Professional Documents
Culture Documents
تضارب قرارات محكمة النقض وآثاره على الأمن القضائي
تضارب قرارات محكمة النقض وآثاره على الأمن القضائي
تضارب قرارات محكمة النقض وآثاره على الأمن القضائي
موضوع البحث:
الموسم الجامعي:
7102/7102
1
إىداء
إلى من شرف اهلل قدرىما و قال سبحانو و تعالى في شأنيما:
"و ال تق ل ليما أف و ال تنيرىما و ق ل ليما قوال كريما و اخفض ليما جناح الذل
من الرحمة و ق ل رب إرحميما كما ربياني صغيرا"
صدق اهلل العظيم
سورة اإلسراء،االية 42
2
شكر و إمتنان
أتوجو بصادق عبارات الشكر و اإلمتنان إلى فضيلة االستاذ الدكتور
عبدالرزاق أيوب مؤطري و قدوتي في العلم و المعاملة،على تفضلو بقبول
اإلشراف على بحثي في ىذا الموضوع،و على كل ما بدلو من توجييات
نيرة لإلرتق اء بيذا العمل إلى مستوى االعمال االكاديمية المشرفة،كما أسأل
اهلل العلي القدير أن يطيل بق ائو و يبارك في عمره و يرزقو أجر المتقين و
العلماء و الصالحين في الدنيا و االخرة.
كما أتقدم بأسمى و أزكى عبارات التقدير و االحترام،إلى السادة أعضاء
لجنة المناقشة الموقرة،على قبوليم و تشريفيم لي بمناقشة ىذه الرسالة،أطال
اهلل في عمرىم و جعليم سراجا ينير طريق الباحثين في دروب العلم و
المعرفة.
كما ال يفوتني أن أؤكد على تقديري وف ائق احترامي للسيدات و السادة
العاملين بكلية العلوم الق انونية و االقتصادية واالجتماعية إبن زىر
بأكادير،أعوانا و مستخدمين و أطرا وأساتذة و موظفين.
و الشكر موصول كذلك مع أغلى التحيات إلى كل من ساىم من قريب أو
من بعيد في إنجاز ىذا العمل المتواضع.
3
الئحة فك الرموز
ط ...........................طبعة
م.س.........................مرجع سابؽ
م.ط.غ.م .....................مكاف الطبع غير مذكور
ت.ط.غ.م.....................تاريخ الطبع غير مذكور
ع.............................عدد
ص...........................صفحة
ظ.ت.ع.......................ظيير التحفيظ العقاري
م.ح.ق.......................مدونة الحقوؽ العينية
ق.ل.ع.......................قانوف اإللتزامات و العقود
ق.م.م........................قانوف المسطرة المدنية
ج.ر.ع.......................الجريدة الرسمية عدد
غ.م..........................غير منشور
ط.أ..........................الطبعة األولى
ج............................جزء
4
مقدمة:
يعتبر اإلنساف كاننا اجتماعيا بطبعو ال يمكنو العيش إال داخؿ جماعة وفي
كنفيا األمر الذي يؤدي إلى نشوء روابط وعالقات بيف أفرادىا والتي قد تتضارب فييا
المصالح وتتناقض مما يثمر عف وجود نزاعات وخالفات كاف طريؽ ومنيج حميا قديما
القوة والعنؼ .
لكف تطور الفكر البشري وتحضره إستشعر ضرورة وجود سمطة عميا ليا قوة
االلزاـ يخضع ليا الجميع يعيد إلييا بميمة تنظيـ حياة الجماعة وتسييرىا والفصؿ في
النزاعات التي تنشأ بيف أفرادىا تفاديا لمحروب واالنتقاـ بيف عانالت المتنازعيف
وعشانرىـ.
ومع تعقد الحياة داخؿ الجماعات وتنوعيا وانفتاح ىذه األخيرة عمى بعضيا
البعض وتطور القواعد القانونية وتعقدىا إزدادت النزاعات وتعاظمت حدثيا وأصبح
البت فييا يستغرؽ وقتا طويال وجيدا كبي ار لذلؾ تـ التفكير في حؿ ليذه األزمة وذلؾ عف
طريؽ عصرنة الجياز القضاني واعادة النظر في طريقة إشتغالو وتأليؼ محاكمو
وتكوينيا.
وىو األمر الذي عمؿ المستعمر الفرنسي عمى بمورتو مباشرة بعد فرض الحماية
عمى المغرب في 30مارس 1912تطبيقا لمقتضيات الفصؿ األوؿ مف المعاىدة
المشؤومة.
وبذلؾ أصبح المغرب يتوفر عمى نظاـ قضاني بمفيومو العصري يعتمد عمى
وجود درجتيف لمتقاضي تنعتاف بقضاء الموضوع تختصاف في بعض القضايا دوف غيرىا
وقضاء لمنقض غايتو مراقبة ىذه المحاكـ في حسف تطبيقيا لمقانوف مف عدمو والحقيقة
أف المغرب في ىذه الفترة لـ يكف يتوفر عمى محكمة لمنقض وانما كانت األحكاـ تنقض
أماـ محكمة النقض الفرنسية.
5
وبعد حصوؿ المغرب عمى إستقاللو بادرت الدولة إلى إنشاء محكمة لمنقض
1
ىدفيا مغربية المبادئ والتأليؼ والقضاة و ذلؾ بمقتضى ظيير 27شتنبر 1957
األسمى تحقيؽ العدؿ وصيانة الدماء واألعراض والحقوؽ واألمواؿ بإعتبارىا محكمة
قانوف ميمتيا مراقبة كؿ محاكـ الموضوع داخؿ المممكة في حسف تطبيقيا لمقانوف
وتفسيره وتأويمو والتدخؿ في كؿ مناسبة ترى فييا تضاربا في األحكاـ والق اررات المرفوعة
إلى نظرىا بغية إيجاد حؿ موحد ودانـ عف طريؽ إلزاـ محاكـ الموضوع بق ارراتيا ولو
أدبيا.
والحقيقة أف محكمة النقض ومنذ إنشانيا لـ تدخر جيدا في إعالء كممة الحؽ
والقانوف وحرصت عمى تحقيؽ األماؿ التي عمقت عمييا في تقعيد القواعد وجالء
الغامض وسد الفراغ إف وجد غايتيا في ذلؾ إرساء مبدأ األمف القضاني وترسيخو
داخؿ المجتمع واشاعة ثقافتو.
بيد أف ىذه األخيرة وفي سبيؿ إيجاد حموؿ لبعض القضايا الخالفية بيف محاكـ
الموضوع أو معالجة بعض القضايا اآلنية قد تقع في التضارب سواء بيف غرفيا أو
بيف أقساـ الغرفة الواحدة أحيانا وتضارب ق اررات محكمة النقض وتناقضيا ليس
كتضارب أحكاـ وق اررات محاكـ الموضوع وذلؾ لعدة إعتبارات لعؿ أبرزىا ىو كوف
محكمة النقض عمى رأس اليرـ القضاني المغربي وظيفتيا مراقبة محاكـ الموضوع في
حسف تطبيؽ القانوف ومحاربة كؿ تناقض في ق ارراتيا وأحكاميا وكذلؾ لكوف قضاء
-1الحقيقة أف نظاـ النقض نشأ أوؿ مرة بالمغرب بمقتضى ظيير 14نونبر 1956وذلؾ عف طريؽ إنشاء غرفة
لمنقض واإلبراـ بالمحكمة العميا الشريفة تختص بالطعوف بالنظر في األحكاـ الصادرة عف القضاء العادي إلى أف تـ
إحداث محكمة لمنقض قانمة الذات تحت مسمى المجمس األعمى وتعييف مقرىا بالرباط بموجب الفصؿ األوؿ مف
الظيير الشريؼ رقـ 1.57.223بتاريخ 2ربيع األوؿ 1377موافؽ 27شتنبر 1957بشأف المجمس األعمى المنشور
بالجريدة الرسمية عدد 2347ربيع األوؿ 1377موافؽ 18أكتوبر 1957ص .2245
وجدير بالذكر أف عبارة المجمس األعمى نسخت لتحؿ محميا عبارة محكمة النقض وذلؾ بمقتضى مادة فريدة مف القانوف
11.58الصادر بتنفيذه الظيير الشريؼ رقـ 1.11.170بتاريخ 27ذي القعدة 25(1432أكتوبر )2011الجريدة
الرسمية عدد 5989مكرر بتاريخ 28ذي القعدة 26(1432أكتوبر )2011ص .5228لذلؾ فإننا سنقتصر عمى
استعماؿ عبارة محكمة النقض عمى امتداد صفحات ىذا البحث سواء تعمؽ األمر بق اررات صادرة عف المجمس األعمى
سابقا او عف محكمة النقض حاليا تفاديا لمتكرار غير المنطقي.
6
محكمة النقض ال يعد فقط مجرد قضاء تطبيقي آلي لمقانوف بؿ ىو قضاء إنشاني
يعوؿ عميو في وضع النظريات وارساء المبادئ وتقعيد القواعد كمما دعت الضرورة
لذلؾ.
لكؿ ىذه األسباب وغيرىا كاف تضارب ق اررات محكمة النقض وتناقضيا أخطر
مف تناقض ق اررات محاكـ الموضوع وأكبر وقعا وأث ار الشيء الذي إنعكس سمبا عمى
مبدأ األمف القضاني ببالدنا والذي كاف متوقعا مف ىذه األخيرة أف تخدمو وتكرسو
وتشيع ثقافتو بحكـ مكانتيا وعظمة شأنيا.
واذا كاف فيروس التضارب قد أصاب جميع فروع القانوف ومجاالتو فإف بعضيا
قد إستأثر بحصة األسد مف ذلؾ ونعني ىنا مجاؿ العقار والذي كاف بحؽ مرتعا
خصبا لكؿ أنواع التضارب وصوره وسبب ذلؾ ىو إزدواجية األنظمة العقارية بالمغرب
وتعدد القواعد المطبقة واختالؼ طبيعة العقارات وعدـ وجود قانوف عقاري موحد حيث
عاف القضاء مف تشتت القواعد المنظمة لمعقار في أميات كتب الفقو اإلسالمي وغموض
وتشعب ما قنف منيا األمر الذي أدى إلى ظيور مجموعة مف القضايا الخالفية التي لـ
يستقر الرأي بشأنيا.
لذلؾ وايمانا منا بضرورة حصر الموضوع حتى نتمكف مف مالمسة أىـ
اإلشكاالت التي يثيرىا موضوع تضارب ق اررات محكمة النقض ورصد أبرز آثاره
وأعظميا عمى مبدأ األمف القضاني عموما واألمف العقاري خصوصا وكذلؾ بأىمية
العقار في حياة الفرد والجماعة إعتبا ار لقيمتو الكبيرة سواء المادية منيا أو المعنوية
فإننا سنقوـ بمعالجة الموضوع عمى ضوء ق اررات محكمة النقض الصادرة في المنازعات
العقارية.
ولما كاف ضبط المفاىيـ أوؿ المفاتيح وأىميا لمعالجة أي موضوع قانوني
وسبر أغواره فإف المنطؽ السميـ والعقؿ القويـ يقتضياف منا ضرورة توضيح المفاىيـ
األساسية لموضوع ىذا البحث.
7
مفيوم األمن القضائي
يعتبر تحديد مفيوـ األمف القضاني وضبطو مف أعقد األمور وأصعبيا وذلؾ
لكونو مفيوما واسعا وفضفاضا يحمؿ عدة أوجو وذو أبعاد نفسية واجتماعية واقتصادية
ويختمط مع مجموعة مف المفاىيـ والمصطمحات األخرى المماثمة لذلؾ فإف مصطمح
األمف القضاني لـ يحظى بنفس الدراسة التي حظي بيا مصطمح األمف القانوني والسبب
ربما راجع لحداثة إستعماؿ ىذا المصطمح السيما في الدوؿ النامية.1
ويرى أحد الفقياء"أف األمف القضاني ىو ذلؾ المبدأ الذي يعكس الثقة في
المؤسسة القضانية واإلطمنناف إلى ما ينتج عنيا وىي تقوـ بميمتيا المتجمية في
تطبيؽ القانوف عمى ما يعرض عمييا مف قضايا أو ما تجتيد بشأنو مف نوازؿ ىذا مع
تحقيؽ ضمانات جودة أدانيا وتسييؿ الولوج إلييا وعمـ العموـ بمجريات عمميا
القضاني".2
ومف جية أخرى يرى أحد الباحثيف أف لألمف القضاني مفيوما ضيقا إلى جانب
المفيوـ الموسع الذي سبؽ بيانو وىو يرتبط بوظيفة المحاكـ العميا المتمثمة بصفة
أساسية في السير عمى توحيد االجتياد القضاني وخمؽ وحدة قضانية خصوصا بالنسبة
لألنظمة الالتينية.3
ورغـ إختالؼ بعض الفقياء ورجاؿ القانوف والقضاء حوؿ مفيوـ األمف
القضاني إال أنيـ إتفقوا عمى أف لألمف القضاني مجموعة مف المبادئ والمقومات التي
يقوـ عمييا والتي يمكف تمخيص أىميا فيما يمي:
-إرساء القاعدة القانونية وتحديد مداىا وأثارىا؛
-بياف فاعميتيا في النزاع محؿ تطبيقيا؛
-1عبد المجيد غميجة مبدأ األمف القانوني وضرورة األمف القضاني مقاؿ منشور بمجمة الحقوؽ المغربية العدد
و التوزيع الدار البيضاء أبريؿ سنة مطبعة األمنية-الرباط نشر و توزيع دار االفاؽ المغربية لمنشر السابع
2009ص .47
-2األستاذ عبد المجيد غميجة ـ س ص .48
-3األستاذ محمد الخضراوي األمف القضاني مف خالؿ اجتياد محكمة النقض اآلليات والتجميات مقاؿ منشور
بالتقرير السنوي لمحكمة النقض لسنة 2011ـ ط.غ.ـ نشر مركز النشر والتوثيؽ القضاني بمحكمة النقض ص .61
8
-قابمية توقعيا بعدـ الت ارجع عنيا بتغيير اإلجتياد؛
-تالفي تناقض القواعد؛
-إستقرار العالقات التعاقدية؛
1
-إستقرار القواعد القانونية؛
إذا فغاية األمف القضاني ىي شيوع واستقرار المعامالت واإلطمنناف إلى فعالية
النصوص القانونية عند الحاجة إلييا والوثوؽ بالقانوف ومؤسسة القضاء في النياية
وبذلؾ يكوف األمف القضاني بمثابة الحارس لألمف القانوني والحامي لمبادنو وقواعده إلى
درجة أف البعض يرى أنيما وجياف لعممة واحدة ال تقوـ قانمة لألوؿ دوف الثاني والعكس
صحيح.
مفيوم األمن القانوني
رغـ شيوع مصطمح األمف القانوني و كثرة تداولو فإنو قؿ ما يتـ االىتماـ بتعريؼ
ىذا المبدأ مف قبؿ الفقو إذ غالبا ما يتـ تقديمو كإطار عاـ لمجموعة كبيرة مف المبادئ
والحقوؽ المرتبطة بو و مطمبا أساسيا لدولة الحؽ و القانوف.2
ومرد ىذا األمر ىو صعوبة تعريؼ ىذا المبدأ وذلؾ لكوف مبدأ األمف القانوني
متعدد المظاىر ومتنوع الدالالت كثير األبعاد فضال عف حضوره الدانـ في الكثير مف
المجاالت.
ويمكف تعريؼ مبدأ االمف القانوني عموما في نظر بعض الفقو بأنو"كؿ
ودوف مفاجآت حسف تنفيذ ضمانة وكؿ نظاـ قانوني لمحماية ييدؼ إلى تأميف
3
اإللتزامات و تالفي أو عمى األقؿ الحد مف عدـ الوثوؽ في تطبيؽ القانوف"
-1األستاذ حسف منصؼ دور االجتياد القضاني في ضماف األمف العقاري مقاؿ منشور بالندوة الوطنية في موضوع
األمف العقاري دفاتر محكمة النقض عدد 26ـ.ط األمنية الرباط نشر مركز النشر والتوثيؽ القضاني بمحكمة
النقض ص 197و.198
2عبد المجيد غميجة ـ س ص .35
3عبد المجيد غميجة ـ س ص .38
9
مف خالؿ ىذا التعريؼ وغيره مف التعاريؼ يتبيف أف ىذا المبدأ يقوـ عمى مقوميف
أساسيف:
-1قابمية القانوف لمتوقع؛
-2وضوح القاعدة القانونية؛
ويرى بعض الفقو أنو ورغـ إرتباط ىذيف األمريف فإف التركيز يقع غالبا عمى
قابمية التوقع في القانوف بإعتبار التوقع شرطا لألمف القانوني حيث يعرؼ األفراد مسبقا
كيؼ ينظموف عالقاتيـ بشكؿ مقبوؿ مف الناحية القانونية وكذا المعرفة مسبقا بما ىو
مسموح بو و ما ىو ممنوع.أما في حالة العكس فسيعني التحكـ مصدر عدـ الثقة
واإلكراه والجور.و إيمانا بأىمية القابمية لمتوقع فقد إعتبرت المحكمة األوروبية لحقوؽ
1
اإلنساف أف"القانوف" يتطمب فيو أف يكوف ممكف الولوج و توقعيا.
مفيوم األمن العقاري
يكتسي مفيوـ األمف العقاري أىمية بالغة نابعة مف األىمية الكبيرة التي يمتاز
بيا العقار في حد ذاتو نظ ار لقيمتو اإلقتصادية الكبيرة بإعتباره وعاء لجمب واحتضاف
المشاريع و اإلستثمارات األجنية منيا و الوطنية مما يسيـ في تحريؾ العجمة اإلقتصادية
في البالد الشيء الذي يرجع بالنفع عمى العباد عف طريؽ تحقيؽ فرص أكثر لمشغؿ.
وكذلؾ لكوف السكف يعتبر مف أساسيات الحياة و مقوماتيا و ىو ما يسعى كؿ فرد داخؿ
المجتمع إلى الحصوؿ عميو و إمتالكو.
وفي مقابؿ ىذه األىمية التي يمتاز بيا ىذا األخير والنابعة مف أىمية موضوعو كما
فإنو-األمف العقاري-يعرؼ بصعوبة تحديد مفيومو و ضبطو وذلؾ لكوف سبؽ و قمنا
المنظومة العقارية بالبالد متعددة و متشعبة القوانيف و األنظمة وكذلؾ لكونو مصطمحا
حديث اإلستعماؿ في الكتابات القانونية خصوصا العربية منيا.
و كما ىو معموـ فإف مصطمح األمف العقاري مركب مف كممتيف :أمف و عقاري و إذا
كانت الكممة الثانية تنسحب و تدؿ عمى موضوع األمف العقاري في حد ذاتو فإف األمف
10
يعني الطمأنينة التي تنزع الخوؼ و الفزع عف اإلنساف و ال يتحقؽ ذلؾ إال عف طريؽ
حماية أموالو.و كوف العقار أحد ىذه األمواؿ و ىو المتمثؿ في األرض و ما إتصؿ بيا
فإنو يمثؿ موضوع ىذه الحماية و الطمأنينة.1
و إنطالقا مف العالقة التي تجمع األمف العقاري بالممكية العقارية يعرؼ أحد الباحثيف
ىذا األخير بأنو":مجموعة مف القواعد الموضوعية و اإلجرانية الفقيية و القانونية التي
تعمؿ عمى حماية الممكية العقارية و المعامالت المنصبة عمييا و حفظ أمنييما القانوني
والقضاني".2
أوال :دوافع اختيار الموضوع
لقد تحكـ في إختيارنا ليذا الموضوع "تضارب ق اررات محكمة النقض وآثاره عمى
األمف القضاني-المادة العقارية نموذجا "-عدة إعتبارات ودوافع ولعؿ أىميا:
الدافع األول :ي تجمى في قمة الدراسات الفقيية إف لـ نقؿ ندرتيا التي تتناوؿ
الموضوع بالدراسة والتحميؿ المستفيضيف فمف خالؿ بحثنا عف المراجع لكتابة ىذا البحث
لـ نعثر عمى مرجع واحد متخصص يتناوؿ الموضوع بكؿ جزنياتو ويقؼ عند اإلشكاالت
العممية التي يثيرىا ىذا األخير وما أكثرىا مما يفتح حقيقة شيية خوض تجربة الكتابة
في ىذا الموضوع الشيؽ الصعب.
الدافع الثاني :ىو محاولة تسميط الضوء عمى مجموعة اإلشكاالت التي يثيرىا
ىذا الموضوع وذلؾ لفتح نقاش جاد ومسؤوؿ إليجاد حموؿ موحدة لمختمؼ القضايا مثار
الخالؼ رغبة في تحقيؽ األمف القضاني وترسيخ الثقة في مؤسسة القضاء بإعتبارىا
سمطة مف السمط الثالث التي يقوـ عمييا نظاـ الحكـ بالمغرب.
الدافع الثالث :ىو كوف الدراسة ستنصب عمى الق اررات الصادرة عف محكمة
النقض في المادة العقارية ومعموـ ما ليذه األخيرة مف عمو الشأف وثقؿ الوزف بإعتبارىا
منتيى اليرـ القضاني بالمغرب مما يمكننا مف وضع أيدينا عمى مجموعة مف
1
فؤاد الصامت،القواعد الموضوعٌة لألمن العقاري،دراسة مقارنة بٌن أحكام الفقه المالكً و القانون الوضعً،منشورات مجلة الجواهر
والدرر،طبع دار السالم للطباعة و النشر و التوزٌع-الرباط ،ت.ط.غ.م.الصفحة45:
2
فؤاد الصامت،القواعد الموضوعٌة لألمن العقاري،م.س،الصفحة 45و .46
11
اإلجتيادات القضانية الحاسمة والجرينة والتي كاف ليا الفضؿ في حسـ العديد مف
القضايا الخالفية وفي التأسيس لمجموعة مف المبادئ الثابتة والتي تحوؿ بعضيا إلى
قواعد قانونية بعد أف تبناىا المقنف المغربي.
الدافع الرابع :وىو إعتبار شخصي محض يكمف باألساس في إىتمامنا بدراسة
المواضيع دانمة التطور مف قبيؿ عمؿ القضاء واجتياداتو وميمنا لممادة العقارية وما
تفرزه مف إشكاالت عممية وقانونية وكذا إلرتباطنا الدانـ بيا بحكـ طبيعة العمؿ الذي
نمارسو ولو أننا حديثي اإللتحاؽ بو.
ثانيا :أىمية الموضوع
يكتسي موضوع تضارب ق اررات محكمة النقض وآثاره عمى األمف القضاني-
المادة العقارية نموذجا-أىمية بالغة وذلؾ راجع لعدة أسباب ومبررات.
أوليا مرتبط بمكانة محكمة النقض داخؿ المنظومة القضانية بإعتبارىا رأس
اليرـ القضاني المغربي ومنتياه مكفوؿ ليا حؽ النظر في الطعوف بالنقض الموجية
لألحكاـ االنتيانية الصادرة عف محاكـ الموضوع ومف تـ فالقوؿ الفصؿ يرجع ليذه
األخيرة لحسـ النزاعات المرفوعة إلى نظرىا.
وكذلؾ لممكانة التي تحظى بيا ق اررات محكمة النقض خصوصا التي تعتبر
إجتيادا أو التي تحسـ تضاربا بيف محاكـ الموضوع خاصة إذا تعمؽ األمر بق اررات
صادرة عف غرفتيف أو بجميع الغرؼ رغـ أف ىذه الق اررات غير ممزمة لمحاكـ الموضوع
مف الناحية القانونية إال أنيا ممزمة ليا مف الناحية األدبية عمى األقؿ عمى إعتبار أف
ق اررات محاكـ الموضوع تكوف عرضة لمنقض واإلبطاؿ إف ىي خالفت عمؿ محكمة
النقض واجتياداتيا.
وثانييا ىو كوف أغمب إجتيادات محكمة النقض المستقر عمييا خصوصا في
المادة العقارية يتـ تبنييا مف طرؼ المقنف المغربي والدليؿ عمى ذلؾ ىو مدونة الحقوؽ
العينية التي تعتبر أغمب أحكاميا إجتيادات قضانية كبرى ليذه األخيرة تعبر عف نبض
الواقع القضاني بكؿ مكوناتو قضاة ومتقاضيف فيتـ اإلستجابة لو مف طرؼ المشرع
فتصاغ عمى شكؿ قواعد منظمة تكوف ممزمة لمجميع بعد ذلؾ.
12
ثالثيا كوف موضوع تناقض ق اررات أعمى ىينة قضانية بالبالد يؤثر بشكؿ
مباشر وسمبي عمى أعظـ وأرقى المبادئ التي تقوـ عمييا السمطة القضانية أال وىو مبدأ
األمف القضاني الذي يعني في مفيومو الضيؽ تكريس ثقة المتقاضيف في أحكاـ وق اررات
القضاء لذلؾ فإف أىمية دراسة ىذا الموضوع تبدو جمية ونحف نحاوؿ رصد أىـ صور
وتمظيرات تضارب ق اررات محكمة النقض وربطيا باألمف القضاني مبتغيف مف ذلؾ
تجاوز كؿ اآلثار السمبية ليذا التناقض أو عمى األقؿ مبرزيف خطورة الموضوع فاتحيف
بذلؾ نقطة حساسة لمنقاش وتبادؿ وجيات النظر.
وأخي ار فإف أىمية ىذا الموضوع تنبع مف أىمية العقار في حد ذاتو فالعقار كما
ىو معموـ يكتسي أىمية كبيرة في حياة الفرد والجماعة إعتبا ار لقيمتو المادية والمعنوية
الكبيرة لكونو يعتبر وعاء صمبا إلقامة المشاريع الكبرى وجمب االستثما ارت األجنبية
وتشجيع الوطنية منيا.لذلؾ فإف حماية الممكية العقارية وتحصينيا والعمؿ عمى تجويد
األحكاـ والق اررات الصادرة في شأف المنازعات العقارية لمف شأنو أف يخدـ اإلقتصاد
الوطني عف طريؽ العمؿ عمى تحقيؽ االمف العقاري واشاعة ثقافتو.
ثالثا:إشكالية الموضوع
تعد مسألة تضارب أحكام و قرارت محاكم الموضوع ،أمرا مستصاغا و مقبوال،
مادامت أنها تخوض فً أمور الواقع و القانون معا،و كذلك لوجود محكمة علٌا على
رأس الهرم القضائً ،تراقب عمل هذه المحاكم و تسهر على توحٌده.
بٌد ،أن محكمة النقض وهً بصدد مراقبة محاكم الموضوع فً شأن التطبٌق السلٌم
للقانون ،قد تقع فً نفس خطأ هذه االخٌرة ،الشًء الذي ٌؤدي إلى صدور قرارات
متناقضة،و ٌزداد األمر إستشكاال عندما ٌكون هذا التضارب صادرا عن نفس الغرفة
وبٌن أقسامها،فً قضاٌا متشابهة ،من حٌث الوقائع،مما ٌسهم فً المساس باألمن
القضائً للمتقاضٌن و االمن العقاري بالنسبة للمتعاملٌن ٌالعقار ،و ما أكثرهم.
وبالنتٌجة ،فإنه ٌفضً إلى فقد المواطنٌن عامة و المتقاضٌن خاصة ،الثقة فً مؤسسة
،كان من المفروض أن تكرس هذه الثقة و تعمل على تعزٌزها ،خصوصا عندما ٌكون
موضوع هذا التضارب،األحكام المنظمة للعقار،و ذلك لعدة إعتبارات:أولها،أن اإلنسان
بطبعه مرتبط باألرض روحٌا وأي إعتداء علٌها ،إال وٌعتبره إعتداء على شخصه
وكٌانه،خصوصا إذا إنتقلت إلٌه ملكٌتها عن طرٌق اإلرث ،فعندها تعتبر األرض إرث
13
األجداد وإمتدادهم.و ثانٌها،هو إرتفاع القٌمة اإلقتصادٌة للعقارات ،بإعتبارها مجاال
للمضاربة من أجل الربح و ذلك لكثرة الطلب علٌها،سواء للسكن أو إلنشاء المشارٌع
اإلقتصادٌة المربحة ،وبإعتبارها آلٌة لجلب اإلستثمارات األجنبٌة و تشجٌع الوطنٌة منها.
لذلك ،فإنه ٌمكن القول ،أن هذا الموضوعٌ ،ثٌر إشكاال رئٌسٌا ،وهو مدى تأثٌر
تضارب قرارات محكمة النقض فً المادة العقارٌة على األمنٌن القضائً والعقاري
للمتعاملٌن فً العقار ،سواء المستهلكٌن العادٌٌن أو المسثتمرٌن.
14
الفصل األول :تضارب ق اررات محكمة النقض في المادة العقارية من الناحية
اإلجرائية
الفصل الثاني :تضارب ق اررات محكمة النقض في المادة العقارية من الناحية
الموضوعية
15
الفصل األول :تضارب ق اررات محكمة النقض في
المادة العقارية من الناحية اإلجرائية
16
يعتبر المجوء إلى القضاء حقا دستوريا ال يمكف المساس بو أو حرماف أي إنساف منو
حيث جاء في الفقرة األولى مف الفصؿ 118مف دستور فاتح يوليوز " 2011حؽ
التقاضي مضموف لكؿ شخص لمدفاع عف حقوقو وعف مصالحو التي يحمييا القانوف".
كما أف المحكمة ممزمة بالبت في كؿ قضية رفعت إلييا بحكـ واال توبع
قضاتيا بجريمة إنكار العدالة وفي ذلؾ تنص الفقرة األولى مف الفصؿ الثاني مف قانوف
المسطرة المدنية عمى أنو "ال يحؽ لممحكمة اإلمتناع عف الحكـ أو إصدار قرار ويجب
البت بحكـ في كؿ قضية رفعت إلى المحكمة".
إف الغاية مف كؿ ىذه الضمانات القانونية والقضانية ىي الحصوؿ عمى أحكاـ
قضانية تحاكي الواقع وتحقؽ العدالة داخؿ المجتمع.
غير أنو إذا كانت غاية كؿ متقاض يمجأ إلى القضاء ىي إقتضاء حقو ورفع
ظمـ أصابو فإنو ال يكفي كوف الحؽ مؤيدا بالحجج والمستندات لنقوؿ بأحقية المتقاضي
فيو مف عدميا بؿ البد لو مف سموؾ مجموعة مف القواعد اإلجرانية لذلؾ يقاؿ أف
القواعد اإلجرانية تعد بمثابة الجسر إلعماؿ الحماية القانونية المضمنة في قوانيف
الموضوع.
ويقصد بالقانوف اإلجراني عامة مختمؼ المساطر والشكميات التي يتعيف عمى
طارؽ باب القضاء سموكيا عندما يطمب مف المحكمة التدخؿ لحماية الحؽ الذي يدعي
أنو وقع المساس بو منذ إفتتاح المخاصمة إلى حيف تنفيذ الحكـ الصادر بشأنيا.
ومف جانب القاضي فتعني مختمؼ اإلجراءات والشكميات التي يتعيف عميو
اإللتزاـ بيا واحتراميا بيدؼ تجييز القضية لمبت فييا بحكـ فاصؿ في الموضوع وكذا
تفاديا لتعريض حكمو لإللغاء عند الطعف فيو أماـ المحكمة األعمى درجة.
واذا كانت أغمب المنازعات المدنية يرجع فييا إلى قانوف المسطرة المدنية
الصادرة بتنفيذه الظيير الشريؼ المؤرخ في 28يوليوز 1974بإعتباره الشريعة العامة
لقوانيف الشكؿ فإنو قد يقع أحيانا أف يضع المشرع قوانيف شكمية خاصة مضمنة إلى
جانب قواعد الموضوع وذلؾ مراعاة لخصوصية الموضوع المنظـ بمقتضى ىذه القواعد
17
وليس أدؿ عمى ذلؾ أكثر مف القانوف المنظـ لمعقار المحفظ ببالدنا وذلؾ بمقتضى
ظيير 12غشت 1913كما عدؿ وتتمـ بالقانوف .14.07
ىذه القواعد اإلجرانية سواء المضمنة بقانوف المسطرة المدنية أو بظيير التحفيظ
العقاري قد يعترييا الغموض والنقص مما يحتاج معو األمر إلى فتح باب التفسير
والتأويؿ لمحاولة إيجاد حموؿ ليذه النواقص الشيء الذي يؤدي بالنتيجة إلى إختالؼ في
اآلراء والمواقؼ مما ينعكس سمبا عمى إستقرار العمؿ القضاني ببالدنا حيث نجد أف
قضاننا يصدر أحكاما وق اررات متناقضة ومتضاربة في قضايا متشابية الوقانع واألحداث
ويزداد األمر إستشكاال عندما تنتقؿ ىذه العدوى إلى محكمة النقض التي مف المفترض
أف تسير عمى محاربة ىذا التضارب واستنصالو.
إف المتتبع لمشأف العقاري ببالدنا وخصوصا القضانى منو سيالحظ وبكؿ جالء
أف محكمة النقض لـ تكف منسجمة مع نفسيا في العديد مف القضايا التي تيـ الجانب
اإلجراني مما أدى إلى بروز مفيوـ الفوضى الخالقة في التوجيات القضانية التي
يستتبعيا ظيور ردود فعؿ إيجابية محمودة.
ونحف بدورنا سنحاوؿ الغوص في ىذا الجانب اإلجراني مف خالؿ تتبع مسار
تطورات ق اررات محكمة النقض في بعض المواضيع المختارة ذات الصمة مركزيف عمى
إبراز مكمف التضارب في ق اررات محكمة النقض مبرزيف أسبابو وآثاره كمما سنحت
الفرصة بذلؾ مدعميف ذلؾ بآراء الفقياء والباحثيف معتمديف في ذلؾ عمى خطة بحث
عمى الشكؿ التالي:
18
المبحث األول :تضارب الق اررات بشأن االختصاص في النزاعات
العقارية
صالحية المحكمة لمبت في الدعوى المعروضة يقصد باإلختصاص
عمييا 1ويعرفو الفقيو أحد مميجي إنطالقا مف عالقتو بالوالية القضانية بأنو" :إذا كانت
الوالية تعني سمطة الحكـ بمقتضى القانوف الممنوحة لكافة محاكـ الدولة أي لجميع
فإف التي تقابؿ سمطتي التشريع والتنفيذ في الدولة أعضاء السمطة القضانية
اإلختصاص ىو نصيب كؿ محكمة مف ىذه الوالية إذ ينتج عف تجزنة والية القضاء
نظ ار إل ستحالة أف تمارس محكمة واحدة فقط ىذه الوالية في الدولة كميا أف تختص كؿ
2
محكمة مف المحاكـ المختمفة بنصيب معيف مف والية القضاء"
ونظ ار ألىمية ىذا الموضوع وحساسيتو بإعتباره مدخال لتحقيؽ العدؿ بيف
المتقاضيف لكوف ثبوت اإلختصاص لجية قضانية معينة أحيانا قد يكوف سببا في
صدور أحكاـ أكثر عدال ومحاكاة لمواقع نظ ار لخصوصية موضوع الدعوى نفسو.
وموضوع تنازع اإلختصاص بيف مختمؼ محاكـ المممكة باختالؼ درجاتيا
وطبيعتيا أسيؿ حولو الكثير مف المداد وتجادبتو العديد مف اآلراء والمواقؼ ومحكمة
النقض بإعتبارىا رأس اليرـ القضاني ببالدنا لـ تقؼ مكتوفة األيدي بؿ حاولت جيد
اإلمكاف التصدي ليذه اإلشكاالت العممية رغبة منيا في إيجاد حموؿ معقولة ومقبولة
لكؿ ما يعترض التطبيؽ السميـ لممقتضيات التي تنظـ االختصاص سواء في قانوف
المسطرة المدنية أو في مختمؼ النصوص الخاصة والمتعمقة بالمادة العقارية وفعال تأتى
ليا ذلؾ في العديد مف المسانؿ محؿ التضارب بيد أنيا لـ تكف وفية دانما لمقواعد التي
-1عبد الكريـ الطالب الشرح العممي لقانوف المسطرة المدنية مطبعة والوراقة الوطنية الداوديات مراكش نشر وتوزيع
مطبوعات المعرفة مراكش طبعة 2013ص .17
-2أحمد مميجي تحديد نطاؽ الوالية القضانية واالختصاص القضانية دراسة مقارنة في القانونيف المصري والفرنسي
والشريعة اإلسالمية مكتبة دار النيضة العربية القاىرة 1993الطبعة ص (44أشار إليو األستاذ عبد الكريـ الطالب
ـ س ص )17
19
تقرىا األمر الذي أدى في كثير مف األحياف إلى وقوعيا في التضارب الذي سرعاف ما
إنتقؿ إلى باقي محاكـ الموضوع بدرجات متفاوتة.
ولمعالجة ىذا المبحث ومحاولة اإلحاطة بو جيد المستطاع فإننا سنحاوؿ
التركيز عمى المواضيع التي كانت محؿ جدؿ كبير ونقاش مستفيض وذلؾ وفؽ خطة
البحث التالية:
المطمب األول :تنازع االختصاص بين المحاكم العادية والمحاكم المختصة
المطمب الثاني :تنازع االختصاص داخل المحكمة االبتدائية نفسيا
20
المطمب األول :تنازع االختصاص بين المحاكم العادية والمحاكم المختصة
رغبة منو تدعيـ دولة الحؽ والقانوف وترسيخ دور السمطة القضانية كإحدى
السمط الثالث التي يقوـ عمييا نظاـ الحكـ في المممكة .لتقوـ بدورىا عمى أكمؿ وجو قرر
المشرع المغربي إنشاء المحاكـ اإلدارية وذلؾ بموجب القانوف 41.90الصادر بتنفيذه
الظيير الشريؼ رقـ 1.91.225المؤرخ في 10شتنبر .11993
وفي معرض بيانو إلختصاص ىذه األخيرة نوعيا نص المقنف في الفقرة األولى
مف المادة الثامنة مف القانوف رقـ 41.90عمى ما يمي" :تختص المحاكـ اإلدارية مع
مراعاة أحكاـ المادتيف 9و 11مف ىذا القانوف بالبت في طمبات إلغاء ق اررات السمطات
اإلدارية بسبب تجاوز السمطة ."...
ورغـ وضوح أحكاـ ىذه المادة وجالنيا فقد أباف التطبيؽ العممي لمقتضياتيا عف
العديد مف اإلشكاالت بخصوص تنازع االختصاص بيف المحاكـ اإلدارية والمحاكـ العادية
بإعتبارىا صاحبة الوالية العامة وذلؾ راجع بالدرجة األولى إلى طبيعة وموضوع
الق اررات اإلدارية محؿ الطعف ومف أبرز المواضيع التي أثير النقاش بشأنيا ما يتعمؽ
بالقرار الوزاري المشترؾ رقـ 74.180المؤرخ في 1973/03/05الذي نقؿ لمدولة
المغربية ممكية األراضي المسترجعة طبقا لظيير 1973/03/02المتعمؽ باألراضي
المسترجعة وكذلؾ ما تعمؽ بالطعف في ق اررات المحافظ العقاري ولمعالجة ىذا الموضوع
سنقسـ ىذا المطمب إلى فقرتيف وذلؾ عمى الشكؿ التالي:
11
الجرٌدة الرسمٌة عدد 4227بتارٌخ 88جمادى األولى 3( 8484نوفمبر ،)8993ص 2868
21
الفقرة األولى :تنازع االختصاص بشأن نزاعات األراضي المسترجعة
نظـ المشرع المغربي مسألة إنتقاؿ ممكية العقارات الفالحية أو القابمة لمفالحة
التي يممكيا أشخاص ذاتيوف أجانب أو أشخاص معنويوف إلى الدولة بموجب الظيير
الشريؼ 1بمثابة قانوف 21.73.213الصادر بتاريخ 02مارس 1973والذي تمتو
مجموعة مف الظيانر التي تناولت نفس الموضوع مف زوايا مختمفة سواء مف حيث
الكيفية أو نوع العقار وطبيعتو.3
زيادة عمى ذلؾ فيناؾ مجموعة مف المراسيـ 4والق اررات الو ازرية التي تكفمت ببياف
كيفية تنزيؿ ىذه الظيانر عمى أرض الواقع ولعؿ أبرزىا ىو القرار الوزاري المشترؾ رقـ
74/180المؤرخ في 1973/03/05الذي نقؿ لمدولة المغربية ممكية األراضي
المسترجعة طبقا لظيير 1973/03/02المتعمؽ باألراضي المسترجعة.
بيد أف تطبيؽ ىذا القرار الوزاري المشترؾ أباف عف مجموعة مف اإلشكاالت
العممية لعؿ أبرزىا ما يتعمؽ بمدى صالحية المحكمة العادية في تقدير شرعية ىذا القرار
الوزاري مف عدميا فمنفترض مثال أف الدولة (الممؾ الخاص)قامت بتقديـ مطمب لمتحفيظ
ييـ أحد العقارات المسترجعة طبقا لظيير 1973/03/02والمنقولة ممكيتيا طبقا لمق اررات
-1ظيير شرؼ بمثابة قانوف رقـ 1.73.213بتاريخ 26محرـ 02(1393مارس )1973تنقؿ بموجبو إلى الدولة
ممكية العقارات الفالحية أو القابمة لمفالحة التي يممكيا أشخاص ذاتيوف أجانب أو أشخاص معنويوف-ج.ر عدد 3149
بتاريخ 1973/03/07ص .687
-2ظيير شريؼ رقـ 1.63.289مؤرخ في 07جمادى األولى 1383و 26شتنبر )1963بتحديد الشروط التي
تسترجع الدولة بموجبيا أراضي االستعمار ج.ر عدد 2657بتاريخ 1963/09/27ص .2247
-3الظيير الشريؼ رقـ 1.69.28بتاريخ 10جمادى األولى 25(1389يوليوز )1969تنقؿ بموجبو إلى الدولة
ممكية األراضي الفالحية أو القابمة لمفالحة المعتبرة أوقافا عمومية ج.ر عدد 2960مكرر بتاريخ 1969/07/29ص
.2016
-4مرسوـ رقـ 2.73.574بتاريخ 12صفر 1975/04/24(1395المتعمؽ بتطبيؽ الفقرة الثانية مف الفصؿ السابع
مف الظيير الشريؼ رقـ 1.73.213بتاريخ 2مارس 1973ج.ر عدد 3253بتاريخ 1975/03/05ص .792
-مرسوـ رقـ 2.87.162الصادر في 05شعباف 24(1408مارس )1988المتعمؽ بضرب أجؿ جديد لألداء
بالوثانؽ واألوراؽ المنصوص عمييا في المرسوـ رقـ 2.73.574الصادر في 24فبراير 1975ج.ر عدد 3938
بتاريخ 1988/04/20ص .379
22
الو ازرية المشتركة لكؿ مف وزير الداخمية ووزير الفالحة واإلصالح الزراعي ووزير
المالية طبقا لما ينص عميو الفصؿ الثاني 1مف ظيير 1973/03/02أو أنيا تتعرض
عمى مطالب سبؽ لغيرىا تقديميا مستندة في كؿ ذلؾ عمى القرار المذكور كسند
لممكيتيا ففي ىذه الحالة ستكوف محكمة التحفيظ ممزمة بالبت في النزاع وبالنتيجة ممزمة
بمناقشة ىذا القرار الوزاري المشترؾ في حالة ما إذا أثبت المتعرض تعرضو أو إذا كانت
الدولة متعرضة.
