تضارب قرارات محكمة النقض وآثاره على الأمن القضائي

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 163

‫رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون المدني المعمق‬

‫موضوع البحث‪:‬‬

‫تضارب قرارات محكمة النقض و آثاره على األمن القضائي‬


‫‪-‬المادة العقارية نموذجا‪-‬‬

‫األستاذ المشرف ‪:‬‬ ‫إعداد الطالب الباحث‪:‬‬


‫الدكتور عبد الرزاق أيوب‬ ‫عادل الزبيري‬
‫لجنة المناقشة ‪:‬‬
‫الدكتور عبد الرزاق أيوب‪....................................‬رئيسا‬
‫الدكتور إسماعيل أبو ياسين‪.................................‬عضوا‬
‫الدكتور بوكنين احمدناه‪......................................‬عضوا‬

‫الموسم الجامعي‪:‬‬
‫‪7102/7102‬‬

‫‪1‬‬
‫إىداء‬
‫إلى من شرف اهلل قدرىما و قال سبحانو و تعالى في شأنيما‪:‬‬
‫"و ال تق ل ليما أف و ال تنيرىما و ق ل ليما قوال كريما و اخفض ليما جناح الذل‬
‫من الرحمة و ق ل رب إرحميما كما ربياني صغيرا"‬
‫صدق اهلل العظيم‬
‫سورة اإلسراء‪،‬االية ‪42‬‬

‫إلى نبع الحنان‪،‬رمز العطاء و الصبر؛‬


‫إلى من حملتنا وىنا على وىن؛‬
‫إلى من سيرت الليالي لتربيتنا و غمرتنا بحبيا و عطفيا؛‬
‫أمي الحبيبة‬
‫إلى رمز التضحية و العطاء و اليمة و الكف اح؛‬
‫أبي العزيز‬
‫إلى سندي في الحياة‬
‫عمي الكريم أبو عماد‬
‫إلى كل أفراد عائلتي كبيرا و صغيرا‬
‫إلى من أضاؤا لي ظلمة الجيل‪،‬و أناروا لي دروب الحياة‪.....‬‬
‫أساتذتي االف اضل‬
‫إلى كل أصدق اء و صديق ات درب الدراسة‬
‫إلى زميالتي و زمالئي بسلك الماستر‬

‫‪2‬‬
‫شكر و إمتنان‬
‫أتوجو بصادق عبارات الشكر و اإلمتنان إلى فضيلة االستاذ الدكتور‬
‫عبدالرزاق أيوب مؤطري و قدوتي في العلم و المعاملة‪،‬على تفضلو بقبول‬
‫اإلشراف على بحثي في ىذا الموضوع‪،‬و على كل ما بدلو من توجييات‬
‫نيرة لإلرتق اء بيذا العمل إلى مستوى االعمال االكاديمية المشرفة‪،‬كما أسأل‬
‫اهلل العلي القدير أن يطيل بق ائو و يبارك في عمره و يرزقو أجر المتقين و‬
‫العلماء و الصالحين في الدنيا و االخرة‪.‬‬
‫كما أتقدم بأسمى و أزكى عبارات التقدير و االحترام‪،‬إلى السادة أعضاء‬
‫لجنة المناقشة الموقرة‪،‬على قبوليم و تشريفيم لي بمناقشة ىذه الرسالة‪،‬أطال‬
‫اهلل في عمرىم و جعليم سراجا ينير طريق الباحثين في دروب العلم و‬
‫المعرفة‪.‬‬
‫كما ال يفوتني أن أؤكد على تقديري وف ائق احترامي للسيدات و السادة‬
‫العاملين بكلية العلوم الق انونية و االقتصادية واالجتماعية إبن زىر‬
‫بأكادير‪،‬أعوانا و مستخدمين و أطرا وأساتذة و موظفين‪.‬‬
‫و الشكر موصول كذلك مع أغلى التحيات إلى كل من ساىم من قريب أو‬
‫من بعيد في إنجاز ىذا العمل المتواضع‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الئحة فك الرموز‬

‫ط ‪...........................‬طبعة‬
‫م‪.‬س‪.........................‬مرجع سابؽ‬
‫م‪.‬ط‪.‬غ‪.‬م‪ .....................‬مكاف الطبع غير مذكور‬
‫ت‪.‬ط‪.‬غ‪.‬م‪.....................‬تاريخ الطبع غير مذكور‬
‫ع‪.............................‬عدد‬
‫ص‪...........................‬صفحة‬
‫ظ‪.‬ت‪.‬ع‪.......................‬ظيير التحفيظ العقاري‬
‫م‪.‬ح‪.‬ق‪.......................‬مدونة الحقوؽ العينية‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع‪.......................‬قانوف اإللتزامات و العقود‬
‫ق‪.‬م‪.‬م‪........................‬قانوف المسطرة المدنية‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ع‪.......................‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫غ‪.‬م‪..........................‬غير منشور‬
‫ط‪.‬أ‪..........................‬الطبعة األولى‬
‫ج‪............................‬جزء‬

‫‪4‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫يعتبر اإلنساف كاننا اجتماعيا بطبعو ال يمكنو العيش إال داخؿ جماعة وفي‬
‫كنفيا األمر الذي يؤدي إلى نشوء روابط وعالقات بيف أفرادىا والتي قد تتضارب فييا‬
‫المصالح وتتناقض مما يثمر عف وجود نزاعات وخالفات كاف طريؽ ومنيج حميا قديما‬
‫القوة والعنؼ ‪.‬‬
‫لكف تطور الفكر البشري وتحضره إستشعر ضرورة وجود سمطة عميا ليا قوة‬
‫االلزاـ يخضع ليا الجميع يعيد إلييا بميمة تنظيـ حياة الجماعة وتسييرىا والفصؿ في‬
‫النزاعات التي تنشأ بيف أفرادىا تفاديا لمحروب واالنتقاـ بيف عانالت المتنازعيف‬
‫وعشانرىـ‪.‬‬
‫ومع تعقد الحياة داخؿ الجماعات وتنوعيا وانفتاح ىذه األخيرة عمى بعضيا‬
‫البعض وتطور القواعد القانونية وتعقدىا إزدادت النزاعات وتعاظمت حدثيا وأصبح‬
‫البت فييا يستغرؽ وقتا طويال وجيدا كبي ار لذلؾ تـ التفكير في حؿ ليذه األزمة وذلؾ عف‬
‫طريؽ عصرنة الجياز القضاني واعادة النظر في طريقة إشتغالو وتأليؼ محاكمو‬
‫وتكوينيا‪.‬‬
‫وىو األمر الذي عمؿ المستعمر الفرنسي عمى بمورتو مباشرة بعد فرض الحماية‬
‫عمى المغرب في ‪ 30‬مارس ‪ 1912‬تطبيقا لمقتضيات الفصؿ األوؿ مف المعاىدة‬
‫المشؤومة‪.‬‬
‫وبذلؾ أصبح المغرب يتوفر عمى نظاـ قضاني بمفيومو العصري يعتمد عمى‬
‫وجود درجتيف لمتقاضي تنعتاف بقضاء الموضوع تختصاف في بعض القضايا دوف غيرىا‬
‫وقضاء لمنقض غايتو مراقبة ىذه المحاكـ في حسف تطبيقيا لمقانوف مف عدمو والحقيقة‬
‫أف المغرب في ىذه الفترة لـ يكف يتوفر عمى محكمة لمنقض وانما كانت األحكاـ تنقض‬
‫أماـ محكمة النقض الفرنسية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وبعد حصوؿ المغرب عمى إستقاللو بادرت الدولة إلى إنشاء محكمة لمنقض‬
‫‪1‬‬
‫ىدفيا‬ ‫مغربية المبادئ والتأليؼ والقضاة و ذلؾ بمقتضى ظيير ‪ 27‬شتنبر ‪1957‬‬
‫األسمى تحقيؽ العدؿ وصيانة الدماء واألعراض والحقوؽ واألمواؿ بإعتبارىا محكمة‬
‫قانوف ميمتيا مراقبة كؿ محاكـ الموضوع داخؿ المممكة في حسف تطبيقيا لمقانوف‬
‫وتفسيره وتأويمو والتدخؿ في كؿ مناسبة ترى فييا تضاربا في األحكاـ والق اررات المرفوعة‬
‫إلى نظرىا بغية إيجاد حؿ موحد ودانـ عف طريؽ إلزاـ محاكـ الموضوع بق ارراتيا ولو‬
‫أدبيا‪.‬‬
‫والحقيقة أف محكمة النقض ومنذ إنشانيا لـ تدخر جيدا في إعالء كممة الحؽ‬
‫والقانوف وحرصت عمى تحقيؽ األماؿ التي عمقت عمييا في تقعيد القواعد وجالء‬
‫الغامض وسد الفراغ إف وجد غايتيا في ذلؾ إرساء مبدأ األمف القضاني وترسيخو‬
‫داخؿ المجتمع واشاعة ثقافتو‪.‬‬
‫بيد أف ىذه األخيرة وفي سبيؿ إيجاد حموؿ لبعض القضايا الخالفية بيف محاكـ‬
‫الموضوع أو معالجة بعض القضايا اآلنية قد تقع في التضارب سواء بيف غرفيا أو‬
‫بيف أقساـ الغرفة الواحدة أحيانا وتضارب ق اررات محكمة النقض وتناقضيا ليس‬
‫كتضارب أحكاـ وق اررات محاكـ الموضوع وذلؾ لعدة إعتبارات لعؿ أبرزىا ىو كوف‬
‫محكمة النقض عمى رأس اليرـ القضاني المغربي وظيفتيا مراقبة محاكـ الموضوع في‬
‫حسف تطبيؽ القانوف ومحاربة كؿ تناقض في ق ارراتيا وأحكاميا وكذلؾ لكوف قضاء‬

‫‪-1‬الحقيقة أف نظاـ النقض نشأ أوؿ مرة بالمغرب بمقتضى ظيير ‪ 14‬نونبر ‪ 1956‬وذلؾ عف طريؽ إنشاء غرفة‬
‫لمنقض واإلبراـ بالمحكمة العميا الشريفة تختص بالطعوف بالنظر في األحكاـ الصادرة عف القضاء العادي إلى أف تـ‬
‫إحداث محكمة لمنقض قانمة الذات تحت مسمى المجمس األعمى وتعييف مقرىا بالرباط بموجب الفصؿ األوؿ مف‬
‫الظيير الشريؼ رقـ ‪ 1.57.223‬بتاريخ ‪ 2‬ربيع األوؿ ‪ 1377‬موافؽ ‪ 27‬شتنبر ‪ 1957‬بشأف المجمس األعمى المنشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 2347‬ربيع األوؿ ‪ 1377‬موافؽ ‪ 18‬أكتوبر ‪ 1957‬ص ‪.2245‬‬
‫وجدير بالذكر أف عبارة المجمس األعمى نسخت لتحؿ محميا عبارة محكمة النقض وذلؾ بمقتضى مادة فريدة مف القانوف‬
‫‪ 11.58‬الصادر بتنفيذه الظيير الشريؼ رقـ ‪ 1.11.170‬بتاريخ ‪ 27‬ذي القعدة ‪ 25(1432‬أكتوبر ‪ )2011‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 5989‬مكرر بتاريخ ‪ 28‬ذي القعدة ‪ 26(1432‬أكتوبر ‪ )2011‬ص ‪ .5228‬لذلؾ فإننا سنقتصر عمى‬
‫استعماؿ عبارة محكمة النقض عمى امتداد صفحات ىذا البحث سواء تعمؽ األمر بق اررات صادرة عف المجمس األعمى‬
‫سابقا او عف محكمة النقض حاليا تفاديا لمتكرار غير المنطقي‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫محكمة النقض ال يعد فقط مجرد قضاء تطبيقي آلي لمقانوف بؿ ىو قضاء إنشاني‬
‫يعوؿ عميو في وضع النظريات وارساء المبادئ وتقعيد القواعد كمما دعت الضرورة‬
‫لذلؾ‪.‬‬
‫لكؿ ىذه األسباب وغيرىا كاف تضارب ق اررات محكمة النقض وتناقضيا أخطر‬
‫مف تناقض ق اررات محاكـ الموضوع وأكبر وقعا وأث ار الشيء الذي إنعكس سمبا عمى‬
‫مبدأ األمف القضاني ببالدنا والذي كاف متوقعا مف ىذه األخيرة أف تخدمو وتكرسو‬
‫وتشيع ثقافتو بحكـ مكانتيا وعظمة شأنيا‪.‬‬
‫واذا كاف فيروس التضارب قد أصاب جميع فروع القانوف ومجاالتو فإف بعضيا‬
‫قد إستأثر بحصة األسد مف ذلؾ ونعني ىنا مجاؿ العقار والذي كاف بحؽ مرتعا‬
‫خصبا لكؿ أنواع التضارب وصوره وسبب ذلؾ ىو إزدواجية األنظمة العقارية بالمغرب‬
‫وتعدد القواعد المطبقة واختالؼ طبيعة العقارات وعدـ وجود قانوف عقاري موحد حيث‬
‫عاف القضاء مف تشتت القواعد المنظمة لمعقار في أميات كتب الفقو اإلسالمي وغموض‬
‫وتشعب ما قنف منيا األمر الذي أدى إلى ظيور مجموعة مف القضايا الخالفية التي لـ‬
‫يستقر الرأي بشأنيا‪.‬‬
‫لذلؾ وايمانا منا بضرورة حصر الموضوع حتى نتمكف مف مالمسة أىـ‬
‫اإلشكاالت التي يثيرىا موضوع تضارب ق اررات محكمة النقض ورصد أبرز آثاره‬
‫وأعظميا عمى مبدأ األمف القضاني عموما واألمف العقاري خصوصا وكذلؾ بأىمية‬
‫العقار في حياة الفرد والجماعة إعتبا ار لقيمتو الكبيرة سواء المادية منيا أو المعنوية‬
‫فإننا سنقوـ بمعالجة الموضوع عمى ضوء ق اررات محكمة النقض الصادرة في المنازعات‬
‫العقارية‪.‬‬
‫ولما كاف ضبط المفاىيـ أوؿ المفاتيح وأىميا لمعالجة أي موضوع قانوني‬
‫وسبر أغواره فإف المنطؽ السميـ والعقؿ القويـ يقتضياف منا ضرورة توضيح المفاىيـ‬
‫األساسية لموضوع ىذا البحث‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫مفيوم األمن القضائي‬
‫يعتبر تحديد مفيوـ األمف القضاني وضبطو مف أعقد األمور وأصعبيا وذلؾ‬
‫لكونو مفيوما واسعا وفضفاضا يحمؿ عدة أوجو وذو أبعاد نفسية واجتماعية واقتصادية‬
‫ويختمط مع مجموعة مف المفاىيـ والمصطمحات األخرى المماثمة لذلؾ فإف مصطمح‬
‫األمف القضاني لـ يحظى بنفس الدراسة التي حظي بيا مصطمح األمف القانوني والسبب‬
‫ربما راجع لحداثة إستعماؿ ىذا المصطمح السيما في الدوؿ النامية‪.1‬‬
‫ويرى أحد الفقياء"أف األمف القضاني ىو ذلؾ المبدأ الذي يعكس الثقة في‬
‫المؤسسة القضانية واإلطمنناف إلى ما ينتج عنيا وىي تقوـ بميمتيا المتجمية في‬
‫تطبيؽ القانوف عمى ما يعرض عمييا مف قضايا أو ما تجتيد بشأنو مف نوازؿ ىذا مع‬
‫تحقيؽ ضمانات جودة أدانيا وتسييؿ الولوج إلييا وعمـ العموـ بمجريات عمميا‬
‫القضاني"‪.2‬‬
‫ومف جية أخرى يرى أحد الباحثيف أف لألمف القضاني مفيوما ضيقا إلى جانب‬
‫المفيوـ الموسع الذي سبؽ بيانو وىو يرتبط بوظيفة المحاكـ العميا المتمثمة بصفة‬
‫أساسية في السير عمى توحيد االجتياد القضاني وخمؽ وحدة قضانية خصوصا بالنسبة‬
‫لألنظمة الالتينية‪.3‬‬
‫ورغـ إختالؼ بعض الفقياء ورجاؿ القانوف والقضاء حوؿ مفيوـ األمف‬
‫القضاني إال أنيـ إتفقوا عمى أف لألمف القضاني مجموعة مف المبادئ والمقومات التي‬
‫يقوـ عمييا والتي يمكف تمخيص أىميا فيما يمي‪:‬‬
‫‪-‬إرساء القاعدة القانونية وتحديد مداىا وأثارىا؛‬
‫‪-‬بياف فاعميتيا في النزاع محؿ تطبيقيا؛‬

‫‪-1‬عبد المجيد غميجة مبدأ األمف القانوني وضرورة األمف القضاني مقاؿ منشور بمجمة الحقوؽ المغربية العدد‬
‫و التوزيع الدار البيضاء أبريؿ سنة‬ ‫مطبعة األمنية‪-‬الرباط نشر و توزيع دار االفاؽ المغربية لمنشر‬ ‫السابع‬
‫‪2009‬ص ‪.47‬‬
‫‪-2‬األستاذ عبد المجيد غميجة ـ س ص ‪.48‬‬
‫‪-3‬األستاذ محمد الخضراوي األمف القضاني مف خالؿ اجتياد محكمة النقض اآلليات والتجميات مقاؿ منشور‬
‫بالتقرير السنوي لمحكمة النقض لسنة ‪2011‬ـ ط‪.‬غ‪.‬ـ نشر مركز النشر والتوثيؽ القضاني بمحكمة النقض ص ‪.61‬‬
‫‪8‬‬
‫‪-‬قابمية توقعيا بعدـ الت ارجع عنيا بتغيير اإلجتياد؛‬
‫‪-‬تالفي تناقض القواعد؛‬
‫‪-‬إستقرار العالقات التعاقدية؛‬
‫‪1‬‬
‫‪-‬إستقرار القواعد القانونية؛‬
‫إذا فغاية األمف القضاني ىي شيوع واستقرار المعامالت واإلطمنناف إلى فعالية‬
‫النصوص القانونية عند الحاجة إلييا والوثوؽ بالقانوف ومؤسسة القضاء في النياية‬
‫وبذلؾ يكوف األمف القضاني بمثابة الحارس لألمف القانوني والحامي لمبادنو وقواعده إلى‬
‫درجة أف البعض يرى أنيما وجياف لعممة واحدة ال تقوـ قانمة لألوؿ دوف الثاني والعكس‬
‫صحيح‪.‬‬
‫مفيوم األمن القانوني‬
‫رغـ شيوع مصطمح األمف القانوني و كثرة تداولو فإنو قؿ ما يتـ االىتماـ بتعريؼ‬
‫ىذا المبدأ مف قبؿ الفقو إذ غالبا ما يتـ تقديمو كإطار عاـ لمجموعة كبيرة مف المبادئ‬
‫والحقوؽ المرتبطة بو و مطمبا أساسيا لدولة الحؽ و القانوف‪.2‬‬
‫ومرد ىذا األمر ىو صعوبة تعريؼ ىذا المبدأ وذلؾ لكوف مبدأ األمف القانوني‬
‫متعدد المظاىر ومتنوع الدالالت كثير األبعاد فضال عف حضوره الدانـ في الكثير مف‬
‫المجاالت‪.‬‬
‫ويمكف تعريؼ مبدأ االمف القانوني عموما في نظر بعض الفقو بأنو"كؿ‬
‫ودوف مفاجآت حسف تنفيذ‬ ‫ضمانة وكؿ نظاـ قانوني لمحماية ييدؼ إلى تأميف‬
‫‪3‬‬
‫اإللتزامات و تالفي أو عمى األقؿ الحد مف عدـ الوثوؽ في تطبيؽ القانوف"‬

‫‪-1‬األستاذ حسف منصؼ دور االجتياد القضاني في ضماف األمف العقاري مقاؿ منشور بالندوة الوطنية في موضوع‬
‫األمف العقاري دفاتر محكمة النقض عدد ‪ 26‬ـ‪.‬ط األمنية الرباط نشر مركز النشر والتوثيؽ القضاني بمحكمة‬
‫النقض ص ‪ 197‬و‪.198‬‬
‫‪2‬عبد المجيد غميجة ـ س ص ‪.35‬‬
‫‪3‬عبد المجيد غميجة ـ س ص ‪.38‬‬

‫‪9‬‬
‫مف خالؿ ىذا التعريؼ وغيره مف التعاريؼ يتبيف أف ىذا المبدأ يقوـ عمى مقوميف‬
‫أساسيف‪:‬‬
‫‪-1‬قابمية القانوف لمتوقع؛‬
‫‪-2‬وضوح القاعدة القانونية؛‬
‫ويرى بعض الفقو أنو ورغـ إرتباط ىذيف األمريف فإف التركيز يقع غالبا عمى‬
‫قابمية التوقع في القانوف بإعتبار التوقع شرطا لألمف القانوني حيث يعرؼ األفراد مسبقا‬
‫كيؼ ينظموف عالقاتيـ بشكؿ مقبوؿ مف الناحية القانونية وكذا المعرفة مسبقا بما ىو‬
‫مسموح بو و ما ىو ممنوع‪.‬أما في حالة العكس فسيعني التحكـ مصدر عدـ الثقة‬
‫واإلكراه والجور‪.‬و إيمانا بأىمية القابمية لمتوقع فقد إعتبرت المحكمة األوروبية لحقوؽ‬
‫‪1‬‬
‫اإلنساف أف"القانوف" يتطمب فيو أف يكوف ممكف الولوج و توقعيا‪.‬‬
‫مفيوم األمن العقاري‬
‫يكتسي مفيوـ األمف العقاري أىمية بالغة نابعة مف األىمية الكبيرة التي يمتاز‬
‫بيا العقار في حد ذاتو نظ ار لقيمتو اإلقتصادية الكبيرة بإعتباره وعاء لجمب واحتضاف‬
‫المشاريع و اإلستثمارات األجنية منيا و الوطنية مما يسيـ في تحريؾ العجمة اإلقتصادية‬
‫في البالد الشيء الذي يرجع بالنفع عمى العباد عف طريؽ تحقيؽ فرص أكثر لمشغؿ‪.‬‬
‫وكذلؾ لكوف السكف يعتبر مف أساسيات الحياة و مقوماتيا و ىو ما يسعى كؿ فرد داخؿ‬
‫المجتمع إلى الحصوؿ عميو و إمتالكو‪.‬‬
‫وفي مقابؿ ىذه األىمية التي يمتاز بيا ىذا األخير والنابعة مف أىمية موضوعو كما‬
‫فإنو‪-‬األمف العقاري‪-‬يعرؼ بصعوبة تحديد مفيومو و ضبطو وذلؾ لكوف‬ ‫سبؽ و قمنا‬
‫المنظومة العقارية بالبالد متعددة و متشعبة القوانيف و األنظمة وكذلؾ لكونو مصطمحا‬
‫حديث اإلستعماؿ في الكتابات القانونية خصوصا العربية منيا‪.‬‬
‫و كما ىو معموـ فإف مصطمح األمف العقاري مركب مف كممتيف ‪:‬أمف و عقاري و إذا‬
‫كانت الكممة الثانية تنسحب و تدؿ عمى موضوع األمف العقاري في حد ذاتو فإف األمف‬

‫‪1‬عبد المجيد غميجة ـ س ص ‪.39‬‬

‫‪10‬‬
‫يعني الطمأنينة التي تنزع الخوؼ و الفزع عف اإلنساف و ال يتحقؽ ذلؾ إال عف طريؽ‬
‫حماية أموالو‪.‬و كوف العقار أحد ىذه األمواؿ و ىو المتمثؿ في األرض و ما إتصؿ بيا‬
‫فإنو يمثؿ موضوع ىذه الحماية و الطمأنينة‪.1‬‬
‫و إنطالقا مف العالقة التي تجمع األمف العقاري بالممكية العقارية يعرؼ أحد الباحثيف‬
‫ىذا األخير بأنو‪":‬مجموعة مف القواعد الموضوعية و اإلجرانية الفقيية و القانونية التي‬
‫تعمؿ عمى حماية الممكية العقارية و المعامالت المنصبة عمييا و حفظ أمنييما القانوني‬
‫والقضاني"‪.2‬‬
‫أوال‪ :‬دوافع اختيار الموضوع‬
‫لقد تحكـ في إختيارنا ليذا الموضوع "تضارب ق اررات محكمة النقض وآثاره عمى‬
‫األمف القضاني‪-‬المادة العقارية نموذجا‪ "-‬عدة إعتبارات ودوافع ولعؿ أىميا‪:‬‬
‫الدافع األول‪ :‬ي تجمى في قمة الدراسات الفقيية إف لـ نقؿ ندرتيا التي تتناوؿ‬
‫الموضوع بالدراسة والتحميؿ المستفيضيف فمف خالؿ بحثنا عف المراجع لكتابة ىذا البحث‬
‫لـ نعثر عمى مرجع واحد متخصص يتناوؿ الموضوع بكؿ جزنياتو ويقؼ عند اإلشكاالت‬
‫العممية التي يثيرىا ىذا األخير وما أكثرىا مما يفتح حقيقة شيية خوض تجربة الكتابة‬
‫في ىذا الموضوع الشيؽ الصعب‪.‬‬
‫الدافع الثاني‪ :‬ىو محاولة تسميط الضوء عمى مجموعة اإلشكاالت التي يثيرىا‬
‫ىذا الموضوع وذلؾ لفتح نقاش جاد ومسؤوؿ إليجاد حموؿ موحدة لمختمؼ القضايا مثار‬
‫الخالؼ رغبة في تحقيؽ األمف القضاني وترسيخ الثقة في مؤسسة القضاء بإعتبارىا‬
‫سمطة مف السمط الثالث التي يقوـ عمييا نظاـ الحكـ بالمغرب‪.‬‬
‫الدافع الثالث‪ :‬ىو كوف الدراسة ستنصب عمى الق اررات الصادرة عف محكمة‬
‫النقض في المادة العقارية ومعموـ ما ليذه األخيرة مف عمو الشأف وثقؿ الوزف بإعتبارىا‬
‫منتيى اليرـ القضاني بالمغرب مما يمكننا مف وضع أيدينا عمى مجموعة مف‬

‫‪1‬‬
‫فؤاد الصامت‪،‬القواعد الموضوعٌة لألمن العقاري‪،‬دراسة مقارنة بٌن أحكام الفقه المالكً و القانون الوضعً‪،‬منشورات مجلة الجواهر‬
‫والدرر‪،‬طبع دار السالم للطباعة و النشر و التوزٌع‪-‬الرباط‪ ،‬ت‪.‬ط‪.‬غ‪.‬م‪.‬الصفحة‪45:‬‬
‫‪2‬‬
‫فؤاد الصامت‪،‬القواعد الموضوعٌة لألمن العقاري‪،‬م‪.‬س‪،‬الصفحة ‪ 45‬و ‪.46‬‬

‫‪11‬‬
‫اإلجتيادات القضانية الحاسمة والجرينة والتي كاف ليا الفضؿ في حسـ العديد مف‬
‫القضايا الخالفية وفي التأسيس لمجموعة مف المبادئ الثابتة والتي تحوؿ بعضيا إلى‬
‫قواعد قانونية بعد أف تبناىا المقنف المغربي‪.‬‬
‫الدافع الرابع‪ :‬وىو إعتبار شخصي محض يكمف باألساس في إىتمامنا بدراسة‬
‫المواضيع دانمة التطور مف قبيؿ عمؿ القضاء واجتياداتو وميمنا لممادة العقارية وما‬
‫تفرزه مف إشكاالت عممية وقانونية وكذا إلرتباطنا الدانـ بيا بحكـ طبيعة العمؿ الذي‬
‫نمارسو ولو أننا حديثي اإللتحاؽ بو‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أىمية الموضوع‬
‫يكتسي موضوع تضارب ق اررات محكمة النقض وآثاره عمى األمف القضاني‪-‬‬
‫المادة العقارية نموذجا‪-‬أىمية بالغة وذلؾ راجع لعدة أسباب ومبررات‪.‬‬
‫أوليا مرتبط بمكانة محكمة النقض داخؿ المنظومة القضانية بإعتبارىا رأس‬
‫اليرـ القضاني المغربي ومنتياه مكفوؿ ليا حؽ النظر في الطعوف بالنقض الموجية‬
‫لألحكاـ االنتيانية الصادرة عف محاكـ الموضوع ومف تـ فالقوؿ الفصؿ يرجع ليذه‬
‫األخيرة لحسـ النزاعات المرفوعة إلى نظرىا‪.‬‬
‫وكذلؾ لممكانة التي تحظى بيا ق اررات محكمة النقض خصوصا التي تعتبر‬
‫إجتيادا أو التي تحسـ تضاربا بيف محاكـ الموضوع خاصة إذا تعمؽ األمر بق اررات‬
‫صادرة عف غرفتيف أو بجميع الغرؼ رغـ أف ىذه الق اررات غير ممزمة لمحاكـ الموضوع‬
‫مف الناحية القانونية إال أنيا ممزمة ليا مف الناحية األدبية عمى األقؿ عمى إعتبار أف‬
‫ق اررات محاكـ الموضوع تكوف عرضة لمنقض واإلبطاؿ إف ىي خالفت عمؿ محكمة‬
‫النقض واجتياداتيا‪.‬‬
‫وثانييا ىو كوف أغمب إجتيادات محكمة النقض المستقر عمييا خصوصا في‬
‫المادة العقارية يتـ تبنييا مف طرؼ المقنف المغربي والدليؿ عمى ذلؾ ىو مدونة الحقوؽ‬
‫العينية التي تعتبر أغمب أحكاميا إجتيادات قضانية كبرى ليذه األخيرة تعبر عف نبض‬
‫الواقع القضاني بكؿ مكوناتو قضاة ومتقاضيف فيتـ اإلستجابة لو مف طرؼ المشرع‬
‫فتصاغ عمى شكؿ قواعد منظمة تكوف ممزمة لمجميع بعد ذلؾ‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫ثالثيا كوف موضوع تناقض ق اررات أعمى ىينة قضانية بالبالد يؤثر بشكؿ‬
‫مباشر وسمبي عمى أعظـ وأرقى المبادئ التي تقوـ عمييا السمطة القضانية أال وىو مبدأ‬
‫األمف القضاني الذي يعني في مفيومو الضيؽ تكريس ثقة المتقاضيف في أحكاـ وق اررات‬
‫القضاء لذلؾ فإف أىمية دراسة ىذا الموضوع تبدو جمية ونحف نحاوؿ رصد أىـ صور‬
‫وتمظيرات تضارب ق اررات محكمة النقض وربطيا باألمف القضاني مبتغيف مف ذلؾ‬
‫تجاوز كؿ اآلثار السمبية ليذا التناقض أو عمى األقؿ مبرزيف خطورة الموضوع فاتحيف‬
‫بذلؾ نقطة حساسة لمنقاش وتبادؿ وجيات النظر‪.‬‬
‫وأخي ار فإف أىمية ىذا الموضوع تنبع مف أىمية العقار في حد ذاتو فالعقار كما‬
‫ىو معموـ يكتسي أىمية كبيرة في حياة الفرد والجماعة إعتبا ار لقيمتو المادية والمعنوية‬
‫الكبيرة لكونو يعتبر وعاء صمبا إلقامة المشاريع الكبرى وجمب االستثما ارت األجنبية‬
‫وتشجيع الوطنية منيا‪.‬لذلؾ فإف حماية الممكية العقارية وتحصينيا والعمؿ عمى تجويد‬
‫األحكاـ والق اررات الصادرة في شأف المنازعات العقارية لمف شأنو أف يخدـ اإلقتصاد‬
‫الوطني عف طريؽ العمؿ عمى تحقيؽ االمف العقاري واشاعة ثقافتو‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬إشكالية الموضوع‬
‫تعد مسألة تضارب أحكام و قرارت محاكم الموضوع‪ ،‬أمرا مستصاغا و مقبوال‪،‬‬
‫مادامت أنها تخوض فً أمور الواقع و القانون معا‪،‬و كذلك لوجود محكمة علٌا على‬
‫رأس الهرم القضائً‪ ،‬تراقب عمل هذه المحاكم و تسهر على توحٌده‪.‬‬
‫بٌد‪ ،‬أن محكمة النقض وهً بصدد مراقبة محاكم الموضوع فً شأن التطبٌق السلٌم‬
‫للقانون‪ ،‬قد تقع فً نفس خطأ هذه االخٌرة‪ ،‬الشًء الذي ٌؤدي إلى صدور قرارات‬
‫متناقضة‪،‬و ٌزداد األمر إستشكاال عندما ٌكون هذا التضارب صادرا عن نفس الغرفة‬
‫وبٌن أقسامها‪،‬فً قضاٌا متشابهة‪ ،‬من حٌث الوقائع‪،‬مما ٌسهم فً المساس باألمن‬
‫القضائً للمتقاضٌن و االمن العقاري بالنسبة للمتعاملٌن ٌالعقار‪ ،‬و ما أكثرهم‪.‬‬
‫وبالنتٌجة‪ ،‬فإنه ٌفضً إلى فقد المواطنٌن عامة و المتقاضٌن خاصة‪ ،‬الثقة فً مؤسسة‬
‫‪،‬كان من المفروض أن تكرس هذه الثقة و تعمل على تعزٌزها‪ ،‬خصوصا عندما ٌكون‬
‫موضوع هذا التضارب‪،‬األحكام المنظمة للعقار‪،‬و ذلك لعدة إعتبارات‪:‬أولها‪،‬أن اإلنسان‬
‫بطبعه مرتبط باألرض روحٌا وأي إعتداء علٌها‪ ،‬إال وٌعتبره إعتداء على شخصه‬
‫وكٌانه‪،‬خصوصا إذا إنتقلت إلٌه ملكٌتها عن طرٌق اإلرث‪ ،‬فعندها تعتبر األرض إرث‬
‫‪13‬‬
‫األجداد وإمتدادهم‪.‬و ثانٌها‪،‬هو إرتفاع القٌمة اإلقتصادٌة للعقارات‪ ،‬بإعتبارها مجاال‬
‫للمضاربة من أجل الربح و ذلك لكثرة الطلب علٌها‪،‬سواء للسكن أو إلنشاء المشارٌع‬
‫اإلقتصادٌة المربحة ‪،‬وبإعتبارها آلٌة لجلب اإلستثمارات األجنبٌة و تشجٌع الوطنٌة منها‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬فإنه ٌمكن القول‪ ،‬أن هذا الموضوع‪ٌ ،‬ثٌر إشكاال رئٌسٌا‪ ،‬وهو مدى تأثٌر‬
‫تضارب قرارات محكمة النقض فً المادة العقارٌة على األمنٌن القضائً والعقاري‬
‫للمتعاملٌن فً العقار‪ ،‬سواء المستهلكٌن العادٌٌن أو المسثتمرٌن‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬منيج البحث‬


‫إيمانا منا بضرورة اإلعتماد عمى مناىج البحث العممي المتعارؼ عمييا في حقؿ‬
‫العموـ اإلنسانية واستحضا ار منا لطبيعة الموضوع وخصوصياتو النظرية والعممية فقد‬
‫إعتمدنا في ىذا البحث عمى المنيج الوصفي بغرض التعريؼ بكؿ عنصر يراد تعريفو‬
‫وضبط مفيومو بغية تسييؿ وتيسير فيمو ولما كاف الموضوع يتعامؿ مع ق اررات قضانية‬
‫كثيرة تحتاج إلى تفكيؾ وتحميؿ لإللماـ بيا وفيـ مرجعيتيا وأسباب تبنييا لقاعدة دوف‬
‫أخرى فإنو مف الطبيعي أف تتـ اإلستعانة بالمنيج التحميمي عمى طوؿ صفحات ىذا‬
‫البحث‪.‬‬
‫وماداـ أف الموضوع يعالج مسألة التضارب في الق اررات فإنو ما مف بد مف‬
‫إعتماد المنيج المقارف وذلؾ لمقارنة الق اررات المتناقضة مع بعضيا البعض ومحاولة‬
‫تقييـ كؿ واحد منيا عمى حدة بغية ترجيح أحدىا عمى األخر كؿ ما دعا المقاـ إلى ذلؾ‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬خطة البحث‬
‫إقتضت منا طبيعة الموضوع أف نقسمو إلى فصميف نتناوؿ في األوؿ تضارب‬
‫الق اررات الصادرة عف محكمة النقض في المجاؿ اإلجراني عمى أف نتناوؿ في الثاني‬
‫تضارب ىذه الق اررات في المجاؿ الموضوعي وذلؾ وفؽ التصميـ التالي‪:‬‬

‫‪14‬‬
‫الفصل األول‪ :‬تضارب ق اررات محكمة النقض في المادة العقارية من الناحية‬
‫اإلجرائية‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تضارب ق اررات محكمة النقض في المادة العقارية من الناحية‬
‫الموضوعية‬

‫‪15‬‬
‫الفصل األول‪ :‬تضارب ق اررات محكمة النقض في‬
‫المادة العقارية من الناحية اإلجرائية‬

‫‪16‬‬
‫يعتبر المجوء إلى القضاء حقا دستوريا ال يمكف المساس بو أو حرماف أي إنساف منو‬
‫حيث جاء في الفقرة األولى مف الفصؿ ‪ 118‬مف دستور فاتح يوليوز ‪" 2011‬حؽ‬
‫التقاضي مضموف لكؿ شخص لمدفاع عف حقوقو وعف مصالحو التي يحمييا القانوف"‪.‬‬
‫كما أف المحكمة ممزمة بالبت في كؿ قضية رفعت إلييا بحكـ واال توبع‬
‫قضاتيا بجريمة إنكار العدالة وفي ذلؾ تنص الفقرة األولى مف الفصؿ الثاني مف قانوف‬
‫المسطرة المدنية عمى أنو "ال يحؽ لممحكمة اإلمتناع عف الحكـ أو إصدار قرار ويجب‬
‫البت بحكـ في كؿ قضية رفعت إلى المحكمة"‪.‬‬
‫إف الغاية مف كؿ ىذه الضمانات القانونية والقضانية ىي الحصوؿ عمى أحكاـ‬
‫قضانية تحاكي الواقع وتحقؽ العدالة داخؿ المجتمع‪.‬‬
‫غير أنو إذا كانت غاية كؿ متقاض يمجأ إلى القضاء ىي إقتضاء حقو ورفع‬
‫ظمـ أصابو فإنو ال يكفي كوف الحؽ مؤيدا بالحجج والمستندات لنقوؿ بأحقية المتقاضي‬
‫فيو مف عدميا بؿ البد لو مف سموؾ مجموعة مف القواعد اإلجرانية لذلؾ يقاؿ أف‬
‫القواعد اإلجرانية تعد بمثابة الجسر إلعماؿ الحماية القانونية المضمنة في قوانيف‬
‫الموضوع‪.‬‬
‫ويقصد بالقانوف اإلجراني عامة مختمؼ المساطر والشكميات التي يتعيف عمى‬
‫طارؽ باب القضاء سموكيا عندما يطمب مف المحكمة التدخؿ لحماية الحؽ الذي يدعي‬
‫أنو وقع المساس بو منذ إفتتاح المخاصمة إلى حيف تنفيذ الحكـ الصادر بشأنيا‪.‬‬
‫ومف جانب القاضي فتعني مختمؼ اإلجراءات والشكميات التي يتعيف عميو‬
‫اإللتزاـ بيا واحتراميا بيدؼ تجييز القضية لمبت فييا بحكـ فاصؿ في الموضوع وكذا‬
‫تفاديا لتعريض حكمو لإللغاء عند الطعف فيو أماـ المحكمة األعمى درجة‪.‬‬
‫واذا كانت أغمب المنازعات المدنية يرجع فييا إلى قانوف المسطرة المدنية‬
‫الصادرة بتنفيذه الظيير الشريؼ المؤرخ في ‪ 28‬يوليوز ‪ 1974‬بإعتباره الشريعة العامة‬
‫لقوانيف الشكؿ فإنو قد يقع أحيانا أف يضع المشرع قوانيف شكمية خاصة مضمنة إلى‬
‫جانب قواعد الموضوع وذلؾ مراعاة لخصوصية الموضوع المنظـ بمقتضى ىذه القواعد‬

‫‪17‬‬
‫وليس أدؿ عمى ذلؾ أكثر مف القانوف المنظـ لمعقار المحفظ ببالدنا وذلؾ بمقتضى‬
‫ظيير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬كما عدؿ وتتمـ بالقانوف ‪.14.07‬‬
‫ىذه القواعد اإلجرانية سواء المضمنة بقانوف المسطرة المدنية أو بظيير التحفيظ‬
‫العقاري قد يعترييا الغموض والنقص مما يحتاج معو األمر إلى فتح باب التفسير‬
‫والتأويؿ لمحاولة إيجاد حموؿ ليذه النواقص الشيء الذي يؤدي بالنتيجة إلى إختالؼ في‬
‫اآلراء والمواقؼ مما ينعكس سمبا عمى إستقرار العمؿ القضاني ببالدنا حيث نجد أف‬
‫قضاننا يصدر أحكاما وق اررات متناقضة ومتضاربة في قضايا متشابية الوقانع واألحداث‬
‫ويزداد األمر إستشكاال عندما تنتقؿ ىذه العدوى إلى محكمة النقض التي مف المفترض‬
‫أف تسير عمى محاربة ىذا التضارب واستنصالو‪.‬‬
‫إف المتتبع لمشأف العقاري ببالدنا وخصوصا القضانى منو سيالحظ وبكؿ جالء‬
‫أف محكمة النقض لـ تكف منسجمة مع نفسيا في العديد مف القضايا التي تيـ الجانب‬
‫اإلجراني مما أدى إلى بروز مفيوـ الفوضى الخالقة في التوجيات القضانية التي‬
‫يستتبعيا ظيور ردود فعؿ إيجابية محمودة‪.‬‬
‫ونحف بدورنا سنحاوؿ الغوص في ىذا الجانب اإلجراني مف خالؿ تتبع مسار‬
‫تطورات ق اررات محكمة النقض في بعض المواضيع المختارة ذات الصمة مركزيف عمى‬
‫إبراز مكمف التضارب في ق اررات محكمة النقض مبرزيف أسبابو وآثاره كمما سنحت‬
‫الفرصة بذلؾ مدعميف ذلؾ بآراء الفقياء والباحثيف معتمديف في ذلؾ عمى خطة بحث‬
‫عمى الشكؿ التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تضارب الق اررات بشأن اإلختصاص في النزاعات العقارية‬


‫المبحث الثاني‪ :‬تضارب الق اررات بشأن الدعوى العقارية وآثارىا‬

‫‪18‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تضارب الق اررات بشأن االختصاص في النزاعات‬
‫العقارية‬
‫صالحية المحكمة لمبت في الدعوى المعروضة‬ ‫يقصد باإلختصاص‬
‫عمييا‪ 1‬ويعرفو الفقيو أحد مميجي إنطالقا مف عالقتو بالوالية القضانية بأنو‪" :‬إذا كانت‬
‫الوالية تعني سمطة الحكـ بمقتضى القانوف الممنوحة لكافة محاكـ الدولة أي لجميع‬
‫فإف‬ ‫التي تقابؿ سمطتي التشريع والتنفيذ في الدولة‬ ‫أعضاء السمطة القضانية‬
‫اإلختصاص ىو نصيب كؿ محكمة مف ىذه الوالية إذ ينتج عف تجزنة والية القضاء‬
‫نظ ار إل ستحالة أف تمارس محكمة واحدة فقط ىذه الوالية في الدولة كميا أف تختص كؿ‬
‫‪2‬‬
‫محكمة مف المحاكـ المختمفة بنصيب معيف مف والية القضاء"‬
‫ونظ ار ألىمية ىذا الموضوع وحساسيتو بإعتباره مدخال لتحقيؽ العدؿ بيف‬
‫المتقاضيف لكوف ثبوت اإلختصاص لجية قضانية معينة أحيانا قد يكوف سببا في‬
‫صدور أحكاـ أكثر عدال ومحاكاة لمواقع نظ ار لخصوصية موضوع الدعوى نفسو‪.‬‬
‫وموضوع تنازع اإلختصاص بيف مختمؼ محاكـ المممكة باختالؼ درجاتيا‬
‫وطبيعتيا أسيؿ حولو الكثير مف المداد وتجادبتو العديد مف اآلراء والمواقؼ ومحكمة‬
‫النقض بإعتبارىا رأس اليرـ القضاني ببالدنا لـ تقؼ مكتوفة األيدي بؿ حاولت جيد‬
‫اإلمكاف التصدي ليذه اإلشكاالت العممية رغبة منيا في إيجاد حموؿ معقولة ومقبولة‬
‫لكؿ ما يعترض التطبيؽ السميـ لممقتضيات التي تنظـ االختصاص سواء في قانوف‬
‫المسطرة المدنية أو في مختمؼ النصوص الخاصة والمتعمقة بالمادة العقارية وفعال تأتى‬
‫ليا ذلؾ في العديد مف المسانؿ محؿ التضارب بيد أنيا لـ تكف وفية دانما لمقواعد التي‬

‫‪ -1‬عبد الكريـ الطالب الشرح العممي لقانوف المسطرة المدنية مطبعة والوراقة الوطنية الداوديات مراكش نشر وتوزيع‬
‫مطبوعات المعرفة مراكش طبعة ‪ 2013‬ص ‪.17‬‬
‫‪-2‬أحمد مميجي تحديد نطاؽ الوالية القضانية واالختصاص القضانية دراسة مقارنة في القانونيف المصري والفرنسي‬
‫والشريعة اإلسالمية مكتبة دار النيضة العربية القاىرة ‪ 1993‬الطبعة ص ‪(44‬أشار إليو األستاذ عبد الكريـ الطالب‬
‫ـ س ص ‪)17‬‬
‫‪19‬‬
‫تقرىا األمر الذي أدى في كثير مف األحياف إلى وقوعيا في التضارب الذي سرعاف ما‬
‫إنتقؿ إلى باقي محاكـ الموضوع بدرجات متفاوتة‪.‬‬
‫ولمعالجة ىذا المبحث ومحاولة اإلحاطة بو جيد المستطاع فإننا سنحاوؿ‬
‫التركيز عمى المواضيع التي كانت محؿ جدؿ كبير ونقاش مستفيض وذلؾ وفؽ خطة‬
‫البحث التالية‪:‬‬
‫المطمب األول‪ :‬تنازع االختصاص بين المحاكم العادية والمحاكم المختصة‬
‫المطمب الثاني‪ :‬تنازع االختصاص داخل المحكمة االبتدائية نفسيا‬

‫‪20‬‬
‫المطمب األول‪ :‬تنازع االختصاص بين المحاكم العادية والمحاكم المختصة‬
‫رغبة منو تدعيـ دولة الحؽ والقانوف وترسيخ دور السمطة القضانية كإحدى‬
‫السمط الثالث التي يقوـ عمييا نظاـ الحكـ في المممكة‪ .‬لتقوـ بدورىا عمى أكمؿ وجو قرر‬
‫المشرع المغربي إنشاء المحاكـ اإلدارية وذلؾ بموجب القانوف ‪ 41.90‬الصادر بتنفيذه‬
‫الظيير الشريؼ رقـ ‪ 1.91.225‬المؤرخ في ‪ 10‬شتنبر ‪.11993‬‬
‫وفي معرض بيانو إلختصاص ىذه األخيرة نوعيا نص المقنف في الفقرة األولى‬
‫مف المادة الثامنة مف القانوف رقـ ‪ 41.90‬عمى ما يمي‪" :‬تختص المحاكـ اإلدارية مع‬
‫مراعاة أحكاـ المادتيف ‪ 9‬و‪ 11‬مف ىذا القانوف بالبت في طمبات إلغاء ق اررات السمطات‬
‫اإلدارية بسبب تجاوز السمطة ‪."...‬‬
‫ورغـ وضوح أحكاـ ىذه المادة وجالنيا فقد أباف التطبيؽ العممي لمقتضياتيا عف‬
‫العديد مف اإلشكاالت بخصوص تنازع االختصاص بيف المحاكـ اإلدارية والمحاكـ العادية‬
‫بإعتبارىا صاحبة الوالية العامة وذلؾ راجع بالدرجة األولى إلى طبيعة وموضوع‬
‫الق اررات اإلدارية محؿ الطعف ومف أبرز المواضيع التي أثير النقاش بشأنيا ما يتعمؽ‬
‫بالقرار الوزاري المشترؾ رقـ ‪ 74.180‬المؤرخ في ‪ 1973/03/05‬الذي نقؿ لمدولة‬
‫المغربية ممكية األراضي المسترجعة طبقا لظيير ‪ 1973/03/02‬المتعمؽ باألراضي‬
‫المسترجعة وكذلؾ ما تعمؽ بالطعف في ق اررات المحافظ العقاري ولمعالجة ىذا الموضوع‬
‫سنقسـ ىذا المطمب إلى فقرتيف وذلؾ عمى الشكؿ التالي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تنازع االختصاص بشأن نزاعات األراضي المسترجعة‬


‫الفقرة الثانية‪ :‬تنازع االختصاص بشأن الطعن في ق اررات المحافظ‬

‫‪11‬‬
‫الجرٌدة الرسمٌة عدد ‪ 4227‬بتارٌخ ‪ 88‬جمادى األولى ‪ 3( 8484‬نوفمبر ‪،)8993‬ص ‪2868‬‬

‫‪21‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تنازع االختصاص بشأن نزاعات األراضي المسترجعة‬

‫نظـ المشرع المغربي مسألة إنتقاؿ ممكية العقارات الفالحية أو القابمة لمفالحة‬
‫التي يممكيا أشخاص ذاتيوف أجانب أو أشخاص معنويوف إلى الدولة بموجب الظيير‬
‫الشريؼ‪ 1‬بمثابة قانوف ‪ 21.73.213‬الصادر بتاريخ ‪ 02‬مارس ‪ 1973‬والذي تمتو‬
‫مجموعة مف الظيانر التي تناولت نفس الموضوع مف زوايا مختمفة سواء مف حيث‬
‫الكيفية أو نوع العقار وطبيعتو‪.3‬‬
‫زيادة عمى ذلؾ فيناؾ مجموعة مف المراسيـ‪ 4‬والق اررات الو ازرية التي تكفمت ببياف‬
‫كيفية تنزيؿ ىذه الظيانر عمى أرض الواقع ولعؿ أبرزىا ىو القرار الوزاري المشترؾ رقـ‬
‫‪ 74/180‬المؤرخ في ‪ 1973/03/05‬الذي نقؿ لمدولة المغربية ممكية األراضي‬
‫المسترجعة طبقا لظيير ‪ 1973/03/02‬المتعمؽ باألراضي المسترجعة‪.‬‬
‫بيد أف تطبيؽ ىذا القرار الوزاري المشترؾ أباف عف مجموعة مف اإلشكاالت‬
‫العممية لعؿ أبرزىا ما يتعمؽ بمدى صالحية المحكمة العادية في تقدير شرعية ىذا القرار‬
‫الوزاري مف عدميا فمنفترض مثال أف الدولة (الممؾ الخاص)قامت بتقديـ مطمب لمتحفيظ‬
‫ييـ أحد العقارات المسترجعة طبقا لظيير ‪ 1973/03/02‬والمنقولة ممكيتيا طبقا لمق اررات‬

‫‪-1‬ظيير شرؼ بمثابة قانوف رقـ ‪ 1.73.213‬بتاريخ ‪ 26‬محرـ ‪ 02(1393‬مارس ‪ )1973‬تنقؿ بموجبو إلى الدولة‬
‫ممكية العقارات الفالحية أو القابمة لمفالحة التي يممكيا أشخاص ذاتيوف أجانب أو أشخاص معنويوف‪-‬ج‪.‬ر عدد ‪3149‬‬
‫بتاريخ ‪ 1973/03/07‬ص ‪.687‬‬
‫‪-2‬ظيير شريؼ رقـ ‪ 1.63.289‬مؤرخ في ‪ 07‬جمادى األولى ‪ 1383‬و‪ 26‬شتنبر ‪ )1963‬بتحديد الشروط التي‬
‫تسترجع الدولة بموجبيا أراضي االستعمار ج‪.‬ر عدد ‪ 2657‬بتاريخ ‪ 1963/09/27‬ص ‪.2247‬‬
‫‪-3‬الظيير الشريؼ رقـ ‪ 1.69.28‬بتاريخ ‪ 10‬جمادى األولى ‪ 25(1389‬يوليوز ‪ )1969‬تنقؿ بموجبو إلى الدولة‬
‫ممكية األراضي الفالحية أو القابمة لمفالحة المعتبرة أوقافا عمومية ج‪.‬ر عدد ‪ 2960‬مكرر بتاريخ ‪ 1969/07/29‬ص‬
‫‪.2016‬‬
‫‪-4‬مرسوـ رقـ ‪ 2.73.574‬بتاريخ ‪ 12‬صفر ‪ 1975/04/24(1395‬المتعمؽ بتطبيؽ الفقرة الثانية مف الفصؿ السابع‬
‫مف الظيير الشريؼ رقـ ‪ 1.73.213‬بتاريخ ‪ 2‬مارس ‪ 1973‬ج‪.‬ر عدد ‪ 3253‬بتاريخ ‪ 1975/03/05‬ص ‪.792‬‬
‫‪-‬مرسوـ رقـ ‪ 2.87.162‬الصادر في ‪ 05‬شعباف ‪ 24(1408‬مارس ‪ )1988‬المتعمؽ بضرب أجؿ جديد لألداء‬
‫بالوثانؽ واألوراؽ المنصوص عمييا في المرسوـ رقـ ‪ 2.73.574‬الصادر في ‪ 24‬فبراير ‪ 1975‬ج‪.‬ر عدد ‪3938‬‬
‫بتاريخ ‪ 1988/04/20‬ص ‪.379‬‬
‫‪22‬‬
‫الو ازرية المشتركة لكؿ مف وزير الداخمية ووزير الفالحة واإلصالح الزراعي ووزير‬
‫المالية طبقا لما ينص عميو الفصؿ الثاني‪ 1‬مف ظيير ‪ 1973/03/02‬أو أنيا تتعرض‬
‫عمى مطالب سبؽ لغيرىا تقديميا مستندة في كؿ ذلؾ عمى القرار المذكور كسند‬
‫لممكيتيا ففي ىذه الحالة ستكوف محكمة التحفيظ ممزمة بالبت في النزاع وبالنتيجة ممزمة‬
‫بمناقشة ىذا القرار الوزاري المشترؾ في حالة ما إذا أثبت المتعرض تعرضو أو إذا كانت‬
‫الدولة متعرضة‪.‬‬
‫والسؤاؿ المطروح في ىذا الصدد ىو ىؿ بإمكاف محكمة التحفيظ تقدير شرعية‬
‫ىذا القرار أـ أف الجية المكمفة بفحص شرعية الق اررات اإلدارية ىي المحاكـ اإلدارية؟‬
‫جوابا عمى ىذا التساؤؿ البد مف القوؿ إف ىذه المسألة محؿ خالؼ بيف محاكـ‬
‫‪2‬‬
‫في تقدير شرعية ىذا القرار‬ ‫الموضوع بيف مؤيد لمرأي القانؿ بأحقية محكمة التحفيظ‬
‫مادامت أنيا صاحبة االختصاص لمنظر في الدعوى العقارية والتي تعتبر جوىر ىذا‬
‫الظيير والقرار المتعمؽ بو وبيف معارض ليذا األمر متمسؾ بضرورة منح االختصاص‬
‫حصريا لممحاكـ اإلدارية بإعتبارىا الجية الوحيدة المؤىمة لمنظر في الدعاوى المتعمقة‬
‫بالق اررات اإلدارية ما لـ يكف ىناؾ نص خاص يمنع ذلؾ الشيء الذي إنعكس عمى‬
‫ق اررات محكمة النقض في منح ىذا االختصاص مف عدمو مؤديا بذلؾ إلى صدور‬
‫ق اررات متضاربة‪.‬‬
‫وتأييدا لالتجاه األوؿ ذىبت محكمة النقض في ق ارر ليا بتاريخ ‪2010/08/17‬‬
‫إلى ما يمي "لكف ردا عمى الوسيمة أعاله فإف محكمة الموضوع ليا سمطة في تقدير األدلة‬
‫واستخالص قضانيا منيا وليس ىناؾ ما يمنعيا مف تقدير سند الدولة المتمثؿ في قرار‬
‫االسترجاع ولذلؾ فإنيا حيف عممت قرارىا بأف "الوكالة الحضرية ىي التي ليا صالحية‬
‫القوؿ بأف العقار داخؿ في المدار الحضري عمال بالقانوف المكوف ليا وأف الحكـ‬

