والخصوصيات الثقافية املحلية لألجيال
القادمة .الحفاظ وتثمين اإلرث المعماري لإلنسانتش ي والبنى التحتية الثقافية المنضوية تحته قادر
على إعادة إعادة تشكيل محيط المدينة ﻛكل وتعبئة السكان املحليين ،مع املحافظة على الهوية
الثقافية املحلية.
14
بيبليوغرافيﺎ
Ducasse P., le développement local, c’est quoi ? C’est comment ? C’est Pourquoi ; Papier
de Recherche, P 1. Disponible sur le site
;www.cdcdescherbrooke.com/publications/developlocal_3riv.p
Crozier M. & Friedberg E., (1977), L'acteur et le système, Editions du Seuil, Paris.
Denys Cuche (2004), La notion de culture dans les sciences sociales 123 pages, La
Découverte.
Kroeber, A.L. and Kluckhohn, C. (1952), Culture: A Critical Review of Concepts and
Definitions. Peabody Museum, Cambridge, MA, 181.
Mustafá Akalay. «La ciudad de Tetuán a través de su arquitectura» ( مدينة تطوان من
) خالل بناياته. En: J.A. Gonzáez Alcantud (ed.).La ciudad magrebí en tiempos
coloniales. Invención, conquista y transformación. :المدن المغربية في الفترة االستعمارية
الغزو والتحول،االختراعBarcelona, Anthropos, 2008, pp.283-306. Antonio Bravo Nieto.
Arquitectura y urbanismo en el norte de Marruecos. ( ) البناء والعمارة في المغرب الشمالي
Sevilla, Junta de Andalucía, 2000.
Vacbon, Bernard et aL, Le développement local : théorie et pratique, Québec, Gaëtan
Morin, 1993.
Webographie
https://youtube.com/watch?v=ZjaeeY11sRY&feature=share
https://youtu.be/nRs5KuDwMmI
15