والسؤاؿ المطروح في ىذا الصدد ىو ىؿ بإمكاف محكمة التحفيظ تقدير شرعية
ىذا القرار أـ أف الجية المكمفة بفحص شرعية الق اررات اإلدارية ىي المحاكـ اإلدارية؟
جوابا عمى ىذا التساؤؿ البد مف القوؿ إف ىذه المسألة محؿ خالؼ بيف محاكـ
2
في تقدير شرعية ىذا القرار الموضوع بيف مؤيد لمرأي القانؿ بأحقية محكمة التحفيظ
مادامت أنيا صاحبة االختصاص لمنظر في الدعوى العقارية والتي تعتبر جوىر ىذا
الظيير والقرار المتعمؽ بو وبيف معارض ليذا األمر متمسؾ بضرورة منح االختصاص
حصريا لممحاكـ اإلدارية بإعتبارىا الجية الوحيدة المؤىمة لمنظر في الدعاوى المتعمقة
بالق اررات اإلدارية ما لـ يكف ىناؾ نص خاص يمنع ذلؾ الشيء الذي إنعكس عمى
ق اررات محكمة النقض في منح ىذا االختصاص مف عدمو مؤديا بذلؾ إلى صدور
ق اررات متضاربة.
وتأييدا لالتجاه األوؿ ذىبت محكمة النقض في ق ارر ليا بتاريخ 2010/08/17
إلى ما يمي "لكف ردا عمى الوسيمة أعاله فإف محكمة الموضوع ليا سمطة في تقدير األدلة
واستخالص قضانيا منيا وليس ىناؾ ما يمنعيا مف تقدير سند الدولة المتمثؿ في قرار
االسترجاع ولذلؾ فإنيا حيف عممت قرارىا بأف "الوكالة الحضرية ىي التي ليا صالحية
القوؿ بأف العقار داخؿ في المدار الحضري عمال بالقانوف المكوف ليا وأف الحكـ
-1تعيف ق اررات مشتركة لوزير الداخمية ووزير الفالحة واإلصالح الزراعي ووزير الفالحة واإلصالح الزراعي ووزير
المالية العقارات المنقولة ممكيتيا إلى الدولة كما يحدد فييا التاريخ الذي تتـ ابتداء منو حيازة العقارات المذكورة.
-2أسامة فراسي استرجاع األراضي(في ظؿ ظيير 2مارس 1973كسند لتحفيظ ممؾ الدولة الخاص) منشورات
مجمة الحقوؽ سمسمة المعارؼ القانونية والقضانية دار النشر المعرفة مطبعة المعارؼ الجديدة الرباط الطبعة األولى
2013ص .9
23
المستأنؼ ليا اعتبر عقار النزاع داخال في المدار الحضري اعتمادا عمى الشيادة اإلدارية
المسممة مف الوكالة الحضرية وبالتالي ال تسري عميو مقتضيات ظيير 1973/03/02
يكوف مصادفا لمصواب ...فإنو نتيجة لذلؾ كمو يكوف القرار المطعوف فيو معمال تعميال
كافيا والوسيمة بالتالي غير جديرة باالعتبار".1
وفي نفس السياؽ جاء في قرار آخر لمحكمة النقض صادر عنيا بتاريخ
2015/01/06والذي جاء فيو "حيث صح ما عابو الطاعف عمى القرار ذلؾ أنو عمؿ
بأف الدولة(الممؾ الخاص) أصبحت مالكة لوعاء مطمب تحفيظيا عدد .....وأف حجج
المستأنؼ عمييـ أعاله و مف ضمنيـ الطاعف مرتكزة عمى الحيازة المكسبة لمممؾ وال
ينتزع بيا مف يد الدولة المستندة في تممكيا عمى الظيير أعاله " ...في حيف أنو يتجمى
مف رسـ الممكية المعتمد مف الطاعف المشار إلى مراجعة في السبب أعاله أنو حانز
لألرض المتنازع عمييا أكثر مف 20سنة وىي الحيازة المستوفية لشروطيا بدليؿ أف جده
مف جية األـ كاف يممكيا حسب رسـ الممكية المؤرخ في 1348وأف الرسـ المذكور حجة
تفيد حيازة الطاعف قبؿ استرجاع الدولة لممدعى فيو خالؼ ما ذىب إليو القرار المطعوف
فيو مما يكوف غير مرتكز عمى أساس ومعمال تعميال فاسدا وبالتالي عرضو لمنقض
واإلبطاؿ".2
وتأييدا لإلتجاه الثاني أصدرت محكمة النقض العديد مف الق اررات منيا:
حيث ذىبت محكمة النقض في قرار ليا بتاريخ 32001/06/21إلى أنو "لكف
حيث أف مصدر تممؾ الدولة المغربية(الممؾ الخاص) لألرض ىو المقرر اإلداري
1970/07/30739المنشور بالجريدة الرسمية عدد 3170في 1973/08/01
باسترجاعيا ألرض المطمب مف أجنبي في إطار ظيير 1973/03/02المعزز بمحضر
التسميـ المحرر في 1973/08/03تنفيذا لممقرر اإلداري المذكور الذي بقي بمنأى عف
-1قرار محكمة النقض عدد 3300بتاريخ 2010/08/17ممؼ مدني عدد (2008/1/1/3888غير منشور).
-2قرار محكمة النقض رقـ 8المؤرخ في 2015/01/06في الممؼ العقاري عدد 2014/1/1/2635المنشور
بمجمة ممفات عقارية العدد 5سنة 2015ص 78و.79
-3قرار المجمس األعمى عدد 813بتاريخ 2001/06/21ممؼ إداري عدد (03/1/4/472غير منشور).
24
أي طعف باإللغاء مف المتعرض داخؿ األمد القانوني( 60يوما مف نشره) وأف المتعرض
ال يجوز لو المجادلة في شرعية ىذا المقرر خارج إطار دعوى اإللغاء داخؿ أمدىا
القانوني بدعوى حيازتو ألرض المطمب تمؾ الحيازة والتي عمى فرض قياميا ال تنتزع بيا
أرض الدولة(الممؾ الخاص) المستندة في ممكيتيا ليا عمى سبب مشروع(المقرر اإلداري
النافذ المستند لظيير".
وفي قرار آخر صادر عف محكمة النقض بتاريخ 2011/12/13جاء فيو "لكف
ردا عمى الوسيمتيف معا لتداخميما فإنو مف جية ال يستفاد مف وثانؽ الممؼ أف الطاعنيف
قد تمسكا أماـ محكمة الموضوع بعدـ شموؿ القرار الوزاري رقـ 74/180المعتمد مف
طرؼ الدولة المغربية(الممؾ الخاص) لألرض محؿ النزاع فضال عف أف نسخة القرار
المدرجة بالممؼ تفيد شمولو ألراضي األجنبي نفارو أو ار والشركاء الذي اعتمد الطاعناف
الشراء منو ومف جية ثانية فإنو يتجمى مف وثانؽ ىذا الممؼ أف مصدر تممؾ الدولة
المغربية ىو القرار الوزاري ...وىو سند ال يمكف لمطاعنيف المجادلة في شرعيتو خارج
إطار دعوى اإللغاء لذلؾ فإف القرار حيف عمؿ بأف "الدولة المغربية بمقتضى المقرر
اإلداري المشترؾ رقـ .....قد استرجعت المدعى فيو وأف ىذا المقرر ىو سندىا في
تممؾ القطعة األرضية بقوة القانوف ويظؿ ساري المفعوؿ ما لـ يعدؿ بمناسبة الطعف فيو
باإللغاء وبالتالي فإف المستأنؼ عمييما المتعرضيف ال يجوز ليما المجادلة في شرعية
ىذا المقرر خارج إطار دعوى اإللغاء بعمة أنيما مالكيف لممدعى فيو بمقتضى رسـ
الشراء عدد .....ونتيجة لذلؾ يكوف القرار المطعوف فيو غير خارؽ لممقتضيات المتمسؾ
بخرقيا وما بالوسيمة عمى غير أساس".1
و تكريسا لنفس التوجو جاء في قرار صادر عف محكمة النقض مؤرخ في
2009/03/04ما يمي"لكف ردا عمى الوسيمتيف معا لتداخميما فإنو يتجمى مف مستندات
الممؼ أف المطموب في النقض إنما إستند في طمبو عمى شرانو مف الدولة (الممؾ
الخاص) التي كانت طالبة التحفيظ و لذلؾ و لما لممحكمة مف سمطة في تقييـ االدلة
-1قرار محكمة النقض رقـ 5473المؤرخ في 2011/12/13في الممؼ المدني عدد 2011/8/1/125غير
منشور.
25
واستخالص قضانيا منيا حيف عممت قرارىا عمى أف(طالب التحفيظ االصمي إستند في
طمب تحفيظو إلى ظيير 1973الخاص باالراضي المسترجعة مف االجانب و القرار
الوزاري الموازي لو و بالتالي فإف طالب التحفيظ-الممؾ الخاص-قد اكتسبت العقار بمقرر
إداري ال يمكف لمحكمة الموضوع العادية و ىي تبت في التعرضات المساس بمقتضياتو
لكوف االجؿ ال يزاؿ مفتوحا لمف لو المصمحة 1أو في إطار دعوى التعويض بعد ذلؾ)فإنو
نتيجة لما ذكر كمو يكوف القرار معمال و مرتك از عمى أساس قانوني غير خارؽ لممقتضيات
المستدؿ بيا و الوسيمتاف معا غير جديرتيف باإلعتبار".2
ونكتفي بسرد ىذه الق اررات مع العمـ أف ىناؾ العديد مف الق اررات القضانية
3
الصادرة عف محكمة النقض التي تنتصر ألحد االتجاىيف المذكوريف
1
حددت المادة االولى من القانون رقم 42.25الذي ٌقضً بسن بعض االجراءات المتعلقة بالعقارات الفالحٌة أو القابلة للفالحة المنقولة ملكٌتها
إلى الدولة عمال بأحكام الظهٌر الشرٌ رقم 289.63.8الصادر بتارٌخ 7جمادى االولى 26(8383دٌسمبر )8963و الظهٌر الشرٌ
بمثابة قانون رقم 8.73.283بتارٌخ 26محرم 2( 8393مارس )8973أجل تقدٌم طلبات االلغاء ضد القرارات الوزارٌة المشتركة حٌث
نصت على ما ٌلً "ٌحدد أجل تقدٌم طلبات االلغاء ضد القرارات المشار إلٌها فً الفصل 4من الظهٌر الشرٌ رقم 8.63.289الصادر
بتارٌخ 27جمادى االولى 26(8383دٌسمبر )8963بتحدٌد الشروط التً تسترجع الدولة بموجبها أراضً االستعمار و كذا فً الفصل
الثانً من الظهٌر الشرٌ بمثابة قانون رقم 8.73.283بتارٌخ 26محرم 2(8393مارس )8973المنقولة بموجبه إلى الدولة ملكٌة العقارات
الفالحٌة أو القابلة للفالحة التً ٌملكها أشخاص داتٌون أجانب أو أشخاص معنوٌون فً ستٌن (ٌ )62وما ابتداء من تارٌخ نشر هذه القرارات
فً الجرٌدة الرسمٌة.
غٌر أن أجل تقدٌم طلبات االلغاء ضد القرارات المشار إلٌها فً الفقرة االولى أعاله التً تم نشرها قبل تارٌخ نشر هذا القانون فً الجرٌدة
الرسمٌةٌ،حدد فً ستٌن (ٌ )62وما ابتداءمن هذا التارٌخ"
2
المدنً عدد (2227/8/8/883أشار إلٌه الطالب الباحث أسامة قرار محكمة النقض رقم 823المؤرخ فً 2229/23/24فً المل
فراسً،إسترجاع االراضً...م.س،ص .348-342-399-338
-3حيث جاء في قرار آخر لمحكمة النقض" لكف ردا عمى الوسانؿ مجتمعة لتداخميا فإف الثابت مف مستندات الممؼ
أف العقار محؿ النزاع موضوع الصؾ العقاري عدد /3626ز قد تـ تقييده في اسـ الدولة المغربية بتاريخ
1977/12/21بناء عمى القرار الوزاري المشترؾ رقـ 943.73المؤرخ في 1973/09/11والذي بموجبو استرجعت
الدولة المغربية كافة العقار المذكور في نطاؽ ظيير 1973/03/20وعميو فإف طمب التشطيب عمى القرار الوزاري
المذكور مف الرسـ العقاري وتسجيؿ شراء الطاعف المؤرخ في 1996/12/16لمعقار مكانو وبيف المحافظ عمى األمالؾ
العقارية والطعف في ق ارره أماـ المحكمة االبتدانية طبقا لمفصؿ 96مف ظيير 1913/08/12بشأف التحفيظ العقاري
يعتبر سابقا ألوانو طالما أف القرار الوزاري لـ يطعف فيو أماـ الجية المختصة قانونا ولذلؾ فإف القرار حيف عمؿ "بأف
النظر في القضية يؤدي إلى المس بالشرعية المخولة لممقرر اإلداري" فإنو نتيجة لما ذكر كمو يكوف القرار مرتكز عمى
أساس ومعمال تعميال كافيا".
-قرار محكمة النقض(المجمس األعمى سابقا) رقـ 1351غير منشور.
26
مف خالؿ إطالعنا عمى جممة مف الق اررات القضانية الصادرة عف محكمة النقض
الحظنا أف موقؼ ىذه األخيرة غير مستقر ومتذبذب فتارة تمنح اإلختصاص لممحاكـ
العادية لمنظر في تقدير شرعية الق اررات الو ازرية المشتركة كسندات لمممكية -خصوصا
أماـ قضاء التحفيظ -وتارة أخرى تنكر عنيا ىذا االختصاص حاصرة الجية المختصة
في تقدير شرعية ىذا القرار في المحاكـ اإلدارية بوصفيا صاحبة االختصاص األصيؿ
لمنظر في الطعوف الموجية ضد المقررات اإلدارية كيفما كاف نوعيا ما لـ يستثنى بعضيا
بنص خاص.
و يرى البعض أف الرأي الذي يكاد يكوف عميو اإلجماع ىو كوف تقدير شرعية
القرار الوزاري المشترؾ مف إختصاص المحاكـ اإلدارية ال غير وأف األمر محسوـ عمى
مستوى محكمة النقض في ىذا الشأف.1
وقد كاف بودي أف أوافؽ ىذا الرأي لكف المنطؽ السميـ ال يسمح بذلؾ خصوصا
عندما أطمت عمينا محكمة النقض بقرارىا رقـ 08المؤرخ في 2015/01/06والذي
سمح لمحكمة التحفيظ بفحص شرعية القرار الوزاري المشترؾ ضاربا بعرض الحانط ما
كاف يسمى إستق ار ار عمى مستوى توجيات محكمة النقض في شأف ىذه النقطة.
وبعيدا عف الق اررات القضانية الصادرة عف محكمة النقض ىؿ يمكف أف نجد
األساس القانوني لمنح االختصاص لمنظر في شرعية الق اررات الو ازرية المشتركة لممحكمة
العادية؟
ىناؾ مف يرى 2أف السند في منح المحاكـ العادية ىذا االختصاص يجد أساسو
القانوني في الفقرة السادسة مف المادة 323مف القانوف المحدث لممحاكـ اإلدارية حيث
تنص عمى أنو إذا أمكف الوصوؿ لمحؽ بالطرؽ العادية فإنو ال يجب المجوء لممساطر
التي يقررىا القانوف اإلداري وماداـ أف المعني باألمر يستطيع الوصوؿ إلى حقو في
الفقرة الثانية :تنازع اإلختصاص بشأن الطعن في ق اررات المحافظ عمى األمبلك العقارية
نظ ار إلرتباطيا تكتسي ق اررات المحافظ أىمية بالغة وذلؾ لخطورة آثارىا
بالعقار المعروؼ بقيمتو المادية والمعنوية ونظ ار لرغبة األطراؼ في الحصوؿ عمى
وضعية قانونية مريحة لممكيتيـ عف طريؽ الحصوؿ عمى قرار التطيير العقاري لكف قد
يقع أحيانا أف يرفض المحافظ مطمب التحفيظ كال أو بعضا وبغية مراقبة ىذا القرار
فتح المشرع طريؽ الطعف فيو بيد أف تضاربا قد حصؿ في شأف تحديد المحكمة
المختصة بنظر ىذا النزاع ىؿ المحكمة اإلدارية بإعتبارىا صاحبة اإلختصاص األصيؿ
أـ المحكمة اإلبتدانية بإعتبارىا المختصة إستنادا إلى النصوص الخاصة(أوال) وبغية
معالجة ىذه اإلشكالية حاوؿ الفقو ومعو القضاء إيجاد أسباب ىذا التضارب في ىذه
النقطة مثار الخالؼ(ثانيا).
ينص الفصؿ 30مف ظيير التحفيظ العقاري كما تـ تغييره وتتميمو بالقانوف
14.071عمى ما يمي" :خبلل الثبلثة أشير الموالية النصرام أجل التعرض يقوم
المحافظ عمى األمبلك العقارية بتحفيظ العقار بعد التحقق من إنجاز جميع اإلجراءات
المقررة في ىذا القانون ،ومن شرعية الطمب وكفاية الحجج المدلى بيا ،وعدم وقوع أي
تعرض".
11
رقم 8.88.877بتارٌخ 22نونبر 2288منشور بالجرٌدة الرسمٌة عدد 5998بتارٌخ قانون رقم 84.27صادر بتنفٌده الظهٌر الشرٌ
24نونبر ،2288ص5575.
29
وينص الفصؿ 37مكرر مف نفس الظيير بعد التعديؿ عمى أنو "يجب عمى
المحافظ عمى األمبلك العقارية في جميع الحاالت التي يرفض فييا طمبا لمتحفيظ أن
يعمل قراره ويبمغو لطالب التحفيظ.
يكون ىذا القرار قاببل لمطعن أمام المحكمة االبتدائية التي تبت فيو مع الحق
في االستئناف ،وتكون الق اررات االستئنافية قابمة لمطعن بالنقض".
المالحظ عمى الفصؿ 37مكرر بعد التعديؿ أنو أدرج عبارة في "جميع الحاالت
التي يرفض فييا "...وذلؾ عمى عكس ما كاف عميو الوضع قبؿ التعديؿ والذي كاف
يضع حاالت عمى سبيؿ الحصر لقبوؿ الطعف في قرار المحافظ القاضي برفض مطمب
التحفيظ.1
لكف بالرجوع إلى الفصؿ 210مف القرار الوزاري المؤرخ في 3يونيو 1915
نجده يوسع مف نطاؽ الطعف في ق اررات المحافظ أماـ المحاكـ العادية في حاالت
الرفض الكمي أو الجزني لمطمب التحفيظ الشيء الذي كاف يتعارض نسبيا مع مقتضيات
الفصؿ 96قبؿ التعديؿ مما أسيـ في خمؽ تضارب عمى مستوى محكمة النقض وىي
بصدد البت في اإلختصاص النوعي بيف المحاكـ العادية والمحاكـ اإلدارية في شأف
الطعوف الموجية ضد ق اررات المحافظ عمى األمالؾ العقارية بسبب الرفض الكمي أو
الجزني لمطمب التحفيظ.
وانتصا ار لمتوجو القانؿ بإختصاص المحاكـ اإلدارية لمنظر في ىذه الطعوف
أصدرت محكمة النقض عدة ق اررات نذكر منيا القرار المؤرخ في 1982/04/30
والذي جاء فيو "أف ق اررات المحافظ ق اررات إدارية قابمة لمطعف باإللغاء حسب المبدأ
العاـ وأف اإلستثناء الوارد في المادة 96مف ظيير التحفيظ العقاري يجب أف يفسر
-1القرار عدد 159بتاريخ 1982/04/30في الممؼ المدني بيف الشركة المدنية العقارية بيركور وبيف المحافظ عمى
األمالؾ العقارية بسطات منشور بمجمة القانوف والسياسة واالقتصاد العدد 15ص .106
-2قرار محكمة النقض عدد 1424مؤرخ في 1997/10/09في الممؼ اإلداري 97/01/5/1240أشار إليو
الدكتور محمد الييني في مقالو "تقييـ لنظاـ الطعف في ق اررات المحافظ العقاري بيف القضاء العادي والقضاء اإلداري
عمى ضوء مستجدات قانوف التحفيظ العقاري منشورات مجمة العموـ القانونية عدد خاص تكريما لمدكتور إدريس
مكتبة الرشاد بسطات ط 2015ص 24وما يمييا. الفاخوري
-3القرار عدد 244بتاريخ 1980/08/08بيف شركة طرانوتو وبيف المحافظ بالدار البيضاء أشار إليو في اليامش
5الدكتور أحمد أجعوف مستجدات الطعف باإللغاء في ق اررات المحافظ عمى إثر صدور القانوف 14.07المجمة
الحقوؽ اإلصدار الثامف الجزء الثاني مطبعة المعارؼ الجديدة الرباط ط 2016ص .61
31
وحيث يكوف بذلؾ الحكـ المستأنؼ معمال تعميال كافيا وسميما وبالتالي تكوف
المحكمة اإلدارية غير مختصة بالبت في الطمب والحكـ لما قضى بذلؾ يكوف واجب
التأييد".1
بإستقراننا لمق اررات سالفة الذكر يمكف أف نقوؿ إف أسباب تضاربيا مرده إلى
سببيف األوؿ يتعمؽ بالتفسير السيء لمنصوص المنظمة والثاني لعدـ تحديد مفيوـ
القرار اإلداري ومعايير تمييزه.
السبب األول :سوء التفسير
بالرجوع إلى الفصؿ 96مف ظيير التحفيظ العقاري في صيغتو القديمة نجده
ينص عمى كوف الق اررات القاضية بالرفض تكوف قابمة لمطعف أماـ المحاكـ العادية لكف
بشرط أف يستند قرار الرفض إلى أحد المبرريف التالييف إما لعدـ صحة الطمب أو لعدـ
كفاية الرسوـ وما دوف ذلؾ فاإلختصاص ينعقد لممحاكـ اإلدارية.
وبالرجوع إلى الفصؿ 10مف القرار الوزيري لػ ػ 3يونيو 1915المتعمؽ بتفاصيؿ
تطبيؽ نظاـ التحفيظ العقاري نجده ينص عمى أف المحكمة االبتدانية تختص بنظر
الطعوف الموجية ضد ق اررات المحافظ عمى األمالؾ العقارية القاضية برفض مطمب
التحفيظ كال أو بعضا.
مف خالؿ مقارنتنا بيف الفصؿ 96في صيغتو القديمة والفصؿ 10مف القرار
الوزيري ل ػ 3يونيو 1915نستنتج أف المشرع قد وسع مف إختصاصات المحكمة
االبتدانية بمقتضى الفصؿ األخير وضيقيا بمقتضى الفصؿ األوؿ وىذا ما أدى إلى
سوء تفسير ىذه النصوص والتساؤؿ عف األولى منيا بالتطبيؽ.
-1القرار عدد 214المؤرخ في 2007/02/28في الممؼ اإلداري عدد 2007/1/4/5بيف الراجي عبد الرحماف
وبيف السيد المحافظ عمى األمالؾ العقارية بسيدي قاسـ أشار إليو الدكتور محمد الييني في مقالو السابؽ ص .29
32
فالذيف يأخذوف بالتفسير الواسع لمفصؿ 96المذكور إلى جانب الفصؿ 10مف
القرار الوزيري يسمموف بأف اإلختصاص يعود إلى المحاكـ العادية وذلؾ لكونيـ يروف
في الفصؿ 10جزءا ال يتج أز مف الفصؿ 96في صيغتو القديمة.
أما الذيف يأخذوف بالتفسير الضيؽ ودوف اإللتفات إلى الفصؿ 10فيسمموف
بأف اإلختصاص يعود إلى المحاكـ اإلدارية ويضيقوف مف إختصاص المحاكـ العادية في
حدود اإلستثنانييف المنصوص عمييما في الفصؿ 96وذلؾ ما لـ ينكروا حتى ىذيف
اإلستثنانييف.
إف ىذا التضارب الناتج عف سوء الفيـ والتفسير أدى إلى تيو المتقاضيف وعدـ
معرفتيـ المسبقة بالمحكمة المختصة نوعيا بالنظر في نزاعاتيـ الشيء الذي أدى إلى
زعزعة ثقة المتقاضيف في مؤسسة القضاء بخصوص ىذه النقطة وأدى إلى المساس
بمبدأ األمف القضاني والعقاري ببالدنا المعوؿ عميو لطمأنة المتعامميف بالعقار سواء
كانوا أجانب أو وطنييف.
لكؿ ىذه األسباب تدخؿ المشرع المغربي بمقتضى القانوف 14.07والذي عدؿ
وتمـ ظيير التحفيظ العقاري لػ 13غشت .1912ومنح اإلختصاص لمنظر في الطعوف
الموجية ضد ق اررات المحافظ القاضية برفض مطمب التحفيظ في جميع الحاالت سواء
كاف الرفض كميا أو جزنيا لممحاكـ االبتدانية وذلؾ بصريح الفصؿ 37مكرر مف
ظ.ت.ع وبذلؾ يكوف المشرع قد حسـ الجدؿ والتضارب الذي كاف دان ار بشأف ىذه النقطة.
السبب الثاني:تعدد معايير تحديد ق اررات المحافظ
بالرجوع إلى القانوف المغربي ال نجد أي تعريؼ لمقرار اإلداري وال أي تحديد
لعناصره لكف في إطار حديثو عف الطعف المقبوؿ في الق اررات اإلدارية نجد أف الفصؿ
353مف قانوف المسطرة المدنية نص عمى ما يمي" :ثبت محكمة النقض ما لم يصدر
نص صريح بخبلف ذلك في ...
-2الطعون الرامية إلى إلغاء المقررات اإلدارية الصادرة عن السمطة اإلدارية
لمشطط في استعمال السمطة ."...
33
يبدو أف المشرع المغربي قد إعتمد مف خالؿ الصيغة أعاله عمى المعيار
عد القرار
العضوي أو الشكمي لتحديد طبيعة القرار فإف كاف صاد ار عف سمطة إدارية ً
إداريا وىذا ما كرسو المشرع المغربي بمقتضى المادتيف 8و 23مف قانوف إحداث
المحاكـ اإلدارية.1
ويقصد بالمعيار الشكمي أو العضوي حتمية اإلعتماد والتركيز في تحديد طبيعة
النشاط اإلداري وطبيعة الدعوى والمنازعة اإلدارية عمى صفة الجية اإلدارية أو السمطة
اإلدارية صاحبة النشاط اإلداري والمصدرة لو دوف األخذ بعيف االعتبار جوىر وماديات
النشاط الذي سبب النزاع القضاني.2
واذا ما تـ تطبيؽ ىذا المعيار عمى ق اررات المحافظ سنجزـ بالتأكيد أف ىذه
الق اررات ىي ق اررات إدارية محضة بالنظر لصدورىا عف موظؼ إداري وبالتالي فالجية
المختصة بالطعف أماميا ىي المحكمة اإلدارية.
والجدير بالذكر أف محكمة النقض قد كرست ىذا المعيار في العديد مف
ق ارراتيا.3
لكف إذا كاف ىذا اإلتجاه قد إعتبر ق اررات المحافظ ق اررات إدارية بالنظر إلى
مصدرىا فإنو قد ظؿ قاص ار –المعيار العضوي -عف تكييؼ ىذه الق اررات بالنظر
-1تنص المادة 8مف القانوف 41.90عمى ما يمي" :تختص المحاكـ اإلدارية مع مراعاة أحكاـ المادتيف 9و 11مف
ىذا القانوف بالبت ابتدانيا في طمبات إلغاء ق اررات السمطات اإلدارية بسبب تجاوز السمطة وفي النزاعات المتعمقة
بالعقود اإلدارية ودعاوى التعويض عف األضرار التي تسببيا أعماؿ ونشاطات أشخاص القانوف العاـ "...
-تنص المادة 23مف نفس القانوف عمى ما يمي" :يجب أف تقدـ طمبات إلغاء الق اررات الصادرة عف السمطات اإلدارية
بسبب تجاوز السمطة داخؿ أجؿ ستيف يوما يبتدئ مف نشر أو تبميغ القرار المطموب إلغاؤه إلى المعني باألمر ."...
-2مريـ نازي حدود تأثر المشرع المغربي باالجتياد القضاني في المادة العقارية رسالة لنيؿ دبموـ الماستر في العقار
السنة الجامعية كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية مكناس جامعة موالي اسماعيؿ والتعمير
2015/2014ص .79
-3لقد قضت الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض بتاريخ 2015/10/19بأنو "تقبؿ ق اررات المحافظ عمى األمالؾ العقارية
الطعف باإللغاء بوصفو سمطة إدارية ما لـ يرسـ المشرع لما طريؽ آخر لمطعف "...القرار عدد 739المؤرخ في
2005/10/19في الممؼ اإلداري عدد 2005/1/4/2372مجمة قضاء المجمس األعمى العدد 2009 70ص
.265
34
لمضمونيا المتعمؽ بحؽ الممكية األمر الذي أدى إلى البحث عف معيار آخر يراعي
خصوصية مادة التحفيظ العقاري ببالدنا.
وبذلؾ تـ الركوف إلى إعتماد المعيار الموضوعي الذي يعتمد عمى طبيعة العمؿ
وموضوعو بصرؼ النظر عف الجية التي أصدرتو أو اإلجراءات التي أتبعت في
إصداره وبصفة عامة ييتـ المعيار الشكمي أو العضوي بالجية التي أصدرت القرار فيما
ييتـ المعيار الموضوعي بمضموف القرار وموضوعو.1
إف إزدواجية المعايير التي يتـ اإلعتماد عمييا لتحديد طبيعة الق اررات التي يتخذىا
المحافظ عمى األمالؾ العقارية أدت إلى طرح إشكاؿ جوىري يتعمؽ بالطبيعة القانونية
لمق اررات التي يصدرىا ىذا األخير وىو بصدد ممارسة ميامو.
فيناؾ مف يرى أنو باإلعتماد عمى المعيار الموضوعي الذي كرسو دستور فاتح
يوليوز 2011يمكف القوؿ إف ق اررات المحافظ العقاري المرتبطة بالممكية العقارية بناء
عمى موضوعيا ليست ق اررات إدارية وبالتالي فالطعف فييا يجب أف يكوف أماـ المحاكـ
العادية وليس اإلدارية.2
القررات التي يتخذىا المحافظ ىي ق اررات
وبالمقابؿ فيناؾ مف يرى أف جميع ا
إدارية محضة وأف اإل ستثناءات التي يضعيا المشرع أحيانا بخصوص جية الطعف إنما
وجدت مراعاة لخصوصية بعض الق اررات التي تتناوؿ مواضيع ليا عالقة مباشرة بحؽ
الممكية العقارية.
وفي ىذا قررت الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض بتاريخ 2005/10/19ما يمي:
"تقبؿ ق اررات المحافظ الطعف باإللغاء بوصفو سمطة إدارية ما لـ يرسـ المشرع ليا طريقا
آخر لمطعف .3"...وىذا ما تـ تكريسو في ظيير التحفيظ العقاري بمقتضى التعديؿ الذي
-1محمد الييني تقييـ لنظاـ الطعف في ق اررات المحافظ العقاري بيف القضاء العادي والقضاء اإلداري عمى ضوء
مستجدات قانوف التحفيظ العقاري ـ س ص .68
-2مريـ نازي ـ س ص .82
-3القرار عدد 739المؤرخ في 2005/10/19الصادر عف الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض في الممؼ اإلداري عدد
2005/1/4/2372مجمة قضاء المجمس األعمى العدد 2009 70ص .265
35
طالو بالقانوف 114.07حيث أصبح المبدأ العاـ ىو كوف ق اررات المحافظ تقبؿ الطعف
أماـ المحاكـ اإلدارية ما لـ تستثف بنص خاص فيكوف الطعف فييا أماـ المحاكـ العادية.
-1يرجى اإلطالع عمى الفصوؿ 37مكرر و 96و 103مف ظيير التحفيظ العقاري كما عدؿ وتمـ بالقانوف .14.07
36
الفقرة األ ولى :التنازع بين المحكمة ذات اإلختصاص العام ومحكمة التحفيظ
الفقرة الثانية :تنازع اإلختصاص بين قضاء الموضوع وقضاء اإلستعجال
الفقرة األولى :التنازع بين المحكمة ذات االختصاص العام ومحكمة التحفيظ
تعتبر المحكمة اإلبتدانية صاحبة الوالية العامة لمبت في جميع النزاعات ما لـ
1
ومف ذلؾ قضايا العقار حيث تعتبر الجية الوحيدة المؤىمة يوجد نص خاص يمنع ذلؾ
لمبت في ىذه النزاعات.
وكما ىو معموـ فإف العقار يمكف أف يكوف محفظا أو غير محفظ أو في طور
التحفيظ ولكؿ واحد خصوصياتو وأحكامو ومف ذلؾ تحديد اليينة القضانية المختصة
بنظر النزاع داخؿ نفس المحكمة فقضايا التحفيظ العقاري تستأثر بنظرىا محكمة التحفيظ
وما دوف ذلؾ فيعود إختصاص النظر فييا لممحكمة العادية وينحصر دور محكمة
التحفيظ في البت في التعرضات –المحاؿ عمييا مف طرؼ المحافظ عمى األمالؾ
العقارية -مف حيث وجود الحؽ المدعى بو مف قبؿ المتعرض وطبيعتو ومشتمالتو
ونطاقو.2
ورغـ وضوح حدود إختصاص كؿ جية قضانية فإنو قد ظيرت عدة نقط
خالفية األولى تتعمؽ بمدى إمكانية المطالبة بحؽ عيني مرتبط بعقار في طور التحفيظ
-1ينص الفصؿ 18مف قانوف المسطرة المدنية الصادر بتاريخ 28شتنبر 1974والمعدؿ سنة 2011في فقرتو
االولى عمى ما يمي" :تختص المحاكـ االبتدانية -مع مراعاة االختصاصات الخاصة المخولة إلى أقساـ قضاء القرب-
بالنظر في جميع القضايا المدنية وقضايا األسرة والتجارية واإلدارية واالجتماعية ابتدانيا وانتيانيا أو ابتدانيا مع حفظ
حؽ االستنناؼ".
-ولكف وجب استحضار أف المحكمة االبتدانية لـ تعد مختصة بكؿ النزاعات بعد إحداث المحاكـ اإلدارية والتجارية.
-2كما تنص عمى ذلؾ الفقرتيف الثانية والثالثة مف الفصؿ 37مف ظ.ت.ع كما عدؿ وتمـ بالقانوف 14.07والتي
جاء فييما " ...تبث المحكمة في وجو الحؽ المدعى بو مف قبؿ المتعرضيف وطبيعتو ومشتمالتو ونطاقو وتحيؿ
األطراؼ لمعمؿ بقرارىا بعد اكتساب الحكـ قوة الشيء المقضي بو عمى المحافظ عمى األمالؾ العقارية الذي لو وحدة
النظر في قبوؿ أو رفض مطمب التحفيظ كال أو بعضا مع االحتفاظ بحؽ الطعف المنصوص عميو في الفصؿ 37
مكرر.
تبيف المحكمة في حكميا حدود ومساحة األجزاء المحكوـ بيا لفاندة المتعرضيف وفي حالة الشياع نصيب كؿ واحد
منيـ ."...
37
1
خارج إطار مسطرة التحفيظ والثانية تتعمؽ بالوقت الذي تصبح فيو محكمة التحفيظ
مختصة حصريا بالنظر في النزاع.
أوال :مدى إمكانية المطالبة بحق عيني مرتبط بعقار في طور التحفيظ أمام المحكمة
العادية
بإستقراء مجموعة مف الق اررات القضانية الصادرة عف محكمة النقض يتبيف أف
ىناؾ توجييف رنيسييف األوؿ يؤكد عمى ضرورة أف تكوف جميع الدعاوى المتعمقة بعقار
في طور التحفيظ عمى شكؿ تعرض طبقا لمفصميف 24و 32مف ظيير التحفيظ العقاري
كما عدؿ وتمـ بالقانوف 14.07وبالتالي فاالختصاص ال ينعقد إال لمحكمة التحفيظ
حصريا.
وانتصا ار ليذا التوجو أصدرت محكمة النقض ق ار ار مؤرخا في 01نونبر 2011
جاء فيو " ...تبيف صحة ما عاب بو الطالب القرار المذكور ذلؾ أف الثابت مف وثانؽ
الممؼ أف طمب الشفعة في النازلة يتعمؽ بعقار في طور التحفيظ وبالتالي فإنو يتعيف تقديـ
ىذا الطمب في شكؿ تعرض عمى مطمب تحفيظو عمال بمقتضيات الفصؿ 24مف ظيير
التحفيظ العقاري المؤرخ في 12غشت 1913وىو ما لـ تسمكو المطموبة فيو والحالة ىذه
عندما ذىبت خالؼ ذلؾ بعمة أف مجرد وضع مطمب التحفيظ أماـ المحافظة العقارية ال
ينيي اختصاص القاضي المدني لمبت في الدعاوي المتعمقة بالعقار وأف الذي ينيي ىذا
االختصاص ىو إحالة الممؼ مف طرؼ المحافظ عمى كتابة ضبط المحكمة االبتدانية
عمى إثر تقديـ أحد التعرضات ضد المطمب المذكور وأنو ال وجود بالممؼ لما يقيد اتماـ
-1ال يقصد في ىذا اإلطار المحكمة بمفيوميا العاـ وانما المحكمة بمفيوميا الخاص أي تشكيمة قضانية معينة لمبت
في قضايا بعينيا داخؿ المحكمة بالمفيوـ العاـ وبعبارة أخرى فإف محكمة التحفيظ يقصد بيا في ىذا اإلطار قضاء
التحفيظ داخؿ المحكمة االبتدانية وىذا ما درج قضاء محكمة النقض عمى استعمالو في الق اررات الصادرة عنو واف لـ
يرد في ظيير التحفيظ العقاري وال في قانوف المسطرة المدنية.
-عبد المطيؼ الفتيحي القضايا الخالفية في المنازعات العقارية عمى ضوء ق اررات محكمة النقض-دراسة في اجتياد
محكمة النقض في العقار في طور التحفيظ والعقار المحفظ -أطروحة لنيؿ الدكتوراه في القانوف الخاص جامعة
القاضي عياض كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش السنة الجامعية 2015/2014ص .21
38
ىذا اإلجراء تكوف قد بنت قرارىا عمى أساس غير سميـ وعرضتو بالتالي لمنقض
واإلبطاؿ" .1وىناؾ العديد مف الق اررات التي كرست نفس القاعدة مشكمة شبو إستقرار
قضاني 2قبؿ صدور مدونة الحقوؽ العينية.
أما االتجاه الثاني فيؤكد إمكانية المطالبة بحؽ عيني أماـ المحكمة العادية حتى
ولو كاف الحؽ متعمقا بعقار في طور التحفيظ حيث جاء في قرار لمحكمة النقض مؤرخ
في 1990/09/25ما ي مي" :يتعرض لمنقض القرار القاضي بعدـ قبوؿ الدعوى بعمة أف
العقار موضوع طمب القسمة ىو عقار في طور التحفيظ وأف قضاء التحفيظ ىو وحده
المختص بالبت في النزاعات الجارية في العقار موضوع مسطرة التحفيظ .3"...
وفي قرار آخر مؤرخ في 11دجنبر 2012ذىبت محكمة النقض إلى ما يمي:
"لكف حيث إنو يتجمى مف الفصميف 24و 84مف ظيير 12غشت 1913المتمسؾ بيما
مف طرؼ الطالب في الوسيمة ما يمزـ طالب الشفعة في عقار في طور التحفيظ بتقديـ
طمبو ىذا في شكؿ تعرض طالما أف الفصميف معا ينصاف عمى كممة "اإلمكاف" وليس
اإللزاـ" إذ جاء في الفصؿ 24أعاله ما يمي" :يمكف لكؿ شخص أف يتدخؿ عف طريؽ
التعرض في أعماؿ التحفيظ ."...وجاء في الفصؿ 84المذكور أعاله ما يمي" :إذا نشأ
عمى عقار في طور التحفيظ حؽ خاضع لالشيار أمكف لصاحبو ."...والمحكمة
المصدرة لمقرار المطعوف فيو والحالة ىذه لما تبنت عمؿ الحكـ االبتداني وأضافت إلييا
-1قرار محكمة النقض عدد 4710المؤرخ في 01نونبر 2011في الممؼ 2010/4/1/544غير منشور.
-2قرار محكمة النقض رقـ 141الصادر بتاريخ 2007/01/10في الممؼ المدني عدد 2005/1/1/3607سمسمة
ندوات محكمة االستنناؼ بالرباط عدد 3سنة 2011ص 84وما يمييا.
-قرار محكمة النقض رقـ 164مؤرخ في 2001/01/10في الممؼ عدد 1999/2/1/1671عبد العزيز توفيؽ
"كناش قضاء المجمس األعمى في التحفيظ العقاري" العدد 14مف 1991إلى سنة 2002ص 104أشار إليو عبد
المطيؼ الفتيحي ـ س ص .23
-3قرار محكمة النقض رقـ 1110المؤرخ في 1990/09/25في الممؼ العقاري عدد 88/5254منشور بمجمة
اإلشعاع عدد 6ص 69وما يمييا.
39
التعميؿ المذكور في الوسيمة أعاله تكوف قد بنت قرارىا عمى أساس ويكوف معو ما
بالوسيمة والحاؿ ما ذكر غير جدير باالعتبار".1
نظر لكوف
ا ويرى بعض الباحثيف أف االتجاه الحري بالتأييد ىو االتجاه األوؿ
قضايا التحفيظ العقاري تتميز بمسطرة خاصة ومف ثـ فإنيا تقدـ عمى المساطر العامة
وبالتالي فإنو كمما تعمؽ األمر بعقار في طور التحفيظ وجب تقديـ كؿ الدعاوى المرتبطة
بو في شكؿ تعرض تختص بالبت فيو محكمة التحفيظ بعد إحالة الممؼ عمييا مف قبؿ
المحافظ عمى األمالؾ العقارية ومف جية أخرى فإف إعتماد ىذا اإلتجاه فيو حماية
لممدعي بالحؽ العيني عمى العقار في طور التحفيظ إد إف مف شأف رفع دعوى أماـ
المحكمة العادية بعيدا عف مسطرة التحفيظ أف يؤدي لضياع ذلؾ الحؽ ألنو قد يتأسس
الرسـ العقاري ويواجو صاحب الحؽ بقاعدة التطيير رغـ صدور حكـ لصالحو.2
وانتصا ار ليذا الرأي وحسما لمخالؼ الذي كاف دان ار بخصوص ىذه النقطة في ما
يتعمؽ بطمب الشفعة تدخؿ المقنف المغربي بمقتضى المادة 3305مف القانوف 39.08
المتعمؽ بمدونة الحقوؽ العينية وصرح بأنو ال يعتد بطمب الشفعة إال إذا ضمف الشفيع
تعرضو بمطمب التحفيظ المتعمقة بو.
وبذلؾ يكوف المشرع المغربي قد وحد اآلراء وحسـ الجدؿ الذي كاف قانما
بخصوص ىذه النقطة حيث إف الوضع القديـ كاف محؿ نظر ألف المتقاضيف كانوا في
حيرة مف أمرىـ ولـ يكف بإستطاعتيـ توقع ق اررات القضاء والسيما ق اررات محكمة
النقض حيث كانت تارة تؤيد ىذا اإلتجاه وتارة تؤيد داؾ اإلتجاه مما أسيـ في إثارة القمؽ
-1قرار محكمة النقض عدد 5464مؤرخ في 11دجنبر 2011في الممؼ عدد (2011/1/4/245أشار إليو األستاذ
محمد نبيؿ حرزاف ممارسة حؽ الشفعة بخصوص عقار في طور التحفيظ مناقشة وتحميؿ في ضوء ق اررييف لمحكمة
النقض والقانوف 39.08مجمة الحقوؽ سمسمة األنظمة والمنازعات العقارية اإلصدار الثامف الجزء الثاني نشر
وتوزيع دار المغربية لمنشر والتوزيع بالدار البيضاء مطبعة المعارؼ الجديدة الرباط طبعة 2016ص .166
-2عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص .25
-3نصت المادة 305مف القانوف رقـ 39.08المتعمؽ بمدونة الحقوؽ العينية الصادر بتنفيذ الظيير الشريؼ رقـ
1.11.178صادر في 25مف ذي الحجة 22(1432نوفمبر )2011عمى ما يمي" :إذا كاف العقار في طور
التحفيظ فال يعتد بطمب الشفعة إال إذا ضمف الشفيع تعرضو بمطمب التحفيظ المتعمؽ بو".