‫‪-1‬تعيف ق اررات مشتركة لوزير الداخمية ووزير الفالحة واإلصالح الزراعي ووزير الفالحة واإلصالح الزراعي ووزير‬
‫المالية العقارات المنقولة ممكيتيا إلى الدولة كما يحدد فييا التاريخ الذي تتـ ابتداء منو حيازة العقارات المذكورة‪.‬‬
‫‪-2‬أسامة فراسي استرجاع األراضي(في ظؿ ظيير ‪ 2‬مارس ‪ 1973‬كسند لتحفيظ ممؾ الدولة الخاص) منشورات‬
‫مجمة الحقوؽ سمسمة المعارؼ القانونية والقضانية دار النشر المعرفة مطبعة المعارؼ الجديدة الرباط الطبعة األولى‬
‫‪ 2013‬ص ‪.9‬‬
‫‪23‬‬
‫المستأنؼ ليا اعتبر عقار النزاع داخال في المدار الحضري اعتمادا عمى الشيادة اإلدارية‬
‫المسممة مف الوكالة الحضرية وبالتالي ال تسري عميو مقتضيات ظيير ‪1973/03/02‬‬
‫يكوف مصادفا لمصواب ‪ ...‬فإنو نتيجة لذلؾ كمو يكوف القرار المطعوف فيو معمال تعميال‬
‫كافيا والوسيمة بالتالي غير جديرة باالعتبار"‪.1‬‬
‫وفي نفس السياؽ جاء في قرار آخر لمحكمة النقض صادر عنيا بتاريخ‬
‫‪ 2015/01/06‬والذي جاء فيو "حيث صح ما عابو الطاعف عمى القرار ذلؾ أنو عمؿ‬
‫بأف الدولة(الممؾ الخاص) أصبحت مالكة لوعاء مطمب تحفيظيا عدد ‪ .....‬وأف حجج‬
‫المستأنؼ عمييـ أعاله و مف ضمنيـ الطاعف مرتكزة عمى الحيازة المكسبة لمممؾ وال‬
‫ينتزع بيا مف يد الدولة المستندة في تممكيا عمى الظيير أعاله ‪" ...‬في حيف أنو يتجمى‬
‫مف رسـ الممكية المعتمد مف الطاعف المشار إلى مراجعة في السبب أعاله أنو حانز‬
‫لألرض المتنازع عمييا أكثر مف ‪ 20‬سنة وىي الحيازة المستوفية لشروطيا بدليؿ أف جده‬
‫مف جية األـ كاف يممكيا حسب رسـ الممكية المؤرخ في ‪ 1348‬وأف الرسـ المذكور حجة‬
‫تفيد حيازة الطاعف قبؿ استرجاع الدولة لممدعى فيو خالؼ ما ذىب إليو القرار المطعوف‬
‫فيو مما يكوف غير مرتكز عمى أساس ومعمال تعميال فاسدا وبالتالي عرضو لمنقض‬
‫واإلبطاؿ"‪.2‬‬
‫وتأييدا لإلتجاه الثاني أصدرت محكمة النقض العديد مف الق اررات منيا‪:‬‬
‫حيث ذىبت محكمة النقض في قرار ليا بتاريخ ‪ 32001/06/21‬إلى أنو "لكف‬
‫حيث أف مصدر تممؾ الدولة المغربية(الممؾ الخاص) لألرض ىو المقرر اإلداري‬
‫‪ 1970/07/30739‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 3170‬في ‪1973/08/01‬‬
‫باسترجاعيا ألرض المطمب مف أجنبي في إطار ظيير ‪ 1973/03/02‬المعزز بمحضر‬
‫التسميـ المحرر في ‪ 1973/08/03‬تنفيذا لممقرر اإلداري المذكور الذي بقي بمنأى عف‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 3300‬بتاريخ ‪ 2010/08/17‬ممؼ مدني عدد ‪(2008/1/1/3888‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪-2‬قرار محكمة النقض رقـ ‪ 8‬المؤرخ في ‪ 2015/01/06‬في الممؼ العقاري عدد ‪ 2014/1/1/2635‬المنشور‬
‫بمجمة ممفات عقارية العدد ‪ 5‬سنة ‪ 2015‬ص ‪ 78‬و‪.79‬‬
‫‪-3‬قرار المجمس األعمى عدد ‪ 813‬بتاريخ ‪ 2001/06/21‬ممؼ إداري عدد ‪(03/1/4/472‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫أي طعف باإللغاء مف المتعرض داخؿ األمد القانوني(‪ 60‬يوما مف نشره) وأف المتعرض‬
‫ال يجوز لو المجادلة في شرعية ىذا المقرر خارج إطار دعوى اإللغاء داخؿ أمدىا‬
‫القانوني بدعوى حيازتو ألرض المطمب تمؾ الحيازة والتي عمى فرض قياميا ال تنتزع بيا‬
‫أرض الدولة(الممؾ الخاص) المستندة في ممكيتيا ليا عمى سبب مشروع(المقرر اإلداري‬
‫النافذ المستند لظيير"‪.‬‬
‫وفي قرار آخر صادر عف محكمة النقض بتاريخ ‪ 2011/12/13‬جاء فيو "لكف‬
‫ردا عمى الوسيمتيف معا لتداخميما فإنو مف جية ال يستفاد مف وثانؽ الممؼ أف الطاعنيف‬
‫قد تمسكا أماـ محكمة الموضوع بعدـ شموؿ القرار الوزاري رقـ ‪ 74/180‬المعتمد مف‬
‫طرؼ الدولة المغربية(الممؾ الخاص) لألرض محؿ النزاع فضال عف أف نسخة القرار‬
‫المدرجة بالممؼ تفيد شمولو ألراضي األجنبي نفارو أو ار والشركاء الذي اعتمد الطاعناف‬
‫الشراء منو ومف جية ثانية فإنو يتجمى مف وثانؽ ىذا الممؼ أف مصدر تممؾ الدولة‬
‫المغربية ىو القرار الوزاري ‪ ...‬وىو سند ال يمكف لمطاعنيف المجادلة في شرعيتو خارج‬
‫إطار دعوى اإللغاء لذلؾ فإف القرار حيف عمؿ بأف "الدولة المغربية بمقتضى المقرر‬
‫اإلداري المشترؾ رقـ ‪ .....‬قد استرجعت المدعى فيو وأف ىذا المقرر ىو سندىا في‬
‫تممؾ القطعة األرضية بقوة القانوف ويظؿ ساري المفعوؿ ما لـ يعدؿ بمناسبة الطعف فيو‬
‫باإللغاء وبالتالي فإف المستأنؼ عمييما المتعرضيف ال يجوز ليما المجادلة في شرعية‬
‫ىذا المقرر خارج إطار دعوى اإللغاء بعمة أنيما مالكيف لممدعى فيو بمقتضى رسـ‬
‫الشراء عدد ‪ .....‬ونتيجة لذلؾ يكوف القرار المطعوف فيو غير خارؽ لممقتضيات المتمسؾ‬
‫بخرقيا وما بالوسيمة عمى غير أساس"‪.1‬‬
‫و تكريسا لنفس التوجو جاء في قرار صادر عف محكمة النقض مؤرخ في‬
‫‪ 2009/03/04‬ما يمي"لكف ردا عمى الوسيمتيف معا لتداخميما فإنو يتجمى مف مستندات‬
‫الممؼ أف المطموب في النقض إنما إستند في طمبو عمى شرانو مف الدولة (الممؾ‬
‫الخاص) التي كانت طالبة التحفيظ و لذلؾ و لما لممحكمة مف سمطة في تقييـ االدلة‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض رقـ ‪ 5473‬المؤرخ في ‪ 2011/12/13‬في الممؼ المدني عدد ‪ 2011/8/1/125‬غير‬
‫منشور‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫واستخالص قضانيا منيا حيف عممت قرارىا عمى أف(طالب التحفيظ االصمي إستند في‬
‫طمب تحفيظو إلى ظيير ‪ 1973‬الخاص باالراضي المسترجعة مف االجانب و القرار‬
‫الوزاري الموازي لو و بالتالي فإف طالب التحفيظ‪-‬الممؾ الخاص‪-‬قد اكتسبت العقار بمقرر‬
‫إداري ال يمكف لمحكمة الموضوع العادية و ىي تبت في التعرضات المساس بمقتضياتو‬
‫لكوف االجؿ ال يزاؿ مفتوحا لمف لو المصمحة‪ 1‬أو في إطار دعوى التعويض بعد ذلؾ)فإنو‬
‫نتيجة لما ذكر كمو يكوف القرار معمال و مرتك از عمى أساس قانوني غير خارؽ لممقتضيات‬
‫المستدؿ بيا و الوسيمتاف معا غير جديرتيف باإلعتبار"‪.2‬‬
‫ونكتفي بسرد ىذه الق اررات مع العمـ أف ىناؾ العديد مف الق اررات القضانية‬
‫‪3‬‬
‫الصادرة عف محكمة النقض التي تنتصر ألحد االتجاىيف المذكوريف‬

‫‪1‬‬
‫حددت المادة االولى من القانون رقم‪ 42.25‬الذي ٌقضً بسن بعض االجراءات المتعلقة بالعقارات الفالحٌة أو القابلة للفالحة المنقولة ملكٌتها‬
‫إلى الدولة عمال بأحكام الظهٌر الشرٌ رقم ‪ 289.63.8‬الصادر بتارٌخ ‪ 7‬جمادى االولى ‪ 26(8383‬دٌسمبر ‪ )8963‬و الظهٌر الشرٌ‬
‫بمثابة قانون رقم ‪ 8.73.283‬بتارٌخ ‪ 26‬محرم ‪ 2( 8393‬مارس ‪)8973‬أجل تقدٌم طلبات االلغاء ضد القرارات الوزارٌة المشتركة حٌث‬
‫نصت على ما ٌلً "ٌحدد أجل تقدٌم طلبات االلغاء ضد القرارات المشار إلٌها فً الفصل ‪ 4‬من الظهٌر الشرٌ رقم ‪ 8.63.289‬الصادر‬
‫بتارٌخ ‪ 27‬جمادى االولى ‪ 26(8383‬دٌسمبر ‪)8963‬بتحدٌد الشروط التً تسترجع الدولة بموجبها أراضً االستعمار و كذا فً الفصل‬
‫الثانً من الظهٌر الشرٌ بمثابة قانون رقم ‪ 8.73.283‬بتارٌخ ‪ 26‬محرم ‪2(8393‬مارس ‪ )8973‬المنقولة بموجبه إلى الدولة ملكٌة العقارات‬
‫الفالحٌة أو القابلة للفالحة التً ٌملكها أشخاص داتٌون أجانب أو أشخاص معنوٌون فً ستٌن (‪ٌ )62‬وما ابتداء من تارٌخ نشر هذه القرارات‬
‫فً الجرٌدة الرسمٌة‪.‬‬

‫غٌر أن أجل تقدٌم طلبات االلغاء ضد القرارات المشار إلٌها فً الفقرة االولى أعاله التً تم نشرها قبل تارٌخ نشر هذا القانون فً الجرٌدة‬
‫الرسمٌة‪ٌ،‬حدد فً ستٌن (‪ٌ )62‬وما ابتداءمن هذا التارٌخ"‬
‫‪2‬‬
‫المدنً عدد ‪(2227/8/8/883‬أشار إلٌه الطالب الباحث أسامة‬ ‫قرار محكمة النقض رقم ‪ 823‬المؤرخ فً ‪ 2229/23/24‬فً المل‬
‫فراسً‪،‬إسترجاع االراضً‪...‬م‪.‬س‪،‬ص ‪.348-342-399-338‬‬

‫‪-3‬حيث جاء في قرار آخر لمحكمة النقض" لكف ردا عمى الوسانؿ مجتمعة لتداخميا فإف الثابت مف مستندات الممؼ‬
‫أف العقار محؿ النزاع موضوع الصؾ العقاري عدد ‪/3626‬ز قد تـ تقييده في اسـ الدولة المغربية بتاريخ‬
‫‪ 1977/12/21‬بناء عمى القرار الوزاري المشترؾ رقـ ‪ 943.73‬المؤرخ في ‪ 1973/09/11‬والذي بموجبو استرجعت‬
‫الدولة المغربية كافة العقار المذكور في نطاؽ ظيير ‪ 1973/03/20‬وعميو فإف طمب التشطيب عمى القرار الوزاري‬
‫المذكور مف الرسـ العقاري وتسجيؿ شراء الطاعف المؤرخ في ‪ 1996/12/16‬لمعقار مكانو وبيف المحافظ عمى األمالؾ‬
‫العقارية والطعف في ق ارره أماـ المحكمة االبتدانية طبقا لمفصؿ ‪ 96‬مف ظيير ‪ 1913/08/12‬بشأف التحفيظ العقاري‬
‫يعتبر سابقا ألوانو طالما أف القرار الوزاري لـ يطعف فيو أماـ الجية المختصة قانونا ولذلؾ فإف القرار حيف عمؿ "بأف‬
‫النظر في القضية يؤدي إلى المس بالشرعية المخولة لممقرر اإلداري" فإنو نتيجة لما ذكر كمو يكوف القرار مرتكز عمى‬
‫أساس ومعمال تعميال كافيا"‪.‬‬
‫‪-‬قرار محكمة النقض(المجمس األعمى سابقا) رقـ ‪ 1351‬غير منشور‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫مف خالؿ إطالعنا عمى جممة مف الق اررات القضانية الصادرة عف محكمة النقض‬
‫الحظنا أف موقؼ ىذه األخيرة غير مستقر ومتذبذب فتارة تمنح اإلختصاص لممحاكـ‬
‫العادية لمنظر في تقدير شرعية الق اررات الو ازرية المشتركة كسندات لمممكية ‪-‬خصوصا‬
‫أماـ قضاء التحفيظ‪ -‬وتارة أخرى تنكر عنيا ىذا االختصاص حاصرة الجية المختصة‬
‫في تقدير شرعية ىذا القرار في المحاكـ اإلدارية بوصفيا صاحبة االختصاص األصيؿ‬
‫لمنظر في الطعوف الموجية ضد المقررات اإلدارية كيفما كاف نوعيا ما لـ يستثنى بعضيا‬
‫بنص خاص‪.‬‬
‫و يرى البعض أف الرأي الذي يكاد يكوف عميو اإلجماع ىو كوف تقدير شرعية‬
‫القرار الوزاري المشترؾ مف إختصاص المحاكـ اإلدارية ال غير وأف األمر محسوـ عمى‬
‫مستوى محكمة النقض في ىذا الشأف‪.1‬‬
‫وقد كاف بودي أف أوافؽ ىذا الرأي لكف المنطؽ السميـ ال يسمح بذلؾ خصوصا‬
‫عندما أطمت عمينا محكمة النقض بقرارىا رقـ ‪ 08‬المؤرخ في ‪ 2015/01/06‬والذي‬
‫سمح لمحكمة التحفيظ بفحص شرعية القرار الوزاري المشترؾ ضاربا بعرض الحانط ما‬
‫كاف يسمى إستق ار ار عمى مستوى توجيات محكمة النقض في شأف ىذه النقطة‪.‬‬
‫وبعيدا عف الق اررات القضانية الصادرة عف محكمة النقض ىؿ يمكف أف نجد‬
‫األساس القانوني لمنح االختصاص لمنظر في شرعية الق اررات الو ازرية المشتركة لممحكمة‬
‫العادية؟‬
‫ىناؾ مف يرى‪ 2‬أف السند في منح المحاكـ العادية ىذا االختصاص يجد أساسو‬
‫القانوني في الفقرة السادسة مف المادة ‪ 323‬مف القانوف المحدث لممحاكـ اإلدارية حيث‬
‫تنص عمى أنو إذا أمكف الوصوؿ لمحؽ بالطرؽ العادية فإنو ال يجب المجوء لممساطر‬
‫التي يقررىا القانوف اإلداري وماداـ أف المعني باألمر يستطيع الوصوؿ إلى حقو في‬

‫‪-1‬أسامة فراسي استرجاع األراضي ـ س ص ‪ 59‬وما يمييا‪.‬‬


‫‪-2‬أسامة فراسي استرجاع األراضي ـ س ص ‪ 60‬و‪.61‬‬
‫‪-3‬تنص الفقرة السادسة مف المادة ‪ 23‬مف القانوف المحدث لممحاكـ اإلدارية رقـ ‪ 41.90‬عمى أف‪ ..." :‬ال يقبؿ‬
‫الطمب اليادؼ إلى إلغاء ق اررات إدارية إذا كاف في وسع المعنييف باألمر أف يطالبوا بما يدعونو مف حقوؽ بطريؽ‬
‫الطعف العادي أماـ القضاء الشامؿ"‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫إطار دعوى التعرض عمى مطمب التحفيظ ‪-‬بإعتبارىا دعوى إستحقاقية‪ -‬فإنو ال ضرورة‬
‫‪1‬‬
‫إلى المجوء إلى دعوى اإللغاء‪.‬‬
‫توضيحا وتفسي ار ليذه النقطة أصدرت المحكمة اإلدارية بالرباط حكما‪ 2‬تحت‬
‫عدد ‪ 2349‬مؤرخ في ‪ 2010/09/15‬جاء فيو ما يمي "لكف حيث لنف كانت مقتضيات‬
‫المادة ‪ 23‬مف القانوف رقـ ‪ 41.90‬تقضي بعدـ قبوؿ الطمب الرامي إلى إلغاء قرار إداري‬
‫إذا كاف في وسع المعني باألمر المطالبة بما يدعيو مف حؽ الطعف العادي فإف الدعوى‬
‫الحالية ال ترمي إلى الفصؿ في النزاع بشأف استحقاؽ القطعة األرضية موضوع قرار‬
‫االسترجاع المطعوف فيو بقدر ما ترمي إلى فحص مشروعية قرار استرجاعيا ‪."...‬‬
‫مف خالؿ قراءة ىذا الحكـ يتبيف أف المحكمة إعتبرت أف موضوع الدعوييف‬
‫والثانية تتعمؽ بدعوى تقدير وفحص‬ ‫بإعتبار األولى تتعمؽ باإلستحقاؽ‬ ‫مستقؿ‬
‫المشروعية وبالنتيجة فال مجاؿ ألعماؿ مقتضيات الفقرة األخيرة مف المادة ‪ 23‬مف‬
‫القانوف المحدث لممحاكـ اإلدارية رقـ ‪.41.90‬‬
‫وفي األخير وجب القوؿ إف ىذا التضارب في ق اررات محكمة النقض بشأف ىذه‬
‫النقطة لمف شأنو أف يجعؿ المتقاضيف في حيرة مف أمرىـ وفي ترقب دانـ لتوجيات ىذه‬
‫األخيرة األمر الذي سينعكس سمبا عمى مبدأ األمف القضاني الذي مف المفترض أف‬
‫تكرسو محكمة النقض وتحافظ عميو وكذلؾ فإف مف شأف إستمرار ىذا التضارب أف يزيد‬
‫‪3‬‬
‫الذي يعاني منو أصال المتعامميف بالعقار بفعؿ تنوع المنظومة‬ ‫مف حدة القمؽ العقاري‬
‫العقارية بالمغرب وتعقدىا‪.‬‬
‫لذلؾ فإنو أصبح مف الواجب أف تتدخؿ محكمة النقض لحسـ ىذا التضارب‬
‫وذلؾ عف طريؽ سموؾ مسطرة الغرؼ مجتمعة والتي أصبحت معروفة بفعاليتيا أو أف‬

‫‪-1‬أسامة فراسي استرجاع األراضي ـ س ص ‪.60‬‬


‫‪-2‬حكـ المحكمة اإلدارية بالرباط رقـ ‪ 2349‬بتاريخ ‪ 2010/09/15‬ممؼ عدد ‪(162/10/05‬أشار إليو الباحث‬
‫أسامة فراسي استرجاع األراضي ـ س ص ‪.61‬‬
‫‪ -3‬المختار بف أحمد عطار التحفيظ العقاري في ضوء التشريع المغربي مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ط‬
‫األولى السنة ‪ 2014/2013‬ص ‪.6‬‬
‫‪28‬‬
‫يتدخؿ المشرع المغربي لسف نص خاص يمنح اإلختصاص بمقتضاه إلى جية واحدة‬
‫ووحيدة لمنظر في شرعية الق اررات الو ازرية المشتركة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تنازع اإلختصاص بشأن الطعن في ق اررات المحافظ عمى األمبلك العقارية‬

‫نظ ار إلرتباطيا‬ ‫تكتسي ق اررات المحافظ أىمية بالغة وذلؾ لخطورة آثارىا‬
‫بالعقار المعروؼ بقيمتو المادية والمعنوية ونظ ار لرغبة األطراؼ في الحصوؿ عمى‬
‫وضعية قانونية مريحة لممكيتيـ عف طريؽ الحصوؿ عمى قرار التطيير العقاري لكف قد‬
‫يقع أحيانا أف يرفض المحافظ مطمب التحفيظ كال أو بعضا وبغية مراقبة ىذا القرار‬
‫فتح المشرع طريؽ الطعف فيو بيد أف تضاربا قد حصؿ في شأف تحديد المحكمة‬
‫المختصة بنظر ىذا النزاع ىؿ المحكمة اإلدارية بإعتبارىا صاحبة اإلختصاص األصيؿ‬
‫أـ المحكمة اإلبتدانية بإعتبارىا المختصة إستنادا إلى النصوص الخاصة(أوال) وبغية‬
‫معالجة ىذه اإلشكالية حاوؿ الفقو ومعو القضاء إيجاد أسباب ىذا التضارب في ىذه‬
‫النقطة مثار الخالؼ(ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬في شأن رفض مطمب التحفيظ‬

‫ينص الفصؿ ‪ 30‬مف ظيير التحفيظ العقاري كما تـ تغييره وتتميمو بالقانوف‬
‫‪ 14.071‬عمى ما يمي‪" :‬خبلل الثبلثة أشير الموالية النصرام أجل التعرض يقوم‬
‫المحافظ عمى األمبلك العقارية بتحفيظ العقار بعد التحقق من إنجاز جميع اإلجراءات‬
‫المقررة في ىذا القانون‪ ،‬ومن شرعية الطمب وكفاية الحجج المدلى بيا‪ ،‬وعدم وقوع أي‬
‫تعرض"‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫رقم ‪ 8.88.877‬بتارٌخ ‪ 22‬نونبر ‪ 2288‬منشور بالجرٌدة الرسمٌة عدد ‪ 5998‬بتارٌخ‬ ‫قانون رقم ‪ 84.27‬صادر بتنفٌده الظهٌر الشرٌ‬
‫‪ 24‬نونبر ‪،2288‬ص‪5575.‬‬

‫‪29‬‬
‫وينص الفصؿ ‪ 37‬مكرر مف نفس الظيير بعد التعديؿ عمى أنو "يجب عمى‬
‫المحافظ عمى األمبلك العقارية في جميع الحاالت التي يرفض فييا طمبا لمتحفيظ أن‬
‫يعمل قراره ويبمغو لطالب التحفيظ‪.‬‬
‫يكون ىذا القرار قاببل لمطعن أمام المحكمة االبتدائية التي تبت فيو مع الحق‬
‫في االستئناف‪ ،‬وتكون الق اررات االستئنافية قابمة لمطعن بالنقض"‪.‬‬
‫المالحظ عمى الفصؿ ‪ 37‬مكرر بعد التعديؿ أنو أدرج عبارة في "جميع الحاالت‬
‫التي يرفض فييا ‪ "...‬وذلؾ عمى عكس ما كاف عميو الوضع قبؿ التعديؿ والذي كاف‬
‫يضع حاالت عمى سبيؿ الحصر لقبوؿ الطعف في قرار المحافظ القاضي برفض مطمب‬
‫التحفيظ‪.1‬‬
‫لكف بالرجوع إلى الفصؿ ‪ 210‬مف القرار الوزاري المؤرخ في ‪ 3‬يونيو ‪1915‬‬
‫نجده يوسع مف نطاؽ الطعف في ق اررات المحافظ أماـ المحاكـ العادية في حاالت‬
‫الرفض الكمي أو الجزني لمطمب التحفيظ الشيء الذي كاف يتعارض نسبيا مع مقتضيات‬
‫الفصؿ ‪ 96‬قبؿ التعديؿ مما أسيـ في خمؽ تضارب عمى مستوى محكمة النقض وىي‬
‫بصدد البت في اإلختصاص النوعي بيف المحاكـ العادية والمحاكـ اإلدارية في شأف‬
‫الطعوف الموجية ضد ق اررات المحافظ عمى األمالؾ العقارية بسبب الرفض الكمي أو‬
‫الجزني لمطمب التحفيظ‪.‬‬
‫وانتصا ار لمتوجو القانؿ بإختصاص المحاكـ اإلدارية لمنظر في ىذه الطعوف‬
‫أصدرت محكمة النقض عدة ق اررات نذكر منيا القرار المؤرخ في ‪1982/04/30‬‬
‫والذي جاء فيو "أف ق اررات المحافظ ق اررات إدارية قابمة لمطعف باإللغاء حسب المبدأ‬
‫العاـ وأف اإلستثناء الوارد في المادة ‪ 96‬مف ظيير التحفيظ العقاري يجب أف يفسر‬

‫‪-1‬الفصؿ ‪ 96‬في صيغتو القديمة‪.‬‬


‫‪-2‬ينص الفصؿ‪ 10‬مف القرار الوزاري في فقرتيو األولى والثانية عمى ما يمي‪" :‬وفي حالة ما إذا امتنع المحافظ مف‬
‫تقييد العقار كمو أو بعضو أو مف تقييد حؽ مف الحقوؽ العينية أو التشطيب عف ذلؾ الحؽ بالكنانيش والعقارية فإف‬
‫ق ارره يجب أف يدعـ باألسباب ويعمـ بو طالب التسجيؿ بدوف إمياؿ‪.‬‬
‫وىذا القرار ىو قابؿ إلى االستنناؼ العدلي المقرر بالفصؿ ‪ 96‬مف الظيير الشريؼ المؤرخ في ‪ 9‬رمضاف ‪1331‬‬
‫الموافؽ ؿ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬في طرؼ شير واحد مف يوـ اإلعالـ بصدوره ‪."...‬‬
‫‪30‬‬
‫تفسي ار ضيقا ينحصر فيما إذا كاف قرار المحافظ برفض التسجيؿ مبر ار بعدـ صحة‬
‫الطمب أو عدـ كفاية الرسوـ وأنو فيما عدا ىاتيف الحالتيف يتعيف الرجوع إلى األصؿ‬
‫العاـ الذي يجعؿ الق اررات اإلدارية أيا كاف مصدرىا مف إختصاص القضاء اإلداري‬
‫بإعتباره قضاء إلغاء"‪.1‬‬
‫وىو نفس التوجو الذي كرستو محكمة النقض حينما إعتبرت عدـ تسجيؿ جزء‬
‫مف العقار المطموب تحفيظو في إطار الفصؿ ‪ 31‬مف ظيير التحفيظ العقاري نظ ار لخموه‬
‫مف التعرضات ق ار ار إداريا يخضع إلختصاص المحاكـ اإلدارية‪.2‬‬
‫وقد تواترت مجموعة مف الق اررات القضانية الصادرة عف محكمة النقض والتي‬
‫تكرس نفس التوجو‪.3‬‬
‫بيد أف محكمة النقض لـ تكف مستقرة وثابتة عمى ىذا التوجو بؿ كانت تذىب‬
‫أحيانا إلى منح االختصاص لممحاكـ العادية لمبت في الطعوف الموجية لق اررات المحافظ‬
‫في شأف الرفض الجزني أو الكمي لمطمب التحفيظ وىكذا جاء في قرار لمحكمة النقض‬
‫مؤرخ في ‪ 2007/20/28‬وىي بصدد البت في الطعف المتعمؽ باالختصاص النوعي ما‬
‫يمي‪" :‬وحيث جاء في تعميالت الحكـ المستأنؼ أف قرار المحافظ عمى األمالؾ العقارية‬
‫المطعوف فيو ‪-‬وىو القرار الذي رفض المحافظ فيو تأسيس رسـ عقاري خاص ببقعة‬
‫أرضية‪ -‬يبقى مندرجا ضمف الحاالت المنصوص عمييا في الفصؿ ‪ 96‬مف ظيير‬
‫التحفيظ العقاري سواء تـ تكييؼ ىذا الطمب عمى أساس أنو طمب تحفيظ عقار أو‬
‫تسجيؿ حؽ عيني متعمؽ بعقار محفظ‪.‬‬

‫‪-1‬القرار عدد ‪ 159‬بتاريخ ‪ 1982/04/30‬في الممؼ المدني بيف الشركة المدنية العقارية بيركور وبيف المحافظ عمى‬
‫األمالؾ العقارية بسطات منشور بمجمة القانوف والسياسة واالقتصاد العدد ‪ 15‬ص ‪.106‬‬
‫‪-2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 1424‬مؤرخ في ‪ 1997/10/09‬في الممؼ اإلداري ‪ 97/01/5/1240‬أشار إليو‬
‫الدكتور محمد الييني في مقالو "تقييـ لنظاـ الطعف في ق اررات المحافظ العقاري بيف القضاء العادي والقضاء اإلداري‬
‫عمى ضوء مستجدات قانوف التحفيظ العقاري منشورات مجمة العموـ القانونية عدد خاص تكريما لمدكتور إدريس‬
‫مكتبة الرشاد بسطات ط ‪ 2015‬ص ‪ 24‬وما يمييا‪.‬‬ ‫الفاخوري‬
‫‪-3‬القرار عدد ‪ 244‬بتاريخ ‪ 1980/08/08‬بيف شركة طرانوتو وبيف المحافظ بالدار البيضاء أشار إليو في اليامش‬
‫‪ 5‬الدكتور أحمد أجعوف مستجدات الطعف باإللغاء في ق اررات المحافظ عمى إثر صدور القانوف ‪ 14.07‬المجمة‬
‫الحقوؽ اإلصدار الثامف الجزء الثاني مطبعة المعارؼ الجديدة الرباط ط ‪ 2016‬ص ‪.61‬‬
‫‪31‬‬
‫وحيث يكوف بذلؾ الحكـ المستأنؼ معمال تعميال كافيا وسميما وبالتالي تكوف‬
‫المحكمة اإلدارية غير مختصة بالبت في الطمب والحكـ لما قضى بذلؾ يكوف واجب‬
‫التأييد"‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬أسباب تضارب ىذه الق اررات‬

‫بإستقراننا لمق اررات سالفة الذكر يمكف أف نقوؿ إف أسباب تضاربيا مرده إلى‬
‫سببيف األوؿ يتعمؽ بالتفسير السيء لمنصوص المنظمة والثاني لعدـ تحديد مفيوـ‬
‫القرار اإلداري ومعايير تمييزه‪.‬‬
‫السبب األول‪ :‬سوء التفسير‬
‫بالرجوع إلى الفصؿ ‪ 96‬مف ظيير التحفيظ العقاري في صيغتو القديمة نجده‬
‫ينص عمى كوف الق اررات القاضية بالرفض تكوف قابمة لمطعف أماـ المحاكـ العادية لكف‬
‫بشرط أف يستند قرار الرفض إلى أحد المبرريف التالييف إما لعدـ صحة الطمب أو لعدـ‬
‫كفاية الرسوـ وما دوف ذلؾ فاإلختصاص ينعقد لممحاكـ اإلدارية‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى الفصؿ ‪ 10‬مف القرار الوزيري لػ ػ‪ 3‬يونيو ‪ 1915‬المتعمؽ بتفاصيؿ‬
‫تطبيؽ نظاـ التحفيظ العقاري نجده ينص عمى أف المحكمة االبتدانية تختص بنظر‬
‫الطعوف الموجية ضد ق اررات المحافظ عمى األمالؾ العقارية القاضية برفض مطمب‬
‫التحفيظ كال أو بعضا‪.‬‬
‫مف خالؿ مقارنتنا بيف الفصؿ ‪ 96‬في صيغتو القديمة والفصؿ ‪ 10‬مف القرار‬
‫الوزيري ل ػ‪ 3‬يونيو ‪ 1915‬نستنتج أف المشرع قد وسع مف إختصاصات المحكمة‬
‫االبتدانية بمقتضى الفصؿ األخير وضيقيا بمقتضى الفصؿ األوؿ وىذا ما أدى إلى‬
‫سوء تفسير ىذه النصوص والتساؤؿ عف األولى منيا بالتطبيؽ‪.‬‬

‫‪-1‬القرار عدد ‪ 214‬المؤرخ في ‪ 2007/02/28‬في الممؼ اإلداري عدد ‪ 2007/1/4/5‬بيف الراجي عبد الرحماف‬
‫وبيف السيد المحافظ عمى األمالؾ العقارية بسيدي قاسـ أشار إليو الدكتور محمد الييني في مقالو السابؽ ص ‪.29‬‬
‫‪32‬‬
‫فالذيف يأخذوف بالتفسير الواسع لمفصؿ ‪ 96‬المذكور إلى جانب الفصؿ ‪ 10‬مف‬
‫القرار الوزيري يسمموف بأف اإلختصاص يعود إلى المحاكـ العادية وذلؾ لكونيـ يروف‬
‫في الفصؿ ‪ 10‬جزءا ال يتج أز مف الفصؿ ‪ 96‬في صيغتو القديمة‪.‬‬
‫أما الذيف يأخذوف بالتفسير الضيؽ ودوف اإللتفات إلى الفصؿ ‪ 10‬فيسمموف‬
‫بأف اإلختصاص يعود إلى المحاكـ اإلدارية ويضيقوف مف إختصاص المحاكـ العادية في‬
‫حدود اإلستثنانييف المنصوص عمييما في الفصؿ ‪ 96‬وذلؾ ما لـ ينكروا حتى ىذيف‬
‫اإلستثنانييف‪.‬‬
‫إف ىذا التضارب الناتج عف سوء الفيـ والتفسير أدى إلى تيو المتقاضيف وعدـ‬
‫معرفتيـ المسبقة بالمحكمة المختصة نوعيا بالنظر في نزاعاتيـ الشيء الذي أدى إلى‬
‫زعزعة ثقة المتقاضيف في مؤسسة القضاء بخصوص ىذه النقطة وأدى إلى المساس‬
‫بمبدأ األمف القضاني والعقاري ببالدنا المعوؿ عميو لطمأنة المتعامميف بالعقار سواء‬
‫كانوا أجانب أو وطنييف‪.‬‬
‫لكؿ ىذه األسباب تدخؿ المشرع المغربي بمقتضى القانوف ‪ 14.07‬والذي عدؿ‬
‫وتمـ ظيير التحفيظ العقاري لػ‪ 13‬غشت ‪ .1912‬ومنح اإلختصاص لمنظر في الطعوف‬
‫الموجية ضد ق اررات المحافظ القاضية برفض مطمب التحفيظ في جميع الحاالت سواء‬
‫كاف الرفض كميا أو جزنيا لممحاكـ االبتدانية وذلؾ بصريح الفصؿ ‪ 37‬مكرر مف‬
‫ظ‪.‬ت‪.‬ع وبذلؾ يكوف المشرع قد حسـ الجدؿ والتضارب الذي كاف دان ار بشأف ىذه النقطة‪.‬‬
‫السبب الثاني‪:‬تعدد معايير تحديد ق اررات المحافظ‬
‫بالرجوع إلى القانوف المغربي ال نجد أي تعريؼ لمقرار اإلداري وال أي تحديد‬
‫لعناصره لكف في إطار حديثو عف الطعف المقبوؿ في الق اررات اإلدارية نجد أف الفصؿ‬
‫‪ 353‬مف قانوف المسطرة المدنية نص عمى ما يمي‪" :‬ثبت محكمة النقض ما لم يصدر‬
‫نص صريح بخبلف ذلك في ‪...‬‬
‫‪-2‬الطعون الرامية إلى إلغاء المقررات اإلدارية الصادرة عن السمطة اإلدارية‬
‫لمشطط في استعمال السمطة ‪."...‬‬

‫‪33‬‬
‫يبدو أف المشرع المغربي قد إعتمد مف خالؿ الصيغة أعاله عمى المعيار‬
‫عد القرار‬
‫العضوي أو الشكمي لتحديد طبيعة القرار فإف كاف صاد ار عف سمطة إدارية ً‬
‫إداريا وىذا ما كرسو المشرع المغربي بمقتضى المادتيف ‪ 8‬و‪ 23‬مف قانوف إحداث‬
‫المحاكـ اإلدارية‪.1‬‬
‫ويقصد بالمعيار الشكمي أو العضوي حتمية اإلعتماد والتركيز في تحديد طبيعة‬
‫النشاط اإلداري وطبيعة الدعوى والمنازعة اإلدارية عمى صفة الجية اإلدارية أو السمطة‬
‫اإلدارية صاحبة النشاط اإلداري والمصدرة لو دوف األخذ بعيف االعتبار جوىر وماديات‬
‫النشاط الذي سبب النزاع القضاني‪.2‬‬
‫واذا ما تـ تطبيؽ ىذا المعيار عمى ق اررات المحافظ سنجزـ بالتأكيد أف ىذه‬
‫الق اررات ىي ق اررات إدارية محضة بالنظر لصدورىا عف موظؼ إداري وبالتالي فالجية‬
‫المختصة بالطعف أماميا ىي المحكمة اإلدارية‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أف محكمة النقض قد كرست ىذا المعيار في العديد مف‬
‫ق ارراتيا‪.3‬‬
‫لكف إذا كاف ىذا اإلتجاه قد إعتبر ق اررات المحافظ ق اررات إدارية بالنظر إلى‬
‫مصدرىا فإنو قد ظؿ قاص ار –المعيار العضوي‪ -‬عف تكييؼ ىذه الق اررات بالنظر‬

‫‪-1‬تنص المادة ‪ 8‬مف القانوف ‪ 41.90‬عمى ما يمي‪" :‬تختص المحاكـ اإلدارية مع مراعاة أحكاـ المادتيف ‪ 9‬و‪ 11‬مف‬
‫ىذا القانوف بالبت ابتدانيا في طمبات إلغاء ق اررات السمطات اإلدارية بسبب تجاوز السمطة وفي النزاعات المتعمقة‬
‫بالعقود اإلدارية ودعاوى التعويض عف األضرار التي تسببيا أعماؿ ونشاطات أشخاص القانوف العاـ ‪"...‬‬
‫‪-‬تنص المادة ‪ 23‬مف نفس القانوف عمى ما يمي‪" :‬يجب أف تقدـ طمبات إلغاء الق اررات الصادرة عف السمطات اإلدارية‬
‫بسبب تجاوز السمطة داخؿ أجؿ ستيف يوما يبتدئ مف نشر أو تبميغ القرار المطموب إلغاؤه إلى المعني باألمر ‪."...‬‬
‫‪-2‬مريـ نازي حدود تأثر المشرع المغربي باالجتياد القضاني في المادة العقارية رسالة لنيؿ دبموـ الماستر في العقار‬
‫السنة الجامعية‬ ‫كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية مكناس‬ ‫جامعة موالي اسماعيؿ‬ ‫والتعمير‬
‫‪ 2015/2014‬ص ‪.79‬‬
‫‪-3‬لقد قضت الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض بتاريخ ‪ 2015/10/19‬بأنو "تقبؿ ق اررات المحافظ عمى األمالؾ العقارية‬
‫الطعف باإللغاء بوصفو سمطة إدارية ما لـ يرسـ المشرع لما طريؽ آخر لمطعف ‪ "...‬القرار عدد ‪ 739‬المؤرخ في‬
‫‪ 2005/10/19‬في الممؼ اإلداري عدد ‪ 2005/1/4/2372‬مجمة قضاء المجمس األعمى العدد ‪ 2009 70‬ص‬
‫‪.265‬‬
‫‪34‬‬
‫لمضمونيا المتعمؽ بحؽ الممكية األمر الذي أدى إلى البحث عف معيار آخر يراعي‬
‫خصوصية مادة التحفيظ العقاري ببالدنا‪.‬‬
‫وبذلؾ تـ الركوف إلى إعتماد المعيار الموضوعي الذي يعتمد عمى طبيعة العمؿ‬
‫وموضوعو بصرؼ النظر عف الجية التي أصدرتو أو اإلجراءات التي أتبعت في‬
‫إصداره وبصفة عامة ييتـ المعيار الشكمي أو العضوي بالجية التي أصدرت القرار فيما‬
‫ييتـ المعيار الموضوعي بمضموف القرار وموضوعو‪.1‬‬
‫إف إزدواجية المعايير التي يتـ اإلعتماد عمييا لتحديد طبيعة الق اررات التي يتخذىا‬
‫المحافظ عمى األمالؾ العقارية أدت إلى طرح إشكاؿ جوىري يتعمؽ بالطبيعة القانونية‬
‫لمق اررات التي يصدرىا ىذا األخير وىو بصدد ممارسة ميامو‪.‬‬
‫فيناؾ مف يرى أنو باإلعتماد عمى المعيار الموضوعي الذي كرسو دستور فاتح‬
‫يوليوز ‪ 2011‬يمكف القوؿ إف ق اررات المحافظ العقاري المرتبطة بالممكية العقارية بناء‬
‫عمى موضوعيا ليست ق اررات إدارية وبالتالي فالطعف فييا يجب أف يكوف أماـ المحاكـ‬
‫العادية وليس اإلدارية‪.2‬‬
‫القررات التي يتخذىا المحافظ ىي ق اررات‬
‫وبالمقابؿ فيناؾ مف يرى أف جميع ا‬
‫إدارية محضة وأف اإل ستثناءات التي يضعيا المشرع أحيانا بخصوص جية الطعف إنما‬
‫وجدت مراعاة لخصوصية بعض الق اررات التي تتناوؿ مواضيع ليا عالقة مباشرة بحؽ‬
‫الممكية العقارية‪.‬‬
‫وفي ىذا قررت الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض بتاريخ ‪ 2005/10/19‬ما يمي‪:‬‬
‫"تقبؿ ق اررات المحافظ الطعف باإللغاء بوصفو سمطة إدارية ما لـ يرسـ المشرع ليا طريقا‬
‫آخر لمطعف ‪ .3"...‬وىذا ما تـ تكريسو في ظيير التحفيظ العقاري بمقتضى التعديؿ الذي‬

‫‪-1‬محمد الييني تقييـ لنظاـ الطعف في ق اررات المحافظ العقاري بيف القضاء العادي والقضاء اإلداري عمى ضوء‬
‫مستجدات قانوف التحفيظ العقاري ـ س ص ‪.68‬‬
‫‪-2‬مريـ نازي ـ س ص ‪.82‬‬
‫‪-3‬القرار عدد ‪ 739‬المؤرخ في ‪ 2005/10/19‬الصادر عف الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض في الممؼ اإلداري عدد‬
‫‪ 2005/1/4/2372‬مجمة قضاء المجمس األعمى العدد ‪ 2009 70‬ص ‪.265‬‬
‫‪35‬‬
‫طالو بالقانوف ‪ 114.07‬حيث أصبح المبدأ العاـ ىو كوف ق اررات المحافظ تقبؿ الطعف‬
‫أماـ المحاكـ اإلدارية ما لـ تستثف بنص خاص فيكوف الطعف فييا أماـ المحاكـ العادية‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬تنازع االختصاص داخل المحكمة االبتدائية نفسيا‬


‫عادة ما يثار التنازع في اإلختصاص بيف محكمتيف مختمفتيف لكف قد يقع أحيانا‬
‫أف يقع ىذا األخير داخؿ نفس المحكمة سواء بيف قضاء اإلستعجاؿ وقضاء الموضوع أو‬
‫بيف مكونات وتشكيالت ىذا األخير‪.‬‬
‫أما عمى مستوى الموضوع فقد برز اإلختالؼ في إسناد اإلختصاص بنظر‬
‫الدعاوى العقارية داخؿ المحكمة االبتدانية بيف المحكمة ذات االختصاص العاـ‬
‫ومحكمة التحفيظ التي ينحصر دورىا في البت في التعرضات المحالة عمييا مف طرؼ‬
‫المحافظ عمى األمالؾ العقارية طبقا لمفقرة األخيرة مف الفصؿ ‪ 32‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع حيث‬
‫أثير تساؤؿ بشأف ىذه النقطة بخصوص حدود إختصاص كؿ منيما‪.‬‬
‫وأما عمى مستوى القضاء اإلستعجالي وتنازعو مع قضاء الموضوع فقد برز في‬
‫عدة مواضع وذلؾ بسبب خصوصية بعد القضايا التي تتميز بعنصر اإلستعجاؿ مع‬
‫حمميا لمصفة الموضوعية األمر الذي كاف يؤدي في غالب األحياف إلى صعوبة في‬
‫تحديد وتعريؼ شروط القضاء االستعجالي في بعض النزاعات العقارية مما كاف يؤدي‬
‫بالنتيجة إلى تنازع في االختصاص بيف قضاء الموضوع وقضاء االستعجاؿ‪.‬‬
‫ولمعالجة ىذا الموضوع سنقسـ ىذا المطمب إلى فقرتيف وذلؾ عمى الشكؿ التالي‪:‬‬

‫‪-1‬يرجى اإلطالع عمى الفصوؿ ‪ 37‬مكرر و‪ 96‬و‪ 103‬مف ظيير التحفيظ العقاري كما عدؿ وتمـ بالقانوف ‪.14.07‬‬
‫‪36‬‬
‫الفقرة األ ولى‪ :‬التنازع بين المحكمة ذات اإلختصاص العام ومحكمة التحفيظ‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تنازع اإلختصاص بين قضاء الموضوع وقضاء اإلستعجال‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التنازع بين المحكمة ذات االختصاص العام ومحكمة التحفيظ‬

‫تعتبر المحكمة اإلبتدانية صاحبة الوالية العامة لمبت في جميع النزاعات ما لـ‬
‫‪1‬‬
‫ومف ذلؾ قضايا العقار حيث تعتبر الجية الوحيدة المؤىمة‬ ‫يوجد نص خاص يمنع ذلؾ‬
‫لمبت في ىذه النزاعات‪.‬‬
‫وكما ىو معموـ فإف العقار يمكف أف يكوف محفظا أو غير محفظ أو في طور‬
‫التحفيظ ولكؿ واحد خصوصياتو وأحكامو ومف ذلؾ تحديد اليينة القضانية المختصة‬
‫بنظر النزاع داخؿ نفس المحكمة فقضايا التحفيظ العقاري تستأثر بنظرىا محكمة التحفيظ‬
‫وما دوف ذلؾ فيعود إختصاص النظر فييا لممحكمة العادية وينحصر دور محكمة‬
‫التحفيظ في البت في التعرضات –المحاؿ عمييا مف طرؼ المحافظ عمى األمالؾ‬
‫العقارية‪ -‬مف حيث وجود الحؽ المدعى بو مف قبؿ المتعرض وطبيعتو ومشتمالتو‬
‫ونطاقو‪.2‬‬
‫ورغـ وضوح حدود إختصاص كؿ جية قضانية فإنو قد ظيرت عدة نقط‬
‫خالفية األولى تتعمؽ بمدى إمكانية المطالبة بحؽ عيني مرتبط بعقار في طور التحفيظ‬

‫‪-1‬ينص الفصؿ ‪ 18‬مف قانوف المسطرة المدنية الصادر بتاريخ ‪ 28‬شتنبر ‪ 1974‬والمعدؿ سنة ‪ 2011‬في فقرتو‬
‫االولى عمى ما يمي‪" :‬تختص المحاكـ االبتدانية ‪-‬مع مراعاة االختصاصات الخاصة المخولة إلى أقساـ قضاء القرب‪-‬‬
‫بالنظر في جميع القضايا المدنية وقضايا األسرة والتجارية واإلدارية واالجتماعية ابتدانيا وانتيانيا أو ابتدانيا مع حفظ‬
‫حؽ االستنناؼ"‪.‬‬
‫‪-‬ولكف وجب استحضار أف المحكمة االبتدانية لـ تعد مختصة بكؿ النزاعات بعد إحداث المحاكـ اإلدارية والتجارية‪.‬‬
‫‪-2‬كما تنص عمى ذلؾ الفقرتيف الثانية والثالثة مف الفصؿ ‪ 37‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع كما عدؿ وتمـ بالقانوف ‪ 14.07‬والتي‬
‫جاء فييما "‪ ...‬تبث المحكمة في وجو الحؽ المدعى بو مف قبؿ المتعرضيف وطبيعتو ومشتمالتو ونطاقو وتحيؿ‬
‫األطراؼ لمعمؿ بقرارىا بعد اكتساب الحكـ قوة الشيء المقضي بو عمى المحافظ عمى األمالؾ العقارية الذي لو وحدة‬
‫النظر في قبوؿ أو رفض مطمب التحفيظ كال أو بعضا مع االحتفاظ بحؽ الطعف المنصوص عميو في الفصؿ ‪37‬‬
‫مكرر‪.‬‬
‫تبيف المحكمة في حكميا حدود ومساحة األجزاء المحكوـ بيا لفاندة المتعرضيف وفي حالة الشياع نصيب كؿ واحد‬
‫منيـ ‪."...‬‬
‫‪37‬‬
‫‪1‬‬
‫خارج إطار مسطرة التحفيظ والثانية تتعمؽ بالوقت الذي تصبح فيو محكمة التحفيظ‬
‫مختصة حصريا بالنظر في النزاع‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مدى إمكانية المطالبة بحق عيني مرتبط بعقار في طور التحفيظ أمام المحكمة‬
‫العادية‬

‫بإستقراء مجموعة مف الق اررات القضانية الصادرة عف محكمة النقض يتبيف أف‬
‫ىناؾ توجييف رنيسييف األوؿ يؤكد عمى ضرورة أف تكوف جميع الدعاوى المتعمقة بعقار‬
‫في طور التحفيظ عمى شكؿ تعرض طبقا لمفصميف ‪ 24‬و‪ 32‬مف ظيير التحفيظ العقاري‬
‫كما عدؿ وتمـ بالقانوف ‪ 14.07‬وبالتالي فاالختصاص ال ينعقد إال لمحكمة التحفيظ‬
‫حصريا‪.‬‬
‫وانتصا ار ليذا التوجو أصدرت محكمة النقض ق ار ار مؤرخا في ‪ 01‬نونبر ‪2011‬‬
‫جاء فيو "‪ ...‬تبيف صحة ما عاب بو الطالب القرار المذكور ذلؾ أف الثابت مف وثانؽ‬
‫الممؼ أف طمب الشفعة في النازلة يتعمؽ بعقار في طور التحفيظ وبالتالي فإنو يتعيف تقديـ‬
‫ىذا الطمب في شكؿ تعرض عمى مطمب تحفيظو عمال بمقتضيات الفصؿ ‪ 24‬مف ظيير‬
‫التحفيظ العقاري المؤرخ في ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬وىو ما لـ تسمكو المطموبة فيو والحالة ىذه‬
‫عندما ذىبت خالؼ ذلؾ بعمة أف مجرد وضع مطمب التحفيظ أماـ المحافظة العقارية ال‬
‫ينيي اختصاص القاضي المدني لمبت في الدعاوي المتعمقة بالعقار وأف الذي ينيي ىذا‬
‫االختصاص ىو إحالة الممؼ مف طرؼ المحافظ عمى كتابة ضبط المحكمة االبتدانية‬
‫عمى إثر تقديـ أحد التعرضات ضد المطمب المذكور وأنو ال وجود بالممؼ لما يقيد اتماـ‬

‫‪-1‬ال يقصد في ىذا اإلطار المحكمة بمفيوميا العاـ وانما المحكمة بمفيوميا الخاص أي تشكيمة قضانية معينة لمبت‬
‫في قضايا بعينيا داخؿ المحكمة بالمفيوـ العاـ وبعبارة أخرى فإف محكمة التحفيظ يقصد بيا في ىذا اإلطار قضاء‬
‫التحفيظ داخؿ المحكمة االبتدانية وىذا ما درج قضاء محكمة النقض عمى استعمالو في الق اررات الصادرة عنو واف لـ‬
‫يرد في ظيير التحفيظ العقاري وال في قانوف المسطرة المدنية‪.‬‬
‫‪-‬عبد المطيؼ الفتيحي القضايا الخالفية في المنازعات العقارية عمى ضوء ق اررات محكمة النقض‪-‬دراسة في اجتياد‬
‫محكمة النقض في العقار في طور التحفيظ والعقار المحفظ‪ -‬أطروحة لنيؿ الدكتوراه في القانوف الخاص جامعة‬
‫القاضي عياض كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش السنة الجامعية ‪ 2015/2014‬ص ‪.21‬‬
‫‪38‬‬
‫ىذا اإلجراء تكوف قد بنت قرارىا عمى أساس غير سميـ وعرضتو بالتالي لمنقض‬
‫واإلبطاؿ"‪ .1‬وىناؾ العديد مف الق اررات التي كرست نفس القاعدة مشكمة شبو إستقرار‬
‫قضاني‪ 2‬قبؿ صدور مدونة الحقوؽ العينية‪.‬‬
‫أما االتجاه الثاني فيؤكد إمكانية المطالبة بحؽ عيني أماـ المحكمة العادية حتى‬
‫ولو كاف الحؽ متعمقا بعقار في طور التحفيظ حيث جاء في قرار لمحكمة النقض مؤرخ‬
‫في ‪ 1990/09/25‬ما ي مي‪" :‬يتعرض لمنقض القرار القاضي بعدـ قبوؿ الدعوى بعمة أف‬
‫العقار موضوع طمب القسمة ىو عقار في طور التحفيظ وأف قضاء التحفيظ ىو وحده‬
‫المختص بالبت في النزاعات الجارية في العقار موضوع مسطرة التحفيظ ‪.3"...‬‬
‫وفي قرار آخر مؤرخ في ‪ 11‬دجنبر ‪ 2012‬ذىبت محكمة النقض إلى ما يمي‪:‬‬
‫"لكف حيث إنو يتجمى مف الفصميف ‪ 24‬و‪ 84‬مف ظيير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬المتمسؾ بيما‬
‫مف طرؼ الطالب في الوسيمة ما يمزـ طالب الشفعة في عقار في طور التحفيظ بتقديـ‬
‫طمبو ىذا في شكؿ تعرض طالما أف الفصميف معا ينصاف عمى كممة "اإلمكاف" وليس‬
‫اإللزاـ" إذ جاء في الفصؿ ‪ 24‬أعاله ما يمي‪" :‬يمكف لكؿ شخص أف يتدخؿ عف طريؽ‬
‫التعرض في أعماؿ التحفيظ ‪ ."...‬وجاء في الفصؿ ‪ 84‬المذكور أعاله ما يمي‪" :‬إذا نشأ‬
‫عمى عقار في طور التحفيظ حؽ خاضع لالشيار أمكف لصاحبو ‪ ."...‬والمحكمة‬
‫المصدرة لمقرار المطعوف فيو والحالة ىذه لما تبنت عمؿ الحكـ االبتداني وأضافت إلييا‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 4710‬المؤرخ في ‪ 01‬نونبر ‪ 2011‬في الممؼ ‪ 2010/4/1/544‬غير منشور‪.‬‬
‫‪-2‬قرار محكمة النقض رقـ ‪ 141‬الصادر بتاريخ ‪ 2007/01/10‬في الممؼ المدني عدد ‪ 2005/1/1/3607‬سمسمة‬
‫ندوات محكمة االستنناؼ بالرباط عدد ‪ 3‬سنة ‪ 2011‬ص ‪ 84‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪-‬قرار محكمة النقض رقـ ‪ 164‬مؤرخ في ‪ 2001/01/10‬في الممؼ عدد ‪ 1999/2/1/1671‬عبد العزيز توفيؽ‬
‫"كناش قضاء المجمس األعمى في التحفيظ العقاري" العدد ‪ 14‬مف ‪ 1991‬إلى سنة ‪ 2002‬ص ‪ 104‬أشار إليو عبد‬
‫المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪.23‬‬
‫‪-3‬قرار محكمة النقض رقـ ‪ 1110‬المؤرخ في ‪ 1990/09/25‬في الممؼ العقاري عدد ‪ 88/5254‬منشور بمجمة‬
‫اإلشعاع عدد ‪ 6‬ص ‪ 69‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫التعميؿ المذكور في الوسيمة أعاله تكوف قد بنت قرارىا عمى أساس ويكوف معو ما‬
‫بالوسيمة والحاؿ ما ذكر غير جدير باالعتبار"‪.1‬‬
‫نظر لكوف‬
‫ا‬ ‫ويرى بعض الباحثيف أف االتجاه الحري بالتأييد ىو االتجاه األوؿ‬
‫قضايا التحفيظ العقاري تتميز بمسطرة خاصة ومف ثـ فإنيا تقدـ عمى المساطر العامة‬
‫وبالتالي فإنو كمما تعمؽ األمر بعقار في طور التحفيظ وجب تقديـ كؿ الدعاوى المرتبطة‬
‫بو في شكؿ تعرض تختص بالبت فيو محكمة التحفيظ بعد إحالة الممؼ عمييا مف قبؿ‬
‫المحافظ عمى األمالؾ العقارية ومف جية أخرى فإف إعتماد ىذا اإلتجاه فيو حماية‬
‫لممدعي بالحؽ العيني عمى العقار في طور التحفيظ إد إف مف شأف رفع دعوى أماـ‬
‫المحكمة العادية بعيدا عف مسطرة التحفيظ أف يؤدي لضياع ذلؾ الحؽ ألنو قد يتأسس‬
‫الرسـ العقاري ويواجو صاحب الحؽ بقاعدة التطيير رغـ صدور حكـ لصالحو‪.2‬‬
‫وانتصا ار ليذا الرأي وحسما لمخالؼ الذي كاف دان ار بخصوص ىذه النقطة في ما‬
‫يتعمؽ بطمب الشفعة تدخؿ المقنف المغربي بمقتضى المادة ‪ 3305‬مف القانوف ‪39.08‬‬
‫المتعمؽ بمدونة الحقوؽ العينية وصرح بأنو ال يعتد بطمب الشفعة إال إذا ضمف الشفيع‬
‫تعرضو بمطمب التحفيظ المتعمقة بو‪.‬‬
‫وبذلؾ يكوف المشرع المغربي قد وحد اآلراء وحسـ الجدؿ الذي كاف قانما‬
‫بخصوص ىذه النقطة حيث إف الوضع القديـ كاف محؿ نظر ألف المتقاضيف كانوا في‬
‫حيرة مف أمرىـ ولـ يكف بإستطاعتيـ توقع ق اررات القضاء والسيما ق اررات محكمة‬
‫النقض حيث كانت تارة تؤيد ىذا اإلتجاه وتارة تؤيد داؾ اإلتجاه مما أسيـ في إثارة القمؽ‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 5464‬مؤرخ في ‪ 11‬دجنبر ‪ 2011‬في الممؼ عدد ‪(2011/1/4/245‬أشار إليو األستاذ‬
‫محمد نبيؿ حرزاف ممارسة حؽ الشفعة بخصوص عقار في طور التحفيظ مناقشة وتحميؿ في ضوء ق اررييف لمحكمة‬
‫النقض والقانوف ‪ 39.08‬مجمة الحقوؽ سمسمة األنظمة والمنازعات العقارية اإلصدار الثامف الجزء الثاني نشر‬
‫وتوزيع دار المغربية لمنشر والتوزيع بالدار البيضاء مطبعة المعارؼ الجديدة الرباط طبعة ‪ 2016‬ص ‪.166‬‬
‫‪-2‬عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪.25‬‬
‫‪-3‬نصت المادة ‪ 305‬مف القانوف رقـ ‪ 39.08‬المتعمؽ بمدونة الحقوؽ العينية الصادر بتنفيذ الظيير الشريؼ رقـ‬
‫‪ 1.11.178‬صادر في ‪ 25‬مف ذي الحجة ‪ 22(1432‬نوفمبر ‪ )2011‬عمى ما يمي‪" :‬إذا كاف العقار في طور‬
‫التحفيظ فال يعتد بطمب الشفعة إال إذا ضمف الشفيع تعرضو بمطمب التحفيظ المتعمؽ بو"‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫العقاري لممتعامميف بو وبالتالي زعزعة ثقة المتقاضيف في مؤسسة القضاء مما إنعكس‬
‫سمبا عمى مبدأ األمف القضاني والعقاري ببالدنا‪.‬‬
‫واذا كاف ليذا التوجو مف اإليجابيات التي تجعمنا نؤيده ونحاوؿ اإلنتصار لو في‬
‫الكثير مف المواضع فإننا البد مف أف نسجؿ بعض المالحظات التي تثار بخصوص ىذه‬
‫النقطة‪ .‬ومف ذلؾ أف المشرع بمقتضى المادة ‪ 305‬مف مدونة الحقوؽ العينية لـ يأخذ‬
‫بعيف اإلعتبار اإلختالؼ الحاصؿ بيف أجؿ التعرض وأجؿ ممارسة حؽ الشفعة بالنسبة‬
‫لعقار في طور التحفيظ ألف ىذه الوضعية تطرح إشكاال أماـ الشفيع بخصوص األجؿ‬
‫الذي عميو أف يتقيد بو ىؿ ىو أجؿ التعرض أـ أجؿ ممارسة حؽ الشفعة؟‬
‫واإلشكاؿ الثاني يتمحور حوؿ الطبيعة القانونية لمشفعة ىؿ تعتبر الشفعة حقا‬
‫أـ أنيا رخصة قانونية وشرعية؟ إف التسميـ بالرأي األوؿ يؤدي إلى القوؿ بضرورة الركوف‬
‫إلى مقتضيات المادة ‪ 305‬مف ـ‪.‬ح‪.‬ع والتي تحيؿ ضمنيا عمى الفصؿ ‪ 24‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع‬
‫كما عدؿ وتمـ بالقانوف ‪ 14.07‬وبالتالي فال يمكف تصور طمب شفعة عقار في طور‬
‫التحفيظ إال في صورة تعرض‪ .‬وأما التسميـ بالرأي الثاني القاضي بإعتبار طمب الشفعة‬
‫رخصة قانونية وشرعية فيؤدي إلى إنكار ما جاء بو الفصؿ ‪ 305‬وبالتالي إمكانية‬
‫تصور طمب شفعة عقار في طور التحفيظ خارج إطار الفصؿ ‪ 305‬مف ـ‪.‬ح‪.‬ع وذلؾ‬
‫أماـ المحاكـ العادية والرأي عندي أف ىذا التوجو األخير ىو الحري بالتأييد وذلؾ لكؿ‬
‫العمؿ السابؽ ذكرىا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ما ىو الوقت التي تصبح فيو محكمة التحفيظ مختصة نوعيا‬

‫بخصوص ىذه النقطة إنقسـ الفقو والقضاء إلى إتجاىيف رنيسييف اإلتجاه األوؿ‬
‫يذىب إلى أف المحكمة العادية تبقى مختصة بالنظر في النزاعات المتعمقة بالعقار في‬
‫طور التحفيظ ماداـ ممؼ المطمب في مرحمتو اإلدارية ولـ يحؿ بعد عمى محكمة‬
‫التحفيظ مف لدف المحافظ عمى األمالؾ العقارية‪ .‬مما يؤدي إلى بقاء االختصاص النوعي‬
‫لمبت في النزاعات المرتبطة بعقار في طور التحفيظ لممحكمة العادية وبالتالي‬

‫‪41‬‬
‫فإختصاص محكمة التحفيظ ال يثبت إال عندما يحاؿ ممؼ مطمب التحفيظ عمى‬
‫المحكمة‪.1‬‬
‫أما اإلتجاه الثاني فإنو يرى أف مجرد تقديـ مطمب التحفيظ أماـ المحافظة عمى‬
‫األمالؾ العقارية ينزع اإلختصاص عف المحكمة العادية ويثبتو لمحكمة التحفيظ حص ار‬
‫لمنظر في كؿ النزاعات المرتبطة بالعقار موضوع المطمب المقدـ ‪.‬‬
‫وتدعيما لإلتجاه األوؿ أصدرت محكمة النقض عدة ق اررات نذكر منيا‪ :‬القرار‬
‫عدد ‪ 1110‬المؤرخ في ‪ 1990/09/25‬الذي جاء فيو "إنو حقا وكما جاء في الوسيمة‬
‫المثارة بيذا الصدد فإنو ولنف كاف العقار المدعى فيو مازاؿ في طور التحفيظ وأف المطمب‬
‫المتعمؽ بو والمسجؿ تحت عدد ‪ 39684‬بو عدة تعرضات إال أنو ماداـ ممؼ المطمب‬
‫والتعرضات لـ يحؿ بعد عمى محكمة التحفيظ مف طرؼ المحافظ عمى األمالؾ العقارية‬
‫فإف لممستأنؼ الحؽ في رفع دعوى االستحقاؽ أو بطالف عقد البيع الثاني وأف المحكمة‬
‫ممزمة بالبت في الطمب باعتبار العقار المدعى فيو غير محفظ"‪.2‬‬
‫وجاء في قرار آخر لمحكمة النقض مؤرخ في ‪ 2011/06/21‬ما يمي‪ ..." :‬ليس‬
‫بالقانوف ما يمنع طالب التحفيظ مف إقامة دعوى لحماية العقار موضوع مطمب التحفيظ‬
‫وال المطالبة باستحقاقو ماداـ المحافظ لـ يحؿ ممؼ المطمب عمى المحكمة والمحكمة‬
‫مصدرة القرار لما عممت قرارىا بعدـ قبوؿ الطمب" بأنو مف الثابت مف شيادة المحافظ أف‬
‫المنزؿ موضوع النزاع معروض في إطار مسطرة التحفيظ مطمب عدد ‪ ...‬مف طرؼ‬
‫المستأنؼ عمييا وأف التحفيظ مف شأنو تطيير الممؾ مع ما سيترتب عمى ضوء نتيجة‬
‫البت في المطمب فإف طمب المدعية الحالي سابؽ ألوانو "تكوف جعمت قرارىا فاسد‬
‫التعميؿ الموازي النعدامو وعرضتو لمنقض ‪.3"...‬‬

