Professional Documents
Culture Documents
المرام في علوم القرآن
المرام في علوم القرآن
المرام في علوم القرآن
الذي أنزل القرآن بلسان عربي على خير خلقه وافضل رسله
أمابعد
فإن خير الحديث كتاب اهلل ،وخير الهدى هدى محمد صلى اهلل عليه
وسلم ،وشر األمور محدحثاهتا وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضاللة وكل
ضالة يف النار.
وإن القرآن كالم اهلل سبحانه ،أودع فيه الهدى والنور، ،أبان فيه العلم
2
علوم القرآن
علوم القرآن هي العلوم المتعلقة بالقرآن من حيث نزوله وترتيبه ،وجمعه
3
العلوم
تعريف العلوم:
العلوم جمع علم ،والعلم نقيض الجهل وهو مصدر مرادف للفهم
والمعرفة ،ويراد به إدراك الشيء بحقيقته أو اليقين ،أو هو نور يقذف اهلل
يف القلب.
ويطلق العلم على مجموع مسائل وأصول كلية تجمعها جهة واحدة ،مثل
ويجمع على ( علوم ) وقد تسمى به المباحث التي تتناول موضوعا واحدا
4
تمرين
5
تعريف القرآن لغة:
اختلف العلماء ــ رحمهم اهلل تعالى ــ يف لفظ القرآن لكنهم اتفقوا على أنه
اسم فليس بفعل وال حرف .،،وهذا االسم شأنه شأن األسماء يف العربية
تدون ،ولم تجمع يف كتاب ،لعدم حاجتهم إلى ذلك ،فقد كان رسول اهلل
ّ
ص ّلى اهلل عليه وس ّلم بين أظهرهم ينزل عليه الوحي فير ّتله على مسامعهم،
تم يف عهد الخليفة الثالث ب -عهد التمهيد لكتابة علوم القرآنّ :
إن ما ّ
عثمان بن عفان رضي اهلل عنه من جمع القرآن يف مصحف إمام ،ونسخ
يسمى
عدة نسخ منه إلرسالها إلى األقطار اإلسالمية كان األساس لما ّ
7
األموي أسهم عدد من الصحابة والتابعين يف وضع األساس لما
ّ ويف العهد
ج -عهد التدوين :ويف هذا العهد أ ّلفت الكتب يف أنواع علوم القرآن،
وا ّتجهت الهمم أول األمر إلى التفسير باعتباره أ ّم العلوم القرآنية،
8
تمرين
4ــ كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يعرفون عن القرآن ــــــــــــــــ
6ــ ويف عهد علي رضي اهلل عنه وضع األساس ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-
9
خصائص القرآن الكريم
1ــ القرآن كالم اهلل المنزل على رسولنا محمد -صلى اهلل عليه وسلم-
2ــ التعبد بتالوته يف الصالة وغيرها وأخذ الثواب على قراءته؛ لقول -
الرسول صلى اهلل عليه وسلم « :-من قرأ حر ًفا من كتاب اهلل فله به حسنة،
والحسنة بعشر أمثالها ،ال أقول[ :ألم] حرف ،ولكن :ألف حرف ،والم
ُ
أحاديث صحيحة كسورة( :البقرة ،وآل عمران، وقد ورد يف قراءة سوره
3ــ الصالة ال تصح إال بقراءة القرآن لقوله -صلى اهلل عليه وسلم « :-ال
10
صالة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»[ .متفق عليه[.
4ـــ القرآن سل َم من التحريف والتبديل؛ لقوله تعالى ﴿ :إ َّنا َن ْح ُن َن َّز ْلنَا
حرفها (اليهود
أما بقية الكتب الســــــــــماوية كالتـــوراة واإلنجيل فقد َّ
والنصارى.
المك ّية هي اآليات التي نزلت على النبي صلى اهلل عليه وسلم وهو يف م ّكة
الم ّكرمة قبل الهجرة إلى المدينة المنورة ،بينما اآليات المـــــدن ّية هي التي
نزلت على النبي صلى اهلل عليه وسلم بعد الهجرة إلى المــــــــدينة المنورة
11
سواء نزلت يف م ّكة المكرمة بعد الفتح أو يف المدينة المنورة أو أي مكان
آخر.
