Professional Documents
Culture Documents
الفصل الأول
الفصل الأول
اﻟﺣﺿﺎرة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ
ﺗﻌرﯾﻔﮭﺎ ،ﻣﻘوﻣﺎﺗﮭﺎ ،ﺧﺻﺎﺋﺻﮭﺎ
ﺗﻌرﯾف اﻟﺣﺿﺎرة
ﻛﻠﻣﺔ اﻟﺣﺿﺎرة ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻣﺷﺗﻘﺔ ﻣن ﻓﻌل ” ﺣﺿر” اﻟذي ھو ﻧﻘﯾض ﻏﺎب ،وﻣﻧﮫ اﻟﻣﻐﯾب
اﻟﺣﺿﺎرة ﻟﻐﺔ:
واﻟﻐﯾﺑﺔ ،وﻣﺷﺗﻘﺎت ھذه اﻟﻣﺎدة ھﻲ :ﺣﺿر ،ﯾﺣﺿر ﺣﺿورا ،وﺣﺿﺎرة ،وﯾﻘﺎل ﺑﺣﺿرة اﻟﻣﺎء أي
ﻋﻧده ،وﺣﺿرت اﻟﺻﻼة ،واﻟﺣﺿرة ﺧﻼف اﻟﺑﺎدﯾﺔ ،واﻟﺣﺎﺿر اﻟﻣﻘﯾم ﻓﻲ اﻟﻣدن واﻟﻘرى ،واﻟﺑﺎدي
اﻟﻣﻘﯾم ﺑﺎﻟﺑﺎدﯾﺔ.
ﻋّرف اﺑن ﺧﻠدون اﻟﺣﺿﺎرة ﺑﺄﻧﮭﺎ ”:أﺣوال ﻋﺎدﯾﺔ زاﺋدة ﻋﻠﻰ اﻟﺿروري ﻣن أﺣوال اﻟﻌﻣران زﯾﺎدة
ﺗﺗﻔﺎوت ﺑﺗﻔﺎوت اﻟرﻓﮫ وﺗﻔﺎوت اﻷﻣم” .
و ﯾﺿﯾف اﺑن ﺧﻠدون أن ” اﻟﺣﺿﺎرة إﻧﻣﺎ ھﻲ ﺗﻔﻧن ﻓﻲ اﻟﺗرف ،وأﺣﻛﺎم اﻟﺻﻧﺎﺋﻊ اﻟﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ ﻓﻲ وﺟوھﮫ،
وﻣذاھﺑﮫ ﻣن اﻟﻣطﺎﺑﺦ واﻟﻣﻼﺑس واﻟﻣﺑﺎﻧﻲ واﻟﻔرش وﺳﺎﺋر ﻋواﺋد اﻟﻣﻧزل وأﺣواﻟﮫ” .
ﺗﻌرﯾف و.ل.دﯾوراﻧت ” :اﻟﺣﺿﺎرة ﻧظﺎم اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﻌﯾن اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ اﻟزﯾﺎدة ﻣن إﻧﺗﺎﺟﮫ اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ.
وإﻧﻣﺎ ﺗﺗﺄﻟف اﻟﺣﺿﺎرة ﻣن ﻋﻧﺎﺻر أرﺑﻌﺔ ھﻲ :اﻟﻣوارد اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ،واﻟﻧظم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،واﻟﺗﻘﺎﻟﯾد اﻟﺧﻠﻘﯾﺔ،
وﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟﻌﻠوم واﻟﻔﻧون.
