Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 18

‫كتاب آداب الكسب واملعاش‬

‫وهو الكتاب الثالث من ربع العادات من كتاب إحياء علوم الدين‬


‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬
‫حنمد هللا محد موحد امنحق يف توحيده ما سوى الواحد احلق وتالشر ومنجده متجيد من يصرح أبن كل شيء ما سوى هللا ابطل وال يتحاشى وأن‬
‫كل من يف السموات واألرض لن خيلقوا ذاباب ولو اجتمعوا له وال فراشا ونشكره إذ رفع السماء لعباده سقفا مبنيا ومهد األرض بساطا هلم وفراشا‬
‫وكور الليل على النهار فجعل الليل لباسا والنهار معاشا لينتشروا يف ابتغاء فضله وينتعشوا به عن ضراعة احلاجات انتعاشا ونصلي على رسوله‬
‫الذي يصدر املؤمنون عن حوضه رواء بعد ورودهم عليه عطاشا وعلى آله وأصحابه الذين مل يدعوا يف نصرة دينه تشمرا وانكماشا وسلم تسليما‬
‫كثريا أما بعد فإن رب األرابب ومسبب األسباب جعل اآلخرة دار الثواب والعقاب والدنيا دار التمحل واالضطراب والتشمر واالكتساب وليس‬
‫التشمر يف الدنيا مقصورا على املعاد دون املعاش بل املعاش ذريعة إىل املعاد ومعني عليه فالدنيا مزرعة اآلخرة ومدرجة إليها والناس ثالثة رجل‬
‫شغله معاشه عن معاده فهو من الفائزين واألقرب إىل االعتدال هو الثالث الذي شغله معاشه ملعاده فهو من املفتصدين ولن ينال رتبة االقتصاد‬
‫من مل يالزم يف طلب املعيشة منهج السداد ولن ينتهض من طلب الدنيا وسيلة إىل اآلخرة وذريعة ما مل يتأدب يف طلبها آبداب الشريعة وها حنن‬
‫نورد آداب التجارات والصناعات وضروب االكتساابت وسننها ونشرحها يف مخسة أبواب الباب األول فضل الكسب واحلث عليه الباب الثاين‬
‫يف علم صحيح البيع والشراء واملعامالت الباب الثالث يف بيان العدل يف املعاملة الباب الرابع يف بيان اإلحسان فيها الباب اخلامس يف شفقة‬
‫التاجر على نفسه ودينه الباب األول يف فضل الكسب واحلث عليه أما من الكتاب فقوله تعاىل وجعلنا النهار معاشا فذكره يف معرض االمتنان‬
‫وقال تعاىل وجعلنا ل كم فيها معايش قليال ما تشكرون فجعلها ربك نعمة وطلب الشكر عليها وقال تعاىل ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضال من‬
‫ربكم وقال تعاىل وآخرون يضربون يف األرض يبتغون من فضل هللا وقال تعاىل فانتشروا يف األرض وابتغوا من فضل هللا وأما األخبار فقد قال‬
‫صلى هللا عليه وسلم من الذنوب ذنوب ال يكفرها إال اهلم يف طلب املعيشة حديث من الذنوب ذنوب ال يكفرها إال اهلم يف طلب املعيشة تقدم‬
‫يف النكاح وقال صلى هللا عليه وسلم التاجر الصدوق حيشر يوم القيامة مع الصديقني والشهداء حديث التاجر الصدوق حيشر يوم القيامة مع‬
‫الصديقني والشهداء أخرجه الرتمذي واحلاكم من حديث أيب سعيد قال الرتمذي حسن وقال احلاكم إنه من مراسيل احلسن والبن ماجه واحلاكم‬
‫حنوه من حديث ابن عمر وقال صلى هللا عليه وسلم من طلب الدنيا حالال وتعففا عن املسئلة وسعيا على عياله وتعطفا على جاره لقي هللا‬
‫ووجهه كالقمر ليلة البدر حديث من طلب الدنيا حالال وتعففا عن املسألة وسعيا على عياهلاحلديث أخرجه أبو الشيخ يف كتاب الثواب وأبو‬
‫نعيم يف احللية والبيهقي يف شعب اإلميان من حديث أيب هريرة بسند ضعيف وكان صلى هللا عليه وسلم جالسا مع أصحابه ذات يوم فنظروا إىل‬
‫شاب ذي جلد وقوة وقد بكر يسعى فقالوا ويح هذا لو كان شبابه وجلده يف سبيل هللا فقال صلى هللا عليه وسلم ال تقولوا هذا فإنه إن كان‬
‫يسعى على نفسه ليكفها عن املسئلة ويغنيها عن الناس فهو يف سبيل هللا وإن كان يسعى على أبوين ضعيفني أو ذرية ضعاف ليغنيهم ويكفيهم‬
‫فهو يف سبيل هللا وإن كان يسعى تفاخرا وتكاثرا فهو يف سبيل الشيطان حديث كان صلى هللا عليه وسلم جالسا مع أصحابه ذات يوم فنظر‬
‫إىل شاب ذي جلد وقوة وقد بكر يسعى فقالوا ويح هذا لو كان جلده يف سبيل اللهاحلديث أخرجه الطرباين يف معامجه الثالثة من حديث كعب‬
‫بن عجرة بسند ضعيف وقال صلى هللا عليه وسلم إن هللا حيب العبد يتخذ املهنة ليستغين هبا عن الناس ويبغض العبد يتعلم العلم يتخذه مهنة‬
‫حديث إن هللا حيب العبد يتخذ املهنة يستغين هبا عن الناساحلديث مل أجده هكذا وروى أبو منصور الديلمي يف مسند الفردوس من حديث علي‬
‫إن هللا حيب أن يرى عبده تعبا يف طلب احلالل وفيه حممد بن سهل العطار قال الدارقطين يضع احلديث ويف اخلرب إن هللا تعاىل حيب املؤمن‬
‫احملرتف حديث إن هللا حيب املؤمن احملرتف أخرجه الطرباين وابن عدي وضعفه من حديث ابن عمر وقال صلى هللا عليه وسلم أحل ما أكل‬
‫الرجل من كسبه وكل بيع مربور حديث أحل ما أكل الرجل من كسبه وكل بيع مربور أخرجه أمحد من حديث رافع بن خديج قيل اي رسول هللا‬
‫أي الكسب أطيب قال عمل الرجل بيده وكل عمل مربور ورواه البزار واحلاكم من رواية سعيد بن عمري عن عنه قال احلاكم صحيح اإلسناد قال‬
‫وذكر حيىي بن معني أن عم سعيد الرباء بن عازب ورواه البيهقي من رواية سعيد بن عمري مرسال وقال هذا هو احملفوظ وخطأ قول من قال عن‬
‫عمه وحكاه عن البخاري ورواه أمحد واحلاكم من رواية مجيع ابن عمري عن خاله أيب بردة ومجيع ضعيف وهللا أعلم ويف خرب آخر أحل ما أكل‬
‫العبد كسب يد الصانع إذا نصح حديث أحل ما أكل العبد كسب الصانع إذا نصح رواه أمحد من حديث أيب هريرة خري الكسب كسب‬
‫العامل إذا نصح وإسناده حسن وقال صلى هللا عليه وسلم عليكم ابلتجارة فإن فيها تسعة أعشار الرزق حديث عليكم ابلتجارة فإن فيها تسعة‬
‫أعشار الرزق رواه إبراهيم احلريب يف غريب احلديث من حديث نعيم بن عبد الرمحن تسعة أعشار الرزق يف التجارة ورجاله ثقات ونعيم هذا قال‬
‫فيه ابن مندة ذكر يف الصحابة وال يصح وقال أبو حامت الرازي وابن حبان أنه اتبعي فاحلديث مرسل وروي أن عيسى عليه السالم رأى رجال‬
‫فقال ما تصنع قال أتعبد قال من يعولك قال أخي قال أخوك أعبد منك وقال نبينا صلى هللا عليه وسلم إين ال أعلم شيئا يقربكم من اجلنة‬
‫ويبعدكم من النار إال أمرتكم به وإين ال أعلم شيئا يبعدكم من اجلنة ويقربكم من النار إال هنيتكم عنه وإن الروح األمني نفث يف روعي إن نفسا‬
‫لن متوت حىت تستويف رزقها وإن أبطأ عنها فاتقوا هللا وأمجلوا يف الطلب أمر ابإلمجال يف الطلب ومل يقل اتركوا الطلب ث قال يف آخره وال‬
‫حيملنكم استبطاء شيء من الرزق على أن تطلبوه مبعصية هللا تعاىل فإن هللا ال ينال ما عنده مبعصيته حديث إين ال أعلم شيئا يبعدكم من اجلنة‬
‫ويقربكم من النار أال هنيتكم عنه فإن الروح األمني نفث يف روعي أن نفسا لن متوت حىت تستويف رزقهااحلديث رواه ابن أيب الدنيا يف القناعة‬
‫واحلاكم من حديث ابن مسعود وذكره شاهدا حلديث أيب محيد وجابر وصححهما على شرط الشيخني ومها خمتصران ورواه البيهقي يف شعب‬
‫اإلميان وقال إنه منقطع وقال صلى هللا عليه وسلم األسواق موائد هللا تعاىل فمن أاتها أصاب منها حديث األسواق موائد هللا فمن أاتها أصاب‬
‫منها رويناه يف الطيورايت من قول احلسن البصري ومل أجده مرفوعا وقال صلى هللا عليه وسلم ألن أيخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خري‬
‫من أن أييت رجال أعطاه هللا من فضله فيسأله له أعطاه أو منعه حديث ألن أيخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خري له من أن أييت‬
‫رجالاحلديث متفق عليه من حديث أيب هريرة وقال من فتح على نفسه اباب من السؤال فتح هللا عليه سبعني اباب من الفقر حديث من فتح على‬
‫نفسه اباب من السؤال فتح هللا عليه سبعني اباب من الفقر رواه الرتمذي من حديث أيب كبشة األمناري وال فتح عبد ابب مسئلة إال فتح هللا عليه‬
‫ابب فقر أو كلمة حنوها وقال حسن صحيح وأما اآلاثر فقد قال لقمان احلكيم البنه اي بين استغن ابلكسب احلالل عن الفقر فإنه ما افتقر أحد‬
‫قط إال أصابه ثالث خصال رقة يف دينه وضعف يف عقله وذهاب مروءته وأعظم من هذه الثالث استخفاف الناس به وقال عمر رضي هللا عنه‬
‫ال يقعد أحدكم عن طلب الرزق يقول اللهم ارزقين فقد علمتم أن السماء ال متطر ذهبا وال فضة وكان زيد بن مسلمة يغرس يف أرضه فقال له‬
‫عمر رضي هللا عنه أصبت استغن عن الناس يكن أصون لدينك وأكرم لك عليهم كما قال صاحبكم أحيحة فلن أزال على الزوراء أغمرها إن‬
‫الكرمي على اإلخوان ذو املال وقال ابن مسعود رضي هللا عنه إين ألكره أن أرى الرجل فارغا ال يف أمر دنياه وال يف أمر آخرته وسئل إبراهيم عن‬
‫التاجر الصدوق أهو أحب إليك أم املتفرغ للعبادة قال التاجر الصدوق أحب إيل ألنه يف جهاد أيتيه الشيطان من طريق املكيال وامليزان ومن قبل‬
‫األخذ والعطاء فيجاهده وخالفه احلسن البصري يف هذا وقال عمر رضي هللا عنه ما من موضع أيتيين املوت فيه أحب إيل من موطن أتسوق فيه‬
‫ألهلي أبيع وأشرتي وقال اهليثم رمبا يبلغين عن الرجل يقع يف فأذكر استغنائي عنه فيهون ذلك علي وقال أيوب كسب فيه شيء أحب إيل من‬
‫سؤال الناس وجاءت ريح عاصفة يف البحر فقال أهل السفينة إلبراهيم بن أدهم رمحه هللا وكان معهم فيها أما ترى هذه الشدة فقال ما هذه‬
‫الشدة وإمنا الشدة احلاجة إىل الناس وقال أيوب قال يل أبو قالبة الزم السوق فإن الغىن من العافية يعين الغىن عن الناس وقيل ألمحد ما تقول‬
‫فيمن جلس يف بيته أو مسجده وقال ال أعمل شيئا حىت أيتيين رزقي فقال أمحد هذا رجل جهل العلم أما مسع قول النيب صلى هللا عليه وسلم‬
‫إن هللا جعل رزقي حتت ظل رحمي حديث إن هللا جعل رزقي حتت ظل رحمي رواه أمحد من حديث ابن عمر جعل رزقي حتت ظل رحمي وإسناده‬
‫صحيح وقوله صلى هللا عليه وسلم حني ذكر الطري فقال تغذو مخاصا وتروح بطاان حديث ذكر الطري فقال تغذو مخاصا وتروح بطاان أخرجه‬
‫الرتمذي وابن ماجه من حديث عمر قال الرتمذي حسن صحيح فذكر أهنا تغدو يف طلب الرزق وكان أصحاب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫يتجرون يف الرب والبحر ويعملون يف خنيلهم والقدوة هبم وقال أبو قالبة لرجل ألن أراك تطلب معاشك أحب إيل من أن أراك يف زاوية املسجد‬
‫وروي أن األوزاعي لقي إبراهيم بن أدهم رمحهم هللا وعلى عنقه حزمة حطب فقال له اي أاب إسحق إىل مىت هذا إخوانك يكفونك فقال دعين عن‬
‫هذا اي أاب عمرو فإنه بلغين أنه من وقف موقف مذلة يف طلب احلالل وجبت له اجلنة وقال أبو سليمان الداراين ليس العبادة عندان أن تصف‬
‫قدميك وغريك يقوت لك ولكن ابدأ برغيفيك فأحرزمها ث تعبد وقال معاذ بن جبل رضي هللا عنه ينادي مناد يوم القيامة أين بغضاء هللا يف أرضه‬
‫فيقوم سؤال املساجد فهذه مذمة الشرع للسؤال واالتكال على كفاية األغيار ومن ليس له مال موروث فال ينجيه من ذلك إال الكسب والتجارة‬
‫فإن قلت فقد قال صلى هللا عليه وسلم ما أوحي إيل أن أمجع املال وكن من التاجرين ولكن أوحي إيل أن سبح حبمد ربك وكن من الساجدين‬
‫واعبد ربك حىت أيتيك اليقني حديث ما أوحي إيل أن امجع املال وكن من التاجرين ولكن أوحي إيل أن سبح حبمد ربك وكن من الساجدين رواه‬
‫ابن مردويه يف التفسري من حديث ابن مسعود بسند فيه لني وقيل لسلمان الفارسي أوصنا فقال من استطاع منكم أن ميوت حاجا أو غازاي أو‬
‫عامرا ملسجد ربه فليفعل وال ميوتن اتجرا وال خائنا فاجلواب أن وجه اجلمع بني هذه األخبار تفصيل األحوال فنقول لسنا نقول التجارة أفضل‬
‫مطلقا من كل شيء ولكن التجارة إما أن تطلب هبا الكفاية أو الثروة أو الزايدة على الكفاية فإن طلب منها الزايدة على الكفاية الستكثار املال‬
‫وادخاره ال ليصرف إىل اخلريات والصدقات فهي مذمومة ألنه إقبال على الدنيا اليت حبها رأس كل خطيئة فإن كان مع ذلك ظاملا خائنا فهو ظلم‬
‫وفسق وهذا ما أراده سلمان بقوله ال متت اتجرا وال خائنا وأراد ابلتاجر طالب الزايدة فأما إذا طلب هبا الكفاية لنفسه وأوالده وكان يقدر على‬
‫كفايتهم ابلسؤال فالتجارة تعففا عن السؤال أفضل وإن كان ال حيتاج إىل السؤال وكان يعطي عن غري سؤال فالكسب أفضل ألنه إمنا يعطي ألنه‬
‫سائل بلسان حاله ومناد بني الناس بفقره فالتعفف والتسرت أوىف من البطالة بل من االشتغال ابلعبادات البدنية وترك الكسب أفضل ألربعة عابد‬
‫ابلعبادات البدنية أو رجل له سري ابلباطن وعمل ابلقلب يف علوم األحوال واملكاشفات أو عامل مشتغل برتبية علم الظاهر مما ينتفع الناس به يف‬
‫دينهم كاملفيت واملفسر واحملدث وأمثاهلم أو رجل مشتغل مبصاحل املسلمني وقد تكفل أبمورهم كالسلطان والقاضي والشاهد فهؤالء إذا كانوا‬
‫يكفون من األموال املرصدة للمصاحل أو األوقاف املسبلة على الفقراء أو العلماء فإقباهلم على ما هم فيه أفضل من اشتغاهلم ابلكسب وهلذا أوحي‬
‫إىل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن سبح حبمد ربك وكن من الساجدين ومل يوح إليه أن كن من التاجرين ألنه كان جامعا هلذه املعاين األربعة‬