لقد هاجر النبي صلى اهلل عليه وسلم والصحابة من م ّكة الم ّكرمة إلــــــى
المدينة المنورة بعد ثالثة عشر عامًا من البعثة ،حيث عانوا من الظلــــــم
والتعذيب على يد المشركين يف مكة المكرمة ،وقرر النبي الهجرة بعد أن
الدولة اإلسالمية.
الفرق بين اآليات المكية والمدنية خا َطب اهلل تعالى النَّـــــــــاس يف اآليات
والقوةّ ،
ألن الدعوة يف تلك الفرتة كانت موجهة إلى ّ المك ّية بنو ٍع من ِّ
الشدة
المدن ّية كان األسلوب أكثر لينًا وسهولةً؛ ألن النّاس يف تلـــــك الفرتة كانوا
12
اتسمت اآليات المكية بقصرها وبتقديم الحجج للمشركين ،بينما اتسمت
ركّزت اآليات المكية على ترسيخ العقيدة ووحــــــدان ّية اهلل تعـــــالى؛ ألن
األشياء األخرى ،بينما اآليات المدن ّية ركزت على تفصــــيل العبــــــــادات
والمعا َمالت؛ ألن العقيدة قد ترسخت جيد ًا يف قلوب المسلمين ،كـما أهنا
ركّزت على ذكر الجهاد ومنافعه وأجره ألن المسلمين يف تلك الفرتة كانوا
14
أسباب نزول القرآن الكريم
عرف سبب نزول القرآن الكريم بأ َّنه :ما نزل من اآليات الكريمة المرتبطة
ُي ّ
خاص ،أي ّ
إن هذه اآليـــــات جاءت لتجيــــــب عن ٍ
بحدث مع ّين أو سبب
ّ
وس ّلم.
وبمعنى آخر ُيقصد بسبب النزول :العلم الذي ُيعنى بالبحث عن مكان أو
ً
تحدثت عنها آية أو سورة؛ كحدوث خطأ ما ،أو وقـــوع
زمان وقوع حادثة َّ
ٍ
سؤال حصل يف الماضي أو سيحصــــــل يف الــــــــمستقبل، خصومة ما ،أو
وهكذا.
15
التعرف على معــــــــنى سبب
تم ّ صور أسباب نزول القرآن الكريم بعد أن ّ
وفيها أحكا ٌم للمؤمنين ولتربأة السيدة عائشة .ومن األمثلة كذلك مجــادلة
خولة بنت ثعلبة للرسول -عليه الصالة والسالم -عندما ظاهرها زوجهــا
حاو َركُمــــا إ َّن َق ْو َل ا َّلتي ُتجاد ُل َك في َز ْوجها َو َت ْش َتكي إ َلى اهلل َو ُ
اهلل َي ْس َم ُع َت ُ
16
عن هذه األسئلة ،وتبدأ غالبًا بـ" :يسألونك عن" ،ومن األمثلة على ذلك
فوائد معرفة سبب النزول إن لمعرفة سبب النزول فوائدة عديدة ،وفيمـــــا
أهمها:
يأيت ذكر ِّ
سبب النزول.
17
معرفة المعنى الدقيق لآليات ،فال يتسنَّى ذلك إال بمعرفة سبب النـــــزول.
هناك الكثير من اآليات التي نزلت بسبب حادثة معينة ،وفيما يأيت بيــــــــان
بعض األمثلة على أسباب النّزول صعد الرسول -صلى اهلل عليه وســـلم-
كاالستغفار لعمه أبي طالب عندما مات مشركًا ،قال -تعالى( :-ما كـــــا َن
للنَّب ِّي َوا َّلذي َن آ َمنُوا َأ ْن َي ْس َت ْغف ُروا ل ْل ُم ْشركي َن َو َل ْو كا ُنوا ُأولـــــــــــي ُق ْربى.)..
18
سر رسول اهلل -عليه الـــــــــــــــصالة
أخرب حاطب بن أبي بلتعة المشركين ّ
والسالم -بعد أن عزم على فتح م ّكة ،فأنزل اهلل -تعالى( :-يــــا َأ ُّي َها ا َّلذي َن
الر ُس َ
ول َوإ َّياك ُْم أن تؤمنوا باهلل ر ِّبكم إن كنـــــتم جا َءك ُْم م َن ا ْل َح ِّق ُي ْخر ُج َ
ون َّ
المراجع هل لديك سؤال؟ اسأل هنا هل كان المقال مفيد ًا؟ نعم ال مـــــــــا
الحكمة من
هو اعتقاد عند المسلمين ينص على أن القرآن له صفة إعجازية من حيث
19
ووف ًقا لهذا اإلعتقاد ،فإن القرآن هو الــــــــــدليل المعطى للنبي محمد ﷺ
للداللة على صدقه ومكانته النبوية .يؤدي اإلعجاز غرضين رئيسين األول
وهو أثبات أصالة القرآن وصحته كمـصدر من إله واحد .والثاين هو إثبات
صدق نبوة محمد ﷺ الذي نزل عليه ألنه كان ينقل الرسالة.