‫‪-1‬عبد المطيؼ فتيحي ـ س ص ‪.26‬‬


‫‪-2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 1110‬مؤرخ في ‪ 1990/09/25‬في الممؼ المدني عدد ‪ 88/5254‬غير منشور‪.‬‬
‫‪-3‬قرار محكمة النقض رقـ ‪ 2946‬مؤرخ في ‪ 2011/06/21‬في الممؼ عدد ‪ 2010/1/3801‬منشور بمجمة ممفات‬
‫عقارية العدد ‪ 1‬السنة ‪ 2012‬مطبعة األمنية الرباط ص ‪ 68‬وما بعدىا‪.‬‬
‫‪-‬وىناؾ ق اررات أخرى ذىبت في نفس االتجاه أشار إلييا الباحث عبد المطيؼ الفتيحي في مرجعة السابؽ ص ‪27‬‬
‫ومنيا‪:‬‬
‫‪42‬‬
‫وتأكيدا لإلتجاه الثاني وانتصا ار لو أصدرت محكمة النقض عدة ق اررات نذكر‬
‫منيا‪:‬‬
‫القرار عدد ‪ 4710‬المؤرخ في ‪ 1‬نوفمبر ‪ 2011‬والذي جاء فيو "‪ ...‬وىو ما لـ‬
‫تسمكو المطموبة فيو والحالة ىذه عندما ذىبت خالؼ ذلؾ بعمة أف مجرد وضع مطالب‬
‫التحفيظ أماـ المحافظة ال ينيي إختصاص القاضي المدني لمبت في الدعاوى المتعمقة‬
‫بالعقار وأف الذي ينيي ىذا اإل ختصاص ىو إحالة الممؼ مف طرؼ المحافظ عمى كتابة‬
‫ضبط المحكمة االبتدانية عمى إثر تقديـ أحد التعرضات ضد المطمب المذكور وأنو ال‬
‫وجود بالممؼ لما يفيد تماـ ىذا اإلجراء تكوف قد بنت قرارىا عمى أساس غير سميـ‬
‫وعرضتو بالتالي لمنقض واإلبطاؿ"‪.1‬‬
‫واذا كاف البد لنا مف إبداء الرأي في ىذا الموضوع فإننا نذىب في اإلتجاه الذي‬
‫يمنح اإل ختصاص لممحكمة العادية لمنظر في النزاعات التي تتعمؽ بعقار في طور‬
‫التحفيظ ماداـ أف المحافظ عمى األمالؾ العقارية لـ يحؿ ممؼ مطمب التحفيظ عمى‬
‫المحكمة االبتدانية(محكمة التحفيظ) وذلؾ ألف الغرض واحد أال وىو الحصوؿ عمى‬
‫حكـ قضاني ينيي النزاع رغـ أف لكؿ طريؽ خصوصياتو خصوصا فيما تعمؽ بنطاؽ‬
‫النزاع وعمى مف يقع عبء اإلثبات ففي قضايا التحفيظ العقاري التي تحاؿ عمى محكمة‬
‫التحفيظ نجد أف الذي يييء النزاع موضوعا ونطاقا ىو المحافظ عمى األمالؾ العقارية‬
‫وكذلؾ فعبء اإلثبات يقع دانما وأبدا عمى عاتؽ المتعرض حتما ولو كاف حان از لمعقار‬
‫موضوع النزاع‪ .2‬وذلؾ عمى عكس ما إذا تـ رفع النزاع أماـ المحكمة العادية حيث يستأثر‬

‫*القرار رقـ ‪ 638‬الصادر بتاريخ ‪ 2011/02/08‬في الممؽ عدد ‪2009/4/4023‬‬


‫*القرار رقـ ‪ 341‬الصادر بتاريخ ‪ 1985/03/12‬في الممؼ عدد ‪ 94/534‬منشور بمجمة قضاء المجمس األعمى‬
‫العدد ‪ 39‬اإلصدار الرقمي ص ‪.95‬‬
‫‪-1‬القرار رقـ ‪ 4710‬المؤرخ في ‪ 1‬نوفمبر ‪ 2011‬في الممؼ عدد ‪ 2010/4/1/544‬غير منشور‪.‬‬
‫وىو ما ذىبت إليو محكمة النقض في قرارىا رقـ ‪ 662‬مؤرخ في ‪ 27‬شتنبر ‪ 1973‬مجمة المحاماة العدد ‪ 12‬يوليوز‪-‬‬
‫غشت ‪( 1974‬أشار إليو الطالب الحسف الحيمر اإلشكاالت القانونية لقواعد المسطرة في مادة التحفيظ جامعة القاضي‬
‫عياض كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش السنة الجامعية ‪ 2002/2001‬ص ‪.88‬‬
‫‪-2‬الدكتور محمد خيري مستجدات قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي نشر دار نشر المعرفة مطبعة‬
‫المعارؼ الجديدة(‪ )CTP‬الرباط طبعة ‪ 2013‬ص ‪ 254‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫األطراؼ بتحديد موضوع النزاع ونطاقو ويقع عبء اإلثبات دانما عمى المدعي طبقا لما‬
‫ينص عميو الفصؿ ‪ 399‬مف ظيير االلتزامات والعقود‪.1‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تنازع االختصاص بين قضاء الموضوع وقضاء االستعجال‬

‫ويمكف تعريؼ قضاء األمور المستعجمة بأنو "قضاء يقصد بو الفصؿ في‬
‫المنازعات التي يخشى عمييا مف فوات الوقت فصال مؤقتا ال يمس أصؿ الحؽ وانما‬
‫يقتصر عمى الحكـ بإتخاذ إجراء وقتي ممزـ لمطرفيف بقصد المحافظة عمى األوضاع‬
‫القانمة أو إحتراـ الحقوؽ الظاىرة أو صيانة مصالح الطرفيف"‪.2‬‬
‫وعرفو األستاذ عبد المطيؼ ىداية اهلل بأنو "فرع متميز ومستقؿ عف العمؿ‬
‫القضاني العادي وعف التنفيذ القضاني وىو ذو مسطرة مختصرة واستثنانية وسريعة‬
‫ومصاريؼ قميمة يسمح لمدع برفع دعوى إستعجالية أماـ قاض يعرؼ بقاضي األمور‬
‫المستعجمة يختص بالبت بصورة مؤقتة ودوف المساس بالموضوع في كؿ نزاع يكتسي‬
‫صبغة اإلستعجاؿ"‪.3‬‬
‫وقد عرفو منشور و ازرة العدؿ الصادر سنة ‪ 1959‬بكونو "مسطرة مختصرة تمكف‬
‫األطراؼ في حالة اإلستعجاؿ مف الحصوؿ عمى قرار قضاني في الحيف معجؿ التنفيذ‬
‫في نوع مف القضايا ال يسمح بتأخير البت فييا مف دوف أف تسبب ضر ار محققا"‪.4‬‬

‫‪-1‬إدريس العموي العبدوالي وسانؿ اإلثبات في التشريع المدني المغربي مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ط‬
‫‪ 1981‬ص ‪ 43‬و‪.44‬‬
‫دار الفكر العربي‬ ‫نظرية االختصاص في قانوف المرافعات الجديد وتعديالتو‬ ‫‪-2‬عبد الباسط جميعي‬
‫القاىرة(ت‪.‬ط‪.‬غ‪.‬ـ) ص ‪(123‬أشار إليو األستاذ عبد الكريـ الطالب في مؤلفو الشرح العممي لقانوف المسطرة المدنية‬
‫نشر وتوزيع مطبوعات المعرفة مراكش مطبعة والوراقة الوطنية مراكش ط ‪ 2013‬ص ‪.94‬‬
‫‪-3‬عبد المطيؼ ىداية اهلل القضاء المستعجؿ في القانوف المغربي مطبعة النجاح الجديدة الطبعة األولى ‪1998‬‬
‫ص ‪.12‬‬
‫‪-4‬تجدر اإلشارة أف المشرع المغربي لـ يأخذ بيذا النظاـ إال في مسطرة المدنية لسنة ‪ 1913‬بخصوص المحاكـ‬
‫العصرية ولـ يعمـ تطبيقو في محاكـ المممكة إال بعد صدور ظيير التوحيد والمغربة والتعريب ابتداء مف فاتح يناير‬
‫‪ 1965‬كما كرسو المشرع المغربي في قانوف المسطرة المدنية الجديد الذي خصو بالبابيف األوؿ والثاني مف القسـ الرابع‬
‫حيث نظمو في الفصوؿ مف ‪ 149‬إلى ‪(154‬سعاد سامح القضاء االستعجالي والتشطيب عمى الحقوؽ العينية المقيدة‬
‫‪44‬‬
‫مف خالؿ إستقراء ىذه التعاريؼ يتضح أنو إلنعقاد اإلختصاص لقضاء األمور‬
‫‪1‬‬
‫المستعجمة البد مف توفر شرطيف موضوعييف أساسييف ىما‪ :‬توفر عنصر اإلستعجاؿ‬
‫وعدـ المساس بالجوىر‪.2‬‬
‫ورغـ اإلتفاؽ الحاصؿ حوؿ ضرورة توفر ىذيف الشرطيف إال أف خالفا قد وقع‬
‫حوؿ نطاؽ وحدود ىذه الشروط األمر الذي أدى إلى إثارة إشكالية اإلختصاص النوعي‬
‫بيف قضاء اإلستعجاؿ وقضاء الموضوع في العديد مف القضايا ومف ذلؾ اإلختصاص‬
‫النوعي بنظر دعوى طرد محتؿ عقار محفظ بيده سند إتفاقي غير مقيد بالرسـ العقاري‪.‬‬
‫ىؿ يثبت االختصاص لقضاء الموضوع أـ لقضاء االستعجاؿ؟‬
‫تجدر اإلشارة إلى أف محكمة النقض وفي سبيؿ اإلجابة عف ىذا التساؤؿ قد‬
‫إنقسـ رأييا إلى إتجاىيف‪:‬‬
‫اإلتجاه األوؿ يرى أف اإلختصاص بنظر ىذه الدعوى يستأثر بو قاضي‬
‫المستعجالت وذلؾ تطبيقا لمفصوؿ ‪ 65‬و‪ 366‬و‪ 467‬مف ظيير التحفيظ العقاري كما‬

‫في السجالت العقارية الندوة الوطنية في موضوع األمف العقاري دفاتر محكمة النقض العدد ‪ 26‬منشورات مركز‬
‫النشر والتوثيؽ القضاني بمحكمة النقض مطبعة األمنية الرباط ص ‪.219‬‬
‫‪-1‬وفي ذلؾ جاء في الفصؿ ‪ 149‬مف قانوف المسطرة المدنية ما يمي‪" :‬يختص رنيس المحكمة االبتدانية وحده بالبت‬
‫بصفتو قاضيا لممستعجالت كمما توفر عنصر االستعجاؿ في الصعوبات المتعمقة بتنفيذ حكـ أو سند قابؿ لمتنفيذ أو‬
‫األمر بالحراسة القضانية أو إجراء تحفظي سواء كاف النزاع في الجوىر قد أحيؿ عمى المحكمة أـ ال باإلضافة إلى‬
‫الحاالت المشار إلييا في الفصؿ السابؽ والتي يمكف لرنيس المحكمة االبتدانية أف يبت فييا بصفتو قاضيا‬
‫لممستعجالت ‪."...‬‬
‫‪-2‬وينص الفصؿ ‪ 152‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ عمى أنو "ال تبت األوامر االستعجالية إال في اإلجراءات الوقتية وال تمس يمكف أف‬
‫يقضى بو في الجوىر"‪.‬‬
‫‪-3‬ينص الفصؿ ‪ 66‬عمى ما يمي‪" :‬كؿ حؽ عيني متعمؽ بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة لمغير إلى بتقييده‬
‫وابتداء مف يوـ التقييد في الرسـ العقاري مف طرؼ المحافظ عمى األمالؾ العقارية‪.‬‬
‫ال يمكف في أي حاؿ التمسؾ بإبطاؿ ىذا التقييد في مواجية الغير دي النية الحسنة"‪.‬‬
‫‪-4‬ينص الفصؿ ‪ 67‬عمى ما يمي‪" :‬إف األفعاؿ اإلرادية واالتفاقات التعاقدية الرامية إلى تأسيس حؽ عيني أو نقمو إلى‬
‫الغير أو إال قرار بو أو تغييره أو إسقاط و ال تنتج أي أثر ولو بيف األطراؼ مف تاريخ التقييد بالرسـ العقاري دوف‬
‫اإلضرار بما لألطراؼ مف حقوؽ في مواجية بعضيـ البعض وكذا بإمكانية إقامة دعاوى فيما بينيـ بسبب عدـ تنفيذ‬
‫اتفاقاتيـ"‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫عدؿ وتمـ بالقانوف ‪ 14.07‬الذي يقضي بأف األفعاؿ اإلرادية الرامية إلى تأسيس حؽ‬
‫عيني أو نقمو إلى الغير أو االعتراؼ بو أو تغييره أو إسقاطو ال تنتج أي أثر ولو بيف‬
‫األطراؼ إال مف تاريخ التقييد بالرسـ العقاري‪.1‬‬
‫وفي ذلؾ نص قرار لمحكمة النقض مؤرخ في ‪ 1974 /10/04‬عمى ما يمي‪:‬‬
‫"قاضي األمور المستعجمة مختص بطرد مف يحتؿ عقا ار محفظا دوف أف يكوف مسجال في‬
‫رسمو العقاري كمالؾ ولو استظير بعقد شراء أو بأية وثيقة أخرى ترمي إلى تممكو ماداـ‬
‫ىذا ا لعقد لـ يسجؿ بعد في الرسـ العقاري واالستظيار بيذه الوثيقة ال يشكؿ في الحالة‬
‫ىذه دفوعا جدية تجعؿ قاضي المستعجالت غير مختص لمبت في طمب اإلفراغ بدوف‬
‫سند"‪ .2‬وىناؾ مجموعة مف الق اررات التي كرست نفس التوجو منيا الحديث ومنيا القديـ‪.3‬‬
‫أما االتجاه الثاني فينكر عمى القضاء اإلستعجالي إختصاصو بنظر دعوى طرد‬
‫محتؿ عقار محفظ في يده سند إتفاقي غير مقيد بالرسـ العقاري ويرى أف اإلختصاص‬
‫ثابت لقضاء الموضوع ومحكمة النقض بصدد تعميميا وتبريرىا لموقفيا ىذا تعتمد في‬
‫ذلؾ عمى شروط إنعقاد اإلختصاص لقاضي المستعجالت فتارة ترفض إختصاصو بعمة‬
‫عدـ قياـ حالة اإلستعجاؿ‪ 4‬وتارة ألف تدخمو سيؤدي إلى مناقشة وفحص سند تواجد‬
‫المشتري غير المقيد بالرسـ العقاري وفي ذلؾ مساس بجوىر النزاع‪.5‬‬

‫‪-1‬محمد ابف معجوز الحقوؽ العينية في الفقو اإلسالمي والتقنف المغربي الناشر ع‪.‬ـ مطبعة النجاح الجديدة ط‬
‫‪ 2008‬ص ‪.571‬‬
‫‪-2‬قرار محكمة النقض مؤرخ في ‪ 1974/10/04‬منشور بمجمة المحاماة ص ‪.206-205-204‬‬
‫‪-3‬قرار محكمة النقض المؤرخ في ‪ 1992/07/02‬مف الممؼ عدد ‪ 88/3682‬منشور بمجمة اإلشعاع عدد ‪ 4‬ص‬
‫‪ 119‬والذي جاء فيو "صدور حكـ بإتماـ إجراءات البيع المتعمؽ بالعقار المحفظ وعدـ تسجيمو بالرسـ العقاري ال يجرد‬
‫القضاء االستعجالي مف اختصاصو لمنظر في طمب طرد المحتميف بدوف سند"‪.‬‬
‫‪-‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 1104‬المؤرخ في ‪ 2008/03/26‬في الممؼ عدد ‪ 2008/3/1/227‬النشرة اإلخبارية‬
‫لممجمس األعمى عدد ‪ 31‬اإلصدار الرقمي ص ‪.21‬‬
‫‪-4‬قرار محكمة النقض الصادر بتاريخ ‪ 1969/10/05‬في الممؼ عدد ‪ 07/2/1/838‬غ‪.‬ـ‪.‬‬
‫‪-‬قرار محكمة النقض المؤرخ في ‪ 1962/10/09‬مجمة المحاكـ المغربية ‪ 1962‬ص ‪.123‬‬
‫‪-5‬قرار لمحكمة النقض مؤرخ في ‪ 2003/06/05‬في الممؼ عدد ‪ 2/41/3178‬منشور بمجمة قضاء المجمس‬
‫األعمى العدد ‪ 61‬اإلصدار الرقمي ص ‪ 30‬وما بعدىا(أشار إليو عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪ 35‬والذي جاء‬
‫فيو "حيث أف المطموب قد اشترى مف أحد المالكيف عمى الشياع وأقره ورثتو عمى ذلؾ مما يعتبر معو خمفا خاصا لو‬
‫‪46‬‬
‫ويرى أحد الباحثيف ونوافقو الرأي أف التعميؿ السميـ ىو كوف مناقشة سند تواجد‬
‫المشتري الذي ىو عقد الشراء فيو مساس بجوىر الحؽ مما يؤدي إلى نفي أحد الشروط‬
‫األساسية الالزـ توفرىا لينعقد اإلختصاص لقاضي األمور المستعجمة لمنظر في النزاع‪.1‬‬
‫والرأي عندي أنو وجب مسايرة التوجو الثاني القاضي بمنع قاضي المستعجالت‬
‫مف البت في ىذه الدعوى وذلؾ لعدة إعتبارات أوليا أف الفصؿ ‪ 67‬مف ظيير التحفيظ‬
‫العقاري لسنة ‪ 1913‬كما عدؿ وتمـ بالقانوف ‪ 14.07‬المستند عميو مف طرؼ اإلتجاه‬
‫األوؿ القاضي بمنح اإلختصاص لقاضي المستعجالت بعد أف نص عمى أف األفعاؿ‬
‫اإلرادية واالتفاقات التعاقدية الرامية إلى تأسيس أو نقؿ أو تغيير أو إسقاط حؽ عيني ال‬
‫تنتج أي أثر ولو بيف األطراؼ إال مف تاريخ التقييد بالرسـ العقاري جاء بعد ذلؾ ونص‬
‫عمى ما يمي‪ ..." :‬دوف اإلضرار بما لألطراؼ مف حقوؽ في مواجية بعضيـ البعض‬
‫وكذا بإمكانية إقامة دعاوى فيما بينيـ بسبب عدـ تنفيذ إتفاقاتيـ"‪ .‬مما يفيد أف ىذه‬
‫اإلتفاقات المبرمة ال تكوف مجردة مف أي قيمة بسبب عدـ تقييدىا بالرسـ العقاري وانما‬
‫تكوف ليا حجيتيا بيف األطراؼ وتمؾ الحجية ىي التي يقوـ بتقديرىا قضاء الموضوع‬
‫والقوؿ بخالؼ ذلؾ معناه السماح لقضاء اإلستعجاؿ بالخوض في الجوىر مما يتنافى مع‬
‫طبيعتو الوقتية اإلستعجالية‪.‬‬
‫وثانييا –حسب قوؿ الدكتور الكشبور‪ -‬أف قواعد العدؿ واإلنصاؼ تفرض عمى‬
‫قاضي المستعجالت التصريح بعدـ إختصاصو لمنظر في دعوى طرد محتؿ عقار محفظ‬
‫غير مقيد بالرسـ العقاري ألنو ال يعقؿ أف يبرـ عقد مع غير المقيد بالرسـ العقاري وتسمـ‬
‫إليو الحيازة وبيف عشية وضحاىا يتـ المجوء إلى ىذا األخير مف أجؿ طرده منو فاألولى‬
‫أف يعرض النزاع عمى قضاء الموضوع ليقوـ بتقييـ حجج كؿ طرؼ لمقوؿ بما إذا كاف‬
‫اإلحتالؿ بسند أو بدونو‪.2‬‬

‫ولما عممت المحكمة قرارىا بأف البحث في مناقشة العقد وسند تواجد المطموب في المدعى فيو يمس بجوىر النزاع‬
‫ويخرج عف قاضي المستعجالت فإنيا لـ تخرؽ النص المحتج بو وكاف قرارىا معمال بما فيو الكفاية"‪.‬‬
‫‪-1‬محمد الكشبور‪":‬التطيير الناتج عف تحفيظ العقار تطور القضاء المغربي قراءة في قرار المجمس االعمى بتاريخ‬
‫‪"1999/12/29‬الطبعة االولى ‪ 2005‬ص ‪.36‬‬
‫‪-2‬عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪.36‬‬
‫‪47‬‬
‫وفي النياية فال يسعني إال أف أقوؿ أف ىذا التضارب في اإلختصاص المذكور أثر‬
‫وسيؤثر عمى ثقة المتقاضيف في مؤسسة القضاء سيما محكمة النقض فكيؼ يعقؿ أف‬
‫نجعؿ المتقاضي دانـ الترقب لتوجيات وق اررات ىذه األخيرة فكيؼ يعقؿ أف يكوف غير‬
‫عالـ مسبقا بالقاضي المختص وأي سياسة وارادة ىذه التي نتحدث عنيا ونيمؿ ليا أناء‬
‫الميؿ وأطراؼ النيار لمنيوض باألمف القضاني ببالدنا وتكريسو أليست غاية األمف‬
‫القضاني ىي ترسيخ الثقة في المؤسسة القضانية واإلطمنناف إلى ما ينتج عنيا وىي تقوـ‬
‫بميمتيا المتجمية في تطبيؽ القانوف عمى ما يعرض عمييا مف قضايا أو ما تجتيد فيو مف‬
‫نوازؿ وذلؾ مع تحقيؽ إنسجاـ ق ارراتيا وجودتيا وعمـ العموـ بمجريات عمميا وتوجياتيا‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تضارب الق اررات بشأن شروط الدعاوى العقارية‬
‫وآثارىا‬
‫لـ يعرؼ المشرع المغربي الدعوى األمر الذي حدا بالفقو إلى التكفؿ بإعطاء‬
‫تعريؼ ليا حيث عرفيا البعض منيـ بأنيا "وسيمة قانونية قررىا القانوف لألشخاص‬
‫يمجؤوف إلييا عندما يدعوف مساس الغير بحقوقيـ وذلؾ أماـ القضاء بصفتو المكمؼ‬
‫بالنظر في كؿ الدعاوى التي تعرض أمامو بسبب الخالفات التي تنشأ بيف األفراد"‪.1‬‬
‫والدعاوى عمى عدة أنواع وأصناؼ فيناؾ الدعاوى العينية والدعاوى الشخصية‬
‫وىناؾ المنقولة والعقارية‪.‬‬
‫وما ييمنا في ىذا المقاـ ىي الدعاوى العقارية ويقصد بيا الدعوى التي ترمي‬
‫إلى حماية حؽ مف الحقوؽ العينية العقارية‪.2‬‬
‫ولما كانت الدعاوى العقارية بصفة عامة والدعاوى العقارية المتعمقة بعقار محفظ‬
‫أو في طور التحفيظ بصفة خاصة تكتسي طابعا خاصا نابعا مف خصوصية موضوعيا‬
‫وأطرافيا فإف األمر أدى إلى ظيور إشكاالت عممية عمى المستوى القضاني نتيجة‬
‫مع‬ ‫لتعارض نصوص المسطرة المدنية بإعتبارىا الشريعة العامة لقانوف الشكؿ‬
‫النصوص اإلجرانية الخاصة المضمنة بقوانيف الموضوع خصوصا مع مقتضيات ظيير‬
‫التحفيظ العقاري‪.‬‬
‫أما عف نطاؽ ىذه النقط الخالفية فإنو لـ ينحصر في شروط الدعاوى العقارية‬
‫وحدىا بؿ ىـ وسانؿ إثباتيا وطرؽ الطعف في األحكاـ الصادرة بشأنيا وكذا تنفيذىا‪.‬‬
‫ولمعالجة ىذا الموضوع ومحاولة اإللماـ بجوانبو قدر المستطاع سنقسـ ىذا‬
‫المبحث إلى مطمبيف وفؽ التصميـ التالي‪:‬‬

‫‪-1‬أستاذ عبد الكريـ الطالب ـ س ص ‪.136‬‬


‫‪-2‬عبد الكريـ الطالب ـ س ص ‪.142‬‬
‫‪49‬‬
‫المطمب األول‪ :‬شروط الدعوى ووسائل إثباتيا‬
‫المطمب الثاني‪ :‬طرق الطعن وتنفيذ األحكام‬

‫المطمب األول‪ :‬شروط الدعوى ووسائل إثباتيا‬


‫بعد أف يثبت اإلختصاص لممحكمة تنتقؿ بعد ذلؾ إلى دراسة ومناقشة شروط‬
‫الدعوى سواء الشكمية منيا أو الموضوعية بغية التأكد مف أف المدعي لو حؽ رفع ىذه‬
‫الدعوى مف عدمو وذلؾ ضمانا لتحقؽ الحد األدنى مف جدية الطمب المرفوع إلى‬
‫القضاء ورغبة في وضع حد لمدعاوى الكيدية التي تمأل المحاكـ ببالدنا‪.‬‬
‫وفي سبيؿ تحقيؽ ىذه الغايات وتكريس مبدأ التقاضي بحسف نية إصطدـ‬
‫القضاء ببالدنا بالعديد مف اإلشكاالت العممية التي ىمت شروط الدعوى الموضوعية‬
‫خصوصا في الدعاوى المرتبطة بالعقار المحفظ ولـ يقؼ األمر عند ىذا الحد بؿ إمتد‬
‫النقاش القضاني كذلؾ ليشمؿ موضوع وسانؿ اإلثبات في المادة العقارية خصوصا ما‬
‫إرتبط بإثبات حالة الشياع‪.‬‬
‫ولمعالجة ىذا الموضوع سنقسـ ىذا المطمب إلى فقرتيف وذلؾ عمى الشكؿ‬
‫التالي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إشكالية إثبات الصفة في الدعاوى المرتبطة بعقار محفظ‬


‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلقرار في الدعاوى العقارية‬

‫‪50‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إشكالية إثبات الصفة في الدعاوى المرتبطة بعقار محفظ‬

‫أوجب المشرع المغربي بمقتضى الفصؿ األوؿ مف قانوف المسطرة المدنية‬


‫ضرورة توفر مجموعة مف الشروط الموضوعية لسماع الدعوى وىذه الشروط ىي الصفة‬
‫واألىمية والمصمحة‪ 1‬وذلؾ تحت طانمة عدـ القبوؿ طبقا لمفقرة األخيرة مف ىذا الفصؿ‪.‬‬
‫وأىـ شرط وأكثره جدال ىو شرط الصفة والتي تعني "والية مباشرة الدعوى وىي‬
‫الصفة التي يتحمى بيا طالب الحؽ في إجراءات الخصومة يستمدىا المدعي مف كونو‬
‫صاحب الحؽ أو خمفا لو أو نانبو القانوني"‪.2‬‬
‫ورافع الدعوى ال يمزـ بإثبات حقو لكي يكتسب الصفة إلقامة الدعوى بؿ يكفي‬
‫أف يدعي الحؽ لنفسو ويدعي تممكو‪.‬‬
‫وىذا ما إستقرت عميو محكمة النقض ومما جاء في قرار ليا رقـ ‪ 433‬مؤرخ في‬
‫‪ 13‬فبراير ‪" 1989‬لما كاف الطاعف يدعي الحؽ لنفسو وليس لغيره فقد كانت لو الصفة‬
‫في الدعوى بقطع النظر عف إثبات الممؾ الذي يتعمؽ بمحؿ الحؽ وموضوع الدعوى‬
‫سيما وقد إعتبرت المحكمة أف الدعوى حيازية فيي تثبت بكافة الوسانؿ ‪.3"....‬‬
‫وتكتسي الصفة أىمية خاصة في الدعاوى العقارية خصوصا ما إرتبط منيا‬
‫بالعقار المحفظ نظ ار لكونيا تثير العديد مف اإلشكاالت التي لـ يتصد ليا المشرع‬
‫المغربي بعد ل سد الفراغ التشريعي الحاصؿ بخصوصيا‪ .‬ولعؿ أبرز إشكاؿ يثار في ىذا‬
‫الصدد ىو مسألة ثبوت الصفة بالنسبة لمورثة في الدعاوى التي ترفع في شأف العقارات‬

‫‪-1‬ينص الفصؿ األوؿ مف قانوف المسطرة المدني عمى ما يمي‪" :‬ال يصح التقاضي إال ممف لو الصفة واألىمية‬
‫والمصمحة إلثبات حقوقو‪.‬‬
‫يثير القاضي تمقانيا انعداـ الصفة أو األىمية أو المصمحة أو اإلذف بالتقاضي إف كاف ضروريا وينذر الطرؼ بتصحيح‬
‫المسطرة داخؿ أجؿ يحدده‪.‬‬
‫إذا تـ تصحيح المسطرة اعتبرت الدعوى كأنيا أقيمت بصفة صحيحة واال صرح القاضي بعدـ قبوؿ الدعوى‪".‬‬
‫‪-2‬موسى عبود ومحمد السماحي المختصر في المسطرة المدنية والتنظيـ القضاني وفؽ تعديالت سنة ‪ 1993‬طبعة‬
‫‪ 1994‬ص ‪(121‬أشار إليو عبد الكريـ الطالب ـ س ص ‪.)146‬‬
‫‪-3‬قرار رقـ ‪ 433‬المؤرخ في ‪ 1989/12/13‬ممؼ مدني عدد ‪ 86/2443‬منشور بمجمة قضاء المجمس األعمى عدد‬
‫‪ 46‬نونبر ‪ 1992‬ص ‪.93‬‬
‫‪51‬‬
‫المحفظة حيث نجد أف ىناؾ إنقساما قد دب في أوساط محاكـ الموضوع بيف مف يرى‬
‫أف الصفة ال تثبت لمورثة إال بعد تقييد إراثتيـ في الرسـ العقاري طبقا لمقتضيات الفصؿ‬
‫‪ 66‬و‪ 67‬و‪ 186‬مف ظيير التحفيظ العقاري كما عدؿ وتمـ بالقانوف ‪ 14.07‬أي أنو‬
‫تجب مقاضاة الميت المقيد بالرسـ العقاري رغـ موتو ألنو يعتبر حيا مادامت إراثتو لـ‬
‫تقيد بعد وفي المقابؿ ىناؾ مف يرى أف –وىو اإلتجاه الراجح‪ -‬الصفة تثبت لمورثة فور‬
‫‪2‬‬
‫وتماشيا مع مقتضيات‬ ‫تحقؽ واقعة الوفاة تطبيقا لقاعدة مف مات عمى حؽ فمورثتو"‬
‫المادتيف ‪ 323‬و‪ 324‬مف مدونة األسرة حيث نصت األولى عمى أنو "اإلرث إنتقاؿ حؽ‬
‫بموت مالكو بعد تصفية التركة لمف إستحقو شرعا بال تبرع وال معاوضة"‪.‬‬
‫و جاء في الثانية "يستحؽ اإلرث بموت الموروث حقيقة أو حكما وبتحقؽ حياة‬
‫وارثو بعده"‪.‬‬
‫إف ىذيف التوجييف الذيف سارت عمييما محاكـ الموضوع سرعاف ما إنعكس عمى‬
‫ق اررات محكمة النقض حيث جاءت ق ارراتيا منقسمة تارة مؤيدة لإلتجاه األوؿ وتارة‬
‫أخرى منتصرة لالتجاه الثاني‪.‬‬
‫ومف الق اررات الصادرة عف محكمة النقض التي أيدت االتجاه األوؿ القرار ‪545‬‬
‫المؤرخ في ‪ 1976/09/29‬والذي جاء فيو "إذا أحيؿ الممؼ مف طرؼ المحافظ عمى‬
‫المحكمة وجب عمييا أف تبت في وجود الحؽ المدعى بو مف طرؼ المتعرضيف واذا توفي‬
‫طالب التحفيظ وجب عمييا أف تستمر في اإلجراءات لتصدر حكميا بصحة التعرض‬
‫أوبعدـ صحتو وال يجوز ليا أف تأمر بإرجاع الممؼ إلى المحافظ لمقياـ باإلجراءات‬

‫‪-1‬ينص الفصؿ ‪ 82‬مف ط‪.‬ع كما عدؿ وتمـ بالقانوف ‪ 14.07‬عمى ما يمي‪" :‬لتقييد الحقوؽ العقارية المترتبة عف‬
‫اإلرث يجب عمى الورثة أو الموصى ليـ أف يقدموا لممحافظ عمى األمالؾ العقارية طمبا لمتقييد مدعما بكؿ الوثانؽ أف‬
‫يتضمف الطمب البيانات المنصوص عمييا في الفصؿ ‪ 69‬مف ىذا القانوف‪.‬‬
‫يجب أف تنص الوثانؽ المثبتة النتقاؿ الحؽ عمى نصيب كؿ واحد مف الورثة والموصى ليـ"‪.‬‬
‫‪-2‬عمر عبد اهلل أحكاـ المواريث في الشريعة اإلسالمية دار المعارؼ مصر الطبعة الرابعة سنة ‪ 1968‬ص‬
‫‪.65‬‬
‫‪52‬‬
‫الالزمة لتدخؿ ورثة اليالؾ إذ في إمكاف ىؤالء –بعد البت في صحة التعرض‪ -‬أف‬
‫يقدموا أماـ المحافظ مطمبا بتصحيح الحالة الناشنة عف وفاة طالب التحفيظ"‪.1‬‬
‫أما بالنسبة لمق اررات الصادرة عف محكمة النقض إنتصا ار لالتجاه الثاني فإنيا‬
‫كثيرة ومتعددة مف ذلؾ القرار عدد ‪ 115‬المؤرخ في ‪ 1969/02/14‬ما يمي‪ ..." :‬في‬
‫حالة ادعاء وفاة شريؾ دوف أف تكوف وفاتو مسجمة بالرسـ العقاري يتعيف عمى طالب‬
‫القسمة توجيو دعواه ضد غيره ممف يدعوف إرثو دوف تسجيؿ لحقوقيـ"‪.2‬‬
‫وجاء في ق ار ر آخر تحت عدد ‪ 2884‬المؤرخ في ‪ 07‬مارس ‪ 1995‬ما يمي‪:‬‬
‫"مجرد إثبات الورثة لصفتيـ اإلرثية في اليالؾ يخوليـ حؽ الطعف باالستنناؼ في الحكـ‬
‫ولو لـ تسجؿ إراثتيـ بالرسـ العقاري‪.‬‬
‫والق ارر المطعوف فيو القاضي بعدـ قبوؿ إستنناؼ الورثة يكوف عديـ األساس‬
‫القانوني ومعرضا لمنقض"‪.3‬‬
‫وفي قرار حديث لمحكمة النقض مؤرخ في ‪ 2010/05/04‬جاء فيو ما يمي‪:‬‬
‫"حيث صح ما عابو الطاعنوف عمى القرار ذلؾ أنو إقتصر في تعميمو عمى كونو جاء‬
‫الصفة والمصمحة ووفؽ الشروط المتطمبة قانونا دوف أف يرد عمى الدفع الذي تمسكوا بو‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 545‬مؤرخ في ‪ 1976/09/29‬في الممؼ ‪ 1975/50843‬غ‪.‬ـ‪.‬‬


‫‪-‬وىناؾ العديد مف الق اررات التي تدىب نفس االتجاه مثؿ القرار رقـ ‪ 3590‬المؤرخ في ‪ 1995/07/04‬في الممؼ عدد‬
‫‪ 91/2929‬مشار إليو مف طرؼ عبد العزيز توفيؽ "قضاء المجمس األعمى في التحفيظ" خالؿ أربعيف سنة الطبعة‬
‫األولى ‪ 1998‬والذي جاء فيو بما يمي‪" :‬وحيث إف المحكمة تبت فقط في الممؼ عمى الحالة التي وجو بيا الممؼ مف‬
‫المحافظ إلييا وأنو في حالة وفاة أحد أطراؼ النزاع فإف المحكمة تستمر في مناقشة القضية وترجع الممؼ إلى‬
‫المحافظ بعد الحكـ الذي يصحح الحالة الناشنة عف وفاة أحج األطراؼ ممف يعينيـ األمر وأف المحكمة التي طبقت‬
‫الفصؿ ‪ 117‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ ع مى قضايا التحفيظ العقاري وعممتو بكوف المتعرضيف لـ يدخموا ورثة طالب التحفيظ بمقاؿ‬
‫إصالحي تكوف قد عممت قضاءىا تعميال فاسدا ولـ تجعؿ لو أساس مف القانوف وعرضتو لمنقض"‪.‬‬
‫‪-2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 115‬المؤرخ في ‪ 1969/02/14‬في الممؼ المدني ‪ 1964/17004‬غ ـ‪.‬‬
‫‪-3‬القرار عدد ‪ 2884‬المؤرخ في ‪ 07‬مارس ‪ 1995‬في الممؼ المدني رقـ ‪ 87/3905‬غ‪.‬ـ‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫أماـ المحكمة مف كوف اإلستنناؼ غير مقبوؿ شكال لكونو وجو ضد موروثيـ والحاؿ أنو‬
‫متوفى حسب الثابت مف مستندات الممؼ في المرحمة االبتدانية"‪.1‬‬
‫والرأي أنو وجب ترجيح االتجاه الثاني وذلؾ لوجاىتو ومنطؽ عممو ألنو ال‬
‫يعقؿ أف يواجو الخمؼ العاـ بقاعدة األثر المنشئ لمحؽ بإعتبار الورثة يشكموف إمتدادا‬
‫لميالؾ‪ 2‬وحقيـ ينتقؿ شرعا وقانونا بمجرد تحقؽ واقعة الوفاة بشرط أف تتوفر شروط‬
‫اإلرث وكذلؾ لكوف األحكاـ القضانية قد تمس بالتركة بإعتبارىا إمتدادا لميالؾ بعد‬
‫موتو والتي أصبحت ضمف الذمة المالية لمورثة وبالتالي فإف المنطؽ السميـ والعقؿ‬
‫القويـ إستمزما ضرورة السماح لمورثة بالتدخؿ في ىذه الدعاوى دوف توقؼ ذلؾ عمى‬
‫شرط تقييد إراثتيـ بالرسـ العقاري‪.‬‬
‫ومف جية أخرى فإنو باإلطالع عمى الفصؿ ‪ 82‬قبؿ وبعد التعديؿ نجده يتحدث‬
‫بصيغة اإلمكاف ال الوجوب زيادة عمى أف الفصؿ ‪ 65‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع يتحدث عف تقييد‬
‫الوقانع األفعاؿ والتصرفات اإلرادية التي تنشأ بيف األحياء ولما كانت الوفاة واقعة غير‬
‫‪3‬‬
‫مما كاف معو االتجاه األوؿ غير‬ ‫إرادية فإنيا تخرج مف دانرة الوقانع التي يجب تقييدىا‬
‫جدير باإلعتبار‪.‬‬
‫مما يستدعي القوؿ إف تقييد اإلراثة يعد إستثناء مف أحكاـ الفصوؿ ‪ 65‬و‪66‬‬
‫و‪ 67‬مف ظ‪.‬ع كما عدؿ بالقانوف ‪ 14.07‬وحسما ليذا التضارب وحفاظا عمى مبدأ‬
‫األمف القضاني واألمف العقاري ببالدنا ندعو المشرع المغربي إلى التدخؿ وتعديؿ الفصؿ‬
‫‪ 66‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع وذلؾ بإضافة فقرة ليذا الفصؿ تقوـ بإستثناء إنتقاؿ حقوؽ الورثة مف‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض رقـ ‪ 2057‬المؤرخ في ‪ 2010/05/04‬في الممؼ المدني عدد ‪ 2008/1/1/1207‬مشار إليو‬
‫مف قبؿ عمر أزوكار "الدليؿ العممي لمعقار في طور التحفيظ" مطبعة النجاح الجديدة ط ‪ 1‬لسنة ‪ 2011‬ص ‪165‬‬
‫وما بعدىا‪.‬‬
‫‪-2‬الميدي الجـ التحفيظ العقاري في المغرب دار الثقافة والتوزيع الطبعة الثالثة ‪ 1986‬ص ‪ 290‬و‪.291‬‬
‫‪-3‬وفي ذات الموضوع صدر قرار عف محكمة النقض ومما جاء فيو "إذا كاف كؿ حؽ عيني متعمؽ بعقار محفظ غير‬
‫موجود بالنسبة لمغير إال مف تاريخ تسجيمو فإف ذلؾ يتعمؽ باالتفاقات الناشنة بيف اإلحياء أما الوصية فيي تعتبر حقا‬
‫مف حقوؽ التركة وىي بذلؾ كاشفة لمحؽ الذي ينشأ مف تاريخ وفاة الموصي وليس مف تاريخ تسجيؿ الوصية في الرسـ‬
‫العقاري"‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫مقتضياتو وفي إنتظار ذلؾ فإننا نرجوا أف تتدخؿ محكمة النقض وتحسـ ىذا الخالؼ‬
‫عف طريؽ آلية الغرؼ المجتمعة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلقرار في الدعاوى العقارية‬

‫نظـ المشرع المغربي اإلقرار كوسيمة مف وسانؿ اإلثبات‪ 1‬في الفصوؿ مف ‪405‬‬
‫إلى ‪ 415‬مف ظيير اإللتزامات والعقود‪.‬‬
‫يعرؼ األستاذ إدريس العموي العبدالوي اإلقرار بأنو "اإلقرار ىو إعتراؼ شخص‬
‫بحؽ عميو آلخر قصد ترتيب حؽ في ذمتو واعفاء اآلخر مف إثباتو"‪.2‬‬
‫ويسترسؿ قانال أف اإلقرار نوع مف الشيادة ألف الشخص يقر بواقعة منتجة ألثر‬
‫قانوني عمى عاتقو أي أنو يشيد عمى نفسو بأف ما يدعيو صاحب الحؽ ىو صحيح‬
‫وىكذا يتضح أف اإلقرار يكوف مف شخص بقصد أف يجعؿ حقا ثابتا في ذمتو آلخر سواء‬
‫كاف ىذا الحؽ محؿ منازعة بينيما أو لـ يكف‪.‬‬
‫واإلقرار عمى أنواع فإما أف يكوف قضانيا أو غير قضاني‪.3‬‬

‫‪-1‬يعرؼ الفقو اإلثبات بأنو "إقامة الدليؿ أماـ القضاء بالطرؽ التي حددىا القانوف عمى وجود واقعة قانونية ترتب‬
‫آثارىا"‪.‬‬
‫عبد الرزاؽ أحمد السنيوري الوسيط الجزء األوؿ ص ‪.13‬‬
‫‪-‬ويعرفو أحمد نشأت بأنو "تأكيد حؽ متنازع فيو لو أثر قانوني بالدليؿ الذي أباحو القانوف إلثبات ذلؾ الحؽ"‪.‬‬
‫‪-‬أحمد نشأت رسالة اإلثبات الجزء األوؿ ص ‪(15‬أشار إليو إدريس العموي العبدالوي وسانؿ اإلثبات ـ س ص ‪5‬‬
‫‪-2‬إدريس العموي العبدالوي ـ سف ص ‪.161‬‬
‫‪-‬ويعرفو بعض الفقو بأنو "اعتراؼ خصـ لخصو بالحؽ الذي يدعيو مقد ار نتيجتو قاصدا إلزاـ نفسو بمقتضاه وىو سيد‬
‫األدلة في المسانؿ المدنية ألنو يعتبر حجة قاطعة عمى اشتغاؿ ذمة صاحبو بما أقر بو ويجب األخذ بو في جميع‬
‫األحواؿ ميما كانت قيمة الدعوى وميما كاف فييا مف المخالفة لمصمحة المقر الثابتة لو بعقد رسمي أو عرفي إال إذا‬
‫كاف إق ار ار بأمر مخالؼ لمنظاـ العاـ أو فيو عيب يبطمو ويصح القوؿ أف اإلقرار ليس دليال إنما ىو يعني عف الدليؿ‬
‫ألنو يعفي مدعي الحؽ مف إثباتو‪.‬‬
‫عبد الكريـ شيوف الشافي شرح قانوف االلتزامات والعقود الكتاب األوؿ االلتزامات بوجو عاـ الجزء الثالث مطبعة‬
‫النجاح الجديدة ط ‪ 1999 1‬ص ‪.256‬‬
‫‪-3‬ينص الفصؿ ‪ 405‬مف ؽ‪.‬ؿ‪.‬ع عمى أف "اإلقرار قضاني أو غير قضاني‪"...‬‬
‫‪55‬‬
‫واإلقرار القضاني كما عرفو المشرع المغربي في الفصؿ ‪ 405‬مف ؽ‪.‬ؿ‪.‬ع "‪...‬‬
‫ىو اإل عتراؼ الذي يقوـ بو أماـ المحكمة الخصـ أو نانبو المأذوف لو في ذلؾ إذنا‬
‫خاصا‪."...‬‬
‫أما اإلقرار غير القضاني فقد عرفو المقنف المغربي في الفقرة األولى مف الفصؿ‬
‫‪ 407‬مف ؽ‪.‬ؿ‪.‬ع بأنو "اإلقرار غير القضاني ىو الذي ال يقوـ بو الخصـ أماـ القاضي‬
‫ويمكف أف ينتج عف كؿ فعؿ يحصؿ منو وىو مناؼ لما يدعيو ‪."...‬‬
‫واما أف يكوف صريحا‪ 1‬أو ضمنيا‪.2‬‬
‫واذا كاف اإلقرار الصريح ال يثير أي إشكاؿ أو لبس وذلؾ لوضوحو وصراحتو‬
‫فإف اإلقرار الضمني عمى العكس مف ذلؾ يثير العديد مف اإلشكاالت العممية عمى مستوى‬
‫محاكـ الموضوع وكذا محكمة النقض ولعؿ أبرز إشكاؿ أثير بيذا الخصوص ىو مدى‬
‫إ عتبار كوف التنصيص في عقد البيع عمى اإلرث كأصؿ لمتممؾ يشكؿ إق ار ار ضمنيا بكوف‬
‫المبيع ممموؾ عمى الشياع بيف البانع وباقي شركانو في اإلرث‪.3‬‬
‫وفي ذلؾ إنقسـ رأي محكمة النقض إلى توجييف فاإلتجاه األوؿ يرى أف مجرد‬
‫إقرار البانع في عقد البيع أف المبيع إنتقؿ إليو عف طريؽ اإلرث يغني باقي الورثة عف‬
‫اإلدالء بأي بين ة أخرى إلثبات حالة الشياع بينيـ وبينو بخصوص المدعى فيو ومف ثمة‬
‫‪4‬‬
‫يمكنيـ حسب ىذا االتجاه أف يطالبوا بإستحقاؽ نصيبيـ في المبيع وبإستشفاع الباقي‬
‫وفي ىذا اإلطار جاء في قرار لمحكمة النقض مؤرخ في ‪ 2012/11/20‬ما يمي‪:‬‬
‫"وبخصوص عدـ إثبات كوف الممؾ المدعى فيو جزء مف اإلرث فإف المحكمة المصدرة‬

‫‪-1‬اإلقرار الصريح يصدر عف المقر بطريقة صريحة وبألفاظ واضحة الداللة ال يعترييا أي لبس أو غموض"(خالد‬
‫سعيد اإلثبات في المنازعات دار السالـ لمطباعة والنشر الرباط ط ‪ 2014 1‬ص ‪ 85‬و‪.)86‬‬
‫‪-2‬أما اإلقرار الضمني فال يصدر عف المقر مباشرة وانما يستشؼ مف ظروؼ ومالبسات الدعوى المنظورة وكذا مف‬
‫الحجج التي يستظير بيا أحد طرفييا إعماال لقاعدة أف مف أدلى بحجة فيو قانؿ بما ضمف بيا(حسف بف تاكر‬
‫خصوصيات اإلثبات في المادة العقارية ـ س ص ‪.)57‬‬
‫‪-3‬حسف بف تاكر خصوصيات اإلثبات في المادة العقارية رسالة لنيؿ دبموـ الماستر في القانوف المدني جامعة ابف‬
‫زىر كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية بأكادير السنة الجامعية ‪ 2017/2016‬ص ‪.58‬‬
‫‪-4‬حسف بف تاكر ـ س ص ‪.58‬‬
‫‪56‬‬
‫لمقرار عندما عممت قضاءىا لرد ىذا الدفع بأنو‪" :‬فيما يخص تعدد جية اإلرث فإف عبء‬
‫إثبات ذلؾ يقع عمى عاتؽ المستأنؼ الذي أقر في رسـ البيع بأف أصؿ المبيع ىو‬
‫اإلرث –وأف قاعدة اإلستصحاب عمى ما كاف تقتضي بقاء الممؾ شياعا بيف الورثة وفؽ‬
‫ما أقر بو المستأنؼ في عقد البيع مف أف أصؿ تممكو ىو نصيبو إرثا عمى وجو الشياع‬
‫وىو إقرار يعفى المستأنؼ عمييما مف إثبات وجو م دخميما وتممكيما لما ىو مقرر مف أف‬
‫أقوى ما يؤخذ بو المرء ىو إق ارره تكوف قد تأكدت أف أصؿ الممؾ يعود لموروث المطموبيف‬
‫والبانعة لمطالبيف وأف المبيع وقع في الشياع مما يبقى معو القرار مؤسسا قانونا ومعمال بما‬
‫فيو الكفاية وباقي السببيف عمى غير أساس"‪.1‬‬
‫أما االتجاه الثاني فيرى أف ذكر اإلرث كأصؿ لمتممؾ في عقد البيع ال يعتبر‬
‫إق ار ار مف البانع بأف المبيع مشاع بينو وبيف باقي الورثة وفي ذلؾ ذىبت محكمة النقض‬
‫في قرار حديث ليا مؤرخ في ‪ 2012/10/09‬إلى ما يمي‪" :‬والمحكمة لما إستخمصت مما‬
‫كتب بعقد البيع مف عبارة (أصؿ الممؾ صار إلى البانع باإلرث كنصيبو عمى الشياع‬
‫إق ارره بحالة الشياع) ىكذا مع أف العقد ورد فيو أف المبيع محدد بالجيات واألمتار وأنو لـ‬
‫يحدد جية اإلرث أي المورث الذي ينحدر منو اإلرث أىو مورث المطموبيف أـ غيره مما‬
‫ينتفي معو شرط اإلقرار الواضح الداللة والمحؿ كما أنيا لما كمفت الطالبيف الذيف ينكراف‬
‫حالة الشياع بإثبات جية اإلرث المذكورة مع أف المقرر فقيا أنو ال يجبر أحد الخصميف‬
‫عمى اإلدالء بحجة لديو لينتفع منيا خصمو كما لمخطاب في شرح المختصر وألف‬
‫تكميفو بالحجة المذكورة وىو طرؼ مدعى عميو مخالؼ لقاعدة شرعية وىي (أف البنية‬
‫عمى مف ادعى واليميف عمى مف أنكر) تكوف قد جردت قضاءىا مف األساس وعممتو‬
‫تعميال غير سميـ مما يعرض قرارىا لمنقض"‪.2‬‬
‫والرأي أنو وجب تأييد اإلتجاه الثاني القاضي بأف ذكر اإلرث كأصؿ لمتممؾ ال‬
‫يعني قياـ حالة الشياع وذلؾ لكوف أف قياـ الصمة اإلرثية ال تعني بالضرورة قياـ حالة‬

‫‪-1‬قرار عدد ‪ 5133‬مؤرخ في ‪ 2012/11/20‬في الممؼ المدني عدد ‪ 2011/9/1/3521‬غير منشور‪.‬‬


‫‪-2‬قرار عدد ‪ 688‬مؤرخ في ‪ 2012/10/09‬في الممؼ الشرعي عدد ‪ 2011/1/2/708‬غير منشور‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫‪1‬‬
‫وذلؾ إلحتماؿ أف يرث أحد الورثة‬ ‫الشياع بيف الورثة طالما أف أسباب اإلرث متعددة‬
‫مف جية غير تمؾ التي يرث منيا باقي الورثة‪.‬‬
‫ويرى أحد الباحثيف ونسايره في ذلؾ أنو ال يمكف التسميـ بأف حالة الشياع تقوـ‬
‫بيف الورثة بمجرد ذكر اإلرث كأصؿ لمتممؾ إال إذا حدد البانع في العقد إسـ المورث‬
‫الذي يعود إليو المبيع عندىا يكفي لمقوؿ بقياـ حالة الشياع إدالء الورثة بما يفيد صمتيـ‬
‫اإلرثية بالمورث المذكور ألف القاعدة تقضي بأف مف مات عف حؽ فمورثتو إلى أف يقوـ‬
‫الدليؿ عمى خالؼ ذلؾ أما إذا لـ يحدد في عقد البيع اسـ الموروث الذي ينسب إليو‬
‫المبيع فإف إثبات حالة الشياع في ىذه الحالة يتوقؼ عمى أمريف إثبات تممؾ المورث‬
‫لممبيع وادالء مدعي الشياع بما يفيد صمتيـ بيذا األخير‪.2‬‬
‫وفي األخير فال يسعني إال أف أقوؿ أف ىذيف الق ارريف الحديثيف المتضاربيف‬
‫الصادريف في نفس السنة يعكساف حالة عدـ اإلستقرار في توجيات محكمة النقض‬
‫وتناقض الق اررات بيف غرفيا حيث بالرجوع إلى القرار األوؿ فإننا نجده صاد ار عف‬
‫الغرفة المدنية أما القرار الثاني فإنو صادر عف الغرفة الشرعية فمكؿ غرفة منيجيا‬
‫‪3‬‬
‫لذلؾ فإنو يجب عمى السيد‬ ‫وأساليب تفسيرىا تبعا لطبيعة تكويف أعضانيا وقناعاتيـ‬
‫الرنيس األوؿ لمحكمة النقض أف يتدخؿ ويأمر بإجتماع كؿ غرؼ محكمة النقض أو عمى‬
‫األقؿ إ جتماع الغرفتيف الشرعية والمدنية إلصدار قرار في شأف ىذا الموضوع بغية حسـ‬
‫ىذا التضارب وتوحيد الرأي بخصوصو ولف يتحقؽ ذلؾ إال بحسف إستخداـ المنطؽ‬
‫القضاني القويـ والمنيج القانوني السميـ لموصوؿ إلى الحؿ القضاني األمثؿ‪ 4‬و ذلؾ لبموغ‬

‫‪-1‬تنص المادة ‪ 329‬مف مدونة األسرة عمى ما يمي‪" :‬أسباب اإلرث كالزوجية والقرابة أسباب شرعية ال تكتسب التزاـ‬
‫وال بوصية فميس لكؿ مف الوارث أو الموروث إسقاط صفة الوارث أو الموروث وال التنازؿ عنو لمغير"‪.‬‬
‫‪-2‬حسف بف تاكر خصوصيات اإلثبات في المادة العقارية ـ س ص ‪.60‬‬
‫‪-3‬وىذا التضارب بيف ق اررات غرؼ محكمة النقض كاف والزؿ قانما ومف ذلؾ تضارب الق اررات بيف الغرفة األولى‬
‫والغرفة الشرعية بخصوص مفيوـ األثمية وحجيتيا ومفيوـ مرض الموت والتي سنتناوليا في الفصؿ الثاني مف ىذا‬
‫العمؿ‪.‬‬
‫‪-4‬إدريس بممحجوب "دور المجمس األعمى في توحيد وتحقيؽ األمف القانوني مجمة الحقوؽ المغربية ع ‪ 8‬سنة‬
‫‪ 2009‬ص ‪ 74‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫الغاية المبتغاة وىي تحقيؽ مبدأ األمف القضاني ببالدنا ضمانا إلستقرار المعامالت مف‬
‫أجؿ خمؽ مناخ صحي وسميـ إقتصاديا واجتماعيا وسياسيا في المجاؿ العقاري وذلؾ‬
‫‪1‬‬
‫بإعتباره وعاء صمبا إلحتواء‬ ‫نظ ار لألىمية القانونية واالقتصادية التي يحظى بيا العقار‬
‫اإلستثمارات سواء الوطنية أو األجنبية فضال عمى أف القضاء اليوـ أصبح مطالبا ‪-‬‬
‫سواء في عممو القضاني أو إجتياداتو‪ -‬بإصدار ق اررات قضانية ثابتة ومستقرة وشجاعة‬
‫حتى يكوف في مستوى تطمعات المجتمع المعاصر دانـ التطور والتعقيد‪.‬‬

‫‪-1‬سارة الدراؽ األمف القانوني والقضاني في التشريع العقاري المغربي بحث لنيؿ دبموـ الماستر في القانوف الخاص‬
‫جامعة عبد المالؾ السعدي كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة السنة الجامعية ‪ 2012/2011‬ص‬
‫‪.94‬‬
‫‪59‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬طرق الطعن وتنفيذ األحكام‬
‫إقتضت سنة اهلل في خمقو أف يكوف اإلنساف مجبوال عمى الخطأ ولما كاف‬
‫القاضي إنسانا فإف احتماؿ الخطأ وارد بحقو ولكف خطأ القاضي ليس كخطأ األفراد‬
‫العادييف ألنو يرتبط بحقوؽ الناس ويؤثر في مراكزىـ القانونية لذلؾ إقتضت حكمة‬
‫المشرع أف يتـ إيجاد طرؽ قانونية تمكف المتقاضيف مف الطعف في أحكاـ وق اررات‬
‫القضاة ليتـ تصحيح ما وقع فيو مف خطأ وسيو أو سوء تفسير وتكييؼ لموقانع وذلؾ‬
‫عف طريؽ ابتداع آلية طرؽ الطعف والتي تنقسـ إلى طرؽ عادية وأخرى غير عادية‬
‫ولكؿ واحدة خصوصياتيا ومجاؿ ألعماليا‪.‬‬
‫ولما كانت الغاية مف المجوء إلى القضاء ىي رفع كؿ ما قد يمس بحقوؽ الناس‬
‫وحرياتيـ فإف الحصوؿ عمى حكـ حانز لقوة الشيء المقضي بو بات ونياني ال يكفي‬
‫في حد ذاتو بؿ إف الغاية مف كؿ ذلؾ ىي تنفيذه عمى أرض الواقع بشكؿ ممموس يطمنف‬
‫إليو رابح الدعوى‪.‬‬
‫لكف موضوع طرؽ الطعف وتنفيذ األحكاـ أثار العديد مف النقاشات الفقيية‬
‫والقضانية خصوصا عمى مستوى النزاعات المرتبطة بالعقار المحفظ األمر الذي جعؿ‬
‫محكمة النقض ببالدنا تتدخؿ لمحاولة التصدي لكؿ ىذه النقاشات وحسميا بيد أنيا لـ‬
‫تصادؼ الصواب في ذلؾ دانما األمر الذي أدى إلى تفاقـ الوضع وتعقيده في كثير مف‬
‫المناسبات‪.‬‬
‫ولمعالجة ىذا الموضوع ومحاولة إبراز أىـ إشكاالتو العممية سنقسمو إلى فقرتيف‬
‫وذلؾ عمى الشكؿ التالي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الطعن بإعادة النظر في قضايا التحفيظ‬


‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلختصاص في نظر دعوى الصعوبة الوقتية‬

‫‪60‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الطعن بإعادة النظر في قضايا التحفيظ‬