40
العقاري لممتعامميف بو وبالتالي زعزعة ثقة المتقاضيف في مؤسسة القضاء مما إنعكس
سمبا عمى مبدأ األمف القضاني والعقاري ببالدنا.
واذا كاف ليذا التوجو مف اإليجابيات التي تجعمنا نؤيده ونحاوؿ اإلنتصار لو في
الكثير مف المواضع فإننا البد مف أف نسجؿ بعض المالحظات التي تثار بخصوص ىذه
النقطة .ومف ذلؾ أف المشرع بمقتضى المادة 305مف مدونة الحقوؽ العينية لـ يأخذ
بعيف اإلعتبار اإلختالؼ الحاصؿ بيف أجؿ التعرض وأجؿ ممارسة حؽ الشفعة بالنسبة
لعقار في طور التحفيظ ألف ىذه الوضعية تطرح إشكاال أماـ الشفيع بخصوص األجؿ
الذي عميو أف يتقيد بو ىؿ ىو أجؿ التعرض أـ أجؿ ممارسة حؽ الشفعة؟
واإلشكاؿ الثاني يتمحور حوؿ الطبيعة القانونية لمشفعة ىؿ تعتبر الشفعة حقا
أـ أنيا رخصة قانونية وشرعية؟ إف التسميـ بالرأي األوؿ يؤدي إلى القوؿ بضرورة الركوف
إلى مقتضيات المادة 305مف ـ.ح.ع والتي تحيؿ ضمنيا عمى الفصؿ 24مف ظ.ت.ع
كما عدؿ وتمـ بالقانوف 14.07وبالتالي فال يمكف تصور طمب شفعة عقار في طور
التحفيظ إال في صورة تعرض .وأما التسميـ بالرأي الثاني القاضي بإعتبار طمب الشفعة
رخصة قانونية وشرعية فيؤدي إلى إنكار ما جاء بو الفصؿ 305وبالتالي إمكانية
تصور طمب شفعة عقار في طور التحفيظ خارج إطار الفصؿ 305مف ـ.ح.ع وذلؾ
أماـ المحاكـ العادية والرأي عندي أف ىذا التوجو األخير ىو الحري بالتأييد وذلؾ لكؿ
العمؿ السابؽ ذكرىا.
ثانيا :ما ىو الوقت التي تصبح فيو محكمة التحفيظ مختصة نوعيا
بخصوص ىذه النقطة إنقسـ الفقو والقضاء إلى إتجاىيف رنيسييف اإلتجاه األوؿ
يذىب إلى أف المحكمة العادية تبقى مختصة بالنظر في النزاعات المتعمقة بالعقار في
طور التحفيظ ماداـ ممؼ المطمب في مرحمتو اإلدارية ولـ يحؿ بعد عمى محكمة
التحفيظ مف لدف المحافظ عمى األمالؾ العقارية .مما يؤدي إلى بقاء االختصاص النوعي
لمبت في النزاعات المرتبطة بعقار في طور التحفيظ لممحكمة العادية وبالتالي
41
فإختصاص محكمة التحفيظ ال يثبت إال عندما يحاؿ ممؼ مطمب التحفيظ عمى
المحكمة.1
أما اإلتجاه الثاني فإنو يرى أف مجرد تقديـ مطمب التحفيظ أماـ المحافظة عمى
األمالؾ العقارية ينزع اإلختصاص عف المحكمة العادية ويثبتو لمحكمة التحفيظ حص ار
لمنظر في كؿ النزاعات المرتبطة بالعقار موضوع المطمب المقدـ .
وتدعيما لإلتجاه األوؿ أصدرت محكمة النقض عدة ق اررات نذكر منيا :القرار
عدد 1110المؤرخ في 1990/09/25الذي جاء فيو "إنو حقا وكما جاء في الوسيمة
المثارة بيذا الصدد فإنو ولنف كاف العقار المدعى فيو مازاؿ في طور التحفيظ وأف المطمب
المتعمؽ بو والمسجؿ تحت عدد 39684بو عدة تعرضات إال أنو ماداـ ممؼ المطمب
والتعرضات لـ يحؿ بعد عمى محكمة التحفيظ مف طرؼ المحافظ عمى األمالؾ العقارية
فإف لممستأنؼ الحؽ في رفع دعوى االستحقاؽ أو بطالف عقد البيع الثاني وأف المحكمة
ممزمة بالبت في الطمب باعتبار العقار المدعى فيو غير محفظ".2
وجاء في قرار آخر لمحكمة النقض مؤرخ في 2011/06/21ما يمي ..." :ليس
بالقانوف ما يمنع طالب التحفيظ مف إقامة دعوى لحماية العقار موضوع مطمب التحفيظ
وال المطالبة باستحقاقو ماداـ المحافظ لـ يحؿ ممؼ المطمب عمى المحكمة والمحكمة
مصدرة القرار لما عممت قرارىا بعدـ قبوؿ الطمب" بأنو مف الثابت مف شيادة المحافظ أف
المنزؿ موضوع النزاع معروض في إطار مسطرة التحفيظ مطمب عدد ...مف طرؼ
المستأنؼ عمييا وأف التحفيظ مف شأنو تطيير الممؾ مع ما سيترتب عمى ضوء نتيجة
البت في المطمب فإف طمب المدعية الحالي سابؽ ألوانو "تكوف جعمت قرارىا فاسد
التعميؿ الموازي النعدامو وعرضتو لمنقض .3"...
ويمكف تعريؼ قضاء األمور المستعجمة بأنو "قضاء يقصد بو الفصؿ في
المنازعات التي يخشى عمييا مف فوات الوقت فصال مؤقتا ال يمس أصؿ الحؽ وانما
يقتصر عمى الحكـ بإتخاذ إجراء وقتي ممزـ لمطرفيف بقصد المحافظة عمى األوضاع
القانمة أو إحتراـ الحقوؽ الظاىرة أو صيانة مصالح الطرفيف".2
وعرفو األستاذ عبد المطيؼ ىداية اهلل بأنو "فرع متميز ومستقؿ عف العمؿ
القضاني العادي وعف التنفيذ القضاني وىو ذو مسطرة مختصرة واستثنانية وسريعة
ومصاريؼ قميمة يسمح لمدع برفع دعوى إستعجالية أماـ قاض يعرؼ بقاضي األمور
المستعجمة يختص بالبت بصورة مؤقتة ودوف المساس بالموضوع في كؿ نزاع يكتسي
صبغة اإلستعجاؿ".3
وقد عرفو منشور و ازرة العدؿ الصادر سنة 1959بكونو "مسطرة مختصرة تمكف
األطراؼ في حالة اإلستعجاؿ مف الحصوؿ عمى قرار قضاني في الحيف معجؿ التنفيذ
في نوع مف القضايا ال يسمح بتأخير البت فييا مف دوف أف تسبب ضر ار محققا".4
-1إدريس العموي العبدوالي وسانؿ اإلثبات في التشريع المدني المغربي مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ط
1981ص 43و.44
دار الفكر العربي نظرية االختصاص في قانوف المرافعات الجديد وتعديالتو -2عبد الباسط جميعي
القاىرة(ت.ط.غ.ـ) ص (123أشار إليو األستاذ عبد الكريـ الطالب في مؤلفو الشرح العممي لقانوف المسطرة المدنية
نشر وتوزيع مطبوعات المعرفة مراكش مطبعة والوراقة الوطنية مراكش ط 2013ص .94
-3عبد المطيؼ ىداية اهلل القضاء المستعجؿ في القانوف المغربي مطبعة النجاح الجديدة الطبعة األولى 1998
ص .12
-4تجدر اإلشارة أف المشرع المغربي لـ يأخذ بيذا النظاـ إال في مسطرة المدنية لسنة 1913بخصوص المحاكـ
العصرية ولـ يعمـ تطبيقو في محاكـ المممكة إال بعد صدور ظيير التوحيد والمغربة والتعريب ابتداء مف فاتح يناير
1965كما كرسو المشرع المغربي في قانوف المسطرة المدنية الجديد الذي خصو بالبابيف األوؿ والثاني مف القسـ الرابع
حيث نظمو في الفصوؿ مف 149إلى (154سعاد سامح القضاء االستعجالي والتشطيب عمى الحقوؽ العينية المقيدة
44
مف خالؿ إستقراء ىذه التعاريؼ يتضح أنو إلنعقاد اإلختصاص لقضاء األمور
1
المستعجمة البد مف توفر شرطيف موضوعييف أساسييف ىما :توفر عنصر اإلستعجاؿ
وعدـ المساس بالجوىر.2
ورغـ اإلتفاؽ الحاصؿ حوؿ ضرورة توفر ىذيف الشرطيف إال أف خالفا قد وقع
حوؿ نطاؽ وحدود ىذه الشروط األمر الذي أدى إلى إثارة إشكالية اإلختصاص النوعي
بيف قضاء اإلستعجاؿ وقضاء الموضوع في العديد مف القضايا ومف ذلؾ اإلختصاص
النوعي بنظر دعوى طرد محتؿ عقار محفظ بيده سند إتفاقي غير مقيد بالرسـ العقاري.
ىؿ يثبت االختصاص لقضاء الموضوع أـ لقضاء االستعجاؿ؟
تجدر اإلشارة إلى أف محكمة النقض وفي سبيؿ اإلجابة عف ىذا التساؤؿ قد
إنقسـ رأييا إلى إتجاىيف:
اإلتجاه األوؿ يرى أف اإلختصاص بنظر ىذه الدعوى يستأثر بو قاضي
المستعجالت وذلؾ تطبيقا لمفصوؿ 65و 366و 467مف ظيير التحفيظ العقاري كما
في السجالت العقارية الندوة الوطنية في موضوع األمف العقاري دفاتر محكمة النقض العدد 26منشورات مركز
النشر والتوثيؽ القضاني بمحكمة النقض مطبعة األمنية الرباط ص .219
-1وفي ذلؾ جاء في الفصؿ 149مف قانوف المسطرة المدنية ما يمي" :يختص رنيس المحكمة االبتدانية وحده بالبت
بصفتو قاضيا لممستعجالت كمما توفر عنصر االستعجاؿ في الصعوبات المتعمقة بتنفيذ حكـ أو سند قابؿ لمتنفيذ أو
األمر بالحراسة القضانية أو إجراء تحفظي سواء كاف النزاع في الجوىر قد أحيؿ عمى المحكمة أـ ال باإلضافة إلى
الحاالت المشار إلييا في الفصؿ السابؽ والتي يمكف لرنيس المحكمة االبتدانية أف يبت فييا بصفتو قاضيا
لممستعجالت ."...
-2وينص الفصؿ 152مف ؽ.ـ.ـ عمى أنو "ال تبت األوامر االستعجالية إال في اإلجراءات الوقتية وال تمس يمكف أف
يقضى بو في الجوىر".
-3ينص الفصؿ 66عمى ما يمي" :كؿ حؽ عيني متعمؽ بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة لمغير إلى بتقييده
وابتداء مف يوـ التقييد في الرسـ العقاري مف طرؼ المحافظ عمى األمالؾ العقارية.
ال يمكف في أي حاؿ التمسؾ بإبطاؿ ىذا التقييد في مواجية الغير دي النية الحسنة".
-4ينص الفصؿ 67عمى ما يمي" :إف األفعاؿ اإلرادية واالتفاقات التعاقدية الرامية إلى تأسيس حؽ عيني أو نقمو إلى
الغير أو إال قرار بو أو تغييره أو إسقاط و ال تنتج أي أثر ولو بيف األطراؼ مف تاريخ التقييد بالرسـ العقاري دوف
اإلضرار بما لألطراؼ مف حقوؽ في مواجية بعضيـ البعض وكذا بإمكانية إقامة دعاوى فيما بينيـ بسبب عدـ تنفيذ
اتفاقاتيـ".
45
عدؿ وتمـ بالقانوف 14.07الذي يقضي بأف األفعاؿ اإلرادية الرامية إلى تأسيس حؽ
عيني أو نقمو إلى الغير أو االعتراؼ بو أو تغييره أو إسقاطو ال تنتج أي أثر ولو بيف
األطراؼ إال مف تاريخ التقييد بالرسـ العقاري.1
وفي ذلؾ نص قرار لمحكمة النقض مؤرخ في 1974 /10/04عمى ما يمي:
"قاضي األمور المستعجمة مختص بطرد مف يحتؿ عقا ار محفظا دوف أف يكوف مسجال في
رسمو العقاري كمالؾ ولو استظير بعقد شراء أو بأية وثيقة أخرى ترمي إلى تممكو ماداـ
ىذا ا لعقد لـ يسجؿ بعد في الرسـ العقاري واالستظيار بيذه الوثيقة ال يشكؿ في الحالة
ىذه دفوعا جدية تجعؿ قاضي المستعجالت غير مختص لمبت في طمب اإلفراغ بدوف
سند" .2وىناؾ مجموعة مف الق اررات التي كرست نفس التوجو منيا الحديث ومنيا القديـ.3
أما االتجاه الثاني فينكر عمى القضاء اإلستعجالي إختصاصو بنظر دعوى طرد
محتؿ عقار محفظ في يده سند إتفاقي غير مقيد بالرسـ العقاري ويرى أف اإلختصاص
ثابت لقضاء الموضوع ومحكمة النقض بصدد تعميميا وتبريرىا لموقفيا ىذا تعتمد في
ذلؾ عمى شروط إنعقاد اإلختصاص لقاضي المستعجالت فتارة ترفض إختصاصو بعمة
عدـ قياـ حالة اإلستعجاؿ 4وتارة ألف تدخمو سيؤدي إلى مناقشة وفحص سند تواجد
المشتري غير المقيد بالرسـ العقاري وفي ذلؾ مساس بجوىر النزاع.5
-1محمد ابف معجوز الحقوؽ العينية في الفقو اإلسالمي والتقنف المغربي الناشر ع.ـ مطبعة النجاح الجديدة ط
2008ص .571
-2قرار محكمة النقض مؤرخ في 1974/10/04منشور بمجمة المحاماة ص .206-205-204
-3قرار محكمة النقض المؤرخ في 1992/07/02مف الممؼ عدد 88/3682منشور بمجمة اإلشعاع عدد 4ص
119والذي جاء فيو "صدور حكـ بإتماـ إجراءات البيع المتعمؽ بالعقار المحفظ وعدـ تسجيمو بالرسـ العقاري ال يجرد
القضاء االستعجالي مف اختصاصو لمنظر في طمب طرد المحتميف بدوف سند".
-قرار محكمة النقض عدد 1104المؤرخ في 2008/03/26في الممؼ عدد 2008/3/1/227النشرة اإلخبارية
لممجمس األعمى عدد 31اإلصدار الرقمي ص .21
-4قرار محكمة النقض الصادر بتاريخ 1969/10/05في الممؼ عدد 07/2/1/838غ.ـ.
-قرار محكمة النقض المؤرخ في 1962/10/09مجمة المحاكـ المغربية 1962ص .123
-5قرار لمحكمة النقض مؤرخ في 2003/06/05في الممؼ عدد 2/41/3178منشور بمجمة قضاء المجمس
األعمى العدد 61اإلصدار الرقمي ص 30وما بعدىا(أشار إليو عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص 35والذي جاء
فيو "حيث أف المطموب قد اشترى مف أحد المالكيف عمى الشياع وأقره ورثتو عمى ذلؾ مما يعتبر معو خمفا خاصا لو
46
ويرى أحد الباحثيف ونوافقو الرأي أف التعميؿ السميـ ىو كوف مناقشة سند تواجد
المشتري الذي ىو عقد الشراء فيو مساس بجوىر الحؽ مما يؤدي إلى نفي أحد الشروط
األساسية الالزـ توفرىا لينعقد اإلختصاص لقاضي األمور المستعجمة لمنظر في النزاع.1
والرأي عندي أنو وجب مسايرة التوجو الثاني القاضي بمنع قاضي المستعجالت
مف البت في ىذه الدعوى وذلؾ لعدة إعتبارات أوليا أف الفصؿ 67مف ظيير التحفيظ
العقاري لسنة 1913كما عدؿ وتمـ بالقانوف 14.07المستند عميو مف طرؼ اإلتجاه
األوؿ القاضي بمنح اإلختصاص لقاضي المستعجالت بعد أف نص عمى أف األفعاؿ
اإلرادية واالتفاقات التعاقدية الرامية إلى تأسيس أو نقؿ أو تغيير أو إسقاط حؽ عيني ال
تنتج أي أثر ولو بيف األطراؼ إال مف تاريخ التقييد بالرسـ العقاري جاء بعد ذلؾ ونص
عمى ما يمي ..." :دوف اإلضرار بما لألطراؼ مف حقوؽ في مواجية بعضيـ البعض
وكذا بإمكانية إقامة دعاوى فيما بينيـ بسبب عدـ تنفيذ إتفاقاتيـ" .مما يفيد أف ىذه
اإلتفاقات المبرمة ال تكوف مجردة مف أي قيمة بسبب عدـ تقييدىا بالرسـ العقاري وانما
تكوف ليا حجيتيا بيف األطراؼ وتمؾ الحجية ىي التي يقوـ بتقديرىا قضاء الموضوع
والقوؿ بخالؼ ذلؾ معناه السماح لقضاء اإلستعجاؿ بالخوض في الجوىر مما يتنافى مع
طبيعتو الوقتية اإلستعجالية.
وثانييا –حسب قوؿ الدكتور الكشبور -أف قواعد العدؿ واإلنصاؼ تفرض عمى
قاضي المستعجالت التصريح بعدـ إختصاصو لمنظر في دعوى طرد محتؿ عقار محفظ
غير مقيد بالرسـ العقاري ألنو ال يعقؿ أف يبرـ عقد مع غير المقيد بالرسـ العقاري وتسمـ
إليو الحيازة وبيف عشية وضحاىا يتـ المجوء إلى ىذا األخير مف أجؿ طرده منو فاألولى
أف يعرض النزاع عمى قضاء الموضوع ليقوـ بتقييـ حجج كؿ طرؼ لمقوؿ بما إذا كاف
اإلحتالؿ بسند أو بدونو.2
ولما عممت المحكمة قرارىا بأف البحث في مناقشة العقد وسند تواجد المطموب في المدعى فيو يمس بجوىر النزاع
ويخرج عف قاضي المستعجالت فإنيا لـ تخرؽ النص المحتج بو وكاف قرارىا معمال بما فيو الكفاية".
-1محمد الكشبور":التطيير الناتج عف تحفيظ العقار تطور القضاء المغربي قراءة في قرار المجمس االعمى بتاريخ
"1999/12/29الطبعة االولى 2005ص .36
-2عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص .36
47
وفي النياية فال يسعني إال أف أقوؿ أف ىذا التضارب في اإلختصاص المذكور أثر
وسيؤثر عمى ثقة المتقاضيف في مؤسسة القضاء سيما محكمة النقض فكيؼ يعقؿ أف
نجعؿ المتقاضي دانـ الترقب لتوجيات وق اررات ىذه األخيرة فكيؼ يعقؿ أف يكوف غير
عالـ مسبقا بالقاضي المختص وأي سياسة وارادة ىذه التي نتحدث عنيا ونيمؿ ليا أناء
الميؿ وأطراؼ النيار لمنيوض باألمف القضاني ببالدنا وتكريسو أليست غاية األمف
القضاني ىي ترسيخ الثقة في المؤسسة القضانية واإلطمنناف إلى ما ينتج عنيا وىي تقوـ
بميمتيا المتجمية في تطبيؽ القانوف عمى ما يعرض عمييا مف قضايا أو ما تجتيد فيو مف
نوازؿ وذلؾ مع تحقيؽ إنسجاـ ق ارراتيا وجودتيا وعمـ العموـ بمجريات عمميا وتوجياتيا.
48
المبحث الثاني :تضارب الق اررات بشأن شروط الدعاوى العقارية
وآثارىا
لـ يعرؼ المشرع المغربي الدعوى األمر الذي حدا بالفقو إلى التكفؿ بإعطاء
تعريؼ ليا حيث عرفيا البعض منيـ بأنيا "وسيمة قانونية قررىا القانوف لألشخاص
يمجؤوف إلييا عندما يدعوف مساس الغير بحقوقيـ وذلؾ أماـ القضاء بصفتو المكمؼ
بالنظر في كؿ الدعاوى التي تعرض أمامو بسبب الخالفات التي تنشأ بيف األفراد".1
والدعاوى عمى عدة أنواع وأصناؼ فيناؾ الدعاوى العينية والدعاوى الشخصية
وىناؾ المنقولة والعقارية.
وما ييمنا في ىذا المقاـ ىي الدعاوى العقارية ويقصد بيا الدعوى التي ترمي
إلى حماية حؽ مف الحقوؽ العينية العقارية.2
ولما كانت الدعاوى العقارية بصفة عامة والدعاوى العقارية المتعمقة بعقار محفظ
أو في طور التحفيظ بصفة خاصة تكتسي طابعا خاصا نابعا مف خصوصية موضوعيا
وأطرافيا فإف األمر أدى إلى ظيور إشكاالت عممية عمى المستوى القضاني نتيجة
مع لتعارض نصوص المسطرة المدنية بإعتبارىا الشريعة العامة لقانوف الشكؿ
النصوص اإلجرانية الخاصة المضمنة بقوانيف الموضوع خصوصا مع مقتضيات ظيير
التحفيظ العقاري.
أما عف نطاؽ ىذه النقط الخالفية فإنو لـ ينحصر في شروط الدعاوى العقارية
وحدىا بؿ ىـ وسانؿ إثباتيا وطرؽ الطعف في األحكاـ الصادرة بشأنيا وكذا تنفيذىا.
ولمعالجة ىذا الموضوع ومحاولة اإللماـ بجوانبو قدر المستطاع سنقسـ ىذا
المبحث إلى مطمبيف وفؽ التصميـ التالي:
50
الفقرة األولى :إشكالية إثبات الصفة في الدعاوى المرتبطة بعقار محفظ
-1ينص الفصؿ األوؿ مف قانوف المسطرة المدني عمى ما يمي" :ال يصح التقاضي إال ممف لو الصفة واألىمية
والمصمحة إلثبات حقوقو.
يثير القاضي تمقانيا انعداـ الصفة أو األىمية أو المصمحة أو اإلذف بالتقاضي إف كاف ضروريا وينذر الطرؼ بتصحيح
المسطرة داخؿ أجؿ يحدده.
إذا تـ تصحيح المسطرة اعتبرت الدعوى كأنيا أقيمت بصفة صحيحة واال صرح القاضي بعدـ قبوؿ الدعوى".
-2موسى عبود ومحمد السماحي المختصر في المسطرة المدنية والتنظيـ القضاني وفؽ تعديالت سنة 1993طبعة
1994ص (121أشار إليو عبد الكريـ الطالب ـ س ص .)146
-3قرار رقـ 433المؤرخ في 1989/12/13ممؼ مدني عدد 86/2443منشور بمجمة قضاء المجمس األعمى عدد
46نونبر 1992ص .93
51
المحفظة حيث نجد أف ىناؾ إنقساما قد دب في أوساط محاكـ الموضوع بيف مف يرى
أف الصفة ال تثبت لمورثة إال بعد تقييد إراثتيـ في الرسـ العقاري طبقا لمقتضيات الفصؿ
66و 67و 186مف ظيير التحفيظ العقاري كما عدؿ وتمـ بالقانوف 14.07أي أنو
تجب مقاضاة الميت المقيد بالرسـ العقاري رغـ موتو ألنو يعتبر حيا مادامت إراثتو لـ
تقيد بعد وفي المقابؿ ىناؾ مف يرى أف –وىو اإلتجاه الراجح -الصفة تثبت لمورثة فور
2
وتماشيا مع مقتضيات تحقؽ واقعة الوفاة تطبيقا لقاعدة مف مات عمى حؽ فمورثتو"
المادتيف 323و 324مف مدونة األسرة حيث نصت األولى عمى أنو "اإلرث إنتقاؿ حؽ
بموت مالكو بعد تصفية التركة لمف إستحقو شرعا بال تبرع وال معاوضة".
و جاء في الثانية "يستحؽ اإلرث بموت الموروث حقيقة أو حكما وبتحقؽ حياة
وارثو بعده".
إف ىذيف التوجييف الذيف سارت عمييما محاكـ الموضوع سرعاف ما إنعكس عمى
ق اررات محكمة النقض حيث جاءت ق ارراتيا منقسمة تارة مؤيدة لإلتجاه األوؿ وتارة
أخرى منتصرة لالتجاه الثاني.
ومف الق اررات الصادرة عف محكمة النقض التي أيدت االتجاه األوؿ القرار 545
المؤرخ في 1976/09/29والذي جاء فيو "إذا أحيؿ الممؼ مف طرؼ المحافظ عمى
المحكمة وجب عمييا أف تبت في وجود الحؽ المدعى بو مف طرؼ المتعرضيف واذا توفي
طالب التحفيظ وجب عمييا أف تستمر في اإلجراءات لتصدر حكميا بصحة التعرض
أوبعدـ صحتو وال يجوز ليا أف تأمر بإرجاع الممؼ إلى المحافظ لمقياـ باإلجراءات
-1ينص الفصؿ 82مف ط.ع كما عدؿ وتمـ بالقانوف 14.07عمى ما يمي" :لتقييد الحقوؽ العقارية المترتبة عف
اإلرث يجب عمى الورثة أو الموصى ليـ أف يقدموا لممحافظ عمى األمالؾ العقارية طمبا لمتقييد مدعما بكؿ الوثانؽ أف
يتضمف الطمب البيانات المنصوص عمييا في الفصؿ 69مف ىذا القانوف.
يجب أف تنص الوثانؽ المثبتة النتقاؿ الحؽ عمى نصيب كؿ واحد مف الورثة والموصى ليـ".
-2عمر عبد اهلل أحكاـ المواريث في الشريعة اإلسالمية دار المعارؼ مصر الطبعة الرابعة سنة 1968ص
.65
52
الالزمة لتدخؿ ورثة اليالؾ إذ في إمكاف ىؤالء –بعد البت في صحة التعرض -أف
يقدموا أماـ المحافظ مطمبا بتصحيح الحالة الناشنة عف وفاة طالب التحفيظ".1
أما بالنسبة لمق اررات الصادرة عف محكمة النقض إنتصا ار لالتجاه الثاني فإنيا
كثيرة ومتعددة مف ذلؾ القرار عدد 115المؤرخ في 1969/02/14ما يمي ..." :في
حالة ادعاء وفاة شريؾ دوف أف تكوف وفاتو مسجمة بالرسـ العقاري يتعيف عمى طالب
القسمة توجيو دعواه ضد غيره ممف يدعوف إرثو دوف تسجيؿ لحقوقيـ".2
وجاء في ق ار ر آخر تحت عدد 2884المؤرخ في 07مارس 1995ما يمي:
"مجرد إثبات الورثة لصفتيـ اإلرثية في اليالؾ يخوليـ حؽ الطعف باالستنناؼ في الحكـ
ولو لـ تسجؿ إراثتيـ بالرسـ العقاري.
والق ارر المطعوف فيو القاضي بعدـ قبوؿ إستنناؼ الورثة يكوف عديـ األساس
القانوني ومعرضا لمنقض".3
وفي قرار حديث لمحكمة النقض مؤرخ في 2010/05/04جاء فيو ما يمي:
"حيث صح ما عابو الطاعنوف عمى القرار ذلؾ أنو إقتصر في تعميمو عمى كونو جاء
الصفة والمصمحة ووفؽ الشروط المتطمبة قانونا دوف أف يرد عمى الدفع الذي تمسكوا بو
-1قرار محكمة النقض رقـ 2057المؤرخ في 2010/05/04في الممؼ المدني عدد 2008/1/1/1207مشار إليو
مف قبؿ عمر أزوكار "الدليؿ العممي لمعقار في طور التحفيظ" مطبعة النجاح الجديدة ط 1لسنة 2011ص 165
وما بعدىا.
-2الميدي الجـ التحفيظ العقاري في المغرب دار الثقافة والتوزيع الطبعة الثالثة 1986ص 290و.291
-3وفي ذات الموضوع صدر قرار عف محكمة النقض ومما جاء فيو "إذا كاف كؿ حؽ عيني متعمؽ بعقار محفظ غير
موجود بالنسبة لمغير إال مف تاريخ تسجيمو فإف ذلؾ يتعمؽ باالتفاقات الناشنة بيف اإلحياء أما الوصية فيي تعتبر حقا
مف حقوؽ التركة وىي بذلؾ كاشفة لمحؽ الذي ينشأ مف تاريخ وفاة الموصي وليس مف تاريخ تسجيؿ الوصية في الرسـ
العقاري".
54
مقتضياتو وفي إنتظار ذلؾ فإننا نرجوا أف تتدخؿ محكمة النقض وتحسـ ىذا الخالؼ
عف طريؽ آلية الغرؼ المجتمعة.
نظـ المشرع المغربي اإلقرار كوسيمة مف وسانؿ اإلثبات 1في الفصوؿ مف 405
إلى 415مف ظيير اإللتزامات والعقود.
يعرؼ األستاذ إدريس العموي العبدالوي اإلقرار بأنو "اإلقرار ىو إعتراؼ شخص
بحؽ عميو آلخر قصد ترتيب حؽ في ذمتو واعفاء اآلخر مف إثباتو".2
ويسترسؿ قانال أف اإلقرار نوع مف الشيادة ألف الشخص يقر بواقعة منتجة ألثر
قانوني عمى عاتقو أي أنو يشيد عمى نفسو بأف ما يدعيو صاحب الحؽ ىو صحيح
وىكذا يتضح أف اإلقرار يكوف مف شخص بقصد أف يجعؿ حقا ثابتا في ذمتو آلخر سواء
كاف ىذا الحؽ محؿ منازعة بينيما أو لـ يكف.
واإلقرار عمى أنواع فإما أف يكوف قضانيا أو غير قضاني.3
-1يعرؼ الفقو اإلثبات بأنو "إقامة الدليؿ أماـ القضاء بالطرؽ التي حددىا القانوف عمى وجود واقعة قانونية ترتب
آثارىا".
عبد الرزاؽ أحمد السنيوري الوسيط الجزء األوؿ ص .13
-ويعرفو أحمد نشأت بأنو "تأكيد حؽ متنازع فيو لو أثر قانوني بالدليؿ الذي أباحو القانوف إلثبات ذلؾ الحؽ".
-أحمد نشأت رسالة اإلثبات الجزء األوؿ ص (15أشار إليو إدريس العموي العبدالوي وسانؿ اإلثبات ـ س ص 5
-2إدريس العموي العبدالوي ـ سف ص .161
-ويعرفو بعض الفقو بأنو "اعتراؼ خصـ لخصو بالحؽ الذي يدعيو مقد ار نتيجتو قاصدا إلزاـ نفسو بمقتضاه وىو سيد
األدلة في المسانؿ المدنية ألنو يعتبر حجة قاطعة عمى اشتغاؿ ذمة صاحبو بما أقر بو ويجب األخذ بو في جميع
األحواؿ ميما كانت قيمة الدعوى وميما كاف فييا مف المخالفة لمصمحة المقر الثابتة لو بعقد رسمي أو عرفي إال إذا
كاف إق ار ار بأمر مخالؼ لمنظاـ العاـ أو فيو عيب يبطمو ويصح القوؿ أف اإلقرار ليس دليال إنما ىو يعني عف الدليؿ
ألنو يعفي مدعي الحؽ مف إثباتو.
عبد الكريـ شيوف الشافي شرح قانوف االلتزامات والعقود الكتاب األوؿ االلتزامات بوجو عاـ الجزء الثالث مطبعة
النجاح الجديدة ط 1999 1ص .256
-3ينص الفصؿ 405مف ؽ.ؿ.ع عمى أف "اإلقرار قضاني أو غير قضاني"...
55
واإلقرار القضاني كما عرفو المشرع المغربي في الفصؿ 405مف ؽ.ؿ.ع "...
ىو اإل عتراؼ الذي يقوـ بو أماـ المحكمة الخصـ أو نانبو المأذوف لو في ذلؾ إذنا
خاصا."...
أما اإلقرار غير القضاني فقد عرفو المقنف المغربي في الفقرة األولى مف الفصؿ
407مف ؽ.ؿ.ع بأنو "اإلقرار غير القضاني ىو الذي ال يقوـ بو الخصـ أماـ القاضي
ويمكف أف ينتج عف كؿ فعؿ يحصؿ منو وىو مناؼ لما يدعيو ."...
واما أف يكوف صريحا 1أو ضمنيا.2
واذا كاف اإلقرار الصريح ال يثير أي إشكاؿ أو لبس وذلؾ لوضوحو وصراحتو
فإف اإلقرار الضمني عمى العكس مف ذلؾ يثير العديد مف اإلشكاالت العممية عمى مستوى
محاكـ الموضوع وكذا محكمة النقض ولعؿ أبرز إشكاؿ أثير بيذا الخصوص ىو مدى
إ عتبار كوف التنصيص في عقد البيع عمى اإلرث كأصؿ لمتممؾ يشكؿ إق ار ار ضمنيا بكوف
المبيع ممموؾ عمى الشياع بيف البانع وباقي شركانو في اإلرث.3
وفي ذلؾ إنقسـ رأي محكمة النقض إلى توجييف فاإلتجاه األوؿ يرى أف مجرد
إقرار البانع في عقد البيع أف المبيع إنتقؿ إليو عف طريؽ اإلرث يغني باقي الورثة عف
اإلدالء بأي بين ة أخرى إلثبات حالة الشياع بينيـ وبينو بخصوص المدعى فيو ومف ثمة
4
يمكنيـ حسب ىذا االتجاه أف يطالبوا بإستحقاؽ نصيبيـ في المبيع وبإستشفاع الباقي
وفي ىذا اإلطار جاء في قرار لمحكمة النقض مؤرخ في 2012/11/20ما يمي:
"وبخصوص عدـ إثبات كوف الممؾ المدعى فيو جزء مف اإلرث فإف المحكمة المصدرة
-1اإلقرار الصريح يصدر عف المقر بطريقة صريحة وبألفاظ واضحة الداللة ال يعترييا أي لبس أو غموض"(خالد
سعيد اإلثبات في المنازعات دار السالـ لمطباعة والنشر الرباط ط 2014 1ص 85و.)86
-2أما اإلقرار الضمني فال يصدر عف المقر مباشرة وانما يستشؼ مف ظروؼ ومالبسات الدعوى المنظورة وكذا مف
الحجج التي يستظير بيا أحد طرفييا إعماال لقاعدة أف مف أدلى بحجة فيو قانؿ بما ضمف بيا(حسف بف تاكر
خصوصيات اإلثبات في المادة العقارية ـ س ص .)57
-3حسف بف تاكر خصوصيات اإلثبات في المادة العقارية رسالة لنيؿ دبموـ الماستر في القانوف المدني جامعة ابف
زىر كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية بأكادير السنة الجامعية 2017/2016ص .58
-4حسف بف تاكر ـ س ص .58
56
لمقرار عندما عممت قضاءىا لرد ىذا الدفع بأنو" :فيما يخص تعدد جية اإلرث فإف عبء
إثبات ذلؾ يقع عمى عاتؽ المستأنؼ الذي أقر في رسـ البيع بأف أصؿ المبيع ىو
اإلرث –وأف قاعدة اإلستصحاب عمى ما كاف تقتضي بقاء الممؾ شياعا بيف الورثة وفؽ
ما أقر بو المستأنؼ في عقد البيع مف أف أصؿ تممكو ىو نصيبو إرثا عمى وجو الشياع
وىو إقرار يعفى المستأنؼ عمييما مف إثبات وجو م دخميما وتممكيما لما ىو مقرر مف أف
أقوى ما يؤخذ بو المرء ىو إق ارره تكوف قد تأكدت أف أصؿ الممؾ يعود لموروث المطموبيف
والبانعة لمطالبيف وأف المبيع وقع في الشياع مما يبقى معو القرار مؤسسا قانونا ومعمال بما
فيو الكفاية وباقي السببيف عمى غير أساس".1
أما االتجاه الثاني فيرى أف ذكر اإلرث كأصؿ لمتممؾ في عقد البيع ال يعتبر
إق ار ار مف البانع بأف المبيع مشاع بينو وبيف باقي الورثة وفي ذلؾ ذىبت محكمة النقض
في قرار حديث ليا مؤرخ في 2012/10/09إلى ما يمي" :والمحكمة لما إستخمصت مما
كتب بعقد البيع مف عبارة (أصؿ الممؾ صار إلى البانع باإلرث كنصيبو عمى الشياع
إق ارره بحالة الشياع) ىكذا مع أف العقد ورد فيو أف المبيع محدد بالجيات واألمتار وأنو لـ
يحدد جية اإلرث أي المورث الذي ينحدر منو اإلرث أىو مورث المطموبيف أـ غيره مما
ينتفي معو شرط اإلقرار الواضح الداللة والمحؿ كما أنيا لما كمفت الطالبيف الذيف ينكراف
حالة الشياع بإثبات جية اإلرث المذكورة مع أف المقرر فقيا أنو ال يجبر أحد الخصميف
عمى اإلدالء بحجة لديو لينتفع منيا خصمو كما لمخطاب في شرح المختصر وألف
تكميفو بالحجة المذكورة وىو طرؼ مدعى عميو مخالؼ لقاعدة شرعية وىي (أف البنية
عمى مف ادعى واليميف عمى مف أنكر) تكوف قد جردت قضاءىا مف األساس وعممتو
تعميال غير سميـ مما يعرض قرارىا لمنقض".2
والرأي أنو وجب تأييد اإلتجاه الثاني القاضي بأف ذكر اإلرث كأصؿ لمتممؾ ال
يعني قياـ حالة الشياع وذلؾ لكوف أف قياـ الصمة اإلرثية ال تعني بالضرورة قياـ حالة
-1تنص المادة 329مف مدونة األسرة عمى ما يمي" :أسباب اإلرث كالزوجية والقرابة أسباب شرعية ال تكتسب التزاـ
وال بوصية فميس لكؿ مف الوارث أو الموروث إسقاط صفة الوارث أو الموروث وال التنازؿ عنو لمغير".
-2حسف بف تاكر خصوصيات اإلثبات في المادة العقارية ـ س ص .60
-3وىذا التضارب بيف ق اررات غرؼ محكمة النقض كاف والزؿ قانما ومف ذلؾ تضارب الق اررات بيف الغرفة األولى
والغرفة الشرعية بخصوص مفيوـ األثمية وحجيتيا ومفيوـ مرض الموت والتي سنتناوليا في الفصؿ الثاني مف ىذا
العمؿ.
-4إدريس بممحجوب "دور المجمس األعمى في توحيد وتحقيؽ األمف القانوني مجمة الحقوؽ المغربية ع 8سنة
2009ص 74وما يمييا.
58
الغاية المبتغاة وىي تحقيؽ مبدأ األمف القضاني ببالدنا ضمانا إلستقرار المعامالت مف
أجؿ خمؽ مناخ صحي وسميـ إقتصاديا واجتماعيا وسياسيا في المجاؿ العقاري وذلؾ
1
بإعتباره وعاء صمبا إلحتواء نظ ار لألىمية القانونية واالقتصادية التي يحظى بيا العقار
اإلستثمارات سواء الوطنية أو األجنبية فضال عمى أف القضاء اليوـ أصبح مطالبا -
سواء في عممو القضاني أو إجتياداتو -بإصدار ق اررات قضانية ثابتة ومستقرة وشجاعة
حتى يكوف في مستوى تطمعات المجتمع المعاصر دانـ التطور والتعقيد.
-1سارة الدراؽ األمف القانوني والقضاني في التشريع العقاري المغربي بحث لنيؿ دبموـ الماستر في القانوف الخاص
جامعة عبد المالؾ السعدي كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة السنة الجامعية 2012/2011ص
.94
59
المطمب الثاني :طرق الطعن وتنفيذ األحكام
إقتضت سنة اهلل في خمقو أف يكوف اإلنساف مجبوال عمى الخطأ ولما كاف
القاضي إنسانا فإف احتماؿ الخطأ وارد بحقو ولكف خطأ القاضي ليس كخطأ األفراد
العادييف ألنو يرتبط بحقوؽ الناس ويؤثر في مراكزىـ القانونية لذلؾ إقتضت حكمة
المشرع أف يتـ إيجاد طرؽ قانونية تمكف المتقاضيف مف الطعف في أحكاـ وق اررات
القضاة ليتـ تصحيح ما وقع فيو مف خطأ وسيو أو سوء تفسير وتكييؼ لموقانع وذلؾ
عف طريؽ ابتداع آلية طرؽ الطعف والتي تنقسـ إلى طرؽ عادية وأخرى غير عادية
ولكؿ واحدة خصوصياتيا ومجاؿ ألعماليا.
ولما كانت الغاية مف المجوء إلى القضاء ىي رفع كؿ ما قد يمس بحقوؽ الناس
وحرياتيـ فإف الحصوؿ عمى حكـ حانز لقوة الشيء المقضي بو بات ونياني ال يكفي
في حد ذاتو بؿ إف الغاية مف كؿ ذلؾ ىي تنفيذه عمى أرض الواقع بشكؿ ممموس يطمنف
إليو رابح الدعوى.
لكف موضوع طرؽ الطعف وتنفيذ األحكاـ أثار العديد مف النقاشات الفقيية
والقضانية خصوصا عمى مستوى النزاعات المرتبطة بالعقار المحفظ األمر الذي جعؿ
محكمة النقض ببالدنا تتدخؿ لمحاولة التصدي لكؿ ىذه النقاشات وحسميا بيد أنيا لـ
تصادؼ الصواب في ذلؾ دانما األمر الذي أدى إلى تفاقـ الوضع وتعقيده في كثير مف
المناسبات.
ولمعالجة ىذا الموضوع ومحاولة إبراز أىـ إشكاالتو العممية سنقسمو إلى فقرتيف
وذلؾ عمى الشكؿ التالي:
60
الفقرة األولى :الطعن بإعادة النظر في قضايا التحفيظ
-1تجدر اإلشارة إلى أف الطعف بالتماس إعادة النظر لـ يعد مف الممكف تصور وقوعو ضد األحكاـ االبتدانية وذلؾ
ألف جميع األحكاـ االبتدانية أصبحت قابمة لالستنناؼ بمقتضى التعديؿ األخير الذي طاؿ مقتضيات الفصؿ 19مف
ؽ.ـ.ـ والذي جاء فيو "تختص المحاكـ االبتدانية بالنظر ابتدانيا مع حفظ االستنناؼ أماـ غرؼ االستننافات بالمحاكـ
االبتدانية إلى غاية عشريف ألؼ درىـ( )20.000درىـ
-ابتدانيا مع حفظ حؽ االستنناؼ أماـ المحاكـ االستننافية في جميع الطمبات التي تتجاوز عشريف ألؼ
درىـ( )20.000درىـ ."...
ولـ يستثف المشرع مف القاعدة أعاله إال النزاعات الناشنة عف تطبيؽ الغرامات التيديدية المقررة في التشريع الخاص
بالتعويض عف حوادث الشغؿ واألمراض المينية حيث أوجب أف يصدر في شأنيا حكـ انتياني ولو كاف مبمغ الطمب
غير محدد(الفقرة األخيرة مف الفصؿ 21مف ؽ.ـ.ـ).