ظهر مفهوم إعجاز القرآن منذ اليوم األول لقيام النبي محمد ﷺ بتبليغه
صفحة من القرآن الكريم تعود إلى القرن السادس عشر .كتب عليها اآلية
ضعيف .والمـعنى:
ٌ عاجز .أي:
ٌ عجز عجز ًا ،فهو
مشتق من ُ
ٌ اإلعجاز لغةً:
طلبه وإدراكه .واإلعجاز القرآين مصطلح يدل على :قصور اإلنس والجن
ٍ
بسورة من مثله. عن أن يأتوا بمثل القرآن الكريم أو
20
وقد بين القرآن ما أصاب العرب عند سماعهم آياته ألول مرة ،فبعضهم
وصف النبي محمد ﷺ بأنه شاعر فأنزل اهلل تعالى يف سورة يس ) َ :و َما
،وبعضهم قال أن النبي محمد ﷺ قد نقل هذا الكالم ممن سبقوه ،يقول
اهلل تعالى يف سورة الفرقان ) َ :و َقا ُلوا َأ َساط ُير ْاألَ َّولي َن ا ْك َت َت َب َها َفه َي ُت ْملـــــَى
بينما اهتم بعضهم النبي محمد ﷺ بأنه ساحر يقول اهلل تعالى يف ســـــورة
ُمبي ٌن(
21
وف ًقا لصوفيا فاسالو وهي باحثة معاصرة يف علم الالهوت ،فإن األخبار
التي وصلت إلينا عن طريقة تلقي العرب للقرآن وإصابتهم بالحيرة أمر
بالغ األهمية يف النقاشات .تقول صوفيا «:إن العرب لما سمعوا القرآن
أحتاروا يف محاولة تصنيف كلماته وتسائلوا :هل هذا شعر؟" "هل هذا
22
تمرين
تمرين
23
تعريف رسم المصحف وفائدته
والزيادة والبدل والفصل والوصل وغير ذلك ،وفائدة دراسة هذا العـــــلم
مستند إلى ُصحف أبي بكر -رضي اهلل عنه ،-وتمييز فيه القراءة الصحيحة
من الشا ّذة؛ ألن من أركان القراءة الصحيحة موافقتها للرسم ال ُعثماينّ ،كما
24
أ ّنه ُيم ّثل مرحلة من مراحل ّ
تطور الكتابة العرب ّية التي تؤ ّدي إلى بناء ال ُتراث
المصحف إلى ّ
أن تاريخ رسم المصحف يعود السبب يف ُظهور علم رسم ُ
المصحف كانوا يكتبونه بما يجدونه يف ُصحـــــــــفهم،
النّاس يف زمن كتابة ُ
وساروا على ذلك يف زمن الصحابة -رضي اهلل عنهم -والتـــــــــــــــــابعين
وروابط لبناء أقيستهم النحو ّية عليها ،وكذلك أصولهم الصرف ّية بنا ًء عـــلى
25
الصحابة الكرام -رضي اهلل عنهم-؛ ليكون بعيد ًا عن التحريف والتبديل
مما أ ّدى بعلماء القراءات والرسم إلى تأليف كتب لشــرح هذه
اإلمالئية ّ
العلمي
ّ االختالفات وبياهنا ،وذلك بضبط القواعد واألصول مع التطبيق
تقدمين
الم ّ
وأ ّما التفريق بين تاريخ علم رسم المصحــــــــف ومكانته بين ُ
المتقدم ّين :أجاز النبي –عـــليه ّ
والمتأخرين فكان على النحو اآليت :عند ُ
المصحف بما كتبه ُك ّتاب الوحي من الصــــحابة
الصالة والسالم -رسم ُ
الكرام -رضي اهلل عنهمُ ،-ث ّم جاء أبو بكر -رضي اهلل عنه -وكتــــــبه يف
26
وأقره
المصحف بنفس الرسـمّ ،
