‫التغير االجتماعي‬

‫الدرس ‪4‬‬

‫نظريات التغير االجتماعي‬

‫‪ /1‬النظريات الخطية للتغير‬

‫التوصيف هذا للنظريات التي سنتطرق إليها حول التغير االجتماعي‪ ،‬هو توصيف حديث‬
‫ولي د الق رن التاس ع عش ر بع د انتق ال االهتم ام ب التغير االجتم اعي من الج انب الفلس في إلى‬
‫الفلسفة االجتماعية خاصة خالل وبعد عهد األنوار‪.‬‬

‫فق ط كمالحظ ة ينبغي التنبي ه إليه ا‪ ،‬أن ه ذا التوص يف لمختل ف النظري ات ح ول التغ ير ه و‬
‫نتاج معرفي نقدي لمختلف التيترات والمدردس واآلراء حول التغير‪ .‬غير أن هذا ال يمكن‬
‫أن نفرضه كما هو مفهوم حاليا على هذه النظريات كما كان أصحابها يفكرون بها‪ ،‬بمعنى‬
‫أنه ليس بالضرورة أن يكون الدارسون للتاريخ والفلسفة ينظرون إلى التغير بطريقة خطية‬
‫متواص لة ممت دة في التق دم‪ ،‬ال ينكفئ وال تتج دد وال تتك رر‪ .‬فه ذا من تحص يل الحاص ل أن‬
‫نالحظ الدورة الكونية تتجدد كل سنة عبر الفصول وعبر السنوات وأيضا عبر الشهور‪،‬‬
‫من خيار تعاقب األيام والليالي‪ .‬لهذا‪ ،‬نجد حتى في النصوص الدينية المقدسة ومنها الق رآن‬
‫يتح دث عن التغ ير وال دوران والتك وير والتس بيح (من الس باحة)‪ ،‬ال تي تع ني كله ا التغ ير‬
‫الخطي لكن في دوران دائم‪ .‬له ذا ال يع ني أن النظري ة الخطي ة في التغ ير وال تي ع ادة م ا‬
‫تربط بالنظرية الدين للخلق والنشور والتطور التي تبدأ بنشأة الخليقة وتنتهي بانتهاء هذه‬
‫الخليقة‪ .‬هذا تطور خطي‪ ،‬لكن هذا ال يعني أن الخط مستقيما دوما ال مائال وال دائريا وال‬
‫حلزوني ا وال لولوبي ا‪ ،‬إنم ا هي تس مية م يز به ا المح دثون تط ور النظري ات نفس ها من حيث‬
‫النظرة والفهم ال من حيث كونها تلغي التطور الدائري أو اللولبي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫النظري ات الخطي ة نع ني به ا إذن النظري ات القديم ة في التغ ير االجتم اعي وتط ور الت اريخ‬
‫اإلنساني‪ ،‬وهي كثيرة وكثيرا ما تتداخل النظريات الخطية مع بقية النظريات األخرى‪.‬‬