‫إىل زايدات ال حييط هبا الوصف وهلذا أشار الصحابة على أيب بكر رضي هللا عنهم برتك التجارة ملا ويل اخلالفة إذ كان ذلك يشغله عن املصاحل‬
‫وكان أيخذ كفايته من مال املصاحل ورأى ذلك أوىل ث ملا تويف أوصى برده إىل بيت املال ولكنه رآه يف االبتداء أوىل وهلؤالء األربعة حالتان أخراين‬
‫أحدامها أن تكون كفايتهم عند ترك املكسب من أيدي الناس وما يتصدق به عليهم من زكاة أو صدقة من غري حاجة إىل سؤال فرتك الكسب‬
‫واالشتغال مبا هم فيه أوىل إذ فيه إعانة الناس على اخلريات وقبول منهم ملا هو حق عليهم وأفضل هلم احلالة الثانية احلاجة إىل السؤال وهذا يف‬
‫حمل النظر والتشديدات اليت رويناها يف السؤال وذمه تدل ظاهرا على أن التعفف عن السؤال أوىل وإطالق القول فيه من غري مالحظة األحوال‬
‫واألشخاص عسري بل هو موكول إىل اجتهاد العبد ونظره لنفسه أبن يقابل ما يلقى يف السؤال من املذلة وهتك املروءة واحلاجة إىل التثقيل‬
‫واإلحلاح مبا حيصل من اشتغاله ابلعلم والعمل من الفائدة له ولغريه فرب شخص تكثر فائدة اخللق وفائدته يف اشتغاله ابلعلم أو العمل ويهون عليه‬
‫أبدىن تعريض يف السؤال حتصيل الكفاية ورمبا يكون ابلعكس ورمبا يتقابل املطلوب واحملذور فينبغي أن يستفيت املريد فيه قلبه وإن أفتاه املفتون فإن‬
‫الفتاوى ال حتيط بتفاصيل الصور ودقائق األحوال ولقد كان يف السلف من له ثلثمائة وستون صديقا ينزل على كل واحد منهم ليلة ومنهم من له‬
‫ثالثون وكانوا يشتغلون ابلعبادة لعملهم أبن املتكلفني هبم يتقلدون منة من قبوهلم ملرباهتم فكان قبوهلم ملرباهتم خريا مضافا هلم إىل عباداهتم فينبغي‬
‫أن يدقق النظر يف هذه األمور فإن أجر اآلخذ كأجر املعطي مهما كان اآلخذ يستعني به على الدين واملعطي يعطيه عن طيب قلب ومن اطلع‬
‫على هذه املعاين أمكنه أن يتعرف حال نفسه ويستوضح من قلبه ما هو األفضل له ابإلضافة إىل حاله ووقته فهذه فضيلة الكسب وليكن العقد‬
‫الذي به االكتساب جامعا ألربعة أمور الصحة والعدل واإلحسان والشفقة على الدين وحنن نعقد يف كل واحد اباب ونبتدئ بذكر أسباب الصحة‬
‫يف الباب الثاين الباب الثاين يف علم الكسب بطريق البيع والراب والسلم واإلجارة والقراض والشركة وبيان شروط الشرع يف صحة هذه التصرفات‬
‫اليت هي مدار املكاسب يف الشرع اعلم أن حتصيل علم هذا الباب واجب على كل مسلم مكتسب ألن طلب العلم فريضة على كل مسلم وإمنا‬
‫هو طلب العلم احملتاج إليه واملكتسب حيتاج إىل علم الكسب ومهما حصل علم هذا الباب وقف على مفسدات املعاملة فيتقيها وما شذ عنه من‬
‫الفروع املشكلة فيقع على سبب إشكاهلا فيتوقف فيها إىل أن يسأل فإنه إذا مل يعلم أسباب الفساد بعلم مجلي فال يدري مىت جيب عليه التوقف‬
‫والسؤال ولو قال ال أقدم العلم ولكين أصرب إىل أن تقع يل الواقعة فعندها أتعلم وأستفيت فيقال له ومب تعلم وقوع الواقعة مهما مل تعلم مجل‬
‫مفسدات العقود فإنه يستمر يف التصرفات ويظنها صحيحة مباحة فال بد له من هذا القدر من علم التجارة ليتميز له املباح عن احملظور وموضع‬
‫اإلشكال عن موضع الوضوح ولذلك روي عن عمر رضي هللا عنه أنه كان يطوف السوق ويضرب بعض التجار ابلدرة ويقول ال يبيع يف سوقنا‬
‫إال من يفقه وإال أكل الراب شاء أم أىب وعلم العقود كثري ولكن هذه العقود الستة ال تنفك املكاسب عنها وهي البيع والراب والسلم واإلجارة‬
‫والشركة والقراض فلنشرح شروطها العقد األول البيع وقد أحله هللا تعاىل وله ثالثة أركان العاقد واملعقود عليه واللفظ الركن األول العاقد ينبغي‬
‫للتاجر أن ال يعامل ابلبيع أربعة الصيب واجملنون والعبد واألعمى ألن الصيب غري مكلف وكذا اجملنون وبيعهما ابطل فال يصح بيع الصيب وإن أذن‬
‫له فيه الويل عند الشافعي وما أخذه منهما مضمون عليه هلما وما سلمه يف املعاملة إليهما فضاع يف أيديهما فهو املضيع له وأما العبد العاقل فال‬
‫يصح بيعه وشراؤه إال إبذن سيده فعلى البقال واخلباز والقصاب وغريهم أن ال يعاملوا العبيد ما مل أتذن هلم السادة يف معاملتهم وذلك أبن يسمعه‬
‫صرحيا أو ينتشر يف البلد أنه مأذون له يف الشراء لسيده ويف البيع له فيعول على االستفاضة أو على قول عدل خيربه بذلك فإن عامله بغري إذن‬
‫السيد فعقده ابطل وما أخذه منه مضمون عليه لسيده وما تسلمه إن ضاع يف يد العبد ال يتعلق برقبته وال يضمنه سيده بل ليس له إال املطالبة‬
‫إذا عتق وأما األعمى فإنه يبيع ويشرتي ما ال يرى فال يصح ذلك فليأمره أبن يوكل وكيال بصريا ليشرتي له أو يبيع فيصح توكيله ويصح بيع وكيله‬
‫فإن عامله التاجر بنفسه فاملعاملة فاسدة وما أخذه منه مضمون عليه بقيمته وما سلمه إليه أيضا مضمون له بقيمته وأما الكافر فتجوز معاملته‬
‫لكن ال يباع منه املصحف وال العبد املسلم وال يباع منه السالح إن كان من أهل احلرب فإن فعل فهي معامالت مردودة وهو عاص هبا ربه وأما‬
‫اجلندية من األتراك والرتكمانية والعرب واألكراد والسراق واخلونة وأكلة الراب والظلمة وكل من أكثر ماله حرام فال ينبغي أن يتملك مما يف أيديهم‬
‫شيئا ألجل أهنا حرام إال إذا عرف شيئا بعينه أنه حالل وسيأيت تفصيل ذلك يف كتاب احلالل واحلرام الركن الثاين يف املعقود عليه وهو املال‬
‫املقصود نقله من أحد العاقدين إىل اآلخر مثنا كان أو مثمنا فيعترب فيه ستة شروط األول أن ال يكون جنسا يف عينه فال يصح بيع كلب وخنزير‬
‫وال بيع زبل وعذرة وال بيع العاج واألواين املتخذة منه فإن العظم ينجس ابملوت وال يطهر الفيل ابلدبح وال يطهر عظمه ابلتذكية وال جيوز بيع‬
‫اخلمر وال بيع الودك النجس املستخرج من احليواانت اليت ال تؤكل وإن كان يصلح لالستصباح أو طالء السفن وال أبس ببيع الدهن الطاهر يف‬
‫عينه الذي جنس بوقوع جناسة أو موت فأرة فيه فإنه جيوز االنتفاع به يف غري األكل وهو يف عينه ليس بنجس وكذلك ال أرى أبسا ببيع بزر القز‬
‫فإنه أصل حيوان ينتفع به تشبيهه ابلبيض وهو أصل حيوان أوىل من تشبيهه ابلروث وجيوز بيع فأرة املسك ويقضى بطهارهتا إذا انفصلت من‬
‫الظبية يف حالة احلياة الثاين أن يكون منتفعا به فال جيوز بيع احلشرات وال الفأرة وال احلية وال التفات إىل انتفاع املشعبذ ابحلية وكذا الالتفات إىل‬
‫انتفاع أصحاب احللق إبخراجها من السلة وعرضها على الناس وجيوز بيع اهلرة والنحل وبيع الفهد واألسد وما يصلح لصيد أو ينتفع جبلده وجيوز‬
‫بيع الفيل ألجل احلمل وجيوز بيع الطوطى وهي الببغاء والطاوس والطيور املليحة الصور وإن كانت ال تؤكل فإن التفرج أبصواهتا والنظر إليها‬
‫غرض مقصود مباح وإمنا الكلب هو الذي ال جيوز أن يقتىن إعجااب بصورته لنهي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عنه حديث النهي عن اقتناء‬
‫الكلب متفق عليه من حديث ابن عمر من اقتىن كلبا إال كلب ماشية أو ضاراي نقص من عمله كل يوم قرياطان وال جيوز بيع العود والصنج‬
‫واملزامري واملالهي فإنه ال منفعة هلا شرعا وكذا بيع الصور املصنوعة من الطني كاحليواانت الىت تباع يف األعياد للعب الصبيان فإن كسرها واجب‬
‫شرعا وصور األشجار متسام ح هبا وأما الثياب واألطباق وعليها صور احليواانت فيصح بيعها وكذا الستور وقد قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم لعائشة رضي هللا عنها اختذي منها منارق حديث اختذي منها منارق يقوله لعائشة متفق عليه من حديثها وال جيوز استعماهلا منصوبة وجيوز‬
‫موضوعة وإذا جاز االنتفاع من وجه صح البيع لذلك الوجه الثالث أن يكون املتصرف فيه مملوكا للعاقد أو مأذوان من جهة املالك وال جيوز أن‬
‫يشرتي من غري املالك انتظارا لإلذن من املالك بل لو رضى بعد ذلك وجب استئناف العقد وال ينبغي أن يشرتي من الزوجة مال الزوج وال من‬
‫الزوج مال الزوجة وال من الوالد مال الولد وال من الولد مال الوالد اعتمادا على أنه لو عرف لرضي فإنه إذا مل يكن الرضا متقدما مل يصح البيع‬
‫وأمثال ذلك مما جيري يف األسواق فواجب على العبد املتدين أن حيرتز منه الرابع أن يكون املعقود عليه مقدورا على تسليمه شرعا وحسا فما ال‬
‫يقدر على تسليمه حسا ال يصح بيعه كاآلبق والسمك يف املاء واجلنني يف البطن وعسب الفحل وكذلك بيع الصوف على ظهر احليوان واللنب يف‬
‫الضرع ال جيوز فإنه يتعذر تسليمه الختالط غري املبيع ابملبيع واملعجوز عن تسليمه شرعا كاملرهون واملوقوف واملستولدة فال يصح بيعها أيضا وكذا‬
‫بيع األم دون الولد إذا كان الولد صغريا وكذا بيع الولد دون األم ألن تسليمه تفريق بينهما وحرام فال يصح التفريق بينهما ابلبيع اخلامس أن‬
‫يكون املبيع معلوم العني والقدر والوصف أما العلم ابلعني فبأن يشري إليه بعينه فلو قال بعتك شاة من هذا القطيع أي شاة أردت أو ثواب من‬
‫هذه الثياب اليت بني يديك أو ذراعا من هذا الكرابس وخذه من أي جانب شئت أو عشرة أذرع من هذه األرض وخذه من أي طرف شئت‬
‫فالبيع ابطل وكل ذلك مما يعتاده املتساهلون يف الدين إال أن يبيع شائعا مثل أن يبيع نصف الشيء أو عشرة فإن ذلك جائز وأما العلم ابلقدر‬
‫فإمنا حيصل ابلكيل أو الوزن أو النظر إليه فلو قال بعتك هذا الثوب مبا ابع به فالن ثوبه ومها ال يدراين ذلك فهو ابطل ولو قال بعتك بزنة هذه‬
‫الصنجة فهو ابطل إذا مل تكن الصنجة معلومة ولو قال بعتك هذه الصربة من احلنطة فهو ابطل أو قال بعتك هبذه الصرة من الدراهم أو هبذه‬
‫القطعة من الذهب وهو يراها صح البيع وكان ختمينه ابلنظر كافيا يف معرفة املقدار وأما العلم ابلوصف فيحصل ابلرؤية يف األعيان وال يصح بيع‬
‫الغائب إال إذا سبقت رؤيته مذ مدة ال يغلب التغري فيها والوصف ال يقوم مقام العيان هذا أحد املذهبني وال جيوز بيع الثوب يف املنسج اعتمادا‬
‫على الرقوم وال بيع احلنطة يف سنبلها وجيوز بيع األرز يف قشرته اليت يدخر فيها وكذا بيع اجلوز واللوز يف القشرة السفلى وال جيوز يف القشرتني‬
‫وجيوز بيع الباقالء الرطب يف قشرته للحاجة ويتسامح ببيع الفقاع جلراين عادة األولني به ولكن جنعله إابحة بعوض فإن اشرتاه ليبيعه فالقياس‬
‫بطالنه ألنه ليس مسترتا سرت خلقه وال يبعد أن يتسامح به إذ يف إخراجه إفساده كالرمان وما يسرت بسرت خلق معه السادس أن يكون املبيع‬
‫مقبوضا إن كان قد استفاد ملكه مبعاوضة وهذا شرط خاص وقد هنى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن بيع ما مل يقبض حديث النهي عن بيع‬
‫ما مل يقبض متفق عليه من حديث ابن عباس ويستوي فيه العقار واملنقول فكل ما اشرتاه أو ابعه قبل القبض فبيعه ابطل وقبض املنقول ابلنقل‬
‫وقبض العقار ابلتخلية وقبض ما ابتاعه بشرط الكيل ال يتم إال أبن يكتاله وأما بيع املرياث والوصية والوديعة وما مل يكن امللك حاصال فيه‬
‫مبعاوضة فهو جائز قبل القبض الركن الثالث لفظ العقد فال بد من جراين إجياب وقبول متصل به بلفظ دال على املقصود مفهم إما صريح أو‬
‫كناية فلو قال أعطيتك هذا بذاك بدل قوله بعتك فقال قبلته جاز مهما قصدا به البيع ألنه قد حيتمل اإلعارة إذا كان يف ثوبني أو دابتني والنية‬
‫تدفع االحتمال والصريح أقطع للخصومة ولكن الكناية تفيد امللك أيضا واحلل فيما خيتاره وال ينبغي أن يقرر ابلبيع شرطا على خالف مقتضى‬
‫العقدة فلو شرط أن يزيد شيئا آخر وأن حيمل املبيع إىل داره أو اشرتى احلطب بشرط النقل إىل داره كل ذلك فاسد إال إذا أفرد استئجاره على‬
‫النقل أبجرة معلومة منفردة عن الشراء للمنقول ومهما مل جير بينهما إال املعاطاة ابلفعل دون التلطف ابللسان مل ينعقد البيع عند الشافعي أصال‬
‫وانعقد عند أيب حنيفة إن كان يف احملقرات ث ضبط احملقرات عسري فإن رد األمر إىل العادات فقد جاوز الناس احملقرات يف املعاطاة إذ يتقدم‬
‫الدالل إىل البزاز أيخذ منه ثواب ديباجا قيمته عشرة داننري مثال وحيمله إىل املشرتي ويعود إليه أبنه ارتضاه فيقول له خذ عشرة فيأخذ من صاحبه‬
‫العشرة وحيملها ويسلمها إىل البزاز فيأخذها ويتصرف فيها ومشرتي الثوب يقطعه ومل جير بينهما إجياب وقبول أصال وكذلك جيتمع اجملهزون على‬
‫حانوت البياع فيعرض متاعا قيمته مائة دينار مثال فيمن يزيد فيقول أحدهم هذا علي بتسعني ويقول اآلخر هذا علي خبمسة وتسعني ويقول‬
‫اآلخر هذا مبائة فيقال له زن فيزن ويسلم وأيخذ املتاع من غري إجياب وقبول فقد استمرت به العادات وهذه من املعضالت اليت ليست تقبل‬
‫العالج إذ االحتماالت ثالثة إما فتح ابب املعاطاة مطلقا يف احلقري والنفيس وهو حمال إذ فيه نقل امللك من غري لفظ دال عليه وقد أحل هللا‬
‫البيع والبيع اسم لإلجياب والقبول ومل جير ومل ينطلق اسم البيع على جمرد فعل بتسليم وتسلم فبماذا حيكم ابنتقال امللك من اجلانبني ال سيما يف‬
‫اجلواري والعبيد والعقارات والدواب النفيسة وما يكثر التنازع فيه إذ للمسلم أن يرجع ويقول قد ندمت وما بعته إذ مل يصدر مين إال جمرد تسليم‬