وجاء بعده ُعثمان -رضي اهلل عنه -ونسخ ُ
على ذلك الصحابة الكرام -رضي اهلل عنهم ،-ولم ُيخالف به أحــــد حتى
المخالفة للنطق،
المصحف بعض الكلمات ُ
تابعي التابعين ،وكان يف رسم ُ
تخص أســـرار
ّ وبعضها اآلخر ُترسم بغير الرسم ُ
المعتاد؛ ألغراض شريفة
المصحف ينبغي أن تكون على الهجاء الذي كُتب به؛ ألن كتابته على زمن
ُ
النبي -عليه الصالة والسالم -كانت حسب ما كان ينقله عن جـــــــــــربيل
27
تمرين
28
أعداده
29
أسماء المالئكة يف القرآن
جبريل
ميكائيل
30
أسماء الكواكب يف القرآن الكريم
31
األمثال يف القرآن ..أنواعها والحكمة منها
األمثال يف القرآن لها بالغة خاصة ال يدركها إال العارف بأسرار اللغة
واإلدراك ولسهولة الوصول إليه حتى ال يكون ألحد حجة يوم القيامة
.فكل الدالئل العقلية والكونية واألدبية تشير بنفس واحد ال إله إال اهلل
تعريف المثل
المثل هو إعطاء شيء منزلة شيء عن طريق التشبيه وبيان وجه الشبه ،وال
جانب
ٌ يلزم يف الشبيه المطابقة من كل الوجوه ،بل يكفي فيه أن ُيلمح منه
32
لماذا ضرب اهلل األمثال يف القرآن؟
ضرب اهلل -عز وجل -يف القرآن الكريم األمثال للناس لعلهم يتذكرون،
وحكما
ً وكما قال بعض السلف الحريصين على فهم القرآن ً
أمثاال
ً
مثال من القرآن ،فلم أفهمه ،بكيت على نفسي؛ ألن اهلل تعالى يقول:
(وت ْل َك ْاألَ ْم َث ُال َن ْضر ُب َها للنَّاس َو َما َي ْعق ُل َها إ َّال ا ْل َعال ُم َ
ون) [العنكبوت]43: َ
فأبكي؛ ألنني لست من العالمين الذين عرفوا هذه األمثلة" ،وهذه اآلية
كثيرا
نمر هبا ً
التي قرأناها ُّ
33
المثال الصريح يف القرآن
من الناس ،ولزيادة اإليمان لمن كان اهلل تعالى قد هدا ُه؛ قال تعالىَ ﴿ :ف َأ َّما
َأ َرا َد ُ
اهلل ب َه َذا َم َث ًال ُيض ُّل به كَث ًيرا َو َي ْهدي به كَث ًيرا َو َما ُيض ُّل به إ َّال ا ْل َفاسقي َن
ُ
األمثال يف ال ُقرآن الكريم على وجوه ُ :ضربت
من األمثال يف القرآن :إخراج الغامض إلى الظاهر :ولما لألمثال من
فوائد؛ امت َّن اهلل تعالى علينا بقولهَ ﴿ :و َض َر ْبنَا َل ُك ُم ْاألَ ْم َث َال ﴾ [إبراهيم:
َ
34
،]45وبقوله تعالىَ ﴿ :وت ْل َك ْاألَ ْم َث ُال َن ْضر ُب َها للنَّاس َو َما َي ْعق ُل َها إ َّال
مثال؛ ألنه ٌ
ماثل بخاطر اإلنسان وس ِّمي ً ا ْل َعال ُم َ
ون ﴾ [العنكبوتُ ،]43 :
.أبدا؛ أي :شاخص ،فيتأسى به وي َّتعظ
ً
ومنها ما يأيت فيها المثل بمعنى الصفة؛ كقوله تعالىَ ﴿ :ول َّله ا ْل َم َث ُل ْاألَ ْع َلى
َت ْحت َها ْاألَ ْن َه ُار ُأ ُك ُل َها َدائ ٌم َوظ ُّل َها ت ْل َك ُع ْق َبى ا َّلذي َن ا َّت َق ْوا َو ُع ْق َبى ا ْل َكافري َن