‫نظـ المشرع المغربي الطعف بإعادة النظر في الفصوؿ مف ‪ 402‬إلى ‪ 410‬مف‬


‫قانوف المسطرة المدنية الجديد‪.‬‬
‫ويمكف تعريؼ الطعف بإعادة النظر بأنو "طريؽ غير عادي يستطيع أحد الخصوـ‬
‫في الدعوى أف يسمكو في حاالت معينة لمطعف في األحكاـ اإلنتيانية غير القابمة‬
‫لمتعرض واإلستنناؼ وذلؾ أماـ نفس المحكمة التي أصدرت الحكـ المطعوف فيو إبتغاء‬
‫رجوع ىذه المحكمة عنو والقياـ بالتحقيؽ في القضية مف جديد تالفيا لخطأ غير مقصود‬
‫كاف يشوب الحكـ المطموب إعادة النظر فيو"‪.1‬‬
‫ولما كاف الطعف بإعادة النظر طريقا غير عادي مف طرؽ الطعف في القانوف‬
‫المغربي إلى جانب كؿ مف النقض وتعرض الغير الخارج عف الخصومة فقد حدد لو‬
‫المشرع حاالت وشروط خاصة لسماعو وقبولو وفي ذلؾ ينص الفصؿ ‪ 402‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ‬
‫عمى ما يمي‪" :‬يمكف أف تكوف األحكاـ التي ال تقبؿ الطعف بالتعرض واالستنناؼ موضوع‬
‫إعادة النظر ممف كاف طرفا في الدعوى أو ممف استدعي بصفة قانونية لممشاركة فييا‬
‫وذلؾ في األحواؿ اآلتية مع مراعاة المقتضيات الخاصة المنصوص عمييا في الفصؿ‬
‫‪ 379‬المتعمقة بمحكمة النقض‬
‫‪-1‬إذا بت القاضي فيما لـ يطمب منو أو حكـ بأكثر مما طمب أو إذا أغفؿ البت‬
‫في أحد الطمبات؛‬
‫‪-2‬إذا وقع تدليس أثناء تحقيؽ الدعوى؛‬
‫‪-3‬إذا بني الحكـ عمى مستندات اعترؼ أو صرح بأنيا مزورة بعد صدور الحكـ؛‬
‫‪-4‬إذا اكتشفت بعد الحكـ وثانؽ حاسمة كانت محتكرة لدى الطرؼ اآلخر؛‬
‫‪-5‬إذا وجد تناقض بيف أجزاء نفس الحكـ‬
‫‪-6‬إذا قضت نفس المحكمة بيف نفس األطراؼ واستنادا لنفس الوسانؿ بحكميف‬
‫انتيانيف متناقضيف وذلؾ لعمة عدـ اإلطالع عمى حكـ سابؽ أو لخطأ واقعي‬

‫‪-1‬عبد الكريـ الطالب ـ س ص ‪.279‬‬


‫‪61‬‬
‫‪-7‬إذا لـ يقع الدفاع بصفة صحيحة عمى حقوؽ إدارات عمومية أو حقوؽ‬
‫قاصريف"‪.‬‬
‫واذا كانت مقتضيات الفصوؿ المنظمة لمطعف بإعادة النظر في ظؿ قانوف‬
‫المسطرة المدنية واضحة وجمية في تخويؿ إمكانية ممارسة ىذا األخير ضد األحكاـ غير‬
‫‪1‬‬
‫وضد الق اررات الصادرة عف‬ ‫القابمة لالستنناؼ والتعرض الصادرة عف المحاكـ االبتدانية‬
‫محكمة االستنناؼ غير القابمة لمتعرض وكذا ضد الق اررات الصادرة عف محكمة النقض‬
‫طبقا لمفصؿ ‪ 379‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ فإف األمر ليس كذلؾ عندما يرتبط ىذا الطعف بقضايا‬
‫التحفيظ العقاري حيث أبانت الممارسة العممية عف العديد مف اإلشكاالت المتولدة أساسا‬
‫‪2‬‬
‫وىذا اإلشكاؿ تمثؿ‬ ‫عف الطبيعة الخاصة واالستثنانية لقضايا التحفيظ العقاري‬

‫‪-1‬تجدر اإلشارة إلى أف الطعف بالتماس إعادة النظر لـ يعد مف الممكف تصور وقوعو ضد األحكاـ االبتدانية وذلؾ‬
‫ألف جميع األحكاـ االبتدانية أصبحت قابمة لالستنناؼ بمقتضى التعديؿ األخير الذي طاؿ مقتضيات الفصؿ ‪ 19‬مف‬
‫ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ والذي جاء فيو "تختص المحاكـ االبتدانية بالنظر ابتدانيا مع حفظ االستنناؼ أماـ غرؼ االستننافات بالمحاكـ‬
‫االبتدانية إلى غاية عشريف ألؼ درىـ(‪ )20.000‬درىـ‬
‫‪-‬ابتدانيا مع حفظ حؽ االستنناؼ أماـ المحاكـ االستننافية في جميع الطمبات التي تتجاوز عشريف ألؼ‬
‫درىـ(‪ )20.000‬درىـ ‪."...‬‬
‫ولـ يستثف المشرع مف القاعدة أعاله إال النزاعات الناشنة عف تطبيؽ الغرامات التيديدية المقررة في التشريع الخاص‬
‫بالتعويض عف حوادث الشغؿ واألمراض المينية حيث أوجب أف يصدر في شأنيا حكـ انتياني ولو كاف مبمغ الطمب‬
‫غير محدد(الفقرة األخيرة مف الفصؿ ‪ 21‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ)‪.‬‬
‫‪-2‬وتجدر اإلشارة إلى أف الطعف بإعادة النظر في األحكاـ االبتدانية الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري ال يقبؿ عمى‬
‫أساس أف ىذه األحكاـ تقبؿ االستنناؼ دانما وفي ذلؾ نصت الفقرة األولى مف الفصؿ ‪ 41‬مف ظ‪.‬ت العقاري قبؿ وبعد‬
‫التعديؿ حيث جاء فييا ما يمي‪" :‬يقبؿ االستنناؼ في موضوع التحفيظ ميما كانت قيمة لمعقار المطموب تحفيظو ‪."...‬‬
‫وأنو حسب الفصؿ ‪ 402‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ فإف األحكاـ التي تقبؿ االستنناؼ ال يمكف أف تكوف موضوع طعف بإعادة النظر‬
‫وتجدر اإلشارة أف ىناؾ إشكاال آخر قد ثار بيذا الشأف يتعمؽ بمدى إمكانية قبوؿ الطعف بإعادة النظر في الق اررات‬
‫الصادرة عف محاكـ االستنناؼ في قضايا التحفيظ حيث اعتبر البعض أف ىذه الق اررات تقبؿ الطعف بإعادة النظر نظ ار‬
‫لكوف المشرع لـ يستبعدىا بشكؿ صريح وىناؾ اتجاه ثاني يؤكد عمى ضرورة رفض ىذا الطعف نظ ار لكوف أف ظ‪.‬ت‪.‬ع‬
‫قانوف الشكؿ والموضوع وأف طرؽ الطعف فيو جاءت عمى سبيؿ الحصر وىذا االتجاه أيدتو محكمة النقض في العديد‬
‫مف المناسبات ومف ذلؾ القرار عدد ‪ 2328‬مؤرخ في ‪ 2006/07/12‬الذي جاء فيو "الطعف بإعادة النظر غير مقبوؿ‬
‫أساسا في النزاع المتعمؽ بالتحفيظ العقاري لكوف ظيير التحفيظ العقاري الذي ىو قانوف الشكؿ والموضوع لـ ينص عميو‬
‫فال مجاؿ لمدفاع أو التمسؾ بإحالة الممؼ إلى النيابة وأف الفصؿ ‪ 379‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ إنما حدد أسباب إعادة النظر في‬
‫‪62‬‬
‫بالخصوص حوؿ مدى إمكانية الطعف بإعادة النظر في الق اررات الصادرة عف محكمة‬
‫النقض في نزاعات التحفيظ العقاري حيث إنقسـ رأي الفقو و القضاء بيف مؤيد ومعارض‬
‫ولكؿ مبرراتو وحججو‪.‬‬
‫وتأييدا لالتجاه القاضي بقبوؿ الطعف في ق اررات محكمة النقض بإلتماس إعادة‬
‫النظر أصدرت محكمة النقض العديد مف الق اررات ومف ذلؾ القرار عدد ‪ 277‬بتاريخ‬
‫‪ 1989/02/14‬والذي جاء فيو ما يمي‪" :‬وحيث إف الفصؿ ‪ 379‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ عندما تحدث‬
‫عف جواز الطعف في ق اررات المجمس األعمى لـ يفصؿ بيف ما يرجع مف ق ارراتو إلى النزاع‬
‫حوؿ العقار المحفظ أو الموجود في طور التحفيظ أو غير ذلؾ مف النزاعات األمر الذي‬
‫يكوف معو طمب إعادة النظر في نازلة الحاؿ مقبوال شكال"‪.1‬‬
‫وجاء في قرار آخر مؤرخ في ‪ 2001/11/13‬ما يمي "يجوز الطعف بإعادة‬
‫النظر في ق اررات المجمس األعمى إذا صدرت دوف مراعاة مقتضيات الفصؿ ‪ 372‬مف‬
‫ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ سواء تعمقت بمطالب التحفيظ أـ بغيرىا ويتعيف التراجع عف القرار المطعوف فيو‬
‫عندما نص عمى اإلستماع لألطراؼ قبؿ تالوة تقرير المستشار المقرر"‪.2‬‬

‫ق اررات المجمس األعمى وال يمكف القياس عميو لقبوؿ إعادة النظر في أحكاـ محاكـ الموضوع ألف طرؽ الطعف تشرع‬
‫بنص وال يمكف إحداثيا عف طريؽ القياس" ‪ ...‬غير منشور‪.‬‬
‫وجاء في قرار آخر ما يمي‪" :‬لكف ردا عمى الوسيمتيف فإف طرؽ الطعف تتعمؽ بالنظاـ العاـ وأنو ليس بمقتضيات ظيير‬
‫‪ 2013/08/12‬بشأف التحفيظ العقاري ما يسمح بالطعف بإعادة النظر ضد القرارات الصادرة عف محكمة االستنناؼ في‬
‫مسطرة التحفيظ مما تبقى معو الوسيمتيف غير جديرتيف باالعتبار"‪.‬‬
‫‪-‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 396‬المؤرخ في ‪ 2007/01/31‬ممؼ مدني عدد ‪(2005/1/1/12999‬أورده األستاذ عمر‬
‫أزوكار التحفيظ العقاري في ضوء التشريع العقاري وقضاء محكمة النقض)‪.‬‬
‫‪-1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 277‬مؤرخ في ‪ 1989/02/14‬ممؼ مدني عدد ‪ 12/3250‬مجمة قضاء المجمس‬
‫األعمى عدد ‪ 44‬ص ‪.50‬‬
‫‪-2‬القرار عدد ‪ 3912‬الصادر بغرفتيف بتاريخ ‪ 13‬نوفمبر ‪ 2001‬في الممؼ المدني ‪ 971/1/451‬منشور بمؤلؼ‬
‫األستاذ إدريس بممحجوب مبادئ الق اررات الصادرة بيينة مشكمة مف غرفتيف أو مف جميع غرؼ المجمس األعمى‬
‫مطبعة األمنية ط ‪ 1‬ص ‪.53‬‬
‫‪63‬‬
‫وفي قرار آخر مؤرخ في ‪ 1994/10/04‬أعادت محكمة النقض التأكيد عمى‬
‫نفس المقتضى حيث جاء فيو "يجوز الطعف بإعادة النظر في ق اررات المجمس األعمى إذا‬
‫صدر القرار دوف مراعاة مقتضيات المادة ‪ 375‬مف قانوف المسطرة المدنية"‪.1‬‬
‫بيد أف محكمة النقض لـ تكف وفية دوما ليذا اإلتجاه حيث نجدىا في العديد‬
‫مف الق اررات تذىب عكسو وتؤكد عمى عدـ إمكانية قبوؿ الطعف بإعادة بالنظر في‬
‫الق اررات الصادرة عف محكمة النقض في قضايا التحفيظ العقاري‪.‬‬
‫ومف الق اررات التي تذىب في ىذا االتجاه نجد القرار عدد ‪ 532‬المؤرخ في‬
‫‪ 2000/04/05‬حيث جاء فيو "وحيث إف إمكانية أو عدـ إمكانية ممارسة الطعوف في‬
‫األحكاـ تعتبر مف النظاـ العاـ فال يجوز بالتالي إحداث وسيمة طعف إال بمقتضى نص‬
‫صريح وأف قرار المجمس األعمى المطموب إعادة النظر فيو صدر في نزاع يتعمؽ بمادة‬
‫التحفيظ العقاري التي ينظميا نص خاص ىو ظيير ‪ 1913/08/12‬سواء مف حيث‬
‫الشكؿ أو الموضوع وأف ىذا الظيير نظـ موضوع ىذه المادة بأكممو بما في ذلؾ طرؽ‬
‫الطعف بالنقض (الفصؿ ‪ 47‬منو) وأنو ماداـ المشرع قد نظـ بصفة كاممة كؿ ما يتعمؽ‬
‫بالطعوف في األحكاـ الصادرة في مادة التحفيظ وحدد طرقيا فيما ذكر أعاله فإنو ال مجاؿ‬
‫لالستدالؿ بالفصؿ ‪ 3‬مف ظيير المصادقة عمى قانوف المسطرة المدنية إلحداث وسيمة‬
‫أخرى لمطعف في تمؾ األحكاـ والق اررات ‪ ...‬مما يفيد أف سكوت المشرع عف جواز الطعف‬
‫بإعادة النظر كاف مقصودا بو استبعادىا ولذلؾ فإنو يتعيف التصريح بعدـ قبوؿ طمب‬
‫إعادة النظر‪."2‬‬
‫مما سبؽ يتبيف أف لكؿ توجو أسبابو ومبرراتو فاإلتجاه األوؿ القانؿ بإمكانية‬
‫قبوؿ الطعف بإعادة النظر في ق اررات محكمة النقض الصادرة في نزاعات التحفيظ إستند‬
‫إلى عدة مبررات منيا‪:‬‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض عدد الصادر بغرفتيف المؤرخ في ‪ 1994/10/04‬في الممؼ عدد ‪ 98/9362‬أورده األستاذ‬
‫عبد العزيز توفيؽ قضاء المجمس األعمى في التحفيظ خالؿ أربعيف سنة مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء طبعة‬
‫األولى ‪ 1999‬ص ‪ 273‬وما بعدىا‪.‬‬
‫‪-2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 532‬مؤرخ في ‪ 2000/04/05‬في الممؼ المدني رقـ ‪(98/2/6/642‬أورده إبراىيـ‬
‫زعيـ الطعف بإعادة النظر أماـ المجمس األعمى مجمة المحامي عدد ‪ 49‬ص ‪.16‬‬
‫‪64‬‬
‫أف محكمة النقض قبؿ التعديؿ األوؿ الذي طاؿ ظيير التحفيظ العقاري كانت‬
‫تقبؿ الطعف بإعادة النظر في ق ارراتيا وذلؾ عمى إعتبار أف الفصؿ ‪ 47‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع‬
‫كاف يحيؿ عمى الظيير المؤسس لممجمس األعمى الذي كاف الفصؿ ‪ 36‬منو يقبؿ‬
‫الطعف بإعادة النظر في ق اررات ىذا األخير في حاالت محددة وخاصة‪.‬‬
‫والمبرر الثاني أف الفصؿ ‪ 1379‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ جاء عاما وشامال فيو لـ يميز‬
‫بيف الق اررات القابمة لمطعف بإعادة النظر بيف تمؾ الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري‬
‫وغيرىا مف القضايا األخرى وماداـ أف المشرع قد سكت عف اإلحالة الصريحة فإنو‬
‫وجب الرجوع إلى الشريعة العامة لقوانيف الشكؿ وتطبيؽ مقتضياتيا‪.‬‬
‫أما اإلتجاه الثاني القاضي بعدـ قبوؿ الطعف بإعادة النظر في ق اررات محكمة‬
‫النقض الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري فإنو بدوره يستند إلى العديد مف المبررات‬
‫ومنيا أف حاالت الطعف بإعادة النظر تتعارض مع خصوصيات قضايا التحفيظ ذلؾ أف‬
‫الفصؿ ‪ 402‬و‪ 379‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ حدد أسباب إعادة النظر عمى سبيؿ الحصر وعميو‬
‫فبالرجوع إلى أسباب إعادة النظر المحددة حص ار في الفصؿ ‪ 379‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ يظير أف‬
‫السبب المتعمؽ ببت المحكمة فيما لـ يطمب منيا أو أكثر مما طمب أو إغفاؿ البت في‬
‫ىذه الطمبات ال يطرح في نزاع التحفيظ الذي يحدد موضوعو مسبقا مف قبؿ المحافظ وأف‬
‫المحكمة يقتصر دورىا عمى البت في صحة التعرض مف عدمو وحتى إذا اغفمت البت‬

‫‪-1‬ينص الفصؿ ‪ 379‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ عمى ما يمي‪" :‬ال يمكف الطعف في الق اررات التي تصدرىا محكمة النقض إال في‬
‫األحواؿ اآلتية‪:‬‬
‫أ)يجوز الطعف بإعادة النظر‬
‫‪-1‬ضد الق اررات الصادرة استنادا عمى وثانؽ صرح أو اعترؼ بزورتييا؛‬
‫‪ -2‬ضد الق اررات الصادرة بعدـ القبوؿ أو السقوط ألسباب ناشنة عف بيانات ذات صبغة رسمية وضعت عمى مستندات‬
‫الدعوى ثـ تبيف صحتيا عف طريؽ وثانؽ رسمية جديدة وقع االستظيار بيا فيما بعد؛‬
‫‪-3‬إذا صدر القرار عمى أحد الطرفيف لعدـ إدالنو بمستند حاسـ احتكره خصمو؛‬
‫‪-4‬إذا صدر القرار دوف مراعاة لمقتضيات الفصوؿ ‪ 371‬و‪ 372‬و‪375‬‬
‫ب)يمكف أف يطعف مف أجؿ طمب تصحيح الق اررات التي لحقيما خطأ مادي مف شأنو أف يكوف قد أثر فييا ‪."...‬‬
‫‪65‬‬
‫في أحد التعرضات فإف مف صالحية المحافظ اإلمتناع عف تنفيذ الحكـ وارجاعو إلى‬
‫المحكمة‪.1‬‬
‫وكذلؾ إستند ىذا االتجاه إلى أف قانوف ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬ىو قانوف موضوع‬
‫وشكؿ في نفس الوقت وأنو لـ يتحدث عف الطعف بإعادة النظر مما يفيد أنو أراد‬
‫إستبعاده مف دانرة الطعوف التي تقبميا الق اررات الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري وال‬
‫يمكف التسميـ بأف عدـ وجود إستبعاد صريح معناه وجوب الرجوع ضمنيا إلى قانوف‬
‫المسطرة المدنية ذلؾ أنو مف المبادئ العامة المقررة في ىذا الصدد أنو إذا حصؿ‬
‫تعارض بيف مسطرة خاصة ومسطرة عامة تطبؽ المسطرة الخاصة ومنو فال يمكف‬
‫تطبيؽ قواعد المسطرة المدنية ما لـ يوجد نص صريح يحيؿ عمى مقتضياتيا"‪.2‬‬
‫وىذا الموقؼ تـ تكريسو أيضا قبؿ صدور قانوف المسطرة المدنية سنة‬
‫‪ 1974‬حيث جاء في قرار صادر بتاريخ ‪ 15‬ماي ‪ 1968‬تحت عدد ‪ 16‬ما يمي"أف‬
‫مسطرة دعاوى التحفيظ ال تخضع لمقتضيات قانوف المسطرة المدنية ماعدا في الحاالت‬
‫المنصوص عمييا صراحة"‪.3‬‬
‫وحسما ليذا التضارب الحاصؿ عمى مستوى ق اررات محكمة النقض ومحاكـ‬
‫الموضوع ودرءا إلثاره السينة التي يخمفيا في نفوس المتقاضيف والمتعامميف بالعقار‬
‫ببالدنا تدخؿ المشرع المغربي بمقتضى التعديؿ الذي طاؿ ظيير التحفيظ العقاري‬
‫بالقانوف ‪ 14.07‬ونص في فصمو التاسع بعد المانة عمى أنو "ال تقبؿ األحكاـ الصادرة‬
‫في مادة التحفيظ العقاري إال الطعف باالستنناؼ أو النقض"‪.‬‬

‫‪-1‬المصطفى الكيمة خصوصيات المسطرة في قضايا التحفيظ العقاري بحث في النزاعات المثارة بسبب التعرض عمى‬
‫مطمب التحفيظ أطروحة لنيؿ الدكتوراه في القانوف الخاص جامعة محمد األوؿ كمية العموـ القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية بوجدة السنة الجامعية ‪ 2010/2009‬ص ‪ 277‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪-2‬الحسف الحمير اإلشكاالت القانونية لقواعد المسطرة في مادة التحفيظ رسالة لنيؿ دبموـ الدراسات العميا المعمقة‬
‫في القانوف المدني جامعة القاضي عياض كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش السنة الجامعية‬
‫‪ 2002/2001‬ص ‪.92‬‬
‫‪-3‬القرار عدد ‪ 16‬المؤرخ في ‪ 15‬ماي ‪ 1968‬المجمة المغربية لمقانوف والسياسة ع ص ‪.129‬‬
‫‪66‬‬
‫وتطبيقا لما جاء في ىذا الفصؿ وتأكيدا لو و عميو أصدرت محكمة النقض ق ار ار‬
‫تحت عدد ‪ 302‬مؤرخ في ‪ 2013/05/28‬والذي جاء فيو "بمقتضى الفصؿ ‪ 109‬مف‬
‫قانوف التحفيظ العقاري كما تـ نسخو بالقانوف ‪ 14.07‬ال تقبؿ األحكاـ الصادرة في مادة‬
‫التحفيظ العقاري الطعف إال باإلستنناؼ والنقض ولما كاف الطمب يرمي إلى إعادة النظر‬
‫في القرار الصادر في مادة التحفيظ العقاري فإنو يكوف غير مقبوؿ"‪.1‬‬
‫وفي رأيي فإف مقتضيات الفصؿ ‪ 109‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع واف كانت تبدو واضحة‬
‫ومفيومة فإف صياغتيا الفضفاضة والمرنة تدعو إلى إبداء بعض المالحظات ولعؿ‬
‫أبرزىا ىؿ قصد المشرع المغربي مف خالؿ ىذا الفصؿ استبعاد باقي الطعوف غير‬
‫العادية الممكف ممارستيا في قضايا التحفيظ العقاري خصوصا ما تعمؽ منيا بالطعوف‬
‫الموجية ضد ق اررات محكمة النقض؟‪.‬‬
‫جوابا عف ىذا التساؤؿ فإننا نرى أنو ال يمكف منع المتقاضيف مف الطعف في‬
‫ق اررات محكمة النقض بإعادة النظر أو بتعرض الغير الخارج عف الخصومة وذلؾ لعدة‬
‫إعتبارات ومبررات منيا أف العدالة والمنطؽ السميـ يدعواف إلى السماح بممارسة ىذه‬
‫الطعوف وذلؾ تفاديا لكؿ آثار سمبية قد تنتج عف خطأ أو ظالؿ ق اررات محكمة النقض‬
‫ذلؾ أف القاضي بشر والبشر مجبوؿ عمى السيو والتساىي لذلؾ كاف مف األحسف‬
‫واألليؽ السماح بممارسة كؿ طرؽ الطعف ما لـ يحرـ المشرع ذلؾ بكيفية صريحة‬
‫ومحددة بغية تقويـ ما أعوجج مف ق اررات محكمة النقض خصوصا إذا إستحضرنا ما قد‬
‫ينتج عف ىذه األحكاـ مف عواقب وخيمة تتمثؿ في كونيا قد تكوف سندا لتأسيس الرسـ‬
‫العقاري غير القابؿ ألي طعف(الفصميف ‪ 1‬و‪ )62‬لذلؾ فإف الرأي أف المشرع بمقتضى‬
‫ىذا الفصؿ لـ يمنع صراحة الطعف بإعادة النظر وتعرض الغير الخارج عف الخصومة‬
‫في ق اررات محكمة النقض وأنو تبعا لذلؾ وجب تطبيؽ مقتضيات الفصؿ ‪ 379‬مف‬
‫ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ إذا ما توفرت شروط ذلؾ رغـ أف لمحكمة النقض حاليا رأي مخالؼ‪.‬‬
‫لكف فمنفرض أف محكمة النقض قد إصدرت ق ار ار في قضايا التحفيظ العقاري‬
‫إستنادا عمى وثانؽ صرح أو اعترؼ بزوريتيا فأي التوجييف حري بالتأييد أنستند إلى‬

‫‪-1‬القرار عدد ‪ 302‬المؤرخ في ‪ 2013/05/28‬في الممؼ المدني عدد ‪ 867/1/8/2013‬غير منشور‪.‬‬


‫‪67‬‬
‫قاعدة أف ظيير التحفيظ العقاري قانوف موضوع وشكؿ وبالتبعية نستبعد إمكانية السماح‬
‫بالطعف بإعادة النظر أـ نرجح كفة العدؿ والعدالة ونسمح بإمكانية الطعف إستنادا إلى‬
‫مقتضيات الفصؿ ‪ 379‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ‪.‬‬
‫أعتقد أنو مادامت غاية القضاء كانت دوما وأبدا تحقيؽ العدؿ عف طريؽ حفظ‬
‫الحقوؽ وارجاعيا إلى أصحابيا فإنو وجب عمى محكمة النقض أف تسمح بمكنة ممارسة‬
‫الطعف بإعادة النظر في ق ارراتيا إستنادا إلى مرونة الفصؿ ‪ 109‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع كما عدؿ‬
‫وتمـ بالقانوف ‪ 14.07‬واستنادا كذلؾ إلى غاية وىدؼ محكمة النقض أال وىو تحقيؽ‬
‫العدؿ ورفع الظمـ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلختصاص في نظر دعوى الصعوبة الوقتية‬

‫حدد المشرع المغربي بمقتضى الفصؿ ‪ 26‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ الجية الموكوؿ ليا حؽ‬
‫النظر في صعوبة التنفيذ الموضوعية في المحكمة مصدرة الحكـ موضوع الصعوبة‬
‫وفي ذلؾ تنص الفقرة األولى مف ىذا الفصؿ عمى ما يمي‪" :‬تختص كل محكمة مع‬
‫مراعاة مقتضيات الفصل ‪ 941‬بالنظر في الصعوبات المتعمقة بتأويل أو تنفيذ أحكاميا‬
‫أو ق ارراتيا وخاصة في الصعوبات المتعمقة بالمصاريف المؤداة أماميا ‪."...‬‬
‫أما إختصاص نظر الصعوبة الوقتية فقد حدده المشرع المغربي بمقتضى الفصؿ‬
‫‪ 149‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ في رنيس المحكمة االبتدانية بصفتو قاضيا لألمور المستعجمة أو أقدـ‬
‫القضاة بالمحكمة إذا عاؽ الرنيس مانع قانوني واذا كاف النزاع معروضا عمى أنظار‬
‫محكمة اإلستنناؼ فإف اإلختصاص ينعقد لرنيسيا األوؿ‪.2‬‬

‫‪-1‬يقصد بالصعوبة الوقتية تمؾ الصعوبة التي تيدؼ إلى تأجيؿ التنفيذ أو إيقافو وىي ترفع قبؿ البدء في التنفيذ أما‬
‫بعد تماـ التنفيذ فإنو ال يبقى ليا مبرر‬
‫‪-‬إبراىيـ بحماني تنفيذ األحكاـ القضانية الصادرة في مادة التحفيظ العقاري خصوصيات واكراىات مقاؿ منشور‬
‫بأعماؿ الندوة الوطنية في موضوع األمف العقاري دفاتر محكمة النقض عدد ‪ 26‬نشر مركز النشر والتوثيؽ القضاني‬
‫بمحكمة النقض مطبعة األمنية الرباط ص ‪.486‬‬
‫‪-2‬ينص الفصؿ ‪ 149‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ عمى ما يمي‪" :‬يختص رنيس المحكمة االبتدانية وحده بالبت بصفتو قاضيا‬
‫لممستعجالت كمما توفر عنصر االستعجاؿ في الصعوبات المتعمقة بتنفيذ حكـ أو سند قابؿ لمتنفيذ أو األمر بالحراسة‬
‫‪68‬‬
‫وغني عف البياف أف الحديث ىنا يتعمؽ بمرحمة ما قبؿ التنفيذ أما إذا تعمؽ‬
‫األمر بصعوبة وقتية مرتبطة بمرحمة البدء في التنفيذ أو أثناءه فإف اإلختصاص ينعقد‬
‫لرنيس المحكمة االبتدانية بصفتو ىذه طبقا لمقتضيات الفصؿ ‪ 436‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ‪ .‬أي أنو‬
‫يتدخؿ في إطار عممو الوالني ال القضاني‪.1‬‬
‫بإستقراء كؿ ىذه النصوص والمقتضيات القانونية يتضح أف المشرع المغربي‬
‫حدد الجيات التي تختص بنظر صعوبات التنفيذ بمختمؼ أنواعيا محاوال بذلؾ وضع‬
‫حدود ومعايير إختصاص كؿ جية قضانية بغية تفادي تنازع اإلختصاص بينيا‬
‫خصوصا إذا إستحضرنا الخصوصية اآلنية ليذه األنواع مف النزاعات‪.‬‬
‫بيد أف كؿ ىذه الجيود التي بدليا المشرع لـ تمنع مف بروز بعض اإلشكاالت‬
‫الواقعية التي أبانت عنيا الممارسة العممية والتي كانت إما بسبب سوء التفسير أو‬
‫بسبب غموض ىذه النصوص والنقص التي اعتراىا‪ .‬ولعؿ أىـ إشكاؿ طرح بيذا‬
‫الخصوص ىو بخصوص مدى إختصاص الرنيس األوؿ لمحكمة اإلستنناؼ بنظر‬
‫‪2‬‬
‫إذا كاف النزاع معروضا عمى محكمتو حيث‬ ‫الصعوبة الوقتية في إطار الفصؿ ‪436‬‬
‫ذىب القضاء ببالدنا وعمى رأسو محكمة النقض في اتجاىيف األوؿ يرى أف الجية‬
‫المختصة في نظر الصعوبة الوقتية في التنفيذ ىي رنيس المحكمة االبتدانية بصفتو ىذه‬

‫القضانية أو أي إجراء آخر تحفظي سواء كاف النزاع في الجوىر قد أحيؿ عمى المحكمة أـ ال باإلضافة إلى الحاالت‬
‫المشار إلييا في الفصؿ السابؽ والتي يمكف لرنيس المحكمة االبتدانية أف يبت فييا بصفتو قاضيا لممستعجالت‪.‬‬
‫إذا عاؽ الرنيس مانع قانوني أسندت مياـ قاضي المستعجالت إلى أقدـ القضاة‪.‬‬
‫إذا كاف النزاع معروضا عمى محكمة االستنناؼ مارس ىذه المياـ رنيسيا األوؿ‪.‬‬
‫تعيف أياـ وساعات جمسات القضاء المستعجؿ مف طرؼ الرنيس"‪.‬‬
‫‪-1‬عبد الكريـ الطالب ـ س ص ‪.408‬‬
‫‪-2‬ينص الفصؿ ‪ 436‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ عمى ما يمي‪" :‬إذا أثار األطراؼ صعوبة واقعية أو قانونية إليقاؼ تنفيذ الحكـ أو‬
‫تأجيمو أحيمت الصعوبة عمى الرنيس مف لدف المنفذ لو أو المحكوـ عميو أو العوف المكمؼ بتبميغ أو تنفيذ الحكـ‬
‫القضاني وبقدر الرنيس ما إذا كانت اإلدعاءات المتعمقة بالصعوبة مجرد وسيمة لممماطمة والتسويؼ ترمي إلى المساس‬
‫بالشيء المقضى بو حيث يأمر في ىذه الحالة بصرؼ النظر عف ذلؾ واذا ظير أف الصعوبة جدية أمكف لو أف يأمر‬
‫بإيقاؼ التنفيذ إلى أف يبت في األمر‪.‬‬
‫ال يمكف تقديـ أي طمب جديد لتأجيؿ التنفيذ كيفما كاف السبب الذي يستند إليو"‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫سواء كانت محكمتو قد أصدرت الحكـ موضوع التنفيذ أو أنو قد أحيؿ عمييا بمقتضى‬
‫‪1‬‬
‫وفي ذلؾ أصدرت محكمة النقض عدة ق اررات نذكر منيا‬ ‫إنابة قضانية مف أجؿ التنفيذ‬
‫القرار عدد ‪ 1888‬المؤرخ في ‪ 1989/07/24‬والذي جاء فيو "يتجمى مف الفصؿ ‪436‬‬
‫مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ أف المختص بنظر الصعوبة في التنفيذ ىو رنيس المحكمة اإلبتدانية التي‬
‫تمارس التنفيذ ولو كانت مسطرة إستنناؼ الحكـ المتابع تنفيذه رانجة أماـ محكمة‬
‫االستنناؼ‪.2‬‬
‫أما اإلتجاه الثاني فإنو يرى أف لمرنيس األوؿ لمحكمة اإلستنناؼ حؽ نظر‬
‫الصعوبة الوقتية في التنفيذ في حالة ما إذا كاف النزاع معروضا عمى محكمتو وأنو ليس‬
‫في القانوف ما يمنع ذلؾ صراحة وتكريسا ليذا التوجو أصدرت محكمة النقض القرار‬
‫عدد ‪ 309‬المؤرخ في ‪ 1988/04/09‬والذي جاء فيو "لكف حيث إف الفصؿ ‪ 436‬مف‬
‫ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ المحتج بخرقو ولنف ورد ضمف الفصوؿ السابقة لو والمتعمقة بالتنفيذ الجبري‬
‫لألحكاـ فإف األمر يتعمؽ باألحكاـ التي تكتسي قوة الشيء المقضى بو أما الصعوبة‬
‫المتعمقة بأحكاـ مستأنفة فإف الفصؿ ‪ 149‬صريح في أف اإلختصاص بالبت فييا يعود‬
‫لمرنيس األوؿ لمحكمة اإلستنناؼ"‪.3‬‬
‫بإستقراء ىذه الق اررات وتحميميا عمى ضوء النصوص المنظمة يتضح أف اإلتجاه‬
‫النافي إلختصاص الرنيس األوؿ لنظر الصعوبة الوقتية في إطار الفصؿ ‪ 436‬مف‬
‫ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ إعتمد عمى التفسير الضيؽ ليذا الفصؿ حيث إنو إعتمد حرفية النص الذي‬
‫تحدث عف رنيس المحكمة بصفتو ىذه دوف إشارة صريحة ال مف قريب وال مف بعيد‬
‫لعبارة الرنيس األوؿ وبذلؾ فإف الرنيس األوؿ يقتصر نظره عمى الصعوبة في إطار‬

‫‪-1‬عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪.179‬‬


‫‪-2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 1888‬المؤرخ في ‪ 1985/07/24‬منشور بالمجمة المغربية لمقانوف عدد ‪ 1‬سنة ‪1986‬‬
‫ص ‪ 4‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪-3‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 309‬المؤرخ في ‪ 1988/04/09‬في الممؼ المدني عدد ‪ 86/8664‬مجمة قضاء‬
‫المجمس األعمى عدد ‪ 42‬اإلصدار الرقمي ص ‪.135‬‬
‫‪70‬‬
‫الفصؿ ‪ 149‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ دوف غيرىا‪ 1‬وذلؾ لوجود التنصيص الصريح في إطار ىذا‬
‫الفصؿ عمى منحو حؽ نظرىا‪.‬‬
‫وأما اإلتجاه الثاني القاضي بمنح إختصاص نظر الصعوبة الوقتية لمرنيس األوؿ‬
‫لمحكمة اإلستنناؼ فإنو إعتمد عمى معيار حيازة الحكـ لقوة الشيء المقضى بو مف‬
‫عدمو لذلؾ فإف اإلختصاص ثابت ليذا األخير بمجرد أف الحكـ المثار بشأنو الصعوبة‬
‫مستأنؼ معتبرة أف الفصؿ ‪ 436‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ يتعمؽ باألحكاـ الحانزة لقوة الشيء المقضى‬
‫بو أي األحكاـ النيانية‪ 2‬القابمة لمتنفيذ‪.‬‬
‫واعتمد أنصار ىذا االتجاه كذلؾ عمى كوف أف رنيس المحكمة اإلبتدانية‬
‫صاحب الوالية العامة لنظر الصعوبات الوقتية في تنفيذ األحكاـ سواء بمقتضى الفصؿ‬
‫‪ 149‬أو ‪ 436‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ ما لـ يعرض النزاع عمى محكمة اإلستنناؼ فحينيا ينتقؿ‬
‫اإلختصاص إلى الرنيس األوؿ ليذه األخيرة بناء عمى مقتضيات الفقرة الثالثة مف الفصؿ‬
‫‪ 149‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ‪.‬‬
‫لذلؾ فإنو وجب النظر إلى الفصؿ ‪ 436‬و‪ 149‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ كوحدة غير قابمة‬
‫لمتجزنة فالفصؿ ‪ 149‬يعد شارحا ومكمال لمفصؿ ‪ 436‬ولذلؾ وجب تفسير مقتضيات‬
‫الفصؿ ‪ 436‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ تفسي ار واسعا لتشمؿ عبارة "الرنيس" رنيس المحكمة اإلبتدانية‬
‫والرنيس األوؿ لمحكمة اإلستنناؼ إنسجاما و أحكاـ الفصؿ ‪ 149‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ‪.‬‬
‫والرأي أف ىذه الق اررات جميعيا جانبت الصواب ولـ تجعؿ لقضانيا أساسا‬
‫قانونيا ذلؾ أنيا لـ تميز بيف وقت إثارة الصعوبة الوقتية في ظؿ مقتضيات كؿ فصؿ‬
‫فالصعوبة المقصودة في إطار الفصؿ ‪ 149‬ىي تمؾ الصعوبة التي تثار قبؿ أف يفتح‬

‫‪-1‬عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪.179‬‬


‫‪-2‬وذلؾ انسجاما مع التعريؼ الذي يرى أف قوة األمر المقضى بو تثبت لألحكاـ التي لـ تعد تقبؿ أي طريؽ مف طرؽ‬
‫الطعف سواء كاف عاديا أو غير عادي أي أف األحكاـ المقصودة ىي تمؾ التي أصبحت باتة أو قطعية أو نيانية وقد‬
‫استند مؤيد وىذا الرأي لتبرير موقفيـ عمى قابمية الحكـ لمتنفيذ فمتى كاف قابال لمتنفيذ حاز قوة األمر المقضى بو‪.‬‬
‫ويعرفو عبد الكريـ الطالب في مؤلفو السابؽ ص ‪" 232‬األحكاـ الحانزة لقوة الشيء المقضى بو ىي التي ال تقبؿ طرؽ‬
‫الطعف العادية مف تعرض واستنناؼ واف كانت تقبؿ الطعف بالطرؽ غير العادية كإعادة النظر وتعرض الغير الخارج‬
‫عف الخصومة والنقض"‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫ممؼ التنفيذ أما في إطار الفصؿ ‪ 436‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ فالصعوبة المقصودة ىي تمؾ التي‬
‫تثار بعد فتح ممؼ التنفيذ حيث يصبح المنفذ عميو ميددا بالتنفيذ عميو‪.1‬‬
‫حيث يختص بنظر األولى رنيس المحكمة االبتدانية والرنيس األوؿ لمحكمة‬
‫اإلستنناؼ ويختص بالثانية رنيس المحكمة اإلبتدانية حص ار بصفتو ىذه دوف غيره تبعا‬
‫لمفصؿ ‪ 436‬وبالتالي فإنو ال مجاؿ لمتمسؾ بعمومية الفصؿ ‪ 149‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ لمقوؿ‬
‫بإسناد اإلختصاص لمرنيس األوؿ لنظر صعوبات التنفيذ التي تثار بعد البدء في التنفيذ أو‬
‫أثناءه وذلؾ لمعمة السابقة‪ 2‬وتبعا لكوف أف محكمة اإلستنناؼ غالبا ما تعيد لممحاكـ‬
‫اإلبتدانية بالتنفيذ في إطار ما يسمى باإلنابة القضانية مف أجؿ التنفيذ‪.‬‬

‫‪-1‬إبراىيـ بحماني تنفيذ األحكاـ القضانية الصادرة في مادة التحفيظ العقاري ـ س ص ‪.500‬‬
‫‪-2‬عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪.182‬‬
‫‪72‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تضارب ق اررات محكمة النقض في‬
‫المادة العقارية من الناحية الموضوعية‬

‫‪73‬‬
‫يميز عادة بيف القواعد الموضوعية والقواعد الشكمية مف زاوية النطاؽ والمجاؿ التي‬
‫تتناولو بالتنظيـ ويمكف تعريؼ القانوف الموضوعي بأنو مجموع القواعد التي تحدد‬
‫الحقوؽ وتبيف اإللتزامات في المادة المدنية أو تبيف الجرانـ والعقوبات المقررة ليا في‬
‫المادة الجنانية‪.1‬‬
‫ويعتبر القانوف المدني في مفيومو العاـ مجاال خصبا ومرتعا صالحا لبروز‬
‫أىمية ىذه القواعد بإعتباره فرعا مف الفروع القانونية التي تيتـ بتنظيـ العالقات المالية‬
‫بيف األفراد والمؤسسات عمى حد سواء‪.‬‬
‫فالقانوف المدني في مفيومو العاـ ىو تمؾ القواعد الموضوعية التي تحدد حقوؽ‬
‫والتزامات األفراد في كؿ ما يتعمؽ بمعامالتيـ وعالقتيـ المالية واألسرية مثؿ قانوف‬
‫اإللتزامات والعقود ومدونة األسرة وظيير التحفيظ العقارية وكذا مدونة الحقوؽ العينية‪.‬‬
‫ولما كانت األرض جزءا ال يتج أز مف كينونة اإلنساف ووجوده فإف القواعد‬
‫الموضوعية المنظمة لمعقارات والحقوؽ المرتبطة بيا حضيت بإىتماـ خاص مف طرؼ‬
‫المشرع وقبمو فقياء الشريعة اإلسالمية وذلؾ بغية اإلحاطة بكؿ اإلشكاالت التي أبانت‬
‫والتي ستبيف عنيا الممارسة العممية عمى أساس أف مجاؿ العقار معروؼ بتشعبو وكثرة‬
‫النزاعات التي تثار بشأنو‪.‬‬
‫وما زاد األمر تعقيدا واستشكاال ىو تعدد القوانيف المنظمة لمعقار في المغرب‬
‫واختالؼ طبيعتيا حيث نجد إزدواجية في النظـ القانونية فيناؾ عقار عادي ظؿ‬
‫يخضع لمقواعد الجاري بيا العمؿ قبؿ فرض نظاـ الحماية وعقار في طور التحفيظ‬
‫يخضع مف حيث الشكؿ لظيير التحفيظ العقاري ومف حيث الموضوع لقواعد الفقو‬
‫اإلسالمي‪ .‬وعقار محفظ يخضع لمقانوف المطبؽ عمى العقارات المحفظة والمتمثؿ في‬
‫ظيير التحفيظ العقاري لسنة ‪ 1913‬والقرار الوزاري المؤرخ في ‪ 2‬يونيو ‪.1915‬‬
‫الشيء الذي أدى إلى إختالؼ في تفسيرات القضاة وتكييفاتيـ وقراءاتيـ‬
‫لمنصوص المنظمة ليذه العقارات عمى اختالؼ طبيعتيا وخصوصياتيا مما أدى‬
‫بالنتيجة إلى صدور أحكاـ وق اررات متناقضة وغير منسجمة سواء عمى مستوى محاكـ‬

‫‪-1‬عبد الكريـ الطالب الوجيز في المبادئ األساسية لمقانوف والحؽ نظرية الحؽ نونبر ‪ 2013‬ص ‪.22‬‬
‫‪74‬‬
‫الموضوع بإختالؼ درجاتيا ونوعيا أو عمى مستوى محكمة النقض وىي بصدد‬
‫معالجتيا ليذه القضايا محؿ النقاش والخالؼ‪.‬‬
‫ىذا مف جية ومف جية أخرى فإف موضوع التصرفات الواردة عمى العقارات‬
‫بإختالؼ أنواعيا وطبيعتيا أثار العديد مف اإلشكاالت وأسيؿ حولو الكثير مف مداد‬
‫الباحثيف والفقياء لما لو مف أىمية داخؿ حياة الجماعة بإعتباره وسيمة لتأسيس ونقؿ‬
‫وتداوؿ الحقوؽ العينية المنصبة عمى العقارات مع ما يصاحب ذلؾ مف مخاطر‬
‫وصعوبات خصوصا في التصرفات التبرعية والتصرفات المرتبطة بالعقارات المشاعة‬
‫سواء كانت بإرادة منفردة أو توقؼ إنشانيا عمى توافر إرادتيف‪.‬‬
‫ولمعالجة ىذا الموضوع ومحاولة اإللماـ بأىـ جوانبو ورصد أىـ آثاره عمى‬
‫مبدأي األمف القضاني واألمف العقاري سنعتمد تقسيما ثنانيا ليذا الفصؿ وذلؾ عمى‬
‫الشكؿ التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تضارب الق اررات بخصوص القواعد المنظمة لمعقارات المحفظة‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تضارب الق اررات بخصوص التصرفات الواردة عمى العقار‬

‫‪75‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تضارب الق اررات بخصوص القواعد المنظمة لمعقارات‬
‫المحفظة‬
‫بمجرد ما إستقر الوضع لمفرنسييف ووضعوا أيدييـ عمى سدة الحكـ –بدعوى‬
‫حماية المغرب مف أعدانو والقياـ بإصالحات جوىرية عمى جميع المستويات‪ -‬بدؤوا‬
‫يفكروف في طريؽ تمكنيـ مف بسط سيطرتيـ عمى أراضي المغاربة لفاندة كؿ األجانب‬
‫ومف واالىمـ واتبع سنتيـ‪.‬‬
‫وبالفعؿ تـ ليـ ذلؾ عف طريؽ إبتداع نظاـ جديد يضبط الممكية العقارية بشكؿ‬
‫أفضؿ وأدؽ قانـ عمى أساس الشير العيني إذ يرتكز أساسا عمى ضبط الوضعية‬
‫المادية والقانونية لمعقار في حد ذاتو دوف التركيز بالدرجة األولى عمى شخص المالؾ‬
‫حيث يتـ إنشاء رسـ عقاري لكؿ قطعة أرضية عمى حدة يشكؿ الحالة المدنية لمعقار إال‬
‫جانب خريطة عقارية تحدد حدوده ومساحتو ومكاف تواجده بكؿ دقة‪.‬‬
‫وبعيدا عف األسباب الحقيقة لفرض ىذا النظاـ ونوايا مشرعو آنذاؾ فإف ىذا‬
‫األخير يعد مف أرقى ما إبتدعو العقؿ البشري حيث حقؽ نجاحا كبي ار مف حيث درجة‬
‫ودقة الضبط التي يحققيا لمعقار سواء مف الناحية القانونية أو مف الناحية المادية الشيء‬
‫الذي أدى بالناس إلى اإلقباؿ عميو طواعية بعد أف إستحسنوا واستشعروا قيمتو ومزاياه‪.‬‬
‫ولموصوؿ إلى ىذا الضبط في الوضعية القانونية والمادية لمعقارات البد لطالب‬
‫التحفيظ مف سموؾ مجموعة مف اإلجراءات القانونية التي نص عمييا مقنف ظيير التحفيظ‬
‫العقاري لػ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬والتي تسمى في مجمميا مسطرة التحفيظ والتي يمكف أف‬
‫تنتيي إدارية كأصؿ عاـ ويمكف أف تتخمميا مسطرة قضانية في حالة وجود نزاع وىذا‬
‫ىو اإلستثناء‪.‬‬
‫لكف األسباب التاريخية لوضع ىذا النظاـ وترجمتو المعيبة أحيانا مف الفرنسية‬
‫إلى العربية أدوا إلى بروز قضايا خالفية عمى مستوى التطبيؽ العممي لنصوص ظيير‬
‫التحفيظ العقاري وما إرتبط بو مف مقتضيات خاصة وذلؾ محاولة مف القضاء المغربي‬
‫لتطويع وتمييف بعض النصوص الجامدة التي ال تساير روح العصر وتطوره السريع‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫ومف أجؿ معالجة ىذا الموضوع ومحاولة إبراز أىـ إشكاالتو العممية إرتأينا‬
‫تقسيـ ىذا المبحث إلى مطمبيف وذلؾ عمى الشكؿ التالي‪:‬‬
‫المطمب األول‪ :‬مسطرة التحفيظ وآثارىا‬
‫المطمب الثاني‪ :‬في التشطيبات القضائية‬

‫‪77‬‬
‫المطمب األول‪ :‬مسطرة التحفيظ وآثارىا‬
‫إف األصؿ في مسطرة التحفيظ العقاري بالمغرب أنيا عمؿ إداري تنطمؽ بتقديـ‬
‫مطمب التحفيظ إلى المحافظ عمى األمالؾ العقارية وتنتيي بتأسيس رسـ عقاري خاص‬
‫يطير العقار مف كؿ الشوانب والحقوؽ التي لـ يتـ اإلعالف عنيا أثناء جرياف ىذه‬
‫المسطرة والتي تتميز بوجود آجاؿ دقيقة تضبطيا وعممية إشيار واسعة تصاحبيا‪.‬‬
‫بيد أف مسطرة التحفيظ قد تتخمميا نزاعات وادعاءات بإستحقاؽ حقوؽ أو‬
‫تحمالت تـ إنكارىا مف طرؼ طالب التحفيظ عند تقديـ مطمبو لذلؾ فتح مقنف ظيير‬
‫ا لتحفيظ العقاري مكنة التعرض عمى مسطرة التحفيظ لكؿ شخص يدعي حقا عمى عقار‬
‫تـ طمب تحفيظو وذلؾ داخؿ آجاؿ محددة وبشروط مسطرة‪.‬‬
‫وعمى إثر ذلؾ يقوـ السيد المحافظ عمى األمالؾ العقارية بتجييز الممؼ وارسالو‬
‫إلى المحكمة االبتدانية المختصة لتقوـ بالبت فيو واحالتو مف جديد عمى السيد المحافظ‬
‫قصد تطبيؽ األحكاـ بعد صيرورتيا نيانية وباتة‪.‬‬
‫لكف ولخصوصية ىذه المسطرة أماـ القضاء وتميزىا عف باقي المساطر‬
‫األخرى فقد أثير بشأنيا نقاش كبير وصؿ إلى حد صدور أحكاـ متناقضة في قضايا‬
‫متشابية الوقانع واألحداث‪.‬‬
‫ونظ ار لخطورة آثار مسطرة التحفيظ التي تنتيي بتأسيس رسـ عقاري وبطالف‬
‫ماعداه مف الرسوـ والذي حصنو المشرع مف أي طريؽ مف طرؽ الطعف طبقا لما ينص‬
‫عميو الفصؿ ‪ 62‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع فقد حاوؿ بعض الفقو ومعو نفر مف قضاء الموضوع‬
‫وتمة مف قضاة محكمة النقض التمطيؼ مف حدة قاعدة التطيير وذلؾ عف طريؽ‬
‫التضييؽ مف نطاقيا في بعض الحاالت الخاصة‪.‬‬
‫ولدراسة ىذا الموضوع ومعالجة أبرز إشكاالتو ومحاولة إبرازىا سنعتمد تقسيما‬
‫ثنانيا وذلؾ عمى الشكؿ التالي‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬في مسطرة التحفيظ‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إشكالية نطاق قاعدة التطيير‬

‫‪78‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬في مسطرة التحفيظ‬

‫قبؿ الخوض في اإلشكاالت التي تثيرىا مسطرة التحفيظ العقاري خصوصا فيما‬
‫يتعمؽ بإشكالية عمى مف يقع عبء اإلثبات في النزاعات التي تنشأ بيف طالب التحفيظ‬
‫والمتعرض وذلؾ عندما يكوف ىذا األخير حان از لمعقار موضوع النزاع(ثانيا) البد لنا مف‬
‫مناقشة نقطة خالفية في غاية األىمية والدقة والتي تتعمؽ بمفيوـ التحفيظ العقاري في حد‬
‫ذاتو وذلؾ إيمانا منا بأىمية ضبط المفاىيـ في الحقؿ القانوني بإعتبارىا المنطمؽ األوؿ‬
‫في تحديد آثار مجموعة مف القضايا والنزاعات القضانية واإلدارية(أوال)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬في شأن مفيوم التحفيظ العقاري‬


‫جاء في الفصؿ ‪ 361‬مف قانوف المسطرة المدنية ما يمي‪" :‬ال يوقؼ الطعف أماـ‬
‫محكمة النقض التنفيذ إال في األحواؿ اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬في األحواؿ الشخصية؛‬
‫‪-2‬في الزور الفرعي؛‬
‫‪-3‬التحفيظ العقاري؛‬
‫يمكف عالوة عمى ذلؾ لممحكمة بطمب صريح مف رافع الدعوى وبصفة إستثنانية‬
‫أف تأمر بإيقاؼ تنفيذ الق اررات واألحكاـ الصادرة في القضايا اإلدارية ومق اررات السمطات‬
‫اإلدارية التي وقع ضدىا طمب اإللغاء"‪.1‬‬

‫‪-1‬وتجدر اإلشارة أنو تـ نسخ فقرة أخيرة مف ىذا الفصؿ بمقتضى المادة األولى مف القانوف ‪ 04.82‬الصادر بتنفيذه‬
‫بمقتضى الظيير الشريؼ رقـ ‪ 1.87.16‬بتاريخ ‪ 22‬مف ربيع األوؿ ‪ 10(1414‬شتنبر ‪ )1993‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 4225‬بتاريخ ‪ 20‬أكتوبر ‪ 1993‬ص ‪ 2037‬والتي كانت تنص عمى ما يمي‪" :‬يمكف لممجمس األعمى وفؽ لنفس‬
‫الشروط وبصفة استثنانية أف يأمر بإيقاؼ تنفيذ حكـ أو قرار صدر في قضية مدنيو كال أو بعضا ويمكف لو في ىذه‬
‫الحالة إذا تعمؽ األمر بأداء مبمغ معيف أف يأمر بإيداع ىذا المبمغ كال أو بعضا بكتابة الضبط لضماف حكـ اإلدانة‬
‫الصادرة في األصؿ"‪.‬‬
‫‪-‬ونظ ار لكثرة االنتقادات الموجية ليذه الفقرة عمى أساس أنيا تمنح المجمس األعمى سمطات واسعة الشيء الذي أدى‬
‫إلى تعطيؿ تنفيذ األحكاـ والق اررات بالنظر لكثرة طمبات إيقاؼ التنفيذ المعروضة عميو فقد تـ إلغاء ىذه الفقرة‬
‫‪-‬عبد العزيز حضري القانوف القضاني الخاص دار النشر الجسور ـ‪.‬ط‪.‬غ‪.‬ـ طبعة ‪ 1999‬ص ‪.360‬‬
‫‪79‬‬
‫إنطالقا مف مقتضيات ىذا الفصؿ يظير أف الطعف أماـ محكمة النقض ال‬
‫يوقؼ التنفيذ إال في الحاالت اإلستنثانية الحصرية المبينة أعاله ومف ىذه الحاالت‬
‫قضايا التحفيظ العقاري لذلؾ فإف األحكاـ والق اررات الصادرة في مادة التحفيظ العقاري‬
‫والمطعوف فييا بالنقض ال تنفذ إال بعد أف تبت محكمة النقض في الطمب المرفوع إلييا‬
‫ورغـ وضوح صياغة ىذا الفصؿ فإف نقاشا واسعا دار حولو نتج عنو إسالة الكثير مف‬
‫مداد الباحثيف وذلؾ بخصوص تفسير عبارة "التحفيظ العقاري" الواردة في ىذا الفصؿ‬
‫وذلؾ ناتج عف عمومية المفظ وعدـ دقة المشرع وغياب أي تعريؼ تشريعي آنذاؾ‬
‫لمصطمح التحفيظ العقاري سواء في قانوف المسطرة المدنية أو في ظيير التحفيظ‬
‫العقاري األمر الذي أدى إلى بروز إتجاىيف األوؿ يفسر عبارة التحفيظ العقاري تفسي ار‬
‫ضيقا حيث إعتبر أف المقصود بالتحفيظ العقاري ىو مجموع اإلجراءات التي تيـ مرحمة‬
‫ما قبؿ تأسيس الرسـ العقاري وىذا التوجو ىو الذي تبنتو محكمة النقض وسارت عمى‬
‫ىداىا محاكـ الموضوع(‪ )1‬أما االتجاه الثاني فإنو فسر عبارة التحفيظ العقاري تفسي ار‬
‫واسعا ومف ت ـ فإنو يشمؿ مرحمة ما قبؿ تأسيس الرسـ العقاري وما بعده وىذا المقتضى‬
‫ىو الذي تبنتو إدارة المحافظة العقارية ممثمة في شخص المحافظ العاـ(‪.)2‬‬
‫‪-9‬التفسير الضيق لعبارة التحفيظ العقاري‬
‫كما سبؽ وقمنا فإف ىذا التوجو تبنتو محكمة النقض وظمت وفية لو وفي ذلؾ‬
‫أصدرت عدة ق اررات تبنت ىذا الطرح صراحة ولعؿ أبرزىا وأقدميا وأشيرىا ىو القرار‬
‫عدد ‪ 125‬المؤرخ في ‪ 02‬يونيو ‪ 1988‬والذي جاء فيو ما يمي‪" :‬إف الفصؿ ‪ 361‬مف‬
‫قانوف المسطرة المدنية ينص عمى الحاالت التي يوقؼ فييا التنفيذ بالنقض ومنيا ما أطمؽ‬
‫عميو المشرع عبارة التحفيظ العقاري‪.‬‬
‫وحيث إف المقصود بالتحفيظ العقاري ىي مجموعة اإلجراءات التي يقاـ بيا‬
‫بالنسبة ل ممؾ غير محفظ قصد تأسيس رسـ عقاري لو بالمحافظة العقارية وتنتيي ىذه‬
‫اإلجراءات بمجرد إنشاء الصؾ العقاري وفؽ ما يقتضيو ظيير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬وبعدىا‬
‫يصبح الممؾ عقا ار محفظا يخضع لمقتضيات ظيير ‪ 02‬يونيو ‪ 1915‬ولما كاف القرار‬
‫برفع الحجز عمى عقار محفظ قد اكتسب قوة الشيء المقضى بو وفقا لما ينص عميو‬

‫‪80‬‬
‫الفصؿ ‪ 91‬مف الظيير المذكور فقد كاف عمى المحافظ أف ينفذه وأف رفضو ليذا التنفيذ‬
‫بدعوى اإلدالء بشيادة عدـ الطعف بالنقض يتسـ بالشطط في استعماؿ السمطة مما‬
‫يعرض ق ارره لإللغاء"‪.1‬‬
‫وجاء في قرار آخر مؤرخ في ‪ 1999/07/15‬ما يمي‪..." :‬لكف حيث إنو إذا كاف‬
‫الفصؿ ‪ 361‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ المستدؿ بو يجعؿ مف جممة الحاالت التي يوقؼ فييا الطعف‬
‫بالنقض تنفيذ األحكاـ إلى حيف البت في قضايا التحفيظ العقاري فإف المقصود مف‬
‫النزاعات المثارة بشأف مسطرة التحفيظ كما حدد ظيير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬بشأف التحفيظ‬
‫العقاري إذ لو أراد المشرع أف يجعؿ النص شامال لغير ذلؾ كما يدعي المحافظ الستعمؿ‬
‫مصطمحا آخر أكثر وضوحا وشمولية وىو مصطمح العقارات التي في طور التحفيظ‬
‫والعقارات المحفظة إذ مف المعموـ أف ظيير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬يعالج المسطرة واإلجراءات‬
‫المتعمقة بالتحفيظ العقاري والمؤدية إلى تطيير العقار مف كؿ التكاليؼ والحقوؽ التي لـ‬
‫يطالب بيا أصحابيا في الوقت المناسب أو طالبوا بيا في شكؿ تعرضات حكـ بعدـ‬
‫صحتيا في حيف أف ظيير ‪ 02‬يونيو ‪ 1915‬يتعمؽ بالتشريع المطبؽ عمى العقارات‬
‫المحفظة مما يعني أف ىناؾ فرقا دقيقا بيف العقارات في طور التحفيظ والعقارات المحفظة‬
‫وأف المشرع قصد إيقاؼ تنفيذ األحكاـ الصادرة في مادة التحفيظ العقاري بسبب الطعف‬
‫بالنقض ألف تنفيذىا مف شأنو أف يؤدي إلى تعقيدات ال يمكف تجاوزىا إذا نفذ قرار‬
‫التحفيظ قبؿ البت في طمب النقض في حيف أف األحكاـ النيانية الصادرة في النزاعات‬
‫المتصمة بالعقارات المحفظة ال يوقؼ تنفيذىا رغـ الطعف بالنقض وىو االجتياد الذي‬
‫استقرت عميو الغرفة اإلدارية في قرارىا الصادر بتاريخ ‪ 1988/06/02‬في الممؼ اإلداري‬
‫عدد ‪ 5576‬عندما قضت بإلغاء قرار المحافظ المطعوف فيو وصرحت بأف المقصود مف‬
‫قضايا التحفيظ الواردة في الفصؿ ‪ 361‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ إنما ىي القضايا المتعمقة بمنازعات‬
‫التحفيظ التي تنشأ عمى إثر تعرضات عمى مطمب التحفيظ"‪.2‬‬