‫وذلك ليس ببيع االحتمال الثاين أن نسد الباب ابلكلية كما قال الشافعي رمحه هللا من بطالن العقد وفيه إشكال من وجهني أحدمها أنه يشبه‬
‫أن يكون ذلك يف احملقرات معتادا يف زمن الصحابة ولو كانوا يتكلفون اإلجياب والقبول من البقال واخلباز والقصاب لثقل عليهم فعله ولنقل ذلك‬
‫نقال منتشرا ولكان يشتهر وقت اإلعراض ابلكلية عن تلك العادة فإن األعصار يف مثل هذا تتفاوت والثاين أن الناس اآلن قد اهنمكوا فيه فال‬
‫يشرتي اإلنسان شيئا من األطعمة وغريها إىل ويعلم أن البائع قد ملكه ابملعاطاة فأي فائدة يف تلفظه ابلعقد إذا كان األمر كذلك االحتمال‬
‫الثالث أن يفصل بني احملقرات وغريها كما قاله أبو حنيفة رمحه هللا وعند ذلك يتعسر الضبط يف احملقرات ويشكل وجه نقل امللك من غري لفظ‬
‫يدل عليه وقد ذهب ابن سريج إىل ختريج قول للشافعي رمحه هللا على وفقه وهو أقرب االحتماالت إال االعتدال فال أبس لو ملنا إليه ملسيس‬
‫احلاجات ولعموم ذلك بني اخللق وملا يغلب على الظن أبن ذلك كان معتادا يف األعصار األوىل فأما اجلواب عن اإلشكالني فهو أن نقول أما‬
‫الضبط يف الفصل بني احملقرات وغريها فليس علينا تكلفه ابلتقدير فإن ذلك غري ممكن بل له طرفان واضحان إذ ال خيفى أن شراء البقل وقليل‬
‫من الفواكه واخلبز واللحم من املعدود من احلقرات اليت ال يعتاد فيها إال املعاطاة وطالب اإلجياب والقبول فيه يعد مستقصيا ويستربد تكليفه‬
‫لذلك ويستثقل وينسب إىل انه يقيم الوزن ألمر حقري ويل وجه له هذا طرف احلقارة والطرف الثاين الدواب والعبيد والعقارات والثياب النفيسة‬
‫فذلك مما ال يستبعد تكلف اإلجياب والقبول فيها وبينهما أوساط متشاهبة يشك فيها هي يف حمل الشبهة فحق ذي الدين أن مييل فيها إىل‬
‫االحتياط ومجيع ضوابط الشرع فيما يعلم ابلعادة كذلك ينقسم إىل أطراف واضحة وأوساط مشكلة وأما الثاين وهو طلب سبب لنقل امللك فهو‬
‫أن جيعل الفعل ابليد أخذا وتسليما سببا لعينه بل لداللته وهذا الفعل قد دل على مقصود البيع داللة مستمرة يف العادة وانضم إليه مسيس‬
‫احلاجة وعادة األولني واطراد مجيع العادات بقبول اهلدااي من غري إجياب وقبول مع التصرف فيها وأي فرق بني أن يكون فيه عوض أو ال يكون‬
‫إذ امللك ال بد من نقله يف اهلبة أيضا إال أن العادة السالفة مل تفرق يف اهلدااي بني احلقري والنفيس بل كان طلب اإلجياب والقبول يستقبح فيه‬
‫كيف كان ويف املبيع مل يستقبح يف غري احملقرات هذا ما نراه أعدل االحتماالت وحق الورع املتدين أن ال يدع اإلجياب والقبول للخروج عن شبهة‬
‫اخلالف فال ينبغي أن ميتنع من ذلك ألجل أن البائع قد متلكه بغري إجياب وقبول فإن ذلك ال يعرف حتقيقا فرمبا اشرتاه بقبول وإجياب فإن كان‬
‫حاضرا عند شرائه أو أقر البائع به فيمتنع منه وليشرت من غريه فإن كان الشيء حمقرا وهو إليه حمتاج فليتلفظ ابإلجياب والقبول فإنه يستفيد به‬
‫قطع اخلصومة يف املستقبل معه إذ الرجوع من اللفظ الصريح غري ممكن ومن الفعل ممكن فإن قلت فإن أمكن هذا فيما يشرتيه فكيف يفعل إذا‬
‫حضر يف ضيافة أو على مائدة وهو يعلم أن أصحاهبا يكتفون ابملعاطاة يف البيع والشراء أو مسع منهم ذلك أو رآه أجيب عليه االمتناع من األكل‬
‫فأقول جيب عليه االمتناع من الشراء إذا كان ذلك الشيء الذي اشرتوه مقدارا نفيسا ومل يكن من احملقرات وأما األكل فال جيب االمتناع منه فإين‬
‫أقول إن ترددان يف جعل الفعل داللة على نقل امللك فال ينبغي أن ال جنعله داللة على اإلابحة فإن أمر اإلابحة أوسع وأمر نقل امللك أضيق فكل‬
‫مطعوم جرى فيه بيع معاطاة فتسليم البائع إذن يف األكل يعلم ذلك بقرينة احلال كإذن احلمامي يف دخول احلمام واإلذن يف اإلطعام ملن يريده‬
‫املشرتي فينزل منزلة ما لو قال أحبت لك أن أتكل هذا الطعام أو تطعم من أردت فإنه حيل له ولو صرح وقال كل هذا الطعام ث أغرم يل عوضه‬
‫حلل األكل ويلزمه الضمان بعد األكل هذا قياس الفقه عندي ولكنه بعد املعاطاة آكل ملكه ومتلفا له فعليه الضمان وذلك يف ذمته والثمن‬
‫الذي سلمه إن كان مثل قيمته فقد ظفر املستحق مبثل حقه فله أن يتملكه مهما عجز عن مطالبة من عليه وإن كان قادرا على مطالبته فإنه ال‬
‫يتملك ما ظفر به من ملكه ألنه رمبا ال يرضى بتلك العني أن يصرفها إىل دينه فعليه املراجعة وأما ههنا فقد عرف رضاه بقرينة احلال عند التسليم‬
‫فال يبعد أن جيعل الفعل داللة على الرضاء أبن يستويف دينه مما يسلم إليه فيأخذه حبقه لكن على كل األحوال جانب البائع أغمض ألن ما أخذه‬
‫قد يريد املالك ليتصرف فيه وال ميكنه التملك إال إذا أتلف عني طعامه يف يد املشرتي ث رمبا يفتقر إىل استئناف قصد التملك ث يكون قد متلك‬
‫مبجرد رضا استفاده من الفعل دون القول وأما جانب املشرتي للطعام وهو ال يريد إال األكل فهني فإن ذلك يباح ابإلابحة املفهومة من قرينة‬
‫احلال ولكن رمبا يلزم من مشاورته أن الضيف يضمن ما أتلفه وإمنا يسقط الضمان عنه إذا متلك البائع ما أخذه من املشرتي فيسقط فيكون‬
‫كالقاضي دينه واملتحمل عنه فهذا ما نراه يف قاعدة املعاطاة على غموضها والعلم عند هللا وهذه احتماالت وظنون رددانها وال ميكن بناء الفتوى‬
‫إال على هذه الظنون وأما الورع فإنه ينبغي أن يستفيت قلبه ويتقي مواضع الشبه العقد الثاين عقد الراب وقد حرمه هللا تعاىل وشدد األمر فيه وجيب‬
‫االحرتاز منه على الصيارفة املتعاملني على النقدين وعلى املتعاملني على األطعمة إذ ال راب إال يف نقد أو يف طعام وعلى الصرييف أن حيرتز من‬
‫النسيئة والفضل أما النسيئة فأن ال يبيع شيئا من جواهر النقدين بشيء من جواهر النقدين إال يدا بيد وهو أن جيري التقابض يف اجمللس وهذا‬
‫احرتاز من النسيئة وتسليم الصيارفة الذهب إىل دار الضرب وشراء الداننري املضروبة حرام من حيث النساء ومن حيث إن الغالب أن جيري فيه‬
‫تفاضل إذ ال يرد املضروب مبثل وزنه وأما الفضل فيحرتز منه يف ثالثة أمور يف بيع املكسر ابلصحيح فال جتوز املعاملة فيهما إال مع املماثلة ويف‬
‫بيع اجليد ابلرديء فال ينبغي أن يشرتي رديئا جبيد دونه يف الوزن أو يبيع رديئا جبيد فوقه يف الوزن أعين إذا ابع الذهب ابلذهب والفضة ابلفضة‬
‫فإن اختلف اجلنسان فال حرج يف الفضل والثالث يف املركبات من الذهب والفضة كالداننري املخلوطة من الذهب والفضة إن كان مقدرا الذهب‬
‫جمهوال مل تصح املعاملة عليها أصال إال إذا كان ذلك نقدا جاراي يف البلد فإان نرخص يف املعاملة عليه إذا مل يقابل ابلنقد وكذا الدراهم املغشوشة‬
‫ابلنحاس إن مل تكن رائجة يف البلد مل تصح املعاملة عليها ألن املقصود منها النقرة وهي جمهولة وإن كان نقدا رائجا يف البلد رخصنا يف املعاملة‬
‫ألجل احلاجة وخروج النقرة عن أن يقصد استخراجها ولكن ال يقابل ابلنقرة أصال وكذلك كل حلي مركب من ذهب وفضة فال جيوز شراؤه ال‬
‫ابلذهب وال ابلفضة بل ينبغي أن يشرتي مبتاع آخر إن كان قدر الذهب منه معلوما إال إذا كان مموها ابلذهب متويها ال حيصل منه ذهب‬
‫مقصود عند العرض على النار فيجوز بيعها مبثلها من النقرة مبا أريد من غري النقرة وكذلك ال جيوز للصرييف أن يشرتي قالدة فيها خرز وذهب‬
‫بذهب وال أن يبيعه بل ابلفضة يدا بيد إن مل يكن فيها فضة وال جيوز شراء ثوب منسوج بذهب حيصل منه ذهب مقصود عند العرض على النار‬
‫بذهب وجيوز ابلفضة غريها وأما املتعاملون على األطعمة فعليهم التقابض يف اجمللس اختلف جنس الطعام املبيع واملشرتى أو مل خيتلف فإن احتد‬
‫اجلنس فعل يهم التقابض ومراعاة املماثلة واملعتاد يف هذا معاملة القصاب أبن يسلم إليه الغنم ويشرتي هبا اللحم نقدا أو نسيئة فهو حرام ومعاملة‬
‫اخلباز أبن يسلم إليه احلنطة ويشرتي هبا اخلبز نسيئة أو نقدا فهو حرام ومعاملة العصار أبن يسلم إليه البزر والسمسم والزيتون ليأخذ منه األدهان‬
‫فهو حرام وكذا اللبان يعطي اللنب ليؤخذ منه اجلنب والسمن والزبد وسائر أجراء اللنب فهو أيضا حرام وال يباع الطعام بغري جنسه من الطعام إال‬
‫نقدا وجبنسه إال نقدا ومتماثال وكل ما يتخذ من الشيء املطعوم فال جيوز أن يباع به متماثال وال متفاضال فال يباع ابحلنطة دقيق وخبز وسويق وال‬
‫ابلعنب والتمر دبس وخل وعصري وال ابللنب مسن وزبد وخميض ومصل وجنب واملماثلة ال تفيد إذا مل يكن الطعام يف حال كمال االدخار فال يباع‬
‫الرطب ابلرطب والعنب ابلعنب متفاضال ومتماثال فهذه مجل مقنعة يف تعريف البيع والتنبيه على ما يشعر التاجر مبثارات الفساد حىت يستفيت‬
‫فيها إذا تشكك والتبس عليه شيء منها وإذا مل يعرف هذا مل يتفطن ملواضع السؤال واقتحم الراب واحلرام وهو ال يدري العقد الثالث السلم ولرياع‬
‫التاجر فيه عشرة شروط األول أن يكون رأس املال معلوما على مثله حىت لو تعذر تسليم املسلم فيه أمكن الرجوع إىل قيمة رأس املال فإن أسلم‬
‫كفا من الدراهم جزافا يف كر حنطة مل يصح يف أحد القولني الثاين أن يسلم رأس املال يف جملس العقد قبل التفرق فلو تفرقا قبل القبض انفسخ‬
‫السلم الثالث أن يكون املسلم فيه مما ميكن تعريف أوصافه كاحلبوب واحليواانت واملعادن والقطن والصوف واإلبريسم واأللبان واللحوم ومتاع‬
‫العطارين وأشباهها وال جيوز يف املعجوانت واملركبات وما ختتلف أجزاؤه كالقسي املنوعة والنبل املعمول واخلفاف والنعال املختلفة أجزاؤها وصنعتها‬
‫وجلود احليواانت وجيوز السلم يف اخلبز وما يتطرق إليه من اختالف قدر امللح واملاء بكثرة الطبخ وقلته يعفى عنه ويتسامح فيه الرابع أن يستقصي‬
‫وصف هذه األمور القابلة للوصف حىت ال يبقى وصف تتفاوت به القيمة تفاوات ال يتغابن مبثله الناس إال ذكره فإن ذلك الوصف هو القائم مقام‬
‫الرؤية يف البيع اخلامس أن جيعل األجل معلوما إن كان مؤجال فال يؤجل إىل احلصاد وال إىل إدراك انثمار بل إىل األشهر واألايم فإن اإلدراك قد‬
‫يتقدم وقد يتأخر السادس أن يكون املسلم فيه مما يقدر على تسليمه وقت احملل ويؤمن فيه وجوده غالبا فال ينبغي أن يسلم يف العنب إىل أجل ال‬
‫يدرك فيه وكذا سائر الفواكه فإن كان الغالب وجوده وجاء احملل وعجز عن التسليم بسبب آفة فله أن ميهله إن شاء أو يفسخ ويرجع يف رأس‬
‫املال إن شاء السابع أن يذكر مكان التسليم فيما خيتلف الغرض به كي ال يثري ذلك نزاعا الثامن أن ال يعلقه مبعني فيقول من حنطة هذا الزرع أو‬
‫مثرة هذا البستان فإن ذلك يبطل كونه دينا نعم لو أضاف إىل مثرة بلد أو قرية كبرية مل يضر ذلك التاسع أن ال يسلم يف شيء نفيس عزيز الوجود‬
‫مثل درة موصوفة يعز وجود مثلها أو جارية حسناء معها ولدها أو غري ذلك مما ال يقدر عليه غالبا العاشر أن ال يسلم يف طعام مهما كان رأس‬
‫املال طعاما سواء كان من جنسه أو مل يكن وال يسلم يف نقد إذا كان رأس املال نقدا وقد ذكران هذا يف الراب العقد الرابع اإلجارة وله ركنان األجرة‬
‫واملنفعة فأما العاقد واللفظ فيعترب فيه ما ذكرانه يف البيع واألجرة كالثمن فينبغي أن يكون معلوما وموصوفا بكل ما شرطناه يف املبيع إن كان عينا‬
‫فإن كان دينا فينبغي أن يكون معلوم الصفة والقدر وليحرتز فيه عن أمور جرت العادة هبا وذلك مثل كراء الدار بعمارهتا فذلك ابطل إذ قدر‬
‫العمارة جمهول ولو قدر دراهم وشرط على املكرتى أن يصرفها إىل العمارة مل جيز ألن عمله يف الصرف إىل العمارة جمهول ومنها استئجار السالخ‬
‫على أن أيخذ اجللد بعد السلخ واستئجار محال اجليف جبلد اجليفة واستئجار الطحان ابلنخالة أو بعض الدقيق فهو ابطل وكذلك كل ما يتوقف‬
‫حصوله وانفصاله على عمل األجري فال جيوز أن جيعل أجرة ومنها أن يقدر يف إجارة الدور واحلوانيت مبلغ األجر فلو قال لكل شهر دينار ومل‬
‫يقدر أشهر اإلجارة كانت املدة جمهولة ومل تنعقد اإلجارة الركن الثاين املنفعة املقصودة ابإلجارة وهي العمل وحده إن كان عمل مباح معلوم يلحق‬
‫العامل فيه كلفة ويتطوع به الغري عن الغري فيجوز االستئجار عليه ومجلة فروع الباب تندرج حتت هذه الرابطة ولكنا ال نطول بشرحها فقد طولنا‬
‫القول فيها يف الفقهيات وإمنا نشري إىل ما تعم به البلوى فلرياع يف العمل املستأجر عليه مخسة أمور األول أن يكون متقوما أبن يكون فيه كلفة‬
‫وتعب فلو استأجر طعاما ليزين به الدكان أو أشجارا ليجفف عليها الثياب أو دراهم ليزين هبا الدكان مل جيز فإن هذه املنافع جتري جمرى حبة‬
‫مسسم وحبة بر من األعيان وذلك ال جيوز بيعه وهي كالنظر يف مرآة الغري والشرب من بئره واالستظالل جبداره واالقتباس من انره وهلذا لو استأجر‬
‫بياعا على أن يتكلم بكلمة يروج هبا سلعته مل جيز وما أيخذه البياعون عوضا عن حشمتهم وجاههم وقبول قوهلم يف ترويج السلع فهو حرام إذ‬
‫ليس يصدر منهم إال كلمة ال تعب فيها وال قيمة هلا وإمنا حيل هلم ذلك إذ تعبوا بكثرة الرتدد أو بكثرة الكالم يف أتليف أمر املعاملة ث ال‬