الن َُّار ﴾ [الرعد ،]35 :وقوله تعالىَ ﴿ :ذل َك َم َث ُل ُه ْم في ال َّت ْو َراة َو َم َث ُل ُه ْم في
بالحسي ،والغائب
ِّ ومن األمثال يف القرآن ما فيه تشبيه المعنوي الخفي
.بالشجرة
35
ويستعمل المثل لبيان الحال؛ كقوله تعالىَ ﴿ :م َث ُل ُه ْم ك ََم َثل ا َّلذي ْ
اس َت ْو َق َد
َنارا َف َلما َأ َضاء ْت ما حو َله َذ َهب اهلل بنُورهم و َتركَهم في ُظ ُلم ٍ
ات َال َ ْ َ َ ُ ْ َ ُ َ َ َ ْ ُ ً َّ
ُ ].ي ْبص ُر َ
ون ﴾ [البقرة17 :
ويضرب المثل كنموذج لإلعجاز ،أو األمر ال َعجيب ،أو التحدي( ،المثل:
النَّمو َذج ،أو نوع من األنواع ،أو عمل من األعمال ،أو ُسنة من سنن اهلل
).تعالى
أول مثل ضربه اهلل تعالى للناس ىف القرآن الكريم هو تشبية المنافقين
الذين يظهرون اإليمان ويخفون الكفر بالذى أشعل نارا ليستضئ هبا
فذهب اهلل وتركه ىف ظلمه ال يستطيع أن يرى هبا وذلك ألنه أظهر اإليمام
.وأخفى الكفر
36
اس َت ْو َق َد َن ًارا َف َل َّما َأ َضا َء ْت َما َح ْو َل ُه
يقول اهلل تعالى « َم َث ُل ُه ْم ك ََم َثل ا َّلذي ْ
َ ».ذ َهب اهلل بنُورهم و َتركَهم في ُظ ُلم ٍ
ات َال ُي ْبص ُر َ
ون َ ْ َ َ ُ ْ َ ُ
األمثال يف القرآن
األمثال يف القرآن لها بالغة خاصة ال يدركها إال العارف بأسرار اللغة
العربية ،ويف القرآن الكريم من صريح األمثال واحد وأربعون َم ًثال :يف
:البقرة
19].
37
َ ].أ ْن َي ْضر َب َم َث ًال َما َب ُع َ
وض ًة َف َما َف ْو َق َها} [البقرة من اآلية3- {26 :
َو َم َث ُل ا َّلذي َن َك َف ُروا ك ََم َثل ا َّلذي َينْع ُق ب َما َال َي ْس َم ُع} [البقرة من{ 4-
: 171].اآلية
: 264].اآلية
ون َأ ْم َوا َل ُه ُم ا ْبت َغا َء َم ْر َضات اهلل َو َت ْثبي ًتا م ْن َأ ْن ُفسه ْم{ 7 -
َو َم َث ُل ا َّلذي َن ُينْف ُق َ
الد ْن َيا ك ََم َثل ريحٍ ف َيها ص ٌّر َأ َصا َب ْت{ 11-
ون في َهذه ا ْل َح َياة ُّ
َم َث ُل َما ُينْف ُق َ
سورة األعراف
.سورة يونس
24].
إ َّال َك َباسط َك َّف ْيه إ َلى ا ْل َماء ل َي ْب ُل َغ َفا ُه َو َما ُه َو ب َبالغه} [الرعد من اآلية16- {:
14].
الس َماء َما ًء َف َسا َل ْت َأ ْود َي ٌة ب َق َدر َها} [الرعد 17- {17 :
َ ].أ ْن َز َل م َن َّ
ٍ
يح في َي ْو ٍم{ 18- َم َث ُل ا َّلذي َن َك َف ُروا ب َر ِّبه ْم َأ ْع َما ُل ُه ْم ك ََر َماد ْاش َت َّد ْت به ِّ
الر ُ
َ ].عاص ٍ
ف} [إبراهيم18 :
39
اهلل َم َث ًال كَل َم ًة َط ِّي َب ًة ك ََش َج َر ٍة َط ِّي َب ٍة} [إبراهيم من اآلية19- {: َك ْي َ
ف َض َر َب ُ
24].
