Professional Documents
Culture Documents
Clavier Arabe
Clavier Arabe
المطالب بعد تغير المشهد العام في المغرب ،حيث تعرض بعض قادة الحركة الوطنية في نهاية الثالثينات لالعتقال أو النفي،
وخاصة بعد أحداث بوفكران سنة ، 1937وتأسيس أحزاب جديدة منها حزب االستقالل وحزب الشورى واالستقالل و«حزب الوحدة
المغربية» و«حزب اإلصالح الوطني» و«الحزب الشيوعي» (تأسس سنة 1943م) ،وانعقاد مؤتمر آنفا في يناير ،1943الذي كان
فرصة للقاء بين السلطان محمد بن يوسف والرئيس األمريكي روزفلت حيث عرض السلطان مطالب المغرب .فقدمت الحركة الوطنية
وثيقة يوم 11يناير 1944تطالب فيها باستقالل المغرب ووحدة ترابه ،وكان رد سلطات الحماية الفرنسية بشن حملة اعتقاالت بعد
أيام من تقديم الوثيقة .فقد تضمنت وثيقة المطالبة باالستقالل التي ستظل ذكراها موشومة في ذاكرة الشعب المغربي باعتبارها ثمرة
كفاح مستميت وإرادة راسخة لنساء ورجال الحركة الوطنية جملة من المطالب السياسية والمهام النضالية منها ما يتعلق بالسياسة
العامة ( استقالل المغرب تحت قيادة ملك البالد الشرعي سيدي محمد بن يوسف والسعي لدى الدول التي يهمها األمر لضمان هذا
االستقالل وانضمام المغرب للدول الموافقة على وثيقة األطلنتي والمشاركة في مؤتمر الصلح) ومنها ما يتعلق بالسياسة الداخلية
( الرعاية الملكية لحركة اإلصالح وإحداث نظام سياسي شوري تحفظ فيه حقوق وواجبات كافة فئات وشرائح الشعب المغربي) .وقد
أثمرت اإلرادة الصلبة واإليمان الراسخ لنساء ورجال الحركة الوطنية هذه العريضة التي جاءت جامعة شاملة وتضمنت مطالب الشعب
المغربي وأيدتها كل مكوناته وقواه الحية حيث تطورت مطالب الحركة الوطنية من المطالبة باإلصالحات إلى الجهر باالستقالل ليجري
التفكير في إعداد وتقديم وثيقة المطالبة باالستقالل التي حظيت بالمساندة المطلقة والدعم الالمشروط من لدن كافة شرائح الشعب
المغربي وقواه الحية * .وبدال من رضوخ االستعمار إلرادة الحق والمشروعية ،التي عبر عنها العرش والشعب ،تمادى في محاولة
الضغط على جاللة المغفور له محمد الخامس سعيا إلى إدماج المغرب في االتحاد الفرنسي وفصل قائد األمة عن الحركة الوطنية،
وواجه بطل التحرير كل مخططات الحماية بكل جرأة ورباطة جأش ،ومن ذلك زيارته التاريخية لمدينة طنجة في 9أبريل ،1947
التي ألقى منها خطابه السامي ،الذي أكد فيه على وحدة المغرب من شماله إلى جنوبه ،ليؤكد جاللته رحمة الله عليه المناداة
باالستقالل خالل زيارته لفرنسا في أكتوبر .1950وقد حظي كفاح الشعب المغربي بدعم من بلدان شقيقة وصديقة قدمت دعما
سياسيا قويا لتطلعات المغاربة من أجل االستقالل كما هو االمر خاصة بالنسبة لباكستان التي قدمت للمقاومين ورجال السياسة
المغاربة خاصة أحمد بال فريج الذي سيتولى حقيبة الشؤون الخارجية بعد استقالل المغرب جوازات سفر ديبلوماسية حتى يتمكنوا
.من التعبير أمام االمم المتحدة وفي محافل أخرى عن صوت الحرية التي يتوق اليها شعب بأكمله
من الدالالت العميقة لتخليد هذه الذكرى الوطنية التي ترتسم محطة وضاءة في مسار بناء وتحرر المغرب الحديث هي أنها درس
وطني يتجدد سنويا ينهل منه الشباب القيم التي تحلى بها الرعيل األول للحركة الوطنية للدفاع عن حوزة الوطن بتوافق تام مع
العرش ومواجهة كل أشكال االستالب التي مارسها المستعمر لطمس الهوية الوطنية والثقافة األصيلة كما أنه شحنة معنوية للشباب
والجيل الحالي والمستقبلي من أجل تنشئته على روح الكفاح الوطني ونضال رجاالته حتى يتشبعوا بالقيم والمثل العليا للوطنية
.والدفاع عن مقدسات الوطن
إن إحياء هذه الذكرى يعد كذلك مناسبة الستحضار الخدمات الجليلة والتضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب المغربي في سبيل
نصرة القضية الوطنية ومناهضة االستعمار األجنبي وتفاني أبنائه في الدفاع عن مقدسات البالد وثوابتها ورسالة قوية من جيل إلى
جيل الستنباط العبر والمعاني والمثل العليا التي تحلى بها الجيل األول من المقاومين والمناضلين والمناضالت الذين ضحوا بالغالي
.والنفيس في سبيل حرية المغرب واستقالله
وبعد مرور 72عاما على تقديم هذه الوثيقة التاريخية تستحضر األجيال المتعاقبة من المغاربة المعاني العميقة لهذا الحدث الكبير
باعتباره فسحة الستيعاب الدروس والعبر التي تزخر بها هذه المحطة النضالية الخالدة العبقة بالقيم الوطنية التي تتزود منها هذه
.األجيال من مالحم الكفاح الوطني والنهل من ينابيعه الفياضة