‫يستحقون إال أجرة املثل فأما ما تواطأ عليه الباعة فهو ظلم وليس مأخوذا ابحلق الثاين أن ال تتضمن اإلجارة استيفاء عني مقصودة فال جيوز‬
‫إجارة الكرم الرتفاقه وال إجارة املواشي للبنها وال إجارة البساتني لثمارها وجيوز استئجار املرضعة ويكون اللنب اتبعا ألن إفراده غري ممكن وكذا‬
‫يتسامح حبرب الورق وخيط اخلياط ألهنما ال يقصدان على حياهلما الثالث أن يكون العمل مقدورا على تسليمه حسا وشرعا فال يصح استئجار‬
‫الضعيف على عمل ال يقدر عليه وال استئجار األخرس على التعليم وحنوه وما حيرم فعله فالشرع مينع من تسليمه كاالستئجار على قلع سن‬
‫سليمة أو قطع عضو ال يرخص الشرع يف قطعه أو استئجار احلائض على كنس املسجد أو املعلم على تعليم السحر أو الفحش أو استئجار‬
‫زوجة الغري على اإلرضاع دون إذن زوجها أو استئجار املصور على تصوير احليواانت أو استئجار الصائغ على صيغة األواين من الذهب والفضة‬
‫فكل ذلك ابطل الرابع أن ال يكون العمل واجبا على األجري أو ال يكون حبيث ال جتري النيابة فيه عن املستأجر فال جيوز أخذ األجرة على‬
‫اجلهاد وال سائر العبادات اليت ال نيابة فيها إذ ال يقع ذلك عن املستأجر وجيوز عن احلج وغسل امليت وحفر القبور ودفن املوتى ومحل اجلنائز ويف‬
‫أخذ األجرة على إمامة صالة الرتاويح وعلى األذان وعلى التصدي للتدريس وإقراء القرآن خالف أما االستئجار على تعليم مسئلة بعينها أو‬
‫تعليم سورة بعينها لشخص معني فصحيح اخلامس أن يكون العمل واملنفعة معلوما فاخلياط يعرف عمله ابلثوب واملعلم يعرف عمله بتعيني السورة‬
‫ومقدارها ومحل الدواب يعرف مبقدار احملمول ومبقدار املسافة وكل ما يثري خصومة يف العادة فال جيوز إمهاله وتفصيل ذلك يطول وإمنا ذكران هذا‬
‫القدر ليعرف به جليات األحكام ويتفطن به ملواقع اإلشكال فيسأل فإن االستقصاء شأن املفيت ال شأن العوام العقد اخلامس القراض ولرياع فيه‬
‫ثالثة أركان الركن األول رأس املال وشرطه أن يكون نقدا معلوما مسلما إىل العامل فال جيوز القراض على الفلوس وال على العروض فإن التجارة‬
‫تضيق فيه وال جيوز على صرة من الدراهم ألن قدر الربح ال يتبني فيه ولو شرط مالك اليد لنفسه مل جيز ألن فيه تضييق طريق التجارة الركن الثاين‬
‫الربح وليكن معلوما ابجلزئية أبن يشرتط له الثلث أو النصف أو ما شاء فلو قال على أن لك من الربح مائة والباقي يل مل جيز إذ رمبا ال يكون‬
‫الربح أكثر من مائة فال جيوز تقديره مبقدار معني بل مبقدار شائع الثالث العمل الذي على العامل وشرطه أن يكون جتارة غري مضيقة عليه بتعيني‬
‫وأتقيت فلو شرط أن يشرتي ابملال ماشية ليطلب نسلها فيتقامسان النسل أو حنطة فيخبزها ويتقامسان الربح مل يصح ألن القراض مأذون فيه يف‬
‫التجارة وهو البيع والشراء وما يقع من ضرورهتما فقط وهذا حرف أعين اخلبز ورعاية املواشي ولو ضيق عليه وشرط أن ال يشرتي إال من فالن أو‬
‫ال يتجر إال يف اخلز األمحر أو شرط ما يضيق ابب التجارة فسد العقد ث مهما انعقد فالعامل وكيل فيتصرف ابلغبطة تصرف الوكالء ومهما أراد‬
‫املالك الفسخ فله ذلك فإذا فسخ يف حالة واملال كله فيها نقد مل خيف وجه القسمة وإن كان عروضا وال ربح فيه رد عليه ومل يكن للمالك‬
‫تكليفه أن يرده إىل النقد ألن العقد قد انفسخ وهو مل يلتزم شيئا وإن قال العامل أبيعه وأىب املالك فاملتبوع رأى املالك إال إذا وجد العامل زبوان‬
‫يظهر بسببه ربح على رأس املال ومهما كان ربح فعلى العامل بيع مقدار رأس املال جبنس رأس املال ال بنقد آخر حىت يتميز الفاضل رحبا‬
‫فيشرتكان فيه وليس عليهم بيع الفاضل على رأس املال ومهما كان رأس السنة فعليهم تعرف قيمة املال ألجل الزكاة فإذا كان قد ظهر من الربح‬
‫شيء فاألقيس أن زكاة نصيب العامل على العامل وأنه ميلك الربح ابلظهور وليس للعامل أن يسافر مبال القراض دون إذن املالك فإن فعل‬
‫صحت تصرفاته ولكنه إذا فعل ضمن األعيان واألمثان مجيعا ألن عدوانه ابلنقل يتعدى إىل مثن املنقول وإن سافر ابإلذن جاز ونفقة النقل وحفظ‬
‫املال على مال القراض كما أن نفقة الوزن والكيل واحلمل الذي ال يعتاد التاجر مثله على رأس املال فأما نشر الثوب وطيه والعمل اليسري املعتاد‬
‫فليس له أن يبذل عليه أجرة وعلى العامل نفقته وسكناه يف البلد وليس عليه أجرة احلانوت ومهما جترد يف السفر ملال القراض فنفقته يف السفر‬
‫على مال القراض فإذا رجع فعليه أن يرد بقااي آالت السفر من املطهرة والسفرة وغريها العقد السادس الشركة وهي أربعة أنواع ثالثة منها ابطلة‬
‫األول شركة املفاوضة وهو أن يقوال تفاوضنا لنشرتك يف كل مالنا وعلينا وماالمها ممتازان فهي اب طلة الثاين شركة األبدان وهو أن يتشارطا االشرتاك‬
‫يف أجرة العمل فهي ابطلة الثالث شركة الوجوه وهو أن يكون ألحدمها حشمة وقول مقبول فيكون من جهته التنفيل ومن جهة غريه العمل فهذا‬
‫أيضا ابطل وإمنا الصحيح العقد الرابع املسمى شركة العنان وهو أن خيتلط ماالمها حبيث يتعذر التمييز بينهما إال بقسمه وأيذن كل منهما‬
‫لصاحبه يف التصرف ث حكمهما توزيع الربح واخلسران على قدر املالني وال جيوز أن يغري ذلك ابلشرط ث ابلعزل ميتنع التصرف عن املعزول‬
‫وابلقسمة ينفصل امللك عن امللك والصحيح أنه جيوز عقد الشركة على العروض املشرتاة وال يشرتط النقد خبالف القراض فهذا القدر من علم‬
‫الفقه جيب تعلمه على كل مكتسب وإال اقتحم احلرام من حيث ال يدري وأما معاملة القصاب واخلباز والبقال فال يستغىن عنها املكتسب وغري‬
‫املكتسب واخللل فيها من ثالثة وجوه من إمهال شروط البيع أو إمهال شروط السلم أو االقتصار على املعاطاة إذ العادات جارية بكتبه اخلطوط‬
‫على هؤالء حباجات كل يوم ث احملاسبة يف كل مدة ث التقومي حبسب ما يقع عليه الرتاضي وذلك مما نرى القضاء إبابحته للحاجة وحيمل‬
‫تسليمهم على إابحة التناول مع انتظار العوض فيحل أكله ولكن جيب الضمان أبكله وتلزم قيمته يوم اإلتالف فتجتمع يف الذمة تلك القيم فإذا‬
‫وقع الرتاضي على مقدار ما فينبغي أن يلتمس منهم اإلبراء املطلق ال تبقى عليه عهدة إن تطرق إليه تفاوت يف التقومي فهذا ما جتب القناعة به‬
‫فإن تكليف وزن الثمن لكل حاجة من احلوائج يف كل يوم وكل ساعة تكليف شطط وكذا تكليف اإلجياب والقبول وتقدير مثن كل قدر يسري‬
‫منه فيه عسر وإذا كثر كل نوع سهل تقوميه وهللا املوفق الباب الثالث يف بيان العدل واجتناب الظلم يف املعاملة اعلم أن املعاملة قد جتري على‬
‫وجه حيكم املفيت بصحتها وانعقادها ولكنها تشتمل على ظلم يتعرض به املعامل لسخط هللا تعاىل إذ ليس كل هني يقتضي فساد العقد وهذا‬
‫الظلم يعين به ما استضر به الغري وهو منقسم إىل ما يعم ضرره واىل ما خيص املعامل القسم األول فيما يعم ضرره وهو أنواع النوع األول االحتكار‬
‫فبائع الطعام يدخر الطعام ينتظر به غالء األسعار وهو ظلم عام وصاحبه مذموم يف الشرع قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من احتكر‬
‫الطعام أربعني يوما ث تصدق به مل تكن صدقته كفارة الحتكاره حديث من احتكر الطعام أربعني يوما ث تصدق به مل تكن صدقته كفارة‬
‫الحتكاره رواه أبو منصور الديلمي يف مسند الفردوس من حديث علي واخلطيب يف التاريخ من حديث أنس بسندين ضعيفني وروى ابن عمر‬
‫عنه صلى هللا عليه وسلم أنه قال من احتكر الطعام أربعني يوما فقد برئ من هللا وبرئ هللا منه حديث ابن عمر من احتكر الطعام أربعني يوما‬
‫فقد برئ من هللا وبرئ هللا منه رواه أمحد واحلاكم بسند جيد وقال ابن عدي ليس مبحفوظ من حديث ابن عمر وقيل فكأمنا قتل الناس مجيعا‬
‫وعن علي رضي هللا عنه من احتكر الطعام أربعني يوما قسا قلبه وعنه أيضا أنه أحرق طعام حمتكر ابلنار وروي يف فضل ترك االحتكار عنه صلى‬
‫هللا عليه وسلم من جلب طعاما فباعه بسعر يومه فكأمنا تصدق به ويف لفظ آخر فكأمنا أعتق رقبة حديث من جلب طعاما فباعه بسعر يومه‬
‫فكأمنا تصدق به ويف لفظ آخر فكأمنا أعتق رقبة أخرجه ابن مردويه يف التفسري من حديث ابن مسعود بسند ضعيف ما من جالب جيلب طعاما‬
‫إىل بلد من بلدان املسلمني فيبيعه بسعر يومه إال كانت منزلته عند هللا منزلة الشهيد وللحاكم من حديث اليسع بن املغرية إن اجلالب إىل سوقا‬
‫كاجملاهد يف سبيل هللا وهو مرسل وقيل يف قوله تعاىل ومن يرد فيه إبحلاد بظلم نذقه من عذاب أليم إن االحتكار من الظلم وداخل حتته يف الوعيد‬
‫وعن بعض السلف أنه كان بواسط فجهز سفينة حنطة إىل البصرة وكتب إىل وكيله بع هذا الطعام يوم يدخل البصرة وال تؤخره إىل غد فوافق‬
‫سعة يف السعر فقال له التجار لو أخرته مجعة رحبت فيه أضعافه فأخره مجعة فربح فيه أمثاله وكتب إىل صاحبه بذلك فكتب إليه صاحب الطعام‬
‫اي هذا إان كنا قنعنا بربح يسري مع سالمة ديننا وإنك قد خالفت وما حنب أن نربح أضعافه بذهاب شيء من الدين فقد جنيت علينا جناية فإذا‬
‫أاتك كتايب هذا فخذ املال كله فتصدق به على فقراء البصرة وليتين أجنو من إث االحتكار كفافا ال علي وال يل واعلم أن النهي مطلق ويتعلق‬
‫النظر به يف الوقت واجلنس أما اجلنس فيطرد النهي يف أجناس األقوات أما ما ليس بقوت وال هو معني على القوت كاألدوية والعقاقري والزعفران‬
‫وأمثاله فال يتعدى النهي إليه وإن كان مطعوما وأما ما يعني على القوت كاللحم والفواكه وما يسد مسدا يغين عن القوت يف بعض األحوال وإن‬
‫كان ال ميكن املداومة عليه فهذا يف حمل النظر فمن العلماء من طرد التحرمي يف السمن والعسل والشريج واجلنب والزيت وما جيري جمراه وأما الوقت‬
‫فيحتمل أيضا طرد النهي يف مجيع األوقات وعليه تدل احلكاية اليت ذكران يف الطعام الذي صادف ابلبصرة سعة يف السعر وحيتمل أن خيصص‬
‫بوقت قلة األطعمة وحاجة الناس إليه حىت يكون يف أتخري بيعه ضر ما فأما إذا اتسعت األطعمة وكثرت واستغىن الناس عنها ومل يرغبوا فيها إال‬
‫بقيمة قليلة فانتظر صاحب الطعام ذلك ومل ينتظر قحطا فليس يف هذا إضرار وإذا كان الزمان زمان قحط كان يف ادخار العسل والسمن والشريج‬
‫وأمثاهلا إضرار فينبغي أن يقضي بتحرميه ويعول يف نفي التحرمي وإثباته على الضرار فإنه مفهوم قطعا من ختصيص الطعام وإذا مل يكن ضرار فال‬
‫خيلو احتكار األقوات عن كراهية فإنه ينتظر مبادئ الضرار وهو ارتفاع األسعار وانتظار مبادئ الضرار حمذور كانتظار عني الضرار ولكنه دونه‬
‫وانتظار عني الضرار أيضا هو دون اإلضرار فبقدر درجات اإلضرار تتفاوت درجات الكراهية والتحرمي وابجلملة التجارة يف األقوات مما ال‬
‫يستحب ألنه طلب ربح واألقوات أصول خلقت قواما والربح من املزااي فينبغي أن يطلب الربح فيما خلق من مجلة املزااي اليت ال ضرورة للخلق‬
‫إليها ولذلك أوصى بعض التابعني رجال وقال ال تسلم ولدك يف بيعتني وال يف صنعتني بيع الطعام وبيع األكفان فإنه يتمىن الغالء وموت الناس‬
‫والصنعتان أن يكون جزارا فإهنا صنعة تقسي القلب أو صواغا فإنه يزخرف الدنيا ابلذهب والفضة النوع الثاين ترويج الزيف من الدراهم يف أثناء‬
‫النقد فهو ظلم إذ يستضر به املعامل إن مل يعرف وإن عرف فسريوجه على غريه فكذلك الثالث والرابع وال يزال يرتدد يف األيدي ويعمم الضرر‬
‫ويتسع الفساد ويكون وزر الكل ووابله راجعا عليه فإنه هو الذي فتح هذا الباب قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من سن سنة سيئة فعمل‬
‫هبا من بعده كان عليه وزرها ومثل وزر من عمل هبا ال ينقص من أوزارهم شيئا حديث من سن سنة سيئة فعمل هبا من بعده كان عليه وزرها‬
‫ووزر من عمل هبا ال ينقص من أوزارهم شيء أخرجه مسلم من حديث جرير بن عبد هللا وقال بعضهم إنفاق درهم زيف أشد من سرقة مائة‬
‫درهم ألن السرقة معصية واحدة وقد متت وانقطعت وإنفاق الزيف بدعة أظهرها يف الدين وسنة سيئة يعمل هبا من بعده فيكون عليه وزرها بعد‬
‫موته إىل مائة سنة أو مائيت سنة إىل أن يفىن ذلك الدرهم ويكون عليه ما فسد من أموال الناس بسنته وطوىب ملن إذا مات ماتت معه ذنوبه‬
‫والويل الطويل ملن ميوت وتبقى ذنوبه مائة سنة ومائيت سنة أو أكثر يعذب هبا يف قربه ويسئل عنها إىل آخر انقراضها وقال تعاىل ونكتب ما‬
‫قدموا وآاثرهم أي نكتب أيضا ما أخروه من آاثر أعماهلم كما نكتب ما قدموه ويف مثله قوله تعاىل ينبأ اإلنسان يومئذ مبا قدم وأخر وإمنا أخر‬
‫آاثر أعماله من سنة سيئة عمل هبا غريه وليعلم أن يف الزيف مخسة أمور األول أنه إذا رد عليه شيء منه فينبغي أن يطرحه يف بئر حبيث ال متتد‬
‫إليه اليد وإايه أن يروجه يف بيع آخر وإن أفسده حبيث ال ميكن التعامل به جاز الثاين أنه جيب على التاجر تعلم النقد ال ليستقصي لنفسه ولكن‬
‫لئال يسلم إىل مسلم زيفا وهو ال يدري فيكون آمثا بتقصريه يف تعلم ذلك العلم فكل علم عمل به يتم نصح املسلمني فيجب حتصيله وملثل هذا‬