َ ].ذل َك َم َث ُل ُه ْم في ال َّت ْو َراة َو َم َث ُل ُه ْم في ْاإل ْنجيل} [الفتح من اآلية35- {29 :
ٍ
].ك ََم َثل َغ ْيث َأ ْع َج َ
ب ا ْل ُك َّف َار َن َبا ُت ُه} [الحديد من اآلية36- {20 :
].ك ََم َثل ا َّلذي َن م ْن َق ْبله ْم} [الحشر من اآلية37- {15 :
َ ].م َث ُل ا َّلذي َن ُح ِّم ُلوا ال َّت ْو َرا َة} [الجمعة من اآلية39- {5 :
41
تفسير أمثال القرآن
اهلل تعالى لما ضرب للمنافقين المثلين يف قولهَ « :م َث ُل ُه ْم ك ََم َثل ا َّلذي
أن اهلل له مطلق الحرية يف أن يضرب األمثال بكل ما يختاره ويف كل شيء
.يريده
وقال الحسن وقتادة :لما ذكر اهلل الذباب والعنكبوت يف كتابه وضرب «
هبما المثل للمشركين ضحكت اليهود ،وقالوا :ما يشبه هذا كالم اهلل،
42
اهلل َال َي ْس َتحى» والمعنى وراء هذا المثل :هو بيان
فأنزل اهلل هذه اآلية« :إن َ
قدرة اهلل تعالى وعظمته يف توضيح المعاين وتقريبها إلى أذهان الناس بما
الملموسة؛ ليكون التأثير أقوى وأعظم؛ ولذلك فإن الناس تفرقوا إلى
َ .و َي ْهدي به كَث ًيرا» ،أي :يوفق ويخذل ضالله وإلى هداهُ « :يض ُّل به كَث ًيرا
وهواهنم على اهلل ،فهم مهما تعاظمت قوهتم فهم أصغر عند اهلل من
البعوضة ،كما أنه يرمز أيضا إلى حقارة الدنيا وما فيها؛ ألهنا زائلة وال
تساوي عند اهلل جناح بعوضة ،ولو كانت لها قيمة ما سقى اهلل الكافر منها
شربة ماء.
43
1كيف ّية نزول القرآن الكريم
منجمًا كيف ّية نزول القرآن الكريم مراحل نزول القرآن الكريم وردت يف
تعالى( :-إ َّنا َأ َنز ْلنَا ُه في َل ْي َل ٍة ُّم َب َارك ٍَة ۚ إ َّنا ُكنَّا ُمنذري َن) ]1[،وآيات أخرى
44
المرحلة األولى
المخلوقات.
المرحلة الثانية
ُذكرت هذه المرحلة يف قوله -تعالى( :-إ َّنا َأ َنز ْلنَا ُه في َل ْي َلة ا ْل َق ْدر)؛[]5
العزة يف
فبعد أن نزل القرآن إلى اللوح المحفوظ ،أنزله اهلل إلى بيت ّ
الدنيا ،وكان ذلك يف ليلة القدر كما ذكرت اآلية ]6[.ونزول القرآن
السماء ُّ
الم ّنزلة على خير الخلق وأشرفهم محمد -ص ّلى اهلل عليه
ال ُكتب السماو ّية ُ
وس ّلم]6[.-
45
المرحلة الثالثة
النبي -ص ّلى اهلل عليه وس ّلم -أدعى للتو ُّثق من
فرقًا على ّ
ثم ُم َّ
العزةّ ،
بيت ّ
ّ
والشك عنه، الريب،
أ ّنه كالم اهلل ،وزيادة لإليمان به ،وهذا التنزيل ُيزيل َّ
التنزالت الثالثة ح َكم عديدة ،منها
ويدعو إلى التسليم به ،وقد كان لهذه ُّ
ما يأيت]8[:
46
األولى حكمة ُمتع ّلقة بالرسول -ص ّلى اهلل عليه وس ّلم-؛ فقد كان نزول
فرقًا عليه سببًا يف تثبيت قلبه ،وشرح صدره ،وقد ذكر اهلل -
القرآن ُم َّ
تعالى -ذلك يف قوله( :ك ََٰذل َك لنُ َث ِّب َت به ُف َؤا َد َك ۚ َو َر َّت ْلنَا ُه َت ْرت ًيال)]9[.
الثانية حكمة ُمتع ّلقة باأل ّمة اإلسالم ّية وحاجتها؛ فكان نزول القرآن ُم َّ
فرقًا
االلتزام هبا.