‫‪-1‬القرار عدد ‪ 125‬المؤرخ في ‪ 2‬يونيو ‪ 1988‬في الممؼ اإلداري عدد ‪ 5676‬منشور بمجمة القضاء والقانوف العدد‬
‫‪ 139‬ص ‪.11‬‬
‫‪-2‬محكمة النقض عدد ‪ 918‬المؤرخ في ‪ 1999/07/15‬في الممؼ اإلداري عدد ‪ 97/1/5/1318‬غ ـ‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫مف خالؿ ما سبؽ سرده مف ق اررات قضانية يتبيف أف محكمة النقض قد‬
‫تمسكت دانما وأبدا بالمفيوـ الضيؽ لمتحفيظ العقاري معتبرة أف الطعف الذي يوقؼ التنفيذ‬
‫في قضايا التحفيظ العقاري ىو الموجو ضد األحكاـ والق اررات الصادرة في النزاعات‬
‫السابقة لتأسيس الرسـ العقاري‪.‬‬
‫وتأييدا ليذا التوجو يرى بعض الفقو أف مصطمح التحفيظ الوارد النص عميو في‬
‫الفصؿ ‪ 361‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ ال يحتمؿ أف ينصرؼ إال لممساطر التي تيـ مرحمة ما قبؿ‬
‫التحفيظ وال يمكف أف ينسحب إلى العقارات المحفظة وذلؾ لعدة أسباب ومبررات مف‬
‫أىميا أف كممة التحفيظ ىي مصطمح قانوني تـ إقتباسو مف نظاـ تو ارنس األسترالي‬
‫يقصد بو جميع المساطر واإلجراءات التي تسبؽ تأسيس الرسـ العقاري ويميو بعد ذلؾ‬
‫مصطمح آخر ىو العقار المحفظ وما يعضد ذلؾ أف المشرع المغربي خصص قسميف‬
‫مستقميف لكؿ مصطمح منيما فعنوف األوؿ بػ‪":‬في التحفيظ" والثاني "في إشيار الحقوؽ‬
‫العقارية المقامة عمى العقارات المحفظة وفي تسجيميا في السجالت العقارية" باإلضافة‬
‫إلى قانوف المسطرة المدنية الذي ميز في أكثر مف موضع بيف التحفيظ والعقار المحفظ‬
‫‪1‬‬
‫كما أف الفصؿ ‪ 361‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ جاء بمبدأ قانوني عاـ وأورد‬ ‫واستعمميما في مكانيما‬
‫عميو إستثناءات‪ .‬وكما ىو معموـ فإف القاعدة الفقيية تقوؿ أف اإلستثناء ال يقاس عميو وال‬
‫يتوسع في تفسيره إضافة إلى أف ىذه الحاالت الواردة في الفصؿ ‪ 361‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ جاءت‬

‫‪-‬وجاء في قرار آخر لمحكمة النقض رقـ ‪ 874‬المؤرخ في ‪ 2001/06/28‬في الممؼ عدد ‪ 2004/01/2908‬أشار‬
‫إليو عبد المطيؼ الفتيحي ـ‪.‬س ص ‪ 159‬ما يمي‪" :‬وحيث إنو بالنسبة لمفصؿ ‪ 361‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ فإنو وكما استقر عميو‬
‫اجتياد المجمس األعمى الغرفة اإلدارية في عدة ق اررات فإف المقصود بعبارة التحفيظ العقاري مجموع اإلجراءات المتعمقة‬
‫بإنشاء رسـ عقاري لعقار ال يزاؿ في طور التحفيظ أما العقارات المحفظة فمما نظاـ خاص ينبع مف الرسوـ العقارية‬
‫ولذلؾ فإنيا ال تدخؿ ضمف مقتضيات المصطمح المذكور مما يكوف معو قرار المحافظ القاضي برفض تقييد الحكـ‬
‫النياني الحانز لقوة الشيء المقضى بو المستدؿ بو متسما بالشطط في استعماؿ السمطة وبالتالي فإف الحكـ المستأنؼ‬
‫يعتبر واجب التأييد"‪.‬‬

‫‪-1‬عبد الواحد عصري مفيوـ التحفيظ العقاري في ضوء االجتياد القضاني رسالة لنيؿ دبموـ الماستر في العموـ‬
‫القانونية جامعة محمد الخامس كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية الرباط أكداؿ السنة الجامعية‬
‫‪ 2015/2014‬ص ‪.36‬‬
‫‪82‬‬
‫عمى سبيؿ الحصر وىي إستثناء كما قمنا وليا قاسـ مشترؾ يجمع بينيا وىو إستحالة‬
‫الرجوع إلى الوضع الحقوقي الذي كاف قانما قبؿ تنفيذ القرار االستننافي إستحالة مطمقة‪.1‬‬
‫وتأييدا وتوضيحا ليذا التوجو يرى األستاذ جماؿ النعيمي في أطروحتو أف‬
‫بعض الفقو إختمط عميو األمر بيف التحفيظ والتسجيؿ(التقييد) مما جعمو يعتبر أف قانوف‬
‫بيد أف األوؿ(التحفيظ‬ ‫التحفيظ العقاري وحدة متماسكة يشبو بعضيا البعض‬
‫‪ )Immatricalation‬يتعمؽ بمرحمة ما قبؿ تأسيس الرسـ العقاري أي إيداع المطمب‬
‫وشكميات المسطرة مف نشر وتعميؽ فتحديد وتعرضات سواء في مرحمتيا اإلدارية أو‬
‫القضانية‪.‬‬
‫أما الثاني(التقييد ‪ )Inscription‬فإنو يخص إشيار الحقوؽ العينية المترتبة عمى‬
‫العقارات المحفظة إذ نجد بابا خاصا بالتشريع المطبؽ عمى العقارات المحفظة يحدد لنا‬
‫الحقوؽ العينية القابمة لمتسجيؿ بالسجالت العقارية والمسطرة المتبعة والطعوف الممكف‬
‫إقامتيا في ىذا الشأف والذي غاب عف الفقو والقضاء المتمسكيف بالمفيوـ الواسع أف‬
‫ظيير التحفيظ العقاري يستعمؿ دانما مفيوـ التحفيظ في بابو األوؿ وال يشير إلى عبارة‬
‫التقييد إال ناد ار إاستثناء‪.2‬‬
‫وكذلؾ يرى بعض الباحثيف أف الحاالت الثالث المذكورة ليا قاسـ مشترؾ وىو‬
‫إستحالة إرجاع الوضع إلى ما كاف عميو قبؿ التنفيذ إستحالة مطمقة أما فيما يخص‬
‫العقارات المحفظة والتي ألحقيا اإلتجاه الموسع بمقتضيات الفصؿ ‪ 361‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ‬
‫فإننا ال نكوف بصددىا أماـ إستحالة مطمقة إلرجاع الحالة إلى ما كانت عميو بعد التنفيذ‬
‫بإ ستثناء اإلشكالية الوحيدة المتعمقة بحالة تصرؼ المحكوـ لو في العقار لفاندة الغير‬
‫حسف النية والتي تمت معالجتيا وتجاوزىا وذلؾ بإلزاـ المحافظيف بقبوؿ تقييد احتياطي‬

‫‪-1‬عبد الواحد عصري ـ س ص ‪.36‬‬


‫‪-2‬جماؿ النعيمي رقابة القضاء لق اررات المحافظ العقاري أطروحة لنيؿ الدكتوراه في القانوف الخاص جامعة الحسف‬
‫الثاني عيف الشؽ كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء السنة الجامعية ‪ 2002/2001‬ص‬
‫‪.93‬‬
‫‪83‬‬
‫إستنادا إلى عريضة النقض‪ .1‬وفي ذلؾ أصدر المحافظ العاـ‬ ‫لمسطرة الطعف بالنقض‬
‫منشو ار تحت عدد ‪ 278‬بتاريخ ‪ 1980/05/27‬تضمف إعطاء تعميمات لممحافظيف‬
‫العقارييف بإعتبار عريضة النقض بخصوص عقار محفظ وثيقة صالحة إلقامة تقييد‬
‫إحتياطي وذلؾ لمعالجة المشاكؿ التي تنشأ عف نقض القرار اإلستننافي مف طرؼ‬
‫المجمس األعمى‪.2‬‬
‫‪-2‬التفسير الموسع لعبارة التحفيظ العقاري‬
‫يرفض ىذا التوجو رفضا مطمقا ما ذىب إليو الفريؽ األوؿ ويؤكد عمى ضرورة‬
‫حمؿ عبارة التحفيظ العقاري عمى عموميا وبالتالي وجب إعتبار مفيوـ التحفيظ العقاري‬
‫يشمؿ مرحمة ما قبؿ تأسيس الرسـ العقاري وما بعده وبذلؾ فإف الطعف بالنقض يوقؼ‬
‫التنفيذ بالنسبة لجميع األحكاـ والق اررات الصادرة بشأف عقار سواء كاف في طور التحفيظ‬
‫أو محفظ‪ .3‬وىذا الرأي ىو الذي إستقر عميو عمؿ إدارة المحافظة العقارية وذلؾ بعد‬
‫نقاش وسجاؿ طويؿ تدخمت فيو كؿ مف األمانة العامة لمحكومة و و ازرة العدؿ عف‬
‫طريؽ الرسانؿ المتبادلة مع إدارة المحافظة العقارية ممثمة في و ازرة الفالحة الشيء الذي‬
‫أدى إلى وجود آراء وتوجيات متباينة إلدارة المحافظة العقارية في شأف ىذه النقطة‪.‬‬
‫حيث إستقر رأي اإلدارة قبؿ صدور القرار الشيير رقـ ‪ 125‬عف المجمس‬
‫األعمى –الذي أعطى تفسي ار ضيقا لمفيوـ التحفيظ العقاري‪ -‬عمى إعطاء تفسير موسع‬
‫لعبارة التحفيظ العقاري وذلؾ بعد أف تـ المجوء إلى إستشارة و ازرة العدؿ التي أصدرت‬
‫بتاريخ ‪ 09‬يونيو ‪ 1980‬جوابيا برسالة حممت عدد ‪ 1784‬موجية إلى السيد وزير‬

‫‪-1‬سعاد بنجاني مدى مساىمة االجتياد القضاني في تطوير نظاـ التحفيظ العقاري رسالة لنيؿ دبموـ الدراسات العميا‬
‫المعمقة في القانوف الخاص قانوف العقود جامعة محمد األوؿ كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة‬
‫السنة الجامعية ‪ 2005/2004‬ص ‪ 69‬وما يمييا(أشار إليو عبد الواحد عصري ـ س ص ‪ 37‬و‪.38‬‬
‫‪ -2‬حسف بف تاكر وأحمد الساخي إشكالية تنفيذ المقررات القضانية مف قبؿ المحافظ العقاري مقاؿ منشور بمجمة‬
‫النشر القانونيف منشورات المنبر القانوني أشغاؿ الندوة العممية بعنواف قانوف التحفيظ العقاري مطبعة المعارؼ الجديدة‬
‫الرباط سنة ‪ 2012‬ص ‪.149‬‬
‫‪-3‬محمد بف الحاج السممي الطعف بالنقض الموقؼ لمتنفيذ في قضايا التحفيظ العقاري مقاالت وأبحاث في التحفيظ‬
‫العقاري مطبعة دار القمـ الرباط ط ‪ 1‬سنة ‪ 2004‬ص ‪.129-128‬‬
‫‪84‬‬
‫الفالحة والتي جاء فييا "‪ ...‬مع التحفظ بما سيصدر مف ق اررات عف الجيات القضانية‬
‫المختصة فإف أثر إيقاؼ التنفيذ أماـ المجمس األعمى يجب أف يؤخذ في مفيومو‬
‫الواسع وال ينحصر في مسطرة التحفيظ ولو أف المشرع أراد أف يحصر أثر إيقاؼ التنفيذ‬
‫لمطعف في مسطرة التحفيظ وحدىا لفعؿ بدوف شؾ بكيفية دقيقة‪ .‬إف الفصؿ ‪ 361‬مف‬
‫ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ يستعمؿ عب ارة "في مادة التحفيظ العقاري" تمؾ العبارة التي ال تتعمؽ بحالة خاصة‬
‫ولكنيا تنطوي عمى تعميـ يشمؿ كؿ ما يتعمؽ بالتحفيظ أو كؿ ما يمكف أف تكوف لو‬
‫عالقة أو تأثير سواء عمى تأسيس الرسـ العقاري نفسو أو عمى البيانات التي ستضمف بو‬
‫‪.1"...‬‬
‫‪2‬‬
‫قاـ المحافظ العاـ بإصدار دوريتو‬ ‫وتبعا ليذا التحميؿ الذي قدمتو و ازرة العدؿ‬
‫المؤرخة في ‪ 16‬مارس ‪ 1981‬تحت عدد ‪ 280‬الموجية إلى السادة المحافظيف عمى‬
‫األمالؾ العقارية والتي جاء فيي ا ما يمي‪ ..." :‬أنو يستنتج إذف مف رسالة و ازرة العدؿ أف‬
‫الطعف بالنقض أماـ المجمس األعمى موقؼ لمتنفيذ وأنو يكوف عمى المحافظيف بالتالي أف‬
‫يطمبوا مف اآلف فصاعدا شيادة عدـ الطعف بالنقض أماـ المجمس األعمى كمما طمب منيـ‬
‫تقييد قرار إستننافي ما ‪ ...‬إف ىذا المنشور يمغي المنشور رقـ ‪ 278‬بتاريخ ‪ 27‬ماي‬
‫‪ 1980‬المتعمؽ بالتقييد اإلحتياطي لمطعف بالنقض أماـ المجمس األعمى"‪.‬‬
‫لكف بعد صدور القرار ‪ 125‬سابؽ الذكر إضطرت إدارة المحافظة العقارية أف‬
‫تسايره وتبنت التفسير الضيؽ لمفيوـ التحفيظ العقاري وذلؾ بإصدار الدورية رقـ ‪314‬‬
‫الموجية إلى السادة المحافظيف عمى األمالؾ العقارية والمؤرخة في ‪ 19‬ماي ‪1989‬‬
‫والتي تـ بموجبيا الرجوع إلى إعطاء تفسير ضيؽ لمفقرة الثالثة مف الفصؿ ‪ 361‬مف‬
‫ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ‪ .‬بيد أف ىذا التوجو أباف عف العديد مف اإلشكاالت العممية التي أثرت عمى سير‬
‫عمؿ اإلدارة خصوصا فيما يخص تطبيؽ األحكاـ الشيء الذي دفع بالسيد المحافظ‬

‫‪-1‬أشار إلى ىذه الرسالة الباحث عبد الواحد عصري ـ س ص ‪.28‬‬


‫‪-2‬إف رسالة و ازرة العدؿ كانت جد ذكية فبعد أف بسطت تحميميا أبدت تحفظيا بما سيصدر مف ق اررات عف الجيات‬
‫القضانية باعتبار أف القضاء ىو صاحب االختصاص في تحديد المفاىيـ وتكوف بذلؾ و ازرة العدؿ قد قدمت نموذجا‬
‫يحتدى بو في شأف احتراـ فصؿ السمط‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫العاـ إلى طمب إستشارة و ازرة العدؿ والتي أصدرت رسالة تحت عدد ‪ 12878‬مؤرخة في‬
‫‪ 22‬دجنبر ‪ 1993‬موجية إلى و ازرة الفالحة والتي جاء فييا ما يمي‪ ..." :‬واف كنتـ قد‬
‫طمبتـ رأينا في اإلجتياد الذي أتى بو القرار الصادر عف المجمس األعمى فإف رأي الو ازرة‬
‫ىو وجية نظر قانونية غير ممزمة لممجمس األعمى الذي تبقى لو كممة الفصؿ في تأويؿ‬
‫النصوص القانونية في القضايا المعروضة عميو ذلؾ أف المشرع المغربي بإعتماده نظاـ‬
‫السجؿ العيني منح لممحافظ طبقا لمقتضيات الفصؿ ‪ 65‬مف ظيير ‪ 12‬غشت ‪1913‬‬
‫المتعمؽ بالتحفيظ العقاري سمطة تنفيذ العقود واألحكاـ الحانزة لقوة الشيء المقضى بو‬
‫مما يظير معو جميا أف األحكاـ المطعوف فييا بالنقض ليست ليا القوة إلحتماؿ وقوع‬
‫تعديميا أو إلغانيا مف طرؼ المجمس األعمى إذا سبؽ تقييدىا بالسجالت العقارية األمر‬
‫الذي يؤدي إلى إدخاؿ كثير مف التغييرات والتشطيبات في السجالت المذكورة وىو ما‬
‫يتنافى مع إستقرار المعامالت ويحد مف الضمانات التي توخاىا المشرع مف إنشاء نظاـ‬
‫التحفيظ العقاري"‪.1‬‬
‫لذلؾ فإف إدارة المحافظة العقارية لـ تستمر طويال في وفانيا لق اررات السمطة‬
‫القضانية إذ سرعاف ما تمردت وخرجت عف تبعيتيا وذلؾ بعودتيا إلى إعتناؽ المذىب‬
‫الموسع لمفيوـ التحفيظ العقاري مف خالؿ الدورية الصادرة عف المحافظ العاـ تحت عدد‬
‫‪ 324‬الموجية إلى المحافظيف عمى األمالؾ العقارية المسجمة تحت رقـ ـ‪.‬ـ‪.‬ع‪.‬ـ‪.‬ع‪.‬خ‪/‬ـ‬
‫‪ 1‬المؤرخة في ‪ 18‬شعباف ‪ 1415‬الموافؽ ؿ‪ 20‬يناير ‪ 1995‬والتي جاء فييا ما يمي‪:‬‬
‫"‪ ...‬ليذا واعتبا ار لكؿ ما سبؽ يتعيف عميكـ العدوؿ مف اآلف عف تطبيؽ الدورية عدد‬
‫‪ 314‬بتاريخ ‪ 1989/05/19‬والرجوع إلى تطبيؽ الدورية عدد ‪ 280‬بتاريخ‬
‫‪ 1981/03/16‬بإستمزاـ إرفاؽ الق اررات اإلستننافية بشيادة عدـ الطعف بالنقض قبؿ‬
‫تقييدىا أو إرفاقيا بقرار المجمس األعمى والق اررات األخرى الالحقة لو عند االقتضاء‬
‫‪."...‬‬

‫‪-1‬أشار إلييا عبد الواحد عصري ـ س ص ‪.30‬‬


‫‪86‬‬
‫والفقو الغالب في المغرب‪ 1‬يؤيد ىذا االتجاه وذلؾ لوجاىتو وقدرتو عمى تحقيؽ‬
‫أكبر قدر مف الحماية القانونية لممتعامميف بالعقار عف طريؽ تدعيـ القوة الثبوتية لمتقييدات‬
‫حفاظا عمى خصوصية نظاـ التحفيظ العقاري‪.‬‬
‫وفي ذلؾ يرى الدكتور محمد خيري أف ىذا اإلتجاه ىو األسمـ واألصوب‬
‫وينبغي أخذه بعيف االعتبار وذلؾ لعدة أسباب منيا‪:‬‬
‫أف ظيير التحفيظ العقاري المنظـ لمتحفيظ العقاري ببالدنا ظيير واحد ال يعرؼ‬
‫التجزنة تناوؿ بالتنظيـ اإلجراءات المسطرية لمتحفيظ والتعرض في الفصوؿ مف واحد إلى‬
‫‪ 64‬ثـ اإلجراءات المتعمقة بإشيار الحقوؽ العينية العقارية المترتبة عمى العقارات‬
‫المحفظة وتسجيميا في الفصوؿ مف ‪ 65‬إلى ‪ 103‬ورتب آثا ار عمى التحفيظ تختمؼ عف‬
‫آثار إشيار الحقوؽ العينية‪.‬‬
‫ويضيؼ أنو لو أراد المشرع أف يحصر قضايا التحفيظ في العقارات التي توجد‬
‫في طور التحفيظ لنص عمى ذلؾ صراحة وبدؿ أف ينص عمى عبارة التحفيظ العقاري‬
‫كاف مف الممكف أف ينص عمى عبارة قضايا التعرض عمى التحفيظ‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلؾ فال ينبغي اإلجتياد والفصؿ بيف الظييريف –ظيير ‪ 12‬غشت‬
‫‪ 1913‬وظيير ‪ 2‬يونيو ‪ -1915‬مف حيث التنفيذ أو عدـ التنفيذ فالظيير األوؿ يعتبر‬
‫األصؿ واألساس أما الظيير الثاني فإنو يتضمف مقتضيات لتطبيؽ األوؿ والقاعدة‬
‫الكمية تقوؿ بأف الفرع يتبع األصؿ وجودا وعدما لذلؾ فإف الظيير الثاني يخضع‬
‫‪2‬‬
‫والتنفيذ ال يخرج عف ىذه القاعدة ألنو ال إستثناء بدوف نص‬ ‫لمقتضيات الظيير األوؿ‬
‫صريح‪.‬‬
‫وحسما لكؿ ىذا التضارب في المواقؼ والتوجيات تدخؿ المشرع المغربي‬
‫بمقتضى التعديؿ الذي طاؿ ظيير التحفيظ العقاري بمقتضى القانوف ‪ 14.07‬وعدؿ‬
‫الفصؿ األوؿ منو مكرسا موقؼ إدارة المحافظة العقارية معطيا بذلؾ تفسي ار واسعا‬

‫‪-1‬إبراىيـ بحماني تنفيذ األحكاـ العقارية ـ س ص ‪ 54‬و‪.55‬‬


‫‪-‬محمد ابف الحاج السممي الطعف بالنقض الموقؼ لمتنفيذ في قضايا التحفيظ العقاري مقاؿ س ـ ص ‪.121‬‬
‫‪-2‬محمد خيري مستجدات قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي ـ س ص ‪ 347‬و‪.348‬‬
‫‪87‬‬
‫لمفيوـ التحفيظ العقاري حيث نص في الفصؿ األوؿ مف ظيير التحفيظ العقاري كما‬
‫عدؿ وتمـ بالقانوف ‪ 14.07‬عمى ما يمي‪" :‬يرمي التحفيظ إلى جعؿ العقار المحفظ‬
‫خاضعا لمنظاـ المقرر في ىذا القانوف مف غير أف يكوف في اإلمكاف إحراجو منو فيما بعد‬
‫ويقصد منو‪:‬‬
‫‪-‬تحفيظ العقار بعد إجراء مسطرة لمتطيير يترتب عنيا تأسيس رسـ عقاري‬
‫وبطالف ماعداه مف الرسوـ وتطيير الممؾ مف جميع الحقوؽ السالفة غير المضمنة بو‬
‫‪-‬تقي يد كؿ التصرفات والوقانع الرامية إلى تأسيس أو نقؿ أو تغيير أو إقرار أو‬
‫إسقاط الحقوؽ العينية أو التحمالت المتعمقة بالممؾ في الرسـ العقاري المؤسس لو"‪.‬‬
‫وبالتالي فإف مقتضيات الفصؿ ‪ 361‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ تشمؿ مرحمة ما قبؿ تأسيس‬
‫الرسـ العقاري وما بعده وأنو أصبح مف المتعذر عمى المحافظ تقييد أي حكـ يتعمؽ‬
‫بقضايا التحفيظ العقاري ما لـ تقدـ إليو شيادة بعدـ الطعف بالنقض أو يقدـ إليو قرار‬
‫محكمة النقض يقضي برفض النقض‪.‬‬
‫وبيذا التعديؿ يكوف مقننا المغربي قد تجاوز اإلشكاالت التي أثيرت بخصوص‬
‫ىذا الموضوع والتي إنعكست سمبا عمى مبدأي األمنيف القضاني والعقاري إذ كيؼ يعقؿ‬
‫أف المتقاضي عموما والمتعامؿ بالعقار خصوصا أف يفاجأ في كؿ مرة بتوجو معيف‬
‫متناقض مع التوجو الذي كاف ساندا خصوصا بيف القضاء واإلدارة‪.‬‬
‫ولكف ما يعاب عمى ىذا التوجو ىو أنو وسع مفيوـ التحفيظ العقاري الشيء‬
‫الذي حور مدلوؿ التحفيظ وغايتو وآثاره التطييرية التي ىي سمتو وفحواه إذ كاف عمى‬
‫المشرع المغربي أف يحافظ في ظيير التحفيظ العقاري عمى المفيوـ الضيؽ والفني‬
‫لمتحفيظ العقاري ولرب قانؿ يقوؿ أف في توسيع مفيوـ التحفيظ العقاري حماية لحقوؽ‬
‫المتقاضيف المتضرريف مف عمميات التحفيظ_في مفيومو الضيؽ_والتقييد الالحؽ لتأسيس‬
‫الرسـ العقاري لكوف الطعف بالنقض أصبح يوقؼ التنفيذ سواء تعمؽ بالعمميات السابقة‬
‫لتأسيس الرسـ العقاري أو بالعمميات الالحقة لو لكف كاف عمى المشرع المغربي أف يحافظ‬
‫عمى مفيوـ التحفيظ الضيؽ بظيير التحفيظ العقاري و أف يوسعو في ظؿ قانوف المسطرة‬

‫‪88‬‬
‫المدنية وذلؾ بتعديؿ الفصؿ ‪ 361‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ وتنصيصو مباشرة بعد الفقرة الرابعة عمى‬
‫أنو ‪ ..." :‬يقصد بالتحفيظ العقاري في مفيوـ ىذا الفصؿ ما يمي‪:‬‬
‫‪-‬جميع اإلجراءات التي تسبؽ تأسيس الرسـ العقاري؛‬
‫‪-‬تقييد كؿ التصرفات والوقانع الرامية إلى تأسيس أو نقؿ أو تغيير أو إقرار أو‬
‫إسقاط الحقوؽ العينية أو التحمالت المتعمقة بالممؾ في الرسـ العقاري المؤسس لو ‪."...‬‬

‫ثانيا‪ :‬عبء اإلثبات في نزاعات التحفيظ‬

‫تكتسي مسطرة التحفيظ طابعا إداريا فاألصؿ أف تكوف جميع إجراءاتيا أماـ‬
‫إدارة المحافظة العقارية بدءا بتقديـ مطمب التحفيظ وانتياء بتأسيس الرسـ العقاري بيد‬
‫أف ىذه المسطرة اإلدارية قد تقدـ في مواجيتيا بعض التعرضات والتي تؤثر عمى السير‬
‫اإلداري العادي لمسطرة التحفيظ األمر الذي يضطر المحافظ العقاري إلى اإلستعانة‬
‫بالسمطة القضانية لمفصؿ في ىذه اإلدعاءات بغية الحصوؿ عمى أحكاـ نيانية قابمة‬
‫لمتنفيذ وذلؾ إستكماؿ إجراءات التحفيظ‪.‬‬
‫ولما كاف البد لكؿ دعوى مف مدع ومدعى عميو وذلؾ لتحديد مف يقع عميو‬
‫عبء اإلثبات فقد إستقر القضاء‪ 1‬ومعو الفقو عمى إعتبار المتعرض في مركز المدعي‬
‫وطالب التحفيظ في مركز المدعى عميو وما يعضد ىذا التوجو ىو تعريؼ التعرض‬
‫نفسو حيث يعرفو الفقو بأنو "إدعاء يتقدـ بو أحد مف الغير ضد طالب التحفيظ بمقتضاه‬
‫ينازع المتعرض في أصؿ حؽ ممكية طالب التحفيظ أو في مدى الحؽ أو في الحدود أو‬
‫يطالب بحؽ عيني مترتب لو عمى ىذا العقد وينكره عميو طالب التحفيظ الذي لـ يشر‬
‫إليو في مطمبو"‪.2‬‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض رقـ ‪ 367‬المؤرخ في ‪ 2005/02/02‬في الممؼ عدد ‪ 2003/1/1/3997‬غير منشور والذي‬
‫جاء فيو "لكف ردا عمى الوسيمتيف معا لتداخميما فإنو طبقا لمفصؿ ‪ 37‬مف ظيير التحفيظ العقاري فإف المتعرض ىو‬
‫بمثابة مدعى يقع عميو عبء إثبات تممكو لمحؽ فيو مف طرفو قبؿ االنتقاؿ إلى تقييـ حجج طالب التحفيظ"‪.‬‬
‫‪ -2‬األستاذ الدكتور مأموف الكزبري التحفيظ العقاري والحقوؽ العينية األصمية والتبعية مطبعة النجاح الجديدة بالدار‬
‫البيضاء ط ‪ 1978‬ص ‪.48‬‬
‫‪89‬‬
‫وفي ذلؾ تنص الفقرة األولى مف الفصؿ ‪ 24‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع كما عدؿ وتمـ‬
‫بالقانوف ‪ 14.07‬عمى أنو "يمكن لكل شخص يدعي حقا عمى عقار تم طمب تحفيظو أن‬
‫يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ ‪."...‬‬
‫مف خالؿ ما سبؽ نالحظ أنو تـ اإلستقرار عمى أف المتعرض ىو بمثابة مدعي‬
‫يقع عميو عبء اإلثبات وبالنتيجة فإف المحكمة ال تممؾ الحؽ في تقدير حجج طالب‬
‫التحفيظ ومناقشتيا إال بعد أف يثبت المتعرض دعواه بمقبوؿ‪.‬‬
‫غير أف إشكاال أثير بشأف ىذه النقطة تمثؿ في الحالة التي يكوف فييا المتعرض‬
‫ح ان از لمعقار موضوع مطمب التحفيظ ىؿ يبقى ممزما باإلثبات بصفتو مدعيا في مواجية‬
‫طالب التحفيظ أـ أنو يعفى مف اإلثبات وينتقؿ عبنو إلى طالب التحفيظ وذلؾ تطبيقا‬
‫لمقاعدة الفقيية القانمة بأف الحيازة والتصرؼ قرينة عمى التممؾ بخصوص ىذا األمر‬
‫انقسـ إجتياد محكمة النقض إلى إتجاىيف األوؿ مناصر والثاني مخالؼ‪.‬‬
‫‪-9‬اإل تجاه الرافض لكون الحيازة تعفي المتعرض من اإلثبات‬
‫حيث جاء في قرار لمحكمة النقض عدد ‪ 278‬مؤرخ في ‪ 2008/01/25‬ما‬
‫يمي‪" :‬حيث يعيب الطاعنوف القرار فييا بخرؽ الفصؿ ‪ 14‬مف القانوف العقاري الذي ينص‬
‫عمى "يقدـ طالب التحفيظ مع طمبو جميع رسوـ التممؾ والعقود والوثانؽ العمومية‬
‫والخصوصية وكؿ المستندات التي مف شأنيا أف تعرؼ بالحقوؽ العينية المقررة عمى‬
‫العقار" فيكوف القانوف ألزـ عمى صيغة الوجوب طالب التحفيظ بإثبات ممكية العقار‬
‫المطموب تحفيظو إال أف ذلؾ لـ يحصؿ وىو ما آثاره الطاعنوف أماـ محكمة االستنناؼ‬
‫إال أف ىذه األخيرة جعمت عبء اإلثبات عمى عكس ما يقره الفصؿ ‪ 14‬المذكور‪.‬‬
‫لكف حيث إف ما تضمنو الفصؿ ‪ 14‬المذكور يتعمؽ بإجراءات مسطرة التحفيظ‬
‫أماـ المحافظة العقارية وأنو بمقتضى الفصؿ ‪ 37‬مف قانوف التحفيظ إنما تبت المحكمة‬
‫في وجود الحؽ المدعى بو مف قبؿ المتعرض ونوعو ومحتواه ومداه وأف عبء اإلثبات‬
‫بذلؾ يقع عمى عاتؽ المتعرض وال يمكف االنتقاؿ إلى مناقشة حجج طالب التحفيظ إال‬

‫‪90‬‬
‫إذا أدلى المتعرض بحجة قوية وأف محكمة االستنناؼ سارت عمى ىذا النيج فجاء بذلؾ‬
‫قرارىا غير خارؽ لمفصؿ المحتج بو والوسيمة بالتالي عمى غير أساس"‪.1‬‬
‫‪-2‬االتجاه المناصر لكون حيازة المتعرض تعفيو من اإلثبات‬
‫حيث جاء في قرار لمحكمة النقض مؤرخ في ‪ 2007/07/31‬ما يمي‪" :‬أف مبدأ‬
‫إعتبار المتعرض في وضعية المدعي ال يطبؽ عندما يكوف ىذا األخير ىو الحانز لعقار‬
‫النزاع كما ىو األمر في النازلة حسبما تبت لمحكمة الموضوع إذ ال يمكف أف يطمب‬
‫شخص شينا وىو في يده"‪.2‬‬
‫وجاء في قرار ثاف لمحكمة النقض مؤرخ في ‪ 2005/03/09‬ما يمي‪" :‬عندما‬
‫يكوف المتعرض ىو الحانز لمعقار فإف الحيازة والتصرؼ قرينة عمى التممؾ فكاف عمى‬
‫المحكمة عندنذ أف تناقش حجج طالب التحفيظ والمبدأ في منازعات التحفيظ القاضي بعدـ‬
‫مناقشة حجج طالب التحفيظ إال بعد إدالء المتعرض بحجة مستوفية لمشروط المقبولة في‬
‫التحفيظ ال تكوف إال في الحالة التي يكوف فييا طالب التحفيظ ىو الحانز لمعقار‬
‫المطموب تحفيظو"‪.3‬‬
‫وىو نفس األمر الذي أكدتو محكمة النقض في قرارىا الحديث رقـ ‪ 13‬المؤرخ‬
‫في ‪ 8‬يناير ‪ 2013‬والذي جاء فيو "حيث صح ما عابو الطاعنوف عمى القرار ذلؾ أنو‬
‫رد تمسكيـ بحيازتيـ لممدعى فيو بأنيـ بإعتبارىـ متعرضيف ىـ الممزموف بإثبات ما‬
‫يدعونو مف حقوؽ وال تناقش المحكمة حجة المستأنؼ عميو طالب التحفيظ "باعتباره‬
‫مدعى عميو إال بعد إدالنيـ بحجة مقبولة تؤيد تعرضيـ وتدحض حجة المستأنؼ عميو"‬
‫في حيف أنو إذا تبتت الحيازة لمطاعنيف فإف ذلؾ يستمزـ مف المحكمة مناقشة حجة‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 278‬المؤرخ في ‪ 2008/1/25‬ممؼ مدني عدد ‪ 2004/1/1/385‬غير منشور‪.‬‬
‫‪-‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 1415‬المؤرخ في ‪ 1999/03/24‬في الممؼ المدني عدد ‪ 98/1/1/2329‬قضاء المجمس‬
‫األعمى العدد ‪ 551‬اإلصدار الرقمي ص ‪.16‬‬
‫‪-2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 3572‬المؤرخ في ‪ 2007/10/31/08‬ممؼ مدني عدد ‪ 2006/1/1/4481‬أشار إليو‬
‫عمر أزوكار التحفيظ العقاري في ضوء التشريع العقاري وقضاء محكمة النقض ـ س ص ‪.75‬‬
‫‪-3‬قرار محكمة النقض رقـ ‪ 666‬الصادر بتاريخ ‪ 2005/03/09‬في الممؼ المدني عدد ‪ 03/2231‬منشور بمجمة‬
‫المرافعة العدد ‪ 16‬ص ‪ 180‬وما يمييا أشار إليو عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪.206‬‬
‫‪91‬‬
‫المطموب ومقارنتيا مع ىذه الحيازة وترتيب األثر القانوني عمى الدعوى بشأف ذلؾ إما نفيا‬
‫أو إيجابا ‪.1"...‬‬
‫والمالحظ أف محكمة النقض قد بالغت في التمسؾ بالقاعدة المستقر عمييا في‬
‫مجاؿ التحفيظ القاضية بكوف المتعرض يكوف دانما مدعي في مواجية طالب التحفيظ‬
‫وتكوف بذلؾ قد خالفت بتوجييا ىذا القواعد العامة لإلثبات خصوصا في الفقو‬
‫اإلسالمي التي تقضي بكوف المدعي ىو الذي يدعي خالؼ األصؿ أو الظاىر أو‬
‫‪2‬‬
‫والحاؿ أف المتعرض ىو الحانز الظاىر بمظير الممؾ وأف طالب التحفيظ ىو‬ ‫العرؼ‬
‫مف يدعي خالؼ األصؿ والظاىر‪.‬‬
‫ويرى بعض الباحثيف أف السبب في ذلؾ راجع بالدرجة األولى إلى أف محكمة‬
‫النقض لـ تتخمص مف اثار السياؽ التاريخي الذي وضع فيو الفصؿ ‪ 37‬مف ظيير‬
‫‪3‬‬
‫وكذلؾ التفسير الذي‬ ‫التحفيظ العقاري في صيغتو القديمة قبؿ التعديالت التي لحقتو‬
‫إعتمدتو محكمة اإلستنناؼ بالرباط ومعيا محكمة النقض الفرنسية خالؿ فترة اإلستعمار‬
‫ليذا الفصؿ والتي أوجدت تعريفا خاصا وجديدا لممدعي في إطار مسطرة التحفيظ حيث‬
‫‪4‬‬
‫عرفتو بكونو مف يدعي خالؼ ما يطمبو طالب التحفيظ‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض رقـ ‪ 13‬المؤرخ في ‪ 2013/01/08‬في الممؼ عدد ‪ 2012/8/1/561‬مجمة ممفات عقارية‬
‫العدد ‪ 3‬سنة ‪ 2013‬ص ‪ 79‬و‪.80‬‬
‫‪-‬قرار محكمة النقض رقـ ‪ 214‬بتاريخ ‪ 2003/01/21‬في الممؼ عدد ‪ 2002/1/1/2252‬مجمة قضاء المجمس‬
‫األعمى العدد ‪ 61‬ص ‪.6‬‬
‫‪-2‬جاء في ألمية الرقاؽ‪:‬‬
‫المدعي مف تجرد مف قولو ‪ ...‬مف أصؿ أو عرؼ بصدؽ يشيد والمدعي مطالب بالبنية ‪ ...‬وحالة العموـ فيو بنية‪.‬‬
‫‪-3‬حيث كاف الفصؿ ‪ 37‬قبؿ تعديمو ينص عمى ما يمي‪" :‬عند افتتاح المناقشات يعرض المقرر القضية ويعيف‬
‫المسانؿ التي تتطمب حال دوف أف يبدي أي رأي تـ يقع االستماع إلى األطراؼ ويقدـ ممثؿ النيابة العامة إف اقتضى‬
‫الحاؿ مستنتجاتو تـ بفصؿ في القضية إما في الحيف واما بعد المداولة ‪"...‬‬
‫أما بعد التعديؿ الذي لحقو بمقتضى الظيانر المؤرخة عمى التولي في ‪ 1917/09/24‬و‪1954/08/25‬‬
‫و‪ 1983/04/05‬فإنو أصبح ينص عمى ما يمي‪" :‬تبت المحكمة في وجود الحؽ المدعي بو مف قبؿ المتعرضيف‬
‫ونوعو ومحتواه ومداه وتحيؿ األطراؼ قصد العمؿ بق ارراىا عمى المحافظ الذي لو وحده النظر في قبوؿ طمب‬
‫التحفيظ أو رفضو كال أو بعضا وذلؾ مع االحتفاظ بحؽ الطعف المنصوص عميو في الفصؿ ‪."26‬‬
‫‪-4‬عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪.205‬‬
‫‪92‬‬
‫أما االتجاه الثاني فإنو قضى بكوف المتعرض ال يكوف ممزما باإلثبات عندما‬
‫يكوف حان از لمعقار موضوع مطمب التحفيظ وذلؾ إستحضا ار مف محكمة النقض لمظرفية‬
‫التاريخية التي صيغ فييا الفصؿ ‪ 37‬السالؼ الذكر وأبعاده اإلستعمارية وبذلؾ فإنيا‬
‫تكوف قد عادت إلى تطبيؽ القاعدة الفقيية القاضية بكوف "الحانز تتوفر إلى جانبو قرينة‬
‫التممؾ" وعمى مف يدعي خالؼ ذلؾ أف يثبت العكس وبذلؾ تكوف قد ساىمت في‬
‫التضييؽ مف قاعدة كوف المتعرض مدعي في كؿ األحواؿ بغية إعادة بعض التوازف‬
‫لمعالقة بيف المتعرض وطالب التحفيظ وذلؾ ألف إعماؿ ىذه القاعدة عمى إطالقيا فيو‬
‫إضرار بحقوؽ المتعرض إذ أف مجرد التقدـ بمطمب لمتحفيظ يجعؿ صاحبو يستفيد مف‬
‫وضعية إمتيازية تعفيو مف اإلثبات والتي تعتبر عف حؽ قاعدة ال تمت لقواعد العدؿ‬
‫واإلنصاؼ بصمة خاصة وأف أغمب العقارات في المغرب كانت وال تزاؿ ترتكز بشكؿ‬
‫أساسي عمى عنصر الحيازة كشكؿ مف أشكاؿ إثبات التممؾ في غالب األحياف‪.1‬‬
‫والرأي عندي أنو وجب اإلنتصار لإلتجاه القانؿ بإعفاء المتعرض مف اإلثبات‬
‫عندما يكوف حان از وذلؾ لعدة أسباب لعؿ أبرزىا ىو مسايرتو لممنطؽ السميـ وتماشيو مع‬
‫الفكر والعقؿ القويـ إذ كيؼ يعقؿ أف نمزـ الحانز باإلثبات وىو مف يتصرؼ في العقار‬
‫ويدير شؤونو بعمة أف أحدىـ قدـ مطمبا لمتحفيظ أال يشكؿ ذلؾ خمال في منظومة اإلثبات‬
‫المدنية والتي تقوـ أساسا في مجاؿ العقار عمى قاعدة أف عبء اإلثبات يقع عمى مف‬
‫يدعي خالؼ األصؿ‪.‬‬
‫وكذلؾ فإنني أظف أف الوقت قد حاف وآتى إلعادة النظر في قاعدة أف المتعرض‬
‫يكوف دانما ممزما باإلثبات باعتباره مدعيا وذلؾ ألنيا قاعدة ظالمة متحيزة ال منطؽ ليا‬
‫وال تستند إلى عدؿ وال عدالة بؿ ىي في حقيقة األمر تبقى مجرد قاعدة إستقر عمييا‬
‫قضاننا إباف فترة اإلستعمار وبعدىا وحظيت بإحتراـ أكثر مف الالزـ حيث أصبح الخارج‬
‫عنيا مف القضاء بمثابة العاؽ‪.‬‬
‫لذلؾ فإنو قد حاف الوقت لمتمطيؼ مف حدتيا ومحاولة وضع إستثناءات عمييا‬
‫–مثؿ الحيازة‪ -‬بغية تحقيؽ نوع مف التوازف في عالقة اإلدعاء بيف المتعرض وطالب‬

‫‪-1‬عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪.207‬‬


‫‪93‬‬
‫التحفيظ والمعوؿ عميو حاليا في ىذا األمر ىو القضاء وبالخصوص محكمة النقض‬
‫فالمطموب أف تطؿ عمينا ىذه االخيرة بق اررات شجاعة وجرينة تخدـ ما سبؽ لنا بسطو في‬
‫إنتظار أف يتدخؿ مقننا المغربي ويضع إستثناءات معقولة ذات معايير واضحة ومرنة‬
‫تمكف القضاء مف إعماليا في كؿ وقت وحيف رغـ إختالؼ القضايا والوقانع وذلؾ‬
‫لمحيمولة دوف جمودىا وصعوبة تفسيرىا واعماليا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬نطاق قاعدة التطيير‬

‫ينص الفصؿ ‪ 62‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع عمى ما يمي‪" :‬إن الرسم العقاري نيائي ال يقبل‬
‫الطعن‪ ،‬ويعتبر نقطة اإلنطبلق الوحيدة لمحقوق العينية والتحمبلت العقارية المترتبة‬
‫عمى العقار وقت تحفيظو دون ماعداىا من الحقوق غير المقيدة"‪.1‬‬
‫فالمشرع المغربي بمقتضى الفصميف األوؿ و‪ 62‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع أورد مبدأ مفاده‬
‫أف قرار المحافظ بتأسيس الرسـ العقاري يعد نقطة االنطالؽ الوحيدة وأنو يقطع حاضر‬
‫العقار بماضيو وبالنتيجة فإنو ال يعتد إال بما تـ التصريح بو وقبولو أثناء جرياف مسطرة‬
‫التحفيظ ‪-‬وذلؾ انطالقا مف تقديـ مطمب التحفيظ و انتياء بإتخاد قرار التحفيظ‪-‬مف حقوؽ‬
‫وتحمالت عقارية وبطالف ماعداىا مف الحقوؽ والتحمالت العقارية ولو إستندت إلى‬
‫أساس قانوني سميـ‪.‬‬
‫فقرار تأسيس الرسـ العقاري قرار يطير العقار مف الحقوؽ غير الظاىرة وقت‬
‫تحفيظو ولو كانت مشروعة ويعترؼ في نفس الوقت بالوجود القانوني لمحقوؽ الظاىرة‬
‫وقت التحفيظ ويضفي عمييا صبغة المشروعية ولو كانت غير مشروعة ‪.‬وفي ذلؾ تنص‬
‫محكمة النقض عمى أف"" إقامة الرسـ العقاري لو صفة نيانية ال تقبؿ الطعف ويحسـ كؿ‬

‫‪ -1‬وكذلؾ ينص الفصؿ االوؿ مف نفس الظيير بعد التعديؿ عمى ما يمي‪" :‬يرمي التحفيظ إلى جعؿ العقار المحفظ‬
‫خاضعا لمنظاـ المقرر في ىذا القانوف مف غير أف يكوف في اإلمكاف إحراجو منو فيما بعد ويقصد منو‪:‬‬
‫‪-‬تحفيظ العقار بعد إجراء مسطرة لمتطيير يترتب عنيا تأسيس رسـ عقاري وبطالف ماعداه مف الرسوـ وتطيير الممؾ‬
‫مف جميع الحقوؽ السالفة غير المضمنة بو‬
‫‪-‬تقييد كؿ التصرفات والوقانع الرامية إلى تأسيس أو نقؿ أو تغيير أو إقرار أو إسقاط الحقوؽ العينية أو التحمالت‬
‫المتعمقة بالممؾ في الرسـ العقاري المؤسس لو"‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫نزاع يتعمؽ بالعقار وال يمكف اإلحتجاج بأي حؽ عيني سابؽ عمى التحفيظ لـ يسجؿ‬
‫عمى الرسـ العقاري والشراء الذي أبرـ قبؿ التحفيظ ولـ يقع اإلدالء بو أثناء مسطرة‬
‫التحفيظ ال يمكف اإلحتجاج بو فيما بعد ما لـ يقر بو البانع"‪.1‬‬
‫واذا كاف قضاءنا وفقينا متفؽ عمى ىذا المبدأ ومسمـ بو وال يجادؿ في أىميتو‬
‫بإعتباره عمود التحفيظ وفحواه فإف نقاشا قد أثير حوؿ نطاؽ قاعدة التطيير مف حيث‬
‫األشخاص فرأي يتمسؾ بأف ىذه القاعدة عامة ال تحتمؿ أي إستثناء ورأي ثاف يرى‬
‫أنيا ال تشمؿ الخمؼ الخاص‪ 2‬فالخمؼ الخاص مستثنى مف نطاؽ ىذه القاعدة‪.‬‬
‫وفي ذلؾ أصدرت محكمة النقض العديد مف الق اررات المتضاربة فتارة تنتصر‬
‫لمرأي األوؿ وتارة تنتصر لمرأي الثاني ولكؿ إتجاه مبرراتو وفمسفتو وسنحاوؿ دراسة كؿ‬
‫إ تجاه قضاني عمى حدة محميميف الق اررات التي سيتـ بسطيا ومقارنيف بينيا بغية‬
‫الوصوؿ إلى اإلتجاه األسمـ الحري بالتأييد‪.‬‬

‫أوال‪ :‬نطاق قاعدة التطيير ال يشمل الخمف الخاص‬

‫خروجا منيا عف المألوؼ في نطاؽ قاعدة التطيير أصدرت محكمة النقض‬


‫قرارىا عدد ‪ 5925‬المؤرخ في ‪ 1999/12/29‬والذي جاء في إحدى حيثياتو "حيث صح‬
‫ما ع ابو الطاعف عمى القرار المذكور ذلؾ أف الطالب بصفتو مشتريا أي خمفا خاصا ال‬

‫‪-1‬قرار صادر عف المجمس األعمى مؤرخ في ‪ 1977/04/21‬في الممؼ اإلداري عدد ‪ 18271‬منشور بمجمة قضاء‬
‫المجمس األعمى عدد ‪ 26‬ص ‪.32‬‬
‫‪-‬وفي قرار آخر صادر عف محكمة بغرفتيف مؤرخ في ‪ 29‬يناير ‪ 1992‬في الممؼ المدني عدد ‪ 87/2075‬غير‬
‫منشور والذي جاء فيو "‪ ...‬لكف حيث إف المقتضيات المنصوص عمييا في الفصميف ‪ 2‬و‪ 62‬مف ظيير التحفيظ التي‬
‫بنى عمييا المجمس األعمى قضاءه وكذا المنصوص عمييا في الفصؿ ‪ 64‬الذي يمنع إقامة أية دعوى بحؽ عيني تظير‬
‫منو العقار بالتحفيظ وال يبقى لممتضرر إال أف يطالب بالتعويض تتضمف قواعد آمرة ليا صمة بالنظاـ العاـ العقاري‬
‫يجب أف تثيرىا المحكمة تمقانيا كمما تبيف ليا أف الحؽ المدعي بو قد تظير منو العقار ‪."...‬‬
‫‪ -2‬الخمؼ الخاص "ىو الشخص الذي يخمؼ سمفو في شيء معيف بالذات سواء كاف منقوال أو عقا ار أو حقا شخصيا‬
‫كاف السمؼ واثنا بو مف قبؿ"(عبد القادر العرعاري مصادر االلتزامات الكتاب األوؿ نظرية العقد نشر مكتبة دار‬
‫األماف ساحة المامونية الرباط طبع مطبعة األمنية الرباط سنة ‪ 2014‬ص ‪.336‬‬
‫‪95‬‬
‫يواجو كالخمؼ العاـ بمقتضيات الفصؿ ‪ 62‬مف ظيير التحفيظ العقاري لػ‪ 12‬غشت‬
‫‪.1"1913‬‬
‫وفي قرار آخر حديث صادر عف محكمة النقض عدد ‪ 153‬مؤرخ في‬
‫‪ 2014/03/18‬تـ التأكيد عمى نفس المبدأ حيث جاء فيو "‪ ...‬في حيف أف قاعدة‬
‫التطيير المنصوص عمييا في الفصؿ ‪ 62‬مف ظيير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬قاصرة عمى‬
‫الحقوؽ واالتفاقات المحتج بيا مف لدف الغير الذي يتعيف عميو أف يعمف عنيا أثناء مسطرة‬
‫التحفيظ طبقا لمفصؿ ‪ 84‬مف نفس القانوف وال يحتج بيا عمى الخمؼ الذي انتقؿ إليو‬
‫العقار مف قبؿ طالب التحفيظ الذي أصبح مالكا لمرسـ العقاري والذي لـ يزده ىذا الرسـ‬
‫إال تثبيتا لممكيتو وال يسوغ لو التحمؿ مف تصرفاتو والتزاماتو التي أبرميا بشأنو قبؿ إنشاء‬
‫الرسـ العقاري"‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬نطاق قاعدة التطيير يشمل الخمف الخاص‬

‫حيث جاء في قرار لمحكمة النقض تحت عدد ‪ 37‬مؤرخ في ‪ 20‬يناير ‪2015‬‬
‫"خالفا لما يدعيو الطاعنوف فإف محكمة اإلحالة نشرت الدعوى مف جديد بعد النقض‬
‫وناقشتيا وأنيا غير ممزمة بتتبع األطراؼ في جميع مناحي أقواليـ التي ال تأثير ليا عمى‬
‫قضانيا وأف قاعدة تطيير العقار بتحفيظو قاعدة مطمقة تسري عمى الجميع بما فييـ‬
‫خمؼ البانع ولذلؾ فإف القرار حيف عمؿ بأف(البيف مف شيادات المحافظة العقارية المرفقة‬
‫أف القطع األرضية موضوع الدعوى تـ تحفيظيا وأف رسـ موروث المدعيف لـ يتـ إيداعو‬
‫بمطمب التحفيظ مف طرؼ المشتري أو ورثتو أثناء سرياف التحفيظ فإف تحفيظ القطع‬
‫األرضية المذكورة وانشاء رسوـ عقارية طيرىا مف كؿ الحقوؽ العينية السابقة الشيء الذي‬
‫يبقى معو احتجاجيـ بحؽ عيني سابؽ لـ يسجؿ عمى الرسـ العقاري خالؿ مرحمة التحفيظ‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 5925‬المؤرخ في ‪ 1999/12/29‬في الممؼ عدد ‪ 94/1151‬منشور بمجمة قضاء‬
‫المجمس األعمى العدد ‪ 61‬ص ‪ 451‬و‪ 452‬و‪.453‬‬
‫‪-2‬قرار محكمة النقض رقـ ‪ 153‬المؤرخ في ‪ 2014/03/18‬في الممؼ المدني عدد ‪ 2013/7/1/2729‬غير‬
‫منشور‪.‬‬
‫‪96‬‬
‫ال أثر لو عمال بالصؿ ‪ 62‬مف ظيير العقاري) فإف نتيجة لما ذكر يكوف القرار المطعوف‬
‫فيو مرتك از عمى أساس قانوني معمال تحميال سميما"‪.1‬‬
‫وجاء في إحدى حيثيات القرار الحديث الصادر عف محكمة النقض تحت عدد‬
‫‪ 8/447‬المؤرخ في ‪ 2015/07/21‬ما يمي‪ ..." :‬إال أنو وخالفا ليذا التعميؿ فإف محكمة‬
‫النقض لـ تستقر عمى التوجو الوارد فيو بؿ كاف ذلؾ القرار ق ار ار فريدا ومخالفا لتوجو‬
‫محكمة النقض قبمو واستقرت بعده عمى خالفو في ق اررات منيا‪ :‬القرار عدد ‪ 61‬بتاريخ‬
‫‪ 2006/04/01‬الصادر في الممؼ رقـ ‪ 4229/1/2004‬والقرار عدد ‪ 606‬بتاريخ‬
‫‪ 2006/03/22‬والقرار عدد ‪ 3134‬بتاريخ ‪ 2007/10/05‬والقرار عدد ‪ 3245‬بتاريخ‬
‫‪ 24/9/2008‬وذلؾ بأف اعتبرت قاعدة التطيير قاعدة عامة ال تخصص إال بوجود‬
‫نص قانوني كما ىو الحاؿ في أمالؾ األحباس واألمالؾ العامة واألمالؾ المانية‬
‫والمنجمية فتبنت بذلؾ مقتضيات الفصميف ‪ 1‬و‪ 62‬مف ظيير التحفيظ العقاري ورغـ‬
‫تمسؾ الطاعنيف بيذه المقتضيات في مذكرتيـ لجمسة ‪ 2014/03/28‬إال أف القرار‬
‫المطعوف فيو خرقيا واعتمدت عمى خالفيا مف غير نص يبرر ذلؾ‪.‬‬
‫حيث صح ما عابو الطاعنوف عمى القرار ذلؾ أنو عمؿ قضاءه بالتعميؿ المنتقد‬
‫أعاله في حيف أنو طبقا لمقتضيات الفصميف ‪ 1‬و‪ 62‬مف ظيير التحفيظ العقاري فإف‬
‫تحفيظ العقار يترتب عنو تأسيس رسـ عقاري وبطالف ماعداه مف الرسوـ وتطيير الممؾ‬
‫مف جميع الحقوؽ السالفة غير المضمنة بو وذلؾ ألف الرسـ العقاري نياني وال يقبؿ أي‬
‫طعف ويعتبر نقطة االنطالؽ الوحيدة لمحقوؽ العينية والتحمالت العقارية المترتبة عمى‬
‫العقار وقت تحفيظو دوف ماعداىا مف الحقوؽ العينية وقاعدة التطيير ىذه ىي قاعدة‬
‫عامة وآمرة وال مجاؿ معيا ألعماؿ االستثناء الذي اعتمده القرار المطعوف فيو وذلؾ‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 37‬المؤرخ في ‪ 20‬يناير ‪ 2015‬في الممؼ المدني عدد ‪ 2812/1/1/2014‬منشور‬
‫بالتقرير السنوي لمحكمة النقض القضاء رأسماؿ ال مادي وطني نشر مركز النشر والتوثيؽ القضاني بمحكمة النقض‬
‫مطبعة األمنية الرباط ‪ 2016‬ص ‪.41‬‬
‫‪97‬‬
‫لعدـ وجود نص قانوني يقضي بو األمر الذي يكوف معو القرار خارقا لممقتضيات‬
‫المحتج بخرقيا وعرضو بالتالي لمنقض واإلبطاؿ‪.1"...‬‬
‫إذف ومف خالؿ إستقراء ىذه الق اررات يتضح أف محكمة النقض ببالدنا كانت‬
‫والزالت غير مستقرة عمى رأي موحد‪.‬‬
‫واستقرت عمى رأي‬ ‫وقد كاف بودنا أف نقوؿ أف محكمة النقض قد غيرت رأييا‬
‫مف ىذه اآلراء وأف المسألة ليس فييا خالؼ ولكف كرنولوجيا ىذه الق اررات ال تسعفنا‬
‫فبالرجوع إلييا نجد أف الرأي قبؿ سنة ‪ 1999‬كاف مستق ار عمى أف قاعدة التطيير عامة‬
‫ومجردة وال تستثني أحدا وبعد ذلؾ تراجعت عف ىذا القرار مقرة بوجود إستثناء ليا يتمثؿ‬
‫في الخمؼ الخاص لتبقى بعد ذلؾ محكمة النقض متذبذبة في ق ارراتيا إلى يومنا ىذا‬
‫فيناؾ ق اررات في ‪ 2014‬تقر اإلستثناء وأخرى تنفيو وفي ‪ 2015‬إستقر الرأي نسبيا عمى‬
‫كوف القاعدة عامة وال تحتمؿ االستثناء‪.‬‬
‫وفي إنتظار تدخؿ المشرع المغربي لحسـ ىذا الخالؼ الخطير نتمنى أف تطؿ‬
‫عمينا محكمة النقض بقرار مبدني بجميع الغرؼ أو عمى األقؿ بغرفتيف تحسـ بو كؿ ىذا‬
‫النقاش وتنتصر لمرأي األصوب األسمـ‪.‬‬
‫أما عف مبررات االتجاىيف فإف لكؿ واحد منيما خمفياتو ومبرراتو فاألوؿ –‬
‫الذي يستثني الخمؼ الخاص‪ -‬يرى أف لفظة "الحقوؽ غير المضمنة" أو "غير المقيدة"‬
‫الواردة عمى التوالي في مقتضيات الفصميف األوؿ والثاني والستوف مف ظيير التحفيظ‬
‫العقاري كما عدؿ وتمـ بالقانوف ‪ 14.07‬ينصرؼ أساسا إلى تمؾ اإلدعاءات التي ينازع‬
‫بمقتضاىا الغير في وجود حؽ الممكية الذي يقرره المحافظ العقاري لطالب التحفيظ أوفي‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 8/447‬المؤرخ في ‪ 2015/07/21‬في الممؼ المدني عدد ‪ 2015/1/8/849‬منشور‬
‫بالموقع اإللكتروني ‪ www.bilbiatroit.com‬أطمع عميو بتاريخ ‪ 2017/07/20‬عمى الساعة ‪ 00‬و‪ 15‬دقيقة‬
‫‪-‬وجاء في قرار آخر لمحكمة النقض ما يمي‪" :‬لكف ردا عمى الوسيمتيف معا لتداخميما فإنو خالفا لما يدعيو الطاعنوف‬
‫فإف محكمة اإلحالة نشرت الدعوى مف جديد بعد النقض وأف قاعدة تطيير العقار بتحفيظ قاعدة مطمقة تسري عمى‬
‫الجميع بمف فييـ خمؼ البانع"‪.‬‬
‫(قرار محكمة النقض رقـ ‪ 37‬المؤرخ في ‪ 20‬يناير ‪ 2015‬في الممؼ عدد ‪ 2014/1/1/2812‬منشور بمجمة ممفات‬
‫عقارية العدد ‪ 15‬السنة ‪ 2015‬ص ‪.217‬‬
‫‪98‬‬
‫مدى ىذا الحؽ أو حدود العقار و موضوعو وكذلؾ في حالة اإلدعاء بإستحقاؽ حؽ‬
‫عيني وا رد عمى المطمب أثناء جرياف مسطرة التحفيظ وال تشمؿ تمؾ الحاالت التي يكوف‬
‫فييا صاحب الحؽ المطموب إيداعو قد تمقى حقو مباشرة مف طالب التحفيظ بمقتضى‬
‫تصرؼ قانوني صحيح كالبيع واليبة والصدقة وذلؾ ألف ىذا األخير ال ينازع في حؽ‬
‫ممكية طالب التحفيظ بؿ عمى العكس فإنو يعترؼ ويقر بو وانما يطالب بإتماـ التصرؼ‬
‫وتمكينو مف حقو الذي إستمده منو‪.1‬‬
‫زيادة عمى ذلؾ فإف العدالة و المنطؽ واإلنصاؼ يقتضوف أال يحمى طالب‬
‫التحفيظ بقاعدة التطيير عندما يتصرؼ في حقو أثناء جرياف مسطرة التحفيظ دوف أف‬
‫يصرح بيذا التصرؼ وذلؾ لعمة أف البانع –طالب التحفيظ‪ -‬والذي يخفي تصرفو كال أو‬
‫بعضا ويتابع مسطرة التحفيظ دوف أف يصرح بذلؾ يكوف بمثابة المدلس بالكتماف مما‬
‫يقتضي معو معاممتو بنقيض قصده والزامو بتمكيف خمفو الخاص مف الحؽ الذي تصرؼ‬
‫بو إليو‪.2‬‬
‫وتعميقا لمبحث والتحميؿ نذىب إلى أبعد مف ذلؾ ونقوؿ إنو يستفاد مف‬
‫مقتضيات الفصؿ ‪ 84‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع أف شكمية اإليداع بسجؿ التعرضات كشرط لمتمسؾ‬
‫بالحقوؽ المكتسبة عمى العقار في طور التحفيظ يقتصر فقط عمى الحالة التي يتـ فييا‬
‫اإلحتجاج بيذه الحقوؽ عمى األغيار الذيف يكونوف قد إكتسبوا حقوقا عمى ذلؾ العقار أما‬
‫إذا تعمؽ األمر بالتمسؾ بالحقوؽ المذكورة في مواجية المالؾ فال يشترط ضرورة أف‬
‫يكوف مف إنتقؿ إليو الحؽ قد صرح بو وفؽ الشكمية المنصوص عمييا في الفصؿ ‪ 84‬مف‬
‫الظيير كما عدؿ وتمـ بالقانوف ‪.314.07‬‬
‫أما االتجاه الثاني الذي ال يستثني الخمؼ الخاص فإف لو عدة مبررات وأسباب‬
‫منيا‪:‬‬