ﻣﻘوﻣﺎت اﻟﺣﺿﺎرة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ
أوﻻ :اﻟدﯾن اﻹﺳﻼﻣﻲ
وﯾﺷﻣل :
اﻟﺟواﻧب اﻟدﯾﻧﯾﺔ – اﻟﺟواﻧب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ – اﻟﺟواﻧب اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ – اﻟﺟواﻧب اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ – اﻟﺟواﻧب اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ واﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ
اﻟﺟواﻧب اﻟدﯾﻧﯾﺔ :دﻋﺎ اﻹﺳﻼم إﻟﻰ اﻟﺗوﺣﯾد وﺣرم ﺗﻌدد اﻵﻟﮭﺔ ،ﻛﻣﺎ دﻋﺎ إﻟﻰ اِﻹﯾﻣﺎن ﺑﺄرﻛﺎﻧﮫ اﻟﺳت ،وﺣرم اﻟﻣﻌﺗﻘدات ﻏﯾر اﻟﺳﻣﺎوﯾﺔ – ﻟﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻣن
اﻣﺗﮭﺎن وإھدار ﻟﻛراﻣﺔ اﻹﻧﺳﺎن ،ﻛﻣﺎ أﻋﻠن إﯾﻣﺎﻧﮫ ﺑﺎﻷﻧﺑﯾﺎء اﻟﺳﺎﺑﻘﯾن ،وﻟم ﯾﻠزم أﺣدا ﺑﺎﻋﺗﻧﺎق اﻹﺳﻼم إﺟﺑﺎرا ،ﻛﻣﺎ ﺗﻣﺗﻊ أھل اﻟذﻣﺔ ﺑﺎﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ
ﻧﻔﺳﯾﺎ وﻣﻌﻧوﯾﺎ ،ﻣﺎدﯾﺎ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ .
اﻟﺟواﻧب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ :دﻋﺎ اﻹﺳﻼم إﻟﻰ اﻟﺷورى ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر اﻟﺣﺎﻛم ،وﻛذا ﻓﻲ إدارة ﺷﺋون اﻟﺑﻼد ،وﻧظم اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺣﺎﻛم واﻟﻣﺣﻛوﻣﯾن ،وﺣدد
اﻟﺣﻘوق واﻟواﺟﺑﺎت ﺑﯾن ﻛل طرف ،وﻧﺎدى ﺑﺎﻟﺳﻠم ،وﺣرم اﻟﻌدوان واﻟﺣروب إﻻ ﻟﻠدﻓﺎع ﻋن اﻟدﯾن واﻟﻧﻔس واﻷرض ،ورﺳم اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ
ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ واﻟداﺧﻠﯾﺔ.
اﻟﺟواﻧب اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ :ﺣث اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل اﻟﺷرﯾف وﺣﺎرب اﻟﺗواﻛل واﻟﻐش واﻟﻛﺳل ،ودﻋﺎ إﻟﻰ ﻋﻣﺎرة اﻷرض ﻓﻲ ﺷﺗﻰ اﻟﻣﯾﺎدﯾن اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ،
وﻣﻧﮫ ﻗوﻟﮫ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم) :ﻣن أﺣﯾﺎ أرﺿﺎ ﻣﯾﺗﺔ ﻓﮭﻲ ﻟﮫ ( ،ﻣﻧﻊ اﻟﻐش اﻟﺗﺟﺎري ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎﯾﯾل واﻟﻣﻘﺎﯾﯾس واﻟﻣوازﯾن ،وﺣﺎرب اﻻﺣﺗﻛﺎر
واﻻﺳﺗﻐﻼل ،وﺣرم اﻟرﺑﺎ ،ووازن ﺑﯾن اﻟﻣﺎدﯾﺎت واﻟروﺣﺎﻧﯾﺎت.
اﻟﺟواﻧب اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ :ﺣﺎرب اﻹﺳﻼم اﻟﻌﺎدات واﻟﺗﻘﺎﻟﯾد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻔﺎﺳدة ﻛﺷرب اﻟﺧﻣر ،ووأد اﻟﺑﻧﺎت ،واﺣﺗﻘﺎر اﻟﻣرأة ،واﻻﺳﺗﻌﺑﺎد ،واﻟﻧﻔﺎق
واﻟﻌﺻﺑﯾﺔ اﻟﻘﺑﻠﯾﺔ ،واﻟﺗﻣﯾﯾز ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻠون واﻟﻌرق واﻟﺟﻧس ،ودﻋﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾم واﻟﻣﺛل اﻟﻧﺑﯾﻠﺔ اﻟﻣﺳﺗﻣدة ﻣن اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم واﻟﺳﻧﺔ اﻟﻣطﮭرة ،
واﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺑﺎدئ اﻟﻌداﻟﺔ واﻹﺧﺎء واﻟﻣﺳﺎواة ،ﻛﻣﺎ ﻧظم ﺷﺋون اﻷﺳرة واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ودﻋﺎ إﻟﻰ ﺗﺣرﯾر اﻟرﻗﯾق واﻟﻌﺑﯾد.