الثالثة حكمة ُمتع ّلقة بالناس ،وإخراجهم من الظلمات إلى النور ،وال
وس ّلم ،-وقد ُذكرت هذه الكيف ّيات يف كُتب الحديث ،ومنهاّ ]10[:
أن
السالم -فقط؛ ودليل ذلك ما روته عن عائشة -رضي اهلل عنها-؛ إذ
ليتفص ُد
َّ الشديد ف َيفص ُم عنْ ُه َّ
وإن جبينَ ُه الوحي يف اليوم الربد َّ
ُ
عر ًقا)]10[]11[.
فمما
فرقة ،كما نزل عد ٌد منها جملة واحدة؛ ّ
نزلت كثير من ُسور القرآن ُم َّ
فرقًا :اآليات األولى من سورة العلق ،واآليات األولى من
نزل منه ُم َّ
مرة واحدة كاملة :سورة األنعام،
السور التي نزلت ّ
سورة الضحى ،ومن ُّ
49
عوذتان معًاّ ]12[.إال ّ
أن عموم ما نزل الم ّ
وسورة المرسالت ،وقد نزلت ُ
القول الثاين
القول الثالث
قوله -تعالى -يف سورة المائدة( :ا ْل َي ْو َم َأك َْم ْل ُت َل ُك ْم دين َُك ْم َو َأ ْت َم ْم ُت
التعبير عن تلقي رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم -للقرآن بنزوله عليه
يشعر بقوة يلمسها المرء يف تصور كل هبوط من أعلى .ذلك لعلو منزلة
القرآن وعظمة تعاليمه التي حولت مجرى حياة البشرية وأحدثت فيها
52
فيها دون تعارض بين السابق والالحق ،وقد تناول هذا أول ما نزل من
القرآن على اإلطالق وآخر ما نزل على اإلطالق ،كما تناول أول ما نزل
53
أول ما نزل
1ــ أصح األقوال أن أول ما نزل هو قوله تعالى :اقرأ باسم ربك الذي
خلق خلق اإلنسان من علق اقرأ وربك األكرم الذي علم بالقلم علم
رضي اهلل عنها قالت " :أول ما بدئ به رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم-
من الوحي الرؤيا الصادقة يف النوم ،فكان ال يرى رؤيا إال جاءت مثل فلق
الصبح ،ثم حبب إليه الخالء فكان يأيت حراء فيتحنث فيه الليالي ذوات
العدد ،ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة رضي اهلل عنها فتزوده لمثلها
حتى فاجأه الحق وهو يف غار حراء ،فجاءه الملك فيه فقال :اقرأ ،قال
رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم :فقلت " :ما أنا بقارئ " ،فأخذين فغطني
حتى بلغ مني [ ص ] 62 :الجهد ،ثم أرسلني فقال :اقرأ ،فقلت " :ما
أنا بقارئ " ،فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال :اقرأ ،
فقلت " :ما أنا بقارئ " ،فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني
فقال :اقرأ باسم ربك الذي خلق .حتى بلغ :ما لم يعلم ،فرجع هبا
54
رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم -ترجف بوادره " .الحديث.
1ــ وقيل إن أول ما نزل هو قوله تعالى :يا أيها المدثر . .لما رواه
الشيخان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال :سألت جابر بن عبد اهلل :أي
القرآن أنزل قبل ؟ قال :يا أيها المدثر ،قلت :أو اقرأ باسم ربك ؟ قال :
أحدثكم ما حدثنا به رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم " :إين جاورت بحراء
وعن يميني وشمالي .ثم نظرت إلى السماء فإذا هو -يعني جربيل-
فأخذتني رجفة .فأتيت خديجة فأمرهتم فدثروين " ،فأنزل اهلل :يا أيها
المدثر قم فأنذر.
وأجيب عن حديث جابر بأن السؤال كان عن نزول سورة كاملة ،فبين
جابر أن سورة المدثر نزلت بكمالها قبل نزول تمام سورة اقرأ ،فإن أول
55
ما نزل منها صدرها ،ويؤيد هذا ما يف الصحيحين أيضا عن أبي سلمة عن
جابر قال :سمعت رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم -وهو يحدث عن
فرتة الوحي فقال يف حديثه " :بينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء
فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءين بحراء جالس على كرسي بين
السماء واألرض ،فرجعت ،فقلت :زملوين ،فدثروين " ،فأنزل اهلل :يا
أيها المدثر .فهذا الحديث يدل على أن هذه القصة متأخرة عن قصة حراء
-أو تكون " المدثر " أول سورة نزلت بعد فرتة الوحي -وقد استخرج
جابر ذلك باجتهاده فتقدم عليه رواية عائشة ،ويكون أول ما نزل من
أول ما نزل بعد فرتة الوحي :يا أيها المدثر . .أو أول ما نزل للرسالة :يا
56
أيها المدثر . .وللنبوة اقرأ.