-2وتجدر اإلشارة إلى أف الطعف بإعادة النظر في األحكاـ االبتدانية الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري ال يقبؿ عمى
أساس أف ىذه األحكاـ تقبؿ االستنناؼ دانما وفي ذلؾ نصت الفقرة األولى مف الفصؿ 41مف ظ.ت العقاري قبؿ وبعد
التعديؿ حيث جاء فييا ما يمي" :يقبؿ االستنناؼ في موضوع التحفيظ ميما كانت قيمة لمعقار المطموب تحفيظو ."...
وأنو حسب الفصؿ 402مف ؽ.ـ.ـ فإف األحكاـ التي تقبؿ االستنناؼ ال يمكف أف تكوف موضوع طعف بإعادة النظر
وتجدر اإلشارة أف ىناؾ إشكاال آخر قد ثار بيذا الشأف يتعمؽ بمدى إمكانية قبوؿ الطعف بإعادة النظر في الق اررات
الصادرة عف محاكـ االستنناؼ في قضايا التحفيظ حيث اعتبر البعض أف ىذه الق اررات تقبؿ الطعف بإعادة النظر نظ ار
لكوف المشرع لـ يستبعدىا بشكؿ صريح وىناؾ اتجاه ثاني يؤكد عمى ضرورة رفض ىذا الطعف نظ ار لكوف أف ظ.ت.ع
قانوف الشكؿ والموضوع وأف طرؽ الطعف فيو جاءت عمى سبيؿ الحصر وىذا االتجاه أيدتو محكمة النقض في العديد
مف المناسبات ومف ذلؾ القرار عدد 2328مؤرخ في 2006/07/12الذي جاء فيو "الطعف بإعادة النظر غير مقبوؿ
أساسا في النزاع المتعمؽ بالتحفيظ العقاري لكوف ظيير التحفيظ العقاري الذي ىو قانوف الشكؿ والموضوع لـ ينص عميو
فال مجاؿ لمدفاع أو التمسؾ بإحالة الممؼ إلى النيابة وأف الفصؿ 379مف ؽ.ـ.ـ إنما حدد أسباب إعادة النظر في
62
بالخصوص حوؿ مدى إمكانية الطعف بإعادة النظر في الق اررات الصادرة عف محكمة
النقض في نزاعات التحفيظ العقاري حيث إنقسـ رأي الفقو و القضاء بيف مؤيد ومعارض
ولكؿ مبرراتو وحججو.
وتأييدا لالتجاه القاضي بقبوؿ الطعف في ق اررات محكمة النقض بإلتماس إعادة
النظر أصدرت محكمة النقض العديد مف الق اررات ومف ذلؾ القرار عدد 277بتاريخ
1989/02/14والذي جاء فيو ما يمي" :وحيث إف الفصؿ 379مف ؽ.ـ.ـ عندما تحدث
عف جواز الطعف في ق اررات المجمس األعمى لـ يفصؿ بيف ما يرجع مف ق ارراتو إلى النزاع
حوؿ العقار المحفظ أو الموجود في طور التحفيظ أو غير ذلؾ مف النزاعات األمر الذي
يكوف معو طمب إعادة النظر في نازلة الحاؿ مقبوال شكال".1
وجاء في قرار آخر مؤرخ في 2001/11/13ما يمي "يجوز الطعف بإعادة
النظر في ق اررات المجمس األعمى إذا صدرت دوف مراعاة مقتضيات الفصؿ 372مف
ؽ.ـ.ـ سواء تعمقت بمطالب التحفيظ أـ بغيرىا ويتعيف التراجع عف القرار المطعوف فيو
عندما نص عمى اإلستماع لألطراؼ قبؿ تالوة تقرير المستشار المقرر".2
ق اررات المجمس األعمى وال يمكف القياس عميو لقبوؿ إعادة النظر في أحكاـ محاكـ الموضوع ألف طرؽ الطعف تشرع
بنص وال يمكف إحداثيا عف طريؽ القياس" ...غير منشور.
وجاء في قرار آخر ما يمي" :لكف ردا عمى الوسيمتيف فإف طرؽ الطعف تتعمؽ بالنظاـ العاـ وأنو ليس بمقتضيات ظيير
2013/08/12بشأف التحفيظ العقاري ما يسمح بالطعف بإعادة النظر ضد القرارات الصادرة عف محكمة االستنناؼ في
مسطرة التحفيظ مما تبقى معو الوسيمتيف غير جديرتيف باالعتبار".
-قرار محكمة النقض عدد 396المؤرخ في 2007/01/31ممؼ مدني عدد (2005/1/1/12999أورده األستاذ عمر
أزوكار التحفيظ العقاري في ضوء التشريع العقاري وقضاء محكمة النقض).
-1قرار محكمة النقض عدد 277مؤرخ في 1989/02/14ممؼ مدني عدد 12/3250مجمة قضاء المجمس
األعمى عدد 44ص .50
-2القرار عدد 3912الصادر بغرفتيف بتاريخ 13نوفمبر 2001في الممؼ المدني 971/1/451منشور بمؤلؼ
األستاذ إدريس بممحجوب مبادئ الق اررات الصادرة بيينة مشكمة مف غرفتيف أو مف جميع غرؼ المجمس األعمى
مطبعة األمنية ط 1ص .53
63
وفي قرار آخر مؤرخ في 1994/10/04أعادت محكمة النقض التأكيد عمى
نفس المقتضى حيث جاء فيو "يجوز الطعف بإعادة النظر في ق اررات المجمس األعمى إذا
صدر القرار دوف مراعاة مقتضيات المادة 375مف قانوف المسطرة المدنية".1
بيد أف محكمة النقض لـ تكف وفية دوما ليذا اإلتجاه حيث نجدىا في العديد
مف الق اررات تذىب عكسو وتؤكد عمى عدـ إمكانية قبوؿ الطعف بإعادة بالنظر في
الق اررات الصادرة عف محكمة النقض في قضايا التحفيظ العقاري.
ومف الق اررات التي تذىب في ىذا االتجاه نجد القرار عدد 532المؤرخ في
2000/04/05حيث جاء فيو "وحيث إف إمكانية أو عدـ إمكانية ممارسة الطعوف في
األحكاـ تعتبر مف النظاـ العاـ فال يجوز بالتالي إحداث وسيمة طعف إال بمقتضى نص
صريح وأف قرار المجمس األعمى المطموب إعادة النظر فيو صدر في نزاع يتعمؽ بمادة
التحفيظ العقاري التي ينظميا نص خاص ىو ظيير 1913/08/12سواء مف حيث
الشكؿ أو الموضوع وأف ىذا الظيير نظـ موضوع ىذه المادة بأكممو بما في ذلؾ طرؽ
الطعف بالنقض (الفصؿ 47منو) وأنو ماداـ المشرع قد نظـ بصفة كاممة كؿ ما يتعمؽ
بالطعوف في األحكاـ الصادرة في مادة التحفيظ وحدد طرقيا فيما ذكر أعاله فإنو ال مجاؿ
لالستدالؿ بالفصؿ 3مف ظيير المصادقة عمى قانوف المسطرة المدنية إلحداث وسيمة
أخرى لمطعف في تمؾ األحكاـ والق اررات ...مما يفيد أف سكوت المشرع عف جواز الطعف
بإعادة النظر كاف مقصودا بو استبعادىا ولذلؾ فإنو يتعيف التصريح بعدـ قبوؿ طمب
إعادة النظر."2
مما سبؽ يتبيف أف لكؿ توجو أسبابو ومبرراتو فاإلتجاه األوؿ القانؿ بإمكانية
قبوؿ الطعف بإعادة النظر في ق اررات محكمة النقض الصادرة في نزاعات التحفيظ إستند
إلى عدة مبررات منيا:
-1قرار محكمة النقض عدد الصادر بغرفتيف المؤرخ في 1994/10/04في الممؼ عدد 98/9362أورده األستاذ
عبد العزيز توفيؽ قضاء المجمس األعمى في التحفيظ خالؿ أربعيف سنة مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء طبعة
األولى 1999ص 273وما بعدىا.
-2قرار محكمة النقض عدد 532مؤرخ في 2000/04/05في الممؼ المدني رقـ (98/2/6/642أورده إبراىيـ
زعيـ الطعف بإعادة النظر أماـ المجمس األعمى مجمة المحامي عدد 49ص .16
64
أف محكمة النقض قبؿ التعديؿ األوؿ الذي طاؿ ظيير التحفيظ العقاري كانت
تقبؿ الطعف بإعادة النظر في ق ارراتيا وذلؾ عمى إعتبار أف الفصؿ 47مف ظ.ت.ع
كاف يحيؿ عمى الظيير المؤسس لممجمس األعمى الذي كاف الفصؿ 36منو يقبؿ
الطعف بإعادة النظر في ق اررات ىذا األخير في حاالت محددة وخاصة.
والمبرر الثاني أف الفصؿ 1379مف ؽ.ـ.ـ جاء عاما وشامال فيو لـ يميز
بيف الق اررات القابمة لمطعف بإعادة النظر بيف تمؾ الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري
وغيرىا مف القضايا األخرى وماداـ أف المشرع قد سكت عف اإلحالة الصريحة فإنو
وجب الرجوع إلى الشريعة العامة لقوانيف الشكؿ وتطبيؽ مقتضياتيا.
أما اإلتجاه الثاني القاضي بعدـ قبوؿ الطعف بإعادة النظر في ق اررات محكمة
النقض الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري فإنو بدوره يستند إلى العديد مف المبررات
ومنيا أف حاالت الطعف بإعادة النظر تتعارض مع خصوصيات قضايا التحفيظ ذلؾ أف
الفصؿ 402و 379مف ؽ.ـ.ـ حدد أسباب إعادة النظر عمى سبيؿ الحصر وعميو
فبالرجوع إلى أسباب إعادة النظر المحددة حص ار في الفصؿ 379مف ؽ.ـ.ـ يظير أف
السبب المتعمؽ ببت المحكمة فيما لـ يطمب منيا أو أكثر مما طمب أو إغفاؿ البت في
ىذه الطمبات ال يطرح في نزاع التحفيظ الذي يحدد موضوعو مسبقا مف قبؿ المحافظ وأف
المحكمة يقتصر دورىا عمى البت في صحة التعرض مف عدمو وحتى إذا اغفمت البت
-1ينص الفصؿ 379مف ؽ.ـ.ـ عمى ما يمي" :ال يمكف الطعف في الق اررات التي تصدرىا محكمة النقض إال في
األحواؿ اآلتية:
أ)يجوز الطعف بإعادة النظر
-1ضد الق اررات الصادرة استنادا عمى وثانؽ صرح أو اعترؼ بزورتييا؛
-2ضد الق اررات الصادرة بعدـ القبوؿ أو السقوط ألسباب ناشنة عف بيانات ذات صبغة رسمية وضعت عمى مستندات
الدعوى ثـ تبيف صحتيا عف طريؽ وثانؽ رسمية جديدة وقع االستظيار بيا فيما بعد؛
-3إذا صدر القرار عمى أحد الطرفيف لعدـ إدالنو بمستند حاسـ احتكره خصمو؛
-4إذا صدر القرار دوف مراعاة لمقتضيات الفصوؿ 371و 372و375
ب)يمكف أف يطعف مف أجؿ طمب تصحيح الق اررات التي لحقيما خطأ مادي مف شأنو أف يكوف قد أثر فييا ."...
65
في أحد التعرضات فإف مف صالحية المحافظ اإلمتناع عف تنفيذ الحكـ وارجاعو إلى
المحكمة.1
وكذلؾ إستند ىذا االتجاه إلى أف قانوف 12غشت 1913ىو قانوف موضوع
وشكؿ في نفس الوقت وأنو لـ يتحدث عف الطعف بإعادة النظر مما يفيد أنو أراد
إستبعاده مف دانرة الطعوف التي تقبميا الق اررات الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري وال
يمكف التسميـ بأف عدـ وجود إستبعاد صريح معناه وجوب الرجوع ضمنيا إلى قانوف
المسطرة المدنية ذلؾ أنو مف المبادئ العامة المقررة في ىذا الصدد أنو إذا حصؿ
تعارض بيف مسطرة خاصة ومسطرة عامة تطبؽ المسطرة الخاصة ومنو فال يمكف
تطبيؽ قواعد المسطرة المدنية ما لـ يوجد نص صريح يحيؿ عمى مقتضياتيا".2
وىذا الموقؼ تـ تكريسو أيضا قبؿ صدور قانوف المسطرة المدنية سنة
1974حيث جاء في قرار صادر بتاريخ 15ماي 1968تحت عدد 16ما يمي"أف
مسطرة دعاوى التحفيظ ال تخضع لمقتضيات قانوف المسطرة المدنية ماعدا في الحاالت
المنصوص عمييا صراحة".3
وحسما ليذا التضارب الحاصؿ عمى مستوى ق اررات محكمة النقض ومحاكـ
الموضوع ودرءا إلثاره السينة التي يخمفيا في نفوس المتقاضيف والمتعامميف بالعقار
ببالدنا تدخؿ المشرع المغربي بمقتضى التعديؿ الذي طاؿ ظيير التحفيظ العقاري
بالقانوف 14.07ونص في فصمو التاسع بعد المانة عمى أنو "ال تقبؿ األحكاـ الصادرة
في مادة التحفيظ العقاري إال الطعف باالستنناؼ أو النقض".
-1المصطفى الكيمة خصوصيات المسطرة في قضايا التحفيظ العقاري بحث في النزاعات المثارة بسبب التعرض عمى
مطمب التحفيظ أطروحة لنيؿ الدكتوراه في القانوف الخاص جامعة محمد األوؿ كمية العموـ القانونية واالقتصادية
واالجتماعية بوجدة السنة الجامعية 2010/2009ص 277وما يمييا.
-2الحسف الحمير اإلشكاالت القانونية لقواعد المسطرة في مادة التحفيظ رسالة لنيؿ دبموـ الدراسات العميا المعمقة
في القانوف المدني جامعة القاضي عياض كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش السنة الجامعية
2002/2001ص .92
-3القرار عدد 16المؤرخ في 15ماي 1968المجمة المغربية لمقانوف والسياسة ع ص .129
66
وتطبيقا لما جاء في ىذا الفصؿ وتأكيدا لو و عميو أصدرت محكمة النقض ق ار ار
تحت عدد 302مؤرخ في 2013/05/28والذي جاء فيو "بمقتضى الفصؿ 109مف
قانوف التحفيظ العقاري كما تـ نسخو بالقانوف 14.07ال تقبؿ األحكاـ الصادرة في مادة
التحفيظ العقاري الطعف إال باإلستنناؼ والنقض ولما كاف الطمب يرمي إلى إعادة النظر
في القرار الصادر في مادة التحفيظ العقاري فإنو يكوف غير مقبوؿ".1
وفي رأيي فإف مقتضيات الفصؿ 109مف ظ.ت.ع واف كانت تبدو واضحة
ومفيومة فإف صياغتيا الفضفاضة والمرنة تدعو إلى إبداء بعض المالحظات ولعؿ
أبرزىا ىؿ قصد المشرع المغربي مف خالؿ ىذا الفصؿ استبعاد باقي الطعوف غير
العادية الممكف ممارستيا في قضايا التحفيظ العقاري خصوصا ما تعمؽ منيا بالطعوف
الموجية ضد ق اررات محكمة النقض؟.
جوابا عف ىذا التساؤؿ فإننا نرى أنو ال يمكف منع المتقاضيف مف الطعف في
ق اررات محكمة النقض بإعادة النظر أو بتعرض الغير الخارج عف الخصومة وذلؾ لعدة
إعتبارات ومبررات منيا أف العدالة والمنطؽ السميـ يدعواف إلى السماح بممارسة ىذه
الطعوف وذلؾ تفاديا لكؿ آثار سمبية قد تنتج عف خطأ أو ظالؿ ق اررات محكمة النقض
ذلؾ أف القاضي بشر والبشر مجبوؿ عمى السيو والتساىي لذلؾ كاف مف األحسف
واألليؽ السماح بممارسة كؿ طرؽ الطعف ما لـ يحرـ المشرع ذلؾ بكيفية صريحة
ومحددة بغية تقويـ ما أعوجج مف ق اررات محكمة النقض خصوصا إذا إستحضرنا ما قد
ينتج عف ىذه األحكاـ مف عواقب وخيمة تتمثؿ في كونيا قد تكوف سندا لتأسيس الرسـ
العقاري غير القابؿ ألي طعف(الفصميف 1و )62لذلؾ فإف الرأي أف المشرع بمقتضى
ىذا الفصؿ لـ يمنع صراحة الطعف بإعادة النظر وتعرض الغير الخارج عف الخصومة
في ق اررات محكمة النقض وأنو تبعا لذلؾ وجب تطبيؽ مقتضيات الفصؿ 379مف
ؽ.ـ.ـ إذا ما توفرت شروط ذلؾ رغـ أف لمحكمة النقض حاليا رأي مخالؼ.
لكف فمنفرض أف محكمة النقض قد إصدرت ق ار ار في قضايا التحفيظ العقاري
إستنادا عمى وثانؽ صرح أو اعترؼ بزوريتيا فأي التوجييف حري بالتأييد أنستند إلى
حدد المشرع المغربي بمقتضى الفصؿ 26مف ؽ.ـ.ـ الجية الموكوؿ ليا حؽ
النظر في صعوبة التنفيذ الموضوعية في المحكمة مصدرة الحكـ موضوع الصعوبة
وفي ذلؾ تنص الفقرة األولى مف ىذا الفصؿ عمى ما يمي" :تختص كل محكمة مع
مراعاة مقتضيات الفصل 941بالنظر في الصعوبات المتعمقة بتأويل أو تنفيذ أحكاميا
أو ق ارراتيا وخاصة في الصعوبات المتعمقة بالمصاريف المؤداة أماميا ."...
أما إختصاص نظر الصعوبة الوقتية فقد حدده المشرع المغربي بمقتضى الفصؿ
149مف ؽ.ـ.ـ في رنيس المحكمة االبتدانية بصفتو قاضيا لألمور المستعجمة أو أقدـ
القضاة بالمحكمة إذا عاؽ الرنيس مانع قانوني واذا كاف النزاع معروضا عمى أنظار
محكمة اإلستنناؼ فإف اإلختصاص ينعقد لرنيسيا األوؿ.2
-1يقصد بالصعوبة الوقتية تمؾ الصعوبة التي تيدؼ إلى تأجيؿ التنفيذ أو إيقافو وىي ترفع قبؿ البدء في التنفيذ أما
بعد تماـ التنفيذ فإنو ال يبقى ليا مبرر
-إبراىيـ بحماني تنفيذ األحكاـ القضانية الصادرة في مادة التحفيظ العقاري خصوصيات واكراىات مقاؿ منشور
بأعماؿ الندوة الوطنية في موضوع األمف العقاري دفاتر محكمة النقض عدد 26نشر مركز النشر والتوثيؽ القضاني
بمحكمة النقض مطبعة األمنية الرباط ص .486
-2ينص الفصؿ 149مف ؽ.ـ.ـ عمى ما يمي" :يختص رنيس المحكمة االبتدانية وحده بالبت بصفتو قاضيا
لممستعجالت كمما توفر عنصر االستعجاؿ في الصعوبات المتعمقة بتنفيذ حكـ أو سند قابؿ لمتنفيذ أو األمر بالحراسة
68
وغني عف البياف أف الحديث ىنا يتعمؽ بمرحمة ما قبؿ التنفيذ أما إذا تعمؽ
األمر بصعوبة وقتية مرتبطة بمرحمة البدء في التنفيذ أو أثناءه فإف اإلختصاص ينعقد
لرنيس المحكمة االبتدانية بصفتو ىذه طبقا لمقتضيات الفصؿ 436مف ؽ.ـ.ـ .أي أنو
يتدخؿ في إطار عممو الوالني ال القضاني.1
بإستقراء كؿ ىذه النصوص والمقتضيات القانونية يتضح أف المشرع المغربي
حدد الجيات التي تختص بنظر صعوبات التنفيذ بمختمؼ أنواعيا محاوال بذلؾ وضع
حدود ومعايير إختصاص كؿ جية قضانية بغية تفادي تنازع اإلختصاص بينيا
خصوصا إذا إستحضرنا الخصوصية اآلنية ليذه األنواع مف النزاعات.
بيد أف كؿ ىذه الجيود التي بدليا المشرع لـ تمنع مف بروز بعض اإلشكاالت
الواقعية التي أبانت عنيا الممارسة العممية والتي كانت إما بسبب سوء التفسير أو
بسبب غموض ىذه النصوص والنقص التي اعتراىا .ولعؿ أىـ إشكاؿ طرح بيذا
الخصوص ىو بخصوص مدى إختصاص الرنيس األوؿ لمحكمة اإلستنناؼ بنظر
2
إذا كاف النزاع معروضا عمى محكمتو حيث الصعوبة الوقتية في إطار الفصؿ 436
ذىب القضاء ببالدنا وعمى رأسو محكمة النقض في اتجاىيف األوؿ يرى أف الجية
المختصة في نظر الصعوبة الوقتية في التنفيذ ىي رنيس المحكمة االبتدانية بصفتو ىذه
القضانية أو أي إجراء آخر تحفظي سواء كاف النزاع في الجوىر قد أحيؿ عمى المحكمة أـ ال باإلضافة إلى الحاالت
المشار إلييا في الفصؿ السابؽ والتي يمكف لرنيس المحكمة االبتدانية أف يبت فييا بصفتو قاضيا لممستعجالت.
إذا عاؽ الرنيس مانع قانوني أسندت مياـ قاضي المستعجالت إلى أقدـ القضاة.
إذا كاف النزاع معروضا عمى محكمة االستنناؼ مارس ىذه المياـ رنيسيا األوؿ.
تعيف أياـ وساعات جمسات القضاء المستعجؿ مف طرؼ الرنيس".
-1عبد الكريـ الطالب ـ س ص .408
-2ينص الفصؿ 436مف ؽ.ـ.ـ عمى ما يمي" :إذا أثار األطراؼ صعوبة واقعية أو قانونية إليقاؼ تنفيذ الحكـ أو
تأجيمو أحيمت الصعوبة عمى الرنيس مف لدف المنفذ لو أو المحكوـ عميو أو العوف المكمؼ بتبميغ أو تنفيذ الحكـ
القضاني وبقدر الرنيس ما إذا كانت اإلدعاءات المتعمقة بالصعوبة مجرد وسيمة لممماطمة والتسويؼ ترمي إلى المساس
بالشيء المقضى بو حيث يأمر في ىذه الحالة بصرؼ النظر عف ذلؾ واذا ظير أف الصعوبة جدية أمكف لو أف يأمر
بإيقاؼ التنفيذ إلى أف يبت في األمر.
ال يمكف تقديـ أي طمب جديد لتأجيؿ التنفيذ كيفما كاف السبب الذي يستند إليو".
69
سواء كانت محكمتو قد أصدرت الحكـ موضوع التنفيذ أو أنو قد أحيؿ عمييا بمقتضى
1
وفي ذلؾ أصدرت محكمة النقض عدة ق اررات نذكر منيا إنابة قضانية مف أجؿ التنفيذ
القرار عدد 1888المؤرخ في 1989/07/24والذي جاء فيو "يتجمى مف الفصؿ 436
مف ؽ.ـ.ـ أف المختص بنظر الصعوبة في التنفيذ ىو رنيس المحكمة اإلبتدانية التي
تمارس التنفيذ ولو كانت مسطرة إستنناؼ الحكـ المتابع تنفيذه رانجة أماـ محكمة
االستنناؼ.2
أما اإلتجاه الثاني فإنو يرى أف لمرنيس األوؿ لمحكمة اإلستنناؼ حؽ نظر
الصعوبة الوقتية في التنفيذ في حالة ما إذا كاف النزاع معروضا عمى محكمتو وأنو ليس
في القانوف ما يمنع ذلؾ صراحة وتكريسا ليذا التوجو أصدرت محكمة النقض القرار
عدد 309المؤرخ في 1988/04/09والذي جاء فيو "لكف حيث إف الفصؿ 436مف
ؽ.ـ.ـ المحتج بخرقو ولنف ورد ضمف الفصوؿ السابقة لو والمتعمقة بالتنفيذ الجبري
لألحكاـ فإف األمر يتعمؽ باألحكاـ التي تكتسي قوة الشيء المقضى بو أما الصعوبة
المتعمقة بأحكاـ مستأنفة فإف الفصؿ 149صريح في أف اإلختصاص بالبت فييا يعود
لمرنيس األوؿ لمحكمة اإلستنناؼ".3
بإستقراء ىذه الق اررات وتحميميا عمى ضوء النصوص المنظمة يتضح أف اإلتجاه
النافي إلختصاص الرنيس األوؿ لنظر الصعوبة الوقتية في إطار الفصؿ 436مف
ؽ.ـ.ـ إعتمد عمى التفسير الضيؽ ليذا الفصؿ حيث إنو إعتمد حرفية النص الذي
تحدث عف رنيس المحكمة بصفتو ىذه دوف إشارة صريحة ال مف قريب وال مف بعيد
لعبارة الرنيس األوؿ وبذلؾ فإف الرنيس األوؿ يقتصر نظره عمى الصعوبة في إطار
-1إبراىيـ بحماني تنفيذ األحكاـ القضانية الصادرة في مادة التحفيظ العقاري ـ س ص .500
-2عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص .182
72
الفصل الثاني :تضارب ق اررات محكمة النقض في
المادة العقارية من الناحية الموضوعية
73
يميز عادة بيف القواعد الموضوعية والقواعد الشكمية مف زاوية النطاؽ والمجاؿ التي
تتناولو بالتنظيـ ويمكف تعريؼ القانوف الموضوعي بأنو مجموع القواعد التي تحدد
الحقوؽ وتبيف اإللتزامات في المادة المدنية أو تبيف الجرانـ والعقوبات المقررة ليا في
المادة الجنانية.1
ويعتبر القانوف المدني في مفيومو العاـ مجاال خصبا ومرتعا صالحا لبروز
أىمية ىذه القواعد بإعتباره فرعا مف الفروع القانونية التي تيتـ بتنظيـ العالقات المالية
بيف األفراد والمؤسسات عمى حد سواء.
فالقانوف المدني في مفيومو العاـ ىو تمؾ القواعد الموضوعية التي تحدد حقوؽ
والتزامات األفراد في كؿ ما يتعمؽ بمعامالتيـ وعالقتيـ المالية واألسرية مثؿ قانوف
اإللتزامات والعقود ومدونة األسرة وظيير التحفيظ العقارية وكذا مدونة الحقوؽ العينية.
ولما كانت األرض جزءا ال يتج أز مف كينونة اإلنساف ووجوده فإف القواعد
الموضوعية المنظمة لمعقارات والحقوؽ المرتبطة بيا حضيت بإىتماـ خاص مف طرؼ
المشرع وقبمو فقياء الشريعة اإلسالمية وذلؾ بغية اإلحاطة بكؿ اإلشكاالت التي أبانت
والتي ستبيف عنيا الممارسة العممية عمى أساس أف مجاؿ العقار معروؼ بتشعبو وكثرة
النزاعات التي تثار بشأنو.
وما زاد األمر تعقيدا واستشكاال ىو تعدد القوانيف المنظمة لمعقار في المغرب
واختالؼ طبيعتيا حيث نجد إزدواجية في النظـ القانونية فيناؾ عقار عادي ظؿ
يخضع لمقواعد الجاري بيا العمؿ قبؿ فرض نظاـ الحماية وعقار في طور التحفيظ
يخضع مف حيث الشكؿ لظيير التحفيظ العقاري ومف حيث الموضوع لقواعد الفقو
اإلسالمي .وعقار محفظ يخضع لمقانوف المطبؽ عمى العقارات المحفظة والمتمثؿ في
ظيير التحفيظ العقاري لسنة 1913والقرار الوزاري المؤرخ في 2يونيو .1915
الشيء الذي أدى إلى إختالؼ في تفسيرات القضاة وتكييفاتيـ وقراءاتيـ
لمنصوص المنظمة ليذه العقارات عمى اختالؼ طبيعتيا وخصوصياتيا مما أدى
بالنتيجة إلى صدور أحكاـ وق اررات متناقضة وغير منسجمة سواء عمى مستوى محاكـ
-1عبد الكريـ الطالب الوجيز في المبادئ األساسية لمقانوف والحؽ نظرية الحؽ نونبر 2013ص .22
74
الموضوع بإختالؼ درجاتيا ونوعيا أو عمى مستوى محكمة النقض وىي بصدد
معالجتيا ليذه القضايا محؿ النقاش والخالؼ.
ىذا مف جية ومف جية أخرى فإف موضوع التصرفات الواردة عمى العقارات
بإختالؼ أنواعيا وطبيعتيا أثار العديد مف اإلشكاالت وأسيؿ حولو الكثير مف مداد
الباحثيف والفقياء لما لو مف أىمية داخؿ حياة الجماعة بإعتباره وسيمة لتأسيس ونقؿ
وتداوؿ الحقوؽ العينية المنصبة عمى العقارات مع ما يصاحب ذلؾ مف مخاطر
وصعوبات خصوصا في التصرفات التبرعية والتصرفات المرتبطة بالعقارات المشاعة
سواء كانت بإرادة منفردة أو توقؼ إنشانيا عمى توافر إرادتيف.
ولمعالجة ىذا الموضوع ومحاولة اإللماـ بأىـ جوانبو ورصد أىـ آثاره عمى
مبدأي األمف القضاني واألمف العقاري سنعتمد تقسيما ثنانيا ليذا الفصؿ وذلؾ عمى
الشكؿ التالي:
المبحث األول :تضارب الق اررات بخصوص القواعد المنظمة لمعقارات المحفظة
المبحث الثاني :تضارب الق اررات بخصوص التصرفات الواردة عمى العقار
75
المبحث األول :تضارب الق اررات بخصوص القواعد المنظمة لمعقارات
المحفظة
بمجرد ما إستقر الوضع لمفرنسييف ووضعوا أيدييـ عمى سدة الحكـ –بدعوى
حماية المغرب مف أعدانو والقياـ بإصالحات جوىرية عمى جميع المستويات -بدؤوا
يفكروف في طريؽ تمكنيـ مف بسط سيطرتيـ عمى أراضي المغاربة لفاندة كؿ األجانب
ومف واالىمـ واتبع سنتيـ.
وبالفعؿ تـ ليـ ذلؾ عف طريؽ إبتداع نظاـ جديد يضبط الممكية العقارية بشكؿ
أفضؿ وأدؽ قانـ عمى أساس الشير العيني إذ يرتكز أساسا عمى ضبط الوضعية
المادية والقانونية لمعقار في حد ذاتو دوف التركيز بالدرجة األولى عمى شخص المالؾ
حيث يتـ إنشاء رسـ عقاري لكؿ قطعة أرضية عمى حدة يشكؿ الحالة المدنية لمعقار إال
جانب خريطة عقارية تحدد حدوده ومساحتو ومكاف تواجده بكؿ دقة.
وبعيدا عف األسباب الحقيقة لفرض ىذا النظاـ ونوايا مشرعو آنذاؾ فإف ىذا
األخير يعد مف أرقى ما إبتدعو العقؿ البشري حيث حقؽ نجاحا كبي ار مف حيث درجة
ودقة الضبط التي يحققيا لمعقار سواء مف الناحية القانونية أو مف الناحية المادية الشيء
الذي أدى بالناس إلى اإلقباؿ عميو طواعية بعد أف إستحسنوا واستشعروا قيمتو ومزاياه.
ولموصوؿ إلى ىذا الضبط في الوضعية القانونية والمادية لمعقارات البد لطالب
التحفيظ مف سموؾ مجموعة مف اإلجراءات القانونية التي نص عمييا مقنف ظيير التحفيظ
العقاري لػ 12غشت 1913والتي تسمى في مجمميا مسطرة التحفيظ والتي يمكف أف
تنتيي إدارية كأصؿ عاـ ويمكف أف تتخمميا مسطرة قضانية في حالة وجود نزاع وىذا
ىو اإلستثناء.
لكف األسباب التاريخية لوضع ىذا النظاـ وترجمتو المعيبة أحيانا مف الفرنسية
إلى العربية أدوا إلى بروز قضايا خالفية عمى مستوى التطبيؽ العممي لنصوص ظيير
التحفيظ العقاري وما إرتبط بو مف مقتضيات خاصة وذلؾ محاولة مف القضاء المغربي
لتطويع وتمييف بعض النصوص الجامدة التي ال تساير روح العصر وتطوره السريع.
76
ومف أجؿ معالجة ىذا الموضوع ومحاولة إبراز أىـ إشكاالتو العممية إرتأينا
تقسيـ ىذا المبحث إلى مطمبيف وذلؾ عمى الشكؿ التالي:
المطمب األول :مسطرة التحفيظ وآثارىا
المطمب الثاني :في التشطيبات القضائية
77
المطمب األول :مسطرة التحفيظ وآثارىا
إف األصؿ في مسطرة التحفيظ العقاري بالمغرب أنيا عمؿ إداري تنطمؽ بتقديـ
مطمب التحفيظ إلى المحافظ عمى األمالؾ العقارية وتنتيي بتأسيس رسـ عقاري خاص
يطير العقار مف كؿ الشوانب والحقوؽ التي لـ يتـ اإلعالف عنيا أثناء جرياف ىذه
المسطرة والتي تتميز بوجود آجاؿ دقيقة تضبطيا وعممية إشيار واسعة تصاحبيا.
بيد أف مسطرة التحفيظ قد تتخمميا نزاعات وادعاءات بإستحقاؽ حقوؽ أو
تحمالت تـ إنكارىا مف طرؼ طالب التحفيظ عند تقديـ مطمبو لذلؾ فتح مقنف ظيير
ا لتحفيظ العقاري مكنة التعرض عمى مسطرة التحفيظ لكؿ شخص يدعي حقا عمى عقار
تـ طمب تحفيظو وذلؾ داخؿ آجاؿ محددة وبشروط مسطرة.
وعمى إثر ذلؾ يقوـ السيد المحافظ عمى األمالؾ العقارية بتجييز الممؼ وارسالو
إلى المحكمة االبتدانية المختصة لتقوـ بالبت فيو واحالتو مف جديد عمى السيد المحافظ
قصد تطبيؽ األحكاـ بعد صيرورتيا نيانية وباتة.
لكف ولخصوصية ىذه المسطرة أماـ القضاء وتميزىا عف باقي المساطر
األخرى فقد أثير بشأنيا نقاش كبير وصؿ إلى حد صدور أحكاـ متناقضة في قضايا
متشابية الوقانع واألحداث.
ونظ ار لخطورة آثار مسطرة التحفيظ التي تنتيي بتأسيس رسـ عقاري وبطالف
ماعداه مف الرسوـ والذي حصنو المشرع مف أي طريؽ مف طرؽ الطعف طبقا لما ينص
عميو الفصؿ 62مف ظ.ت.ع فقد حاوؿ بعض الفقو ومعو نفر مف قضاء الموضوع
وتمة مف قضاة محكمة النقض التمطيؼ مف حدة قاعدة التطيير وذلؾ عف طريؽ
التضييؽ مف نطاقيا في بعض الحاالت الخاصة.
ولدراسة ىذا الموضوع ومعالجة أبرز إشكاالتو ومحاولة إبرازىا سنعتمد تقسيما
ثنانيا وذلؾ عمى الشكؿ التالي:
الفقرة األولى :في مسطرة التحفيظ
الفقرة الثانية :إشكالية نطاق قاعدة التطيير
78
الفقرة األولى :في مسطرة التحفيظ
قبؿ الخوض في اإلشكاالت التي تثيرىا مسطرة التحفيظ العقاري خصوصا فيما
يتعمؽ بإشكالية عمى مف يقع عبء اإلثبات في النزاعات التي تنشأ بيف طالب التحفيظ
والمتعرض وذلؾ عندما يكوف ىذا األخير حان از لمعقار موضوع النزاع(ثانيا) البد لنا مف
مناقشة نقطة خالفية في غاية األىمية والدقة والتي تتعمؽ بمفيوـ التحفيظ العقاري في حد
ذاتو وذلؾ إيمانا منا بأىمية ضبط المفاىيـ في الحقؿ القانوني بإعتبارىا المنطمؽ األوؿ
في تحديد آثار مجموعة مف القضايا والنزاعات القضانية واإلدارية(أوال).
-1وتجدر اإلشارة أنو تـ نسخ فقرة أخيرة مف ىذا الفصؿ بمقتضى المادة األولى مف القانوف 04.82الصادر بتنفيذه
بمقتضى الظيير الشريؼ رقـ 1.87.16بتاريخ 22مف ربيع األوؿ 10(1414شتنبر )1993الجريدة الرسمية عدد
4225بتاريخ 20أكتوبر 1993ص 2037والتي كانت تنص عمى ما يمي" :يمكف لممجمس األعمى وفؽ لنفس
الشروط وبصفة استثنانية أف يأمر بإيقاؼ تنفيذ حكـ أو قرار صدر في قضية مدنيو كال أو بعضا ويمكف لو في ىذه
الحالة إذا تعمؽ األمر بأداء مبمغ معيف أف يأمر بإيداع ىذا المبمغ كال أو بعضا بكتابة الضبط لضماف حكـ اإلدانة
الصادرة في األصؿ".
-ونظ ار لكثرة االنتقادات الموجية ليذه الفقرة عمى أساس أنيا تمنح المجمس األعمى سمطات واسعة الشيء الذي أدى
إلى تعطيؿ تنفيذ األحكاـ والق اررات بالنظر لكثرة طمبات إيقاؼ التنفيذ المعروضة عميو فقد تـ إلغاء ىذه الفقرة
-عبد العزيز حضري القانوف القضاني الخاص دار النشر الجسور ـ.ط.غ.ـ طبعة 1999ص .360
79
إنطالقا مف مقتضيات ىذا الفصؿ يظير أف الطعف أماـ محكمة النقض ال
يوقؼ التنفيذ إال في الحاالت اإلستنثانية الحصرية المبينة أعاله ومف ىذه الحاالت
قضايا التحفيظ العقاري لذلؾ فإف األحكاـ والق اررات الصادرة في مادة التحفيظ العقاري
والمطعوف فييا بالنقض ال تنفذ إال بعد أف تبت محكمة النقض في الطمب المرفوع إلييا
ورغـ وضوح صياغة ىذا الفصؿ فإف نقاشا واسعا دار حولو نتج عنو إسالة الكثير مف
مداد الباحثيف وذلؾ بخصوص تفسير عبارة "التحفيظ العقاري" الواردة في ىذا الفصؿ
وذلؾ ناتج عف عمومية المفظ وعدـ دقة المشرع وغياب أي تعريؼ تشريعي آنذاؾ
لمصطمح التحفيظ العقاري سواء في قانوف المسطرة المدنية أو في ظيير التحفيظ
العقاري األمر الذي أدى إلى بروز إتجاىيف األوؿ يفسر عبارة التحفيظ العقاري تفسي ار
ضيقا حيث إعتبر أف المقصود بالتحفيظ العقاري ىو مجموع اإلجراءات التي تيـ مرحمة
ما قبؿ تأسيس الرسـ العقاري وىذا التوجو ىو الذي تبنتو محكمة النقض وسارت عمى
ىداىا محاكـ الموضوع( )1أما االتجاه الثاني فإنو فسر عبارة التحفيظ العقاري تفسي ار
واسعا ومف ت ـ فإنو يشمؿ مرحمة ما قبؿ تأسيس الرسـ العقاري وما بعده وىذا المقتضى
ىو الذي تبنتو إدارة المحافظة العقارية ممثمة في شخص المحافظ العاـ(.)2
-9التفسير الضيق لعبارة التحفيظ العقاري
كما سبؽ وقمنا فإف ىذا التوجو تبنتو محكمة النقض وظمت وفية لو وفي ذلؾ
أصدرت عدة ق اررات تبنت ىذا الطرح صراحة ولعؿ أبرزىا وأقدميا وأشيرىا ىو القرار
عدد 125المؤرخ في 02يونيو 1988والذي جاء فيو ما يمي" :إف الفصؿ 361مف
قانوف المسطرة المدنية ينص عمى الحاالت التي يوقؼ فييا التنفيذ بالنقض ومنيا ما أطمؽ
عميو المشرع عبارة التحفيظ العقاري.
وحيث إف المقصود بالتحفيظ العقاري ىي مجموعة اإلجراءات التي يقاـ بيا
بالنسبة ل ممؾ غير محفظ قصد تأسيس رسـ عقاري لو بالمحافظة العقارية وتنتيي ىذه
اإلجراءات بمجرد إنشاء الصؾ العقاري وفؽ ما يقتضيو ظيير 12غشت 1913وبعدىا
يصبح الممؾ عقا ار محفظا يخضع لمقتضيات ظيير 02يونيو 1915ولما كاف القرار
برفع الحجز عمى عقار محفظ قد اكتسب قوة الشيء المقضى بو وفقا لما ينص عميو
80
الفصؿ 91مف الظيير المذكور فقد كاف عمى المحافظ أف ينفذه وأف رفضو ليذا التنفيذ
بدعوى اإلدالء بشيادة عدـ الطعف بالنقض يتسـ بالشطط في استعماؿ السمطة مما
يعرض ق ارره لإللغاء".1
وجاء في قرار آخر مؤرخ في 1999/07/15ما يمي..." :لكف حيث إنو إذا كاف
الفصؿ 361مف ؽ.ـ.ـ المستدؿ بو يجعؿ مف جممة الحاالت التي يوقؼ فييا الطعف
بالنقض تنفيذ األحكاـ إلى حيف البت في قضايا التحفيظ العقاري فإف المقصود مف
النزاعات المثارة بشأف مسطرة التحفيظ كما حدد ظيير 12غشت 1913بشأف التحفيظ
العقاري إذ لو أراد المشرع أف يجعؿ النص شامال لغير ذلؾ كما يدعي المحافظ الستعمؿ
مصطمحا آخر أكثر وضوحا وشمولية وىو مصطمح العقارات التي في طور التحفيظ
والعقارات المحفظة إذ مف المعموـ أف ظيير 12غشت 1913يعالج المسطرة واإلجراءات
المتعمقة بالتحفيظ العقاري والمؤدية إلى تطيير العقار مف كؿ التكاليؼ والحقوؽ التي لـ
يطالب بيا أصحابيا في الوقت المناسب أو طالبوا بيا في شكؿ تعرضات حكـ بعدـ
صحتيا في حيف أف ظيير 02يونيو 1915يتعمؽ بالتشريع المطبؽ عمى العقارات
المحفظة مما يعني أف ىناؾ فرقا دقيقا بيف العقارات في طور التحفيظ والعقارات المحفظة
وأف المشرع قصد إيقاؼ تنفيذ األحكاـ الصادرة في مادة التحفيظ العقاري بسبب الطعف
بالنقض ألف تنفيذىا مف شأنو أف يؤدي إلى تعقيدات ال يمكف تجاوزىا إذا نفذ قرار
التحفيظ قبؿ البت في طمب النقض في حيف أف األحكاـ النيانية الصادرة في النزاعات
المتصمة بالعقارات المحفظة ال يوقؼ تنفيذىا رغـ الطعف بالنقض وىو االجتياد الذي
استقرت عميو الغرفة اإلدارية في قرارىا الصادر بتاريخ 1988/06/02في الممؼ اإلداري
عدد 5576عندما قضت بإلغاء قرار المحافظ المطعوف فيو وصرحت بأف المقصود مف
قضايا التحفيظ الواردة في الفصؿ 361مف ؽ.ـ.ـ إنما ىي القضايا المتعمقة بمنازعات
التحفيظ التي تنشأ عمى إثر تعرضات عمى مطمب التحفيظ".2
-1القرار عدد 125المؤرخ في 2يونيو 1988في الممؼ اإلداري عدد 5676منشور بمجمة القضاء والقانوف العدد
139ص .11
-2محكمة النقض عدد 918المؤرخ في 1999/07/15في الممؼ اإلداري عدد 97/1/5/1318غ ـ.