اﻟﺟواﻧب اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ واﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ :ﺣث اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺧدام اﻟﻌﻘل ،وﺟﻌﻠﮫ ﻣﻧﺎط اﻟﺗﻛﻠﯾف ،ورﺑط رﺑطﺎ ﺣﻛﯾﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﻌﻘل واﻹﯾﻣﺎن ،ودﻋﺎ إﻟﻰ إﻋﻣﺎل
اﻟﻌﻘل ﻓﻲ اﻟﺗﻔﻛر واﻟﺗدﺑر ﻓﻲ اﻟﺧﻠق واﻟﻛون واﻟﺣﯾﺎة ،وﻗد ﺟﺎء ذﻛر اﻟﻌﻘل ﻓﻲ ﻧﺣو 50آﯾﺔ ﻣن اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ،ﻛﻣﺎ دﻋﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﻠم وﺣث ﻋﻠﯾﮫ
وأﻛده ﺗﺄﻛﯾدا ﺷدﯾدا.
ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﺗراث اﻟﻌرب ﻗﺑل اﻹﺳﻼم :
) (1اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،وﻛﺎن ﻟﻠﻛﻠﻣﺔ ﺳوق راﺋﺟﺔ ﻣﺛل ﺳوق ﻋﻛﺎظ ﻟﯾﺗﺑﺎرى اﻟﺷﻌراء ﻓﯾﻣﺎ )(1
ﺑﯾﻧﮭم ،وﻛﺎﻧت ھﻧﺎك اﻟﻣﻌﻠﻘﺎت اﻟﺗﻲ ﺗوﺿﻊ ﻓوق اﻟﻛﻌﺑﺔ.
) (2اﻹﻓﺎدة ﻣن ﻋﻠوم اﻟﻌرب وﻣﻌﺎرﻓﮭم ﻓﻲ اﻟﺗﺟﺎرة واﻻﻗﺗﺻﺎد واﻟرﺣﻼت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﺑرا
وﺑﺣرا وأﻧواع اﻟﺳﻠﻊ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ واﻟﺻﯾرﻓﺔ واﻟﻧﻘد ﻛﻣﺎ ﻓﻲ رﺣﻠﺗﻲ اﻟﺷﺗﺎء واﻟﺻﯾف وﻛذا ﻣﺎ
ﯾراﻓق ذﻟك ﻣن إﺟراءات ﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ وإدارﯾﺔ وﻣﺎﻟﯾﺔ .
) (3اﻟﻌﺎدات واﻟﺗﻘﺎﻟﯾد اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺎدت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻗﺑل اﻹﺳﻼم ﻣن اﻟﻛرم واﻟﺷﺟﺎﻋﺔ
واﻟﻧﺟدة واﻟوﻓﺎء واﻟﻛرم.
• * ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﻌﻣﺎرة ﺑﺎﻗﺗﺑﺎس اﻷﻗواس اﻟﺗﻲ ﯾﻌﻠو ﺑﻌﺿﮭﺎ اﻟﺑﻌض ﻓوق واﺟﮭﺎت اﻟﻘﺻور وﻓﻲ اﻟﺟدران اﻟﻣﺣﯾطﺔ
ﺑﺎﻷﯾواﻧﺎت ،واﻟﻣﺂذن اﻟﻣﺧروطﯾﺔ ،وﻓﻧون اﻟزﺧرﻓﺔ وﻓﻧون اﻟﺗﺻوﯾر وﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﺳﺟﺎد ورﺳوﻣﮫ وزﺧﺎرﻓﮫ.
• * ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﺟﯾش واﻟﻧظم اﻟﺣرﺑﯾﺔ ﺗطوﯾر اﻟﺧطط اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ واﻵﻻت اﻟﻘﺗﺎﻟﯾﺔ ﺑﺄﺷﻛﺎﻟﮭﺎ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﻣﻣﺎ اﻧﻌﻛس إﯾﺟﺎﺑﯾﺎ
ﻋﻠﻰ ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﺟﯾش اﻹﺳﻼﻣﻲ وﻗدرﺗﮫ اﻟﻘﺗﺎﻟﯾﺔ .