‫ـ نج د في نظري ة ")‪ ،Antoine Condercet"1 (1743 . 1794‬ذل ك المنح نى الخطي‬

‫التطوري للحضارات‪ ،‬رغم أن نظريته تتضمن عناصر من الحركة الدائرية لطن دون أن‬
‫يشير إلى ذلك بصريح العبارة‪ ،‬كون التسمية هي محصلة تراكم معرفي نقدي لما مر من‬
‫المقارب ات النظري ات وال رؤى تج اه التط ور والتغ ير‪ .‬عن دما يتح دث عن المراح ل العش رة‬
‫التي مرت بها الحضارة اإلنسانية وهي‪ :‬الطبيعة‪ ،‬الرعي‪ ،‬الزراعة‪ ..‬هذه المراحل الثالثة‬
‫األولى هي نفسها التي تتحدث عنها نظريات أخرى بتسميات مختلفة لكنها تجم ع على نفس‬
‫مراحل التطور والتي دامت أالف السنين‪(.‬على سبيل الذكر‪ ،‬مرحلة المشاعية البدائية في‬
‫النظرية الماركسية مع كل مراحلها الجنينية والتطورية‪ ،‬بدء من القطيع البشري والجني‬
‫واكتش اف الن ار والملح والت دجين ف الرعي فالزراع ة البدائي ة)‪ ،‬ثم تليه ا بحس ب ‪Antoine‬‬
‫‪ ،Condercet‬الحض ارة اليوناني ة‪ ،‬ثم الحض ارة الروماني ة‪( ،‬وهن ا أيض ا يتالقى م ع‬
‫"م اركس" و"إنجل ز" في المرحل ة الثاني ة عن دهما ض من المادي ة التاريخي ة وهي "المرحل ة‬
‫العبودي ة"‪ ،‬غ ير أن "أنط وان كندرس يت"‪ ،‬ال ي ذكر الحض ارة المص رية حض ارة م ا بين‬
‫النهرين‪ ،‬ويبدو أنه يتناول فقط تاريخ أوروبا كما فعل ماركس وغيره)‪..‬يضاف إلى ذلك‬
‫ض من المراح ل العش رة ال تي ذكره ا‪ :‬مرحل ة العص ور الوس طى‪ ،‬ثم اإلقط اع (م اركس‪،‬‬
‫يض مهما لنفس المرحل ة "المرحل ة اإلقطاعي ة"‪ ،‬م ع العلم أن ك ل مرحل ة تتض من مراح ل‬
‫داخلي ة‪ ،‬فالعص ور الوس طى هي أقطاعي ة بدائي ة أو مرحل ة انتقالي ة من النظ ام العب ودي إلى‬
‫اإلقطاعي)‪..‬المرحلة الثامنة عند "كوندرست" يحددها بفترة ما بعد "اكتشاف الطباعة"‪ ،‬أي‬
‫الق رن ال‪ ،16‬أم ا المرحل ة ال تي تليه ا‪ ،‬فيربطه ا "ب الثورة الفرنس ية"‪(،‬هات ان المرحلت ان‬
‫يجمعهما "كارل م اركس" في مرحلة "الرأسمالية"‪ ،‬والتي بدأت مع ثورة برجوازية المدن‬

‫‪1‬‬
‫‪http://classiques.uqac.ca/classiques/condorcet/esquisse_tableau_progres_hum/esquisse_intro_auteur.html‬‬

‫‪2‬‬
‫ألكنها ستتطور لتصبح حسبه "إمبريالية" والتي هي "أعلى مراحل الرأسمالية" بحسب تعبير‬
‫م اركس‪ .‬أم ا المرحل ة العاش رة واألخ يرة في نظري ة "أنط وان كندرس ت"‪ ،‬فيس ميها "مرحل ة‬
‫اآلمال ومستقبل اإلنسانية"‪.‬‬

‫نالحظ أن التطور عنده يبدو خطيا‪ ،‬لكن ليس مطلقا‪ ،‬فهو لم يتحدث عن نظريته على أنها‬
‫خطي ة أو غيره ا‪ ،‬إنم ا ذك ر التع اقب الحض اري في أوروب ا‪ ،‬دون أن يبحث عن التس ميات‬
‫والنعوت لنظريته‪ ،‬فكل ما كلن يهم هو مدى تاريخيتها وحقائقها العلمية والتاريخية‪ ،‬وهذا‬
‫كان من مهام المتأخرين من الدارسين والنقاد‪.‬‬

‫ـ عند ‪ ،August Conte (1757.1779)2‬نجده‪ ،‬وهو الفيسلوف "الوضعي" (‪Positivist‬‬

‫‪ ،)e‬يقسم مراحل التطور التاريخي‪ ،‬استنادا دائما لتطور المجتمع األوربي‪ ،‬بشكل يبدو‬
‫هو اآلخر خطيا‪ ،‬لكن أكثر تجريديا‪ .‬فهو صاحب نظرية "الديناميكية االجتماعية" المقابلة‬
‫"للستاتيكا"( ‪ )Statique‬أو الثبات االجتماعي‪ .‬فالتغير عنده قانون دائم وهو يتحكم ويح دد‬
‫طبيعة التطور انطالقا من عامل الزمن والمكان‪.‬‬