‫كان السلف يتعلمون عالمات النقد نظرا لدينهم ال لدنياهم الثالث أنه إن سلم وعرف املعامل أنه زيف مل خيرج عن اإلث ألنه ليس أيخذه إال‬
‫لريوجه على غريه وال خيربه ولو مل يعزم على ذلك لكان ال يرغب يف أخذه أصال فإمنا يتخلص من إث الضرر الذي خيص معامله فقط الرابع أن‬
‫أيخذ الزيف ليعمل بقوله صلى هللا عليه وسلم رحم هللا امرأ سهل البيع سهل الشراء سهل القضاء سهل االقتضاء حديث رحم هللا امرءا سهل‬
‫البيع سهل الشراء سهل القضاء سهل االقتضاء أخرجه البخاري من حديث جابر فهو داخل يف بركة هذا الدعاء إن عزم على طرحه يف بئر وإن‬
‫كان عازما على أن يروجه يف معاملة فهذا شر روجه الشيطان عليه يف معرض اخلري فال يدخل حتت من تساهل يف االقتضاء اخلامس أن الزيف‬
‫نعين به ما ال نقرة فيه أصال بل هو مموه أو ما ال ذهب فيه أعين يف الداننري أما ما فيه نقرة فإن كان خملوطا ابلنحاس وهو نقد البلد فقد اختلف‬
‫العلماء يف املعاملة عليه وجل رأينا الرخصة فيه إذا كان ذلك نقد البلد سواء علم مقدار النقرة أو مل يعلم وإن مل يكن هو نقد البلد مل جيز إال إذا‬
‫علم قدر النقرة فإن كان يف ماله قطعة نقرهتا انقصة عن نقد البلد فعليه أن خيرب به معامله وأن ال يعامل به إال من ال يستحل الرتويج يف مجلة‬
‫النقد بطريق التلبيس فأما من يستحل ذلك فتسليمه إليه تسليط له على الفساد فهو كبيع العنب ممن يعلم أنه يتخذه مخرا وذلك حمظور وإعانة‬
‫على الشر ومشاركة فيه وسلوك طريق احلق مبثال هذا يف التجارة أشد من املواظبة على نوافل العبادات والتخلي هلا ولذلك قال بعضهم التاجر‬
‫الصدوق أفضل عند هللا من املتعبد وقد كان السلف حيتاطون يف مثل ذلك حىت روي عن بعض الغزاة يف سبيل هللا أنه قال محلت على فرسي‬
‫ألقتل علجا فقصر يب فرسي فرجعت ث دان مين العلج فحملت اثنية فقصر فرسي فرجعت ث محلت الثالثة فنفر مين فرسي وكنت ال أعتاد ذلك‬
‫منه فرجعت حزينا وجلست منكس الرأس منكسر القلب ملا فاتين من العلج وما ظهر يل من خلق الفرس فوضعت رأسي على عمود الفسطاط‬
‫وفرسي قائم فرأيت يف النوم كأن الفرس خياطبين ويقول يل ابهلل عليك أردت أن أتخذ على العلج ثالث مرات وأنت ابألمس اشرتيت يل علفا‬
‫ودفعت يف مثنه درمها زائفا ال يكون هذا أبدا قال فانتبهت فزعا فذهبت إىل العالف وأبدلت ذلك الدرهم فهذا مثال ما يعم ضرره وليقس عليه‬
‫أمثاله القسم الثاين ما خيص ضرره املعامل فكل ما يستضر به املعامل فهو ظلم وإمنا العدل ال يضر أبخيه املسلم والضابط الكلي فيه أن ال حيب‬
‫ألخيه إال ما حيب لنفسه فكل ما لو عومل به شق عليه وثقل على قلبه فينبغي أن ال يعامل غريه به بل ينبغي أن يستوي عنده درمهه ودرهم غريه‬
‫قال بعضهم من ابع أخاه شيئا بدرهم وليس يصلح له لو اشرتاه لنفسه إال خبمسة دوانق فإنه قد ترك النصح املأمور به يف املعاملة ومل حيب ألخيه‬
‫ما حيب لنفسه هذه مجلته فأما تفصيله ففي أربعة أمور أن ال يثين على السلعة مبا ليس فيها وأن ال يكتم من عيوهبا وخفااي صفاهتا شيئا أصال‬
‫وأن ال يكتم يف وزهنا ومقدارها شيئا وأن ال يكتم من سعرها ما لو عرفه املعامل المتنع عنه أما األول فهو ترك الثناء فإن وصفه للسلعة إن كان مبا‬
‫ليس فيها فهو كذب فإن قبل املشرتي ذلك فهو تلبيس وظلم مع كونه كذاب وإن مل يقبل فهو كذب وإسقاط مروءة إذ الكذب الذي ال يروج قد‬
‫ال يقدح يف ظاهر املروءة وإن أثىن على السلعة مبا فيها فهو هذاين وتكلم بكالم ال يعنيه وهو حماسب على كل كلمة تصدر منه أنه مل تكلم هبا‬
‫قال هللا تعاىل ما يلفظ من قول إال لديه رقيب عتيد إال أن يثين على السلعة مبا فيها مما ال يعرفه املشرتي ما مل يذكره كما يصفه من خفى أخالق‬
‫العبيد واجلواري والدواب فال أبس بذكر القدر املوجود منه من غري مبالغة وإطناب وليكن قصده منه أن يعرفه أخوه املسلم فريغب فيه وتنقضي‬
‫بسببه حاجته وال ينبغي أن حيلف عليه ألبتة فإنه إن كان كاذاب فقد جاء ابليمني الغموس وهي من الكبائر اليت تذر الداير بالقع وإن كان صادقا‬
‫فقد جعل هللا تعاىل عرضة ألميانه وقد أساء فيه إذ الدنيا أخس من أن يقصد تروجيها بذكر اسم هللا من غري ضرورة ويف اخلرب ويل للتاجر من بلى‬
‫وهللا وال وهللا وويل للصانع من غد وبعد حديث ويل للتاجر من بلى وهللا وال وهللا وويل للصانع من غد وبعد غد مل أقف له على أصل وذكر‬
‫صاحب مسند الفردوس من حديث أنس بغري إسناد حنوه ويف اخلرب اليمني الكاذبة منفقة للسلعة ممحقة للربكة حديث اليمني الكاذبة منفقة‬
‫للسلعة ممحقة للربكة متفق عليه من حديث أيب هريرة بلفظ احللف وهو عند البيهقي بلفظ املصنف وروى أبو هريرة رضي هللا عنه عن النيب صلى‬
‫هللا عليه وسلم أنه قال ثالثة ال ينظر هللا إليهم يوم القيامة عتل مستكرب ومنان بعطيته ومنفق سلعته بيمينه حديث أيب هريرة ثالثة ال ينظر هللا‬
‫إليهم يوم القيامة عائل مستكرب ومنان بعطيته ومنفق سلعته بيمينه أخرجه مسلم من حديثه إال أنه مل يذكر فيها إال عائل مستكرب وهلما ثالثة ال‬
‫يكلمهم هللا وال ينظر إليهم رجل حلف على سلعة لقد أعطى فيها أكثر مما أعطى وهو كاذابحلديث وملسلم من حديث أيب ذر املنان واملسبل‬
‫إزاره واملنفق سلعته ابحللف الكاذب فإذا كان الثناء على السلعة مع الصدق مكروها من حيث إنه فضول ال يزيد يف الرزق فال خيفى التغليظ يف‬
‫أمر اليمني وقد روى عن يونس بن عبيد وكان خزازا أنه طلب منه خز للشراء فأخرج غالمه سقط اخلز ونشره ونظر إليه وقال اللهم ارزقنا اجلنة‬
‫فقال لغالمه رده إىل موضعه ومل يبعه وخاف أن يكون ذلك تعريضا ابلثناء على السلعة فمثل هؤالء الذين اجتروا يف الدنيا ومل يضيعوا دينهم يف‬
‫جتاراهتم بل علموا أن ربح اآلخرة أوىل ابلطلب من ربح الدنيا الثاين أن يظهر مجيع عيوب املبيع خفيها وجليها وال يكتم منها شيئا فذلك واجب‬
‫فإن أخفاه كان ظاملا غاشا والغش حرام وكان اتركا للنصح يف املعاملة والنصح واجب ومهما أظهر أحسن وجهي الثوب وأخفى الثاين كان غاشا‬
‫وكذلك إذا عرض الثياب يف املواضع املظلمة وكذلك إذا عرض أحسن فردي اخلف أو النعل وأمثاله ويدل على حترمي الغش ما روي أنه مر صلى‬
‫هللا عليه وسلم برجل يبيع طعاما فأعجبه فأدخل يده فيه فرأى بلال فقال ما هذا قال أصابته السماء فقال فهال جعلته فوق الطعام حىت يراه‬
‫الناس من غشنا فليس منا حديث مر برجل يبيع طعاما فأعجبه فأدخل يده فرأى بلال فقال ما هذااحلديث أخرجه مسلم من حديث أيب هريرة‬
‫ويدل على وجوب النصح إبظهار العيوب ما روي أن النيب صلى هللا عليه وسلم ملا ابيع جريرا على اإلسالم ذهب لينصرف فجذب ثوبه واشرتط‬
‫عليه النصح لكل مسلم حديث جرير بن عبد هللا ابيعنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على النصح لكل مسلم متفق عليه فكان جرير إذا قام‬
‫إىل السلعة يبيعها بصر عيوهبا ث خريه وقال إن شئت فخذ وإن شئت فاترك فقيل له إنك إذا فعلت مثل هذا مل ينفذ لك بيع فقال إان ابيعنا‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على النصح لكل مسلم وكان واثلة بن األسقع واقفا فباع رجل انقة له بثلثمائة درهم فغفل واثلة وقد ذهب الرجل‬
‫ابلناقة فسعى وراءه وجعل يصيح به اي هذا اشرتيتها للحم أو للظهر فقال بل للظهر فقال إن خبفها نقبا قد رأيته وإهنا ال تتابع السري فعاد فردها‬
‫فنقصها البائع مائة درهم وقال لواثلة رمحك هللا أفسدت علي بيعي فقال إان ابيعنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على النصح لكل مسلم وقال‬
‫مسعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول ال حيل ألحد يبيع بيعا إال أن يبني آفته وال حيل ملن يعلم ذلك إال تبيينه حديث واثلة ال حيل ألحد‬
‫يبيع بيعا إال بني ما فيه وال حيل ملن يعلم ذلك إال بينه أخرجه احلاكم وقال صحيح اإلسناد والبيهقي فقد فهموا من النصح أن ال يرضى ألخيه‬
‫إال ما يرضاه لنفسه ومل يعتقدوا أن ذلك من الفضائل وزايدة املقامات بل اعتقدوا انه من شروط اإلسالم الداخلة حتت بيعتهم وهذا أمر يشق‬
‫على أكثر اخللق فلذلك خيتارون التخلي للعبادة واالعتزال عن الناس ألن القيام حبقوق هللا مع املخالطة واملعاملة جماهدة ال يقوم هبا إال الصديقون‬
‫ولن يتيسر ذلك على العبد إال أبن يعتقد أمرين أحدمها أن تلبيسه العيوب وتروجيه السلع ال يزيد يف رزقه بل ميحقه ويذهب بربكته وما جيمعه من‬
‫مفرقات التلبيسات يهلكه هللا دفعة واحدة فقد حكي أن واحدا كان له بقرة حيلبها وخيلط بلبنها املاء ويبيعه فجاء سيل فغرق البقرة فقال بعض‬
‫أوالده إن تلك املياه املتفرقة اليت صببناها يف اللنب اجتمعت دفعة واحدة وأخذت البقرة كيف وقد قال صلى هللا عليه وسلم البيعان إذا صدقا‬
‫ونصحا بورك هلما يف بيعهما وإذا كتما وكذاب نزعت بركة بيعهما حديث البيعان إذا صدقا ونصحا بورك هلما يف بيعهمااحلديث متفق عليه من‬
‫حديث حكيم بن حزام ويف احلديث يد هللا على الشريكني ما مل يتخاوان فإذا ختاوان رفع يده عنهما حديث يد هللا على الشريكني ما مل يتخاوان‬
‫فإذا ختاوان رفع يده عنهما رواه أبو داود واحلاكم من حديث أيب هريرة وقال صحيح اإلسناد فإذا ال يزيد مال من خيانة كما ال ينقص من صدقة‬
‫من ال يعرف الزايدة والنقصان إال ابمليزان مل يصدق هبذا احلديث ومن عرف أن الدرهم الواحد قد يبارك فيه حىت يكون سببا لسعادة اإلنسان يف‬
‫الدنيا والدين واآلالف املؤلفة قد ينزع هللا الربكة منها حىت تكون سببا هلالك مالكها حبيث يتمىن اإلفالس منها ويراه أصلح له يف بعض أحواله‬
‫فيعرف معىن قولنا إن اخليانة ال تزيد يف املال والصدقة ال تنقص منه واملعىن الثاين الذي ال بد من اعتقاده ليتم له النصح ويتيسر عليه أن يعلم أن‬
‫ربح اآلخرة وغناها خري من ربح الدنيا وأن فوائد أموال الدنيا تنقضي ابنقضاء العمر وتبقى مظاملها وأوزارها فكيف يستجيز العاقل أن يستبدل‬
‫الذي هو أدىن ابلذي هو خري واخلري كله يف سالمة الدين قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ال تزال ال إله إال هللا تدفع عن اخللق سخط هللا‬
‫ما مل يؤثروا صفقة دنياهم على آخرهتم حديث ال تزال ال إله إال هللا تدفع عن اخللق سخط هللا ما مل يؤثروا صفقة دنياهم على أخرامهاحلديث رواه‬
‫أبو يعلى والبيهقي يف الشعب من حديث أنس بسند ضعيف ويف رواية للرتمذي احلكيم يف النوادر حىت إذا نزلوا ابملنزل الذي ال يبالون ما نقص‬
‫من دينهم إذا سلمت هلم دنيامهاحلديث وللطرباين يف األوسط حنوه من حديث عائشة وهو ضعيف أيضا ويف لفظ آخر ما مل يبالوا ما نقص من‬
‫دنياهم بسالمة دينهم فإذا فعلوا ذلك وقالوا ال إله إال هللا قال هللا تعاىل كذبتم لستم هبا صادقني ويف حديث آخر من قال ال إله إال هللا خملصا‬
‫دخل اجلنة قيل وما إخالصه قال أن حيرزه عما حرم هللا حديث من قال ال إله إال هللا خملصا دخل اجلنة قيل وما إخالصها قال حتجزه عما حرم‬
‫هللا أخرجه الطرباين من حديث زيد بن أرقم يف معجمه الكبري واألوسط إبسناد حسن وقال أيضا ما آمن ابلقرآن من استحل حمارمه ومن علم أن‬
‫هذه األمور قادحة يف إميانه وأن إميانه رأس ماله يف اآلخرة مل يضيع رأس ماله املعد لعمر ال آخر له بسبب ربح ينتفع به أايما معدودة وعن بعض‬
‫التابعني أنه قال لو دخلت اجلامع ومع وهو غاص أبهله وقيل يل من خري هؤالء لقلت من أنصحهم هلم فإذا قالوا هذا قلت هو خريهم ولو قيل‬
‫يل من شرهم قلت من أغشهم هلم فإذا قيل هذا قلت هو شرهم والغش حرام يف البيوع والصنائع مجيعا وال ينبغي أن يتهاون الصانع بعمله على‬
‫وجه لو عامله به غريه ملا ارتضاه لنفسه بل ينبغي أن حيسن الصنعة وحيكمها ث يبني عيبها إن كان فيها عيب فبذلك يتخلص وسأل رجل حداء‬
‫بن سامل فقال كيف يل أن أسلم يف بيع النعال فقال اجعل الوجهني سواء وال تفضل اليمىن على األخرى وجود احلشو وليكن شيئا واحدا اتما‬
‫وقارب بني اخلرز وال تطبق إحدى النعلني على األخرى ومن هذا الفن ما سئل عنه أمحد بن حنبل رمحه هللا من الرفو حبيث ال يتبني قال ال جيوز‬
‫ملن يبيعه أن خيفيه وإمنا حيل للرفا إذا علم أنه يظهره أو أنه ال يريده للبيع فإن قلت فال تتم املعاملة مهما وجب على اإلنسان أن يذكر عيوب‬
‫املبيع فأقول ليس كذلك إذ شرط التاجر أن ال يشرتي للبيع إال اجليد الذي يرتضيه لنفسه لو أمسكه ث يقنع يف بيعه بربح يسري فيبارك هللا له فيه‬
‫وال حيتاج إىل تلبيس وإمنا تعذر هذا ألهنم ال يقنعون ابلربح اليسري وليس يسلم الكثري إال بتلبيس فمن تعود هذا مل يشرت املعيب فإن وقع يف يده‬
‫معيب اندرا فليذكره وليقنع بقيمته ابع ابن سريين شاة فقال للمشرتي أبرأ إليك من عيب فيها إهنا تقلب العلف برجلها وابع احلسن بن صاحل‬
‫جارية فقال للمشرتي إهنا تنخمت مرة عندان دما فهكذا كانت سرية أهل الدين فمن ال يقدر عليه فليرتك املعاملة أو ليوطن نفسه على عذاب‬