81
مف خالؿ ما سبؽ سرده مف ق اررات قضانية يتبيف أف محكمة النقض قد
تمسكت دانما وأبدا بالمفيوـ الضيؽ لمتحفيظ العقاري معتبرة أف الطعف الذي يوقؼ التنفيذ
في قضايا التحفيظ العقاري ىو الموجو ضد األحكاـ والق اررات الصادرة في النزاعات
السابقة لتأسيس الرسـ العقاري.
وتأييدا ليذا التوجو يرى بعض الفقو أف مصطمح التحفيظ الوارد النص عميو في
الفصؿ 361مف ؽ.ـ.ـ ال يحتمؿ أف ينصرؼ إال لممساطر التي تيـ مرحمة ما قبؿ
التحفيظ وال يمكف أف ينسحب إلى العقارات المحفظة وذلؾ لعدة أسباب ومبررات مف
أىميا أف كممة التحفيظ ىي مصطمح قانوني تـ إقتباسو مف نظاـ تو ارنس األسترالي
يقصد بو جميع المساطر واإلجراءات التي تسبؽ تأسيس الرسـ العقاري ويميو بعد ذلؾ
مصطمح آخر ىو العقار المحفظ وما يعضد ذلؾ أف المشرع المغربي خصص قسميف
مستقميف لكؿ مصطمح منيما فعنوف األوؿ بػ":في التحفيظ" والثاني "في إشيار الحقوؽ
العقارية المقامة عمى العقارات المحفظة وفي تسجيميا في السجالت العقارية" باإلضافة
إلى قانوف المسطرة المدنية الذي ميز في أكثر مف موضع بيف التحفيظ والعقار المحفظ
1
كما أف الفصؿ 361مف ؽ.ـ.ـ جاء بمبدأ قانوني عاـ وأورد واستعمميما في مكانيما
عميو إستثناءات .وكما ىو معموـ فإف القاعدة الفقيية تقوؿ أف اإلستثناء ال يقاس عميو وال
يتوسع في تفسيره إضافة إلى أف ىذه الحاالت الواردة في الفصؿ 361مف ؽ.ـ.ـ جاءت
-وجاء في قرار آخر لمحكمة النقض رقـ 874المؤرخ في 2001/06/28في الممؼ عدد 2004/01/2908أشار
إليو عبد المطيؼ الفتيحي ـ.س ص 159ما يمي" :وحيث إنو بالنسبة لمفصؿ 361مف ؽ.ـ.ـ فإنو وكما استقر عميو
اجتياد المجمس األعمى الغرفة اإلدارية في عدة ق اررات فإف المقصود بعبارة التحفيظ العقاري مجموع اإلجراءات المتعمقة
بإنشاء رسـ عقاري لعقار ال يزاؿ في طور التحفيظ أما العقارات المحفظة فمما نظاـ خاص ينبع مف الرسوـ العقارية
ولذلؾ فإنيا ال تدخؿ ضمف مقتضيات المصطمح المذكور مما يكوف معو قرار المحافظ القاضي برفض تقييد الحكـ
النياني الحانز لقوة الشيء المقضى بو المستدؿ بو متسما بالشطط في استعماؿ السمطة وبالتالي فإف الحكـ المستأنؼ
يعتبر واجب التأييد".
-1عبد الواحد عصري مفيوـ التحفيظ العقاري في ضوء االجتياد القضاني رسالة لنيؿ دبموـ الماستر في العموـ
القانونية جامعة محمد الخامس كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية الرباط أكداؿ السنة الجامعية
2015/2014ص .36
82
عمى سبيؿ الحصر وىي إستثناء كما قمنا وليا قاسـ مشترؾ يجمع بينيا وىو إستحالة
الرجوع إلى الوضع الحقوقي الذي كاف قانما قبؿ تنفيذ القرار االستننافي إستحالة مطمقة.1
وتأييدا وتوضيحا ليذا التوجو يرى األستاذ جماؿ النعيمي في أطروحتو أف
بعض الفقو إختمط عميو األمر بيف التحفيظ والتسجيؿ(التقييد) مما جعمو يعتبر أف قانوف
بيد أف األوؿ(التحفيظ التحفيظ العقاري وحدة متماسكة يشبو بعضيا البعض
)Immatricalationيتعمؽ بمرحمة ما قبؿ تأسيس الرسـ العقاري أي إيداع المطمب
وشكميات المسطرة مف نشر وتعميؽ فتحديد وتعرضات سواء في مرحمتيا اإلدارية أو
القضانية.
أما الثاني(التقييد )Inscriptionفإنو يخص إشيار الحقوؽ العينية المترتبة عمى
العقارات المحفظة إذ نجد بابا خاصا بالتشريع المطبؽ عمى العقارات المحفظة يحدد لنا
الحقوؽ العينية القابمة لمتسجيؿ بالسجالت العقارية والمسطرة المتبعة والطعوف الممكف
إقامتيا في ىذا الشأف والذي غاب عف الفقو والقضاء المتمسكيف بالمفيوـ الواسع أف
ظيير التحفيظ العقاري يستعمؿ دانما مفيوـ التحفيظ في بابو األوؿ وال يشير إلى عبارة
التقييد إال ناد ار إاستثناء.2
وكذلؾ يرى بعض الباحثيف أف الحاالت الثالث المذكورة ليا قاسـ مشترؾ وىو
إستحالة إرجاع الوضع إلى ما كاف عميو قبؿ التنفيذ إستحالة مطمقة أما فيما يخص
العقارات المحفظة والتي ألحقيا اإلتجاه الموسع بمقتضيات الفصؿ 361مف ؽ.ـ.ـ
فإننا ال نكوف بصددىا أماـ إستحالة مطمقة إلرجاع الحالة إلى ما كانت عميو بعد التنفيذ
بإ ستثناء اإلشكالية الوحيدة المتعمقة بحالة تصرؼ المحكوـ لو في العقار لفاندة الغير
حسف النية والتي تمت معالجتيا وتجاوزىا وذلؾ بإلزاـ المحافظيف بقبوؿ تقييد احتياطي
-1سعاد بنجاني مدى مساىمة االجتياد القضاني في تطوير نظاـ التحفيظ العقاري رسالة لنيؿ دبموـ الدراسات العميا
المعمقة في القانوف الخاص قانوف العقود جامعة محمد األوؿ كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة
السنة الجامعية 2005/2004ص 69وما يمييا(أشار إليو عبد الواحد عصري ـ س ص 37و.38
-2حسف بف تاكر وأحمد الساخي إشكالية تنفيذ المقررات القضانية مف قبؿ المحافظ العقاري مقاؿ منشور بمجمة
النشر القانونيف منشورات المنبر القانوني أشغاؿ الندوة العممية بعنواف قانوف التحفيظ العقاري مطبعة المعارؼ الجديدة
الرباط سنة 2012ص .149
-3محمد بف الحاج السممي الطعف بالنقض الموقؼ لمتنفيذ في قضايا التحفيظ العقاري مقاالت وأبحاث في التحفيظ
العقاري مطبعة دار القمـ الرباط ط 1سنة 2004ص .129-128
84
الفالحة والتي جاء فييا " ...مع التحفظ بما سيصدر مف ق اررات عف الجيات القضانية
المختصة فإف أثر إيقاؼ التنفيذ أماـ المجمس األعمى يجب أف يؤخذ في مفيومو
الواسع وال ينحصر في مسطرة التحفيظ ولو أف المشرع أراد أف يحصر أثر إيقاؼ التنفيذ
لمطعف في مسطرة التحفيظ وحدىا لفعؿ بدوف شؾ بكيفية دقيقة .إف الفصؿ 361مف
ؽ.ـ.ـ يستعمؿ عب ارة "في مادة التحفيظ العقاري" تمؾ العبارة التي ال تتعمؽ بحالة خاصة
ولكنيا تنطوي عمى تعميـ يشمؿ كؿ ما يتعمؽ بالتحفيظ أو كؿ ما يمكف أف تكوف لو
عالقة أو تأثير سواء عمى تأسيس الرسـ العقاري نفسو أو عمى البيانات التي ستضمف بو
.1"...
2
قاـ المحافظ العاـ بإصدار دوريتو وتبعا ليذا التحميؿ الذي قدمتو و ازرة العدؿ
المؤرخة في 16مارس 1981تحت عدد 280الموجية إلى السادة المحافظيف عمى
األمالؾ العقارية والتي جاء فيي ا ما يمي ..." :أنو يستنتج إذف مف رسالة و ازرة العدؿ أف
الطعف بالنقض أماـ المجمس األعمى موقؼ لمتنفيذ وأنو يكوف عمى المحافظيف بالتالي أف
يطمبوا مف اآلف فصاعدا شيادة عدـ الطعف بالنقض أماـ المجمس األعمى كمما طمب منيـ
تقييد قرار إستننافي ما ...إف ىذا المنشور يمغي المنشور رقـ 278بتاريخ 27ماي
1980المتعمؽ بالتقييد اإلحتياطي لمطعف بالنقض أماـ المجمس األعمى".
لكف بعد صدور القرار 125سابؽ الذكر إضطرت إدارة المحافظة العقارية أف
تسايره وتبنت التفسير الضيؽ لمفيوـ التحفيظ العقاري وذلؾ بإصدار الدورية رقـ 314
الموجية إلى السادة المحافظيف عمى األمالؾ العقارية والمؤرخة في 19ماي 1989
والتي تـ بموجبيا الرجوع إلى إعطاء تفسير ضيؽ لمفقرة الثالثة مف الفصؿ 361مف
ؽ.ـ.ـ .بيد أف ىذا التوجو أباف عف العديد مف اإلشكاالت العممية التي أثرت عمى سير
عمؿ اإلدارة خصوصا فيما يخص تطبيؽ األحكاـ الشيء الذي دفع بالسيد المحافظ
88
المدنية وذلؾ بتعديؿ الفصؿ 361مف ؽ.ـ.ـ وتنصيصو مباشرة بعد الفقرة الرابعة عمى
أنو ..." :يقصد بالتحفيظ العقاري في مفيوـ ىذا الفصؿ ما يمي:
-جميع اإلجراءات التي تسبؽ تأسيس الرسـ العقاري؛
-تقييد كؿ التصرفات والوقانع الرامية إلى تأسيس أو نقؿ أو تغيير أو إقرار أو
إسقاط الحقوؽ العينية أو التحمالت المتعمقة بالممؾ في الرسـ العقاري المؤسس لو ."...
تكتسي مسطرة التحفيظ طابعا إداريا فاألصؿ أف تكوف جميع إجراءاتيا أماـ
إدارة المحافظة العقارية بدءا بتقديـ مطمب التحفيظ وانتياء بتأسيس الرسـ العقاري بيد
أف ىذه المسطرة اإلدارية قد تقدـ في مواجيتيا بعض التعرضات والتي تؤثر عمى السير
اإلداري العادي لمسطرة التحفيظ األمر الذي يضطر المحافظ العقاري إلى اإلستعانة
بالسمطة القضانية لمفصؿ في ىذه اإلدعاءات بغية الحصوؿ عمى أحكاـ نيانية قابمة
لمتنفيذ وذلؾ إستكماؿ إجراءات التحفيظ.
ولما كاف البد لكؿ دعوى مف مدع ومدعى عميو وذلؾ لتحديد مف يقع عميو
عبء اإلثبات فقد إستقر القضاء 1ومعو الفقو عمى إعتبار المتعرض في مركز المدعي
وطالب التحفيظ في مركز المدعى عميو وما يعضد ىذا التوجو ىو تعريؼ التعرض
نفسو حيث يعرفو الفقو بأنو "إدعاء يتقدـ بو أحد مف الغير ضد طالب التحفيظ بمقتضاه
ينازع المتعرض في أصؿ حؽ ممكية طالب التحفيظ أو في مدى الحؽ أو في الحدود أو
يطالب بحؽ عيني مترتب لو عمى ىذا العقد وينكره عميو طالب التحفيظ الذي لـ يشر
إليو في مطمبو".2
-1قرار محكمة النقض رقـ 367المؤرخ في 2005/02/02في الممؼ عدد 2003/1/1/3997غير منشور والذي
جاء فيو "لكف ردا عمى الوسيمتيف معا لتداخميما فإنو طبقا لمفصؿ 37مف ظيير التحفيظ العقاري فإف المتعرض ىو
بمثابة مدعى يقع عميو عبء إثبات تممكو لمحؽ فيو مف طرفو قبؿ االنتقاؿ إلى تقييـ حجج طالب التحفيظ".
-2األستاذ الدكتور مأموف الكزبري التحفيظ العقاري والحقوؽ العينية األصمية والتبعية مطبعة النجاح الجديدة بالدار
البيضاء ط 1978ص .48
89
وفي ذلؾ تنص الفقرة األولى مف الفصؿ 24مف ظ.ت.ع كما عدؿ وتمـ
بالقانوف 14.07عمى أنو "يمكن لكل شخص يدعي حقا عمى عقار تم طمب تحفيظو أن
يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ ."...
مف خالؿ ما سبؽ نالحظ أنو تـ اإلستقرار عمى أف المتعرض ىو بمثابة مدعي
يقع عميو عبء اإلثبات وبالنتيجة فإف المحكمة ال تممؾ الحؽ في تقدير حجج طالب
التحفيظ ومناقشتيا إال بعد أف يثبت المتعرض دعواه بمقبوؿ.
غير أف إشكاال أثير بشأف ىذه النقطة تمثؿ في الحالة التي يكوف فييا المتعرض
ح ان از لمعقار موضوع مطمب التحفيظ ىؿ يبقى ممزما باإلثبات بصفتو مدعيا في مواجية
طالب التحفيظ أـ أنو يعفى مف اإلثبات وينتقؿ عبنو إلى طالب التحفيظ وذلؾ تطبيقا
لمقاعدة الفقيية القانمة بأف الحيازة والتصرؼ قرينة عمى التممؾ بخصوص ىذا األمر
انقسـ إجتياد محكمة النقض إلى إتجاىيف األوؿ مناصر والثاني مخالؼ.
-9اإل تجاه الرافض لكون الحيازة تعفي المتعرض من اإلثبات
حيث جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 278مؤرخ في 2008/01/25ما
يمي" :حيث يعيب الطاعنوف القرار فييا بخرؽ الفصؿ 14مف القانوف العقاري الذي ينص
عمى "يقدـ طالب التحفيظ مع طمبو جميع رسوـ التممؾ والعقود والوثانؽ العمومية
والخصوصية وكؿ المستندات التي مف شأنيا أف تعرؼ بالحقوؽ العينية المقررة عمى
العقار" فيكوف القانوف ألزـ عمى صيغة الوجوب طالب التحفيظ بإثبات ممكية العقار
المطموب تحفيظو إال أف ذلؾ لـ يحصؿ وىو ما آثاره الطاعنوف أماـ محكمة االستنناؼ
إال أف ىذه األخيرة جعمت عبء اإلثبات عمى عكس ما يقره الفصؿ 14المذكور.
لكف حيث إف ما تضمنو الفصؿ 14المذكور يتعمؽ بإجراءات مسطرة التحفيظ
أماـ المحافظة العقارية وأنو بمقتضى الفصؿ 37مف قانوف التحفيظ إنما تبت المحكمة
في وجود الحؽ المدعى بو مف قبؿ المتعرض ونوعو ومحتواه ومداه وأف عبء اإلثبات
بذلؾ يقع عمى عاتؽ المتعرض وال يمكف االنتقاؿ إلى مناقشة حجج طالب التحفيظ إال
90
إذا أدلى المتعرض بحجة قوية وأف محكمة االستنناؼ سارت عمى ىذا النيج فجاء بذلؾ
قرارىا غير خارؽ لمفصؿ المحتج بو والوسيمة بالتالي عمى غير أساس".1
-2االتجاه المناصر لكون حيازة المتعرض تعفيو من اإلثبات
حيث جاء في قرار لمحكمة النقض مؤرخ في 2007/07/31ما يمي" :أف مبدأ
إعتبار المتعرض في وضعية المدعي ال يطبؽ عندما يكوف ىذا األخير ىو الحانز لعقار
النزاع كما ىو األمر في النازلة حسبما تبت لمحكمة الموضوع إذ ال يمكف أف يطمب
شخص شينا وىو في يده".2
وجاء في قرار ثاف لمحكمة النقض مؤرخ في 2005/03/09ما يمي" :عندما
يكوف المتعرض ىو الحانز لمعقار فإف الحيازة والتصرؼ قرينة عمى التممؾ فكاف عمى
المحكمة عندنذ أف تناقش حجج طالب التحفيظ والمبدأ في منازعات التحفيظ القاضي بعدـ
مناقشة حجج طالب التحفيظ إال بعد إدالء المتعرض بحجة مستوفية لمشروط المقبولة في
التحفيظ ال تكوف إال في الحالة التي يكوف فييا طالب التحفيظ ىو الحانز لمعقار
المطموب تحفيظو".3
وىو نفس األمر الذي أكدتو محكمة النقض في قرارىا الحديث رقـ 13المؤرخ
في 8يناير 2013والذي جاء فيو "حيث صح ما عابو الطاعنوف عمى القرار ذلؾ أنو
رد تمسكيـ بحيازتيـ لممدعى فيو بأنيـ بإعتبارىـ متعرضيف ىـ الممزموف بإثبات ما
يدعونو مف حقوؽ وال تناقش المحكمة حجة المستأنؼ عميو طالب التحفيظ "باعتباره
مدعى عميو إال بعد إدالنيـ بحجة مقبولة تؤيد تعرضيـ وتدحض حجة المستأنؼ عميو"
في حيف أنو إذا تبتت الحيازة لمطاعنيف فإف ذلؾ يستمزـ مف المحكمة مناقشة حجة
-1قرار محكمة النقض عدد 278المؤرخ في 2008/1/25ممؼ مدني عدد 2004/1/1/385غير منشور.
-قرار محكمة النقض عدد 1415المؤرخ في 1999/03/24في الممؼ المدني عدد 98/1/1/2329قضاء المجمس
األعمى العدد 551اإلصدار الرقمي ص .16
-2قرار محكمة النقض عدد 3572المؤرخ في 2007/10/31/08ممؼ مدني عدد 2006/1/1/4481أشار إليو
عمر أزوكار التحفيظ العقاري في ضوء التشريع العقاري وقضاء محكمة النقض ـ س ص .75
-3قرار محكمة النقض رقـ 666الصادر بتاريخ 2005/03/09في الممؼ المدني عدد 03/2231منشور بمجمة
المرافعة العدد 16ص 180وما يمييا أشار إليو عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص .206
91
المطموب ومقارنتيا مع ىذه الحيازة وترتيب األثر القانوني عمى الدعوى بشأف ذلؾ إما نفيا
أو إيجابا .1"...
والمالحظ أف محكمة النقض قد بالغت في التمسؾ بالقاعدة المستقر عمييا في
مجاؿ التحفيظ القاضية بكوف المتعرض يكوف دانما مدعي في مواجية طالب التحفيظ
وتكوف بذلؾ قد خالفت بتوجييا ىذا القواعد العامة لإلثبات خصوصا في الفقو
اإلسالمي التي تقضي بكوف المدعي ىو الذي يدعي خالؼ األصؿ أو الظاىر أو
2
والحاؿ أف المتعرض ىو الحانز الظاىر بمظير الممؾ وأف طالب التحفيظ ىو العرؼ
مف يدعي خالؼ األصؿ والظاىر.
ويرى بعض الباحثيف أف السبب في ذلؾ راجع بالدرجة األولى إلى أف محكمة
النقض لـ تتخمص مف اثار السياؽ التاريخي الذي وضع فيو الفصؿ 37مف ظيير
3
وكذلؾ التفسير الذي التحفيظ العقاري في صيغتو القديمة قبؿ التعديالت التي لحقتو
إعتمدتو محكمة اإلستنناؼ بالرباط ومعيا محكمة النقض الفرنسية خالؿ فترة اإلستعمار
ليذا الفصؿ والتي أوجدت تعريفا خاصا وجديدا لممدعي في إطار مسطرة التحفيظ حيث
4
عرفتو بكونو مف يدعي خالؼ ما يطمبو طالب التحفيظ
-1قرار محكمة النقض رقـ 13المؤرخ في 2013/01/08في الممؼ عدد 2012/8/1/561مجمة ممفات عقارية
العدد 3سنة 2013ص 79و.80
-قرار محكمة النقض رقـ 214بتاريخ 2003/01/21في الممؼ عدد 2002/1/1/2252مجمة قضاء المجمس
األعمى العدد 61ص .6
-2جاء في ألمية الرقاؽ:
المدعي مف تجرد مف قولو ...مف أصؿ أو عرؼ بصدؽ يشيد والمدعي مطالب بالبنية ...وحالة العموـ فيو بنية.
-3حيث كاف الفصؿ 37قبؿ تعديمو ينص عمى ما يمي" :عند افتتاح المناقشات يعرض المقرر القضية ويعيف
المسانؿ التي تتطمب حال دوف أف يبدي أي رأي تـ يقع االستماع إلى األطراؼ ويقدـ ممثؿ النيابة العامة إف اقتضى
الحاؿ مستنتجاتو تـ بفصؿ في القضية إما في الحيف واما بعد المداولة "...
أما بعد التعديؿ الذي لحقو بمقتضى الظيانر المؤرخة عمى التولي في 1917/09/24و1954/08/25
و 1983/04/05فإنو أصبح ينص عمى ما يمي" :تبت المحكمة في وجود الحؽ المدعي بو مف قبؿ المتعرضيف
ونوعو ومحتواه ومداه وتحيؿ األطراؼ قصد العمؿ بق ارراىا عمى المحافظ الذي لو وحده النظر في قبوؿ طمب
التحفيظ أو رفضو كال أو بعضا وذلؾ مع االحتفاظ بحؽ الطعف المنصوص عميو في الفصؿ ."26
-4عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص .205
92
أما االتجاه الثاني فإنو قضى بكوف المتعرض ال يكوف ممزما باإلثبات عندما
يكوف حان از لمعقار موضوع مطمب التحفيظ وذلؾ إستحضا ار مف محكمة النقض لمظرفية
التاريخية التي صيغ فييا الفصؿ 37السالؼ الذكر وأبعاده اإلستعمارية وبذلؾ فإنيا
تكوف قد عادت إلى تطبيؽ القاعدة الفقيية القاضية بكوف "الحانز تتوفر إلى جانبو قرينة
التممؾ" وعمى مف يدعي خالؼ ذلؾ أف يثبت العكس وبذلؾ تكوف قد ساىمت في
التضييؽ مف قاعدة كوف المتعرض مدعي في كؿ األحواؿ بغية إعادة بعض التوازف
لمعالقة بيف المتعرض وطالب التحفيظ وذلؾ ألف إعماؿ ىذه القاعدة عمى إطالقيا فيو
إضرار بحقوؽ المتعرض إذ أف مجرد التقدـ بمطمب لمتحفيظ يجعؿ صاحبو يستفيد مف
وضعية إمتيازية تعفيو مف اإلثبات والتي تعتبر عف حؽ قاعدة ال تمت لقواعد العدؿ
واإلنصاؼ بصمة خاصة وأف أغمب العقارات في المغرب كانت وال تزاؿ ترتكز بشكؿ
أساسي عمى عنصر الحيازة كشكؿ مف أشكاؿ إثبات التممؾ في غالب األحياف.1
والرأي عندي أنو وجب اإلنتصار لإلتجاه القانؿ بإعفاء المتعرض مف اإلثبات
عندما يكوف حان از وذلؾ لعدة أسباب لعؿ أبرزىا ىو مسايرتو لممنطؽ السميـ وتماشيو مع
الفكر والعقؿ القويـ إذ كيؼ يعقؿ أف نمزـ الحانز باإلثبات وىو مف يتصرؼ في العقار
ويدير شؤونو بعمة أف أحدىـ قدـ مطمبا لمتحفيظ أال يشكؿ ذلؾ خمال في منظومة اإلثبات
المدنية والتي تقوـ أساسا في مجاؿ العقار عمى قاعدة أف عبء اإلثبات يقع عمى مف
يدعي خالؼ األصؿ.
وكذلؾ فإنني أظف أف الوقت قد حاف وآتى إلعادة النظر في قاعدة أف المتعرض
يكوف دانما ممزما باإلثبات باعتباره مدعيا وذلؾ ألنيا قاعدة ظالمة متحيزة ال منطؽ ليا
وال تستند إلى عدؿ وال عدالة بؿ ىي في حقيقة األمر تبقى مجرد قاعدة إستقر عمييا
قضاننا إباف فترة اإلستعمار وبعدىا وحظيت بإحتراـ أكثر مف الالزـ حيث أصبح الخارج
عنيا مف القضاء بمثابة العاؽ.
لذلؾ فإنو قد حاف الوقت لمتمطيؼ مف حدتيا ومحاولة وضع إستثناءات عمييا
–مثؿ الحيازة -بغية تحقيؽ نوع مف التوازف في عالقة اإلدعاء بيف المتعرض وطالب
ينص الفصؿ 62مف ظ.ت.ع عمى ما يمي" :إن الرسم العقاري نيائي ال يقبل
الطعن ،ويعتبر نقطة اإلنطبلق الوحيدة لمحقوق العينية والتحمبلت العقارية المترتبة
عمى العقار وقت تحفيظو دون ماعداىا من الحقوق غير المقيدة".1
فالمشرع المغربي بمقتضى الفصميف األوؿ و 62مف ظ.ت.ع أورد مبدأ مفاده
أف قرار المحافظ بتأسيس الرسـ العقاري يعد نقطة االنطالؽ الوحيدة وأنو يقطع حاضر
العقار بماضيو وبالنتيجة فإنو ال يعتد إال بما تـ التصريح بو وقبولو أثناء جرياف مسطرة
التحفيظ -وذلؾ انطالقا مف تقديـ مطمب التحفيظ و انتياء بإتخاد قرار التحفيظ-مف حقوؽ
وتحمالت عقارية وبطالف ماعداىا مف الحقوؽ والتحمالت العقارية ولو إستندت إلى
أساس قانوني سميـ.
فقرار تأسيس الرسـ العقاري قرار يطير العقار مف الحقوؽ غير الظاىرة وقت
تحفيظو ولو كانت مشروعة ويعترؼ في نفس الوقت بالوجود القانوني لمحقوؽ الظاىرة
وقت التحفيظ ويضفي عمييا صبغة المشروعية ولو كانت غير مشروعة .وفي ذلؾ تنص
محكمة النقض عمى أف"" إقامة الرسـ العقاري لو صفة نيانية ال تقبؿ الطعف ويحسـ كؿ
-1وكذلؾ ينص الفصؿ االوؿ مف نفس الظيير بعد التعديؿ عمى ما يمي" :يرمي التحفيظ إلى جعؿ العقار المحفظ
خاضعا لمنظاـ المقرر في ىذا القانوف مف غير أف يكوف في اإلمكاف إحراجو منو فيما بعد ويقصد منو:
-تحفيظ العقار بعد إجراء مسطرة لمتطيير يترتب عنيا تأسيس رسـ عقاري وبطالف ماعداه مف الرسوـ وتطيير الممؾ
مف جميع الحقوؽ السالفة غير المضمنة بو
-تقييد كؿ التصرفات والوقانع الرامية إلى تأسيس أو نقؿ أو تغيير أو إقرار أو إسقاط الحقوؽ العينية أو التحمالت
المتعمقة بالممؾ في الرسـ العقاري المؤسس لو".
94
نزاع يتعمؽ بالعقار وال يمكف اإلحتجاج بأي حؽ عيني سابؽ عمى التحفيظ لـ يسجؿ
عمى الرسـ العقاري والشراء الذي أبرـ قبؿ التحفيظ ولـ يقع اإلدالء بو أثناء مسطرة
التحفيظ ال يمكف اإلحتجاج بو فيما بعد ما لـ يقر بو البانع".1
واذا كاف قضاءنا وفقينا متفؽ عمى ىذا المبدأ ومسمـ بو وال يجادؿ في أىميتو
بإعتباره عمود التحفيظ وفحواه فإف نقاشا قد أثير حوؿ نطاؽ قاعدة التطيير مف حيث
األشخاص فرأي يتمسؾ بأف ىذه القاعدة عامة ال تحتمؿ أي إستثناء ورأي ثاف يرى
أنيا ال تشمؿ الخمؼ الخاص 2فالخمؼ الخاص مستثنى مف نطاؽ ىذه القاعدة.
وفي ذلؾ أصدرت محكمة النقض العديد مف الق اررات المتضاربة فتارة تنتصر
لمرأي األوؿ وتارة تنتصر لمرأي الثاني ولكؿ إتجاه مبرراتو وفمسفتو وسنحاوؿ دراسة كؿ
إ تجاه قضاني عمى حدة محميميف الق اررات التي سيتـ بسطيا ومقارنيف بينيا بغية
الوصوؿ إلى اإلتجاه األسمـ الحري بالتأييد.
-1قرار صادر عف المجمس األعمى مؤرخ في 1977/04/21في الممؼ اإلداري عدد 18271منشور بمجمة قضاء
المجمس األعمى عدد 26ص .32
-وفي قرار آخر صادر عف محكمة بغرفتيف مؤرخ في 29يناير 1992في الممؼ المدني عدد 87/2075غير
منشور والذي جاء فيو " ...لكف حيث إف المقتضيات المنصوص عمييا في الفصميف 2و 62مف ظيير التحفيظ التي
بنى عمييا المجمس األعمى قضاءه وكذا المنصوص عمييا في الفصؿ 64الذي يمنع إقامة أية دعوى بحؽ عيني تظير
منو العقار بالتحفيظ وال يبقى لممتضرر إال أف يطالب بالتعويض تتضمف قواعد آمرة ليا صمة بالنظاـ العاـ العقاري
يجب أف تثيرىا المحكمة تمقانيا كمما تبيف ليا أف الحؽ المدعي بو قد تظير منو العقار ."...
-2الخمؼ الخاص "ىو الشخص الذي يخمؼ سمفو في شيء معيف بالذات سواء كاف منقوال أو عقا ار أو حقا شخصيا
كاف السمؼ واثنا بو مف قبؿ"(عبد القادر العرعاري مصادر االلتزامات الكتاب األوؿ نظرية العقد نشر مكتبة دار
األماف ساحة المامونية الرباط طبع مطبعة األمنية الرباط سنة 2014ص .336
95
يواجو كالخمؼ العاـ بمقتضيات الفصؿ 62مف ظيير التحفيظ العقاري لػ 12غشت
.1"1913
وفي قرار آخر حديث صادر عف محكمة النقض عدد 153مؤرخ في
2014/03/18تـ التأكيد عمى نفس المبدأ حيث جاء فيو " ...في حيف أف قاعدة
التطيير المنصوص عمييا في الفصؿ 62مف ظيير 12غشت 1913قاصرة عمى
الحقوؽ واالتفاقات المحتج بيا مف لدف الغير الذي يتعيف عميو أف يعمف عنيا أثناء مسطرة
التحفيظ طبقا لمفصؿ 84مف نفس القانوف وال يحتج بيا عمى الخمؼ الذي انتقؿ إليو
العقار مف قبؿ طالب التحفيظ الذي أصبح مالكا لمرسـ العقاري والذي لـ يزده ىذا الرسـ
إال تثبيتا لممكيتو وال يسوغ لو التحمؿ مف تصرفاتو والتزاماتو التي أبرميا بشأنو قبؿ إنشاء
الرسـ العقاري".2
حيث جاء في قرار لمحكمة النقض تحت عدد 37مؤرخ في 20يناير 2015
"خالفا لما يدعيو الطاعنوف فإف محكمة اإلحالة نشرت الدعوى مف جديد بعد النقض
وناقشتيا وأنيا غير ممزمة بتتبع األطراؼ في جميع مناحي أقواليـ التي ال تأثير ليا عمى
قضانيا وأف قاعدة تطيير العقار بتحفيظو قاعدة مطمقة تسري عمى الجميع بما فييـ
خمؼ البانع ولذلؾ فإف القرار حيف عمؿ بأف(البيف مف شيادات المحافظة العقارية المرفقة
أف القطع األرضية موضوع الدعوى تـ تحفيظيا وأف رسـ موروث المدعيف لـ يتـ إيداعو
بمطمب التحفيظ مف طرؼ المشتري أو ورثتو أثناء سرياف التحفيظ فإف تحفيظ القطع
األرضية المذكورة وانشاء رسوـ عقارية طيرىا مف كؿ الحقوؽ العينية السابقة الشيء الذي
يبقى معو احتجاجيـ بحؽ عيني سابؽ لـ يسجؿ عمى الرسـ العقاري خالؿ مرحمة التحفيظ
-1قرار محكمة النقض عدد 5925المؤرخ في 1999/12/29في الممؼ عدد 94/1151منشور بمجمة قضاء
المجمس األعمى العدد 61ص 451و 452و.453
-2قرار محكمة النقض رقـ 153المؤرخ في 2014/03/18في الممؼ المدني عدد 2013/7/1/2729غير
منشور.
96
ال أثر لو عمال بالصؿ 62مف ظيير العقاري) فإف نتيجة لما ذكر يكوف القرار المطعوف
فيو مرتك از عمى أساس قانوني معمال تحميال سميما".1
وجاء في إحدى حيثيات القرار الحديث الصادر عف محكمة النقض تحت عدد
8/447المؤرخ في 2015/07/21ما يمي ..." :إال أنو وخالفا ليذا التعميؿ فإف محكمة
النقض لـ تستقر عمى التوجو الوارد فيو بؿ كاف ذلؾ القرار ق ار ار فريدا ومخالفا لتوجو
محكمة النقض قبمو واستقرت بعده عمى خالفو في ق اررات منيا :القرار عدد 61بتاريخ
2006/04/01الصادر في الممؼ رقـ 4229/1/2004والقرار عدد 606بتاريخ
2006/03/22والقرار عدد 3134بتاريخ 2007/10/05والقرار عدد 3245بتاريخ
24/9/2008وذلؾ بأف اعتبرت قاعدة التطيير قاعدة عامة ال تخصص إال بوجود
نص قانوني كما ىو الحاؿ في أمالؾ األحباس واألمالؾ العامة واألمالؾ المانية
والمنجمية فتبنت بذلؾ مقتضيات الفصميف 1و 62مف ظيير التحفيظ العقاري ورغـ
تمسؾ الطاعنيف بيذه المقتضيات في مذكرتيـ لجمسة 2014/03/28إال أف القرار
المطعوف فيو خرقيا واعتمدت عمى خالفيا مف غير نص يبرر ذلؾ.
حيث صح ما عابو الطاعنوف عمى القرار ذلؾ أنو عمؿ قضاءه بالتعميؿ المنتقد
أعاله في حيف أنو طبقا لمقتضيات الفصميف 1و 62مف ظيير التحفيظ العقاري فإف
تحفيظ العقار يترتب عنو تأسيس رسـ عقاري وبطالف ماعداه مف الرسوـ وتطيير الممؾ
مف جميع الحقوؽ السالفة غير المضمنة بو وذلؾ ألف الرسـ العقاري نياني وال يقبؿ أي
طعف ويعتبر نقطة االنطالؽ الوحيدة لمحقوؽ العينية والتحمالت العقارية المترتبة عمى
العقار وقت تحفيظو دوف ماعداىا مف الحقوؽ العينية وقاعدة التطيير ىذه ىي قاعدة
عامة وآمرة وال مجاؿ معيا ألعماؿ االستثناء الذي اعتمده القرار المطعوف فيو وذلؾ
-1قرار محكمة النقض عدد 37المؤرخ في 20يناير 2015في الممؼ المدني عدد 2812/1/1/2014منشور
بالتقرير السنوي لمحكمة النقض القضاء رأسماؿ ال مادي وطني نشر مركز النشر والتوثيؽ القضاني بمحكمة النقض
مطبعة األمنية الرباط 2016ص .41
97
لعدـ وجود نص قانوني يقضي بو األمر الذي يكوف معو القرار خارقا لممقتضيات
المحتج بخرقيا وعرضو بالتالي لمنقض واإلبطاؿ.1"...
إذف ومف خالؿ إستقراء ىذه الق اررات يتضح أف محكمة النقض ببالدنا كانت
والزالت غير مستقرة عمى رأي موحد.
واستقرت عمى رأي وقد كاف بودنا أف نقوؿ أف محكمة النقض قد غيرت رأييا
مف ىذه اآلراء وأف المسألة ليس فييا خالؼ ولكف كرنولوجيا ىذه الق اررات ال تسعفنا
فبالرجوع إلييا نجد أف الرأي قبؿ سنة 1999كاف مستق ار عمى أف قاعدة التطيير عامة
ومجردة وال تستثني أحدا وبعد ذلؾ تراجعت عف ىذا القرار مقرة بوجود إستثناء ليا يتمثؿ
في الخمؼ الخاص لتبقى بعد ذلؾ محكمة النقض متذبذبة في ق ارراتيا إلى يومنا ىذا
فيناؾ ق اررات في 2014تقر اإلستثناء وأخرى تنفيو وفي 2015إستقر الرأي نسبيا عمى
كوف القاعدة عامة وال تحتمؿ االستثناء.
وفي إنتظار تدخؿ المشرع المغربي لحسـ ىذا الخالؼ الخطير نتمنى أف تطؿ
عمينا محكمة النقض بقرار مبدني بجميع الغرؼ أو عمى األقؿ بغرفتيف تحسـ بو كؿ ىذا
النقاش وتنتصر لمرأي األصوب األسمـ.
أما عف مبررات االتجاىيف فإف لكؿ واحد منيما خمفياتو ومبرراتو فاألوؿ –
الذي يستثني الخمؼ الخاص -يرى أف لفظة "الحقوؽ غير المضمنة" أو "غير المقيدة"
الواردة عمى التوالي في مقتضيات الفصميف األوؿ والثاني والستوف مف ظيير التحفيظ
العقاري كما عدؿ وتمـ بالقانوف 14.07ينصرؼ أساسا إلى تمؾ اإلدعاءات التي ينازع
بمقتضاىا الغير في وجود حؽ الممكية الذي يقرره المحافظ العقاري لطالب التحفيظ أوفي
-1قرار محكمة النقض عدد 8/447المؤرخ في 2015/07/21في الممؼ المدني عدد 2015/1/8/849منشور
بالموقع اإللكتروني www.bilbiatroit.comأطمع عميو بتاريخ 2017/07/20عمى الساعة 00و 15دقيقة
-وجاء في قرار آخر لمحكمة النقض ما يمي" :لكف ردا عمى الوسيمتيف معا لتداخميما فإنو خالفا لما يدعيو الطاعنوف
فإف محكمة اإلحالة نشرت الدعوى مف جديد بعد النقض وأف قاعدة تطيير العقار بتحفيظ قاعدة مطمقة تسري عمى
الجميع بمف فييـ خمؼ البانع".
(قرار محكمة النقض رقـ 37المؤرخ في 20يناير 2015في الممؼ عدد 2014/1/1/2812منشور بمجمة ممفات
عقارية العدد 15السنة 2015ص .217
98
مدى ىذا الحؽ أو حدود العقار و موضوعو وكذلؾ في حالة اإلدعاء بإستحقاؽ حؽ
عيني وا رد عمى المطمب أثناء جرياف مسطرة التحفيظ وال تشمؿ تمؾ الحاالت التي يكوف
فييا صاحب الحؽ المطموب إيداعو قد تمقى حقو مباشرة مف طالب التحفيظ بمقتضى
تصرؼ قانوني صحيح كالبيع واليبة والصدقة وذلؾ ألف ىذا األخير ال ينازع في حؽ
ممكية طالب التحفيظ بؿ عمى العكس فإنو يعترؼ ويقر بو وانما يطالب بإتماـ التصرؼ
وتمكينو مف حقو الذي إستمده منو.1
زيادة عمى ذلؾ فإف العدالة و المنطؽ واإلنصاؼ يقتضوف أال يحمى طالب
التحفيظ بقاعدة التطيير عندما يتصرؼ في حقو أثناء جرياف مسطرة التحفيظ دوف أف
يصرح بيذا التصرؼ وذلؾ لعمة أف البانع –طالب التحفيظ -والذي يخفي تصرفو كال أو
بعضا ويتابع مسطرة التحفيظ دوف أف يصرح بذلؾ يكوف بمثابة المدلس بالكتماف مما
يقتضي معو معاممتو بنقيض قصده والزامو بتمكيف خمفو الخاص مف الحؽ الذي تصرؼ
بو إليو.2
وتعميقا لمبحث والتحميؿ نذىب إلى أبعد مف ذلؾ ونقوؿ إنو يستفاد مف
مقتضيات الفصؿ 84مف ظ.ت.ع أف شكمية اإليداع بسجؿ التعرضات كشرط لمتمسؾ
بالحقوؽ المكتسبة عمى العقار في طور التحفيظ يقتصر فقط عمى الحالة التي يتـ فييا
اإلحتجاج بيذه الحقوؽ عمى األغيار الذيف يكونوف قد إكتسبوا حقوقا عمى ذلؾ العقار أما
إذا تعمؽ األمر بالتمسؾ بالحقوؽ المذكورة في مواجية المالؾ فال يشترط ضرورة أف
يكوف مف إنتقؿ إليو الحؽ قد صرح بو وفؽ الشكمية المنصوص عمييا في الفصؿ 84مف
الظيير كما عدؿ وتمـ بالقانوف .314.07
أما االتجاه الثاني الذي ال يستثني الخمؼ الخاص فإف لو عدة مبررات وأسباب
منيا:
-1ذ.زكرياء العماري نياية الرسـ العقاري بيف اإلطالؽ والتقييد درساة مركزة في االستثناءات الواردة عمى قاعدة
التطيير مقاؿ منشور بمجمة المنازعات العقارية منشورات القضاء المدني العدد 5مطبعة المعارؼ الجديدة الرباط
طبعة 2013ص .100
-2زكرياء العماري ـ س ص .102
-3زكرياء العماري ـ س ص .103
99
أ ف قاعدة التطيير تعتبر الغاية األساسية مف نظاـ التحفيظ العقاري ككؿ وأنو
بدونيا يصبح ىذا النظاـ ىو العدـ سياف فموالىا لما أصبحنا نتوفر عمى قاعدة عقارية
صمبة وآمنة تمبي حاجيات المتعامميف بالعقار وما أكثرىـ لذلؾ فإف قاعدة التطيير
يجب أف تكوف مثؿ الموت ال تستثني أحدا إال بنص خاص وواضح وىو ما ال يوجد
بالنسبة لمخمؼ الخاص.