‫يقسم "أوغست كونت" التاريخ الحضاري ألوروبا (ومنه كل اإلنسانية‪ ..‬مع العلم أن هذه‬
‫المراح ل‪ ،‬بم ا في ذل ك المراح ل العش رة عن د "كندرس ت"‪ ،‬ال تتف ق م ع ك ل الحض ارات‬
‫اإلنسانية والمراحل التي عرفتها هذه الحضارات‪ ،‬ألنها تختلف باختالف المكان رغم أن‬
‫عام الزمن واحد‪.‬‬

‫يمسي "أوغست كونت" هذه المراحل "حاالت" وهي‪:‬‬

‫‪ .‬الحال ة الالهوتي ة الديني ة‪ ،‬ويح ددها بنح و م ا قب ل ‪ 1300‬س نة ق‪.‬م‪ .‬ويقص د به ا نفس‬
‫المراح ل ال تي ذكره ا "أنط وان كندرس ت"‪ :‬الطبيع ة‪ ،‬ال رعي‪ ،‬الزراع ة‪ ،‬أي المرحل ة ال تي‬
‫سبقت مرحلة العبودية عند ماركس‪ .‬غير أن "أوغست كونت"‪ ،‬يطبع هذه المرحلة بمسحة‬

‫‪2‬‬
‫‪https://www.cairn.info/revue-interdisciplinaire-d-etudes-juridiques-2011-2-page-49.htm#‬‬

‫‪3‬‬
‫فكري ة وليس اقتص ادية اجتماعي ة‪ ،‬يحكم عليه ا بن اء على م ا يس ميه ك ارل م اركس بالبني ة‬
‫الفوقية‪ ،‬حيث كان الفكر الالهوتي هو السمة البارزة للبنية الفوقية خالل هذه المرحلة‪ ،‬لهذا‬
‫سماها "حالة"‪.‬‬

‫‪ .‬الحال ة الثاني ة عن ده يس ميها "الحال ة الميتافيزيقي ة"‪ .‬ورغم أن الالهوتي ة والميتافيزيقي ة‬

‫متقاربت ان ومتقاطعت ان من حيث الدالل ة والمع نى‪ ،‬إال أن "أوغس ت ك ونت" هن ا‪ ،‬يش ير‬
‫باألس اس إلى مرحل ة "الفلس فة" ولكن أيض ا مرحل ة "األس طورة"‪ ،‬ويقص د به ا "مرحل ة‬
‫الحض ارة اليوناني ة‪ ،‬والروماني ة وإ لى غاي ة عص ر األن وار‪ ،‬حيث ك انت الفلس فة المثالي ة‬
‫الكالس يكية هي المس يطرة فكري ا ورؤي ة للع الم والظ واهر واألش ياء‪ ،‬أي قب ل أن تظه ر‬
‫الفلسفات االجتماعية مع عصر األنوار‪(.‬من ‪ 1300‬ق ‪ .‬م إلى ‪ 1800‬م)‬

‫يمكن هنا أن نشير إلى أن الحالة األولى عن كونت‪ ،‬والتي هي الالهوتية‪ ،‬يشير من خاللها‬
‫إلى كل األشكال المجتمعات التي سبقت الوثنية اإلغريقية وتعدد اآللهة‪ ،‬ونقصد بذلك كل‬
‫أشكال المعتقدات والعبادات والطقوس الطينية البدائية‪ :‬طوطمية باألساس‪.‬‬

‫‪ .‬الحالة الثالثة عند "أوغست كونت"‪ ،‬يسميها ب" الحالة العلمية"‪ ،‬ويؤرخ لها منذ ‪1800‬م‪،‬‬
‫ويربطه ا بث ورة الرأس مالية البرجوازي ة وظه ر المجتم ع الص ناعي واالكتش افات العلمي ة‬
‫واالختراع ات ودخ ول الفلس فة مج ال "العلم" والواق ع‪ ،‬بع دما ك ان مجاله ا ميت افيزيقي‬
‫باألساس‪.‬‬