‫‪-1‬ذ‪.‬زكرياء العماري نياية الرسـ العقاري بيف اإلطالؽ والتقييد درساة مركزة في االستثناءات الواردة عمى قاعدة‬
‫التطيير مقاؿ منشور بمجمة المنازعات العقارية منشورات القضاء المدني العدد ‪ 5‬مطبعة المعارؼ الجديدة الرباط‬
‫طبعة ‪ 2013‬ص ‪.100‬‬
‫‪-2‬زكرياء العماري ـ س ص ‪.102‬‬
‫‪-3‬زكرياء العماري ـ س ص ‪.103‬‬
‫‪99‬‬
‫أ ف قاعدة التطيير تعتبر الغاية األساسية مف نظاـ التحفيظ العقاري ككؿ وأنو‬
‫بدونيا يصبح ىذا النظاـ ىو العدـ سياف فموالىا لما أصبحنا نتوفر عمى قاعدة عقارية‬
‫صمبة وآمنة تمبي حاجيات المتعامميف بالعقار وما أكثرىـ لذلؾ فإف قاعدة التطيير‬
‫يجب أف تكوف مثؿ الموت ال تستثني أحدا إال بنص خاص وواضح وىو ما ال يوجد‬
‫بالنسبة لمخمؼ الخاص‪.‬‬
‫وردا عمى القوؿ بكوف إستثناء الخمؼ الخاص مف قاعدة التطيير يتماشى وروح‬
‫العدالة وا‪T‬نصاؼ وأف العكس إجحاؼ وظمـ يرى أصحاب اإلتجاه الثاني أف عممية‬
‫التحفيظ تقدـ وتمارس في آجاؿ معينة تصحبيا عممية إشيار جد واسعة ولممتضرر حؽ‬
‫التدخؿ أثنانيا لحماية حقوقو سواء عف طريؽ اإليداع أو التعرض سواء العادي أو‬
‫اإلستثناني ىذا ناىيؾ عف حؽ المطالبة بالتعويض بعد تأسيس الرسـ العقاري‪.1‬‬
‫والحقيقة أف اإلتجاه الحري بالتأييد ىو اإلتجاه القاضي بإستثناء الخمؼ الخاص‬
‫مف قاعدة التطيير وذلؾ لمحفاظ عمى التوازف في العالقات التعاقدية ومحاولة تحقيؽ‬
‫أكبر قدر مف العدالة واإلنصاؼ ألنو ال يعقؿ أف نحمي البانع طالب التحفيظ سيء‬
‫النية عمى حساب المشتري حسف النية بعمة أف التطيير يطير العقار بصفة مطمقة ثـ‬
‫ماذا عف اإلستثناءات التي وضعيا المشرع عمى قاعدة التطيير مثؿ أمالؾ الدولة العامة‬
‫واألمالؾ المحبسة ‪ ...‬أال تمثؿ خروجا عف الفصؿ ‪ 1‬و‪ 61‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع كما عدؿ وتمـ‬
‫بالقانوف ‪ 14.07‬أـ أف لكؿ جية قدر مف الحماية تبعا لخصوصيتيا و طبيعتيا أال‬
‫يعتبر الخمؼ الخاص جدي ار بالحماية كما تحمى األمالؾ المحبسة واألمالؾ العامة أـ أف‬
‫تعريؼ حؽ الممكية يتغير ويتبدؿ تبعا لطبيعة المطالب بو‪.‬‬
‫باإلضافة لممبررات القانونية التي سبؽ سردىا فإف بعض الباحثيف‪ 2‬يروف أف‬
‫ىناؾ أخرى واقعية منيا إرتفاع قيمة العقار وبالتالي غالء ثمنو بسبب زيادة الطمب‬
‫عميو وأف القضاء ومسايرة منو ليذا التطور والتغير يسعى جاىدا لمواءمة النصوص‬

‫‪-1‬حسف البكري تعميؽ عمى القرار عدد ‪ 5925‬الصادر في ‪ 1999/12/29‬في الممؼ المدني عدد ‪94/1151‬‬
‫مجمة قضاء المجمس األعمى اإلصدار الرقمي عدد ‪ 61‬لسنة ‪ 2003‬ص ‪ 334‬و‪ 335‬و‪.336‬‬
‫‪-2‬عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪.227‬‬
‫‪100‬‬
‫القانونية مع الواقع اإلجتماعي واإلقتصادي سريع التغير والتجدد وأنو إيمانا منو‬
‫واستحضا ار لقواعد اإلنصاؼ والعدالة أصبح مف واجبو جعؿ قاعدة التطيير تستثني‬
‫الخمؼ الخاص لطالب التحفيظ خصوصا بالنسبة لمتصرفات التي يجرييا طالب التحفيظ‬
‫مباشرة بعد فتح مسطرة التحفيظ‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬التشطيبات القضائية‬
‫أوجب المشرع المغربي في ظيير التحفيظ العقاري بمقتضى الفصؿ ‪ 65‬ضرورة‬
‫إشيار جميع الوقانع والتصرفات واالتفاقات الناشنة بيف األحياء مجانية كانت أو‬
‫بعوض وجميع المحاضر واألوامر المتعمقة بالحجز العقاري وجميع األحكاـ التي‬
‫إكتسبت قوة الشيء المقضي بو متى كاف موضوع ذلؾ تأسيس حؽ عيني عقاري أو‬
‫نقمو إلى الغير أو اإلقرار بو أو تغييره أو إسقاطو وذلؾ بواسطة تقييدىا في الرسـ‬
‫العقاري تحت طانمة عدـ اإعتداد بيا سواء بيف أطرافيا أو في مواجية الغير‪.‬‬
‫بيد أف ىذه التقييدات ال تكتسب الصفة النيانية التي لقرار تأسيس الرسـ العقاري‬
‫حيث يمكف أف تكوف عرضة لمتشطيب أو اإللغاء وذلؾ طبقا لمفصؿ ‪ 91‬مف نفس‬
‫الظيير الذي أقر إمكانية التشطيب عمى كؿ ما ضمف بالرسـ العقاري مف تقييد أو بياف‬
‫أو تقييد احتياطي بمقتضى كؿ عقد أو حكـ مكتسب لقوة الشيء المقضي بو يثبت‬
‫انعداـ أو انقضاء الحؽ موضوع التضميف‪.‬‬
‫ويعتبر الفصؿ ‪ 91‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع بمثابة الشريعة العامة التي تنظـ مختمؼ طرؽ‬
‫التشطيب وتبيف أسبابيا وآثارىا‪.‬‬
‫إلى جانب ذلؾ ىناؾ نصوص خاصة متفرقة تنظـ بعض طرؽ التشطيب‬
‫وتبيف أسبابيا واف كانت في مجمميا أثارت العديد مف اإلشكاالت القضانية والنقاشات‬
‫الفقيية‪ .‬ولعؿ أبرز مثاؿ عمى ذلؾ ىو ما أثاره الفصؿ ‪ 208‬مف القرار الوزاري المؤرخ‬
‫في ‪ 2‬يونيو ‪ 1915‬والذي يتحدث عف التشطيب عمى الحجز التحفظي بناء عمى أمر‬
‫في حالة تراخي الحاجز عف مواصمة إجراءات ىذا األخير والكفيمة بتحويمو إلى حجز‬
‫تنفيذي‪.‬‬
‫وفي سبيؿ سده لمفراغ التشريعي ومحاولة معالجتو لبعض القضايا المستجدة‬
‫خدمة لمصالح العاـ ورغبة منو لحماية الممكية العقارية تدخؿ القضاء المغربي وحاوؿ‬
‫المالءمة بيف مقتضيات ظيير التحفيظ العقاري وقانوف المسطرة المدنية حيث أقر‬
‫إمكانية التشطيب عمى التقييد االحتياطي المقيد بناء عمى مقاؿ الدعوى وذلؾ بموجب‬

‫‪102‬‬
‫أمر مف قاضي المستعجالت رغـ خمو ظيير التحفيظ العقاري –قبؿ تعديؿ ‪ -2011‬مف‬
‫أي إشارة إلى ذلؾ الشيء الذي أدى إلى صدور أحكاـ متناقضة في ىذا الشأف بيف‬
‫مؤيد ومعارض‪.‬‬
‫ولمعالجة ىذا الموضوع سنقسـ ىذا المطمب إلى فقرتيف وذلؾ عمى الشكؿ‬
‫التالي‪:‬‬

‫الفقرة األول‪ :‬التشطيب عمى الحجز بناء عمى أمر في حالة التراخي‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التشطيب عمى التقييد االحتياطي بناء عمى أمر استعجالي‬

‫‪103‬‬
‫الفقرة األول‪ :‬التشطيب عمى الحجز بناء عمى أمر في حالة التراخي‬

‫نص المشرع المغربي في المادة ‪ 218‬مف مدونة الحقوؽ العينية عمى أنو "إذا‬
‫وقع التراخي في مواصمة اإلجراءات التي تتمو الحجز‪ ،‬أمكن لممحجوز عميو أن يتقدم‬
‫بمقال إلى رئيس المحكمة المختصة بوصفو قاضيا لممستعجبلت لممطالبة برفع اليد عن‬
‫الحجز‪ ،‬تبمغ نسخة من ىذا المقال إلى الحاجز وفق القواعد المنصوص عمييا في‬
‫قانون المسطرة المدنية‪.‬‬
‫يكون األمر الصادر برفع اليد عن الحجز نيائيا ونافذا عمى الفور"‬
‫وىي نفس المقتضيات التي كاف ينص عمييا الفصؿ ‪ 208‬مف ظيير ‪ 2‬يونيو‬
‫‪ 11915‬مع إختالؼ بسيط في األلفاظ والمباني‪.‬‬
‫قرر المشرع المغربي بمقتضى ىذه المادة لممحجوز عميو مكنة طمب التشطيب‬
‫عمى الحجز بناء عمى أمر مف رنيس المحكمة االبتدانية التي يقع داخؿ نفوذىا العقار‬
‫موضوع الحجز بصفتو قاضيا لممستعجالت وذلؾ في حالة ما إذا تراخى الحاجز عف‬
‫مواصمة اإلج ارءات التي تتمو ىذا األخير والكفيمة بتحويمو إلى حجز تنفيذي‪ .‬والعمة في‬
‫ذلؾ أف الحجز ليس غاية في حد ذاتو بؿ ىو وسيمة قانونية وضعيا المقنف لموصوؿ إلى‬
‫إقتضاء الحقوؽ عف طريؽ بيع ما لممديف بالمزاد العمني وأداء ما بذمتو لفاندة داننو‪.‬‬
‫ورغـ أىمية ىذه المقتضيات عمميا بإعتبارىا آلية فعالة لوضع حد لتعسؼ‬
‫الحاجز في ممارسة حقو إال أنيا طرحت العديد مف اإلشكاالت العممية ويبقى أبرزىا‬
‫اإلشكاؿ المرتبط بنطاؽ مسطرة رفع الحجز لمتراخي حيث إعتبرىا جانب مف القضاء‬
‫محصورة في الحجز الناتج عف مسطرة تحقيؽ الرىف في حيف إعتبرىا جانب آخر أنيا‬
‫جاءت عامة تستوعب حتى الحجز التحفظي‪.‬‬

‫‪-1‬كاف الفصؿ ‪ 208‬مف ظيير ‪ 2‬يونيو ‪ 1915‬بنص عمى أنو "إذا وقع التراخي في مواصمة اإلجراءات التي تتمو‬
‫الحجز أمكف لممحجوز عميو أف يحصؿ عمى اإلنذار وجميع الوثانؽ المسجمة تبعا لو وذلؾ بمقاؿ معمؿ يقدمو لقاضي‬
‫المستعجالت ويبمغ كاتب الضبط نسخة منو وغمى طالب البيع في عنوانو المختار ثالثة أياـ عمى األقؿ قبؿ تاريخ‬
‫جمسة االستعجاؿ الذي يعينو الرنيس أسفؿ المقاؿ‪.‬‬
‫ويكوف األمر القضاني الصادر عنو نيانيا ونافذا عمى الفور"‪.‬‬
‫‪104‬‬
‫واذا كاف ىذا اإلشكاؿ قد أثير في ظؿ الفصؿ ‪ 208‬مف ظيير ‪ 2‬يونيو ‪1915‬‬
‫فإننا نعتقد أنو سيستمر في ظؿ سرياف مقتضيات المادة ‪ 218‬مف مدونة الحقوؽ العينية‬
‫وذلؾ لخمو ىذه األخيرة مف أي مقتضى صريح أو ضمني يحسـ ىذا اإلشكاؿ‪.1‬‬

‫أوال‪ :‬االتجاه الموسع لنطاق مسطرة التشطيب عمى الحجز لمتراخي‬

‫يعتبر ىذا اإلتجاه أف الفصؿ ‪ 208‬مف ظيير ‪(1915‬الفصؿ ‪ 218‬مف مدونة‬


‫الحقوؽ العينية) جاء عاما عمى إطالقو وال يوجد ما يدؿ عمى خالؼ ذلؾ حيث جاء في‬
‫قرار لمحكمة النقض مؤرخ في ‪ 27‬نونبر ‪" 2002‬حيث إف التراخي في متابعة الحجوز‬
‫حسب الفصؿ ‪ 208‬المحتج بو واف كاف يعطي لممدعييف حؽ الحصوؿ عمى األعذار‬
‫والوثانؽ المتعمقة بو فإف بقاء الحجز الذي ىو مجرد حجز تحفظي مؤقت مسجال عمى‬
‫الرسـ العقاري مف شأنو أف يعرقؿ حؽ الممكية الذي مف عناصره حؽ التصرؼ وأف‬
‫ضماف ىذا الحؽ يقتضي التشطيب عمى مجرد الحجز التحفظي"‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬االتجاه المضيق لنطاق مسطرة التشطيب عمى الحجز لمتراخي‬

‫يعتبر أصحاب ىذا اإلتجاه أف الفصؿ ‪ 208‬مف ظيير ‪ 02‬يونيو ‪ 1915‬يقتصر‬


‫فقط عمى الحجز الذي ينصب عمى العقار الذي يكوف موضوع رىف رسمي مقيد بالرسـ‬
‫العقاري‪.‬‬
‫حيث جاء في ق ارر لمحكمة النقض عدد ‪ 1433‬مؤرخ في ‪ 17‬يونيو ‪" 1987‬إف‬
‫ىذا الفصؿ الذي يفيد أف أمر قاضي المستعجالت ال يقبؿ اإلستنناؼ إنما يطبؽ في حالة‬
‫الرىوف الرسمية التي تعطي لمدانف المرتيف الحؽ في إتخاذ كافة إجراءات التنفيذ الجبري‬
‫بما فيو بيع العقار المرىوف عف طريؽ المزاد العمني كما تعطي لممديف الراىف في حالة‬

‫‪ -1‬األستاذ عمر زوكار طبيعة االختصاص االستعجالي برفع الحجز عمى العقار في ضوء تعديؿ قانوف التحفيظ‬
‫العقاري مجاؿ منشور بمجمة المحاكـ المغربية العدد المزدوج ‪ 134/133‬يناير‪-‬مارس ‪ 2012‬ص ‪.42‬‬
‫‪-2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 3614‬المؤرخ في ‪ 27‬نونبر ‪ 2002‬في الممؼ المدني رقـ ‪ 97/1/1/2702‬أشار إليو‬
‫األستاذ عمر أزوكار في مقالو السابؽ "طبيعة االختصاص االستعجالي برفع ‪ "...‬ـ س ص ‪.42‬‬
‫‪105‬‬
‫التراخي عف مواصمة اإلجراءات أف يستصدر أم ار ال يقبؿ اإلستنناؼ بالحصوؿ عمى‬
‫األعذار وجميع الوثانؽ األخرى‪.‬‬
‫وال يطبؽ عمى الحجوز التي تتخذ في الحاالت األخرى كإجراء الحجز التحفظي‬
‫في إنتظار الحصوؿ عمى السند التنفيذي ضد المديف"‪.1‬‬
‫وجاء في قرار لنفس المحكمة مؤرخ في ‪ 24‬مارس ‪" 2011‬إف مقتضيات‬
‫الفصؿ ‪ 208‬مف ظيير ‪ 2‬يونيو ‪ 1915‬ال تجد تطبيقيا عمى مساطر الحجز التحفظي‬
‫ورفعو إذ تتعمؽ باإلجراءات التي تتمو الحجز العقاري المقيد بمناسبة توجيو اإلنذار العقاري‬
‫لممديف والتي لـ يشطب عمييا بأمر رناسي كمما تراخى الدانف المرتيف في مواصمة‬
‫اإلجراءات"‪.2‬‬
‫والحقيقة أف ىذا التمييز الحاصؿ بيف الحجز التحفظي والحجز الناتج عف تحقيؽ‬
‫الرىف الرسمي لمقوؿ بإختصاص قاضي المستعجالت مف عدمو لرفع الحجز في حالة‬
‫التراخي عف متابعة اإلجراءات التي تمي الحجز ال مبرر لو وال منطؽ سميـ يزكيو‬
‫ويؤيده ألف العبرة مف السماح بيذا التشطيب تكمف في محاربة التعسؼ في إستعماؿ‬
‫الحقوؽ والحد مف آثاره لكي ال يكوف المديف تحت رحمة الدانف الذي يوقع حج از تحفظيا‬
‫يشؿ بو إمكانية التعامؿ بالعقار لمدة قد تطوؿ أكثر مف الالزـ والمعقوؿ‪.‬‬
‫ومادامت أف العمة موجودة سواء في مسطرة الحجز التحفظي أو مسطرة الحجز‬
‫الذي يمي تحقيؽ الرىف الرسمي المقيد بالرسـ العقاري فمف غير المستساغ السماح‬
‫بتضييؽ نطاؽ الفصؿ ‪ 218‬مف مدونة الحقوؽ العينية لذلؾ فإنو مف باب التنبيو ولفت‬
‫النظر ندعو المشرع المغربي إلى ضرورة إعادة النظر في مقتضيات المادة ‪ 218‬مف‬
‫مدونة الحقوؽ العينية بشكؿ يجعميا تستوعب الحجز التحفظي بصورة واضحة‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض المؤرخ في ‪ 1987/06/17‬عدد ‪ 1433‬في الممؼ المدني عدد ‪ 99287‬مجمة القضاء‬
‫والقانوف عدد ‪ 139‬ص ‪.81‬‬
‫‪-2‬قرار محكمة النقض المؤرخ في ‪ 2011/03/24‬عدد ‪ 456‬في الممؼ التجاري عدد ‪ 10/13/1265‬مجمة قضاء‬
‫محكمة النقض عدد ‪ 75‬ص ‪.226‬‬
‫‪106‬‬
‫وصريحة بغية الوصوؿ إلى الغاية المتوخاة مف تدخؿ القضاء اإلستعجالي في المادة‬
‫العقارية‪.‬‬
‫وفي إنتظار ىذا التعديؿ فال يسعنا إال الركوف إلى مقتضيات الفقرة األخيرة مف‬
‫الفصؿ ‪ 87‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع التي تنص عمى أنو "يشطب عمى الحجز واإلنذار بحجز‬
‫المنصوص عمييما في الفقرة السابقة بناء عمى عقد أو أمر مف قاضي المستعجالت‬
‫يكوف نيانيا ونافذا فور صدوره"‪.‬‬
‫وذلؾ لكوف ىذه الفقرة جاءت عامة تستوعب التشطيب بسبب التراخي في‬
‫‪1‬‬
‫وغيرىا مف األسباب التي قد يرى قاضي‬ ‫استكماؿ اإلجراءات التي تمي الحجز التحفظي‬
‫المستعجالت أنيا كفيمة بتبرير طمب إصدار أمر بالتشطيب عمى الحجز تحقيقا لألىداؼ‬
‫المتوخاة مف تدخؿ ىذا األخير والتي سبؽ ذكرىا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التشطيب عمى التقييد اإلحتياطي بناء عمى أمر استعجالي‬

‫لـ ينظـ المشرع المغربي في ظيير التحفيظ العقاري قبؿ تعديؿ ‪2011‬‬
‫التشطيب عمى التقييد اإلحتياطي المقيد بناء عمى مقاؿ بموجب أمر قضاني الشيء‬
‫الذي أدى إلى طرح أكثر مف إشكاؿ سواء عمى مستوى الممارسة اإلدارية لممحافظات‬
‫العقارية أو عمى مستوى العمؿ واالجتياد القضانيف لمختمؼ محاكـ الموضوع ومحكمة‬
‫النقض‪.‬‬
‫ولعؿ أبرز إشكاؿ طرح آنذاؾ ىو مدى جواز التشطيب عمى التقييد اإلحتياطي‬
‫بناء عمى مقاؿ دعوى مرفوعة في الموضوع إستناد الى أمر مف قاضي المستعجالت ‪.‬‬
‫حيث إنقسـ العمؿ اإلداري والقضاني ببالدنا إلى توجييف األوؿ يرى أف األصؿ‬
‫في األمور ىو عدـ إختصاص رنيس المحكمة اإلبتدانية –بصفتو قاضيا لممستعجالت‪-‬‬
‫بالتشطيب عمى ىذا التقييد اإلحتياطي لكف كثرة وتزايد التقييدات اإلحتياطية التعسفية‬
‫والكيدية التي تثقؿ كاىؿ المتعامميف بالعقار وتخفض قيمتو وتمنع في غالب األحياف‬
‫تداولو أممت ضرورة السماح لقاضي المستعجالت لمتدخؿ مف أجؿ وضع حد ليذا‬

‫‪-1‬عمر أزوكار "طبيعة القضاء االستعجالي ‪ "...‬ـ س ص ‪.47‬‬


‫‪107‬‬
‫التعسؼ في إستعماؿ الحقوؽ عف طريؽ تقنية إصدار أوامر إستعجالية قاضية بالتشطيب‬
‫عمى التقييد االحتياطي بناء عمى مقاؿ دعوى رانجة لـ يصدر في شأنيا حكـ بات‪.1‬‬
‫وبالمقابؿ يرى أصحاب اإلتجاه الثاني أف قاضي المستعجالت غير مختص في‬
‫ىذا الشأف ماداـ أف المشرع لـ يمنحو ىذه المكنة بنص خاص وصريح وأنو طبقا لما‬
‫إستقر عميو اإلجتياد القضاني ببالدنا فال يمكف تطبيؽ قواعد المسطرة المدنية –الفصؿ‬
‫‪ 149‬منيا‪ -‬عمى نزاعات العقار المحفظ ما لـ يوجد نص خاص يحيؿ عمييا وبالرجوع‬
‫إلى ظيير التحفيظ العقاري قبؿ أف يعدؿ بالقانوف ‪ 14.07‬فإننا ال نجد بالفصؿ ‪ 91‬منو‬
‫ما يبيح ذلؾ وأنو إكتفى بذكر التشطيب عمى التقييد بناء عمى عقد أو حكـ يثبت إنقضاء‬
‫وانعداـ الحؽ الذي يتعمؽ بو التقييد وأنو لـ يشر ال مف قريب وال مف بعيد لمتشطيب‬
‫بناء عمى أمر مف قاضي إلاستعجاؿ‪.‬‬
‫ومف الق اررات القضانية الصادرة عف محكمة النقض والمؤيدة لإلتجاه األوؿ نجد‬
‫القرار عدد ‪ 4333‬المؤرخ في ‪ 2008/12/17‬الذي جاء في بعض حيثياتو "‪ ...‬فيما‬
‫يخص الوسيمة الثانية المتخذة مف خرؽ الفصؿ ‪ 152‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ ذلؾ أف الطاعنيف دفعوا‬
‫بعدـ إختصاص قاضي المستعجالت لمبت في طمب التشطيب عمى التقييد اإلحتياطي‬
‫إال أف محكمة اإلستنناؼ ردت الدفع بعمة أف التقييد اإلحتياطي إجراء وقتي وبناء عمى‬
‫ذلؾ فاإلختصاص بالبت في التشطيب عميو يرجع لرنيس المحكمة اإلبتدانية إعتمادا‬
‫عمى أف الفصؿ ‪ 85‬مف ظيير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬منحو صالحية األمر بالتقييد‬
‫اإلحتياطي ومف يممؾ صالحية األمر بو يممؾ صالحية التشطيب عميو" في حيف أف‬
‫التقييد اإلحتياطي المطموب التشطيب عميو ليس مأمو ار بو مف طرؼ رنيس المحكمة‬
‫اإلبتدانية في نطاؽ إختصاصو وانما بوشر مف طرؼ المحافظ عمى األمالؾ العقارية‬
‫تمقانيا بناء عمى مقاؿ الدعوى الرامية إلى إثبات الحؽ المدعى بو ولذلؾ فطمب‬

‫‪-1‬عبد اإللو المرابط "التقييد االحتياطي آلية لحماية الحؽ المدعى بو أـ وسيمة لحماية حؽ الممكية" سمسمة الندوات‬
‫واألياـ الدراسية العدد ‪ 38‬سنة ‪ 2011‬مقاؿ منشور بأشغاؿ الندوة العممية الوطنية نحو تشريع عقار جديد" التي نظميا‬
‫مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية لتكريـ األستاذ الدكتور محمد خيري يومي ‪ 29‬و‪ 30‬أبريؿ ‪ 2011‬ص‬
‫‪.347‬‬
‫‪108‬‬
‫التشطيب عميو يخرج عف إختصاص قاضي المستعجالت بإعتبار أف البت فيو يمس‬
‫بموضوع الحؽ المقيد إحتياطيا‪.‬‬
‫لكف حيث لما كاف التقييد اإلحتياطي في كؿ حاالتو كما نص عمييا الفصؿ ‪85‬‬
‫مف ظيير ‪ 1913/08/12‬المتعمؽ بالتحفيظ العقاري ىو إجراء تحفظي وقتي فإف‬
‫المنازعة فيو ليا نفس الطبيعة التحفظية الوقتية التي لمتقييد اإلحتياطي واذا كاف ال يوجد‬
‫نص قانوني يحدد الجية المختصة بالبت في طمب التشطيب عمى التقييد اإلحتياطي فإف‬
‫قاضي المستعجالت الذي يختص بموجب الفصؿ ‪ 149‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ بإتخاذ كؿ‬
‫اإلجراءات التحفظية الوقتية التي تقتضييا حالة اإلستعجاؿ ‪ ...‬ومحكمة اإلستنناؼ حيف‬
‫أيدت أمر قاضي المستعجالت الذي قضى بالتشطيب عمى التقييد موضوع النزاع فإنيا‬
‫تكوف قد بتت في الدعوى في إطار الفصؿ ‪ 152‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ ولـ تخرقو والوسيمة غير‬
‫وجيية"‪.1‬‬
‫أما فيما يخص اإلتجاه الثاني فقد أصدرت محكمة النقض العديد مف الق اررات‬
‫المؤيدة لو ومف ذلؾ القرار عدد ‪ 2914‬المؤرخ في ‪ 2008/07/29‬والذي جاء في‬
‫قاعدتو "التشطيب عمى حؽ عيني مقيد تقييدا إحتياطيا والحاؿ أف ىناؾ دعوى جارية حوؿ‬
‫موضوع ىذا الحؽ ال يصح إال بصدور حكـ نياني بخصوصو"‪.2‬‬
‫ومما جاء في قرار ثاف لنفس المحكمة تحت عدد ‪ 3849‬المؤرخ في ‪ 28‬أكتوبر‬
‫‪" 2009‬ال يجوز لقاضي المستعجالت إصدار أمر بالتشطيب عمى تقييد احتياطي تـ‬
‫تضمينو بناء عمى مقاؿ دعوى مادامت تمؾ الدعوى رانجة إذ يتعيف إنتظار ما يقضي بو‬
‫في موضوع تمؾ الدعوى بحكـ مكتسب لقوة الشيء المقضي بو"‪.3‬‬

‫‪-1‬القرار عدد ‪ 43334‬المؤرخ في ‪ 2008/12/17‬في الممؼ المدني عدد ‪ 2007/2/1/7‬المنشور بالموقع‬


‫اإللكتروني ‪ juaisprudence‬لألستاذ عمر أزوكار اطمع عميو في ‪.2017/10/02‬‬
‫‪-2‬القرار عدد ‪ 2914‬المؤرخ في ‪ 2009/07/29‬في الممؼ المدني عدد ‪ 2006/1/1/808‬منشور بموقع األستاذ‬
‫عمر أزوكار ‪ jurisprudence maroc‬اطمع عميو بتاريخ ‪.2017/10/02‬‬
‫‪-3‬القرار صادر عف محكمة النقض عدد ‪ 3849‬المؤرخ في ‪ 28‬أكتوبر ‪ 2009‬في الممؼ رقـ ‪2007/1/1/2659‬‬
‫منشور بمجمة قضاء المجمس األعمى عدد ‪ 72‬سنة ‪ 2010‬ص ‪ 50‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫أما بخصوص العمؿ اإلداري لممحافظات العقارية ببالدنا فقد ساير في مجممو‬
‫الموقؼ األخير لمقضاء والمتمثؿ في رفض التشطيب عمى التقييد اإلحتياطي المضمف‬
‫بناء عمى مقاؿ بموجب أمر قاضي المستعجالت وذلؾ بعمة أف التشطيب عمى التقييد‬
‫اإلحتياطي ال يمكف أف يتـ إال في إطار الفصؿ ‪ 91‬مف ظيير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬قبؿ‬
‫تعديمو وتتميمو بواسطة القانوف رقـ ‪ 14.07.‬وألىمية ىذا الموضوع وتشعبو فقد إضطر‬
‫المحافظ العاـ إلى توجيو عدة رسانؿ إلى المحافظيف عمى األمالؾ العقارية بمختمؼ ربوع‬
‫المممكة يحتيـ فييا عمى ضرورة رفض التشطيب في ىذه الحالة ومف ذلؾ الرسالة‬
‫المؤرخة في ‪ 2004/12/27‬الموجية إلى المحافظ عمى األمالؾ العقارية بمكناس والتي‬
‫جاء فييا "يشرفني أف ألفت إنتباىكـ إلى أف التقييد اإلحتياطي المتخذ بمقتضى مقاؿ‬
‫إفتتاحي لمدعوى يحتفظ بكؿ آثاره القانونية إلى نياية النزاع وصدور حكـ اكتسب قوة‬
‫الشيء المقضي بو يصرح بإنقضاء أو إنعداـ الحؽ وعميو ال يمكف التشطيب عمى‬
‫التقييد اإلحتياطي عمال بمقتضيات الفصؿ ‪ 91‬مف ظيير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬وعميو ال‬
‫يمكف التشطيب عمى التقييد االحتياطي بناء عمى القرار االستعجالي المذكور"‪.1‬‬
‫مف خالؿ كؿ ما سبؽ يمكف إرجاع سبب ىذا التناقض في اآلراء إلى سببيف‬
‫األوؿ يتمثؿ في غياب النص المؤطر –قبؿ التعديؿ‪ -‬ليذه المسألة أما الثاني واألبرز‬
‫فيو عدـ اإلتفاؽ عمى إمكانية تطبيؽ أحكاـ الفصؿ ‪ 149‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ مف عدمو وذلؾ‬
‫لعدـ وجود نص بظيير التحفيظ العقاري يحيؿ عميو صراحة‪.‬‬
‫وحسما ليذا التضارب وتوحيدا لمعمميف القضاني واإلداري تدخؿ المقنف المغربي‬
‫بموجب القانوف ‪ 14.07‬وتمـ الفصؿ ‪ 86‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع حيث نص في فقرتو األخيرة عمى‬
‫أنو "يمكن المجوء إلى رئيس المحكمة االبتدائية التي يقع في دائرة نفوذىا العقار‪،‬‬
‫بصفتو قاضيا لممستعجبلت لؤلمر بالتشطيب عمى التقييد اإلحتياطي كمما كانت األسباب‬
‫المستند عمييا غير جدية أو غير صحيحة"‪.‬‬

‫‪-1‬رسالة المحافظ العاـ إلى المحافظ عمى األمالؾ العقارية بمكناس االسماعيمية رقـ ‪ 220‬المؤرخة في‬
‫‪.2004/12/27‬‬
‫‪110‬‬
‫وبذلؾ فإنو أصبح مف حؽ أي متضرر مف التقييد اإلحتياطي سواء كاف بناء‬
‫عمى سند أو عمى أمر أو بناء عمى مقاؿ أف يمجأ لقاضي األمور المستعجمة لمتشطيب‬
‫عميو بعد أف يثبت لو عدـ جدية األسباب المستند عمييا أو عدـ صحتيا‪.‬‬
‫ورغـ ما ليذا التعديؿ مف أىمية آنية ومستقبمية فإنو لـ يسمـ مف اإلنتقاد عمى‬
‫إ عتبار أنو سيطرح إشكاال عمميا لقضاة األمور المستعجمة إذ كيؼ يمكف البحث في‬
‫جدية األسباب المستند عمييا مف عدميا دوف أف يتعارض ذلؾ مع شرط عدـ المساس‬
‫بالجوىر الذي يعتبر أىـ شرط إلنعقاد االختصاص ليذا األخير زيادة عمى شرط‬
‫االستعجاؿ‪.1‬‬
‫حيث ينص الفصؿ ‪ 152‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ عمى ما يمي‪" :‬ال تبت األوامر اإلستعجالية‬
‫إال في اإلجراءات الوقتية وال تمس بما يمكف أف يقضي بو في الجوىر"‪.‬‬
‫ليكوف بذلؾ الفصؿ ‪ 86‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع في فقرتو األخيرة متعارضا مع مقتضيات‬
‫الفصؿ ‪ 152‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ الذي ينص صراحة عمى الشروط الموضوعية إلنعقاد‬
‫اإختصاص لقاضي األمور المستعجمة‪.‬‬
‫والرأي أف المشرع المغربي منزه عف الوقوع في مثؿ ىذا الخطأ خصوصا وأف‬
‫ىذا الموضوع كاف محؿ نقاش فقيي وقضاني كبير وانما إرادة المشرع إتجيت إلى منح‬
‫ىذا اإلختصاص ‪-‬بيذا الشكؿ أي إصدار أمر بعد دراسة الجدية والصحة‪ -‬لقاضي‬
‫األمور المستعجمة خروجا عف األحكاـ العامة لمقضاء اإلستعجالي المنصوص عمييا في‬
‫قانوف المسطرة المدنية ليكوف بذلؾ مقننا المغربي قد وضع المبنات األولى لمتأسيس‬
‫‪2‬‬
‫لقضاء إستعجالي مف نوع خاص تبعا لخصوصية الموضوع محؿ النزاع‬

‫‪-1‬يوسؼ مختري "التقييد االحتياطي بيف تقييد حؽ الممكية وحمايتو" مقاؿ منشور بمجمة الحقوؽ نظاـ التحفيظ‬
‫العقاري في ضوء القانوف ‪ 14.07‬العدد ‪ 5‬الطبعة ‪ 2012‬ص ‪ 115‬و‪.116‬‬
‫‪-2‬وما يرجع ىذا القوؿ ىو وجود عدة نصوص خاصة كالفصؿ ‪ 86‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع التي تحت ىذا المنحى ومف ذلؾ‬
‫الفصؿ ‪ 149‬مف قانوف حماية المستيمؾ رقـ ‪ 31.08‬القاضي بتحديد تدابير لحماية المستيمؾ حيث نصت الفقرة األوؿ‬
‫مف المادة ‪ 149‬عمى ما يمي‪" :‬بالرغـ مف أحكاـ الفقرة ‪ 2‬مف الفصؿ ‪ 243‬مف الظيير الشريؼ الصادر في ‪ 9‬رمضاف‬
‫‪ 19(1331‬غشت ‪ ) 1913‬بمثابة قانوف االلتزامات والعقود يمكف والسيما في الفصؿ عف العمؿ أو حالة اجتماعية‬
‫‪111‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تضارب الق اررات بخصوص التصرفات الواردة عمى‬
‫العقار‬
‫يقصد بالتصرفات القانونية كؿ تعبير عف اإلرادة مف شأنو أف يحدث أث ار‬
‫قانونيا أي أنو يرتب حقوقا والتزامات بالنسبة ألطراؼ ىذا األخير والتعبير عف اإلرادة‬
‫إما أف يكوف في صورة توافؽ إرادتيف واما في صورة تعبير بإرادة منفردة وال إختالؼ في‬
‫اآلثار الناتجة عف ذلؾ إال مف حيث نطاؽ اإللزاـ وكيفيتو‪.‬‬
‫واإلنساف –كما ميزه اهلل سبحانو وتعالى‪ -‬مجبوؿ عمى العيش في كنؼ الجماعة‬
‫بإعتباره كاننا إجتماعيا بطبعو ال يطيب لو العيش إال في كنؼ الجماعة بإعتبار ىذه‬
‫األخيرة تمثؿ الوسط الحيوي لمعالقات اإلجتماعية واإلقتصادية التي يمارسيا األفراد فيما‬
‫بينيـ مف أجؿ الحصوؿ عمى الوسانؿ الضرورية لمعيش والتعايش لذلؾ فإنو يمجأ إلى‬
‫إجراء عدة معامالت مع باقي أفراد مجتمعو‪.‬‬
‫ومف أىـ التصرفات التي يبرميا اإلنساف في حياتو كميا التصرفات التي تنصب‬
‫عمى العقار والتي تكتسي أىميتيا حقيقة مف األىمية والقيمة المعنوية واإلقتصادية التي‬
‫يتميز بيا العقار في حد ذاتو‪.‬‬
‫وبقدر ما لمتصرفات العقارية مف قيمة إقتصادية كبيرة بقدر ما تثيره مف‬
‫إشكاالت كثيرة وكبيرة والسبب في ذلؾ راجع بالدرجة األولى إلى تعدد األنظمة العقارية‬
‫بالمغرب واختالؼ اإلطار القانوني لكؿ واحد منيا‪.‬‬
‫ومف المجاالت التي عرفت والزالت تعرؼ العديد مف اإلشكاالت العممية نجد‬
‫موضوع التصرفات العقارية التبرعية وذلؾ إلنطوانيا غالبا عمى عنصر المحاباة‬
‫واإلستغالؿ والتيرب مف دفع الحقوؽ ألصحابيا والوفاء باإللتزامات المترتبة في ذمة‬
‫المتبرع وكذا لتشتت أحكاميا في أميات كتب فقياء الشريعة اإلسالمية خصوصا قبؿ‬
‫صدور مدونة الحقوؽ العينية لسنة ‪.2011‬‬

‫غير متوقعة أف يوقؼ تنفيذ التزامات المديف يأمر مف رنيس المحكمة المختصة ويمكف أف يقرر في األمر عمى أف‬
‫المبالغ المستحقة ال تترتب عمييا فاندة طيمة مدة المميمة ‪."...‬‬
‫‪112‬‬
‫وكذلؾ مف المواضيع التي أثيرت بشأنيا عدة نقط خالفية أماـ قضاء الموضوع‬
‫وقضاء محكمة النقض موضوع التصرفات التي تنصب عمى الممكية العقارية الشانعة‬
‫خصوصا ما تعمؽ منيا بحاالت إنياء الشياع‪.‬‬
‫ولدراسة ىذا الموضوع ومالمسة أبرز إشكاالتو الواقعية التي يصطدـ بيا‬
‫قضاننا سنقسـ ىذا المبحث إلى مطمبيف وذلؾ عمى الشكؿ التالي‪:‬‬

‫المطمب األول‪ :‬التصرفات الناشئة عمى توافق اإلرادات‬


‫المطمب الثاني‪ :‬التصرفات الواردة عمى العقارات الشائعة‬

‫‪113‬‬
‫المطمب األول‪ :‬التصرفات الناشئة عمى توافق اإلرادات‬
‫أثارت التصرفات التي يتوقؼ إنعقادىا عمى إرادة طرفييا العديد مف اإلشكاالت‬
‫العممية التي أباف عنيا العمؿ القضاني لمختمؼ محاكـ المممكة وكذا محكمة النقض‬
‫خصوصا ما تعمؽ منيا بالتصرفات التبرعية التي غالبا ما يدور الشؾ حوؿ نوايا المقدـ‬
‫عمييا وذلؾ لغمبة وجود عنصر المحاباة فييا وكذلؾ إلشتراط فقياء الشريعة اإلسالمية‬
‫ضرورة وجود الحوز المادي لممتبرع بو في كؿ التصرفات التبرعية زيادة عمى الشروط‬
‫الالزمة في كؿ التصرفات‪.‬‬
‫ومف أبرز المواضيع التي أثير حوليا النقاش الفقيي والقضاني نجد موضوع‬
‫شيادة األتمية التي يديؿ بيا العدوؿ وثانقيـ حيث إعتبرىا البعض حجة مطمقة ال يمكف‬
‫إثبات عكسيا ولو بشيادة أىؿ االختصاص مف األطباء في حيف إعتبرىا البعض اآلخر‬
‫حجة نسبية يمكف إثبات عكسيا بشيادة الطبيب‪.‬‬
‫ومف المواضيع التي عرفت كذلؾ نقاشا مستفيضا وجدال واسعا وتضاربا في‬
‫األحكاـ والق اررات القضانية موضوع الحوز في التصرفات التبرعية التي تنصب عمى‬
‫عقار محفظ بيف مشترط لمحوز المادي رغـ تقييد التصرؼ في الرسـ العقاري وبيف‬
‫مكتؼ بالحوز القانوني المتمثؿ في التقييد بالرسـ العقاري‪.‬‬
‫وفي سبيؿ حؿ ىذه اإلشكاالت وحسـ التبايف بشأنيا تدخمت محكمة النقض في‬
‫أكثر مف مناسبة وأصدرت العديد مف الق اررات منيا ق اررات مبدنية أصدرت بجميع‬
‫الغرؼ المكونة ليذه األخيرة غير أف عدـ وفاء ىذه األخيرة لق ارراتيا واخالصيا ليا أدى‬
‫إلى تعميؽ اإلشكاؿ والزيادة في حدتو مما إضطر معو المشرع لمتدخؿ وحسـ بعض‬
‫النقط الخالفية‪.‬‬
‫ولدراسة ىذا الموضوع ومحاولة مالمسة أىـ إشكاالتو العممية وتسميط الضوء‬
‫عمى أسبابيا سنقسـ ىذا المطمب إلى فقرتيف وذلؾ عمى الشكؿ التالي‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحوز في التصرفات التبرعية‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬موقف محكمة النقض من حجية شيادة األتمية‬

‫‪114‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحوز في التصرفات التبرعية‬

‫الحوز لغة أو الحيازة بمعنى القبض يقاؿ حاز الشيء يحوزه حو از أو حيازة إذا‬
‫وفي لساف العرب‪ 2‬حاز اإلبؿ‬ ‫‪1‬‬
‫قبضو إليو ووضع يده عميو وأدخمو في حوزه وممكو‬
‫وحوزىا أي ساقيا سوقا رويدا ويقاؿ حزىا أي سقيا سوقا‬‫يحوزىا ويحيزىا حو از أو ًحي از ً‬
‫شديدا وخذىا إلييا بحزـ وعجؿ وليمة الحوز أوؿ ليمة توجو فييا اإلبؿ إلى الماء إذا‬
‫كانت بعيدة منو واألحوزي والحوزي الجاد في أمره وانحاز القوـ إذا تركوا مواقعيـ إلى‬
‫وتحيز إذا تنحى وماؿ وانضـ إلى فنة أخرى قاؿ تعالى "ومن يوليم‬
‫أخرى وتحوز عنو ً‬
‫يومئذ دبره إال متحرفا لقتال أو متحي از إلى فئة فقد باء بعضب من اهلل ومأواه جينم‬
‫وبيس المصير"‪.3‬‬
‫أما إصطالحا فيقوؿ إبف عرفة "الحوز رفع تصرؼ المعطي في العطية بصرؼ‬
‫التمكف منو لممعطى أو نانبو" وفي شرح ذلؾ يقوؿ الرصاع التوتنسي‪" :‬ىو رفع يد المعطي‬
‫عف التصرؼ في الممؾ ورد ذلؾ إلى يد المعطى أو نانبو" ويضيؼ قانال "فمو زاد مع‬
‫الحد لألعـ خاصية الحسي وىو الصرؼ بالفعؿ لصح ذلؾ"‪.4‬‬
‫وتعميقا عمى ىذا التعريؼ يقوؿ األستاذ عبد الرحماف بمعكيد "ولعؿ ىذا التعريؼ‬
‫رغـ شرح الرصاع ال ينسجـ مع معنى الحوز في العطايا فالحوز في العطية معناه‬
‫تسميـ الشيء المعطي مف يد المعطي إلى يد المعطى لو واف شنت قمت ىو وضع‬
‫المعطى يده عمى العطية وال شأف لنا أف يتصرؼ فييا بالبيع أو غيره أو أف ينتفع بيا‬
‫وانما أف تنقؿ إليو وأف تخرج فعميا مف يد المعطي ومف حوزه إلى يد وحوز المعطى"‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرحماف بمعكيد اليبة في المذىب والقانوف دراسة لميبة وما يتصؿ بيا مف صدقو وحبس وعمري في المذىب‬
‫المالكي والقانوف المغربي توزيع صوماديؿ الدار البيضاء الطبعة الثانية ‪ 2001‬ص ‪ 225‬و‪.256‬‬
‫‪-2‬ابف منظور لساف العرب "حوز"‪.‬‬
‫‪-3‬سورة األنفاؿ اآلية ‪.16‬‬
‫‪-4‬الرصاع التونسي شرح حدود ابف عرفة نشر و ازرة األوقاؼ والشؤوف اإلسالمية بالمغرب ‪ 1992‬ص ‪586‬‬
‫و‪(587‬أشار إليو عبد الرحماف بمعكيد ـ س)‪.‬‬
‫‪115‬‬
‫لذلؾ فإف ىذا األخير يرى أف التعريؼ األسمـ واألصوب واألبسط ىو "الوضع‬
‫الشرعي لميد عمى الشيء أو الحؽ باألصالة أو بالنيابة"‪.‬‬
‫والحوز كما ىو معموـ شرط البد منو لصحة اليبة وذلؾ باتفاؽ األنمة األربعة‬
‫مالؾ والشافعي وأبي حنيفة وابف حنبؿ وكذلؾ جميور فقياء ىذه المذاىب ولـ يخالؼ ىذا‬
‫االتجاه إال الظاىرية لكونيـ أخذوا بظاىر األدلة وقالوا أف اليبة عقد واهلل عز وجؿ قاؿ "يا‬
‫أييا الديف أمنوا أوفوا بالع قود" وقالوا كذلؾ أف االلتزاـ بيا وتغيرىا مف التصرفات عمد‬
‫واهلل تعالى يقوؿ "وأفوا بعيد اهلل إذا عاىدتيـ"‪.‬‬
‫ويقوؿ بعض الفقو أف األصؿ في إشتراط الحوز في التبرعات ما أوردتو سيدتنا‬
‫عانشة الصديقة رضواف اهلل عمييا عف والدىا الصديؽ أبي بكر أنو كاف نحميا جداد‬
‫عشريف وسقا مف مالو لـ تحزه فمما حضرتو الوفاة قاؿ ليا يا بنية إف أحب الناس بعدي‬
‫ألنت وأف أعز الناس عمي فق ار النت واني قد كنت نحمتؾ جداد عشريف وسقا مف مالي‬
‫ولو كنت جددتيو وأحرزتيو لكاف لؾ وانما ىو اآلف ماؿ الورثة وانما ىما أخواؾ وأختاؾ‬
‫فإقتسموا عمى كتاب اهلل‪.1‬‬
‫ولرب سانؿ يسأؿ ويقوؿ ما الحكمة مف إشتراط فقياء الشريعة اإلسالمية لمحوز‬
‫في التصرفات التبرعية؟ إف الجواب عف ىذا السؤاؿ يستدعي منا إستحضار قيمة الماؿ‬
‫في نفوس بني البشر فاإلنساف كما يعرؼ الجميع مخموؽ أناني بطبعو فيو مجبوؿ عمى‬
‫حب الماؿ ال إيثاره وتوزيعو دوف مقابؿ‪ .‬ولعؿ أكبر دليؿ عمى ذلؾ ىو إعتبار الشرع‬
‫الماؿ مف الكميات الخمس الواجب الحفاظ عمييا إلى جانب النفس والعقؿ والديف‬
‫والنسؿ‪.2‬‬
‫لذلؾ إشترط فقياء الشريعة اإلسالمية ضرورة حيازة المتبرع لو لمماؿ المتبرع بو‬
‫حيازة مادية قبؿ حصوؿ المانع لصحة التصرفات التبرعيو المحضة‪.‬‬

‫‪-1‬األستاذ محمد األجراوي الحيازة الفعمية في التبرعات بيف الفقو والقانوف الوضعي ودور المجمس األعمى في التوفيؽ‬
‫بينيما مقاؿ منشور بمجمة المحاكـ المغربية عدد ‪ 84‬سنة ‪ 2000‬ص ‪.14‬‬
‫‪-2‬األستاذ محمد األجراوي ـ س ص ‪.15‬‬
‫‪116‬‬
‫واذا كانت ضرورة الحوز في التبرعات العقارية محؿ توافؽ واستقرار سواء بيف‬
‫أوساط الفقو أو القضاء فإف األمر لـ يعد كذلؾ منذ أف فرض ظيير التحفيظ العقاري‬
‫عمى المغرب سنة ‪ 1913‬إباف فترة اإلستعمار حيث أثيرت إشكالية كبيرة وعميقة تمثمت‬
‫في مدى إعتبار تقييد التصرفات التبرعية العقارية في الرسـ العقاري حو از قانونيا يعادؿ‬
‫الحوز المادي وبالتالي يغني عنو‪.‬‬
‫في محاولة منيا إليجاد حؿ ليذا اإلشكاؿ الكبير أصدرت محكمة النقض ببالدنا‬
‫عددا كبي ار مف الق اررات التي كانت ولألسؼ متناقضة فتارة تنتصر لمرأي الذي يتمسؾ‬
‫بضرورة حصوؿ الحوز المادي حتى ولو تـ تقييد التبرع في الرسـ العقاري وتارة تعدؿ‬
‫عف ىذا الرأي مكتفية بالتقييد دوف حاجة لمحيازة المادية‪.‬‬
‫والحقيقة أف لكؿ إ تجاه مؤيداتو ومبرراتو التي يحاوؿ بيا الدفاع عف طرحو لذلؾ‬
‫فإف المنطؽ السميـ والعقؿ القويـ يستدعياف منا تناوؿ كؿ إتجاه عمى حدة محاوليف‬
‫دراستيـ وتحميميـ عمى ىدى آراء الفقو وردود أفعاليـ إتجاه بعض الق اررات‪.‬‬
‫االتجاه األول‪ :‬التقييد في الرسم العقاري يغني عن الحوز المادي‬
‫إعتبرت محكمة النقض في الكثير مف ق ارراتيا التقييد في الرسـ العقاري قبؿ‬
‫وقوع المانع كافيا وحده إلعتبار التبرع بالعقار المحفظ صحيحا دوف حاجة لمبحث في‬
‫توفر الحوز المادي مف عدمو واعتبرت التقييد حو از قانونيا ومف ىذه الق اررات نذكر‪:‬‬
‫قرار محكمة النقض المؤرخ في ‪ 25‬مارس ‪ 2009‬والذي جاء في إحدى حيثياتو‬
‫ما يمي‪" :‬لكف حيث إف القرار المطعوف فيو لما قضى برفض إبطاؿ اليبة فقد إرتكز في‬
‫ذلؾ عمى أف عقد اليبة ىو كسانر العقود لو شروط التي ىي الواىب والموىوب لو‬
‫والشيء الموىوب والصيغة وىي كميا متوفرة في العقد المطعوف فيو وانو إذا كاف الفقو‬
‫إضافة إلى ذلؾ يشترط لصحة عقد اليبة الحيازة والقبض أي الحوز القانوني والفعمي‬
‫فإف المطموبة في النقض قد قامت بتسجيؿ عقد اليبة في الرسـ العقاري قبؿ وفاة‬
‫المتصدؽ وىو ما يعتبره حيازة قانونية ونقال لمممكية مف ذمة الواىب إلى الموىوب لو‬

‫‪117‬‬
‫وأف عممية التقييد بالصؾ العقاري ىذه توفر كؿ الضمانات القانونية لفاندة الموىوب لو‬
‫وىو ما يحقؽ غاية الفقو اإلسالمي ‪.1"...‬‬
‫وجاء في القرار عدد ‪ 163‬المؤرخ في ‪ 12‬أبريؿ ‪ 2011‬ما يمي‪" :‬إف تسجيؿ عقد‬
‫اليبة بالرسـ العقاري قيد حياة الواىب يعد حيازة قانونية منذ تاريخ تسجيمو تغني عف‬
‫إشياد العدليف بمعاينة الحوز ‪.2"...‬‬
‫وتأكيدا ليذا التوجو وانتصا ار لو ومحاولة منيا لحسـ ىذا الجدؿ العميؽ‬
‫أصدرت محكمة النقض ق ار ار تاريخيا بجميع غرفيا تحت عدد ‪ 555‬مؤرخ في‬
‫‪ 2003/12/08‬جاء في إحدى حيثياتو "لكف ردا عمى ما أثير في الوسانؿ مجتمعة فإنو‬
‫لما كاف الثابت مف أوراؽ الممؼ باألخص شيادة المحافظ العقاري بالمحمدية زناتة إف‬
‫المطموبيف في النقض قد تمكنا مف تسجيؿ عقد الصدفة عدد ‪ 292‬ص ‪ 434‬كناش‬
‫التركات ‪ 3‬تاريخ ‪ 1988/03/23‬بالرسـ العقاري عدد ‪ 37140‬لمفيال المتصدؽ بيا‬
‫عمييما في حياة المتصدؽ بوسميـ عمي بف سميماف وبالتالي فإف ىذا التسجيؿ يعتبر في‬
‫حد ذاتو حيازة قانونية تغني عف إشياد العدليف بمعاينة الحيازة واخالء الفيال موضوع‬
‫الصدقة واثباتيا بوسانؿ أخرى ماداـ التسجيؿ يخرج الممكية والحيازة مف يد المتصدؽ إلى‬
‫يد المتصدؽ عمييا بشكؿ قانوني ال جداؿ فيو ويمكنيما مف التصرؼ في العيف‬
‫المتصدؽ بيا عمييما بجميع أنواع التصرفات دوف منازع فالصدقة نافذة في حؽ‬
‫المتصدؽ وغيره إضافة إلى أف قياـ المتصدؽ بوسميـ عمي بف سميماف بإجراءات تسجيؿ‬
‫الصدقة في الصؾ العقاري يعتبر تنفيذا لمصدقة ومعموـ أف تنفيذ المتصدؽ لمصدقة‬
‫يجعميا صحيحة ونافذة في حقو و حؽ خمفو ما لـ تكف ىناؾ دعوى صورية ‪ ...‬فإنو لما‬
‫كانت غاية الفقو في إشتراط الحيازة في عقود التبرعات ىو خروج العيف المتصدؽ بيا‬
‫مف يد المتصدؽ إلى يد المتصدؽ عميو فإف تسجيؿ عقد الصدقة في الرسـ العقاري‬

‫‪-1‬قرار مؤرخ في ‪ 25‬مارس ‪ 2009‬أشار إليو الدكتور محمد عقود التبرع ‪ 2‬اليبة سمسمة البحوث القانونية ‪26‬‬
‫المطبعة والوراقة الوطنية الطبعة األولى ‪ 2015‬ص ‪ 191‬و‪ 192‬و‪.193‬‬
‫‪-2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 163‬المؤرخ في ‪ 2011/04/12‬في الممؼ الشرعي عدد ‪ 2009/1/2/584‬غير‬
‫منشور‪.‬‬
‫‪118‬‬
‫يحقؽ الغاية المذكورة ويوثقيا بشكؿ أضمف لحقوؽ المتصدؽ عميو ألنو بمجرد تسجيؿ‬
‫الصدقة في الرسـ العقاري واشيارىا لمعموـ يصبح المتصدؽ عميو مالكا وحان از لمعقار‬
‫المتصدؽ بو عميو دوف منازع ويضمف لنفسو اإلحتفاظ بو والتصرؼ فيو بجميع أنواع‬
‫التصرؼ والقرار المطعوف فيو لما إعتبر تسجيؿ الصدقة في الصؾ العقاري قبؿ حدوث‬
‫المانع حيازة قانونية تغني عف الحيازة الفعمية فإنو يكوف قد طبؽ القانوف ولـ يشطط في‬
‫إستعماؿ السمطة ولـ يحرؼ وثانؽ الممؼ وعمؿ قضاءه تعميال كافيا وما بالوسانؿ يبقى‬
‫عمى غير أساس"‪.1‬‬
‫اإل تجاه الثاني‪ :‬التقييد في الرسم العقاري ال يغني عن الحوز المادي‬
‫تمسكا منيا بما تـ إق ارره في الفقو اإلسالمي مف ضرورة توفر الحوز المادي في‬
‫التبرعات العقارية كشرط لصحتيا وسريانيا أصدرت محكمة النقض العديد مف الق اررات‬
‫التي تدعـ ىذا التوجو ومف ذلؾ‪:‬‬
‫القرار عدد ‪ 565‬المؤرخ في ‪ 24‬نوفمبر ‪ 2004‬والذي جاء في حيثياتو "‪...‬‬
‫الحيازة شرط صحة في التبرعات وتثبت بمعاينة البينة الشاىدة بالتبرع بحصوليا سواء كاف‬
‫العقار محفظا أو غير محفظ وعقد الصدقة المستدؿ بو مف لدف الطالبة عايف شييداه‬
‫حيازتيا لممتصدؽ بو فارغا مف شواغؿ المتصدقة وعدـ تسجيمو بالرسـ العقاري في حياة‬