اﻟﮭﻧدﯾﺔ: )(2اﻟﺣﺿﺎرة
• أﻓﺎد اﻟﻌرب واﻟﻣﺳﻠﻣون ﻣن اﻟﮭﻧد
*ﻓﻲ اﻟﻔﻠك • :
• ﺣﯾث ﺗرﺟﻣوا ﻛﺗﺎب )اﻟﺳﻧد ھﻧد( ﻓﻲ ﻋﮭد أﺑﻲ ﺟﻌﻔر اﻟﻣﻧﺻور ﻓﻲ ﺑﻐداد وھو ﻧﻣوذج ﻟﻛل ﻣن ﻛﺗب ﻓﻲ *ﻣﯾدان
اﻟﻔﻠك ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ،ﻓﻲ اﻟﻔﻠك واﻷﺟرام اﻟﺳﻣﺎوﯾﺔ وﺣرﻛﺎﺗﮭﺎ واﻷرﻗﺎم واﻷﻋداد اﻟﺣﺳﺎﺑﯾﺔ.
*ﻓﻲ اﻟرﯾﺎﺿﯾﺎت:
أﺧذ اﻟﺧوارزﻣﻲ ﺑﺗﮭذﯾب وﺷرح وﺗطوﯾر ﻛﺗﺎب )اﻟﺳﻧد ھﻧد( واﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﯾﮫ.
*ﻓﻲ اﻟطب :
ﻗدم ﻋدد ﻣن اﻷطﺑﺎء اﻟﮭﻧود إﻟﻰ ﺑﻼط اﻟﺧﻠﻔﺎء واﻷﻣراء اﻟﻌﺑﺎﺳﯾﯾن وﺗرﺟﻣوا اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻛﺗب اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﮭﻧدﯾﺔ إﻟﻰ
اﻟﻌرﺑﯾﺔ أﻣﺛﺎل ﺑن دھن وﻣﻧﻛﺔ اﻟﮭﻧدﯾﯾن ،وﺗرﺟﻣوا ﻋدة ﻣؤﻟﻔﺎت ﻣﻧﮭﺎ )أﺳرار اﻟﻣواﻟﯾد)– (اﻟﻘراﻧﺎت اﻟﻛﺑﯾر
واﻟﺻﻐﯾر)– (أﺳﻣﺎء اﻟﻌﻘﺎﻗﯾر اﻟﮭﻧدﯾﺔ )–(رأي اﻟﮭﻧد ﻓﻲ أﺟﻧﺎس اﻟﺣﯾﺎة وﺳﻣوﻣﮭﺎ(.
ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻷدب• :
• ﻧﻘﻠوا ﻛﺗﺎب ) اﻟﺳﻧدﺑﺎد اﻟﻛﺑﯾر ،اﻟﺳﻧدﺑﺎد اﻟﺻﻐﯾر( ،ﻛﺗﺎب ) أدب اﻟﮭﻧد واﻟﺻﯾن () ،ﻗﺻﺔ ھﺑوط آدم ( ) ،دﯾﺑﯾﺎ
ﻓﻲ اﻟﺣﻛﻣﺔ (
)(3اﻟﺣﺿﺎرة اﻟﺻﯾﻧﯾﺔ :ﺑطرﯾق ﻣﺑﺎﺷر ﻋن طرﯾق اﻟﻔرس واﻟﮭﻧد أو ﻣﺑﺎﺷر ﻣن اﻟﺻﻧﺎﻋﺎت ﻣﺛل ﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﺣرﯾر واﻟورق
واﻟﺑوﺻﻠﺔ واﻟﺑﺎرود ،وﺑﻌض طرق اﻹدارة واﻟﺑرﯾد واﻟطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻌﻣﻠﺔ اﻟورﻗﯾﺔ.
)(4اﻟﺣﺿﺎرة اﻹﻏرﯾﻘﯾﺔ :ﺣﺿﺎرة اﻹﻏرﯾق ﻋرﯾﻘﺔ ﺗﻌود ﻋﻠﻰ اﻟﻘرن اﻟﺧﺎﻣس ﻗﺑل اﻟﻣﯾﻼد ﻣﻧﮭﺎ ﻣﺛﻼ اﻷﺳﻛﻧدرﯾﺔ ،أﻧطﺎﻛﯾﺔ ،ﺟﻧدﯾﺳﺎﺑور.
*ﺑدأت اﻟﺗرﺟﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻷﻣوي ﺣﯾﻧﻣﺎ طﻠب اﻷﻣﯾر ﺧﺎﻟد ﺑن ﯾزﯾد أن ﯾﺗرﺟم ﻟﮫ ﺑﻌض ﻣؤﻟﻔﺎت اﻹﻏرﯾق اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﻠم اﻟﻛﯾﻣﯾﺎء.