وردا عمى القوؿ بكوف إستثناء الخمؼ الخاص مف قاعدة التطيير يتماشى وروح
العدالة واTنصاؼ وأف العكس إجحاؼ وظمـ يرى أصحاب اإلتجاه الثاني أف عممية
التحفيظ تقدـ وتمارس في آجاؿ معينة تصحبيا عممية إشيار جد واسعة ولممتضرر حؽ
التدخؿ أثنانيا لحماية حقوقو سواء عف طريؽ اإليداع أو التعرض سواء العادي أو
اإلستثناني ىذا ناىيؾ عف حؽ المطالبة بالتعويض بعد تأسيس الرسـ العقاري.1
والحقيقة أف اإلتجاه الحري بالتأييد ىو اإلتجاه القاضي بإستثناء الخمؼ الخاص
مف قاعدة التطيير وذلؾ لمحفاظ عمى التوازف في العالقات التعاقدية ومحاولة تحقيؽ
أكبر قدر مف العدالة واإلنصاؼ ألنو ال يعقؿ أف نحمي البانع طالب التحفيظ سيء
النية عمى حساب المشتري حسف النية بعمة أف التطيير يطير العقار بصفة مطمقة ثـ
ماذا عف اإلستثناءات التي وضعيا المشرع عمى قاعدة التطيير مثؿ أمالؾ الدولة العامة
واألمالؾ المحبسة ...أال تمثؿ خروجا عف الفصؿ 1و 61مف ظ.ت.ع كما عدؿ وتمـ
بالقانوف 14.07أـ أف لكؿ جية قدر مف الحماية تبعا لخصوصيتيا و طبيعتيا أال
يعتبر الخمؼ الخاص جدي ار بالحماية كما تحمى األمالؾ المحبسة واألمالؾ العامة أـ أف
تعريؼ حؽ الممكية يتغير ويتبدؿ تبعا لطبيعة المطالب بو.
باإلضافة لممبررات القانونية التي سبؽ سردىا فإف بعض الباحثيف 2يروف أف
ىناؾ أخرى واقعية منيا إرتفاع قيمة العقار وبالتالي غالء ثمنو بسبب زيادة الطمب
عميو وأف القضاء ومسايرة منو ليذا التطور والتغير يسعى جاىدا لمواءمة النصوص
-1حسف البكري تعميؽ عمى القرار عدد 5925الصادر في 1999/12/29في الممؼ المدني عدد 94/1151
مجمة قضاء المجمس األعمى اإلصدار الرقمي عدد 61لسنة 2003ص 334و 335و.336
-2عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص .227
100
القانونية مع الواقع اإلجتماعي واإلقتصادي سريع التغير والتجدد وأنو إيمانا منو
واستحضا ار لقواعد اإلنصاؼ والعدالة أصبح مف واجبو جعؿ قاعدة التطيير تستثني
الخمؼ الخاص لطالب التحفيظ خصوصا بالنسبة لمتصرفات التي يجرييا طالب التحفيظ
مباشرة بعد فتح مسطرة التحفيظ.
101
المطمب الثاني :التشطيبات القضائية
أوجب المشرع المغربي في ظيير التحفيظ العقاري بمقتضى الفصؿ 65ضرورة
إشيار جميع الوقانع والتصرفات واالتفاقات الناشنة بيف األحياء مجانية كانت أو
بعوض وجميع المحاضر واألوامر المتعمقة بالحجز العقاري وجميع األحكاـ التي
إكتسبت قوة الشيء المقضي بو متى كاف موضوع ذلؾ تأسيس حؽ عيني عقاري أو
نقمو إلى الغير أو اإلقرار بو أو تغييره أو إسقاطو وذلؾ بواسطة تقييدىا في الرسـ
العقاري تحت طانمة عدـ اإعتداد بيا سواء بيف أطرافيا أو في مواجية الغير.
بيد أف ىذه التقييدات ال تكتسب الصفة النيانية التي لقرار تأسيس الرسـ العقاري
حيث يمكف أف تكوف عرضة لمتشطيب أو اإللغاء وذلؾ طبقا لمفصؿ 91مف نفس
الظيير الذي أقر إمكانية التشطيب عمى كؿ ما ضمف بالرسـ العقاري مف تقييد أو بياف
أو تقييد احتياطي بمقتضى كؿ عقد أو حكـ مكتسب لقوة الشيء المقضي بو يثبت
انعداـ أو انقضاء الحؽ موضوع التضميف.
ويعتبر الفصؿ 91مف ظ.ت.ع بمثابة الشريعة العامة التي تنظـ مختمؼ طرؽ
التشطيب وتبيف أسبابيا وآثارىا.
إلى جانب ذلؾ ىناؾ نصوص خاصة متفرقة تنظـ بعض طرؽ التشطيب
وتبيف أسبابيا واف كانت في مجمميا أثارت العديد مف اإلشكاالت القضانية والنقاشات
الفقيية .ولعؿ أبرز مثاؿ عمى ذلؾ ىو ما أثاره الفصؿ 208مف القرار الوزاري المؤرخ
في 2يونيو 1915والذي يتحدث عف التشطيب عمى الحجز التحفظي بناء عمى أمر
في حالة تراخي الحاجز عف مواصمة إجراءات ىذا األخير والكفيمة بتحويمو إلى حجز
تنفيذي.
وفي سبيؿ سده لمفراغ التشريعي ومحاولة معالجتو لبعض القضايا المستجدة
خدمة لمصالح العاـ ورغبة منو لحماية الممكية العقارية تدخؿ القضاء المغربي وحاوؿ
المالءمة بيف مقتضيات ظيير التحفيظ العقاري وقانوف المسطرة المدنية حيث أقر
إمكانية التشطيب عمى التقييد االحتياطي المقيد بناء عمى مقاؿ الدعوى وذلؾ بموجب
102
أمر مف قاضي المستعجالت رغـ خمو ظيير التحفيظ العقاري –قبؿ تعديؿ -2011مف
أي إشارة إلى ذلؾ الشيء الذي أدى إلى صدور أحكاـ متناقضة في ىذا الشأف بيف
مؤيد ومعارض.
ولمعالجة ىذا الموضوع سنقسـ ىذا المطمب إلى فقرتيف وذلؾ عمى الشكؿ
التالي:
الفقرة األول :التشطيب عمى الحجز بناء عمى أمر في حالة التراخي
الفقرة الثانية :التشطيب عمى التقييد االحتياطي بناء عمى أمر استعجالي
103
الفقرة األول :التشطيب عمى الحجز بناء عمى أمر في حالة التراخي
نص المشرع المغربي في المادة 218مف مدونة الحقوؽ العينية عمى أنو "إذا
وقع التراخي في مواصمة اإلجراءات التي تتمو الحجز ،أمكن لممحجوز عميو أن يتقدم
بمقال إلى رئيس المحكمة المختصة بوصفو قاضيا لممستعجبلت لممطالبة برفع اليد عن
الحجز ،تبمغ نسخة من ىذا المقال إلى الحاجز وفق القواعد المنصوص عمييا في
قانون المسطرة المدنية.
يكون األمر الصادر برفع اليد عن الحجز نيائيا ونافذا عمى الفور"
وىي نفس المقتضيات التي كاف ينص عمييا الفصؿ 208مف ظيير 2يونيو
11915مع إختالؼ بسيط في األلفاظ والمباني.
قرر المشرع المغربي بمقتضى ىذه المادة لممحجوز عميو مكنة طمب التشطيب
عمى الحجز بناء عمى أمر مف رنيس المحكمة االبتدانية التي يقع داخؿ نفوذىا العقار
موضوع الحجز بصفتو قاضيا لممستعجالت وذلؾ في حالة ما إذا تراخى الحاجز عف
مواصمة اإلج ارءات التي تتمو ىذا األخير والكفيمة بتحويمو إلى حجز تنفيذي .والعمة في
ذلؾ أف الحجز ليس غاية في حد ذاتو بؿ ىو وسيمة قانونية وضعيا المقنف لموصوؿ إلى
إقتضاء الحقوؽ عف طريؽ بيع ما لممديف بالمزاد العمني وأداء ما بذمتو لفاندة داننو.
ورغـ أىمية ىذه المقتضيات عمميا بإعتبارىا آلية فعالة لوضع حد لتعسؼ
الحاجز في ممارسة حقو إال أنيا طرحت العديد مف اإلشكاالت العممية ويبقى أبرزىا
اإلشكاؿ المرتبط بنطاؽ مسطرة رفع الحجز لمتراخي حيث إعتبرىا جانب مف القضاء
محصورة في الحجز الناتج عف مسطرة تحقيؽ الرىف في حيف إعتبرىا جانب آخر أنيا
جاءت عامة تستوعب حتى الحجز التحفظي.
-1كاف الفصؿ 208مف ظيير 2يونيو 1915بنص عمى أنو "إذا وقع التراخي في مواصمة اإلجراءات التي تتمو
الحجز أمكف لممحجوز عميو أف يحصؿ عمى اإلنذار وجميع الوثانؽ المسجمة تبعا لو وذلؾ بمقاؿ معمؿ يقدمو لقاضي
المستعجالت ويبمغ كاتب الضبط نسخة منو وغمى طالب البيع في عنوانو المختار ثالثة أياـ عمى األقؿ قبؿ تاريخ
جمسة االستعجاؿ الذي يعينو الرنيس أسفؿ المقاؿ.
ويكوف األمر القضاني الصادر عنو نيانيا ونافذا عمى الفور".
104
واذا كاف ىذا اإلشكاؿ قد أثير في ظؿ الفصؿ 208مف ظيير 2يونيو 1915
فإننا نعتقد أنو سيستمر في ظؿ سرياف مقتضيات المادة 218مف مدونة الحقوؽ العينية
وذلؾ لخمو ىذه األخيرة مف أي مقتضى صريح أو ضمني يحسـ ىذا اإلشكاؿ.1
-1األستاذ عمر زوكار طبيعة االختصاص االستعجالي برفع الحجز عمى العقار في ضوء تعديؿ قانوف التحفيظ
العقاري مجاؿ منشور بمجمة المحاكـ المغربية العدد المزدوج 134/133يناير-مارس 2012ص .42
-2قرار محكمة النقض عدد 3614المؤرخ في 27نونبر 2002في الممؼ المدني رقـ 97/1/1/2702أشار إليو
األستاذ عمر أزوكار في مقالو السابؽ "طبيعة االختصاص االستعجالي برفع "...ـ س ص .42
105
التراخي عف مواصمة اإلجراءات أف يستصدر أم ار ال يقبؿ اإلستنناؼ بالحصوؿ عمى
األعذار وجميع الوثانؽ األخرى.
وال يطبؽ عمى الحجوز التي تتخذ في الحاالت األخرى كإجراء الحجز التحفظي
في إنتظار الحصوؿ عمى السند التنفيذي ضد المديف".1
وجاء في قرار لنفس المحكمة مؤرخ في 24مارس " 2011إف مقتضيات
الفصؿ 208مف ظيير 2يونيو 1915ال تجد تطبيقيا عمى مساطر الحجز التحفظي
ورفعو إذ تتعمؽ باإلجراءات التي تتمو الحجز العقاري المقيد بمناسبة توجيو اإلنذار العقاري
لممديف والتي لـ يشطب عمييا بأمر رناسي كمما تراخى الدانف المرتيف في مواصمة
اإلجراءات".2
والحقيقة أف ىذا التمييز الحاصؿ بيف الحجز التحفظي والحجز الناتج عف تحقيؽ
الرىف الرسمي لمقوؿ بإختصاص قاضي المستعجالت مف عدمو لرفع الحجز في حالة
التراخي عف متابعة اإلجراءات التي تمي الحجز ال مبرر لو وال منطؽ سميـ يزكيو
ويؤيده ألف العبرة مف السماح بيذا التشطيب تكمف في محاربة التعسؼ في إستعماؿ
الحقوؽ والحد مف آثاره لكي ال يكوف المديف تحت رحمة الدانف الذي يوقع حج از تحفظيا
يشؿ بو إمكانية التعامؿ بالعقار لمدة قد تطوؿ أكثر مف الالزـ والمعقوؿ.
ومادامت أف العمة موجودة سواء في مسطرة الحجز التحفظي أو مسطرة الحجز
الذي يمي تحقيؽ الرىف الرسمي المقيد بالرسـ العقاري فمف غير المستساغ السماح
بتضييؽ نطاؽ الفصؿ 218مف مدونة الحقوؽ العينية لذلؾ فإنو مف باب التنبيو ولفت
النظر ندعو المشرع المغربي إلى ضرورة إعادة النظر في مقتضيات المادة 218مف
مدونة الحقوؽ العينية بشكؿ يجعميا تستوعب الحجز التحفظي بصورة واضحة
-1قرار محكمة النقض المؤرخ في 1987/06/17عدد 1433في الممؼ المدني عدد 99287مجمة القضاء
والقانوف عدد 139ص .81
-2قرار محكمة النقض المؤرخ في 2011/03/24عدد 456في الممؼ التجاري عدد 10/13/1265مجمة قضاء
محكمة النقض عدد 75ص .226
106
وصريحة بغية الوصوؿ إلى الغاية المتوخاة مف تدخؿ القضاء اإلستعجالي في المادة
العقارية.
وفي إنتظار ىذا التعديؿ فال يسعنا إال الركوف إلى مقتضيات الفقرة األخيرة مف
الفصؿ 87مف ظ.ت.ع التي تنص عمى أنو "يشطب عمى الحجز واإلنذار بحجز
المنصوص عمييما في الفقرة السابقة بناء عمى عقد أو أمر مف قاضي المستعجالت
يكوف نيانيا ونافذا فور صدوره".
وذلؾ لكوف ىذه الفقرة جاءت عامة تستوعب التشطيب بسبب التراخي في
1
وغيرىا مف األسباب التي قد يرى قاضي استكماؿ اإلجراءات التي تمي الحجز التحفظي
المستعجالت أنيا كفيمة بتبرير طمب إصدار أمر بالتشطيب عمى الحجز تحقيقا لألىداؼ
المتوخاة مف تدخؿ ىذا األخير والتي سبؽ ذكرىا.
الفقرة الثانية :التشطيب عمى التقييد اإلحتياطي بناء عمى أمر استعجالي
لـ ينظـ المشرع المغربي في ظيير التحفيظ العقاري قبؿ تعديؿ 2011
التشطيب عمى التقييد اإلحتياطي المقيد بناء عمى مقاؿ بموجب أمر قضاني الشيء
الذي أدى إلى طرح أكثر مف إشكاؿ سواء عمى مستوى الممارسة اإلدارية لممحافظات
العقارية أو عمى مستوى العمؿ واالجتياد القضانيف لمختمؼ محاكـ الموضوع ومحكمة
النقض.
ولعؿ أبرز إشكاؿ طرح آنذاؾ ىو مدى جواز التشطيب عمى التقييد اإلحتياطي
بناء عمى مقاؿ دعوى مرفوعة في الموضوع إستناد الى أمر مف قاضي المستعجالت .
حيث إنقسـ العمؿ اإلداري والقضاني ببالدنا إلى توجييف األوؿ يرى أف األصؿ
في األمور ىو عدـ إختصاص رنيس المحكمة اإلبتدانية –بصفتو قاضيا لممستعجالت-
بالتشطيب عمى ىذا التقييد اإلحتياطي لكف كثرة وتزايد التقييدات اإلحتياطية التعسفية
والكيدية التي تثقؿ كاىؿ المتعامميف بالعقار وتخفض قيمتو وتمنع في غالب األحياف
تداولو أممت ضرورة السماح لقاضي المستعجالت لمتدخؿ مف أجؿ وضع حد ليذا
-1عبد اإللو المرابط "التقييد االحتياطي آلية لحماية الحؽ المدعى بو أـ وسيمة لحماية حؽ الممكية" سمسمة الندوات
واألياـ الدراسية العدد 38سنة 2011مقاؿ منشور بأشغاؿ الندوة العممية الوطنية نحو تشريع عقار جديد" التي نظميا
مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية لتكريـ األستاذ الدكتور محمد خيري يومي 29و 30أبريؿ 2011ص
.347
108
التشطيب عميو يخرج عف إختصاص قاضي المستعجالت بإعتبار أف البت فيو يمس
بموضوع الحؽ المقيد إحتياطيا.
لكف حيث لما كاف التقييد اإلحتياطي في كؿ حاالتو كما نص عمييا الفصؿ 85
مف ظيير 1913/08/12المتعمؽ بالتحفيظ العقاري ىو إجراء تحفظي وقتي فإف
المنازعة فيو ليا نفس الطبيعة التحفظية الوقتية التي لمتقييد اإلحتياطي واذا كاف ال يوجد
نص قانوني يحدد الجية المختصة بالبت في طمب التشطيب عمى التقييد اإلحتياطي فإف
قاضي المستعجالت الذي يختص بموجب الفصؿ 149مف ؽ.ـ.ـ بإتخاذ كؿ
اإلجراءات التحفظية الوقتية التي تقتضييا حالة اإلستعجاؿ ...ومحكمة اإلستنناؼ حيف
أيدت أمر قاضي المستعجالت الذي قضى بالتشطيب عمى التقييد موضوع النزاع فإنيا
تكوف قد بتت في الدعوى في إطار الفصؿ 152مف ؽ.ـ.ـ ولـ تخرقو والوسيمة غير
وجيية".1
أما فيما يخص اإلتجاه الثاني فقد أصدرت محكمة النقض العديد مف الق اررات
المؤيدة لو ومف ذلؾ القرار عدد 2914المؤرخ في 2008/07/29والذي جاء في
قاعدتو "التشطيب عمى حؽ عيني مقيد تقييدا إحتياطيا والحاؿ أف ىناؾ دعوى جارية حوؿ
موضوع ىذا الحؽ ال يصح إال بصدور حكـ نياني بخصوصو".2
ومما جاء في قرار ثاف لنفس المحكمة تحت عدد 3849المؤرخ في 28أكتوبر
" 2009ال يجوز لقاضي المستعجالت إصدار أمر بالتشطيب عمى تقييد احتياطي تـ
تضمينو بناء عمى مقاؿ دعوى مادامت تمؾ الدعوى رانجة إذ يتعيف إنتظار ما يقضي بو
في موضوع تمؾ الدعوى بحكـ مكتسب لقوة الشيء المقضي بو".3
-1رسالة المحافظ العاـ إلى المحافظ عمى األمالؾ العقارية بمكناس االسماعيمية رقـ 220المؤرخة في
.2004/12/27
110
وبذلؾ فإنو أصبح مف حؽ أي متضرر مف التقييد اإلحتياطي سواء كاف بناء
عمى سند أو عمى أمر أو بناء عمى مقاؿ أف يمجأ لقاضي األمور المستعجمة لمتشطيب
عميو بعد أف يثبت لو عدـ جدية األسباب المستند عمييا أو عدـ صحتيا.
ورغـ ما ليذا التعديؿ مف أىمية آنية ومستقبمية فإنو لـ يسمـ مف اإلنتقاد عمى
إ عتبار أنو سيطرح إشكاال عمميا لقضاة األمور المستعجمة إذ كيؼ يمكف البحث في
جدية األسباب المستند عمييا مف عدميا دوف أف يتعارض ذلؾ مع شرط عدـ المساس
بالجوىر الذي يعتبر أىـ شرط إلنعقاد االختصاص ليذا األخير زيادة عمى شرط
االستعجاؿ.1
حيث ينص الفصؿ 152مف ؽ.ـ.ـ عمى ما يمي" :ال تبت األوامر اإلستعجالية
إال في اإلجراءات الوقتية وال تمس بما يمكف أف يقضي بو في الجوىر".
ليكوف بذلؾ الفصؿ 86مف ظ.ت.ع في فقرتو األخيرة متعارضا مع مقتضيات
الفصؿ 152مف ؽ.ـ.ـ الذي ينص صراحة عمى الشروط الموضوعية إلنعقاد
اإختصاص لقاضي األمور المستعجمة.
والرأي أف المشرع المغربي منزه عف الوقوع في مثؿ ىذا الخطأ خصوصا وأف
ىذا الموضوع كاف محؿ نقاش فقيي وقضاني كبير وانما إرادة المشرع إتجيت إلى منح
ىذا اإلختصاص -بيذا الشكؿ أي إصدار أمر بعد دراسة الجدية والصحة -لقاضي
األمور المستعجمة خروجا عف األحكاـ العامة لمقضاء اإلستعجالي المنصوص عمييا في
قانوف المسطرة المدنية ليكوف بذلؾ مقننا المغربي قد وضع المبنات األولى لمتأسيس
2
لقضاء إستعجالي مف نوع خاص تبعا لخصوصية الموضوع محؿ النزاع
-1يوسؼ مختري "التقييد االحتياطي بيف تقييد حؽ الممكية وحمايتو" مقاؿ منشور بمجمة الحقوؽ نظاـ التحفيظ
العقاري في ضوء القانوف 14.07العدد 5الطبعة 2012ص 115و.116
-2وما يرجع ىذا القوؿ ىو وجود عدة نصوص خاصة كالفصؿ 86مف ظ.ت.ع التي تحت ىذا المنحى ومف ذلؾ
الفصؿ 149مف قانوف حماية المستيمؾ رقـ 31.08القاضي بتحديد تدابير لحماية المستيمؾ حيث نصت الفقرة األوؿ
مف المادة 149عمى ما يمي" :بالرغـ مف أحكاـ الفقرة 2مف الفصؿ 243مف الظيير الشريؼ الصادر في 9رمضاف
19(1331غشت ) 1913بمثابة قانوف االلتزامات والعقود يمكف والسيما في الفصؿ عف العمؿ أو حالة اجتماعية
111
المبحث الثاني :تضارب الق اررات بخصوص التصرفات الواردة عمى
العقار
يقصد بالتصرفات القانونية كؿ تعبير عف اإلرادة مف شأنو أف يحدث أث ار
قانونيا أي أنو يرتب حقوقا والتزامات بالنسبة ألطراؼ ىذا األخير والتعبير عف اإلرادة
إما أف يكوف في صورة توافؽ إرادتيف واما في صورة تعبير بإرادة منفردة وال إختالؼ في
اآلثار الناتجة عف ذلؾ إال مف حيث نطاؽ اإللزاـ وكيفيتو.
واإلنساف –كما ميزه اهلل سبحانو وتعالى -مجبوؿ عمى العيش في كنؼ الجماعة
بإعتباره كاننا إجتماعيا بطبعو ال يطيب لو العيش إال في كنؼ الجماعة بإعتبار ىذه
األخيرة تمثؿ الوسط الحيوي لمعالقات اإلجتماعية واإلقتصادية التي يمارسيا األفراد فيما
بينيـ مف أجؿ الحصوؿ عمى الوسانؿ الضرورية لمعيش والتعايش لذلؾ فإنو يمجأ إلى
إجراء عدة معامالت مع باقي أفراد مجتمعو.
ومف أىـ التصرفات التي يبرميا اإلنساف في حياتو كميا التصرفات التي تنصب
عمى العقار والتي تكتسي أىميتيا حقيقة مف األىمية والقيمة المعنوية واإلقتصادية التي
يتميز بيا العقار في حد ذاتو.
وبقدر ما لمتصرفات العقارية مف قيمة إقتصادية كبيرة بقدر ما تثيره مف
إشكاالت كثيرة وكبيرة والسبب في ذلؾ راجع بالدرجة األولى إلى تعدد األنظمة العقارية
بالمغرب واختالؼ اإلطار القانوني لكؿ واحد منيا.
ومف المجاالت التي عرفت والزالت تعرؼ العديد مف اإلشكاالت العممية نجد
موضوع التصرفات العقارية التبرعية وذلؾ إلنطوانيا غالبا عمى عنصر المحاباة
واإلستغالؿ والتيرب مف دفع الحقوؽ ألصحابيا والوفاء باإللتزامات المترتبة في ذمة
المتبرع وكذا لتشتت أحكاميا في أميات كتب فقياء الشريعة اإلسالمية خصوصا قبؿ
صدور مدونة الحقوؽ العينية لسنة .2011
غير متوقعة أف يوقؼ تنفيذ التزامات المديف يأمر مف رنيس المحكمة المختصة ويمكف أف يقرر في األمر عمى أف
المبالغ المستحقة ال تترتب عمييا فاندة طيمة مدة المميمة ."...
112
وكذلؾ مف المواضيع التي أثيرت بشأنيا عدة نقط خالفية أماـ قضاء الموضوع
وقضاء محكمة النقض موضوع التصرفات التي تنصب عمى الممكية العقارية الشانعة
خصوصا ما تعمؽ منيا بحاالت إنياء الشياع.
ولدراسة ىذا الموضوع ومالمسة أبرز إشكاالتو الواقعية التي يصطدـ بيا
قضاننا سنقسـ ىذا المبحث إلى مطمبيف وذلؾ عمى الشكؿ التالي:
113
المطمب األول :التصرفات الناشئة عمى توافق اإلرادات
أثارت التصرفات التي يتوقؼ إنعقادىا عمى إرادة طرفييا العديد مف اإلشكاالت
العممية التي أباف عنيا العمؿ القضاني لمختمؼ محاكـ المممكة وكذا محكمة النقض
خصوصا ما تعمؽ منيا بالتصرفات التبرعية التي غالبا ما يدور الشؾ حوؿ نوايا المقدـ
عمييا وذلؾ لغمبة وجود عنصر المحاباة فييا وكذلؾ إلشتراط فقياء الشريعة اإلسالمية
ضرورة وجود الحوز المادي لممتبرع بو في كؿ التصرفات التبرعية زيادة عمى الشروط
الالزمة في كؿ التصرفات.
ومف أبرز المواضيع التي أثير حوليا النقاش الفقيي والقضاني نجد موضوع
شيادة األتمية التي يديؿ بيا العدوؿ وثانقيـ حيث إعتبرىا البعض حجة مطمقة ال يمكف
إثبات عكسيا ولو بشيادة أىؿ االختصاص مف األطباء في حيف إعتبرىا البعض اآلخر
حجة نسبية يمكف إثبات عكسيا بشيادة الطبيب.
ومف المواضيع التي عرفت كذلؾ نقاشا مستفيضا وجدال واسعا وتضاربا في
األحكاـ والق اررات القضانية موضوع الحوز في التصرفات التبرعية التي تنصب عمى
عقار محفظ بيف مشترط لمحوز المادي رغـ تقييد التصرؼ في الرسـ العقاري وبيف
مكتؼ بالحوز القانوني المتمثؿ في التقييد بالرسـ العقاري.
وفي سبيؿ حؿ ىذه اإلشكاالت وحسـ التبايف بشأنيا تدخمت محكمة النقض في
أكثر مف مناسبة وأصدرت العديد مف الق اررات منيا ق اررات مبدنية أصدرت بجميع
الغرؼ المكونة ليذه األخيرة غير أف عدـ وفاء ىذه األخيرة لق ارراتيا واخالصيا ليا أدى
إلى تعميؽ اإلشكاؿ والزيادة في حدتو مما إضطر معو المشرع لمتدخؿ وحسـ بعض
النقط الخالفية.
ولدراسة ىذا الموضوع ومحاولة مالمسة أىـ إشكاالتو العممية وتسميط الضوء
عمى أسبابيا سنقسـ ىذا المطمب إلى فقرتيف وذلؾ عمى الشكؿ التالي:
الفقرة األولى :الحوز في التصرفات التبرعية
الفقرة الثانية :موقف محكمة النقض من حجية شيادة األتمية
114
الفقرة األولى :الحوز في التصرفات التبرعية
الحوز لغة أو الحيازة بمعنى القبض يقاؿ حاز الشيء يحوزه حو از أو حيازة إذا
وفي لساف العرب 2حاز اإلبؿ 1
قبضو إليو ووضع يده عميو وأدخمو في حوزه وممكو
وحوزىا أي ساقيا سوقا رويدا ويقاؿ حزىا أي سقيا سوقايحوزىا ويحيزىا حو از أو ًحي از ً
شديدا وخذىا إلييا بحزـ وعجؿ وليمة الحوز أوؿ ليمة توجو فييا اإلبؿ إلى الماء إذا
كانت بعيدة منو واألحوزي والحوزي الجاد في أمره وانحاز القوـ إذا تركوا مواقعيـ إلى
وتحيز إذا تنحى وماؿ وانضـ إلى فنة أخرى قاؿ تعالى "ومن يوليم
أخرى وتحوز عنو ً
يومئذ دبره إال متحرفا لقتال أو متحي از إلى فئة فقد باء بعضب من اهلل ومأواه جينم
وبيس المصير".3
أما إصطالحا فيقوؿ إبف عرفة "الحوز رفع تصرؼ المعطي في العطية بصرؼ
التمكف منو لممعطى أو نانبو" وفي شرح ذلؾ يقوؿ الرصاع التوتنسي" :ىو رفع يد المعطي
عف التصرؼ في الممؾ ورد ذلؾ إلى يد المعطى أو نانبو" ويضيؼ قانال "فمو زاد مع
الحد لألعـ خاصية الحسي وىو الصرؼ بالفعؿ لصح ذلؾ".4
وتعميقا عمى ىذا التعريؼ يقوؿ األستاذ عبد الرحماف بمعكيد "ولعؿ ىذا التعريؼ
رغـ شرح الرصاع ال ينسجـ مع معنى الحوز في العطايا فالحوز في العطية معناه
تسميـ الشيء المعطي مف يد المعطي إلى يد المعطى لو واف شنت قمت ىو وضع
المعطى يده عمى العطية وال شأف لنا أف يتصرؼ فييا بالبيع أو غيره أو أف ينتفع بيا
وانما أف تنقؿ إليو وأف تخرج فعميا مف يد المعطي ومف حوزه إلى يد وحوز المعطى".
-1عبد الرحماف بمعكيد اليبة في المذىب والقانوف دراسة لميبة وما يتصؿ بيا مف صدقو وحبس وعمري في المذىب
المالكي والقانوف المغربي توزيع صوماديؿ الدار البيضاء الطبعة الثانية 2001ص 225و.256
-2ابف منظور لساف العرب "حوز".
-3سورة األنفاؿ اآلية .16
-4الرصاع التونسي شرح حدود ابف عرفة نشر و ازرة األوقاؼ والشؤوف اإلسالمية بالمغرب 1992ص 586
و(587أشار إليو عبد الرحماف بمعكيد ـ س).
115
لذلؾ فإف ىذا األخير يرى أف التعريؼ األسمـ واألصوب واألبسط ىو "الوضع
الشرعي لميد عمى الشيء أو الحؽ باألصالة أو بالنيابة".
والحوز كما ىو معموـ شرط البد منو لصحة اليبة وذلؾ باتفاؽ األنمة األربعة
مالؾ والشافعي وأبي حنيفة وابف حنبؿ وكذلؾ جميور فقياء ىذه المذاىب ولـ يخالؼ ىذا
االتجاه إال الظاىرية لكونيـ أخذوا بظاىر األدلة وقالوا أف اليبة عقد واهلل عز وجؿ قاؿ "يا
أييا الديف أمنوا أوفوا بالع قود" وقالوا كذلؾ أف االلتزاـ بيا وتغيرىا مف التصرفات عمد
واهلل تعالى يقوؿ "وأفوا بعيد اهلل إذا عاىدتيـ".
ويقوؿ بعض الفقو أف األصؿ في إشتراط الحوز في التبرعات ما أوردتو سيدتنا
عانشة الصديقة رضواف اهلل عمييا عف والدىا الصديؽ أبي بكر أنو كاف نحميا جداد
عشريف وسقا مف مالو لـ تحزه فمما حضرتو الوفاة قاؿ ليا يا بنية إف أحب الناس بعدي
ألنت وأف أعز الناس عمي فق ار النت واني قد كنت نحمتؾ جداد عشريف وسقا مف مالي
ولو كنت جددتيو وأحرزتيو لكاف لؾ وانما ىو اآلف ماؿ الورثة وانما ىما أخواؾ وأختاؾ
فإقتسموا عمى كتاب اهلل.1
ولرب سانؿ يسأؿ ويقوؿ ما الحكمة مف إشتراط فقياء الشريعة اإلسالمية لمحوز
في التصرفات التبرعية؟ إف الجواب عف ىذا السؤاؿ يستدعي منا إستحضار قيمة الماؿ
في نفوس بني البشر فاإلنساف كما يعرؼ الجميع مخموؽ أناني بطبعو فيو مجبوؿ عمى
حب الماؿ ال إيثاره وتوزيعو دوف مقابؿ .ولعؿ أكبر دليؿ عمى ذلؾ ىو إعتبار الشرع
الماؿ مف الكميات الخمس الواجب الحفاظ عمييا إلى جانب النفس والعقؿ والديف
والنسؿ.2
لذلؾ إشترط فقياء الشريعة اإلسالمية ضرورة حيازة المتبرع لو لمماؿ المتبرع بو
حيازة مادية قبؿ حصوؿ المانع لصحة التصرفات التبرعيو المحضة.
-1األستاذ محمد األجراوي الحيازة الفعمية في التبرعات بيف الفقو والقانوف الوضعي ودور المجمس األعمى في التوفيؽ
بينيما مقاؿ منشور بمجمة المحاكـ المغربية عدد 84سنة 2000ص .14
-2األستاذ محمد األجراوي ـ س ص .15
116
واذا كانت ضرورة الحوز في التبرعات العقارية محؿ توافؽ واستقرار سواء بيف
أوساط الفقو أو القضاء فإف األمر لـ يعد كذلؾ منذ أف فرض ظيير التحفيظ العقاري
عمى المغرب سنة 1913إباف فترة اإلستعمار حيث أثيرت إشكالية كبيرة وعميقة تمثمت
في مدى إعتبار تقييد التصرفات التبرعية العقارية في الرسـ العقاري حو از قانونيا يعادؿ
الحوز المادي وبالتالي يغني عنو.
في محاولة منيا إليجاد حؿ ليذا اإلشكاؿ الكبير أصدرت محكمة النقض ببالدنا
عددا كبي ار مف الق اررات التي كانت ولألسؼ متناقضة فتارة تنتصر لمرأي الذي يتمسؾ
بضرورة حصوؿ الحوز المادي حتى ولو تـ تقييد التبرع في الرسـ العقاري وتارة تعدؿ
عف ىذا الرأي مكتفية بالتقييد دوف حاجة لمحيازة المادية.
والحقيقة أف لكؿ إ تجاه مؤيداتو ومبرراتو التي يحاوؿ بيا الدفاع عف طرحو لذلؾ
فإف المنطؽ السميـ والعقؿ القويـ يستدعياف منا تناوؿ كؿ إتجاه عمى حدة محاوليف
دراستيـ وتحميميـ عمى ىدى آراء الفقو وردود أفعاليـ إتجاه بعض الق اررات.
االتجاه األول :التقييد في الرسم العقاري يغني عن الحوز المادي
إعتبرت محكمة النقض في الكثير مف ق ارراتيا التقييد في الرسـ العقاري قبؿ
وقوع المانع كافيا وحده إلعتبار التبرع بالعقار المحفظ صحيحا دوف حاجة لمبحث في
توفر الحوز المادي مف عدمو واعتبرت التقييد حو از قانونيا ومف ىذه الق اررات نذكر:
قرار محكمة النقض المؤرخ في 25مارس 2009والذي جاء في إحدى حيثياتو
ما يمي" :لكف حيث إف القرار المطعوف فيو لما قضى برفض إبطاؿ اليبة فقد إرتكز في
ذلؾ عمى أف عقد اليبة ىو كسانر العقود لو شروط التي ىي الواىب والموىوب لو
والشيء الموىوب والصيغة وىي كميا متوفرة في العقد المطعوف فيو وانو إذا كاف الفقو
إضافة إلى ذلؾ يشترط لصحة عقد اليبة الحيازة والقبض أي الحوز القانوني والفعمي
فإف المطموبة في النقض قد قامت بتسجيؿ عقد اليبة في الرسـ العقاري قبؿ وفاة
المتصدؽ وىو ما يعتبره حيازة قانونية ونقال لمممكية مف ذمة الواىب إلى الموىوب لو
117
وأف عممية التقييد بالصؾ العقاري ىذه توفر كؿ الضمانات القانونية لفاندة الموىوب لو
وىو ما يحقؽ غاية الفقو اإلسالمي .1"...
وجاء في القرار عدد 163المؤرخ في 12أبريؿ 2011ما يمي" :إف تسجيؿ عقد
اليبة بالرسـ العقاري قيد حياة الواىب يعد حيازة قانونية منذ تاريخ تسجيمو تغني عف
إشياد العدليف بمعاينة الحوز .2"...
وتأكيدا ليذا التوجو وانتصا ار لو ومحاولة منيا لحسـ ىذا الجدؿ العميؽ
أصدرت محكمة النقض ق ار ار تاريخيا بجميع غرفيا تحت عدد 555مؤرخ في
2003/12/08جاء في إحدى حيثياتو "لكف ردا عمى ما أثير في الوسانؿ مجتمعة فإنو
لما كاف الثابت مف أوراؽ الممؼ باألخص شيادة المحافظ العقاري بالمحمدية زناتة إف
المطموبيف في النقض قد تمكنا مف تسجيؿ عقد الصدفة عدد 292ص 434كناش
التركات 3تاريخ 1988/03/23بالرسـ العقاري عدد 37140لمفيال المتصدؽ بيا
عمييما في حياة المتصدؽ بوسميـ عمي بف سميماف وبالتالي فإف ىذا التسجيؿ يعتبر في
حد ذاتو حيازة قانونية تغني عف إشياد العدليف بمعاينة الحيازة واخالء الفيال موضوع
الصدقة واثباتيا بوسانؿ أخرى ماداـ التسجيؿ يخرج الممكية والحيازة مف يد المتصدؽ إلى
يد المتصدؽ عمييا بشكؿ قانوني ال جداؿ فيو ويمكنيما مف التصرؼ في العيف
المتصدؽ بيا عمييما بجميع أنواع التصرفات دوف منازع فالصدقة نافذة في حؽ
المتصدؽ وغيره إضافة إلى أف قياـ المتصدؽ بوسميـ عمي بف سميماف بإجراءات تسجيؿ
الصدقة في الصؾ العقاري يعتبر تنفيذا لمصدقة ومعموـ أف تنفيذ المتصدؽ لمصدقة
يجعميا صحيحة ونافذة في حقو و حؽ خمفو ما لـ تكف ىناؾ دعوى صورية ...فإنو لما
كانت غاية الفقو في إشتراط الحيازة في عقود التبرعات ىو خروج العيف المتصدؽ بيا
مف يد المتصدؽ إلى يد المتصدؽ عميو فإف تسجيؿ عقد الصدقة في الرسـ العقاري
-1قرار مؤرخ في 25مارس 2009أشار إليو الدكتور محمد عقود التبرع 2اليبة سمسمة البحوث القانونية 26
المطبعة والوراقة الوطنية الطبعة األولى 2015ص 191و 192و.193
-2قرار محكمة النقض عدد 163المؤرخ في 2011/04/12في الممؼ الشرعي عدد 2009/1/2/584غير
منشور.
118
يحقؽ الغاية المذكورة ويوثقيا بشكؿ أضمف لحقوؽ المتصدؽ عميو ألنو بمجرد تسجيؿ
الصدقة في الرسـ العقاري واشيارىا لمعموـ يصبح المتصدؽ عميو مالكا وحان از لمعقار
المتصدؽ بو عميو دوف منازع ويضمف لنفسو اإلحتفاظ بو والتصرؼ فيو بجميع أنواع
التصرؼ والقرار المطعوف فيو لما إعتبر تسجيؿ الصدقة في الصؾ العقاري قبؿ حدوث
المانع حيازة قانونية تغني عف الحيازة الفعمية فإنو يكوف قد طبؽ القانوف ولـ يشطط في
إستعماؿ السمطة ولـ يحرؼ وثانؽ الممؼ وعمؿ قضاءه تعميال كافيا وما بالوسانؿ يبقى
عمى غير أساس".1
اإل تجاه الثاني :التقييد في الرسم العقاري ال يغني عن الحوز المادي
تمسكا منيا بما تـ إق ارره في الفقو اإلسالمي مف ضرورة توفر الحوز المادي في
التبرعات العقارية كشرط لصحتيا وسريانيا أصدرت محكمة النقض العديد مف الق اررات
التي تدعـ ىذا التوجو ومف ذلؾ:
القرار عدد 565المؤرخ في 24نوفمبر 2004والذي جاء في حيثياتو "...
الحيازة شرط صحة في التبرعات وتثبت بمعاينة البينة الشاىدة بالتبرع بحصوليا سواء كاف
العقار محفظا أو غير محفظ وعقد الصدقة المستدؿ بو مف لدف الطالبة عايف شييداه
حيازتيا لممتصدؽ بو فارغا مف شواغؿ المتصدقة وعدـ تسجيمو بالرسـ العقاري في حياة
-1القرار عدد 559المؤرخ في 2003/12/08الصادر بجميع غرؼ محكمة النقض(المجمس األعمى سابقا) في
الممؼ العقاري عدد 95/2/2/5986منشور بمجمة القضاء والقانوف العدد 149مطبعة األمنية الرباط تاريخ
الطبع غير مذكور ص 259إلى .263
-وجاء في قرار آخر تحت عدد 2370مؤرخ في 26دجنبر 1995منشور بمجمة قضاء المجمس األعمى العدد
المزدوج 50/49لسنة 1997ص 103وما يمييا ما يمي ..." :أية حيازة قانونية بمفيوـ التسجيؿ العقاري لـ تقع قبؿ
حدوث المانع ىو وفاة المتصدقة وأف المتصدؽ عمييما لـ يحصؿ ليما أي مانع شرعي يحوؿ بينيما وبيف تسجيؿ رسـ
الصدقة بالرسوـ العقارية قبؿ وفاة المتصدقة وقد أقر الفقو أف المتصدؽ عميو إذا لـ يحز المتصدؽ بو لتفريط منو إلى
أف مات المتصدؽ فإف حقو يبطؿ ."...
-قرار محكمة النقض عدد 174المؤرخ في 1996/02/13منشور بمجمة قضاء المجمس األعمى العدد المزدوج
50/49ص 108و 109و.110
-قرار محكمة النقض عدد 3304المؤرخ في 1991/12/25منشور بمجمة المحاكـ المغربية العدد 74سنة 1985
ص 79وما يمييا.
119
المتصدقة ال أثر لو عمى صحتو وال يؤدي إلى بطالنو ماداـ قد نشأ صحيحا والقرار
المطعوف فيو لما إعتبره باطال لعدـ تسجيمو في الرسـ العقاري قبؿ حصوؿ المانع
لممتصدقة جاء غير مرتكز عمى أساس وتعرض لمنقض".1
كما أف القرار 2890إعتبر أف الحوز بإعتباره شرط تماـ في اليبة واف ورد
عمى عقار محفظ فإنو يقتضي معاينتو مف طرؼ العدليف وىو ما يسمى بالحوز
المادي.2
مف خالؿ إستقراء مجموع الق اررات التي سبؽ سردىا وغيرىا مف الق اررات
القضانية الكثيرة يتجمى واضحا أف محكمة النقض ببالدنا قد وقعت في التناقض
-1قرار محكمة النقض عدد 565المؤرخ في 2004/11/24في الممؼ الشرعي عدد 2001/1/2/261أورده
إدريس بممحجوب ق اررات المجمس األعمى بغرفتيف أو بجميع الغرؼ الجزء الثالث ط 2سنة 2008ص .197
-2قرار محكمة النقض عدد 2890المؤرخ في 2005/11/01في الممؼ األعمى المتخصصة عدد 4ص .142
-وىناؾ العديد مف الق اررات التي ذىبت في ىذا االتجاه ونذكر عمى سبيؿ المثاؿ ال الحصر القرار عدد 163المؤرخ
في 2007/03/14في الممؼ الشرعي عدد 2006/1/2/634منشور بمجمة المحاكـ المغربية العدد المزدوج
134/133يناير-مارس 2012مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص 399إلى 401والذي جاء في بعض
حيثياتو " ...حيث صح ما عابو الطاعنوف عمى القرار المطعوف فيو ذلؾ أنو لنف كاف تسجيؿ عقد الصدقة في الرسـ
العقاري يعتبر حيازة قانونية فإف عدـ القياـ بو قبؿ حصوؿ المانع ال يجعؿ العقد باطال إذا كانت الحيازة المادية ثابتة
بشروطيا المقررة فقيا ألف إشيار الحقوؽ العينية عمؿ اختياري يمكف القياـ بو في أي وقت وال يطالو التقادـ والبيف مف
أوراؽ الممؼ أف الطاعنيف أدلوا بموجب لفيفي عدد 619شيد ليـ شيدوه بالتصرؼ في العقار المتصدؽ بو قيد حياة
المتصدؽ كما أنيـ أدلوا بحكـ جنحي صدر بتاريخ 2001/10/21قضى ببراءتيـ مف جنحة انتزاع عقار مف حيازة
الغير ألف الحيازة كانت بيدىـ إال أف المحكمة لـ تناقش البينة المذكورة بالرغـ مف أف ليا عالقة بالدعوى ومف شأف
ثبوت الوقانع المشيود بيا أف يكوف لو تأثير عمى ما قضو بو ولما لـ تفعؿ واقتصرت عمى مناقشة الحيازة القانونية دوف
الحيازة المادية تكوف قد عممت قرارىا تعميال ناقصا وىو بمثابة انعدامو مما يعرضو لمنقض".