‫اآلخرة الثالث إال يكتم يف املقدار شيئا وذلك بتعديل امليزان واالحتياط فيه ويف الكيل فينبغي أن يكيل كما يكتال قال هللا تعاىل ويل للمطففني‬
‫الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم خيسرون وال خيلص من هذا إال أبن يرجع إذا أعطي وينقص إذا أخذ إذ العدل‬
‫احلقيقي قلما يتصور فليستظهر بظهور الزايدة والنقصان فإن من استقصى حقه بكماله يوشك أن يتعداه وكان بعضهم يقول ال أشرتي الويل من‬
‫هللا حببة فكان إذا أخذ نقص نصف حبة وإذا أعطى زاد حبة وكان يقول ويل ملن ابع حببة جنة عرضها السموات واألرض وما أخسر من ابع‬
‫طوىب بويل وإمنا ابلغوا يف االحرتاز من هذا وشبهه ألهنا مظامل ال ميكن التوبة منها إذ ال يعرف أصحاب احلبات حىت جيمعهم ويؤدي حقوقهم‬
‫ولذلك ملا اشرتى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم شيئا قال للوزان ملا كان يزن مثنه زن وأرجح حديث قال للوزان زن وأرجح رواه أصحاب السنن‬
‫واحلاكم من حديث سويد بن قيس قال الرتمذي حسن صحيح وقال احلاكم صحيح على شرط مسلم ونظر فضيل إىل ابنه وهو يغسل دينارا‬
‫يريد أن يصرفه ويزيل تكحيله وينقيه حىت ال يزيد وزنه بسبب ذلك فقال اي بين فعلك هذا أفضل من حجتني وعشرين عمرة وقال بعض السلف‬
‫عجبت للتاجر والبائع كيف ينجو يزن وحيلف ابلنهار وينام ابلليل وقال سليمان عليه السالم البنه اي بين كما تدخل احلبة بني احلجرين كذلك‬
‫تدخل اخلطيئة بني املتبايعني وصلى بعض الصاحلني على خمنث فقيل له إنه كان فاسقا فسكت فأعيد عليه فقال كأنك قلت يل كان صاحب‬
‫ميزانني يعطي أبحدمها وأيخذ ابآلخر أشار به إىل أن فسقه مظلمة بينه وبني هللا تعاىل وهذا من مظامل العباد واملساحمة والعفو فيه أبعد والتشديد‬
‫يف أمر امليزان عظيم واخلالص منه حيصل حببة ونصف حبة ويف قراءة عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه ال تطغوا يف امليزان وأقيموا الوزن ابللسان‬
‫وال ختسروا امليزان أي لسان امليزان فإن النقصان والرجحان يظهر مبيله وابجلملة كل من ينتصف لنفسه من غريه ولو يف كلمة وال ينصف مبثل ما‬
‫ينتصف فهو داخل حتت قوله تعاىل ويل للمطففني الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون اآلايت فإن حترمي ذلك يف املكيل ليس لكونه مكيال بل‬
‫لكونه أمرا مقصودا ترك العدل والنصفة فيه فهو جار يف مجيع األعمال فصاحب امليزان يف خطر الويل وكل مكلف فهو صاحب موازين يف أفعاله‬
‫وأقواله وخطراته فالويل له إن عدل عن العدل ومال عن االستقامة ولوال تعذر هذا واستحالته ملا ورد قوله تعاىل وإن منكم إال واردها كان على‬
‫ربك حتما مقضيا فال ينفك عبد ليس معصوما عن امليل عن االستقامة إال أن درجات امليل تتفاوت تفاوات عظيما فلذلك تتفاوت مدة مقامهم‬
‫يف النار إىل أوان اخلالص حىت ال يبقى بعضهم إال بقدر حتلة القسم ويبقى بعضهم ألفا وألوف سنني فنسأل هللا تعاىل أن يقربنا من االستقامة‬
‫والعدل فإن االشتداد على منت الصراط املستقيم من غري ميل عنه غري مطموع فيه فإنه أدق من الشعرة وأحد من السيف ولواله لكان املستقيم‬
‫عليه ال يقدر على جواز الصراط املمدود على منت النار الذي من صفته أنه أدق من الشعرة وأحد من السيف وبقدر االستقامة على هذا‬
‫الصراط املستقيم خيف العبد يوم القيامة على الصراط وكل من خلط ابلطعام ترااب أو غريه ث كاله فهو من املطففني يف الكيل وكل قصاب وزن مع‬
‫اللحم عظما مل جتر العادة مبثله فهو من املطففني يف الوزن وقس على هذا سائر التقديرات حىت يف الذرع الذي يتعاطاه البزاز فإنه إذا اشرتى‬
‫أرسل الثوب يف وقت الذرع ومل ميده مدا وإذا ابعه مده يف الذرع ليظهر تفاوات يف القدر فكل ذلك من التطفيف املعرض صاحبه للويل الرابع أن‬
‫يصدق يف سعر الوقت وال خيفي منه شيئا فقد هنى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن تلقي الركبان حديث النهي عن تلقي الركبان متفق عليه‬
‫من حديث ابن عباس وأيب هريرة وهنى عن النجش حديث النهي عن النجش متفق عليه من حديث ابن عمر وأيب هريرة أما تلقي الركبان فهو‬
‫أن يستقبل الرفقة ويتلقى املتاع ويكذب يف سعر البلد فقد قال صلى هللا عليه وسلم ال تتلقوا الركبان ومن تلقاها فصاحب السلعة ابخليار بعد‬
‫أن يقدم السوق وهذا الشراء منعقد ولكنه إن ظهر كذبه ثبت للبائع اخليار وإن كان صادقا ففي اخليار خالف لتعارض عموم اخلرب مع زوال‬
‫التلبيس وهنى أيضا أن يبيع حاضر لباد حديث النهي عن بيع احلاضر للبادي متفق عليه من حديث ابن عباس وأيب هريرة وأنس وهو أن يقدم‬
‫البدوي البلد ومعه قوت يريد أن يتسارع إىل بيعه فيقول له احلضري اتركه عندي حىت أغايل يف مثنه وأنتظر ارتفاع سعره وهذا يف القوت حمرم ويف‬
‫سائر السلع خالف واألظهر حترميه لعموم النهي وألنه أتخري للتضييق على الناس على اجلملة من غري فائدة للفضويل املضيق وهنى رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم عن النجش وهو أن يتقدم إىل البائع بني يدي الراغب املشرتي ويطلب السلعة بزايدة وهو ال يريدها وإمنا يريد حتريك رغبة‬
‫املشرتي فيها فهذا إن مل جتر مواطأة مع البائع فهو فعل حرام من صاحبه والبيع منعقد وإن جرى مواطأة ففي ثبوت اخليار خالف واألوىل إثبات‬
‫اخليار ألنه تغرير بفعل يضاهي التغرير يف املصراة وتلقي الركبان فهذه املناهي تدل على أنه ال جيوز أن يلبس على البائع واملشرتي يف سعر الوقت‬
‫ويكتم منه أمرا لو علمه ملا أقدم على العقد ففعل هذا من الغش احلرام املضاد للنصح الواجب فقد حكي عن رجل من التابعني أنه كان ابلبصرة‬
‫وله غالم ابلسوس جيهز إليه السكر فكتب إليه غالمه إن قصب السكر قد أصابته آفة يف هذه السنة فاشرت السكر قال فاشرتى سكرا كثريا فلما‬
‫جاء وقته ربح فيه ثالثني ألفا فانصرف إىل منزله فأفكر ليلته وقال رحبت ثالثني ألفا وخسرت نصح رجل من املسلمني فلما أصبح غدا إىل ابئع‬
‫السكر فدفع إليه ثالثني ألفا وقال ابرك هللا لك فيها فقال ومن أين صارت يل فقال إين كتمتك حقيقة احلال وكان السكر قد غال يف ذلك‬
‫الوقت فقال رمحك هللا قد أعلمتين اآلن وقد طيبتها لك قال فرجع هبا إىل منزله وتفكر وابت ساهرا وقال ما نصحته فلعله استحيا مين فرتكها يل‬
‫فبكر إليه من الغد وقال عافاك هللا خذ مالك إليك فهو أطيب لقليب فأخذ منه ثالثني ألفا فهذه األخبار يف املناهي واحلكاايت تدل على أنه‬
‫ليس له أن يغتنم فرصة وينتهز غفلة صاحب املتاع وخيفي من البائع غالء السعر أو من املشرتي تراجع األسعار فإن فعل ذلك كان ظاملا اتركا‬
‫للعدل والنصح للمسلمني ومهما ابع مراحبة أبن يقول بعت مبا قام على أو مبا اشرتيته فعليه أن يصدق ث جيب عليه أن خيرب مبا حدث بعد العقد‬
‫من عيب أو نقصان ولو اشرتى إىل أجل وجب ذكره ولو اشرتى مساحمة من صديقه أو ولده جيب ذكره ألن املعامل يعول على عادته يف‬
‫االستقصاء أنه ال يرتك النظر لنفسه فإذا تركه بسبب من األسباب فيجب إخباره إذ االعتماد فيه على أمانته الباب الرابع يف اإلحسان يف املعاملة‬
‫وقد أمر هللا تعاىل ابلعدل واإلحسان مجيعا والعدل سبب النجاة فقط وهو جيري من التجارة جمرى رأس املال واإلحسان سبب الفوز ونيل السعادة‬
‫وهو جيري من التجارة جمرى الربح وال يعد من الغفالء من قنع يف معامالت الدنيا برأس ماله فكذا يف معامالت اآلخرة فال ينبغي للمتدين أن‬
‫يقتصر على العدل واجتناب الظلم ويدع أبواب اإلحسان وقد قال هللا وأحسن كما أحسن هللا إليك وقال عز وجل إن هللا أيمر ابلعدل‬
‫واإلحسان وقال سبحانه إن رمحت هللا قريب من احملسنني ونعين ابإلحسان فعل ما ينتفع به املعامل وهو غري واجب عليه ولكنه تفضل منه فإن‬
‫الواجب يدخل يف ابب العدل وترك الظلم وقد ذكرانه وتنال رتبة اإلحسان بواحد من ستة أمور األول يف املغابنة فينبغي أن ال يغنب صاحبه مبا ال‬
‫يتغابن به يف العادة فأما أصل املغابنة فمأذون فيه ألن البيع للربح وال ميكن ذلك إال بغنب ما ولكن يراعى فيه التقريب فإن بذل املشرتي زايدة‬
‫على الربح املعتاد إما لشدة رغبته أو لشدة حاجته يف احلال إليه فينبغي أن ميتنع من قبوله فذلك من اإلحسان ومهما مل يكن تلبيس مل يكن أخذ‬
‫الزايدة ظلما وقد ذهب بعض العلماء إىل أن الغنب مبا يزيد على الثلث يوجب اخليار ولسنا نرى ذلك ولكن من اإلحسان أن حيط ذلك الغنب‬
‫يروى أنه كان عند يونس بن عبيد حلل خمتلفة األمثان ضرب قيمة كل حلة منها أربعمائة وضرب كل حلة قيمتها مائتان فمر إىل الصالة وخلف‬
‫ابن أخيه يف الدكان فجاء أعرايب وطلب حلة أبربعمائة فعرض عليه من حلل املائتني فاستحسنها ورضيها فاشرتاها فمضى هبا وهي على يديه‬
‫فاستقبله يونس فعرف حلته فقال لألعرايب بكم اشرتيت فقال أبربعمائة فقال ال تساوي أكثر من مائتني فارجع حىت تردها فقال هذه تساوي يف‬
‫بلدان مخسمائة وأان أرتضيها فقال له يونس انصرف فإن النصح يف الدين خري من الدنيا مبا فيها ث رده إىل الدكان ورد عليه مائيت درهم وخاصم‬
‫ابن أخيه يف ذلك وقاتله وقال أما استحييت أما اتقيت هللا تربح مثل الثمن وترتك النصح للمسلمني فقال وهللا ما أخذها إال وهو راض هبا قال‬
‫فهال رضيت له مبا ترضاه لنفسك وهذا إن كان فيه إخفاء سعر وتلبيس فهو من ابب الظلم وقد سبق ويف احلديث غنب املسرتسل حرام حديث‬
‫غنب املسرتسل حرام أخرجه الطرباين من حديث أيب أمامة بسند ضعيف والبيهقي من حديث جابر بسند جيد وقال راب بدل حرام وكان الزبري بن‬
‫عدي يقول أدركت مثانية عشر من الصحابة ما منهم أحد حيسن يشرتي حلما بدرهم فغنب مثل هؤالء املسرتسلني ظلم إن كان من غري تلبيس‬
‫فهو من ترك اإلحسان وقلما يتم هذا إال بنوع تلبيس وإخفاء سعر الوقت وإمنا اإلحسان احملض ما نقل عن السري السقطي أنه اشرتى كر لوز‬
‫بستني دينارا وكتب يف روزانجمه ثالثة داننري رحبه وكأنه رأى أن يربح على العشرة نصف دينار فصار اللوز بتسعني فأاته الدالل وطلب اللوز فقال‬
‫خذه قال بكم فقال بثالثة وستني فقال الدالل وكان من الصاحلني فقد صار اللوز بتسعني فقال السرى قد عقدت عقدا ال أحله لست أبيعه إال‬
‫بثالثة وستني فقال الدالل وأان عقدت بيين وبني هللا أن ال أغش مسلما لست آخذ منك إال بتسعني قال فال الدالل اشرتى منه وال السرى ابعه‬
‫فهذا حمض اإلحسان من اجلانبني فإنه مع العلم حبقيقة احلال وروي عن حممد بن املنكدر أنه كان له شقق بعضها خبمسة وبعضها بعشرة فباع‬
‫غالمه يف غيبته شقة من اخلمسيات بعشرة فلما عرف مل يزل يطلب ذلك األعرايب املشرتي طول النهار حىت وجده فقال له إن الغالم قد غلط‬
‫فباعك ما يساوي مخسة بعشرة فقال اي هذا قد رضيت فقال وإن رضيت فإان ال نرضى لك إال ما نرضاه ألنفسنا فاخرت إحدى ثالث خصال‬
‫إما أن أتخذ شقة من العشرايت بدرامهك وإما أن نرد عليك مخسة وإما أن ترد شقتنا وأتخذ درامهك فقال أعطين مخسة فرد عليه مخسة‬
‫وانصرف األعرايب يسأل ويقول من هذا الشيخ فقيل له هذا حممد بن املنكدر فقال ال إله إال هللا هذا الذي نستسقي به يف البوادي إذا قحطنا‬
‫فهذا إحسان يف أن ال يربح على العشرة إال نصفا أو واحد على ما جرت به العادة يف مثل ذلك املتاع يف ذلك املكان ومن قنع بربح قليل كثرت‬
‫معامالته واستفاد من تكررها رحبا كثريا وبه تظهر الربكة كان علي رضي هللا عنه يدور يف سوق الكوفة ابلدرة ويقول معاشر التجار خذوا احلق‬
‫تسلموا ال تردوا قليل الربح فتحرموا كثريه قيل لعبد الرمحن بن عوف رضي هللا عنه ما سبب يسارك قال ثالث ما رددت رحبا قط وال طلب مين‬
‫حيوان فأخرت ب يعه وال بعت بنسيئة ويقال إنه ابع ألف انقة فما ربح إال عقلها ابع كل عقال بدرهم فربح فيها ألفا وربح من نفقته عليها ليومه‬
‫ألفا الثاين يف احتمال الغنب واملشرتي إن اشرتى طعاما من ضعيف أو شيئا من فقري فال أبس أن حيتمل الغنب ويتساهل ويكون به حمسنا وداخال‬
‫يف قوله صلى هللا عليه وسلم رحم هللا امرءا سهل البيع سهل الشراء فأما إذا اشرتى من غين اتجر يطلب الربح زايدة على حاجته فاحتمال الغنب‬
‫منه ليس حممودا بل هو تضييع مال من غري أجر وال محد فقد ورد يف حديث من طريق أهل البيت املغبون يف الشراء ال حممود وال مأجور حديث‬
‫املغبون يف الشراء ال حممود وال مأجور أخرجه الرتمذي احلكيم يف النوادر من رواية عبيد هللا بن احلسن عن أبيه عن جده ورواه أبو يعلى من‬
‫حديث احلسني بن علي يرفعه قال الذهيب هو منكر وكان إايس ابن معاوية بن قرة قاضي البصرة وكان من عقالء التابعني يقول لست خبب‬
‫واخلب ال يغبنين وال يغنب ابن سريين ولكن يغنب احلسن ويغنب أيب يعين معاوية بن قرة والكمال يف أن ال يغنب وال يغنب كما وصف بعضهم عمر‬
‫رضي هللا عنه فقال كان أكرم من أن خيدع وأعقل من أن خيدع وكان احلسن واحلسني وغريمها من خيار السلف يستقصون يف الشراء ث يهبون مع‬