‫‪-1‬القرار عدد ‪ 559‬المؤرخ في ‪ 2003/12/08‬الصادر بجميع غرؼ محكمة النقض(المجمس األعمى سابقا) في‬
‫الممؼ العقاري عدد ‪ 95/2/2/5986‬منشور بمجمة القضاء والقانوف العدد ‪ 149‬مطبعة األمنية الرباط تاريخ‬
‫الطبع غير مذكور ص ‪ 259‬إلى ‪.263‬‬
‫‪-‬وجاء في قرار آخر تحت عدد ‪ 2370‬مؤرخ في ‪ 26‬دجنبر ‪ 1995‬منشور بمجمة قضاء المجمس األعمى العدد‬
‫المزدوج ‪ 50/49‬لسنة ‪ 1997‬ص ‪ 103‬وما يمييا ما يمي‪ ..." :‬أية حيازة قانونية بمفيوـ التسجيؿ العقاري لـ تقع قبؿ‬
‫حدوث المانع ىو وفاة المتصدقة وأف المتصدؽ عمييما لـ يحصؿ ليما أي مانع شرعي يحوؿ بينيما وبيف تسجيؿ رسـ‬
‫الصدقة بالرسوـ العقارية قبؿ وفاة المتصدقة وقد أقر الفقو أف المتصدؽ عميو إذا لـ يحز المتصدؽ بو لتفريط منو إلى‬
‫أف مات المتصدؽ فإف حقو يبطؿ ‪."...‬‬
‫‪-‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 174‬المؤرخ في ‪ 1996/02/13‬منشور بمجمة قضاء المجمس األعمى العدد المزدوج‬
‫‪ 50/49‬ص ‪ 108‬و‪ 109‬و‪.110‬‬
‫‪-‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 3304‬المؤرخ في ‪ 1991/12/25‬منشور بمجمة المحاكـ المغربية العدد ‪ 74‬سنة ‪1985‬‬
‫ص ‪ 79‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫المتصدقة ال أثر لو عمى صحتو وال يؤدي إلى بطالنو ماداـ قد نشأ صحيحا والقرار‬
‫المطعوف فيو لما إعتبره باطال لعدـ تسجيمو في الرسـ العقاري قبؿ حصوؿ المانع‬
‫لممتصدقة جاء غير مرتكز عمى أساس وتعرض لمنقض"‪.1‬‬
‫كما أف القرار ‪ 2890‬إعتبر أف الحوز بإعتباره شرط تماـ في اليبة واف ورد‬
‫عمى عقار محفظ فإنو يقتضي معاينتو مف طرؼ العدليف وىو ما يسمى بالحوز‬
‫المادي‪.2‬‬
‫مف خالؿ إستقراء مجموع الق اررات التي سبؽ سردىا وغيرىا مف الق اررات‬
‫القضانية الكثيرة يتجمى واضحا أف محكمة النقض ببالدنا قد وقعت في التناقض‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 565‬المؤرخ في ‪ 2004/11/24‬في الممؼ الشرعي عدد ‪ 2001/1/2/261‬أورده‬
‫إدريس بممحجوب ق اررات المجمس األعمى بغرفتيف أو بجميع الغرؼ الجزء الثالث ط ‪ 2‬سنة ‪ 2008‬ص ‪.197‬‬
‫‪-2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 2890‬المؤرخ في ‪ 2005/11/01‬في الممؼ األعمى المتخصصة عدد ‪ 4‬ص ‪.142‬‬
‫‪-‬وىناؾ العديد مف الق اررات التي ذىبت في ىذا االتجاه ونذكر عمى سبيؿ المثاؿ ال الحصر القرار عدد ‪ 163‬المؤرخ‬
‫في ‪ 2007/03/14‬في الممؼ الشرعي عدد ‪ 2006/1/2/634‬منشور بمجمة المحاكـ المغربية العدد المزدوج‬
‫‪ 134/133‬يناير‪-‬مارس ‪ 2012‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص ‪ 399‬إلى ‪ 401‬والذي جاء في بعض‬
‫حيثياتو "‪ ...‬حيث صح ما عابو الطاعنوف عمى القرار المطعوف فيو ذلؾ أنو لنف كاف تسجيؿ عقد الصدقة في الرسـ‬
‫العقاري يعتبر حيازة قانونية فإف عدـ القياـ بو قبؿ حصوؿ المانع ال يجعؿ العقد باطال إذا كانت الحيازة المادية ثابتة‬
‫بشروطيا المقررة فقيا ألف إشيار الحقوؽ العينية عمؿ اختياري يمكف القياـ بو في أي وقت وال يطالو التقادـ والبيف مف‬
‫أوراؽ الممؼ أف الطاعنيف أدلوا بموجب لفيفي عدد ‪ 619‬شيد ليـ شيدوه بالتصرؼ في العقار المتصدؽ بو قيد حياة‬
‫المتصدؽ كما أنيـ أدلوا بحكـ جنحي صدر بتاريخ ‪ 2001/10/21‬قضى ببراءتيـ مف جنحة انتزاع عقار مف حيازة‬
‫الغير ألف الحيازة كانت بيدىـ إال أف المحكمة لـ تناقش البينة المذكورة بالرغـ مف أف ليا عالقة بالدعوى ومف شأف‬
‫ثبوت الوقانع المشيود بيا أف يكوف لو تأثير عمى ما قضو بو ولما لـ تفعؿ واقتصرت عمى مناقشة الحيازة القانونية دوف‬
‫الحيازة المادية تكوف قد عممت قرارىا تعميال ناقصا وىو بمثابة انعدامو مما يعرضو لمنقض"‪.‬‬
‫‪-‬القرار عدد ‪ 118‬المؤرخ في ‪ 2005/02/02‬في الممؼ الشرعي عدد ‪ 2004/1/2/129‬منشور بمجمة القصر‬
‫العدد ‪ 2‬ص ‪ 171‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪-‬القرار عدد ‪ 171‬المؤرخ في ‪ 2000/02/22‬في الممؼ عدد ‪ 95/2/254‬منشور بالتقرير السنوي لممجمس األعمى‬
‫لسنة ‪ 2000‬ص ‪ 168‬وما يمييا‪.‬‬
‫أشارت إليو الطالبة الباحثة حسناء أضنور الحوز في التبرعات رسالة لنيؿ دبموـ الماستر في القانوف الخاص جامعة‬
‫ابف زىر كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية بأكادير السنة الجامعية ‪ 2015/2014‬ص ‪.93‬‬
‫‪120‬‬
‫والتضارب سواء قبؿ صدور القرار ‪ 555‬أو بعده وذلؾ راجع لعدة أسباب ومبررات‬
‫منيا الواقعية ومنيا القانونية‪.‬‬
‫فأما أصحاب اإلتجاه المتمسؾ بضرورة توفر الحوز المادي لصحة التبرعات‬
‫المنصبة عمى عقار محفظ حتى ولو تـ تقييدىا في الرسـ العقاري فمرد األمر عندىـ‬
‫أف التبرعات تخضع في جميع مقتضياتيا لقواعد الفقو اإلسالمي وليس لظيير التحفيظ‬
‫العقاري‪.1‬‬
‫وبالرجوع إلى قواعد الفقو اإلسالمي وداخؿ المذىب الذي نتبعو نجد نصا‬
‫صريحا واضحا ال يحتمؿ تأويال وال تفسي ار مخالفا حيث جاء في الموطأ "وحدثني مالؾ‬
‫عف إبف شياب عف عروة بف الزبير عف عبد الرحماف بف عبد القاري أف عمر قاؿ ما‬
‫باؿ رجاؿ ينحموف أبناءىـ نحال ثـ يمسكونيا فإف مات ابف أحدىـ قاؿ مالي بيدي لـ‬
‫أعطو أحدا واف مات ىو قاؿ ىو البني قد كنت أعطيتو إياه مف نحؿ نحمة فمـ يحزىا‬
‫الذي نحميا حتى يكوف إف مات لورثتو فيي باطؿ"‪.2‬‬
‫وشرحا لذلؾ يقوؿ اإلماـ القرافي "القبض إنما إشترط عندنا لنفي التيمة لنال ينتفع‬
‫اإلنساف بمالو عمره ويخرجو عف ورثتو عند الموت"‪.3‬‬
‫وىناؾ مف إنطمؽ مف الغاية المتوخاة أصال مف الحوز المادي لدى فقياء الشريعة‬
‫اإلسالمية التي ىي التأكد مف خروج العيف المتبرع بيا مف يد المتبرع وتمكيف المتبرع‬
‫عميو منيا بغية تحقيؽ اليدؼ مف العطية بتمكيف ىذا األخير مف التصرؼ فييا‬
‫وأستغالليا واستعماليا بجميع األوجو الممكنة قانونا وذلؾ سدا لمذرانع ونفيا لتيمة‬
‫الصورية في عقد التبرع وأف نظاـ التقييد بالرسوـ العقارية رغـ أىميتو في نقؿ الممكية ال‬

‫‪-1‬القرار عدد ‪ 558‬المؤرخ في ‪ 2007/11/07‬في الممؼ الشرعي عدد ‪ 2006/1/2/653‬المنشور بمجمة المحاكـ‬
‫المغربية العدد المزدوج ‪ 133‬و‪ 134‬ـ س ص ‪ 417‬وما يمييا‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أف ىذا األمر كاف قبؿ صدور مدونة الحقوؽ العينية في ‪ 22‬نوفمبر ‪ 2011‬بمقتضى القانوف‬
‫‪.39.08‬‬
‫‪-2‬الموطأ ما يصح مف النحؿ مف كتاب األقضية‪.‬‬
‫‪-3‬القرافي الدخيرة ج ‪ 6‬ص ‪ 245‬أشار إليو األستاذ عبد الرحماف بمعكيد ـ س ص ‪.290‬‬
‫‪121‬‬
‫يمكف إعتباره لوحده سادا لمذرانع وباب التالعب والصورية في مجاؿ التصرفات‬
‫التبرعية العقارية الذي يعتبر مرتعا خصبا لمعقود الصورية‪.1‬‬
‫ثـ أف العطية التي ال يتوفر فييا الحوز المادي قبؿ حصوؿ المانع تقع غير‬
‫صحيحة مف أساسيا والفصالف ‪ 66‬و‪ 67‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع ال يطبقاف إال عمى التصرفات‬
‫الصحيحة ال الحقوؽ غير الصحيحة المعدومة وأف الحكمة مف ىذا التشريع عموما ىي‬
‫حماية الحؽ مف الباطؿ وعدـ الصحة‪ .‬وليذا نظـ المشرع المغربي مسطرة التشطيب عمى‬
‫‪2‬‬
‫ولما كاف التصرؼ التبرعي المفتقر لمحيازة‬ ‫كؿ ما دوف بالرسـ العقاري خطأ وتحايال‬
‫غير صحيح فال يمكف بالتالي أف نضفي عميو المشروعية بسبب األثر اإلنشاني‬
‫المنصوص عميو في الفصميف ‪ 66‬و‪ 67‬مف ظ‪.‬ت‪.‬ع‪.‬‬
‫ويقوؿ األستاذ عبد الرحماف بمعكيد دفاعا عف ىذا الرأي "إف المشرع نفسو في‬
‫الفصؿ ‪ 75‬مف ظيير ‪ 2‬يونيو ‪ 1915‬المنظـ لمتشريع المطبؽ عمى العقارات المحفظة‬
‫إستثنى صراحة األحباس ونص عمى أنيا تظؿ خاضعة ألحكاـ الشريعة اإلسالمية وىذا‬
‫النص دليؿ قاطع وال أدري كيؼ يمكف تجاوزه أو تأويمو والكؿ يعمـ أف النص إذا كاف‬
‫واضحا في عباراتو فإنو ال يحتمؿ إال المعنى الذي تقتضيو ىذه العبارات"‪.‬‬
‫وأما أصحاب اإلتجاه الثاني المكتفي بالحوز القانوني دوف حاجة لمحوز المادي‬
‫–بإعتبار التقييد في الرسـ العقاري قرينة قوية عمى تحقؽ الحوز الفعمي‪ -‬فإنيـ قدموا عدة‬
‫مبررات وأسباب دفاعا عف رأييـ ومف ذلؾ‪:‬‬
‫حيث يرى األستاذ إبف معجوز أف الحيازة القانونية تغني عف الحيازة الفعمية في‬
‫حيف أف ىذه األخيرة ال تغني عف األولى شرط عدـ حصوؿ المانع إف التبرع يبطؿ وال‬
‫يعتد بو إذا مات المتبرع أو أفمس ولو تبت بعد ذلؾ بشيادة عدلية أو لفيفيو أف الحيازة‬

‫‪-1‬محمد ناجي شعيب تعميؽ عمى ضوء الحكـ عدد ‪ 1694‬المؤرخ في ‪ 2002/04/30‬عف المحكمة االبتدانية‬
‫بوجدة منشور بمجمة المناضرة العدد ‪ 08‬يونيو ‪ 2008‬ص ‪ 158‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪-2‬عبد الرحماف بمعكيد ـ س ص ‪.289‬‬
‫‪122‬‬
‫المادية قد تحققت قبؿ حصوؿ المانع وذلؾ تطبيقا لمقتضيات الفصميف ‪ 66‬و‪ 67‬مف‬
‫ظ‪.‬ت‪.‬ع الواضحة األلفاظ والمعاني‪.1‬‬
‫ويرى البعض األخر أف التقييد بالرسوـ العقارية ال يعدو أف يكوف مجرد وسيمة‬
‫مف وسانؿ اإلثبات الجديدة التي إنضافت إلى الوسانؿ األخرى التي يقرىا الفقو اإلسالمي‬
‫في ىذا المجاؿ وأكد عمى أف الحوز القانوني أصبح يدخؿ ضمف ما جاء في متف‬
‫صاحب العمؿ المطمؽ "وعف معاينة حوز يكفي عقد كراء أو نحوه في الوقؼ"‪.2‬‬
‫مف خالؿ إستقراء اآلراء المدافعة عف اإلتجاه الثاني –القاضي بكوف التقييد يغني‬
‫عف الحيازة المادية‪ -‬تبيف أف أىـ ما يميز ىذه األخيرة ىو أف الحوز ليس شرط صحة‬
‫في عقد التبرع وانما ىو شرط لتمامو فقط ولذلؾ فال يمكف إعتبار التبرع باطال عند‬
‫غيابو أو عند تجاوزه بتقنية التقييد وأف إشتراط الحوز في التبرعات جاء سدا لمذريعة‬
‫المتمثمة في إمكانية تحايؿ الواىب بإبقانو لمعقار المتبرع بو تحت يده قيد حياتو واخراجو‬
‫مف تركتو بعد وفاتو وبالنتيجة حرماف ورثتو منو الشيء الذي يحققو التقييد بالرسـ‬
‫العقاري بشكؿ قوي وأكثر فاعمية ألنو ينقؿ ممكية العيف المتبرع بيا مباشرة بعد التقييد‬
‫األمر الذي يكوف مانعا مف أي تحايؿ أو تواطؤ بيف المتبرع والمتبرع عميو ضد مصمحة‬
‫الخمؼ العاـ والخاص أحيانا‪.3‬‬
‫وأما عف آثار ىذا التضارب عمى األمنيف القضاني والعقاري فقد كانت كبيرة‬
‫ووخيمة فالراغب في التبرع والمستفيد منو لـ يكف متأكدا مف توجيات محكمة النقض فما‬
‫بالؾ بتوجيات محاكـ الموضوع األمر الذي حاوؿ المجمس األعمى آنذاؾ تداركو بالقرار‬
‫‪ 555‬بيد أنو لـ ينجح كميا في ذلؾ حيث إستمرت نفس المحكمة في مخالفتو ولعؿ‬
‫األمر راجع لنظاـ القضاء ببالدنا الذي ال يتوفر عمى تقنية السوابؽ القضانية وبالتالي‬
‫عدـ إلزامية ق اررات المجمس األعمى لمحاكـ الموضوع وذلؾ بحكـ أننا نتبع المذىب‬

‫‪-1‬محمد ابف معجوز الحقوؽ العينية في الفقو اإلسالمي والتقنيف المغربي ـ س ص ‪ 343‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪-2‬حسناء أضنور الحوز في التبرعات ـ س ص ‪.79‬‬
‫‪-3‬محضر االجتماع الثالث لمجمس الرؤساء المنعقد بتاريخ ‪ 1995/04/19‬منشور بمجمة قضاء المجمس األعمى‬
‫عدد ‪ 48‬ص ‪.418‬‬
‫‪123‬‬
‫الالتيني الذي ال وجود فيو لعنصر اإللزامية الميـ إال مف حيث اإلحتراـ األدبي ألعمى‬
‫ىينة قضانية بالبالد ومخافة أف تتعرض أحكاـ محاكـ الموضوع لمنقض واإللغاء إف ىي‬
‫خالفت التوجيات الكبرى لمحكمة النقض‪.‬‬
‫وحسما ليذا التضارب ومحاولة منو لتحقيؽ األمف القضاني والعقاري في بعديو‬
‫اإلنساني واإلقتصادي تدخؿ المقنف المغربي بمقتضى القانوف رقـ ‪ 39.08‬المتعمؽ‬
‫بمدونة الحقوؽ العينية المؤرخ في ‪ 22‬نوفمبر ‪ 2011‬ونص في الفقرة الثالثة مف المادة‬
‫‪ 274‬عمى ما يمي ‪" :‬يغني التقييد بالسجبلت العقارية عن الحيازة الفعمية لمممك الموىوب‬
‫وعن إخبلئو من طرف الواىب إذا كان محفظا أو في طور التحفيظ"‪.‬‬
‫مف خالؿ ما ذكر نالحظ أف المشرع ذىب إلى أكثر مما كاف يتوقعو الجميع‬
‫وأقر أف اإلستغناء عف الحوز المادي يكوف سواء كاف العقار محفظا أو في طور‬
‫التحفيظ محت اطا بذلؾ مف اإلشكاالت التي يمكف أف يثيرىا العقار في طور التحفيظ‬
‫عندما يكوف موضوع ىبة أو صدقة بؿ أكثر مف ذلؾ نجده يذىب أبعد مف ىذا كمو‬
‫وينص في الفقرة األخيرة مف نفس المادة عمى ما يمي‪" :‬فإذا كان غير محفظ فإن إدراج‬
‫مطمب لتحفيظو يغني عن حيازتو الفعمية وعن إخبلئو" أي أف اليبة مثال إذا إنصبت‬
‫عمى عقار غير محفظ ولـ تتـ الحيازة الفعمية فإف مجرد تقديـ مطمب لمتحفيظ يكوف كافيا‬
‫إلعتبار التبرع تاما وصحيحا دوف حاجة إلى حوز مادي‪.‬‬
‫بيد أف لنا مالحظة بسيطة عمى صياغة الفقرة الثالثة موضوع الدراسة حيث‬
‫إستعمؿ المشرع مصطمح التقييد وقرنو بالتبرع الذي يكوف موضوعو عقا ار محفظا أو في‬
‫طور التحفيظ في حيف أف التقييد يكوف في الرسوـ العقارية أي العقار المحفظ أما في‬
‫المطالب –أي العقار في طور التحفيظ‪ -‬فإننا نتحدث عف اإليداع و شتانا بيف مسطرة‬
‫اإليداع و مسطرة التقييد واف ننزه المشرع عف الوقوع في مثؿ ىذه األخطاء فإننا نعتبرىا‬
‫مف باب السيو والنسياف ال أقؿ وال أكثر لذلؾ وانطالقا مف واجب التنبيو ومحاولة‬
‫التقويـ والتنوير فإننا ندعو مقننا المغربي إلى التدخؿ لتعديؿ ىذه الفقرة وتوضيحيا‬
‫توضيحا كافيا شافيا مفرقا في ذلؾ بيف اإليداع والتقييد‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫وأما عف تطبيؽ محكمة النقض لممادة ‪ 274‬مف مدونة الحقوؽ العينية فإننا‬
‫نالحظ أنيا كانت والزالت وفية لممعنى الحرفي والصريح لمقتضياتو وفي ذلؾ أصدرت‬
‫محكمة النقض عدة ق اررات ومف ذلؾ القرار المؤرخ في ‪ 11‬مارس ‪ 2014‬والذي جاء فيو‬
‫"حيث تبيف صحة ما ورد في ىذه الوسيمة ذلؾ أنو بمقتضى المادة ‪ 274‬مف مدونة‬
‫الحقوؽ العينية فإنو يغني التقييد بالسجالت العقارية عف الحيازة الفعمية لمممؾ الموىوب‬
‫وعف إخالنو مف طرؼ الواىب إذا كاف محفظا أو في طور التحفيظ واذا كاف غير محفظ‬
‫فإف إدراج مطمب لتحفيظو يغني عف حيازتو الفعمية وعف إخالنو‪ .‬كما أف المادة ‪ 291‬مف‬
‫ـ‪.‬ح‪.‬ع تنص عمى أنو تسري عمى الصدقة أحكاـ اليبة ولما كاف األمر كذلؾ فإف‬
‫الطاعنة دفعت منذ البداية بأنيا تتصرؼ في جزء مف الدار المتصدؽ بيا وأنيا سمكت‬
‫مسطرة التحفيظ‪ ...‬مما يعني أنيا جدت وثابرت في ىذا الحوز والمحكمة المطعوف في‬
‫ق ارراىا لما ألغت الحكـ اإلبتداني المذكور وقضت تبعا لذلؾ ببطالف رسـ الصدقة موضوع‬
‫المطمب عدد ‪ .. .‬دوف أف ترد عمى ما أثارتو الطاعنة المؤيد بالحجة ‪ ...‬وكاف لزاما عميو‬
‫مراعاة كؿ ذلؾ لكنو لـ يفعؿ مما يتعيف معو نقضو"‪.1‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬موقف محكمة النقض من حجية شيادة األ تمية‬

‫أوكؿ المشرع المغربي ‪-‬وقبمو الشرع‪ -‬إلى العدوؿ ميمة اإلشياد عمى التصرفات‬
‫‪2‬‬
‫بغية التأكد مف توفر جميع أركانيا وشروط صحتيا لذلؾ كاف مف‬ ‫التعاقدية وتوثيقيا‬
‫الضروري أف تتضمف الوثانؽ العدلية إشيادا عمى المتعاقد باألتمية تحت طانمة‬
‫البطالف‪.‬‬

‫‪-1‬القرار المؤرخ في ‪ 11‬مارس ‪ 2014‬منشور بمجمة قضاء محكمة النقض العدد ‪ 2014/77‬ص ‪ 117‬وما يمييا‬
‫أشار إليو محمد الشافعي ـ س ص ‪ 284‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪-2‬زيادة طبعا عمى جيات أخرى أوكؿ ليا المقنف المغربي نفس الميمة‪.‬‬
‫‪125‬‬
‫واألتمية في إصطالح الموثقيف تعني ثالثة أمور الطوع "أي إنتفاء أي إكراه أو‬
‫ضغط" والرشد "أي إنتفاء أي حجر أو فقداف ألىمية التعاقد" وصحة الجسـ والعقؿ‪.1‬‬
‫لكف الذي حصؿ أف شيادة العدوؿ بأتمية المتعاقد قد تصطدـ بشيادة األطباء‬
‫وتتناقض الشيء الذي يحتـ عمى القاضي إعماؿ سمطتو التقديرية وترجيح كفة عمى‬
‫أخرى ولصعوبة ىذا الترجيح وعدـ وضوح معاييره أصدرت محاكـ الموضوع أحكاما‬
‫متضاربة متناقضة فرجحت شيادة األتمية في مواجية شيادة الطبيب تارة ورجحت ىذه‬
‫األخيرة في مواجية األولى تارة أخرى‪.‬‬
‫أما عف موقؼ محكمة النقض ببالدنا فإنو لـ يختمؼ بتاتا عف مواقؼ محاكـ‬
‫الموضوع بالرغـ مف أنيا حاولت في مناسبات كثيرة حؿ ىذا الخالؼ والسبب في رأيي‬
‫يكمف في عدـ التنسيؽ والتشاور بيف غرفيا حيث إننا نالحظ أف سبب ىذا التضارب‬
‫ربما راجع بالدرجة األولى إلى تشبت كؿ مف الغرفة المدنية والغرفة الشرعية برأييما‬
‫إنطالقا مف قناعات مستشارييا ومشاربيـ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اإل تجاه المرجح لشيادة األتمية‬

‫حيث جاء في قرار لمحكمة النقض مؤرخ في ‪ 21‬نونبر ‪" 1995‬إف الثابت مف‬
‫عقد البيع أف العدليف شيدا بأتمية البانع وأف مف المقرر فقيا أف األتمية تعني الطوع‬
‫والرشد وصحة العقؿ والبدف لذلؾ فإف المحكمة عندما اعتمدت في قضانيا في فسخ عقد‬
‫البيع عمى مقارنة تاريخ المرض وتاريخ الخروج مف المستشفى ووفاة البانع ذاكرة أف‬
‫الشيادة الطبية مؤرخة في ‪ 1984/04/01‬وأف البيع وقع بتاريخ ‪ 1983/02/05‬وأف‬
‫الوفاة وقعت يوـ ‪ 1983/02/09‬مستنتجة مف ذلؾ أنو ال دليؿ عمى قيامو مف المرض‬
‫واال فال داعي لمكوثو بالمستشفى يوميف كامميف فإنيا لـ ترتكز قرارىا عمى األسس‬
‫القانونية والفقيية المذكورة أعاله ولـ تعممو تعميال صحيحا مما يعرضو لمنقض"‪.2‬‬

‫‪-1‬عبد السالـ حادوش البياف والتحرير في التوليج والمحاباة والتصيير ـ‪.‬خ‪.‬ـ الطبعة األولى ‪ 2000/1999‬ص‬
‫‪ 22‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪-2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 3112‬المؤرخ في ‪ 1995/11/21‬في الممؼ عدد ‪ 94/2059‬أشار إليو الباحث عبد‬
‫المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪.307‬‬
‫‪126‬‬
‫وجاء في قرار آخر لمحكمة النقض مؤرخ في ‪" 2005/10/19‬لكف حيث إف‬
‫لمحكمة الموضوع سمطة تقدير كفاية األدلة إف إقامتيا عمى عناصر الدعوى واف ىي‬
‫إستخمصت أتمية المتصدؽ مف شيادة عدلي تمقي رسـ الصدقة المطعوف فيو وىي تعني‬
‫أنو كاف في صحة وطوع وجواز وردت شيادة الطبيب العاـ الدكتور محمد رامي ألنيا ال‬
‫تفيد أف المتصدؽ المذكور كاف فاقد اإلدراؾ وقت التعاقد وأنو توفي مف مرضو الذي كاف‬
‫يعالج منو كما إستنتجت مف سفره عقب الصدقة إلى فرنسا عدـ صحة الشيادة بأنو كاف‬
‫عاج از بدنيا ولما إستبعدت كذلؾ الموجب عدد ‪ 711‬لإلستحالة واإلسترابة بناء عمى أف‬
‫شيوده مقيموف بالمغرب ويشيدوف بمرض المتصدؽ واتصالو إلى أف توفي في حيف أنو‬
‫مقيـ بفرنسا وتوفي بيا وكيؼ ليـ أف يعمموا بحالو وىو بعيد عنيـ ويؤسسوف مع ذلؾ سند‬
‫عمميـ عمى المخالطة والمجاورة تكوف قد إستعممت سمطتيا في تقدير األدلة وكاف ما‬
‫بالسبب غير معتبر ‪.1"...‬‬
‫وىو نفس الموقؼ الذي أكده القرار‪ 2‬عدد ‪ 809‬المؤرخ في ‪1982/12/25‬‬
‫والذي جاء فيو ما يمي‪" :‬يعتبر الرسـ العدلي الذي يشيد فيو العدالف بأتمية المشيود عميو‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 475‬المؤرخ في ‪ 2005/10/19‬في الممؼ الشرعي عدد ‪ 2004/1/2/368‬غير‬
‫منشور‪.‬‬
‫‪-2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 809‬مؤرخ في ‪ 1982/12/25‬في الممؼ المدني عدد ‪ 47497‬منشور بمجمة مجموعة‬
‫قرار المجمس األعمى المادة المدنية الجزء الثاني ‪ 1991/1983‬ص ‪ 25‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪-‬وجاء في قرار لمحكمة النقض تحت عدد ‪ 191‬مؤرخ في ‪ 21‬أبريؿ ‪ 2015‬في الممؼ الشرعي عدد‬
‫‪ 2013/1/2/722‬منشور بنشرة ق اررات محكمة النقض غرفة األحواؿ الشخصية والميراث العدد ‪ 22‬ص ‪171‬‬
‫و‪ 172‬و‪ 173‬ما يمي‪" :‬بمقتضى المادة ‪ 279‬مف مدونة األسرة فإف الوصية تصح مف المجنوف حاؿ إفاقية والمحكمة‬
‫لما اعتمدت الوصية التي ورد بيا أف عدلي التمقي شيدا بأتمية الموصي وقت عقدىا بما يعني أنو كاف حيف إبراميا‬
‫يتوفر عمى اإلدراؾ والتمييز واستبعدت في إطار سمطتيا التقديرية الشيادات الطبية المستدؿ بيا باعتبار أنيا ال تفيد‬
‫أف الموصي كاف وقت إبراـ عقد الوصية مختال عقال واستطحبت األصؿ الذي ىو تماـ األىمية فإنيا جعمت لما‬
‫قضت بو أساسا وعممت قرارىا بما فيو الكفاية‪.‬‬
‫‪-‬القرار عدد ‪ 90‬المؤرخ في ‪ 03‬مارس ‪ 2015‬في الممؼ الشرعي عدد ‪ 641/2/1/2014‬المنشور بالتقرير السنوي‬
‫لم حكمة النقض القضاء رأسماؿ ال مادي وطني مركز النشر والتوثيؽ القضاني بمحكمة النقض مطبعة األمنية الرباط‬
‫‪ 2016‬ص ‪ 94‬والذي جاء فيو "إف الرسوـ التي يتـ تحريرىا مف قبؿ عدليف مكمفيف بتحرير العقود الرسمية ال يطعف‬
‫فييا إال بالزور والمحكمة لما اعتبرت أف األصؿ ىو تماـ األىمية المؤيد برسـ الصدقة الطي تضمف اإلشارة إلى أتمية‬
‫‪127‬‬
‫حجة رسمية عمى أنو لـ يكف وقت اإلشياد مريضا مرض الموت ال يمكف إثبات عكسيا‬
‫‪."...‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإل تجاه المرجح لشيادة األطباء‬

‫حيث جاء في قرار لمحكمة النقض تحت عدد ‪ 539‬المؤرخ في ‪2003/12/03‬‬


‫ما يمي‪" :‬إ عتماد المحكمة عمى ما شيد بو العدالف في رسـ الصدقة مف أتمية المشيود‬
‫عميو المتصدؽ لمقوؿ بصحة ىذه الصدقة دوف مناقشة الشواىد الطبية والتقرير الطبي‬
‫الذي يصؼ الحالة الصحية لممتصدؽ وقت إبرامو لمصدقة محؿ النزاع بإصابتو‬
‫بإضطرابات ليا تأثيرات سموكية عمى قدراتو العقمية وقوة إدراكو وتصرفاتو بعمة أف الحكـ‬
‫السابؽ القاضي بتحجير المتصدؽ إستنادا إلى تمؾ الشواىد تـ إلغاؤه لوفاة المتصدؽ‬
‫يجعؿ القرار ناقص التعميؿ"‪.1‬‬
‫وجاء في قرار آخر لنفس المحكمة مؤرخ في ‪ 2005/03/16‬ما يمي‪ ..." :‬حيث‬
‫ت بت صحة ما تعيبو الوسيمة في فرعيا األوؿ عمى المحكمة ذلؾ أنيا جعمت مف األتمية‬
‫المشيود بيا عمى المتصدؽ دليال قاطعا عمى سالمتو الصحية وقت الصدقة مع أف‬
‫مفعوليا يقتصر عمى األمراض الظاىرة لمعياف وال يمتد أثرىا إلى األمراض الخفية التي‬
‫يرجع القوؿ فييا لألطباء مف ذوي اإلختصاص منيـ العارفيف باألمراض المؤدية لمموت‬
‫كما لمشيخ خميؿ بقولو "وعمى مريض حكـ الطب بكثرة الموت بو" والمحكمة لما لـ تناقش‬
‫مف جية الممؼ الطبي الذي يصؼ الحالة الصحية لممتصدؽ وقت الصدقة ولما لـ تقؿ‬
‫شينا عف المفيؼ عدد ‪ 213‬الذي مدار الشيادة فيو وضعو الصحي كذلؾ في زمف‬
‫الصدقة لتصؿ إلى وجو الحكـ في القضية وفؽ ما يقتضيو حاليا إذ المرض يعتبر واقعة‬

‫المتصدؽ مف صحة وطوع وجواز وقضت تبعا لذلؾ برفض طمب إبطاؿ الصدقة اعتمادا عمى أف المرض الذي ادعتو‬
‫المتصدقة لـ يثبت أنو أعدـ أىميتيا أو أنقص منيا يكوف قرارىا معمال ومرتك از عمى أساس"‪.‬‬
‫‪-‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 146‬المؤرخ في ‪ 2012/02/21‬في الممؼ الشرعي عدد ‪ 2011/1/2/68‬منشور بمجمة‬
‫القضاء والقانوف العدد ‪ 161‬مطبعة األمنية الرباط ‪ 2012‬ص ‪ 214‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪-1‬القرار عدد ‪ 539‬المؤرخ في ‪ 2003/12/03‬في الممؼ الشرعي عدد ‪ 98/1/2/333‬منشور بالتقرير السنوي‬
‫لممجمس األعمى ‪ 2003‬مركز النشر والتوثيؽ القضاني مطبعة األمنية الرباط ‪ 2006‬ص ‪.104‬‬
‫‪128‬‬
‫مادية يسوغ إثباتيا بكؿ طرؽ اإلثبات ‪ ...‬ولما إكتفت المحكمة بتأسيس قرارىا عمى‬
‫األتمية وحدىا لمقوؿ بصحة الصدقة مع أف الشيادة بيا مف عدلي التمقي تنحصر عمى‬
‫ظاىر حاؿ المشيود عميو ليس إال تكوف قد جردت ق ارراىا مف التعميؿ الصحيح مما‬
‫يعرضو لمنقض"‪.1‬‬
‫مف خالؿ دراسة ىذه الق اررات واستقرانيا وتحميميا نالحظ أف لكؿ إتجاه أسبابو‬
‫ومبرراتو سواء القانونية منيا أو الواقعية فأما اإلتجاه األوؿ القاضي بإضفاء الحجية‬
‫المطمقة عمى األتمية المضمنة في الوثيقة العدلية بإعتبارىا قرينة قانونية قاطعة ال يمكف‬
‫إثبات عكسيا أبدا إال عف طريؽ الطعف فييا بالزور وذلؾ طبقا لمقتضيات الفصؿ‬
‫‪ 419‬مف قانوف االلتزامات والعقود الذي نص في فقرتو األولى عمى أف "الورقة الرسمية‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 1650‬المؤرخ في ‪ 2005/03/16‬في الممؼ الشرعي عدد ‪ 2003/1/2/386‬منشور‬
‫بمجمة النقض العدد ‪ 21‬شتنر ‪ 2008‬ـ‪.‬غ‪.‬ـ ص ‪ 164‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪-‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 283‬المؤرخ في ‪ 2008/05/21‬في الممؼ الشرعي عدد ‪ 2007/1/2/343‬منشور بمجمة‬
‫المحاكـ المغربية العدد المزدوج ‪ 134/133‬يناير‪-‬مارس ‪ 2012‬ـ ـ ص ‪ 375‬وما يمييا "‪ ...‬والمحكمة لما قضت‬
‫بصحة الصدقة التي أنجزىا المتصدؽ بتاريخ ‪ 2003/10/17‬أي في الوقت الذي كاف يتردد فيو عمى المستشفى مف‬
‫أجؿ العال ج مف األمراض الخطيرة التي كاف يعاني منيا بعمة أف رسـ الصدقة شيد فيو العدالف بأتمية المتصدؽ وقت‬
‫إبرامو لمصدقة مع أف األتمية الظاىرة التي سجميا العدالف ىي قاصرة عمى ظاىرة حاؿ المشيود عميو وال تفيد عدـ‬
‫صحة ما ورد في الشيادات الطبية التي تفيد أف المتصدؽ كاف يعاني مف أمراض خطيرة أدت إلى وفاتو بعد أقؿ مف‬
‫ثالثة أشير عمى إنجاز الصدقة ‪ ...‬ولما أسست قرارىا عمى ما ذكر دوف أف تبحث فيما إذا وقعت الصدقة في مرض‬
‫الموت مع المتصدؽ قد توفي بعد أقؿ مف ثالثة أشير مف تاريخ إنجاز عقد الصدقة تكوف قد عممت قرارىا تعميال ناقصا‬
‫وىو بمثابة انعدامو مما يعرضو لمنقض"‪.‬‬
‫‪-‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 488‬المؤرخ في ‪ 07‬أكتوبر ‪ 2009‬في الممؼ عدد ‪ 2008/1/2/237‬منشور بنشرة ق اررات‬
‫المجمس األعمى المتخصصة غرفة األحواؿ الشخصية والميراث السمسمة ‪ 2‬الجزء ‪ 4‬مطبعة األمنية الرباط ص ‪91‬‬
‫والذي أقر أف إشياد العدوؿ بأتمية المتصرؼ ينحصر في ظاىر حاؿ المشيود عميو وال يمتد إلى األمراض الباطنية‬
‫التي ال يعمـ بيا إال أىؿ الطب‪.‬‬
‫‪-‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 884‬المؤرخ في ‪ 2000/09/27‬في الممؼ العقاري عدد ‪ 94/5708‬أشار إليو الطالب‬
‫الباحث إدريس الشمبي المحاباة في بيع المريض مرض الموت في التشريع المغربي‪-‬دراسة مقارنة‪-‬رسالة لنيؿ دبموـ‬
‫الدراسات العميا المعمقة جامعة القاضي عياض كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش السنة الجامعية‬
‫‪ 2003/2002‬ص ‪.70‬‬
‫‪129‬‬
‫حجة قاطعة‪ ،‬حتى عمى الغير في الوقائع واإل تفاقات التي يشيد الموظف العمومي الذي‬
‫حررىا بحصوليا في محضره وذلك إلى أن يطعن فييا بالزور ‪."...‬‬
‫فأصحاب ىذ اإلتجاه تمسكوا بالمعنى الحرفي ليذه الفقرة إلضفاء الحجية‬
‫المطمقة لشيادة األتمية مغمبيف مبدأ إستقرار المعامالت محاوليف الحفاظ عمى القوة‬
‫الثبوتية لشيادات العدوؿ وذلؾ لمحيمولة دوف النيؿ مف ىذه المينة وتيميشيا واضعاؼ‬
‫مصداقيتيا لدى المتعاقديف الراغبيف في توثيؽ تصرفاتيـ خصوصا العقارية منيا‪.‬‬
‫وأما أصحاب اإلتجاه الثاني –القاضي بترجيح شيادة أىؿ اإلختصاص عمى‬
‫شيادة العدوؿ باألتمية –فإنيـ يستندوف في طرحيـ عمى عدة حجج ومبررات ولعؿ‬
‫أبرزىا ىو صعوبة الوصوؿ إلى معرفة العدوؿ لألمراض الخفية التي يعاني منيا‬
‫المتعاقد والتي تخفى أحيانا حتى عمى األطباء بمجرد المعاينة لممريض واستفساره دوف‬
‫إجراء الفحوص الالزمة مما يقتضي منيـ المجوء إلى إستعماؿ آالت طبية حديثة‬
‫لتشخصييا والكشؼ عنيا بطريقة عممية دقيقة مثؿ السؿ وأمراض الكبد الفيروسي وما‬
‫إلى ذلؾ مف األمراض الخفية التي ال يستأثر بمعرفتيا والكشؼ عنيا إلى األطباء‬
‫األخصانييف فمسألة الصحة واألمراض ىي مسألة واقع ال يمكف الحسـ فييا إال بالخبرة‬
‫الطبية عمى أيدي الخبراء والمختصيف مف األطباء‪.1‬‬
‫وىذا األمر ىو ما تبناه المالكية ورجحوه وفي ذلؾ يقوؿ التاودي "فإف كاف مما‬
‫ال يعممو إال أىؿ العمـ بو كاألمراض التي ال يعرؼ أسرارىا إال األطباء فال يقبؿ إال‬
‫قوؿ أىؿ المعرفة بذلؾ‪.2‬‬
‫وجاء أيضا في تحفة ابف عاصـ‪:‬‬
‫بيا وال ينظر فييـ لصفة‬ ‫ويثبت العيوب أىؿ المعرفة‬
‫إال بقوؿ مف لو بيا بصر‬ ‫ثـ العيوب كميا ال تعتبر‬

‫‪-1‬األستاذ إدزني عبد العزيز مرض الموت بيف الفقو والقضاء مقاؿ منشور بالمجمة المغربية لمدراسات القانونية‬
‫والقضانية العدد ‪ 7‬يناير ‪ 2012‬المطبعة والوراقة الوطنية الداوديات مراكش ص ‪ 128‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪-2‬أبو عبد اهلل محمد بف محمد التاودي عمى المقاطع لفكر ابف عاصـ بيامش أبو الحسف عمى بف عبد السالـ‬
‫التسولي "البيجة في شرح التحفة" ضبطو وصححو محمد بف عبد القادر شاىيف دار الكتب العممية بيروت ط ‪1‬‬
‫‪ 1988‬ج ‪ 2‬ص ‪ 165‬أشار إليو عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪.307‬‬
‫‪130‬‬
‫واثناف أولى عند كؿ نظر‬ ‫وواحد يجرئ في باب الخبر‬
‫فالمالحظ أف فقياء المالكية قدموا شيادة أىؿ اإلختصاص عمى غيرىـ إيمانا‬
‫منيـ بصعوبة ‪-‬وأحيانا إستحالة‪ -‬معرفة تمؾ األمراض والعوارض مف غير أىؿ‬
‫اإلختصاص خصوصا أنيا مستجدة ومتطورة وال يمكف لمعدوؿ مثال مسايرتيا واحصانيا‬
‫ومعرفة عوارضيا لذلؾ فإنو ال يوجد بد مف الركوف إلى آ ارء العمـ والعمماء في ىذا‬
‫الشأف وذلؾ بيدؼ تحقيؽ العدالة المنشودة في سانر القضايا المعروضة عمى القضاء‪.1‬‬
‫وتدعيما ليذا الموقؼ وردا عمى أصحاب اإلتجاه األوؿ يرى األستاذ محمد‬
‫الكشبور أف موقؼ المجمس األعمى يتجافى كثي ار مع المنطؽ القانوني المجرد والسميـ‬
‫فمف جية أولى فالعدليف المنتصبيف لإلشياد يحكماف عمى الظاىر فقط ماداـ أف مسألة‬
‫المرض واإلضطراب الذي يعيش عميو المريض مرض الموت مثال مسألة نفسية‬
‫ووجدانية بالدرجة األولى لذلؾ فإف األتمية مجرد قرينة قانونية بسيطة يمكف دحضيا‬
‫بالدليؿ المعاكس‪.‬‬
‫وأما عف اإلحتجاج بمقتضيات الفصؿ ‪ 419‬مف قانوف اإللتزامات والعقود أي‬
‫برسمية العقود فيرى أنو لكي تتمتع الوثيقة الرسمية بالحجية المطمقة يشترط في الوقانع‬
‫أف تكوف مما يدخؿ ضمف اإلختصاصات التي أسندىا المقنف لمعدليف المنتصبيف‬
‫لإلشياد فإف تجاوزىا إنعدمت تمؾ الحجية‪.‬‬
‫وىكذا فإف ما يثبتو العدالف مف تمتيع المتعاقد بكافة قواه العقمية مثال ال يكوف‬
‫لو أثر مطمؽ ألف ذلؾ اإلثبات ليس مما يدخؿ ضمف المياـ األساسية لمعدوؿ و بالتالي‬
‫فإنو يمكف إثبات عكس ذلؾ بكؿ وسانؿ اإلثبات دوف حاجة إلى سموؾ مسطرة الزور‪.‬‬
‫ومف جية أخرى فإنو يقوؿ كيؼ يمكف ترجيح ما تضمنو الرسـ العدلي مف‬
‫عبارات جرى العمؿ عمى ترديدىا في جميع العقود التي يحررىا العدوؿ وفي كافة‬
‫الظروؼ واألحواؿ عمى شيادة طبية صادرة عف طبيب مختص‪.2‬‬

‫‪-1‬األستاذ إدزلي عبد العزيز ـ س ص ‪153‬‬


‫‪-2‬األستاذ محمد الكشبور بيع المريض مرض الموت الطبعة األولى ‪ 2002‬ـ‪.‬غ‪.‬ـ ص ‪ 73‬و‪.74‬‬
‫‪131‬‬
‫ولكؿ ىذه األسباب الواقعية والمعقولة فإننا نؤيد اإلتجاه الثاني القاضي بترجيح‬
‫شيادة الطبيب عمى شيادة األتمية خصوصا أف محكمة النقض ببالدنا أصبحت تنيج‬
‫توجيا جديدا تمثؿ في إبتعادىا عف النظر في األمور التقنية بشكؿ مطمؽ وترؾ ذلؾ‬
‫ألىؿ اإلختصاص والخبرة‪.1‬‬
‫واف المتتبع لمشأف القضاني ببالدنا سيالحظ أننا أصبحنا نشيد شبو إستقرار في‬
‫ق اررات محكمة النقض المؤيدة لرجحية الشيادة الطبية مع بروز بعض الق اررات الفريدة‬
‫التي الزالت تتمسؾ بشيادة األتمية‪.‬‬
‫ورغـ أف ىذا اإلشكاؿ أثر بشكؿ كبير عمى األمف القضاني في ىذا المجاؿ‬
‫بحيث أف المتقاضي كاف في ترقب دانـ عندما يكوف النزاع مرتبطا بأتمية المتعاقد مف‬
‫عدميا حوؿ ما إذا كاف سيتـ ترجيح شيادة األتمية أـ شيادة األطباء المختصيف وأساؿ‬
‫الكثير مف مداد الباحثيف والميتميف فإف المشرع المغربي لـ يتدخؿ لسد باب التضارب‬
‫والتناقض وحسـ الجدؿ القانـ بخصوص ىذه النقطة واننا ومف باب التنبيو ال أقؿ وال‬
‫أكثر ندعوا مشرعنا المغربي إلى التدخؿ إليجاد حؿ ليذه المسألة واغالؽ باب الإلنقساـ‬
‫والخالؼ تحقيقا وتكريسا لمبدأي األمف القانوني والقضاني الذي يعتبر الغاية واليدؼ‬
‫والمبتغى‪.‬‬
‫وفي إنتظار ىذا التدخؿ الذي نتمنى أال يطوؿ فإننا نرجوا أف تتدخؿ محكمة‬
‫النقض ببالدنا عف طريؽ إصدارىا لقرار مبدني بجميع الغرؼ أو جميا عمى األقؿ وأف‬
‫تمتزـ بو وتمزـ محاكـ الموضوع بإعتناقو واتباعو عف طريؽ تقنية نقض جميع الق اررات‬
‫التي تخالؼ قرارىا المبدني‪.‬‬

‫‪-1‬عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪.308‬‬


‫‪132‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬التصرفات الواردة عمى العقارات الشائعة‬
‫لـ يعرؼ المشرع المغربي حالة الشياع وانما إكتفي في الفصؿ ‪ 960‬مف‬
‫ؽ‪.‬ؿ‪.‬ع ببياف عناصرىا وشروط قياميا حيث جاء فيو "إذا كان الشيء أو الحق‬
‫ألشخاص متعددين باإلشتراك فيما بينيم وعمى سبيل الشياع‪ ،‬فإنو تنشأ حالة قانونية‬
‫تسمى الشياع أو شبو الشركة و ىي إما إختيارية أو إضطرارية"‪.‬‬
‫وبذلؾ فإنو يمكف القوؿ أف الشياع ىو حالة قانونية تفترض وجود أكثر مف‬
‫شريؾ لشيء أو حؽ معيف‪.1‬‬
‫وماداـ أف اإلنساف مجبوؿ عمى حب التممؾ الفردي واإلستنثار باألشياء‬
‫والحقوؽ فإف حالة الشياع ال تمثؿ لو المناخ المناسب لإلستمتاع بيذه األشياء‬
‫وممارستيا وذلؾ لوجود شريؾ أو أكثر معو يحد نسبيا مف نطاؽ ممكيتو ومداىا وذلؾ‬
‫تبعا لخصوصية ىذه الممكية في حد ذاتيا‪.‬‬
‫لكؿ ىذه األسباب وغيرىا مكف المشرع المغربي وقبمو الفقو اإلسالمي الشريؾ‬
‫عمى الشياع مف حؽ طمب الخروج مف ىذه الحالة اإلستثنانية إلى الحالة العادية‬
‫والطبيعي ة أي الممكية الفردية حيث جاء في الفقرة األولى مف المادة ‪ 27‬مف ـ‪.‬ج‪.‬ع ما‬
‫يمي‪" :‬ال يجبر أحد عمى البقاء في الشياع ويسوغ لكؿ شريؾ أف يطمب القسمة وكؿ‬
‫شرط يخالؼ ذلؾ يكوف عديـ األثر"‪.2‬‬
‫ورغبة في تجميع الممكية العقارية والحفاظ عمى الروابط العانمية وذلؾ بعدـ‬
‫السماح لألجنبي بالتممؾ في الماؿ المشاع إبتدع فقياء الشريعة اإلسالمية واتبعيـ في‬
‫ذل ؾ المشرع تقنية الشفعة والتي تمكف الشريؾ عمى الشياع مف أخذ المبيع مف يد األجنبي‬
‫غير الشريؾ الذي تمقى حقو مف أحد الشركاء‪ .‬وذلؾ في آجاؿ معينة وشروط محددة‪.‬‬

‫‪-1‬عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪.341‬‬


‫‪-2‬وىو نفس المقضى الذي نص عميو قبؿ ذلؾ الفصؿ ‪ 978‬مف ؽ‪.‬ؿ‪.‬ع‪.‬‬
‫‪133‬‬
‫بيد أف موضوعي القسمة والشفعة آثا ار عدة إشكاالت خصوصا عمى مستوى‬
‫التكييؼ القضاني لبعض النوازؿ مما أدى في النياية إلى صدور أحكاـ وق اررات قضانية‬
‫متناقضة في قضايا متطابقة الوقانع والمعطيات‪.‬‬
‫ولإلحاطة بأىـ النقط مثار الخالؼ والنقاش سنقسـ ىذا المطمب إلى فقرتيف‬
‫وذلؾ عمى الشكؿ التالي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬في شأن الشفعة‬


‫الفقرة الثانية‪ :‬التعويض عن اإلستغبلل بعد القسمة‬

‫‪134‬‬
135
‫الفقرة األولى‪ :‬في شأن الشفعة‬

‫سبؽ القوؿ أف موضوع الشفعة آثار العديد مف اإلشكاالت الواقعية عمى مستوى‬
‫الممارسة القضانية لمختمؼ محاكـ الموضوع بالمممكة والتي حاولت محكمة النقض‬
‫التصدي ليا عف طريؽ اإلجتياد في بعض القضايا التي تعاني مف ف ارغ تشريعي أو‬
‫غموض في النصوص المؤطرة‪.‬‬
‫ومف أبرز المواضيع التي أثير النقاش والخالؼ بشأنيا نذكر إشكالية مدى‬
‫إشتراط وجوب التبميغ الشخصي لمف لو الحؽ في الشفعة(أوال) وكذلؾ إشكالية الطبيعة‬
‫القانونية ألجؿ ممارسة الشفعة(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مدى وجوب التبميغ الشخصي لمن لو حق الشفعة في العقار المحفظ‬
‫أثار موضوع وجوبية التبميغ الشخصي مف عدمو لمف لو حؽ الشفعة إذا تعمؽ‬
‫األمر بعقار محفظ نقاشا فقييا محتدما وتضاربا قضانيا عميقا سواء عمى مستوى محاكـ‬
‫الموضوع او عمى مستوى محكمة النقض ومرد األمر ربما إلى غموض النصوص‬
‫المؤطرة آنذاؾ وعدـ وضوحيا‪.‬‬
‫الشيء الذي فتح الباب واسعا لتعدد التفسيرات والتأويالت خصوصا لمقتضيات‬
‫الفصؿ ‪ 31‬مف ظيير ‪ 2‬يونيو ‪ 1915‬المحدد لمتشريع المطبؽ عمى العقارات المحفظة‬
‫والذي نص عمى أنو "يمكن لممشتري بعد الحصول عمى تقييد مشتراه أن يعمم بذلك كل‬
‫من لو حق الشفعة لآلخذ بيا واال فيسقط بمضي ثبلثة أيام من تاري إعبلمو بزيادة‬
‫األجال المعتبرة ألجل المسافة"‪.‬‬
‫المالحظ عمى ىذا الفصؿ أنو لـ يكف دقيقا في صياغتو ومبناه حيث إستعمؿ‬
‫عبارة "أف يعمـ بذلؾ كؿ مف لو حؽ الشفعة‪ "...‬دوف أف يبيف شكؿ ىذا التبميغ ونوعو‬
‫الشيء الذي أدى إلى ظيور إتجاىيف األوؿ يتمسؾ بضرورة التبميغ الشخصي لمشفيع‬
‫والثاني برفض إشتراط أي شكؿ معيف لتبميغ مف لو حؽ الشفعة‪.‬‬
‫‪-9‬اإل تجاه القاضي بضرورة التبميغ الشخصي لمشفيع‬

‫‪136‬‬
‫جاء في قرار لمحكمة النقض عدد ‪ 1763‬مؤرخ في ‪ 1999/04/14‬ما يمي‪:‬‬
‫"وحيث يعيب الطاعنوف القرار المذكور بخرؽ مقتضيات الفصؿ ‪ 31‬مف القانوف العقاري‬
‫ذلؾ أنيـ دفعوا بأف تبميغ الشراء إلييـ كاف بواسطة الغير ‪ ...‬ولـ يتـ إلييـ شخصيا حتى‬
‫ينطبؽ في حقيـ أجؿ الثالثة أياـ المنصوص عمييا في الفصؿ المذكور ومع ذلؾ نص‬
‫القرار المطعوف فيو عمى أف التبميغ في إطار الفصؿ نفسو ال يتطمب أي شكؿ معيف‬
‫رغـ أف المجمس األعمى وفي ق ارره نص عمى القاعدة التالية‪" :‬تبميغ الشفيع بالبيع‬
‫ضرورة التبميغ الشخصي ال يسري أجؿ الثالثة أياـ المنصوص عميو في الفصؿ ‪ 31‬مف‬
‫ظيير ‪ 1915/06/02‬لممارسة حؽ الشفعة إال إذا وقع التبميغ إلى الشفيع شخصيا فال‬
‫يكفي التبميغ الذي يقع في موطنو ألقاربو أو خدمو مما يكوف معو مجانبا لمصواب‬
‫ومعرضا لمنقض ‪.1"...‬‬
‫وجاء في قرار أخر لنفس المحكمة حمؿ عدد ‪ 3365‬مؤرخ في ‪ 03‬أكتوبر‬
‫‪" 2001‬حيث يعيب الطاعف القرار المذكور بخرؽ حقوؽ الدفاع وخرؽ قواعد اإلثبات‬
‫وعدـ اإلجابة عف وسانؿ الدفاع ذلؾ أف المحكمة أجابت عما تمسؾ بو مف أف اإلنذار‬
‫لـ يبمغ لو شخصيا وانما بمغ ألحد مستخدميو بأف األصؿ في التبميغ أنو يتـ لممرسؿ‬
‫إليو شخصيا إلى حيف إثبات العكس مع أف المطموب في النقض أقر بأف التبميغ لـ يتـ‬
‫لمطالب شخصيا زاعما أف الشخص الذي تـ إليو التبميغ ربما يتوفر عمى توكيؿ مف‬
‫الطالب ‪ ...‬حيث يجب لسرياف أجؿ الثالثة أياـ المنصوص عمييا في الفصؿ ‪ 31‬مف‬
‫مرسوـ ‪ 2015/06/02‬أف يكوف التبميغ قد وقع فعال إلى الشخص نفسو وال يكفي التبميغ‬
‫الذي تـ ألحد مستخدميو ‪.2"...‬‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 1763‬المؤرخ في ‪ 1999/04/14‬في الممؼ المدني ‪ 96/4077‬منشور بمجمة قضاء‬
‫المجمس األعمى عدد ‪ 53‬و‪ 54‬ص ‪ 63‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪-2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 3365‬مؤرخ في ‪ 3‬أكتوبر ‪ 2001‬في الممؼ منشور بجريدة العمـ ليوـ األربعاء ‪20‬‬
‫مارس ‪ 2002‬عدد ‪( 18935‬أشار إليو األستاذ بفقير محمد مدى وجوب التبميغ الشخصي لمف لو حؽ الشفعة عمى‬
‫ضوء قضاء المجمس األعمى مقاؿ منشور بمجمة دراسات قضانية‪-‬فقو قضاء‪-‬قانوف الجزء الثالث ص ‪ 33‬و‪.34‬‬
‫‪-‬ورود في قرار لمحكمة النقض عمى أنو لكي يسري أجؿ الثالثة أياـ يجب أف يكوف التبميغ قد وجو إلى الشريؾ‬
‫شخصيا في موطنو العادي الذي يقيـ وقت وقوع التبميغ وذلؾ تطبيقا لما نص عميو الفصؿ ‪ 519‬مف ؽ‪.‬ـ‪.‬ـ وليس‬
‫‪137‬‬
‫‪-2‬اإل تجاه القاضي بعدم إشتراط التبميغ الشخصي لمشفيع‬
‫حيث جاء في قرار لمحكمة النقض تحت عدد ‪ 339‬مؤرخ في ‪ 27‬أكتوبر‬
‫‪ 1977‬ما يمي‪" :‬بناء عمى الفصؿ ‪ 31‬مف الظيير المؤرخ في ‪ 02‬يونيو ‪ 1915‬المطبؽ‬
‫عمى العقارات المحفظة ‪ ...‬وحيث أنو بالرجوع إلى شكؿ التبميغ الذي قاـ بو المستأنفاف‬
‫نجده ال يتوفر عمى الشرط المنصوص عميو في الفصؿ ‪ 55‬المذكور ألنو لـ يوجو في‬
‫غالؼ التبميغات القضانية مما يتعيف معو القوؿ بأف ذلؾ التبميغ ليس بقانوني‪.‬‬
‫لكف حيث إف الفصؿ ‪ 31‬مف الظيير المطبؽ عمى العقارات المحفظة ال يشترط‬
‫أي شكؿ معيف لمتبميغ كما أنو ال يحيؿ عمى قواعد المسطرة المدنية فتكوف المحكمة‬
‫بتطبيقيا عمى التبميغ المذكور الفصؿ ‪ 55‬مف قانوف المسطرة المدنية قد خالفت نص‬
‫الفصؿ المشار إليو أعاله وعرضت حكميا لمنقض"‪.1‬‬
‫مف خالؿ ما سبؽ عرضو يمكف القوؿ أف ىناؾ تباينا وتضاربا في ق اررات‬
‫محكمة النقض بحيث أف اإلتجاه األوؿ ال يشترط سوى التبميغ الشخصي لمف لو حؽ‬
‫الشفعة واف تـ ذلؾ في إطار القواعد اإلجرانية العامة المنصوص عمييا في قانوف‬
‫المسطرة المدنية المتمثمة في الفصوؿ ‪ 37‬و‪ 38‬و‪ 39‬في حيف أف اإلتجاه القضاني‬
‫الثاني ال يعتد بأي شكمية أو طريقة في التبميغ حتى ولو كانت طبقا لمقواعد العامة‪.2‬‬
‫والحقيقة أف لكؿ إتجاه أسبابو ومصوغاتو فاإلتجاه الذي ال يعتد إال بالتبميغ‬
‫الشخصي نجده راعى مجموعة مف اإلعتبارات ولعؿ أىميا خطورة وأىمية األجؿ‬
‫الممنوح لمف لو حؽ الشفعة فاألجؿ المضروب لو ال يتعدى ثالثة أياـ مع إحتساب أجؿ‬
‫المسافة وىو أجؿ قصير جدا مقارنة مع أثار فوات ميعاده فأجؿ الشفعة كما ىو معموـ‬