-القرار عدد 118المؤرخ في 2005/02/02في الممؼ الشرعي عدد 2004/1/2/129منشور بمجمة القصر
العدد 2ص 171وما يمييا.
-القرار عدد 171المؤرخ في 2000/02/22في الممؼ عدد 95/2/254منشور بالتقرير السنوي لممجمس األعمى
لسنة 2000ص 168وما يمييا.
أشارت إليو الطالبة الباحثة حسناء أضنور الحوز في التبرعات رسالة لنيؿ دبموـ الماستر في القانوف الخاص جامعة
ابف زىر كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية بأكادير السنة الجامعية 2015/2014ص .93
120
والتضارب سواء قبؿ صدور القرار 555أو بعده وذلؾ راجع لعدة أسباب ومبررات
منيا الواقعية ومنيا القانونية.
فأما أصحاب اإلتجاه المتمسؾ بضرورة توفر الحوز المادي لصحة التبرعات
المنصبة عمى عقار محفظ حتى ولو تـ تقييدىا في الرسـ العقاري فمرد األمر عندىـ
أف التبرعات تخضع في جميع مقتضياتيا لقواعد الفقو اإلسالمي وليس لظيير التحفيظ
العقاري.1
وبالرجوع إلى قواعد الفقو اإلسالمي وداخؿ المذىب الذي نتبعو نجد نصا
صريحا واضحا ال يحتمؿ تأويال وال تفسي ار مخالفا حيث جاء في الموطأ "وحدثني مالؾ
عف إبف شياب عف عروة بف الزبير عف عبد الرحماف بف عبد القاري أف عمر قاؿ ما
باؿ رجاؿ ينحموف أبناءىـ نحال ثـ يمسكونيا فإف مات ابف أحدىـ قاؿ مالي بيدي لـ
أعطو أحدا واف مات ىو قاؿ ىو البني قد كنت أعطيتو إياه مف نحؿ نحمة فمـ يحزىا
الذي نحميا حتى يكوف إف مات لورثتو فيي باطؿ".2
وشرحا لذلؾ يقوؿ اإلماـ القرافي "القبض إنما إشترط عندنا لنفي التيمة لنال ينتفع
اإلنساف بمالو عمره ويخرجو عف ورثتو عند الموت".3
وىناؾ مف إنطمؽ مف الغاية المتوخاة أصال مف الحوز المادي لدى فقياء الشريعة
اإلسالمية التي ىي التأكد مف خروج العيف المتبرع بيا مف يد المتبرع وتمكيف المتبرع
عميو منيا بغية تحقيؽ اليدؼ مف العطية بتمكيف ىذا األخير مف التصرؼ فييا
وأستغالليا واستعماليا بجميع األوجو الممكنة قانونا وذلؾ سدا لمذرانع ونفيا لتيمة
الصورية في عقد التبرع وأف نظاـ التقييد بالرسوـ العقارية رغـ أىميتو في نقؿ الممكية ال
-1القرار عدد 558المؤرخ في 2007/11/07في الممؼ الشرعي عدد 2006/1/2/653المنشور بمجمة المحاكـ
المغربية العدد المزدوج 133و 134ـ س ص 417وما يمييا.
وتجدر اإلشارة إلى أف ىذا األمر كاف قبؿ صدور مدونة الحقوؽ العينية في 22نوفمبر 2011بمقتضى القانوف
.39.08
-2الموطأ ما يصح مف النحؿ مف كتاب األقضية.
-3القرافي الدخيرة ج 6ص 245أشار إليو األستاذ عبد الرحماف بمعكيد ـ س ص .290
121
يمكف إعتباره لوحده سادا لمذرانع وباب التالعب والصورية في مجاؿ التصرفات
التبرعية العقارية الذي يعتبر مرتعا خصبا لمعقود الصورية.1
ثـ أف العطية التي ال يتوفر فييا الحوز المادي قبؿ حصوؿ المانع تقع غير
صحيحة مف أساسيا والفصالف 66و 67مف ظ.ت.ع ال يطبقاف إال عمى التصرفات
الصحيحة ال الحقوؽ غير الصحيحة المعدومة وأف الحكمة مف ىذا التشريع عموما ىي
حماية الحؽ مف الباطؿ وعدـ الصحة .وليذا نظـ المشرع المغربي مسطرة التشطيب عمى
2
ولما كاف التصرؼ التبرعي المفتقر لمحيازة كؿ ما دوف بالرسـ العقاري خطأ وتحايال
غير صحيح فال يمكف بالتالي أف نضفي عميو المشروعية بسبب األثر اإلنشاني
المنصوص عميو في الفصميف 66و 67مف ظ.ت.ع.
ويقوؿ األستاذ عبد الرحماف بمعكيد دفاعا عف ىذا الرأي "إف المشرع نفسو في
الفصؿ 75مف ظيير 2يونيو 1915المنظـ لمتشريع المطبؽ عمى العقارات المحفظة
إستثنى صراحة األحباس ونص عمى أنيا تظؿ خاضعة ألحكاـ الشريعة اإلسالمية وىذا
النص دليؿ قاطع وال أدري كيؼ يمكف تجاوزه أو تأويمو والكؿ يعمـ أف النص إذا كاف
واضحا في عباراتو فإنو ال يحتمؿ إال المعنى الذي تقتضيو ىذه العبارات".
وأما أصحاب اإلتجاه الثاني المكتفي بالحوز القانوني دوف حاجة لمحوز المادي
–بإعتبار التقييد في الرسـ العقاري قرينة قوية عمى تحقؽ الحوز الفعمي -فإنيـ قدموا عدة
مبررات وأسباب دفاعا عف رأييـ ومف ذلؾ:
حيث يرى األستاذ إبف معجوز أف الحيازة القانونية تغني عف الحيازة الفعمية في
حيف أف ىذه األخيرة ال تغني عف األولى شرط عدـ حصوؿ المانع إف التبرع يبطؿ وال
يعتد بو إذا مات المتبرع أو أفمس ولو تبت بعد ذلؾ بشيادة عدلية أو لفيفيو أف الحيازة
-1محمد ناجي شعيب تعميؽ عمى ضوء الحكـ عدد 1694المؤرخ في 2002/04/30عف المحكمة االبتدانية
بوجدة منشور بمجمة المناضرة العدد 08يونيو 2008ص 158وما يمييا.
-2عبد الرحماف بمعكيد ـ س ص .289
122
المادية قد تحققت قبؿ حصوؿ المانع وذلؾ تطبيقا لمقتضيات الفصميف 66و 67مف
ظ.ت.ع الواضحة األلفاظ والمعاني.1
ويرى البعض األخر أف التقييد بالرسوـ العقارية ال يعدو أف يكوف مجرد وسيمة
مف وسانؿ اإلثبات الجديدة التي إنضافت إلى الوسانؿ األخرى التي يقرىا الفقو اإلسالمي
في ىذا المجاؿ وأكد عمى أف الحوز القانوني أصبح يدخؿ ضمف ما جاء في متف
صاحب العمؿ المطمؽ "وعف معاينة حوز يكفي عقد كراء أو نحوه في الوقؼ".2
مف خالؿ إستقراء اآلراء المدافعة عف اإلتجاه الثاني –القاضي بكوف التقييد يغني
عف الحيازة المادية -تبيف أف أىـ ما يميز ىذه األخيرة ىو أف الحوز ليس شرط صحة
في عقد التبرع وانما ىو شرط لتمامو فقط ولذلؾ فال يمكف إعتبار التبرع باطال عند
غيابو أو عند تجاوزه بتقنية التقييد وأف إشتراط الحوز في التبرعات جاء سدا لمذريعة
المتمثمة في إمكانية تحايؿ الواىب بإبقانو لمعقار المتبرع بو تحت يده قيد حياتو واخراجو
مف تركتو بعد وفاتو وبالنتيجة حرماف ورثتو منو الشيء الذي يحققو التقييد بالرسـ
العقاري بشكؿ قوي وأكثر فاعمية ألنو ينقؿ ممكية العيف المتبرع بيا مباشرة بعد التقييد
األمر الذي يكوف مانعا مف أي تحايؿ أو تواطؤ بيف المتبرع والمتبرع عميو ضد مصمحة
الخمؼ العاـ والخاص أحيانا.3
وأما عف آثار ىذا التضارب عمى األمنيف القضاني والعقاري فقد كانت كبيرة
ووخيمة فالراغب في التبرع والمستفيد منو لـ يكف متأكدا مف توجيات محكمة النقض فما
بالؾ بتوجيات محاكـ الموضوع األمر الذي حاوؿ المجمس األعمى آنذاؾ تداركو بالقرار
555بيد أنو لـ ينجح كميا في ذلؾ حيث إستمرت نفس المحكمة في مخالفتو ولعؿ
األمر راجع لنظاـ القضاء ببالدنا الذي ال يتوفر عمى تقنية السوابؽ القضانية وبالتالي
عدـ إلزامية ق اررات المجمس األعمى لمحاكـ الموضوع وذلؾ بحكـ أننا نتبع المذىب
-1محمد ابف معجوز الحقوؽ العينية في الفقو اإلسالمي والتقنيف المغربي ـ س ص 343وما يمييا.
-2حسناء أضنور الحوز في التبرعات ـ س ص .79
-3محضر االجتماع الثالث لمجمس الرؤساء المنعقد بتاريخ 1995/04/19منشور بمجمة قضاء المجمس األعمى
عدد 48ص .418
123
الالتيني الذي ال وجود فيو لعنصر اإللزامية الميـ إال مف حيث اإلحتراـ األدبي ألعمى
ىينة قضانية بالبالد ومخافة أف تتعرض أحكاـ محاكـ الموضوع لمنقض واإللغاء إف ىي
خالفت التوجيات الكبرى لمحكمة النقض.
وحسما ليذا التضارب ومحاولة منو لتحقيؽ األمف القضاني والعقاري في بعديو
اإلنساني واإلقتصادي تدخؿ المقنف المغربي بمقتضى القانوف رقـ 39.08المتعمؽ
بمدونة الحقوؽ العينية المؤرخ في 22نوفمبر 2011ونص في الفقرة الثالثة مف المادة
274عمى ما يمي " :يغني التقييد بالسجبلت العقارية عن الحيازة الفعمية لمممك الموىوب
وعن إخبلئو من طرف الواىب إذا كان محفظا أو في طور التحفيظ".
مف خالؿ ما ذكر نالحظ أف المشرع ذىب إلى أكثر مما كاف يتوقعو الجميع
وأقر أف اإلستغناء عف الحوز المادي يكوف سواء كاف العقار محفظا أو في طور
التحفيظ محت اطا بذلؾ مف اإلشكاالت التي يمكف أف يثيرىا العقار في طور التحفيظ
عندما يكوف موضوع ىبة أو صدقة بؿ أكثر مف ذلؾ نجده يذىب أبعد مف ىذا كمو
وينص في الفقرة األخيرة مف نفس المادة عمى ما يمي" :فإذا كان غير محفظ فإن إدراج
مطمب لتحفيظو يغني عن حيازتو الفعمية وعن إخبلئو" أي أف اليبة مثال إذا إنصبت
عمى عقار غير محفظ ولـ تتـ الحيازة الفعمية فإف مجرد تقديـ مطمب لمتحفيظ يكوف كافيا
إلعتبار التبرع تاما وصحيحا دوف حاجة إلى حوز مادي.
بيد أف لنا مالحظة بسيطة عمى صياغة الفقرة الثالثة موضوع الدراسة حيث
إستعمؿ المشرع مصطمح التقييد وقرنو بالتبرع الذي يكوف موضوعو عقا ار محفظا أو في
طور التحفيظ في حيف أف التقييد يكوف في الرسوـ العقارية أي العقار المحفظ أما في
المطالب –أي العقار في طور التحفيظ -فإننا نتحدث عف اإليداع و شتانا بيف مسطرة
اإليداع و مسطرة التقييد واف ننزه المشرع عف الوقوع في مثؿ ىذه األخطاء فإننا نعتبرىا
مف باب السيو والنسياف ال أقؿ وال أكثر لذلؾ وانطالقا مف واجب التنبيو ومحاولة
التقويـ والتنوير فإننا ندعو مقننا المغربي إلى التدخؿ لتعديؿ ىذه الفقرة وتوضيحيا
توضيحا كافيا شافيا مفرقا في ذلؾ بيف اإليداع والتقييد.
124
وأما عف تطبيؽ محكمة النقض لممادة 274مف مدونة الحقوؽ العينية فإننا
نالحظ أنيا كانت والزالت وفية لممعنى الحرفي والصريح لمقتضياتو وفي ذلؾ أصدرت
محكمة النقض عدة ق اررات ومف ذلؾ القرار المؤرخ في 11مارس 2014والذي جاء فيو
"حيث تبيف صحة ما ورد في ىذه الوسيمة ذلؾ أنو بمقتضى المادة 274مف مدونة
الحقوؽ العينية فإنو يغني التقييد بالسجالت العقارية عف الحيازة الفعمية لمممؾ الموىوب
وعف إخالنو مف طرؼ الواىب إذا كاف محفظا أو في طور التحفيظ واذا كاف غير محفظ
فإف إدراج مطمب لتحفيظو يغني عف حيازتو الفعمية وعف إخالنو .كما أف المادة 291مف
ـ.ح.ع تنص عمى أنو تسري عمى الصدقة أحكاـ اليبة ولما كاف األمر كذلؾ فإف
الطاعنة دفعت منذ البداية بأنيا تتصرؼ في جزء مف الدار المتصدؽ بيا وأنيا سمكت
مسطرة التحفيظ ...مما يعني أنيا جدت وثابرت في ىذا الحوز والمحكمة المطعوف في
ق ارراىا لما ألغت الحكـ اإلبتداني المذكور وقضت تبعا لذلؾ ببطالف رسـ الصدقة موضوع
المطمب عدد .. .دوف أف ترد عمى ما أثارتو الطاعنة المؤيد بالحجة ...وكاف لزاما عميو
مراعاة كؿ ذلؾ لكنو لـ يفعؿ مما يتعيف معو نقضو".1
أوكؿ المشرع المغربي -وقبمو الشرع -إلى العدوؿ ميمة اإلشياد عمى التصرفات
2
بغية التأكد مف توفر جميع أركانيا وشروط صحتيا لذلؾ كاف مف التعاقدية وتوثيقيا
الضروري أف تتضمف الوثانؽ العدلية إشيادا عمى المتعاقد باألتمية تحت طانمة
البطالف.
-1القرار المؤرخ في 11مارس 2014منشور بمجمة قضاء محكمة النقض العدد 2014/77ص 117وما يمييا
أشار إليو محمد الشافعي ـ س ص 284وما يمييا.
-2زيادة طبعا عمى جيات أخرى أوكؿ ليا المقنف المغربي نفس الميمة.
125
واألتمية في إصطالح الموثقيف تعني ثالثة أمور الطوع "أي إنتفاء أي إكراه أو
ضغط" والرشد "أي إنتفاء أي حجر أو فقداف ألىمية التعاقد" وصحة الجسـ والعقؿ.1
لكف الذي حصؿ أف شيادة العدوؿ بأتمية المتعاقد قد تصطدـ بشيادة األطباء
وتتناقض الشيء الذي يحتـ عمى القاضي إعماؿ سمطتو التقديرية وترجيح كفة عمى
أخرى ولصعوبة ىذا الترجيح وعدـ وضوح معاييره أصدرت محاكـ الموضوع أحكاما
متضاربة متناقضة فرجحت شيادة األتمية في مواجية شيادة الطبيب تارة ورجحت ىذه
األخيرة في مواجية األولى تارة أخرى.
أما عف موقؼ محكمة النقض ببالدنا فإنو لـ يختمؼ بتاتا عف مواقؼ محاكـ
الموضوع بالرغـ مف أنيا حاولت في مناسبات كثيرة حؿ ىذا الخالؼ والسبب في رأيي
يكمف في عدـ التنسيؽ والتشاور بيف غرفيا حيث إننا نالحظ أف سبب ىذا التضارب
ربما راجع بالدرجة األولى إلى تشبت كؿ مف الغرفة المدنية والغرفة الشرعية برأييما
إنطالقا مف قناعات مستشارييا ومشاربيـ.
حيث جاء في قرار لمحكمة النقض مؤرخ في 21نونبر " 1995إف الثابت مف
عقد البيع أف العدليف شيدا بأتمية البانع وأف مف المقرر فقيا أف األتمية تعني الطوع
والرشد وصحة العقؿ والبدف لذلؾ فإف المحكمة عندما اعتمدت في قضانيا في فسخ عقد
البيع عمى مقارنة تاريخ المرض وتاريخ الخروج مف المستشفى ووفاة البانع ذاكرة أف
الشيادة الطبية مؤرخة في 1984/04/01وأف البيع وقع بتاريخ 1983/02/05وأف
الوفاة وقعت يوـ 1983/02/09مستنتجة مف ذلؾ أنو ال دليؿ عمى قيامو مف المرض
واال فال داعي لمكوثو بالمستشفى يوميف كامميف فإنيا لـ ترتكز قرارىا عمى األسس
القانونية والفقيية المذكورة أعاله ولـ تعممو تعميال صحيحا مما يعرضو لمنقض".2
-1عبد السالـ حادوش البياف والتحرير في التوليج والمحاباة والتصيير ـ.خ.ـ الطبعة األولى 2000/1999ص
22وما يمييا.
-2قرار محكمة النقض عدد 3112المؤرخ في 1995/11/21في الممؼ عدد 94/2059أشار إليو الباحث عبد
المطيؼ الفتيحي ـ س ص .307
126
وجاء في قرار آخر لمحكمة النقض مؤرخ في " 2005/10/19لكف حيث إف
لمحكمة الموضوع سمطة تقدير كفاية األدلة إف إقامتيا عمى عناصر الدعوى واف ىي
إستخمصت أتمية المتصدؽ مف شيادة عدلي تمقي رسـ الصدقة المطعوف فيو وىي تعني
أنو كاف في صحة وطوع وجواز وردت شيادة الطبيب العاـ الدكتور محمد رامي ألنيا ال
تفيد أف المتصدؽ المذكور كاف فاقد اإلدراؾ وقت التعاقد وأنو توفي مف مرضو الذي كاف
يعالج منو كما إستنتجت مف سفره عقب الصدقة إلى فرنسا عدـ صحة الشيادة بأنو كاف
عاج از بدنيا ولما إستبعدت كذلؾ الموجب عدد 711لإلستحالة واإلسترابة بناء عمى أف
شيوده مقيموف بالمغرب ويشيدوف بمرض المتصدؽ واتصالو إلى أف توفي في حيف أنو
مقيـ بفرنسا وتوفي بيا وكيؼ ليـ أف يعمموا بحالو وىو بعيد عنيـ ويؤسسوف مع ذلؾ سند
عمميـ عمى المخالطة والمجاورة تكوف قد إستعممت سمطتيا في تقدير األدلة وكاف ما
بالسبب غير معتبر .1"...
وىو نفس الموقؼ الذي أكده القرار 2عدد 809المؤرخ في 1982/12/25
والذي جاء فيو ما يمي" :يعتبر الرسـ العدلي الذي يشيد فيو العدالف بأتمية المشيود عميو
-1قرار محكمة النقض عدد 475المؤرخ في 2005/10/19في الممؼ الشرعي عدد 2004/1/2/368غير
منشور.
-2قرار محكمة النقض عدد 809مؤرخ في 1982/12/25في الممؼ المدني عدد 47497منشور بمجمة مجموعة
قرار المجمس األعمى المادة المدنية الجزء الثاني 1991/1983ص 25وما يمييا.
-وجاء في قرار لمحكمة النقض تحت عدد 191مؤرخ في 21أبريؿ 2015في الممؼ الشرعي عدد
2013/1/2/722منشور بنشرة ق اررات محكمة النقض غرفة األحواؿ الشخصية والميراث العدد 22ص 171
و 172و 173ما يمي" :بمقتضى المادة 279مف مدونة األسرة فإف الوصية تصح مف المجنوف حاؿ إفاقية والمحكمة
لما اعتمدت الوصية التي ورد بيا أف عدلي التمقي شيدا بأتمية الموصي وقت عقدىا بما يعني أنو كاف حيف إبراميا
يتوفر عمى اإلدراؾ والتمييز واستبعدت في إطار سمطتيا التقديرية الشيادات الطبية المستدؿ بيا باعتبار أنيا ال تفيد
أف الموصي كاف وقت إبراـ عقد الوصية مختال عقال واستطحبت األصؿ الذي ىو تماـ األىمية فإنيا جعمت لما
قضت بو أساسا وعممت قرارىا بما فيو الكفاية.
-القرار عدد 90المؤرخ في 03مارس 2015في الممؼ الشرعي عدد 641/2/1/2014المنشور بالتقرير السنوي
لم حكمة النقض القضاء رأسماؿ ال مادي وطني مركز النشر والتوثيؽ القضاني بمحكمة النقض مطبعة األمنية الرباط
2016ص 94والذي جاء فيو "إف الرسوـ التي يتـ تحريرىا مف قبؿ عدليف مكمفيف بتحرير العقود الرسمية ال يطعف
فييا إال بالزور والمحكمة لما اعتبرت أف األصؿ ىو تماـ األىمية المؤيد برسـ الصدقة الطي تضمف اإلشارة إلى أتمية
127
حجة رسمية عمى أنو لـ يكف وقت اإلشياد مريضا مرض الموت ال يمكف إثبات عكسيا
."...
المتصدؽ مف صحة وطوع وجواز وقضت تبعا لذلؾ برفض طمب إبطاؿ الصدقة اعتمادا عمى أف المرض الذي ادعتو
المتصدقة لـ يثبت أنو أعدـ أىميتيا أو أنقص منيا يكوف قرارىا معمال ومرتك از عمى أساس".
-قرار محكمة النقض عدد 146المؤرخ في 2012/02/21في الممؼ الشرعي عدد 2011/1/2/68منشور بمجمة
القضاء والقانوف العدد 161مطبعة األمنية الرباط 2012ص 214وما يمييا.
-1القرار عدد 539المؤرخ في 2003/12/03في الممؼ الشرعي عدد 98/1/2/333منشور بالتقرير السنوي
لممجمس األعمى 2003مركز النشر والتوثيؽ القضاني مطبعة األمنية الرباط 2006ص .104
128
مادية يسوغ إثباتيا بكؿ طرؽ اإلثبات ...ولما إكتفت المحكمة بتأسيس قرارىا عمى
األتمية وحدىا لمقوؿ بصحة الصدقة مع أف الشيادة بيا مف عدلي التمقي تنحصر عمى
ظاىر حاؿ المشيود عميو ليس إال تكوف قد جردت ق ارراىا مف التعميؿ الصحيح مما
يعرضو لمنقض".1
مف خالؿ دراسة ىذه الق اررات واستقرانيا وتحميميا نالحظ أف لكؿ إتجاه أسبابو
ومبرراتو سواء القانونية منيا أو الواقعية فأما اإلتجاه األوؿ القاضي بإضفاء الحجية
المطمقة عمى األتمية المضمنة في الوثيقة العدلية بإعتبارىا قرينة قانونية قاطعة ال يمكف
إثبات عكسيا أبدا إال عف طريؽ الطعف فييا بالزور وذلؾ طبقا لمقتضيات الفصؿ
419مف قانوف االلتزامات والعقود الذي نص في فقرتو األولى عمى أف "الورقة الرسمية
-1قرار محكمة النقض عدد 1650المؤرخ في 2005/03/16في الممؼ الشرعي عدد 2003/1/2/386منشور
بمجمة النقض العدد 21شتنر 2008ـ.غ.ـ ص 164وما يمييا.
-قرار محكمة النقض عدد 283المؤرخ في 2008/05/21في الممؼ الشرعي عدد 2007/1/2/343منشور بمجمة
المحاكـ المغربية العدد المزدوج 134/133يناير-مارس 2012ـ ـ ص 375وما يمييا " ...والمحكمة لما قضت
بصحة الصدقة التي أنجزىا المتصدؽ بتاريخ 2003/10/17أي في الوقت الذي كاف يتردد فيو عمى المستشفى مف
أجؿ العال ج مف األمراض الخطيرة التي كاف يعاني منيا بعمة أف رسـ الصدقة شيد فيو العدالف بأتمية المتصدؽ وقت
إبرامو لمصدقة مع أف األتمية الظاىرة التي سجميا العدالف ىي قاصرة عمى ظاىرة حاؿ المشيود عميو وال تفيد عدـ
صحة ما ورد في الشيادات الطبية التي تفيد أف المتصدؽ كاف يعاني مف أمراض خطيرة أدت إلى وفاتو بعد أقؿ مف
ثالثة أشير عمى إنجاز الصدقة ...ولما أسست قرارىا عمى ما ذكر دوف أف تبحث فيما إذا وقعت الصدقة في مرض
الموت مع المتصدؽ قد توفي بعد أقؿ مف ثالثة أشير مف تاريخ إنجاز عقد الصدقة تكوف قد عممت قرارىا تعميال ناقصا
وىو بمثابة انعدامو مما يعرضو لمنقض".
-قرار محكمة النقض عدد 488المؤرخ في 07أكتوبر 2009في الممؼ عدد 2008/1/2/237منشور بنشرة ق اررات
المجمس األعمى المتخصصة غرفة األحواؿ الشخصية والميراث السمسمة 2الجزء 4مطبعة األمنية الرباط ص 91
والذي أقر أف إشياد العدوؿ بأتمية المتصرؼ ينحصر في ظاىر حاؿ المشيود عميو وال يمتد إلى األمراض الباطنية
التي ال يعمـ بيا إال أىؿ الطب.
-قرار محكمة النقض عدد 884المؤرخ في 2000/09/27في الممؼ العقاري عدد 94/5708أشار إليو الطالب
الباحث إدريس الشمبي المحاباة في بيع المريض مرض الموت في التشريع المغربي-دراسة مقارنة-رسالة لنيؿ دبموـ
الدراسات العميا المعمقة جامعة القاضي عياض كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش السنة الجامعية
2003/2002ص .70
129
حجة قاطعة ،حتى عمى الغير في الوقائع واإل تفاقات التي يشيد الموظف العمومي الذي
حررىا بحصوليا في محضره وذلك إلى أن يطعن فييا بالزور ."...
فأصحاب ىذ اإلتجاه تمسكوا بالمعنى الحرفي ليذه الفقرة إلضفاء الحجية
المطمقة لشيادة األتمية مغمبيف مبدأ إستقرار المعامالت محاوليف الحفاظ عمى القوة
الثبوتية لشيادات العدوؿ وذلؾ لمحيمولة دوف النيؿ مف ىذه المينة وتيميشيا واضعاؼ
مصداقيتيا لدى المتعاقديف الراغبيف في توثيؽ تصرفاتيـ خصوصا العقارية منيا.
وأما أصحاب اإلتجاه الثاني –القاضي بترجيح شيادة أىؿ اإلختصاص عمى
شيادة العدوؿ باألتمية –فإنيـ يستندوف في طرحيـ عمى عدة حجج ومبررات ولعؿ
أبرزىا ىو صعوبة الوصوؿ إلى معرفة العدوؿ لألمراض الخفية التي يعاني منيا
المتعاقد والتي تخفى أحيانا حتى عمى األطباء بمجرد المعاينة لممريض واستفساره دوف
إجراء الفحوص الالزمة مما يقتضي منيـ المجوء إلى إستعماؿ آالت طبية حديثة
لتشخصييا والكشؼ عنيا بطريقة عممية دقيقة مثؿ السؿ وأمراض الكبد الفيروسي وما
إلى ذلؾ مف األمراض الخفية التي ال يستأثر بمعرفتيا والكشؼ عنيا إلى األطباء
األخصانييف فمسألة الصحة واألمراض ىي مسألة واقع ال يمكف الحسـ فييا إال بالخبرة
الطبية عمى أيدي الخبراء والمختصيف مف األطباء.1
وىذا األمر ىو ما تبناه المالكية ورجحوه وفي ذلؾ يقوؿ التاودي "فإف كاف مما
ال يعممو إال أىؿ العمـ بو كاألمراض التي ال يعرؼ أسرارىا إال األطباء فال يقبؿ إال
قوؿ أىؿ المعرفة بذلؾ.2
وجاء أيضا في تحفة ابف عاصـ:
بيا وال ينظر فييـ لصفة ويثبت العيوب أىؿ المعرفة
إال بقوؿ مف لو بيا بصر ثـ العيوب كميا ال تعتبر
-1األستاذ إدزني عبد العزيز مرض الموت بيف الفقو والقضاء مقاؿ منشور بالمجمة المغربية لمدراسات القانونية
والقضانية العدد 7يناير 2012المطبعة والوراقة الوطنية الداوديات مراكش ص 128وما يمييا.
-2أبو عبد اهلل محمد بف محمد التاودي عمى المقاطع لفكر ابف عاصـ بيامش أبو الحسف عمى بف عبد السالـ
التسولي "البيجة في شرح التحفة" ضبطو وصححو محمد بف عبد القادر شاىيف دار الكتب العممية بيروت ط 1
1988ج 2ص 165أشار إليو عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص .307
130
واثناف أولى عند كؿ نظر وواحد يجرئ في باب الخبر
فالمالحظ أف فقياء المالكية قدموا شيادة أىؿ اإلختصاص عمى غيرىـ إيمانا
منيـ بصعوبة -وأحيانا إستحالة -معرفة تمؾ األمراض والعوارض مف غير أىؿ
اإلختصاص خصوصا أنيا مستجدة ومتطورة وال يمكف لمعدوؿ مثال مسايرتيا واحصانيا
ومعرفة عوارضيا لذلؾ فإنو ال يوجد بد مف الركوف إلى آ ارء العمـ والعمماء في ىذا
الشأف وذلؾ بيدؼ تحقيؽ العدالة المنشودة في سانر القضايا المعروضة عمى القضاء.1
وتدعيما ليذا الموقؼ وردا عمى أصحاب اإلتجاه األوؿ يرى األستاذ محمد
الكشبور أف موقؼ المجمس األعمى يتجافى كثي ار مع المنطؽ القانوني المجرد والسميـ
فمف جية أولى فالعدليف المنتصبيف لإلشياد يحكماف عمى الظاىر فقط ماداـ أف مسألة
المرض واإلضطراب الذي يعيش عميو المريض مرض الموت مثال مسألة نفسية
ووجدانية بالدرجة األولى لذلؾ فإف األتمية مجرد قرينة قانونية بسيطة يمكف دحضيا
بالدليؿ المعاكس.
وأما عف اإلحتجاج بمقتضيات الفصؿ 419مف قانوف اإللتزامات والعقود أي
برسمية العقود فيرى أنو لكي تتمتع الوثيقة الرسمية بالحجية المطمقة يشترط في الوقانع
أف تكوف مما يدخؿ ضمف اإلختصاصات التي أسندىا المقنف لمعدليف المنتصبيف
لإلشياد فإف تجاوزىا إنعدمت تمؾ الحجية.
وىكذا فإف ما يثبتو العدالف مف تمتيع المتعاقد بكافة قواه العقمية مثال ال يكوف
لو أثر مطمؽ ألف ذلؾ اإلثبات ليس مما يدخؿ ضمف المياـ األساسية لمعدوؿ و بالتالي
فإنو يمكف إثبات عكس ذلؾ بكؿ وسانؿ اإلثبات دوف حاجة إلى سموؾ مسطرة الزور.
ومف جية أخرى فإنو يقوؿ كيؼ يمكف ترجيح ما تضمنو الرسـ العدلي مف
عبارات جرى العمؿ عمى ترديدىا في جميع العقود التي يحررىا العدوؿ وفي كافة
الظروؼ واألحواؿ عمى شيادة طبية صادرة عف طبيب مختص.2
134
135
الفقرة األولى :في شأن الشفعة
سبؽ القوؿ أف موضوع الشفعة آثار العديد مف اإلشكاالت الواقعية عمى مستوى
الممارسة القضانية لمختمؼ محاكـ الموضوع بالمممكة والتي حاولت محكمة النقض
التصدي ليا عف طريؽ اإلجتياد في بعض القضايا التي تعاني مف ف ارغ تشريعي أو
غموض في النصوص المؤطرة.
ومف أبرز المواضيع التي أثير النقاش والخالؼ بشأنيا نذكر إشكالية مدى
إشتراط وجوب التبميغ الشخصي لمف لو الحؽ في الشفعة(أوال) وكذلؾ إشكالية الطبيعة
القانونية ألجؿ ممارسة الشفعة(ثانيا).
أوال :مدى وجوب التبميغ الشخصي لمن لو حق الشفعة في العقار المحفظ
أثار موضوع وجوبية التبميغ الشخصي مف عدمو لمف لو حؽ الشفعة إذا تعمؽ
األمر بعقار محفظ نقاشا فقييا محتدما وتضاربا قضانيا عميقا سواء عمى مستوى محاكـ
الموضوع او عمى مستوى محكمة النقض ومرد األمر ربما إلى غموض النصوص
المؤطرة آنذاؾ وعدـ وضوحيا.
الشيء الذي فتح الباب واسعا لتعدد التفسيرات والتأويالت خصوصا لمقتضيات
الفصؿ 31مف ظيير 2يونيو 1915المحدد لمتشريع المطبؽ عمى العقارات المحفظة
والذي نص عمى أنو "يمكن لممشتري بعد الحصول عمى تقييد مشتراه أن يعمم بذلك كل
من لو حق الشفعة لآلخذ بيا واال فيسقط بمضي ثبلثة أيام من تاري إعبلمو بزيادة
األجال المعتبرة ألجل المسافة".
المالحظ عمى ىذا الفصؿ أنو لـ يكف دقيقا في صياغتو ومبناه حيث إستعمؿ
عبارة "أف يعمـ بذلؾ كؿ مف لو حؽ الشفعة "...دوف أف يبيف شكؿ ىذا التبميغ ونوعو
الشيء الذي أدى إلى ظيور إتجاىيف األوؿ يتمسؾ بضرورة التبميغ الشخصي لمشفيع
والثاني برفض إشتراط أي شكؿ معيف لتبميغ مف لو حؽ الشفعة.
-9اإل تجاه القاضي بضرورة التبميغ الشخصي لمشفيع
136
جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 1763مؤرخ في 1999/04/14ما يمي:
"وحيث يعيب الطاعنوف القرار المذكور بخرؽ مقتضيات الفصؿ 31مف القانوف العقاري
ذلؾ أنيـ دفعوا بأف تبميغ الشراء إلييـ كاف بواسطة الغير ...ولـ يتـ إلييـ شخصيا حتى
ينطبؽ في حقيـ أجؿ الثالثة أياـ المنصوص عمييا في الفصؿ المذكور ومع ذلؾ نص
القرار المطعوف فيو عمى أف التبميغ في إطار الفصؿ نفسو ال يتطمب أي شكؿ معيف
رغـ أف المجمس األعمى وفي ق ارره نص عمى القاعدة التالية" :تبميغ الشفيع بالبيع
ضرورة التبميغ الشخصي ال يسري أجؿ الثالثة أياـ المنصوص عميو في الفصؿ 31مف
ظيير 1915/06/02لممارسة حؽ الشفعة إال إذا وقع التبميغ إلى الشفيع شخصيا فال
يكفي التبميغ الذي يقع في موطنو ألقاربو أو خدمو مما يكوف معو مجانبا لمصواب
ومعرضا لمنقض .1"...
وجاء في قرار أخر لنفس المحكمة حمؿ عدد 3365مؤرخ في 03أكتوبر
" 2001حيث يعيب الطاعف القرار المذكور بخرؽ حقوؽ الدفاع وخرؽ قواعد اإلثبات
وعدـ اإلجابة عف وسانؿ الدفاع ذلؾ أف المحكمة أجابت عما تمسؾ بو مف أف اإلنذار
لـ يبمغ لو شخصيا وانما بمغ ألحد مستخدميو بأف األصؿ في التبميغ أنو يتـ لممرسؿ
إليو شخصيا إلى حيف إثبات العكس مع أف المطموب في النقض أقر بأف التبميغ لـ يتـ
لمطالب شخصيا زاعما أف الشخص الذي تـ إليو التبميغ ربما يتوفر عمى توكيؿ مف
الطالب ...حيث يجب لسرياف أجؿ الثالثة أياـ المنصوص عمييا في الفصؿ 31مف
مرسوـ 2015/06/02أف يكوف التبميغ قد وقع فعال إلى الشخص نفسو وال يكفي التبميغ
الذي تـ ألحد مستخدميو .2"...
-1قرار محكمة النقض عدد 1763المؤرخ في 1999/04/14في الممؼ المدني 96/4077منشور بمجمة قضاء
المجمس األعمى عدد 53و 54ص 63وما يمييا.
-2قرار محكمة النقض عدد 3365مؤرخ في 3أكتوبر 2001في الممؼ منشور بجريدة العمـ ليوـ األربعاء 20
مارس 2002عدد ( 18935أشار إليو األستاذ بفقير محمد مدى وجوب التبميغ الشخصي لمف لو حؽ الشفعة عمى
ضوء قضاء المجمس األعمى مقاؿ منشور بمجمة دراسات قضانية-فقو قضاء-قانوف الجزء الثالث ص 33و.34
-ورود في قرار لمحكمة النقض عمى أنو لكي يسري أجؿ الثالثة أياـ يجب أف يكوف التبميغ قد وجو إلى الشريؾ
شخصيا في موطنو العادي الذي يقيـ وقت وقوع التبميغ وذلؾ تطبيقا لما نص عميو الفصؿ 519مف ؽ.ـ.ـ وليس
137
-2اإل تجاه القاضي بعدم إشتراط التبميغ الشخصي لمشفيع
حيث جاء في قرار لمحكمة النقض تحت عدد 339مؤرخ في 27أكتوبر
1977ما يمي" :بناء عمى الفصؿ 31مف الظيير المؤرخ في 02يونيو 1915المطبؽ
عمى العقارات المحفظة ...وحيث أنو بالرجوع إلى شكؿ التبميغ الذي قاـ بو المستأنفاف
نجده ال يتوفر عمى الشرط المنصوص عميو في الفصؿ 55المذكور ألنو لـ يوجو في
غالؼ التبميغات القضانية مما يتعيف معو القوؿ بأف ذلؾ التبميغ ليس بقانوني.
لكف حيث إف الفصؿ 31مف الظيير المطبؽ عمى العقارات المحفظة ال يشترط
أي شكؿ معيف لمتبميغ كما أنو ال يحيؿ عمى قواعد المسطرة المدنية فتكوف المحكمة
بتطبيقيا عمى التبميغ المذكور الفصؿ 55مف قانوف المسطرة المدنية قد خالفت نص
الفصؿ المشار إليو أعاله وعرضت حكميا لمنقض".1
مف خالؿ ما سبؽ عرضو يمكف القوؿ أف ىناؾ تباينا وتضاربا في ق اررات
محكمة النقض بحيث أف اإلتجاه األوؿ ال يشترط سوى التبميغ الشخصي لمف لو حؽ
الشفعة واف تـ ذلؾ في إطار القواعد اإلجرانية العامة المنصوص عمييا في قانوف
المسطرة المدنية المتمثمة في الفصوؿ 37و 38و 39في حيف أف اإلتجاه القضاني
الثاني ال يعتد بأي شكمية أو طريقة في التبميغ حتى ولو كانت طبقا لمقواعد العامة.2
والحقيقة أف لكؿ إتجاه أسبابو ومصوغاتو فاإلتجاه الذي ال يعتد إال بالتبميغ
الشخصي نجده راعى مجموعة مف اإلعتبارات ولعؿ أىميا خطورة وأىمية األجؿ
الممنوح لمف لو حؽ الشفعة فاألجؿ المضروب لو ال يتعدى ثالثة أياـ مع إحتساب أجؿ
المسافة وىو أجؿ قصير جدا مقارنة مع أثار فوات ميعاده فأجؿ الشفعة كما ىو معموـ
بالضرورة أف يكوف ىو نفس العنواف المسجؿ بالرسـ العقاري(قرار عدد 474مؤرخ في 1979/06/06منشور في
ق اررات المجمس األعمى غرفة األحواؿ الشخصية والميراث سنة 1997ص 54أشار إليو األستاذ محمد ابف
معجوز الحقوؽ العينية ـ س ص 211ىامش 202مكرر .1
-1قرار محكمة النقض عدد 393مؤرخ في 27أكتوبر 1977في الممؼ المدني عدد 51418منشور بمجمة
القضاء والقانوف عدد 128ص (490أشار إليو األستاذ بفقير مدى وجوب التبميغ الشخصي لمف لو حؽ الشفعة عمى
ضوء قضاء المجمس األعمى ـ س ص 34و.35
-2األستاذ بفقير محمد مدى وجوب التبميغ ...ـ س ص .36
138
أجؿ سقوط وبفواتو يسقط حؽ الشفيع في طمب الشفعة نيانيا سواء تمسؾ بو صاحب
المصمحة أـ لـ يتمسؾ بو فالقاضي ممزـ بإثارتو مف تمقاء نفسو .ولما كاف األمر كذلؾ
فإف أصحاب ىذا اإلتجاه إرتأوا أف المصمحة تقتضي أف يكوف التبميغ شخصيا لكي
يستطيع الشفيع ممارسة حقو وتدارؾ ما يمكف تداركو وذلؾ ما ال يمكف تصوره في غير
التبميغ الشخصي فمنفترض أف التبميغ تـ في الموطف مثال أو ألحد األقارب ولـ يتـ
إعالـ الشفيع بذلؾ إال بعد فوات مدة الثالثة أياـ ففي ىذه الحالة فإف حقو سيضيع إذ أف
بداية إحتساب أجؿ ممارسة الشفعة سينطمؽ مف يوـ التبميغ لمشفيع في الموطف أو لمخدـ
وفي ذلؾ مجافاة لمعدالة وابتعاد عف المنطؽ السميـ والعقؿ القويـ وفتح لباب التحايؿ
والغش خصوصا إذا إ ستحضرنا إشكالية قصر مدة ممارسة ىذه الرخصة الشرعية
والقانونية.
أما اإلعتبار الثاني فيو الصياغة المغوية والقانونية لمقتضيات الفصؿ 31
والتي لـ تمنع صراحة القوؿ بذلؾ وبالتالي فإنيا تسمح بالقوؿ بضرورة تبميغ مف لو حؽ
الشفعة شخصيا تبعا لألسباب السالؼ ذكرىا.1
في حيف أف االتجاه القضاني الثاني تمسؾ بالصياغة الحرفية لمفصؿ 31مف
ظيير 2يونيو 1915وبالتالي رفض أف يحصر التبميغ في ضرورة التبميغ الشخصي
ماداـ أف النص جاء عاما وفضفاضا ويحتمؿ أي طريؽ مف طرؽ التبميغ بؿ األكثر مف
ذلؾ فإنو رفض أف يحيؿ حتى عمى قواعد المسطرة المدنية في ىذا الشأف وذلؾ لعدـ
وجود نص صريح يحيؿ عمييا إذ الثابت فقيا وقضاء أف القواعد المسطرية المضمنة
بظيير 1615/06/02ىي الواجبة التطبيؽ ما لـ يوجد نص صريح يقضي بذلؾ.