‫هؤالء‪ ،‬مجرد نماذج‪ ،‬يمكن إضافة إليهم توجهات نظرية تصب في نفس التصور والرؤي‪.‬‬

‫نج د ذل ك أيض ا حاض را ل دى ‪ ،Edward Taylor‬ض من التص ور ال ديني حيث ي رى في‬

‫التط ور الت اريخي لإلنس انية في ش كل تغ ير مض طرد مظه ره دي ني فك ري‪ ،‬حيث انتق ل‬
‫اإلنس ان حض اريا من مرحل ة المعتق ات الروحي ة "‪ "Animisme‬إلى مرحل ة تع دد اآلله ة "‬

‫‪4‬‬
‫‪ "Polithéisme‬وص وال إلى مرحل ة "التوحي د" ‪ ،"Monothéisme‬موض حا ب ذلك الخطي ة‬
‫التي انتهجها الفكر اإلنساني عبر آالف السنوات‪.‬‬

‫التط ور العلمي‪ ،‬ك ان ل ه الفض ل في تحدي د المص طلحات والمف اهيم وت دقيقها ومنه ا مقول ة‬
‫"التط ور الخطي" و"التط ور ال دائري" و" الحل زوني‪/‬اللول بي"‪ ،‬فق د ب ات يع رف اآلن‪ ،‬أن ه ال‬
‫يوجد هناك خط مستقيم بالمطلق‪ ،‬وإ نما هناك التواء ومنحنيات ودوران في الخط الذي يبدو‬
‫مستقيما‪ .‬تأكد ذلك بدء من اكتشاف أن األرض كروية وغير مسطحة‪ ،‬بمعنى أنها ليست‬
‫منبس طة في ش كل خ ط أفقي ال منتهي وإ نم ا ل ه نهاي ة يب دأ فيه ا ب الميالن‪ .‬نفس الش يء م ع‬
‫اكتشاف "القذائف"‪ ،‬حيث أكتشف أنها ال تنقل بالسرعة التي تنطلق منها من فوهة البندقة أو‬
‫الم دفع ثم بع دها الص واريخ‪ ،‬في خ ط مس تقيم‪ ،‬رغم م ا يب دو للعين أحيان ا‪ ،‬ألن المق ذوف‬
‫بمج رد أن ينتهي م داه‪ ،‬يش رع في الميالن ثم الس قوط مح اوال تش كل دائ رة كب يرة القط ر‪.‬‬
‫مواسير المدافع اليوم ملولبة من الداخل لتسريع المقذوف أكثر كون القذيفة وهي تنتقل من‬
‫مكان إلى مكان‪ ،‬إنما تنتقل سابحة‪ ،‬دائرة حول نفسها‪ ،‬وليس في خط مستقيم‪.‬‬

‫من هذا المنطق‪ ،‬فإن كل حركة تبدو مستقيمة أفقية هي في األصل دورانية‪.cyclique ،‬‬

‫وعلى الرغم من تقاطع هذه النظريات وتقاربها إال أنهما من حيث التأريخ والفهم للت اريخ‪،‬‬
‫فإن النظري ة الخطي ة أقدم نس بيا‪ ،‬تلته ا النظريات الدائرية‪ ،‬فيما تمثل النظري ة اللولبي ة هي‬
‫النظرية األكثر حداثة‪ ،‬يدخل ضمن هذا التصنيف الثالثي كثير من النظريات التي ال ينبغي‬
‫أن نخلط بين "مناهجها" وتصنيفها‪ :‬ال يمكن مثال الربط بين النظرية البنيوية الوظيفية هي‬
‫خطي ة أو دائري ة أو لولبي ة‪ .‬ه ذه من اهج ومقارب ات تت وزع على التص نيف الثالثي الس ابق‪.‬‬
‫فهذه التصنيفات تمثل "توجهات" و"نزعات" و"ميوالت" فكرية أكثر ما هي مناهج وطرق‬
‫بحث‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫" ‪ ،3"Jiambattista Vico‬رغم أنه يتحدث عن بدية ونهاية كل مرحلة ومن المراحل الثالث‬
‫وكأنه ا تمث ل دورة حي اة تنتهي بانته اء آجاله ا الزم ني في تط ور زم ني دائ ري‪ ،‬إال أن‬
‫التطور عنده يبدو خطيا أفقيا أو عموديا تصاعديا‪.‬‬