3-وقيل إن أول ما نزل هو سورة " الفاتحة " ولعل المراد أول سورة
كاملة.
4-وقيل :بسم اهلل الرحمن الرحيم والبسملة تنزل صدرا لكل سورة .
ودليل هذين أحاديث مرسلة ،والقول األول المؤيد بحديث عائشة هو
وقد ذكر الزركشي يف " الربهان " حديث عائشة الذي نص على أن أول ما
نزل :اقرأ باسم ربك الذي خلق وحديث جابر الذي نص على أن أول ما
نزل :يا أيها المدثر ،قم فأنذر ثم قال " :وجمع بعضهم بينهما بأن جابرا
سمع النبي -صلى اهلل عليه وسلم -يذكر قصة بدء الوحي ،فسمع آخرها
،ولم يسمع أولها ،فتوهم أهنا أول ما نزلت ،وليس كذلك ،نعم هي أول
ما نزل بعد سورة اقرأ وفرتة الوحي ،لما ثبت يف الصحيحين أيضا عن
جابر رضي اهلل عنه أن رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم -كان يحدث عن
فرتة الوحي ،قال يف حديثه " :بينما أنا أمشي ،سمعت صوتا من السماء ،
57
فرفعت رأسي ،فإذا الملك الذي جاءين بحراء جالس على كرسي بين
السماء واألرض ،فجثثت منه فرقا ،فرجعت فقلت :زملوين زملوين " ،
فقد أخرب يف هذا الحديث عن الملك الذي جاءه بحراء قبل هذه المرة ،
وأخرب يف حديث عائشة أن نزول اقرأ كان يف غار حراء ،وهو أول وحي ،
ثم فرت بعد ذلك ،وأخرب يف حديث جابر أن الوحي تتابع بعد نزول يا أيها
المدثر فعلم بذلك أن اقرأ أول ما نزل مطلقا ،وأن سورة المدثر بعده " .
وكذلك قال ابن حبان يف صحيحه :ال تضاد بين الحديثين ،بل أول ما
نزل :اقرأ باسم ربك الذي خلق بغار حراء ،فلما رجع إلى خديجة -
رضي اهلل عنها -وصبت عليه [ ص ] 64 :الماء البارد ،أنزل اهلل عليه يف
58
بيت خديجة :يا أيها المدثر . .فظهر أنه لما نزل عليه اقرأ رجع فتدثر ،
وقيل :أول ما نزل سورة الفاتحة ،روي ذلك من طريق أبي إسحاق عن
أبي ميسرة قال :كان رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم -إذا سمع الصوت
انطلق هاربا ،وذكر نزول الملك عليه وقوله :قل الحمد هلل رب العالمين
. . .إلى آخرها.
وقال القاضي أبو بكر يف " االنتصار " :وهذا الخرب منقطع ،وأثبت
األقاويل :اقرأ باسم ربك ويليه يف القوة :يا أيها المدثر . .وطريق الجمع
بين األقاويل أن أول ما نزل من اآليات :اقرأ باسم ربك وأول ما نزل من
أوامر التبليغ :يا أيها المدثر . .وأول ما نزل من السور سورة الفاتحة ،
59
وهذا كما ورد يف الحديث " :أول ما يحاسب به العبد الصالة “ ،و " أول
ما يقضى فيه الدماء “ ،وجمع بينهما بأن أول ما يحكم فيه من المظالم
الصالة.
وقيل :أول ما نزل للرسالة :يا أيها المدثر . .وللنبوة :اقرأ باسم ربك فإن
العلماء قالوا :قوله تعالى :اقرأ باسم ربك دال على نبوة محمد -صلى
اهلل عليه وسلم -ألن النبوة عبارة عن الوحي إلى الشخص على لسان
الملك بتكليف خاص ،وقوله :يا أيها المدثر قم فأنذر دليل على رسالته
-صلى اهلل عليه وسلم -ألهنا عبارة عن الوحي إلى الشخص على لسان
60
61