وﻛﺎﻧت رﺳﻣﯾﺎ ﻣن اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﻌﺑﺎﺳﻲ ،ﺗرﺟم اﻟطﺑﯾب ﺟورﺟﯾس ﺑن ﺑﺧﺗﯾﺷوع ﻋددا ﻣن اﻟﻛﺗب اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ إﻟﻰ
اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،وﻓﻲ أﯾﺎم ھﺎرون اﻟرﺷﯾد ﺗرﺟم أﺣﻔﺎده ﻋددا ﻣن ﻛﺗب اﻟطب ،ووﺻﻠت ذروة اﻟﺗرﺟﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﮭد اﻟﺧﻠﯾﻔﺔ اﻟﻣﺄﻣون ﺑن
ھﺎرون اﻟرﺷﯾد ،اﻟذي طور ﺑﯾت اﻟﺣﻛﻣﺔ ﺑﺣﯾث ﻏدا ﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠﺗرﺟﻣﺔ واﻟﺗﺄﻟﯾف ،وﺷﻣﻠت اﻟﺗرﺟﻣﺔ ﻣﻌظم ﻣﯾﺎدﯾن اﻟﻌﻠم
واﻟﻣﻌرﻓﺔ ،ﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء اﻷﺳﺎطﯾر وﺻراع اﻵﻟﮭﺔ ﻣﻣﺎ ﻻ ﯾﻘﺑﻠﮫ اﻟﻌﻘل اﻹﺳﻼﻣﻲ.
*ﻓﻲ اﻟطب :ﺗرﺟﻣت ﻛﺗب أﺑﻘراط ،وﻧﻘﻠوا ﻋﻧﮫ ﻛﺗﺎب اﻟﻔﺻول ،ﻛﺗﺎب اﻟﻛﺳر ،ﻛﺗﺎب اﻟﻣﻌرﻓﺔ ،وﺗرﺟﻣﮭﺎ ﺣﻧﯾن ﺑن أﺳﺣق وﻛﺗﺎب ﻋﮭد
أﺑﻘراط ،وﻣؤﻟﻔﺎت ﺟﺎﻟﯾﻧوس ﻓﻲ اﻟطب ،وأھﻣﮭﺎ ﻛﺗب اﻟﺗﺷرﯾﺢ وﻛﺗب اﻷدوﯾﺔ ،وﻋﻠل اﻷﻋﺿﺎء ،واﻟﻌﻠل واﻟﻣراض واﻟﺣﻣﯾﺎت ،وﺗدﺑﯾر
اﻷﺻﺣﺎء ،وﻛﺗب اﻷدوﯾﺔ.
*ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ :ﺗرﺟﻣت أھم ﻣؤﻟﻔﺎت ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻟﯾوﻧﺎن ﻣﺛل أﻓﻼطون وأرﺳطو.
ﻓﻲ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ :ﺗرﺟﻣوا ﻣؤﻟﻔﺎت ﺑطﻠﯾﻣوس ،وﻛﺗﺎﺑﮫ اﻟﻣﺟﺳطﻲ ،وﺗﻌﻧﻲ اﻟﻛﺗﺎب اﻷﻋظم.
وﻓﻲ اﻟرﯾﺎﺿﯾﺎت واﻟطﺑﯾﻌﺔ :ﻣؤﻟﻔﺎت ﻓﯾﺛﺎﻏورث وأرﺷﻣﯾدس واﻗﻠﯾدس ﻓﻲ اﻟﮭﻧدﺳﺔ .
وﻣن أﺷﮭر اﻟﻣﺗرﺟﻣﯾن:
ﺟورﺟﯾس ﺑن ﺑﺧﺗﯾﺷوع ،ﺣﻧﯾن ﺑن إﺳﺣﺎق ،إﺳﺣﺎق ﺑن ﺣﻧﯾن ،ﺛﺎﺑت ﺑن ﻗرة ،ﻗﺳطﺎ ﺑن ﻟوﻗﺎ.