‫ذلك اجلزيل من املال فقيل لبعضهم تستقصي يف شرائك على اليسري ث هتب الكثري وال تبايل فقال إن الواهب يعطي فضله وإن املغبون يغنب‬
‫عقله وقال بعضهم إمنا أغنب عقلي وبصري فال أمكن الغابن منه وإذا وهبت أعطى هلل وال أستكثر منه شيئا الثالث يف استيفاء الثمن وسائر‬
‫الديون واإلحسان فيه مرة ابملساحمة وحط البعض ومرة ابإلمهال والتأخري ومرة ابملساهلة يف طلب جودة النقد وكل ذلك مندوب إليه وحمثوث‬
‫عليه قال النيب صلى هللا عليه وسلم رحم هللا امرءا سهل البيع سهل الشراء سهل االقتضاء حديث رحم هللا امرءا سهل البيع سهل الشراء تقدم‬
‫يف الباب قبله فليغتنم دعاء الرسول صلى هللا عليه وسلم وقال صلى هللا عليه وسلم امسح يسمح لك حديث امسح يسمح لك أخرجه الطرباين‬
‫من حديث ابن عباس ورجاله ثقات وقال صلى هللا عليه وسلم من أنظر معسرا أو ترك له حاسبه هللا حسااب يسريا ويف لفظ آخر أظله هللا حتت‬
‫ظل عرشه يوم ال ظل إال ظله حديث من أنظر معسرا أو ترك له حاسبه هللا حسااب يسريا ويف لفظ آخر أظله هللا حتت ظله يوم ال ظل إال ظله‬
‫رواه مسلم ابللفظ الثاين من حديث أيب اليسر كعب بن عمرو وذكر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم رجال كان مسرفا على نفسه حوسب فلم‬
‫يوجد له حسنة فقيل له هل عملت خريا قط فقال ال إال أين كنت رجال أداين الناس فأقول لفتياين ساحموا املوسر وأنظروا املعسر حديث ذكر‬
‫رجال كان مسرفا على نفسه حوسب فلم يوجد له حسنة فقيل له هل عملت خريا قط فقال ال إال أين كنت رجال أداين الناس فأقول لفتياين‬
‫ساحموا املوسراحلديث رواه مسلم من حديث أ يب مسعود األنصاري وهو متفق عليه بنحوه من حديث حذيفة ويف لفظ آخر وجتاوزوا عن املعسر‬
‫فقال هللا تعاىل حنن أحق بذلك منه فتجاوز هللا عنه وغفر له وقال صلى هللا عليه وسلم من أقرض دينارا إىل أجل فله بكل يوم صدقة إىل أجله‬
‫فإذا حل األجل فأنظره بعده فله بكل يوم مثل ذلك الدين صدقة حديث من أقرض دينارا إىل أجل فله بكل يوم صدقة إىل أجله فإذا حل‬
‫األجل فأنظره بعده فله بكل يوم مثل ذلك الدين صدقة أخرجه ابن ماجة من حديث بريدة من أنظر معسرا كان له كل يوم صدقة ومن أنظره‬
‫بعد أجله كان له مثله يف كل يوم صدقة وسنده ضعيف ورواه أمحد واحلاكم وقال صحيح على شرط الشيخني وقد كان من السلف من ال حيب‬
‫أن يقضي غرميه الدين ألجل هذا اخلرب حىت يكون كاملتصدق جبميعه يف كل يوم وقال صلى هللا عليه وسلم رأيت على ابب اجلنة مكتواب الصدقة‬
‫بعشر أمثاهلا والقرض بثمان عشرة حديث رأيت على ابب اجلنة مكتواب الصدقة بعشر أمثاهلا والقرض بثمان عشرة أخرجه ابن ماجة من حديث‬
‫أنس إبسناد ضعيف فقيل يف معناه إن الصدقة تقع يف يد احملتاج وغري احملتاج وال حيتمل ذل االستقراض إال حمتاج ونظر النيب صلى هللا عليه وسلم‬
‫إىل رجل يالزم رجال بدين فأومأ إىل صاحب الدين بيده أن ضع الشطر ففعل فقال للمديون قم فأعطه حديث أومأ إىل صاحب الدين بيده ضع‬
‫الشطراحلديث متفق عليه من حديث كعب بن مالك وكل من ابع شيئا وترك مثنه يف احلال ومل يرهق إىل طلبه فهو يف معىن املقرض وروي أن‬
‫احلسن البصري ابع بغلة له أبربعمائة درهم فلما استوجب املال قال له املشرتي امسح اي أاب سعيد قال قد أسقطت عنك مائة قال له فأحسن اي‬
‫أاب سعيد فقال قد وهبت لك مائة أخرى فقبض من حقه مائيت درهم فقيل له اي أاب سعيد هذا نصف الثمن فقال هكذا يكون اإلحسان وإال‬
‫فال ويف اخلرب خذ حقك يف كفاف وعفاف واف أو غري واف حياسبك هللا حسااب يسريا حديث خذ حقك يف عفافاحلديث أخرجه ابن ماجه‬
‫من حديث أيب هريرة إبسناد حسن دون قوله حياسبك هللا حسااب يسريا وله والبن حبان واحلاكم وصححه حنوه من حديث ابن عمر وعائشة‬
‫الرابع يف توفية الدين ومن اإلحسان فيه حسن القضاء وذلك أبن ميشي إىل صاحب احلق وال يكلفه أن ميشي إليه يتقاضاه فقد قال صلى هللا‬
‫عليه وسلم خريكم أحسنكم قضاء حديث خريكم أحسنكم قضاء متفق عليه من حديث أيب هريرة ومهما قدر على قضاء الدين فليبادر إليه ولو‬
‫قبل وقته وليسلم أجود مما شرط عليه وأحسن وإن عجز فلينو قضاءه مهما قدر قال صلى هللا عليه وسلم من أدان دينا وهو ينوي قضاءه وكل‬
‫هللا به مالئكة حيفظونه ويدعون له حىت يقضيه حديث من أدان دينا وهو ينوي قضاءه وكل به مالئكة حيفظونه ويدعون له حىت يقضيه أخرجه‬
‫أمحد من حديث عائشة ما من عبد كانت له نية يف أداء دينه إال كان معه من هللا عون وحافظ ويف رواية له مل يزل معه من هللا حارس ويف رواية‬
‫للطرباين يف األوسط إال كان معه عون من هللا عليه حىت يقضيه عنه وكان مجاعة من السلف يستقرضون من غري حاجة هلذا اخلرب ومهما كلمه‬
‫صاحب احلق بكالم خشن فليحتمله وليقابله ابللطف اقتداء برسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذ جاءه صاحب الدين عند حلول األجل ومل‬
‫يكن قد اتفق قضاؤه فجعل الرجل يشدد الكالم على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فهم به أصحابه فقال دعوه فإن لصاحب احلق مقاال‬
‫حديث دعوه فإن لصاحب احلق مقاال متفق عليه من حديث أيب هريرة ومهما دار الكالم بني املستقرض واملقرض فاإلحسان أن يكون امليل‬
‫األكثر للمتوسطني إىل من عليه الدين فإن املقرض يقرض عن غىن واملستقرض يستقرض عن حاجة وكذلك ينبغي أن تكون اإلعانة للمشرتي‬
‫أكثر فإن البائع راغب عن السلعة يبغي تروجيها واملشرتي حمتاج إليها هذا هو األحسن إال أن يتعدى من عليه الدين حده فعند ذلك نصرته يف‬
‫منعه عن تعد به وإعانة صاحبه إذ قال صلى هللا عليه وسلم أنصر أخاك ظاملا أو مظلوما فقيل كيف ننصره ظاملا فقال منعك إايه من الظلم‬
‫نصرة له حديث انصر أخاك ظاملا أو مظلومااحلديث متفق عليه من حديث أنس اخلامس أن يقيل من يستقيله فإنه ال يستقيل إال متندم مستضر‬
‫ابلبيع وال ينبغي أن يرضى لنفسه أن يكون سبب استضرار أخيه قال صلى هللا عليه وسلم من أقال اندما صفقته أقال هللا عثرته يوم القيامة‬
‫حديث من أقال اندما صفقته أقال هللا عثرته يوم القيامة أخرجه أبو داود واحلاكم من حديث أيب هريرة وقال صحيح على شرط مسلم أو كما‬
‫قال السادس أن يقصد يف معاملته مجاعة م ن الفقراء ابلنسيئة وهو يف احلال عازم على أن ال يطالبهم إن مل تظهر هلم ميسرة فقد كان يف صاحلي‬
‫السلف من له دفرتان للحساب أحدمها ترمجته جمهولة فيه أمساء من ال يعرفه من الضعفاء والفقراء وذلك أن الفقري كان يرى الطعام أو الفاكهة‬
‫فيشتهيه فيقول أحتاج إىل مخسة أرطال مثال من هذا وليس معي مثنه فكان يقول خذه واقض مثنه عند امليسرة ومل يكن يعد هذا من اخليار بل عد‬
‫من اخليار من مل يكن يثبت امسه يف الدفرت أصال وال جيعله دينا لكن يقول خذ ما تريد فإن يسر لك فاقض وإال فأنت يف حل منه وسعة فهذه‬
‫طرق جتارات السلف وقد اندرست والقائ م به حمي هلذه السنة وابجلملة التجارة حمك الرجال وهبا ميتحن دين الرجل وورعه ولذلك قيل ال يغرنك‬
‫من املرء قميص رقعه أو إزارا فوق كعب الساق منه رفعه أو جبني الح فيه أثر قد قلعه ولدى الدرهم فانظر غيه أو ورعه ولذلك قيل إذا أثىن على‬
‫الرجل جريانه يف احلضر وأصحابه يف السفر ومعاملوه يف األسواق فال تشكوا يف صالحه وشهد عند عمر رضي هللا عنه شاهد فقال ائتين مبن‬
‫يعرفك فأاته برجل فأثىن عليه خريا فقال عمر أنت جاره األدىن الذي يعرف مدخله وخمرجه قال ال فقال كنت رفيقه يف السفر الذي يستدل به‬
‫على مكارم األخالق فقال ال قال فعاملته ابلدينار والدرهم الذي يستبني به ورع الرجل قال ال قال أظنك رأيته قائما يف املسجد يهمهم ابلقرآن‬
‫خيفض رأسه طورا ويرفعه أخرى قال نعم فقال اذهب فلست تعرفه وقال للرجل اذهب فائتين مبن يعرفك الباب اخلامس يف شفقة التاجر على دينه‬
‫فيما خيصه ويعم آخرته وال ينبغي للتاجر أن يشغله معاشه عن معاده فيكون عمره ضائعا وصفقته خاسرة وما يفوته من الربح يف اآلخرة ال يفي به‬
‫ما ينال يف الدنيا فيكون اشرتى احلياة الدنيا ابآلخرة بل العاقل ينبغي أن يشفق على نفسه وشفقته على نفسه حيفظ رأس ماله ورأس ماله دينه‬
‫وجتارته فيه قال بعض السلف أوىل األشياء ابلعاقل أحوجه إليه يف العاجل وأحوج شيء إليه يف العاجل أمحده عاقبة يف اآلجل وقال معاذ بن‬
‫جبل رضي هللا عنه يف وصيته إنه ال بد لك من نصيبك يف الدنيا وأنت إىل نصيبك من اآلخرة أحوج فابدأ بنصيبك من اآلخرة فخذه فإنك‬
‫ستمر على نصيبك من الدنيا فتنظمه قال هللا تعاىل وال تنس نصيبك من الدنيا أي ال تنس يف الدنيا نصيبك منها لآلخرة فإهنا مزرعة اآلخرة‬
‫وفيها تكتسب احلسنات وإمنا تتم شفقة التاجر على دينه مبراعاة سبعة أمور األول حسن النية والعقيدة يف ابتداء التجارة فلينو هبا االستعفاف عن‬
‫السؤال وكف الطمع عن الناس استغ ناء ابحلالل عنهم واستعانة مبا يكسبه على الدين وقياما بكفاية العيال ليكون من مجلة اجملاهدين به ولينو‬
‫النصح للمسلمني وأن حيب لسائر اخللق ما حيب لنفسه ولينو اتباع طريق العدل واإلحسان يف معاملته كما ذكرانه ولينو األمر ابملعروف والنهي‬
‫عن املنكر يف كل ما يراه يف السوق فإذا أضمر هذه العقائد والنيات كان عامال يف طريق اآلخرة فإن استفاد ماال فهو مزيد وإن خسر يف الدنيا‬
‫ربح يف اآلخرة الثاين أن يقصد القيام يف صنعته أو جتارته بفرض من فروض الكفاايت فإن الصناعات والتجارات لو تركت بطلت املعايش وهلك‬
‫أكثر اخللق فانتظام أمر الكل بتعاون الكل وتكفل كل فريق بعمل ولو أقبل كلهم على صنعة واحدة لتعطلت البواقي وهلكوا وعلى هذا محل‬
‫بعض الناس قوله صلى هللا عليه وسلم اختالف أميت رمحة حديث اختالف أميت رمحة تقدم يف العلم أي اختالف مههم يف الصناعات واحلرف‬
‫ومن الصناعات ما هي مهمة ومنها ما يستغىن عنها لرجوعها إىل طلب النعم والتزين يف الدنيا فليشتغل بصناعة مهمة ليكون يف قيامه هبا كافيا‬
‫عن املسلمني مهما يف الدين وليجتنب صناعة النقش والصياغة وتشييد البنيان ابجلص ومجيع ما تزخرف به الدنيا فكل ذلك كرهه ذوو الدين فأما‬
‫عمل املالهي واآلالت اليت حيرم استعماهلا فاجتناب ذلك من قبيل ترك الظلم ومن مجلة ذلك خياطة اخلياط القباء من اإلبر يسم للرجال وصياغة‬
‫الصائغ مراكب الذهب أو خواتيم الذهب للرجال فكل ذلك من املعاصي واألجرة املأخوذة عليه حرام ولذلك أوجبنا الزكاة فيها وإن كنا ال‬
‫نوجب الزكاة يف احللي ألهنا إذا قصدت للرجال فهي حمرمة وكوهنا مهيأة للنساء ال يلحقها ابحللي املباح ما مل يقصد ذلك هبا فيكتسب حكمها‬
‫من القصد وقد ذكران أن بيع الطعام وبيع األكفان مكروه ألنه يوجب انتظار موت الناس وحاجتهم بغالء السعر ويكره أن يكون جزارا ملا فيه من‬
‫قساوة القلب وأن يكون حجاما أو كناسا ملا فيه من خمامرة النجاسة وكذا الدابغ وما يف معناه وكره ابن سريين الداللة وكره قتادة أجرة الدالل‬
‫ولعل السبب فيه قلة استغناء الدالل عن الكذب واإلفراط يف الثناء على السلعة لرتوجيها وألن العمل فيه ال يتقدر فقد يقل وقد يكثر وال ينظر يف‬
‫مقدار األجرة إىل عمله بل إىل قدر قيمة الثوب هذا هو العادة وهو ظلم بل ينبغي أن ينظر إىل قدر التعب وكرهوا شراء احليوان للتجارة ألن‬
‫املشرتي يكره قضاء هللا فيه وهو املوت الذي بصدده ال حمالة وحلوله وقيل بع احليوان واشرت املواتن وكرهوا الصرف ألن االحرتاز فيه عن دقائق‬
‫الراب عسري وألنه طلب لدقائق الصفات فيما ال يقصد أعياهنا وإمنا يقصد رواجها وقلما يتم للصرييف ربح إال ابعتماد جهالة معامله بدقائق النقد‬
‫فقلما يسلم الصرييف وإن احتاط ويكره للصرييف وغريه كسر الصحيح والداننري إال عند الشك يف جودته أو عند ضرورة قال أمحد بن حنبل رمحه‬
‫هللا ورد هني عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حديث النهي عن كسر الدينار والدرهم رواه أبو داود والرتمذي وابن ماجه واحلاكم من رواية‬
‫علقمة بن عبد هللا عن أبيه قال هنى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن تكسر سكة املسلمني اجلائزة بينهم إال من أبس زاد احلاكم أن يكسر‬
‫الدرهم فيجعل فضة ويكسر الدينار فيجعل ذهبا وضعفه ابن حبان وعن أصحابه يف الصياغة من الصحاح وأان أكره الكسر وقال يشرتي‬
‫ابلداننري دراهم ث يشرتي ابلدرهم ذهبا ويصوغه واستحبوا جتارة البز قال سعيد بن املسيب ما من جتارة أحب إيل من البز ما مل يكن فيها أميان‬
‫وقد روي خري جتارتكم البز وخري صنائعكم اخلرز حديث خري جتارتكم البز وخري صنائعكم اخلرز مل أقف له على إسناد وذكره صاحب الفردوس‬
‫من حديث علي بن أيب طالب ويف حديث آخر لو اجتر أهل اجلنة الجتروا يف البز ولو اجتر أهل النار الجتروا يف الصرف حديث لو اجتر أهل اجلنة‬
‫الجتروا يف البز ولو اجتر أهل النار الجتروا يف الصرف رواه أبو منصور الديلمي يف مسند الفردوس من حديث أيب سعيد بسند ضعيف وروى أبو‬