‫المراح ل الثالث ال تي م ر المجتم ع األوربي‪ ،‬ومن ه المجتم ع اإلنس اني في تص وره‪ ،‬تتمث ل‬
‫فيما سماها ب‪:‬‬

‫‪ .‬المرحل ة الديني ة (وال تي نالحظه ا في مختل ف النظري ات الس ابقة على مختل ف التس ميات‬
‫والتحديات الزمنية‪ ،‬تتمثل في المرحلة التي سبقت الحضارة اليونانية)‪ .‬فهي مرحلة انتهت‬
‫دورتها الزمنية وانقضت وحل محلها دور دورة ثانية هي‪:‬‬

‫‪" .‬مرحل ة البطول ة"‪ ،‬هك ذا يس ميها فيك و‪ ،‬ويش ير ب ذلك إلى المرحل ة ال تي ب دأت من العه د‬
‫األس طوري اإلغ ريقي ‪ ،‬فالعه د الروم اني وانته اء باإلقطاعي ة‪ .‬خالل ه ذه الف ترة الطويل ة‪،‬‬
‫كانت البطوالت والحروب سيدة الموقف‪ ،‬باعتبار الغلبة لألقوى‪.‬‬

‫‪ .‬المرحل ة الثالث ة عن د فيك و‪" ،‬مرحل ة اإلنس انية" وال تي ترتب ط بنهاي ة عه د اإلقط اع وب داء‬
‫المرحلة الرأسمالية‪.‬‬

‫كل هؤالء المفكرون‪ ،‬هم نتاج بداية االنتقال من المجتمع اإلقطاعي نحو الثورة الصناعية‬
‫الحرّي ة الرأس مالية‬
‫والمجتم ع الرأس مالي ال برجوازي‪ ،‬له ذا ك انت خاتم ة األم ل عن دهم هي ّ‬
‫ال تي ك انت تب دو لهم "مرحل ة الحلم اإلنس اني" ومرحل ة "الحري ة الفردي ة والجماعي ة" على‬
‫خلفية سقوط اإلقطاع الذي جسده "آدم سميث" في مقولته‪" :‬دعه يعمل‪ ،‬دعه يمر‪.‬‬

‫‪ /2‬النظريات الدائرية واللولبية‬

‫‪3‬‬
‫‪https://journals.openedition.org/laboratoireitalien/382‬‬

‫‪6‬‬
‫يمكن اعتب ار نظري ة ابن خل دون أق دم نظري ة ض من النظري ات الدائري ة ال تي تعتم د على‬
‫ميالد مرحل ة أو دول ة أو حقب ة ثم زواله ا وانقض ائها بع د نهاي ة ص الحيتها التاريخي ة‬
‫والزمني ة‪ .‬ولن ا ع ودة في نهاي ة الفص ل لنظري ة ابن خل دون‪ .‬كم ا س نالحظ ذل ك م ع نظري ة‬
‫شبنجلر‪.‬‬

‫التطور أو التغير اللولبي‪ ،‬إشارة إلى أن التغير والتطور يكون في شكل دائرة لكن دائرة‬
‫غ ير مغلق ة تمام ا‪ ،‬بمع نى أن نقط ة البداي ة وم ا يلي ه من خطي منح ني دائ ري‪ ،‬ال يلتقي في‬
‫نهاي ة المط اف بنقط ة النهاي ة‪ ،‬ب ل يتجاوزه ا وال يتط ابق معه ا‪ ،‬بم ا يفي د أن الحض ارة أو‬
‫التاريخ "يعيد نفسه" لكن ال يطابق نفسه‪ ،‬فهو يتكرر بطريقة متشابهة على نحو ما دون أن‬
‫يكون متطابقا وإ ال لما افترضنا وجود هناك تغير أو تطور أصال ولما سلمنا بقانون التغير‬
‫وأسسنا للثبات الذي يعني "ال حراك "‪L’immobilisme .‬‬