‫بالضرورة أف يكوف ىو نفس العنواف المسجؿ بالرسـ العقاري(قرار عدد ‪ 474‬مؤرخ في ‪ 1979/06/06‬منشور في‬
‫ق اررات المجمس األعمى غرفة األحواؿ الشخصية والميراث سنة ‪ 1997‬ص ‪ 54‬أشار إليو األستاذ محمد ابف‬
‫معجوز الحقوؽ العينية ـ س ص ‪ 211‬ىامش ‪ 202‬مكرر ‪.1‬‬
‫‪-1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 393‬مؤرخ في ‪ 27‬أكتوبر ‪ 1977‬في الممؼ المدني عدد ‪ 51418‬منشور بمجمة‬
‫القضاء والقانوف عدد‪ 128‬ص ‪(490‬أشار إليو األستاذ بفقير مدى وجوب التبميغ الشخصي لمف لو حؽ الشفعة عمى‬
‫ضوء قضاء المجمس األعمى ـ س ص ‪ 34‬و‪.35‬‬
‫‪-2‬األستاذ بفقير محمد مدى وجوب التبميغ ‪ ...‬ـ س ص ‪.36‬‬
‫‪138‬‬
‫أجؿ سقوط وبفواتو يسقط حؽ الشفيع في طمب الشفعة نيانيا سواء تمسؾ بو صاحب‬
‫المصمحة أـ لـ يتمسؾ بو فالقاضي ممزـ بإثارتو مف تمقاء نفسو‪ .‬ولما كاف األمر كذلؾ‬
‫فإف أصحاب ىذا اإلتجاه إرتأوا أف المصمحة تقتضي أف يكوف التبميغ شخصيا لكي‬
‫يستطيع الشفيع ممارسة حقو وتدارؾ ما يمكف تداركو وذلؾ ما ال يمكف تصوره في غير‬
‫التبميغ الشخصي فمنفترض أف التبميغ تـ في الموطف مثال أو ألحد األقارب ولـ يتـ‬
‫إعالـ الشفيع بذلؾ إال بعد فوات مدة الثالثة أياـ ففي ىذه الحالة فإف حقو سيضيع إذ أف‬
‫بداية إحتساب أجؿ ممارسة الشفعة سينطمؽ مف يوـ التبميغ لمشفيع في الموطف أو لمخدـ‬
‫وفي ذلؾ مجافاة لمعدالة وابتعاد عف المنطؽ السميـ والعقؿ القويـ وفتح لباب التحايؿ‬
‫والغش خصوصا إذا إ ستحضرنا إشكالية قصر مدة ممارسة ىذه الرخصة الشرعية‬
‫والقانونية‪.‬‬
‫أما اإلعتبار الثاني فيو الصياغة المغوية والقانونية لمقتضيات الفصؿ ‪31‬‬
‫والتي لـ تمنع صراحة القوؿ بذلؾ وبالتالي فإنيا تسمح بالقوؿ بضرورة تبميغ مف لو حؽ‬
‫الشفعة شخصيا تبعا لألسباب السالؼ ذكرىا‪.1‬‬
‫في حيف أف االتجاه القضاني الثاني تمسؾ بالصياغة الحرفية لمفصؿ ‪ 31‬مف‬
‫ظيير ‪ 2‬يونيو ‪ 1915‬وبالتالي رفض أف يحصر التبميغ في ضرورة التبميغ الشخصي‬
‫ماداـ أف النص جاء عاما وفضفاضا ويحتمؿ أي طريؽ مف طرؽ التبميغ بؿ األكثر مف‬
‫ذلؾ فإنو رفض أف يحيؿ حتى عمى قواعد المسطرة المدنية في ىذا الشأف وذلؾ لعدـ‬
‫وجود نص صريح يحيؿ عمييا إذ الثابت فقيا وقضاء أف القواعد المسطرية المضمنة‬
‫بظيير‪ 1615/06/02‬ىي الواجبة التطبيؽ ما لـ يوجد نص صريح يقضي بذلؾ‪.‬‬
‫والحقيقة أف اإلتجاه واجب الترجيح والتبني ىو اإلتجاه األوؿ القاضي بوجوب‬
‫التبميغ الشخصي لمشفيع وذلؾ لسالمتو ووجاىتو ومسايرتو لروح العدالة والمنطؽ‬
‫ولتوفيقو بيف مصمحة ىذا األخير بإعتباره صاحب رخصة قانونية وبيف مصمحة المشتري‬
‫بإعتباره صاحب حؽ ميدد بالزواؿ ال يثبت إال بفوات األجؿ الذي حدده المشرع آنذاؾ‬
‫في ثالثة أياـ‪.‬‬

‫‪-1‬محمد بفقير مدى وجوب التبميغ ‪ ...‬ـ س ص ‪.39‬‬


‫‪139‬‬
‫وفي سبيؿ إيجاد حؿ ليذا اإلشكاؿ القانوني والقضاني ومحاولة منو لسد باب‬
‫التضارب والتبايف في اإلتجاىات والمواقؼ حفاظا عمى األمنيف القانوني والقضاني‬
‫تدخؿ المشرع بموجب القانوف ‪ 39.08‬بمثابة مدونة الحقوؽ العينينة ونص في الفقرة‬
‫األولى مف المادة ‪ 304‬عمى أنو "يمكن لممشتري بعد تقييد حقوقو في الرسم العقاري أو‬
‫إيداعيا في مطمب التحفيظ أن يبمغ نسخة من عقد شرائو إلى من لو حق الشفعة‪ ،‬وال‬
‫يصح التبميغ إال إذا توصل بو شخصيا من لو الحق فييا‪ ،‬ويسقط حق ىذا األخير إن لم‬
‫يمارسو خبلل أجل ثبلثين يوما كاممة من تاري التوصل ‪."...‬‬
‫وبذلؾ يكوف المشرع قد حسـ األمر وانتصر لمرأي األوؿ وأقر ضرورة أف يكوف‬
‫التبميغ شخصيا لمف لو حؽ الشفعة تحت طانمة البطالف حيث إعتبر التبميغ الشخصي‬
‫بمثابة شرط صحة وعدؿ كذلؾ أجؿ ممارسة حؽ الشفعة بإضافتو لمرقـ صفر لألجؿ‬
‫الذي كاف سابقا ليصبح األجؿ ثالثيف يوما بدؿ ثالثة أياـ وحسنا فعؿ مقننا المغربي‬
‫حيث إنو أتاح لمشفيع أجال معقوال لممارسة حقو وذلؾ بتجييز ثمف البيع ومصروفات‬
‫العقد والمصروفات الضرورية النافعة عند االقتضاء‪.‬‬
‫واألمر الثاني الذي يحسب لممشرع المغربي ىو تنصيصو عمى أف أجؿ‬
‫ممارسة الشفعة يعتبر أجؿ سقوط ال تقادـ ليكوف بذلؾ قد حسـ نقاشا قضانيا وفقييا‬
‫أساؿ الكثير مف مداد الباحثيف وأضاع العديد مف حقوؽ المتقاضيف وضرب عمؽ‬
‫المبدأيف‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬في شأن الطبيعة القانونية ألجل الشفعة‬

‫أثير نقاش فقيي وقضاني حوؿ الطبيعة القانونية ألجؿ ممارسة الشفعة حيث‬
‫إ عتبره جانب مف القضاء أجؿ تقادـ وبالتالي فإنو يخضع ألحكاـ التقادـ مف حيث‬
‫الشروط واآلثار وفي مقابؿ ذلؾ إعتبره جانب آخر مف القضاء ومعو بعض الفقو أجؿ‬
‫سقوط مع ما يترتب عف ذلؾ مف آثار‪.‬‬
‫‪-9‬آجال الشفعة آجال تقادم‬

‫‪140‬‬
‫حيث إعتبرت محكمة النقض في عدة ق اررات ليا أف أجؿ ممارسة الشفعة أجؿ‬
‫تقادـ ال سقوط ومف ذلؾ القرار عدد ‪ 3669‬المؤرخ في ‪ 14‬يوليوز ‪ 1999‬والذي جاء‬
‫فيو "‪ ...‬وحيث يعيب الطاعناف القرار المذكور في الفرع األوؿ مف وسيمة النقض األولى‬
‫بخرؽ مقتضيات الفصؿ ‪ 32‬مف ظيير ‪ 2‬يونيو ‪ 1915‬ذلؾ أف أجؿ الشفعة المنصوص‬
‫عميو فيو يدخؿ في إحتسابو اليوـ األوؿ خالفا لما ذىب إليو القرار المطعوف فيو مما‬
‫يعرضو لمنقض حيث إنو بمقتضى نص الفصؿ ‪ 32‬المذكور "فإف حؽ الشفعة يتقادـ في‬
‫جميع األحواؿ بمضي سنة واحدة إبتداء مف تاريخ تقييد البيع"‪ .‬وبذلؾ فاليوـ األوؿ يدخؿ‬
‫في حساب األجؿ المذكور‪.‬‬
‫وعميو فإف القرار المطعوف فيو عندما لـ يحتسب اليوـ الذي تـ فيو التقييد يكوف‬
‫قد خالفت الفصؿ المذكور مما عرضو لمنقض واإلبطاؿ"‪.1‬‬
‫وتكريسا لنفس التوجو جاء في ق ارر آخر لنفس المحكمة صادر بجميع الغرؼ‬
‫مؤرخ في ‪ 14‬يوليوز ‪" 1999‬لكف حيث إنو بصريح الفصؿ ‪ 32‬مف ظيير ‪ 2‬يونيو‬
‫‪ 1915‬المطبؽ عمى النازلة فإف أجؿ الشفعة ىو أجؿ تقادـ وأف الوسيمة لـ تبيف في‬
‫نعييا مكمف العيب الموجو لمقرار المطعوف فيو بخصوص عدـ إجراء العرض العيني في‬
‫اسـ المطموب فيي بذلؾ غير جديرة باإلعتبار"‪.2‬‬
‫‪-2‬آجال الشفعة آجال سقوط‬
‫إعتبرت محكمة النقض في ق اررات عديدة أجؿ الشفعة أجؿ سقوط لو إرتباط‬
‫بالنظاـ العاـ حيث جاء في قرارىا عدد ‪ 2548‬المؤرخ في ‪" 2004/09/15‬فإف المحكمة‬
‫مصدرة القرار المطعوف فيو عندما بتت في الدعوى حسب ما إقتضاه تعميميا الذي قرر‬
‫أف دعوى الشفعة قدمت خارج األجؿ القانوني مف تاريخ عمميا اليقيني بالبيع الثابت مف‬

‫‪-1‬القرار عدد ‪ 3669‬الصادر بغرفتيف المؤرخ في ‪ 14‬يوليوز ‪ 1999‬في الممؼ المدني ‪ 93/3855‬أشار إليو‬
‫الحسف ىوداية في مؤلفو التقادـ في المادتيف المدنية والجنانية الجزء الثاني سمسمة المكتبة الجنانية مطبعة دار القمـ‬
‫الرباط الطبعة األولى ‪ 2015‬ص ‪ 558‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪-2‬القرار عدد ‪ 3669‬مكرر ‪ 1‬الصادر بجميع الغرؼ المؤرخ في ‪ 14‬يوليوز ‪ 1999‬في الممؼ المدني ‪91/3659‬‬
‫منشور في مؤلؼ إدريس بممحجوب ق اررات المجمس األعمى بغرفتيف أو بجميع الغرؼ الجزء الثاني مطبعة األمنية‬
‫الرباط ط أ ‪ 2005‬ص ‪ 66‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪141‬‬
‫مقاليا المقدـ بتاريخ ‪ 2000/10/03‬والمنتيي بعدـ القبوؿ بتاريخ ‪ 2001/03/22‬وأف‬
‫الدعوى الحالية لـ تقدـ إال بتاريخ ‪ 2002/03/07‬والحاؿ أف المستقر عميو قضاء أف‬
‫أجؿ الشفعة ىو أجؿ سقوط ال يقبؿ اإليقاؼ سيما أف العقار موضوع النزاع غير‬
‫محفظ ورتبت عمى ذلؾ وعف صواب تأييد الحكـ اإلبتداني القاضي برفض طمب‬
‫الشفعة"‪.1‬‬
‫وفي قرار حديث صادر بتاريخ ‪ 2012/04/17‬إعتبرت فيو محكمة النقض أف‬
‫أجؿ ممارسة الشفعة أجؿ سقوط ال ينقطع وال يتقادـ ومما جاء فيو "‪ ...‬أجؿ الشفعة‬
‫أجؿ سقوط ال ينقطع وال يتوقؼ"‪.2‬‬
‫وجاء في قرار آخر مؤرخ في ‪ 2007/01/03‬ما يمي‪" :‬أجؿ ممارسة حؽ الشفعة‬
‫في العقار المحفظ يبتدئ مف تاريخ تسجيؿ عقد البيع بالرسـ العقاري طبقا لمفصؿ ‪32‬‬
‫مف ظيير ‪ 2015/06/02‬أجؿ السنة المنصوص عميو في الفصؿ أعاله أجؿ سقوط"‪.3‬‬
‫مف خالؿ ما تـ بسطو مف ق اررات يتضح أف محكمة النقض ببالدنا لـ تستقر‬
‫عمى رأي موحد بيذا الشأف سواء في العقارات المحفظة أو غير المحفظة ولعؿ السبب‬
‫في ذلؾ ىو محاولة كؿ جانب حماية طرؼ واإلنتصار لو عمى حساب الطرؼ اآلخر‬
‫فأما مف أقر تقادمية أجؿ الشفعة فإنو أراد بذلؾ أف يحمي الشفيع بغية إيقاؼ أجؿ‬
‫شفعتو وقطعو لكي يتمكف مف ممارسة حقو داخؿ مدة أطوؿ خصوصا إذا عممنا ما‬
‫يحيط بالشفعة مف تستر واخفاء‪.‬‬
‫وأما مف سمـ بأف أجؿ ممارسة الشفعة أجؿ سقوط فإنو إنطمؽ مف مبدأ أف‬
‫الشفعة رخصة واستثناء وليس أصال‪ .4‬وكما ىو معموـ فإف اإلستثناء ال يعتد بو وال يتوسع‬

‫‪-1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 2548‬المؤرخ في ‪ 2004/09/15‬في الممؼ عدد ‪ 2003/4/1/2548‬منشور بمجمة‬
‫اإلشعاع العدد ‪ 31/30‬السنة ‪ 2006‬ص ‪.357‬‬
‫‪-2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 1949‬المؤرخ في ‪ 2012/04/17‬في الممؼ عدد ‪ 2011/9/1/3677‬أشار إليو‬
‫األستاذ عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪.362‬‬
‫‪-3‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 21‬المؤرخ في ‪ 2007/01/03‬في الممؼ عدد ‪ 05/3854‬مجمة اإلشعاع العدد ‪32‬‬
‫ص ‪ 226‬وما يمييا‪.‬‬
‫‪-4‬عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪.364‬‬
‫‪142‬‬
‫في تفسيره وال يقاس عميو وبالنظر إلعتبار ضرورة عدـ ترؾ المشفوع منو ميدد بممارسة‬
‫الشفعة في مواجيتو ألطوؿ مدة الشيء الذي قد يجعمو ال يستثمر عقاره وال يستغمو‬
‫مخافة أف يضيع منو نظ ار لكوف األجؿ الزاؿ ساريا األمر الذي يتنافى وارادة المشرع مف‬
‫الوعاء العقاري ببالدنا ومراعاة كذلؾ ألىـ مبدأ يكرسو المشرع ومعو القضاء أال وىو‬
‫مبدأ إستق ارر المعامالت وضماف تباتيا وتثبيثيا تحقيقا لمبدأي األمف القضاني والعقاري‬
‫بإعتبارىما غاية كؿ مشرع ومبتغاه‪.‬‬
‫وحسما لكؿ ىذا النقاش والتضارب نص المشرع المغربي في مدونة الحقوؽ‬
‫العينية الجديدة وفي عدة مواضع عمى أف أجؿ ممارسة حؽ الشفعة يسقط وال يتقادـ‬
‫حيث نص في المادة ‪ 304‬منيا عمى أنو "‪ ...‬فإن لم يقع ىذا التبميغ فإن حق الشفعة‬
‫يسقط في جميع األحوال بمضي سنة كاممة من تاري التقييد إذا كان العقار محفظا أو‬
‫اإليداع إذا كان العقار في طور التحفيظ وبمضي سنة عمى العمم بالبيع إذا كان العقار‬
‫غير محفظ‪.‬‬
‫واذا لم يتحقق العمم بالبيع فبمضي أربع سنوات من تاري إبرام العقد"‪.‬‬
‫ولـ يكتفي بذلؾ حيث عنوف الفرع الثالث مف الفصؿ الرابع –المتعمؽ بالشفعة‪-‬‬
‫بسقوط الشفعة ونص في الفقرة األولى مف المادة ‪ 311‬عمى أنو "يسقط حق الشفيع في‬
‫األخذ بالشفعة ‪."...‬‬
‫وكذلؾ األمر في المادة ‪ 312‬مف نفس المدونة واف كاف األمر ىذه المرة ال‬
‫يمكف إستقرانو إال بإعماؿ مفيوـ المخالفة ليكوف بذلؾ مقننا المغربي قد حسـ نقاشا‬
‫قضانيا وفقييا أساؿ الكثير مف المداد وأضاع الكثير مف الحقوؽ وظمـ العديد مف‬
‫المتقاضيف األبرياء وجعميـ فريسة لقراءات القضاة وأىوانيـ أحيانا سواء في العقارات‬
‫المحفظة أو غيرىا ماداـ أف ىذا القانوف سيطبؽ عمى مجموعيا وذلؾ بصريح المادة‬
‫األولى مف ىذا القانوف‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التعويض عن اإلستغبلل بعد القسمة‬

‫إف فطرة اإلنساف تميؿ إلى حب التممؾ واإلستنتار لذلؾ فإف األصؿ في األمور‬
‫أف تكوف ممكية الماؿ فردية دوف مشاركة أحد واإلستثناء ىو الممكية الشانعة لذلؾ‬
‫شرعت القسمة والشفعة بإعتبارىما دعوييف أتاحيما المشرع المغربي لكؿ شريؾ لمخروج‬
‫مف حالة الشياع لكف ما يقع عمميا أف القسمة ال تكوف دانما حبية إذ في غالب األحياف‬
‫ما تنتج عف نزاعات بيف الشركاء الشيء الذي يؤدي إلى فتح باب رفع الدعاوى فيما‬
‫بينيـ بغية الحصوؿ عمى حكـ يشفي غميال أو يرفع مظممة ولعؿ أبرز دعوى يمجأ إلييا‬
‫ىي دعوى التعويض عف اإلستغالؿ التي يرفعيا أحد الشركاء أو جميعيـ في مواجية‬
‫مف كاف يحوز العقار ويستأثر بإستغاللو دوف اآلخريف وكما ىو معموـ فإف دعوى‬
‫التعويض عف إلاستغالؿ قد تكوف مرتبطة بدعوى القسمة وقد تكوف مستقمة عنيا وقد‬
‫نظـ مقننا المغربي ىذه األخيرة في ظيير اإلالتزامات والعقود وبالضبط في الفصميف‬
‫‪ 965‬و‪ 973‬حيث جاء في األوؿ "عمى كل واحد من المالكين عمى الشياع أن يقدم‬
‫لمباقين حسابا‪ ،‬عما أخذه زائدا عمى نصيبو‪ ،‬من غمة الشيء المشترك"‪.‬‬
‫وجاء في الثاني أف "لكل مالك عمى الشياع حصة شائعة في ممكية الشيء‬
‫المشاع وفي غمتو ‪."...‬‬
‫ونظ ار لغموض ىذيف النصيف وايجازىما فقد أثير نقاش قضاني كبير أدى إلى‬
‫صدور ق اررات متناقضة في قضايا بنفس العناصر والوقانع‪.‬‬
‫ومكمف الخالؼ كاف بخصوص الحالة التي يمكف فييا الحكـ بالتعويض مف عدمو‬
‫حيث إعتبر اإلتجاه األوؿ أف التعويض عف اإلستغالؿ يستحؽ بمجرد ثبوت إنفراد‬
‫المدعي عميو بإستغالؿ العقار وحيازتو فيما إشترط اإلتجاه الثاني زيادة عمى ثبوت‬
‫اإلنفراد باإلستغالؿ ضرورة إثبات المنع مف المشاركة في اإلستغالؿ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اإلتجاه المكتفي بثبوت اإلنفراد باإلستغبلل‬

‫حيث جاء في قرار لمحكمة النقض بتاريخ ‪" 2008/01/09‬حقا حيث تمسكت‬
‫الطاعنة بأف اليالؾ خمؼ عقارات عدة وأدلت بشيادات مف المحافظة العقارية إلثبات‬

‫‪144‬‬
‫ذلؾ والتمست خبرة لتحديد نصيبيا في إستغالؿ العقارات المذكورة والتي انفرد‬
‫المطموبوف في النقض باستغالليا وبإجراء مقاصة بيف الطرفيف في ريع متخمؼ اليالؾ‬
‫ولما كانت الطاعنة غير ممزمة بإثبات إدعانيا إال بعد نفي المطموبيف في النقض وانكارىـ‬
‫صراحة لما تدعيو ولما كاف الثابت مف مذكرات المطموبيف في النقض أنيـ لـ ينكروا‬
‫صراحة إنفرادىـ بإستغالؿ العقارات المذكورة وتمسكوا فقط بكوف الطاعنة لـ تدؿ بما‬
‫يثبت إدعاءىا ولما كاف سكوت المطموبيف في النقض عف مناقشة جوىر الطمب الموجو‬
‫ضدىـ وعدـ جوابيـ عمى دعوى الطاعنة يعد وطبقا لمفصؿ ‪ 1406‬مف ؽ‪.‬ؿ‪.‬ع إق ار ار‬
‫ضمنيا بما ورد فييا فإف المحكمة حيث ردت دعوى الطاعنة المقابمة بعمة أنيا "ممزمة‬
‫وقبؿ تقديـ دعوى اإلستغالؿ بإثبات أف المستأنؼ عمييـ يستغموف فعال العقارات المذكورة‬
‫بالطمب بمفردىـ" لـ تراع عدـ إنكار المطموبيف في النقض بإنفرادىـ في إستغالؿ العقارات‬
‫الشانعة وما قد ينتج عف ذلؾ مف إقرار ضمني طبقا لمفصؿ ‪ 406‬مف ؽ‪.‬ؿ‪.‬ع وىي‬
‫بذلؾ تكوف قد خرقت قواعد اإلثبات وخاصة الفصؿ ‪ 406‬مف ؽ‪.‬ؿ‪.‬ع وعرضت قرارىا‬
‫لمنقض"‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإل تجاه المشترط لممنع من مشاركة اإلستغبلل إضافة لئل نفراد‬

‫وفي ىذا الصدد جاء في قرار لمحكمة النقض مؤرخ في ‪ 2001/07/25‬ما يمي‬
‫"لكف حيث إف محكمة اإلستنناؼ ولما ردت الدفع الوارد بالوسيمة بعمة(أف طمب التعويض‬
‫عف اإلستغالؿ غير مرفؽ بما يثبت حرماف المدعيات مف إستغالؿ واجبيف في المدعى‬
‫فيو ونسبة مشاركة المدعى عمييـ في ىذا اإلستيالء مما يضحي معو التعويض عف‬
‫اإلستغالؿ مرتكز عمى أساس تكوف قد عممت قرارىا تعميال صحيحا"‪.3‬‬

‫‪-1‬ينص الفصؿ ‪ 406‬مف ؽ‪.‬ؿ‪.‬ع عمى ما يمي‪" :‬يمكف أف ينتج اإلقرار القضاني عف سكوت الخصـ عندما يدعوه‬
‫القاضي صراحة إلى اإلجابة عف الدعوى الموجو إليو فيموذ بالطمت وال يطمب جال لإلجابة عنيا"‪.‬‬
‫‪-2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 316‬المؤرخ في ‪ 2008/01/13‬في الممؼ عدد ‪ 2005/2/1/2420‬أشار إليو األستاذ‬
‫عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪ 375‬و‪.376‬‬
‫‪-3‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 2927‬المؤرخ في ‪ 2001/07/25‬في الممؼ العقاري عدد ‪ 00/2/1/2386‬منشور‬
‫مؤلؼ األستاذ عبد العزيز توفيؽ "قضاء المجمس األعمى في القسمة مف ‪ 1998‬إلى ‪ 2004‬ـ س ص ‪.96‬‬
‫‪145‬‬
‫مف خالؿ ما سبؽ يتبيف أف محكمة النقض لـ تستقر عمى رأي موحد‬
‫بخصوص حاالت ثبوت التعويض عف اإلستغالؿ في العقارات المحفظة أو التي في‬
‫طور التحفيظ والسبب ىو غموض النصوص المؤطرة والتي جاء بيا ظيير اإللتزامات‬
‫والعقود واجب التطبيؽ آنذاؾ بالتقديـ عمى أي نص آخر‪.‬‬
‫وبرجوعنا إلى أحكاـ الفقو المالكي نجده قد نظـ أحكاـ اإلستغالؿ بتفصيؿ‬
‫وميز في ذلؾ بيف عدة حاالت منيا الحالة التي يقوـ فييا الشريؾ عمى الشياع بإستغالؿ‬
‫نصيبو فقط بحيث ال شيء عميو لفاندة الشركاء اآلخريف والحالة التي يستغؿ فييا أحد‬
‫الشركاء العقار المشاع بأكممو حيث ميز في ذلؾ بيف فرضيتيف أوليما ىو كوف الشركاء‬
‫حاضريف عالميف وسكتوا بال مانع فال شيء ليـ مف التعويض فيما مضى وثانييما‬
‫كوف الشركاء لـ يكف ليـ عمـ بذلؾ أو حاؿ مانع دوف مطالبتيـ بواجبيـ في غمة العقار‬
‫فمف حقيـ المطالبة بذلؾ أماـ القضاء سواء بدعوى مستقمة أو عند رفع دعوى القسمة‪.1‬‬
‫والحقيقة أف ما جاء بو فقياء المالكية لعيف الصواب والعدؿ واإلنصاؼ فالىـ‬
‫بالغوا في حماية الشريؾ المستغؿ وال ىـ ظمموا الشركاء غير المستغميف لمعقار مستنديف‬
‫في ذلؾ عمى الرضى الضمني لمشركاء خصوصا أف أغمب العقارات الشانعة تكوف بيف‬
‫الورثة الذيف يفترض أف يكوف التفاىـ والتوادد ساندا بينيـ‪.‬‬
‫وكما ىو معموـ فإف المشرع المغربي حاوؿ لما شتات أحكاـ القسمة في‬
‫نصوص خاصة وواضحة وىو ما تأتى لو فعال والذي تكمؿ بصدور مدونة الحقوؽ‬
‫العينية التي نظمت القسمة في الفصوؿ مف ‪ 313‬إلى ‪.332‬‬
‫بيد أف المشرع لـ يتطرؽ لنقطة إستحقاؽ التعويض عف اإلستغالؿ ال مف قريب‬
‫وال مف بعيد مخيبا بذلؾ أمالنا وفاتحا باب التأويؿ والجدؿ المؤدي بالضرورة إال‬
‫التناقض في األحكاـ والق اررات سواء عمى مستوى محاكـ الموضوع أوعمى مستوى محكمة‬
‫النقض‪.‬‬
‫غير أف ما يشفي الغميؿ ويثمج الصدر ولو نسبيا ىو وجود مقتضيات المادة‬
‫األولى مف المدونة الجديدة والتي وضعت ترتيبا واضحا لمقوانيف واجبة التطبيؽ عمى‬

‫‪-1‬األستاذ عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص ‪.374‬‬


‫‪146‬‬
‫العقارات سواء كانت محفظة أو في طور التحفيظ أو غير محفظة حيث نصت الفقرة‬
‫الثانية مف ىذه المادة عمى أنو "تطبق مقتضيات الظيير الشريف الصادر في ‪91‬‬
‫رمضان ‪ 92(9339‬أغسطس ‪ )9193‬بمثابة قانون اإل لتزامات والعقود في ما لم يرد‬
‫بو نص في ىذا القانون‪ ،‬فإن لم يوجد نص يرجع إلى الراجح والمشيور وما جرى بو‬
‫العمل من الفقو المالكي"‪.‬‬
‫ولما كانت أحكاـ القسمة في مدونة الحقوؽ العينية بشأف ىذه النقطة غانبة‬
‫وقانوف اإللتزامات والعقود غامضة فإنو يكوف مف الواجب عمى القضاة الرجوع إلى‬
‫أحكاـ الفقو المالكي وما جرى بو العمؿ مف الفقو وىو ما يستتبع بالضرورة تطبيؽ‬
‫الحاالت الواضحة والعادلة التي بسطناىا سابقا وفي ذلؾ إتقاء لمتضارب وابتعاد عف‬
‫خمؽ أزمة القمؽ العقاري ‪.‬‬
‫وفي ذلؾ تكريس لألمنيف القضاني والعقاري الذيف عاف مف غيابيما المتقاضي‬
‫سابقا أيما معاناة لكف كؿ ذلؾ يبقى رىيف بوجود قضاء مكوف تكوينا جيدا في العقار‬
‫وأنظمتو ومتوفر عمى الشجاعة الكافية لتطبيؽ مثؿ ىذه األحكاـ وتكريس قواعد ثابتة‬
‫وواضحة وأف يكوف وفيا ليا إف ىي حسمت خالفا ورفعت مظممة والقت إستحسانا‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫خاتمة‬

‫صفحات ىذا البحث و مراحمو حاولنا جيد‬ ‫صفوة القوؿ أننا عمى إمتداد‬
‫المستطاع أف نبرز أىـ النقط محؿ النقاش و تجادب األراء القضانية و الفقيية‬
‫خصوصا عمى مستوى قضاء محكمة النقض مقتصريف عمى النزاعات العقارية‬
‫مقسميف الموضوع إلى شقيف األوؿ خصصناه لمقضايا المرتبطة بالجانب اإلجراني و‬
‫الثاني بالجانب الموضوعي حيث توصمنا في النياية إلى أف القضايا العقارية عرفت و‬
‫الزالت تعرؼ العديد مف نقط اإلختالؼ في طريقة معالجتيا عمى مستوى القضاء ذلؾ‬
‫أف بعض القضايا تكوف متشابية الوقانع و رغـ ذلؾ نجد أف محمكة النقض ببالدنا‬
‫قررات مختمفة كميا و كأنيا صادرة عف محكمتيف لمنقض ال واحدة و كأف‬
‫أصدرت فييا ا‬
‫قضاتيا غير عالميف بالتوجيات الكبرى ليذه األخيرة وأحيانا نجد أف ىذا التناقض يكوف‬
‫بيف نفس الغرفة و بيف أقساميا أحيانا‪.‬‬
‫رغـ أف البعض يعتبر أف األمر ال يمكف نعثو بالتضارب أو التناقض في‬
‫الق اررات وأف األمر ال يعدو أف يكوف إختالفا في الرأي ألف القضية الواحدة قد ينظر‬
‫إلييا مف زوايا متعددة بحسب القضاة و معتقداتيـ و مرجعياتيـ الثقافية و اإلجتماعية‬
‫وطريقة تفكيرىـ ردا عمى ىؤالء نقوؿ أنو وجب النظر إلى األمر مف زاوية المتضرر مف‬
‫ىذا التضارب فالمتقاضي ال تيمو طريقة تفكير القاضي و ال مرجعيتو فما ييمو ىو أف‬
‫تكوف ق اررات محكمة النقض مستقرة و ثابتة فيو يرى في ىذه األخيرة وحدة متكاممة‬
‫كمؤسسة مستقمة كؿ اإلستقالؿ عف المشتغميف بيا‪.‬فالمتقاضي يقوؿ أف المحكمة أصدرت‬
‫ق اررات متناقضة و ال يقوؿ وقع تضارب بيف قضاة ىذه األخيرة‪.‬‬
‫و قد حاولنا كذلؾ‪-‬و في جميع محاور ىذا الموضوع‪-‬رصد أىـ آثار تضارب‬
‫ق اررات محكمة النقض في المادة العقارية عمى مبدأي األمف القضاني و األمف‬
‫العقاري بإعتبارىما مرآة عمؿ القضاء فإف توف ار و شاعت ثقافتيما فإعمـ أف القضاء‬
‫بخير واف غابا أو كاف صداىما ال يسر فإعمـ أف القضاء ليس بخير‪.‬‬
‫حيث توصمنا في النياية إلى أف إختالؼ ق اررات محكمة النقض و عدـ‬
‫إنسجاميا في معالجة القضايا المتشابية أثر بشكؿ سمبي عمى ىذيف المبدنيف و ذلؾ‬
‫‪148‬‬
‫بسبب عدـ إستقرار رأي ىذه االخيرة الشيء الذي أدى في النياية إلى عدـ قدرة‬
‫قررات محكمة النقض مما أسيـ في زعزعة ثقة المتقاضيف في‬
‫المتقاضيف عمى توقع ا‬
‫مؤسسة القضاء و التي تعتبر عف حؽ عصب األمف القضاني و فحواه‪.‬‬
‫مما أدى بمحكمة النقض إلى اإلضرار‪-‬دوف قصد‪-‬بمبدأ األمف القضاني بدؿ‬
‫أف تعمؿ عمى تكريسو و تطويره و إشاعة ثقافتو كما ىو معوؿ عمييا و منتظر منيا‬
‫بإعتبار ذلؾ يدخؿ في صميـ مياميا و إىتماماتيا‪.‬‬
‫و أما عف آثار ىذا التضارب عمى مختمؼ محاكـ الموضوع بالمممكة فقد كاف‬
‫كارثيا حيث إف محاكـ الموضوع كانت في حيرة مف أمرىا و ىي بصدد إصدار حكـ أو‬
‫قرار في قضية محؿ خالؼ أماـ أعمى ىينة قضانية بالبالد حيث إف ق ارراىا يكوف ميددا‬
‫في جميع األحواؿ بالنقض و اإلبطاؿ وذلؾ لكونو يبقى تحث رحمة أحد توجيات محكمة‬
‫النقض مما أسيـ في إنتشار وباء التناقض في االحكاـ و الق اررات بيف جؿ محاكـ‬
‫الموضوع‪.‬‬
‫مف خالؿ دراستنا ليذا الموضوع و مالمسة أىـ إشكاالتو العممية و رصد أبرز‬
‫آثاره عمى مبدأ األمف القضاني ببالدنا فإنو يكوف مف الواجب عمينا إبداء الرأي و اإلدالء‬
‫بدلونا وذلؾ عف طريؽ بسط أىـ اإل سثنتاجات و المالحظات المتوصؿ إلييا في نياية‬
‫ىذا العمؿ و التي سنحاوؿ صياغتيا عمى شكؿ مقترحات وذلؾ عمى الشكؿ التالي‪:‬‬
‫‪ ‬ضرورة تدخؿ المشرع مف أجؿ تعديؿ بعض القوانيف العقارية الخاصة التي‬
‫وضعت إباف فترة اإلستعمار و بعده و التي ال تساير التعديالت التي‬
‫أدخمت عمى مجموعة مف القوانيف دات الصمة ذلؾ أف ىذه القوانيف الزالت‬
‫تحتفظ بتسميات قديمة لبعض المؤسسات و التي تغير إسميا و كذلؾ‬
‫مياميا أو حمت مؤسسات أخرى في مكانيا‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة إنفتاح المقنف المغربي بشكؿ أكبر و أوسع عمى عمؿ القضاء‬
‫وواجتياداتو خصوصا ما تعمؽ منيا بقضاء محكمة النقض بإعتبار عمميا‬
‫واجتيادىا يشكؿ زبدة القضاء لكونو يعبر عف نبض المجتمع خاصة إذا‬
‫بمغ درجة مف اإلستقرار و الثبات و لف يتأتى ىذا االمر إال عف طريؽ‬

‫‪149‬‬
‫تشكيؿ لجنة دانمة مف رجاؿ القانوف و القضاء تكوف رىف إشارة األمانة‬
‫العامة لمحكومة والبرلماف بغرفتيو ميمتيا اإلنكباب عمى دراسة أىـ األعماؿ‬
‫و اإلجتيادات القضانية لمحكمة النقض خصوصا ما فسر منيا غامضا أو‬
‫سد فراغا تشريعيا‪.‬‬
‫‪ ‬العمؿ عمى إحدات ىينة أو لجنة بمحكمة النقض وظيفتيا التنسيؽ بيف‬
‫مختمؼ غرؼ ىذه األخيرة و كذا بيف أقساـ الغرفة الواحدة و التنبيو‪-‬كؿ‬
‫ما دعت الحاجة إلى ذلؾ‪-‬إلى وجود تضارب في األراء و التوجيات بيف‬
‫مختمؼ الغرؼ واأل قساـ بغية العمؿ عمى تداركو و توحيد الرأي بشأنو عف‬
‫طريؽ ألية إجتماع الغرؼ و إصدار ق اررات مشتركة‪.‬‬
‫‪ ‬تعديؿ مقتضيات المادة ‪ 371‬مف قانوف المسطرة المدنية و ذلؾ بتوضيح‬
‫مسطرة إجتماع الغرفتيف أو جميع الغرؼ و التنصيص عمى جعؿ ق اررات‬
‫محكمة النقض إلزامية لمحاكـ الموضوع إف ىي صدرت عف مجموع‬
‫الغرؼ خصوصا إف تواثرت بعد ذلؾ ق اررات ىذه األخيرة و المكرسة لما‬
‫قررات الغرؼ مجتمعة‪.‬‬
‫جاء في ا‬
‫‪ ‬يجب عمى محكمة النقض في الحالة التي تريد فييا التراجع عف توجو ما‬
‫بخصوص قضية معينة أف تعمؿ عمى نشر ذلؾ مسبقا لمعموـ بمختمؼ‬
‫وسانؿ اإلعالـ المسموعة منيا و المقروءة و المكتوبة و أف تراسؿ باقي‬
‫محاكـ الموضوع و مختمؼ مساعدي القضاء‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تعديؿ الفصؿ ‪ 62‬مف ظيير التحفيظ العقاري و ذلؾ بإسثتناء‬
‫الخمؼ الخاص مف قاعدة التطيير الناتج عف التحفيظ خاصة إذا تـ البيع‬
‫أثناء جرياف مسطرة التحفيظ ذلؾ أنو ليس مف العدالة أف يفوت طالب‬
‫التحفيظ عقاره و تستمر مسطرة التحفيظ في إسمو و عند تأسيس الرسـ‬
‫العقاري يواجو الخمؼ الخاص بقاعدة التطيير‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫‪ ‬العمؿ عمى تعديؿ المادة ‪ 218‬مف مدونة الحقوؽ العينية وذلؾ بشكؿ‬
‫يجعميا تستوعب الحجز التحفظي بشكؿ واضح و صريح زيادة طبعا عمى‬
‫الحجز الناتج عف تحيؽ الرىف الرسمي‪.‬‬
‫إنتيى بحول اهلل و قوتو‬

‫‪151‬‬
‫الئحة المراجع‬
‫‪-9‬الكتب‬

‫المجمد الخامس دار صادر بيروت لبناف الطبعة‬ ‫ل ساف العرب‬ ‫‪ ‬ابف منظور‬
‫االولى ‪.1997‬‬
‫‪ ‬إدريس العموي العبدوالي وسانؿ اإلثبات في التشريع المدني المغربي مطبعة‬
‫النجاح الجديدة الدار البيضاء طبعة ‪.1981‬‬
‫‪ ‬إدريس بممحجوب مبادئ الق اررات الصادرة بيينة مشكمة مف غرفتيف أو مف جميع‬
‫غرؼ المجمس األعمى مطبعة األمنية طبعة ‪1‬‬
‫‪ ‬إدريس بممحجوب ق اررات المجمس األعمى بغرفتيف أو بجميع الغرؼ الجزء الثاني‬
‫مطبعة األمنية الرباط طبعة ‪.2005‬‬
‫‪ ‬إدريس بممحجوب ق اررات المجمس األعمى بغرفتيف أو بجميع الغرؼ الجزء‬
‫الثالث الطبعة ‪ 2‬سنة ‪.2008‬‬
‫‪ ‬اإلماـ مالـ بف أنس الموطأ ما يصح مف النحؿ مف كتاب األقضية‪.‬‬
‫‪ ‬إبراىيـ بحماني تنفيذ األحكاـ العقارية مطبعة دار السالـ الطبعة الثالتة ‪2012‬‬
‫‪ ‬المختار بف أحمد عطار التحفيظ العقاري في ضوء التشريع المغربي مطبعة‬
‫النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة األولى السنة ‪.2014/2013‬‬
‫‪ ‬الميدي ال جـ التحفيظ العقاري في المغرب دار الثقافة والتوزيع الطبعة الثالثة‬
‫‪.1986‬‬
‫مطبعة النجاح‬ ‫‪ ‬أزوكار عمر "الدليؿ العممي لمعقار في طور التحفيظ"‬
‫الجديدة الطبعة االولى لسنة ‪.2011‬‬
‫‪ ‬جميعي عبد الباسط نظرية االختصاص في قانوف المرافعات الجديد وتعديالتو‬
‫دار الفكر العربي القاىرة(ت‪.‬ط‪.‬غ‪.‬ـ)‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫‪ ‬حادوش عبد السالـ البياف والتحرير في التوليج والمحاباة والتصيير ـ‪.‬غ‪.‬ـ‬
‫الطبعة األولى ‪.2000/1999‬‬
‫‪ ‬حضري عبد العزيز القانوف القضاني الخاص دار النشر الجسور ـ‪.‬ط‪.‬غ‪.‬ـ‬
‫طبعة ‪.1999‬‬
‫‪ ‬خالد سعيد اإلثبات في المنازعات دار السالـ لمطباعة والنشر الرباط الطبعة‬
‫االولى ‪.2014‬‬
‫‪ ‬شيبوف عبد الكريـ الشافي شرح قانوف االلتزامات والعقود الكتاب األوؿ‬
‫االلتزامات بوجو عاـ الجزء الثالث مطبعة النجاح الجديدة الطبعة االولى سنة‬
‫‪.1999‬‬
‫‪ ‬عبد الرزاؽ أحمد السنيوري الوسيط في شرح القانوف المدني الجديد الجزء‬
‫األوؿ‪.‬طبعة ‪ 1998‬بيروت ‪.1970‬‬
‫‪ ‬عبد الرزاؽ أحمد السنيوري مصادر الحؽ في الفقو اإلسالمي الجزء الرابع دار‬
‫إحياء التراث العربي بيروت الطبعة األولى ‪.1954-1953‬‬
‫‪ ‬عبد الرحماف بمعكيد اليبة في المذىب والقانوف دراسة لميبة وما يتصؿ بيا مف‬
‫صدقو وحبس وعمري في المذىب المالكي والقانوف المغربي توزيع صوماديؿ‬
‫الدار البيضاء الطبعة الثانية ‪.2001‬‬
‫‪ ‬عمر عبد اهلل أحكاـ المواريث في الشريعة اإلسالمية دار المعارؼ مصر‬
‫الطبعة الرابعة سنة ‪.1968‬‬
‫‪ ‬عبد المطيؼ ىداية اهلل القضاء المستعجؿ في القانوف المغربي مطبعة النجاح‬
‫الجديدة الطبعة األولى ‪.1998‬‬
‫‪- ‬عبد القادر العرعاري مصادر االلتزامات الكتاب األوؿ نظرية العقد نشر‬
‫مكتبة دار األماف ساحة المامونية الرباط مطبعة األمنية الرباط سنة ‪.2014‬‬
‫‪ ‬عبد العزيز توفيؽ قضاء المجمس األعمى في التحفيظ خالؿ أربعيف سنة ـ‪.‬غ‪.‬ـ‬
‫الطبعة األولى ‪.1999‬‬

‫‪153‬‬
‫‪ ‬عبد الكريـ الطال ب الشرح العممي لقانوف المسطرة المدنية مطبعة والوراقة الوطنية‬
‫الداوديات مراكش نشر وتوزيع مطبوعات المعرفة مراكش طبعة ‪.2013‬‬
‫‪ ‬عبد الكريـ الطالب الوجيز في المبادئ األساسية لمقانوف والحؽ نظرية الحؽ‬
‫نونبر ‪.2013‬‬
‫‪ ‬فؤاد الصامت‪،‬القواعد الموضوعٌة لألمن العقاري‪،‬دراسة مقارنة بٌن أحكام الفقه‬
‫المالكً و القانون الوضعً‪،‬منشورات مجلة الجواهر والدرر‪،‬طبع دار السالم‬
‫للطباعة و النشر و التوزٌع‪-‬الرباط‪ ،‬ت‪.‬ط‪.‬غ‪.‬م‪.‬‬

‫‪ ‬مأموف الكزبري التحفيظ العقاري والحقوؽ العينية األصمية والتبعية مطبعة النجاح‬
‫الجديدة بالدار البيضاء طبعة ‪.1978‬‬
‫‪ ‬محمد ابف معجوز الحقوؽ العينية في الفقو اإلسالمي والتقنف المغربي الناشر‬
‫مطبعة النجاح الجديدة طبعة ‪.2008‬‬
‫بيع المريض مرض الموت مطبعة النجاح الجديدة الدار‬ ‫‪ ‬محمد الكشبور‬
‫البيضاء الطبعة األولى ‪.2002‬‬
‫‪ ‬محمد بف الحاج السممي الطعف بالنقض الموقؼ لمتنفيذ في قضايا التحفيظ‬
‫العقاري مقاالت وأبحاث في التحفيظ العقاري مطبعة دار القمـ الرباط الطبعة‬
‫االولى سنة ‪.2004‬‬
‫‪ ‬محمد خيري مستجدات قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي نشر دار‬
‫نشر المعرفة مطبعة المعارؼ الجديدة الرباط طبعة ‪.2013‬‬

‫‪-2‬المقاالت‬
‫‪ ‬أسامة فراسي استرجاع األراضي(في ظؿ ظيير ‪ 2‬مارس ‪ 1973‬كسند لتحفيظ‬
‫ممؾ الدولة الخاص) مقاؿ منشور بمجمة الحقوؽ سمسمة المعارؼ القانونية‬
‫والقضانية دار النشر المعرفة مطبعة المعارؼ الجديدة الرباط الطبعة األولى‬
‫‪.2013‬‬

‫‪154‬‬
‫‪ ‬أحمد أجعوف مستجدات الطعف باإللغاء في ق اررات المحافظ عمى إثر صدور‬
‫القانوف ‪ 14.07‬مجمة الحقوؽ اإلصدار الثامف الجزء الثاني مطبعة المعارؼ‬
‫الجديدة الرباط طبعة ‪.2016‬‬
‫‪ ‬إدريس بممحجوب "دور المجمس األعمى في توحيد وتحقيؽ األمف القانوني" مقاؿ‬
‫منشور بمجمة الحقوؽ المغربية عدد ‪ 8‬سنة ‪.2009‬‬
‫‪ ‬إبراىيـ بحماني تنفيذ األحكاـ القضانية الصادرة في مادة التحفيظ العقاري‬
‫خصوصيات واكراىات مقاؿ منشور بأعماؿ الندوة الوطنية في موضوع األمف‬
‫العقاري دفاتر محكمة النقض عدد ‪ 26‬نشر مركز النشر والتوثيؽ القضاني‬
‫بمحكمة النقض مطبعة األمنية الرباط ‪.2012‬‬
‫‪ ‬إبراىيـ زعيـ الطعف بإعادة النظر أماـ المجمس األعمى مجمة المحامي عدد‬
‫‪.49‬‬
‫‪ ‬أزوكار عمر طبيعة االختصاص االستعجالي برفع الحجز عمى العقار في ضوء‬
‫تعديؿ قانوف التحفيظ العقاري مقاؿ منشور بمجمة المحاكـ المغربية العدد المزدوج‬
‫‪ 134/133‬يناير‪-‬مارس ‪.2012‬‬
‫إشكالية تنفيذ المقررات القضانية مف قبؿ المحافظ‬ ‫‪ ‬أحمد الساني وحسف بف تاكر‬
‫العقاري مقاؿ منشور بمجمة النشر القانونيف مطبعة المعارؼ الجديدة الرباط‬
‫سنة ‪.2012‬‬
‫‪ ‬إدزني عبد العزيز مرض الموت بيف الفقو والقضاء مقاؿ منشور بالمجمة المغربية‬
‫لمدراسات القانونية والقضانية العدد ‪ 7‬المطبعة والوراقة الوطنية الداوديات مراكش‬
‫يناير ‪.2012‬‬
‫‪ ‬بفقير محمد مدى وجوب التبميغ الشخصي لمف لو حؽ الشفعة عمى ضوء قضاء‬
‫المجمس األعمى مقاؿ منشور بمجمة دراسات قضانية‪-‬فقو قضاء‪-‬قانوف الجزء‬
‫الثالث‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫‪ ‬حسف منصؼ دور االجتياد القضاني في ضماف األمف العقاري مقاؿ منشور‬
‫بالندوة الوطنية في موضوع األمف العقاري دفاتر محكمة النقض عدد ‪ 26‬مطبعة‬
‫األمنية الرباط نشر مركز النشر والتوثيؽ القضاني بمحكمة النقض ‪.2012‬‬
‫‪ ‬زكرياء العماري نيانية الرسـ العقاري بيف اإلطالؽ والتقييد دراسة مركزة في‬
‫االستثناءات الواردة عمى قاعدة التطيير مقاؿ منشور بمجمة المنازعات العقارية‬
‫منشورات القضاء المدني العدد ‪ 5‬مطبعة المعارؼ الجديدة الرباط طبعة‬
‫‪.2013‬‬
‫‪ ‬سعاد سامح القضاء االستعجالي والتشطيب عمى الحقوؽ العينية المقيدة في‬
‫السجالت العقارية الندوة الوطنية في موضوع األمف العقاري دفاتر محكمة‬
‫النقض العدد ‪ 26‬منشورات مركز النشر والتوثيؽ القضاني بمحكمة النقض‬
‫مطبعة األمنية الرباط ‪.2015‬‬
‫‪ ‬غميجة عبد المجيد مبدأ األمف القانوني وضرورة األمف القضاني مقاؿ منشور‬
‫مطبعة األمنية‪-‬الرباط أبريؿ سنة ‪.2009‬‬ ‫بمجمة الحقوؽ المغربية العدد السابع‬
‫‪ ‬عبد اإللو المرابط "التقييد االحتياطي آلية لحماية الحؽ المدعى بو أـ وسيمة‬
‫لحماية حؽ الممكية" سمسمة الندوات واألياـ الدراسية العدد ‪ 38‬سنة ‪ 2011‬مقاؿ‬
‫منشور بأشغاؿ الندوة العممية الوطنية نحو تشريع عقار جديد" التي نظميا مختبر‬
‫الدراسات القانونية المدنية والعقارية لتكريـ األستاذ الدكتور محمد خيري يومي ‪29‬‬
‫و‪ 30‬أبريؿ ‪.2011‬‬
‫تعميؽ عمى ضوء الحكـ عدد ‪ 1694‬المؤرخ في‬ ‫‪ ‬محمد ناجي شعيب‬
‫‪ 2002/04/30‬عف المحكمة االبتدانية بوجدة منشور بمجمة المناضرة العدد‬
‫‪ 08‬يونيو ‪.2008‬‬
‫‪ ‬محمد الييني "تقييـ لنظاـ الطعف في ق اررات المحافظ العقاري بيف القضاء العادي‬
‫والقضاء اإلداري عمى ضوء مستجدات قانوف التحفيظ العقاري منشورات مجمة‬
‫العموـ القانونية عدد خاص تكريما لمدكتور إدريس الفاخوري مكتبة الرشاد‬
‫بسطات طبعة ‪.2015‬‬

‫‪156‬‬
‫‪ ‬محمد نبيؿ حرزاف ممارسة حؽ الشفعة بخصوص عقار في طور التحفيظ‬
‫مناقشة وتحميؿ في ضوء ق اررييف لمحكمة النقض والقانوف ‪ 39.08‬مجمة الحقوؽ‬
‫سمسمة األنظمة والمنازعات العقارية اإلصدار الثامف الجزء الثاني نشر وتوزيع‬
‫دار المغربية لمنشر والتوزيع بالدار البيضاء مطبعة المعارؼ الجديدة الرباط‬
‫طبعة ‪.2016‬‬
‫‪ ‬محمد األجراوي الحيازة الفعمية في التبرعات بيف الفقو والقانوف الوضعي ودور‬
‫المجمس األعمى في التوفيؽ بينيما مقاؿ منشور بمجمة المحاكـ المغربية عدد‬
‫‪ 84‬سنة ‪.2000‬‬
‫‪ ‬محمد الخضراوي األمف القضاني مف خالؿ اجتياد محكمة النقض اآلليات‬
‫والتجميات مقاؿ منشور بالتقرير السنوي لمحكمة النقض لسنة ‪ 2011‬ـ ط‪.‬غ‪.‬ـ‬
‫نشر مركز النشر والتوثيؽ القضاني بمحكمة النقض‬
‫‪ ‬يوسؼ مختري "التقييد االحتياطي بيف تقييد حؽ الممكية وحمايتو" مقاؿ منشور‬
‫بمجمة الحقوؽ نظاـ التحفيظ العقاري في ضوء القانوف ‪ 14.07‬العدد ‪ 5‬الطبعة‬
‫‪.2012‬‬
‫‪-3‬األطروحات والرسائل‬
‫‪ ‬إدريس الشبمي المحاباة في بيع المريض مرض الموت في التشريع المغربي‪-‬‬
‫دراسة مقارنة‪-‬رسالة لنيؿ دبموـ الدراسات العميا المعمقة جامعة القاضي عياض‬
‫السنة الجامعية‬ ‫كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش‬
‫‪2003/2002‬‬
‫‪ ‬أضنور حسناء الحوز في التبرعات رسالة لنيؿ دبموـ الماستر في القانوف‬
‫الخاص جامعة ابف زىر كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية بأكادير‬
‫السنة الجامعية ‪.2015/2014‬‬
‫‪ ‬الحسف الحيمر اإلشكاالت القانونية لقواعد المسطرة في مادة التحفيظ رسالة لنيؿ‬
‫دبموـ الدراسات العميا المعمقة في القانوف المدني جامعة القاضي عياض كمية‬
‫العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش السنة الجامعية ‪.2002/2001‬‬
‫‪157‬‬
‫‪ ‬المصطفى الكيمة خصوصيات المسطرة في قضايا التحفيظ العقاري بحث في‬
‫النزاعات المثارة بسبب التعرض عمى مطمب التحفيظ أطروحة لنيؿ الدكتوراه في‬
‫كمية العموـ القانونية واالقتصادية‬ ‫جامعة محمد األوؿ‬ ‫القانوف الخاص‬
‫واالجتماعية بوجدة السنة الجامعية ‪.2010/2009‬‬
‫‪ ‬جماؿ النعيمي رقابة القضاء لق اررات المحافظ العقاري أطروحة لنيؿ الدكتوراه في‬
‫كمية العموـ القانونية واالقتصادية‬ ‫جامعة الحسف الثاني‬ ‫القانوف الخاص‬
‫واالجتماعية الدار البيضاء السنة الجامعية ‪.2002/2001‬‬
‫‪ ‬حسف بف تاكر خصوصيات اإلثبات في المادة العقارية رسالة لنيؿ دبموـ الماستر‬
‫كمية العموـ القانونية واالقتصادية‬ ‫جامعة ابف زىر‬ ‫في الق انوف المدني‬
‫واالجتماعية بأكادير السنة الجامعية ‪.2017/2016‬‬
‫‪ ‬سعاد بنجاني مدى مساىمة االجتياد القضاني في تطوير نظاـ التحفيظ العقاري‬
‫رسالة لنيؿ دبموـ الدراسات العميا المعمقة في القانوف الخاص قانوف العقود جامعة‬
‫محمد األوؿ كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة السنة الجامعية‬
‫‪.2005/2004‬‬
‫‪ ‬سارة الدراؽ األمف القانوني والقضاني في التشريع العقاري المغربي بحث لنيؿ‬
‫دبموـ الماستر في القانوف الخاص جامعة عبد المالؾ السعدي كمية العموـ‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة السنة الجامعية ‪.2012/2011‬‬
‫‪ ‬عبد المطيؼ الفتيحي القضايا الخالفية في المنازعات العقارية عمى ضوء ق اررات‬
‫محكمة النقض‪-‬دراسة في اجتياد محكمة النقض في العقار في طور التحفيظ‬
‫والعقار المحفظ‪ -‬أطروحة لنيؿ الدكتوراه في القانوف الخاص جامعة القاضي‬
‫عياض كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش السنة الجامعية‬
‫‪.2015/2014‬‬
‫‪ ‬عبد الواحد عصري مفيوـ التحفيظ العقاري في ضوء االجتياد القضاني رسالة‬
‫لنيؿ دبموـ الماستر في العموـ القانونية جامعة محمد الخامس كمية العموـ‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية الرباط أكداؿ السنة الجامعية ‪.2015/2014‬‬

‫‪158‬‬
‫‪ ‬مريـ نازي حدود تأثر المشرع المغربي باالجتياد القضاني في المادة العقارية‬
‫رسالة لنيؿ دبموـ الماستر في العقار والتعمير جامعة موالي اسماعيؿ كمية العموـ‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية مكناس السنة الجامعية ‪.2015/2014‬‬

‫‪159‬‬
‫الفهرس‬
‫مقدمة‪5 ................................................................................................ :‬‬

‫الفصؿ األوؿ‪ :‬تضارب ق اررات محكمة النقض في المادة العقارية مف الناحية اإلجرانية ‪86‬‬

‫المبحث األوؿ‪ :‬تضارب الق اررات بشأف االختصاص في النزاعات العقارية ‪89 ...............‬‬

‫المطمب األوؿ‪ :‬تنازع االختصاص بيف المحاكـ العادية والمحاكـ المختصة ‪28 ..............‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تنازع االختصاص بشأف نزاعات األراضي المسترجعة ‪22 ......................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تنازع االختصاص بشأف الطعف في ق اررات المحافظ عمى األمالؾ العقارية‬
‫‪29 .......................................................................................................‬‬

‫أوال‪ :‬في شأف رفض مطمب التحفيظ ‪29 ............................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬أسباب تضارب ىذه الق اررات ‪32 ..............................................................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬تنازع االختصاص داخؿ المحكمة االبتدانية نفسيا ‪36 ........................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التنازع بيف المحكمة ذات االختصاص العاـ ومحكمة التحفيظ ‪37 ............‬‬

‫أوال‪ :‬مدى إمكانية المطالبة بحؽ عيني مرتبط بعقار في طور التحفيظ أماـ المحكمة‬
‫العادية ‪38 ...............................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬ما ىو الوقت التي تصبح فيو محكمة التحفيظ مختصة نوعيا ‪48 .......................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تنازع االختصاص بيف قضاء الموضوع وقضاء االستعجاؿ ‪44 ................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تضارب الق اررات بشأف شروط الدعاوى العقارية وآثارىا ‪49 ..................‬‬

‫المطمب األوؿ‪ :‬شروط الدعوى ووسانؿ إثباتيا ‪52 ................................................‬‬


‫‪160‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إشكالية إثبات الصفة في الدعاوى المرتبطة بعقار محفظ ‪58 ..................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلقرار في الدعاوى العقارية ‪55 .....................................................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬طرؽ الطعف وتنفيذ األحكاـ‪62 ...................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الطعف بإعادة النظر في قضايا التحفيظ ‪68 ......................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬االختصاص في نظر دعوى الصعوبة الوقتية ‪68 ................................‬‬

‫الفصؿ الثاني‪ :‬تضارب ق اررات محكمة النقض في المادة العقارية مف الناحية الموضوعية‬
‫‪73 .......................................................................................................‬‬

‫المبحث األوؿ‪ :‬تضارب الق اررات بخصوص القواعد المنظمة لمعقارات المحفظة ‪76 .........‬‬

‫المطمب األوؿ‪ :‬مسطرة التحفيظ وآثارىا ‪78 ........................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬في مسطرة التحفيظ ‪79 ...............................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬عبء اإلثبات في نزاعات التحفيظ ‪89 .......................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬نطاؽ قاعدة التطيير‪94 ..............................................................‬‬

‫أوال‪ :‬نطاؽ قاعدة التطيير ال يشمؿ الخمؼ الخاص ‪95 ..........................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬نطاؽ قاعدة التطيير يشمؿ الخمؼ الخاص ‪96 ............................................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬التشطيبات القضانية ‪822 .........................................................‬‬

‫الفقرة األوؿ‪ :‬التشطيب عمى الحجز بناء عمى أمر في حالة التراخي ‪824 ....................‬‬

‫أوال‪ :‬االتجاه الموسع لنطاؽ مسطرة التشطيب عمى الحجز لمتراخي ‪825 ......................‬‬

‫‪161‬‬
‫ثانيا‪ :‬االتجاه المضيؽ لنطاؽ مسطرة التشطيب عمى الحجز لمتراخي ‪825 ...................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التشطيب عمى التقييد االحتياطي بناء عمى أمر استعجالي ‪827 ...............‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تضارب الق اررات بخصوص التصرفات الواردة عمى العقار ‪882 ............‬‬

‫المطمب األوؿ‪ :‬التصرفات الناشنة عمى توافؽ اإلرادات‪884 ....................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحوز في التصرفات التبرعية ‪885 .................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬موقؼ محكمة النقض مف حجية شيادة االتمية‪825 .............................‬‬

‫أوال‪ :‬االتجاه المرجح لشيادة األتمية‪826 ...........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬االتجاه المرجح لشيادة األطباء ‪828 .........................................................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬التصرفات الواردة عمى العقارات الشانعة ‪833 .................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬في شأف الشفعة ‪836 .................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬في شأف الطبيعة القانونية ألجؿ الشفعة ‪842 ...............................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التعويض عف االستغالؿ بعد القسمة ‪844 .........................................‬‬

‫أوال‪ :‬االتجاه المكتفي بثبوت االنفراد باالستغالؿ ‪844 ............................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬االتجاه المشترط لممنع مف مشاركة اإلستغالؿ إضافة لالنفراد ‪845 .....................‬‬

‫خاتمة ‪848 ..............................................................................................‬‬

‫النحة المراجع ‪852 ....................................................................................‬‬

‫‪162‬‬
163

You might also like