‫يعلى والعقيلي يف الضعفاء الشطر األول من حديث أيب بكر الصديق وقد كان غالب أعمال األخيار من السلف عشر صنائع اخلرز والتجارة‬
‫واحلمل واخلياطة واحلذو والقصارة وعمل اخلفاف وعمل احلديد وعمل املغازل ومعاجلة صيد الرب والبحر والوراقة قال عبد الوهاب الوراق قال يل‬
‫أمحد بن حنبل ما صنعتك قلت الوراقة قال كسب طيب ولو كنت صانعا بيدي لصنعت صنعتك ث قال يل ال تكتب إال مواسطة واستبق‬
‫احلواشي وظهور األجزاء وأربعة من الصناع موسومون عند الناس بضعف الرأي احلاكة والقطانون واملغازليون واملعلمون ولعل ذلك ألن أكثر‬
‫خمالطتهم مع النساء والصبيان وخمالطة ضعفاء العقول تضعف العقل كما أن خمالطة العقالء تزيد يف العقل وعن جماهد أن مرمي عليها السالم مرت‬
‫يف طلبها لعيسى عليه السالم حباكة فطلبت الطريق فأرشدوها غري الطريق فقالت اللهم انزع الربكة من كسبهم وأمتهم فقراء وحقرهم يف أعني‬
‫الناس فاستجيب دعاؤها وكره السلف أخذ األجرة على كل ما هو من قبيل العبادات وفروض الكفاايت كغسل املوتى ودفنهم وكذا األذان‬
‫وصالة الرتاويح وإن حكم بصحة االستئجار عليه وك ذا تعليم القرآن وتعليم علم الشرع فإن هذه أعمال حقها أن يتجر فيها لآلخرة وأخذ األجرة‬
‫عليها استبدال ابلدنيا عن اآلخرة وال يستحب ذلك الثالث أن مينعه سوق الدنيا عن سوق اآلخرة وأسواق اآلخرة املساجد قال هللا تعاىل رجال‬
‫ال تلهيهم جتارة وال بيع عن ذكر هللا وإقام الصالة وإيتاء الزكاة وقال هللا تعاىل يف بيوت أذن هللا أن ترفع ويذكر فيها امسه فينبغي أن جيعل أول‬
‫النهار إىل وقت دخول السوق آلخرته فيالزم املسجد ويواظب على األوراد كان عمر رضي هللا عنه يقول للتجار اجعلوا أول هناركم آلخرتكم وما‬
‫بعده لدنياكم وكان صاحلو السلف جيعلون أول النهار وآخره لآلخرة والوسط للتجارة ومل يكن يبيع اهلريسة والرءوس بكرة إال الصبيان وأهل الذمة‬
‫ألهنم كانوا يف املساجد بعد ويف اخلرب إن املالئكة إذا صعدت بصحيفة العبد وفيها يف أول النهار ويف آخره ذكر هللا وخري كفر هللا عنهما ما‬
‫بينهما من سيئ األعمال حديث إن املالئكة إذا صعدت بصحيفة العبد ويف أول النهار وآخره ذكر وخري كفر هللا ما بينهما من سيئ األعمال‬
‫أخرجه أبو يعلى من حديث أنس بسند ضعيف مبعناه ويف اخلرب تلتقي مالئكة الليل والنهار عند طلوع الفجر وعند صالة العصر فيقول هللا تعاىل‬
‫وهو أعلم هبم كيف تركتم عبادي فيقولون تركناهم وهو يصلون وجئناهم وهم يصلون فيقول هللا سبحانه وتعاىل أشهدكم أين قد غفرت هلم حديث‬
‫تلتقي مالئكة الليل ومالئكة النهار عند طلوع الفجر وعند صالة العصر فيقول هللا وهو أعلم كيف تركتم عبادايحلديث متفق عليه من حديث‬
‫أيب هريرة يتعاقبون فيكم مالئكة ابلليل ومالئكة ابلنهار وجيتمعون يف صالة الغداة وصالة العصراحلديث ث مهما مسع األذان يف وسط النهار‬
‫لألوىل والعصر فينبغي أن ال يعرج على شغل وينزعج عن مكانه ويدع كل ما كان فيه فما يفوته من فضيلة التكبرية األوىل مع اإلمام يف أول‬
‫الوقت ال توازيها الدنيا مبا فيها ومهما مل حيضر اجلماعة عصى عند بعض العلماء وقد كان السلف يبتدرون عند األذان وخيلون األسواق للصبيان‬
‫وأهل الذمة وكانوا يستأجرون ابلقراريط حلفظ احلوانيت يف أوقات الصلوات وكان ذلك معيشة هلم وقد جاء يف تفسري قوله تعاىل ال تلهيهم جتارة‬
‫وال بيع عن ذكر هللا أهنم كانوا حدادين وخرازين فكان أحدهم إذا رفع املطرقة أو غرز اإلشفى فسمع األذان مل خيرج اإلشفى من املغرز ومل يوقع‬
‫املطرقة ورمى هبا وقام إىل الصالة الرابع أن ال يقتصر على هذا بل يالزم ذكر هللا سبحانه يف السوق ويشتغل ابلتهليل والتسبيح فذكر هللا يف‬
‫السوق بني الغافلني أفضل قال صلى هللا عليه وسلم ذاكر هللا يف الغافلني كاملقاتل خلف الفارين وكاحلي بني األموات ويف لفظ آخر كالشجرة‬
‫اخلضراء بني اهلشيم وقال صلى هللا عليه وسلم من دخل السوق فقال ال إله إال هللا وحده ال شريك له امللك وله احلمد حيىي ومييت وهو حي ال‬
‫ميوت بيده اخلري وهو على كل شيء قدير كتب هللا له ألف ألف حسنة حديث من دخل السوق فقال ال إله إال هللا وحده ال شريك هلاحلديث‬
‫تقدم يف األذكار وكان ابن عمر وسامل بن عبد هللا وحممد بن واسع وغريهم يدخلون السوق قاصدين لنيل فضيلة هذا الذكر وقال احلسن ذاكر هللا‬
‫يف السوق جييء يوم القيامة له ضوء كضوء القمر وبرهان كربهان الشمس ومن استغفر هللا يف السوق غفر هللا له بعدد أهلها وكان عمر رضي هللا‬
‫عنه إذا دخل السوق قال اللهم إين أعوذ بك من الكفر والفسوق ومن شر ما أحاطت به السوق اللهم إين أعوذ بك من ميني فاجرة وصفقة‬
‫خاسرة وقال أبو جعفر الفرغاين كنا يوما عند اجلنيد فجرى ذكر انس جيلسون يف املساجد ويتشبهون ابلصوفية ويقصرون عما جيب عليهم من‬
‫حق اجللوس ويعيبون من يدخل السوق فقال اجلنيد كم ممن هو يف السوق حكمه أن يدخل املسجد وأيخذ أبذن بعض من فيه فيخرجه وجيلس‬
‫مكانه وإين ألعرف رجال يدخل السوق ورده كل يوم ثلثمائة ركعة وثالثون ألف تسبيحة قال فسبق إيل ومهي أنه يعين نفسه فهكذا كانت جتارة‬
‫من يتجر لطلب الكفاية ال للتنعم يف الدنيا فإن من يطلب الدنيا لالستعانة هبا على اآلخرة كيف يدع ربح اآلخرة والسوق واملسجد والبيت له‬
‫حكم واحد وإمنا النجاة ابلتقوى قال صلى هللا عليه وسلم اتق هللا حيثما كنت حديث اتق هللا حيثما كنت أخرجه الرتمذي من حديث أيب ذر‬
‫وصححه فوظيفة التقوى ال تنقطع عن املتجردين للدين كيفما تقلبت هبم األحوال وبه تكون حياهتم وعيشتهم إذ فيه يرون جتارهتم ورحبهم وقد‬
‫قيل من أحب اآلخرة عاش ومن أحب الدنيا طاش واألمحق يغدو ويروح يف الش والعاقل عن عيوب نفسه فتاش اخلامس أن ال يكون شديد‬
‫احلرص على السوق والتجارة وذلك أبن يكون أول داخل وآخر خارج وأبن يركب البحر يف التجارة فهما مكروهان يقال إن من ركب البحر فقد‬
‫استقصى يف طلب الرزق ويف اخلرب ال يركب البحر إال حلج أو عمرة أو غزو حديث ال تركب البحر إال حلجة أو عمرة أو غزو أخرجه أبو داود‬
‫من حديث عبد هللا بن عمرو وقيل إنه منقطع وكان عبد هللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنهما يقول ال تكن أول داخل يف السوق وال آخر‬
‫خارج منها فإن هبا ابض الشيطان وفرخ روي عن معاذ بن جبل وعبد هللا بن عمر أن إبليس يقول لولده زلنبور سر بكتائبك فأت أصحاب‬
‫األسواق زين هلم الكذب واحللف واخلديعة واملكر واخليانة وكن مع أول داخل وآخر خارج منها ويف اخلرب شر البقاع األسواق وشر أهلها أوهلم‬
‫دخوال وآخرهم خروجا حديث شر البقاع األسواق وشر أهلها أوهلم دخوال وآخرهم خروجا تقدم صدر احلديث يف الباب السادس من العلم‬
‫وروى أبو نعيم يف كتاب حرمة املساجد من حديث ابن عباس أبغض البقاع إىل هللا األسواق وأبغض أهلها إىل هللا أوهلم دخوال وآخرهم خروجا‬
‫ومتام هذا االحرتاز أن يراقب وقت كفايته فإذا حصل كفاية وقته انصرف واشتغل بتجارة اآلخرة هكذا كان صاحلو السلف فقد كان منهم من إذا‬
‫ربح دانقا انصرف قناعة به وكان محاد بن سلمة يبيع اخلز يف سفط بني يديه فكان إذا ربح حبتني رفع سفطه وانصرف وقال إبراهيم بن بشار‬
‫قلت إلبراهيم بن أدهم رمحه هللا أمر اليوم أعمل يف الطني فقال اي ابن بشار إنك طالب ومطلوب يطلبك من ال تفوته وتطلب ما قد كفيته أما‬
‫رأيت حريصا حمروما وضعيفا مرزوقا فقلت إن يل دانقا عند البقال فقال عز على بك متلك دانقا وتطلب العمل وقد كان فيهم من ينصرف بعد‬
‫الظهر ومنهم بعد العصر ومنهم من ال يعمل يف األسبوع إال يوما أو يومني وكانوا يكتفون به السادس أن ال يقتصر على اجتناب احلرام بل يتقي‬
‫مواقع الشبهات ومظان الريب وال ينظر إىل الفتاوي بل يستفيت قلبه فإذا وجد فيه حزازة اجتنبه وإذا محل إليه سلعة رابه أمرها سأل عنها حىت‬
‫يعرف وإال أكل الشبهة وقد محل إىل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لنب فقال من أين لكم هذا فقالوا من الشاة فقال ومن أين لكم هذه الشاة‬
‫فقيل من موضع كذا فشرب منه ث قال إان معاشر األنبياء أمران أن ال أنكل إال طيبا وال نعمل إال صاحلا حديث سؤاله عن اللنب والشاة وقوله إان‬
‫معاشر األنبياء أمران أن ال أنكل إال طيبا وال نعمل إال صاحلا رواه الطرباين من حديث أم عبد هللا أخت شداد بن أوس بسند ضعيف وقال إن‬
‫هللا تعاىل أمر املؤمنني مبا أمر به املرسلني فقال اي أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم حديث إن هللا أمر املؤمنني مبا أمر به املرسلني‬
‫احلديث أخرجه مسلم من حديث أيب هريرة فسأل النيب صلى هللا عليه وسلم عن أصل الشيء وأصل أصله ومل يزد ألن ما وراء ذلك يتعذر‬
‫وسنبني يف كتاب احلالل واحلرام موضع وجوب هذا السؤال فإنه كان صلى هللا عليه وسلم ال يسأل عن كل ما حيمل إليه حديث كان ال يسأل‬
‫عن كل ما حيمل إليه رواه أمحد من حديث جابر أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وأصحابه مروا ابمرأة فذحبت هلم شاةاحلديث فأخذ رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم لقمة فلم يستطع أن يسيغها فقال هذه شاة ذحبت بغري إذن أهلهااحلديث وله من حديث أيب هريرة كان إذا أتى بطعام‬
‫من غري أهله سأل عنهاحلديث وإسنادمها جيد ويف هذا أنه كان ال يسأل عما أيت به من عند أهله وهللا أعلم وإمنا الواجب أن ينظر التاجر إىل‬
‫من يعامله فكل منسوب إىل ظلم أو خيانة أو سرقة أو راب فال يعامله وكذا األجناد والظلمة ال يعاملهم ألبتة وال يعامل أصحاهبم وأعواهنم ألنه‬
‫معني بذلك على الظلم وحكي عن رجل أنه توىل عمارة سور لثغر من الثغور قال فوقع يف نفسي من ذلك شيء وإن كان ذلك العمل من‬
‫اخلريات بل من فرائض اإلسالم ولكن كان األمري الذي توىل يف حملته من الظلمة قال فسألت سفيان رضي هللا عنه فقال ال تكن عوان هلم على‬
‫قليل وال كثري فقلت هذا سور يف سبيل هللا للمسلمني فقال نعم ولكن أقل ما يدخل عليك أن حتب بقاءهم ليوفوك أجرك فتكون قد أحببت‬
‫بقاء من يعصي هللا وقد جاء يف اخلرب من دعا لظامل ابلبقاء فقد أحب أن يعصى هللا يف أرضه حديث من دعا لظامل ابلبقاء فقد أحب أن يعصى‬
‫هللا يف أرضه مل أجده مرفوعا وإمنا رواه ابن أيب الدنيا يف كتاب الصمت من قول احلسن وقد ذكره املصنف هكذا على الصواب يف آفات اللسان‬
‫ويف احلديث إن هللا ليغضب إذا مدح الفاسق حديث إن هللا ليغضب إذا مدح الفاسق أخرجه ابن أيب الدنيا يف الصمت وابن عدي يف الكامل‬
‫وأبو يعلى والبيهقي يف الشعب من حديث أنس بسند ضعيف ويف حديث آخر من أكرم فاسقا فقد أعان على هدم اإلسالم حديث من أكرم‬
‫فاسقا فقد أعان على هدم اإلسالم غريب هبذا اللفظ واملعروف من وقر صاحب بدعةاحلديث رواه ابن عدي من حديث عائشة والطرباين يف‬
‫األوسط وأبو نعيم يف احللية من حديث عبد هللا بن يسر أبسانيد ضعيفة قال ابن اجلوزي كلها موضوعة ودخل سفيان على املهدي وبيده درج‬
‫أبيض فقال اي سفيان أعطين الدواة حىت أكتب فقال أخربين أي شيء تكتب فإن كان حقا أعطيتك وطلب بعض األمراء من بعض العلماء‬
‫احملبوسني عنده أن يناوله طينا ليختم به الكتاب فقال انولين الكتاب أوال حىت أنظر ما فيه فهكذا كانوا حيرتزون عن معاونة الظلمة ومعاملتهم‬
‫أشد أنواع اإلعانة فينبغي أن جيتنبها ذوو الدين ما وجدوا إليه سبيال وابجلملة فينبغي أن ينقسم الناس عنده إىل من يعامل ومن ال يعامل وليكن‬
‫من يعامله أقل ممن ال يعامله يف هذا الزمان قال بعضهم أتى على الناس زمان كان الرجل يدخل السوق ويقول من ترون يل أن أعامل من الناس‬
‫فيقال له عامل من شئت ث أتى زمان آخر كانوا يقولون عامل من شئت إال فالان وفالان ث أتى زمان آخر فكان يقال ال تعامل أحدا إال فالان‬
‫وفالان وأخشى أن أييت زمان يذهب هذا أيضا وكأنه قد كان الذي كان حيذر أن يكون إان هلل وإان إليه راجعون السابع ينبغي أن يراقب مجيع‬
‫جماري معاملته مع واحد من معامليه فإنه مراقب وحماسب فليعد اجلواب ليوم احلساب والعقاب يف كل فعلة وقولة إنه مل أقدم عليها وألجل ماذا‬
‫فإنه يقال إنه يوقف التاجر يوم القيامة مع كل رجل كان ابعه شيئا وقفه وحياسب عن كل واحد فهو حماسب على عدد من عامله قال بعضهم‬
‫رأ يت بعض التجار يف النوم فقلت ماذا فعل هللا بك فقال نشر على مخسني ألف صحيفة فقلت هذه كلها ذنوب فقال هذه معامالت الناس‬
‫بعدد كل إنسان عاملته يف الدنيا لكل إنسان صحيفة مفردة فيما بيين وبينه من أول معاملته إىل آخرها فهذا ما على املكتسب يف عمله من‬
‫العدل واإلحسان والشفقة على الدين فإن اقتصر على العدل كان من الصاحلني وإن أضاف إليه اإلحسان كان من املقربني وإن راعى مع ذلك‬
‫وظائف الدين كما ذكر يف الباب اخلامس كان من الصديقني وهللا أعلم ابلصواب مت كتاب الكسب واملعيشة حبمد هللا ومنه‪.‬‬

You might also like