والحقيقة أف اإلتجاه واجب الترجيح والتبني ىو اإلتجاه األوؿ القاضي بوجوب
التبميغ الشخصي لمشفيع وذلؾ لسالمتو ووجاىتو ومسايرتو لروح العدالة والمنطؽ
ولتوفيقو بيف مصمحة ىذا األخير بإعتباره صاحب رخصة قانونية وبيف مصمحة المشتري
بإعتباره صاحب حؽ ميدد بالزواؿ ال يثبت إال بفوات األجؿ الذي حدده المشرع آنذاؾ
في ثالثة أياـ.
أثير نقاش فقيي وقضاني حوؿ الطبيعة القانونية ألجؿ ممارسة الشفعة حيث
إ عتبره جانب مف القضاء أجؿ تقادـ وبالتالي فإنو يخضع ألحكاـ التقادـ مف حيث
الشروط واآلثار وفي مقابؿ ذلؾ إعتبره جانب آخر مف القضاء ومعو بعض الفقو أجؿ
سقوط مع ما يترتب عف ذلؾ مف آثار.
-9آجال الشفعة آجال تقادم
140
حيث إعتبرت محكمة النقض في عدة ق اررات ليا أف أجؿ ممارسة الشفعة أجؿ
تقادـ ال سقوط ومف ذلؾ القرار عدد 3669المؤرخ في 14يوليوز 1999والذي جاء
فيو " ...وحيث يعيب الطاعناف القرار المذكور في الفرع األوؿ مف وسيمة النقض األولى
بخرؽ مقتضيات الفصؿ 32مف ظيير 2يونيو 1915ذلؾ أف أجؿ الشفعة المنصوص
عميو فيو يدخؿ في إحتسابو اليوـ األوؿ خالفا لما ذىب إليو القرار المطعوف فيو مما
يعرضو لمنقض حيث إنو بمقتضى نص الفصؿ 32المذكور "فإف حؽ الشفعة يتقادـ في
جميع األحواؿ بمضي سنة واحدة إبتداء مف تاريخ تقييد البيع" .وبذلؾ فاليوـ األوؿ يدخؿ
في حساب األجؿ المذكور.
وعميو فإف القرار المطعوف فيو عندما لـ يحتسب اليوـ الذي تـ فيو التقييد يكوف
قد خالفت الفصؿ المذكور مما عرضو لمنقض واإلبطاؿ".1
وتكريسا لنفس التوجو جاء في ق ارر آخر لنفس المحكمة صادر بجميع الغرؼ
مؤرخ في 14يوليوز " 1999لكف حيث إنو بصريح الفصؿ 32مف ظيير 2يونيو
1915المطبؽ عمى النازلة فإف أجؿ الشفعة ىو أجؿ تقادـ وأف الوسيمة لـ تبيف في
نعييا مكمف العيب الموجو لمقرار المطعوف فيو بخصوص عدـ إجراء العرض العيني في
اسـ المطموب فيي بذلؾ غير جديرة باإلعتبار".2
-2آجال الشفعة آجال سقوط
إعتبرت محكمة النقض في ق اررات عديدة أجؿ الشفعة أجؿ سقوط لو إرتباط
بالنظاـ العاـ حيث جاء في قرارىا عدد 2548المؤرخ في " 2004/09/15فإف المحكمة
مصدرة القرار المطعوف فيو عندما بتت في الدعوى حسب ما إقتضاه تعميميا الذي قرر
أف دعوى الشفعة قدمت خارج األجؿ القانوني مف تاريخ عمميا اليقيني بالبيع الثابت مف
-1القرار عدد 3669الصادر بغرفتيف المؤرخ في 14يوليوز 1999في الممؼ المدني 93/3855أشار إليو
الحسف ىوداية في مؤلفو التقادـ في المادتيف المدنية والجنانية الجزء الثاني سمسمة المكتبة الجنانية مطبعة دار القمـ
الرباط الطبعة األولى 2015ص 558وما يمييا.
-2القرار عدد 3669مكرر 1الصادر بجميع الغرؼ المؤرخ في 14يوليوز 1999في الممؼ المدني 91/3659
منشور في مؤلؼ إدريس بممحجوب ق اررات المجمس األعمى بغرفتيف أو بجميع الغرؼ الجزء الثاني مطبعة األمنية
الرباط ط أ 2005ص 66وما يمييا.
141
مقاليا المقدـ بتاريخ 2000/10/03والمنتيي بعدـ القبوؿ بتاريخ 2001/03/22وأف
الدعوى الحالية لـ تقدـ إال بتاريخ 2002/03/07والحاؿ أف المستقر عميو قضاء أف
أجؿ الشفعة ىو أجؿ سقوط ال يقبؿ اإليقاؼ سيما أف العقار موضوع النزاع غير
محفظ ورتبت عمى ذلؾ وعف صواب تأييد الحكـ اإلبتداني القاضي برفض طمب
الشفعة".1
وفي قرار حديث صادر بتاريخ 2012/04/17إعتبرت فيو محكمة النقض أف
أجؿ ممارسة الشفعة أجؿ سقوط ال ينقطع وال يتقادـ ومما جاء فيو " ...أجؿ الشفعة
أجؿ سقوط ال ينقطع وال يتوقؼ".2
وجاء في قرار آخر مؤرخ في 2007/01/03ما يمي" :أجؿ ممارسة حؽ الشفعة
في العقار المحفظ يبتدئ مف تاريخ تسجيؿ عقد البيع بالرسـ العقاري طبقا لمفصؿ 32
مف ظيير 2015/06/02أجؿ السنة المنصوص عميو في الفصؿ أعاله أجؿ سقوط".3
مف خالؿ ما تـ بسطو مف ق اررات يتضح أف محكمة النقض ببالدنا لـ تستقر
عمى رأي موحد بيذا الشأف سواء في العقارات المحفظة أو غير المحفظة ولعؿ السبب
في ذلؾ ىو محاولة كؿ جانب حماية طرؼ واإلنتصار لو عمى حساب الطرؼ اآلخر
فأما مف أقر تقادمية أجؿ الشفعة فإنو أراد بذلؾ أف يحمي الشفيع بغية إيقاؼ أجؿ
شفعتو وقطعو لكي يتمكف مف ممارسة حقو داخؿ مدة أطوؿ خصوصا إذا عممنا ما
يحيط بالشفعة مف تستر واخفاء.
وأما مف سمـ بأف أجؿ ممارسة الشفعة أجؿ سقوط فإنو إنطمؽ مف مبدأ أف
الشفعة رخصة واستثناء وليس أصال .4وكما ىو معموـ فإف اإلستثناء ال يعتد بو وال يتوسع
-1قرار محكمة النقض عدد 2548المؤرخ في 2004/09/15في الممؼ عدد 2003/4/1/2548منشور بمجمة
اإلشعاع العدد 31/30السنة 2006ص .357
-2قرار محكمة النقض عدد 1949المؤرخ في 2012/04/17في الممؼ عدد 2011/9/1/3677أشار إليو
األستاذ عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص .362
-3قرار محكمة النقض عدد 21المؤرخ في 2007/01/03في الممؼ عدد 05/3854مجمة اإلشعاع العدد 32
ص 226وما يمييا.
-4عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص .364
142
في تفسيره وال يقاس عميو وبالنظر إلعتبار ضرورة عدـ ترؾ المشفوع منو ميدد بممارسة
الشفعة في مواجيتو ألطوؿ مدة الشيء الذي قد يجعمو ال يستثمر عقاره وال يستغمو
مخافة أف يضيع منو نظ ار لكوف األجؿ الزاؿ ساريا األمر الذي يتنافى وارادة المشرع مف
الوعاء العقاري ببالدنا ومراعاة كذلؾ ألىـ مبدأ يكرسو المشرع ومعو القضاء أال وىو
مبدأ إستق ارر المعامالت وضماف تباتيا وتثبيثيا تحقيقا لمبدأي األمف القضاني والعقاري
بإعتبارىما غاية كؿ مشرع ومبتغاه.
وحسما لكؿ ىذا النقاش والتضارب نص المشرع المغربي في مدونة الحقوؽ
العينية الجديدة وفي عدة مواضع عمى أف أجؿ ممارسة حؽ الشفعة يسقط وال يتقادـ
حيث نص في المادة 304منيا عمى أنو " ...فإن لم يقع ىذا التبميغ فإن حق الشفعة
يسقط في جميع األحوال بمضي سنة كاممة من تاري التقييد إذا كان العقار محفظا أو
اإليداع إذا كان العقار في طور التحفيظ وبمضي سنة عمى العمم بالبيع إذا كان العقار
غير محفظ.
واذا لم يتحقق العمم بالبيع فبمضي أربع سنوات من تاري إبرام العقد".
ولـ يكتفي بذلؾ حيث عنوف الفرع الثالث مف الفصؿ الرابع –المتعمؽ بالشفعة-
بسقوط الشفعة ونص في الفقرة األولى مف المادة 311عمى أنو "يسقط حق الشفيع في
األخذ بالشفعة ."...
وكذلؾ األمر في المادة 312مف نفس المدونة واف كاف األمر ىذه المرة ال
يمكف إستقرانو إال بإعماؿ مفيوـ المخالفة ليكوف بذلؾ مقننا المغربي قد حسـ نقاشا
قضانيا وفقييا أساؿ الكثير مف المداد وأضاع الكثير مف الحقوؽ وظمـ العديد مف
المتقاضيف األبرياء وجعميـ فريسة لقراءات القضاة وأىوانيـ أحيانا سواء في العقارات
المحفظة أو غيرىا ماداـ أف ىذا القانوف سيطبؽ عمى مجموعيا وذلؾ بصريح المادة
األولى مف ىذا القانوف.
143
الفقرة الثانية :التعويض عن اإلستغبلل بعد القسمة
إف فطرة اإلنساف تميؿ إلى حب التممؾ واإلستنتار لذلؾ فإف األصؿ في األمور
أف تكوف ممكية الماؿ فردية دوف مشاركة أحد واإلستثناء ىو الممكية الشانعة لذلؾ
شرعت القسمة والشفعة بإعتبارىما دعوييف أتاحيما المشرع المغربي لكؿ شريؾ لمخروج
مف حالة الشياع لكف ما يقع عمميا أف القسمة ال تكوف دانما حبية إذ في غالب األحياف
ما تنتج عف نزاعات بيف الشركاء الشيء الذي يؤدي إلى فتح باب رفع الدعاوى فيما
بينيـ بغية الحصوؿ عمى حكـ يشفي غميال أو يرفع مظممة ولعؿ أبرز دعوى يمجأ إلييا
ىي دعوى التعويض عف اإلستغالؿ التي يرفعيا أحد الشركاء أو جميعيـ في مواجية
مف كاف يحوز العقار ويستأثر بإستغاللو دوف اآلخريف وكما ىو معموـ فإف دعوى
التعويض عف إلاستغالؿ قد تكوف مرتبطة بدعوى القسمة وقد تكوف مستقمة عنيا وقد
نظـ مقننا المغربي ىذه األخيرة في ظيير اإلالتزامات والعقود وبالضبط في الفصميف
965و 973حيث جاء في األوؿ "عمى كل واحد من المالكين عمى الشياع أن يقدم
لمباقين حسابا ،عما أخذه زائدا عمى نصيبو ،من غمة الشيء المشترك".
وجاء في الثاني أف "لكل مالك عمى الشياع حصة شائعة في ممكية الشيء
المشاع وفي غمتو ."...
ونظ ار لغموض ىذيف النصيف وايجازىما فقد أثير نقاش قضاني كبير أدى إلى
صدور ق اررات متناقضة في قضايا بنفس العناصر والوقانع.
ومكمف الخالؼ كاف بخصوص الحالة التي يمكف فييا الحكـ بالتعويض مف عدمو
حيث إعتبر اإلتجاه األوؿ أف التعويض عف اإلستغالؿ يستحؽ بمجرد ثبوت إنفراد
المدعي عميو بإستغالؿ العقار وحيازتو فيما إشترط اإلتجاه الثاني زيادة عمى ثبوت
اإلنفراد باإلستغالؿ ضرورة إثبات المنع مف المشاركة في اإلستغالؿ.
حيث جاء في قرار لمحكمة النقض بتاريخ " 2008/01/09حقا حيث تمسكت
الطاعنة بأف اليالؾ خمؼ عقارات عدة وأدلت بشيادات مف المحافظة العقارية إلثبات
144
ذلؾ والتمست خبرة لتحديد نصيبيا في إستغالؿ العقارات المذكورة والتي انفرد
المطموبوف في النقض باستغالليا وبإجراء مقاصة بيف الطرفيف في ريع متخمؼ اليالؾ
ولما كانت الطاعنة غير ممزمة بإثبات إدعانيا إال بعد نفي المطموبيف في النقض وانكارىـ
صراحة لما تدعيو ولما كاف الثابت مف مذكرات المطموبيف في النقض أنيـ لـ ينكروا
صراحة إنفرادىـ بإستغالؿ العقارات المذكورة وتمسكوا فقط بكوف الطاعنة لـ تدؿ بما
يثبت إدعاءىا ولما كاف سكوت المطموبيف في النقض عف مناقشة جوىر الطمب الموجو
ضدىـ وعدـ جوابيـ عمى دعوى الطاعنة يعد وطبقا لمفصؿ 1406مف ؽ.ؿ.ع إق ار ار
ضمنيا بما ورد فييا فإف المحكمة حيث ردت دعوى الطاعنة المقابمة بعمة أنيا "ممزمة
وقبؿ تقديـ دعوى اإلستغالؿ بإثبات أف المستأنؼ عمييـ يستغموف فعال العقارات المذكورة
بالطمب بمفردىـ" لـ تراع عدـ إنكار المطموبيف في النقض بإنفرادىـ في إستغالؿ العقارات
الشانعة وما قد ينتج عف ذلؾ مف إقرار ضمني طبقا لمفصؿ 406مف ؽ.ؿ.ع وىي
بذلؾ تكوف قد خرقت قواعد اإلثبات وخاصة الفصؿ 406مف ؽ.ؿ.ع وعرضت قرارىا
لمنقض".2
ثانيا :اإل تجاه المشترط لممنع من مشاركة اإلستغبلل إضافة لئل نفراد
وفي ىذا الصدد جاء في قرار لمحكمة النقض مؤرخ في 2001/07/25ما يمي
"لكف حيث إف محكمة اإلستنناؼ ولما ردت الدفع الوارد بالوسيمة بعمة(أف طمب التعويض
عف اإلستغالؿ غير مرفؽ بما يثبت حرماف المدعيات مف إستغالؿ واجبيف في المدعى
فيو ونسبة مشاركة المدعى عمييـ في ىذا اإلستيالء مما يضحي معو التعويض عف
اإلستغالؿ مرتكز عمى أساس تكوف قد عممت قرارىا تعميال صحيحا".3
-1ينص الفصؿ 406مف ؽ.ؿ.ع عمى ما يمي" :يمكف أف ينتج اإلقرار القضاني عف سكوت الخصـ عندما يدعوه
القاضي صراحة إلى اإلجابة عف الدعوى الموجو إليو فيموذ بالطمت وال يطمب جال لإلجابة عنيا".
-2قرار محكمة النقض عدد 316المؤرخ في 2008/01/13في الممؼ عدد 2005/2/1/2420أشار إليو األستاذ
عبد المطيؼ الفتيحي ـ س ص 375و.376
-3قرار محكمة النقض عدد 2927المؤرخ في 2001/07/25في الممؼ العقاري عدد 00/2/1/2386منشور
مؤلؼ األستاذ عبد العزيز توفيؽ "قضاء المجمس األعمى في القسمة مف 1998إلى 2004ـ س ص .96
145
مف خالؿ ما سبؽ يتبيف أف محكمة النقض لـ تستقر عمى رأي موحد
بخصوص حاالت ثبوت التعويض عف اإلستغالؿ في العقارات المحفظة أو التي في
طور التحفيظ والسبب ىو غموض النصوص المؤطرة والتي جاء بيا ظيير اإللتزامات
والعقود واجب التطبيؽ آنذاؾ بالتقديـ عمى أي نص آخر.
وبرجوعنا إلى أحكاـ الفقو المالكي نجده قد نظـ أحكاـ اإلستغالؿ بتفصيؿ
وميز في ذلؾ بيف عدة حاالت منيا الحالة التي يقوـ فييا الشريؾ عمى الشياع بإستغالؿ
نصيبو فقط بحيث ال شيء عميو لفاندة الشركاء اآلخريف والحالة التي يستغؿ فييا أحد
الشركاء العقار المشاع بأكممو حيث ميز في ذلؾ بيف فرضيتيف أوليما ىو كوف الشركاء
حاضريف عالميف وسكتوا بال مانع فال شيء ليـ مف التعويض فيما مضى وثانييما
كوف الشركاء لـ يكف ليـ عمـ بذلؾ أو حاؿ مانع دوف مطالبتيـ بواجبيـ في غمة العقار
فمف حقيـ المطالبة بذلؾ أماـ القضاء سواء بدعوى مستقمة أو عند رفع دعوى القسمة.1
والحقيقة أف ما جاء بو فقياء المالكية لعيف الصواب والعدؿ واإلنصاؼ فالىـ
بالغوا في حماية الشريؾ المستغؿ وال ىـ ظمموا الشركاء غير المستغميف لمعقار مستنديف
في ذلؾ عمى الرضى الضمني لمشركاء خصوصا أف أغمب العقارات الشانعة تكوف بيف
الورثة الذيف يفترض أف يكوف التفاىـ والتوادد ساندا بينيـ.
وكما ىو معموـ فإف المشرع المغربي حاوؿ لما شتات أحكاـ القسمة في
نصوص خاصة وواضحة وىو ما تأتى لو فعال والذي تكمؿ بصدور مدونة الحقوؽ
العينية التي نظمت القسمة في الفصوؿ مف 313إلى .332
بيد أف المشرع لـ يتطرؽ لنقطة إستحقاؽ التعويض عف اإلستغالؿ ال مف قريب
وال مف بعيد مخيبا بذلؾ أمالنا وفاتحا باب التأويؿ والجدؿ المؤدي بالضرورة إال
التناقض في األحكاـ والق اررات سواء عمى مستوى محاكـ الموضوع أوعمى مستوى محكمة
النقض.
غير أف ما يشفي الغميؿ ويثمج الصدر ولو نسبيا ىو وجود مقتضيات المادة
األولى مف المدونة الجديدة والتي وضعت ترتيبا واضحا لمقوانيف واجبة التطبيؽ عمى
147
خاتمة
صفحات ىذا البحث و مراحمو حاولنا جيد صفوة القوؿ أننا عمى إمتداد
المستطاع أف نبرز أىـ النقط محؿ النقاش و تجادب األراء القضانية و الفقيية
خصوصا عمى مستوى قضاء محكمة النقض مقتصريف عمى النزاعات العقارية
مقسميف الموضوع إلى شقيف األوؿ خصصناه لمقضايا المرتبطة بالجانب اإلجراني و
الثاني بالجانب الموضوعي حيث توصمنا في النياية إلى أف القضايا العقارية عرفت و
الزالت تعرؼ العديد مف نقط اإلختالؼ في طريقة معالجتيا عمى مستوى القضاء ذلؾ
أف بعض القضايا تكوف متشابية الوقانع و رغـ ذلؾ نجد أف محمكة النقض ببالدنا
قررات مختمفة كميا و كأنيا صادرة عف محكمتيف لمنقض ال واحدة و كأف
أصدرت فييا ا
قضاتيا غير عالميف بالتوجيات الكبرى ليذه األخيرة وأحيانا نجد أف ىذا التناقض يكوف
بيف نفس الغرفة و بيف أقساميا أحيانا.
رغـ أف البعض يعتبر أف األمر ال يمكف نعثو بالتضارب أو التناقض في
الق اررات وأف األمر ال يعدو أف يكوف إختالفا في الرأي ألف القضية الواحدة قد ينظر
إلييا مف زوايا متعددة بحسب القضاة و معتقداتيـ و مرجعياتيـ الثقافية و اإلجتماعية
وطريقة تفكيرىـ ردا عمى ىؤالء نقوؿ أنو وجب النظر إلى األمر مف زاوية المتضرر مف
ىذا التضارب فالمتقاضي ال تيمو طريقة تفكير القاضي و ال مرجعيتو فما ييمو ىو أف
تكوف ق اررات محكمة النقض مستقرة و ثابتة فيو يرى في ىذه األخيرة وحدة متكاممة
كمؤسسة مستقمة كؿ اإلستقالؿ عف المشتغميف بيا.فالمتقاضي يقوؿ أف المحكمة أصدرت
ق اررات متناقضة و ال يقوؿ وقع تضارب بيف قضاة ىذه األخيرة.
و قد حاولنا كذلؾ-و في جميع محاور ىذا الموضوع-رصد أىـ آثار تضارب
ق اررات محكمة النقض في المادة العقارية عمى مبدأي األمف القضاني و األمف
العقاري بإعتبارىما مرآة عمؿ القضاء فإف توف ار و شاعت ثقافتيما فإعمـ أف القضاء
بخير واف غابا أو كاف صداىما ال يسر فإعمـ أف القضاء ليس بخير.
حيث توصمنا في النياية إلى أف إختالؼ ق اررات محكمة النقض و عدـ
إنسجاميا في معالجة القضايا المتشابية أثر بشكؿ سمبي عمى ىذيف المبدنيف و ذلؾ
148
بسبب عدـ إستقرار رأي ىذه االخيرة الشيء الذي أدى في النياية إلى عدـ قدرة
قررات محكمة النقض مما أسيـ في زعزعة ثقة المتقاضيف في
المتقاضيف عمى توقع ا
مؤسسة القضاء و التي تعتبر عف حؽ عصب األمف القضاني و فحواه.
مما أدى بمحكمة النقض إلى اإلضرار-دوف قصد-بمبدأ األمف القضاني بدؿ
أف تعمؿ عمى تكريسو و تطويره و إشاعة ثقافتو كما ىو معوؿ عمييا و منتظر منيا
بإعتبار ذلؾ يدخؿ في صميـ مياميا و إىتماماتيا.
و أما عف آثار ىذا التضارب عمى مختمؼ محاكـ الموضوع بالمممكة فقد كاف
كارثيا حيث إف محاكـ الموضوع كانت في حيرة مف أمرىا و ىي بصدد إصدار حكـ أو
قرار في قضية محؿ خالؼ أماـ أعمى ىينة قضانية بالبالد حيث إف ق ارراىا يكوف ميددا
في جميع األحواؿ بالنقض و اإلبطاؿ وذلؾ لكونو يبقى تحث رحمة أحد توجيات محكمة
النقض مما أسيـ في إنتشار وباء التناقض في االحكاـ و الق اررات بيف جؿ محاكـ
الموضوع.
مف خالؿ دراستنا ليذا الموضوع و مالمسة أىـ إشكاالتو العممية و رصد أبرز
آثاره عمى مبدأ األمف القضاني ببالدنا فإنو يكوف مف الواجب عمينا إبداء الرأي و اإلدالء
بدلونا وذلؾ عف طريؽ بسط أىـ اإل سثنتاجات و المالحظات المتوصؿ إلييا في نياية
ىذا العمؿ و التي سنحاوؿ صياغتيا عمى شكؿ مقترحات وذلؾ عمى الشكؿ التالي:
ضرورة تدخؿ المشرع مف أجؿ تعديؿ بعض القوانيف العقارية الخاصة التي
وضعت إباف فترة اإلستعمار و بعده و التي ال تساير التعديالت التي
أدخمت عمى مجموعة مف القوانيف دات الصمة ذلؾ أف ىذه القوانيف الزالت
تحتفظ بتسميات قديمة لبعض المؤسسات و التي تغير إسميا و كذلؾ
مياميا أو حمت مؤسسات أخرى في مكانيا.
ضرورة إنفتاح المقنف المغربي بشكؿ أكبر و أوسع عمى عمؿ القضاء
وواجتياداتو خصوصا ما تعمؽ منيا بقضاء محكمة النقض بإعتبار عمميا
واجتيادىا يشكؿ زبدة القضاء لكونو يعبر عف نبض المجتمع خاصة إذا
بمغ درجة مف اإلستقرار و الثبات و لف يتأتى ىذا االمر إال عف طريؽ
149
تشكيؿ لجنة دانمة مف رجاؿ القانوف و القضاء تكوف رىف إشارة األمانة
العامة لمحكومة والبرلماف بغرفتيو ميمتيا اإلنكباب عمى دراسة أىـ األعماؿ
و اإلجتيادات القضانية لمحكمة النقض خصوصا ما فسر منيا غامضا أو
سد فراغا تشريعيا.
العمؿ عمى إحدات ىينة أو لجنة بمحكمة النقض وظيفتيا التنسيؽ بيف
مختمؼ غرؼ ىذه األخيرة و كذا بيف أقساـ الغرفة الواحدة و التنبيو-كؿ
ما دعت الحاجة إلى ذلؾ-إلى وجود تضارب في األراء و التوجيات بيف
مختمؼ الغرؼ واأل قساـ بغية العمؿ عمى تداركو و توحيد الرأي بشأنو عف
طريؽ ألية إجتماع الغرؼ و إصدار ق اررات مشتركة.
تعديؿ مقتضيات المادة 371مف قانوف المسطرة المدنية و ذلؾ بتوضيح
مسطرة إجتماع الغرفتيف أو جميع الغرؼ و التنصيص عمى جعؿ ق اررات
محكمة النقض إلزامية لمحاكـ الموضوع إف ىي صدرت عف مجموع
الغرؼ خصوصا إف تواثرت بعد ذلؾ ق اررات ىذه األخيرة و المكرسة لما
قررات الغرؼ مجتمعة.
جاء في ا
يجب عمى محكمة النقض في الحالة التي تريد فييا التراجع عف توجو ما
بخصوص قضية معينة أف تعمؿ عمى نشر ذلؾ مسبقا لمعموـ بمختمؼ
وسانؿ اإلعالـ المسموعة منيا و المقروءة و المكتوبة و أف تراسؿ باقي
محاكـ الموضوع و مختمؼ مساعدي القضاء.
ضرورة تعديؿ الفصؿ 62مف ظيير التحفيظ العقاري و ذلؾ بإسثتناء
الخمؼ الخاص مف قاعدة التطيير الناتج عف التحفيظ خاصة إذا تـ البيع
أثناء جرياف مسطرة التحفيظ ذلؾ أنو ليس مف العدالة أف يفوت طالب
التحفيظ عقاره و تستمر مسطرة التحفيظ في إسمو و عند تأسيس الرسـ
العقاري يواجو الخمؼ الخاص بقاعدة التطيير.
150
العمؿ عمى تعديؿ المادة 218مف مدونة الحقوؽ العينية وذلؾ بشكؿ
يجعميا تستوعب الحجز التحفظي بشكؿ واضح و صريح زيادة طبعا عمى
الحجز الناتج عف تحيؽ الرىف الرسمي.
إنتيى بحول اهلل و قوتو
151
الئحة المراجع
-9الكتب
المجمد الخامس دار صادر بيروت لبناف الطبعة ل ساف العرب ابف منظور
االولى .1997
إدريس العموي العبدوالي وسانؿ اإلثبات في التشريع المدني المغربي مطبعة
النجاح الجديدة الدار البيضاء طبعة .1981
إدريس بممحجوب مبادئ الق اررات الصادرة بيينة مشكمة مف غرفتيف أو مف جميع
غرؼ المجمس األعمى مطبعة األمنية طبعة 1
إدريس بممحجوب ق اررات المجمس األعمى بغرفتيف أو بجميع الغرؼ الجزء الثاني
مطبعة األمنية الرباط طبعة .2005
إدريس بممحجوب ق اررات المجمس األعمى بغرفتيف أو بجميع الغرؼ الجزء
الثالث الطبعة 2سنة .2008
اإلماـ مالـ بف أنس الموطأ ما يصح مف النحؿ مف كتاب األقضية.
إبراىيـ بحماني تنفيذ األحكاـ العقارية مطبعة دار السالـ الطبعة الثالتة 2012
المختار بف أحمد عطار التحفيظ العقاري في ضوء التشريع المغربي مطبعة
النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة األولى السنة .2014/2013
الميدي ال جـ التحفيظ العقاري في المغرب دار الثقافة والتوزيع الطبعة الثالثة
.1986
مطبعة النجاح أزوكار عمر "الدليؿ العممي لمعقار في طور التحفيظ"
الجديدة الطبعة االولى لسنة .2011
جميعي عبد الباسط نظرية االختصاص في قانوف المرافعات الجديد وتعديالتو
دار الفكر العربي القاىرة(ت.ط.غ.ـ).
152
حادوش عبد السالـ البياف والتحرير في التوليج والمحاباة والتصيير ـ.غ.ـ
الطبعة األولى .2000/1999
حضري عبد العزيز القانوف القضاني الخاص دار النشر الجسور ـ.ط.غ.ـ
طبعة .1999
خالد سعيد اإلثبات في المنازعات دار السالـ لمطباعة والنشر الرباط الطبعة
االولى .2014
شيبوف عبد الكريـ الشافي شرح قانوف االلتزامات والعقود الكتاب األوؿ
االلتزامات بوجو عاـ الجزء الثالث مطبعة النجاح الجديدة الطبعة االولى سنة
.1999
عبد الرزاؽ أحمد السنيوري الوسيط في شرح القانوف المدني الجديد الجزء
األوؿ.طبعة 1998بيروت .1970
عبد الرزاؽ أحمد السنيوري مصادر الحؽ في الفقو اإلسالمي الجزء الرابع دار
إحياء التراث العربي بيروت الطبعة األولى .1954-1953
عبد الرحماف بمعكيد اليبة في المذىب والقانوف دراسة لميبة وما يتصؿ بيا مف
صدقو وحبس وعمري في المذىب المالكي والقانوف المغربي توزيع صوماديؿ
الدار البيضاء الطبعة الثانية .2001
عمر عبد اهلل أحكاـ المواريث في الشريعة اإلسالمية دار المعارؼ مصر
الطبعة الرابعة سنة .1968
عبد المطيؼ ىداية اهلل القضاء المستعجؿ في القانوف المغربي مطبعة النجاح
الجديدة الطبعة األولى .1998
- عبد القادر العرعاري مصادر االلتزامات الكتاب األوؿ نظرية العقد نشر
مكتبة دار األماف ساحة المامونية الرباط مطبعة األمنية الرباط سنة .2014
عبد العزيز توفيؽ قضاء المجمس األعمى في التحفيظ خالؿ أربعيف سنة ـ.غ.ـ
الطبعة األولى .1999
153
عبد الكريـ الطال ب الشرح العممي لقانوف المسطرة المدنية مطبعة والوراقة الوطنية
الداوديات مراكش نشر وتوزيع مطبوعات المعرفة مراكش طبعة .2013
عبد الكريـ الطالب الوجيز في المبادئ األساسية لمقانوف والحؽ نظرية الحؽ
نونبر .2013
فؤاد الصامت،القواعد الموضوعٌة لألمن العقاري،دراسة مقارنة بٌن أحكام الفقه
المالكً و القانون الوضعً،منشورات مجلة الجواهر والدرر،طبع دار السالم
للطباعة و النشر و التوزٌع-الرباط ،ت.ط.غ.م.
مأموف الكزبري التحفيظ العقاري والحقوؽ العينية األصمية والتبعية مطبعة النجاح
الجديدة بالدار البيضاء طبعة .1978
محمد ابف معجوز الحقوؽ العينية في الفقو اإلسالمي والتقنف المغربي الناشر
مطبعة النجاح الجديدة طبعة .2008
بيع المريض مرض الموت مطبعة النجاح الجديدة الدار محمد الكشبور
البيضاء الطبعة األولى .2002
محمد بف الحاج السممي الطعف بالنقض الموقؼ لمتنفيذ في قضايا التحفيظ
العقاري مقاالت وأبحاث في التحفيظ العقاري مطبعة دار القمـ الرباط الطبعة
االولى سنة .2004
محمد خيري مستجدات قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي نشر دار
نشر المعرفة مطبعة المعارؼ الجديدة الرباط طبعة .2013
-2المقاالت
أسامة فراسي استرجاع األراضي(في ظؿ ظيير 2مارس 1973كسند لتحفيظ
ممؾ الدولة الخاص) مقاؿ منشور بمجمة الحقوؽ سمسمة المعارؼ القانونية
والقضانية دار النشر المعرفة مطبعة المعارؼ الجديدة الرباط الطبعة األولى
.2013
154
أحمد أجعوف مستجدات الطعف باإللغاء في ق اررات المحافظ عمى إثر صدور
القانوف 14.07مجمة الحقوؽ اإلصدار الثامف الجزء الثاني مطبعة المعارؼ
الجديدة الرباط طبعة .2016
إدريس بممحجوب "دور المجمس األعمى في توحيد وتحقيؽ األمف القانوني" مقاؿ
منشور بمجمة الحقوؽ المغربية عدد 8سنة .2009
إبراىيـ بحماني تنفيذ األحكاـ القضانية الصادرة في مادة التحفيظ العقاري
خصوصيات واكراىات مقاؿ منشور بأعماؿ الندوة الوطنية في موضوع األمف
العقاري دفاتر محكمة النقض عدد 26نشر مركز النشر والتوثيؽ القضاني
بمحكمة النقض مطبعة األمنية الرباط .2012
إبراىيـ زعيـ الطعف بإعادة النظر أماـ المجمس األعمى مجمة المحامي عدد
.49
أزوكار عمر طبيعة االختصاص االستعجالي برفع الحجز عمى العقار في ضوء
تعديؿ قانوف التحفيظ العقاري مقاؿ منشور بمجمة المحاكـ المغربية العدد المزدوج
134/133يناير-مارس .2012
إشكالية تنفيذ المقررات القضانية مف قبؿ المحافظ أحمد الساني وحسف بف تاكر
العقاري مقاؿ منشور بمجمة النشر القانونيف مطبعة المعارؼ الجديدة الرباط
سنة .2012
إدزني عبد العزيز مرض الموت بيف الفقو والقضاء مقاؿ منشور بالمجمة المغربية
لمدراسات القانونية والقضانية العدد 7المطبعة والوراقة الوطنية الداوديات مراكش
يناير .2012
بفقير محمد مدى وجوب التبميغ الشخصي لمف لو حؽ الشفعة عمى ضوء قضاء
المجمس األعمى مقاؿ منشور بمجمة دراسات قضانية-فقو قضاء-قانوف الجزء
الثالث.
155
حسف منصؼ دور االجتياد القضاني في ضماف األمف العقاري مقاؿ منشور
بالندوة الوطنية في موضوع األمف العقاري دفاتر محكمة النقض عدد 26مطبعة
األمنية الرباط نشر مركز النشر والتوثيؽ القضاني بمحكمة النقض .2012
زكرياء العماري نيانية الرسـ العقاري بيف اإلطالؽ والتقييد دراسة مركزة في
االستثناءات الواردة عمى قاعدة التطيير مقاؿ منشور بمجمة المنازعات العقارية
منشورات القضاء المدني العدد 5مطبعة المعارؼ الجديدة الرباط طبعة
.2013
سعاد سامح القضاء االستعجالي والتشطيب عمى الحقوؽ العينية المقيدة في
السجالت العقارية الندوة الوطنية في موضوع األمف العقاري دفاتر محكمة
النقض العدد 26منشورات مركز النشر والتوثيؽ القضاني بمحكمة النقض
مطبعة األمنية الرباط .2015
غميجة عبد المجيد مبدأ األمف القانوني وضرورة األمف القضاني مقاؿ منشور
مطبعة األمنية-الرباط أبريؿ سنة .2009 بمجمة الحقوؽ المغربية العدد السابع
عبد اإللو المرابط "التقييد االحتياطي آلية لحماية الحؽ المدعى بو أـ وسيمة
لحماية حؽ الممكية" سمسمة الندوات واألياـ الدراسية العدد 38سنة 2011مقاؿ
منشور بأشغاؿ الندوة العممية الوطنية نحو تشريع عقار جديد" التي نظميا مختبر
الدراسات القانونية المدنية والعقارية لتكريـ األستاذ الدكتور محمد خيري يومي 29
و 30أبريؿ .2011
تعميؽ عمى ضوء الحكـ عدد 1694المؤرخ في محمد ناجي شعيب
2002/04/30عف المحكمة االبتدانية بوجدة منشور بمجمة المناضرة العدد
08يونيو .2008
محمد الييني "تقييـ لنظاـ الطعف في ق اررات المحافظ العقاري بيف القضاء العادي
والقضاء اإلداري عمى ضوء مستجدات قانوف التحفيظ العقاري منشورات مجمة
العموـ القانونية عدد خاص تكريما لمدكتور إدريس الفاخوري مكتبة الرشاد
بسطات طبعة .2015
156
محمد نبيؿ حرزاف ممارسة حؽ الشفعة بخصوص عقار في طور التحفيظ
مناقشة وتحميؿ في ضوء ق اررييف لمحكمة النقض والقانوف 39.08مجمة الحقوؽ
سمسمة األنظمة والمنازعات العقارية اإلصدار الثامف الجزء الثاني نشر وتوزيع
دار المغربية لمنشر والتوزيع بالدار البيضاء مطبعة المعارؼ الجديدة الرباط
طبعة .2016
محمد األجراوي الحيازة الفعمية في التبرعات بيف الفقو والقانوف الوضعي ودور
المجمس األعمى في التوفيؽ بينيما مقاؿ منشور بمجمة المحاكـ المغربية عدد
84سنة .2000
محمد الخضراوي األمف القضاني مف خالؿ اجتياد محكمة النقض اآلليات
والتجميات مقاؿ منشور بالتقرير السنوي لمحكمة النقض لسنة 2011ـ ط.غ.ـ
نشر مركز النشر والتوثيؽ القضاني بمحكمة النقض
يوسؼ مختري "التقييد االحتياطي بيف تقييد حؽ الممكية وحمايتو" مقاؿ منشور
بمجمة الحقوؽ نظاـ التحفيظ العقاري في ضوء القانوف 14.07العدد 5الطبعة
.2012
-3األطروحات والرسائل
إدريس الشبمي المحاباة في بيع المريض مرض الموت في التشريع المغربي-
دراسة مقارنة-رسالة لنيؿ دبموـ الدراسات العميا المعمقة جامعة القاضي عياض
السنة الجامعية كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش
2003/2002
أضنور حسناء الحوز في التبرعات رسالة لنيؿ دبموـ الماستر في القانوف
الخاص جامعة ابف زىر كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية بأكادير
السنة الجامعية .2015/2014
الحسف الحيمر اإلشكاالت القانونية لقواعد المسطرة في مادة التحفيظ رسالة لنيؿ
دبموـ الدراسات العميا المعمقة في القانوف المدني جامعة القاضي عياض كمية
العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش السنة الجامعية .2002/2001
157
المصطفى الكيمة خصوصيات المسطرة في قضايا التحفيظ العقاري بحث في
النزاعات المثارة بسبب التعرض عمى مطمب التحفيظ أطروحة لنيؿ الدكتوراه في
كمية العموـ القانونية واالقتصادية جامعة محمد األوؿ القانوف الخاص
واالجتماعية بوجدة السنة الجامعية .2010/2009
جماؿ النعيمي رقابة القضاء لق اررات المحافظ العقاري أطروحة لنيؿ الدكتوراه في
كمية العموـ القانونية واالقتصادية جامعة الحسف الثاني القانوف الخاص
واالجتماعية الدار البيضاء السنة الجامعية .2002/2001
حسف بف تاكر خصوصيات اإلثبات في المادة العقارية رسالة لنيؿ دبموـ الماستر
كمية العموـ القانونية واالقتصادية جامعة ابف زىر في الق انوف المدني
واالجتماعية بأكادير السنة الجامعية .2017/2016
سعاد بنجاني مدى مساىمة االجتياد القضاني في تطوير نظاـ التحفيظ العقاري
رسالة لنيؿ دبموـ الدراسات العميا المعمقة في القانوف الخاص قانوف العقود جامعة
محمد األوؿ كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة السنة الجامعية
.2005/2004
سارة الدراؽ األمف القانوني والقضاني في التشريع العقاري المغربي بحث لنيؿ
دبموـ الماستر في القانوف الخاص جامعة عبد المالؾ السعدي كمية العموـ
القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة السنة الجامعية .2012/2011
عبد المطيؼ الفتيحي القضايا الخالفية في المنازعات العقارية عمى ضوء ق اررات
محكمة النقض-دراسة في اجتياد محكمة النقض في العقار في طور التحفيظ
والعقار المحفظ -أطروحة لنيؿ الدكتوراه في القانوف الخاص جامعة القاضي
عياض كمية العموـ القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش السنة الجامعية
.2015/2014
عبد الواحد عصري مفيوـ التحفيظ العقاري في ضوء االجتياد القضاني رسالة
لنيؿ دبموـ الماستر في العموـ القانونية جامعة محمد الخامس كمية العموـ
القانونية واالقتصادية واالجتماعية الرباط أكداؿ السنة الجامعية .2015/2014
158
مريـ نازي حدود تأثر المشرع المغربي باالجتياد القضاني في المادة العقارية
رسالة لنيؿ دبموـ الماستر في العقار والتعمير جامعة موالي اسماعيؿ كمية العموـ
القانونية واالقتصادية واالجتماعية مكناس السنة الجامعية .2015/2014
159
الفهرس
مقدمة5 ................................................................................................ :
الفصؿ األوؿ :تضارب ق اررات محكمة النقض في المادة العقارية مف الناحية اإلجرانية 86
المبحث األوؿ :تضارب الق اررات بشأف االختصاص في النزاعات العقارية 89 ...............
المطمب األوؿ :تنازع االختصاص بيف المحاكـ العادية والمحاكـ المختصة 28 ..............
الفقرة األولى :تنازع االختصاص بشأف نزاعات األراضي المسترجعة 22 ......................
الفقرة الثانية :تنازع االختصاص بشأف الطعف في ق اررات المحافظ عمى األمالؾ العقارية
29 .......................................................................................................
المطمب الثاني :تنازع االختصاص داخؿ المحكمة االبتدانية نفسيا 36 ........................
الفقرة األولى :التنازع بيف المحكمة ذات االختصاص العاـ ومحكمة التحفيظ 37 ............
أوال :مدى إمكانية المطالبة بحؽ عيني مرتبط بعقار في طور التحفيظ أماـ المحكمة
العادية 38 ...............................................................................................
ثانيا :ما ىو الوقت التي تصبح فيو محكمة التحفيظ مختصة نوعيا 48 .......................
الفقرة الثانية :تنازع االختصاص بيف قضاء الموضوع وقضاء االستعجاؿ 44 ................
المبحث الثاني :تضارب الق اررات بشأف شروط الدعاوى العقارية وآثارىا 49 ..................
الفصؿ الثاني :تضارب ق اررات محكمة النقض في المادة العقارية مف الناحية الموضوعية
73 .......................................................................................................
المبحث األوؿ :تضارب الق اررات بخصوص القواعد المنظمة لمعقارات المحفظة 76 .........
الفقرة األوؿ :التشطيب عمى الحجز بناء عمى أمر في حالة التراخي 824 ....................
أوال :االتجاه الموسع لنطاؽ مسطرة التشطيب عمى الحجز لمتراخي 825 ......................
161
ثانيا :االتجاه المضيؽ لنطاؽ مسطرة التشطيب عمى الحجز لمتراخي 825 ...................
الفقرة الثانية :التشطيب عمى التقييد االحتياطي بناء عمى أمر استعجالي 827 ...............
المبحث الثاني :تضارب الق اررات بخصوص التصرفات الواردة عمى العقار 882 ............
ثانيا :االتجاه المشترط لممنع مف مشاركة اإلستغالؿ إضافة لالنفراد 845 .....................
162
163