‫تمثل النظرية الماركسية‪ ،‬نموذجا لما يسمى النظرية اللولبية أو الحلزونية" ‪،"En spirale‬‬
‫والتي سنفرد لها درسا خاصا في نهاية الفصل مع النظرية الخلدونية‪.‬‬

‫ضمن هذه التصنيفات الثالثة لطبيعة الحركة والتطور والتغير‪ ،‬ستنشأ هناك نظريات تفسر‬
‫وتشرح وتدرس التطور من مختلف األوجه والمناهج والمقاربات وهذا مع نهاية العصور‬
‫الوسطى في أوربا ومنها نظرية "شبنغلر"‪1880 4‬ـ‪Oswald Arnold Gottfried( 1936‬‬
‫‪ )Spengler‬التي يتحدث فيها عن الدورة الحياتية وحتمية الفناء في نهاية العمر ‪ ،‬كما‬
‫هو الشأن بالنسبة لكل الدورات الطبيعية والفلكية‪" .‬شبنغلر" الذي يقسم مراحل عمر الحياة‬
‫اإلنسانية من النشأة عبر التطور الزمني بحسب ما يسميه بالثقافات‪ ،‬أو الحضارات ويعد ‪8‬‬
‫مراحل بدء من‪ :‬الحضارة المصرية‪ ،‬فحضارة ما بين النهرين‪ ،‬فالحضارة الهندية ثم‬
‫الص ينية‪ ،‬فالحض ارة الكالس يكية (يقص د الحض ارة اإلغريقي ة الروماني ة الالتيني ة) ‪،‬‬

‫‪4‬‬
‫_‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%88%D8%B3%D9%81%D8%A7%D9%84%D8%AF‬‬
‫‪%D8%B4%D8%A8%D9%8A%D9%86%D8%BA%D9%84%D8%B1‬‬

‫‪7‬‬
 ‫فالعربية المجوسية (يقصد الفارسية)‪ ،‬فحضارة المايا (أمريكا الجنوبية‪ /‬المكسيك)‪،‬‬
‫فالحضارة الغربية الرأسمالية‬

‫يالح ظ كي ف أن "ش بنجلر"‪ ،‬باعتب اره من المت أخرين‪ ،‬ق د أخ ذ بعين االعتب ار في التط ور‬
‫التاريخي للحضارات كل الحضارات تقريبا وفي كل القارات فيما اكتفى األوائل بالتجربة‬
‫األوربية في تشكل نظرياتهم التطورية‪ ،‬كما أن "شبنجلر" يبدو وكأنه يتناول كل حضارة‬
‫على ح دة وليس ت حض ارة تراكمي ة مس تمرة‪ ،‬وه ذا م ا جع ل نظريت ه ي دخلها البعض في‬
‫النظري ة ال دائرة ذات ال دورة الواح دة ك أي دورة عض وية بيولوجي ة تب دأ وتنتهي بانته اء‬
‫دورتها الطبيعية‪.5‬‬

‫‪5‬‬

‫لتوضيح أكثر يمكن االطالع على مقال‪ :‬التفسير البيولوجي للحضارات عند أوزفالد شبنجلر د‪ .‬قادة جليد‬
‫‪http://www.almothaqaf.com/qadayaama/b1d/922115-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%81%D8%B3%D9%8A‬‬
‫‪%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%8A-‬‬
‫‪%D9%84%D9%84%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%86%D8%AF-‬‬
‫‪%D8%A7%D8%B2%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AF-%D8%A7%D8%B4%D8%A8%D9%86%D8%BA‬‬
‫‪%D9%84%D8%B1‬‬

‫‪8‬‬