ﺧﺻﺎﺋص اﻟﺣﺿﺎرة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ
-1اﻟﺷﻣوﻟﯾﺔ :ﻓﮭﻲ أول ﺣﺿﺎرة ﺗﺷﻣل ﻓﻲ اھﺗﻣﺎﻣﺎﺗﮭﺎ وإﻧﺟﺎزاﺗﮭﺎ اﻟﺟواﻧب اﻟروﺣﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻣن ﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎن ،ﻓﻠم ﺗﮭﻣل ﺟﺎﻧﺑﺎ
ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب اﻵﺧر .ﻓﻼ ﺗطﻠب اﻻﻧﻌزال ﻋن اﻟدﻧﯾﺎ ﻷﺟل اﻵﺧرة ،وﻻ ﺗطﻠب اﻻﻧﻐﻣﺎس ﻓﻲ اﻵﺧرة وﺗرك اﻟدﻧﯾﺎ ،ﻓﯾﻌﻣل اﻟﻣرء
ﻵﺧرﺗﮫ ﻛﻣﺎ ﯾﻌﻣل ﻟدﻧﯾﺎه ،وﻟذﻟك ازدھرت ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻌﻠوم اﻟدﯾﻧﯾﺔ واﻟدﻧﯾوﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣد ﺳواء ،إﻋﻣﺎﻻ ﻟﻠﻌﻘل وﻣوازﻧﺔ ﺑﯾن ﻣطﺎﻟب اﻟروح
وﻣطﺎﻟب اﻟﺟﺳد.
-2اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ :ﻓﺎﻟﻘرآن اﻟذي أﻋﻠن وﺣدة اﻟﻧوع اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ رﻏم ﺗﻧوع أﻋراﻗﮫ وﻣﻧﺎﺑﺗﮫ وﻣواطﻧﮫ ،ﻓﻲ ﻗوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ )ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻧﺎس إﻧﺎ
ﺧﻠﻘﻧﺎﻛم ﻣن ذﻛر وأﻧﺛﻰ وﺟﻌﻠﻧﺎﻛم ﺷﻌوﺑًﺎ وﻗﺑﺎﺋل ﻟﺗﻌﺎرﻓوا إن أﻛرﻣﻛم ﻋﻧد ﷲ أﺗﻘﺎﻛم(ھو اﻟذي ﯾﻌﻠﻲ ﻣن ﻗﯾﻣﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺧطﺎﺑﮫ
ﺑﺄوﺻﺎف اﻟﺗﻛرﯾم واﻟﺗﺑﺟﯾل )ﯾﺎﺑﻧﻲ آدم ،ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻧﺎس ،اﻟﻌﺎﻟﻣﯾن ()ﻟﻘد ﺧﻠﻘﻧﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ أﺣﺳن ﺗﻘوﯾم () ،وﻟﻘد ﻛرﻣﻧﺎ ﺑﻧﻲ آدم(
.
-3اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ :اﻧﺗﺷرت اﻟﺣﺿﺎرة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻟﺗﺟﺎرة واﻟرﺣﻼت واﻟﺑﻌﺛﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻻﺣﺗﻛﺎك اﻟﻣﺑﺎﺷر وﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻟم ،اﻧطﻼﻗﺎ
.ﻣن ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟدﯾن اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟذي ھو ﻟﻠﻌﺎﻟم أﺟﻣﻊ )وﻣﺎ أرﺳﻠﻧﺎك إﻻ رﺣﻣﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻣﯾن ( )وﻣﺎ أرﺳﻠﻧﺎك إﻻ ﻛﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺎس ﺑﺷﯾرا وﻧذﯾرا(.
إن اﻟﻘرآن ﺣﯾن أﻋﻠن ھذه اﻟوﺣدة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﯾد اﻟﺣق واﻟﺧﯾر واﻟﻛراﻣﺔ ﺟﻌل ﺣﺿﺎرﺗﮫ ﻋﻘدًا ﺗﻧﺗظم ﻓﯾﮫ ﺟﻣﯾﻊ
اﻟﻌﺑﻘرﯾﺎت ﻟﻠﺷﻌوب واﻷﻣم اﻟﺗﻲ ﺧﻔﻘت ﻓوﻗﮭﺎ راﯾﺔ اﻟﻔﺗوﺣﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ.
-3أﻧﮭﺎ ﺟﻌﻠت ﻟﻠﻣﺑﺎدئ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ اﻟﻣﺣل اﻷول ﻓﻲ ﻛل ﻧظﻣﮭﺎ وﻣﺧﺗﻠف ﻣﯾﺎدﯾن ﻧﺷﺎطﮭﺎ :وھﻲ ﻟم ﺗﺗﺧل ﻋن ھذه اﻟﻣﺑﺎدئ ﻗط ،وﻟم ﺗﺟﻌﻠﮭﺎ
وﺳﯾﻠﺔ ﻟﻣﻧﻔﻌﺔ دوﻟﺔ أو ﺟﻣﺎﻋﺔ أو أﻓراد ..ﻓﻔﻲ اﻟﺣﻛم ،وﻓﻲ اﻟﻌﻠم ،وﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ وﻓﻲ اﻟﺣرب ،وﻓﻲ اﻟﺳﻠم ،وﻓﻲ اﻻﻗﺗﺻﺎد ،وﻓﻲ
اﻷﺳرة ..روﻋﯾت اﻟﻣﺑﺎدئ اﻷﺧﻼﻗﯾﺔ ﺗﺷرﯾﻌًﺎ وﺗطﺑﯾﻘًﺎ ،وﺑﻠﻐت ﻓﻲ ذﻟك ﺷﺄوا ﺳﺎﻣﯾًﺎ ﺑﻌﯾدًا ﻟم ﺗﺑﻠﻐﮫ ﺣﺿﺎرة ﻓﻲ اﻟﻘدﯾم واﻟﺣدﯾث،
وﻟﻘد ﺗرﻛت واﻟﺣﺿﺎرة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﻔﻠت ﺳﻌﺎدة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺳﻌﺎدة ﺧﺎﻟﺻﺔ ﻻ ﯾﺷوﺑﮭﺎ ﺷﻘﺎء.
-4اﻟﺗﺳﺎﻣﺢ :اﻋﺗرﻓت اﻟﺣﺿﺎرة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﺣﺿﺎرات اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ واﻷدﯾﺎن اﻟﺳﻣﺎوﯾﺔ وأﺗﺑﺎﻋﮭﺎ ،وأﻓﺎدت ﻣﻧﮭﺎ ،ﻛﻣﺎ اﺣﺗرﻣت أﺗﺑﺎع
اﻟدﯾﺎن اﻟﺳﻣﺎوﯾﺔ وﺳﻣﺣت ﻟﮭم ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ طﻘوﺳﮭم اﻟدﯾﻧﯾﺔ وﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺗﮭﺎ ،ﺑل ﺳﻣﺣت ﻟﻐﯾر اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺑﺗوﻟﻲ ﻣﻧﺎﺻب رﻓﯾﻌﺔ ﻓﻲ
اﻟدوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ.
-5اﻟوﺣدة اﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ :اﻟﺳﻣﺎت اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﯾن اﻟﺷﻌوب اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﺟﻣﻌت أھل ﺗﻠك اﻟﺷﻌوب ﻓﻲ ﺑوﺗﻘﺔ اﻟﺣﺿﺎرة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﻛﺎﻧت ﺛرﯾﺔ ﻓرﯾدة .وﻟذﻟك ﻛﺎﻧت ﻛل ﺣﺿﺎرة ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻔﺎﺧر ﺑﺎﻟﻌﺑﺎﻗرة ﻣن أﺑﻧﺎء ﺟﻧس واﺣد وأﻣﺔ واﺣدة ،إﻻ اﻟﺣﺿﺎرة
اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻔﺎﺧر ﺑﺎﻟﻌﺑﺎﻗرة اﻟذﯾن أﻗﺎﻣوا ﺻرﺣﮭﺎ ﻣن ﺟﻣﯾﻊ اﻷﻣم واﻟﺷﻌوب ﻓﺄﺑو ﺣﻧﯾﻔﺔ وﻣﺎﻟك واﻟﺷﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻣد واﻟﺧﻠﯾل
وﺳﯾﺑوﯾﮫ واﻟﻛﻧدي واﻟﻐزاﻟﻲ واﻟﻔﺎراﺑﻲ واﺑن رﺷد وأﻣﺛﺎﻟﮭم ﻣﻣن اﺧﺗﻠﻔت أﺻوﻟﮭم وﺗﺑﺎﯾﻧت أوطﺎﻧﮭم ،ﻟﯾﺳوا إﻻ ﻋﺑﺎﻗرة ﻗدﻣت
ﻓﯾﮭم اﻟﺣﺿﺎرة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ إﻟﻰ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ أروع ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻔﻛر اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟﺳﻠﯾم.